You are on page 1of 708

‫فضائل الرسول صلى ال عليه وسلم وحقوقه ((‪))10‬‬

‫تابع الباب الادي عشر – مقالت وخطب حول ردود فعل السلمي‬

‫مقاطعة من سب الرسول ـ صلى ال عليه وسلم ـ‬

‫تاريخ الجابة ‪05/02/2006‬‬


‫نص السؤال الخوة العزاء لعلكم سعتم بذه الجمة الشرسة على رسول ال ـ صلى ال عليه‬
‫وسلم ـ‪ ،‬وسعتم عن تاذل الكثي من الكومات تاه هذه الملة‪ ،‬فما واجبنا نن كشعوب‪ ،‬وهل‬
‫تكفي القاطعة كرد على هذه الملة ؟‬
‫اسم الفت مموعة من الباحثي‬
‫نص الجابة‬
‫المد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬وبعد‬
‫فيقول الدكتور رجب أبومليح الشرف على الفتوى ف موقع إسلم أون لين‪:‬‬
‫سب النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ أو إهانة القدسات السلمية جرية ل تغتفر ف حق الفراد أو‬
‫اليئات أو الكومات الت تقوم بذلك‪ ،‬وهذا السب ل يتوجه لشخص النب ـ صلى ال عليه وسلم‬
‫ـ وحده بل هو سب لكل مسلم ومسلمة إل قيام الساعة‪ ،‬وال عز وجل يقول (النّبِيّ َأوْلَى‬
‫سهِ ْم وََأ ْزوَا ُجهُ ُأ ّمهَاُتهُ ْم وَُأوْلُو الَْأرْحَامِ َب ْعضُهُمْ َأوْلَى بَِبعْضٍ فِي كِتَابِ الّل ِه مِنَ‬
‫بِالْ ُم ْؤمِِنيَ مِنْ أَنفُ ِ‬
‫ب مَسْطُورًا) الحزاب‬ ‫اْل ُم ْؤمِِنيَ وَالْ ُمهَا ِجرِينَ ِإلّا أَن َت ْفعَلُوا إِلَى َأوْلِيَائِكُم ّمعْرُوفًا كَانَ ذَِلكَ فِي الْ ِكتَا ِ‬
‫‪16‬‬
‫وواجب السلمي هو الدفاع عن مقدساتم ونبيهم با استطاعوا‪ ،‬والقاطعة وإن كانت سلحا‬
‫حضاريا فعال‪ ،‬غي أنه ل يكفي‪ ،‬فهذا يدخل ف جهاد الدفع الذي هو فرض عي على كل مسلم كل‬
‫حسب طاقته وقدرته‪ ،‬وعلى السلمي أن يستفيدوا من هذه الحداث لتعريف الناس جيعا بشخص‬
‫رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ وإطلعهم على الوانب الضيئة ف سيته فلو عرفوه لحبوه‬
‫وعلموا قدره ‪.‬‬
‫ولكي يكون سلح القاطعة أكثر فعالية ل بد أن نضع له هذه الضوابط ‪:‬‬
‫أول‪:‬أن الصل ف معاملة غي السلمي الواز‪ ،‬والتحري هنا تري عارض ‪ ،‬فهو ليس مرم لذاته بل‬
‫مرم لغيه‪ ،‬هو مرم لكسر شوكة العدو الحارب وتقوية شوكة السلمي وإثراء اقتصادهم ‪ ،‬لن‬
‫الناس لن يستطيعوا العيش بدون بيع وشراء وأخذ وعطاء فلو تولت هذه العاملت الت تري بي‬
‫السلمي وبي غي السلمي إل معاملت بي السلمي بعضهم البعض لتحول حالم من هذا الضعف‬

‫‪1‬‬
‫والذلة إل قوة وعزة‪ ،‬ولو امتنع الثرياء من العرب وغيهم عن وضع أموالم ف البنوك الجنبية وهذه‬
‫الرصدة الت تقدر بئات الليارات ث تولت هذه الرصدة للستثمار بي بعضهم البعض لصار الال‬
‫غي الال‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬إن هذه القاطعة لو حدثت عن طريق الكومات والدول لكانت أجدى وأوقع ففي هذه الالة‬
‫ستمتنع الدولة عن استياد سلع الدول الحاربة‪ ،‬وستقوم بتصنيع السلع البديلة وساعتها ل توقع الناس‬
‫ف حرج‪ ،‬لكن تاذل الكومات وعجزهم ل يعفينا من أن نقوم كشعوب بدورنا حت ولو كان‬
‫صغيا تطبيقا لديث الفسيلة‪ ،‬ذلك الديث الذي يقول فيه النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ (إذا‬
‫قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن ل يقوم حت يغرسها فليفعل)‪ ،‬وإعمال للجهاد‬
‫الذي تول إل فرض عي على كل مسلم ومسلم سواء إذن به الاكم أو ل يأذن كل حسب قدرته‬
‫وإمكاناته ‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬القاطعة القتصادية ليست هي القصودة فقط بل لبد أن تكون هذه القاطعة مقاطعة شاملة‬
‫تشمل القاطعة القتصادية والقاطعة الثقافية والقاطعة السلوكية والجتماعية وغي ذلك حت نقف‬
‫حجر عثرة أمام هذا الشروع الخالف لعقيدتنا الذي يريد عدونا أن يصدره إلينا بكل صوره وأشكاله‬
‫حت يدمر قيمنا ويهدم أخلقنا ويستعبدنا لنظل مقهورين مأسورين نعيش على فتات موائده الت‬
‫سلبها من قوتنا وأموالنا عنوة بغي حق ‪.‬‬
‫رابعا‪:‬إن فتاوى القاطعة ليست حكما عاما يطبق ف كل زمان ومكان وعلى كل الشخاص ف كافة‬
‫الظروف والحوال‪ ،‬بل هي فتاوى ترتبط بالزمان والكان والشخاص والظروف والحوال ‪ ،‬فما‬
‫يكون مرما على شخص قد ل يكون مرما على شخص آخر‪ ،‬وما يكون مرما ف مكان قد ل‬
‫يكون مرما ف مكان آخر ‪ ،‬والمر يضع لفقه الوازنات وفقه الولويات‪ ،‬كما يضع لفقه الصال‬
‫والفاسد‪ ،‬فدرء الفاسد مقدم على جلب الصال‪ ،‬والصلحة العامة تقدم على الصلحة الاصة‪ ،‬ولو‬
‫أن إنسانا مضطرا للعمل أو استياد سلعة ل تتوافر عند غي أعدائنا فالضرورات تبيح الحظورات‪،‬‬
‫لكن الضرورة تقدر بقدرها‪ ،‬ويتحمل الضرر الدن لدفع الضرر الكب إل آخر هذه القواعد‬
‫والضوابط الفقهية‪.‬‬
‫فعلى سبيل الثال السلم الذي يعيش ف أمريكا غي السلم الذي يعيش ف مصر أو أي بلد عرب أو‬
‫إسلمي‪ ،‬والشياء الت ل ند لا بديل عند غي الدولة الحاربة وهي من الشياء الساسية وليس من‬
‫الكماليات بل من الضروريات تتلف عن الشياء الت ند لا بدائل كثية‪ ،‬والوظف الذي يعمل ف‬
‫شركة دولة ماربة ول يد بديل يقتات منه يباح له العمل للضرورة أو الاجة الشديدة الت تنل‬
‫منلة الضرورة‪ ،‬وباصة لو كان الدور الذي يقوم به ثانويا ل يؤثر على الشركة الت يعمل فيها تأثيا‬
‫يذكر ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫خامسا‪:‬ليست الشركات والشياء الت يب أن نقاطعها على قدر واحد ‪ ،‬فالشركات السرئيلية‬
‫والمريكية (مثل) تأت ف الرحلة الول ث تتبعها الدول الخرى الت تارب السلمي ف دولم أو‬
‫تضطهدهم ف دولا ث الشركات المريكية صاحبة العلمة التجارية ف الدول العربية والسلمية إل‬
‫آخر هذه الترتيبات ‪.‬‬
‫سادسا‪:‬على رجال القتصاد أن يقوموا بالدراسات الادة حول هذه السألة حت يكننا معرفة الشيء‬
‫الام الذي لو قاطعناه أثر ف أعدائنا ومعرفة الشياء الت ل بديل لا لدينا وغي ذلك من السس‬
‫والضوابط الت تعي الفقيه على إصدار فتواه بشكل علمي صحيح‪ ،‬وقام بعض الفراد بإعداد قوائم‬
‫للسلع الت تساهم بشكل أو آخر ف اقتصاد الدول الحاربة غي أن هذه القوائم ليست دقيقة بل هي‬
‫جهود فردية تطيء ف بعض الحيان فتضع بعض السلع على قائمة القاطعة وهي شركات ملية‪ ،‬أو‬
‫تقترح بديل لشيء تب مقاطعته فتأت بشيء آخر لنفس الدولة الحاربة‪ ،‬لكننا باجة إل إعداد‬
‫دراسات جادة مايدة ف هذا الصدد لن القاطعة ليست مقصودة لذاتا بل الغرض منها إحداث‬
‫النكاية بالعداء أو جلب الصال للمسلمي‪ ،‬فإن ل تؤد هذا الدور أو كانت نتيجتها سلبا ل إيابا‬
‫فل فائدة منها إذن ‪.‬‬
‫========================‬
‫مكانة الرسول عالية وإن حاولوا الساءة إليها‬

‫نشرت جريدة الوطن ف ‪25/12/1426‬هـ‬


‫مكانة الرسول عالية وإن حاولوا الساءة إليها‬
‫تبقى مكانة النب صلى ال عليه وسلم عالية‪ ،‬لن ال تعال قد رفع ذكره وقرن اسه باسه‪ ،‬فقال‬
‫سبحانه وتعال مبينا رفع ذكر نبيه صلى ال عليه وسلم (أل نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك‬
‫الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك)‪.‬‬
‫وقرن ال العظيم‪ ،‬الله الق‪ ،‬العبود اسه باسم رسوله ف مواضع كثية فقال (يلفون بال لكم‬
‫ليضوكم وال ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمني‪ ...‬التوبة‪ ،)62:‬كما قرن اسه باسم رسوله‬
‫ف أعظم مشهود به وهي شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ .‬ولذا فلن يضر النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ما يفعله الاقدون من الدناركيي وغيهم من الستهزاء بي البشر الذي أرسله ال‬
‫تعال رحة للخلق جيعا ومنهم هؤلء الذين ل يعلمون أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أرسل‬
‫رحة لم ولميع الخلوقات كما قال ال تعال (وما أرسلناك إل رحة للعالي)‪ .‬ويقول النب الكري‬
‫الصادق الصدوق صلى ال عليه وسلم "إن ال ل يبعثن معنتا ول متعنتا ولكن بعثن معلما ميسرا‪...‬‬
‫رواه مسلم عن عائشة رضي ال عنها‪ ،‬بل لقد وصفه ال العظيم بأجل صفات ونعته بأجل نعوت‬

‫‪3‬‬
‫فقال سبحانه (يا أيها النب إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إل ال بإذنه وسراجا منيا)‪.‬‬
‫ولكن حت لو أخرج بعض الدناركيي حقدهم وبغضهم لنب السلم فإن ال قد أخبنا عنهم وعن‬
‫أمثالم فقال جل شأنه "يريدون أن يطفئوا نور ال بأفواههم ويأب ال إل أن يتم نوره ولو كره‬
‫الكافرون‪ .‬هو الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الشركون"‬
‫(التوبة‪ ،)33-32 :‬وقال سبحانه وتعال (ومنهم الذين يؤذون النب ويقولون هو أذن قل أذن خي‬
‫لكم يؤمن بال ويؤمن للمؤمني ورحة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول ال لم عذاب أليم"‬
‫(التوبة‪ ،)61 :‬وقال جل شأنه وتقدست أساؤه (قل استهزئوا إن ال مرج ما تذرون" (التوبة‪:‬‬
‫‪ ،)64‬إنه رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي تصله افتراءات الفترين وإساءات السيئي‪ ،‬إنه خليل‬
‫ال وما أعظمها من خلة حيث قال صلى ال عليه وسلم "إن ال قد اتذن خليلً" رواه الاكم‬
‫وصححه اللبان‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم "لو كنت متخذا غي رب خليلً لتذت أبا بكر خليلً‪،‬‬
‫ولكن أخي وصاحب" رواه البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما‪ ،‬إنه نبينا وقدوتنا وحبيبنا الذي‬
‫نبه أكثر من آبائنا وأمهاتنا وأنفسنا‪ ،‬وقد قال لنا "ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده‬
‫وولده والناس أجعي" رواه مسلم‪ .‬ولن تزيدنا تلك الكتابات عن نبينا صلى ال عليه وسلم إل حبا‬
‫وتقديرا واقتداء واتباعا له صلى ال عليه وسلم وهو العصوم الذي ل ينطق عن الوى إن هو إل‬
‫وحي يوحى‪.‬‬
‫الدكتور نار عبدالرحن العتيب ‪ -‬داعية إسلمي‬
‫=========================‬
‫مكانة النب صلى ال عليه وسلم عالية‬

‫نشرت جريدة الزيرة ف ‪25/12/1426‬هـ‪:‬‬


‫مكانة النب صلى ال عليه وسلم عالية‬
‫دكتور نار بن عبدالرحن العتيب ‪/‬داعية إسلمي‬
‫تبقى مكانة النب صلى ال عليه وسلم عالية؛ لن ال تعال قد رفع ذكره‪ ،‬وقرن اسه باسه‪ ،‬فقال‬
‫ضعْنَا عَنكَ‬‫ك صَ ْدرَكَ (‪)1‬وَ َو َ‬ ‫شرَحْ َل َ‬ ‫سبحانه وتعال مبينا رفع ذكر نبيه صلى ال عليه وسلم {أَلَ ْم نَ ْ‬
‫ك ذِ ْكرَكَ}‪ .‬وقرن ال العظيم الله الق العبود اسه‬ ‫ِو ْزرَكَ (‪)2‬الّذِي أَنقَضَ َظ ْهرَ َك (‪َ )3‬ورََفعْنَا َل َ‬
‫حِلفُونَ بِالّلهِ َلكُمْ لُِي ْرضُوكُ ْم وَالّلهُ َورَسُوُلهُ أَحَقّ أَن ُي ْرضُوهُ إِن‬
‫باسم رسوله ف مواضع كثية‪ ،‬فقال {يَ ْ‬
‫كَانُوْا ُمؤْمِِنيَ}(‪ )62‬سورة التوبة‪ .‬كما قرن اسه باسم رسوله ف أعظم مشهود به‪ ،‬وهي شهادة أل‬
‫إله إل ال ممد رسول ال؛ ولذا فلن يضر النب صلى ال عليه وسلم ما يفعله الاقدون من‬
‫الدناركيي وغيهم من الستهزاء بي البشر الذي أرسله ال تعال رحة للخلق جيعا‪ ،‬ومنهم هؤلء‬

‫‪4‬‬
‫المقى الذين ل يعلمون أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أُرسل رحة لم ولميع الخلوقات كما‬
‫قال ال تعال { َومَا َأ ْرسَ ْلنَاكَ إِلّا رَحْ َمةً لّ ْلعَالَ ِميَ}‪ .‬ويقول النب الكري الصادق الصدوق صلى ال‬
‫عليه وسلم‪( :‬إن ال ل يبعثن معنّتا ول متعنتا ولكن بعثن معلما ميسرا‪ )..‬رواه مسلم عن عائشة‬
‫رضي ال عنها‪ .‬بل لقد وصفه ال العظيم بأجل صفات ونعته بأجل نعوت‪ ،‬فقال سبحانه {يَا أَّيهَا‬
‫شرًا وَنَذِيرًا (‪َ )45‬ودَاعِيًا ِإلَى الّلهِ بِِإذِْن ِه وَ ِسرَاجًا مّنِيًا}‪ .‬ولكن حت لو‬ ‫النّبِيّ ِإنّا َأرْ َسلْنَا َك شَاهِدًا َومَُب ّ‬
‫أخرج الدناركيون حقدهم وبغضهم للسلم ولنب السلم فإن ال قد أخبنا عنهم وعن أمثالم‬
‫فقال جل شأنه {ُيرِيدُونَ أَن يُ ْط ِفؤُواْ نُورَ الّلهِ بِأَ ْفوَا ِههِمْ َويَأْبَى الّلهُ إِلّ أَن ُيتِمّ نُو َر ُه وََلوْ َك ِرهَ الْكَاِفرُونَ‬
‫شرِكُونَ} (‬ ‫(‪ُ )32‬هوَ الّذِي َأرْسَ َل رَسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِينِ الْحَقّ ِليُ ْظ ِه َرهُ َعلَى الدّينِ ُكّلهِ وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ‬
‫‪)33‬سورة التوبة‪ .‬وقال سبحانه وتعال { َومِْنهُ ُم الّذِينَ ُي ْؤذُونَ النّبِ ّي وَِيقُولُو َن ُهوَ ُأذُنٌ قُلْ ُأذُنُ خَْيرٍ‬
‫لّكُ ْم ُي ْؤمِنُ بِالّل ِه وَُي ْؤمِنُ ِللْ ُم ْؤمِِنيَ َورَحْ َمةٌ لّلّذِي َن آمَنُوْا مِنكُ ْم وَالّذِي َن ُي ْؤذُونَ رَسُو َل الّلهِ َلهُ ْم عَذَابٌ‬
‫ج مّا‬
‫خرِ ٌ‬‫أَلِيمٌ}(‪ )61‬سورة التوبة‪ .‬وقال جل شأنه وتقدّست أساؤه {قُلِ اسَْت ْه ِزؤُواْ إِنّ الّلهَ مُ ْ‬
‫تَحْ َذرُونَ}(‪)64‬سورة التوبة‪ .‬إنه رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي ل يصله نعيق الناعقون‪ ..‬إنه‬
‫خليل ال‪ ،‬وما أعظمها من خلة‪ ،‬حيث قال صلى ال عليه وسلم (إن ال قد اتذن خليلً) رواه‬
‫الاكم وصححه اللبان‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم (لو كنت متخذا غي رب خليلً لتذت أبابكر‬
‫خليلً‪ ،‬ولكن أخي وصاحب) رواه البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما‪ .‬إنه نبينا وقدوتنا وحبيبنا‬
‫الذي نبه أكثر من آبائنا وأمهاتنا وأنفسنا‪ ..‬وقد قال لنا (ل يؤمن أحدكم حت أكونَ أحب إليه من‬
‫والده وولده والناس أجعي) رواه مسلم‪.‬‬
‫ولن تزيدنا تلك الكتابات عن نبينا صلى ال عليه وسلم إل حبا وتقديرا واقتداء واتباعا له صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وهو العصوم الذي ل ينطق عن الوى إن هو إل وحي يوحى‪.‬‬
‫نسأل الذي ل تفى عليه خافية ول تغيب عنه غائبة ول يعجزه شيء ف الرض ول ف السماء أن‬
‫ينتقم لرسوله‪ ،‬وأن يرينا ف من حاول النّيْل منه عجائب قدرته‪ ،‬وهو القوي العزيز‪ .‬وصلى ال على‬
‫نبينا ممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫========================‬
‫من أول بالسخرية والستهزاء ؟‬

‫الكاتب‪ :‬مروة سيح السيد ـ القاهرة‬


‫بسم ال والمد ل والصلة والسلم على أفضل خلق ال سيدنا ممد وعلى آله وصحبه ومن واله‬
‫وبعد ‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫هالن كثيا سخرية هؤلء الاقدين على النب صلى ال عليه وسلم دون علم به ول با جاء به ‪،‬‬
‫فظهر بذلك حقدهم وجهلهم ؛ بل وعدم علمهم بكتابم وما به من غرائب والعجائب الت لو قرأها‬
‫النسان دون علمه أن هذه نصوص بالكتاب الذي يدعون أنه مقدسا لظنها من حكايات ( ميكي‬
‫وماوس ) أو من القصص الرافية الت تكى للصغار قبل نومهم ‪.‬‬
‫وهنا أحببت أن أنقل للقارئ بعضا من فقرات كتابم ( القدس ) ليعلم أينا أحق بالسخرية من‬
‫الخر ؟!‬
‫طي يشي على أربعة أرجل؟؟‬
‫" وكل دبيب الطي الاشي على اربع فهو مكروه لكم " ‪] .Lv: 11:20: 20 [.‬‬
‫هذا من العجاز العلمي بـ ( الكتاب القدس ) فالطيور ف هذا الكتاب أصبحت لا أربعه أرجل‬
‫تشي عليهم !!!‬
‫الرنب الجتر !!‬
‫" والرنب لنه يترّ لكنه ل يشق ظلفا فهو نس لكم [‪"] Lv:11:6: 6‬‬
‫وهل تتر الرانب ‪ .‬إل ف الكتاب القدس ؟!‬
‫حيوانات لا أعي من اللف تلس بوار عرش ( الرب ) ! !‬
‫جاء ف [ رؤيا ‪ : ] 8-6 :4‬و قدام العرش بر زجاج شبه البلور و ف وسط العرش و حول العرش‬
‫اربعة حيوانات ملوة عيونا من قدام و من وراء ‪ .‬و اليوان الول شبه اسد و اليوان الثان شبه‬
‫عجل و اليوان الثالث له وجه مثل وجه انسان و اليوان الرابع شبه نسر طائر "‬
‫فتخيل معي أخي القارئ أربعة حيوانات لكل منهم عيون من المام واللف بل واليوان الول أسد‬
‫والخر عجل والثالث له وجه انسان والخي نسر وكل هذه اليوانات تلس أمام عرش ال تبارك‬
‫وتعال ‪ ....‬تعال ال عن إفك النصارى علوا كبيا‪.‬‬
‫سلق الطفال وأكلهم !‬
‫جاء ف سفر اللوك الثان ‪ :‬الصحاح السادس الفقرة الثامنة و العشرون وما بعدها ‪ [ :‬سألَها‪ :‬ما‬
‫ِبكِ؟ فأجابَت‪ :‬قالَت ل ه ِذهِ الرأةُ‪ :‬هات إبَنكِ فنَأْ ُكَلهُ‪ ،‬وغدًا ن ْأكُلُ إبن‪29 .‬ف َطبَخنا إبن وأكلْناهُ‪،‬‬
‫وقُلتُ لا ف اليومِ الثّان‪ :‬هات إبَنكِ لِنَأ ُكَلهُ فأخفَْتهُ]‬
‫بال دا كلم مقدس ؟!‪.‬‬
‫سلمات !‬
‫يقول بولس ــ مؤسس النصرانية القيقي ـــ ف رسالته الثانية إل صديقه تيموثاوس [ ‪: 4‬‬
‫‪ " : ] 19‬سلم على فرسكا واكيل وبيت انيسيفورس‪ .‬اراستس بقي ف كورنثوس‪.‬واما تروفيمس‬

‫‪6‬‬
‫فتركته ف ميليتس مريضا‪ .‬بادر ان تيء قبل الشتاء‪.‬يسلم عليك افبولس وبوديس ولينس وكلفدية‬
‫والخوة جيعا‪" .‬‬
‫ويقول بولس لصديقه تيطس [ ت ‪ " : ] 12 : 3‬حينما أرسل إليك ارتيماس او تيخيكس بادر أن‬
‫تأت إل ال نيكوبوليس لن عزمت ان أشت هناك‪".‬‬
‫ونسأل ‪ :‬هل أصبح السلم على فرسكا و‪ ...‬ودعوى أحد للحضور ف الكان الذي سيشت فيه‬
‫بولس وحي من عند ال يتعبد بتلوته ؟؟!!‬
‫مناجاة !!‬
‫_ سفر الروج [ ‪ " : ] 22 : 5‬فرجع موسى إل الرب وقال يا سيد لاذا أسأت إل هذا الشعب ‪.‬‬
‫لاذا أرسلتن ‪ .‬فانه منذ دخلت إل فرعون لتكلم باسك أساء إل هذا الشعب ‪ .‬وأنت ل تلّص‬
‫شعبك]‬
‫ي رَجُلً لّمِيقَاتِنَا فَلَمّا أَخَذَْتهُ ُم الرّ ْجفَ ُة قَا َل َربّ َلوْ شِْئتَ َأهْلَ ْكَتهُم‬ ‫وعندنا ‪( :‬وَا ْختَا َر مُوسَى َق ْومَهُ َسْبعِ َ‬
‫س َفهَاء مِنّا إِ ْن هِيَ إِلّ ِفتَْنُتكَ ُتضِلّ ِبهَا مَن تَشَاء وََتهْدِي مَن تَشَاء‬ ‫مّن قَبْ ُل وَِإيّايَ َأُتهْلِ ُكنَا بِمَا َفعَلَ ال ّ‬
‫ت وَلِيّنَا فَا ْغ ِفرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَْيرُ اْلغَاِفرِينَ) (العراف ‪) 155 :‬‬ ‫أَن َ‬
‫ب ‪ :‬لاذا تقف بعيدا ؟ لاذا تتفي ف أزمنة الضيق ؟ ]‬ ‫وف مزمور [ ‪ : ] 1 : 10‬يا َر ّ‬
‫ب َد ْعوَةَ الدّاعِ ِإذَا َدعَانِ َفلَْيسْتَجِيبُواْ لِي وَلُْي ْؤمِنُواْ‬
‫ك عِبَادِي َعنّي فَِإنّي َقرِيبٌ ُأجِي ُ‬ ‫وعندنا ‪( :‬وَِإذَا سَأََل َ‬
‫بِي َل َعّلهُمْ َيرْشُدُونَ) (البقرة ‪) 186 :‬‬
‫ل مّا‬ ‫جعَلُكُمْ ُخَلفَاء الَْأ ْرضِ َأإَِلهٌ مّعَ الّلهِ َقلِي ً‬ ‫ب الْ ُمضْ َطرّ ِإذَا َدعَاهُ وَيَ ْكشِفُ السّوءَ وََي ْ‬ ‫وعندنا ‪َ( :‬أمّن يُجِي ُ‬
‫تَذَ ّكرُونَ) (النمل ‪) 62 :‬‬
‫ل استيقظ‬ ‫مزمور [ ‪ " : ] 17 : 35‬يارب إل مت تنتظر ‪ ..‬ل يشمت ب الذين هم أعدائي باط ً‬
‫وانتبه إل حكمي "‬
‫ت َومَا فِي ا َل ْرضِ‬ ‫وعندنا ‪( :‬الّلهُ لَ ِإَلهَ إِ ّل ُهوَ الْحَيّ اْلقَيّومُ َل تَأْخُ ُذهُ سَِن ٌة وَلَ َن ْومٌ ّلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫شفَعُ ِعنْ َدهُ ِإلّ بِِإذِْنهِ َيعْلَ ُم مَا َبيْنَ أَْيدِيهِ ْم َومَا خَ ْل َفهُ ْم وَلَ يُحِيطُونَ بِشَ ْي ٍء مّ ْن عِلْ ِمهِ إِلّ بِمَا‬
‫مَن ذَا الّذِي َي ْ‬
‫شَاء وَسِعَ ُكرْسِّيهُ السّمَاوَاتِ وَا َل ْرضَ وَلَ َيؤُو ُدهُ ِحفْ ُظهُمَا َو ُهوَ اْلعَلِ ّي اْلعَظِيمُ) (البقرة ‪) 255 :‬‬
‫ك مِمّن تَشَاء وَُت ِع ّز مَن تَشَاء وَتُذِلّ‬ ‫وعندنا ‪( :‬قُ ِل الّلهُ ّم مَاِلكَ الْمُ ْلكِ ُتؤْتِي الْ ُم ْلكَ مَن تَشَاء وَتَنِعُ الْمُ ْل َ‬
‫ك عََلىَ كُلّ شَ ْيءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران ‪) 26 :‬‬ ‫مَن تَشَاء ِبيَدِكَ الْخَْيرُ إِّن َ‬
‫وف ( الكتاب القدس ) كلم جنسي فاضح يدش حياء العاهرات فضلت عن الغافلت الؤمنات ‪،‬‬
‫وف ( الكتاب القدس ) حوار بي الشجار ‪ ،‬وحرب النجوم ‪ ،‬وحرب الاعز والرفان ‪ ،‬وفيه حار‬
‫رد حاقة النب ‪ ،‬وفيه خروف بسبعة قرون ‪ .‬وفيه الله ينوح ويولول ‪ . . .‬ويشي عريانا طول النهار‬
‫‪ . . .‬ويُسلط عليه الشيطان أربعي يوما يسرح به كيف يشاء ‪ . . .‬ويكذب على إخوته ‪. . .‬‬

‫‪7‬‬
‫ويسر الصارعة أمام يعقوب ‪ . . .‬ويسكر ‪ . .‬ويتعب ‪ . . .‬وينام ‪ ...‬ويسيء ‪ . . .‬وينسى ‪. . .‬‬
‫ويصفر للذباب ‪ . . .‬ويصفق ‪ . . .‬وياف ‪ . . .‬ويندم ‪ . . .‬ويرج الدخان من أنفه ‪ . . .‬ويزن ‪.‬‬
‫‪ . .‬ويصف نفسه بالروف واللبوة والعثة والفرخة والدبة ‪.........‬تعال ال عما يقولون الضالون‬
‫علوا كبيا‬
‫وجلة ‪ :‬إن وجدت ثكلى فقدت وحيدها وترملت لتوها تستطيع أن تضحكها بأن تكي لا طرفا ما‬
‫ف الكتاب القدس ‪.‬‬
‫وبعد هذا يسخرون من البيب ؟؟ !!‬
‫ب وََي ْعفُو عَن َكثِيٍ قَدْ‬
‫خفُونَ مِنَ اْلكِتَا ِ‬
‫(يَا َأهْلَ الْكِتَابِ قَ ْد جَاءكُ ْم رَسُولُنَا يَُبيّنُ لَكُمْ َكثِيا مّمّا كُنتُمْ ُت ْ‬
‫جَاءكُم مّنَ الّلهِ نُورٌ وَ ِكتَابٌ مِّبيٌ) (الائدة ‪) 15 :‬‬
‫==========================‬
‫من فقه القاطعة‬

‫الكاتب‪ :‬حسن بن عبدالميد باري‬


‫* شغلت القاطعة مساحة واسعة جدا من خارطة العال السلمي؛ تعبيا عن الشعور الغاضب الذي‬
‫عمّ المة تاه دولة الدانارك الت أساءت برسومها الساخرة إل نب المة (صلى ال عليه وسلم) ‪،‬‬
‫وقياما بإحدى الطوات الواجبة على المة نصرةً لنبيها (صلى ال عليه وسلم) بعد تلك الساءة !‬
‫والراصد لقضية القاطعة السلمية لنتجات الدانارك يقف على نتيجتي "قويتي"‪:‬‬
‫إحداها‪ -‬قوة التفاعل الياب مع قرار القاطعة واللتزام الاد به من قِبَل الشعوب السلمة ف كل‬
‫بلد السلم‪.‬‬
‫والخرى‪ -‬قوة أثر تلك القاطعة –مع أنا لتزال ف بداياتا‪ -‬على حسابات دولة الدانارك‪ :‬السياسية‬
‫والقتصادية‪ ...‬وأخرى غيها!‬
‫* وبا أن قرار القاطعة القتصادية الذي اتذته الشعوب السلمة ذو إطار شرعي (حيث يثل الدور‬
‫الواجب على المة ف نصرة النب (صلى ال عليه وسلم) )؛ وجب أن يأخذ حظه الكاف من التأصيل‬
‫الشرعي للمسألة‪ ،‬لئل تستأثر العاطفة وحدها ‪-‬مهما كانت صادقة‪ -‬على القضية‪ ،‬فتتجاوز با بعض‬
‫الدود والضوابط الشرعية‪ ..‬إفراطا أو تفريطا !‬
‫ومن هنا فقد كانت هذه السطر ماولة ‪ -‬على عجل‪ -‬لتقريب شيء من فقه القاطعة القتصادية‪،‬‬
‫يتناول عرض الدلة ووجه الدللة‪ ،‬وف طياته إيضاح لبعض الشكلت‪ ،‬ودفع لبعض الشبهات‪ ،‬أرجو‬
‫أن يتضح به السلك الشرعي للمسألة‪ ،‬ووراء ذلك من البحث للمستزيد مزيد ‪.‬‬
‫وقد جاء بث مسائل الوضوع تت العناوين التالية‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫مشروعية القاطعة‪.‬‬
‫هل القاطعة واجبة أو مستحبة؟‬
‫لاذا القاطعة؟‬
‫إل مت القاطعة؟‬
‫‪ -1‬مشروعية القاطعة‪:‬‬
‫ثبت ف عدد من الدلة الشرعية مشروعية القاطعة التجارية للعدو‪ ،‬وأنا وسيلة مشروعة تُسلك‬
‫لرغام العدو والتضييق عليه‪ ،‬أو النتقام منه وأخذ الثأر‪ ،‬وتلك الدلة منها ما هو عام الدللة تندرج‬
‫تته القاطعة‪ ،‬ومنها ما هو خاص با‪ ،‬ومن ذلكم‪:‬‬
‫( أ ) كل آيات الهاد ف كتاب ال التضمنة لهادي الال والنفس‪ ،‬نو قوله تعال‪]:‬انفروا خفافا‬
‫وثقالً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ف سبيل ال[‪] ،‬ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تارة تنجيكم‬
‫من عذاب أليم`تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف سبيل ال بأموالكم وأنفسكم[ ‪.‬‬
‫والقاطعة التجارية داخلة ف جهاد العدو بالال؛ لن الهاد بالال كما يكون ببذله لضعاف العدو‪،‬‬
‫يكون بإمساكه عنه لرهاقه كذلك!‬
‫وليُلحظ تقدم الهاد بالال على الهاد بالنفس ف كل اليات‪ ،‬إل موضع سورة التوبة‪]:‬إن ال‬
‫اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم بأن لم النة[‪ ،‬وهذا التقدي للجهاد بالال على النفس له دللة‬
‫ولبد‪ ،‬ولعل منها‪ :‬اقتدار كل الكلفي على الهاد بالال(بذلً وإمساكا) بل استثناء‪ ،‬بلف الهاد‬
‫بالنفس الذي قد يعجز عنه بعض الكلفي أو يُحال بينهم وبينه‪ .‬ومنها‪ :‬كون الهاد بالال دعامة‬
‫للجهاد بالنفس وليس العكس‪ ،‬وكونه أسبق منه إعدادا وتنفيذا ف ميادين الهاد‪ ،‬فناسب ذلك سبقه‬
‫عليه ف الذكر الكيم‪ ،‬والعلم عند أحكم الاكمي!‬
‫( ب ) قوله تعال – ف أوجه العمل الصال الذي يُكتب لصاحبه لونا من ألوان الهاد‪]:-‬ماكان‬
‫لهل الدينة ومن حولم من العراب أن يتخلفوا عن رسول ال وليرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك‬
‫بأنم ليصيبهم ظمأ ول نصب ول ممصة ف سبيل ال ول يطأون موطئاًُ يغيظ الكفار ول ينالون من‬
‫عدو نيلً إل كُتب لم به عمل صال]‪.‬‬
‫والقاطعة القتصادية للعدو نيل عظيم منه ول شك‪ ،‬لّا تبور تارته بديار السلمي ويل با الكساد‪.‬‬
‫( ج ) قوله (صلى ال عليه وسلم) ف الديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود والنسائي‪" :‬جاهدوا‬
‫الشركي بأموالكم وأيديكم وألسنتكم"‪ ،‬وقد تقدم أن الهاد بالال كما يكون بإنفاقه ف الغزو‬
‫وتهيز الغزاة‪ ،‬فإنه يكون بإمساكه عن الوصول للعدو لئل يتقوى به على قتال السلمي وعدائهم‪.‬‬
‫ولئل يُقال‪ :‬إن هذا تكلف ف فهم الدليل وإقحام ما ل يتمله من العان فيه‪ ،‬فهاهنا دليلن من وقائع‬
‫السية‪ ،‬أحدها فعل والخر إقرار منه (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬وكلها دال على الشروعية ‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫( د ) كل الغزوات والسرايا الت كانت قبل غزوة بدر الكبى‪ ،‬بل حت غزوة بدر ذاتا كان القصد‬
‫منها اعتراض قوافل قريش التجارية وأخذ أموالا وحصارها اقتصاديا‪ ،‬فسرية حزة إل (سِيف البحر)‪،‬‬
‫وسرية سعد بن أب وقاص إل (الرّار)‪ ،‬وغزوة البواء (ودّان) وسرية عبيدة بن الارث إل (رابغ)‪،‬‬
‫وغزوة (بُواط)‪ ،‬وسرية عبدال بن جحش إل (نلة)‪ ،‬وغزوة (العُشَية) الت أفلت فيها أبوسفيان‬
‫بالقافلة ف ذهابه إل الشام‪ ،‬وهي القافلة ذاتا الت خرج النب (صلى ال عليه وسلم) يريدها حي‬
‫عادت نادبا إليها أصحابه قائلً‪" :‬هذه عي قريش فيها أموالم‪ ،‬فاخرجوا إليها لعل ال يُنفّلكموها"‪،‬‬
‫لكنها أفلتت فكانت غزوة بدر الكبى !‬
‫فكل تلك الغزوات والسرايا كان هدفها الول هو الصار القتصادي واعتراض القوافل وقطع تارة‬
‫قريش‪ ،‬إضعافا للعدو وكسرا لشوكته‪ ...‬وهل القاطعة القتصادية إل من هذا الباب ؟‬
‫( هـ) قصة ثامة بن أثال (رضي ال عنه) لّا أسلم‪ ،‬فقطع تارة النطة عن قريش الت كانت تأتيهم‬
‫من قِبَله من اليمامة‪ ،‬وأقسم لم‪" :‬ول وال ليأتيكم من اليمامة حبّ ُة حنطة حت يأذن فيها النب (صلى‬
‫ال عليه وسلم) "‪ ،‬وخبه هذا ف الصحيحي‪ .‬فكان ثامة (رضي ال عنه) بذلك أول مقاطِع تاري‬
‫للعدو ف السلم –بعناه الصطلحي‪ ،-‬فإنه استشعر دوره ضد قريش لكفرها وحربا لرسول ال‬
‫(صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬واستخدم سلحه الذي يلك وقاطع تارتم‪ ،‬فكان ف ذلك إرهاق قريش‬
‫وتويعها‪ ،‬حت أرسلوا إليه (صلى ال عليه وسلم) يسألونه بالرحم أن يكتب إل ثامة ليُخلي لم حل‬
‫الطعام‪ ،‬فكتب له النب (صلى ال عليه وسلم) بذلك ورفع الصار‪.‬‬
‫وف الديث من الفقه‪ :‬عدم اشتراط إذن المام للمقاطعة‪ ،‬خلفا لن قال به! فإن ثامة قاطعهم ول‬
‫يستأذن النب (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬بل أقره (صلى ال عليه وسلم) على ذلك ول ينكر عليه إقدامه‬
‫على ذلك بل إذن منه‪ ،‬ول عدّ ذلك افتئاتا وجرأة على مقامه (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬بل لو استدل‬
‫مستدل بذا الب على اشتراط إذن المام لرفع القاطعة بعد إقدام السلمي عليها لكان أقرب‪ ...‬وهو‬
‫بعيد!‬
‫وبعد‪ :‬فما سبق من الدلة د ّل على مشروعية القاطعة كما تقدم‪ ،‬والدللة على "الشروعية" أعم من‬
‫الدللة على أحد أفرادها‪ :‬الوجوب‪ ،‬والندب‪ ،‬والباحة‪ ،‬وإذا كانت القاطعة –عند الاجة إليها‬
‫والناداة با‪ -‬مطلبا شرعيا فقد خرجت من حيّز الباحة‪ ،‬وانصر حكمها بي الوجوب والستحباب‬
‫(الندب)‪ ،‬وهذا هو البحث التال‪:‬‬
‫‪ -2‬هل القاطعة القتصادية اليوم واجبة أم مستحبة ؟‬
‫الصل ف التعامل مع غي السلم الباحة (بالضوابط الشرعية)‪ ،‬وحكم القاطعة (الدائر بي الوجوب‬
‫والستحباب) ل يتعارض مع ذلك الصل؛ لن حكم القاطعة طارئ‪ ،‬يطرأ بطروء أسبابه ودواعيه‪،‬‬
‫ويزول بزوالا ‪ ،‬والنب (صلى ال عليه وسلم) مع عداوة اليهود له بالدينة وحصاره إياهم وحربم‬

‫‪10‬‬
‫وإجلئهم فقد كان يبيع ويشتري معهم‪ ،‬لكنه لّا احتاج إل القاطعة ف ظرف من الظروف حاصرهم‬
‫ف حصونم‪ ،‬بل وحرق نل مزارعهم كما فعل مع بن النضي‪ ،‬وف ذلك نزل قوله تعال‪[ :‬ما قطعتم‬
‫من لينة أو تركتموها قائمة على أصولا فبإذن ال وليخزي الفاسقي]‪.‬‬
‫وعندئذ‪ :‬فمت احتاج السلمون إل القاطعة التجارية كما هو الال اليوم مع دولة الدانارك الصليبية‬
‫بعد استهزائهم برسول ال (صلى ال عليه وسلم) وسخريتهم منه‪ ،‬فإن أدن درجات ذلك هو‬
‫الستحباب‪ ،‬وحيث نقول‪ :‬أدن درجاته الستحباب فإن معن ذلك أنه ل يتنع أن يصل إل الوجوب‬
‫ف بعض الحوال‪ ،‬والراد بوجوب القاطعة‪ :‬تري بيع منتجاتم وشرائها‪ ،‬غي أن هذا التحري ليس‬
‫تريا لعينه‪ ،‬فإن الحرّمات ف فقه البيوع إما أن ترم لعينها (كبيع المر والنير)‪ ،‬أولغيها بعن أنا‬
‫ترم لكونا وسيلة إل مرم (كبيع العنب لن يصنعه خرا)‪ ،‬وهذا ما يعبّر عنه الفقهاء بقولم‪:‬‬
‫"الوسائل لا حكم القاصد"‪ ،‬وعلى هذا يُحمل الوجوب ف القاطعة التجارية –إن قيل به‪ ،-‬أنه لغيه‬
‫ل لذاته‪ ،‬من جهة أن البيع والشراء مع العدو وسيلة إل تكينه ماديا من الستمرار على عداوته‬
‫وحربه للمسلمي‪ ...‬وذلك مرّم !‬
‫والذي أراه أن القاطعة التجارية تتجاوز حدّ الستحباب إل الوجوب ف إحدى صور ثلث‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا أمر المام بذلك وحل الناس عليه وجبت القاطعة ؛ لوجوب طاعة المام‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا انصرت وسائل دفع العدو وكسر شوكته ف القاطعة‪ ،‬بيث ل يد السلمون وسيلة أخرى‬
‫وجبت القاطعة؛ لن دفع العدو وجهاده بكل الوسائل المكنة واجب‪ ،‬وإذا انصرت الوسائل ف‬
‫القاطعة صارت هي الواجب كله‪ ،‬بيث يؤدي تركها إل ترك الواجب الذي يأث به الميع‪.‬‬
‫مع مراعاة أن الذي يقرر انصار الوسائل ف القاطعة وتعذّر غيها هم الختصون من أهل العلم‬
‫والدراية بالسألة الباشرون للقضية ‪ ،‬العارفون بأبعادها‪ ،‬من يسن تطبيق قواعد الصال والفاسد‪ ،‬ل‬
‫أن يكون ذلك حقا لكل مسلم يارس فيه اجتهاده الشخصي !‬
‫ج‪ -‬إذا عجز الكلف عن غي القاطعة من الوسائل الشروعة‪ ،‬ول يقدر إل على القاطعة وجبت ف‬
‫حقه؛ لنا ستكون ف حقه الزء الذي يقق به الوجوب ف الهاد والدفع؛ لقدرته عليه وعجزه عن‬
‫غيه‪ ،‬والواجبات كلها تب بالقدرة وتسقط بالعجز !‬
‫والصورتان الخيتان تدخلن ف القاعدة الصولية الشهية‪" :‬مال يتم أداء الواجب إل به فهو‬
‫واجب" ‪.‬‬
‫‪ -3‬لاذا القاطعة ؟‬
‫من الهم جدا عند اتاذ قرار القاطعة التجارية تديد الدف منها‪ ،‬والت تتلف من حال إل حال‪،‬‬
‫ومن زمان إل زمان‪ ،‬ومن مكان إل مكان‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فتارة تكون القاطعة حصارا لعدو يُراد استسلمه وإخلء بلده با فيها‪ ،‬وتارة تكون إرغاما له‬
‫وإضعافا لمكاناته‪ ،‬وتارة تكون ثأرا وانتقاما لعتداء بدا منه‪ ،‬وتارة تكون ضغطا عليه لسترجاع‬
‫حق اغتصبه ‪ ،...‬وهكذا‪.‬‬
‫فمن الضروري تديد هدف القاطعة الذي يتحدد من خلله الدى الزمن للمقاطعة (وسيأت الديث‬
‫عنها ف النقطة التالية)‪ ،‬كما يُحكم على القاطعة بالنجاح أوالفشل بنا ًء على تقق الدف أو عدمه‪،‬‬
‫وهذا ما يعل القضية منضبطة شرعا‪ ،‬غي خاضعة لعواطف جياشة أو حاسة مندفعة‪ ،‬وف الوقت ذاته‬
‫يغلق الباب ف وجوه الخذّلي والثبطي‪ ،‬من ينادي بعدم جدوى القاطعة‪ ،‬وأنا ما هي إل تفريغ‬
‫شحنة عاطفية ما تلبث أن تنطفئ!‬
‫وف قضية الدانارك اليوم الت تقررت فيها القاطعة شاع بي الناس خطأً أن الدف منها هو أخذ حق‬
‫النب (صلى ال عليه وسلم) من سخر منه وهزئ به‪ ،‬عن طريق القاطعة!‬
‫وإنا قلت‪" :‬خطأً"؛ لوقوع خلط ف هذا الفهوم بي حق النب (صلى ال عليه وسلم) وواجب المة‬
‫تاه العتداء والتطاول عليه (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬فالسخرية والنتقاص الذي أظهرته تلك الرسوم‬
‫اعتداء على حقه (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬وحقه (صلى ال عليه وسلم) شخصي مض‪ ،‬بعن أن أخذ‬
‫الق فيه أو العفو عنه متعلق بشخصه (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬وهذا ما ل يكن لحد مهما اتذ من‬
‫أسباب أن يدعي أنه استوف حقه (صلى ال عليه وسلم) ؛ لن صاحب الق فقط هو الذي يقرر‬
‫استيفاء الق من عدمه‪ ،‬ول يسع المة كلها أن تتنازل عنه‪ ،‬أو تطالب بطالب (اعتذار أو غيه) ترى‬
‫أنه يستوف الق له (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬ولذا صرّح الفقهاء بأن شات النب (صلى ال عليه وسلم)‬
‫يُقتل ول يُستتاب؛ لن التوبة هنا متعلقة بق شخصي‪ ،‬ول مل بعد وفاته (صلى ال عليه وسلم)‬
‫لستعفائه‪ ،‬ولذا‪ :‬فل القاطعة ول غيها من الوسائل يُقال عنها‪ :‬إنا تستوف حق النب (صلى ال عليه‬
‫وسلم) أو تُسقطه‪ ...‬فلماذا القاطعة إذن ؟‬
‫إننا إنا ندعوا إل القاطعة قياما بواجب المة ف القضية‪ ،‬ل استيفاءً لق النب (صلى ال عليه‬
‫وسلم) ‪ ،‬وهنا نتاج إل التفريق بي السألتي‪ :‬بي حق النب (صلى ال عليه وسلم) ف القضية‪،‬‬
‫وواجب المة فيها‪...‬‬
‫أما حقه فقد تقدم‪ ،‬وأما واجب المة فهو النصرة والتعزير والتوقي‪ ،‬على ح ّد قول ال سبحانه‪] :‬إنا‬
‫أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا`لتؤمنوا بال ورسوله وتعزّروه وتوقّروه[ ‪ ،‬وواجب النصيحة له (صلى‬
‫ال عليه وسلم) بالدفاع عنه والذبّ عن عرضه والنيل من تعرض له بسوء وإن قلّ‪ ،‬وواجب الحبة‬
‫التضمنة لفتدائه (صلى ال عليه وسلم) بالنفس والموال والعراض‪ ،‬ومعاداة من عاداه‪ ،‬وماربة من‬
‫آذاه ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وهذه الواجبات التعلقة بالمة هي الدوافع لقرار القاطعة‪ ،‬فالدف منها إذن‪ :‬هو إبراء الذمة بذلك‪،‬‬
‫وإقامة شاهد الحبة له (صلى ال عليه وسلم) بالسخط على من تعرض له بأذىً أو ناله بسوء‪ ،‬وردعه‬
‫وكفّ باطله‪ ،‬وضمان أل يعود لذلك‪ ،‬وأل يتجرّأ غيه فيفعل فعلته الوقحة‪ ،‬وبالتال فإن هذه القاطعة‬
‫– طالت أو قصرت‪ -‬ل علقة لا بق النب (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬وطالا كان الغرض منها ما ذُكر‬
‫فل حرج أن تُحدّ بدود يكون فيها‪ :‬بذل العاذير من العتدي‪ ،‬والعتراف بالريرة‪ ،‬والتماس العفو‬
‫والصفح‪ ،‬ف ندم تام‪ ،‬وعهد غليظ بعدم تكرار ذلك‪ ،‬واستبدال الحسان ‪ -‬قولً وفعلً ‪ -‬بإساءته‬
‫تلك‪ ،...‬وغي ذلك ما يتحقق معه الدف من القاطعة‪ ،‬الذي لن يُسقط – بال – حق النب (صلى‬
‫ال عليه وسلم) ‪ ،‬وف حديث ثامة السابق شاهد على إيقاف القاطعة(بأمره (صلى ال عليه وسلم) )‬
‫مت لحت ف ذلك الصلحة؛ إذ ل يكن الغرض منها قتلهم جوعا‪ ،‬بل سوقهم إل الداية سَوقا !!‬
‫وهذا ما يب أن ترجع المة فيه ( أعن حدّ القاطعة) إل أول العلم والبصية‪ ،‬من يقق مناط‬
‫الصال‪ ،‬ث يزنا بالفاسد‪ ،‬ويكم بالراجح فيها‪ ،‬وهذا هو عنوان السألة التالية‪:‬‬
‫‪ -4‬إل مت القاطعة ؟‬
‫أحسب أن ما سبق تقريره ف النقطة السابقة يُجيبنا عن هذا السؤال!‬
‫ولذلك فإنه لا خلط بعض الفضلء بي القاطعة (وأهدافها) وبي حق النب (صلى ال عليه وسلم)‬
‫بنَوا على ذلك استمرار القاطعة إل البد‪ ،‬ذلك أن حق النب (صلى ال عليه وسلم) ل يسقط بال‪،‬‬
‫فوجب أن تكون القاطعة ماضية إل البد !‬
‫وهذا التقرير خطأ من وجهي‪:‬‬
‫الول‪ -‬أن فيه خلطا بي حق النب (صلى ال عليه وسلم) الذي ل يسقط بال‪ ،‬وواجب المة الذي‬
‫ل تبأ بتركه بال‪ ،‬وقد تقدم ذلك‪ .‬الثان‪ -‬أنه لو اعتبنا القاطعة عقابا لن نال من النب (صلى ال‬
‫عليه وسلم) أو استيفاءً لقه منه‪ ،‬فإن فيه خلطا بي السيء الشات الساخر ‪ -‬وهو الرسّام‪ ،-‬وال ِقرّ له‬
‫–وهو الصحيفة والكومة‪ ،-‬وبي الشركات التجارية والتجّار والشعب القصودين بالقاطعة! فلئن‬
‫كانت القاطعة عقابا فليُنل بستحق العقاب فقط‪ ،‬ولئن كانت استرجاع حق فليؤخذ من العتدي‬
‫فحسب !!‬
‫وحينئذ؛ فل يسعنا إل أن نقول‪ :‬إن القاطعة وسيلة شرعية يُراد بسلوكها تعريف العتدي بطئه‪،‬‬
‫وإقراره برمه‪ ،‬وإقلعه عنه‪ ،‬وعدم عودته إليه‪ ...‬ال‪ ،‬وذلك ما يكن أن يُحدّ بطالب يضعها أولوا‬
‫العلم والبصية ف الدين وأهل الدراية ف المة‪ ،‬من أوت حظا وافرا من الوازنة بي الصال والفاسد‪،‬‬
‫وترجيح التكافئ منهما‪ ،‬مع فقه تام بالواقع وماري الحداث وتطورات الوضاع؛ وصولً إل تقيق‬
‫الصال من القاطعة‪ ،‬واجتنابا لا يُتوقع من مفاسد‪ ،‬دون أن يكون لذلك أدن أثر فيما يتعلق بقه‬

‫‪13‬‬
‫(صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬بعن أن الرسّام الث لو جاءنا بعاذير الدنيا كلها وقبّل منا اليدي والرؤوس‬
‫والرجل‪ ،‬طالبا أن نصفح عنه ونغفر له خطأه ‪ ...‬فإن المة ل تلك ذلك بال !‬
‫وهنا يب أن نعلم أن من الفقه‪ :‬فقهَ حال المة اليوم ومعرفة وزنا بي المم؛ لتحديد الطالب الت‬
‫يسمح با ثقلُها ووزنُها‪ ،‬وأن المة اليوم ف غَلَبة وضعف من أمرها إل حدّ أشبه بوضع السلم ف‬
‫العهد النبوي الكي منه ف العهد النبوي ‪.‬‬
‫ولذلك فليس من الكمة اليوم الطالبة بطالب أكب من حجم المة‪ ،‬أو الصرار على إقامة ح ّد شات‬
‫الرسول (صلى ال عليه وسلم) على العتدي بتلك الرسوم‪ ،‬فإن كل ما ورد ف السنة من وقائع أمر‬
‫فيها النب (صلى ال عليه وسلم) أو أقرّ فيها بقتل من شتمه وهجاه إنا هي وقائع مدنية‪ ،‬كقصة‬
‫لطْمية‪ ،‬والعمى الذي قتل أم ولده‪ ،‬وغيها كثي‪ ،‬حت‬ ‫كعب بن الشرف‪ ،‬وعصماء بنت مروان ا َ‬
‫قتل عبدال بن خَطَل الذي كان متعلقا بأستار الكعبة يوم الفتح‪ ،‬كل ذلك إنا كان أيام صولة‬
‫السلم بالدينة وقوة دولته‪ ،‬وأما قبلُ‪ ..‬فلم يُعرف أنه (صلى ال عليه وسلم) انتقم من كان يؤذيه‪،‬‬
‫مع أنه كان يناله ف مكة من الذى والشتم ما هو أشد ما كان ف الدينة‪ ،‬بل ما هو أعظم من الشتم‬
‫وأمرّ ! أل يوضع سل الزور على ظهره وهو ساجد؟ فلم يكن (صلى ال عليه وسلم) ‪ -‬مع شدة‬
‫غضبه‪ -‬يصنع شيئا أكثر من الدعاء ؛ مراعاةً للمصلحة‪ ،‬ومعرفة با يناسب الوضع آنذاك‪.‬‬
‫أو ل يكن يلك قتل عقبة بن أب معيط أو الوليد ين الغية أو أب جهل أو أب لب أو غيهم من‬
‫صناديد الكفر أو يأمر خفية بقتلهم ؟!‬
‫بلى‪ ..‬ولكن الكمة النبوية الراشدة الت تزن الصال والفاسد ل تكن ترى مثل هذا الرأي ف ظرف‬
‫كذلك‪ ،‬وهي ذاتا الكمة النبوية القائلة ف الدينة –بعد العز والتمكي‪" :-‬مَن لكعب بن الشرف؟‬
‫فإنه قد آذى ال ورسوله" ‪" ،‬أل آخ ٌذ ل من ابنة مروان؟" ‪ ،‬وقيل له يوم الفتح ‪ :‬هذا ابن خَطَل‬
‫متعلق بأستار الكعبة‪ ،‬فقال‪ " :‬اقتلوه " !!‬
‫وليفطن كثي من الغيورين من أخذتم المية أن كثيا ما يارسونه أو ينادون به من قتل وحرق‬
‫ونوه قرارات حقاء! خاصة ف ظل ظرف المة الراهن وأوضاعها الزرية‪ ،‬ما قد يُفسد ثار القاطعة‬
‫الناجحة‪ ،‬فيقلب الكفة لصال العدو‪.‬‬
‫وكم نتاج ف هذه الرحلة إل حكمة تفقه الِكم النبوية ف أطوار المة ومراحلها وما يناسب كل‬
‫لوَر والنزامية والستسلم لواقع‬ ‫مرحلة منها؛ لنفرّق جيدا بي‪ :‬الكمة والفقه ف الدين‪ ،‬وبي‪ :‬ا َ‬
‫المة الرير ‪،،،‬‬
‫=================‬
‫فقه القاطعة القتصادية‬

‫‪14‬‬
‫نتيجة لتساع النشاط النتاجي للشركات ف العقود الخية وتاوزه للحدود الغرافية والسياسية‪،‬‬
‫ما جعل البعض يطلق على هذه الشركات مسميات من قبيل "الشركات متعددة النسية" أو‬
‫"الشركات فوق القومية"‪ ،‬بسبب أن إنتاجها الضخم ل يعد مصورا بدولة واحدة أو بقعة جغرافية‬
‫معينة‪ ،‬وأصبح من الضروري النظر للسلع النتجة والنتشرة ف السواق من زوايا عدة لتؤت القاطعة‬
‫القتصادية أثرها الرجو‪.‬‬
‫ويكن تلخيص هذه الزوايا أو الرتكزات ف ثلث مرتكزات لي سلعة من ناحية العوائد الستفادة‬
‫منها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬الشركة النتجة‪ :‬وهي الشركة الالكة للمصنع النتج للسلعة‪ ،‬ويسجل اسها على السلعة عادة قبل‬
‫اسم البلد النتج‪.‬‬
‫‪ 2‬العلمة التجارية "الاركة"‪ :‬وهي السم التجاري الذي تُسوق السلعة تت مسماه‪ ،‬وتصل‬
‫الشركة الالكة للعلمة على مبلغ سنوي أو نسبة من الرباح لقاء السماح باستخدام علمتها‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪ 3‬بلد النتاج‪ :‬هو البلد الذي تت فيه عملية تصنيع السلعة (أي البلد الذي يضم الصنع النتج‬
‫للسلعة)‪.‬‬
‫ولفهم كيف يكن الستفادة من هذه الرتكزات ف القاطعة القتصادية‪ ،‬يكننا تقسيم القاطعة إل‬
‫ثلث مستويات‪:‬‬
‫‪ 1‬القاطعة من الدرجة الول‪ :‬وهذه تتحقق عندما تكون الشركة النتجة والشركة الالكة للعلمة‬
‫التجارية وبلد النتاج أمريكي أو يهودي‪ .‬أي أن جيع الرتكزات أمريكية أو يهودية‪ .‬ول أقل‬
‫للمسلم من أن يلتزم بالقاطعة من هذه الدرجة‪ ،‬ول عذر له إن ل يقاطع‪.‬‬
‫‪ 2‬القاطعة من الدرجة الثانية‪ :‬وهذه تتحقق عندما يكون مرتكزين من الرتكزات الثلثة أمريكيا أو‬
‫يهوديا‪.‬‬
‫وهذا يكون ف العم الغلب ف الرتكز الول "الشركة النتجة" والرتكز الثان "الاركة" فقط‪.‬‬
‫وعلى السلم أن يقاطع مثل هذه النتجات أيضا‪ ،‬وباصة إن كانت كمالية أو غي ضرورية‪ ،‬أو‬
‫كانت ضرورية‪ ،‬ولكن لا بديل آخر يكن الصول عليه‪.‬‬
‫‪ 3‬القاطعة من الدرجة الثالثة وهذه الالة تتحقق غالبا ف العلمة التجارية "الاركة"‪ ،‬وكثي من‬
‫النتجات النتشرة ف أسواقنا من هذا الصنف‪ ،‬وعلى السلم أن يقاطعها أيضا كلما أمكنه ذلك‪.‬‬
‫ما سبق يتبي أن أفضل السلع هي ما كانت خارج نطاق الدرجات الذكورة سابقا‪ .‬وكلما كانت‬
‫الرتكزات الثلث للسلعة ملية أو عربية وإسلمية أو آسيوية على الترتيب كلما كانت هذه السلعة‬
‫أول بالشراء‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫نقاط مهمة‬
‫الثرياء اليهود مساهون أو مالكون لكبيات الشركات ف العال‪ ،‬وحيثما كانت الرية التجارية أكب‬
‫ف بلد كان النفوذ التجاري اليهودي أكب‪ .‬وعلى العموم ينتشر النفوذ اليهودي بشكل أساسي ف‬
‫الوليات التحدة المريكية وكندا ودول أوروبا الغربية‪.‬‬
‫ليست جيع النتجات المريكية يكن مقاطعتها لعدم وجود البديل‪ ،‬لكن هناك من النتجات‬
‫المريكية ما ل يعذر السلم ف عدم مقاطعتها‪.‬‬
‫إن القاطعة تتاج إل شيء من الدقة والفاضلة عند التسوق‪ ،‬والسؤال والستفسار من أهل‬
‫الختصاص‪ ،‬كما تتاج إل تغيي بعض الاركات والنتجات الت اعتدنا عليها بأخرى ملية أو غيها‬
‫قد تكون أقل جودة إل أنه مع الرادة والعزية والصب يكن التكيف‪ ،‬ولنذكر أن ال ل يضيع عنده‬
‫شيء‪.‬‬
‫على كل مسلم ومسلمة يعمل بالقاطعة أن يستحضر النية الصالة بأن مقاطعته وتغيي النمط الذي‬
‫اعتاد عليه هو إرضاء وقرب ل وموالة لخوانه السلمي الستضعفي وبراءة من أعداء السلم من‬
‫يدعمون الكفر وأهله‪.‬‬
‫يب أن نتذكر أننا بالقاطعة القتصادية ندعم اقتصاد بلدنا‪ ،‬ونتجه بسرعة أكب نو التحرر من التبعية‬
‫القتصادية للغرب‪.‬‬
‫ماتزال كثي من النتجات الجنبية تصد أرباحا ف أسواقنا رقم وجود منتجات ملية تنافسها ف‬
‫الودة‪ ،‬بل تتعدادها أحيانا وبأسعار أقل‪ ،‬إل أنه وللسف يفضلها البعض بسبب عقدة النقص‬
‫والنزامية النفسية‪.‬‬
‫لبد من النتقاء والتدرج ف القاطعة‪ ،‬فالنتج الحلي أفضل وأول بالدعم‪ ،‬والنتج العرب والسلمي‬
‫أفضل من النتج الشابه السيوي‪ ،‬والنتج السيوي أفضل من النتج الغرب‪ ،‬وعند الضرورة النتج‬
‫الوروب أفضل‬
‫من النتج المريكي‪ ،‬وأخيا وعند عدم توافر البدائل فالشركة المريكية الت ل تستثمر ف إسرائيل‬
‫أول من الت لديها استثمارات ف إسرائيل‪.‬‬
‫يب أل يلتفت للمثبطي والخذلي من ينتسبون لذه المة من يطعنون ف جدوى القاطعة القتصادية‬
‫ويشككون ف أثرها‪ ،‬إذ هذا ديدنم ف كل عصر ومصر‪ ،‬يقول ال عز وجل‪ :‬إذ يقول النافقون‬
‫والذين ف قلوبم مرض غر هؤلء دينهم ومن يتوكل على ال فإن ال عزيز حكيم (‪( )49‬النفال)‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬النافقون والنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالنكر وينهون عن العروف ويقبضون أيديهم‬
‫نسوا ال فنسيهم إن النافقي هم الفاسقون‪( 67‬التوبة)‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫القاطعة ل تقوم فقط على السلع‪ ،‬بل يب أن تشمل الحلت والسواق والطاعم الت يلكها‬
‫مستثمرون يهود أو أمريكيون‪ ،‬وتعرف هذه الحلت من أسائها الت تمل أساء عالية مشهورة ل‬
‫تفى على عاقل‪.‬‬
‫يكن أن ينطلق السلم الفطن من هذه القاطعة إل قاعدة ومنهج يسي عليه مع جيع السلع والنتجات‬
‫أو السواق والحلت‪ ،‬فما كان يُعرف منها بدعم الي وأهله هو أول بالدعم من غيه‪ ،‬وعلى‬
‫النقيض من ذلك النتج الذي تنتجه شركة أو يبيعه مل يعرف بنشر النكر أو دعمه هو أول‬
‫بالقاطعة‪.‬‬
‫===================‬
‫إعادة النظر ف فقه القاطعة‬

‫مركز النطلق السلمي‬


‫المد ل رب العالي نمده ونستعينه ونستهديه‪ ,‬ونصلي ونسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه ‪:‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فمنذ اندلع النتفاضة الفلسطينية ف الرض الحتلة وساح عرفات وعصابته للشعب الفلسطين‬
‫للتعبي عن رفضه للحتلل اليهودي والبطش الصهيون انتشرت ف أناء العال السلمي دعوات‬
‫لقاطعة النتجات والصنوعات اليهودية والمريكية‪ ,‬ودفع الناس إل عدم التعامل ف هذه البضائع‬
‫والسلع‪ .‬وقد أخذت حلت القاطعة عدة صور‪ :‬فتاوى من علماء ومشايخ‪ ,‬منابر الساجد ف بعض‬
‫البلد‪ ,‬رسائل بريدية إلكترونية تصل إل عشرات اللوف من رواد النترنت‪ ,‬نشرات توزع ف‬
‫الشوارع واليادين‪ ,‬كتب ورسائل وحلت إعلمية من خلل القنوات الفضائية وغيها من وسائل‬
‫إعلمية …‬
‫وبررت كثي من القوى الشعبية السلمية حلت القاطعة تلك بأن هذه القاطعة تاول وقف الدعم‬
‫الال الباشر والغي الباشر الوجه للة القمع السرائيلية؛ سواء عن طريق البضائع السرائيلية‪ ,‬أو عن‬
‫طريق حليفتها المريكية الت تدها بختلف أنواع الدعم من معنوي ومال‪ ,‬وأن هذا هو الطريق‬
‫الوحيد ـ أو شبه الوحيد ـ أمام الماهي السلمة لساندة انتفاضة القصى‪ ,‬بعد أن حالت النظمة‬
‫الت تلس على سدة الكم ف القطار السلمية بي هذه الشعوب وشعبنا السي ف فلسطي لنجدته‬
‫ونصرته‪.‬‬
‫ونن ـ كموقف مبدئي مع القاطعة تلك ـ نناصرها ونؤيدها؛ ليس باعتبار أنا السبيل الوحيد‬
‫لواجهة اليهود‪ ,‬ولكن باعتبارها وسيلة من ضمن العديد من الوسائل ف مواجهة الجمة اليهودية‬
‫البوتستانتية على العال السلمي‪ ,‬هذا من حيث الدف العام لملة القاطعة‪ .‬أما من حيث الوسيلة‬

‫‪17‬‬
‫الطبقة لذه القاطعة فلنا بعض التحفظ‪ ,‬أو ندعو لتوسيع رؤية واقع هذه القاطعة والصال والفاسد‬
‫الترتبة عليها‪.‬‬
‫فأول هذه العتبارات الت يب مراعاتا والنظر إليها عند الديث عن القاطعة‪:‬‬
‫**مئات اللوف من العمال الذين يعملون ف الصانع والحلت الت أصبحت على وشك الغلق‬
‫والفلس من جراء القاطعة والتشريد وانقطاع الورد الرئيسي لدخلهم‪ ,‬مع ملحظة أن هؤلء العمال‬
‫يعولون أسرهم ما يتعدى الضرر إل مليي الفراد‪ ,‬ف ظل أزمة اقتصادية خانقة تر با أغلب دول‬
‫النطقة‪ ,‬وبطالة فاقت نسبها كل حد‪ ,‬وما تشكله من انيار أخلقي واجتماعي شديد‪ ,‬ف ظل عجز‬
‫النظمة وعدم قدرة فصائل الصحوة السلمية على استيعاب هؤلء وتوفي ما يعول أسرهم نتيجة‬
‫للظروف المنية وغيها ما تر به الصحوة‪ .‬وغن عن البيان وما يعزز وجهة النظر تلك أن هؤلء‬
‫الطالبي بالقاطعة ل يرؤون على مطالبة مئات اللوف من العمال الفلسطينيي على ترك الصانع‬
‫السرائيلية الت يعملون با‪.‬‬
‫**التفريق بي بعض الدول ذات الستوى العيشي الرتفع والخرى الت تاوزت فيها نسب الفقر أي‬
‫خط‪ ,‬فالول تبدو القاطعة فيها أكثر قبول حيث القدرة على تنويع السلع والبضائع والقوة الشرائية‬
‫الت تصل عليها بأي سعر‪ ,‬أما الثانية فاليارات أمامها قليلة والقوة الشرائية لدى الواطن التوسط‬
‫الدخل فيها مدودة وهذا التفريق يسري ف البلد الواحد مع تعدد مستويات الدخل بي طبقاته‪.‬‬
‫**وإذا كانت مقاطعة اليهود والمريكان واجبة الن لا يفعلونه بالسلمي ومن انتهاك للمقدسات‪،‬‬
‫إذا كانت هذه أحد أسباب القاطعة أو أهم أسبابا فإن النظمة العربية أول بالقاطعة تلك‪ ,‬فكثي من‬
‫الشروعات والنتجات الت يصب دخلها ف موازنة هذه النظمة تعود وترتد سلحًا ف نور إخواننا‬
‫الذين ياهدون هذه النظمة‪ ,‬وتتدعم با أجهزة العلم وأنظمة التعليم لفساد الناس واليلولة بينهم‬
‫وبي السلم فيما يعرف باسم "الرض الحروقة"‪ ,‬ويشيد با سجونًا وقلعًا مصنة تنتهك فيه كرامة‬
‫الخ السلم ويتمن أن يعامل فيها معاملة اليوان‪.‬‬
‫وأسوق هذه الواقعة الت رواها لنا أحد الخوة من نثق ف دينه والتزامه عن واقعة حدثت أمامه ف‬
‫إحدى هذه العتقلت عندما كان يري التفتيش فيها على أي متعلقات شخصية للمعتقل المنوع عنه‬
‫أي زيارة أو حديث‪ ،‬الكدس ف زنزانة يوجد فيها أكثر من ثلثي معتقلً وهي أصلً مصممة‬
‫لتستوعب ثانية أفراد‪ ,‬وكان من ضمن المنوعات والت يري عليها التفتيش بدقة وبزم وتعاقب عليه‬
‫الزنزانة بأكملها إن وجد كتاب ال وكان الخوة يشترونه من الراس خلسة بثمن باهظ لكي‬
‫يقسموه إل ملزمات صغية لكي تتمكن عدة زنازين فيها مئات من قراءته وتلوته وكانوا يتهدون‬
‫ف إخفائه لدرجة إخفائه ف أماكن ل يوز فيها شرعا إخفائه كدورة الياه مثلً!!! ولكنها الاجة‬
‫الشديدة للقرآن لنه كان بثابة الروح الت تعينهم على البقاء ف ظل هذه الجواء‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وحدث مرة أن ضبط أحد هذه اللزمات مع أحد السجناء فما كان من ضابط السجن إل أن رص‬
‫صفوف الساجي وأسند ظهورهم إل الائط وأمر حراسه بضربم بالعصي ضربا مبحا إل أن يقروا‬
‫أين بقية أجزاء الصحف؟ فما كان من أحد الخوة العتقلي إل أن التفت وصرخ ف الضابط‬
‫والراس صائحًا فيهم‪ :‬تضربوننا من أجل الصحف يا كفرة !!! وتوقع الميع أن يأمر الضابط‬
‫حراسه ويفعلوا بذا الخ الفاعيل ولكن يبدو أن هذه العبارة قد أصابت شيئا ما أو بقية إيان ف‬
‫نفسه فأمر بوقف التعذيب وإعادة العتقلي إل زنزاناتم وهذه الرواية حرصت على روايتها برغم‬
‫طولا لستدل بب هؤلء الزعماء ومدى انراف هذه النظمة وبيان أنا أصبحت أشد على السلمي‬
‫من اليهود والنصارى وحينئذ يبدو السؤال منطقيا‪ :‬أليست مقاطعة هؤلء أول؟‬

‫إن كثيا من الناس قد يفهم دعوتنا تلك كنوع من تثبيط المم وبث روح الستسلم والزية أمام‬
‫العدو ولكننا ندعو إل أخذ المور بد‪ ,‬وإحياء فقه الوازنة بي الصال والفاسد‪ ,‬وتعديل طرائق‬
‫التفكي وسبل التعامل مع الشاكل‪ ,‬والدعوة إل النظر فيها بالساليب العلمية‪ ,‬وليس وراء دعوة‬
‫عاطفية‪ ,‬أو لثًا بأمان كاذبات‪ ,‬ولكنها إعادة التدبر والتفقه ف هذه الشكلة وأمثالا ما يوسع دائرة‬
‫النظر ويستوعب جيع الفاسد والصال ف أي أمر من أمورنا‪ ,‬لكي نيئ أنفسنا لتاذ القرار الصائب‬
‫بعيدا عن الهواء والعواطف‪.‬‬
‫ولسنا ندّعي أن هذا الرأي هو الصواب ف هذه السألة ولكن كما قلنا ونكرر ندعو إل إمعان النظر‬
‫ورؤية الوضوع من جيع زواياه الختلفة حت تتضح الصورة ونفقه الواقع قبل الكم عليه وأخذ‬
‫الواقف على ذلك الكم‪.‬‬
‫================‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء‬

‫أبو يوسف ممد زايد‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل الذي نادي عبده الجتب ورسوله الصطفى‪ ،‬فقال‪?:‬يا أَّيهَا النِّبيّ إِنّا َأرْ َسلْنَاكَ شَاهِدا َومُبَشّرا‬
‫وَنَذِيرا * َودَاعِيا إِلَى الّلهِ بِِإذِْنهِ َو ِسرَاجا مّنِيا *? (الحزاب ‪)46-45‬‬
‫المد ل الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الشركون‪ ،‬وأب‬
‫الكافرون‪ ،‬ورفض اللحدون‪ ،‬وأعرض الصم البكم العمي الذين ل يعقلون‪ ...‬قال تعال‪ُ ? :‬هوَ الّذِي‬
‫شرِكُونَ? (التوبة‪) 33 :‬؛‬ ‫َأرْسَ َل رَسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِي ِن الْحَقّ ِليُ ْظ ِه َرهُ َعلَى الدّينِ ُكّلهِ وََلوْ َك ِرهَ الْ ُم ْ‬
‫حقّ لِيُ ْظ ِه َر ُه عَلَى الدّينِ ُكّلهِ وَ َكفَى بِالّلهِ َشهِيدا?‬ ‫وقال‪ُ ? :‬هوَ الّذِي َأرْسَ َل َرسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِي ِن الْ َ‬

‫‪19‬‬
‫(الفتح‪) 28 :‬؛ وقال ماطبا نبيه الكري عليه أنى الصلة وأبلغ التسليم‪ ? :‬إِّنكَ لَا تُسْمِعُ الْ َموْتَى وَلَا‬
‫سمِعُ الصّمّ ال ّدعَاء ِإذَا وَّلوْا مُدِْبرِينَ? (النمل‪) 80 :‬؛ وقال‪:‬‬ ‫تُ ْ‬
‫سلِمُونَ? (النمل‪:‬‬ ‫سمِعُ إِلّا مَن ُي ْؤمِنُ بِآيَاِتنَا َفهُم مّ ْ‬ ‫? َومَا أَنتَ ِبهَادِي اْلعُمْ ِي عَن ضَلَاَلِتهِمْ إِن تُ ْ‬
‫سمِعُ الصّمّ َأوْ َتهْدِي اْلعُمْ َي َومَن كَانَ فِي ضَلَا ٍل مِّبيٍ? (الزخرف‪....)40 :‬‬ ‫‪)81‬؛وقال‪َ ? :‬أفَأَنتَ تُ ْ‬
‫ل َومِنَ النّاسِ إِ ّن الّلهَ سَمِيعٌ‬ ‫المد ل الذي قال ف مكم كتابه البي‪ ? :‬الّلهُ َيصْ َطفِي مِنَ الْمَلَائِكَ ِة ُرسُ ً‬
‫صغَا ٌر عِندَ الّلهِ‬ ‫جعَ ُل رِسَالََتهُ سَُيصِيبُ الّذِينَ َأ ْج َرمُوْا َ‬ ‫َبصِيٌ? (الج‪) 75 :‬؛ وقال‪? :‬الّلهُ َأعْلَ ُم حَْيثُ يَ ْ‬
‫َوعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَ ْم ُكرُونَ? (النعام‪) 124 :‬؛ وقال‪َ ? :‬وكَذَِلكَ َجعَلْنَا لِكُلّ ِنبِ ّي عَ ُدوّا‬
‫ك مَا َفعَلُوهُ فَ َذ ْرهُمْ‬ ‫ضهُمْ إِلَى َب ْعضٍ ُز ْخرُفَ اْل َقوْ ِل ُغرُورا وََل ْو شَاء رَّب َ‬ ‫جنّ يُوحِي َبعْ ُ‬ ‫س وَالْ ِ‬ ‫شَيَا ِطيَ الِن ِ‬
‫ج ِر ِميَ وَ َكفَى ِب َرّبكَ‬ ‫َومَا َيفَْترُونَ? (النعام‪ ) 112 :‬وقال‪? :‬وَكَذَِلكَ َجعَ ْلنَا لِكُ ّل نَبِ ّي عَ ُدوّا مّنَ الْمُ ْ‬
‫هَادِيا وََنصِيا? (الفرقان‪...) 31 :‬‬
‫المد ل البالغ أمره‪ ،‬النافذ حكمه‪ ،‬كتب على نفسه الرحة‪ ،‬وقال ? َورَحْمَتِي وَ ِس َعتْ كُلّ شَ ْيءٍ‬
‫فَسََأكْتُُبهَا لِلّذِينَ يَّتقُو َن وَُيؤْتُو َن الزّكَا َة وَالّذِي َن هُم بِآيَاِتنَا ُي ْؤمِنُونَ? (العراف‪)156 :‬‬
‫شةَ الْكُْبرَى ِإنّا مُنَتقِمُونَ) (الدخان‪) 16 :‬؛‬ ‫المد ل العزيز ذي انتقام الذي قال‪َ ? :‬ي ْومَ نَبْ ِطشُ اْلبَطْ َ‬
‫ك رُسُلً إِلَى‬ ‫ج ِر ِميَ مُنَتقِمُونَ ? (السجدة‪) 22 :‬؛ وقال‪ ? :‬وََلقَدْ َأرْ َسلْنَا مِن َقبِْل َ‬ ‫وقال ( إِنّا مِ َن الْمُ ْ‬
‫صرُ الْ ُم ْؤمِِنيَ? (الروم‪) 47 :‬؛‬ ‫َق ْو ِمهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالَْبيّنَاتِ فَانَتقَمْنَا مِ َن الّذِينَ أَ ْج َرمُوا وَكَانَ َحقّا عَلَْينَا َن ْ‬
‫ب مَا قَالُوْا وَقَْتَلهُمُ الَنبِيَاءَ ِب َغْيرِ‬
‫وقال‪ّ ? :‬لقَدْ سَمِ َع الّلهُ َقوْلَ الّذِينَ قَالُواْ إِنّ الّلهَ َفقِ ٌي وَنَحْنُ َأ ْغنِيَاء َسنَكُْت ُ‬
‫حرِيقِ? (آل عمران‪) 181 :‬‬ ‫حَ ّق وََنقُو ُل ذُوقُوْا عَذَابَ الْ َ‬
‫المد ل والصلة والسلم على عبده ورسوله ممد وجيع إخوانه النبياء وعلى آله الصفياء‬
‫وصحابته الوفياء وكل من كان من التقياء إل اليوم الذي يفصل فيه الواحد القهار بي السعداء أهل‬
‫دار السلمة والكرامة‪ ،‬والشقياء حطب دار الندامة‪...‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فهذا كتاب حاولت أن أجع فيه ما يسر ال ل من الناورات الت حاكها يهود غاوون‬
‫ومشركون وثنيون لقتل سيد ولد آدم‪ ،‬خات النبياء والرسلي صلى ال عليه وسلم‪ ...‬وقد كان‬
‫اعتمادي بالدرجة الول على كتاب التفسي والبداية والنهاية للحافظ أب الفداء إساعيل بن كثي‬
‫رحه ال‪ ،‬مع بعض الضافات من غيها أبينه – إن شاء ال – ف مله‪..........‬‬
‫تنبه‪ :‬سيتهم أشقياء لا أقدموا عليه من شنيع الفعال‪ ،‬بل أشنعها وأكبها مقتا عند ال‪ ،‬أل وهو ماولة‬
‫اغتيال النب الرسل رحة للعالي‪...‬فهم أشقياء حي تلبسهم بالرية والقدام على تنفيذها‪ ...‬حت‬
‫كان منهم من غلبت عليه شقوته ومات على كفره فحق عليه قول ربنا فيمن قال فيهم‪ ? :‬إِ ّن الّذِينَ‬
‫ش ْرهُم‬
‫س فَبَ ّ‬‫سطِ مِ َن النّا ِ‬ ‫يَ ْك ُفرُونَ بِآيَاتِ الّل ِه وََيقُْتلُونَ النِّبّييَ ِب َغْيرِ حَ ّق وََيقْتُلُو َن الّذِينَ يَ ْأ ُمرُونَ بِاْلقِ ْ‬
‫ِبعَذَابٍ أَلِي ٍم ? (آل عمران‪ ،) 21 :‬ومنهم من شرح ال صدره للسلم فأسلم وجهه ل وحسن‬

‫‪20‬‬
‫إسلمه فأصبح من صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم وشارك معه ف غزواته وحارب إل جنبه‬
‫الشريف ضد أهل الشرك والبغي والفساد ف الرض‪...‬وأصبح من رواة حديثه والبلغي‬
‫لسنته‪...‬اهـ‪.‬‬
‫ك هُمُ‬ ‫وصدق ال العظيم إذ يقول ف مكم التنيل‪ ? :‬مَن َيهْدِ الّلهُ َف ُهوَ الْ ُم ْهتَدِي َومَن ُيضْلِ ْل فَُأوْلَِئ َ‬
‫جدَ َلهُ وَِليّا‬‫اْلخَا ِسرُونَ ? (العراف‪ ) 178 :‬ويقول‪ ? :‬مَن َيهْدِ الّلهُ َف ُهوَ الْ ُم ْهتَ ِد َومَن ُيضْلِلْ َفلَن تَ ِ‬
‫ّمرْشِدا ? (الكهف‪) 17 :‬‬
‫شوْ َن رَّبهُمْ ُثمّ‬ ‫ش ِعرّ مِْنهُ جُلُودُ الّذِي َن يَخْ َ‬
‫ويقول‪? :‬الّلهُ َنزّلَ أَحْسَ َن الْحَدِيثِ ِكتَابا مّتَشَابِها مّثَانِ َي َتقْ َ‬
‫ك هُدَى الّلهِ َيهْدِي ِبهِ مَ ْن يَشَا ُء َومَن ُيضْلِلْ الّلهُ فَمَا َل ُه مِنْ‬ ‫َتِليُ ُجلُو ُدهُمْ َوقُلُوُبهُمْ ِإلَى ذِ ْكرِ الّل ِه ذَِل َ‬
‫هَادٍ? (الزمر‪.....) 23 :‬‬
‫نعم‪ ..‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ...‬أنزل على رسول ال أمره ‪( :‬فَاصْدَعْ‬
‫سوْفَ‬ ‫جعَلُو َن مَعَ الّلهِ إَِلهًا آَ َخرَ َف َ‬
‫ي * إِنّا َكفَْينَاكَ الْمُسَْت ْهزِِئيَ * الّذِينَ َي ْ‬ ‫شرِ ِك َ‬‫بِمَا ُت ْؤمَ ُر وََأ ْع ِرضْ عَ ِن الْمُ ْ‬
‫َيعْلَمُونَ *)(الجر‪.)96 -94 :‬‬
‫قال ابن كثي رحه ال‪:‬‬
‫يقول تعال آمرا رسوله صلى ال عليه وسلم بإبلغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به‪ ,‬وهو مواجهة‬
‫الشركي به‪ ,‬كما قال ابن عباس ف قوله‪{ :‬فاصدع با تؤمر} أي أمضه‪ ,‬وف رواية‪:‬افعل ما تؤمر‪..‬‬
‫وقال ماهد‪ :‬هو الهر بالقرآن ف الصلة‪ .‬وقال أبو عبيدة عن عبد ال بن مسعود‪ :‬ما زال النب‬
‫مستخفيا حت نزلت {فاصدع با تؤمر}‪ ,‬فخرج هو وأصحابه‪ .‬وقوله‪{ :‬وأعرض عن الشركي *‬
‫إنا كفيناك الستهزئي} أي بلغ ما أنزل إليك من ربك‪ ,‬ول تلتفت إل الشركي الذين يريدون أن‬
‫يصدوك عن آيات ال {ودّوا لو تدهن فيدهنون} ول تفهم فإن ل كافيك إياهم وحافظك منهم‪,‬‬
‫كقوله تعال‪{ :‬يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته وال‬
‫يعصمك من الناس}‪.‬‬
‫وقال الافظ أبو بكر البزار‪ :‬حدثنا يي بن ممد بن السكن‪ ,‬حدثنا إسحاق بن إدريس‪ ,‬حدثنا عون‬
‫بن كهمس عن يزيد بن درهم‪ ,‬عن أنس قال‪ :‬سعت أنسا يقول ف هذه الية‪{ ,‬إنا كفيناك‬
‫الستهزئي الذين يعلون مع ال إلا آخر} قال‪ :‬مر رسول ال صلى ال عليه وسلم فغمزه بعضهم‬
‫فجاء جبيل‪ ,‬أحسبه قال‪ :‬فغمزهم‪ ,‬فوقع ف أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا‪ .‬قال ممد بن إسحاق‪:‬‬
‫كان عظماء الستهزئي كما حدثن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبي خسة نفر‪ ,‬وكانوا ذوي‬
‫أسنان وشرف ف قومهم‪ :‬من بن أسد بن عبد العزى بن قصي السود بن الطلب أب زمعة‪ ,‬كان‬
‫رسول ال فيما بلغن قد دعا عليه لا كان يبلغه من أذاه واستهزائه‪ ,‬فقال‪« :‬اللهم أعم بصره‪ ,‬وأثكله‬
‫ولده» ومن بن زهرة السود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة‪ ,‬ومن بن مزوم الوليد‬

‫‪21‬‬
‫بن الغية بن عبد ال بن عمر بن مزوم‪ ,‬ومن بن سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي‬
‫العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد‪ ,‬ومن خزاعة الارث بن الطلطلة بن عمرو بن الارث‬
‫بن عبد بن ـ عمرو بن ملكان ـ‪ .‬فلما تادوا ف الشر وأكثروا برسول ال الستهزاء أنزل ال تعال‪:‬‬
‫جعَلُو َن مَعَ الّلهِ إَِلهًا‬
‫ي * ِإنّا َكفَْينَاكَ الْمُسَْت ْهزِِئيَ * الّذِينَ َي ْ‬
‫شرِ ِك َ‬
‫(فَاصْدَعْ بِمَا ُت ْؤمَ ُر وََأ ْع ِرضْ عَ ِن الْمُ ْ‬
‫سوْفَ َيعْلَمُونَ)‪...‬وقال ابن إسحاق‪ :‬فحدثن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبي أو غيه من‬ ‫آَ َخرَ فَ َ‬
‫العلماء‪,‬أن جبيل أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يطوف بالبيت‪ ,‬فقام وقام رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إل جنبه‪ ,‬فمر به السود بن عبد يغوث فأشار إل بطنه‪ ,‬فاستسقى بطنه‪ ,‬ومر به‬
‫الوليد بن الغية‪ ,‬فأشار إل أثر جرحٍ بأسفل كعب رجله‪ ,‬وكان أصابه قبل ذلك بسنتي‪ ,‬وهو يز‬
‫إزاره‪ ,‬وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلً له‪ ,‬فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك‬
‫الدش‪ ,‬وليس بشيء‪ ,‬فانتفض به فقتله‪ ,‬ومر به العاص بن وائل‪ ,‬فأشار إل أخص قدمه فخرج على‬
‫حار له يريد الطائف‪ ,‬فربض على شبقة فدخلت ف أخص قدمه فقتلته‪ ,‬ومر به الارث بن الطلطلة‬
‫فأشار إل رأسه فامتخط قيحا فقتله‪.‬‬
‫قال ممد بن إسحاق‪ :‬حدثن ممد بن أب ممد عن رجل‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬كان رأسهم الوليد‬
‫بن الغية وهو الذي جعهم‪ ,‬وهكذاروي عن سعيد بن جبي وعكرمة نو سياق ممد بن إسحاق به‪,‬‬
‫عن يزيد عن عروة بطوله‪ ,‬إل أن سعيدا يقول‪ :‬الارث بن غيطلة‪ ,‬وعكرمة يقول الارث بن قيس‪.‬‬
‫قال الزهري‪ :‬وصدقا هو الارث بن قيس‪ ,‬وأمه غيطلة‪ ,‬وكذا روي عن ماهد ومقسم وقتادة وغي‬
‫واحد أنم كانوا خسة‪ .‬وقال الشعب‪ :‬كانوا سبعة‪ ,‬والشهور الول‪ :‬وقوله‪{ :‬الذين يعلون مع ال‬
‫إلا آخر فسوف يعلمون} تديد شديد ووعيد أكيد لن جعل مع ل معبودا آخر‪.‬‬
‫وقال القرطب رحه ال‪:‬‬
‫قوله تعال‪" :‬فاصدع با تؤمر" أي بالذي تؤمر به‪ ،‬أي بلغ رسالة ال جيع اللق لتقوم الجة عليهم‪،‬‬
‫فقد أمرك ال بذلك‪ .‬والصدع‪ :‬الشق‪ .‬وتصدع القوم أي تفرقوا؛ ومنه "يومئذ يصدعون" [الروم‪:‬‬
‫‪ ]43‬أي يتفرقون‪ .‬وصدعته فانصدع أي انشق‪ .‬أصل الصدع الفرق والشق … فقوله‪" :‬اصدع با‬
‫تؤمر" قال الفراء‪ :‬أراد فاصدع بالمر‪ ،‬أي أظهر دينك‪ ،‬فـ "ما" مع الفعل على هذا بنلة الصدر‪.‬‬
‫وقال ابن العراب‪ :‬معن اصدع با تؤمر‪ ،‬أي اقصد‪ .‬وقيل‪" :‬فاصدع با تؤمر" أي فرق جعهم‬
‫وكلمتهم بأن تدعوهم إل التوحيد فإنم يتفرقون بأن ييب البعض؛ فيجع الصدع على هذا إل‬
‫صدع جاعة الكفار‪.‬‬
‫قوله تعال‪" :‬وأعرض عن الشركي" أي عن الهتمام باستهزائهم وعن البالة بقولم‪ ،‬فقد برأك ال‬
‫عما يقولون‪ .‬وقال ابن عباس‪( :‬هو منسوخ بقوله "فاقتلوا الشركي" [التوبة‪ .)]5 :‬وقال عبد ال بن‬
‫عبيد‪ :‬ما زال النب صلى ال عليه وسلم مستخفيا حت نزل قوله تعال‪" :‬فاصدع با تؤمر" فخرج هو‬

‫‪22‬‬
‫وأصحابه‪ .‬وقال ماهد‪ :‬أراد الهر بالقرآن ف الصلة‪" .‬وأعرض عن الشركي" ل تبال بم‪ .‬قال ابن‬
‫إسحاق‪ :‬لا تادوا ف الشر وأكثروا برسول ال صلى ال عليه وسلم الستهزاء أنزل ال تعال‬
‫"فاصدع با تؤمر وأعرض عن الشركي‪ .‬إنا كفيناك الستهزئي‪ .‬الذين يعلون مع ال إلا آخر‬
‫فسوف يعلمون"‪ .‬والعن‪ :‬اصدع با تؤمر ول تف غي ال؛ فإن ال كافيك مَن آذاك كما كفاك‬
‫الستهزئي‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وصدع رسول ال صلى ال عليه وسلم با أمره به ربه جل ف عله‪ ،‬فصدقه ناس حبب ال‬
‫إليهم اليان وشرح صدورهم لتلقي نور السلم فكانوا من جنده الذين جاهدوا ف سبيل ال‬
‫بأنفسهم وأموالم فحملوا رايته عالية‪ ،‬حت أظهره ال الذي نصر عبده ورسوله ومن سار معه على‬
‫النهج القوي والصراط الستقيم آخذين ما جاء به من الدى والرشاد من عند رب العباد ؛ وكذبه‬
‫رهط ل يرد ال أن يطهر قلوبم فبقوا ف ظلمات غيهم يعمهون وف غيابات الهل يتخبطون‪،‬‬
‫وهؤلء هم الشقياء الذين آذوا رسول رب العالي للناس أجعي‪ ...‬بسطوا إليه ألسنتهم بالسوء‬
‫وأيدهم بشت أنواع السلح‪ ...‬فسوف يعلمون‪..‬‬
‫***‬
‫وقبل الشروع ف الناورات والؤامرات الت كان غرض مَن خططوا لا مع العزم على تنفيذها القضاء‬
‫على الدين الديد ووأده ف شخص النب البعوث بتبليغه‪ ،‬أشي إل تلكم النية السيئة الت سرعان ما‬
‫انقلبت إل حسنة من أعظم السنات بفضل استجابة العلي القريب‪ ،‬القدير الجيب‪ ،‬دعاء البيب‬
‫الصطفى صلى ال عليه وسلم لا نادى ربه قال‪ :‬اللهم أعز السلم بأحب هذين الرجلي إليك بأب‬
‫جهل أو بعمر بن الطاب‪ ،‬قال‪ :‬وكان أحبهما إليه عمر‪ -‬أخرجه الترمذي‪ ...‬ورواه ابن ماجه‬
‫ولفظه‪ :‬اللهم أعز السلم بعمر بن الطاب خاصة –‬
‫وقصة إسلم الفاروق عمر رضي ال عنه ل يلو منها كتاب ف التفسي أو السية أو التاريخ‪ ...‬ففي‬
‫البداية والنهاية لبن كثي رحه ال‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق وكان إسلم عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إل البشة‪-..‬‬
‫‪ -‬حدثن عبد الرحن بن الارث بن عبد ال بن عياش بن أب ربيعة عن عبد العزيز بن عبد ال بن‬
‫عامر بن ربيعة عن أمه أم عبد ال بنت أب حثمة قالت‪ :‬وال إنا لنترحل إل أرض البشة وقد ذهب‬
‫عامر ف بعض حاجتنا إذ أقبل عمر فوقف علي وهو على شركه‪ ،‬فقالت وكنا نلقى منه أذى لنا‬
‫وشدة علينا‪ ...‬قالت‪،‬فقال‪ :‬إنه النطلق يا أم عبد ال؟ قلت‪ :‬نعم‪ ..‬وال لنخرجن ف أرض من‬
‫أرض ال إذ آذيتمونا وقهرتونا حت يعل ال لنا مرجا‪ ..‬قالت‪ ،‬فقال‪ :‬صحبكم ال‪..‬ورأيت له رقة‬
‫ل أكن أراها ث انصرف وقد أحزنه فيما ارى خروجنا‪ ،‬قالت‪ :‬فجاء عامر باجتنا تلك‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا‬

‫‪23‬‬
‫أبا عبد ال‪ ،‬لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا؟ قال‪ :‬أطمعت ف إسلمه؟ قالت‪،‬قلت‪ :‬نعم‪...‬‬
‫قال‪ :‬ل يسلم الذي رأيت حت يسلم حار الطاب‪ ...‬قالت‪ :‬يأسا منه لا كان يرى من غلظته‬
‫وقسوته على السلم‪...‬‬
‫قلت هذا يرد قول من زعم أنه كان تام الربعي من السلمي فان الهاجرين إل البشة كانوا فوق‬
‫الثماني اللهم إل أن يقال إنه كان تام الربعي بعد خروج الهاجرين ويؤيد هذا ما ذكره ابن‬
‫إسحاق ههنا ف قصة إسلم عمر وحده رضي ال عنه وسياقها‪ ،‬فانه قال‪ :‬وكان إسلم عمر فيما‬
‫بلغن أن أخته فاطمة بنت الطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت قد أسلمت‬
‫واسلم زوجها سعيد بن زيد وهم مستخفون بإسلمهم من عمر‪ ،‬وكان نعيم بن عبد ال النحام رجل‬
‫من بن عدي قد أسلم أيضا مستخفيا بإسلمه من قومه‪ ،‬وكان خباب بن الرت يتلف إل فاطمة‬
‫بنت الطاب يقرؤها القرآن فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ورهطا من أصحابه‪...‬فذكروا له أنم قد اجتمعوا ف بيت عند الصفا وهم قريب من أربعي من بي‬
‫رجال ونساء ومع رسول ال صلى ال عليه وسلم عمه حزة وأبو بكر بن أب قحافة الصديق وعلي‬
‫بن أب طالب رضي ال عنهم ف رجال من السلمي من كان أقام مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بكة ول يرج فيمن خرج إل أرض البشة؛ فلقيه نعيم بن عبد ال فقال‪ :‬أين تريد يا عمر؟ قال‪:‬‬
‫أريد ممدا‪ ،‬هذا الصاب الذي فرق أمر قريش وسفه أحلمها وعاب دينها وسب آلتها فاقتله‪...‬‬
‫فقال له نعيم‪ :‬وال لقد غرتك نفسك يا عمر‪ ،‬أترى بن عبد مناف تاركيك تشي على الرض وقد‬
‫قتلت ممدًا؟ أفل ترجع إل أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال‪ :‬وأي أهل بيت؟ قال‪ :‬ختنك وابن عمك‬
‫سعيد بن زيد وأختك فاطمة‪ ،‬فقد وال أسلما وتابعا ممدا صلى ال عليه وسلم على دينه فعليك‬
‫بما‪ ..‬فرجع عمر عائدا إل أخته فاطمة وعندها خباب بن الرت معه صحيفة فيها(طه) يقريها إياها‬
‫فلما سعوا حس عمر تغيب خباب ف مدع لم أو ف بعض البيت‪ ،‬وأخذت فاطمة بنت الطاب‬
‫الصحيفة فجعلتها تت فخذها‪ ..‬وقد سع عمر حي دنا إل الباب قراءة خباب عليها؛ فلما دخل‬
‫قال‪ :‬ما هذه الينمة الت سعت؟ قال له‪:‬ما سعت شيئا‪ ..‬قال‪ :‬بلى‪ ...‬وال لقد أخبت أنكما تابعتما‬
‫ممدًا على دينه‪ ،‬وبطش بتنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الطاب لتكفه عن زوجها‬
‫فضربا فشجها‪ ،‬فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه‪ :‬نعم‪..‬قد أسلمنا وآمنا بال ورسوله فاصنع ما‬
‫بدا لك‪ ...‬فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع وارعوى وقال لخته‪ :‬أعطين هذه‬
‫الصحيفة الت كنتم تقرأون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به ممد‪...‬وكان عمر كاتبا؛ فلما قال ذلك‬
‫قالت له أخته‪ :‬إنا نشاك عليها‪ ..‬قال‪ :‬ل تاف‪ ...‬وحلف لا بآلته ليدنا إذا قرأها إليها‪ ...‬فلما قال‬
‫ذلك طمعت ف إسلمه فقالت‪ :‬يا أخي‪ ،‬إنك نس على شركك وإنه ل يسه إل الطهرون‪ ...‬فقام‬
‫عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها (طه) فقرأها فلما قرأ منها صدرا قال‪ :‬ما أحسن هذا الكلم‬

‫‪24‬‬
‫وأكرمه‪ ..‬فلما سع ذلك خباب بن الرت خرج إليه فقال له‪ :‬وال يا عمر إن لرجو أن يكون ال‬
‫قد خصك بدعوة نبيه صلى ال عليه وسلم فإن سعته أمس وهو يقول‪ :‬اللهم أيد السلم بأب الكم‬
‫بن هشام أو بعمر بن الطاب‪ ...‬فال ال يا عمر‪ ..‬فقال عند ذلك‪ :‬فدلن يا خباب على ممد حت‬
‫آتيه فأُسلم‪..‬فقال له خباب‪ :‬هو ف بيت عند الصفا معه نفر من أصحابه‪...‬فاخذ عمر سيفه فتوشحه‬
‫ث عمد إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سعوا صوته قام رجل‬
‫من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فنظر من خلل الباب فإذا هو بعمر متوشح بالسيف‬
‫فرجع إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو فزع فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬هذا عمر بن الطاب‬
‫متوشحا بالسيف‪...‬فقال حزة‪ :‬فاذن له فان كان جاء يريد خيا بذلناه وإن كان يريد شرا قتلناه‬
‫بسيفه‪ ...‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إئذن له ‪.‬فأذن له الرجل ونض إليه رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم حت لقيه ف الجرة فاخذ بجزته أو بجمع ردائه ث جذبه جذبة شديدة فقال‪ :‬ما‬
‫جاء بك يا ابن الطاب؟ فو ال ما أرى أن تنتهي حت ينل ال بك قارعة‪ ...‬فقال عمر‪ :‬يا رسول‬
‫ال جئتك لومن بال ورسوله وبا جاء من عند ال‪ ...‬قال فكب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تكبية فعرف أهل البيت أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم من‬
‫مكانم وقد عزوا ف أنفسهم حي أسلم عمر مع إسلم حزة وعلموا أنما سيمنعان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وينتصفون بما من عدوهم‪..‬‬
‫قال ابن إسحاق فهذا حديث الرواة من أهل الدينة عن إسلم عمر حي أسلم رضي ال عنه‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬حدثن عبد ال بن أب نيح الكي عن أصحابه عطاء وماهد وعمن روى ذلك أن إسلم عمر‬
‫فيما تدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للسلم مباعدًا وكنت صاحب خر ف الاهلية أحبها‬
‫وأشربا وكان لنا ملس يتمع فيه رجال من قريش بالزورة فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك فلم‬
‫أجد فيه منهم أحدا فقلت لو أن جئت فلنا المار لعلي أجد عنده خرا فاشرب منها فخرجت‬
‫فجئته فلم أجده قال فقلت لو أن جئت الكعبة فطفت سبعا أو سبعي قال فجئت السجد فإذا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قائم يصلي‪ ..‬وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبي الشام‪..‬‬
‫وكان مصله بي الركني السود واليمان‪ ..‬قال فقلت حي رأيته وال لو أن استمعت لحمد الليلة‬
‫حت اسع ما يقول فقلت لئن دنوت منه لستمع منه لروعنّه فجئت من قبل الجر فدخلت تت‬
‫ثيابا فجعلت أمشي رويدا ورسول ال صلى ال عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حت قمت ف‬
‫قبلته مستقبله ما بين وبينه إل ثياب الكعبة قال فلما سعت القرآن رق له قلب وبكيت ودخلن‬
‫السلم فلم أزل ف مكان قائما حت قضى رسول ال صلى ال عليه وسلم صلته ث انصرف وكان‬
‫إذا انصرف خرج على دار ابن أب حسي وكان مسكنه ف الدار الرقطاء الت كانت بيد معاوية‪...‬‬
‫قال عمر فتبعته حت إذا دخل بي دار عباس ودار ابن أزهر أدركته فلما سع حسي عرفن فظن أن‬

‫‪25‬‬
‫إنا اتبعته لوذيه فنهمن ث قال‪ :‬ما جاء بك يا ابن الطاب هذه الساعة؟ قال قلت جئت لومن بال‬
‫وبرسوله وبا جاء من عند ال‪ ...‬قال فحمد ال رسول ال صلى ال عليه وسلم ث قال‪ :‬قد هداك ال‬
‫يا عمر‪ ،‬ث مسح صدري ودعا ل بالثبات ث انصرفت ودخل رسول ال صلى ال عليه وسلم بيته‪..‬‬
‫قال ابن إسحاق فال أعلم أي ذلك كان‪...‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثن نافع مول ابن عمر عن ابن عمر قال‪ :‬لا أسلم عمر قال‪ :‬أي قريش انقل‬
‫للحديث؟ فقيل له جيل بن معمر المحي‪ ..‬فغدا عليه؛ قال عبد ال وغدوت أتبع أثره وأنظر ما‬
‫يفعل وأنا غلم أعقل كلما رأيت حت جاءه فقال له‪ :‬أعلمت يا جيل إن أسلمت ودخلت ف دين‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم؟ قال‪ :‬فو ال ما راجعه حت قام ير رداءه‪ ،‬واتبعه عمر واتبعته أنا حت قام‬
‫على باب السجد صرخ بأعلى صوته‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬وهم ف أنديتهم حول الكعبة‪ ،‬أل إن ابن‬
‫الطاب قد صبا‪...‬قال يقول عمر من خلفه‪ :‬كذب ولكن قد أسلمت وشهدت أن ل إله إل ال وان‬
‫ممدا رسول ال‪ ....‬وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حت قامت الشمس على رؤسهم‪ ..‬قال‬
‫وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول‪ :‬افعلوا ما بدا لكم‪ ،‬فاحلف بال أن لو قد كنا ثلثائة رجل‬
‫لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا‪ ...‬قال فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبة‬
‫وقميص موشى حت وقف عليهم فقال‪ :‬ما شأنكم؟ فقالوا‪ :‬صبأ عمر‪ ..‬قال‪ :‬فمه؟ رجل اختار لنفسه‬
‫أمرا‪ ،‬فماذا تريدون؟ أترون بن عدي يسلمون لكم صاحبهم هكذا ‪.‬؟ خلوا عن الرجل‪ ...‬قال فو ال‬
‫لكأنا كانوا ثوبًا كشط عنه‪ ..‬قال فقلت لب بعد أن هاجر إل الدينة‪ :‬يا أبتِ‪ ،‬من الرجل الذي‬
‫زجر القوم عنك بكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك؟ قال‪ :‬ذاك أي بن العاص بن وائل السهمي‪...‬وهذا‬
‫إسناد جيد قوي وهو يدل على تأخر إسلم عمر لن ابن عمر عرض يوم أحد وهو ابن أربع عشرة‬
‫سنة وكانت أحد ف سنة ثلث من الجرة وقد كان ميزًا يوم أسلم أبوه فيكون إسلمه قبل الجرة‬
‫بنحو من أربع سني وذلك بعد البعثة بنحو تسع سني وال أعلم‪...‬‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء(‪)2‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‬
‫"عن ابن عمر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬اللهم أعز السلم بأحب الرجلي إليك إما‬
‫عمر بن الطاب‪ ،‬أو أب جهل بن هشام‪ ،‬فكان أحبهما إل ال‪ :‬عمر رضي ال عنه"‪.‬‬
‫وروي "عن ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬أنه قال لعمر رضي ال عنه‪ :‬ل سيت الفاروق؟ فقال‪ :‬أسلم‬
‫حزة قبلي بثلثة أيام‪ ،‬ث شرح ال صدري للسلم‪ ،‬وأول شئ سعته من القرآن ووقر ف صدري‪" :‬‬
‫ال ل إله إل هو له الساء السن "‪ ،‬فما ف الرض نسمة أحب إل من نسمة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فسألت عنه؟ فقيل ل‪ :‬هو ف دار الرقم‪ ،‬فأتيت الدار ‪-‬وحزة ف أصحابه جلوسا ف‬
‫الدار‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ف البيت ‪ -‬فضربت الباب‪ ،‬فاستجمع القوم‪ ،‬فقال لم حزة‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫ما لكم؟ فقالوا‪ :‬عمر‪ .‬فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخذ بجامع ثياب‪ ،‬ث نترن نترة ل‬
‫أتالك أن وقعت على ركبت‪ ،‬فقال‪ :‬ما أنت بنته يا عمر؟! فقلت‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأنك‬
‫رسول ال‪ .‬فكب أهل الدار تكبية سعها أهل السجد‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال! ألسنا على الق‪ ،‬إن متنا‬
‫أو حيينا؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬فقلت‪ :‬ففيم الختفاء؟ والذي بعثك بالق لنخرجن‪ ،‬فخرجنا ف صفي‪ :‬حزة ف‬
‫صف‪ ،‬وأنا ف صف ‪-‬له كديد ككديد الطحن‪ -‬حت دخلنا السجد‪ ،‬فلما نظرت إلينا قريش‬
‫أصابتهم كآبة ل يصبهم مثلها قط‪ .‬فسمان رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬الفاروق"‪.‬‬
‫وقال صهيب‪ :‬لا أسلم عمر رضي ال عنه جلسنا حول البيت حلقا‪ ،‬فطفنا واستنصفنا من غلظ‬
‫علينا‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ ...‬وأسلم عمر بن الطاب وكان رجل ذا شكيمة ل يرام ما وراء ظهره امتنع به‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وبمزة حت غاظوا قريشًا فكان عبد ال بن مسعود يقول‪:‬‬
‫ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حت أسلم عمر فلما اسلم عمر قاتل قريشا حت صلى عند‬
‫الكعبة وصلينا معه‪ ...‬قلت وثبت ف صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬ما زلنا أعزة منذ اسلم‬
‫عمر بن الطاب‪ ...‬وقال زياد البكائي حدثن مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم قال‪ ،‬قال ابن‬
‫مسعود‪ :‬إن إسلم عمر كان فتحا وإن هجرته كانت نصرا وإن إمارته كانت رحة ولقد كنا وما‬
‫نصلي عند الكعبة حت أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتل قريشًا حت صلى عند الكعبة وصلينا معه‪..‬‬
‫*** وهكذا أراد ال عز وجل‪...‬ول يكون إل ما شاء ال أن يكون‪ ...‬رجل يرج من بيته مشركا‪،‬‬
‫متوشحا سيفه‪ ،‬ونيته قتل النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيلقاه عبد مؤمن فيده بكلمة تعله بإذن ال يغي‬
‫وجهته فيذهب إل بيت أخته‪ ...‬حيث يقرأ بعد اغتسال يصل به تطهي الظاهر‪? :‬طه * مَا َأْنزَلْنَا‬
‫ض وَالسّمَاوَاتِ اْلعُلَا * الرّ ْحمَنُ‬ ‫شقَى* ِإلّا تَذْ ِك َرةً لِمَ ْن يَخْشَى* تَْنزِيلًا مِمّنْ خََلقَ الَْأ ْر َ‬ ‫عََلْيكَ اْل ُقرْآَنَ لَِت ْ‬
‫ج َهرْ‬
‫حتَ الّثرَى * وَإِنْ تَ ْ‬ ‫ض َومَا بَْيَنهُمَا َومَا تَ ْ‬‫عَلَى اْل َعرْشِ اسَْتوَى *َل ُه مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي الَْأ ْر ِ‬
‫حسْنَى *? (طه ‪ ...)8-1‬آيات بينات‬ ‫س ّر وَأَ ْخفَى*الّلهُ لَا إَِلهَ إِلّا ُهوَ َلهُ الَْأسْمَاءُ الْ ُ‬
‫بِاْل َقوْلِ فَإِّنهُ َيعْلَ ُم ال ّ‬
‫من الذكر الكيم تنفذ إل أعماقه فتخلي قلبه من العراض والكراهية وتليه بالقبال والحبة ليحصل‬
‫تطهي الباطن؛ فيذهب إل نب ال ليسلم وجهه ل ويتبع رسول ال‪...‬‬
‫وأعز ال تعال السلم بعمر‪ ...‬فيا ليت قومي يسمعون قولة الفاروق رضي ال عنه (إنا كنا أذل قوم‬
‫فأعزنا ال بالسلم فمهما نطلب العز بغي ما أعزنا ال به أذلنا ال) رواه الاكم وقال صحيح على‬
‫شرطهما ؛ وف رواية (إنا قوم أعزنا ال بالسلم فلن نبتغي العز بغيه)‪..‬‬
‫لكن‪ ...‬كان هنالك من ل يرد ال بم خيا لعلمه وهو العليم البي أن قلوبم الظلمة ل تنطوي على‬
‫أدن ذرة منه‪ ،‬فبذلوا كل ما كان ف وسعهم لغتيال رسول ال صلى ال عليه وسلم وإطفاء النور‬
‫الذي أرسل به؛ (‪َ ..‬ويَأْبَى الّلهُ إِلّ أَن ُيتِمّ نُو َر ُه وََلوْ َك ِرهَ الْكَاِفرُونَ) (التوبة‪..)32 :‬‬

‫‪27‬‬
‫*******‬
‫والن مع جلة من الناورات الت – والمد ل الذي أحبطها – باءت كلها بالفشل‪ ...‬أقول‪ ،‬وما‬
‫توفيقي إل بال‪ ،‬عليه توكلت وإليه أنيب‪:‬‬
‫الناورة الول‬
‫خ ِرجُوكَ َويَمْ ُكرُونَ َويَمْ ُكرُ الّلهُ‬
‫قال ال تعال‪? :‬وَِإذْ يَ ْم ُكرُ ِبكَ الّذِينَ َك َفرُوْا لِيُْثبِتُوكَ َأوْ َي ْقتُلُوكَ َأوْ يُ ْ‬
‫وَالّلهُ خَْيرُ اْلمَا ِكرِينَ? (النفال‪.)30 :‬‬
‫قال ابن كثي رحه ال ف التفسي‬
‫‪ -‬قال ابن عباس وماهد وقتادة {ليثبتوك} ليقيدوك‪ ,‬وقال عطاء وابن زيد‪ :‬ليحبسوك‪ ,‬وقال‬
‫السدي‪ :‬الثبات هو البس والوثاق‪ ,‬وهذا يشمل ما قاله هؤلء وهؤلء وهو ممع القوال‪ ,‬وهو‬
‫الغالب من صنيع من أراد غيه بسوء‪ ,‬وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج‪ :‬قال عطاء‪ :‬سعت عبيد‬
‫بن عمي يقول‪ :‬لا ائتمروا بالنب صلى ال عليه وسلم ليثبتوه أو يقتلوه أو يرجوه‪ .‬قال له عمه أبو‬
‫طالب‪ :‬هل تدري ما ائتمروا بك؟ قال «يريدون أن يسحرون أو يقتلون أو يرجون»‪ .‬فقال‪ :‬من‬
‫أخبك بذا ؟ قال «رب» قال‪ :‬نعم الرب ربك استوص به خيا‪ .‬قال «أنا استوصي به‪ ,‬بل هو‬
‫يستوصي ب»‪.‬‬
‫‪ -‬وقال أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثن ممد بن إساعيل الصري العروف بالوساوسي‪ ,‬أخبنا عبد‬
‫الميد بن أب داود عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمي عن الطلب بن أب وداعة أن أبا طالب‬
‫قال لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما يأتر بك قومك ؟ قال «يريدون أن يسحرون أو يقتلون أو‬
‫يرجون»‪ .‬فقال‪ :‬من أخبك بذا؟ قال «رب»‪ .‬قال‪ :‬نعم الرب ربك فاستوص به خيا‪ .‬قال «أنا‬
‫استوصي به‪ ,‬بل هو يستوصي ب»‪ .‬قال‪ :‬فنلت {وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو‬
‫يرجوك} الَية‪ .‬وذكر أب طالب ف هذا غريب جدا‪ ,‬بل منكر‪ ,‬لن هذه الَية مدنية‪ ,‬ث إن هذه‬
‫القصة واجتماع قريش على هذا الئتمار والشاورة على الثبات أو النفي أو القتل إنا كان ليلة‬
‫الجرة سواء‪ ,‬وكان ذلك بعد موت أب طالب بنحو من ثلث سني لا تكنوا منه واجترؤوا عليه‬
‫بسبب موت عمه أب طالب الذي كان يوطه وينصره ويقوم بأعبائه‪ ,‬والدليل على صحة ما قلنا ما‬
‫روى المام ممد بن إسحاق بن يسار صاحب الغازي عن عبد ال بن أب نيح عن ماهد عن ابن‬
‫عباس قال‪ :‬وحدثن الكلب عن باذان مول أم هانئ عن ابن عباس أن نفرا من قريش من أشراف كل‬
‫قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة فاعترضهم إبليس ف صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا له من أنت ؟‬
‫قال شيخ من أهل ند‪ ,‬سعت أنكم اجتمعتم فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم رأيي ونصحي‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬أجل‪ ,‬ادخل‪ ,‬فدخل معهم‪ ,‬فقال‪ :‬انظروا ف شأن هذا الرجل‪ ,‬وال ليوشكن أن يواثبكم ف‬
‫أمركم بأمره‪ .‬فقال قائل منهم‪ :‬احبسوه ف وثاق ث تربصوا به ريب النون حت يهلك كما هلك من‬

‫‪28‬‬
‫كان قبله من الشعراء زهي والنابغة إنا هو كأحدهم‪ .‬قال‪ :‬فصرخ عدو ال الشيخ النجدي فقال‪:‬‬
‫وال ما هذا لكم برأي وال ليخرجنه ربه من مبسه إل أصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حت يأخذوه‬
‫من أيديكم فيمنعوه منكم‪ ,‬فما آمن عليكم أن يرجوكم من بلدكم‪ ,‬قالوا‪ :‬صدق الشيخ فانظروا ف‬
‫غي هذا‪ .‬قال قائل منهم‪ :‬أخرجوه من بي أظهركم فتستريوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع‬
‫وأين وقع إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم وكان أمره ف غيكم‪ .‬فقال الشيخ النجدي‪ :‬وال ما هذا‬
‫لكم برأي أل تروا حلوة قوله وطلقة لسانه‪.‬وأخذ القلوب ما تسمع من حديثه؟ وال لئن فعلتم ث‬
‫استعرض العرب ليجتمعن عليه ث ليأتي إليكم حت يرجكم من بلدكم ويقتل أشرافكم‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫صدق وال‪ ,‬فانظروا رأيا غي هذا‪ .‬قال‪ :‬فقال أبو جهل لعنه ال‪ ,‬وال لشين عليكم برأي ما أركم‬
‫أبصرتوه بعد‪ ,‬ل أرى غيه‪ .‬قالوا‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬تأخذون من كل قبيلة غلما شابا وسيطا ندا‪ ,‬ث‬
‫يعطى كل غلم منهم سيفا صارما‪ ,‬ث يضربونه ضربة رجل واحد‪ ,‬فإذا قتلوه تفرق دمه ف القبائل‬
‫كلها‪ ,‬فما أظن هذا الي من بن هاشم يقوون على حرب قريش كلها‪ .‬فإنم إذا رأوا ذلك‪ ,‬قبلوا‬
‫العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه‪ .‬قال‪ :‬فقال الشيخ النجدي‪ :‬هذا وال الرأي‪ ,‬القول ما قال الفت‪ ,‬ل‬
‫أرى غيه‪ .‬قال‪ :‬فتفرقوا على ذلك وهم ممعون له‪ .‬فأتى جبيل النب صلى ال عليه وسلم فأمره أن‬
‫ل يبيت ف مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبه بكر القوم فلم يبت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف بيته تلك الليلة وأذن ال له عند ذلك بالروج وأنزل ال عليه بعد قدومه الدينة النفال يذكر نعمه‬
‫عليه وبلءه عنده {وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يرجوك ويكرون ويكر ال وال‬
‫خي الاكرين} وأنزل ف قولم تربصوا به ريب النون حت يهلك كما هلك من كان قبله من‬
‫الشعراء‪{ ,‬أم يقولون شاعر نتربص به ريب النون} فكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحة للذي‬
‫اجتمعوا عليه من الرأي‪ ,‬وعن السدي نو هذا السياق وأنزل ال ف إرادتم إخراجه قوله تعال‪:‬‬
‫{وإن كادوا ليستفزونك من الرض ليخرجوك منها وإذا ل يلبثون خلفك إل قليلً} وكذا روى‬
‫العوف عن ابن عباس‪ ,‬وروي عن ماهد وعروة بن الزبي وموسى بن عقبة وقتادة ومقسم وغي واحد‬
‫نو ذلك‪ ,‬وقال يونس بن بكي عن ابن إسحاق فأقام رسول ال صلى ال عليه وسلم ينتظر أمر ال‬
‫حت إذا اجتمعت قريش فمكرت به وأرادوا به ما أرادوا أتاه جبيل عليه السلم فأمره أن ل يبيت ف‬
‫مكانه الذي كان يبيت فيه فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم عليا بن أب طالب فأمره أن يبيت‬
‫على فراشه ويتسجى ببد له أخضر ففعل ث خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم على القوم وهم‬
‫على بابه‪ ,‬وخرج معه بفنة من تراب فجعل يذرها على رؤوسهم وأخذ ال بأبصارهم عن نبيه ممد‬
‫ط مّسَْتقِيمٍ‬
‫صرَا ٍ‬ ‫حكِيمِ * إِّنكَ لَمِ َن الْ ُمرْ َسِليَ * عَلَى ِ‬ ‫صلى ال عليه وسلم وهو يقرأ {يس* وَاْلقُرْآنِ الْ َ‬
‫* تَنِيلَ اْل َعزِيزِ الرّحِيمِ * لِتُن ِذرَ َقوْما مّا أُن ِذرَ آبَا ُؤهُمْ َفهُ ْم غَاِفلُو َن * َلقَدْ حَقّ اْل َقوْ ُل عَلَى أَكَْث ِرهِمْ َفهُمْ لَا‬
‫ُي ْؤمِنُونَ * إِنّا َج َعلْنَا فِي َأعْنَاِقهِمْ َأغْلَلً َفهِيَ إِلَى ا َلذْقَا ِن َفهُم‬

‫‪29‬‬
‫ّمقْمَحُونَ * وَ َجعَ ْلنَا مِن بَيْنِ َأيْدِيهِ ْم سَدّا َومِنْ َخ ْل ِفهِمْ سَدّا فََأ ْغشَيْنَاهُمْ َفهُمْ لَ ُيْبصِرُونَ *}‪,‬‬
‫‪-‬وقال الافظ أبو بكر البيهقي‪ :‬روي عن عكرمة ما يؤكد هذا‪ ,‬وقد روى ابن حبان ف صحيحه‬
‫والاكم ف مستدركه من حديث عبد ال بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبي عن ابن عباس‪,‬‬
‫قال‪ :‬دخلت فاطمة على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي تبكي فقال‪« :‬ما يبكيك يا بنية؟»‬
‫قالت يا أبت ومال ل أبكي وهؤلء الل من قريش ف الجر يتعاهدون باللت والعزى‪ ,‬ومناة الثالثة‬
‫الخرى لو قد رأوك لقاموا إليك فيقتلونك وليس منهم إل من قد عرف نصيبه من دمك‪ ,‬فقال‪« :‬يا‬
‫بنية ائتن بوضوء» فتوضأ رسول صلى ال عليه وسلم ث خرج إل السجد فلما رأوه قالوا‪ :‬ها هو ذا‬
‫فطأطأوا رؤوسهم وسقطت رقابم بي أيديهم فلم يرفعوا أبصارهم فتناول رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قبضة من تراب فحصبهم با وقال‪« :‬شاهت الوجوه» فما أصاب رجلً منهم حصاة من‬
‫حصياته إل قتل يوم بدر كافرا‪ ,‬ث قال الاكم‪ :‬صحيح على شرط مسلم ول يرجاه‪ ,‬ول أعرف له‬
‫علة‪.‬‬
‫‪-‬وقال المام أحد‪ :‬حدثنا عبد الرزاق‪ ,‬أخبنا معمر أخبن عثمان الزري‪ ,‬عن مقسم مول ابن‬
‫عباس أخبه ابن عباس ف قوله‪{ :‬وإذ يكر بك} الَية قال‪ :‬تشاورت قريش ليلة بكة فقال بعضهم‪:‬‬
‫إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النب صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وقال بعضهم بل اقتلوه‪ ,‬وقال بعضهم‪:‬‬
‫بل أخرجوه فأطلع ال نبيه صلى ال عليه وسلم على ذلك فبات علي رضي ال عنه على فراش رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وخرج النب صلى ال عليه وسلم حت لق بالغار وبات الشركون يرسون‬
‫عليا يسبونه النب صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد ال تعال مكرهم‬
‫فقالوا‪ :‬أين صاحبك هذا؟ قال ل أدري‪ ,‬فاقتصوا أثره فلما بلغوا البل اختلط عليهم فصعدوا ف‬
‫البل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل ههنا ل يكن نسج العنكبوت على‬
‫بابه فمكث فيه ثلث ليال‪ ,‬وقال ممد بن إسحاق عن ممد بن جعفر بن الزبي عن عروة بن الزبي‬
‫ف قوله {ويكرون ويكر ال وال خي الاكرين} أي فمكرت بم بكيدي التي حت خلصتك منهم‪.‬‬
‫اهـ‬
‫** كانت هذه أول مناورة ظالة باء أعداء الق عبدة الطواغيت الذين خططوا لا وقاموا بتنفيذها‬
‫بفشل ذريع سجله التاريخ بداد الذل على ورق الزي ليبقى عبة لن أراد أن يعتب‪...‬وخرج رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم من مكة الكرمة‪ ،‬واته صوب الدينة النورة‪ ،‬يصحبه ف هجرته الباركة أبو‬
‫بكر الصديق رضي ال عنه‪...‬‬
‫وازداد غيظ الشركي ومل قلوبم الظلمة القد والرغبة ف قتل المي صلى ال عليه وسلم واللص‬
‫من دعوته فأرسلوا ف طلبه من يأتيهم به حيًا أو ميتًا‪ ،‬وجعوا لذلك مال كثيًا‪ ،‬عشرات من النوق‬
‫الثمبنة‪ ،‬وكان من أغروا بذا الثراء من شبانم القوياء سراقة بن مالك الدلي‪ ...‬وكانت‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الناورة الثانية‪...‬‬
‫قال المام البيهقي ف دلئل النبوة‪:‬‬
‫باب اتباع سراقة بن مالك بن جعشم أثر رسول ال وما ظهر ف ذلك من دلئل النبوة‪..‬‬

‫‪ -‬أخبنا أبو السي ممد بن السي القطان ببغداد وقال أخبنا عبد ال بن جعفر بن درستويه قال‬
‫حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عبيد ال بن موسى وعبد ال بن رجاء أبو عمر الغدان عن‬
‫إسرائيل عن أب إسحاق عن الباء قال اشترى أبو بكر من عازب رحل بثلثة عشر درها فقال أبو‬
‫بكر رضي ال عنه لعازب‪ :‬مر الباء فليحمله إل رحلي‪ ...‬فقال له عازب‪ :‬ل حت تدثنا كيف‬
‫صنعت أنت ورسول ال حي خرجتما والشركون يطلبونكما‪ ..‬قال أدلنا من مكة ليل فأحيينا ليلتنا‬
‫ويومنا حت أظهرنا وقام قائم الظهية فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه فإذا صخرة فانتهيت‬
‫إليها فإذا بقية ظل لا فسويته ث فرشت لرسول ال فروة ث قلت اضطجع يا رسول ال فاضطجع ث‬
‫ذهبت أنفض ما حول هل أرى من الطلب أحدا فإذا براعي غنم يسوق غنمه إل الصخرة يريد منها‬
‫الذي نريد يعن الظل فسألته فقلت‪ :‬لن أنت يا غلم؟ فقال‪ :‬لرجل من قريش‪ ..‬فسماه فعرفته؛‬
‫فقلت‪ :‬هل ف غنمك من لب؟ قال‪ :‬نعم‪ ..‬قلت‪ :‬هل أنت حالب ل؟ قال‪ :‬نعم‪ ..‬فأمرته فاعتقل شاة‬
‫من غنمه وأمرته أن ينفض ضرعها من التراب ث أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا فضرب إحدى‬
‫كفيه على الخرى فحلب ل كثبة من لب‪ ،‬وقد رويت معي لرسول ال إداوة على فمها خرقة‬
‫فصببت على اللب حت برد أسفله فأتيت رسول ال فوافقته وقد استيقظ فقلت‪ :‬أتشرب يا رسول‬
‫ال؟ فشرب رسول ال حت رضيت؛ ث قلت‪:‬قد آن الرحيل يا رسول ال‪ ...‬قال فارتلنا والقوم‬
‫يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم غي سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد‬
‫لقنا يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬ل تزن إن ال معنا‪ ..‬فلما أن دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمي أو ثلثة‬
‫قلت هذا الطلب قد لقنا يا رسول ال وبكيت فقال‪ :‬ما يبكيك ؟ فقلت أما وال ما على نفسي‬
‫أبكي ولكن إنا أبكي عليك‪ ..‬قال فدعا عليه رسول ال فقال اللهم اكفنا با شئت قال فساخت به‬
‫فرسه ف الرض إل بطنها فوثب عنها ث قال يا ممد قد علمت أن هذا عملك فادع ال أن تنجين‬
‫ما أنا فيه فو ال لعمي على من ورائي من الطلب وهذه كنانت فخذ منها سهما فإنك ستمر بإبلي‬
‫وغنمي بكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول ال ل حاجة لنا ف إبلك وغنمك ودعا له‬
‫رسول ال فانطلق راجعا إل أصحابه ومضى رسول ال وأنا معه حت قدمنا الدينة ليل‪..‬‬
‫رواه البخاري ف الصحيح عن عبد ال بن رجاء وأخرجه مسلم من وجه آخر عن إسرائيل‪.‬‬
‫‪-‬وأخبنا أبو عبد ال الافظ قال أخبن أبو الوليد الفقيه قال حدثنا عبد ال بن ممد قال حدثنا‬
‫سلمة بن شبيب قال حدثنا السن ابن ممد بن أعي قال حدثنا زهي قال حدثنا أبو إسحاق قال‬

‫‪31‬‬
‫سعت الباء يقول‪ :‬جاء أبو بكر إل أب ف منله فاشترى منه رحل وذكر الديث بعن حديث‬
‫إسرائيل إل أن قال فارتلنا بعدما زالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك‪ ..‬قال ونن ف جلد من‬
‫الرض فقلت‪ :‬يا رسول ال أتينا‪ ..‬فقال‪ :‬ل تزن إن ال معنا‪ .‬فدعا عليه رسول ال فارتطمت فرسه‬
‫إل بطنها‪ ...‬فقال‪ :‬إن قد علمت أنكما قد دعوتا علي فادعوا ل فال لكما أن أرد عنكما الطلب‪..‬‬
‫فدعا ال فنجا فرجع ل يلقى أحدا إل قال‪ :‬قد كفيتم ما ههنا‪ ،‬ول يلقى أحدا إل رده‪ ،‬ووف لنا‪..‬‬
‫رواه مسلم ف الصحيح عن سلمة بن شبيب وأخرجه البخاري من وجه آخر عن زهي بن معاوية‪.‬‬
‫‪-‬أخبنا علي بن أحد بن عبدان قال أخبنا أحد بن عبيد الصفار قال حدثنا ابن ملحان قال حدثنا‬
‫يي بن بكي قال حدثن الليث عن عقيل – ح ‪ -‬وأخبنا أبو عبد ال الافظ قال أخبن أبو السن‬
‫ممد بن عبد ال قال حدثنا ممد بن إسحاق قال حدثنا ممد بن يي قال حدثنا أبو صال قال‬
‫حدثن الليث قال حدثن عقيل قال قال ابن شهاب وأخبن عبد الرحن بن مالك الدلي وهو ابن‬
‫أخي سراقة بن جعشم أن أباه أخبه أنه سع سراقة بن جعشم وف رواية ابن عبدان أن سراقة بن‬
‫مالك بن جعشم يقول‪ :‬جاءنا رسل كفار قريش يعلون ف رسول ال وف أب بكر دية كل واحد‬
‫منهما ف قتله أو أسره فبينا أنا جالس ف ملس قومي بن مدل أقبل رجل منهم حت قام علينا ونن‬
‫جلوس فقال يا سراقة إن قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها ممدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنم‬
‫هم قال ابن عبدان وذكر الديث‪ ..‬قال أبو عبد ال ف روايته قال‪ :‬فقلت له إنم ليسوا بم‪ ،‬ولكنك‬
‫رأيت فلنا وفلنا انطلقوا بأعيننا‪ ..‬قال‪ :‬ث قلّ ما لبث ف الجلس حت قمت فدخلت بيت فأمرت‬
‫جاريت أن ترج بفرسي فتهبطها من وراء أكمة فتحبسها علي فأخذت رمي وخرجت من ظهر‬
‫البيت فخططت بزجه الرض وخفضت عالية الرمح حت أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب حت إذا‬
‫دنوت منهم عثرت ب فرسي فقمت فأهويت بيدي إل كنانت فاستخرجت منها الزلم فاستقمت با‬
‫أأضرهم أو ل أضرهم فخرج الذي أكره ل أضرهم فركبت فرسي وعصيت الزلم فرفعتها تقرب ب‬
‫حت إذا سعت قراءة رسول ال وهو ل يلتفت وأبو بكر يكثر التلفت ساخت يدا فرسي ف الرض‬
‫حت بلغت الركبتي فخررت عنها ث زجرتا فنهضت فلم تكد ترج يديها فلما استوت قائمة إذا‬
‫لثر يديها عثمان ساطع ف السماء مثل الدخان فاستقسمت بالزلم فخرج الذي أكره أن ل أضرهم‬
‫فناديتهما بالمان فوقفا ل وركبت فرسي حت جئتهما ووقع ف نفسي حي لقيت ما لقيت من‬
‫البس عنهما أنه سيظهر رسول ال فقلت له إن من قومك قد جعلوا فيكما الدية فأخبتما أخبار ما‬
‫يريد الناس بم وعرضت عليهما الزاد والتاع فلم يرزآن شيئا ول يسلن إل أن قال أخف عنا فسألته‬
‫أن يكتب ل كتاب موادعة آمن به فأمر عامر بن فهية فكتب ل رقعة من أدم ث مضى رسول ال‪..‬‬
‫رواه البخاري ف الصحيح عن يي بن بكي عن الليث‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬وأخبنا أبو السي بن الفضل القطان ببغداد قال أخبنا أبو بكر ممد ابن عبد ال بن عتاب‬
‫العبدي قال حدثنا القاسم بن عبد ال بن الغية قال أخبنا إساعيل بن أب أويس قال حدثن إساعيل‬
‫بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قال حدثنا ابن شهاب قال حدثن عبد الرحن ابن مالك‬
‫بن جعشم الدلي أن أباه مالكا أخبه أن أخاه سراقة بن جعشم أخبه أنه لا خرج رسول ال من‬
‫مكة مهاجرًا إل الدينة جعلت قريش لن رده عليهم مائة ناقة قال فبينما أنا جالس ف نادي قومي إذ‬
‫جاء رجل منا فقال وال لقد رأيت ركبا ثلثة مروا علي آنفا إن لظنه ممدا قال فأومأت إليه بعين‬
‫أن اسكت وقلت إنا هم بنو فلن يبتغون ضالة لم قال لعله ث سكت قال فمكثت قليل ث قمت‬
‫فدخلت بيت وأمرت بفرسي فقيد إل بطن الوادي وأخرجت سلحي من وراء حجرات ث أخذت‬
‫قداحي استقسم با ث لبست لمت ث أخرجت قداحي فاستقسمت با فخرج السهم الذي أكره ل‬
‫تضره وكنت أرجو أن أرده فآخذ الائة ناقة قال فركبت على أثره فبينا فرسي يسي ب عثر فسقطت‬
‫عنه قال فأخرجت قداحي فاستقسمت با فخرج السهم الذي أكره ل تضره فأبيت إل أن أتبعه‬
‫فركبت فلما بدا ل القوم فنظرت إليهم عثر ب فرسي فذهبت يداه ف الرض فسقطت عنه فاستخرج‬
‫يديه واتبعهما دخان مثل الغبار فعلمت أنه قد منع من وأنه ظاهر فناديتهم فقلت انظرون فو ال ل‬
‫آذيتكم ول يأتيكم من شيء تكرهونه فقال رسول ال قل له ماذا تبتغي قال قلت اكتب ل كتابًا‬
‫يكون بين وبينك آية قال اكتب له يا أبا بكر قال فكتب ل ث ألقاه إل فرجعت فسكت فلم أذكر‬
‫شيئًا ما كان حت إذا فتح ال عز وجل مكة وفرغ رسول ال من أهل خيب خرجت إل رسول ال‬
‫للقاه ومعي الكتاب الذي كتب ل فبينما أنا عامد له دخلت بي ظهري كتيبة من كتائب النصار‬
‫قال فطفقوا يقرعونن بالرماح ويقولون إليك إليك حت دنوت من رسول ال وهو على ناقته أنظر إل‬
‫ساقه ف غرزه كأنا جارة فرفعت يدي بالكتاب فقلت يا رسول ال هذا كتابك فقال رسول ال يوم‬
‫وفاء وبر أدنه قال فأسلمت ث ذكرت شيئا اسل عنه رسول ال‬
‫قال ابن شهاب إنا سأله عن الضالة وشيء فعله ف وجهه الذي كان فيه فما ذكرت شيئا إل أن قد‬
‫قلت يا رسول ال الضالة تغشى حياضي قد ملتا لبلي هل ل من أجر إن سقيتها فقال رسول ال‬
‫نعم ف كل كبد حرى قال وانصرفت فسقت إل رسول ال صدقت‪.‬‬
‫‪ -‬أخبنا أبو عبد ال الافظ قال حدثنا أبو العباس ممد بن يعقوب قال حدثنا أحد بن عبد البار‬
‫قال حدثنا يونس بن بكي قال قال ابن إسحاق قال أبو جهل ف أمر سراقة أبياتا فقال سراقة ييب أبا‬
‫جهل‪:‬‬
‫أبا حكم واللت لو كنت شاهدا لمر جوادي إذ تسيخ قوائمه‬
‫عجبت ول تشكك بأن ممدا نب وبرهان فمن ذا يقاومه‬
‫عليك بكف الناس عنه فإنن أرى أمره يوما ستبدو معاله‬

‫‪33‬‬
‫بأمر يود النصر فيه بإلبها لو أن جيع الناس طرا تساله‬
‫أخبنا أبو السن علي بن أحد بن عبدان قال أخبنا أحد بن عبيد قال حدثنا ابن أب قماش قال‬
‫حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ببغداد عن أب معشر عن أب وهب مول أب هريرة عن أب هريرة‬
‫قال قال رسول ال لب بكر ف مدخله الدينة أله الناس عن فإنه ل ينبغي لنب أن يكذب قال فكان‬
‫أبو بكر إذا سئل ما أنت قال باع فإذا قيل من الذي معك قال هاد يهدين‪...‬اهـ‪.‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫وقد روى ممد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الرحن بن مالك بن جعشم عن أبيه عن عمه سراقة‬
‫فذكر هذه القصة إل أنه ذكر أنه استقسم بالزلم أول ما خرج من منله فخرج السهم الذي يكره‬
‫ل يضره وذكر أنه عثر به فرسه أربع مرات وكل ذلك يستقسم بالزلم ويرج الذي يكره ل يضره‬
‫حت ناداهم بالمان وسأل أن يكتب له كتابا يكون أمارة ما بينه وبي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال فكتب ل كتابًا ف عظم أو رقعة أو خرقة وذكر أنه جاء به إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وهو بالعرانة مرجعه من الطائف فقال له يوم وفاء وبر أدنه فدنوت منه وأسلمت قال ابن‬
‫هشام هو عبد الرحن بن الارث بن مالك بن جعشم وهذا الذي قاله جيد‪..‬‬
‫ص َرهُ الّلهُ ِإذْ أَ ْخرَ َجهُ الّذِينَ َك َفرُواْ ثَانِيَ اثَْنيْنِ ِإذْ هُمَا فِي اْلغَارِ ِإ ْذ َيقُولُ‬‫صرُوهُ َفقَدْ َن َ‬ ‫قال تعال‪( :‬إِلّ تَن ُ‬
‫حزَنْ إِ ّن الّلهَ َمعَنَا فَأَنزَلَ الّلهُ سَكِينََت ُه عَلَْي ِه وَأَيّ َدهُ ِبجُنُودٍ لّمْ َت َر ْوهَا وَ َجعَلَ كَلِ َمةَ الّذِينَ‬
‫ِلصَاحِِبهِ لَ َت ْ‬
‫سفْلَى وَكَلِ َمةُ الّلهِ ِهيَ اْلعُ ْليَا وَالّلهُ َعزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة‪.)40 :‬‬ ‫َك َفرُواْ ال ّ‬
‫قال ابن كثي رحه ال ف التفسي‬
‫‪ :‬يقول تعال‪{ :‬إل تنصروه} أي تنصروا رسوله فإن ال ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تول‬
‫نصره {إذ أخرجه الذين كفروا ثان اثني} أي عام الجرة لا هم الشركون بقتله أو حبسه أو نفيه‬
‫فخرج منهم هاربا بصحبة صديقه وصاحبه أب بكر بن أب قحافة فلجأ إل غار ثور ثلثة أيام ليجع‬
‫الطلب الذين خرجوا ف آثارهم ث يسيوا نو الدينة فجعل أبو بكر رضي ال عنه يزع أن يطلع‬
‫عليهم أحد فيخلص إل رسول ال صلى ال عليه وسلم منهم أذى فجعل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫يسكنه ويثبته ويقول‪« :‬يا أبا بكر ما ظنك باثني ال ثالثهما» كما قال المام أحد حدثنا عفان‬
‫حدثنا هام أنبأنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال‪ :‬قلت للنب صلى ال عليه وسلم ونن ف الغار‪:‬‬
‫لو أن أحدهم نظر إل قدميه لبصرنا تت قدميه قال‪ :‬فقال‪« :‬يا أبا بكر ما ظنك باثني ال ثالثهما»‬
‫أخرجاه ف الصحيحي‪ ,‬ولذا قال تعال‪{ :‬فأنزل ال سكينته عليه} أي تأييده ونصره عليه أي على‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ف أشهر القولي وقيل على أب بكر‪ ,‬وروي عن ابن عباس وغيه قالوا‪:‬‬
‫لن الرسول صلى ال عليه وسلم ل تزل معه سكينة وهذا ل يناف تدد سكينة خاصة بتلك الال‬
‫ولذا قال‪{ :‬وأيده بنود ل تروها} أي اللئكة {وجعل كلمة الذين كفرواالسفلى وكلمة ال هي‬

‫‪34‬‬
‫العليا} قال ابن عباس يعن بكلمة الذين كفروا الشرك‪ ،‬وكلمة ال هي ل إله إل ال‪ .‬وف الصحيحي‬
‫عن أب موسى الشعري رضي ال عنه قال‪ :‬سئل رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عن الرجل‬
‫يقاتل شجاعة ويقاتل حية ويقاتل رياء أي ذلك ف سبيل ال فقال‪« :‬من قاتل لتكون كلمة ال هي‬
‫العليا فهو ف سبيل ال» وقوله‪{ :‬وال عزيز} أي ف انتقامه وانتصاره‪ ,‬منيع الناب ل يضام من لذ‬
‫ببابه‪ ,‬واحتمى بالتمسك بطابه {حكيم} ف أقواله وأفعاله‪ ...‬اهـ‪.‬‬
‫*** ووصل رسول ال صلى ال عليه وسلم مفوفا بعناية ربه الذي أرسله بالدى ودين الق طيبةَ‬
‫الطيبة حيث وجد ف انتظاره النصار الذين كانوا بايعوه على أن ينعوه ما ينعون منه أنفسهم‬
‫ونساءهم وأبناءهم وأزرهم‪ ،‬ومعهم ف ضيافتهم من سبقه صلى ال عليه وسلم من الهاجرين‬
‫الولي‪ ...‬فنل بي ظهرانيهم ف حايتهم‪ ،‬يبونه كحبهم أنفسهم وذويهم‪ ،‬بل أكثر‪ ،‬ويودون‬
‫بالرواح والموال ف سبيل نصرته وإظهار ما جاء به من عند ربه‪ ...‬نِعم القوم‪ ،‬ونِعم القام‪ ...‬ونِعم‬
‫القيم‪...‬‬
‫لكن قتلة الرسل والنبياء‪ ،‬اليهود الاقدين؛ وعبدة الوثان والهواء‪،‬الشركي الكارهي‪ ،‬ل يفتر‬
‫غيظهم ول تبُ نار حقدهم وعداوتم للنب المي صلى ال عليه وسلم وللدين الالص الذي جاء به‬
‫والرسالة الاتة الت أمره ال بتبليغها‪ ...‬فتوالت مناوراتم‪ ،‬وترادفت ماولتم للنيل منه ومن‬
‫أصحابه‪ ...‬وكانت‪.‬‬
‫الناورة الثالثة‪..‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‪:‬‬
‫ف أول سنة ثلث من الجرة كانت غزوة ند ويقال لا غزوة ذي أمر قال ابن اسحاق فلما رجع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالدينة بقية ذي الجة أو قريبا منها غزا ندا‬
‫يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر قال ابن هشام واستعمل على الدينة عثمان بن عفان قال ابن‬
‫إسحاق فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك ث رجع ول يلق كيدا وقال الواقدي بلغ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أن جعا من غطفان من بن ثعلبة بن مارب تمعوا بذي أمر يريدون حربه‬
‫فخرج إليهم من الدينة يوم الميس لثنت عشرة خلت من ربيع الول سنة ثلث واستعمل على‬
‫الدينة عثمان بن عفان فغاب أحد عشر يومًا وكان معه أربعمائة وخسون رجلًا وهربت منه العراب‬
‫ف رءوس البال حت بلغ ماء يقال له ذو أمر فعسكر به وأصابم مطر كثي فابتلت ثياب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فنل تت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف وذلك برأى من الشركي واشتغل‬
‫الشركون ف شئونم فبعث الشركون رجل شجاعا منهم يقال له غورث بن الارث أو دعثور بن‬
‫الارث فقالوا‪ :‬قد أمكنك ال من قتل ممد‪ ...‬فذهب ذلك الرجل ومعه سيف صقيل حت قام على‬
‫رسول ال بالسيف مشهورًا‪ ،‬فقال‪ :‬يا ممد من ينعك من اليوم؟ قال‪ :‬ال‪ ..‬ودفع جبيل ف صدره‬

‫‪35‬‬
‫فوقع السيف من يده فأخذه رسول ال فقال‪ :‬من ينعك من؟ قال ل أحد‪ ..‬وأنا أشهد أن ل إله إل‬
‫ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وال ل أكثر عليك جعا أبدا‪ ...‬فأعطاه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫سيفه‪ ..‬فلما رجع إل أصحابه فقالوا‪:‬ويلك مالك؟ فقال‪ :‬نظرت إل رجل طويل فدفع ف صدري‬
‫فوقعت لظهري فعرفت أنه ملك وشهدت أن ممدًا رسول ال وال ل أكثر عليه جعا‪ ,‬وجعل يدعو‬
‫قومه إل السلم؛ قال ونزل ف ذلك قوله تعال‪( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ اذْ ُكرُوْا ِنعْمَتَ الّل ِه عَلَْيكُمْ ِإذْ هَمّ‬
‫َق ْومٌ أَن يَْبسُطُواْ إَِليْكُمْ َأيْدَِيهُمْ فَكَفّ َأيْدَِيهُ ْم عَنكُ ْم وَاّتقُوْا الّلهَ َوعَلَى الّلهِ فَلَْيَتوَكّلِ الْ ُم ْؤمِنُونَ) (الائدة‪:‬‬
‫‪ )11‬قال البيهقي وسيأت ف غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه فلعلهما قصتان قلت إن كانت هذه‬
‫مفوظة فهي غيها قطعًا لن ذلك الرجل اسه غورث بن الارث أيضًا ل يسلم بل استمر على دينه‬
‫ول يكن عاهد النب صلى ال عليه وسلم أن ل يقاتله وال أعلم‪.‬‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء(‪)3‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‬
‫قصة غورث بن الارث ف البداية والنهاية‬
‫قال ابن إسحاق ف هذه الغزوة حدثن عمرو بن عبيد عن السن عن جابر بن عبد ال أن رجل من‬
‫بن مارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومارب أل أقتل لكم ممدًا قالوا بلى وكيف تقتله‬
‫قال‪ :‬افتك به قال فأقبل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو جالس وسيف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ف حجره فقال‪ :‬يا ممد أنظر إل سيفك هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ..‬فأخذه ث جعل يهزه ويهم‬
‫فكبته ال‪ ،‬ث قال‪ :‬يا ممد أما تافن؟ قال‪ :‬ل ما أخاف منك‪ ...‬قال‪ :‬أما تافن وف يدي السيف؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ...‬ينعن ال منك‪ ..‬ث عمد إل سيف النب صلى ال عليه وسلم فرده عليه فأنزل ال عز‬
‫وجل‪( :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة ال عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم‬
‫عنكم واتقوا ال وعلى ال فليتوكل الؤمنون) قال ابن إسحاق وحدثن يزيد بن رومان أنا إنا نزلت‬
‫ف عمرو بن جحاش أخي بن النضي وما هم به هكذا ذكر ابن إسحاق قصة غورث هذا عن عمرو‬
‫بن عبيد القدري رأس الفرقة الضالة وهو وإن كان ل يتهم بتعمد الكذب ف الديث إل أنه من ل‬
‫ينبغي أن يروى عنه لبدعته ودعائه إليها وهذا الديث ثابت ف الصحيحي من غي هذا الوجه ول‬
‫المد‪ ..‬فقد أورد الافظ البيهقي ها هنا طرقا لذا الديث من عدة أماكن وهي ثابتة ف الصحيحي‬
‫من حديث الزهري عن سنان بن أب سنان وأب سلمة عن جابر أنه غزا مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم غزوة ند فلما قفل رسول ال صلى ال عليه وسلم أدركته القائلة ف واد كثي العضاه فتفرق‬
‫الناس يستظلون بالشجر وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم تت ظل شجرة فعلق با سيفه قال‬
‫جابر فنمنا نومة فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعونا فأجبناه وإذا عنده أعراب جالس فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن هذا أخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو ف يده صلتا فقال‬

‫‪36‬‬
‫من ينعك من؟ قلت‪ :‬ال‪ ....‬فقال‪:‬من ينعك من؟ قلت‪ :‬ال‪ ....‬فشام السيف وجلس ول يعاقبه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد فعل ذلك‪ .‬وقد رواه مسلم أيضا عن أب بكر بن أب شيبة عن‬
‫عفان عن أبان عن يي بن أب كثي عن أب سلمة عن جابر قال أقبلنا مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم حت إذا كنا بذات الرقاع وكنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فجاءه رجل من الشركي وسيف رسول ال صلى ال عليه وسلم معلق بشجرة فأخذ سيف‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فاخترطه وقال لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬تافن؟ قال‪ :‬ل‪..‬‬
‫قال‪ :‬فمن ينعك من ؟ قال‪ :‬ال ينعن منك‪ ...‬قال فهدده أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فأغمد السيف وعلقه‪...‬‬
‫عن أب عوانة عن أب بشر أن اسم الرجل غورث بن الارث وأسند البيهقي من طريق أب عوانة عن‬
‫أب بشر عن سليمان بن قيس عن جابر قال قاتل رسول ال صلى ال عليه وسلم مارب وغطفان‬
‫بنخل فرأوا من السلمي غره فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الارث حت قام على رأس رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بالسيف وقال‪ :‬من ينعك من؟ قال‪:‬ال‪..‬فسقط السيف من يده فأخذ رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم السيف وقال‪:‬من يعنك من؟ قال‪:‬كن خي آخذ‪ ..‬قال‪ :‬تشهد أن ل إله إل‬
‫ال؟ قال‪:‬ل‪..‬ولكن أعاهدك على أن ل أقاتلك ول أكون مع قوم يقاتلونك‪ ..‬فخلى سبيله فأتى‬
‫أصحابه وقال جئتكم من عند خي الناس‪...‬‬
‫*** وتر اليام‪ ،‬ويزداد السلم مع مرورها عزة ورفعة ومناعة‪ ،‬ويزداد جنده بقيادة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم كثرة وقوة وبسالة‪ ،‬وتضحية ف سبيل ال‪ ...‬فخاضوا العارك‪ ،‬وشهدوا الغزوات‪،‬‬
‫صرُ إِ ّل مِنْ عِندِ‬
‫وبذلوا النفس والنفيس ابتغاء مرضات ال الذي ارتضى لم السلم دينا‪َ ( ...‬ومَا الّن ْ‬
‫الّلهِ اْل َعزِيزِ اْلحَكِيمِ) (آل عمران‪ ..)126 :‬ث كانت وقعة أحد‪ ...‬وضمنها‪:‬‬
‫الناورة الرابعة‪...‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫فصل فيما لقي النب صلى ال عليه وسلم يومئذ ‪ ،‬أي يوم أحُد‪ ،‬من الشركي قبحهم ال‬
‫‪ -‬قال البخاري ما أصاب النب صلى ال عليه وسلم من الراح يوم أحد حدثنا إسحاق بن نصر‬
‫حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن هام بن منبه سع أبا هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ " :‬اشتد غضب ال على قوم فعلوا بنبيه يشي إل رباعيته اشتد غضب ال على رجل يقتله‬
‫رسول ال ف سبيل ال‪ ...‬ورواه مسلم من طريق عبد الرزاق حدثنا ملد بن مالك حدثنا يي بن‬
‫سعيد الموي حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال اشتد غضب ال‬
‫على من قتله النب ف سبيل ال اشتد غضب ال على قوم دموا وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وقال أحد حدثنا عفان حدثنا حاد أخبنا ثابت عن أنس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال يوم‬

‫‪37‬‬
‫أحد وهو يسلت الدم عن وجهه وهو يقول‪ :‬كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته‪ ..‬وهو‬
‫يدعو إل ال فأنزل ال‪( :‬ليس لك من المر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبم فانم ظالون) ورواه‬
‫مسلم عن القعنب عن حاد بن سلمة به ورواه المام احد عن هشيم ويزيد بن هارون عن حيد عن‬
‫أنس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كسرت رباعيته وشج ف وجهه حت سال الدم على وجهه‬
‫فقال‪ :‬كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إل ربم‪ ..‬فأنزل ال تعال‪( :‬ليس لك من المر‬
‫شيء)‪ ...‬وقال البخاري حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب عن أب حازم انه سع سهل بن سعد وهو يسأل‬
‫عن جرح النب صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬أما وال إن لعرف من كان يغسل جرح رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ومن كان يسكب الاء وبا دووي قال كانت فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم تغسله وعلي يسكب الاء بالجن فلما رأت فاطمة أن الاء ل يزيد الدم إل كثرة أخذت قطعة‬
‫من حصي فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وكسرت رباعيته يومئذ وجرح وجهه وكسرت‬
‫البيضة على رأسه‪ ...‬وقال أبو داود الطيالسي ف مسنده حدثنا ابن البارك عن إسحاق عن يي بن‬
‫طلحة بن عبيد ال أخبن عيسى بن طلحة عن أم الؤمني عائشة قالت كان أبو بكر إذا ذكر يوم‬
‫أحد قال ذاك يوم كله لطلحة ث أنشأ يدث قال كنت أول من فاء يوم أحد فرأيت رجلً يقاتل ف‬
‫سبيل ال دونه وأراه قال حية قال فقلت كن طلحة حيث فاتن ما فاتن فقلت يكون رجل من قومي‬
‫أحب ال وبين وبي الشركي رجل ل أعرفه وأنا أقرب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم منه وهو‬
‫يطف الشي خطفا فإذا هو أبو عبيدة بن الراح فانتهينا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد‬
‫كسرت رباعيته وشج ف وجهه وقد دخل ف وجنته حلقتان من حلق الغفر قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم عليكما صاحبكما يريد طلحة وقد نزف فلم نلتفت إل قوله قال وذهبت لنزع ذاك من‬
‫وجهه فقال اقسم عليك بقي لا تركتن فتركته فكره تناولا بيده فيؤذى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فأزم عليها بفيه فاستخرج إحدى اللقتي ووقعت ثنيته مع اللقة وذهبت لصنع ما صنع فقال‬
‫أقسمت عليك بقي لا تركتن قال ففعل مثل ما فعل ف الرة الول فوقعت ثنيته الخرى مع اللقة‬
‫فكان أبو عبيدة رضي ال عنه من أحسن الناس هتما فأصلحنا من شأن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ث أتينا طلحة ف بعض تلك الفار فإذا به بضع وسبعون من بي طعنة ورمية وضربة وإذا قد‬
‫قطعت أصبعه فأصلحنا من شأنه وذكر الواقدي عن ابن أب سبة عن إسحاق بن عبد ال بن أب‬
‫فروة عن أب الويرث عن نافع بن جبي قال سعت رجل من الهاجرين يقول شهدت أحدا فنظرت‬
‫إل النبل تأت من كل ناحية ورسول ال صلى ال عليه وسلم وسطها كل ذلك يصرف عنه ولقد‬
‫رأيت عبد ال بن شهاب الزهري يومئذ يقول دلون على ممد ل نوت إن نا ؛ ورسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إل جنبه ما معه أحد فجاوره فعاتبه ف ذلك صفوان بن أمية فقال‪ :‬وال ما رايته‬
‫أحلف بال انه منا منوع خرجنا أربعة فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نلص إليه‪...‬‬

‫‪38‬‬
‫قال الواقدي ثبت عندي أن الذي رمى ف وجنت رسول ال صلى ال عليه وسلم بن قمئة؛ والذي‬
‫رمى ف شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أب وقاص‪ ...‬وان الرباعية الت كسرت له عليه السلم هي‬
‫اليمن السفلى‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق وحدثن صال بن كيسان عمن حدثه عن سعد بن أب وقاص قال ما حرصت‬
‫على قتل أحد قط ما حرصت على قتل عتبة بن أب وقاص وإن كان ما علمت لسيء اللق مبغضا ف‬
‫قومه ولقد كفان فيه قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اشتد غضب ال على من دمى وجه‬
‫رسوله‪...‬‬
‫‪ -‬وقال عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عثمان الرري عن مقسم أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم دعا على عتبة بن أب وقاص حي كسر رباعيته ودمى وجهه فقال‪ :‬اللهم ل يول عليه‬
‫الول حت يوت كافرا‪ ...‬فما حال عليه الول حت مات كافرا إل النار‪...‬‬
‫ولا نال عبد ال بن قمئة من رسول ال صلى ال عليه وسلم ما نال رجع وهو يقول قتلت ممدا‬
‫وصرخ الشيطان أزب العقبة يومئذ بأبعد صوت أل إن ممدًا قد قتل فحصل بتة عظيمة ف السلمي‬
‫واعتقد كثي من الناس ذلك وصمموا على القتال عن جوزة السلم حت يوتوا على ما مات عليه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم منهم أنس بن النضر وغيه من سيأت ذكره وقد أنزل ال تعال‬
‫ت مِن َقبِْلهِ الرّ ُسلُ أَفَإِن‬ ‫التسلية ف ذلك على تقدير وقوعه فقال تعال‪( :‬وَمَا مُحَمّدٌ إِ ّل رَسُو ٌل قَدْ خََل ْ‬
‫جزِي الّلهُ الشّا ِكرِينَ‬ ‫ضرّ الّلهَ شَيْئا وَ َسيَ ْ‬
‫ب عَلَ َى َعقَِبْيهِ فَلَن َي ُ‬ ‫مّاتَ َأوْ ُقتِلَ ان َقلَْبتُ ْم عَلَى َأ ْعقَابِكُ ْم َومَن يَنقَِل ْ‬
‫ل َومَن ُي ِردْ َثوَابَ الدّنْيَا ُنؤِْت ِه مِْنهَا َومَن ُي ِردْ َثوَابَ‬ ‫* َومَا كَانَ ِلَن ْفسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلّ ِبِإذْنِ ال كِتَابا ّمؤَجّ ً‬
‫جزِي الشّا ِكرِي َن *وَكَأَيّن مّن نّبِيّ قَاتَ َل َمعَ ُه رِبّيّونَ َكثِيٌ فَمَا َوهَنُواْ لِمَا َأصَاَبهُمْ‬ ‫ال ِخ َرةِ ُن ْؤِتهِ مِْنهَا وَ َسنَ ْ‬
‫حبّ الصّاِبرِي َن * َومَا كَا َن َقوَْلهُمْ إِلّ أَن قَالُواْ ربّنَا ا ْغ ِفرْ‬ ‫ضعُفُوْا َومَا ا ْستَكَانُوْا وَالّلهُ يُ ِ‬ ‫فِي سَبِيلِ الّلهِ َومَا َ‬
‫لَنَا ُذنُوبَنَا وَِإ ْسرَاَفنَا فِي َأ ْمرِنَا َوثَّبتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا َعلَى اْل َقوْمِ اْلكَاِفرِينَ * فَآتَاهُ ُم الّلهُ َثوَابَ الدّنْيَا‬
‫سِنيَ * يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَُنوَاْ إِن ُتطِيعُواْ الّذِينَ َك َفرُواْ َي ُردّوكُمْ‬ ‫حبّ الْمُحْ ِ‬ ‫وَحُسْ َن َثوَابِ ال ِخ َرةِ وَالّلهُ يُ ِ‬
‫صرِينَ *سَُن ْلقِي فِي ُقلُوبِ الّذِينَ َك َفرُواْ‬ ‫عَلَى َأ ْعقَاِبكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَا ِسرِينَ * بَ ِل الّل ُه َموْلَكُمْ َو ُهوَ َخْيرُ النّا ِ‬
‫س مَْثوَى الظّاِل ِميَ ) ( آل عمران‬ ‫ال ّر ْعبَ بِمَا َأ ْشرَكُواْ بِالّل ِه مَا لَمْ يَُنزّ ْل ِبهِ سُلْطَانا َومَ ْأوَاهُمُ النّا ُر وَبِْئ َ‬
‫‪ ...)151-144‬وقد خطب الصديق رضي ال عنه ف أول مقام قامه بعد وفاة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فقال يا أيها الناس من كان يعبد ممدا فان ممدا قد مات ومن كان يعبد ال فان ال‬
‫ت مِن قَْبِلهِ الرّسُلُ َأفَإِن مّاتَ َأ ْو قُتِلَ‬ ‫حي ل يوت ث تل هذه الية (وَمَا مُحَمّدٌ إِ ّل رَسُولٌ َقدْ خََل ْ‬
‫جزِي الّلهُ الشّا ِكرِينَ) (آل‬ ‫ب عَلَ َى َعقَِبْيهِ فَلَن َيضُرّ الّلهَ شَيْئا وَسََي ْ‬ ‫ان َقلَْبتُ ْم عَلَى َأ ْعقَاِبكُ ْم َومَن يَنقَِل ْ‬
‫عمران‪)144 :‬؛ قال فكأن الناس ل يسمعوها قبل ذلك‪ ،‬فما من الناس أحد إل يتلوها‪...‬‬

‫‪39‬‬
‫‪-‬وروى البيهقي ف دلئل النبوة من طريق ابن أب نيح عن أبيه قال مر رجل من الهاجرين يوم أحد‬
‫على رجل من النصار وهو يتشحط ف دمه فقال له يا فلن أشعرت أن ممدا قد قتل فقال‬
‫النصاري إن كان ممد صلى ال عليه وسلم قد قتل فقد بلغ الرسالة فقاتلوا عن دينكم فنل قوله‬
‫ت مِن قَْبِلهِ الرّسُلُ َأفَإِن مّاتَ َأ ْو قُتِ َل انقََلبْتُ ْم عَلَى َأ ْعقَابِكُ ْم َومَن‬‫تعال‪( :‬وَمَا مُحَمّدٌ إِ ّل رَسُولٌ َقدْ خََل ْ‬
‫جزِي الّلهُ الشّا ِكرِينَ)(آل عمران‪ ) 144 :‬ولعل هذا‬ ‫ضرّ الّلهَ َشيْئا َوسَيَ ْ‬
‫يَنقَِلبْ َعلَ َى َعقِبَْيهِ َفلَن َي ُ‬
‫النصاري هو أنس بن النضر رضي ال عنه وهو عم أنس بن مالك‪...‬‬
‫قال المام أحد حدثنا يزيد حدثنا حيد عن أنس أن عمه غاب عن قتال بدر فقال غبت عن أول‬
‫قتال قاتله النب صلى ال عليه وسلم للمشركي‪ ،‬لئن ال أشهدن قتال للمشركي ليين ما أصنع‪ ،‬فلما‬
‫كان يوم أحد انكشف السلمون‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم إن أعتذر إليك عما صنع هؤلء يعن أصحابه ‪ ،‬وابرأ‬
‫إليك ما جاء به هؤلء يعن الشركي‪ ...‬ث تقدم فلقيه سعد بن معاذ دون أحد فقال سعد أنا معك‬
‫قال سعد فلم أستطع أصنع ما صنع فوجد فيه بضع وثانون من بي ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية‬
‫بسهم قال فكنا نقول فيه وف أصحابه نزلت (مِنَ الْ ُم ْؤمِِنيَ رِجَالٌ صَ َدقُوا مَا عَاهَدُوا الّل َه عََلْيهِ َفمِْنهُم‬
‫حَبهُ َومِْنهُم مّن يَنتَ ِظ ُر َومَا بَدّلُوا تَبْدِيلً) (الحزاب‪ )23 :‬ورواه الترمذي عن عبد بن حيد‬ ‫مّن َقضَى نَ ْ‬
‫والنسائي عن إسحاق بن راهويه كلها عن يزيد بن هارون به وقال الترمذي حسن قلت بل على‬
‫شرط الصحيحي من هذا الوجه‪.‬‬
‫‪-‬وقال أحد حدثنا بز وحدثنا هاشم قال حدثنا سليمان بن الغية عن ثابت قال‪ ،‬قال أنس عمي‬
‫قال هاشم أنس بن النضر سيت به ول يشهد مع رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم بدر قال فشق‬
‫عليه وقال أول مشهد شهده رسول ال صلى ال عليه وسلم غبت عنه ولئن أران ال مشهدا فيما‬
‫بعد مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ليين ال ما أصنع‪ ...‬قال فهاب أن يقول غيها فشهد مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم أحد قال فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أنس يا أبا عمرو أين‬
‫واها لريح النة أجده دون أحد قال فقاتلهم حت قتل فوجد ف جسده بضع وثانون من ضربة وطعنة‬
‫ورمية قال فقالت أخته عمت الربيع بنت النضر فما عرفت أخي إل ببنانه ونزلت هذه الية (مِنَ‬
‫حَبهُ َومِْنهُم مّن يَنتَ ِظ ُر َومَا بَدّلُوا تَبْدِيلً)‬ ‫اْل ُم ْؤمِِنيَ رِجَا ٌل صَ َدقُوا مَا عَاهَدُوا الّل َه عَلَْيهِ فَ ِمْنهُم مّن َقضَى نَ ْ‬
‫(الحزاب‪ )23 :‬قال فكانوا يرون أنا نزلت فيه وف أصحابه ورواه مسلم عن ممد بن حات عن بز‬
‫بن أسد ورواه الترمذي والنسائي من حديث عبد ال بن البارك وزاد النسائي وأبو داود وحاد بن‬
‫سلمة أربعتهم عن سليمان بن الغية به وقال الترمذي حسن صحيح‪.‬‬
‫‪-‬وقال أبو السود عن عروة بن الزبي قال كان أب بن خلف أخو بن جح قد حلف وهو بكة‬
‫ليقتلن رسول ال صلى ال عليه وسلم فلما بلغت رسول ال صلى ال عليه وسلم حلفته قال‪ :‬بل أنا‬
‫أقتله إن شاء ال‪...‬فلما كان يوم أحد أقبل أب ف الديد مقنعا وهو يقول ل نوت إن نا ممد‪..‬‬

‫‪40‬‬
‫فحمل على رسول ال صلى ال عليه وسلم يريد قتله فاستقبله مصعب بن عمي أخو بن عبد الدار‬
‫يقي رسول ال صلى ال عليه وسلم بنفسه فقتل مصعب بن عمي وأبصر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ترقوة أب بن خلف من فرجة بي سابغة الدرع والبيضة فطعنه فيها بالربة فوقع إل الرض عن‬
‫فرسه ول يرج من طعنته دم فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يور خوار الثور فقالوا له‪ :‬ما أجزعك‪ ،‬إنا‬
‫هو خدش‪ ...‬فذكر لم قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬أنا أقتل أبيا‪..‬ث قال والذي نفسي بيده‬
‫لو كان هذا الذي ب بأهل ذي الجاز لاتوا أجعون فمات إل النار فسحقا لصحاب السعي‪.‬‬
‫‪ -‬وقد رواه موسى بن عقبة ف مغازيه عن الزهري عن سعيد بن السيب نوه وقال ابن إسحاق لا‬
‫أسند رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الشعب أدركه أب بن خلف وهو يقول‪ :‬ل نوت إن‬
‫نوت‪ ..‬فقال القوم يا رسول ال يعطف عليه رجل منا فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫دعوه‪ ...‬فلما دنا منه تناول رسول ال صلى ال عليه وسلم الربة من الارث بن الصمة فقال بعض‬
‫القوم كما ذكر ل فلما أخذها رسول ال صلى ال عليه وسلم انتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير‬
‫الشعر عن ظهر البعي إذا انتفض ث استقبله رسول ال صلى ال عليه وسلم فطعنه ف عنقه طعنه تدأدأ‬
‫منها عن فرسه مرارا‪ ...‬ذكر الواقدي عن يونس بن بكي عن ممد بن إسحاق عن عاصم بن عمر‬
‫بن قتادة عن عبد ال ابن كعب بن مالك عن أبيه نو ذلك قال الواقدي وكان ابن عمر يقول مات‬
‫أبّ بن خلف ببطن رابغ فأن لسي ببطن رابغ بعد هوى من الليل إذا أنا بنار تأججت فهبتها وإذا‬
‫برجل يرج منها بسلسلة يذبا يهيجه العطش فإذا رجل يقول ل تسقه فإنه قتيل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم هذا أب بن خلف‪...‬‬
‫‪ -‬وقد ثبت ف الصحيحي كما تقدم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن هام عن أب هريرة قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬اشتد غضب ال على رجل يقتله رسول ال ف سبيل ال"‪.‬‬
‫‪ -‬ورواه البخاري من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس اشتد غضب‬
‫ال على من قتله رسول ال بيده ف سبيل ال وقال البخاري وقال أبو الوليد عن شعبة عن ابن النكدر‬
‫سعت جابرا قال لا قتل أب جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ينهونن والنب صلى ال عليه وسلم ل ينه وقال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تبكه أو ما‬
‫تبكيه ما زالت اللئكة تظله بأجنحتها حت رفع‪ ...‬هكذا ذكر هذا الديث ههنا معلقا وقد أسنده ف‬
‫النائز عن بندار عن غندر بن شعبة‪ ..‬اهـ‬
‫*** من غزوة بدر العظمى وما أيد ال القوي التي به رسوله والؤمني من نصر مبي إل معركة أحد‬
‫وما كان فيها من شبه هزية ‪ ،‬ل تزدد الدعوة إل ال ودينه إل ظهورا على الناوئي من أهل الغدر‬
‫والكر ومساعديهم من النافقي والارقي‪ .‬ويفعل ال ما يشاء‪...‬حت دخلت السنة الرابعة من‬
‫الجرة‪...‬وكانت‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الناورة الرابعة‪...‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫قال الواقدي حدثن إبراهيم بن جعفر عن أبيه وعبد ال بن أب عبيدة عن جعفر بن الفضل بن السن‬
‫بن عمرو بن أمية الضمري وعبد ال بن جعفر عن عبد الواحد بن أب عوف وزاد بعضهم على بعض‬
‫قالوا كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بكة ما أحد يغتال ممدا فانه يشي ف‬
‫السواق فندرك ثأرنا فأتاه رجل من العرب فدخل عليه منله وقال له إن أنت وفيتن وخرجت إليه‬
‫حت أغتاله فإن هاد بالطريق خريت معي خنجر مثل خافية النسر قال أنت صاحبنا وأعطاه بعيا‬
‫ونقه وقال اطو أمرك فإن ل آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إل ممد قال‪ :‬قال العرب ل يعلمه أحد‬
‫ل على راحلته فسار خسا وصبح ظهر الي يوم سادسه ث أقبل يسأل عن رسول ال صلى‬ ‫فخرج لي ً‬
‫ال عليه وسلم حت أتى الصلى فقال له قائل قد توجه إل بن عبد الشهل فخرج العراب يقود‬
‫راحلته حت انتهى إل بن عبد الشهل فعقل راحلته ث أقبل يؤم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فوجده ف جاعة من أصحابه يدث ف مسجده‪ ،‬فلما دخل ورآه رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫لصحابه‪ :‬إن هذا الرجل يريد غدرا وال حائل بينه وبي ما يريده‪ ...‬فوقف وقال‪ :‬أيكم ابن عبد‬
‫الطلب؟ فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنا ابن عبد الطلب‪ ...‬فذهب ينحن على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم كأنه يساره فجبذه أسيد بن حضي وقال تنح عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وجذب بداخل ازاره فإذا النجر؛ فقال‪ :‬يا رسول ال هذا غادر‪ ،‬فأسقط ف يد العراب وقال‪:‬‬
‫دمي دمي يا ممد‪..‬وأخذه أسيد بن حضي يلببه فقال له النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬اصدقن من‬
‫أنت ؟ وما اقدمك ؟ فان فعلت نفعك الصدق‪ ،‬وان كذبتن فقد اطلعت على ما همت‪ ...‬به قال‬
‫العرب فأنا آمن؟ قال‪ :‬وأنت آمن‪..‬فأخبه بب أب سفيان وما جعل له فأمر به فحبس عند أسيد بن‬
‫حضي‪ ..‬ث صارا من الغد‪ ..‬فقال‪ :‬قد أمنتك فاذهب حيث شئت أو خي لك من ذلك‪..‬قال‪ :‬وما‬
‫هو؟ فقال‪ :‬أن تشهد أن ل إله إل ال وأن رسول ال‪ ،‬فقال أشهد أن ل إله إل ال وأنك أنت رسول‬
‫ال‪ ،‬وال يا ممد ما كنت أفرق من الرجال فما هو إل أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ث اطلعت‬
‫على ما همت به فما سبقت به الركبان ول يطلع عليه أحد فعرفت أنك منوع وأنك على حق وأن‬
‫حزب أب سفيان حزب الشيطان‪ ...‬فجعل النب صلى ال عليه وسلم يتبسم وأقام أياما ث استأذن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فخرج من عنده ول يسمع له بذكر‪ ..‬اهـ‪.‬‬
‫*** خاب سعي كل من أراد بالنب سوءا ‪ ،‬لكن الغدر الكمي ف نفوس الغبياء والقد الدفي بي‬
‫أضلع العداء وثنيهم ويهوديهم ظل يؤجج نار الكر ف صدورهم الختوم عليها‪ ،‬فقتلوا البرياء ‪،‬‬
‫وحاولوا قتل خات النبياء‪ ،‬إمام الصفياء صلى ال عليه وسلم‪ ...‬وكانت‪.‬‬
‫الناورة الامسة‪...‬‬

‫‪42‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫‪ -‬ف صحيح البخاري عن ابن عباس أنه كان يسميها سورة بن النضي وحكى البخاري عن الزهري‬
‫عن عروة أنه قال كانت بنو النضي بعد بدر بستة أشهر قبل أحد وقد أسنده ابن أب حات ف تفسيه‬
‫عن أبيه عن عبد ال بن صال عن الليث عن عقيل عن الزهري به وهكذا روى حنبل بن إسحاق عن‬
‫هلل بن العلء عن عبد ال بن جعفر الرقي عن مطرف بن مازن اليمان عن معمر عن الزهري فذكر‬
‫غزوة بدر ف سابع عشر رمضان سنة ثنتي قال ث غزا بن النضي ث غزا أحدًا ف شوال سنة ثلث ث‬
‫قاتل يوم الندق ف شوال سنة أربع وقال البيهقي وقد كان الزهري يقول هي قبل أحد قال وذهب‬
‫آخرون إل أنا بعدها وبعد بئر معونة أيضا قلت هكذا ذكر ابن إسحاق كما تقدم فانه بعد ذكره بئر‬
‫معونة ورجوع عمرو بن أمية وقتله ذينك الرجلي من بن عامر ول يشعر بعهدها الذي معهما من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ولذا قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬لقد قتلت رجلي‬
‫لدينهما‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق ث خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بن النضي يستعينهم ف دية ذينك‬
‫القتيلي من بن عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية للعهد الذي كان صلى ال عليه وسلم أعطاها‪،‬‬
‫وكان بي بن النضي وبي بن عامر عهد وحلف فلما أتاهم صلى ال عليه وسلم قالوا نعم يا أبا‬
‫القاسم نعينك على ما أحببت ث خل بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تدوا الرجل على مثل حاله هذه‬
‫ورسول ال صلى ال عليه وسلم إل جنب جدار من بيوتم قاعد فمن رجل يعلو على هذا البيت‬
‫فيلقي عليه صخرة ويرينا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال أنا لذلك فصعد ليلقي‬
‫عليه صخرة كما قال‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ف نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر‬
‫وعلي فأتى رسول ال الب من السماء با أراد القوم فقام وخرج راجعا إل الدينة فلما استلبث النب‬
‫ل مقبل من الدينة فسألوه عنه فقال رأيته داخل‬ ‫صلى ال عليه وسلم أصحابه قاموا ف طلبه فلقوا رج ً‬
‫الدينة فأقبل أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم حت انتهوا إليه فأخبهم الب با كانت يهود‬
‫أرادت من الغدر به‪...‬‬
‫‪ -‬قال الواقدي فبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم ممد بن مسلمة يأمرهم بالروج من جواره‬
‫وبلده فبعث إليهم أهل النفاق يثبتونم ويرضونم على القام ويعدونم النصر فقويت عند ذلك‬
‫نفوسهم وحى حيي بن أحطب وبعثوا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم أنم ل يرجون ونابدوه‬
‫بنقض العهد‪ ،‬فعند ذلك أمر الناس بالروج إليهم‪..‬‬
‫قال الواقدي فحاصروهم خس عشرة ليلة وقال ابن إسحاق وأمر النب صلى ال عليه وسلم بالتهيؤ‬
‫لربم والسي إليهم قال ابن هشام واستعمل على الدينة ابن أم مكتوم وذلك ف شهر ربيع الول قال‬
‫ابن إسحاق فسار حت نزل بم فحاصرهم ست ليال‪ ...‬وتصنوا ف الصون فأمر رسول ال صلى‬

‫‪43‬‬
‫ال عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها فنادوه أن يا ممد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيب من‬
‫صنعه فما بال قطع النخيل وتريقها؟ قال وقد كان رهط من بن عوف بن الزرج منهم عبد ال بن‬
‫أب ووديعة ومالك وسويد وداعس قد بعثوا إل بن النضي أن اثبتوا وتنعوا فإنا لن نسلمكم أن قوتلتم‬
‫قاتلنا معكم وان أخرجتم خرجنا معكم‪ ..‬فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف ال ف قلوبم‬
‫الرعب فسألوا رسول ال أن يليهم ويكف عن دمائهم على أن لم ما حلت البل من أموالم إل‬
‫اللقة‪..‬‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق فاحتملوا من أموالم ما استقلت به البل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن ناف‬
‫بابه فيضعه على ظهر بعيه فينطلق به فخرجوا إل خيب ومنهم من سار إل الشام فكان من أشراف‬
‫من ذهب منهم إل خيب سلم بن أب القيق وكنانة بن الربيع بن أب القيق وحيي بن أخطب فلما‬
‫نزلوها دان لم أهلها فحدثن عبد ال بن أب بكر انه حدث انم استقبلوا بالنساء والبناء والموال‬
‫معهم الدفوف والزامي والقيان يعزفن خلفهم بزهاء وفخر مارؤي مثله لي من الناس ف زمانم‪...‬‬
‫قال وخلوا الموال لرسول ال صلى ال عليه وسلم يعن النخيل والزارع فكانت له خاصة يضعها‬
‫حيث شاء فقسمها على الهاجرين الولي دون النصار إل أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرا‬
‫فأعطاها وأضاف بعضهم إليهما الارث بن الصمة حكاه السهيلي قال ابن إسحاق ول يسلم من بن‬
‫النضي إل رجلن وها يامي بن عمي بن كعب ابن عم عمرو بن جحاش وأبو سعد بن وهب‬
‫فأحرزا أموالما قال ابن إسحاق وقد حدثن بعض آل يامي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫ليامي‪" :‬أل تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأن" فجعل يامي لرجل جعل على أن يقتل‬
‫عمرو بن جحاش فقتله لعنه ال‪...‬‬
‫قال ابن إسحاق فأنزل ال فيهم سورة الشر بكمالا يذكر فيها ما أصابم به من نقمته وما سلط‬
‫عليهم به رسوله وما عمل به فيهم ث شرع ابن إسحاق يفسرها وقد تكلمنا عليها بطولا مبسوطة ف‬
‫ت َومَا فِي الَْأ ْرضِ َو ُهوَ اْلعَزِيزُ‬ ‫كتابنا التفسي ول المد قال ال تعال‪(:‬سَبّحَ ِلّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫شرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن‬ ‫حْ‬‫ج الّذِينَ َك َفرُوا مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ مِن دِيَا ِرهِمْ لَِأوّ ِل الْ َ‬‫اْلحَكِي ُم * ُهوَ الّذِي أَ ْخرَ َ‬
‫خرُجُوا وَظَنّوا َأّنهُم مّاِنعَُتهُمْ ُحصُوُنهُم مّنَ الّلهِ فَأَتَاهُ ُم الّل ُه مِنْ حَْيثُ لَ ْم يَحَْتسِبُوا َوقَذَفَ فِي ُقلُوِبهِمُ‬ ‫يَ ْ‬
‫خ ِربُونَ بُيُوَتهُم بِأَيْدِيهِمْ وََأيْدِي الْ ُم ْؤمِِنيَ فَاعَْتِبرُوا يَا أُولِي الَْأْبصَارِ*وََلوْلَا أَن َكَتبَ الّلهُ َعلَْيهِمُ‬‫ال ّر ْعبَ يُ ْ‬
‫اْلجَلَاء َلعَذَّبهُ ْم فِي الدّنْيَا وََلهُ ْم فِي الْآ ِخ َرةِ عَذَابُ النّا ِر * ذَِلكَ بَِأّنهُمْ شَاقّوا الّل َه َورَسُوَلهُ َومَن يُشَاقّ‬
‫خ ِزيَ‬ ‫الّلهَ فَإِنّ الّلهَ شَدِيدُ اْل ِعقَابِ * مَا قَ َط ْعتُم مّن لّيَنةٍ َأوْ َترَكْتُمُوهَا قَائِ َم ًة عَلَى ُأصُوِلهَا َفبِِإذْنِ الّلهِ وَِليُ ْ‬
‫ي * ( الشر ‪ )5-1‬اهـ‪.‬‬ ‫اْلفَا ِسقِ َ‬
‫*** وكان اللء حيث طهر ال تعال الرض الت اختارها سبحانه لقام رسوله وإعلء راية دينه من‬
‫رجس اليهود الذين ل يعرف لم التاريخ إل الغدر واليانة ونقض الواثيق وخلف العهود والتمرد‬

‫‪44‬‬
‫على النبياء وقتلهم وتبديل كلم ال وتريف كتبه وتطويعها لهوائهم البهيمية وأغراضهم‬
‫الدنية‪ُ(...‬أوْلَِئكَ الّذِينَ َلعََنهُمُ الّلهُ فََأصَ ّمهُ ْم وََأعْمَى أَْبصَا َرهُمْ) (ممد‪ ) 23 :‬آذوا رسول ال ‪،‬‬
‫فليحققنّ ال فيهم قوله‪( :‬إِنّ الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّلهَ َورَسُوَلهُ َلعََنهُمُ الّلهُ فِي الدّْنيَا وَالْآ ِخ َرةِ وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابا‬
‫ّمهِينا) (الحزاب‪ ...)57 :‬أُبعدوا‪ ..‬شُردوا‪ ...‬طُردوا‪ ..‬لكن دمهم النجس ل يزل يغلي ف عروقهم‬
‫العفنة ‪ ،‬فتارة يرضون غيهم على اغتيال النب الكرم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأخرى يدبرون‬
‫وينفذون ما دبروا بأنفسهم‪ ...‬وكذلك الانب الخر ‪ ،‬جانب عبدة الصنام اللت والعزى ومناة‬
‫وغيها من الجر الذي ل ينفع ول يضر‪ ،‬ل تدأ لم نفس ول يسكن لم بال ‪ ،‬فظلوا ياولون النيل‬
‫من البعوث رحة للعالي‪...‬وكانت‬
‫الناورة السادسة‪...‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫قصة غورث بن الارث‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق ف هذه الغزوة حدثن عمرو بن عبيد عن السن عن جابر بن عبد ال أن رجل‬
‫من بن مارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومارب‪ :‬أل أقتل لكم ممدًا ؟ قالوا‪ :‬بلى‪،‬‬
‫وكيف تقتله؟ قال‪ :‬افتك به‪ ...‬قال فأقبل إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو جالس وسيف‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجره فقال‪ :‬يا ممد ‪ ،‬أنظر إل سيفك هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ..‬فأخذه‬
‫ث جعل يهزه ويهم فكبته ال ث قال‪ :‬يا ممد‪ ،‬أما تافن؟ قال‪ :‬ل ما أخاف منك‪ .‬قال أما تافن وف‬
‫يدي السيف ؟ قال‪ :‬ل ينعن ال منك‪.‬ث عمد إل سيف النب صلى ال عليه وسلم فرده عليه‪...‬‬
‫فأنزل ال عز وجل‪( :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة ال عليكم اذ هم قوم أن يبسطوا اليكم أيديهم‬
‫فكف أيديهم عنكم واتقوا ال وعلى ال فليتوكل الؤمنون)‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق وحدثن يزيد بن رومان أنا إنا نزلت ف عمرو بن جحاش أخي بن النضي وما‬
‫همّ به ‪ ،‬هكذا ذكر ابن إسحاق قصة غورث هذا عن عمرو بن عبيد القدري رأس الفرقة الضالة وهو‬
‫وان كان ل يتهم بتعمد الكذب ف الديث إل أنه من ل ينبغي أن يروى عنه لبدعته ودعائه إليها‪...‬‬
‫وهذا الديث ثابت ف الصحيحي من غي هذا الوجه ول المد‪ .‬فقد أورد الافظ البيهقي هاهنا‬
‫طرقا لذا الديث من عدة أماكن وهي ثابتة ف الصحيحي من حديث الزهري عن سنان بن أب‬
‫سنان وأب سلمة عن جابر أنه غزا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم غزوة ند فلما قفل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أدركته القائلة ف واد كثي العضاه فتفرق الناس يستظلون بالشجر وكان رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم تت ظل شجرة فعلق با سيفه‪ ..‬قال جابر فنمنا نومة‬
‫فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعونا فأجبناه وإذا عنده أعراب جالس فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو ف يده صلتا فقال‪ :‬من ينعك من ؟‬

‫‪45‬‬
‫قلت‪ :‬ال‪ .‬فقال‪ :‬من ينعك من؟ قلت ال‪ ...‬فشام السيف وجلس‪ ..‬ول يعاقبه رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وقد فعل ذلك وقد رواه مسلم أيضا عن أب بكر بن أب شيبة عن عفان عن أبان عن يي‬
‫بن أب كثي عن أب سلمة عن جابر قال أقبلنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم حت اذا كنا بذات‬
‫الرقاع وكنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول ال صلى ال عليه وسلم فجاءه رجل من‬
‫الشركي وسيف رسول ال صلى ال عليه وسلم معلق بشجرة فأخذ سيف رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فاخترطه وقال لرسول ال صلى ال عليه وسلم تافن؟ قال‪ :‬ل‪ ...‬قال‪ :‬فمن ينعك من؟ قال‪:‬‬
‫ال ينعن منك‪ ..‬قال فهدده أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه قال‬
‫ونودي بالصلة فصلى بطائفة ركعتي ث تأخروا وصلى بالطائفة الخرى ركعتي قال فكانت لرسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان وقد علقه البخاري بصيغة الزم عن أبان به‬
‫قال البخاري وقال مسدد عن أب عوانة عن أب بشر أن اسم الرجل غورث بن الارث وأسند‬
‫البيهقي من طريق أب عوانة عن أب بشر عن سليمان بن قيس عن جابر قال قاتل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم مارب وغطفان بنخل فرأوا من السلمي غره فجاء رجل منهم يقال له غورث بن‬
‫الارث حت قام على رأس رسول ال صلى ال عليه وسلم بالسيف وقال‪ :‬من ينعك من؟ قال‪:‬‬
‫ال‪ ...‬فسقط السيف من يده‪ ،‬فأخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم السيف وقال‪ :‬من يعنك من ؟‬
‫قال‪ :‬كن خي آخذ‪...‬قال‪ :‬تشهد أن ل إله إل ال ؟ قال‪ :‬ل ولكن أعاهدك على أن ل أقاتلك ول‬
‫أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله فأتى أصحابه وقال جئتكم من عند خي الناس‪ ...‬وال أعلم‪.‬‬
‫*** فانظر يا مب البيب كيف يتجلى العفو عند القدرة ‪ ،‬وانظر كيف تسمو طيبةً عطرةً خللُ‬
‫الرحة والكرم حت على من سولت له نفسه القتل فاعتدى وظلم‪ ...‬فداك روحي يا رسول ال‪...‬‬
‫أرسلت باليات الالدات فأبلغتها ‪ ،‬وبعثت بكارم الخلق فأتمتها‪...،‬‬
‫فأي آدمي عنده مثقال حبة من خرذل من عقل يتصدى لقتل سح كري‪ ،‬عفو جواد‪ ،‬ساه ال رؤوفا‬
‫رحيما وأرسله ليخلص البشرية من العبودات الزائفة ‪ ،‬ويرجها من ظلمات الغي إل نور الرشد ؟‬
‫سفهاء ـ ورب الرض والسماء ـ من أتعبوا أنفسهم للنيل منه ‪ ،‬وهو بأعي ربه الذي أنزل عليه‪:‬‬
‫خوّفُوَنكَ بِالّذِي َن مِن دُوِنهِ َومَن ُيضْلِ ِل الّلهُ َفمَا َلهُ مِ ْن هَادٍ) (الزمر‪36 :‬‬
‫ف عَبْ َد ُه وَيُ َ‬
‫(أَلَْيسَ الّلهُ بِكَا ٍ‬
‫)‪...‬‬
‫بلى‪ ..‬كافيه وكاف من معه‪...‬لكن الذين ران على قلوبم الغل بشت أصنافه وغطاها ليل العماهة‬
‫بظلمه ظلوا على حالم يتخبطون بي الكيد والكر ‪ ،‬واليانة والغدر‪...‬وكانت‬
‫الناورة السابعة‪...‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫قصة الشاة السمومة والبهان الذي ظهر‬

‫‪46‬‬
‫‪-‬قال البخاري رواه عروة عن عائشة عن النب صلى ال عليه وسلم ث قال حدثنا عبد ال بن يوسف‬
‫ثنا الليث حدثن سعيد عن أب هريرة قال لا فتحت خيب أهديت لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫شاة فيها سم‪ ...‬هكذا أورده ها هنا متصرا‪..‬‬
‫‪-‬وقد قال المام احد حدثنا حجاج ثنا ليث عن سعيد بن أب سعيد عن أب هريرة قال لا فتحت‬
‫خيب أهديت للنب صلى ال عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اجعوا ل‬
‫من كان ها هنا من يهود‪ ..‬فجمعوا له فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن سائلكم عن شيء فهل‬
‫أنتم صادقي عنه ؟ قالوا‪ :‬نعم يا أبا القاسم‪ ..‬فقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬من أبوكم ؟‬
‫قالوا‪ :‬أبونا فلن‪ ..‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬كذبتم‪ ،‬بل أبوكم فلن‪ ...‬قالوا‪ :‬صدقت‬
‫وبررت‪ ..‬فقال‪ :‬هل أنتم صادقي عن شيء إذا سألتكم عنه؟ قالوا‪ :‬نعم يا أبا القاسم‪ ،‬وإن كذبنا‬
‫عرفت كذبنا كما عرفته ف أبينا‪...‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬من أهل النار ؟ فقالوا‪:‬‬
‫نكون فيها يسيا ث تلفونا فيها‪ ..‬فقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬وال ل نلفكم فيها‬
‫أبدا‪ ..‬ث قال لم‪ :‬هل أنتم صادقي عن شيء إذا سألتكم؟ فقالوا‪ :‬نعم يا أبا القاسم‪ ..‬فقال‪ :‬هل‬
‫جعلتم ف هذه الشاة سا؟ فقالوا‪ :‬نعم‪....‬قال‪ :‬ما حلكم على ذلك ؟ قالوا‪ :‬أردنا إن كنت كاذبا أن‬
‫نستريح منك وإن كنت نبيا ل يضرك‪ ..‬وقد رواه البخاري ف الزية عن عبد ال بن يوسف وف‬
‫الغازي أيضا عن قتيبة كلها عن الليث به‪..‬‬
‫‪-‬وقال البيهقي أنبأنا أبو عبد ال الافظ أنبأنا أبو العباس الصم حدثنا سعيد بن سليمان ثنا عباد بن‬
‫العوام عن سفيان بن حسي عن الزهري عن سعيد بن السيب وأب سلمة بن عبد الرحن عن أب‬
‫هريرة أن امرأة من يهود أهدت لرسول ال صلى ال عليه وسلم شاة مسمومة فقال لصحابه‪:‬‬
‫أمسكوا فإنا مسمومة‪ ..‬وقال لا‪ :‬ما حلك على ما صنعت؟ قالت‪ :‬أردت أن أعلم إن كنت نبيا‬
‫فسيطلعك ال عليه وإن كنت كاذبا أريج الناس منك‪ ..‬قال فما عرض لا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم رواه أبو داود عن هارون بن عبد ال عن سعيد بن سليمان به‪..‬‬
‫‪ -‬ث روى البيهقي عن طريق عبد اللك بن أب نضرة عن أبيه عن جابر بن عبد ال نو ذلك وقال‬
‫المام احد حدثنا شريح ثنا عباد عن هلل هو ابن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة من‬
‫اليهود أهدت لرسول ال صلى ال عليه وسلم شاة مسمومة فأرسل إليها فقال‪ :‬ما حلك على ما‬
‫صنعت؟ قالت‪ :‬أحببت أو أردت إن كنت نبيا فان ال سيطلعك عليه وإن ل تكن نبيا أريح الناس‬
‫منك‪ ...‬قال فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا وجد من ذلك شيئا احتجم قال فسافر مرة‬
‫فلما أحرم وجد من ذلك شيئا فاحتجم تفرد به أحد وإسناده حسن‬
‫‪-‬وف الصحيحي من حديث شعبة عن هشام ابن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء با إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪47‬‬
‫فسألا عن ذلك قالت‪ :‬أردت لقتلك‪ ..‬فقال صلى ال عليه وسلم‪:‬ما كان ال ليسلطك علي أو قال‬
‫على ذلك‪...‬قالوا أل تقتلها ؟ قال‪ :‬ل‪ ..‬قال أنس فما زلت أعرفها ف لوات رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬وقال أبو داود حدثنا سليمان بن داود الهري ثنا ابن وهب أخبن يونس عن ابن شهاب قال كان‬
‫جابر بن عبد ال يدث أن يهودية من أهل خيب ست شاة مصلية ث أهدتا لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فأخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم الذراع فأكل منها وأكل رهط من أصحابه معه ث قال‬
‫لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬ارفعوا أيديكم‪...‬وأرسل رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الرأة‬
‫فدعاها فقال لا‪ :‬أسمت هذه الشاة ؟ قالت اليهودية‪ :‬من أخبك ؟ قال‪ :‬أخبتن هذه الت ف يدي ‪،‬‬
‫وهي الذراع‪ ..‬قالت‪ :‬نعم‪ ..‬قال‪ :‬فما أردت بذلك؟ قالت‪ :‬قلت إن كنت نبيا فلن يضرك وإن ل‬
‫تكن نبيا استرحنا منك‪ ...‬فعفا عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يعاقبها ؛ وتوف بعض‬
‫أصحابه الذين أكلوا من الشاة‪ ...‬واحتجم النب صلى ال عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل‬
‫من الشاة حجمه أبو هند بالقرن والشفرة ‪ ،‬وهو مول لبن بياضة من النصار‪..‬‬
‫‪ -‬ث قال أبو داود حدثنا وهب بن بقية ثنا خالد عن ممد بن عمرو عن أب سلمة أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أهدت له يهودية بيب شاة مصلية ‪ ،‬نو حديث جابر ‪ ،‬قال‪ :‬فمات بشر ابن‬
‫الباء بن معرور فأرسل إل اليهودية فقال‪ :‬ما حلك على الذي صنعت؟ فذكر نو حديث جابر؛‬
‫فأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم فقتلت ول يذكر أمر الجامة‪.‬‬
‫‪-‬قال البيهقي ورويناه من حديث حاد ابن سلمة عن ممد بن عمرو عن أب سلمة عن أب هريرة‬
‫قال ويتمل أنه ل يقتلها ف البتداء ث لا مات بشر بن الباء أمر بقتلها وروى البيهقي من حديث‬
‫عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحن بن كعب بن مالك أن امرأة يهودية أهدت إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم شاة مصلية بيب‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذه؟ قالت هدية وحذرت أن تقول‬
‫صدقة فل يأكل‪ ..‬قال فأكل وأصحابه ‪ ،‬ث قال‪ :‬امسكوا‪ ...‬ث قال للمرأة‪ :‬هل سمتها؟ قالت‪ :‬من‬
‫أخبك هذا؟ قال‪ :‬هذا العظم ‪،‬لساقها وهو ف يده‪ ...‬قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ل ؟ قالت‪ :‬أردت إن كنت‬
‫كاذبا أن نستريح منك وإن كنت نبيا ل يضرك‪...‬قال فاحتجم رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا‪ ،‬ومات بعضهم‪..‬‬
‫‪ -‬قال الزهري فأسلمت فتركها النب صلى ال عليه وسلم؛ قال البيهقي هذا مرسل ولعله قد يكون‬
‫عبد الرحن حله عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه وذكر ابن ليعة عن أب السود عن عروة‬
‫وكذلك موسى بن عقبة عن الزهري قالوا لا فتح رسول ال صلى ال عليه وسلم خيب وقتل منهم‬
‫من قتل أهدت زينب بنت الارث اليهودية وهي ابنة أخي مرحب لصفية شاة مصلية وستها‬
‫وأكثرت ف الكتف والذراع لنه بلغها أنه أحب أعضاء الشاة إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪48‬‬
‫فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم على صفية ومعه بشر بن الباء بن معرور وهو أحد بن سلمة‬
‫فقدمت إليهم الشاة الصلية فتناول رسول ال صلى ال عليه وسلم الكتف وانتهش منها وتناول بشر‬
‫عظما فانتهش منه فلما استرط رسول ال صلى ال عليه وسلم لقمته استرط بشر بن الباء ما ف فيه‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ارفعوا أيديكم فان كتف هذه الشاة يبن أن نعيت‬
‫فيها‪..‬فقال بشر بن الباء‪ :‬والذي أكرمك لقد وجدت ذلك ف أكلت الت أكلت فما منعن إن ألفظها‬
‫إل أن أعظمتك أن أبغضك طعامك فلما أسغت ما ف فيك ل ارغب بنفسي عن نفسك ورجوت أن‬
‫ل تكون استرطتها وفيها نعي فلم يقم بشر من مكانه حت عاد لونه كالطيلسان وماطله وجعه حت‬
‫كان ل يتحول حت يول‪ ...‬قال الزهري قال جابر‪ :‬واحتجم رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ‪،‬‬
‫حجمه مول بن بياضة بالقرن والشفرة وبقي رسول ال صلى ال عليه وسلم بعده ثلث سني حت‬
‫كان وجعه الذي توف فيه فقال‪ :‬ما زلت أجد من الكلة الت أكلت من الشاة يوم خيب عدادا حت‬
‫كان هذا أوان انقطاع أبري ؛ فتوف رسول ال صلى ال عليه وسلم شهيدا‪...‬‬
‫وقال ممد بن إسحاق فلما اطمأن رسول ال صلى ال عليه وسلم أهدت له زينب بنت الارث‬
‫امرأة سلم ابن مشكم شاة مصلية وقد سألت أي عضو أحب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقيل لا الذراع ‪ ،‬فأكثرت فيها من السم ث ست سائر الشاة ث جاءت با فلما وضعتها بي يديه‬
‫تناول الذراع فلك منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن الباء بن معرور قد اخذ منها كما أخذ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فأما بشر فاساغها وأما رسول ال صلى ال عليه وسلم فلفظها ث‬
‫قال‪ :‬إن هذا العظم ليخبن أنه مسموم‪ ..‬ث دعا با فاعترفت ؛ فقال‪ :‬ما حلك على ذلك؟ قالت‪:‬‬
‫بلغت من قومي ما ل يف عليك فقلت إن كان كذابا استرحت منه وإن كان نبيا فسيخب‪ ...‬قال‬
‫فتجاوز عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم ومات بشر من أكلته الت أكل‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن إسحاق وحدثن مروان بن عثمان بن أب سعيد بن العلى قال كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قد قال ف مرضه الذي توف فيه ودخلت عليه أخت بشر بن الباء بن معرور يا أم بشر إن‬
‫هذا الوان وجدت انقطاع أبري من الكلة الت أكلت مع أخيك بيب قال ابن هشام البر العرق‬
‫العلق بالقلب قال فان كان السلمون ليون أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مات شهيدًا مع ما‬
‫أكرمه ال به من النبوة وقال الافظ أبو بكر البزار حدثنا هلل بن بشر وسليمان بن يوسف الران‬
‫قال ثنا أبو غياث سهل بن حاد ثنا عبد اللك بن اب نضرة عن أبيه عن أب سعيد الدري أن يهودية‬
‫أهدت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم شاة سيطا فلما بسط القوم أيديهم قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬أمسكوا فان عضو من أعضائها يبن أنا مسمومة‪ ...‬فأرسل ال صاحبتها‪ :‬أسمت‬
‫طعامك ؟ قالت‪ :‬نعم‪..‬قال‪ :‬ما حلك على ذلك؟ قالت‪ :‬إن كنت كذابا أن أريح الناس منك وإن‬
‫كنت صادقا علمت أن ال سيطلعك عليه‪ ..‬فبسط يده وقال‪:‬كلوا بسم ال‪ ..‬قال فأكلنا‪ ،‬وذكرنا‬

‫‪49‬‬
‫اسم ال‪ ،‬فلم يضر أحد منا‪ ...‬ث قال ل يروى عن عبد اللك بن أب نضرة إل من هذا الوجه‪..‬قلت‬
‫وفيه نكارة وغرابة شديدة وال أعلم‪.‬‬
‫‪ -‬وذكر الواقدي أن عيينة بن حصن قبل أن يسلم رأى ف منامه رؤيا ورسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ماصر خيب فطمع من رؤياه أن يقاتل رسول ال صلى ال عليه وسلم فيظفر به فلما قدم على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم خيب وجده قد افتتحها فقال‪ :‬يا ممد اعطن ما غنمت من حلفائي‪،‬‬
‫يعن أهل خيب‪ ..‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬كذبت رؤياك ‪ ،‬وأخبه با رأى‪ ..‬فرجع‬
‫عيينة فلقيه الارث بن عوف فقال‪ :‬أل أقل إنك توضع ف غي شيء وال ليظهرن ممد على ما بي‬
‫الشرق والغرب وإن يهود كانوا يبوننا بذا ؛ أشهد لسمعت أبا رافع سلم بن أب القيق يقول إنا‬
‫لنحسد ممدًا على النبوة حيث خرجت من بن هارون إنه لرسل ويهود ل تطاوعن على هذا ولنا‬
‫منه ذبان واحد بيثرب وآخر بيب‪..‬قال الارث‪:‬قلت لسلم يلك الرض ؟ قال‪ :‬نعم والتوراة الت‬
‫أنزلت على موسى وما أحب أن تعلم يهود بقول فيه‪ ...‬اهـ‪.‬‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء(‪)4‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‬
‫حديث مسلم ف كتاب السلم باب السم‬
‫حدثنا يي بن حبيب الارثي‪ .‬حدثنا خالد بن الارث‪ .‬حدثنا شعبة عن هشام بن زيد‪ ،‬عن أنس؛ أن‬
‫امرأة يهودية أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم بشاة مسمومة‪ .‬فأكل منها‪ .‬فجيء با إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬فسألا عن ذلك؟ فقالت‪ :‬أردت لقتلك‪ .‬قال" ما كان ال ليسلطك على‬
‫ذاك" قال أو قال "علي" قال قالوا‪ :‬أل نقتلها؟ قال "ل" قال‪ :‬فما زلت أعرفها ف لوات رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫قال النووي‬
‫قوله‪( :‬أن يهودية أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء با إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فسألا عن ذاك قالت أردت لقتلك‪ ،‬قال‪ :‬وما كان ال ليسلطك على ذاك‬
‫قال أو قال علي‪ ،‬قالوا‪ :‬أل نقتلها؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فما زلت أعرفها ف لوات رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم)‪ .‬وف الرواية الخرى‪( :‬جعلت سا ف لم)‪ .‬أما السم فبفتح السي وضمها وكسرها‬
‫ثلث لغات الفتح أفصح جعه سام وسوم‪ .‬وأما اللهوات فبفتح اللم والاء جع لات بفتح اللم‬
‫وهي اللحمة المراء العلقة ف أصل النك قاله الصمعي‪ .‬وقيل اللحمات اللوات ف سقف أقصى‬
‫الفم‪ .‬وقوله‪( :‬ما زلت أعرفها) أي العلمة كأنه بقي للسم علمة وأثر من سواد أو غيه‪ .‬وقولم‪:‬‬
‫(أل نقتلها) هي بالنون ف أكثر النسخ وف بعضها بتاء الطاب‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلم "ما كان‬
‫ال ليسلطك على ذاك أو قال علي" فيه بيان عصمته صلى ال عليه وسلم من الناس كلهم كما قال‬

‫‪50‬‬
‫ال تعال‪{ :‬وال يعصمك من الناس} وهي معجزة لرسول ال صلى ال عليه وسلم ف سلمته من‬
‫السم الهلك لغيه وف إعلم ال تعال له بأنا مسمومة وكلم عضو منه له فقد جاء ف غي مسلم أنه‬
‫صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬إن الذراع تبن أنا مسمومة"‪ ...‬وهذه الرأة اليهودية الفاعلة للسم اسها‬
‫زينب بنت الارث أخت مرحب اليهودي روينا تسميتها هذه ف مغازي موسى بن عقبة ودلئل‬
‫النبوة للبيهقي قال القاضي عياض‪ :‬واختلف الثار والعلماء هل قتلها النب صلى ال عليه وسلم أم ل؟‬
‫فوقع ف صحيح مسلم أنم قالوا‪ :‬أل نقتلها؟ قال‪ :‬ل‪ .‬ومثله عن أب هريرة وجابر‪ .‬وعن جابر من‬
‫رواية أب سلمة أنه صلى ال عليه وسلم قتلها‪ .‬وف رواية ابن عباس أنه صلى ال عليه وسلم دفعها إل‬
‫أولياء بشر بن الباء بن معرور وكان أكل منها فمات با فقتلوها‪ .‬وقال ابن سحنون‪ :‬أجع أهل‬
‫الديث أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قتلها‪ .‬قال القاضي‪ :‬وجه المع بي هذه الروايات‬
‫والقاويل أنه ل يقتلها أولً حي اطلع على سها وقيل له اقتلها فقال ل فلما مات بشر بن الباء من‬
‫ذلك سلمها لوليائه فقتلوها قصاصا‪ ،‬فيصح قولم ل يقتلها أي ف الال‪ ،‬ويصح قولم قتلها أي بعد‬
‫ذلك وال أعلم‪....‬‬
‫*** ماذا تركوا فلم ياولوا؟‪...‬من عصابة القريشيي وما أبرموا إل الت أهدت الشاة وقد ستها حت‬
‫العظم‪ ،‬مرورا بالذي سل السيف الصارم تت الشجرة‪ ،‬وذاك الذي أعد للطعن خنجرا دسه بي‬
‫طيات ثوبه‪ ،‬والخر الذي اتعب كاهله بمله الصخرة الصماء‪ ،...،‬خابوا وخسروا‪ ...‬وباءت كل‬
‫مناوراتم بالفشل‪ ...‬لكنهم ل يعتبوا‪ ،‬لن القلوب أغلقتها أقفالا‪ ،‬والعيون أعمتها غشاوتا‪ ...‬فكلما‬
‫فشلوا عاودوا الكرة‪ ،‬وكلما عادوا أحبط ال أعمالم وجعل البوار نصيبهم‪...‬ومع ما تكبدوا من‬
‫فادح خسارات وترعوا من خانق الهانات‪ ،‬كانت‬
‫الناورة الثامنة‪...‬‬

‫*** حاول الغضوب عليهم التأثي على عقل العصوم حيث لأ خبثاؤهم إل السحر‪ ...‬فيا‬
‫لغباوتم‪ ...‬كيف ينالون من الذي أنزل ال عليه‪َ ( :‬ومَا هُم ِبضَآرّينَ ِبهِ مِنْ َأحَدٍ إِلّ بِِإذْنِ الّلهِ)؟؟‬
‫(البقرة ‪)102 :‬؛ أم كيف يكون لسحرهم تأثي على لب الصطفى وهو الذي يتلو فيما نزّل عليه‬
‫من ربه‪( :‬وَلَ ُيفْلِ ُح السّا ِحرُونَ) (يونس ‪)77 :‬؛ (وَلَا ُيفْلِ ُح السّا ِحرُ حَْيثُ أَتَى) (طه‪ ...)69 :‬أل‬
‫يدون ف كتبهم قبل أن يرفوا كلمها عن مواضعه أن سحرة فرعون فشلوا لا عارضوا موسى عليه‬
‫ح َرةُ سَاجِدِينَ) (العراف ‪)120 :‬؛‬ ‫السلم‪ ،‬وأنبأنا به العليم البي ف قوله عز من قائل‪( :‬وَأُْلقِيَ السّ َ‬
‫ح َرةُ سَاجِدِينَ) (الشعراء ‪...)46 :‬تال إن السحرة‬ ‫ح َرةُ سُجّدا) (طه ‪)70 :‬؛ (فَأُْلقِيَ السّ َ‬
‫(فَأُْلقِيَ السّ َ‬
‫الذين عاشوا زمن ابن عمران عليه السلم كانوا أفضل من عاصروا ممدًا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لنم‬
‫لا عرفوا الق انصاعوا له وسجدوا ل وأعلنوا إيانم به غي مبالي بتهديدات فرعون وعصابته‬

‫‪51‬‬
‫الجرمي بتقطيع اليدي والرجل والتصليب على جذوع النخل‪ ...‬قال تعال عنهم‪( :‬قَالُوْا آمَنّا ِب ِربّ‬
‫اْلعَالَ ِميَ) (العراف ‪ )12 :‬و(الشعراء ‪ ،)47 :‬وصرخوا ف وجه الطاغية الذي استكب ف الرض‬
‫يذبح ويقتل ويسوم بن إسرائيل سوء الذاب‪( ،‬قَالُوا لَن ّنؤِْثرَ َك َعلَى مَا جَاءنَا مِنَ اْلبَيّنَاتِ وَالّذِي فَ َطرَنَا‬
‫حيَاةَ الدّنْيَا * ِإنّا آمَنّا ِبرَبّنَا لَِي ْغ ِفرَ َلنَا خَطَايَانَا َومَا أَ ْك َرهَْتنَا عََلْيهِ‬
‫ض مَا أَنتَ قَاضٍ ِإنّمَا َت ْقضِي هَ ِذهِ الْ َ‬ ‫فَاقْ ِ‬
‫حرِ وَالّلهُ َخْيرٌ وََأْبقَى) (طه ‪...)73-72 :‬‬ ‫مِنَ السّ ْ‬
‫فالذين عرفوا ممدًا صلى ال عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم‪ ،‬ويدونه مكتوبًا عندهم ف كتبهم‪،‬‬
‫ختم ال على قلوبم فهم ل يفقهون‪ ،‬وطمس على أعينهم فهم ل يبصرون‪ ،‬وجعل ف آذانم الوقر‬
‫فهم ل يسمعون‪ ...‬أليسوا بأضل من النعام ؟؟؟‬
‫روى البخاري ف كتاب بدء اللق؛ وف كتاب الدب؛ وف كتاب الزية؛ وف كتاب الدعوات وف‬
‫كتاب الطب باب‪ :‬السحر‪.‬‬
‫وقول ال تعال‪{ :‬ولك ّن الشياطي كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على اللكي ببابل هاروت‬
‫وماروت وما يعلمان من أحد حت يقول إنا نن فتنة فل تكفر فيتعلمون منها ما يفرّقون به بي الرء‬
‫وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل بإذن ال ويتعلمون ما يضرّهم ول ينفعهم ولقد علموا لَمَنِ‬
‫اشتراه ما له ف الخرة من خلق} ‪/‬البقرة‪./102 :‬وقوله تعال‪{ :‬ول يفلح الساحر حيث أتى}‬
‫‪/‬طه‪./69:‬وقوله‪{ :‬أفتأتون السحر وأنتم تبصرون} ‪/‬النبياء‪./3:‬وقوله‪{ :‬يُخيّل إليه من سحرهم أنا‬
‫تسعى} ‪/‬طه‪./66:‬‬
‫وقوله‪{ :‬ومن ش ّر الّنفّاثات ف العقد} ‪/‬الفلق‪ :/4:‬والّنفّاثات‪ :‬السواحر‪{ .‬تُسْحَرون} ‪/‬الؤمنون‪:‬‬
‫‪ُ :/89‬تعَ ّموْن‪.‬‬
‫‪ -‬حدثنا إبراهيم بن موسى‪ :‬أخبنا عيسى بن يونس‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة رضي ال عنها‬
‫قالت‪ :‬سحر رسو َل ال صلى ال عليه وسلم رجل من بن ُزرَيق‪ ،‬يقال له لبيد بن العصم‪ ،‬حت كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ييل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله‪ ،‬حت إذا كان ذات يوم أو ذات‬
‫ليلة وهو عندي‪ ،‬لكنه دعا ودعا‪ ،‬ث قال‪( :‬يا عائشة‪ ،‬أ َش َع ْرتِ أن ال أفتان فيما استفتيته فيه‪ ،‬أتان‬
‫رجلن‪ ،‬فقعد أحدها عند رأسي‪ ،‬والخر عند رجلي‪ ،‬فقال أحدها لصاحبه‪ :‬ما وجع الرجل؟ فقال‪:‬‬
‫مطبوب‪ ،‬قال‪ :‬من طبّه؟ قال‪ :‬لبيد بن العصم‪ ،‬قال‪ :‬ف أي شيء؟ قال‪ :‬ف مُشط ومُشاطة‪ ،‬وجُفّ‬
‫طَلْع نلة ذَكَر‪ .‬قال‪ :‬وأين هو؟ قال‪ :‬ف بئر َذرْوان)‪ .‬فأتاها رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ناس‬
‫من أصحابه‪ ،‬فجاء فقال‪( :‬يا عائشة‪ ،‬كأن ماءها نُقاعة الِنّاء‪ ،‬أو كأن رؤوس نلها رؤوس‬
‫الشياطي)‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول ال‪ :‬أفل استخرجته؟ قال‪( :‬قد عافان ال‪ ،‬فكرهت أن أَث ّو َر على الناس‬
‫فيه شرا)‪ .‬فأمر با فدُفنت‪.‬تابعه أبو أسامة وأبو ضمرة وابن أب الزناد‪ ،‬عن هشام‪.‬وقال الليث وابن‬

‫‪52‬‬
‫عُيَينة‪ ،‬عن هشام‪( :‬ف مُشط ومُشاقة)‪.‬يقال‪ :‬الُشاطة‪ :‬ما يرج من الشعر إذا مشط‪ ،‬والُشاقة‪ :‬من‬
‫مُشاقة الكَتّان‪.‬‬
‫باب‪ :‬هل يُستخرج السحر‪.‬‬
‫شرُ؟ قال‪:‬‬‫وقال قتادة‪ :‬قلت لسعيد بن السيّب‪ :‬رجل به ِطبّ‪ ،‬أو‪ :‬يُؤخذ عن امرأته‪ ،‬أُيحَلّ عنه أو يَُن ّ‬
‫ل بأس به‪ ،‬إنا يريدون به الصلح‪ ،‬فأما ما ينفع الناس فلم يُْنهَ عنه‪.‬‬
‫‪ -‬حدثن عبد ال بن ممد قال‪ :‬سعت ابن عُيَينة يقول‪ :‬أول من حدثنا به ابن ُجرَيج يقول‪ :‬حدثن‬
‫آل عروة‪ ،‬عن عروة‪ ،‬فسألت هشاما عنه‪ ،‬فحدثنا عن أبيه‪ ،‬عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان‬
‫حرَ‪ ،‬حت كان يرى أنه يأت النساء ول يأتيهن‪ ،‬قال سفيان‪ :‬وهذا‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم سُ ِ‬
‫أشد ما يكون من السحر‪ ،‬إذا كان كذا‪ ،‬فقال‪( :‬يا عائشة‪ ،‬أعَِل ْمتِ أن ال قد أفتان فيما استفتيته فيه‪،‬‬
‫أتان رجلن‪ ،‬فقعد أحدها عند رأسي‪ ،‬والخر عند رجليّ‪ ،‬فقال الذي عند رأسي للخر‪ :‬ما بال‬
‫الرجل؟ قال‪ :‬مطبوب‪ ،‬قال‪ :‬ومن طبّه؟ قال‪ :‬لبيد بن أعصم ‪ -‬رجل من بن ُزرَيق حليف ليهود كان‬
‫ف طلع ٍة ذَ َكرٍ‪ ،‬تت رَعوفة ف‬ ‫منافقا ‪ -‬قال‪ :‬وفيم؟ قال‪ :‬ف مُشط ومُشاقة‪ ،‬قال‪ :‬وأين؟ قال‪ :‬ف جُ ّ‬
‫بئر ذروان)‪ .‬قالت‪ :‬فأتى النب صلى ال عليه وسلم البئر حت استخرجه‪ ،‬فقال‪( :‬هذه البئر الت أريتها‪،‬‬
‫وكأن ماءها نقاعة النّاء‪ ،‬وكأن نلها رؤوس الشياطي)‪ .‬قال‪ :‬فاستخرج‪ ،‬قالت‪ :‬فقلت‪ :‬أفل؟ ‪ -‬أي‬
‫تنشّرت ‪ -‬فقال‪( :‬أما وال فقد شفان ال‪ ،‬وأكره أن أثي على أحد من الناس شرا)‪.‬‬
‫باب‪ :‬السحر‪.‬‬
‫‪ -‬حدثنا عبيد بن إساعيل‪ :‬حدثنا أبو أسامة‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة قالت‪:‬‬
‫سُحر النب صلى ال عليه وسلم حت إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله‪ ،‬حت إذا كان ذات يوم‬
‫وهو عندي‪ ،‬دعا ال ودعاه‪ ،‬ث قال‪( :‬أ َش َع ْرتِ يا عائشة أن ال قد أفتان فيما استفتيته فيه)‪ .‬قلت‪:‬‬
‫وما ذاك يا رسول ال؟ قال‪( :‬جاءن رجلن‪ ،‬فجلس أحدها عند رأسي‪ ،‬والخر عند رجليّ‪ ،‬ث قال‬
‫أحدها لصاحبه‪ :‬ما وجع الرجل؟ قال‪ :‬مطبوب‪ ،‬قال‪ :‬ومن طبّه؟ قال‪ :‬لبيد بن العصم اليهودي من‬
‫بن ُزرَيق‪ ،‬قال‪ :‬ف ماذا؟ قال‪ :‬ف مُشط ومُشاطة وجُفّ َط ْلعَ ٍة ذَكَر‪ ،‬قال‪ :‬فأين هو؟ قال‪ :‬ف بئر ذي‬
‫أروان)‪ .‬قال‪ :‬فذهب النب صلى ال عليه وسلم ف أناس من أصحابه إل البئر‪ ،‬فنظر إليها وعليها نل‪،‬‬
‫ث رجع إل عائشة فقال‪( :‬وال لكأن ماءها نقاعة النّاء‪ ،‬ولكأن نلها رؤوس الشياطي)‪ .‬قلت‪ :‬يا‬
‫رسول ال أفأخرجته؟ قال‪( :‬ل‪ ،‬أما أنا فقد عافان ال وشفان‪ ،‬وخشيت أن أثوّر على الناس منه‬
‫شرا)‪ .‬أمر با فدُفنت‪.‬‬
‫وف كتاب الدعوات باب‪ :‬تكرير الدعاء‪.‬‬
‫‪ -‬حدثنا إبراهيم بن منذر‪ :‬حدثنا أنس بن عياض‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة رضي ال عنها‪:‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ُطبّ‪ ،‬حت أنه ليخيل إليه أنه قد صنع الشيء وما صنعه‪ ،‬وإنه دعا‬

‫‪53‬‬
‫ربه‪ ،‬ث قال‪( :‬أشعرت أن ال قد أفتان فيما استفتيته فيه)‪ .‬فقالت عائشة‪ :‬فما ذاك يا رسول ال؟‬
‫قال‪( :‬جاءن رجلن‪ ،‬فجلس أحدها عند رأسي‪ ،‬والخر عند رجلي‪ ،‬فقال أحدها لصاحبه‪ :‬ما وجع‬
‫الرجل؟ قال‪ :‬مطبوب‪ ،‬قال‪ :‬من طبّه؟ قال‪ :‬لبيد بن العصم‪ ،‬قال‪ :‬ف ماذا؟ قال‪ :‬ف مشط ومشاطة‬
‫وجف طلعة‪ ،‬قال‪ :‬فأين هو؟ قال‪ :‬ف ذروان)‪ .‬وذروان بئر ف بن زريق‪ ،‬قالت‪ :‬فأتاها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ث رجع إل عائشة‪ ،‬فقال‪( :‬وال لكأن ماءها نقاعة الناء‪ ،‬ولكأن نلها رؤوس‬
‫الشياطي)‪ .‬قالت‪ :‬فأتى رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبها عن البئر‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال فهل‬
‫أخرجته؟ قال‪( :‬أما أنا فقد شفان ال‪ ،‬وكرهت أن أثي على الناس شرا)‪.‬زاد عيسى بن يونس‬
‫والليث بن سعد‪ ،‬عن هشام‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة قالت‪ :‬سحر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فدعا‬
‫ودعا‪ ،‬وساق الديث‪.‬‬
‫ورواه مسلم ف كتاب السلم ؛ باب السحر‬
‫حدثنا أبو كريب‪ .‬حدثنا ابن ني عن هشام‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة‪ .‬قالت‪:‬‬
‫سحر رسول ال صلى ال عليه وسلم يهودي من يهود بن زريق‪ .‬يقال له‪ :‬لبيد بن العصم‪ .‬قالت‪:‬‬
‫حت كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ييل إليه أنه يفعل الشيء‪ ،‬وما يفعله‪ .‬حت إذا كان ذات‬
‫يوم‪ ،‬أو ذات ليلة‪ ،‬دعا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ث دعا‪ .‬ث دعا‪ .‬ث قال "يا عائشة! أشعرت‬
‫أن ال أفتان فيما استفتيته فيه؟ جاءن رجلن فقعد أحدها عند رأسي والخر عند رجلي‪ .‬فقال‬
‫الذي عند رأسي للذي عند رجلي‪ ،‬أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي‪ :‬ما وجع الرجل؟ قال‪:‬‬
‫مطبوب‪ .‬قال‪ :‬من طبه؟ قال‪ :‬لبيد بن العصم‪ .‬قال‪ :‬ف آي شيء؟ قال‪ :‬ف مشط ومشاطه‪ .‬قال‬
‫وجب طلعة ذكر‪ .‬قال‪ :‬فأين هو؟ قال‪ :‬ف بئر ذي أروان"‪ .‬قالت‪ :‬فأتاها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف أناس من أصحابه‪ .‬ث قال "يا عائشة! وال! لكأن ماءها نقاعة الناء‪ .‬ولكأن نلها رؤوس‬
‫الشياطي"‪.‬قالت فقلت‪ :‬يا رسول ال! أفل أحرقته؟ قال "ل‪ .‬أما أنا فقد عافان ال‪ .‬وكرهت أن أثي‬
‫على الناس شرا‪ .‬فأمرت با فدفنت"‪.‬‬
‫حدثنا أبو كريب‪ .‬حدثنا أو أسامة‪ .‬حدثنا هشام عن أبيه‪ ،‬عن عائشة‪ .‬قالت‪:‬سحر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ .‬وساق أبو كريب الديث بقصته‪ ،‬نو حديث ابن ني‪ .‬وقال فيه‪ :‬فذهب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إل البئر‪ .‬فنظر إليها وعليها نل‪ .‬وقالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال! فأخرجه‪ .‬ول‬
‫يقل‪ :‬أفل أحرقته؟ ول يذكر" فأمرت با فدفنت"‪.‬‬
‫*** ولتنبح كلب الغدر حت الصعر‪...‬فقافلة اليان تر‪ ،‬نور الق يفتح طريقها‪ ،‬وترتيل القرآن‬
‫يدوها‪ ،‬وسيوف الرجال الوفياء الذين (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الّل َه عََلْيهِ) تميها‪ ...‬من طال لسانه‬
‫قصروه فأخرصوه‪ ،‬ومن مد يده ضربوا عنقه فأسكتوه‪...‬‬

‫‪54‬‬
‫لكن‪ ...‬كلما ازداد دين ال الذي ارتضاه لعباده الؤمني عزا وسؤددا‪ ،‬سعّرت نيانُ بغض البغضي‬
‫تشوي أفئدتم الفاسدة‪ ..‬وتزج بم إل ما ل عاقبة له إل الدرك السفل من لظى‪ ،‬تلكم الناعة‬
‫للشوى‪ ..‬ورغم كونم كلما أشعلوا نارا ل يرقوا با إل أنفسهم‪ ،‬كانت‪.‬‬
‫الناورة التاسعة‪...‬‬
‫قال القاضي عياض ف " الشفا بتعريف حقوق الصطفى"‬
‫ومن مشهور ذلك خب عامر بن الطفيل‪ ،‬وأربد بن قيس ـ حي وفدا على النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكان عامر قال له ‪ :‬أنا أشغل عنك وجه ممد فاضربه أنت‪ .‬فلم يره فعل شيئًا‪ ،‬فلما كلمه‬
‫ف ذلك قال له‪ :‬وال ما همت أن أضربه إل وجدتك بين و بينه‪ ،‬أفأضربك؟‪...‬‬
‫وقال ابن كثي ف "البداية والنهاية "‪:‬‬
‫وفد بن عامر وقصة عامر بن الطفيل واربد بن مقيس‬
‫قال ابن إسحاق وقدم على رسول ال صلى ال عليه وسلم وفد بن عامر بن الطفيل وأربد بن مقيس‬
‫ابن جزء بن جعفر بن خالد وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر وكان هؤلء الثلثة رؤساء القوم‬
‫وشياطينهم وقدم عامر بن الطفيل عدو ال على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يريد الغدر به‬
‫وقد قال له قومه يا أبا عامر‪ :‬إن الناس قد اسلموا فاسلم‪ ..‬قال‪ :‬وال لقد كنت آليت أل أنتهي حت‬
‫تتبع العرب عقب‪ ،‬فأنا أتبع عقب هذا الفت من قريش؟ ث قال لربد‪ :‬إن قدمنا على الرجل فأن‬
‫سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فأعله بالسيف‪...‬فلما قدموا على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال عامر بن الطفيل‪ :‬يا ممد خالن ‪..‬قال‪ :‬ل وال حت تؤمن بال وحده‪ ...‬قال‪ :‬يا ممد‬
‫خالن‪ ..‬قال وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به فجعل أربد ل يي شيئا فلما رأى عامر ما‬
‫يصنع أربد قال ‪ :‬يا ممد خالن‪ ..‬قال ل حت تؤمن بال وحده ل شريك له‪ ,‬فلما أب عليه رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم؛ قال‪ :‬أما وال لملنا عليك خيلً ورجالًا‪ ...‬فلما ول قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬اللهم اكفن عامر بن الطفيل فلما خرجوا من عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال عامر بن الطفيل لربد‪ :‬أين ما كنت أمرتك به ؟ وال ما كان على ظهر الرض رجل أخوف‬
‫على نفسي منك‪ ،‬وأي ال ل أخافك بعد اليوم أبدا‪ ...‬قال ‪ :‬ل أبالك‪ ،‬ل تعجل علي‪ ،‬وال ما همت‬
‫بالذي أمرتن به إل دخلت بين وبي الرجل حت ما أرى غيك‪ ..‬أفأضربك بالسيف؟؟ وخرجوا‬
‫راجعي إل بلدهم حت إذا كانوا ببعض الطريق بعث ال عز وجل على عامر بن الطفيل الطاعون ف‬
‫عنقه فقتله ال ف بيت امرأة من بن سلول فجعل يقول‪ :‬يا بن عامر أغدة كغدة البكر ف بيت امرأة‬
‫من بن سلول؟‪ -‬قال ابن هشام ويقال أغدة كغدة البل وموت ف بيت سلولية؟‬
‫‪-‬وروى الافظ البيهقي من طريق الزبي بن بكار حدثتن فاطمة بنت عبد العزيز بن موءلة عن أبيها‬
‫عن جدها موءلة بن جيل قال أتى عامر بن الطفيل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال له‪ :‬يا عامر‬

‫‪55‬‬
‫أسلم ‪..‬فقال‪ :‬أسلم على أن ل الوبر ولك الدر‪ ..‬قال‪ :‬ل ث قال أسلم‪...‬فقال ‪ :‬أسلم على أن ل‬
‫الوبر ولك الدر‪ ..‬قال‪ :‬ل‪ ...‬فول وهو يقول‪ :‬وال يا ممد لملنا عليك خيل جردا ورجال مردا‬
‫ولربطن بكل نلة فرسًا‪ ..‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اللهم اكفن عامرا وأهد‬
‫قومه‪...‬فخرج حت إذا كان بظهر الدينة صادف امرأة من قومه يقال لا سلولية فنل عن فرسه ونام‬
‫ف بيتها فأخذته غدة ف حلقه فوثب على فرسه وأخذ رمه وأقبل يول وهو يقول غدة كغدة البكر‬
‫وموت ف بيت سلولية فلم تزل تلك حاله حت سقط عن فرسه ميتًا‪..‬‬
‫وذكر الافظ أبو عمر بن عبد الب ف الستيعاب ف أساء الصحابة موءلة هذا فقال هو موءلة بن‬
‫كثيف الضباب الكلب العامري من بن عامر بن صعصعة أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو‬
‫ابن عشرين سنة فاسلم وعاش ف السلم مائة سنة وكان يدعى ذا اللساني من فصاحته روى عنه‬
‫ابنه عبد العزيز وهو الذي روى قصة عامر بن الطفيل غدة كغدة البعي وموت ف بيت سلولية‪.‬‬
‫قال الزبي بن بكار حدثتن ظميا بنت عبد العزيز بن موءلة بن كثيف بن جيل بن خالد بن عمرو بن‬
‫معاوية وهو الضباب بن كلب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قالت حدثن أب عن أبيه عن موءلة أنه‬
‫أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم فاسلم وهو ابن عشرين سنة وبايع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ومسح يينه وساق أبله إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فصدقها بنت لبون ث صحب أبا‬
‫هريرة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم وعاش ف السلم مائة سنة وكان يسمى ذا اللساني من‬
‫فصاحته قلت والظاهر أن قصة عامر بن الطفيل متقدمة على الفتح وإن كان ابن إسحاق والبيهقي قد‬
‫ذكرها بعد الفتح وذلك لا رواه الافظ البيهقي عن الاكم عن الصم أنبأنا ممد بن إسحاق أنبأنا‬
‫معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق الفزاري عن الوزاعي عن إسحاق بن عبد ال بن أب طلحة عن‬
‫أنس ف قصة بئر معونة وقتل عامر بن الطفيل حرام بن ملحان خال أنس بن مالك وغدره بأصحاب‬
‫بئر معونة حت قتلوا عن آخرهم سوى عمرو بن أمية كما تقدم قال الوزاعي قال يي فمكث‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو على عامر بن الطفيل ثلثي صباحا‪ :‬اللهم اكفن عامر بن‬
‫الطفيل با شئت وابعث عليه ما يقتله‪ ..‬فبعث ال عليه الطاعون وروى عن هام عن إسحاق ابن عبد‬
‫ال عن أنس ف قصة ابن ملحان قال وكان عامر بن الطفيل قد أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال أخيك بي ثلث خصال يكون لك أهل السهل ويكون ل أهل الوبر وأكون خليفتك من بعدك‬
‫أو أغزوك بغطفان بآلف أشقر أتلف شقراء قال فطعن ف بيت امرأة فقال غدة كغدة البعي وموت ف‬
‫بيت امرأة من بن فلن ائتون بفرسي فركب فمات على ظهر فرسه‪..‬‬
‫قال ابن إسحاق ث خرج أصحابه حي رأوه حت قدموا أرض بن عامر شاتي فلما قدموا أتاهم‬
‫قومهم فقالوا وما وراءك يا أربد قال ل شيء وال لقد دعانا إل عبادة شيء لوددت لو أنه عندي‬
‫الن فأرميه بالنبل حت أقتله الن فخرج بعد مقالته بيوم أو يومي معه جل له يبيعه فأرسل ال عليه‬

‫‪56‬‬
‫وعلى جله صاعقة فأحرقتهما قال ابن إسحاق وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لمه فقال لبيد‬
‫يبكي أربد‬
‫ما أن تعرى النون من أحد ***ل والد مشفق ول ولد‬
‫أخشى على أربد التوف ول ***أرهب نوء السماك والسد‬
‫فعي هل بكيت أربد إذ *** قمنا وقام النساء ف كبد‬
‫إن يشغبوا ل يبال شغبهم****أو يقصدوا ف الكوم يقتصد‬
‫حلو أريب وف حلوته****مر لصيق الحشاء والكبد‬
‫وعي هل بكيت أربد إذ *** ألوت رياح الشتاء بالعضد‬
‫وأصبحت لقحا مصرمة *** حت تلت غوابر الدد‬
‫أشجع من ليث غابة لم *** ذو نمة ف العل ومنتقد‬
‫ل تبلغ العي كل نمتها *** ليلة تسي الياد كالفدد‬
‫الباعث النوح ف مآته***مثل الظباء البكار بالرد‬
‫فجعن البق والصواعق بالفا ** رس يوم الكريهة النجد‬
‫والارب الابر الريب إذا *** جاء نكيبا وإن يعد يعد‬
‫يعفو على الهد والسؤال كما **** ينبت غيث الربيع ذو الرصد‬
‫كل بن حرة مصيهم *** قل وإن كثروا من العدد‬
‫إن يغبطوا يهبطوا وإن*** أمروا يوما فهم للهلك والنفد‬
‫وقد روى ابن إسحاق عن لبيد أشعارا كثية ف رثاء أخيه لمه أربد بن قيس تركناها اختصارًا‬
‫واكتفاء با أوردناه وال الوفق للصواب‪.‬‬
‫قال ابن هشام وذكر زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال فانزل ال عز وجل ف عامر‬
‫وأربد قوله تعال‪( :‬ال يعلم ما تمل كل أنثى وما تغيض الرحام وما تزداد وكل شيء عنده بقدار‬
‫عال الغيب والشهادة الكبي التعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل‬
‫وسارب بالنهار له معقبات من بي يده ومن خلفه يفظونه من أمر ال) يعن ممدا صلى ال عليه‬
‫وسلم ث ذكر أربد وقتله‪ ،‬فقال ال تعال‪( :‬وإذا أراد ال بقوم سوءا فل مرد له ومالم من دونه من‬
‫وال هو الذي يريكم البق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بمده واللئكة من‬
‫خيفته ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء وهم يادلون ف ال وهو شديد الحال)‪.‬‬
‫وقد وقع لنا إسناد ما علقه ابن هشام رحه ال فروينا من طريق الافظ أب القاسم سليمان بن احد‬
‫الطبان ف معجمه الكبي حيث قال حدثنا مسعدة بن سعد العطار حدثنا إبراهيم بن النذر الزامي‬
‫حدثن عبد العزيز بن عمران حدثن عبد الرحن وعبد ال ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما عن عطاء بن‬

‫‪57‬‬
‫يسار عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلب وعامر بن الطفيل بن‬
‫مالك قدما الدينة على رسول ال صلى ال عليه وسلم فانتهيا إليه وهو جالس فجلسا بي يديه فقال‬
‫عامر بن الطفيل يا ممد ما تعل ل إن أسلمت فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم مالك ما‬
‫للمسلمي وعليك ما عليهم قال عامر أتعل ل المر إن أسلمت من بعدك فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ليس ذلك لك ول لقومك ولكن لك أعنة اليل قال أنا الن ف أعنة خيل ند اجعل ل‬
‫الوبر ولك الدر قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل‪...‬فلما قفا من عنده قال عامر‪ :‬أما وال‬
‫لملنا عليك خيل ورجال فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ينعك ال‪ ,‬فلما خرج أربد وعامر‬
‫قال عامر يا أربد أنا اشغل ممدًا بالديث فاضربه بالسيف فان الناس إذا قتلت ممدًا ل يزيدوا على‬
‫أن يرضوا بالدية ويكرهوا الرب فسنعطيهم الدية قال أربد أفعل فأقبل راجعي إليه فقال عامر‪ :‬يا‬
‫ممد قم معي أكلمك‪ ,‬فقام معه رسول ال صلى ال عليه وسلم فخليا إل الدار ووقف معه رسول‬
‫ال يكلمه وسل أربد السيف فلما وضع يده على السيف يبست يده على قائم السيف فلم يستطع‬
‫سل السيف فأبطأ أربد على عامر بالضرب فالتفت رسول ال صلى ال عليه وسلم فرأى أربد وما‬
‫يصنع فانصرف عنهما فلما خرج أربد وعامر من عند رسول ال صلى ال عليه وسلم حت إذا كانا‬
‫بالرة حرة وأرقم نزل فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن الضي فقال اشخصا يا عدوا ال‬
‫لعنكما ال‪ ,‬فقال عامر من هذا يا سعد قال أسيد بن حضي الكتائب فخرجا حت إذا كانا بالرقم‬
‫أرسل ال على أربد صاعقة فقتلته وخرج عامر حت إذا كان بالرة أرسل ال قرحة فأخذته فأدركه‬
‫الليل ف بيت امرأة من بن سلول فجعل يس قرحته ف حلقه ويقول غدة كغدة المل ف بيت سلولية‬
‫يرغب عن أن يوت ف بيتها ث ركب فرسه فأحضرها حت مات عليه راجعا فانزل ال فيهما ال يعلم‬
‫ما تمل كل أنثى وما تغيض الرحام وما تزداد إل قوله له معقبات من بي يديه ومن خلفه يعن‬
‫ممدا صلى ال عليه وسلم ث ذكر أربد وما قتله به فقال ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء الية‬
‫وف هذا السياق دللة على ما تقدم من قصة عامر وأربد وذلك لذكر سعد بن معاذ فيه وال أعلم‪...‬‬
‫اهـ‬
‫وقال رحه ال ف التفسي‬
‫وقد روي ف سبب نزول قوله تعال ?وَِإذَا َأرَادَ الّلهُ ِب َقوْمٍ سُوءا َفلَ َم َردّ َلهُ َومَا َلهُم مّن دُوِنهِ مِن وَالٍ‬
‫لئِكَ ُة مِنْ‬
‫شئُ السّحَابَ الّثقَا َل *وَيُسَبّحُ ال ّرعْ ُد بِحَمْ ِد ِه وَالْمَ َ‬
‫* ُه َو الّذِي ُيرِيكُ ُم الَْبرْقَ َخوْفا وَطَمَعا َويُنْ ِ‬
‫صوَاعِ َق فَُيصِيبُ ِبهَا مَن يَشَاءُ َوهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الّل ِه َو ُهوَ َشدِيدُ الْمِحَا ِل *? (الرعد‬ ‫خِي َفِتهِ وَُيرْ ِسلُ ال ّ‬
‫‪.)13-11‬‬
‫ما رواه الافظ أبو يعلى الوصلي‪ :‬حدثنا إسحاق‪ ,‬حدثنا علي بن أب سارة الشيبان‪ ,‬حدثنا ثابت عن‬
‫ل مرة إل رجل من فراعنة العرب‪ ,‬فقال‪« :‬اِذهب‬ ‫أنس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم بعث رج ً‬

‫‪58‬‬
‫فادعه ل»‪ .‬قال‪ :‬فذهب إليه فقال‪ :‬يدعوك رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال له‪ :‬من رسول ال؟‬
‫وما ال؟أمن ذهب هو؟ أم من فضة هو؟ أم من ناس هو؟ قال‪ :‬فرجع إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فأخبه‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬قد أخبتك أنه أعت من ذلك‪ ,‬قال ل كذا وكذا‪ ,‬فقال ل‪:‬‬
‫«ارجع إليه الثانية» فذهب فقال له مثلها‪ ,‬فرجع إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول‬
‫ال قد أخبتك أنه أعت من ذلك‪ ,‬فقال‪« :‬ارجع إليه فادعه» فرجع إليه الثالثة‪ ,‬قال‪ :‬فأعاد عليه ذلك‬
‫الكلم‪ ,‬فبينما هو يكلمه إذ بعث ال عز وجل سحابة حيال رأسه‪ ,‬فرعدت فوقعت منها صاعقة‪,‬‬
‫فذهب بقحف رأسه‪ ,‬فأنزل ال عز وجل {ويرسل الصواعق} الية‪ ,‬ورواه ابن جرير من حديث‬
‫علي بن أب سارة به‪.‬‬
‫ورواه الافظ أبو بكر البزار عن عبدة بن عبد ال عن يزيد بن هارون‪ ,‬عن ديلم بن غزوان‪ ,‬عن‬
‫ثابت‪ ,‬عن أنس فذكر نوه‪ ,‬وقال‪ :‬حدثنا السن بن ممد‪ ,‬حدثنا عفان‪ ,‬حدثنا أبان بن يزيد‪ ,‬حدثنا‬
‫أبو عمران الون عن عبد الرحن بن صحار العبدي أنه بلغه أن النب صلى ال عليه وسلم بعثه إل‬
‫جبار يدعوه فقال‪ :‬أرأيتم ربكم أذهب هو؟ أم فضة هو؟ أم لؤلؤ هو؟ قال‪ :‬فبينما هو يادلم إذ بعث‬
‫ال سحابة فرعدت‪ ,‬فأرسل عليه صاعقة‪ ,‬فذهبت بقحف رأسه‪ ,‬ونزلت هذه الية‪ .‬وقال أبو بكر بن‬
‫عياش عن ليث بن أب سليم‪ ,‬عن ماهد قال‪ :‬جاء يهودي فقال‪ :‬يا ممد أخبن عن ربك‪ ,‬من أي‬
‫شيء هو ؟ من ناس هو‪ ,‬أم من لؤلؤ أو ياقوت؟ قال‪ :‬فجاءت صاعقة فأخذته‪ ,‬وأنزل ال {ويرسل‬
‫الصواعق} الية‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬ذكر لنا أن رجلً أنكر القرآن‪ ,‬وكذب النب صلى ال عليه وسلم فأرسل ال صاعقة‬
‫فأهلكته‪ ,‬وأنزل ال {ويرسل الصواعق} الية‪ ,‬وذكروا ف سبب نزولا قصة عامر بن الطفيل وأربد‬
‫بن ربيعة‪ ,‬لا قدما على رسول ال صلى ال عليه وسلم الدينة فسأله أن يعل لما نصف المر‪ ,‬فأب‬
‫عليهما رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال له عامر بن الطفيل ـ لعنه ال ـ‪ :‬أما وال لملنا‬
‫ل جردا ورجا ًل مردا‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪« :‬يأب ال عليك ذلك‬ ‫عليك خي ً‬
‫وأبناء قيلة» يعن النصار‪ ,‬ث إنما ها بالفتك برسول ال صلى ال عليه وسلم فجعل أحدها ياطبه‪,‬‬
‫والخر يستل سيفه ليقتله من ورائه‪ ,‬فحماه ال تعال منهما وعصمه‪ ,‬فخرجا من الدينة فانطلقا ف‬
‫أحياء العرب يمعان الناس لربه عليه الصلة والسلم‪ ,‬فأرسل ال على أربد سحابة فيها صاعقة‬
‫فأحرقته‪ ,‬وأما عامر بن الطفيل‪ ,‬فأرسل ال عليه الطاعون فخرجت فيه غدة عظيمة‪ ,‬فجعل يقول‪ :‬يا‬
‫آل عامر غدة كغدة البكر‪ ,‬وموت ف بيت سلولية‪ ,‬حت ماتا لعنهما ال‪ ,‬وأنزل ال ف مثل ذلك‬
‫{ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء وهم يادلون ف ال}‪ ,‬وف ذلك يقول لبيد بن ربيعة أخو‬
‫أربد يرثيه‪:‬‬
‫أخشى على أربد التوف ول *** أرهب نوء السماك والسد‬

‫‪59‬‬
‫فجعن الرعد والصواعق بالـ***ــفارس يوم الكريهة النجد‬
‫وقال الافظ أبو القاسم الطبان‪ :‬حدثنا مسعدة بن سعيد العطار‪ ,‬حدثنا إبراهيم بن النذر الزامي‪,‬‬
‫حدثن عبد العزيز بن عمران‪ ,‬حدثن عبد الرحن وعبد ال ابنا زيد بن أسلم عن أبيهما‪ ,‬عن عطاء بن‬
‫يسار‪ ,‬عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جزء بن جليد بن جعفر بن كلب‪ ,‬وعامر بن الطفيل بن‬
‫مالك‪ ,‬قدما الدينة على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فانتهيا إليه وهو جالس فجلسا بي يديه‪,‬‬
‫فقال عامر بن الطفيل‪ :‬يا ممد‪ ,‬ما تعل ل إن أسلمت؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬لك‬
‫ما للمسلمي وعليك ما عليهم»‪ .‬قال عامر بن الطفيل‪ :‬أتعل ل المر إن أسلمت من بعدك ؟ قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ليس ذلك لك ول لقومك‪ ,‬ولكن لك أعنة اليل» قال‪ :‬أنا الن‬
‫ف أعنة خيل ند‪ ,‬اجعل ل الوبر ولك الدر‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل»‪ ,‬فلما قفل‬
‫من عنده قال عامر‪ :‬أما وال لملنا عليك خيلً ورجالً‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫«ينعك ال»‪ ,‬فلما خرج أربد وعامر‪ ,‬قال عامر‪ :‬يا أربد‪ ,‬أنا أشغل عنك ممدا بالديث فاضربه‬
‫بالسيف‪ ,‬فإن الناس إذا قتلت ممدا ل يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الرب‪ ,‬فنعطيهم الدية‪.‬‬
‫قال أربد‪ :‬أفعل‪ ,‬فأقبل راجعي إليه‪ ,‬فقال عامر‪ :‬يا ممد قم معي أكلمك‪ ,‬فقام معه رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فجلسا إل الدار‪ ,‬ووقف معه رسول ال صلى ال عليه وسلم يكلمه‪ ,‬وسل أربد‬
‫السيف‪ ,‬فلما وضع يده على السيف يبست يده على قائم السيف‪ ,‬فلم يستطع سل السيف‪ ,‬فأبطأ‬
‫أربد على عامر بالضرب‪ ,‬فالتفت رسول ال صلى ال عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع‪ ,‬فانصرف‬
‫عنهما‪ ,‬فلما خرج عامر وأربد من عند رسول ال صلى ال عليه وسلم حت إذا كانا بالرة ـ حرة‬
‫راقم ـ نزل‪ ,‬فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضي‪ ,‬فقال‪ :‬اشخصا يا عدوي ال لعنكما‬
‫ال‪ ,‬فقال عامر‪ :‬من هذا يا سعد ؟ قال‪ :‬هذا أسيد بن حضي الكتائب‪ ,‬فخرجا حت إِذا كانا بالرقم‪,‬‬
‫أرسل ال على أربد صاعقة فقتلته‪ ,‬وخرج عامر حت إذا كان بالري أرسل ال قرحة فأخذته‪,‬‬
‫فأدركه الليل ف بيت امرأة من بن سلول‪ ,‬فجعل يس قرحته ف حلقة ويقول‪ :‬غدة كغدة المل ف‬
‫بيت سلولية‪ ,‬ترغب أن يوت ف بيتها‪ ,‬ث ركب فرسه فأحضره حت مات عليه راجعا‪ ,‬فأنزل ال‬
‫فيهما {ال يعلم ما تمل كل أنثى ـ إل قوله ـ وما لم من دونه من وال} قال‪ :‬العقبات من أمر‬
‫ال يفظون ممدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ث ذكر أربد وما قتله به‪ ,‬فقال {ويرسل الصواعق} الية‪.‬‬
‫وقوله {وهم يادلون ف ال} أي يشكون ف عظمته‪ ,‬وأنه ل إله إل هو‪{ ,‬وهو شديد الحال} قال‬
‫ابن جرير‪ :‬شديدة ما حلته ف عقوبة من طغى عليه‪ ,‬وعتا وتادى ف كفره‪ ,‬وهذه الية شبيهة بقوله‪:‬‬
‫{ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم ل يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم‬
‫وقومهم أجعي}‪ ,‬وعن علي رضي ال عنه {وهو شديد الحال} أي شديد الخذ‪ ,‬وقال ماهد‪:‬‬
‫شديد القوة‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء(‪)5‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‬
‫قال القرطب ف " الامع لحكام القرآن "‬
‫اليتان‪13 – 12 :‬من سورة الرعد‬
‫{هو الذي يريكم البق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال‪ ،‬ويسبح الرعد بمده واللئكة من‬
‫خيفته ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء وهم يادلون ف ال وهو شديد الحال}‬
‫قوله تعال‪" :‬هو الذي يريكم البق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال" أي بالطر‪" .‬السحاب"‬
‫جع‪ ،‬والواحدة سحابة‪ ،‬وسحب وسحائب ف المع أيضا‪" .‬ويسبح الرعد بمده واللئكة من‬
‫خيفته" قد مضى ف "البقرة" القول ف الرعد والبق والصواعق فل معن للعادة؛ والراد بالية بيان‬
‫كمال قدرته؛ وأن تأخي العقوبة ليس عن عجز؛ أي يربكم البق ف السماء خوفا للمسافر؛ فإنه‬
‫ياف أذاه لا ينال من الطر والول والصواعق؛ قال ال تعال‪" :‬أذى من مطر" [النساء‪]102 :‬‬
‫وطمعًا للحاضر أن يكون عقبه مطر وخصب؛ قال معناه قتادة وماهد وغيها‪ .‬وقال السن‪ :‬خوفا‬
‫من صواعق البق‪ ،‬وطمعا ف غيثه الزيل للقحط‪" .‬وينشئ السحاب الثقال" قال ماهد‪ :‬أي بالاء‪.‬‬
‫"ويسبح الرعد بمده" من قال إن الرعد صوت السحاب فيجوز أن يسبح الرعد بدليل خلق الياة‬
‫فيه؛ ودليل‪ ،‬صحة هذا القول قوله‪" :‬واللئكة من خيفته" فلو كان الرعد ملكا لدخل ف جلة‬
‫اللئكة‪ .‬ومن قال إنه ملك قال‪ :‬معن‪" .‬من خيفته" من خيفة ال؛ قاله الطبي وغيه‪ .‬قال ابن‬
‫عباس‪ :‬إن اللئكة خائفون من ال ليس كخوف ابن آدم؛ ل يعرف وأحدهم من على يينه ومن على‬
‫يساره‪ ،‬ل يشغلهم عن عبادة ال طعام ول شراب؛ وعنه قال‪ :‬الرعد ملك يسوق السحاب‪ ،‬وإن بار‬
‫الاء لفي نقرة إبامه‪ ،‬وإنه موكل بالسحاب يصرفه حيث يؤمر‪ ،‬وإنه يسبح ال؛ فإذا سبح الرعد ل‬
‫يبق ملك ف السماء إل رفع صوته بالتسبيح‪ ،‬فعندها ينل القطر‪ ،‬وعنه أيضًا كان إذا سع صوت‬
‫الرعد قال‪ :‬سبحان الذي سبحت له‪ .‬وروى مالك عن عامر بن عبد ال عن أبيه أنه كان إذا سع‬
‫صوت الرعد قال‪ :‬سبحانه الذي يسح الرعد بمده واللئكة من خيفته‪ ،‬ث يقول‪ :‬إن هذا وعيد‬
‫لهل الرض شديد‪ .‬وقيل‪ :‬إنه ملك جالس على كرسي بي السماء والرض‪ ،‬وعن يينه سبعون ألف‬
‫ملك وعن يساره مثل ذلك؛ فإذا أقبل على يينه وسبح سبح الميع من خوف ال‪ ،‬وإذا أقبل على‬
‫يساره وسبح سبح الميع من خوف ال‪.‬‬
‫قوله تعال‪" :‬ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء" ذكر الاوردي عن ابن عباس وعلي بن أب طالب‬
‫وماهد‪ :‬نزلت ف يهودي قال للنب صلى ال عليه وسلم‪ :‬أخبن! من أي شيء ربك؛ أمن لؤلؤ أم‬
‫من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأحرقته‪ .‬وقيل‪ :‬نزلت ف بعض كفار العرب؛ قال السن‪( :‬كان رجل‬
‫من طواغيت العرب بعث النب صلى ال عليه وسلم نفرا يدعونه إل ال ورسوله والسلم فقال لم‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫أخبون عن رب ممد ما هو‪ ،‬ومم هو‪ ،‬أمن فضة أم من حديد أم ناس؟ فاستعظم القوم مقالته؛‬
‫فقال‪ :‬أجيب ممدًا إل رب ل يعرفه!؟ فبعث النب صلى ال عليه وسلم إليه مرارًا وهو يقول مثل‬
‫هذا؛ فبينا النفر ينازعونه ويدعونه إذ ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم‪ ،‬فرعدت وأبرقت ورمت‬
‫بصاعقة‪ ،‬فأحرقت الكافر وهم جلوس؛ فرجعوا إل النب صلى ال عليه وسلم فاستقبلهم بعض‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقالوا‪ :‬أحترق صاحبكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬من أين علمتم؟ قالوا‪:‬‬
‫أوحى ال إل النب صلى ال عليه وسلم‪" .‬ويرسل الصواعق فيصيب با من يشاء"‪ .‬ذكره الثعلب عن‬
‫السن؛ والقشيي بعناه عن أنس‪ ،‬وسيأت‪ .‬وقيل‪ :‬نزلت الية ف أربد بن ربيعة أخي لبيد بن ربيعة‪،‬‬
‫وف عامر بن الطفيل؛ قال ابن عباس‪ :‬أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة العامريان يريدان النب‬
‫صلى ال عليه وسلم وهو ف السجد جالس ف نفر من أصحابه‪ ،‬فدخل السجد‪ ،‬فاستشرف الناس‬
‫لمال عامر وكان أعور‪ ،‬وكان من أجل الناس؛ فقال رجل من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫هذا يا رسول ال عامر بن الطفيل قد أقبل نوك؛ فقال‪ :‬دعه فإن يرد ال به خيا يهده‪ ...‬فأقبل حت‬
‫قام عليه فقال؛ يا ممد مال إن أسلمت؟ فقال‪ :‬لك ما للمسلمي وعليك ما على السلمي‪ ...‬قال‪:‬‬
‫أتعل ل المر من بعدك؟ قال‪ :‬ليس ذاك إل إنا ذلك إل ال يعله حيث يشاء‪ .‬قال‪ :‬أفتجعلن على‬
‫الوبر وأنت على الدر؟ قال‪( :‬ل)‪ .‬قال‪ :‬فما تعل ل؟ قال‪( :‬أجعل لك أعنة اليل تغزو عليها ف‬
‫سبيل ال)‪ .‬قال‪ :‬أو ليس ل أعنة اليل اليوم؟ قم معي أكلمك‪ ،‬فقام معه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكان عامر أومأ إل أربد‪ :‬إذا رأيتن أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف‪ ،‬فجعل ياصم‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ويراجعه؛ فاخترط أربد من سيفه شبا ث حبسه ال‪ ،‬فلم يقدر على سله‪،‬‬
‫ويبست يده على سيفه؛ وأرسل ال عليه صاعقة ف يوم صائف صاح فأحرقته؛ وول عامر هاربا‬
‫وقال‪ :‬يا ممد! دعوت ربك على أربد حت قتلته؛ وال لملنا عليك خيل جردا‪ ،‬وفتيانا مردا؛ فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬ينعك ال من ذلك وأبناء قيلة‪ ...‬يعن الوس والزرج؛ فنل عامر بيت امرأة سلولية؛‬
‫وأصبح وهو يقول‪ :‬وال لئن أصحر ل ممد وصاحبه ‪ -‬يريد ملك الوت ‪ -‬لنفذتما برمي؛ فأرسل‬
‫ال ملكا فلطمه بناحه فأذراه ف التراب؛ وخرجت على ركبته غدة عظيمة ف الوقت؛ فعاد إل بيت‬
‫السلولية وهو يقول‪ :‬غدة كغدة البعي‪ ،‬وموت ف بيت سلولية؛ ث ركب على فرسه فمات على‬
‫ظهره‪ .‬ورثى لبيد بن ربيعة أخاه أربد فقال‪:‬‬
‫يا عي هل بكيت أربد إذ قمـ*** ـنا وقام الصوم ف كبد‬
‫أخشى على أربد التوف ول ** * أرهب نوء السماك والسد‬
‫فجعن الرعد والصواعق بالـ**ــفا رس يوم الكريهة النجد‬
‫وفيه قال‪:‬‬
‫إن الرزية ل رزية مثلها فقـ**ــدان كل أخ كضوء الكوكب‬

‫‪62‬‬
‫يا أربد الي الكري جدوده *** أفردتن أمشي بقرن أعضب‬
‫وأسلم لبيد بعد ذلك رضي ال عنه‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬روى أبان عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تأخذ الصاعقة ذاكرا ل‬
‫عز وجل)‪ .‬وقال أبو هريرة رضي ال عنه‪( :‬كان النب صلى ال عليه وسلم إذا سع صوت الرعد‬
‫يقول‪ :‬سبحان من يسبح الرعد بمده واللئكة من خيفته وهو على كل شيء قدير فإن أصابته‬
‫صاعقة فعلي ديته)‪ .‬وذكر الطيب من حديث سليمان بن علي بن عبد ال بن عباس عن أبيه عن‬
‫جده قال‪ :‬كنا مع عمر ف سفر فأصابنا رعد وبرد‪ ،‬فقال لنا كعب‪ :‬من قال حي يسمع الرعد‪:‬‬
‫سبحان من يسبح الرعد بمده واللئكة من خيفته ثلثا عوف ما يكون ف ذلك الرعد؛ ففعلنا‬
‫فعوفينا؛ ث لقيت عمر بن الطاب رضى ال عنه فإذا بردة قد أصابت أنفه فأثرت به‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمي‬
‫الؤمني ما هذا؟ قال بردة أصابت أنفي فأثرت‪ ،‬فقلت‪ :‬إن كعبا حي سع الرعد قال لنا‪ :‬من قال‬
‫حي يسمع الرعد سبحان من يسبح الرعد بمده واللئكة من خيفته ثلثا عوف ما يكون ف ذلك‬
‫الرعد؛ فقلنا فعوفينا؛ فقال عمر‪ :‬أفل قلتم لنا حت نقولا؟‬
‫قوله تعال‪ " :‬وهم يادلون ف ال " يعن جدال اليهودي حي سأل عن ال تعال‪ :‬من أي شيء هو؟‬
‫قال ماهد‪ .‬وقال ابن جريج‪ :‬جدال أربد فيما همّ به من قتل النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬ويوز أن‬
‫يكون‪" ،‬وهم يادلون ف ال" حال‪ ،‬ويوز أن يكون منقطعا‪ .‬وروى أنس (أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بعث إل عظيم من الشركي يدعوه إل ال عز وجل‪ ،‬فقال لرسول ال‪ :‬أخبن عن إلك‬
‫هذا؟ أهو من فضة أم من ذهب أم من ناس؟ فاستعظم ذلك؛ فرجع إليه فأعلمه؛ فقال‪ :‬ارجع إليه‬
‫فادعه فرجع إليه وقد أصابته صاعقة‪ ،‬وعاد إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد نزل‪" :‬وهم‬
‫يادلون ف ال" "وهو شديد الحال" قال ابن العراب‪" :‬الحال" الكر‪ ،‬والكر من ال عز وجل‬
‫التدبي بالق‪ .‬النحاس‪ :‬الكر من ال إيصال الكروه إل من يستحقه من حيث ل يشعر‪ .‬وروى ابن‬
‫اليزيدي عن أب زيد "وهو شديد الحال" أي النقمة‪ .‬وقال الزهري‪" :‬الحال" أي القوة والشدة‪.‬‬
‫والحل‪ :‬الشدة؛ اليم أصلية‪ ،‬وما حلت فلنا مال أي قاويته حت يتبي أينا أشد‪ .‬وقال أبو عبيد‪:‬‬
‫"الحال" العقوبة والكروه‪ .‬وقال ابن عرفة‪" :‬الحال" الدال؛ يقال‪ :‬ما حل عن أمره أي جادل‪ .‬وقال‬
‫القتيب‪ :‬أي شديد الكيد؛ وأصله من اليلة‪ ،‬جعل ميمه كميم الكان؛ وأصله من الكون‪ ،‬ث يقال‪:‬‬
‫تكنت‪ .‬وقال الزهري‪ :‬غلط ابن قتيبة أن اليم فيه زائدة؛ بل هي أصلية‪ ،‬وإذا رأيت الرف على‬
‫مثال فعال أوله ميم مكسورة فهي أصلية؛ مثل‪ :‬مهاد وملك ومراس‪ ،‬وغي ذلك من الروف‪ .‬ومفعل‬
‫إذا كانت من بنات الثلثة فإنه ييء بإظهار الواو مثل‪ :‬مزود ومول ومور‪ ،‬وغيها من الروف؛‬
‫وقال‪ :‬وقرأ العرج ـ "وهو شديد الَمحال" بفتح اليم؛ وجاء تفسيه على هذه القراءة عن ابن‬
‫عباس أنه الول‪ ،‬ذكر هذا كله أبو عبيد الروي‪ ،‬إل ما ذكرناه أول عن ابن العراب؛ وأقاويل‬

‫‪63‬‬
‫الصحابة والتابعي بعناها؛ وهي ثانية‪ :‬أولا‪ :‬شديد العداوة‪ ،‬قاله ابن عباس‪ .‬وثانيها‪ :‬شديد الول‪،‬‬
‫قاله ابن عباس أيضا‪ .‬وثالثها‪ :‬شديد الخذ‪ ،‬قال علي بن أب طالب‪ .‬ورابعها‪ :‬شديد القد‪ ،‬قاله ابن‬
‫عباس‪ .‬وخامسها‪ :‬شديد القوة‪ ،‬قال ماهد‪ .‬وسادسها‪ :‬شديد الغضب‪ ،‬قاله وهب بن منبه‪ .‬وسابعها‪:‬‬
‫شديد اللك بالحل‪ ،‬وهو القحط؛ قاله السن أيضا‪ .‬وثامنها‪ :‬شديد اليلة؛ قاله قتادة‪ .‬وقال أبو‬
‫عبيدة معمر‪ :‬الحال والماحلة الماكرة والغالبة ‪..‬‬
‫*** بزغ نور النبوة ف مكة الكرمة حيث كان فجر الدين الق‪ ،‬ث سطع ف الدينة النورة ومنها أخذ‬
‫ينتشر ف بلد العرب‪ ،‬فلم يرق ذلك كثيا من ذوي النفوس الريضة الذين كانوا‪ ،‬لسفاهتهم ‪ ،‬يرون‬
‫ف السلم قضاء على جاههم الزائف وغناهم الزائل‪ ..‬ومن هؤلء فاطمة بنت ربيعة بن بدر أم قرفة‬
‫الت خشيت ضياع مكانتها بي قومها وذهاب عزها ونفوذها ‪ ،‬وكانت‬
‫الناورة العاشرة‪...‬‬
‫فجندت أم قرفة هذه بنيها وكانوا عصبة وضمت إليهم عصابة من الجرمي ملت قوةُ شبابم عينَها‬
‫القيتة‪ ،‬وأمدت الميع باليل الياد والسلح الاد ‪ ،‬وكان من خطتها الشيطانية لقتل الرسول الكري‬
‫صلى ال عليه وسلم أن تدخل الشرذمة الغاوية الدينة ليل‪ ،‬والناس نيام‪ ..‬وظنت أن جنح الظلم‬
‫كفيل بستر خطتها حت التمام لتحقق ما أرادت وتفلح فيما رامت‪ ..‬حت تطفيء نار القد الستعرة‬
‫ف جوفها العفن‪...‬‬
‫لكن ال تعال أطلع رسوله صلى ال عليه وسلم على أمرها وكشف له عن مرادها ‪ ،‬فبعث إليها ‪ ،‬ف‬
‫عقر دارها وبي عشيتا‪ ،‬سرية زيد بن حارثة رضي ال عنه ‪...‬‬
‫قال الواقدي ف كتاب الغازي‬
‫‪َ -‬سرِّي ُة زَيْدِ بْ ِن حَارَِثةَ إلَى ُأمّ ِقرَْفةَ ف َرمَضَانَ َسنَةَ ِستّ نَاحَِيةَ وادي اْل ُقرَى إلَى جَنِْبهَا‪.‬‬
‫حسَيْنِ‬ ‫حدثن أَبُو عَبْ ِد الّلهِ مُحَمّدُ ْب ُن عُ َمرَ اْلوَاقِ ِدىّ‪ ،‬قَالَ‪ :‬حَ ّدثَنَا َعبْدُ الّلهِ بْنُ َج ْع َفرٍ‪ ،‬عَ ْن عَبْ ِد الّلهِ ْبنِ الْ ُ‬
‫ج زَْيدُ بْنُ حَا ِرثَةَ ف تِجَا َرةٍ إلَى الشّامِ‪َ ،‬و َم َعهُ َبضَائِعُ‬ ‫حسَيْنِ ْب ِن عَلِىّ ْبنِ أَبِى طَاِلبٍ‪ ،‬قَالَ‪َ :‬خرَ َ‬ ‫بْ ِن الْ ُ‬
‫َلصْحَابِ النّبِىّ صلى ال عليه وسلم فََأخَذَ ُخصَْيتَىْ تَْيسٍ فَ َدَب َغهُمَا ثُمّ َجعَلَ َبضَاِئ َعهُمْ فِيهِمَا‪ ،‬ثُمّ َخرَجَ‬
‫ضرَبُوهُ‬ ‫س مِنْ بَنِى َفزَا َرةَ مِ ْن بَنِى َب ْدرٍ‪َ ،‬ف َ‬ ‫س مِنْ َأصْحَاِبهِ َلقَِيهُ نَا ٌ‬‫حَتّى إذَا كَا َن دُونَ وَادِى اْل ُقرَى َومَ َعهُ نَا ٌ‬
‫َوضَرَبُوا َأصْحَاَبهُ حَتّى ظَنّوا أَ ْن قَدْ قُِتلُوا‪ ،‬وَأَخَذُوا مَا كَا َن َم َعهُ ثُمّ ا ْستُبِ ّل َزيْدٌ َفقَ ِدمَ الْمَدِيَنةَ َعلَى الّنبِىّ‬
‫خرَجَ ِبهِ ْم دَلِيلٌ َلهُمْ‬ ‫صلى ال عليه وسلم فََب َعَثهُ فِى َسرِّيةٍ‪َ ،‬فقَا َل َلهُمْ‪ :‬اُكْمُنُوا الّنهَارَ وَ ِسيُوا اللّْيلَ‪ .‬فَ َ‬
‫ف وَ ْجهَ‬ ‫شرِ ٍ‬‫جعَلُونَ نَاطُورًا َلهُ ْم ِحيَ ُيصْبِحُونَ فََينْ ُظ ُر عَلَى َجبَلٍ َلهُ ْم مُ ْ‬ ‫وَنَ َذ َرتْ ِبهِمْ َبنُو بَ ْدرٍ فَكَانُوا َي ْ‬
‫س عَلَْيكُ ْم هَ ِذهِ لَيَْلتَكُمْ‪،‬‬ ‫ال ّطرِيقِ الّذِى َي َروْنَ َأّنهُمْ يَأْتُو َن مِْنهُ فََينْ ُظرُ قَ ْد َر مَسِ َيةِ َي ْومٍ فََيقُولُ ا ْسرَحُوا فَل بَ ْأ َ‬
‫ح ِو مَسِ َيةِ لَْيلَةٍ أَ ْخطَأَ ِبهِ ْم دَلِيُلهُمْ ال ّطرِيقَ‪ ،‬فَأَخَذَ ِبهِمْ َطرِيقًا‬
‫َفلَمّا كَا َن زَيْ ُد بْنُ حَارَِث َة وََأصْحَاُب ُه عَلَى نَ ْ‬

‫‪64‬‬
‫سوْا َوهُ ْم َعلَى خَطٍَأ َفعَرَفُوا خَطََأهُمْ ُثمّ صَمَدُوا َلهُمْ فِى الّليْلِ َحتّى صَبّحُوهُمْ‪ ،‬وَكَانَ‬ ‫أُ ْخرَى حَتّى َأمْ َ‬
‫زَيْدُ ْبنُ حَارَِثةَ َنهَاهُمْ َحْيثُ اْنَت َهوْا عَنْ الطلب ‪....‬‬
‫خرَجَ‬ ‫ضرِ ثُمّ َكّب َر وَكَّبرُوا‪ ،‬فَ َ‬ ‫قَالَ‪ :‬ثُ ّم َو َعزَ إَلْيهِمْ َألّ َيفَْترِقُوا‪ ،‬وَقَالَ‪ :‬إذَا َكّبرْت فَكَّبرُوا‪ ،‬وَأَحَاطُوا بِالْحَا ِ‬
‫ت مَاِلكِ بْنِ‬ ‫ل مِْنهُمْ َحتّى قََتَلهُ‪ ،‬وَقَدْ َأ ْمعَنَ فِى َطلَِب ِه وَأَخَذَ جَا ِريَ َة بِْن َ‬ ‫ب رَجُ ً‬ ‫َسلَمَةُ ْبنُ الَ ْكوَعِ َفطََل َ‬
‫ت رَبِيعَةَ بْ ِن زَْيدٍ‪،‬‬ ‫حُ َذْيفَةَ بْ ِن بَ ْدرٍ‪ ،‬وَجَ َدهَا فِى َبْيتٍ مِنْ ُبيُوِتهِ ْم وَُأ ّمهَا ُأمّ ِق ْرفَ َة وَُأمّ ِقرَْفةَ فَاطِ َمةُ بِْن ُ‬
‫َفغَنِمُوا‪ ،‬وَأَ ْقبَ َل زَيْ ُد بْنُ حَارَِثةَ‪ ،‬وََأقْبَ َل سَلَ َمةُ بْ ُن الَ ْكوَعِ بِاْلجَارَِيةِ فَذَ َك َر ذَِلكَ لِلنّبِىّ صلى ال عليه‬
‫صبْتهَا؟ قَا َل جَارَِيةٌ يَا رَسُو َل الّل ِه رَ َجوْت أَنْ َأفْتَ ِدىَ‬ ‫وسلم فَذَ َكرَ َلهُ جَمَاَلهَا‪َ ،‬فقَالَ‪ :‬يَا َسلَ َمةُ مَا جَارِيَةٌ َأ َ‬
‫ِبهَا ا ْمرََأ ًة مِنّا مِنْ بَنِى َفزَا َرةَ‪ ،‬فََأعَادَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َمرّتَْينِ َأوْ ثَلثًا يَسْأَُل ُه ‪ :‬مَا جَارِيَةٌ‬
‫حزْنِ ْبنِ أَبِى‬ ‫َأصَبْتهَا؟ َحتّى َعرَفَ سَلَ َمةُ أَّنهُ ُيرِي ُدهَا َف َوهََبهَا َلهُ َف َوهََبهَا رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم لِ َ‬
‫َو ْهبٍ‪َ ،‬فوَلَ َدتْ َلهُ ا ْمرََأةً َلْيسَ َلهُ مِْنهَا وَلَ ٌد غَْي ُرهَا‪.‬‬
‫فَحَ ّدثَنِى مُحَمّدٌ‪ ،‬عَنْ ال ّز ْه ِرىّ‪ ،‬عَ ْن ُع ْر َوةَ‪ ،‬عَ ْن عَاِئشَ َة َرضِىَ الّلهُ َعْنهَا‪ ،‬قَاَلتْ‪َ :‬وقَ ِدمَ زَْيدُ بْنُ حَا ِرثَ َة مِنْ‬
‫ك َورَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِى َبيْتِى‪ ،‬فََأتَى زَيْدٌ َف َقرَعَ الْبَابَ‪َ ،‬فقَامَ إَلْيهِ َرسُولُ الّلهِ‬ ‫وَ ْج ِههِ ذَِل َ‬
‫جرّ َث ْوَبهُ ُعرْيَانًا‪ ،‬مَا رََأيْته ُع ْريَانًا قَْبَلهَا‪َ ،‬حتّى ا ْعتََن َقهُ َوقَبَّلهُ ثُ ّم سَأََلهُ فَأَ ْخَب َرهُ ِبمَا‬ ‫صلى ال عليه وسلم يَ ُ‬
‫َظ ّفرَهُ الّلهُ‪.‬‬
‫‪ -‬ذِ ْكرُ مَنْ َقتَلَ ُأمّ ِقرَْفةَ‬
‫ل عَنِيفًا؛ رََبطَ بَيْ َن رِ ْجلَْيهَا حَبْلً ُثمّ َربَ َطهَا َبيْنَ َبعِيَيْ ِن َوهِ َى عَجُوزٌ كَِب َيةٌ‪.‬‬ ‫سرِ َقتْ ً‬ ‫َقتََلهَا َقْيسُ بْنُ اْلمُحَ ّ‬
‫سعَ َدةَ اْبنِ حَكَ َمةَ بْ ِن مَاِلكِ بْ ِن بَ ْدرٍ‪.‬‬ ‫سعَ َدةَ‪ ،‬وََقتَلَ َقْيسَ ْبنَ الّنعْمَانِ بْ ِن مَ ْ‬ ‫وَقََتلَ َعبْدَ الّلهِ بْ َن مَ ْ‬
‫وقَا َل ابْ ُن إسْحَاقَ ف كتاب السية النبوية‪:‬‬
‫قَا َل ابْ ُن إسْحَاقَ‪َ :‬فلَمّا قَ ِد َم زَيْ ُد بْنُ حَارَِثةَ آلَى أَنْ لَا يَ َمسّ رَأْ َس ُه غُسْ ٌل مِنْ َجنَاَبةٍ حَتّى َي ْغ ُزوَ َبنِي‬
‫َفزَا َرةَ‪ ،‬فَلَمّا ا ْستَبَ ّل مِنْ ِجرَاحَِتهِ َبعََث ُه رَسُولُ الّلهِ إلَى بَنِي َفزَا َرةَ فِي جَْيشٍ‪َ ،‬فقَتََلهُ ْم ِبوَادِي اْل ُقرَى‪،‬‬
‫سعَ َدةَ بْنَ حَكَ َمةَ بْ ِن مَاِلكِ ْبنِ حُذَْي َفةَ بْنِ بَ ْدرٍ‪،‬‬ ‫حرِ الَْيعْ ُم ِريّ مَ ْ‬ ‫وََأصَابَ فِيهِمْ‪َ ،‬وقَتَلَ َقْيسَ بْنَ الْمُسَ ّ‬
‫ت عَجُوزًا َكبِ َيةٌ ِعنْ َد مَاِلكِ بْنِ حُ َذْيفَةَ بْ ِن بَ ْدرٍ‪ ،‬وَِبْنتٌ‬ ‫وَأُ ِس َرتْ ُأمّ ِق ْرفَةَ فَاطِمَةُ ِبْنتُ َربِيعَ َة بْنِ بَ ْدرٍ‪ ،‬كَاَن ْ‬
‫حرِ أَ ْن َيقْتُلَ ُأمّ ِقرَْفةَ‪َ ،‬فقَتََلهَا قَتْلًا عَنِيفًا؛‬ ‫سّ‬ ‫سعَ َدةَ‪ ،‬فََأ َم َر زَيْدُ بْ ُن حَارَِثةَ قَْيسَ بْ َن الْمُ َ‬ ‫َلهَا‪َ ،‬و َعبْدُ الّلهِ بْ ُن مَ ْ‬
‫سعَ َدةَ‪.‬‬
‫ثُ ّم قَ ِدمُوا عَلَى رَسُو ِل الّلهِ بِابَْنةِ ُأمّ ِقرْفَةَ‪ ،‬وَبِابْ ِن مَ ْ‬
‫سلَ َمةَ بْ ِن عَ ْمرِو بْنِ الْأَ ْكوَعِ‪ ،‬كَا َن ُه َو الّذِي َأصَاَبهَا‪ ،‬وَكَاَنتْ فِي َبْيتِ َشرَفٍ‬ ‫وَكَاَنتْ ِبْنتُ ُأمّ ِقرَْفةَ لِ َ‬
‫مِنْ َق ْو ِمهَا؛ كَاَنتْ اْل َعرَبُ َتقُولُ‪َ( :‬لوْ ُكْنتَ َأ َع ّز مِنْ ُأمّ ِقرْفَ َة مَا ِز ْدتُ)‪ .‬فَسَأََلهَا رَسُو َل الّلهِ َسلَمَةُ‪،‬‬
‫َف َوهََبهَا َلهُ‪ ،‬فََأهْدَاهَا لِخَاِلهِ َحزْنَ بْنَ َأبِي َو ْهبٍ‪َ ،‬فوَلَ َدتْ َل ُه عَبْ َد الرّحْمَ ِن بْنَ َحزْنٍ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫*** أُسرت أم قرفة‪ .‬ث قُتلت‪ ..‬وتري اليام ‪...‬ناس يدخلون ف دين ال أفواجا يتولون ال ورسوله‬
‫والذين آمنوا ‪ ،‬سعداء يكثرون حزب ال الغالب ‪ ،‬وآخرون ينضوون تت لواء ابليس أشقياء ف‬
‫ظلمات حزبه الغلوب ‪ ...‬وكانت‬
‫الناورة الادية عشرة‪...‬‬
‫باب سرية ند يقال أنا كانت ف الحرم سنة ست من الجرة بعث فيها ممد بن مسلمة فجاء بسيد‬
‫أهل اليمامة ثامة بن أثال وما ظهر ف أخذه وإسلمه من الثار‪..‬‬
‫أخبنا أبو عبد ال ممد بن عبد ال الافظ رحه ال قال أخبنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبنا‬
‫أحد بن إبراهيم هو ابن ملحان قال حدثنا يي بن بكي قال حدثنا الليث قال حدثنا سعيد بن أب‬
‫سعيد أنه سع أبا هريرة رضي ال عنه يقول بعث رسول ال خيل قبل ند فجاءت برجل من بن‬
‫حنيفة يقال له ثامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري السجد فخرج إليه رسول‬
‫ال حت كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثامة فقال عندي ما قلت لك أن تنعم تنعم على شاكر وأن‬
‫تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد الال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول ال أطلقوا ثامة فانطلق إل‬
‫نل قريب من السجد فاغتسل ث دخل السجد فقال أشهد أن ل إله إل ال وأن ممد رسول ال يا‬
‫ممد وال ما كان على وجه الرض وجه أبغض إل من وجهك وقد أصبح وجهك أحب الوجوه‬
‫كلها إل وال ما كان دين أبغض إل من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إل وال ما كان من‬
‫بلد أبغض إل من بلدك فأصبح بلدك أحب البلد كلها إل وإن خيلك أخذتن وأنا أريد العمرة فماذا‬
‫ترى فيسره رسول ال وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل صبأت يا ثامة قال ل ولكن‬
‫أسلمت مع رسول ال فوال ل يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حت يأذن فيها رسول ال‪..‬‬
‫رواه البخاري ف الصحيح عن عبد ال بن يوسف ورواه مسلم عن قتيبة كلها عن الليث وأخرجه‬
‫مسلم أيضا من حديث عبد الميد بن جعفر عن سعيد القبي هكذا‪,‬‬
‫وخالفهما ممد بن إسحاق بن يسار عن القبي ف كيفية أخذه وذكر أول من قبل نفسه أن ثامة بن‬
‫أثال كان رسول مسيلمة إل رسول ال فدعا ال أن يكنه منه‪..‬‬
‫ث روى عن القبي ما أخبنا أبو عبد ال الافظ وأبو ممد بن موسى ابن الفضل قال حدثنا أبو‬
‫العباس ممد بن يعقوب قال حدثنا أحد بن عبد البار قال حدثنا يونس بن بكي عن ابن إسحاق‬
‫قال حدثن سعيد القبي عن أب هريرة قال كان إسلم ثامة بن أثال النفي أن رسول ال دعا ال‬
‫حي عرض لرسول ال با عرض له أن يكنه ال منه وكان عرض له وهو مشرك فأراد قتله فأقبل‬
‫ثامة معتمرا وهو على شركه حت دخل الدينة فتحي فيها حت أخذ فأت به رسول ال وهو مشرك‬
‫فأمر به فربط إل عمود من عمد السجد فخرج عليه رسول ال فقال مالك يا ثام هل أمكن ال‬
‫منك فقال قد كان ذلك يا ممد أن تقتل تقتل ذا دم وأن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مال‬

‫‪66‬‬
‫تعطه‪ ..‬فمضى رسول ال وتركه حت إذا كان الغد مر به فقال مالك يا ثام فقال خيا يا ممد إن‬
‫تقتل تقتل ذا دم وأن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مال تعطه ث انصرف عنه رسول ال‪..‬‬
‫قال أبو هريرة فجعلنا الساكي نقول بيننا ما يصنع بدم ثامة وال لكلة من جزور سينة من فدائه‬
‫أحب إلينا من دم ثامة‪ ,‬فلما كان الغد مر به رسول ال فقال مالك يا ثام فقال خيا يا ممد أن تقتل‬
‫تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مال تعطه فقال رسول ال عفوت عنك يا ثام‪.‬‬
‫فخرج ثامة حت أتى حائطا من حيطان الدينة فاغتسل به وتطهر وطهر ثيابه ث جاء رسول ال وهو‬
‫جالس ف السجد ف أصحابه فقال يا ممد وال لقد كنت وما وجه أبغض إل من وجهك ول دين‬
‫أبغض إل من دينك ول بلد أبغض إل من بلدك ث لقد أصبحت وما وجه أحب إل من وجهك ول‬
‫دين أحب إل من دينك ول بلد أحب إل من بلدك وإن أشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده‬
‫ورسوله يا رسول ال إن كنت خرجت معمرا وأنا على دين قومي فيسرن ف عمرت فيسره رسول‬
‫ال ف عمرته وعلمه فخرج معتمرًا‪.‬‬
‫فلما قدم مكة وسعته قريش يتكلم بأمر ممد من السلم قالوا صبأ ثامة فأغضبوه فقال إن وال ما‬
‫صبوت ولكن أسلمت وصدقت ممدا وآمنت به وأي الذي نفس ثامة بيده ل تأتيكم حبة من‬
‫اليمامة وكانت ريف مكة ما بقيت حت يأذن فيها ممد وانصرف إل بلده ومنع المل إل مكة حت‬
‫جهدت قريش فكتبوا إل رسول ال يسألونه بأرحامهم أن يكتب إل ثامة يلى حل الطعام ففعل‬
‫رسول ال‪..‬‬
‫وأخبنا أبو طاهر الفقيه قال أخبنا أبو حامد بن بلل قال حدثنا ممد بن يي قال حدثنا النفيلي‬
‫قال حدثنا ممد بن سلمة عن ممد بن إسحاق قال فأخبن سعيد بن أب سعيد القبي عن أبيه عن‬
‫أب هريرة قال أمر رسول ال يعن ثامة فربط بعمود من عمد الجرة ثلث ليال فذكر الديث بعناه‬
‫وهذه الرواية توهم أن يكون صدر الديث ف رواية يونس بن بكي من قول ممد بن إسحاق عن‬
‫شيوخه ورواية الليث بن سعد ومن تابعه أصح ف كيفية أخذه والذي روى ف حديث ممد بن‬
‫إسحاق من قول أب هريرة وغيه ف إرادة فدائه يدل على شهود أب هريرة ذلك وأبو هريرة إنا قدم‬
‫على النب وهو بيب فيشبه أن يكون قصة ثامة فيما بي خيب وفتح مكة وال أعلم‪.‬‬
‫وأخبنا أبو عبد ال الافظ قال حدثنا أبو قتيبة سلمة بن الفضل الدمي بكة قال حدثنا إبراهيم بن‬
‫هاشم قال حدثنا ممد بن حيد الرازي قال حدثنا أبو ثيلة يي بن واصح قال حدثنا عبد الؤمن بن‬
‫خالد النفي عن علباء بن أحر عن عكرمة عن ابن عباس أن ابن أثال النفي لا أتى به النب وهو‬
‫أسي خلى سبيله فأسلم فلحق بكة يعن ث رجع فحال بي أهل مكة وبي الية من اليمامة حت‬
‫أكلت قريش العلهز فجاء أبو سفيان بن حرب إل النب فقال ألست تزعم أنك بعثت رحة للعالي‬

‫‪67‬‬
‫قال بلى قال فقد قتلت الباء بالسيف والبناء بالوع فأنزل ال تبارك وتعال (ولقد أخذناهم‬
‫بالعذاب فما استكانوا لربم وما يتضرعون)‪..‬‬
‫*** وتعدو اليام وتري الشهور‪ ،‬والسلم يزداد انتشارًا‪ ،‬وشوكة جنده تقوى وتزداد صلبة‪...‬‬
‫ويأت عام الفتح الكب بالعودة إل مكة يسبقها دوي التهليل والتكبي ‪ ،‬والشكر ل العلي الكبي على‬
‫ما أمد به من نصر مؤزر جيوش الق والنور‪...‬‬
‫لكن‪ ،‬ل تزال على ظهر الرض بقية من الناقمي الاقدين تترق أحشاؤهم غيظا‪ ،‬ويزج بم إبليس‬
‫اللعي ف ظلمات الغي والغباء إل من أراد ال به خيا فأنقذه من ماليبه وأناه من مكايده‪..‬‬
‫مناورات الشقياء لقتل خات النبياء(‪)6‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‬
‫الناورة الثانية عشرة‪...‬‬
‫قال ابن كثي ف البداية والنهاية‬
‫حدثن بعض أهل العلم أن فضالة بن عمي بن اللوح يعن الليثي أراد قتل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫وهو يطوف بالبيت عام الفتح فلما دنا منه قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أفضالة؟ قال‪ :‬نعم‪..‬‬
‫فضالة‪ ،‬يا رسول ال‪ ....‬قال‪ :‬ماذا كنت تدث به نفسك؟ قال‪ :‬ل شيء‪ ..‬كنت أذكر ال‪ ...‬قال‬
‫فضحك النب صلى ال عليه وسلم ث قال‪ :‬استغفر ال‪ ...‬ث وضع يده على صدره فسكن قلبه؛ فكان‬
‫فضالة يقول‪ :‬وال ما رفع يده عن صدري حت ما من خلق ال شيء أحب إل منه‪ ..‬قال فضالة‬
‫فرجعت إل أهلي فمررت بامرأة كنت أتدث إليها فقالت‪ :‬هلم ال الديث‪ ..‬فقال‪ :‬ل ‪....‬‬
‫وانبعث فضالة يقول‬
‫قالت هلم إل الديث فقلت ل * يأب عليك ال والسلم‬
‫أو ما رأيت ممدا وقبيله * بالفتح يوم تكسر الصنام‬
‫لرأيت دين ال أضحى بينا * والشرك يغشى وجهه ألظلم‬
‫**** فسبحان من عصم عبده من مكر الاكرين وأناه من غدر الغتدرين‪ ...‬وحفظه من شر النس‬
‫والن حت بلغ رسالت ربه وترك أمته على الحجة البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك‬
‫‪...‬ولن تعدم الرض هلكى إل يوم الدين‪...‬وذلك من دفع الناس بعضهم ببعض ‪ ...‬ماهدون ف‬
‫سبيل ال ههم إعلء كلمته ابتغاء ما عنده يواجهون ماربي ف سبيل الطاغوت بغيتهم زرع الفساد‬
‫ف الرض‪ ...‬وكانت‬
‫الناورة الثالثة عشرة‪...‬‬
‫‪ -‬قال البيهقي أنبأ أبو عبد ال الافظ وممد ابن موسى بن الفضل قال ثنا أبو العباس ممد بن‬
‫يعقوب ثنا العباس بن ممد بن بكي الضرمي ثنا أبو ايوب بن جابر عن صدقة بن سعيد عن مصعب‬

‫‪68‬‬
‫بن شيبة عن أبيه قال خرجت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم حني وال ما أخرجن إسلم‬
‫ول معرفة به ولكن أبيت أن تظهر هوازن على قريش فقلت وأنا واقف معه يا رسول ال إن أرى‬
‫خيل بلقا‪ ...‬فقال‪ :‬يا شيبة إنه ل يراها ال كافر ؛ فضرب يده ف صدري ث قال‪ :‬اللهم أهد شيبة ‪...‬‬
‫ث ضربا الثانية فقال‪ :‬اللهم أهد شيبة ‪ ...‬ث ضربا الثالثة ث قال‪ :‬اللهم أهد شيبة‪ ...‬قال فو ال ما‬
‫رفع يده عن صدري ف الثالثة حت ما كان أحد من خلق ال أحب إل منه ث ذكر الديث ف التقاء‬
‫الناس وانزام السلمي ونداء العباس واستنصار رسول ال صلى ال عليه وسلم حت هزم ال الشركي‬
‫‪..‬‬
‫‪-‬وقال البيهقي أنبأ أبو عبد ال الافظ ثنا أبو ممد أحد عبد ال الزن ثنا يوسف بن موسى ثنا‬
‫هشام بن خالد ثنا الوليد بن مسلم حدثن عبد ال بن البارك عن أب بكر الذل عن عكرمة مول ابن‬
‫عباس عن شيبة بن عثمان قال لا رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم حني قد عرى ذكرت‬
‫أب وعمى وقتل على وحزة إياها فقلت اليوم أدرك ثأري من رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫فذهبت لجيئه عن يينه فإذا بالعباس بن عبد الطلب قائم عليه درع بيضاء كأنا فضة ينكشف عنها‬
‫العجاج فقلت عمه ولن يذله قال ث جئته عن يساره فإذا أنا باب سفيان بن الارث بن عبد الطلب‬
‫فقلت ابن عمه ولن يذله قال ث جئته من خلفه فلم يبق إل أن أساوره سورة بالسيف إذ رفع شواظ‬
‫من نار بين وبينه كأنه برق فخفت أن يحشن فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى ؛‬
‫فالتفت رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‪ :‬يا شيب أدن من‪ ..‬اللهم اذهب عنه الشيطان‪ ...‬قال‬
‫فرفعت اليه بصري ولو احب ال من سعي وبصري؛ فقال‪ :‬يا شيب قاتل الكفار ‪...‬‬
‫‪-‬وقال ابن اسحاق وقال شيبة بن عثمان بن اب طلحة اخو بن عبد الدار قلت اليوم أدرك ثأري‬
‫وكان أبوه قد قتل يوم أحد اليوم أقتل ممدا قال فأدرت برسول ال صلى ال عليه وسلم لقتله فأقبل‬
‫شيء حت تغشى فؤادي فلم أطق ذاك وعلمت أنه منوع من ‪....‬‬
‫*** أجل ‪...‬كان رسول ال منوعا من كل معتد أثيم لن الباري عز وجل خاطبه بقوله الق وهو‬
‫ك مِن رّّبكَ وَإِن لّمْ َت ْفعَلْ فَمَا َبّل ْغتَ رِسَالََت ُه وَالّلهُ‬‫الق لإله إل هو‪ ? :‬يَا َأّيهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَْي َ‬
‫َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ إِنّ الّلهَ لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ الْكَاِفرِينَ ? (الائدة‪) 67 :‬‬
‫قال الطبي رحه ال‬
‫ك وَإِن لّمْ َت ْفعَلْ فَمَا بَّل ْغتَ ِرسَالََتهُ‬ ‫القول ف تأويل قوله تعال‪{ :‬يَأَّيهَا الرّسُولُ َبلّ ْغ مَآ أُنزِلَ إَِلْيكَ مِن رّّب َ‬
‫ك مِنَ النّاسِ إِنّ الّلهَ َل َيهْدِي اْل َقوْمَ الْكَاِفرِينَ }‪..‬‬
‫وَالّلهُ َيعْصِ ُم َ‬
‫هذا أمر من ال تعال ذكره لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬بإبلغ هؤلء اليهود والنصارى من أهل‬
‫ص ال تعال قصصهم ف هذه السورة وذكر فيها معايبهم وخبث أديانم واجتراءهم‬ ‫الكتابي الذين ق ّ‬
‫على ربم وتوثبهم على أنبيائهم وتبديلهم كتابه وتريفهم إياه ورداءة مطاعمهم ومآكلهم وسائر‬

‫‪69‬‬
‫الشركي غيهم‪ ,‬ما أنزل عليه فيهم من معايبهم والزراء عليهم والتقصي بم والتهجي لم‪ ,‬وما‬
‫أمرهم به وناهم عنه‪ ,‬وأن ل يشعر نفسه حذرا منهم أن يصيبه ف نفسه مكروه‪ ,‬ما قام فيهم بأمر‬
‫ال‪ ,‬ول جزعا من كثرة عددهم وقلة عدد من معه‪ ,‬وأن ل يتقى أحدا ف ذات ال‪ ,‬فإن ال تعال‬
‫كافيه كلّ أحد من خلقه‪ ,‬ودافعٌ عنه مكروه كل من يتقي مكروهه‪ .‬وأعلمه تعال ذكره أنه إن قصر‬
‫عن إبلغ شيء ما أنزل إليه إليهم‪ ,‬فهو ف تركه تبليغ ذلك وإن ق ّل ما ل يبلغ منه‪ ,‬فهو ف عظيم ما‬
‫ركب بذلك من الذنب بنلته لو ل يبلغ من تنيله شيئا‪.‬‬
‫وبا قلنا ف ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫* حدثن الثن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن صال‪ ,‬قال‪ :‬ثن معاوية‪ ,‬عن عليّ بن أب طلحة‪ ,‬عن ابن‬
‫ك مِنْ َرّبكَ وَإنْ لَ ْم َت ْفعَلْ فَمَا َبّل ْغتَ رسالََتهُ)‬ ‫عباس‪ ,‬ف قوله تعال (يا أيّها الرّسُو ُل بَلّغْ ما ُأْنزِلَ إلَْي َ‬
‫يعن‪ :‬إن كتمت آية ما أنزل عليك من ربك‪ ,‬ل تبلغ رسالت‪.‬‬
‫* حدثنا بشر بن معاذ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ :‬يا أيّها ال ّرسُولُ بَلّغْ ما ُأْنزِلَ‬
‫ك مِ ْن رَّبكَ‪ ...‬الَية‪ ,‬أخب ال نبيه صلى ال عليه وسلم أنه سيكفيه الناس ويعصمه منهم‪ ,‬وأمره‬ ‫إلَْي َ‬
‫بالبلغ‪ .‬ذكِر لنا أن نبّ ال صلى ال عليه وسلم قيل له‪ :‬لو احتجبت فقال‪« :‬والّلهِ ُلبْدِيَ ّن َعقِب‬
‫س ما صَاحَْبُتهُمْ»‪.‬‬ ‫للنّا ِ‬
‫*حدثن الارث بن ممد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العزيز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان الثوريّ‪ ,‬عن رجل‪ ,‬عن‬
‫ف أصْنَعُ؟ تَجْتَمِ ُع عليّ‬ ‫ماهد‪ ,‬قال‪ :‬لا نزلت‪َ(:‬بلّ ْغ ما أُْنزِلَ إَلْيكَ مِ ْن رَّبكَ) قال‪« :‬إنّما أنا وَاحِدٌ‪ ,‬كَيْ َ‬
‫لناسُ» فنلت‪( _ :‬وَإنْ لَمْ َت ْفعَلْ فَمَا َبّل ْغتَ رسالََتهُ)‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫* حدثنا هناد وابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن ثعلبة‪ ,‬عن جعفر‪ ,‬عن سعيد بن جبي‪ ,‬قال‪ :‬لّا‬
‫ك مِنَ‬ ‫ك وَإنْ لَمْ َت ْفعَلْ فَمَا َبّل ْغتَ رسالََتهُ والّلهُ َيعْصِ ُم َ‬‫ك مِ ْن رَّب َ‬‫نزلت‪(:‬يا أيّها ال ّرسُولُ َبلّ ْغ ما ُأْنزِلَ إلَْي َ‬
‫ب قَ ْد َعصَمَنِي»‪.‬‬ ‫حرُسُونِي إ ّن رَ ّ‬ ‫النّاسِ )قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل تَ ْ‬
‫* حدثن يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ُعلَية‪ ,‬عن الريري‪ ,‬عن عبد ال بن شقيق‪:‬‬
‫ك مِنَ‬ ‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يعتقبه ناس من أصحابه‪ ,‬فلما نزلت‪ (:‬وَالّلهُ َيعْصِ ُم َ‬
‫حقُوا بِمَل ِحقِكُمْ‪ ,‬فإ ّن الّلهَ قَ ْد َعصَمَنِي مِ َن النّاسِ»‪.‬‬ ‫النّاسِ )خرج فقال‪ « :‬يا أيّها النّاسُ الْ َ‬
‫*حدثنا هناد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن عاصم بن ممد‪ ,‬عن ممد بن كعب القرظي‪ ,‬قال‪ :‬كان النبّ‬
‫ك مِنْ َرّبكَ وَإنْ‬ ‫صلى ال عليه وسلم يتحارسه أصحابه‪ ,‬فأنزل ال‪ (:‬يا أيّها الرّسُو ُل بَلّغْ ما ُأْنزِلَ إلَْي َ‬
‫ت رَساَلَتهُ) ‪ ...‬إل آخرها‪.‬‬ ‫لَمْ َت ْفعَلْ فَمَا بَّل ْغ َ‬
‫* حدثن الثن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مسلم بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الارث بن عبيدة أبو قدامة اليادي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا سعيد الريري‪ ,‬عن عبد ال بن شقيق‪ ,‬عن عائشة‪ ,‬قالت‪ :‬كان النبّ صلى ال عليه وسلم‬

‫‪70‬‬
‫يُحرس‪ ,‬حت نزلت هذه الية‪(:‬وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ) قالت‪ :‬فأخرج النبّ صلى ال عليه وسلم‬
‫صرِفُوا‪ ,‬فإ ّن الّلهَ َقدْ َعصَمَنِي»‪.‬‬ ‫رأسه من القبة‪ ,‬فقال‪« :‬أيّها النّاسُ اْن َ‬
‫* حدثنا عمرو بن عبد الميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن القرظي‪ :‬أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ما زال يرس حت أنزل ال‪( :‬وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ‪).‬‬
‫واختلف أهل التأويل ف السبب الذي من أجله نزلت هذه الَية‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬نزلت بسب أعرابّ‬
‫كان همّ بقتل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فكفاه ال إياه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫* حدثن الارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العزيز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معشر‪ ,‬عن ممد بن كعب القرظي‬
‫وغيه‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا نزل من ًل اختار له أصحابه شجرة ظليلة‪ ,‬فيقيل‬
‫تتها‪ ,‬فأتاه أعراب‪ ,‬فاخترط سيفه ث قال‪ :‬من ينعك من؟ قال‪« :‬ال»‪ .‬فرعدت يد العراب‪ ,‬وسقط‬
‫السيف منه‪ .‬قال‪ :‬وضرب برأسه الشجرة حت انتثر دماغه‪ ,‬فأنزل ال‪ ( :‬وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ‪).‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل نزلت لنه كان ياف قريشا‪ ,‬فأومن من ذلك‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ب صلى ال‬ ‫* حدثنا القاسم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا السي‪ ,‬قال‪ :‬ثن حجاج‪ ,‬عن ابن جريج‪ ,‬قال‪ :‬كان الن ّ‬
‫ك مِنَ النّاسِ استلقى ث قال‪« :‬مَنْ شاءَ َفلَْيخْذُلْنِي»‬ ‫عليه وسلم يهاب قريشا‪ ,‬فلما نزلت‪ :‬وَالّلهُ َي ْعصِمُ َ‬
‫مرّتي أو ثلثا‪.‬‬
‫* حدثنا هناد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن أب خالد‪ ,‬عن عامر‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬قال‪ :‬قالت عائشة‪ :‬من‬
‫حدّثك أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كتم شيئا من الوحي فقد كذب‪ .‬ث قرأت‪« :‬يا أيّها‬
‫ك ‪ ...‬الية‪.‬‬ ‫ال ّرسُولُ بَلّغْ ما ُأْنزِلَ إلَْي َ‬
‫حدثنا ابن حيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن الغية‪ ,‬عن الشعبّ‪ ,‬قال‪ :‬قالت عائشة‪ :‬من قال إن ممدا‬
‫صلى ال عليه وسلم كتم فقد كذب وأعظم الفرية على ال‪ ,‬قال ال‪ :‬يا أيّها الرّسُو ُل بَلّغْ ما أُْنزِلَ‬
‫ك مِ ْن رَّبكَ‪ ...‬الية‪.‬‬ ‫إلَْي َ‬
‫حدثن يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبنا داود بن أب هند‪ ,‬عن الشعبّ‪ ,‬عن‬
‫مسروق‪ ,‬قال‪ :‬قال عائشة‪ :‬من زعم أن ممدا صلى ال عليه وسلم كتم شيئا من كتاب ال فقد‬
‫ك مِنْ َربّك‪ ...‬الية‪.‬‬ ‫أعظم على ال الفرية‪ ,‬وال يقول‪ :‬يا أيّها الرّسُو ُل بَلّغْ ما ُأْنزِلَ إلَْي َ‬
‫حدثن الثن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن صال‪ ,‬قال‪ :‬ثن الليث‪ ,‬قال‪ :‬ثن خالد‪ ,‬عن سعيد بن أب هلل‪,‬‬
‫عن ممد بن الميم‪ ,‬عن مسروق بن الجدع‪ ,‬قال‪ :‬دخلت على عائشة يوما‪ ,‬فسمعتها تقول‪ :‬لقد‬
‫أعظم الفرية من قال‪ :‬إن ممدا كتم شيئا من الوحي‪ ,‬وال يقول‪ :‬يا أيّها الرّسُو ُل بَلّ ْغ ما أْنزِلَ إلَْيكَ‬
‫مِنْ َرّبكَ‪.‬‬
‫ويعن بقوله‪ :‬وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ‪ :‬ينعك من أن ينالوك بسوء‪ ,‬وأصله من عصام القربة‪ ,‬وهو ما‬
‫توكأ به من سي وخيط‪ ,‬ومنه قول الشاعر‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫ت عََليْكُمْ مالِكا إنّ مالِكا***سَي ْعصِمُكْم إنْ كانَ فِي النّاسِ عاصِ ُم‬
‫وَقُ ْل ُ‬
‫يعن‪ :‬ينعكم‪ .‬وأما قوله‪(:‬إنّ الّلهَ لَ َيهْدِي ال َق ْومَ الكاِفرِينَ) فإنه يعن‪ :‬إن ال ل يوفق للرشد من حاد‬
‫عن سبيل القّ وجار عن قصد السبيل وجحد ما جئته به من عند ال‪ ,‬ول ينته إل أمر ال وطاعته‬
‫فيما فرض عليه وأوجبه‪.‬‬
‫وقال ابن كثي رحه ال‬
‫يقول تعال ماطبا عبده ورسوله ممدا صلى ال عليه وسلم باسم الرسالة‪ ,‬وآمرا له بإبلغ جيع ما‬
‫أرسله ال به‪ ,‬وقد امتثل عليه أفضل الصلة والسلم ذلك‪ ,‬وقام به أت القيام‪ ,‬قال البخاري عند‬
‫تفسي هذه الية‪ :‬حدثنا ممد بن يوسف‪ ,‬حدثنا سفيان عن إساعيل‪ ,‬عن الشعب عن مسروق‪ ,‬عن‬
‫عائشة رضي ال عنها‪ ,‬قالت‪ :‬من حدثك أن ممدا كتم شيئا ما أنزل ال عليه فقد كذب‪ ,‬ال يقول‬
‫{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} الية‪ ,‬هكذا رواه هاهنا متصرا وقد أخرجه ف مواضع‬
‫من صحيحه مطولً‪ ,‬وكذا رواه مسلم ف كتاب اليان‪ ,‬والترمذي والنسائي ف كتاب التفسي من‬
‫سننهما من طرق عن عامر الشعب‪ ,‬عن مسروق بن الجدع‪ ,‬عنها رضي ال عنها‪ ,‬وف الصحيحي‬
‫عنها أيضا أنا قالت‪ :‬لو كان ممدا صلى ال عليه وسلم كاتا شيئا من القرآن لكتم هذه الية‬
‫{وتفي ف نفسك ما ال مبديه وتشى الناس وال أحق أن تشاه}‪.‬‬
‫وقال ابن أب حات‪ :‬حدثنا أحد بن منصور الرمادي‪ :‬حدثنا سعيد بن سليمان‪ ,‬حدثنا عباد عن هارون‬
‫بن عنترة‪ ,‬عن أبيه قال‪ :‬كنا عند ابن عباس‪ ,‬فجاء رجل فقال له‪ :‬إن ناسا يأتونا فيخبوننا أن عندكم‬
‫شيئا ل يبده رسول ال صلى ال عليه وسلم للناس فقال ابن عباس‪ :‬أل تعلم أن ال تعال قال‪{ :‬يا‬
‫أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك} وال ما ورثنا رسول ال صلى ال عليه وسلم سوداء ف‬
‫بيضاء‪ ,‬وهذا إسناد جيد‪ ,‬وهكذا ف صحيح البخاري من رواية أب جحيفة وهب بن عبد ال‬
‫السوائي قال‪ :‬قلت لعلي بن أب طالب رضي ال عنه‪ :‬هل عندكم شيء من الوحي ما ليس ف القرآن‬
‫؟ فقال‪ :‬ل والذي فلق البة وبرأ النسمة‪ ,‬إل فهما يعطيه ال رجلً ف القرآن وما ف هذه الصحيفة‪,‬‬
‫قلت‪ :‬وما ف هذه الصحيفة ؟ قال‪ :‬العقل‪ ,‬وفكاك السي‪ ,‬وأن ل يقتل مسلم بكافر‪.‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬قال الزهري‪ :‬من ال الرسالة وعلى الرسول البلغ وعلينا التسليم‪ ,‬وقد شهدت له‬
‫أمته بإبلغ الرسالة وأداء المانة‪ ,‬واستنطقهم بذلك ف أعظم الحافل ف خطبته يوم حجة الوداع‪,‬‬
‫وقد كان هناك من أصحابه نو من أربعي ألفا‪ ,‬كما ثبت ف صحيح مسلم عن جابر بن عبد ال أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ف خطبته يومئذ «أيها الناس إنكم مسؤولون عن‪ ,‬فما أنتم‬
‫قائلون ؟» قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت‪ ,‬فجعل يرفع أصبعه إل السماء وينكسها‬
‫إليهم ويقول «اللهم هل بلغت» ؟‪ .‬قال المام أحد‪ :‬حدثنا ابن ني‪ ,‬حدثنا فضيل يعن ابن غزوان‪,‬‬
‫عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حجة الوداع‪« .‬يا أيها‬

‫‪72‬‬
‫الناس‪ ،‬أي يوم هذا ؟ »قالوا‪ :‬يوم حرام‪ ,‬قال‪ :‬أي بلد هذا ؟ قالوا‪ :‬بلد حرام‪ ,‬قال‪ :‬أي شهر هذا ؟‬
‫قالوا‪ :‬شهر حرام‪ ,‬قال‪« :‬فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا‪ ,‬ف‬
‫بلدكم هذا‪ ,‬ف شهركم هذا» ث أعادها مرارا‪ ,‬ث رفع أصبعه إل السماء فقال «اللهم هل بلغت ؟»‬
‫مرارا‪ .‬قال‪ :‬يقول ابن عباس‪ :‬وال لوصية إل ربه عز وجل‪ ,‬ث قال «أل فليبلغ الشاهد الغائب‪ :‬ل‬
‫ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» وقد روى البخاري عن علي بن الدين‪ ,‬عن يي‬
‫بن سعيد‪ ,‬عن فضيل بن غزوان به نوه‪.‬‬
‫وقوله تعال‪{ :‬وإن ل تفعل فما بلغت رسالته} يعن وإن ل تؤد إل الناس ما أرسلتك به‪ ,‬فما بلغت‬
‫رسالته‪ ,‬أي وقد علم ما يترتب على ذلك لو وقع وقال علي بن أب طلحة عن ابن عباس {وإن ل‬
‫تفعل فما بلغت رسالته} يعن إن كتمت آية ما أنزل إليك من ربك ل تبلغ رسالته‪ ,‬قال ابن أب‬
‫حات‪ :‬حدثنا أب‪ ,‬حدثنا قبيصة بن عقبة‪ ,‬حدثنا سفيان عن رجل‪ ,‬عن ماهد قال‪ :‬لا نزلت {يا أيها‬
‫الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} قال‪ :‬يا رب‪ ,‬كيف أصنع وأنا وحدي يتمعون عل ّي ؟ فنلت‬
‫{وإن ل تفعل فما بلغت رسالته} ورواه ابن جرير من طريق سفيان وهو الثوري به‪.‬‬
‫وقوله تعال‪{ :‬وال يعصمك من الناس} أي بلغ أنت رسالت وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على‬
‫أعدائك ومظفرك بم‪ ,‬فل تف ول تزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك‪ ,‬وقد كان النب‬
‫صلى ال عليه وسلم قبل نزول هذه الية يرس‪ ,‬كما قال المام أحد‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا يي قال‪:‬‬
‫سعت عبد ال بن عامر بن ربيعة يدث أن عائشة رضي ال عنها كانت تدث أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم سهر ذات ليلة وهي إل جنبه قالت‪ :‬فقلت ما شأنك يا رسول ال ؟ قال «ليت رجلً‬
‫صالا من أصحاب يرسن الليلة» قالت‪ :‬فبينا أنا على ذلك‪ ,‬إذ سعت صوت السلح‪ ,‬فقال «من‬
‫هذا ؟» فقال‪ :‬أنا سعد بن مالك‪ .‬فقال‪« :‬ما جاء بك ؟» قال‪ :‬جئت لحرسك يا رسول ال‪.‬‬
‫قالت‪:‬فسمعت غطيط رسول ال صلى ال عليه وسلم ف نومه‪ ,‬أخرجاه ف الصحيحي من طريق يي‬
‫بن سعيد النصاري به‪ ,‬وف لفظ‪ :‬سهر رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات ليلة مقدمه الدينة يعن‬
‫على أثر هجرته بعد دخوله بعائشة رضي ال عنها‪ ,‬وكان ذلك ف سنة ثنتي منها‪.‬‬
‫‪ -‬وقال ابن أب حات‪ :‬حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري‪ ,‬نزيل مصر‪ ,‬حدثنا مسلم بن إبراهيم‪,‬‬
‫حدثنا الارث بن عبيد يعن أبا قدامة عن الريري‪ ,‬عن عبد ال بن شقيق‪ ,‬عن عائشة قالت‪ :‬كان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يرس حت نزلت هذه الية {وال يعصمك من الناس} قالت‪ :‬فأخرج النب‬
‫صلى ال عليه وسلم رأسه من القبة وقال «يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمن ال عز وجل» وهكذا‬
‫رواه الترمذي عن عبد بن حيد‪ ,‬وعن نصر بن علي الهضمي‪ ,‬كلها عن مسلم بن إبراهيم به‪ ,‬ث‬
‫قال‪ :‬وهذا حديث غريب‪ ,‬وهكذا رواه ابن جرير والاكم ف مستدركه من طريق مسلم بن إبراهيم‬
‫به‪ ,‬قال الاكم‪ :‬صحيح السناد‪ ,‬ول يرجاه‪ ,‬وكذا رواه سعيد بن منصور عن الارث بن عبيد أب‬

‫‪73‬‬
‫قدامة عن الريري‪ ,‬عن عبد ال بن شقيق‪ ,‬عن عائشة به‪ ,‬ث قال الترمذي‪ :‬وقد روى بعضهم هذا‬
‫عن الريري عن ابن شقيق‪ ,‬قال‪ :‬كان النب صلى ال عليه وسلم يرس حت نزلت هذه الية‪ ,‬ول‬
‫يذكر عائشة‪ .‬قلت‪ :‬هكذا رواه ابن جرير من طريق إساعيل بن علية‪ ,‬وابن مردويه من طريق وهيب‪,‬‬
‫كلها عن الريري عن عبد ال بن شقيق مرسلً‪ ,‬وقد روى هذا مرسل عن سعيد بن جبي وممد‬
‫بن كعب القرظي‪ ,‬رواها ابن جرير‪ ,‬والربيع بن أنس‪ ,‬رواه ابن مردويه‪ ,‬ث قال‪ :‬حدثنا سليمان بن‬
‫أحد‪ ,‬حدثنا أحد بن رشدين الصري‪ ,‬حدثنا خالد بن عبد السلم الصدف‪ ,‬حدثنا الفضل بن الختار‬
‫عن عبد ال بن موهب‪ ,‬عن عصمة بن مالك الظمي قال‪ :‬كنا نرس رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بالليل‪ .‬حت نزلت {وال يعصمك من الناس} فترك الرس‪ ,‬حدثنا سليمان بن أحد‪ ,‬حدثنا‬
‫حد بن ممد بن حد أبو نصر الكاتب البغدادي‪ ,‬حدثنا كردوس بن ممد الواسطي‪,‬‬
‫‪-‬حدثنا يعلى بن عبد الرحن عن فضيل بن مرزوق عن عطية‪ ,‬عن أب سعيد الدري‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫العباس عم رسول ال صلى ال عليه وسلم فيمن يرسه‪ ,‬فلما نزلت هذه الية {وال يعصمك من‬
‫الناس} ترك رسول ال صلى ال عليه وسلم الرس‪.‬‬
‫‪-‬حدثنا علي بن أب حامد الدين‪ ,‬حدثنا أحد بن ممد بن سعيد‪ ,‬حدثنا ممد بن مفضل بن إبراهيم‬
‫الشعري‪ ,‬حدثنا أب‪ ,‬حدثنا ممد بن معاوية بن عمار‪ ,‬حدثنا أب قال‪ :‬سعت أبا الزبي الكي يدث‬
‫عن جابر بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا خرج بعث معه أبو طالب من‬
‫يكلؤه حت نزلت {وال يعصمك من الناس} فذهب ليبعث معه‪ ,‬فقال «يا عم إن ال قد عصمن ل‬
‫حاجة ل إل من تبعث» وهذا حديث غريب وفيه نكارة‪ ,‬فإن هذه الية مدنية‪ ,‬وهذا الديث‬
‫يقتضي أنا مكية‪ ,‬ث قال‪ :‬حدثنا ممد بن أحد بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا ممد بن يي‪ ,‬حدثنا أبو كريب‪,‬‬
‫حدثنا عبد الميد المان عن النضر‪ ,‬عن عكرمة عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يرس فكان أبو طالب يرسل إليه كل يوم رجالً من بن هاشم يرسونه حت نزلت عليه هذه‬
‫الية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته وال يعصمك من‬
‫الناس} قال‪ :‬فأراد عمه أن يرسل معه من يرسه‪ ,‬فقال‪« :‬إن ال قد عصمن من الن والنس»‪,‬‬
‫ورواه الطبان عن يعقوب بن غيلن العمان‪ ,‬عن أب كريب به‪,‬‬
‫وهذا أيضا حديث غريب‪ ,‬والصحيح أن هذه الية مدنية بل هي من أواخر ما نزل با‪ ,‬وال أعلم‪,‬‬
‫ومن عصمة ال لرسوله‪ ,‬حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها‪ ,‬مع شدة‬
‫ل ونارا‪ ,‬با يلقه ال من السباب العظيمة بقدرته وحكمته‬ ‫العداوة والبغضة‪ ,‬ونصب الحاربة له لي ً‬
‫العظيمة‪ ,‬فصانه ف ابتداء الرسالة بعمه أب طالب إذ كان رئيسا مطاعا كبيا ف قريش‪ ,‬وخلق ال ف‬
‫قلبه مبة طبيعية لرسول ال صلى ال عليه وسلم ل شرعية‪ ,‬ولو كان أسلم لجترأ عليه كفارها‬
‫وكبارها‪ ,‬ولكن لا كان بينه وبينهم قدر مشترك ف الكفر هابوه واحترموه‪ ,‬فلما مات عمه أبو‬

‫‪74‬‬
‫طالب‪ ,‬نال منه الشركون أذي يسيا‪ ,‬ث قيض ال له النصار فبايعوه على السلم وعلى أن يتحول‬
‫إل دارهم وهي الدينة‪ ,‬فلما صار إليها‪ ,‬منعوه من الحر والسود‪ ,‬وكلما هم أحد من الشركي‬
‫وأهل الكتاب بسوء كاده ال‪ ,‬ورد كيده عليه‪ ,‬كما كاده اليهود بالسحر فحماه ال منهم‪ ,‬وأنزل‬
‫عليه سورت العوذتي دواء لذلك الداء‪ ,‬ولا سه اليهود ف ذراع تلك الشاة بيب‪ ,‬أعلمه ال به وحاه‬
‫منه‪ ,‬ولذا أشباه كثية جدا يطول ذكرها‪ ,‬فمن ذلك ماذكره الفسرون عند هذه الية الكرية‪:‬‬
‫فقال أبو جعفر بن جرير‪ :‬حدثنا الارث‪ ,‬حدثنا عبد العزيز‪ ,‬حدثنا أبو معشر عن ممد بن كعب‬
‫القرظي‪ ,‬وغيه‪ ,‬قالوا‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا نزل منلً اختار له أصحابه شجرة‬
‫ظليلة فيقيل تتها‪ ,‬فأتاه أعراب فاخترط سيفه‪ ,‬ث قال‪ :‬من ينعك من ؟ فقال « ال عز وجل»‬
‫فرعدت يد العراب وسقط السيف منه‪ ,‬وضرب برأسه الشجرة حت انتثر دماغه‪ ,‬فأنزل ال عز‬
‫وجل‪{ :‬وال يعصمك من الناس}‪ .‬وقال ابن أب حات‪ :‬حدثنا أبو سعيد أحد بن ممد بن يي بن‬
‫سعيد القطان‪ ,‬حدثنا زيد بن الباب‪ ,‬حدثنا موسى بن عبيدة‪ ,‬حدثن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد‬
‫ال النصاري‪ ,‬قال‪ :‬لا غزا رسول ال صلى ال عليه وسلم بن أنار‪ ,‬نزل ذات الرقاع بأعلى نل‪,‬‬
‫فبينا هو جالس على رأس بئر قد دل رجليه‪ ,‬فقال غورث بن الارث من بن النجار‪ :‬لقتلن ممدا‪,‬‬
‫فقال له أصحابه‪ :‬كيف تقتله ؟ قال‪ :‬أقول له‪ :‬أعطن سيفك‪ ,‬فإذا أعطانيه‪ ,‬قتلته به‪ ,‬قال‪ :‬فأتاه‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا ممد‪ ,‬أعطن سيفك أشيمه‪ ,‬فأعطاه إياه‪ ,‬فرعدت يده حت سقط السيف من يده‪ ,‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم «حال ال بينك وبي ما تريد»‪ ,‬فأنزل ال عز وجل‪{ :‬يا أيها‬
‫الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته وال يعصمك من الناس} وهذا‬
‫حديث غريب من هذا الوجه‪ ,‬وقصة غورث بن الارث مشهورة ف الصحيح‪.‬‬
‫وقال أبو بكر بن مردويه‪ :‬حدثنا أبو عمرو بن أحد بن ممد بن إبراهيم‪ ,‬حدثنا ممد بن عبد‬
‫الوهاب‪ ,‬حدثنا آدم‪ ,‬حدثنا حاد بن سلمة عن ممد بن عمرو‪ ,‬عن أب سلمة‪ ,‬عن أب هريرة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫كنا إذا صحبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم ف سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها‪ ,‬فينل تتها‪,‬‬
‫فنل ذات يوم تت شجرة وعلق سيفه فيها‪ ,‬فجاء رجل فأخذه‪ ,‬فقال‪ :‬يا ممد من ينعك من ؟‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم « ال ينعن منك ضع السيف» فوضعه‪ ,‬فأنزل ال عز وجل‪:‬‬
‫{وال يعصمك من الناس} وكذا رواه أبو حات بن حبان ف صحيحه عن عبد ال بن ممد‪ ,‬عن‬
‫إسحاق بن إبراهيم‪ ,‬عن الؤمل بن إساعيل‪ ,‬عن حاد بن سلمة به‪.‬‬
‫وقال المام أحد‪ :‬حدثنا ممد بن جعفر‪ ,‬حدثنا شعبة‪ ,‬سعت أبا إسرائيل‪ ,‬يعن الشمي‪ ,‬سعت‬
‫جعدة هو ابن خالد بن الصمة الشمي رضي ال عنه‪ ,‬قال‪ :‬سعت النب صلى ال عليه وسلم ورأى‬
‫رجلً سينا‪ ,‬فجعل النب صلى ال عليه وسلم يومىء إل بطنه بيده ويقول «لو كان هذا ف غي هذا‪,‬‬
‫لكان خيا لك» قال‪ :‬وأت النب صلى ال عليه وسلم برجل‪ ,‬فقيل‪ :‬هذا أراد أن يقتلك‪ ,‬فقال له النب‬

‫‪75‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل ترع ولو أردت ذلك ل يسلطك ال علي»‪ .‬وقوله {إن ال ل يهدي القوم‬
‫الكافرين} أي بلغ أنت وال هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء‪ ,‬كما قال تعال‪{ :‬ليس‬
‫عليك هداهم ولكن ال يهدي من يشاء} وقال {فإنا عليك البلغ وعلينا الساب}‪.‬‬
‫وقال القرطب رحه ال‬
‫قوله تعال‪{ :‬يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته وال يعصمك‬
‫من الناس إن ال ل يهدي القوم الكافرين}‬
‫قوله تعال‪" :‬يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك"‪ .‬قيل‪ :‬معناه أظهر التبليغ؛ لنه كان ف أول‬
‫السلم يفيه خوفا من الشركي‪ ،‬ث أمر بإظهاره ف هذه الية‪ ،‬وأعلمه ال أنه يعصمه من الناس‪.‬‬
‫وكان عمر رضى ال عنه أول من أظهر إسلمه وقال‪ :‬ل نعبد ال سرا؛ وف ذلك نزلت‪" :‬يا أيها‬
‫النب حسبك ال ومن اتبعك من الؤمني" [النفال‪ ]64 :‬فدلت الية على رد قول من قال‪ :‬إن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم كتم شيئا من أمر الدين تقية‪ ،‬وعلى بطلنه‪ ،‬وهم الرافضة‪ ،‬ودلت على أنه صلى‬
‫ال عليه وسلم ل يسر إل أحد شيئا من أمر الدين؛ لن العن بلغ جيع ما أنزل إليك ظاهرا‪ ،‬ولول‬
‫هذا ما كان ف قوله عز وجل‪" :‬وإن ل تفعل فما بلغت رسالته" فائدة‪ .‬وقيل‪ :‬بلغ ما أنزل إليك من‬
‫ربك ف أمر زينب بنت جحش السدية رضي ال عنها‪ .‬وقيل غي هذا‪ ،‬والصحيح القول بالعموم؛‬
‫قال ابن عباس‪ :‬العن بلغ جيع ما أنزل إليك من ربك‪ ،‬فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته؛ وهذا‬
‫تأديب للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتأديب لملة العلم من أمته أل يكتموا شيئا من أمر شريعته‪ ،‬وقد‬
‫علم ال تعال من أمر نبيه أنه ل يكتم شيئا من وحيه؛ وف صحيح مسلم من مسروق عن عائشة أنا‬
‫قالت‪ :‬من حدثك أن ممدا صلى ال عليه وسلم كتم شيئا من الوحي فقد كذب؛ وال تعال يقول‪:‬‬
‫"يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته" وقبح ال الروافض حيث‬
‫قالوا‪ :‬إنه صلى ال عليه وسلم كتم شيئا ما أوحى إليه كان بالناس حاجة إليه‪.‬‬
‫قوله تعال‪" :‬وال يعصمك من الناس" فيه دليل على نبوته؛ لن ال عز وجل أخب أنه معصوم‪ ،‬ومن‬
‫ل سبحانه له العصمة فل يوز أن يكون قد ترك شيئا ما أمره ال به‪ .‬وسبب نزول هذه الية‬ ‫ضمِن ا ُ‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم كان نازل تت شجرة فجاء أعراب فاخترط سيفه وقال للنب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬من ينعك من؟ فقال‪ :‬ال؛ فذعرت يد العراب وسقط السيف من يده؛ وضرب برأسه‬
‫الشجرة حت انتثر دماغه؛ ذكره الهدوي‪ .‬وذكره القاضي عياض ف كتاب الشفاء قال‪ :‬وقد رويت‬
‫هذه القصة ف الصحيح‪ ،‬وأن غورث بن الارث صاحب القصة‪ ،‬وأن النب صلى ال عليه وسلم عفا‬
‫عنه؛ فرجع إل قومه وقال‪ :‬جئتكم من عند خي الناس‪ .‬وقد تقدم الكلم ف هذا العن ف هذه‬
‫السورة عند قوله‪" :‬إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" [الائدة‪ ]11 :‬مستوف‪ .... ،‬وف صحيح‬
‫مسلم عن جابر بن عبد ال قال‪ :‬غزونا مع وسول ال صلى ال عليه وسلم غزوة قبل ند فأدركنا‬

‫‪76‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ف واد كثي العضاه فنل رسول ال صلى ال عليه وسلم تت شجرة‬
‫فعلق سيفه بغصن من أغصانا‪ ،‬قال‪ :‬وتفرق الناس ف الوادي يستظلون بالشجر‪ ،‬قال فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪( :‬إن رجل أتان وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم‬
‫أشعر إل والسيف مصلتا ف يده فقال ل‪ :‬من ينعك من؟ ‪ -‬قال ‪ -‬قلت ال‪ ...‬ث قال ف الثانية‪ :‬من‬
‫ينعك من؟‪ -‬قال ‪ -‬قلت ال‪ ...‬قال فشام السيف فها هو ذا جالس ث ل يعرض له رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ..‬وقال ابن عباس قال النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬لا بعثن ال برسالته ضقت با ذرعا‬
‫وعرفت أن من الناس من يكذبن فأنزل ال هذه الية) وكان أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم رجال من بن هاشم يرسونه حت نزل‪" :‬وال يعصمك من الناس" فقال النب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪[ :‬يا عماه إن ال قد عصمن من الن والنس فل احتاج إل من يرسن]‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا يقتضي أن ذلك كان بكة‪ ،‬وأن الية مكية وليس كذلك‪ ،‬وقد تقدم أن هذه السورة‬
‫مدنية بإجاع؛ وما يدل على أن هذه الية مدنية ما رواه مسلم ف الصحيح عن عائشة قالت‪ :‬سهر‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم مقدمة الدينة ليلة فقال‪[ :‬ليت رجل صالا من أصحاب يرسن‬
‫الليلة] قالت‪ :‬فبينا نن كذلك سعنا خشخشة سلح؛ فقال‪[ :‬من هذا] ؟ قال‪ :‬سعد بن أب وقاص‬
‫فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪[ :‬ما جاء بك] ؟ فقال‪ :‬وقع ف نفسي خوف على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فجئت أحرسه؛ فدعا له رسول ال صلى ال عليه وسلم ث نام‪ .‬وف غي‬
‫الصحيح قالت‪ :‬فبينما نن كذلك سعت صوت السلح؛ فقال‪[ :‬من هذا] ؟ فقالوا‪ :‬سعد وحذيفة‬
‫جئنا نرسك؛ فنام صلى ال عليه وسلم حت سعت غطيطه ونزلت هذه الية؛ فأخرج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم رأسه من قبة آدم وقال‪[ :‬انصرفوا أيها الناس فقد عصمن ال]‪.‬‬
‫وقرأ أهل الدينة‪" :‬رسالته" على الميع‪ .‬وأبو عمرو وأهل الكوفة‪" :‬رسالته" على التوحيد؛ قال‬
‫النحاس‪ :‬والقراءتان حسنتان والمع أبي؛ لن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان ينل عليه الوحي‬
‫شيئا فشيئا ث يبينه‪ ،‬والفراد يدل على الكثرة؛ فهي كالصدر والصدر ف أكثر الكلم ل يمع ول‬
‫يثن لدللته على نوعه بلفظه كقوله‪" :‬وإن تعدوا نعمة ال ل تصوها" [إبراهيم‪" .]34 :‬إن ال ل‬
‫يهدي القوم الكافرين" أي ل يرشدهم وقد تقدم‪ .‬وقيل‪ :‬أبلغ أنت فأما الداية فإلينا‪ .‬نظيه "ما على‬
‫الرسول إل البلغ" [الائدة‪ ]99:‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقال رحه ال عند تفسي قوله تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة ال عليكم إذ هم قوم أن‬
‫يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا ال وعلى ال فليتوكل الؤمنون} (الائدة ‪.)11‬‬
‫قال جاعة‪ :‬نزلت بسبب فعل العراب ف غزوة ذات الرقاع حي اخترط سيف النب صلى ال عليه‬
‫وسلم وقال‪ :‬من يعصمك من يا ممد؟ كما تقدم ف "النساء"‪ .‬وف البخاري‪ :‬أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم دعا الناس فاجتمعوا وهو جالس عند النب صلى ال عليه وسلم ول يعاقبه‪ .‬وذكر الواقدي وابن‬

‫‪77‬‬
‫أب حات أنه أسلم‪ .‬وذكر قوم أنه ضرب برأسه ف ساق شجرة حت مات‪ .‬وف البخاري ف غزوة‬
‫ذات الرقاع أن اسم الرجل غورث بن الارث (بالغي منقوطة مفتوحة وسكون الواو بعدها راء وثاء‬
‫مثلثة) وقد ضم بعضهم الغي‪ ،‬والول أصح‪ .‬وذكر أبو حات ممد بن إدريس الرازي‪ ،‬وأبو عبد ال‬
‫ممد بن عمر الواقدي أن اسه دعثور بن الارث‪ ،‬وذكر أنه أسلم كما تقدم‪ .‬وذكر ممد بن‬
‫إسحاق أن اسه عمرو بن جحاش وهو أخو بن النضي‪ .‬وذكر بعضهم أن قصة عمرو بن جحاش ف‬
‫غي هذه القصة‪ .‬وال أعلم‪ .‬وقال قتادة وماهد وغيها‪ :‬نزلت ف قوم من اليهود جاءهم النب صلى‬
‫ال عليه وسلم يستعينهم ف دية فهموا بقتله صلى ال عليه وسلم ال منهم‪ .‬قال القشيي‪ :‬وقد تنل‬
‫الية ف قصة ث ينل ذكرها مرة أخرى لدكار ما سبق‪" .‬أن يبسطوا إليكم أيديهم" أي بالسوء‪.‬‬
‫"فكف أيديهم عنكم" أي منعهم‪.‬‬
‫وقال السعدي رحه ال‬
‫قوله تعال‪(:‬يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته وال يعصمك‬
‫من الناس إن ال ل يهدي القوم الكافرين)‪.‬‬
‫هذا أمر من ال لرسوله ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بأعظم الوامر وأجلها‪ ،‬وهو‪ :‬التبليغ لا أنزل ال‬
‫إليه‪ .‬ويدخل ف هذا‪ ،‬كل أمر تلقته المة عنه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬من العقائد‪ ،‬والعمال‪ ،‬والقوال‪،‬‬
‫والحكام الشرعية‪ ،‬والطالب اللية‪ .‬فبلغ صلى ال عليه وسلم أكمل تبليغ‪ ،‬ودعا‪ ،‬وأنذر‪ ،‬وبشر‪،‬‬
‫ويسر‪ ،‬وعلم الهال الميي‪ ،‬حت صاروا من العلماء الربانيي‪ .‬وبلغ‪ ،‬بقوله‪ ،‬وفعله‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪.‬‬
‫فلم يبق خي إل دل أمته عليه‪ ،‬ول شر إل حذرها عنه‪ ،‬وشهد له بالتبليغ أفاضل المة‪ ،‬من الصحابة‪،‬‬
‫فمن بعدهم من أئمة الدين‪ ،‬ورجال السلمي‪ " .‬وإن ل تفعل " أي‪ :‬ل تبلغ ما أنزل إليك من ربك "‬
‫فما بلغت رسالته " أي‪ :‬فما امتثلت أمره ‪ " .‬وال يعصمك من الناس " هذه حاية وعصمة من ال‪،‬‬
‫لرسوله من الناس‪ ،‬وأنه ينبغي أن يكون حرصك على التعليم والتبليغ‪ ،‬ول يثنيك عنه خوف من‬
‫الخلوقي فإن نواصيهم بيد ال‪ ،‬وقد تكفل بعصمتك‪ ،‬فأنت إنا عليك البلغ البي‪ ،‬فمن اهتدى‪،‬‬
‫فلنفسه‪ .‬وأما الكافرون الذين ل قصد لم إل اتباع أهوائهم فإن ال ل يهديهم‪ ،‬ول يوفقهم للخي‪،‬‬
‫بسبب كفرهم ‪.‬‬
‫وقال ابن عطية رحه ال‬
‫وقال عبد ال بن شقيق كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتعقبه أصحابه يرسونه فلما نزلت (وال‬
‫يعصمك من الناس) خرج فقال‪ :‬يا أيها الناس القوا بلحقكم فإن ال قد عصمن‪ ...‬وقال ممد بن‬
‫كعب القرظي نزلت (وال يعصمك من الناس) بسبب العراب الذي اخترط سيف النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ليقتله به‪ ...‬قال القاضي أبو ممد‪ :‬هو غورث بن الارث والقصة ف غزوة ذات‬
‫الرقاع‪ ...‬وقال ابن جريج كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يهاب قريشًا فلما نزلت هذه الية إل‬

‫‪78‬‬
‫قوله‪( :‬وال يعصمك من الناس) استلقى وقال‪ :‬من شاء فليخذلن‪ ...‬مرتي أو ثلثا و (يعصمك)‬
‫معناه يفظك ويعل عليك وقاية‪ ..‬ومنه قوله تعال (يعصمن من الاء)‪ ..‬ومنه قول الشاعر (فقلت‬
‫عليكم مالكا إن مالكا سيعصمكم إن كان ف الناس عاصم)‪ ..‬وهذه العصمة الت ف الية هي من‬
‫الخاوف الت يكن أن توقف عن شيء من التبليغ كالقتل والسر والذى ف السم ونوه وأما أقوال‬
‫الكفار ونوها فليست ف الية‪ ...‬وقوله تعال _(ل يهدي القوم الكافرين) إما على الصوص فيمن‬
‫سبق ف علم أنه ل يؤمن وإما على العموم على أن ل هداية ف الكفر ول يهدي ال الكافر ف سبل‬
‫كفره‪..‬‬
‫(رَبّنَا آمَنّا بِمَا أَنزََلتْ وَاتَّبعْنَا الرّسُولَ فَا ْكتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ)‬
‫كان الفراغ من جعه وتأليفه‬
‫يوم ‪ 11‬صفر الي ‪1427‬‬
‫أبو يوسف ممد زايد‪.‬‬
‫=====================‬
‫مولد نب مولد حضارة‬

‫الكاتب‪ :‬سناء الشاذل‬


‫تتغن دعوات بشرية شتّى بضاراتا‪ ،‬وتزعم أنا الصلح للمجتمعات‪ ،‬وأن عليها أخذها كنموذج‬
‫طُبق وقطفت ثاره ف كل حي وف كل لون‪.‬‬
‫غي أن ثة ما ينفي ذلك الدعاء‪ ،‬لروج فئة أخرى من جلدة تلك الضارة تنفي وتفند تلك‬
‫الكذوبة‪ ،‬وتقف كحاجز حصي ضد ما سّوه حضارة‪ ،‬وضد ما يُطلق عليه تقدم أوتطور‪ ،‬ل يؤد إل‬
‫إل مزيد من دمار واندار ف حضارات ل تفرق بي الي والشر‪ ,‬وصدرت المراض والتشوهات‬
‫والشذوذ والمراض النفسية والنتحارات‪ ,‬بدعوى حضارية النهج والدف والسلوك‪ ،‬ما أدى إل‬
‫قيام مموعات عدة بملة قوية تدعو إل العودة إل الخلق والتنقيب عنها ف أمهات الكتب‪ ،‬وأخذ‬
‫ما يفيد من الاضي والاضر‪ ،‬بغية إنقاذ البقية الباقية من بشرية خاضت الضارة بشكل خاطئ‪.‬‬
‫غي أن الهمة شاقة لتعدد تلك التاهات الت تستقي منها الضارة معينها ومنقذها‪ ،‬فل ديانتها بقت‬
‫على حالا لتستقي منها ما ينقذها ول كذلك النوح لللاد والعلمانية والرأسالية والشتراكية‬
‫والوجودية‪ ،‬مكنها من أن تسترد به عافيتها‪ ،‬ما يضطرها إل إضفاء الزيد من الصطلحات والقواني‪،‬‬
‫فكلما فشلت ف مشروع لأت لخر‪ ،‬إذ ترى أنه غي صال لزمان ما وفئة ما‪ ،‬ما يفرض عليها تقدي‬
‫مشروع آخر‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫لكن ثة حضارة ل يطرأ عليها تغيي على مر العصور‪ ,‬ول تطوير ول تنتقل لشروع آخر كما‬
‫الضارات الخرى وإن كان القائمون عليها قد أخفقوا ف نواح شت‪ ،‬وهو ما سبب تأخر هذه‬
‫الضارة ل اندثارها‪ ،‬ولا سة بارزة إذ يشارك الكبي والصغي والضعيف والقوي ف بنائها‪.‬‬
‫كما أنا ليس لا وقت مدد توت به وتنتهي‪ ...‬فلقد ولدت مع ولدة أعظم نب ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقد أسهمت ‪ -‬ل كغيها ‪ -‬ف الخذ بيد ذلك النسان الكري على ال نو التقدم‬
‫والزدهار‪ ،‬وحفظت حقوقه‪ ،‬ول تفرض عليه حضارة حيوانية شهوانية تدمر كل شيء ف طريقها‪،‬‬
‫ول تكلفه فوق ما يطيق حت ف العبادة‪ ,‬بل مازجت بي الفطرة والسلوك‪ ,‬بي الروح والسد‪ ,‬بي‬
‫الل والمل‪ ,‬بي التفاؤل والتشاؤم‪.‬‬
‫إنا ولدة تشهد مع كل يوم حضارة ثابتة ف قوانينها مرنة ف اتاهاتا‪ .‬حضارة ولدت بولد نبيها‬
‫والذي أعجب له كل العجب أن البعض يتخذ يوما واحدا يتفل فيه بولد هذا النب على رغم أنه‬
‫يولد فينا كل يوم‪ ,‬مع بكاء طفل مسلم للتو خرج للدنيا‪ ,‬مع دعوة ل صداها ف كل مكان‪ ,‬مع‬
‫جاعات حضرت صلواتا ف كل حي‪ ,‬مع أذان صدع ف أرجاء الدنيا‪ ,‬مع أذكار وتسابيح ترج من‬
‫أفواه العصافي والشجار‪ ,‬والحجار‪ ,‬مع أناس قاموا باتباع السنة على الوجه الصحيح‪ ،‬ومع أناس‬
‫نلوا من أخلق النب حاملي رسالته بأخلقهم الت ميّز ال أمة ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫مع كل هذا وغيه يبقى من الظلم أن يتفل بولده بأشكاله الختلفة الت ل تلو من مزامي ومديح‬
‫مبالغ فيه وطبول وغناء‪.‬‬
‫انه لظلم حقا أن تتزل ولدته وهو الولود فينا كل يوم ف يوم واحد ل تقم به خي القرون‪ ،‬وكلنا‬
‫يعلم قصة بداية أول احتفال بولده على أيدي الذاهب الباطنية‪ ،‬انه حقا ظلم لضارة نبوية تمل‬
‫أرقى معان التقدم‪ ...‬نب رأت أمه وكأن نورا خرج منها أضاء قصور كسرى ف الشام‪ ،‬ما يدلنا على‬
‫أنه ل يكن أن تتصور إل ذلك النور الذي أوصل السلم والسلم والمان والخلق ال البشرية‬
‫جعاء‪.‬‬
‫صحيفة الياة اللندنية‬
‫====================‬
‫ميلد نب ‪ ..‬مولد أمة‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬عبدالستار إبراهيم اليت‬


‫ف فترة من فترات التاريخ الغابرة‪ ،‬وعلى ثرى البقعة الباركة الت اختارها ال لتكون مثابة للناس‬
‫وأمنا‪ ،‬وف ظل أجواء مليئة بالهل والظلم‪ ،‬وتكم الغن بالفقي‪ ،‬وسيطرة القوي على الضعيف كان‬
‫العال كله يرقب ولدة جديدة تنتشل المة من وهدتا‪ ،‬وتطيح بالظلم والطغيان لتضع المور ف‬

‫‪80‬‬
‫نصابا وتعيد للنسانية كرامتها وترتفع بالبشرية من حياة الذل والضياع متطلعة با إل حياة العزة‬
‫والجد‪.‬‬
‫وسط هذه الجواء اللبدة بغيوم الهل والشرك والوثنية كانت الولدة الرتقبة‪ ،‬فانتبهت مكة على‬
‫إيقاع صوت الق ينطلق من بي أزقتها‪ ،‬وأفاقت تلك الدينة القدسة الوادعة على أنغام الترحاب‬
‫بالوليد اليتيم الذي ل يكن يطر ببال أحد أنه سيكون منقذا لمة ومؤسسا لضارة ومعلما للبشرية‬
‫وقائدا لركب اليان والتوحيد‪.‬‬
‫إنه ف صبيحة الثان عشر من ربيع الول كان العال على موعد مع العلم والفضيلة والضارة الت‬
‫انطوت جيعها فتمثلت باليلد اليمون لرسول ال صلى ال عليه وسلم ف وقت كانت فيه البشرية‬
‫بأمس الاجة إل تصحيح الفكار وبناء العقائد وبرمة الرؤى والتوجهات‪ ،‬بيث أصبح ذلك اليلد‬
‫علمة مضيئة ف التاريخ النسان ليس للمسلمي فحسب وإنا للنسانية جعاء على اختلف مللها‬
‫وتعدد نلها‪ ،‬ويؤكد هذا العن ما أشار إليه أحد الشعراء السيحيي بقوله‪:‬‬
‫أممد والجد بعض صفاته‬
‫مّدت ف تعليمك الديانا‬
‫بعث الهاد لدن بعثت وجردت‬
‫أسياف صحبك تفتح البلدانا‬
‫ورفعت ذكر ال ف أمية‬
‫وثنية ونفحتها اليانا‬
‫مرحا لمي يعلم سفره‬
‫نبغاء يعرب حكمة وبيانا‬
‫إن مسيحي أحب ممدا‬
‫وأراه ف فلك العل عنوانا‬
‫ل يكن ميلد ممد بن عبد ال العرب القرشي حدثا تارييا عابرا ير عليه الؤرخون مرورا وإنا مثّل‬
‫من خلل نبوته ورسالته أبرز دعوات الصلح والتربية ف دنيا البشرية على الطلق‪ ،‬فقد استطاع‬
‫أن يعل من جزيرة العرب مصدر إشعاع فكري وثقاف وحضاري‪ ،‬قدمت المة من خلله للعال‬
‫صياغة روحية ومادية حلت بي طياتا معال البعد الرسال لدعوة السلم عقيدة وشريعة ومنهج‬
‫حياة‪ ،‬حيث تكن ممد «صلى ال عليه وسلم» أن يتبوأ قمة الرم ليكون على رأس الصلحي الذين‬
‫كان لم أثر بارز ف توجيه البشرية نو الفضيلة والرشاد‪ ،‬وف هذا يقول أمي الشعراء أحد شوقي‪:‬‬
‫الصلحون أصابع جعت يدا‬
‫هي أنت بل أنت اليد العصماء‬

‫‪81‬‬
‫ففي ميدان الصلح العقائدي والفكري كان لحمد «صلى ال عليه وسلم» الفضل الكبي ف ترسيخ‬
‫معال عقيدة التوحيد الت تعن إفراد العبودية ل تعال ونبذ الشرك والوثنية والطاحة بعبادة الصنام‬
‫لتخليص الفكر البشري من سفاهات العقائد الباطلة والترفع به عن عبادة البشر أو الجر‪:‬‬
‫بك يا ابن عبد ال قامت سحة‬
‫للحق من ملل الدى غراء‬
‫بنيت على التوحيد وهو حقيقة‬
‫نادى با سقراط والكماء‬
‫وف ميدان الصلح القتصادي والجتماعي كان لحمد «صلى ال عليه وسلم» الباع الطويل ف‬
‫بناء نظرية اقتصادية ترعى الفقراء وتتم بشؤونم وتافظ على حقوقهم من أن يتعدى عليها التنفذون‬
‫وأصحاب رؤوس الموال‪ ،‬كما كان له الفضل الكبي ف تقيق العدالة والساواة بعيدا عن التمايز‬
‫الطبقي أو التفاوت الجتماعي‪:‬‬
‫جاءت فوحّدت الزكاة سبيله‬
‫حت التقى الكرماء والبخلء‬
‫أنصفت أهل الفقر من أهل الغن‬
‫فالكل ف حق الياة سواء‬
‫فلو أن إنسانا تيّر ملّة‬
‫ما اختار إل دينَك الفقراء‬
‫أما السياسة والقيادة عند ممد «صلى ال عليه وسلم» فلها نط آخر وصيغة متقدمة ل يستطع العال‬
‫الذي يعيش اليوم أوج حضارته وقمة تقدمه الضاري أن يصل إل ذلك النهج السوي من حيث‬
‫الوضوح ف الطرح والصدق ف التعامل والمانة ف العهود والعدل ف الكم‪ ،‬فمزج بذلك السياسة‬
‫بالخلق والقيادة بالرحة والمارة بالساواة‪ ،‬فتحقق بذلك حلم الفلسفة القدماء وآمال الفكرين‬
‫الكماء‪:‬‬
‫والدين يسر واللفة بيعة‬
‫والمر شورى والقوق قضاء‬
‫وإذا أخذت العهد أو أعطيته‬
‫فجميع عهدك ذمة ووفاء‬
‫وإذا رحت فأنت أم أو أب‬
‫هذان ف الدنيا ها الرحاء‬

‫‪82‬‬
‫وعلى أساس هذه الثوابت شيّد «ممد النب والرسول» قواعد حضارة عربية إسلمية‪ ،‬وبن مدا وعزا‬
‫وعلما ل يزال العال ينهل منه ويفيد من طروحاته ويرجع إليه عند اشتداد الزمات واحتلك‬
‫الطوب‪ ،‬فالصدر ربان إلي‪ ،‬والصياغة ممدية نبوية‪ ،‬وآلية التطبيق عربية إسلمية عاش العال ف‬
‫ضللا ردحا طويل من الزمن ينعم بالمن والمان والي والسلم‪ ،‬فل ظلم ول طغيان‪ ،‬ول انتهاك‬
‫ول عدوان‪ ،‬الميع تت مظلة القانون سواسية‪ ،‬فكلكم لدم وآدم من تراب‪ ،‬فل ميزة لعرب على‬
‫أعجمي إل بالتقوى‪ ،‬ول فرق بي مسلم أو يهودي أو نصران من حيث القوق والواجبات‪ ،‬فلهم‬
‫مالنا وعليهم ما علينا‪ ،‬وممد يقول‪ :‬من آذى ذميا فقد آذان‪ ،‬ويقول‪ :‬إنه قد أهلك من كان قبلكم‬
‫أنم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الد وأي ال لو أن‬
‫فاطمة بنت ممد سرقت لقطعت يدها‪ ،‬القوي فيكم ضعيف حت آخذ الق منه‪ ،‬والضعيف فيكم‬
‫قوي حت آخذ الق له‪ ،‬وهكذا قدم «ممد» برنامج عمل وصياغة قانونية لدولة العدل والتسامح‬
‫والساواة قبل أن يعرف العال بوادر النهضة الديثة وقبل أن تبز طلئع الثورة الفرنسية الت يفخر‬
‫الغرب با وبطروحاتا حت كان ميلد ممد صلى ال عليه وسلم ميلد أمة بكاملها شادت حضارة‬
‫وأقامت دولة ونشرت ف ربوع العال العلم والعرفة‪.‬‬
‫إذا كانت هذه هي العان السامية الت قدمها ممد للعال كافة وللعرب والسلمي خاصة‪ ،‬فإن المة‬
‫اليوم مطالبة ببمتها على أرض الواقع وتقديها كحلول ناجعة للخلص من حالة الضياع والتشرذم‬
‫الذي آلت إليه أحوالا ف كافة الجالت السياسية والقتصادية والجتماعية وإذا كان العامة من أبناء‬
‫المة ملتزمي بالكثي من هذه الفاهيم والعان الكبية ف علقاتم الدينية والخلقية‪ ،‬فإن خاصتها‬
‫من الثقفي والسياسيي وأصحاب القرار يتاجون إل مراجعة حثيثة لنفسهم ولطواتم ولقراراتم‬
‫لتأت متفقة مع الرث الضاري الذي خلفه ممد بن عبد ال لذه المة ولتحظى بالكانة السامية الت‬
‫حظي با أسلفنا يوم سادوا العال وقدموا له أفضل برامج الياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬وإل‬
‫أن يتحقق ذلك فإن أول المر ف هذه المة وعلماءها ومثقفيها مطالبون بهد كبي وسعي حثيث‬
‫لتصحيح علقاتم مع ال أول ومع شعوبم ثانيا عن طريق الوار الادف البناء والرونة ف الطرح‬
‫والتعامل والشاركة القيقية لشعوبم ف آمالم وآلمهم ليكونوا جزءا من المة وليس ف أبراج عالية‬
‫بعيدة عنها‪.‬‬
‫صحيفة الشرق القطرية‬
‫=========================‬
‫مَنْ َأوْل بالسخرية والستهزاء؟‬

‫‪21/12/1426‬‬

‫‪83‬‬
‫مروة سيح السيد ـ القاهرة‬
‫بسم ال والمد ل والصلة والسلم على أفضل خلق ال سيدنا ممد وعلى آله وصحبه ومن واله‬
‫وبعد‪..‬‬
‫هالن كثيا سخرية هؤلء الاقدين على النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬دون علم به ول با جاء به‪،‬‬
‫فظهر بذلك حقدهم وجهلهم؛ بل وعدم علمهم بكتابم وما به من غرائب‪ ،‬والعجائب الت لو قرأها‬
‫النسان دون علمه أن هذه نصوص بالكتاب الذي يدعون أنه مقدس لظنها من حكايات (ميكي‬
‫ماوس) أو من القصص الرافية الت تكى للصغار قبل نومهم‪.‬‬
‫وهنا أحببت أن أنقل للقارئ بعضا من فقرات كتابم (القدس) ليستيقظ القوم من غفلتهم‪.‬‬
‫طي يشي على أربعة أرجل؟؟‬
‫"وكل دبيب الطي الاشي على أربع فهو مكروه لكم"‪.]Lv: 11:20: 20 [.‬‬
‫هذا من العجاز العلمي بـ(الكتاب القدس) فالطيور ف هذا الكتاب أصبحت لا أربعه أرجل تشي‬
‫عليهم!!!‬
‫الرنب الجتر!!‬
‫"والرنب لنه يترّ لكنه ل يشق ظلفا فهو نس لكم" [‪.]Lv:11:6: 6‬‬
‫وهل تتر الرانب‪ .‬إل ف الكتاب القدس؟!‬
‫حيوانات لا أعي من اللف تلس بوار عرش (الرب)!!‬
‫جاء ف [ رؤيا ‪ :] 8-6 :4‬وقدام العرش بر زجاج شبه البلور وف وسط العرش وحول العرش‬
‫أربعة حيوانات ملوءة عيونا من قدام ومن وراء‪ .‬واليوان الول شبه أسد‪ ،‬واليوان الثان شبه عجل‪،‬‬
‫واليوان الثالث له وجه مثل وجه إنسان واليوان الرابع شبه نسر طائر"‪.‬‬
‫فتخيل معي ‪ -‬أخي القارئ ‪ -‬أربعة حيوانات لكل منهم عيون من المام واللف‪ ،‬بل واليوان‬
‫الول أسد‪ ،‬والخر عجل‪ ،‬والثالث له وجه إنسان‪ ،‬والخي نسر‪ ،‬وكل هذه اليوانات تلس أمام‬
‫عرش ال تبارك وتعال!!‪ ....‬تعال ال عن إفك النصارى علوا كبيا‪.‬‬
‫سلق الطفال وأكلهم!‬
‫جاء ف سفر اللوك الثان‪ :‬الصحاح السادس الفقرة الثامنة والعشرون وما بعدها‪[ :‬سألَها‪ :‬ما ِبكِ؟‬
‫فأجابَت‪ :‬قالَت ل ه ِذهِ الرأةُ‪ :‬هات ابَنكِ فنَأْكَُلهُ‪ ،‬وغدًا نأْكُ ُل ابن‪29 .‬ف َطبَخنا ابن وأكلْناهُ‪ ،‬وقُلتُ‬
‫لا ف اليومِ الثّان‪ :‬هات إبَنكِ ِلنَأكَُلهُ فأخفَْتهُ]‬
‫بال هذا كلم مقدس؟!‪.‬‬
‫سلمات!‬

‫‪84‬‬
‫يقول بولس (مؤسس النصرانية القيقي) ف رسالته الثانية إل صديقه تيموثاوس [ ‪" :] 19 :4‬سلم‬
‫على فرسكا واكيل وبيت انيسيفورس‪ .‬اراستس بقي ف كورنثوس‪ .‬وأما تروفيمس فتركته ف ميليتس‬
‫مريضا‪ .‬بادر أن تيء قبل الشتاء‪ .‬يسلم عليك افبولس وبوديس ولينس وكلفدية والخوة جيعا"‪.‬‬
‫ويقول بولس لصديقه تيطس [ت ‪" :]12 :3‬حينما أرسل إليك ارتيماس أو تيخيكس بادر أن تأت‬
‫إل إل نيكوبوليس لن عزمت أن أشت هناك"‪.‬‬
‫ونسأل‪ :‬هل أصبح السلم على فرسكا و‪ ...‬ودعوى أحد للحضور ف الكان الذي سيشت فيه بولس‬
‫وحي من عند ال يتعبد بتلوته؟؟!!‬
‫مناجاة!!‬
‫سفر الروج [ ‪[ :]22 :5‬فرجع موسى إل الرب وقال يا سيد لاذا أسأت إل هذا الشعب‪ .‬لاذا‬
‫أرسلتن‪ .‬فإنه منذ دخلت إل فرعون لتكلم باسك أساء إل هذا الشعب‪ .‬وأنت ل تلّص شعبك]‪.‬‬
‫ي رَجُلً لّمِيقَاتِنَا فََلمّا أَخَ َذْتهُمُ الرّ ْجفَ ُة قَا َل َربّ َلوْ شِْئتَ َأهْلَ ْكَتهُم‬ ‫وعندنا‪" :‬وَا ْختَا َر مُوسَى َق ْو َمهُ َسْبعِ َ‬
‫س َفهَاء مِنّا إِ ْن هِيَ إِلّ ِفتَْنُتكَ ُتضِلّ ِبهَا مَن تَشَاء وََتهْدِي مَن تَشَاء‬ ‫مّن قَبْ ُل وَِإيّايَ َأُتهْلِ ُكنَا بِمَا َفعَلَ ال ّ‬
‫ت وَلِيّنَا فَا ْغ ِفرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَْيرُ اْلغَاِفرِينَ" (العراف‪.)155 :‬‬ ‫أَن َ‬
‫وف مزمور [ ‪[ :]1 :10‬يا َربّ‪ :‬لاذا تقف بعيدا؟ لاذا تتفي ف أزمنة الضيق؟]‪.‬‬
‫ب َد ْعوَةَ الدّاعِ ِإذَا َدعَا ِن فَلَْيسْتَجِيبُواْ لِي وَلُْي ْؤمِنُواْ بِي‬ ‫ك عِبَادِي عَنّي َفإِنّي َقرِيبٌ ُأجِي ُ‬ ‫وعندنا‪( :‬وَِإذَا سَأََل َ‬
‫َلعَّلهُمْ َيرْ ُشدُونَ) (البقرة‪)186 :‬‬
‫ل مّا‬‫جعَلُكُمْ ُخَلفَاء الَْأ ْرضِ أَإَِلهٌ مّ َع الّلهِ َقلِي ً‬ ‫وعندنا‪َ( :‬أمّن يُجِيبُ الْ ُمضْ َطرّ ِإذَا َدعَاهُ وََيكْشِفُ السّوءَ وََي ْ‬
‫تَذَ ّكرُونَ) (النمل‪)62 :‬‬
‫ل استيقظ وانتبه‬ ‫مزمور [ ‪" :]17 :35‬يا رب إل مت تنتظر‪ ..‬ل يشمت ب الذين هم أعدائي باط ً‬
‫إل حكمي "‪.‬‬
‫ت َومَا فِي ا َل ْرضِ‬ ‫وعندنا‪( :‬الّلهُ لَ ِإَلهَ إِ ّل ُهوَ الْحَ ّي اْلقَيّومُ َل تَأْخُ ُذهُ ِسنَ ٌة وَلَ َن ْومٌ ّلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫شفَعُ ِعنْ َدهُ ِإلّ بِِإذِْنهِ َيعْلَ ُم مَا َبيْنَ أَْيدِيهِ ْم َومَا خَ ْل َفهُ ْم وَلَ يُحِيطُونَ بِشَ ْي ٍء مّ ْن عِلْ ِمهِ إِلّ بِمَا‬‫مَن ذَا الّذِي َي ْ‬
‫شَاء وَسِعَ ُكرْسِّيهُ السّمَاوَاتِ وَا َل ْرضَ وَلَ َيؤُو ُدهُ ِحفْ ُظهُمَا َو ُهوَ اْلعَلِ ّي اْلعَظِيمُ) (البقرة‪)255 :‬‬
‫ك مِمّن تَشَاء وَُت ِع ّز مَن تَشَاء وَتُذِلّ‬ ‫وعندنا‪( :‬قُ ِل الّلهُ ّم مَاِلكَ الْمُ ْلكِ ُتؤْتِي الْ ُم ْلكَ مَن تَشَاء وَتَنِعُ الْمُ ْل َ‬
‫ك عََلىَ كُلّ شَ ْيءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران‪)26 :‬‬ ‫مَن تَشَاء ِبيَدِكَ الْخَْيرُ إِّن َ‬
‫وف (الكتاب القدس) كلم جنسي فاضح يدش حياء العاهرات فضلً عن الغافلت الؤمنات‪ ،‬وف‬
‫(الكتاب القدس) حوار بي الشجار‪ ،‬وحرب النجوم‪ ،‬وحرب الاعز والرفان‪ ،‬وفيه حار رد حاقة‬
‫النب‪ ،‬وفيه خروف بسبعة قرون‪ .‬وفيه الله ينوح ويولول‪ ...‬ويشي عريانا طول النهار‪ ...‬ويُسلط‬
‫عليه الشيطان أربعي يوما يسرح به كيف يشاء‪ ...‬ويكذب على إخوته‪ ...‬ويسر الصارعة أمام‬

‫‪85‬‬
‫يعقوب‪ ...‬ويسكر‪ ..‬ويتعب‪ ...‬وينام‪ ...‬ويسيء‪ ...‬وينسى‪ ...‬ويصفر للذباب‪ ...‬ويصفق‪...‬‬
‫وياف‪ ...‬ويندم‪ ...‬ويرج الدخان من أنفه‪ ...‬ويزن‪ ...‬ويصف نفسه بالروف واللبؤة والعثة‬
‫والفرخة والدبة‪.........‬تعال ال عما يقول الضالون علوا كبيا‪.‬‬
‫وجلة‪ :‬إن وجدت ثكلى فقدت وحيدها وترملت لتوها تستطيع أن تضحكها بأن تكي لا طرفا ما‬
‫ف الكتاب القدس‪.‬‬
‫وبعد هذا يسخرون من البيب؟؟!!‬
‫ب وََي ْعفُو عَن َكثِيٍ قَدْ‬
‫خفُونَ مِنَ اْلكِتَا ِ‬
‫(يَا َأهْلَ الْكِتَابِ قَ ْد جَاءكُ ْم رَسُولُنَا يَُبيّنُ لَكُمْ َكثِيا مّمّا كُنتُمْ ُت ْ‬
‫جَاءكُم مّنَ الّلهِ نُورٌ وَ ِكتَابٌ مِّبيٌ) (الائدة‪.)15 :‬‬
‫تعليق التحرير‪:‬‬
‫نن ل نسخر أبدا من كتاب مقدس‪ ،‬ولكننا نؤكد أن الكتاب الذي أنزله ال ‪ -‬تبارك وتعال ‪ -‬على‬
‫موسى وعيسى ‪ -‬عليهما السلم – ليس أبدا ول يليق أن يكون الكتاب التداول بينهم‪ ،‬والذي‬
‫جاءت مقتطفات منه ف هذا القال‪ ،‬بل هو من كتابة الذاكرة‪ ،‬وفيه مغالطات كثية جدا ومقالت‬
‫بشرية‪ ،‬وبعض أصول للقصص والروايات الت قرأها أو سعها مؤلفو وكاتبو الكتاب من قبلهم ما‬
‫عرفوه من كتاب ال – تبارك وتعال – الذي أنزل على موسى وعيسى‪.‬‬
‫===================================‬
‫نب السلم هل هناك من يغار عليك؟‬

‫نشرت جريدة الوطن ‪24/12/1426‬هـ‬


‫نب السلم‪ :‬هل هناك من يغار عليك؟‬
‫ممد علي الرف*‬
‫أصبح السلمون اليوم كاليتام على مأدبة اللئام‪ ،‬الكل يسخر منهم‪ ،‬الكل يتجرأ عليهم‪ ،‬ديارهم‬
‫مستباحة‪ ،‬ودماؤهم مباحة‪ ،‬وثرواتم منهوبة‪ ،‬وإرادتم مسلوبة‪.‬‬
‫ولو اقتصر المر عند هذا الد لان ـ على سوئه الذي ل يتمل ـ لكنه تعداه إل السخرية بدينهم‬
‫ونبيهم ومعتقداتم‪.‬‬
‫هذا الستهزاء ليس وليد اليوم ـ وأنا أتدث عن عصرنا الاضر ـ فقد كان له سوابق كثية مرت‬
‫كلها بسلم ـ إل من احتجاجات ضعيفة من هنا وهناك ـ ولا رأى هؤلء الستهزئون هوان‬
‫السلمي وضعفهم تادوا ف غيهم لنم أمنوا العقاب‪ ،‬بل أمنوا حت العتاب فمضوا إل أبعد من ذلك‬
‫بكثي‪ .‬صحيفة "مغازينات" النرويية ومثلها صحيفة "جيلندر بوستر" الدناركية ومنذ حوال ثلثة‬

‫‪86‬‬
‫أشهر تقريبا وها تنشران صورا كاريكاتورية تسخر بالرسول عليه الصلة والسلم كما تتحدثان عنه‬
‫بصورة مشوهة وسيئة ل تليق حت بأهون الناس فضلً عن النبياء عامة وأفضلهم عند ال خاصة‪.‬‬
‫هاتان الصحيفتان اتذتا الرية الصحفية مطية لا تقومان به‪ ،‬وهذه الرية ـ كما يدعون ـ متاحة‬
‫للغربيي عامة وهي جزء من ثقافتهم وسلوكهم ـ هكذا يقولون ـ وقد نقلت صحيفة "الرياض"‬
‫نقل عن أحد كبار الكتاب ف الدنارك بعد أن اعترف بكل الساءات الت وجهت للرسول قوله عن‬
‫هذه الساءات إنا "لون من ألوان الدب وهو متقبل ف الجتمعات الغربية فالرسومات النقدية‬
‫الكاريكاتورية والكلمات الساخرة الت تتناول شت الواضيع وكافة الفئات والفكار هي عبارة عن‬
‫نقد وسخرية هادفة وذكية أيضا وإن هذا مقبول ومتعارف عليه ف العال بأسره"‪ .‬إذن وكما قال فإن‬
‫السخرية بالرسول عمل هادف وذكي‪ ،‬وهو أيضا أمر متعارف ومألوف ف العال أيضا‪.‬‬
‫هذه القوال الت يرددها البعض مليئة بالكاذيب فدعوى الرية ل تعل البعض يستهزئ بالقدسات‬
‫الدينية لصحاب الديان الخرى فالمعية العامة للمم التحدة رفضت مبدأ تشويه الديان وطالبت‬
‫ف جلستها العامة النعقدة ف ‪11/11/2004‬م بناهضة تشويه الديان ودعت إل الوار بي‬
‫الديان بدلً من الساءة إليها‪.‬‬
‫وبعيدا عن المم التحدة وقراراتا الت ل تطبق غالبا إل على المم الضعيفة لاذا ل يعد هذا الكاتب‬
‫وسواه ـ وهم كثر ـ انتقاد بعض مزاعم اليهود من الريات الصحفية؟ لاذا يكون الديث عن‬
‫الحرقة اليهودية وبيان التهويل الذي يقال عنها أمرا مرما؟ لاذا يكون الديث عن السامية الزعومة‬
‫لليهود ـ بصورة ناقدة أمرا مرما أيضا؟ بل إن هذه الدول الت تبيح السخرية برسولنا الكري‬
‫بدعوى الفاظ على الريات العامة تعاقب وترم من ينتقد الصهاينة بدعوى الساءة للسامية‪ ،‬وهذا‬
‫النقد مهما كانت درجته فهو ل يصل بأي حال إل درجة الساءة للرسول الكري فلماذا تغيب‬
‫الرية هنا وتظهر هناك؟ هذه الرية الت تتشدق با حكومتا الدنارك والنرويج هل تسمحان با لو‬
‫أن أحدا مد الرهاب وشجع عليه بدعوى الرية؟ لاذا ياكم أبو حزة الصري وهو ل يقم بأي‬
‫عمل إرهاب بل اكتفى ـ كما يقول قاضيه ـ بالتشجيع على الرهاب؟ لاذا ل تترك له الرية‬
‫ليقول ما يشاء ما دامت هذه الرية يقبلها العال كله؟ أعتقد أن السألة ليست كما يزعمون بل إن‬
‫حقيقة السألة أن هؤلء حاقدون على السلم وحكوماتم تشجعهم على هذه العمال الدنيئة‪ ،‬وفوق‬
‫هذا وذاك فإن ضعف السلمي وضعف حكوماتم يشجع هؤلء وسواهم على الستمرار ف هذه‬
‫البذاءات لنم ل يشاهدوا موقفا قويا يردعهم ويوقفهم عند حدودهم‪.‬‬
‫العال السلمي وهيئاته كلها كانت مواقفها ضعيفة ومجلة أيضا‪ ،‬فمنظمة الؤتر السلمي وعلى‬
‫لسان رئيسها الدكتور إحسان أوغلي اكتفت بالستنكار وطالبت العالي السيحي واليهودي بإعلن‬
‫موقفهما بصراحة من هذه القضية‪ .‬أما أمي عام ممع الفقه السلمي ف جدة فقد اكتفى‬

‫‪87‬‬
‫بالستهجان والستغراب ما فعلته تلك الصحف‪ ،‬ودعا الكومة الدناركية إل وجوب تدارك المر‬
‫حفاظا على التعاون مع الدول العربية‪ ،‬أما المانة العامة لجلس التعاون الليجي فقد أدانت "هذا‬
‫العمل الشي" لنه ـ كما نقول ـ يدش مشاعر السلمي!! ـ مرد خدش ول شيء أكثر من هذا‬
‫ـ ودعت المانة السرة الدولية إل وضع حد لذه المارسات الشينة‪.‬‬
‫إذن منظماتنا ‪ -‬بارك ال فيها ‪ -‬استنكرت وأدانت وشجبت‪ ،‬وهي بذا استنفدت كل طاقاتا‬
‫الخزونة‪ ،‬خاصة وأن النسان الستهدف هو رسولنا الكري ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬فالذي فعلته‬
‫يتناسب مع مكانته ف نفوس السلمي كلهم!‪ .‬ل أسع شيئا عن ردة الفعل العربية عدا أن وزارة‬
‫الارجية الصرية ‪ -‬وبسب بعض الصحف الصرية ‪ -‬نقلت سفيتا ف الدنارك ‪ -‬عقابا لا ‪ -‬لنا‬
‫تبنت مسألة الدفاع عن الرسول الكري صلى ال عليه وسلم إزاء تلك الصحف السيئة‪.‬‬
‫الواضح أن النظمات السلمية كلها ل تتب موقفا مشرفا يعتب الد الدن من واجباتا تاه كل‬
‫مسلم وتاه الرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هذا التخاذل هو الذي شجع وسوف يشجع من‬
‫يتمادى ف الساءة للرسول الكري صلى ال عليه وسلم لن هؤلء يشاهدون الوان السلمي والعرب‬
‫ف أسوأ حالته‪ ،‬ومن يهن يسهل الوان عليه‪.‬‬
‫ل ألوم كثيا أولئك الذين يسيئون للمسلمي بكل الصور ابتداء من احتلل أراضيهم وانتهاء‬
‫بالسخرية من مقدساتم لن كل هؤلء حاقدون على السلمي ومقدساتم لكنن أضع اللوم كله على‬
‫البلدان السلمية والعربية والنظمات السلمية كلها‪ ،‬كما أضع اللوم بعد ذلك على كل مسلم على‬
‫وجه الرض‪.‬‬
‫كان من واجب الكومات السلمية ومنها العربية أل تكتفي بالشجب فقد مللنا هذه اللغة الت ل‬
‫تفيد بشيء‪ ،‬كان الجدر با أن تقطع علقاتا باتي الدولتي‪ ،‬أو على أقل تقدير أن توقف كل‬
‫علقاتا التجارية معهما لن هذه هي اللغة الوحيدة الت يترمها هؤلء‪ ،‬أما ما عداها فل قيمة له على‬
‫الطلق‪.‬‬
‫ومع أنن أكره الصهاينة وأفعالم إل أن هؤلء يبون الخرين على احترامهم لنم جادون وعمليون‬
‫ف كل قضاياهم مهما كانت صغية‪ ،‬ليت الكومات السلمية تنظر إليهم كيف يعملون عندما‬
‫يعتقدون أن هناك عمل ‪ -‬مهما كان ‪ -‬يسيء إل معتقداتم‪ ،‬السفي الصهيون ف السويد حطم‬
‫عمل فنيا ف متحف لنه يجد فلسطي‪ ،‬هل يرؤ سفي عرب على القيام بثل هذا العمل؟ الكومة‬
‫الصهيونية أقامت الدنيا ضد الرئيس اليران لنه تدث عن الحرقة اليهودية با ل يعجبهم فلماذا‬
‫تسكت الكومات السلمية عن إهانة نبيهم ومعتقداتم؟ لاذا ل يكونون مثل الصهاينة؟ هل نبيهم‬
‫ل يستحق منهم أي عمل جاد؟‪ ،‬من العار أن نطالب حكومات السلمي بأن تكون مثل الصهاينة‬
‫وحكومتهم ولكن ماذا نفعل ونن نشاهد كل هذا الوان الذي يقودوننا إليه؟‬

‫‪88‬‬
‫وإذا كانت تلك الكومات قد اكتفت بالشجب والستنكار فما هو دور السلمي؟ أعتقد أن أقل‬
‫شيء هو أن يقاطع كل مسلم أي منتج لاتي الدولتي‪ ،‬وهناك بدائل كثية لكل منتج دناركي أو‬
‫نرويي وحت لو ل يكن هناك بدائل فكرامة رسولنا تستحق منا أن نقدم لا أرواحنا فضل عن بعض‬
‫النتوجات الت ل تثل لنا شيئا يذكر‪ ،‬وعلى الغرف التجارية ف العال السلمي كله أن يكون لا‬
‫موقف مشرف ف هذا الشأن أقله التعريف بالنتجات الت تصدرها هاتان الدولتان وكذلك تشجيع‬
‫التجار على مقاطعتهما مهما كانت النتائج‪.‬‬
‫إن التهاون ف الشيء القليل سيقود حتما إل التهاون فيما هو أكب منه بكثي‪ ،‬والشواهد واضحة‪،‬‬
‫أمامنا ضاعت بعض بلدنا‪ ،‬واستهزئ برسولنا وديننا والقادم أسوأ إن ل يتحرك كل منا وبقوة‪.‬‬
‫ومع كل هذا الظلم فإنن أعتقد جازما بقوله تعال‪( :‬كتب ال لغلب أنا ورسلي)‪ ،‬وأعتقد أن‬
‫السلم سينتصر ل مالة بنا أو بغينا لن دين ال سيبقى عاليا ل مالة‪.‬‬
‫وما زلت متفائل أن يتحرك السلمون بدية ليقاف هذا السلسل البذيء هم وحكوماتم لن‬
‫سكوتم يعن أن مسلسل الوان لن يقف عند حد ويومها سيضيع الميع‪.‬‬
‫*أكاديي وكاتب سعودي‬
‫=======================‬
‫نب السلم‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬


‫ف حديث كتب الباهة والزرادشتية والصابئة‬
‫ل شك أن أثر ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – كان على البشرية عظيمًا حت إن " مايكل‬
‫هارت"‪-‬الكاتب السيحي– قد وضعه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – على رأس الائة الالدين ف تاريخ‬
‫البشرية من حيث تأثيهم ف التاريخ بصرف النظرعن كون هذا التأثي إيابيًا أو سلبيًا؛ ومن ثة‬
‫فشخص مثله ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – ل يكفي التبشي العام به ف كتب النبياء إن كان صادقًا‪،‬‬
‫كما ل يكفي التحذير العام منه إن كان كاذبًا‪ ،‬بل لبد من تسميته‪ ،‬وتفصيل صفته‪ ،‬حت يعرفه أهل‬
‫الكتاب ( كما يعرفون أبناءهم ) البقرة ‪ . . 146 :‬بل حت يعرفه العال أجع ما دام أعلن إنه يمل‬
‫رسالة لميع العال ونح ف بثها بي جيع شعوبه‪" ،‬وما دام ال ليس إله تشويش" ‪1‬كورنثوس ‪:‬‬
‫‪.33:14‬‬
‫وهو ما حدث بالفعل فاسم الرسول العرب ( أحد ) مكتوب بلفظه ف "الساما فيدا" ‪SAMA‬‬
‫‪ VIDA‬من كتب الباهة؛ فقد ورد ف الفقرات من السادسة إل الثامنة من الزء الثان‪ :‬إن "أحد‬
‫تلقى الشريعة من ربه‪ ،‬وهي ملوءة من الكمة‪ ،‬وقد قبس منه النور كما يقبس من الشمس"‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫وكذلك ف كتب زرادشت الت اشتهرت باسم الكتب الجوسية ند ف كتاب "زند أفستا" ‪ Z‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ND AV‬صلى ال عليه وسلم ‪ STA‬نبوءة عن رسول يوصف بأنه رحة للعالي‪،‬‬
‫ويتصدى له عدو يسمى بالفارسية القدية "أبو لب" ويدعو إل إله واحد ل يكن له كفوًا أحد‪ ،‬ول‬
‫ضريع‪ ،‬ول قريع‪ ،‬ول صاحب‪ ،‬ول صاحبة‪ ،‬ول أب‪ ،‬ول أم‪ ،‬ول ولد‪ ،‬ول مسكن‪ ،‬ول جسد‪ ،‬ول‬
‫شكل‪ ،‬ول لون‪ ،‬ول رائحة‪ ،‬ول أول‪ ،‬ول آخر‪.‬‬
‫والشارة هنا إل الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – واضحة؛ فهو الذى وصفه القرآن بأنه (رحة‬
‫للعلمي) النبياء ‪ . . 107:‬وهو الذي نزلت عليه سورة "الصمد" متضمنة تلك العان الشار إليها‬
‫ف البشارة‪ ،‬وكان من أعدى أعدائه عمه أبو لب الذي نزلت فيه سورة "السد"‪.‬‬
‫وف الكتب الزرادشتية كذلك‪ :‬إن أمة زرادشت حي ينبذون دينهم يتضعضعون‪ ،‬وينهض رجل ف‬
‫بلد العرب يهزم أتباعه فارس‪ ،‬ويضع الفرس التكبين‪ ،‬وحينئذ يولون وجوههم نو كعبة إبراهيم‪،‬‬
‫الت ستكون قد تطهرت من الصنام‪ ،‬ويومئذ يصبحون وهم أتباع للنب رحة للعالي وسادة لفارس‬
‫‪.....‬وإن نبيهم ليكونن فصيحًا يتحدث بالعجزات‪.‬‬
‫ونبوءة خلفة العرب للوك الفرس قد وردت كذلك ف كتاب الصابئة القدس "الكنه ربه" ف‬
‫الكتاب الثامن عشر؛ كما ذكر ف نفس هذا الكتاب أن ملك العرب السمى "سيهولدايو" ‪ :‬أي تال‬
‫النبياء أو خاتهم‪ ،‬سيخرج ف زمن ملك للفرس يسمى "ازدجر" وهو ما كان بالفعل بالنسبة لرسولنا‬
‫‪ -‬صلى ال عليه وسلم – هذا قيل من كثي ل يتسع القام إل للتمثيل له‪.‬‬
‫فصدق ال العظيم القائل ف كتابه الكري‪ ( :‬ويقول الذين كفروا لست مرسلً قل كفى بال شهيدًا‬
‫بين وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) الرعد‪. 43‬‬
‫د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية الساعد بامعة طيبة بالدينة النورة‬
‫‪ gamalabufa‬صلى ال عليه وسلم ‪ha@yahoo.com‬‬
‫======================‬
‫نري دون نرك يا رسول ال ‪...‬‬
‫‪17/12/1426‬‬
‫إبراهيم بن صال الدحيم‬
‫شرت صحيفة (جلندز بوست) الدنركية يوم الثلثاء ‪26/8/1426‬هـ (‪ )12‬رسا كاريكاتييا‬
‫ساخر‪ ..‬بن يا ترى؟! هل كان ذلك بسؤول كبي‪ ..‬بنرال‪ ..‬برئيس دولة‪ ...‬بل كان ذلك بأعظم‬
‫رجل وطأت قدماه الثرى‪ ،‬بإمام النبيي وقائد الغر الحجلي صلى ال عليه وسلم‪ .‬صور آثةٌ وقحةٌ‬
‫وقاحة الكفر وأهلة‪ ،‬أظهروا النب صلى ال عليه وسلم ف إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه‬

‫‪90‬‬
‫قنبلة ملفوفة حول رأسه!! وكأنم يريدون أن يقولوا إنه – مرم حرب – "أَل سَا َء مَا َي ِزرُونَ"‬
‫(النعام‪ :‬من الية‪.)31‬‬
‫ث ف هذه اليام وف يوم عيد الضحى بالتحديد – إمعانا ف العداء ‪ -‬تأت جريدة (ما جزينت)‬
‫النرويية لتنكأ الراح وتشن الغارة من جديد‪ ،‬فتعيد نشر الرسوم الوقحة الت نُشرت ف الجلة‬
‫صوْا ِبهِ بَ ْل هُ ْم َق ْومٌ طَاغُونَ" (الذاريات‪.)53:‬‬
‫الدنركية قبل! "َأَتوَا َ‬
‫بال ماذا يبقى ف الياة من لذة يوم ينال من مقام ممد صلى ال عليه وسلم ث ل ينتصر له ول يذاد‬
‫عن حياضه‪ .‬ماذا نقول تاه هذا العداء السافر‪ ،‬والتهكم الكشوف‪ ..‬هل نغمض أعيننا‪ ،‬ونصم آذاننا‪،‬‬
‫ونطبق أفواهنا‪ ..‬ل ورب‪ ..‬ل يكون ذلك ما دام ف القلب عرق ينبض‪ .‬والذي كرّم ممدا وأعلى‬
‫مكانته لبطن الرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالق وندافع عن رسول الق‪ .‬أل‬
‫جفت أقلم وشُلت سواعد امتنعت عن تسطي أحرفٍ تذود با عن حوضه صلى ال عليه وسلم‬
‫وتدافع عن حرمته‪.‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي لعرض ممد منكم فداء‪.‬‬
‫ونن إذ ندافع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم نمي بذلك ديننا وعقيدتنا‪ ،‬ونؤكد شيئا من حبنا‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫إن مقام رسول ال صلى ال عليه وسلم رفيع برفعة ال له‪ ،‬لن ينال الشانئ منه شيئا " َورََفعْنَا َلكَ‬
‫ذِ ْكرَكَ" (الشرح‪.)4:‬‬
‫قال ماهد‪ :‬ل أذكر إل ذكرت معي‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممد رسول ال‪ .‬نعم لقد‬
‫رفع ال ذكر نبينا صلى ال عليه وسلم رغم أنوف الاقدين والاحدين‪ ،‬فهاهم السلمون يصوتون‬
‫باسه على مآذنم ف كل مكان‪.‬‬
‫وال تعال قد تول الدفاع عن نبيه صلى ال عليه وسلم "إِنّ الّلهَ يُدَافِ ُع عَ ِن الّذِي َن آمَنُوا" (الج‪ :‬من‬
‫الية‪ ،)38‬وأعلن عصمته له من الناس "وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِ َن النّاسِ" (الائدة‪ :‬من الية‪ ،)67‬وأخب أنه‬
‫سيكفيه الستهزئي "إِنّا َكفَيْنَاكَ اْلمُسَْت ْهزِئيَ" (الجر‪ ،)95:‬سواء كانوا من قريش أو من غيهم‪.‬‬
‫قال الشنقيطي رحه ال‪ :‬وذكر – ال – ف مواضع أخرى أنه كفاه غيهم كقوله ف أهل الكتاب‪:‬‬
‫ف عَبْ َدهُ" (الزمر‪ :‬من الية‪.)36‬‬ ‫"فَسََي ْكفِي َكهُمُ الّلهُ" (البقرة‪ :‬من الية‪ ،)137‬وقال‪" :‬أَلَْيسَ الّلهُ بِكَا ٍ‬
‫وقال ابن سعدي رحه ال‪" :‬وقد فعل –تعال‪ ،-‬فما تظاهر أحد بالستهزاء برسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وبا جاء به إل أهلكه ال وقتله شر قتلة‪.‬أهـ أخرج الطبان ف الوسط والبيهقي وأبو نعيم‬
‫كلها ف الدلئل وابن مردويه بسند حسن والضياء ف الختارة‪ ،‬عن ابن عباس ف قوله‪" :‬إِنّا َكفَْينَاكَ‬
‫اْلمُسَْت ْهزِئيَ" قال‪ :‬الستهزئون‪ ،‬الوليد بن الغية والسود بن عبد يغوث والسود بن الطلب والارث‬
‫بن عبطل السهمي والعاص بن وائل‪ ،‬فأتاه جبيل فشكاهم إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫أرن إياهم‪ ،‬فأراه كل واحد منهم‪ ،‬وجبيل يشي إل كل واحد منهم ف موضع من جسده ويقول‪:‬‬
‫َكفَيْتُ َكهُ‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬ما صنعت شيئا!‪ .‬فأما الوليد‪ ،‬فمر برجل من خزاعة وهو‬
‫يريش نبلً فأصاب أكحله فقطعها‪ .‬وأما السود بن الطلب‪ ،‬فنل تت سرة فجعل يقول‪ :‬يا بنّ‪ ،‬أل‬
‫تدفعون عن؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك ف عينّ فجعلوا يقولون‪ :‬ما نرى شيئا فلم يزل كذلك حت‬
‫عتمت عيناه‪ .‬وأما السود بن عبد يغوث‪ ،‬فخرج ف رأسه قروح فمات منها‪ .‬وأما الارث فأخذه‬
‫الاء الصفر ف بطنه حت خرج خرؤه من فيه فمات منه‪ .‬وأما العاص فركب إل الطائف فربض على‬
‫شبقة فدخل من أخص قدمه شوكة فقتلته‪(.‬الدر النثور ‪)5/101‬‬
‫لقد أعظمت قريش الفرية على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فرمته بالسحر تارة وبالكذب تارة‬
‫وبالنون أخرى‪ ،‬وال يتول صرف ذلك كله عنه لفظا ومعنً‪ ،‬ففي الصحيحي عن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬أل ترون كيف يصرف ال عن شتم قريش ولعنهم‪ ،‬يشتمون مذما ويلعنون مذما‪،‬‬
‫وأنا ممد"‪ ،‬وهكذا هذه الرسومات الت نشرت على هذه الصفحات السوداء‪ ،‬هي ‪ -‬قطعا ‪ -‬ل تثل‬
‫شخص رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بل هي صور أملها عليهم خيالم الفاسد‪ ،‬واعتمدها‬
‫الشيطان ورسها لم السامري!‪ .‬أما ممد صلى ال عليه وسلم فوجهه يشع بالضياء والنور والبسمة‬
‫والسرور‪ ،‬ل يستطع أصحابه ‪ -‬رضي ال عنهم ‪ -‬أن يلئوا أعينهم منه إجللً له ‪ -‬وقد عاصروه ‪-‬‬
‫فكيف بن ل يمعه به زمان ول يربطه به خلق ول إيان؟!‬
‫ك ُهوَ الَْأبَْترُ" (الكوثر‪ )3:‬ليبقى كل شانئٍ للنب‬
‫لقد جاء خب الصدق من اللك الق البي "إِنّ شَانَِئ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم وكل معارض لدينه هو البتر القطوع النبوذ‪ .‬أين أبو جهل؟ هل بقي ذكره أم‬
‫التصق به وصف الهل ف حياته وبعد ماته؟! وأين أبو لب؟ لقد مات ومات ذكره فليس يعرف إل‬
‫باللهب؟! و"سََيصْلَى نَارا ذَاتَ َل َهبٍ" (السد‪ ،)3:‬وأين ملوك الكاسرة والقياصرة‪ ..‬أين ماركس‬
‫وليني وهتلر وكمال أتاتورك‪ ...‬لقد طمرتم الرض ونُسيت رسومهم‪ ،‬ولقتهم اللعنات‪ ،‬وباءوا‬
‫بثقل التبعات‪.‬‬
‫لقد مزق كسرى كتاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وسخر من رسوله‪ ،‬فدعا عليه النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أن يزق ال ملكه‪ ،‬فمزّق وقتل على يد أقرب الناس إليه– ابنه –! وروى البخاري ف‬
‫صحيحه من حديث أنس قال‪" :‬كان رجل نصران‪ ،‬فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران‪ ،‬وكان يكتب‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فعاد نصرانيا‪ ،‬فكان يقول‪ :‬ل يدري ممد إل ما كتبت له‪ ،‬فأماته ال‪،‬‬
‫فدفنوه‪ ،‬فأصبح وقد لفظته الرض‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا ِفعْل مم ٍد وأصحابه‪ ،‬نبشوا عن صاحبنا فألقوه‪،‬‬
‫فحفروا ف الرض ما استطاعوا‪ ،‬فأصبح قد لفظته‪ ،‬فعلموا أنه ليس من الناس‪ ،‬فألقوه"‪.‬‬
‫علّق شيخ السلم ابن تيمية على الديث فقال‪ :‬فهذا اللعون الذي قد افترى على النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه ل يدري إل ما كتب له‪ ،‬قصمه ال وفضحه بأن أخرجه من القب بعد أن دفن مرارا‪ ،‬وهذا‬

‫‪92‬‬
‫أمر خارج عن العادة‪ ،‬يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لا قاله‪ ،‬وأنه كان كاذبا‪..‬ال‪ ،‬ويقول‬
‫أيضا رحه ال‪" :‬وإنّ ال منتقمٌ لرسوله من طعن عليه و َسبّه‪ ،‬ومُ ْظ ِهرٌ لِدِيِنهِ ولِكَ ِذبِ الكاذب إذا ل‬
‫يكن الناس أن يقيموا عليه الد‪ ،‬ونظي هذا ما حَدّثَنَاه أعدادٌ من السلمي العُدُول‪ ،‬أهل الفقه‬
‫صرِ الصون والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لا حصر‬ ‫ت متعددةٍ ف َح ْ‬ ‫والبة‪ ،‬عمّا جربوه مرا ٍ‬
‫لصْنَ أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر‬ ‫صرُ ا ِ‬‫حُ‬ ‫السلمون فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا نن نَ ْ‬
‫سبّ رسولِ ال والوقيعةِ ف عرضِه َتعَجّلنا‬ ‫وهو متن ٌع علينا حت نكاد نيأس منه‪ ،‬حت إذا تعرض أهُلهُ ِل َ‬
‫فتحه وتيَسّر‪ ،‬ول يكد يتأخر إل يوما أو يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث يفتح الكان عنوة‪ ،‬ويكون فيهم‬
‫ملحمة عظيمة‪ ،‬قالوا‪ :‬حت إن كنا َلنَتَبَا َشرُ بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه‪ ،‬مع امتلء القلوب‬
‫غيظا عليهم با قالوا فيه‪ .‬وهكذا حدثن بعض أصحابنا الثقات أن السلمي من أهل الغرب – يعن‬
‫الغرب ‪ -‬حالم مع النصارى كذلك‪.‬أهـ (الصارم السلول ص ‪.)117-116‬‬
‫وبالقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بقي فيه‬
‫اللك ما شاء ال‪ .‬ذكر السهيليُ أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب ف قصبة من ذهب تعظيما له‪ ،‬وأنم‬
‫ل يزالوا يتوارثونه حت كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة‪ ،‬ث كان عند سِبطه‪ ،‬فحدثن‬
‫بعضُ أصحابنا أن عبد اللك بن سعد أحد قواد السلمي اجتمع بذلك اللك فأخرج له الكتاب‪ ،‬فلما‬
‫رآه استعب‪ ،‬وسأل أن يكّنه من تقبيله فامتنع‪.‬‬
‫ث ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح النصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفّح‬
‫بذهب‪ ،‬فأخرج منه مقلمة ذهب‪ ،‬فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه‪ ،‬وقد التصقت عليه خِرقَة‬
‫حرير‪ ،‬فقال‪ :‬هذا كتاب نبيكم إل جدي قيصر‪ ،‬ما زلنا نتوارثه إل الن‪ ،‬وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام‬
‫هذا الكتاب عندنا ل يزال ا ُللْك فينا‪ ،‬فنحن نفظه غاية الفظ‪ ،‬ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم‬
‫اللك فينا" أهـ‪.‬‬
‫إن فضائل النب صلى ال عليه وسلم ل تكاد تصى كثرةً فهو منّة ال على هذه المة "َلقَدْ مَنّ الّلهُ‬
‫سهِمْ" (آل عمران‪ :‬من الية‪ ،)164‬امتدحه ربه ورفع‬ ‫عَلَى الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإذْ َبعَثَ فِيهِ ْم رَسُو ًل مِنْ َأْنفُ ِ‬
‫منلته فهو أول من تنشق عنه الرض‪ ،‬وأول من يدخل النة‪ ،‬وله القام الحمود الذي يمده عليه‬
‫الولون والخرون‪ ،‬والوض الورود‪ ..‬إل غي ذلك من الفضائل والصائص الت اختص با عن‬
‫غيه‪ ،‬وهي مدونة ف كتب الدلئل والشمائل والصائص والفضائل‪ ،‬لقد شهد بفضل نبينا صلى ال‬
‫عليه وسلم القاصي والدان والصديق والعدو‪ ،‬وأنّى لحد أن يكتم فضائله صلى ال عليه وسلم وهي‬
‫كالقمر ف ضيائه‪ ،‬وكالشمس ف إشراقها‪ ،‬ولعلّي أورد شيئاً ما نطق به عقلء القوم ف مكانة النب‬
‫صلى ال عليه وسلم وعلو منلته وسطرته أيديهم راغبي غي راهبي‪ ،‬متارين غي مكرهي ‪ -‬ونن‬
‫إذ نورد شيئا من كلمهم ل نورده حاجةً منا إليهم لتزكية القام الحمدي فقد زكاه ربه وطهّره‬

‫‪93‬‬
‫ونقّاه‪ ،‬وإنا نورد ذلك من باب "وَ َشهِدَ شَاهِ ٌد مِنْ َأهِْلهَا" (يوسف‪ :‬من الية‪ ،)26‬ونورده – تنلً‬
‫– مع مفتونٍ ل يقرأ إل بالعجمية ول يفهم إل لغة أهلها؟! ناطبه بلغته الت أعجب با وهام ف‬
‫حبها‪..-‬‬
‫يقول البوفيسور (راما كريشنا راو) ف كتابه (ممد النبّ)‪" :‬ل يكن معرفة شخصية ممد بكل‬
‫جوانبها‪ .‬ولكن كل ما ف استطاعت أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جيلة‪ .‬فهناك ممد‬
‫النبّ‪ ،‬وممد الحارب‪ ،‬وممد رجل العمال‪ ،‬وممد رجل السياسة‪ ،‬وممد الطيب‪ ،‬وممد‬
‫الصلح‪ ،‬وممد ملذ اليتامى‪ ،‬وحامي العبيد‪ ،‬وممد مرر النساء‪ ،‬وممد القاضي‪ ،‬كل هذه الدوار‬
‫الرائعة ف كل دروب الياة النسانية تؤهله لن يكون بطلً"‪.‬‬
‫ويقول (مايكل هارت) ف كتابه (مائة رجل ف التاريخ)‪ :‬إن اختياري ممدا‪ ،‬ليكون الول ف أهم‬
‫وأعظم رجال التاريخ‪ ،‬قد يدهش القراء‪ ،‬ولكنه الرجل الوحيد ف التاريخ كله الذي نح أعلى ناح‬
‫على الستويي‪ :‬الدين والدنيوي‪.‬‬
‫وأخيا‪ :‬ما هو دورنا؟‬
‫إن على كل مؤمن يب ال ورسوله ويغار لدينه أن ينتصر لرسوله وأن يقدم كل ما ف وسعه لرد‬
‫هذه الجمة الشرسة‪ .‬على الدول السلمية أن تب لنصرة نبيها وأن تستنكر ذلك أشد الستنكار‬
‫وأن ترفع عقيتا بالستنكار والتنديد والطالبة الادة وذلك ف الؤترات والحافل العامة رعاية لق‬
‫من أهم حقوقها‪ .‬وعلى الؤسسات أن تقوم بدورها من خلل كتابة بيانات تستنكر فيه هذا الفعل‬
‫الشي‪ ،‬وتطالب بحاكمة هذه الجلت؛ ردا لعتبار أكثر من مليار وأربعمائة مليون مسلم!‪ ،‬ث على‬
‫الؤسسات والصحف والجلت والواقع السلمية أن تكتب ردا على هذه الفتراءات‪ ،‬وأن تسطر‬
‫على صفحاتا‪ -‬بقلم يسيل عطرا‪ -‬شائل النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن تبي الدور العظيم الذي قام‬
‫به صلى ال عليه وسلم لنقاذ البشرية وأنه أُرسل(رحة للعالي) وهداية للناس أجعي‪.‬‬
‫لقد أحزنن كثيا يوم دخلت على عدد من الواقع السلمية وكنت أتصور أن أجد فيها تفاعلً‬
‫يناسب ضخامة الدث وعظم الجمة‪ ،‬فرأيت أقل ما كنت أرجوه‪ ،‬بل إن قلت أن عددا من الواقع‬
‫ل تعرض للخب أصل؟! وهذا أمر يزن ويزيد من جرأة العتدين‪...‬‬
‫ولعلّي أختم الديث بذكر قصيدة للشيخ جال الدين الصرصري‪ ،‬الذي قال عنه ابن كثي‪:‬‬
‫الصرصري الادح‪ ،‬الاهر‪ ،‬ذو الحبة الصادقة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يشبه ف عصره بسان‬
‫بن ثابت رضي ال عنه‪ .‬يقول‪:‬‬
‫ممد البعوث للنــاس رح ًة *** يشيّد ما أوهى الضلل ويصلح‬
‫لئن سبّحت صُمّ البـال ميب ًة *** لداود أو لن الديـد الصفح‬
‫فإن الصخور الصمّ لنت بكفه *** وإن الصــا ف كفه لُيسَبّح‬

‫‪94‬‬
‫وإن كان موسى أنبع الاء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح الـاء يَطفح‬
‫وإن كانت الريح الرّخاءُ مطيع ًة *** سليمان ل تألـو تروح وتسرح‬
‫فإن الصبـا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الصم يكلح‬
‫وإن أوت اللكَ العظيم وسخّرت *** لـه الن تسعى ف رضاه وتكدح‬
‫فإن مفاتيح الكنــوز بأسرها *** أتته ف َردّ الـــزاهد الترجّح‬
‫وإن كـان إبراهيم أُعطي خُل ًة *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح‬
‫فهـذا حبيب بل خليل مكلّم *** وخصّص بالرؤيا وبالق أشرح‬
‫وخصص بالوض الرّواء وباللّوا *** ويشفع للعـاصي والنار َتلْفح‬
‫وبالقعد العلى القرّب نــاله *** عطـــاءً لعينيه أَقرّ وأفرح‬
‫وبالرتبة العليـا الوسيلة دونا *** مراتب أرباب الواهب تَلمح‬
‫وَل ْهوَ إل النات أو ُل داخ ٍل *** لــه بـابا قبل اللئق ُيفْتَح‬
‫هذا وأسأل ال أن يعلي دينه وينصر كتابه‬
‫وال تعال أعلم وصلى ال وسلم على نبينا ممد وأله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪dd@gawab.com‬‬
‫===============‬
‫نري دون نرك يا رسول ال‬
‫مشاركة من الخت ‪ /‬صدى الدعوة‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال سيدنا ممد وعلى آله وصحبه ومن واله وبعد ‪:‬‬
‫فإنه قد آلن كما آل الكثي من السلمي ما نشر عن حبيبنا وسيدنا ممد صلى ال عليه وسلم من‬
‫رسوم تسيء له وتقدح ف شخصيته عـن طريق رسوم كاريكاتيية نشرت ف صحيفت ‪ (:‬جلندز‬
‫بوسطن ) الدنركية و( ماغازينت ) النرويية ول يفى على الميع أن هذه الرسوم إنا نشرت‬
‫لستفزاز السلمي وتيج مشاعرهم والقدح ف اعز وأغلى ما يفتخرون به ويعتبونه قدوة لم سيدنا‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ولذلك فإنن قررت بأن أسخر قلمي للدفاع عن سيد اللق وأزكاهم‬
‫وأطهرهم ممد صلى ال عليه وسلم وأن أبرز لؤلء بعض صفاته الت اتصف با وحباه ال با‬
‫ليعلموا مكانته العظيمة صلى ال عليه وسلم ف نفوس السلمي ويتوقفوا عن هذا العبث ويبادروا‬
‫بالعتذار للمسلمي عما بدر منهم ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫أو ًل ‪ :‬كان النب صلى ال عليه وسلم جامع لكارم الخلق فقد اجتمع فيه شكر نوح ‪ ،‬وخلة‬
‫إبراهيم ‪ ،‬وإخلص موسى ‪ ،‬وصدق وعد إساعيل ‪ ،‬وصب يعقوب وأيوب ‪ ،‬واعتذار داود ‪ ،‬وتواضع‬
‫سليمان وعيسى ‪ ،‬وغيها من أخلق النبياء عليهم الصلة والسلم ‪.‬‬
‫لكّل نبّ ف النامِ فضيلة وجلتها مموعة لحمدِ‬
‫ثانيًا ‪ :‬إن رسولنا الكري قد أوت جوامع الكلم ‪ ،‬لنه مبعوث ليتم مكارم الخلق كما قال عليه‬
‫الصلة والسلم ] إنا بعثت لتّم مكارم الخلق [ ولذلك قال ال تعال ‪ ( :‬وإنك لعلى خلق عظيم‬
‫) ‪ .‬و قد عرضت عليه مفاتيح الرض فلم يقبلها‪ ،‬ورقّاه ال ليلة العراج‪ ،‬وأراه جيع اللئكة والنّة‬
‫فلم يلتفت إليها قال تعال‪ ( :‬ما زاغ البصر وما طغى )‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم لشدة حيائه ل يواجه أحدًا با يكره ‪ ،‬بل تعرف الكراهية ف‬
‫وجهه ‪ ،‬كما ف الصحيح عن أب سعيد الدري قال ‪ :‬كان النب صلى ال عليه وسلم أشد حياءًا من‬
‫العذراء ف خدرها ‪ ،‬فإذا رأى شيئًا يكرهه ‪ ،‬عرفناه ف وجهه ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم أفصح خلق ال ‪ ،‬وأعذبم كلمًا ‪ ،‬وأسرعهم أداءً ‪ ،‬وأحلمهم‬
‫منطقًا ‪ ،‬حت إن كلمه ليأخذ بجامع القلوب ‪ ،‬ويسب الرواح ‪ ،‬ويشهد له بذلك أعداؤه ‪ ،‬وكان‬
‫إذا تكلم تكلّم بكلم مفصل مبيّنٍ يعدّه العا ّد ‪ ،‬ليس بذّ مسرعِ ل يفظ ‪ ،‬ول منقطع تتخلله‬
‫السكتات بي أفراد الكلم ‪ ،‬بل هديه فيه أكمل الدي ‪ ،‬قالت عائشة ‪ :‬ما كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يسرد سردكم هذا ‪ ،‬ولكن كان يتكلم بكلم بيّنٍ َفصْ ٍل يفظهُ من جلس إليه ‪.‬‬
‫خامسًا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم إذا مشى تكفأ تك ّفؤًا ‪ ،‬وكان أسرع الناس مشيةٍ ‪ ،‬وأحسنها‬
‫وأسكنها ‪.‬‬
‫قال أبو هريرة‪ :‬ما رأيت شيئًا أحسن من رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬كأن الشمس تري ف‬
‫وجهه ‪ ،‬وما رأيت أحدًا أسرع ف مشيته من رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬كأنا الرض تُطوى‬
‫له ‪ ،‬وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغي مُكترِث ‪.‬‬
‫سادسًا ‪ :‬سئلت عائشة رضي ال عنها عن خلقه فقالت ‪ (( :‬كان خلقه القرآن )) تعن ‪ :‬أنه تأدب‬
‫بآدابه وتلق بأخلقه ‪ ،‬فما مدحه القرآن كان فيه رضاه ‪ ،‬وما ذمه القرآن كان فيه سخطه وجاء ف‬
‫رواية عنها قالت ‪ :‬كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه ‪.‬‬
‫سابعًا ‪ :‬أن هؤلء الذين كذبوا على الرسول صلى ال عليه وسلم سوف ينالون جزائهم من رب‬
‫العالي فقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬من كذب علي متعمدًا فليتبؤا مقعده من‬
‫النار )) ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫وأخيًا ‪ :‬أسأل ال العلي القدير أن أكون قد وفقت للدفاع عن رسولنا وحبيبنا ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم فيا رب يا من بيده ملكوت السموات والرض اعف عن إن قصرت ف نصرة حبيبك ونبيك‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫اللهم أعز السلم والسلمي وأذل الشرك والشركي ودمر أعداء الدين يا قوي يا عزيز اللهم من‬
‫أراد السلم والسلمي بسوء اللهم فأشغله ف نفسه ورد كيده ف نره واجعل تدميه وبالً عليه يا‬
‫رب العالي‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبمدك أشهد أن ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلي اللهم على سيدنا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫======================‬
‫نن والخر من يلك القيقة؟‬
‫الكاتب‪ :‬سعد الصويان‬
‫إن كنا جادين ف حوارنا مع الخر‪ ،‬فالوار البناء له شروط ومتطلبات‪ .‬أولا أننا إذا جلسنا معهم‬
‫نلس على طاولة مستديرة وإن وقفنا نقف على قدم الساواة‪ ،‬وأن نقر ببدأ تبادل الدوار‪ ،‬بعن أن‬
‫ندرك أننا "آخر" من منظورهم هم مثلما أنم "آخر" من منظورنا‪ ،‬وأنم يعتبون أنفسهم "نن" مثلما‬
‫أننا نعتب أنفسنا "نن"‪ .‬والدف من الوار ليس تغيي الواقف وإقناع الخر بتبن مواقفنا جلة‬
‫وتفصيل والذوبان ف "نننا"‪ ،‬وإل تولت العملية إل حل لواء الدعوة والتبشي الدين بدل من السعي‬
‫إل حوار حضاري حقيقي‪ .‬الدف من الوار هو تفهّم الواقف وليس تغيي الواقف‪ ،‬أن يفهم الخر‬
‫مواقفنا ونفهم مواقفه والدوافع وراء هذه الواقف ومن ث البحث عن أرضية مشتركة تكننا من‬
‫التعايش بسلم رغم اختلف الواقف والنطلقات‪.‬‬
‫من لديه قناعة تامة بأنه يتلك القيقة الطلقة ل يكنه الدخول ف حوار مثمر مع أي طرف آخر لن‬
‫الطرف الخر أيضا له مواقفه الت تدم مصاله وقناعاته الت تتماشى مع طريقته ف التفكي‪ .‬الذهنية‬
‫الت ترى أن قناعاتا فقط هي الصحيحة وما خالفها من القناعات خاطئة هي أقرب إل الذهنية‬
‫البدائية الت تؤمن بالطلق وترفض التعددية‪ .‬لقد أدرك العال التحضر بعد صراع طويل مع الطلق أن‬
‫كل شيء مرهون بزمانه ومكانه وظروفه التاريية والبيئية‪ ،‬وأن المور ف ناية الطاف كلها نسبية‪،‬‬
‫من النسبية الرياضية الت نادى با أينشتاين إل النسبية الثقافية الت نادى با النثروبولوجيون‪ .‬أضف‬
‫إل ذلك نظرية التطور الت تقول إن التغي سنة من سنن الكون الذي ل يكن الوقوف ف وجهه‪.‬‬
‫وبذلك تولت نظرتم إل العال من نظرة سكونية إل نظرة ديناميكية حيوية لا القدرة على التكيف‬
‫والتعامل مع التغي والتعددية‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫إنه لن الكابرة وقصر النظر أن نتجاهل ما توصل إليه الخر من إنازات حضارية حققها بعد كفاح‬
‫مرير وتضحيات جسيمة ونتوقع منه كي يارينا ف حوارنا معه أن يعود أدراجه ف التاريخ إل الوراء‬
‫ويتقهقر إل تلك الرحلة من ماضيه الت كان فيها تفكيه آنذاك يتمشى مع تفكينا الن وسلوكه‬
‫يتمشى مع سلوكنا‪ .‬من يعيش ف متمع يكمه القانون وتسوده العدالة وتتحقق فيه كرامة الفرد‬
‫وحقوق النسان وحرية التعبي والتفكي ل يكن أن يتراجع عن كل هذه الكتسبات ويعود القهقرى‬
‫لينفض الغبار عن قناعات خبها وكافح ليتخلى عنها ويودعها إل غي رجعة‪ .‬ومن الضحك‬
‫والستهجن‪ ،‬ف نظر الخر‪ ،‬أننا بينما نسمح لنفسنا أن نستمتع وبشراهة منقطعة النظي بكل ما‬
‫تنتجه مصانعه من أجهزة ومعدات فإننا ف الوقت نفسه نرفض وننكر ما يقف وراء هذه النجزات‬
‫التقنية من علم وفكر‪ ،‬بل إن منا من يوظفها ف ماربة هذا العلم والفكر الذي يقف وراءها وف‬
‫تكريس التخلف ونشر الدمار بدل من تعمي هذا الكون الذي هو أعظم مسؤولية ألقاها الالق على‬
‫عاتق النسان وأعظم كرامة كرمه ال با‪.‬‬
‫ول ننس أن الخر مؤهل للحوار معنا أكثر ما نن مؤهلون للحوار معه‪ .‬لاذا؟ لننا ل نعرف عنه‬
‫شيئا بينما هو يعرف عنا أكثر ما نعرف عن أنفسنا‪ .‬علينا أن نعترف بأن اكتشافنا لكنوز حضارتنا‬
‫جاء عن طريق مدارس الستشراق الت نبهتنا لذه الكنوز ونن عنها غافلون‪ .‬أليس علماء الثار‬
‫عندهم هم الذين نبشوا حضارات الشرق القدي؟ أل نزل مضطرين للجوء إل خبائهم وما يصدر‬
‫عن مؤسساتم الكاديية ومراكز الباث ودوائر الستخبارات عندهم لعرفة أي شيء نريد معرفته‬
‫عن شعوبنا وأوطاننا وثرواتنا وعن متمعنا وثقافتنا؟ ألسنا نرتف خوفا من مقاطعتهم لنا قناعة منا أننا‬
‫ل نستطيع تدبر أمورنا وتسيي شؤون حياتنا من دون مساعدتم لنا؟ من منا أكثر حاجة إل الخر؟‬
‫بل من منا حقيقة هو الخر؟ كم لدينا ف جامعاتنا ومؤسساتنا الكاديية من كلية‪ ،‬أو حت قسم‪،‬‬
‫لدراسة الثقافات والجتمعات والمم الخرى؟ كم لدينا من الباء الحليي الذين ييدون التعامل‬
‫والتحدث مع الشعوب الخرى؟ بل إننا ل نلتفت حت الن لدراسة متمعاتنا وثقافاتنا دراسة أكاديية‬
‫جادة‪ .‬إننا ندرس اللغة الفصحى لكننا ل ندرس اللهجات الحلية‪ ،‬ندرس الدين لكننا ل ندرس‬
‫العتقدات الشعبية‪ ،‬ندرس الثقافة الرسية لكننا ل ندرس الثقافات التقليدية‪ ،‬ندرس تاريخ الدول‬
‫واللوك لكننا ل ندرس تاريخ الشعوب والجتمعات‪ ،‬وهلم جرا‪ .‬ليست لدينا معرفة موثوقة بواقعنا‬
‫الجتماعي ول نعرف حقيقة كيف يفكر معظم الناس عندنا ول باذا يفكرون ول ماذا يريدون‪ .‬بل‬
‫من منا أصل يستطيع أن يقول ما يعتقده أو يعب صراحة عما يفكر فيه! ل يزال خطابنا ف كل‬
‫الجالت مشبعا بالقولت الرنانة ومثقل بالشعارات الطنانة ومسكونا باجس الوف والرقابة‬
‫الذاتية‪ ،‬وما زلنا بعيدين عن مرحلة التفكي اليادي الوضوعي الر الذي يبحث عن القيقة وبس‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫غالبيتنا لديها قناعة بأن الولء القيقي للوطن والتمسك الصادق بالدين هو أن يكون كل واحد منا‬
‫نسخة كربونية من الخر ف كل شيء‪ ،‬ليس فقط ف التفكي والعتقد‪ ،‬بل حت ف الأكل والشرب‬
‫واللبس وكل مناحي السلوك‪ ،‬وأي خروج عن هذا السار الضيق يعد شذوذا وتريفا للصورة‬
‫الصل‪ .‬إذا افتقدنا التسامح فيما بيننا فكيف لنا أن نكون متسامي مع الخر! هاهي مآذننا تصدح‬
‫ف عواصمهم وهاهي الاليات السلمة تنشط ف بلدانم وترفع صوتا عاليا ف الواء الطلق‪ ،‬بينما نرم‬
‫نن على من يقيم منهم بي ظهرانينا أن يتفل بناسباته الدينية ف بيته خلف الدران والبواب‬
‫الغلقة‪ .‬وها نن نلعنهم ف صلواتنا ونفرٌ منا يتشقون السيوف والعبوات الناسفة ليجبوا الناس على‬
‫الدخول ف حظية الدين بينما هم يبنون الستشفيات ويقدمون الساعدات النسانية ويصلون‬
‫للمنكوبي‪ .‬ل يكننا فصل الدين عن الضارة‪ ،‬فالجتمعات التحضرة تارس دينها‪ ،‬أيا كان ذلك‬
‫الدين‪ ،‬وتدعو إليه وفق أساليب متحضرة وتقدمه كخيار حر لن يد فيه ما يروي ظمأ الروح ويقود‬
‫إل طمأنينة النفس ويلب حاجة الوجدان ونوازع الضمي‪.‬‬
‫هذا الديث عن الوار مع الخر ليس مرد شطحات نظرية فأنا ل أتدث من فراغ وإنا من رصد‬
‫ومراقبة للحداث‪ .‬لكنن ل أجرؤ على إيراد المثلة الت تبي مدى ما نبذله كأمة من جهد على‬
‫الساحة الدولية ف ماولتنا لشرح مواقفنا وإقناع الخرين لتفهم وجهة نظرنا‪ ،‬لكننا ف القابل ل‬
‫نبذل أي جهد يذكر لتفهم وجهة نظر الخرين ومواقفهم‪ .‬ولنترك الساحة الدولية جانبا ونلتفت إل‬
‫الشهد الحلي‪ .‬أليس ما حدث ف معرض الكتاب الخي خي دليل على عدم قدرتنا على الدخول ف‬
‫حوار حضاري بناء ومفيد فيما بيننا؟ وهذه الساحات تعج بالكتابات الت يندى لا البي من سب‬
‫وقذف وتريح لشخصيات اجتماعية وقادة فكر ومسؤولي كبار لجرد الختلف معهم ف الرأي أو‬
‫التوجه‪.‬‬
‫من يارس الكتابة الصحافية يدرك ما نعانيه من افتقار إل أدبيات الوار من الردود الت يتلقاها‬
‫والداخلت والتعليقات‪ .‬أنا هنا ل أتكلم عن الختلف ف وجهات النظر‪ ،‬فهذا أمر مسلم به‪ ،‬بل‬
‫مطلوب‪ .‬إنن أتدث عن الساليب والطرق الت يعب با البعض عن اختلفهم معك‪ ،‬أساليب فجة‬
‫وغوغائية‪ .‬والؤسف أن هذه الساليب ليست حكرا على خط فكري معي أو توجه مدد‪ ،‬بل سة‬
‫عامة‪ .‬إننا ف معظم الحوال متشنجي ف حواراتنا وطروحاتنا مهما كانت القضية الطروحة ومهما‬
‫كان أسلوب الطرح‪ .‬ولتفكم ببعض من الدواء الت ترعتها‪ .‬فحينما كتبت عن موضوع كنت‬
‫أظنه مسالا وحياديا‪ ،‬وهو موضوع انسار البداوة كتب ل أحدهم (هل الضارة هي اليديولوجيا‬
‫واليكولوجيا والنثروبولوجيا الت ترددها مدعيا الثقافة! إذا كنت تعتقد أن القبائل البدوية اختفت‬
‫من الوجود فمد يدك أو تلفظ على طفل من أطفالم يا مستر صويان)‪ ،‬هذا مع العلم أنن ل أتطرق‬
‫إل هذه اليولوجيات الت سردها العلق‪ ،‬ومع ذلك أسأل‪ :‬إن ل تكن هذه اليولوجيات جزءا أصيل‬

‫‪99‬‬
‫من الثقافة‪ ،‬فما الثقافة إذن؟! وحينما كتبت عن البل الذي كنت أظن أيضا أنه موضوع ل يسيء‬
‫إل مشاعر أي أحد‪ ،‬علق أحدهم يقول (إذا كان تصص البدوي استيلد البل فما هو تصصك يا‬
‫مستر صويان؟ تتخبط بقالت عدية القيمة والدف‪ ،‬كثيا ما تكتب عن البدو! هل هذا تصصك أم‬
‫هو القد الدفي؟ قابلهم وجها لوجه لتختب رجولتهم)‪ .‬كيف يكن الدخول ف حوار مفيد مع‬
‫إنسان يسمح لنفسه بالنول إل هذا الستوى ف ماطبة شخص بريء من دمه وعرضه؟! أما حينما‬
‫كتبت مقال بعنوان "رايات الصلح بدأت ترفرف"‪ ,‬علق أحد القراء با يلي (لكي يقبل الناس‬
‫فلسفتك منتهية الصلحية فعليك أل تجل من وضع صورتك القيقية) فما دخل صورت بالفكر‬
‫الذي أطرحه؟! أما من علق على مقال‪" :‬الديقراطية نسخة عربية معطلة"‪ ،‬بالقول (يا سخف‬
‫مقالتك‪ ،‬هذه لوثة الغرب‪ ،‬أنفقت عليك البلد لتقدم مترعات وإذا بك تأت بفكر خرب) فإنن ل‬
‫ألومه حيث يبدو أنه يعان حساسية جلدية ضد الديقراطية‪.‬‬
‫لكن مع ذلك تبقى هناك حلقة فضية مضيئة تيط بذه السحابة الداكنة‪ .‬فقد تلقيت العديد من ردود‬
‫الفعل اليابية والهذبة‪ .‬وأنتهز الفرصة لوضح للقراء الذين يرسلون تعليقاتم عب رقم الوال الذي‬
‫يظهر أسفل القال أن رسائلهم تصلن عن طريق الريدة دون أن تظهر أرقامهم ما يعن أنن ل‬
‫أستطيع الرد عليهم أو تلبية طلباتم‪ ,‬فعذرا لم مع جزيل الشكر‪.‬‬
‫صحيفة القتصادية السعودية‬
‫=======================‬
‫نورنا دون نرك يا رسول ال‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬عبدالعزيز بن إبراهيم العُمري *‬


‫فوجئ السلمون جيعا خلل السابيع الاضية با نشر ف صحيفة دناركية من سخرية متعمدة طالت‬
‫نب الرحة صلى ال عليه وسلم ومست قلوب وأرواح السلمي ف أصقاع الرض دون استثناء بشت‬
‫طوائفهم واختلف انتماءاتم‪ ،‬إن هذه الرسوم التعمدة والتهكم الواضح ليس لا من تفسي إل القد‬
‫الدفي والكره للرسول ولكل من ينتمي لذا الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ..‬وقد تسارعت الحداث‬
‫الرتبطة بالدث‪.‬‬
‫وما يثي السخرية أن الهات السؤولة ف الدنارك ل تعط الدث ما يستحق فقد زعموا أن هذا من‬
‫باب حرية التعبي وكأنم يعطون أنفسهم تاجا من الرية نن ل نعرفه ويضعون احتراما لنفسهم‬
‫ومبادئهم‪ ،‬وكأننا ل نقدر الثل وما يملون من قيم‪ .‬إن حرية التعبي الزعومة الت يتذرعون با‬
‫يدركها جيع السلمي وغيهم‪ ،‬لكن السخرية بالخرين باسم التعبي ليس لا مكان بيننا‪ ..‬إننا ف‬

‫‪100‬‬
‫العال السلمي دافعنا سابقا عن السيح عليه السلم حينما سخرت منه بعض الفلم الباحية‬
‫الوروبية‪ ،‬فدافعنا عنه كما ندافع الن عن ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أين الدنارك ودول أوروبا وغيها من حرية التعبي حينما يتحدث الناس عن قضية مرقة اليهود على‬
‫أيدي النازيي ف ألانيا وهي قضية تاريية قابلة للمناقشة‪ ،‬لكن قواني حرية التعبي الزعومة تنع أي‬
‫مناقشة للموضوع أو بث علمي ذي صلة بالقضية أما الساءة للسلم والسلمي وبالكاريكاتي‬
‫وبأعز شخصية لدى السلمي بل لدى البشر وبرسوم خيالية حسب مزاج فنان منحرف فهذا من‬
‫حرية التعبي‪ .‬وبتابعة الدث ند أن هناك ماولة اعتذار من قبل السؤولي الدناركيي على مستوى‬
‫رئيس الوزراء والوزراء والسفراء لكنها ف مملها وبقراءتا توحي أن فيها تعال واستكبار عن مرد‬
‫العتذار فكلها تعلن احترامها للديان والعتقدات والرموز الدينية هكذا إجالً‪ ،‬لكن الواقع أنه ل‬
‫يوجد فيها ما يؤكد العتذار عما صار أو عمل ف حق نبينا ممد صلى ال عليه وسلم لكنها إعلن‬
‫لبادئ عامة وما جرى وما حدث ف حق نبينا ممد صلى ال عليه وسلم مالف لتلك البادئ العلنة‬
‫وكأنه ل يستحق الشارة إليه مباشرة وما عمل ف حقه صلى ال عليه وسلم أو العتذار عن ذلك‪.‬‬
‫إن تفاعل السلمي مع الدث تفاعل إياب وإعلن حقيقي للدفاع عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بزء من حقه علينا وهو صاحب الفضل العلى على النسانية جيعا { َومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا َرحْمَةً‬
‫لّ ْلعَالَ ِميَ } وعلى من آمن به على وجه الصوص وقلوب السلمي دون استثناء مع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فهو حي ف قلوبنا وذكره مرفوع كما قال ال وهو السميع العليم { َورََفعْنَا َلكَ‬
‫ذِ ْكرَكَ}‪ ،‬أما الستهزئون {فَسََي ْكفِي َكهُمُ الّلهُ َو ُهوَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ }‪{ ،‬إِنّا َكفَيْنَا َك الْ ُمسَْت ْهزِِئيَ}‪،‬‬
‫وكأن هذه اليات ل تص حياته مع قريش بل تتد بعد وفاته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إن التفاعل مع الدث ل يتوقف على السلمي فقط بل بادرت عدد من الشركات الوروبية العاملة‬
‫ف العال السلمي بالباءة ما حدث وبالعلن ف الصحف عن هويتها حت ل يقع اللط بينها وبي‬
‫الشركات الدناركية الت ل تارس ضغطها كما يب لستخراج العتذار ما حدث لنبينا ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم من الدناركيي وهذا هو الطلوب‪ ،‬وليس الطلوب هو التصريح العام الائع عن‬
‫احترامهم لكافة الديان هذا شأنم‪ ،‬أما نن فنبينا صلى ال عليه وسلم شأننا وروحنا وشعورنا‪.‬‬
‫وف هذا الوقف ل يسعنا إل الشكر والدعاء لكل من ساهم ف الدفاع عن الرسول من السفراء‬
‫السلمي والاليات السلمة ف الدنارك‪ ،‬كما ل ننسى تصريات ملس الشورى وملس الوزراء ف‬
‫الملكة العربية السعودية الذين عبوا عن ضمي وطنهم مهد الرسالة ومواطنيهم حلة السلم وأهل‬
‫النب صلى ال عليه وسلم وأتباعه‪.‬‬
‫كنا ف اجتماع خاص ضم عددا من الثقفي من مشارب متلفة اتضح أن بعضهم حي الديث عن‬
‫الساءة للنب صلى ال عليه وسلم غي مكترث ما حدث وأنه وأمثاله ل يريدون ردة الفعل الت تس‬

‫‪101‬‬
‫الغرب ومصاله‪ ،‬واستنكر ذاك الشخص الملة على الدنارك‪ ،‬وألح أنا ربا تستخدم من قبل‬
‫النظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالية لعاقبة الملكة بسبب مقاطعة تارة الدنارك‪ ،‬فرد عليه‬
‫بعض الضور بأن القاطعة هي شعبية وهي من حرية الناس وليست حرية التعبي فقط الت يتنطع با‬
‫السؤولون الدناركيون ف مناقشتهم للموضوع‪ ،‬وأن الغرب يدركون القاطعة الشعبية‪ ،‬وأن الشعوب‬
‫السلمة أكثر منك إدراكا للحدث‪ .‬وإذا كان هذا وأمثالم من ينتمون لنا يسلبوننا حق الدفاع عن‬
‫نبينا بل وف نظرهم ربا يافون علينا من غضب الغرب لننا غضبنا من سب نبينا ويتعلقون بذلك‬
‫وياولون أن يظهروا فهما للقواني الدولية فنقول‪ :‬أفهمونا أولً قبل أن تزعموا أنكم الفهم ف‬
‫العلقة مع الغرب كونوا معنا ول تكونوا علينا أين أنتم من فهم متمعكم الذي أرضعكم اللّب‪،‬‬
‫ووطنكم الذي غذاكم وحاكم وحت الن ل تعرفون مكانة ممد صلى ال عليه وسلم عند أهل هذا‬
‫الوطن الذي تنتمون إليه وعند شعوب العال السلمي فإما أنكم ل تفهمون أو تتجاهلون والخرى‬
‫ص َرهُ الّلهُ} أين أنتم من شعور آبائكم وأمهاتكم وإخوانكم‪ ،‬وجيانكم‬
‫صرُوهُ َفقَدْ َن َ‬
‫أعظم {إِ ّل تَن ُ‬
‫وأهلهكم‪ ،‬أين أنتم من يبون الرسول صلى ال عليه وسلم؟‪.‬‬
‫إن كنتم ل تشعرون وأنتم تعيشون بي السلمي ومسوبون معهم ول يرك فيكم سب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ساكنا وتاولون الدفاع عن موقف الدنارك‪ ،‬كما قال حسان بن ثابت‪:‬‬
‫أمن يهجو رسول ال منكم‬
‫ويدحه وينصره سواء‬
‫فإن أب ووالده وعرضي‬
‫لعرض ممد منكم فداء‬
‫وكما قالت عاتكة بنت عبدالطلب‪:‬‬
‫سيكفي الذي ضيعتم من نبيكم‬
‫وينصره اليان عمرو وعامر (تقصد النصار)‬
‫وأقول كما قال حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫فيا ويح من أمسى عدو ممد‬
‫لقد جار عن قصد الوى وتيا‬
‫وكما قال كعب بن مالك‪:‬‬
‫شهدنا بأن ال ل رب غيه‬
‫وأن رسول ال بالق ظاهر‬
‫وأكرر دائما نورنا دون نرك يا رسول ال‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫وأحذر من دول أوروبية تاول عمل الشيء نفسه حت تبعثر الهود وتضيع وتيع القاطعة لتنقذ‬
‫الدنارك من ورطتها الت جلبتها لنفسها فعلينا النتباه لذلك وال الستعان‪.‬‬
‫* عضو الجلس البلدي بالرياض‬
‫========================‬
‫نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية‬

‫تأليف الشريف حات بن عارف العون‬


‫مقدمة‬
‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫وصلى ال أفضل صلة وأكمل تسليم على سيد ولد آدم البعوث رحة للعالي ممد عبد ال‬
‫ورسوله‪ ،‬وعلى آله وأصحابه والتابعي‪:‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن طلب العلم من أعظم العبادات‪ ،‬وثوابه يفضل ثواب أكثر القربات‪ ،‬وسبل تصيله سبل‬
‫النات‪ ،‬تظله اللئكة فيها بأجنحتها خاضعات‪ ،‬وتنل على مالسه السكينة والرحات‪.‬‬
‫فرضي ال عن سهر تلك الليال ف الد والتحصيل‪ ،‬وأنعم بتلك الطى ف طلب علوم التنيل‪،‬‬
‫وأعظم بالزاهدين إل ف مياث النبوة‪ ،‬الاجرين الضاجع والوطان الخذين الكتاب بقوة‪.‬‬
‫فإن عجب أحد من هذا الثناء القليل‪ ،‬ف طالب العلم الليل ؛ سألته بال‪:‬‬
‫هل دبت على وجه الرض خطى أشرف من خطى طالب علم ؟!‬
‫وهل حوت السحار والبكار أجد منه ف طلبه ؟! وهل مر على الساع ألذ من دندنة التحفظي‬
‫وزجل القارئي ؟! وهل امتلت القلوب هيبة لثل منكب على كتاب ؟! وهل انشرحت الصدور إل‬
‫ف مالس الذكر ؟! وهل انعقدت المال جيعها إل على حلق التعليم ؟! وهل نزلت السكينة والرحة‬
‫على مثل الدارسي لكتاب ال العظيم ؟! وهل تضاءلت عروش اللوك إل عند منابر العلماء ؟! وهل‬
‫عمرت الساجد ف غي أوقات الصلوات بثل مالس التعليم ؟!‬
‫أخبون ؟ بال عليكم!!!‬
‫ث أسألكم بال‪ :‬هل تعلمون خيا من شاب ف هذا العصر‪ ،‬هجر الدنيا وزهد ملذاتا‪ ،‬ونأى بعيدا‬
‫عن شهواتا‪ ،‬وانعزل عن فتنها الت تستفز الليم‪ ،‬وانقطع عن إغواءاتا الت تستخف بالرزين‪ ،‬وترك‬
‫الناس على دنياهم يتكالبون‪ ،‬وهجر من أهله وإخوانه تنافسهم على القصور والموال والناصب‪ ،‬فإن‬
‫مر على اللغو مر مر الكرام‪ ،‬وإن تعرض له الاهلون أعرض وقال‪ :‬سلم ؛ وهو مع ذلك شاب ف‬

‫‪103‬‬
‫عنفوان الشباب‪ ،‬أمامه مستقبل عريض‪ ،‬وعليه مسئولية بناء جديد‪ ،‬وينظر إل الفق البعيد نظرة ملؤها‬
‫المال والحلم‪ ،‬تفور فيه غرائز الشهوات‪ ،‬وييش فؤاده بالعواطف‪ ،‬وتتفجر دماؤه حاسا ؛ ث هو‬
‫هو ذلك الذي تاوز هذا كله!! وجعله وراءه ظهريا!! وأقبل على العلم‪ ..‬على مرارته‪ ،‬وانكب على‬
‫الكتاب‪ ..‬على مللته‪ ،‬وإذا حن إل عناق كاعب‪..‬خالفته يدا كاتب‪ ،‬وإذا اشتهت شفتاه أن يرتشف‬
‫الرضاب‪ ..‬تتم ملتذا بقراءة كتاب ؛ قطع اليام ف التحصيل‪ ،‬وسهر الليال على الدرس والترتيل ؛‬
‫يقرأ حت تزوغ عينه‪ ،‬ويكتب حت تكل يده‪ ،‬ويدرس حت يكد ذهنه!!!‬
‫أخبون‪ ..‬من أفضل من هذا ؟!!‬
‫مع ذلك فإنه يرى أن الذي هو فيه‪ :‬هو الياة حقا‪ ،‬وجنة دار الفناء صدقا‪ ،‬يرحم أهل الدنيا‪ ،‬وينو‬
‫على أبناء اللذات ؛ لنه يعرف أنه على برنامج العلماء‪ ،‬ومنهج الولياء‪ ،‬وخطة الفقهاء‪ ،‬وغاية‬
‫الكباء‪ ،‬ومعارج التقياء‪.‬‬
‫فيترن بقول القائل ‪:‬‬
‫لحبة تالسن ناري أحب إل من أنس الصديق‬
‫ورزمة كاغد ف البيت عندي أحب إل من عدل الدقيق‬
‫ولطمة عال ف الد من ألذ لدي من شرب الرحيق‬
‫ولست أنا بالذي يذكر فضل طالب العلم‪ ،‬إذ قد رددت ذلك الحاريب وأصداؤها‪ ،‬وضجت به‬
‫أروقة الساجد وقبابا‪ ،‬وتعبد بترتيله التهجدون‪ ،‬وتقرب بتدبره أهل العلم الراسخون ؛ وقبل ذلك‬
‫نزل به الروح المي‪ ،‬على قلب سيد الرسلي صلى ال عليه وسلم ؛ وقبل ذلك تكلم به ال الذي ل‬
‫إله إل هو الرحن الرحيم ؛ فقال تعال ‪ :‬ف الث على سؤال التعلم – الذي هو أول درجاته –‬
‫(فسئلوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون) [النحل‪ ،]43 :‬وقال عز وجل ف المر بالرحلة لطلب‬
‫العلم‪( :‬وما كان الؤمنون لينفروا كافة فلول نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا ف الدين ولينذروا‬
‫قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يذرون) [التوبة‪ ،]122:‬وما أمر سبحانه نبيه صلى ال عليه وسلم‬
‫بطلب الزيادة ف شيء ف الدنيا‪،‬إل من العلم‪ ،‬فقال تعال‪( :‬وقل رب زدن علما) [طه‪ ]114:‬؛‬
‫وأشاد سبحانه – أيا إشادة! – بفضل أهل العلم‪ ،‬ورفع من شأنم‪ ،‬وأعلى من قدرهم‪ ،‬با يعجز عن‬
‫بيانه إل البيان البي‪ ،‬من كلم رب العالي‪ ،‬فقال عز من قائل (شهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة‬
‫وأولوا العلم قائما بالقسط ل إله إل هو العزيز الكيم) [آل عمران‪ ،]18 :‬وقال سبحانه وتعال‪:‬‬
‫(إنا يشى ال من عباده العلماء) [فاطر‪ ،]28 :‬وقال سبحانه (يرفع ال الذين ءامنوا والذين أوتوا‬
‫العلم درجات) [الجادلة‪ ،]11 :‬وقال عز شانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون)‬
‫[الزمر‪.]9 :‬‬

‫‪104‬‬
‫فلما كانت لطالب العلم مكانته الت نوهنا ببعضها‪ ،‬تبي أنه على صغر سنة طالب جليل‪ ،‬وعلى قلة‬
‫عمله بسلوكه مسالك الطلب استحق التبجيل‪.‬‬
‫ومن حق هذا الذي يقفو آثار العظماء‪ ،‬ويلوث على رأسه عمامة العلماء ؛ أن يكون له نصيب من‬
‫التوجيه كبي‪ ،‬وحظ من النصح وفي‪.‬‬
‫ولا طلب من مكتب التوعية بكة الكرمة أن ألقي كلمة على منهج القراءة ف كتب الديث‬
‫والصطلح‪ ،‬ورأيت أن الرفض ل يسعن‪ ،‬أجبتهم إل رغبتهم‪ ،‬على ضعف وعجز‪ .‬لكن من حي‬
‫أجبت‪ ،‬عزمت على أن أجعل النهج الطروح منهجا مستقى من مناهج العلماء‪ ،‬ودربا نص الئمة‬
‫على أنم قد ساروا عليه‪ ،‬أو دلت سيهم وأخبارهم وعلومهم على أنم قد طرقوه‪ .‬وإنا عزمت على‬
‫هذا العزم‪ ،‬لن منهج تعلم أي علم يب أن يؤخذ عن العلماء بذلك العلم‪ ،‬الذين عرفوا دروبه‪،‬‬
‫وأحاطوا بسبله‪ ،‬وملتم البة به بصية بالسلوب الصحيح ف تلقيه‪ ،‬وأشبعتهم فنونه بالوسائل‬
‫البلغة إليه‪.‬‬
‫وت ما أعددته لتلك الكلمة ف الشهر الول من عام (‪1418‬هـ)‪ ،‬وألقيتها ف هذا التاريخ‪.‬‬
‫ث تكرر إل الطلب بنشرها مكتوبة‪ ،‬حسن ظن من الطالبي‪ ،‬فرأيت أن إجابة سؤالم فيه تقيق فائدة‬
‫وإن صغرت‪ ،‬وتوجيه نصيحة لطلبة العلم ل تلو من نفع‪.‬‬
‫وعلى هذا فهذه الرسالة ف أصلها كلمة ملقاة‪ ،‬ضمن سلسة من الكلمات نظمتها إدارة مكتب‬
‫التوعية بكة الكرمة مشكورة مأجورة إن شاء ال تعال‪ .‬وقد سبقت هذا الكلمة كلمات حول آداب‬
‫العلم وطلبه ومناهجه عموما‪ ،‬ث خصصت علوم الديث بالدرس الذي أقوم بنشره اليوم‪ .‬وعلى هذا‬
‫فرسالتنا هذه مسبوقة با يغن عن تكراره هنا‪ ،‬ولذلك فقد جاءت مقتصرة على الوسائل البلغة لطالب‬
‫العلم إل أن يصبح مدثا عارفا بسنة النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬دون التطرق إل أبواب العلم‬
‫الخرى على جللتها وفضلها‪.‬‬
‫فأسأل ال عز وجل أن ينفع بذه الورقات وأن يستخرج با من قلب مؤمن بظهر الغيب دعوات‬
‫صالات‪ ،‬وأن يعلها ف موازين السنات‪ ..‬آمي‪.‬‬
‫والمد ل وحده والصلة والسلم على من ل نب بعده‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجعي‪ ،‬والتابعي لم‬
‫بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫وكتب‬
‫الشريف حات بن عارف بن ناصر العبدل العون‬
‫تهيد‬

‫‪105‬‬
‫هناك مبادئ عامة ينصح با كل طالب علم‪ ،‬ليضعها أمام عينيه عند أول ما ينوي السي ف طريق‬
‫العلم الطويل‪ .‬وبعض هذه البادئ العامة سوف تكون مدخلنا إل الواب عن السؤال الذي يسأل‬
‫عنه قارئ هذه الورقات‪ ،‬وهو‪ :‬كيف أصبح مدثا عارفا بسنة النب صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫فل شك أن أول ما يلزم من أراد أن يكون طالب علم (أي علم من العلوم)‪ ،‬أن يتعرف على العلوم‬
‫من جهة موضوعاتا وغاياتا والثمرة الناتة عنها‪ .‬لنه بذلك يعرف شرف كل علم وفضله‪ ،‬ومنقبة‬
‫حلة ذلك العلم ورفعة قدرهم‪ .‬وهذا يعله قادرا على ترتيب العلوم على حسب أهيتها‪ ،‬ووضعها ف‬
‫مراتبها من أولوية التعليم‪.‬‬
‫فإذا ما ابتدأ طلب علم من العلوم بعد ذلك‪ ،‬وقد عرف أنه فضائله ومناقب حلته‪ ،‬وعرف إنا ابتدأ به‬
‫لنه أحق من غيه ببداية التعلم‪ ،‬وأول ما سواه بأن يكون باكورة الطلب ؛ زاده ذلك إقبالً على‬
‫العلم‪ ،‬وحرصا عليه‪ ،‬وصبا ف تصيله‪ ،‬وثقة بصواب خطواته‪ ،‬واطمئنانا على صحة منهجه‪ .‬فل‬
‫يزيده بعد ذلك طول الطريق إل جلدا‪ ،‬ول وعورته إل جدا‪ ،‬ول صعوبته إل مثابرةً‪ ،‬ول تعب‬
‫جسده فيه إل راحة نفسه‪ ،‬ول اغترابه من أجله إل أنسا به‪ ،‬ول قلة ذات يده إل فرحا بالستكثار‬
‫منه‪ .‬حت يبلغ الن‪ ،‬ويصد الن‪.‬‬
‫لذلك حرصت أن ل تلو هذه الورقات من إلاحات عن شرف علم الديث وبيان فضل الحدثي؛‬
‫وهذا هو العنوان الول بعد هذا التمهيد‪.‬‬
‫وبعد أن تعرف طالب العلم على ما سبق‪ ،‬ينبغي عليه أن يستنصح أهل العلم الذي رأى أن يبدأ به‪،‬‬
‫ويطلب منهم أن يوقفوه على خصائص ذلك العلم الت تيزه عن غيه من العلوم‪ ،‬وأن يقرأ بعض ما‬
‫ألف ف التعريف بذلك العلم وف بيان ميزاته الت تتص به‪ .‬حيث إن لكل علم ملمح كبى تفارقه‬
‫عن غيه من العلوم‪ ،‬وقسمات خاصة به كالت تباين بي الشخاص الختلفي‪ .‬وهذه اللمح‬
‫والقسمات هي ف القيقة سر كل علم‪ ،‬وكاشف لغز كل فن‪ ،‬ومفتاح كنوز دقائق العلوم‪ .‬وتظهر‬
‫آثار العلم بذه اللمح (أو عدم العلم با) على كل مسألة جزئية منه‪ ،‬لن بصماتا ل تلوا منها جيع‬
‫جزئياته‪.‬‬
‫وتعرف أهية البتداء بإدراك خصائص علم ما‪ ،‬وضرورة فهم مزاياه من أول القبال عليه ؛ من‬
‫جهتي اثنتي‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن تلك الزايا والصائص تكن طالب العلم من أن يقدر إن كان باستطاعته استيعاب ذلك‬
‫العلم وأن يبع فيه‪ ،‬أول يستطيع ؛ على حسب مواهبه الفطرية وميوله العلمية‪ .‬وذلك فيما إذا وازن‬
‫طالب العلم – بصدق وموضوعية – بي تلك الميزات وقدرته على التعلم‪ .‬فكم من طالب علم تعثر‬
‫ف حياته العلمية بسبب عدم قيامه بذه الوازنة‪ ،‬وكم من طالب علم لو حاول إدراك تلك الميزات‬
‫للعلوم لوضع قدمه ف أول الطريق الصحيح لعلم منها‪ ،‬ث برع وأبدع فيه بعد ذلك‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الثانية‪ :‬أن تلك الصائص والميزات الكبى لي علم من العلوم تستلزم أسلوبا خاصا ف طلبه؛‬
‫ولكل خصيصة منها منهج معي ف التحصيل بواجهتها‪ .‬فإدراك طالب ذلك العلم‪ ،‬يعله واعيا‬
‫للسلوب الصحيح ف طلب ذلك العلم‪ ،‬عارفا بعقبات علمه وبوسائل تاوزها بسرعة ؛ فهو بذا‬
‫الوعي والعرفة ميط بالغاية الت يريد‪ ،‬حت كأنه بلغها (وإن ل يبلغها)‪ ،‬لشدة وضوح طريقها أمامه‪،‬‬
‫ولعدم خوفه من حواجز تول بينه وبينها‪.‬‬
‫وهذا ما جعلن أثن (بعد ذكر شرف علم الديث وشرف أهله) بأربع ميزات لعلم الديث‪ ،‬هي ف‬
‫ظن أهم خصائصه‪ ،‬وأوضح ملمه‪ ،‬تستوجب تاهها طريقة خاصة ف الطلب ومنهجا معينا ف تعلم‬
‫علم الديث‪.‬‬
‫ث ختمت هذه الورقات بذكر خطة دراسية منهجية متصرة للحديث النبوي الشريف ولعلومه‪،‬‬
‫حاولت خللا وضع مستويات دراسية مرتبة على نظرية التدرج ف طلب العلم‪ ،‬من البداية‬
‫بالجملت إل الوصول إل الفصلت الوسعات من كتب العلم‪.‬‬
‫ومن خلل هذه العناصر أحسب أن قد ساهت ف الجابة على سؤال يقول‪ :‬كيف أصبح مدثا‬
‫عارفا بسنة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وإليك الجابة (بعون ال تعال)‪.‬‬
‫شرف علم الديث وشرف حلته‪:‬‬
‫ل يشك مسلم من السلمي أن القرآن الكري وعلومه أشرف العلوم على الطلق‪ ،‬وأنه أنفع العلوم‬
‫وأجلها وأعظمها بل استثناء‪.‬‬
‫وأهم علوم القرآن الكري وأعظمها‪ ،‬وما من أجله أنزل‪ ،‬هو تدبر آياته‪ ،‬وفهم معانيه ؛ لن الغاية‬
‫العظمى من إنزال القرآن هي العمل به‪ ،‬والعتبار بواعظه‪ ،‬والستضاءة بكمه ؛ وذلك ل يصل أبدا‬
‫قبل فهم معانيه وتدبر آياته ؛ وإل فكيف يعمل بالقرآن من ل يفهم القرآن ؟!‬
‫ول يتم فهم كلم ال تعال‪ ،‬ول يكن أن ندرك معان كتاب ال الجيد‪ ،‬وإل بسنة النب صلى ال‬
‫عليه وسلم وعلومها‪ ،‬لن السنة هي الشرح النظري والعملي للقرآن الكري‪.‬‬
‫ومن هنا ندخل إل أعظم ما يبي مكانه السنة وعلومها‪ ،‬وإل منلتها بي العلوم على الطلق ؛ وهو‬
‫أنه ل سبيل إل فهم القرآن الكري‪ ،‬وإل معرفة دين السلم الذي ل يقبل ال تعال سواه‪ ،‬إل بسنة‬
‫النب صلى ال عليه وسلم وعلومها!!‬
‫أو بعبارة أخرى‪ :‬با أن القرآن الكري أشرف العلوم‪ ،‬وأشرف علومه فهم معانيه ل يكون إل بالسنة ؛‬
‫فالسنة إذا أشرف علوم القرآن‪ ،‬أو قل‪ :‬أشرف العلوم!!‬
‫قال ال تعال‪( :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبي للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) [النحل‪،]44:‬‬
‫فمنطوق هذه الية الكرية يب أن إنزال القرآن الكري كان من أجل بيان النب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪107‬‬
‫له ؛ بسنته القولية والفعلية والتقريرية!! وهذا النطوق غريب جدا لن تأمله‪ ،‬لنه يالف التبادر إل‬
‫الذهن‪ ،‬من أن سنة النب صلى ال عليه وسلم إنا كانت من أجل أن تبي القرآن الكري‪ ،‬أي أن‬
‫القرآن هو الغاية الت من أجلها جاءت السنة‪ ،‬أما الية فقد قالت بضد ذلك‪ ،‬حيث جعلت السنة‬
‫وبيانا غاية من أجلها انزل القرآن!!!‬
‫وهذا من إعجاز القرآن ف الشادة بكانة السنة من القرآن‪ ،‬وف التأكيد على عدم استغناء القرآن‬
‫عنها‪ ،‬بل وعلى بطلن مثل ذلك الستغناء‪ ..‬إن زعم!!‬
‫ولذه النلة العليا للسنة‪ ،‬ولعلقتها القوية الوشائج والصلت بالقرآن الكري‪ ،‬كان يقول غي واحد‬
‫من السلف‪ ،‬منهم مكحول الشامي (ت ‪ 118‬هـ)‪( :‬القرآن أحوج للسنة من السنة للقرآن) ([‬
‫‪ .)]1‬وذلك لن إجال القرآن يتاج إل تفصيل السنة‪ ،‬ومتشابه القرآن تفسره السنة ؛ ف حي أن‬
‫السنة – غالبا – مفصلة مبينة واضحة‪.‬‬
‫ولذا يصح أن يقال عمن يتعلم السنة‪ :‬إنه يتعلم القرآن‪ ،‬ولن يقرأ السنة‪ :‬إنه يقرأ تفسي القرآن!!‬
‫وقد كان ذلك واضحا تام الوضوح عند السلف‪ ،‬ولذا لا قيل لطرف بن عبد ال بن الشخي (ت‬
‫‪ 95‬هـ)‪( :‬ل تدثونا إل بالقرآن‪ ،‬قال مطرف‪ :‬وال ما نريد بالقرآن بدلً‪ ،‬ولكن نريد من هو أعلم‬
‫بالقرآن منا ) ([‪.)]2‬‬
‫ويب التنبه إل أن تفسي السنة للقرآن ليس هو وحده التفسي الصريح لعانيه من النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬كأن يذكر النب صلى ال عليه وسلم آية ث يشرحها شرحا مباشرا‪ .‬نعم هذا من تفسي السنة‬
‫للقرآن‪ ،‬لكن الضم العظم منه هو جيع سنة النب صلى ال عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية‬
‫وسيته ومغازيه وحياته‪ .‬ولذا لا سئلت عائشة – رضي ال عنها – عن خلق النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬أرشدت السائل إل النظر ف القرآن‪ ،‬عندما قالت‪( :‬كان خلقه القرآن) ([‪ )]3‬وعلى هذا يق‬
‫لن سأل عن القرآن أن يال إل سنة النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬كما أحالت عائشة السائل عن السنة‬
‫إل القرآن!‬
‫وهذا أكب ما يبي مكانة السنة‪ ،‬وعظم أهيتها‪ ،‬وأولويتها على غيها من العلوم‪.‬‬
‫ولقد بي ال عز وجل مكانة السنة وشرفها ف القرآن العظيم‪ ،‬ف آيات كثيات؛ منها آيات كثية ف‬
‫المر بطاعة النب صلى ال عليه وسلم والتحذير من مالفته عليه أفضل الصلة وأت التسليم‪ .‬كقوله‬
‫تعال‪( :‬وأطيعوا ال والرسول لعلكم ترحون) [آل عمران‪ ،[132 :‬وكقوله عز وجل‪( :‬من يطع‬
‫الرسول فقد أطاع ال) [النساء‪ ،]80 :‬وكقوله سبحانه‪( :‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما‬
‫شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء‪ ،]65:‬وكقوله عز‬
‫شأنه‪( :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم) [آل عمران‪:‬‬
‫‪ ،]31‬وكقوله عز من قائل‪( :‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬

‫‪108‬‬
‫أليم) [النور‪ ،]63 :‬وكقوله عز حكمه‪( :‬وما ءاتكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا) [الشر‪:‬‬
‫‪ ،]7‬وكقوله ل رب سواه‪( :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجوا ال واليوم‬
‫الخر وذكر ال كثيا) [الحزاب‪ ،]21:‬ف غيها من آيات مباركات كثيات‪.‬‬
‫ففي هذه اليات حث على تعلم سنة النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بتعلم أصولا ومصطلحها ‪ ،‬من‬
‫العلوم الت ييز با صحيح السنة من سقيمها‪ .‬لن المر بطاعة النب صلى ال عليه وسلم والترغيب ف‬
‫القتداء به ل يكن امتثاله (بعد وفاة النب صلى ال عليه وسلم) إل بالنقل والسناد اللذين اجتمعت‬
‫فيهما شروط القبول‪ ،‬وشروط القبول (تققها أو عدم تققها) ف النقل عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ل يكن أن يتوصل إل إدراكه إل بالعلوم الت تدم ذلك‪ ،‬وهي علوم الديث‪ :‬أصوله ومصطلحه‪.‬‬
‫إذن فالمر اللي بطاعة النب صلى ال عليه وسلم والقتداء به متضمن أمرا إليا بتعلم علم الديث‪،‬‬
‫لنه ل سبيل إل امتثال المر الول إل بعد امتثال المر الثان‪ ،‬وما ل يتم الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬
‫وإذا كان فهم القرآن الكري‪ ،‬وطاعة ال تعال ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والعلم بأحكام هذا‬
‫الدين (دين السلم) وشرائعه وآدابه = ل يكون إل بعلوم الديث ؛ علمت ما هي مكانة هذه‬
‫العلوم!! وف أي قمة من مراتب العلوم تكون!! ث علمت شرف أهل الديث!! وعظيم فضلهم‬
‫وكبي أثرهم ف المة!!!‬
‫وقد جاءت السنة نفسها ببيان فضل أهل الديث وشرفهم‪ ،‬ف أحاديث كثية وآثار ذوات عدد؛‬
‫حت صنف الطيب البغدادي ( ت ‪463‬هـ) كتابا ف ذلك بعنوان (شرف أصحاب الديث)‪.‬‬
‫ومن هذه الحاديث قول النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تزال طائفة من أمت على الق ظاهرين‪ ،‬ل‬
‫يضرهم من خذلم‪ ،‬حت تقوم الساعة) ([‪.)]4‬‬
‫قال عبد ال بن البارك (ت ‪ 181‬هـ)‪ ،‬ويزيد بن هارون (ت ‪206‬هـ)‪ ،‬وعلي ابن الدين (ت‬
‫‪ 234‬هـ)‪ ،‬وأحد بن حنبل (ت ‪241‬هـ)‪ ،‬والبخاري (ت ‪ 256‬هـ)؛ قال هؤلء الئمة‬
‫كلهم ف بيان الطائفة النصورة‪( :‬هم أصحاب الديث) ([‪ .)]5‬بل عبارة المام أحد‪ ،‬وقبله يزيد بن‬
‫هارون‪( :‬إن ل يكونوا أصحاب الديث فل أدري من هم)‪.‬‬
‫وأي طائفة أحق بأن يكونوا هم تلك الطائفة الظاهرة النصورة‪ ،‬من الذين حفظوا الدين‪ ،‬ونقلوا اللة‪،‬‬
‫ونشروا السنة‪ ،‬وقمعوا البدعة ؛ وهم أصحاب حديث النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وحراسه‪ ،‬أهدى‬
‫الناس بالسنة‪ ،‬وأتبعهم للسوة السنة‪ ،‬بقية الصحاب‪ ،‬ومرآة الرسول صلى ال عليه وسلم!! فلول‬
‫هم لا كان هناك فقيه ول مفسر‪ ،‬ول عال ول فاضل!! بل لولهم لا كان هناك مسلم موحد!!!‬
‫ولا قال النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬إن أول الناس ب يوم القيامة أكثرهم عليّ صلة) ([‪ ،)]6‬وذكر‬
‫أهل العلم أن أسعد الناس بذا الديث هم الحدثون!‬

‫‪109‬‬
‫قال ابن حبان (ت ‪354‬هـ) بعد إخراجه هذا الديث ف صحيحه‪( :‬ف هذا الب دليل على أن‬
‫أول الناس برسوله صلى ال عليه وسلم ف القيامة أصحاب الديث‪ ،‬إذ ليس من هذه المة قوم أكثر‬
‫صلة عليه صلى ال عليه وسلم منهم) ([‪.)]7‬‬
‫وقال أبو نعيم الصبهان (ت ‪430‬هـ)‪( :‬وهذه منقبة شريفة يتص با رواة الثار ونقلتها‪ ،‬لنه ل‬
‫يعرف لعصابة من العلماء من الصلة على رسول ال صلى ال عليه وسلم أكثر ما يعرف لذه‬
‫العصابة نسخا وذكرا) ([‪.)]8‬‬
‫ومن تردد ف هذا الذي ذكراه (عليهما رحة ال)‪ ،‬فليوازن بي صفحة أو صفحات من صحيح‬
‫ل وصفحة أو صفحات من أي كتاب ف أحد العلوم الفاضلة (ما سوى الديث)‪،‬‬ ‫البخاري مث ً‬
‫كالتفسي والفقه وأصوله والعقيدة‪ ،‬لتظهر مصداقية قول ذينك المامي (عليهما رحة ال)‪ ،‬ليعرف‬
‫حقا أن أهل الديث هم أول الناس بالنب صلى ال عليه وسلم يوم القيامة!!‬
‫و (الزاء من جنس العمل)‪ ،‬فكما كان أهل الديث أهل حديث النب صلى ال عليه وسلم ف الدنيا‪،‬‬
‫وأول الناس به صلى ال عليه وسلم فيها ؛ كانوا أيضا أول الناس به يوم القيامة!!‬
‫وياله من شرف ومكانة وفضل!! ل يدانيه شيء أبدا!!!‬
‫ول در القائل‪:‬‬
‫دين النب ممد أخبار‬
‫نعم الطية للفت الثار‬
‫ل تدعن عن الديث وأهله‬
‫فالرأي ليل والديث نار‬
‫ولربا غلط الفت سبل الدى‬
‫والشمس بازغة لا أنوار ([‪)]9‬‬
‫ورحم ال القائل‪:‬‬
‫دين الرسول وشرعه أخباره‬
‫وأجل علم يقتن آثاره‬
‫من كان مشتعلً با وبنشرها‬
‫بي البية ل عفت آثاره‬
‫ث إن مكانة السنة تزداد أهية فوق ما سبق كله‪ ،‬وتشتد حاجة المة لا زيادة على ما تقدم‪ ،‬عند‬
‫ظهور الفت وكثرة البدع والحدثات‪.‬‬
‫ولذلك لا أوصى النب صلى ال عليه وسلم أصحابه‪ ،‬ووعظهم موعظة بليغة‪ ،‬وجلت منها القلوب‬
‫وذرفت لا العيون ؛ قال ف وصيته تلك عليه الصلة والسلم‪:‬‬

‫‪110‬‬
‫(فإنه من يعش منكم بعدي فسيى اختلفا كثيا‪ ،‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهدبي‪،‬‬
‫تسكوا با‪ ،‬وعضوا عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومدثات المور‪ ،‬فإن كل مدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة‬
‫ضللة) ([‪.)]10‬‬
‫ويقول أحد أتباع التابعي‪ ،‬وهو يي بن يان (ت ‪189‬هـ)‪( :‬ما كان طلب الديث خيا منه‬
‫اليوم‪ .‬قيل له‪ :‬يا أبا عبد ال‪ ،‬إنم يطلبونه وليس لم نية ؟ قال‪ :‬طلبهم إياه نية) ([‪.)]11‬‬
‫فينبه هذا المام (رحه ال) على ازدياد فضل طلب الديث ف زمانه‪ ،‬عن الزمان الت سبقته ؛ وهو‬
‫من أتباع التابعي!! وف القرون الفاضلة!! فكيف بزماننا!! وقد عمت الفت‪ ،‬وكثرت‪ ،‬وتتابعت‪،‬‬
‫واستحكمت الهواء والبدع وطمت‪ ،‬واحلولكت ليال المة‪ ..‬وإل ال اللتجأ وهو الستعان!‬
‫وأما قوله (رحه ال) لن قال له عن أهل الديث‪( :‬إنم يطلبونه وليس لم نية‪ ،‬فقال‪ :‬طلبهم إياه‬
‫نية)‪ ،‬فهو ينبه إل فقه دقيق‪ ،‬إذ ييب ذاك الذي اتم طلبة الديث بقلة الخلص ف طلبهم‪ ،‬بأن مرد‬
‫طلبهم للحديث عمل فاضل يؤجرون عليه بإذن ال تعال‪ .‬لن العمال الفاضلة‪ ،‬وخاصة الت يتعدى‬
‫نفعها نفس العامل‪ ،‬إذا ل يكن الدافع للقيام با نية سيئة‪ ،‬كالرياء والسمعة ومطامع الدنيا‪ ،‬فإن‬
‫صاحبها مأجور بالعمل نفسه إذا كان الدافع للقيام به مبة العمل والتعلق به (وهو عند أهل الديث‬
‫شهوة الديث ومبته)‪ ،‬مثاب وإن غفل العامل عن الخلص ل تعال وابتغاء ثوابه!! وذلك لن‬
‫العمل ذاته فاضل مصلح‪ ،‬ل يلو من أن ينتفع به غيه‪ ،‬وتتعدى فائدته إل من سواه‪.‬‬
‫أو لعله يقصد أن طلب الديث يوصل إل حسن النية ويلجئ صاحبة إل الخلص‪ ،‬كما كان يقول‬
‫غي واحد من السلف‪( :‬طلبنا العلم لغي ال‪ ،‬فأب أن يكون إل ل) ([‪.)]12‬‬
‫وأي العنيي قبلت – وكلها مقبول – فهو وجه آخر لشرف أهل الديث!!‬
‫والنصوص ف هذا العن كثية‪ ،‬أكتفي منها با سبق‪.‬‬
‫أهم ميزات علم الديث وأوضح خصائصه‪:‬‬
‫تقدم ف (التمهيد) أن لكل علم خصائص‪ ،‬وأن للعلم بذه الصائص فائدتي‪ ،‬ذكرناها هناك‪ .‬ويهمنا‬
‫هنا إحدى الفائدتي‪ ،‬وهي‪ :‬أن العلم بصائص علم ما يوقفنا على السلوب الصحيح ف تصيله‪،‬‬
‫وعلى العوائق الائلة دون بلوغ غايتنا منه‪ ،‬وعلى وسائل تاوزها ؛ لن كل ميزة لذلك العلم ينبه‬
‫إدراكها إل سبيل احتوائها‪ ،‬ف حي أن عدم إدراكها أكب عقبة (أو يكاد يكون كذلك) دون فهم‬
‫ذلك العلم والوصول إل مرادنا منه‪.‬‬
‫وقد تنبهت إل أربع خصائص لعلم الديث‪ ،‬أحسبها أهم خصائصه‪ ،‬فأحببت لفت نظر طلب العلم‬
‫إليها‪ ،‬ليبتدئوا طلب علم الديث بالسلوب والنهج الصحيح اللئق بذا العلم‪ ،‬ولكي ل تتعثر‬
‫خطاهم ويضيعوا أزمانا (ل تقدر بثمن) قبل إدراك ذلك النهج الصحيح‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫وإليك هذه الميزات الربعة‪ ،‬تت عناوين أربعة فيما يلي ؛ متبعا كل ميزة منها بالنهج الذي‬
‫تستلزمه ف الطلب‪ ،‬وبأسلوب التحصيل الصحيح ف مواجهتها‪ ،‬وما هي وسائل احتوائها دون أن‬
‫تصبح عقبة كأداء ف طريق علم الديث‪.‬‬
‫اليزة الول‪:‬‬
‫من أهم ميزات علم الديث أنه علم شديد الأخذ‪ ،‬صعب الرتقى‪ ،‬دقيق السالك‪ ،‬بعيد الغور‪.‬‬
‫ولذلك فليس من السهل فهمه‪ ،‬ول من اليسي تعلمه‪ ،‬ول يقدر على فقهه كل أحد‪ ،‬ول يستطيعه‬
‫كثي أناس‪.‬‬
‫ولذا كان المام الزهري (ت‪ 124‬هـ) يقول‪( :‬الديث ذكر‪ ،‬يبه ذكور الرجال‪ ،‬ويكرهه‬
‫مؤنثوهم) ([‪ .)]13‬ومعن هذا أن الديث يتاج إل عقل فحل ف عزم وحزمه وإصراره وقوته‪ ،‬ول‬
‫ينفع معه العقل الضعيف التردد التحي اللول ؛ وهذا غي الذكاء وسرعة الفهم‪ ،‬فربا كان العقل‬
‫ذكيا لكنه ليس ذكرا!!‬
‫ولذلك فقد قل من ينجب ف علم الديث ويتميز‪ ،‬يوم أن كان طالبو الديث ألوفا! ويوم كانت‬
‫ألوفهم من الطراز الول من طلبة العلم!!‬
‫يقول شعيب بن حرب (ت‪ 197‬هـ)‪( :‬كنا نطلب الديث أربعة آلف‪ ،‬فما أنب منا إل أربعة)‬
‫([‪.)]14‬‬
‫ولا كثر من يطلب الديث ف زمن العمش‪ ،‬قيل له‪( :‬يا أبا ممد‪ ،‬ما ترى ؟! ما أكثرهم!! قال‪:‬ل‬
‫تنظروا إل كثرتم‪ ،،‬ثلثهم يوتون‪ ،‬وثلثهم يلحقون بالعمال (يعن الوظائف الكومية)‪ ،‬وثلثهم من‬
‫كل مائة يفلح واحد) ([‪.)]15‬‬
‫ولذا العمق ف علم الديث نى نقاد الديث عن شرح كثر من علل الروايات إل عند أهل الديث‪،‬‬
‫لا يشى من شرح ذلك على غي أهل الديث أن يكون سببا ف أن يفتتنوا أو يفتنوا!! من باب‪:‬‬
‫(حدثوا الناس با يعقلون‪ ،‬أتريدون أن يكذب ال ورسوله) ([‪ ،)]16‬وباب‪( :‬إنك لست مدثا قوما‬
‫بديث ل تبلغه عقولم‪ ،‬إل كان لبعضهم فتنة) ([‪!!)]17‬‬
‫يقول المام أبو داود السجستان (ت ‪275‬هـ) ف (رسالته إل أهل مكة)‪( :‬وربا أتوقف عن مثل‬
‫هذه (يعن‪ :‬إبراز العلل)‪ ،‬لنه ضرر على العامة لم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب‬
‫الديث‪ ،‬لن علم العامة يقصر عن ذلك ([‪.)]18‬‬
‫ويقول الطيب البغدادي (ت ‪463‬هـ)‪( :‬أشبه الشياء بعلم الديث معرفة الصرف ونقد الدناني‬
‫والدراهم‪ ،‬فإنه ل تعرف جودة الدينار والدرهم بلون ول مس‪ ،‬ول طراوة ول يبس‪ ،‬ول نقش‪ ،‬ول‬
‫صفة تعود إل صغر أو كب‪ ،‬ول إل ضيق أو سعة ؛ وإنا يعرفه الناقد عند العاينة‪ ،‬فيعرف البهرج‬

‫‪112‬‬
‫الزائف والالص والغشوش‪ .‬وكذلك تييز الديث‪ ،‬فإنه علم يلقه ال تعال ف القلوب‪ ،‬بعد طول‬
‫المارسة له‪ ،‬والعتناء به) ([‪.)]19‬‬
‫وقلبهما يقول عبد الرحن بن مهدي (ت ‪198‬هـ)‪( :‬معرفة الديث إلام) ([‪ ،)]20‬ويقول‬
‫أيضا‪( :‬إنكارنا الديث عند الهال كهانة) ([‪ .)]21‬ولا أنكر ابن مهدي حديثا رواه رجل‪،‬‬
‫غضب للرجل جاعة‪ ،‬وقالوا لبن مهدي‪( :‬من أين قلت هذا ف صاحبنا؟!) فلم يبي لم العلة‬
‫ل أتى بدينار إل صيف‪،‬‬ ‫الديثية الت جعلته ينكر على ذلك الرجل‪ ،‬وإنا قال لم‪( :‬أرأيت لو أن رج ً‬
‫فقال‪ :‬انتقد ل هذا‪ ،‬فقال الصيف‪ :‬هو برج‪ ،‬يقول له‪ :‬من أين قلت ل إنه برج ؟ (فأجاب ابن‬
‫مهدي على لسان الصيف)‪ :‬الزم عملي هذا عشرين سنة حت تعلم منه ما أعلم) ([‪.)]22‬‬
‫ويؤكد أيضا أحد بن صال الصري (ت ‪248‬هـ) أن علم الديث ل يفهمه إل أهله‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫(معرفة الديث بنلة معرفة الذهب‪ ،‬إنا يبصره أهله) ([‪.)]23‬‬
‫وبذلك يقرر هؤلء العلماء وغيهم من أئمة السنة أن علم الديث علم تصصي‪ ،‬ل يفهمه إل من‬
‫وفقه ال تعال إل صرف المة كلها له‪ ،‬ووقف الهد جيعه عليه‪ ،‬وقصر الياة على تعلمه وتصيله ؛‬
‫وما ذلك إل لنه علم شديد العمق بعيد الغور‪ ،‬كما سبق‪.‬‬
‫ومع ذلك‪:‬‬
‫ل يؤيسنك من مد تباعده‬
‫فإن للمجد تدريا وترتيبا‬
‫إن القناة الت شاهدت رفعتها‬
‫تسمو فتنبت أنبوبا فأنبوبا‬
‫وقال آخر‬
‫اصب على مضض الدلج بالسحر‬
‫وبالرواح على الاجات والبكر‬
‫ل تعجزن ول يضجرك مطلبها‬
‫فالنجح يتلف بي العجز والضجر‬
‫إن رأيت – وف اليام تربة ‪-‬‬
‫للصب عاقبة ممودة الثر‬
‫وقل من جد ف أمر يطالبه‬
‫واستصحب الصب إل فاز بالظفر‬
‫ومن رحة ال تعال ولطفه بعباده أن قرن بصعوبة علم الديث وشدته لذة وشهوة ومتعة عارمة‪،‬‬
‫تلك فؤاد طالبه‪ ،‬وتعله ينسى الدنيا با فيها‪ ،‬وتتركه بي رياض السنة جذلن هيمان‪ .‬إنا (شهوة‬

‫‪113‬‬
‫الديث)‪ ،‬تلك الشهوة الت صنعت الستحيلت‪ ،‬وتضاءلت أمامها كل العقبات‪ .‬ولول هذه الشهوة‬
‫لات علم الديث قبل أن يولد‪ ،‬ولتفتت هم الرجال على سفوح جباله‪ ،‬ولساحت العزائم العظام ف‬
‫صحاريه‪ ،‬ولغرقت عقول العباقرة ف لج باره‪ .‬لقد بلغت هذه الشهوة الديثية إل درجة أن خاف‬
‫بعض الئمة على أنفسهم من أن تتجاوز بم إل طرف مذموم من الغلو ف التعمق‪ ،‬إل درجة التقصي‬
‫ف حقوق الالق أو الخلوقي أو حق النفس‪ ،‬حيث إنا شهوة تفوق وله العاشقي (وهي أطهر)‪ ،‬وقد‬
‫فعلت بأصحابا من عجائب الفاعيل‪ ،‬ما قيدته حقائق التاريخ ؛ فلئن هام العاشقون على وجوههم‬
‫ف الصحاري‪ ،‬فلقد كانت الصحارى بعض ما قطعه الحدثون ف طلب الديث‪ ،‬ولئن تعرض‬
‫الولون لغية أهل الحبوبة من أجل نظرة عابرة منها‪ ،‬فلقد ركب الحدثون الهوال وعاشوا مع‬
‫الخطار من أجل كتابة حديث بإسناد عال كانوا قد كتبوه نازلً‪ ،‬ولئن تغرب الدنفون وراء مرابع‬
‫الحباب‪ ،‬فلقد هجر الحدثون الهل والولد والوطان إل غي رجعة‪ ،‬ولئن كان (منون ليلى)‬
‫وأضرابه بالعشرات‪ ،‬فإن أهل الديث بعشرات اللوف!!‬
‫إنا شهوة الديث‪ :‬الت حفظ ال تعال با الدين‪ ،‬وحى با السنة!!‬
‫يقول سفيان الثوري (ت ‪161‬هـ)‪( :‬فتنة الديث أشد من فتنة الذهب والفضة)([‪.)]24‬‬
‫فأنعم بذه الفتنة الت يتقر معها الدينار والدرهم!!!‬
‫ولصعوبة علم الديث قل أهله العارفون به كما سبق!‬
‫يقول المام البخاري (ت ‪256‬هـ)‪( :‬أفضل السلمي رجل أحي سنة من سنن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قد أميتت ؛ فاصبوا يا أصحاب السنن (رحكم ال)‪ ،‬فإنكم أقل الناس)‪.‬‬
‫فقال الطيب عقبه‪( :‬قول البخاري‪ :‬إن أصحاب السنن أقل الناس عن به الفاظ للحديث‪ ،‬العالي‬
‫بطرقه‪ ،‬الميزين لصحيحه من سقيمه‪ ،‬وقد صدق (رحه ال) ف قوله ؛ لنك إذا اعتبت ل تد بلدا‬
‫من بلدان السلم يلو من فقيه أو متفقه يرجع أهل مصره إليه‪ ،‬ويعولون فتاواهم عليه‪ ،‬وتد المصار‬
‫الكثية خالية من صاحب حديث عارف به‪ ،‬متهد فيه‪ ،‬وما ذاك إل لصعوبة علمه وعزته‪ ،‬وقلة من‬
‫ينجب فيه من سامعيه وكتبته‪ .‬وقد كان العلم ف وقت البخاري غضا طريا‪ ،‬والرتسام به مبوبا‬
‫شهيا‪ ،‬والدواعي إليه أكب‪ ،‬والرغبة فيه أكثر‪ ،‬وقال هذا القول الذي حكيناه عنه!!! فكيف نقول ف‬
‫هذا الزمان ؟!! مع عدم الطالب‪ ،‬و قلة الراغب!! وكأن الشاعر وصف قلة التخصصي من أهل‬
‫زماننا ف قوله‪:‬‬
‫وقد كنا نعدهم قليلً فقد صاروا أقل من القليل([‪)]25‬‬
‫وأقول‪ :‬رحم ال الطيب! فقد قامت الناحة على أهل الديث من قرون!!! وما عادوا قليلً ول أقل‬
‫من القليل ‪ ،‬بل هم عدم من دهور‪ ،‬تكاد – وال ‪ -‬آثارهم تنمحي‪ ،‬وأخبارهم تنسى‪( :‬وال غالب‬
‫على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون) [يوسف‪.]21 :‬‬

‫‪114‬‬
‫لكننا ننتزع من كلمة الطيب السابقة الروح الت قد تبعث موتى أهل الديث‪ ،‬وتنشرهم من‬
‫القبور ؛ إنه التخصص الدقيق العميق ف علم الديث‪ .‬إذ إن صعوبة علم الديث وشدة مأخذه‪ ،‬ل‬
‫يواجهها إل التخصص‪ ،‬ول ياوزنا عقبتها إل جع المة كلها ف تصيله والتفرغ الكامل له‪.‬‬
‫وقبل الديث عن حاجة علم الديث إل التخصص فيه‪ ،‬وأنه علم يستعصي على من قرن به غيه‪،‬‬
‫ول يقبل له عند طالبه ضرة‪ ،‬كالليل والنهار والدنيا والخرة ؛ قبل ذلك أتكلم عن أهية التخصص ف‬
‫جيع العلوم‪ ،‬وبيان أن التخصص منهج ضروري ل حياة ول بقاء للعلوم إل به‪.‬‬
‫وقد نبه العلماء قديا على أهية التخصص ف العلوم‪ ،‬فقال الليل ابن أحد الفراهيدي (ت‬
‫‪170‬هـ)‪( :‬إذا أردت أن تكون عالا فاقصد لفن من العلم‪ ،‬وإذا أردت أن تكون أديبا فخذ من‬
‫كل شيء أحسنه) ([‪.)]26‬‬
‫وقال أبو عبيد القاسم بن سلم (ت ‪224‬هـ)‪( :‬ما ناظرن رجل قط وكان مفننا ف العلوم إل‬
‫غلبته‪ ،‬ول ناظرن رجل ذو فن واحد إل غلبن ف علمه ذلك) ([‪.)]27‬‬
‫إن هذه العبارات وأمثالا من الئمة الدالة على فضل التخصص ف علم واحد على الامع لطراف‬
‫العلوم (أو على رأي الليل بن أحد‪ :‬الدالة على فضل العال على الديب التفنن)‪ ،‬جاءت لتؤكد أن‬
‫كل علم من العلوم بر من البحور‪ ،‬ل يعرفه ويصل إل كنوزه وخفاياه إل من غاص أعماقه‪ ،‬وقصر‬
‫حياته على الغوص فيه‪ .‬أما من اكتفى بالسباحة على ظهر كل بر من بور العلم‪ ،‬فإنه إنا عرف‬
‫ظواهر تلك البحور‪ ،‬وما عرف من كنوزها شيئا‪.‬‬
‫وأخص بالذكر أهل عصرنا‪ ،‬فإن العلوم قد ازدادت تشعبا‪ ،‬وعظم كل علم عما كان‪ ،‬بؤلفات أهله‬
‫فيه على امتداد العصور السابقة‪ ،‬وبزيادة اختلفهم وأدلة كل صاحب قول منهم ؛ ومع ذلك فقد‬
‫ضعفت المم‪ ،‬ونقصت القدرات عما علمناه من أئمتنا السالفي ؛ وذلك بي واضح لن عرف‬
‫سيهم وأخبارهم ووازن بينهما وبي حالنا؛ أولئك كانوا با تعلموا وعلموا وألفوا وجاهدوا وأمروا‬
‫بالعروف ونوا عن النكر كأن أعمارهم ليست بي الستي والسبعي وإنا بي مائة وستي ومائة‬
‫وسبعي!! بل وال أكثر!!! أولئك كانت حياتم كرامة‪ ،‬و وجهدهم معجزة خارقة للعادات!!! فأين‬
‫نن من أن نوي علومهم ؟! وأن لنا أن نستوعب علم ما خلفوه لنا ؟! ومع ذلك فقد تكلم هؤلء‬
‫أنفسهم عن فضل التخصص ف العلم‪ ،‬فما أجهلنا إن حسبنا أننا بغي التخصص سنفهم علما من‬
‫العلوم!!!‬
‫ولقد سبت بعض أحوال التعلمي‪ ،‬فوجدت أكثرهم علما وإنصافا وتواضعا‪ ،‬وأدقهم نظرا وفهما‪،‬‬
‫وأحسنهم تأليفا وإبداعا‪ :‬هم أصحاب التخصصات‪ .‬ف حي وجدت أقلهم علما وإنصافا‪ ،‬وأكثرهم‬
‫كبا وتعاليا وتعالا‪ ،‬وأبعدهم عن الفهم والتدقيق وعن البداع والحسان ف التأليف‪ :‬التفنني‬
‫أصحاب العلوم‪ ،‬أو سهم بالثقفي ؛ إل من رحم ربك‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ومن فضل صاحب التخصص الفضل الظاهر‪ ،‬الذي يقرن عليه النصف‪ ،‬أن صاحب التخصص ل‬
‫يثرب على التفنن‪ ،‬بل يراه أكثر أهلية منه ف أمور كإلقاء الحاضرات والدعوة ومواجهة العامة‪،‬‬
‫ويعتبه بذلك على ثغرة من ثغرات السلم‪ ،‬ويرى أن المة ف حاجة إل أمثاله‪ .‬وأما أصحاب‬
‫الفنون‪ ،‬فعلى الضد من ذلك‪ ،‬فهم أكثر الناس تثريبا وعيبا على التخصصي‪ ،‬ول يرون لم فضلً‬
‫عليهم ول ف العلم الذي تصصوا فيه‪ ،‬وينازعونم مسائلة (وهم با جهلء)‪ ،‬ويشنعون عليهم لعدم‬
‫معرفتهم ببعض ما ل يتخصصوا فيه‪.‬‬
‫ولك بعد هذا أن تكم‪ ،‬أي الفريقي أدخل ال ف قوله تعال (إن ال يب القسطي) ([‪.)]28‬‬
‫ول ما يلقيه أصحاب التخصصات من إخوانم التفنني!! من عدم فهم الخيين لتخصصاتم‪ ،‬مع‬
‫كلمهم فيها ومنازعتهم أهلها‪ ،‬بل قد يصل المر إل استغلل أصحاب الفنون علقتهم بالعامة‬
‫والغوغاء‪ ،‬وانبهار هؤلء بم‪ ،‬فيتطاولون على أصحاب التخصصات وعلى علومهم‪ ،‬با ل يؤل العال‬
‫شيء مثله‪ ،‬وهو الكلم بهل‪ ،‬وتشويه العلوم‪.‬‬
‫ومن فضل صاحب التخصص إذا وفقه ال تعال‪ ،‬أنه من أكثر الناس لقالة (ل أدري)‪ ،‬إذا سئل عن‬
‫غي تصصه‪ .‬ولذه القالة بركة ل يعرفها إل قليل‪ ،‬فهي باب التواضع الكبي‪ ،‬وباب للعلم أكب‪ .‬وأما‬
‫صاحب الفنون‪ ،‬فهو عن (ل أدري) أبعد ؛ لنه يضرب ف كل علم بسهم‪ ،‬وبكثي جوابه على أسئلة‬
‫العامة وأنصاف التعلمي‪ ،‬الت هي – ف الغالب – سؤالت عن الواضحات وعن ظواهر العلوم ؛‬
‫فينسى مع طول الدة (ل أدري)‪ ،‬ول يعتاد لسانه عليها‪ ،‬ول تنقهر نفسه لا ؛ لذلك فهو عن بركاتا‬
‫ليس بقريب!!‬
‫ث إن للعلم دقائق ل يعرف التفننون عنها شيئا‪ ،‬أما التخصصون فقد خبوها‪ ،‬وقادتم إل دقائق‬
‫الدقائق‪ .‬فهم فقهاء العلوم حقا‪ ،‬وأطباء الفنون صدقا‪.‬‬
‫يقول السن بن ممد بن الصباح الزعفران تلميذ الشافعي (ت ‪260‬هـ)‪( :‬سعت الشافعي يقول‪:‬‬
‫من تعلم علما فليدقق‪ ،‬لكيل يضيع دقيق العلم) ([‪.)]29‬‬
‫كذا نصائح الئمة‪ ،‬نور على نور!!‬
‫وأما الشافعي فقد كان آمنا من ضياع جليل العلم وعظمه‪ ،‬خائفا من ضياع دقيقة‪ .‬أما نن الن‬
‫فنقول‪( :‬من تعلم علما فليدقق‪ ،‬لكيل يضيع جليل العلم ) ؛ فدققوا يا بن إخوت ما شئتم من‬
‫التدقيق‪ ،‬فنحن مع تدقيقكم هذا لعلى جليل العلم وجلون!!!‬
‫وهنا أنبه على أن مطالبتنا بالتخصص ل يعن أن نطالب بذلك على حساب فروض العيان من‬
‫العلوم‪ ،‬كتصحيح العقيدة وعلم التوحيد الملي‪ ،‬وما يتاج إليه من فقه العبادات‪ ،‬وما شابها من‬
‫الفروض العينية من العلوم ؛ فهذا ما ل يوز على مسلم جهله‪ ،‬فضلً عن طالب العلم ؛ بل نن‬
‫نطالب طالب العلم با فوق ذلك‪ ،‬وهو أن ل يكون جاهلً بنفع كل علم نافع (ول أقول أن يكون‬

‫‪116‬‬
‫عالا بكل علم نافع‪ ،‬فهذا ضد ما أحث عليه ) ؛ لن الهل بنفع علم ذي علم فائدة دنيوية أو‬
‫أخروية يدعو إل معاداة ذلك العلم‪ ،‬على قاعدة‪ :‬من جهل شيئا عاداه ؛ ويقبح بطالب العلم أن‬
‫يعادي علما نافعا‪ ،‬مهما قل نفعه ف رأيه‪ ،‬فإنه ل ينقص على أن يكون فرضا كفائيا‪.‬‬
‫وما أجل وصية خالد بن يي بن برمك (ت ‪165‬هـ) لبنه‪ ،‬عندما قال له‪( :‬يا بن‪ ،‬خذ من كل‬
‫علم بظ‪ ،‬فإنك إن ل تفعل جهلت‪ ،‬وإن جهلت شيئا من العلم عاديته‪ ،‬وعزيز علي أن تعادي شيئا‬
‫من العلم) ([‪.)]30‬‬
‫وأخص من العلوم ما يقبح بطالب العلم جهله العلوم السلمية جيعا‪ ،‬كعلم الفقه وأصوله والتفسي‬
‫وأصوله والعقيدة وعلوم اللة من نو وصرف وبلغة وأدب‪ ،‬ما ينبغي على طالب علم الديث‬
‫التخصص أن يصل شيئا منها‪ .‬وضابط تصيله لذه العلوم (حت ل يناقض ذلك مطالبت له‬
‫بالتخصص) أن يعل مقصوده من طلبه لذه العلوم تكميل استفادته لتخصصه وعميق فهمه له ؛‬
‫حيث إن العلوم السلمية بينها ترابط كبي‪ ،‬ل يكن من أراد التخصص ف علم منها أن يكون جاهلً‬
‫تام الهل با سواه‪ .‬بل ربا قادته مسألة دقيقة ف علم الديث (مثلً) إل التدقيق ف مسألة من‬
‫مسائل أصول الفقه أو غيه‪ ،‬حت يرج بنتيجة ف مسألته الديثية‪ .‬وليس ذلك بغريب على من عرف‬
‫العلوم السلمية‪ ،‬وقوة ما بينها من أواصر القرب العلمية‪.‬‬
‫ولزيد المر إيضاحا أقول‪ :‬كيف يتسن لطالب الديث أن يعرف الصواب ف إحدى مشاهي‬
‫مسائله ؟ وهي مسألة الرواية عن أهل البدع وحكمها‪ ،‬إذا ل يكن عارفا بالسنة والبدعة‪ ،‬وبصنوف‬
‫البدع وأقسام البتدعة‪ ،‬وبالغال منهم ومن بدعته غليظة ومن يكفر ببدعته من هو بلف ذلك ؛‬
‫وهذا كله باب من أبواب العقيدة عظيم‪.‬‬
‫وكيف يكن لطالب الديث أن ييز بي الروايات الختلفة‪ ،‬مثل زيادات الثقات‪ :‬مقبولا ومردودها‪،‬‬
‫والشاذة منها والنكرة‪ ،‬والناسخة والنسوخة‪ ،‬والراجحة والرجوحة‪ ،‬إذا ل يكن عنده أصول الفقه‬
‫والقدرة على الستنباط والفهم للنصوص ما يتيح له الكم ف ذلك كله ؟!‬
‫الهم أن يأخذ من العلوم الت ل يتخصص فيها‪ ،‬بقدر ما يدم العلم الذي تصص فيه‪ ،‬ول يزيد على‬
‫ذلك‪ ،‬وإل ل يصبح متخصصا‪ ،‬وإنا يكون متفننا‪.‬‬
‫وطريقة تصيله لتلك العلوم الت ل ينوي التخصص ف واحد منها‪ ،‬ما ل يرجه عن حد التخصص‬
‫إل حد التفنن‪ ،‬هي أن يدرس متصرا من متصرات تلك العلوم‪ ،‬تكنه من مراجعة مطولت تلك‬
‫الفنون‪ ،‬فيما إذ أحوجه علمه الذي تصص فيه إل ذلك‪ ،‬كما سبق التمثيل له‪ .‬وعليه أيضا أن ل‬
‫يقطع صلته بعلماء تلك العلوم التخصصي فيها‪ ،‬وأن يصوب فهمه من علومهم عليهم‪ ،‬وأن ل يستبد‬
‫بشيء من علمهم دون الرجوع إليهم‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وأما التخصص ف علم الديث‪ ،‬فقد سبق أنه من أحوج العلوم إل التخصص فيه‪ ،‬لشدة عمقه وسعة‬
‫بور وامتداد آفاقه‪ .‬مع ذلك فعندي ف مشروعية التخصص فيه (ولو على حساب الفقه!) سنة ثابتة‬
‫وحديث صحيح مشهور! وهو قول النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬نضر ال امرأً سع منا مقالة فحفظها‪،‬‬
‫فأداها كما سعها‪ ،‬فرب حامل فقه ل فقه له‪ ،‬ورب حامل فقه إل من هو أفقه منه) ([‪.)]31‬‬
‫و (نضر) بتخفيف الضاد وتشديدها‪ :‬من النضارة‪ ،‬وهي السن والرونق والبهاء‪ .‬فالنب صلى ال عليه‬
‫وسلم يدعو لراوي الديث بالسن والبهاء مطلقا‪ ،‬ف الدنيا والخرة‪ .‬وقيل إن العن‪ :‬أبلغه ال تعال‬
‫نضارة النة‪.‬‬
‫وراوي الديث الذي دعا له النب صلى ال عليه وسلم بالنضارة‪ :‬هو رواية باللفظ‪ ،‬ولو كان ل يفهم‬
‫كل معان الديث (ورب حامل فقه إل من هو أفقه منه) ولو كان ل فهم له ف الديث أبدا (رب‬
‫حامل فقه ل فقه له)!!‬
‫وهذا يدل على مشروعية رواية الديث دون فقه‪ ،‬بل يدل على استحباب ذلك؛ ويدل على أن رواي‬
‫الديث دون علمه بفقهه ممود غي مذموم‪ ،‬وأنه مستحق بفعله هذا دعوة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫له‪.‬‬
‫وقد تعقب الرامهرمزي (ت ‪360‬هـ) هذا الديث ف كتابه (الحدث الفاصل بي الراوي‬
‫والواعي) بقوله‪( :‬ففرق النب صلى ال عليه وسلم بي ناقل السنة وواعيها‪ ،‬ودل على فضل الواعي‬
‫بقوله‪( :‬فرب حامل فقه إل من هو أفقه منه‪ ،‬ورب حامل فقه غي فقه)‪ .‬وبوجوب الفضل لحدها‬
‫يثبت الفضل للخر ([‪ )]32‬؛ ومثال ذلك أن تثل بي مالك بن أنس وعبيد ال العمري‪ ،‬وبي‬
‫الشافعي وعبد الرحن بن مهدي‪ ،‬وبي أب ثور وابن أب شيبة ([‪ ،)]33‬فإن الق يقودك إل أن‬
‫تقضي لكل واحد منهم بالفضل‪.‬‬
‫وهذا طريق النصاف لن سلكه‪ ،‬وعلم الق لن أمه ول يتعده) ([‪.)]34‬‬
‫ورحم ال السلف! فقد كانوا أسبق إل كل خي وعلم وإنصاف ؛ ولذا لا روى مطر بن طهمان‬
‫الوراق (ت ‪125‬هـ فيما يقال) حديثا‪ ،‬وسئل عن معناه‪ ،‬قال‪( :‬ل أدري‪ ،‬إنا أنا زاملة)‪ ،‬فقال له‬
‫ل منصفا – (جزاك ال خيا‪ ،‬فإن عليك من كل‪ :‬حلو وحامض) ([‪.)]35‬‬ ‫السائل – وكان عاق ً‬
‫وانظر إل إجلل السلف لرواة الديث‪ ،‬ف العبارة التالية‪ :‬يقول ممد بن النكدر (ت ‪130‬هـ)‪:‬‬
‫(ما كنا ندعو الراوية إل رواية الشعر‪ ،‬وما كنا نقول للذي يروي أحاديث الكمة إل‪ :‬عال) ([‬
‫‪.)]36‬‬
‫وما سبق إليه السلف من العلم والي والق‪ ،‬التنبيه إل أن علم الديث علم ل يقبل الشركة ول‬
‫توزيع المة على غيه معه‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫يقول الربيع بن سليمان الرادي (ت ‪270‬هـ) تلميذ الشافعي‪( :‬مر الشافعي بيوسف بن عمرو بن‬
‫يزيد (وكان من كبار فقهاء الالكية‪( :‬ت ‪250‬هـ)‪ ،‬وهو يذكر شيئا من الديث‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫يوسف‪ ،‬تريد أن تفظ الديث وتفظ الفقه ؟!! هيهات!!!"([‪.)]37‬‬
‫وقد قدم الطيب هذه الكلم من الشافعي‪ ،‬وهو يصف الذي يبع ف علم الديث بقوله‪" :‬أن يعان‬
‫علم الديث دونا سواه لنه علم ل يعلق إل بن وقف نفسه عليه‪ ،‬ول يضم غيه من العلوم إليه" ([‬
‫‪.)]38‬‬
‫ث أخرج الطيب عقب ذلك العبارتي التاليتي‪:‬‬
‫يقول أبو يوسف القاضي (ت‪182‬هـ)‪" :‬العلم شيء ل يعطيك بعضه حت تعطيه كلك وأنت إذا‬
‫أعطيته كلك من إعطائه البعض على غرر" ([‪.)]39‬‬
‫ويقول أبو أحد نصر بن أحد العياضي الفقيه السمرقندي‪" :‬ل ينال هذا العلم إل من عطل دكانه‪،‬‬
‫وخرب بستانه‪ ،‬وهجر إخوانه‪ ،‬ومات أقرب أهله إليه فلم يشهد جنازته"([‪.)]40‬فإن كانت هاتان‬
‫العبارتان حقا ف العلوم جيعها‪ ،‬فهي ف علم الديث أول أن تقال وأحق‪ .‬وهذا هو ما قصده‬
‫الطيب‪ ،‬عندما ساقها ف ذلك السياق‪.‬‬
‫وللتخصص ف كل العلوم معناه‪ ،‬وف علم الديث له معناه الاص به ؛ فهو تصص ل يقبل‬
‫النقطاع إل غيه‪ ،‬مهما طال زمن التفرغ ف تصيله‪ ،‬ومهما ظن طالبه أنه تل منه وتضلع‪ .‬لنه‬
‫خبة دقيقة وحاسة لطيفة‪ ،‬ل تدوم إل مع بقاء اللتصاق بالعلم‪ .‬وسرعان ما تفسد تلك البة‪،‬‬
‫وتتعطل تلك الاسة‪ ،‬إذا انقطع الطالب عن العلم فترة يسية‪.‬‬
‫يقول ف بيان ذلك عبدالرحن بن مهدي (ت ‪198‬هـ)‪" :‬إنا مثل صاحب الديث بنلة‬
‫السمسار‪ ،‬إذا غاب عن السوق خسة أيام تغي بصرة ([‪.)]41‬‬
‫وبلسان أهل عصرنا‪ :‬إنا مثل صاحب الديث بنلة تاجر العملت‪ ،‬ل يستطيع أن يستفيد ويربح‪،‬‬
‫إل إذا كان متابعا لسواق العملت‪ ،‬دون انقطاع ؛ فإذا انقطع يوما واحدا‪ ،‬أصبح كالاهل بذا‬
‫السوق تاما‪ ،‬وكأنه ل يكن عليما به يوما من اليام! لنه ل يستطيع أن يشتري أو يبيع‪ ،‬لعدم علمه‬
‫باختلف أسعار العملت الذي يتبدل كل ساعة‪.‬‬
‫ولذلك ل يعل المام أحد (ت‪241‬هـ) لطلب الديث زمنا ينتهي عنده‪ ،‬ول يوقت له فترة‬
‫يعلها حده ؛ عندما سئل‪" :‬إل مت يكتب الرجل الديث ؟ قال‪ :‬حت يوت ([‪.)]42‬‬
‫فإن قيل‪ :‬قد جاءت عبارات كثية ف كتب العلم‪ ،‬تدل على ذم من ل يمع مع الديث فقها‪ ،‬أو‬
‫على ذم إفناء العمر ف جع طرق الحاديث وتتبع السانيد‪.‬‬
‫فمن الول‪ ،‬قول القائل‪:‬‬
‫زوامل للسفار ل علم عندهم‬

‫‪119‬‬
‫بيدها إل كعلم الباعر‬
‫لعمرك ما يدري البعي إذا غدا‬
‫بأحاله أو راح ما ف الغرائر‬
‫ومن الثان‪ :‬قصة حزة بن ممد الكنان الافظ (ت‪357‬هـ)‪ ،‬قال‪" :‬خرجت حديثا واحدا عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم من مائت طريق‪ ،‬أو من نو مائت طريق‪ ،‬فداخلن من ذلك الفرح غي قليل‪،‬‬
‫وأعجبت بذلك‪ .‬قال‪ :‬فرأيت ليلة من الليال يي بن معي ف النام‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا أبا زكريا‪ ،‬خرجت‬
‫حديثا واحدا عن النب صلى ال عليه وسلم من مائت طريق! قال‪ :‬فسكت عن ساعة‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫أخشى أن يدخل هذا تت (ألكم التكاثر) ([‪.)]44[( " )]43‬‬
‫فما هو معن تلك العبارات ؟ مع ما ندعو إليه من التخصص ف علم الديث‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬أما ما جاء ف ذم من ل يمع مع الديث فقها‪ ،‬فل يعارض كلم من كان من الناس بقوله‬
‫النب صلى ال عليه وسلم الذي سبق ذكره‪ ،‬ما يدل على مشروعية بل استحباب ما عابه ذلك‬
‫العائب‪.‬‬
‫ث إن الذي صدر منه ذلك الذم أحد رجلي‪ :‬إما أنه من أهل العلم والفضل‪ ،‬وحينها يمل كلمه‬
‫على ذم من قصر فيما ل يوز التقصي فيه من الفقه بالفروض العينية ونوها‪ ،‬ما تقدم ذكره‪ .‬وإما أن‬
‫هذا الذام من أهل الرأي وأصحاب البدع‪ ،‬الذين يعادون السنة وأهلها‪ ،‬وينفرون من علومها ؛‬
‫وهؤلء ل وزن لدحهم وذمهم‪ ،‬بل ربا كان ذمهم مرجحا كفة الذموم على المدوح منهم!!‬
‫وأما ما ورد من عيب إفناء العمر ف تتبع طرق الحاديث وجع السانيد‪ ،‬فليس المر على إطلقه‪.‬‬
‫فهذا يي بن معي الذي رآه حزة الكنان يذم فعله ف ذلك‪ ،‬يقول يي بن معي هذا‪" :‬لو ل نكتب‬
‫الديث من ثلثي وجها ما عقلناه" ([‪.)]45‬‬
‫ويقول المام أحد‪" :‬الديث إذا ل تمع طرقه ل تفهمه‪ ،‬والديث يفسر بعضه بعضا" ([‪.)]46‬‬
‫وقال علي بن الدين‪" :‬الباب إذا ل تمع طرقه‪ ،‬ل يتبي خطؤه" ([‪.)]47‬‬
‫إذن ما هو المر العيب ف تتبع الطرق وجع السانيد ؟‬
‫أجاب عن ذلك الطيب البغدادي ف كتبه‪ ،‬وحصر سبب عيب ذلك ف أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬جع الحاديث وقطع العمار ف كتابتها‪ ،‬صحيحها وضعيفها وموضوعها‪ ،‬دون تييز‬
‫الصحيح بزيد اعتناء‪ ،‬ول معرفة الضعيف بعلته‪ ،‬ول التنبيه على الكذوب والباطل ؛ فهو جع‬
‫وتصنيف على الهال والغفال‪ ،‬يضر أكثر ما ينفع‪.‬‬
‫يقول الطيب ف (الامع لخلق الراوي وآداب السامع)‪" :‬ينبغي للمنتخب أن يقصد تي السانيد‬
‫العالية‪ ،‬والطرق الواضحة‪ ،‬والحاديث الصحيحة‪ ،‬والروايات الستقيمة‪ .‬ول يذهب وقته ف الترهات‪،‬‬
‫من تتبع الباطيل والوضوعات‪ ،‬وتطلب الغرائب والنكرات … (ث قال) والغرائب الت كره العلماء‬

‫‪120‬‬
‫الشتغال با‪ ،‬وقطع الوقات ف طلبها‪ ،‬إنا هي ما حكم أهل العرفة ببطلنه‪ ،‬لكون رواته من يضع‬
‫الديث‪ ،‬أو يدعي السماع‪ .‬أما ما استغرب لتفرد رواية به‪ ،‬وهو من أهل الصدق والمانة‪ ،‬فذلك‬
‫يلزم كتبه‪ ،‬ويب ساعه وحفظه" ([‪.)]48‬‬
‫وقال الطيب أيضا‪" :‬ولو ل يكن ف القتصار على ساع الديث وتليده الصحف‪ ،‬دون التمييز‬
‫بعرفة صحيحة من فاسده‪ ،‬والوقوف على اختلف وجوهه‪ ،‬والتصرف ف أنواع علومه‪ ،‬إل تلقيب‬
‫العتزلة القدرية من سلك تلك الطريقة بالشوية ؛ لوجب على الطالب النفة لنفسه‪ ،‬ودفع ذلك عنه‬
‫وعن أبناء جنسه" ([‪.)]49‬‬
‫الثان‪ :‬يقول ف بيانه الطيب ف (شرف أصحاب الديث)‪" :‬إنا كره مالك وابن إدريس وغيها‬
‫الكثار من طلب السانيد الغريبة والطرق الستنكرة‪ ،‬كأسانيد‪( :‬حديث الطائر‪ ،‬وطرق حديث‬
‫الغفر‪ ،‬وغسل المعة‪ ،‬وقبض العلم‪ ،‬وإن أهل الدرجات‪ ،‬ومن كذب علي‪ ،‬ول نكاح إل بول‪..‬‬
‫وغي ذلك‪ ،‬ما يتتبع أصحاب الديث طرقه‪ ،‬ويعنون بمعة ؛ والصحيح من طرقه أقلها‪ .‬وأكثر من‬
‫يمع ذلك‪ :‬الحداث منهم‪ ،‬فيتحفظونا ويذاكرون با‪ .‬ولعل أحدهم ل يعرف من الصحاح حديثا‬
‫وتراه يذكر من الطرق الغريبة والسانيد العجيبة الت أكثرها موضوع وجلها مصنوع‪ ،‬ما ل ينتفع به‪،‬‬
‫وقد أذهب من عمره جزءا ف طلبه‪ .‬وهذه العلة هي الت اقتطعت أكثر من ف عصرنا من طلبه‬
‫الديث عن التفقه به‪ ،‬واستنباط ما فيه من الحكام‪ .‬وقد فعل متفقهة زماننا كفعلهم‪ ،‬وسلكوا ف‬
‫ذلك سبيلهم‪ ،‬ورغبوا عن ساع السنن من الحدثي‪ ،‬وشغلوا أنفسهم بتصانيف التكلمي‪ .‬فكل‬
‫الطائفتي ضيع ما يعنيه‪ ،‬وأقبل على مال فائدة فيه" ([‪.)]50‬‬
‫فبي الطيب أن سبب كراهة مالك وغيه لتتبع الطرق وجع السانيد من طلبة الديث‪ ،‬ل لنه تتبع‬
‫وجع وحسب‪ ،‬ولكنه جع لطرق أحاديث صحيحة أصلً‪ ،‬وليس هناك أي فائدة زائدة من تتبع‬
‫أسانيدها الخرى الت قد يكون أغلبها ضعيفا أو باطلً‪ .‬ومثال ذلك ف عصرنا‪ :‬ذاك الذي سود‬
‫صفحات طويلت ف تريج حديث واحد‪ ،‬متوسعا غاية التوسع ف ذكر مصادر العزو‪ ،‬من مسانيد‬
‫ومعاجم ومشيخات وأجزاء وتواريخ‪ ،‬مع أن الديث صححه الشيخان من قبل‪ ،‬ولعله وافقهما على‬
‫تصحيحه أئمة آخرون‪ ،‬ول مالف لم ف تصحيحه ؛ فيخرج أخونا هذا‪ ،‬دون أي فائدة زائدة على‬
‫ما كان قد بدأ به‪ ،‬عندما عزا الديث للصحيحي ‪ ،‬وهو أن الديث صحيح!!‬
‫ث إنه ل تتحقق كراهية ذلك المع للسانيد إل بشرط‪ ،‬وهو إذا ما كان الامع لا من أحداث طلبة‬
‫العلم وصغارهم‪ ،‬من ل يصلوا إل درجة معرفة قدر جيد من صحيح السنة‪ ،‬فتنقطع أعمارهم ف جع‬
‫تلك السانيد‪ ،‬ولعل أحدهم ل يعرف حديثا صحيحا (كما يقول الطيب)‪ ،‬فذهب عمره فيما ل‬
‫ينتفع به‪ .‬فمثل هذا ل تصص ف الديث‪ ،‬ول تعلم الفقه ؛ ولذلك عاب عليهم الطيب انشغالم‬
‫عن الفقه با هم فيه‪ ،‬فالفقه أجل وأشرف بكثي ما هم فيه‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫ولذلك قال علي بن الدين‪( :‬إذا رأيت طالب الديث أول ما يكتب الديث يمع‪ :‬حديث الغسل‪،‬‬
‫وحديث من كذب علي ؛ فاكتب على قفاه‪ :‬ل يفلح " ([‪.)]51‬‬
‫أما إذا كان الامع لطرق الديث (ولو كان أصل الديث صحيحا بأقل تلك الطرق أو بواحد منها)‬
‫من الئمة الكبار ف السنة‪ ،‬الذين هم أو ًل أئمة ف الطلع على صحيح السنة والثابت منها‪ ،‬وف تييز‬
‫القبول من الردود‪ ،‬وهم ثانيا ل يقطعوا أعمارهم ف جع تلك السانيد‪ ،‬بدليل إمامتهم واطلعهم‬
‫العظيم على السنة ؛ فهؤلء لو جعوا أسانيد حديث صحيح بأحد تلك السانيد‪ ،‬أي لو قاموا بثل ما‬
‫عبناه على الحداث الصغار ف العلم‪ ،‬لا عبناهم بذلك‪ ،‬بل نفرح بهدهم هذا‪ ،‬ونعتبه من النفائس‬
‫والعلق؛ وذلك لن جعهم السانيد ل يكن على حساب كمال علمهم بالسنة‪ ،‬ول يشغلهم عما‬
‫ينتفعون به من الحاديث الصحيحة وتييزها عن السقيمة‪ .‬ولذلك فإن الحاديث الت مثل با‬
‫الطيب ما يعاب على الحداث جعه‪ ،‬ل يكاد يوجد حديث منها إل قام بمع طرقه حفاظ كبار‬
‫وأئمة أعلم من يقتدي بم‪.‬‬
‫فحديث الطي للمام الذهب فيه مصنف‪.‬‬
‫وحديث غسل المعة جع طرقه الافظ ابن حجر‪ ،‬كما نقله الزبيدي ف (لقط اللل التناثرة)‪.‬‬
‫وحديث (من كذب علي) جع طرقه الطبان وابن الوزي‪.‬‬
‫وحديث (ل نكاح إل بول) جع طرقه شرف الدين الدمياطي‪.‬‬
‫بل إن الطيب نفسه ذكر جل هذه الحاديث‪ ،‬ف سياق ما ينصح بمعه‪ ،‬اقتداء بالحدثي الذين‬
‫جعوا تلك الحاديث ([‪ .)]52‬ومن قبله ذكرها الاكم ف كتابه (معرفة علوم الديث)‪ ،‬ف نوع‬
‫خاص با ([‪.)]53‬‬
‫وخلصة ما سبق‪ ،‬فيما يلم عليه طالب الديث وما ل يلم عليه من التدقيق ف العلم‪ ،‬هو أنه يلم ف‬
‫قضاء العمر‪ :‬ف جع الباطيل والناكي‪ ،‬وعدم تييزها عن الصحاح الشاهي ؛ وف تتبع أسانيد حديث‬
‫صحيح بأحد تلك الطرق‪ ،‬ول فائدة ف تتبع السانيد الخرى‪ ،‬إل انقضاء الياة دون معرفة قدر‬
‫كبي من صحيح السنة وتعلم علوم الديث‪.‬‬
‫أما اللوم على التدقيق ف العلم مطلقا‪ ،‬فهو من أعظم الصواد عن العلم‪ ،‬ومن أكب الدواعي إل الهل‬
‫؛ وإل فمت يصل طالب العلم إل مصاف العلماء ؟ إذا ل يدقق التدقيق الذي بسب مرتبته من العلم‪،‬‬
‫والذي هو من باب الترقي ف التعلم والتدرج فيه ؛ من هو فهم رؤوس السائل‪ ،‬إل فهم فروع‬
‫السائل‪ ،‬إل التفقه ف العلم وأدلته وأصوله‪ ،‬إل الجتهاد فيه والستنباط‪ .‬وقد سبقت عبارة المام‬
‫الشافعي‪ ،‬الت يقول فيها‪( :‬من تعلم علما فليدقق‪ ،‬لكيل يضيع دقيق العلم)‪.‬‬
‫وإنا أطلت هذه الطالة ف الث على التخصص‪ ،‬وف علم الديث خاصة‪ ،‬لكثرة من يعيب ذلك!!‬
‫وف هؤلء العائبي من نسن به الظن‪ ،‬وغالبهم من إخواننا التفنني‪ ،‬كما سبق!!‬

‫‪122‬‬
‫وأطلت هذه الطالة أيضا‪ ،‬لزيد احتياج علم الديث إل التخصص الدقيق حقيقة‪ ،‬وإل التعمق فيه ؛‬
‫وخاصة ف هذه العصار ؛ فأين هم نقاده وصيارفته ؟! وأين هم أطباء علله ؟!!‬
‫اليزة الثانية‪:‬‬
‫أنه علم مع كثرة أجزائه وتشعب أطرافه‪ ،‬وإل أنه علم مترابط بقوة‪ ،‬متداخل الصول والقواعد‪،‬‬
‫فتجد كل جزئية منه تنبن وتتصل بأغلب أو بكثي من أصول وفروع العلم كله‪ .‬وهذه اليزة ف‬
‫القيقة هي صورة من صور اليزة الول‪ ،‬فهي صورة من صور صعوبة علم الديث وشدة مأخذه‪.‬‬
‫فهي لذلك تواجه أيضا بالتخصص‪ ،‬كما ذكرناه سابقا‪.‬‬
‫لكنها تستلزم اتباع أسلوب معي ف التخصص‪ ،‬واستخدام طريقة خاصة ف التعلم‪.‬‬
‫فإن تشعب أطراف العلم وكثرتا‪ ،‬مع قوة ترابط ما بينها‪ ،‬وتداخلها بأصول العلم وقواعده ؛ ل‬
‫يواجه ذلك ويتجاوز هذه العقبة إل الستحضار الواسع ف الذهن لتلك الطراف والصول الكثية‬
‫التشعبة‪ ،‬وهذا مال يكون إل بالفظ والفهم‪.‬‬
‫ولهية هذا الستحضار الذهن لسائل هذا العلم وجزئياته‪ ،‬حرص علماء الديث على أن ينبهوا إل‬
‫أهية الفظ وضرورته ف علم الديث‪ ،‬ووضعوا مناهج للحفظ‪ ،‬وبينوا السباب الت يستعي با‬
‫طالب الديث ف الفظ‪.‬‬
‫ولذلك تيز الحدثون بالفظ دون علماء الفنون الخرى جيعا ؛ ويقول الطيب ف التدليل لذلك‪:‬‬
‫(الوصف بالفظ على الطلق ينصرف إل أهل الديث خاصة‪ ،‬وهو سة لم ل تتعداهم‪ ،‬ول‬
‫يوصف به أحد سواهم ؛ لن الراوي يقول‪ :‬حدثنا فلن الافظ‪ ،‬فيحسن منه إطلق ذلك‪ ،‬إذ كان‬
‫مستعملً عندهم يوصف به علماء أهل النقل ونقاده‪ .‬ول يقول القارئ‪ :‬لقنن فلن الافظ‪ ،‬ول يقول‬
‫الفقيه‪ :‬درسن فلن الافظ‪ ،‬ول يقول النحوي‪ :‬علمن فلن الافظ‪ .‬فهي أعلى صفات الحدثي‪،‬‬
‫وأسى درجات الناقلي" ([‪.)]54‬‬
‫وحث الحدثون على الفظ‪ ،‬حت قال عبد الرزاق الصنعان (ت ‪211‬هـ)‪" :‬كل علم ل يدخل مع‬
‫صاحبه المام (يعن يكون مفوظا ف الصدر)‪ ،‬فل تعده علما"([‪.)]55‬‬
‫وأنشد قائلهم‪:‬‬
‫ليس بعلم ما حوى القمطر‬
‫ما العلم إل ما حواه الصدر‬
‫فذاك فيه شرف وفخر‬
‫وزينة جليلة وقدر‬
‫فمن السباب الت يستعان با ف حفظ الديث‪:‬‬
‫الول حسن النية‪:‬‬

‫‪123‬‬
‫فإنا مفتاح كل خي‪ ،‬وسبب التوفيق والتيسي والبكة ف العلم‪.‬‬
‫وأورد الطيب ف هذا الباب أثر ابن عباس – رضي ال عنهما – أنه قال‪( :‬إنا يفظ الرجل على‬
‫قدر نيته) ([‪.)]56‬‬
‫وقال معمر بن راشد (ت ‪154‬هـ)‪" :‬كان يقال‪ :‬إن الرجل ليطلب العلم لغي ال فيأب عليه العلم‪،‬‬
‫حت يكون ل عز وجل" ([‪.)]57‬‬
‫الثان‪ :‬اجتناب ارتكاب الحرمات ومواقعة الحظورات‪:‬‬
‫قال عبد ال بن مسعود – رضي ال عنه ‪" :-‬إن لحسب الرجل ينسى العلم‪ ،‬بالطيئة يعلمها" ([‬
‫‪. )]58‬‬
‫وقال رجل للمام مالك‪" :‬يا أبا عبد ال‪ ،‬هل يصلح لذا الفظ شيء ؟ قال‪ :‬إن كان يصلح له شيء‪،‬‬
‫فترك العاصي" ([‪.)]59‬‬
‫وف البيات الشهورة‪:‬‬
‫شكوت إل وكيع سوء حفظي‬
‫فأرشدن إل ترك العاصي‬
‫وقال بأن حفظ العلم نور‬
‫ونور ال ل يؤتاه عاصي‬
‫الثالث‪ :‬العمل بالديث الذي يرويه ويفظه‪:‬‬
‫قال سفيان الثوري‪( :‬العلم يهتف بالعمل‪ ،‬فإن أجابه وإل ارتل) ([‪.)]60‬‬
‫وقال جاعة من السلف‪ ،‬منهم الشعب ووكيع‪( :‬كنا نستعي على حفظ الديث بالعمل به) ([‬
‫‪.)]61‬‬
‫والسبب الذي من أجله كان العلم بالديث مثبتا الفظ‪ ،‬يظهر جليا ف أن العمل بالديث يعل‬
‫معان الديث واقعا عمليا‪ ،‬والحسوسات أثبت ف الذهن من العنويات‪ .‬وأهم من ذلك أن العمل‬
‫بالعلم سبب لتوفيق ال تعال إل العلم والزيادة منه‪ ،‬وكما قال تعال‪( :‬واتقوا ال ويعلمكم ال ) ([‬
‫‪.)]62‬‬
‫الرابع‪ :‬اغتنام الوقات الناسبة ف اليوم للحفظ‪:‬‬
‫وهذا أمر يتلف فيه الشخاص‪ ،‬باختلف أحوالم وظروف طلبهم للمعاش وغي ذلك‪ .‬غي أن الذي‬
‫يذكره أهل التجربة‪ ،‬هو أن أفضل الوقات للحفظ‪ :‬الليل عموما‪ ،‬والفجر ‪ ،‬ويصون من الليل آخره‬
‫وهو وقت السحر‪ ،‬بشرط أن يكون طالب العلم قد نام من أول الليل‪ ،‬وأخذ حاجته من النوم‪.‬‬
‫ومن جيل الوصايا ف ذلك‪ ،‬ما ذكر من أن النذر قال للنعمان ابنه "يا بن‪ ،‬أحب لك النظر ف الدب‬
‫بالليل‪ ،‬فإن القلب بالنهار طائر‪ ،‬وبالليل ساكن‪ ،‬وكلما أوعيت فيه شيئا علقه" ([‪.)]63‬‬

‫‪124‬‬
‫فتعقب الطيب البغدادي هذه الوصية بقوله "إنا اختاروا الطالعة بالليل للو القلب‪ ،‬فإن خلوه يسرع‬
‫إليه الفظ‪ ،‬ولذا (لا) قيل لماد بن زيد‪ :‬ما أعون الشياء على الفظ ؟ قال‪ :‬قلة الغم‪( .‬قال‬
‫الطيب( وليس تكون قلة الغم إل مع خلو السر وفراغ القلب‪ ،‬والليل أقرب الوقات إل ذلك" ([‬
‫‪. )]64‬‬
‫وقال إساعيل بن أب أويس‪" :‬إذا همت أن تفظ شيئا‪ ،‬فنم‪ ،‬ث قم عند السحر‪ ،‬فأسرج‪ ،‬وانظر فيه‪،‬‬
‫فإنك ل تنساه – بعد إن شاء ال") [‪. (]65‬‬
‫الامس‪ :‬اغتنام فترة الصبا والشباب‪:‬‬
‫واشتهرت كلمة السن البصري الت يقول فيها‪" :‬طلب الديث ف الصغر كالنقش ف الجر" ([‬
‫‪ ،)]66‬وذاد بعضهم ما معناه‪ :‬والعلم ف الكب كالنقش ف النهر ([‪.)]67‬‬
‫ولذلك كان السلف يبكرون بأولدهم إل مالس الديث‪ ،‬حت قال عبد ال بن داود الريب (ت‬
‫‪213‬هـ)‪" :‬ينبغي للرجل أن يكره ولده على ساع الديث" ([‪.)]68‬‬
‫وقال علقمة بن قيس النخعي (ت‪62‬هـ)‪ ،‬ف بيان قوة حافظة الشاب ورسوخ حفظه‪" :‬ما حفظت‬
‫وأنا شاب‪ ،‬فكأن أنظر إليه ف قرطاس أو ورقة" ([‪.)]69‬‬
‫السادس‪ :‬اختيار الماكن الناسبة للتحفظ‪:‬‬
‫وصفة الكان الناسب‪ :‬أن يكون مريا‪ ،‬ل يشق على النفس الكث به‪ .‬وأن يكون هادئا‪ ،‬بعيدا عن‬
‫الصوات العالية‪ .‬وأن يكون خاليا من اللهيات وما يلفت النظار ؛ فل يلس ف حديقة‪ ،‬ول ف مر‬
‫الناس وأسواقهم ‪ .‬بل يتار مقصورة أو حجرة ف منله‪ ،‬يتحفظ فيها ([‪.)]70‬‬
‫السابع‪ :‬الهر بقراءة ما يراد حفظه‪:‬‬
‫ولذلك حكمة‪ ،‬بينها والد الزبي بن بكار القرشي (ت ‪256‬هـ) عندما رأى ابنه يتحفظ سرا‪ ،‬فقال‬
‫له‪ " :‬إنا لك من روايتك هذه (أي‪ :‬تفظك سرا) ما أدى بصرك إل قلبك‪ .‬فإذا أردت الرواية (أي‪:‬‬
‫الفظ)‪ ،‬فانظر إليها‪ ،‬واجهر با ؛ فإنه يكون لك ما أدى بصرك إل قلبك‪ ،‬وما أدى سعك إل‬
‫قلبك" ([‪.)]71‬‬
‫(وهذا تعبي رائع صحيح‪ ،‬وهذا ما يقول فيه علماء التربية وعلم النفس‪ :‬كلما كثرت الواس‬
‫الشاركة ف تلقي موضوع أو تعلمه‪ ،‬كان حفظه أسرع وأيسر) ([‪.)]72‬‬
‫الثامن‪ :‬إحكام الفظ بكثرة تكريره‪.:‬‬
‫يقول ابن الوزي ف (الث على حفظ العلم )‪" :‬الطريق إل إحكامه كثرة العادة‪ .‬والناس يتفاوتون‬
‫ف ذلك‪ ،‬فمنهم من يثبت معه الحفوظ مع قلة التكرار‪ ،‬ومنهم من ل يفظ إل بعد التكرار الكثي‪.‬‬
‫وكان أبو إسحاق الشيازي (ت‪476‬هـ) يعيد الدرس مائة مرة‪ ،‬وكان إلكيا الراسي (‪504‬هـ)‬
‫يعيد سبعي مرة‪ .‬وقال لنا السن بن أب بكر النيسابوري الفقيه‪ :‬ل يصل الفظ إل حت يعاد‬

‫‪125‬‬
‫خسي مرة‪ .‬وحكى لنا السن أن فقيها أعاد الدرس ف بيته مرارا كثية‪ ،‬فقالت له عجوز ف بيته‪:‬‬
‫قد – وال – حفظته أنا! فقال‪ :‬أعيديه‪ ،‬فأعادته ؛ فلما كان بعد أيام‪ ،‬قال‪ :‬يا عجوز‪ ،‬أعيدي ذلك‬
‫الدرس‪ ،‬فقالت‪ :‬ما أحفظه‪ ،‬قال‪ :‬إن أكرر عند الفظ لئل يصيبن ما أصابك"([‪.)]73‬‬
‫التاسع‪ :‬تعهد الحفوظ‪ ،‬بإعادة النظر فيه وتكريره‪ ،‬ف أوقات متلفة‪:‬‬
‫إذ الافظة مهما كانت قوية لبد أن تسهو‪ ،‬فالنسيان جبلة النسان‪ .‬ول يافظ على ما ف الصدر من‬
‫العلم‪ ،‬إل مراجعته من حي لخر‪ ،‬وعدم التكال على الفظ الول‪.‬‬
‫قيل للصمعي‪" :‬كيف حفظت ونسي أصحابك ؟! قال‪ :‬درست وتركوا" ([‪.)]74‬‬
‫وقال علقمة النخعي‪ " :‬أطيلوا كر الديث ل يدرس" ([‪ ،)]75‬أي‪ :‬ليكل يبلى وينسى‪.‬‬
‫وعلى طالب العلم أن يعل له جدولً معينا لراجعة مفوظة ؛ فمثلً‪ :‬يعل ف ناية كل أسبوع يوما‬
‫لراجعة ما حفظة ف ذلك السبوع‪ ،‬وف ناية كل شهر يوما أو يومي لراجعة مفوظه خلل الشهر‬
‫كله‪ ،‬وف ناية السنة أسبوعا أو أسبوعي لراجعة مفوظه خلل السنة جيعها …‪ .‬وهكذا‪ .‬العاشر‪:‬‬
‫الذاكرة‪:‬‬
‫والذاكرة اصطلح يستخدمه الحدثون‪ ،‬يعنون با مطارحات علمية ومساجلت حديثية‪ ،‬يعرض فيها‬
‫اللساء من حفاظ الديث وطلبته لذكر فوائد الحاديث وغرائب السانيد وخفي التعليلت‪ ،‬يسأل‬
‫بعضهم بعضا عن ذلك‪ ،‬ويفيد الواحد منهم الخر ما غاب عنه‪ .‬وقد كانت الذاكرة هذه من أبرز‬
‫سات الحدثي ف عصوره الول (مثل الرحلة ف طلب الديث)‪ ،‬ولا آدابا وشروطها النصوص‬
‫عليها وفوائدها‪ ،‬وأخبارها الروية فيها ([‪.)]76‬‬
‫وللمذاكرة مع القران وغيهم – على العن السابق – فائدة عظيمة ف تثبيت الفظ‪ ،‬من جهة أنه‬
‫تعهد للمحفوظ بتكريره ومراجعته خلل الذاكرة‪ ،‬وتذكي لا نسي منه‪ ،‬ودون إملل أو إضجار‪ ،‬بل‬
‫ف جو من النشاط والتنافس العلمي البناء‪.‬‬
‫ولذلك قال عبدال بن بريدة‪ " :‬قال ل علي بن أب طالب – رضي ال عنه ‪ :-‬تزاوروا‪ ،‬وتذاكروا‬
‫هذا الديث‪ ،‬فإنكم أن ل تفعلوا يدرس علمكم" ([‪ ،)]77‬أي‪ :‬يبلى ويلق‪.‬‬
‫وقال أبو سعيد الدري – رضي ال عنه – "تدثوا‪ ،‬فإن الديث يهيج الديث"([‪.)]78‬‬
‫وقال جاعة من السلف عبارة أصبحت شعارا للمذاكرة‪ ،‬وهي قولم‪" :‬إحياء الديث مذاكرته" ([‬
‫‪.)]79‬‬
‫ومن فوائد الذاكرة أيضا‪ :‬أنا سبب كبي وداع عظيم للتنافس الحمود بي طلبة العلم‪ .‬والتنافس ف‬
‫الي هو المل الاهد لبلوغ الغايات العظام‪ ،‬ولوله لا سعى للعلياء ماجد‪ ،‬ولا سا للرفعة طامح‪.‬‬
‫ولشدة التنافس أثناء الذاكرة بي الحدثي كانت من لذائذ علم الديث ومن متعه الليلة ؛ حت قال‬
‫الوزير ابن العميد‪ " :‬ما كنت أظن أن ف الدنيا حلوة ألذ من الرئاسة والوزارة الت أنا فيها‪ ،‬حت‬

‫‪126‬‬
‫شاهدت مذاكرة سليمان بن أحد الطبان وأب بكر العاب بضرت‪( ،‬ث ذكر تلك الذاكرة‪ ،‬الت‬
‫غلب فيها الطبان أبا بكر العاب‪ ،‬ث قال‪" :‬فوددت ف مكان أن الوزارة والرئاسة ليتها ل تكن ل‬
‫وكنت الطبان‪ ،‬وفرحت مثل الفرح الذي فرح به الطبان " ([‪.)]80‬‬
‫وقال علي بن الدين‪" :‬ستة كادت تذهب عقولم عند الذاكرة‪ :‬يي القطان‪ ،‬وعبد الرحن بن‬
‫مهدي‪ ،‬ووكيع‪ ،‬وابن عيينة‪ ،‬وأبو داود الطيالسي‪ ،‬وعبد الرزاق ؛ من شدة شهوتم له‪ .‬وتذاكر وكيع‬
‫وعبد الرحن ليلة ف السجد الرام‪ ،‬فلم يزال حت أذن الؤذن أذان الصبح " ([‪.)]81‬‬
‫وقال عبد ال بن البارك‪:‬‬
‫ما لذت إل رواية مسندا‬
‫ت قيدت بفصاحة اللفاظ‬
‫ومالس فيها تل سكينة‬
‫ومذاكرات معاشر الفاظ‬
‫نالوا الفضيلة والكرامة والنهى‬
‫من ربم برعاية وحفاظ‬
‫لظوا برب العرش لا أيقنوا‬
‫أن النان لعصبة لواظ‬
‫ومن فوائد الذاكرة أيضا ومن آدابا‪ :‬إفادة طلبة العلم بعضهم بعضا‪ ،‬وف ذلك استعجال لجر‬
‫وثواب التعليم‪ ،‬قبل بلوغ الدرجة الت يق فيها لطالب العلم جلوس مالس العلمي‪ .‬وما أدرى طالب‬
‫العلم ؟ لعله يوت قبل أن يصل إل أن تتحلق حوله الطلبة!!‪.‬‬
‫يقول عبدال بن البارك‪" :‬إن أول منفعة الديث‪ :‬أن يفيد بعضكم بعضا" ([‪.)]82‬‬
‫ويقول المام مالك‪" :‬بركة الديث‪ :‬إفادة بعضهم بعضا" ([‪.)]83‬‬
‫ويقول سفيان الثوري‪" :‬يا معشر الشباب‪ ،‬تعجلوا بركة هذا العلم‪ ،‬فإنكم ل تدرون‪ ،‬لعلكم ل‬
‫تبلغون ما تؤملون منه‪ ،‬ليفد بعضكم بعضا" ([‪.)]84‬‬
‫هذه هي أهم وسائل حفظ العلم‪ ،‬وأظهر أسباب تثبيته وعدم نسيانه‪.‬‬
‫ولكن ما ينبغي التنبيه عليه هنا‪ ،‬هو أن للحفظ طريقتي‪ ،‬ل يعجز عن إحداها جيع الناس‪ .‬ولكل‬
‫طريقة منهما ميزاتا وعيوبا ؛ فيحسن أن نذكرها‪ ،‬با لما من ماسن وعيوب‪ .‬الطريقة الول (وهي‬
‫أشهر الطريقتي)‪:‬‬
‫وهي أنفع للصغار والشباب ومن أوت موهبة الفظ‪ :‬وهي بأن يقرر الطالب على نفسه لكل يوم‬
‫جزءا يسيا من العلم‪ ،‬كأن يكون حديثا أو حديثي أو أكثر‪ ،‬ويستحسن أن يكون قدرا يسيا‪ ،‬فإن‬
‫القليل يثبت والكثي ل يصل ([‪ )]85‬؛ فيتحفظ هذا القرر يوميا‪ ،‬حت يغيبه ف صدره ؛ ويستمر‬

‫‪127‬‬
‫على ذلك فترة طويلة‪ ،‬هي سنوات طلبه للعلم ؛ مع تعهد الحفوظ دائما‪ ،‬على النهج الذي ذكرناه‬
‫سابقا ف التعهد‪.‬‬
‫ولذه الطريقة ميزات وعيوب‪:‬‬
‫فمن ميزاتا‪ :‬أنا طريقة منهجية منضبطة‪ ،‬يكن للطالب مع التزامها والداومة عليها حفظ كتب‬
‫برمتها‪ ،‬وتغيب مصنفات كاملة‪.‬‬
‫ومن ميزاتا أيضا‪ :‬أنا أسرع حفظا من الطريقة التالية‪ ،‬إذ قد ل يلس الطالب للتحفظ إل ربع ساعة‬
‫أو نصفها‪.‬‬
‫ومن عيوبا‪ :‬أنا أسرع ف التفلت من الطريقة التالية‪ ،‬وأنا أحوج ما تكون للتعهد للمحفوظ‬
‫والراجعة له دائما‪ ،‬وعدم النقطاع عنه من فترة لخرى‪.‬‬
‫ومن عيوبا‪ :‬أن الذي يلتزم با الغالب أضيق ف الطلع من صاحب الطريقة التالية‪ ،‬لن الطالب‬
‫معها مقيد بقرر معي‪.‬‬
‫وأما الطريقة الثانية للحفظ‪:‬‬
‫وهي أنفع لكبار السن‪ ،‬ولن ل يؤت موهبة الفظ‪ :‬وتتلخص ف إدمان مالسة كتب السنة‪ ،‬وإدامة‬
‫القراءة فيها‪ ،‬واللد ف ذلك والصب عليه‪ ،‬مع الكثار من النسخ والكتابة‪ ،‬وتعويد اليد على ذلك‪.‬‬
‫ولذلك لا قيل للمام البخاري‪ :‬ما البلذر ؟ وهو دواء كانوا يظنون قديا أنه يقوي الذاكرة وينشط‬
‫الذهن على الفظ‪ ،‬فأجاب المام البخاري‪ ،‬صارفا لم إل البلذر حقا‪ ،‬حيث قال‪" :‬هو إدامة النظر‬
‫ف الكتب" ([‪.)]86‬‬
‫وقال عبد ال بن البارك‪" :‬من أحب أن يستفيد‪ ،‬فلينظر ف كتبه" ([‪.)]87‬‬
‫وقال الافظ أبو مسعود أحد بن الفرات (ت ‪258‬هـ)‪" :‬ل نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء ف‬
‫الفظ‪ ،‬فأجعوا أنه ليس شيء أبلغ فيه من كثرة النظر" ([‪.)]88‬‬
‫وأما الكتابة وأثرها ف الفظ‪ ،‬فقد سبق أن ذكرنا أن الحفوظ كلما اشترك فيه أكثر من حاسة‪،‬‬
‫كلما كان ذلك أقوى له وراسخ‪ .‬فإذا نظر القارئ‪ ،‬وجهر بالقراءة‪ ،‬ث كتب ؛ فإنه – على حد تعبي‬
‫والد الزبي ابن بكار – يكون له ما أدى بصره إل قلبه‪ ،‬وما أدى سعة إل قلبه‪ ،‬وما أدت يده إل قلبه‬
‫؛ فل ينسى بإذن ال تعال‪ ،‬لنه اشترك ف تفظه ثلث حواس‪.‬‬
‫وقد قال السن بن علي – رضي ال عنهما – لبنيه وبن أخيه‪:‬‬
‫"تعلموا العلم‪ ،‬فإنكم صغار قوم‪ ،‬يوشك أن تكونوا كبارهم غدا‪ ،‬فمن ل يفظ منكم فليكتب" ([‬
‫‪.)]89‬‬
‫وقال الليل بن أحد الفراهيدي‪ " :‬ما سعت شيئا إل كتبته‪ ،‬ول كتبته إل حفظته‪ ،‬ول حفظته إل‬
‫نفعن " ([‪.)]90‬‬

‫‪128‬‬
‫ولذه الطريقة ف الفظ ميزات وعيوب‪:‬‬
‫فمن ميزاتا‪ :‬أن صاحبها بطيء النسيان لحفوظه‪ ،‬لن طريقة حفظه تتضمن التعهد معها‪ ،‬بل هو إنا‬
‫حفظ بالتعهد الكبي!!‬
‫ومن ميزاتا‪ :‬أن صاحبها أوسع استحضارا من صاحب الطريقة السابقة‪ ،‬لنه أوسع اطلعا‪.‬‬
‫ومن عيوبا‪ :‬أن صاحبها ل يستطيع الزم بأنه يفظ كتابا ما‪ ،‬خاصة الطولت‪ .‬وأيضا ل يستطيع ف‬
‫كثي من الحيان أن يؤدي ما حفظ باللفظ‪ ،‬وإنا يؤديه بالعن ؛ وللرواية بالعن شروط‪ ،‬وتوم حولا‬
‫أخطار‪.‬‬
‫ل للحفظ‪ ،‬وجلدا وصبا‪ ،‬وانقطاعا كاملً ؛ إذا أراد صاحبها أن‬ ‫ومن عيوبا‪ :‬أنا تستلزم وقتا طوي ً‬
‫ينافس صاحب الطريقة الول‪.‬‬
‫وأما من جع بي طريقت الفظ هاتي فهو الافظ الكامل‪ ،‬الذي جع بي ماسن الفظ‪ ،‬ونا من‬
‫عيوبه كلها‪.‬‬
‫اليزة الثالثة‪:‬‬
‫أن علم الديث علم ل تضبط جيع جزئياته قواعد مطردة دائما‪ ،‬ول توزن مسائله بقاييس رياضية ؛‬
‫وإنا قواعده وأصوله أغلبية‪ .‬بل ف كثي من مسائل علم الديث يصرح الحققون من أهل العلم أنه‬
‫ليس لا قاعدة معينة‪ ،‬وإنا يرجع ف كل جزئية منها إل ملبساتا وقرائنها‪ ،‬ث يكون الكم عليها بناء‬
‫على حالتها الاصة تلك‪ .‬وذلك ف مثل مسألة (ريادة الثقة)‪ ،‬و (التفرد بأصل)‪ ،‬و(العتضاد والتقوي‬
‫بالتابعات والشواهد)‪ ،‬وما إل ذلك من أعظم مسائل علم الديث‪.‬‬

‫وليس عدم شول قواعد علم الديث لميع جزئياته‪ ،‬ول عدم وجود قواعد أصلً لبعض مسائله‪،‬‬
‫بسبب تقصي ف تقني هذا العلم وف تأصيله من علماء المة ؛ بل سببه هو بلوغهم به أقصى غايات‬
‫التقعيد السليم والتأصيل الصحيح!! وذلك أن علم الديث مادته الام هي البشر ونقولم وأخبارهم‪،‬‬
‫وللبشر باختلف مواهبهم اللقية‪ ،‬وبتباين دوافعهم وعقائدهم وسلوكياتم‪ ،‬وباضطراب أحوالم من‬
‫وقت لخر‪ ،‬وبا يطرأ عليهم من عوامل تغيي نفسية وخارجية ؛ بذلك كله ل يكن أن يكون لنقول‬
‫هؤلء وأخبارهم ضوابط حسابية وموازين رياضية‪ ،‬بل لبد من التعامل مع تلك الادة التباينة‬
‫الجزاء‪ ،‬الكثية التغيات ف كل جزء منها‪ ،‬با يتناسب وذلك ؛ وهذا هو ما فعله أئمة الديث ف‬
‫عصور تكوين علمهم …‪ .‬رضي ال عنهم وأرضاهم!!‬
‫الهم أن تعلم أن هذه إحدى أعظم ميزات علم الديث‪.‬‬
‫وهذه اليزة تعت‪ :‬أن تعلم قواعد علم الديث ودراسة مصطلحه ليس سوى الطوة الول ف طلب‬
‫علم الديث‪ ،‬مهما تعمق الدارس ف تصيل تلك القواعد والصول‪ .‬وما جن على علم الديث‬

‫‪129‬‬
‫شيء ف العصر الديث مثل الغفلة عن هذه القيقة‪ ،‬وذلك بالتعامل مع الروايات الديثية بتلك‬
‫القواعد معاملة من معه قوالب يصب فيها مادته الام ومعاملة من معه ختوم جاهزة يطبع با كل‬
‫مسألة جزئية‪ ،‬دون أن يتنبه إل أن لكل قاعدة شذوذات‪ ،‬بل يتلق القواعد لا ليس له قاعدة‪ ،‬لعدم‬
‫استطاعته إل التعامل مع القوالب الاهزة!!‬
‫وهذه اليزة تعن أيضا‪ :‬أن علم الديث علم حي ل يعيش وينمو ف صدر رجل إل بالمارسة له‬
‫والتطبيق العملي لقواعده‪ .‬لن شذوذات القواعد (وهي كثية وإنا سيت شذوذات لنا بلف‬
‫القاعدة النصوص عليها)‪ ،‬والسائل الت ل قواعد لا‪ ،‬ل يسن الوقوف عليها‪ ،‬ول يعرف الآخذ‬
‫والسس الت تبن عليها أحكامها‪ ،‬ول يلحظ اللبسات والقرائن الاصة بكل مسألة جزئية منها ؛‬
‫إل من عاش علم الديث تطبيقا عمليا ومارسة عميقة فترة طويلة من عمره‪.‬‬
‫وعلى هذا فعلم الديث يتاج كل الحتياج لمارسة طويلة‪ ،‬وتطبيق عملي عميق‪ ،‬ليمكن طالب‬
‫الديث بعد مرور زمن طويل من ذلك أن يتنبه لشذوذات القواعد وملبساتا‪ ،‬وأن يقف بنفسه على‬
‫مآخذ الحكام ف السائل الت ل قواعد لا وإنا يرجع فيها للقرائن الاصة بكل مسألة‪.‬‬
‫يقول الطيب البغدادي‪ ،‬منبها على أهية المارسة العملية ف علم الديث‪" :‬قل ما يتمهر ف علم‬
‫الديث‪ ،‬ويقف على غوامضه‪ ،‬ويستني الفي من فوائده‪ ،‬إل من جع بي متفرقه‪ ،‬وألف متشتته‪،‬‬
‫وضم بعضه إل بعض‪ ،‬وانشغل بتصنيف أبوابه‪ ،‬وترتيب أصنافه‪ .‬فإن ذلك الفعل ما يقوي النفس‪،‬‬
‫ويثبت الفظ‪ ،‬ويذكي القلب‪ ،‬ويشحذ الطبع‪ ،‬ويبسط اللسان‪ ،‬وييد البيان‪ ،‬ويكشف الشتبه‪،‬‬
‫ويوضح اللتبس‪ ،‬ويكسب أيضا جيل الذكر‪ ،‬وتليده إل آخر الدهر "‪ .‬ث أسند الطيب إل عبد ال‬
‫بن البارك‪ ،‬أنه قال‪" :‬صنفت من ألف جزء جزءا‪ ،‬ومن نظر ف الدفاتر فلم يفلح‪ ،‬فل أفلح هو أبدا"‬
‫([‪.)]91‬‬
‫وهيئة هذه المارسة الت نطالب با طالب علم الديث‪ ،‬هي‪ :‬أن يقوم الطالب با يشبه التصنيف‬
‫والتأليف‪ ،‬إما بتخريج أحاديث كتاب ما أو أحاديث باب فقهي معي‪ ،‬أو بالترجة لرواة كتاب ل‬
‫يدم رواته بالترجة‪ ،‬أو بالعناية بالرواة الختلف فيهم‪ ،‬أو بمع أقوال الئمة وتطبيقاتم حول قاعدة‬
‫من علم الديث أو حول أحد مصطلحاته‪ ..‬ونو ذلك من الوضوعات الكثية جدا‪ .‬والفضل أن‬
‫ينوع ف طبيعة بوثه‪ ،‬حت يستفيد فائدة أعم وأشل‪.‬‬
‫وبالطبع ل يكون غرضه من هذه البحوث هو تأليف كتاب يرجه للناس‪ ،‬خاصة ف مرحلة تكوينه‬
‫العلمي‪ ،‬وإنا يكون غرضه من ذلك التعلم والتمرن‪ ،‬للفوائد الت ذكرها الطيب ف كلمه السابق‬
‫عن المارسة العملية ف علم الديث‪.‬‬
‫ول ينع ذلك من أن يبتدىء طالب الديث مشروعا علميا كبيا‪ ،‬من صغر سنه وبدايات طلبه‪،‬‬
‫يمع له ويرتب ويناقش ويستنبط ويستدل‪ ،‬ويقضي ف ذلك عمرا من عمره‪ ،‬وبشرط أن ل يرج‬

‫‪130‬‬
‫مشروعه هذا إل بعد بلوغه من العلم ما يكون قد وصل به إل درجة الفادة‪ ،‬كأن يشهد له شيوخه‬
‫وأقرانه باستحقاقه أن يدل بهده ف تأليف كتاب‪.‬‬
‫بل إن لشدد ف النصح لطلبة العلم بابتداء مشاريع من هذا القبيل‪ ،‬ول يستخفوا بأنفسهم ؛ فقد‬
‫كان المام الزهري يقول للفتيان والشباب‪" :‬ل تقروا أنفسكم لداثة أسنانكم‪ ،‬فإن عمر بن‬
‫الطاب كان إذا نزل به المر العضل دعا الفتيان‪ ،‬فاستشارهم‪ ،‬يبتغي حدة عقولم" ([‪.)]92‬‬
‫ولك ف سية العلماء قدوة‪:‬‬
‫فقد بدأ المام البخاري تصنيفه للتاريخ الكبي وله من العمر ثانية عشر عاما‪ ،‬وبقي ف تصنيفه‬
‫وتسينه غالب حياته‪ .‬أما (صحيحه) فمكث ف تصنيفه ستة عشر عاما‪.‬‬
‫وابتدأ ابن عساكر تصنيف (تاريخ دمشق) بجلداته الثماني من صباه‪ ،‬واستمر ف جعه إل أن شاخ‪.‬‬
‫وأفن الطبان عمره الديد (فقد عمر مائة سنة) ف معجمه الوسط‪.‬‬
‫فعليك يا طالب العلم أن تتار مشروعا علميا حديثيا نافعا‪ ،‬واستشر العلماء والأموني ف اختيارك‪،‬‬
‫وابدأ ف المع له والتأليف من فترة مبكرة‪ ،‬ول تفوت العمر‪ .‬ث أنت خلل هذا المع تارس علم‬
‫الديث عمليا‪ ،‬وتطبقه واقعيا ؛ فتستفيد فائدتي‪ ،‬بل فوائد‪ ،‬وتعلي هتك‪ ،‬وتقوي عزمك‪ ،‬وتبذل‬
‫جهدك ف طلبك العلم‪ ،‬وتطرد اللل والسأم وقلة الصب‪ ،‬با يتجدد لك ف بثك من فوائد‪ ،‬تنظر‬
‫قطف ثرتا ف مستقبل حياتك العلمية إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫اليزة الرابعة‪:‬‬
‫أنه علم مترامي الطراف‪ ،‬ل ساحل لبحوره‪ ،‬ول قاع لعماقة‪ .‬هذا وصف حقيقي مطابق لواقع حال‬
‫علم الديث‪ ،‬وليس كلما أدبيا مازيا‪ .‬وتقيق ذلك عندك وتأكيده لديك يظهر‪ :‬بتذكرك لعظيم‬
‫تشعب أسانيد الحاديث وكثرتا‪ ،‬ولتناثر تراجم رواة وتعديلهم الت ف غي مظنتها‪ ،‬ولتباعد ما بي‬
‫تعليلت الئمة للحديث الواحد ف مصادر هذا العلم ؛ ما ل يمع ذلك كتاب‪ ..‬بل مكتبة‪ ،‬ول‬
‫يويه مكان واحد‪.‬‬
‫ولذه اليزة فإن طالب الديث ف حاجة ماسة إل مكتبة عامرة بالكتب‪ ،‬مكتبة ضخمة بعن الكلمة‪،‬‬
‫تكون بي يديه وقتما يشاء‪ ،‬مكتبة تنمو وتزيد كل يوم بالديد من الطبوعات والقدور عليه من‬
‫الخطوطات‪ ،‬ول تقف عن النمو ما دام صاحبها حي العلم والروح‪ .‬حيث إن تلك اليز ل يل‬
‫إشكالا‪ ،‬ول يكن مواجهتها‪ ،‬إل بالكتبة الامعة لكتب السنة‪ ،‬والقربة لطراف هذا العلم الترامية‪،‬‬
‫العينة على استيعاب جل أو كثي من جزئياته التفرقة التشعبة‪.‬‬
‫ولذلك فعلى طالب العلم أن يتحلى بالبذل والسخاء ف اقتناء الكتب‪ ،‬وأن يقدم شراء الكتاب على‬
‫طعامه وملبسه وملذاته‪ ،‬وأن يرص كل الرص على أن ل يفوت كتابا صغر أو كب ف علم‬
‫الديث‪ ،‬ف أي فن من فنونه‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫ومن نصائح ذي النون الصري (ت ‪245‬هـ) ف ذلك‪" :‬ثلثة من أعلم الي ف التعلم‪ :‬تعظيم‬
‫العلماء بسن التواضع لم‪ ،‬والعمى عن عيوب الناس بالنظر ف عيب نفسه‪ ،‬وبذل الال ف طلب العلم‬
‫إيثارا له على متاع الدنيا" ([‪.)]93‬‬
‫ولذلك قال غي واحد من أهل العلم‪ ،‬منهم شعبة بن الجاج‪" :‬من طلب الديث أفلس" ([‪،)]94‬‬
‫وقال الفضل بن موسى السينان‪" :‬طلب الديث حرفة الفاليس"([‪ ،)]95‬ولا سأل سفيان بن عيينة‬
‫رجلً عن حرفته فأجابه الرجل بأنا طلب الديث‪ ،‬فقال سفيان‪" :‬بشر أهلك بالفلس" ([‪،)]96‬‬
‫وقال شعبة‪" :‬إذا رأيت الحبة ف بيت إنسان فارحه‪ ،‬وإن كان ف كمك شيء فأطعمه" ([‪،)]97‬‬
‫ولا أثنت امرأة على رجل بي‪ ،‬وقالت ف ثنائها‪" :‬ل يتخذ ضرة‪ ،‬ول يشتري جارية"‪ ،‬أجابتها زوج‬
‫ذلك الرجل بقولا‪" :‬وال لذه الكتب أشد علي من ثلث ضرائر" ([‪.)]98‬‬
‫أما طالب العلم (بزعمه) الذي يقول يغنين كتاب ف السنة وعلومها عن كتاب ف ذلك‪ ،‬فليس‬
‫بطالب علم! ول يريد أن يكون طالب علم‪ .‬فإن ل أقول إنه ل يغن كتاب عن كتاب فقط‪ ،‬بل‬
‫أكاد أقول‪ :‬ل تغن طبعة عن طبعة أخرى له!!!‬
‫وأما طالب العلم الذي بقول‪ :‬ل أشتري كتابا حت أقرأ وأدرس الكتاب الذي عندي‪ ،‬فل يفلح ف‬
‫العلم أبدا! فإن شراء الكتب وحده عبادة يؤجر عليها فاعلها‪ ،‬لوجوه‪ ،‬منها أنا ما ل ينقطع العمل به‬
‫بعد الوت‪ ،‬تبقى ينتفع با من بعده‪.‬‬
‫ث إن تكوين الكتبة العامرة يشبه طلب العلم من جهتي‪:‬‬
‫الول‪ :‬كما أن طلب العلم ل يكون جلة‪ ،‬ف أيام وليال‪ ،‬كذلك تكوين الكتبة‪ ،‬ل يكن أن يتم إل‬
‫من خلل متابعة للجديد من الكتب ف عال الطبوعات ؛ حيث إن الكتب ف السنة وعلومها كثية‬
‫جدا‪ ،‬قلة من الغنياء – من يعرف قيمة الكتب – من يستطيع شراء الوجود منها دفعة واحدة‪.‬‬
‫وهناك كتب نادرة‪ ،‬وكتب سرعان ما تنفد من السواق‪ ،‬فمن ل يبادر بشرائها فاتته‪ ،‬وسيندم حي‬
‫ل ينفع الندم‪ ،‬وسيندم إن كان فيه بقية من طالب علم‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن طلب العلم الصادق يلجيء طالب العلم إل دراسة مسائل ما كان يظن قبل ذلك أنه‬
‫سيحتاج دراستها‪ ،‬وكذلك تكوين الكتبة ؛ فإن شراءك الكتاب ومعرفتك لا فيه يدلك على كتاب‬
‫آخر‪ ،‬ربا ل تسمع به‪ ،‬وربا سعت به ول تظن أنك متاج إليه ؛ فالاجة للكتب تنمو مع نو طلبك‬
‫للعلم‪ .‬وكم من كتاب ما كنت أظن أن سأنظر إليه‪ ،‬أصبح بعد ف حجري ل أستغن عنه ما دمت‬
‫أبث ف العلم‪ .‬فمن كان يمع الكتب من بدايات طلبه للعلم‪ ،‬سيحمد ذلك عندما يعرف قيمة ما‬
‫جع‪ .‬وأما من كان ل يشتري حت يقرأ ما جع فإن انصلح شأنه‪ ،‬فسيندم على سوء سياسته تلك بعد‬
‫حي‪ ،‬ولت حي مندم‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫ولو تصفحت تراجم كبار الئمة‪ ،‬والعلماء البزين‪ ،‬لوجدت أن القاسم الشترك بينهم هو حب‬
‫الكتب والشغف با‪ ،‬وأنم من أصحاب الكتبات العظيمة‪ .‬وأما رحلتهم مع الكتاب وقصتهم معه‪،‬‬
‫فهي قصص تلؤها العاطفة والتفان والبذل واحتقار الدنيا وملذاتا‪ :‬فكم من عال رضي بالوع دهرا‬
‫ليقتن الكتب‪ ،‬وكم من عال آخر باع ثوبه الذي على جسده أو داره الت يسكنها ليمتلك كتابا‪،‬‬
‫وكم من عال رضي ببكاء أهله وأولده عريا وحرمانا ول يرض بيع كتاب له‪ ،‬وكم من إمام بكى‬
‫وغلب حزنه صبه لا فاته كتاب‪ ..‬وكم وكم!! ([‪)]99‬‬
‫ومن عجائب ذلك قصة الافظ أب العلء السن بن احد بن سهل المذان العطار (ت ‪569‬هـ)‪،‬‬
‫وكان قد جع كتبا كثية‪ ،‬ورحل إل البلدان من أجل ذلك‪ ،‬وعمل دارا للكتب وخزانة‪ ،‬ووقف‬
‫جيع كتبه فيها لطلبة العلم!‬
‫ومن غرائب ما حصل له ف جعه للكتب‪ :‬أنه كان مرة ببغداد‪ ،‬ونودي بالزاد على كتب لبن‬
‫الواليقي ببلغ كبي‪ ،‬فاشتراها أبو العلء العطار‪ ،‬على أن يوف الثمن بعد أسبوع‪ ،‬ول يكن لديه ثنها‪.‬‬
‫فخرج إل طريق هذان‪ ،‬فرحل‪ ،‬إل أن وصلها – فأمر بأن ينادى على داره بالبيع!!! فلما بلغت‬
‫السعر الذي اشترى به الكتب‪ ،‬قال للمنادي‪ :‬بيعوا‪ ،‬فقال له النادي‪ :‬تبلغ أكثر من ذلك‪ ،‬فلم ينتظر‬
‫خشية أن ينتهي أمد وفاء ثن الكتب‪ ،‬فباع داره‪ ،‬ث ركب إل بغداد‪ ،‬فوف الثمن‪ ،‬ول يشعر أحد‬
‫باله إل بعد مدة!!!‬
‫ولا توف هذا المام رؤي ف النام وهو ف مدينة جيع جدرانا مبنية بالكتب‪ ،‬وحوله كتب ل تصى‪،‬‬
‫وهو مشتغل بطالعتها!! فقيل له‪ :‬ما هذه الكتب ؟! قال‪ :‬سألت رب أن يشغلن با كنت أشتغل به ف‬
‫الدنيا‪ ،‬فأعطان!!‬
‫فعلى طلبة الديث أن يبدؤوا ف تكوين مكتبة من بداية طلبهم‪ ،‬شيئا فشيئا ؛ فإنم إن استمروا ف‬
‫الطلب فسيجدون غب ما جعوا خيا وفائدة واستغناء وسعادة!‬
‫منهج القراءة والتعلم لكتب الديث والصطلح‪:‬‬
‫بعد ذكر الميزات السابقة لعلم الديث‪ ،‬وما تستلزمه كل ميزة منها من أسلوب معي تواجه به ف‬
‫الطلب والتحصيل ؛ بقي وضع تصور عام لنهج القراءة والتعلم ف كتب الديث وعلومه‪:‬‬
‫ولن أكون ف هذا النهج بعيدا عن الواقع‪ ،‬فأطالب جيل اليوم با كان يلزم به السلف طلب العلم ف‬
‫زمانم ؛ كما سئل المام أحد "عن الرجل يكون معه مائة ألف حديث‪ ،‬يقال إنه صاحب حديث ؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قيل‪ :‬عنده مائتا ألف حديث‪ ،‬يقال له صاحب حديث ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قيل له‪ :‬ثلثائة ألف‬
‫حديث ؟ فقال بيده ينة ويسرة" ([‪ .)]100‬وقال أبو بكر ابن أب شيبة‪" :‬من ل يكتب عشرين ألف‬
‫حديث إملء ل يعد صاحب حديث" ([‪.)]101‬‬

‫‪133‬‬
‫بل لن أزن طلب اليوم بعرف أهل العلم ف القرن الثامن الجري!! فقد قال تاج الدين السبكي (ت‬
‫‪771‬هـ)‪" :‬إنا الحدث من عرف السانيد والعلل وأساء الرجال والعال والنازل‪ ،‬وحفظ من ذلك‬
‫جلة مستكثرة من التون‪ ،‬وحفظ البعض من السانيد‪ ،‬وسع الكتب الستة ومسند أحد وسنن‬
‫البيهقي ومعجم الطبان‪ ،‬وضم إل هذا القدر ألف جزء من الجزاء الديثية‪ ،‬هذا أقل درجاته ؛ فإذا‬
‫سع ما ذكرناه‪ ،‬وكتب الطباق‪ ،‬ودار على الشيوخ‪ ،‬وتكلم ف العلل والسانيد‪ ،‬كان ف أول درجات‬
‫الحدثي‪ ،‬ث يزيد ال من شاء ما شاء" ([‪.)]102‬‬
‫فهذا كله بسب عرفهم!! لكن (لكل زمان دولة ورجال)‪ .‬فلن أخاطب إل أهل زمان‪ ،‬بضعف‬
‫همهم‪ ،‬وكثرة الصوارف لم عن طلب العلم‪ ..‬وف ال اللف وهو الستعان!‬
‫فأول ما يلزم طالب الديث‪ :‬هو إدمان النظر ف الصحيحي (صحيح البخاري وصحيح مسلم)‪ ،‬بل‬
‫ينبغي أن يضع الطالب لنفسه مقدارا معينا من الصحيحي يقرؤه كل يوم‪ ،‬ليختم الصحيحي قراءة ف‬
‫كل سنة مرة ف أقل تقدير‪ ،‬ويستمر على ذلك أربع سنوات مثلً‪ ،‬خلل دراسته الامعية أو الثانوية ؛‬
‫فل يتخرج إل وقد قرأ الصحيحي عدة مرات‪ ،‬ليكون مستحضرا غالب متون الصحيحي‪.‬‬
‫ث ينتقل بعد ذلك إل بقية الكتب الت اشترطت الصحة‪ ،‬كصحيح ابن خزية‪ ،‬وصحيح ابن حبان‪،‬‬
‫وموطأ مالك‪ ،‬ومنتقى ابن الارود‪.‬‬
‫ويتمم هذه بسنن أب داود والنسائي‪ ،‬وجامع الترمذي‪ ،‬وسنن الدارمي‪ ،‬وسنن الدارقطن‪ ،‬والسنن‬
‫الكبى للبيهقي‪.‬‬
‫فيقرأ الطالب هذه الكتب‪ ،‬بعناية وتدقيق‪ ،‬ويكثر من القراءة فيها‪ ،‬وخاصة الت اشترطت الصحة‪،‬‬
‫وعلى رأسها الصحيحان‪.‬‬
‫فإن كان طالب العلم هذا من أوت موهبة الفظ‪ ،‬فليجمع عزمه على ما يستطيعه من هذه الكتب‪.‬‬
‫ويكنه أن يبدأ بفظ (الربعي النووية) وما ألقه ابن رجب با لتمام خسي حديثا‪ ،‬ث ينتقل إل‬
‫(عمدة الحكام) لعبد الغن بن عبد الواحد القدسي‪ ،‬ث إل (بلوغ الرام) لبن حجر‪ ،‬أو (اللؤلؤ‬
‫والرجان فيما اتفق عليه الشيخان) لحمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ث إل الصحيحي ؛ ث ما شاء ما يوفقه‬
‫ال تعال إليه من الكتب‪ .‬وأنصحه أن أل يضيف إل مفوظه إل ما حكم عليه بالصحة والقبول من‬
‫إمام معتب‪ ،‬إل بعد أن يستوعب ذلك‪.‬‬
‫ويكن طالب الديث أن يكمل قراءته لكتب السنة بقراءة شروح متصرة لكتب الديث‪ ،‬مثل‬
‫(أعلم الديث) ف شرح صحيح البخاري للخطاب‪ ،‬وشرح النووي لصحيح مسلم‪ ،‬وشرح الطيب‬
‫لشكاة الصابيح‪ ،‬وفيض القدير للمناوي‪ .‬وأسهل من ذلك كله‪ ،‬أن يضع الطالب بواره أثناء قراءته‬
‫لكتب السنة كتاب (النهاية ف غريب الديث والثر) لبن الثي‪ ،‬لنه كتاب يعن بتفسي الكلمات‬
‫الغريبة لغويا الواردة ف الحاديث والثار ؛ ليستطيع من خلل ذلك أن يفهم العن العام للحديث‪،‬‬

‫‪134‬‬
‫وأن ل يروي ما ل يدري‪ .‬فإن أراد التوسع‪ :‬فعليه بثل (التمهيد) لبن عبد الب‪ ،‬و(طرح التثريب)‬
‫للعراقي‪ ،‬و(فتح الباري) لبن حجر‪.‬‬
‫أما بالنسبة لكتب علوم الديث والصطلح‪ :‬فإن كان الطالب صغي السن (ف مثل الرحلة الدراسية‬
‫التوسطة) فيبدأ بالبيقونية أو (نبة الفكر) لبن حجر‪ ،‬مع شرح ميسر لا؛ وإن كان ف الرحلة الثانوية‬
‫أو بداية الامعة فيبدأ بـ (نزهة النظر ف توضيح نبة الفكر) لبن حجر‪ ،‬أو (الباعث الثيث شرح‬
‫اختصار علوم الديث لبن كثي) لحد ممد شاكر‪ ،‬أو (الغاية شرح الداية) للسخاوي‪ .‬ث ينتقل‬
‫إل كتاب ابن الصلح ف علوم الديث‪ ،‬ويضم إليه شروحه كـ (التقييد واليضاح) للعراقي‬
‫و(النكت على كتاب ابن الصلح) لبن حجر‪ ،‬ويتلو ذلك كتاب (الوقظة) للذهب‪ .‬ث ينتقل إل‬
‫الكتب الوسعة ف علوم الديث‪ ،‬مثل (تدريب الراوي) للسيوطي‪ ،‬و(فتح الغيث) للسخاوي‪،‬‬
‫و(توضيح الفكار) للصنعان‪ .‬ث يدرس بعمق كتاب (الكفاية) للخطيب‪ ،‬و(معرفة علوم الديث)‬
‫للحاكم‪ ،‬و(شرح علل الترمذى) لبن رجب‪ ،‬ومقدمة (التمهيد) لبن عبدالب‪ ،‬ومقدمة (الرشاد)‬
‫للخليلي‪ .‬ث ينتهي بالتفقه ف كلم الشافعي ف (الرسالة)‪ ،‬ومسلم ف مقدمة (الصحيح)‪ ،‬وأب داود ف‬
‫(رسالته إل أهل مكة)‪ ،‬ونوها‪.‬‬
‫وبعد تعلمه لـ (نزهة النظر) أو ما ذكرناه ف درجتها‪ ،‬وأثناء قراءته لكتاب ابن صلح‪ ،‬عليه أن يكثر‬
‫مطالعة كتب التخريج‪ ،‬مثل (نصب الراية) للزيلعي‪ ،‬و(البدر الني) لبن اللقن‪ ،‬و(التلخيص البي)‬
‫لبن حجر‪ ،‬و(تنقيح التحقيق) لبن عبد الادي‪ ،‬والسلسلتي و(إرواء الغليل) لللبان‪ .‬وياول خلل‬
‫هذه القراءة أن يوازن بي ما عرفه من كتب الصطلح وما يقرؤه ف كتب التخريج تلك‪ ،‬ليى نظريا‬
‫طريقة التطبيق العملي لتلك القواعد ومعان الصطلحات‪.‬‬
‫وإذا ما توسع ف قراءة كتب التخريج السابقة‪ ،‬ويدرس كتابا من الكتب الديثة ف أصول التخريج‪،‬‬
‫مثل (أصول التخريج ودراسة السانيد) للدكتور ممود الطحان‪ .‬ث يدرس كتابا أو أكثر ف علم‬
‫الرح والتعديل‪ ،‬مثل (الرفع والتكميل) للكنوي‪ ،‬وأحسن منه (شفاء العليل) لب السن الصري‪.‬‬
‫ويدرس أيضا كتابا من الكتب الت تعرف بصادر السنة‪ ،‬كـ(الرسالة الستطرفة )للكتان‪ ،‬و(بوث‬
‫ف تاريخ السنة النبوية) للدكتور أكرم ضياء العمري‪.‬‬
‫ث يبدأ بالتخريج ودراسة السانيد بنفسه‪ ،‬وكلما بكر ف ذلك (ولو من أوائل طلبه) كان ذلك أعظم‬
‫فائدة وأكب عائدة ؛ لن ذلك يعله يطبق القواعد فل ينساها‪ ،‬ويتعرف على مصادر السنة‬
‫ومناهجها‪ ،‬ويتمرن ف ساحات هذا العلم‪ .‬والغرض من هذا التخريج – كما سبق – هو المارسة‬
‫للتعلم‪ ،‬ل للتأليف ؛ وقد تقدم الديث عن أهية هذه المارسة ف علم الديث‪.‬‬
‫وأثناء قيامه بالتخريج‪ ،‬عليه أيضا أن يص علم الرح والتعديل التطبيقي بزيد عناية كذلك ؛ وذلك‬
‫بقراءة كتبه الكبار‪ ،‬مثل‪( :‬تذيب التهذيب) لبن حجر‪ ،‬و(ميزان العتدال) للذهب ؛ وكتبه الصول‪،‬‬

‫‪135‬‬
‫مثل‪( :‬الرح والتعديل) لبن أب حات‪ ،‬و(الضعفاء) للعقيلي‪ ،‬و(الجروحي) لبن حبان‪ ،‬و(الكامل)‬
‫لبن عدي‪ ،‬وكتبه الت هي أصول الصول‪ ،‬مثل‪ :‬تواريخ يي بن معي وسؤالته هو والمام أحد‪،‬‬
‫(التاريخ الكبي) للبخاري‪ ،‬ونوها‪ .‬وهو خلل قراءته هذه ياول أن يوازن بي استخدام الئمة‬
‫للفاظ الرح والتعديل وما ذكر عن مراتب هذه اللفاظ ف كتب الصطلح‪ .‬وإن مر به أحد الرواة‬
‫الذين كثر الختلف فيهم‪ ،‬فعليه أن يطيل ف دراسته‪ ،‬فإن هؤلء الرواة مادة خصبة للدراسة‬
‫والستفادة‪.‬‬
‫وما يزال الطالب ف الترقي العلمي ف قراءة كتب علوم الديث‪ ،‬فل يدع منها شاردة ول واردة‪،‬‬
‫وف التوسع ف التخريج‪ ،‬وف تحيص علم الرح والتعديل ؛ حت يصل إل منلة يصبح قادرا فيها‬
‫على دراسة كتب العلل‪ ،‬مثل‪( :‬العلل) لبن الدين‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وابن أب حات‪ ،‬وأجلها (علل‬
‫الحاديث) للدارقطن‪ .‬فيقرأ الطالب هذه الكتب قراءة تدقيق شديد‪ ،‬وتفقه عميق ؛ ليدري بعضا من‬
‫أساليب الئمة ف عرض علل الحاديث‪ ،‬وطرائق اكتشاف تلك العلل‪ ،‬وقواعد الكم على‬
‫الحاديث‪.‬‬
‫فإذا وصل طالب الديث إل هذه الرحلة‪ ،‬فلبد أن رأسه قد أمتل بالشاريع العلمية والبحوث‬
‫الديثية‪ ،‬الت تزيده تعمقا ف علم الديث‪ .‬فليبدأ (على بركة ال) مشوار العلم الطويل‪ ،‬منتفعا ونافعا‬
‫مستفيدا مفيدا‪.‬‬
‫فإن بلغ طالب الديث هذه الرتبة‪ ،‬وأسبغ ال عليه نعم توفيقه وتسديده‪ ،‬ومد عليه عمره ف عافية‪،‬‬
‫وطالت مارسته لذا العلم ؛ فيا بشرى العال السلمي‪ ،‬فقد ولد له مدث!!‬
‫وأنبه – أخيا – أن هذه النهج التعليمي إنا نطرحه للطالب الذي ل يد من يوجهه‪ .‬أما من وجد‬
‫عالا ربانيا يعتن به توجيها وتعليما‪ ،‬فعليه أن يقبل عليه بكليته‪ ،‬وأن يلزم عتبة داره ؛ فهو على خي‬
‫عظيم‪ ،‬وعلى معارج العلم يترقى‪ ،‬ما دام جاثيا ف حلقة ذلك العال‪.‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والرسلي‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫وكتب‬
‫الشريف حات بن عارف بن ناصر العبدل العون‬
‫‪----------------------------‬‬
‫([‪ )]1‬جامع بيان العلم وفضله‪ :‬لبن عبد الب‪ .‬بتحقيق أب الشبال الزهيي‪ .‬دار ابن الوزي‪:‬‬
‫الدمام‪ ،‬الطبعة الول (‪ 1414‬هـ)= (رقم ‪ ،2352‬وانظر رقم ‪.)2354 – 2351‬‬
‫([‪ )]2‬بيان جامع العلم وفضله لبن عبد الب (رقم ‪.)2349‬‬

‫‪136‬‬
‫([‪ )]3‬أخرجه مسلم ف صحيحه‪.‬‬
‫([‪ )]4‬حديث صحيح متفق عليه‪ ،‬صح عن جع من الصحابة رضي ال عنهم‪.‬‬
‫([‪ )]5‬انظر‪ :‬شرف أصحاب الديث‪ ،‬للخطيب‪ .‬تقيق ممد سعيد خطيب أو غلي‪ ،‬الطبعة الول‪،‬‬
‫نشر دار إحياء السنة النبوية (رقم ‪.)51 – 46‬‬
‫([‪ )]6‬أخرجه الترمذي وحسنه (رقم ‪ ،)484‬وابن حبان ف صحيحه (رقم ‪ )911‬؛ وحسنه‬
‫وصححه غي ما واحد من الئمة‪ ،‬كما تراه ف تريج الحسان‪ ،‬والعجم الكبي للطبان (‪10/21‬‬
‫رقم ‪)9800‬‬
‫([‪ )]7‬الحسان بترتيب صحيح ابن حبان (رقم ‪)911‬‬
‫([‪ )]8‬شرف أصحاب الديث للخطيب (‪.)35‬‬
‫([‪ )]9‬شرف أصحاب الديث للخطيب (رقم ‪.)163‬‬
‫[‪ )]10‬حديث أخرجه أصحاب السنن‪ ،‬وصححه الترمذي وغيه‪ .‬وهو من أصول الدين‪ ،‬ومن‬
‫قواعد السنة‪.‬‬
‫([‪ )]11‬الامع للخطيب (رقم‪.)779‬‬
‫([‪ )]12‬انظر الامع الطيب (رقم ‪ ،)782-780‬والدخل إل السنن للبيهقي (رقم‪– 520‬‬
‫‪ ،)522‬والوقظة للذهب (‪.)65‬‬
‫([‪ )]13‬انظر‪ :‬تأويل متلف الديث لبن قتيبة (‪ ،)64‬والحدث الفاصل للرامهرمزي (‪ 179‬رقم‬
‫‪ ،)32 – 31‬والجروحي لبن حبان (‪ ،)1/62‬والكامل لبن عدي (‪ ،)59– 1/58‬والدخل‬
‫إل الكليل للحاكم (‪ ،)27‬وحلية الولياء لب نعيم (‪ ،)3/365‬وشرف أصحاب الديث‬
‫للخطيب (رقم‪ ،)151 ،150‬ومسألة العلو والنول لبن طاهر (رقم ‪ ،)9‬وترجة الزهري من‬
‫تاريخ دمشق – الترجة الطبوعة الفردة – (‪)150‬‬
‫([‪ )]14‬الامع للخطيب (رقم‪.)93‬‬
‫([‪ )]15‬الامع للخطيب (رقم ‪)96‬‬
‫([‪ )]16‬أثر صحيح عن علي بن أب طالب – رضي ال عنه ‪ :-‬أخرجه البخاري (رقم ‪،)127‬‬
‫والبيهقي ف الدخل إل السنن (رقم ‪ ،)610‬والطيب ف الامع (رقم ‪.)1355‬‬
‫([‪ )]17‬أثر صحيح عن عبد ال بن مسعود – رضي ال عنه ‪ :-‬أخرجه مسلم ف مقدمة صحيحة (‬
‫‪ ،)1/11‬والبيهقي ف الدخل إل السنن (رقم ‪ )611‬وابن عبد الب ف جامع بيان العلم (رقم‬
‫‪ ،)888‬والطيب ف الامع (رقم ‪.)1358‬‬
‫([‪ )]18‬رسالة أب داود إل أهل مكة (‪)32-31‬‬
‫([‪ )]19‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1835‬‬

‫‪137‬‬
‫([‪ )]20‬علل الديث لبن أب حات (‪ ،)1/9‬و معرفة علوم الديث للحاكم (‪ ،)113‬والامع‬
‫للخطيب (رقم ‪.)1837‬‬
‫([‪ )]21‬علل الديث لبن أب حات (‪)1/9‬‬
‫([‪ )]22‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1838‬‬
‫([‪ )]23‬الامع للخطيب (رقم ‪)1839‬‬
‫([‪ )]24‬شرف أصحاب الديث للخطيب (رقم ‪.)277‬‬
‫([‪ )]25‬الامع للخطيب (‪ 1/168‬رقم ‪.)91‬‬
‫([‪ )]26‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪)850‬‬
‫([‪ )]27‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪.)852‬‬
‫([‪ )]28‬الائدة (‪ ،)42‬والجرات (‪ ،)9‬والمتحنة (‪)8‬‬
‫([‪ )]29‬النساب التفقة لبن طاهر القدسي (‪.)3‬‬
‫([‪ )]30‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪.)853‬‬
‫([‪ )]31‬حديث صحيح مشهور‪ ،‬أخرجه أصحاب السنن‪ ،‬وصححه ابن حبان والاكم وغيها ‪.‬‬
‫وروي من حديث نو ثلثي صحابيا‪ .‬ولب عمرو أحد بن ممد بن إبراهيم بن حكيم الدين (ت‬
‫‪333‬هـ) جزء حديثي عنون به‪ .‬وللشيخ عبد الحسن العباد (دراسة حديث (نضر ال أمرأ سع‬
‫مقالت) رواية ودراية)‪.‬‬
‫([‪ )]32‬ما أحسن قوله‪( :‬وبوجوب الفضل لحدها يثبت الفضل للخر)! فإنك إن ذكرت فضل‬
‫الفقيه‪ ،‬قلنا لك‪ :‬وهل تفقه الفقيه إل با رواه له الحدث وميز له صحيحه من سقيمه ؟! وإن ذكرت‬
‫فضل الحدث‪ ،‬قلنا لك‪ :‬وهل يكون للرواية فائدة إل بفقهها للعمل با فيها ؟!‬
‫([‪ )]33‬هذه المثلة الثلثة‪ ،‬ذكر ف كل واحد منها قريني ‪ ،‬الول منهما إمام ف الفقه والثان‬
‫=إمام ف الديث ؛ فمن ينتقص أحد المامي ؟!! أمن يستطيع ذلك ؟!!!‬
‫([‪ )]34‬الحدث الفاصل للرامهرمزي (‪.)170 – 169‬‬
‫([‪ )]35‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪ ،)1944‬والامع لخلق الراوي للخطيب (رقم‬
‫‪.)1371‬‬
‫([‪ )]36‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪.)1533‬‬
‫([‪ )]37‬الامع للخطيب (‪ 2/251‬رقم ‪.)1569‬‬
‫([‪ )]38‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1569‬‬
‫([‪ )]39‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1570‬‬
‫([‪ )]40‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1571‬‬

‫‪138‬‬
‫([‪ )]41‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1909‬‬
‫([‪ )]42‬شرف أصحاب الديث (رقم ‪.)145‬‬
‫([‪ )]43‬التكاثر (‪.)1‬‬
‫([‪ )]44‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم ‪.)1988‬‬
‫([‪ )]45‬التاريخ لبن معي (رقم ‪ ،)4330‬والامع للخطيب (رقم ‪.)1699‬‬
‫([‪ )]46‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1700‬‬
‫([‪ )]47‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1701‬‬
‫([‪ )]48‬الامع للخطيب (‪ 227 – 126‬رقم ‪.)1528 ،1523‬‬
‫([‪ )]49‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1599‬‬
‫([‪ )]50‬شرف أصحاب الديث للخطيب (رقم ‪.)304‬‬
‫([‪ )]51‬الامع للخطيب (رقم ‪)1986‬‬
‫([‪ )]52‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1983‬‬
‫([‪ )]53‬معرفة علوم الديث للحاكم (‪.)254 – 250‬‬
‫([‪ )]54‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1564‬‬
‫([‪ )]55‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1818‬‬
‫([‪ )]56‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1843‬‬
‫([‪ )]57‬الامع لعمر – بذيل مصنف عبد الرزاق – (‪ ،)11/256‬والدخل إل السنن للبيهقي‬
‫(رقم ‪.)519‬‬
‫([‪ )]58‬أخرجه البيهقي ف الدخل إل السنن (رقم ‪ ،)487‬وابن عبد الب ف جامع بيان العلم‬
‫وفضله (رقم ‪ ،)1195‬والطيب ف الامع (رقم ‪ ،)1850‬وانظر تريه ف الصدرين الولي‪.‬‬
‫([‪ )]59‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1846‬‬
‫([‪ )]60‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪.)1274‬‬
‫([‪ )]61‬انظر جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪ ،)1286 ،1284‬والامع للخطيب (رقم‬
‫‪.)1852 ،1851‬‬
‫([‪ )]62‬البقرة (‪.)282‬‬
‫([‪ )]63‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1872‬‬
‫([‪ )]64‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1872‬‬
‫([‪ )]65‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1873‬‬
‫([‪ )]66‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪ ،)482‬والدخل إل السنن للبيهقي (رقم ‪.)640‬‬

‫‪139‬‬
‫([‪ )]67‬انظر‪ :‬الدخل إل السنن للبيهقي (رقم ‪ ،)641‬وجامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم‬
‫‪.)481‬‬
‫([‪ )]68‬شرف أصحاب الديث للخطيب (رقم ‪.)139-137‬‬
‫([‪ )]69‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪ ،)483‬والامع للخطيب (رقم‪.)683‬‬
‫([‪ )]70‬الث على حفظ العلم لبن الوزي (‪.)50‬‬
‫([‪ )]71‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1874‬‬
‫([‪ )]72‬تعليق للدكتور ممد عجاج الطيب على الصدر السابق‪.‬‬
‫([‪ )]73‬الث على حفظ العلم لبن الوزي (‪.)49-48‬‬
‫([‪ )]74‬الامع للخطيب (رقم ‪ ،)1879‬وجامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪.)641‬‬
‫([‪ )]75‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1875‬‬
‫([‪ )]76‬انظر‪ :‬معرفة علوم الديث للحاكم (‪ ،)146-140‬والامع للخطيب (‪-2/404‬‬
‫‪.)421‬‬
‫([‪ )]77‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم ‪ ،)687 ،623‬وشرف أصحاب الديث للخطيب‬
‫(رقم ‪.)203-202‬‬
‫([‪ )]78‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم ‪ ،)626‬وشرف أصحاب الديث للخطيب (رقم‬
‫‪ ،)208-207‬والامع للخطيب (رقم ‪.)1883-1882‬‬
‫([‪ )]79‬انظر‪ :‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم ‪ ،)639 ،631 ،627‬وشرف أصحاب‬
‫الديث للخطيب (رقم ‪ ،)215 ،214 ،212‬والامع للخطيب (رقم ‪.)1885-1884‬‬
‫([‪ )]80‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1900‬‬
‫([‪ )]81‬الامع للخطيب (رقم ‪ ،)1899‬بتصرف يسي‪.‬‬
‫([‪ )]82‬الامع للخطيب (رقم ‪.)885‬‬
‫([‪ )]83‬الدخل إل السنن للبيهقي (رقم ‪ ،)1493‬ولبن معي عبارة نوها ف الامع للخطيب‬
‫(رقم ‪.)1494‬‬
‫([‪ )]84‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1492‬‬
‫([‪ )]85‬انظر‪ :‬الث على حفظ العلم لبن الوزي (‪.)50‬‬
‫([‪ )]86‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم‪.)2414‬‬
‫([‪ )]87‬الامع للخطيب (رقم‪.)1813‬‬
‫([‪ )]88‬الامع للخطيب (رقم‪.)1873‬‬

‫‪140‬‬
‫([‪ )]89‬جامع بيان العلم لبن عبد الب (رقم‪ ،)484‬والدخل إل السنن للبيهقي (رقم ‪632،77‬‬
‫‪.)2‬‬
‫([‪ )]90‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم ‪.)447‬‬
‫([‪ )]91‬الامع للخطيب (رقم ‪.)1914 ،1913‬‬
‫([‪ )]92‬جامع بيان العلم وفضله لبن عبدالب (رقم ‪.)506 ،505‬‬
‫([‪ )]93‬الدخل إل السنن للبيهقي (رقم ‪.)685‬‬
‫([‪ )]94‬جامع بيان العلم لبن عبدالب (رقم ‪ ،)597‬والامع للخطيب (رقم ‪.)56 ،55 ،54‬‬
‫([‪ )]95‬الامع للخطيب (رقم ‪.)58‬‬
‫([‪ )]96‬الامع للخطيب (رقم ‪.)57‬‬
‫([‪ )]97‬الامع للخطيب (رقم ‪.)60‬‬
‫([‪ )]98‬الامع للخطيب (رقم ‪.)61‬‬
‫([‪ )]99‬وف كتاب (صفحات من صب العلماء) لعبدالفتاح أبو غدة أمثلة وافرة من ذلك‪.‬‬
‫([‪ )]100‬الامع للخطيب (رقم ‪)2‬‬
‫([‪ )]101‬الامع للخطيب (رقم ‪ ،)3‬وأدب الملء والستملء للسمعان (رقم ‪.)28‬‬
‫([‪ )102‬معيد النعم ومبيد النقم للسبكي (‪.)83-82‬‬
‫===========================‬
‫صلّى ال ّلهُ َعلَ ْيهِ وَ َس ّلمَ (*)‬
‫نصرة النب َ‬

‫الكاتب‪ :‬ممد صال النجد‬


‫بيان بشأن تجم الصحيفتي النرويية والدنركية على نب السلم صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على أشرف النبياء والرسلي نبينا ممد وعلى آله وصحبه‬
‫أحعي‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن من أعظم ما يفتخر به السلم إيانه ومبته لرسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ ،-‬ومع أن‬
‫السلم يؤمن بالنبياء جيعا ‪ -‬عليهم الصلة والسلم ‪ ،-‬ول يفرق بي أحد منهم؛ إل أنه يعتب النب‬
‫ممد ‪ -‬صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ‪ -‬خاتهم‪ ،‬وأفضلهم‪ ،‬وسيدهم‪ ،‬فهو الذي يُفتح به باب النة‪ ،‬وهو‬
‫الطريق إل هذه المة فل يؤذن لحد بدخول النة بعد بعثته؛ إل أن يكون من الؤمني به ‪ -‬عليه‬
‫ص عَلَْيكُمْ بِالْ ُم ْؤمِِنيَ‬
‫الصلة والسلم ‪َ(( -‬لقَدْ جَاءَكُ ْم رَسُو ٌل مِنْ أَْنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز عََلْيهِ مَا عَِنتّمْ َحرِي ٌ‬
‫َرؤُوفٌ رَحِيمٌ))]التوبة‪[128‬‬

‫‪141‬‬
‫وما زادن شرفا وتيها *** وكدت بأخصي أطأ الثريا‬
‫دخول تت قولك يا عبادي *** وأن صيّرت أحد ل نبيا‬
‫أيها السلمون‪:‬‬
‫ترى ماذا نقول أمام ما نشرته صحيفة ( جلندز بوست ) الداناركية يوم الثلثاء‬
‫‪26/8/1426‬هـ (‪ )12‬رسا كاريكاتييا ساخر‪ ،‬بن يا ترى؟! بأعظم رجل وطأت قدماه‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪.-‬‬
‫الثرى‪ ،‬بإمام النبيي‪ ،‬وقائد الغر الحجلي ‪َ -‬‬
‫صور آثةٌ وقحةٌ وقاحة الكفر وأهله‪ ،‬أظهروا النب ‪ -‬صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ‪ -‬ف إحدى هذه‬
‫الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه!! وكأنم يريدون أن يقولوا إنه ‪ -‬مرم حرب‬
‫‪ (( -‬أل ساء ما يزرون ))‪.‬‬
‫ث ف هذه اليام وف يوم عيد الضحى بالتحديد – إمعانا ف العداء ‪ -‬تأت جريدة ( ما جزينت )‬
‫النرويية لتنكأ الراج وتشن الغارة من جديد ‪ ،‬فتعيد نشر الرسوم ألوقحة الت نُشرت ف الجلة‬
‫صوْا ِبهِ بَ ْل هُ ْم َق ْومٌ طَاغُو َن )[ الذاريات‪]1[ ]53‬‬ ‫الدنركية قبل! (َأَتوَا َ‬
‫بال ماذا يبقى ف الياة من لذة يوم ينال من مقام ممد صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ث ل ينتصر له ول يذاد‬
‫عن حياضه ‪ .‬ماذا نقول تاه هذا العداء السافر ‪ ،‬والتهكم الكشوف ‪ ..‬هل نغمض أعيننا ‪ ،‬ونصم‬
‫آذاننا ‪ ،‬ونطبق أفواهنا ‪ ..‬وف القلب عرق ينبض ‪ .‬والذي كرم ممدا وأعلى مكانته لبطن الرض‬
‫أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالق وندافع عن رسول الق ‪ .‬أل جفت أقلم وشُلت‬
‫سواعد امتنعت عن تسطي أحرفٍ تذود با عن حوضه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ وتدافع عن حرمته ‪.‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي *** لعرض ممد منكم فداء‬
‫مكانة النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫أي عبارة تيط ببعض نواحي تلك العظمة النبوية‪ ،‬وأي كلمة تتسع لقطار هذه العظمة الت شلت‬
‫كل قطر‪ ،‬وأحاطت بكل عصر‪ ،‬وكُتب لا اللود أبد الدهر‪ ،‬وأي خطبة تكشف لك عن أسرارها‬
‫وإن كُتب بروف من النور‪ ،‬وكان مداده أشعة الشمس‪.‬‬
‫إنا العظمة الاثلة ف كل قلب‪ ،‬الستقرة ف كل نفس‪ ،‬يستشعرها القريب والبعيد‪ ،‬ويعترف با العدو‬
‫والصديق‪ ،‬وتتف با أعواد النابر‪ ،‬وتتز لا ذوائب النائر‪.‬‬
‫أل تر أن ال خلّد ذكره *** إذ قال ف المس الؤذن‪ :‬أشهد‬
‫وشقّ له من اسه ليجله *** فذو العرش ممود وهذا ممد‬
‫إنه النب ممد صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم حيث الكمال الُلقي بالذروة الت ل تُنال‪ ،‬والسمو الذي ل‬
‫يُسامى‪ ،‬أوفر الناس عقلً‪ ،‬وأسداهم رأيًا‪ ،‬وأصحهم فكرةً‪ ،‬أسخى القوم يدًا‪ ،‬وأنداهم راحة‪،‬‬
‫وأجودهم نفسًا أجود بالي من الريح الرسلة‪ ،‬يُعطي عطاء من ل يشى الفقر‪ ،‬يبيت على الطوى‬

‫‪142‬‬
‫وقد وُهب الئي‪ ،‬وجاد باللف‪ ،‬ل يبس شيئًا وينادي صاحبه‪" :‬أنفق يا بلل ول تش من ذي‬
‫العرش إقللً"‪.‬‬
‫أرحب الناس صدرًا‪ ،‬وأوسعهم حلمًا‪ ،‬يلم على من جهل عليه‪ ،‬ول يزيده جهل الاهلي إل أخذًا‬
‫بالعفو وأمرًا بالعروف‪ ،‬يسك بغرة النصر وينادي أسراه ف كرم وإباء‪" :‬اذهبوا فأنتم الطلقاء"‪.‬‬
‫أعظم الناس تواضعًا‪ ،‬يُخالط الفقي والسكي‪ ،‬ويُجالس الشيخ والرملة‪ ،‬وتذهب به الارية إل أقصى‬
‫سكك الدينة فيذهب معها ويقضي حاجتها‪ ،‬ول يتميز عن أصحابه بظهر من مظاهر العظمة ول‬
‫برسم من رسوم الظهور‪.‬‬
‫ألي الناس عريك ًة وأسهلهم طبعًا‪ ،‬ما خُيّر بي أمرين إل اختار أيسرها ما ل يكن مُحرمًا‪ ،‬وهو مع‬
‫هذا أحزمهم عند الواجب وأشدهم مع الق‪ ،‬ل يغضب لنفسه‪ ،‬فإذا انُتهِكت حرمات ال ل يقم‬
‫لغضبه شيء‪ ،‬وكأنا يُفقأ ف وجهه حب الرمان من شدة الغضب‪.‬‬
‫أشجع الناس قلبًا وأقواهم إرادةً‪ ،‬يتلقى الناس بثبات وصب‪ ،‬يوض الغمار ويُنادي بأعلى صوته‪:‬‬
‫"أنا النب ل كذب أنا ابن عبد الطلب"‪.‬‬
‫وهو من شجاعة القلب بالنلة الت تعل أصحابه إذا اشتد البأس يتقون برسول ال ‪ -‬صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬
‫وَسَلّ َم ‪ ،-‬ومن قوة الرادة بالنلة الت ل ينثن معها عن واجب‪ ،‬ول يلي ف حق‪ ،‬ول يتردد ول‬
‫يضعف أمام شدة‪.‬‬
‫أعف الناس لسانًا‪ ،‬وأوضحهم بيانًا ‪ ،‬يسوق اللفاظ مُفصلة كالدر مشرقة كالنور‪ ،‬طاهر كالفضيلة‬
‫ف أسى مراتب العفة وصدق اللهجة‪.‬‬
‫أعدلم ف الكومة وأعظمهم إنصافًا ف الصومة َيقِي ُد من نفسه ويقضي لصمه‪ ،‬يقيم الدود على‬
‫أقرب الناس‪ ،‬ويقسم بالذي نفسه بيده‪ " :‬لو أن فاطمة بنت ممد سرقت لقطعت يدها "‪.‬‬
‫أسى الليقة روحًا‪ ،‬وأعلها نفسًا‪ ،‬وأزكاها وأعرفها بال ‪ ،‬وأشدها صلبة وقيامًا بقه‪ ،‬وأقومها‬
‫بفروض العبادة ولوازم الطاعة‪ ،‬مع تناسق غريب ف أداء الواجبات ‪ ،‬واستيعاب عجيب لقضاء‬
‫القوق ‪ ،‬يُؤت كل ذي حق حقه‪ ،‬فلربه حقه‪ ،‬ولصاحبه حقه‪ ،‬ولزوجه حقها‪ ،‬ولدعوته حقها‪ ،‬أزهد‬
‫الناس ف الادة وأبعدهم عن التعلق بعرض هذه الدنيا‪ ،‬يطعم ما يقدم إليه فل يرد موجودا ول يتكلف‬
‫مفقودا ‪ ،‬ينام على الصي والدم الحشو بالليف‪.‬‬
‫قضى زهرة شبابه مع امرأة من قريش تكبه بمس عشرة سنة‪ ،‬قد تزوجت من قبله وقضت زهرة‬
‫شبابا مع غيه ‪ ،‬ول يتزوج معها أحدًا وما تزوج بعدها لتعة‪ ،‬وما كان ف أزواجه الطاهرات بكرًا‬
‫غي عائشة الت أعرس با وسنها تسع سني‪ ،‬يسرب إليها الولئد يلعب معها بالدمي وعرائس القطن‬
‫والنسيج‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫أرفق الناس بالضعفاء وأعظمهم رحة بالساكي والبائسي‪ ،‬شلت رحته وعطفه النسان واليوان‪،‬‬
‫ويذر أصحابه‪ ،‬فيقول لم‪" :‬إن امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها فل هي أطعمتها ول هي‬
‫تركتها تأكل من خشاش الرض"‪.‬‬
‫لو ل يكن للنب ‪ -‬صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ‪ -‬من الفضل إل أنه الواسطة ف حل هداية السماء إل‬
‫الرض‪ ،‬وإيصال هذا القرآن الكري إل العال لكان فضلً ل يستقل العال بشكره‪ ،‬ول تقوم النسانية‬
‫بكفائه‪ ،‬ول يُوف الناس حامله بعض جزائه‪.‬‬
‫ذلك قبس من نور النبوة‪ ،‬وشعاع من مشكاة اللق الحمدي الطاهر‪ ،‬وإن ف القول بعد لسعة وف‬
‫القام تفصيلً‪.‬‬
‫وسل التاريخ ينبئك هل مر به عظيم أعظم من النب ممد ‪-‬صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪-‬؛ فقد عُصم من‬
‫النقائص‪ ،‬وعل عن الفوات‪ ،‬وج ّل مقامه عن أن تلصق به هفوة‪.‬‬
‫ت مُبءًا من كل عيب *** كأنك قد خُلقت كما تشاء‬ ‫خُلق َ‬
‫من أقوال الغربيي ف النب ممد صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫إن النصفي من الشاهي العاصرين عندما اطلعوا على سية رسول ال ممد ل يلكوا إل العتراف له‬
‫بالفضل والنبل والسيادة‪ ،‬وهذا طرفٌ من أقوال بعضهم ‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول مايكل هارت ف كتابه "الالدون مئة" ص‪ ،13‬وقد جعل على رأس الئة سيدَنا ممدا‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ف أول هذه القائمة ‪ ...‬لن ممدا عليه السلم هو النسان‬ ‫"لقد اخترت ممدا َ‬
‫الوحيد ف التاريخ الذي نح ناحا مطلقا على الستوى الدين والدنيوي ‪ ،‬وهو قد دعا إل السلم‬
‫ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودينيا‪ ،‬وبعد ‪ 13‬سنة من وفاته‪،‬‬
‫فإن أثر ممد عليه السلم ما يزال قويا متجددا"‪.‬‬
‫وقال ص ‪" :18‬ولا كان الرسول صلي ال عليه وسلم قوة جبارة ل يستهان با فيمكن أن يقال‬
‫أيضا إنه أعظم زعيم سياسي عرفه التاريخ"‪.‬‬
‫‪ -2‬برناردشو النكليزي ‪ ،‬له مؤلف أساه (ممد)‪ ،‬وقد أحرقته السلطة البيطانية ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫"إن العال أحوج ما يكون إل رجلٍ ف تفكي ممد‪ ،‬وإنّ رجال الدين ف القرون الوسطى‪ ،‬ونتيجةً‬
‫للجهل أو التعصّب‪ ،‬قد رسوا لدين مم ٍد صورةً قاتةً‪ ،‬لقد كانوا يعتبونه عدوّا للمسيحية‪ ،‬لكنّن‬
‫اطّلعت على أمر هذا الرجل‪ ،‬فوجدته أعجوب ًة خارقةً‪ ،‬وتوصلت إل أنّه ل يكن عدوّا للمسيحية‪ ،‬بل‬
‫يب أ ْن يسمّى منقذ البشرية‪ ،‬وف رأيي أنّه لو تولّى أمر العال اليوم‪ ،‬لوفّق ف حلّ مشكلتنا با يؤمن‬
‫السلم والسعادة الت يرنو البشر إليها"‪.‬‬
‫‪ -3‬ويقول آن بيزيت ‪:‬‬

‫‪144‬‬
‫"من الستحيل لي شخص يدرس حياة وشخصية نب العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النب‬
‫وكيف علم الناس‪ ،‬إل أن يشعر بتبجيل هذا النب الليل‪ ،‬أحد رسل ال العظماء‪...‬‬
‫هل تقصد أن تبن أن رجلً ف عنفوان شبابه ل يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من‬
‫امرأة أكب منه بكثي وظل وفيا لا طيلة ‪ 26‬عاما ث عندما بلغ المسي من عمره ‪ -‬السن الت تبو‬
‫فيها شهوات السد ‪ -‬تزوج لشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الكم على حياة‬
‫الشخاص‪".‬‬
‫‪ -4‬تولستوي (الديب العالي) ‪:‬‬
‫"يكفي ممدا فخرا أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مالب شياطي العادات الذميمة‪ ،‬وفتح على‬
‫وجوههم طريقَ الرّقي والتقدم‪ ،‬وأنّ شريعةَ ممدٍ‪ ،‬ستسودُ العال لنسجامها مع العقل والكمة"‪.‬‬
‫‪ -5‬شبك النمساوي ‪:‬‬

‫"إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها‪ ،‬إذ إنّه رغم ُأمّيته‪ ،‬استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ‬
‫يأت بتشريع‪ ،‬سنكونُ ن ُن الوروبيي أسعد ما نكون‪ ،‬إذا توصلنا إل قمّته"‪.‬‬
‫‪ -6‬الدكتور زوير الكندي ‪،‬مستشرق كندي ‪:‬‬
‫"إن ممدا كان ول شك من أعظم القواد السلمي الدينيي‪ ،‬ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان‬
‫مصلحا قديرا وبليغا فصيحا وجريئا مغوارا‪ ،‬ومفكرا عظيما‪ ،‬ول يوز أن ننسب إليه ما يناف هذه‬
‫الصفات‪ ،‬وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريه يشهدان بصحة هذا الدعاء"‪.‬‬
‫‪ -7‬الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي ‪:‬‬
‫"عُرِف ممد بلوص النية واللطفة وإنصافه ف الكم‪ ،‬ونزاهة التعبي عن الفكر والتحقق"‪.‬‬
‫‪ -8‬الفيلسوف النليزي توماس كارليل الائز على جائزة نوبل يقول ف كتابه البطال ‪:‬‬
‫" لقد أصبح من أكب العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إل ما يقال من أن دين‬
‫السلم كذب ‪ ،‬وأن ممدا خدّاع مزوّر‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬حرا ‪،‬‬ ‫وقد رأيناه طول حياته راسخ البدأ ‪ ،‬صادق العزم بعيدا ‪ ،‬كريا َبرّا ‪ ،‬رؤوفا ‪ ،‬تقيا ‪ ،‬فاض ً‬
‫ل ‪ ،‬شديد الد ‪ ،‬ملصا ‪ ،‬وهو مع ذلك سهل الانب ‪ ،‬ليّن العريكة ‪ ،‬جم البشر والطلقة ‪،‬‬ ‫رج ً‬
‫حيد العشرة ‪ ،‬حلو اليناس ‪ ،‬بل ربا مازح وداعب‪.‬‬
‫كان عاد ًل ‪ ،‬صادق النية ‪ ،‬ذكي اللب ‪ ،‬شهم الفؤاد ‪ ،‬لوذعيا ‪ ،‬كأنا بي جنبيه مصابيح كل ليل‬
‫ل عظيما بفطرته ‪ ،‬ل تثقفه مدرسة ‪ ،‬ول هذبه معلم ‪ ،‬وهو غن عن ذلك"‪.‬‬ ‫بيم ‪ ،‬متلئا نورا ‪ ،‬رج ً‬
‫و بعد أن أفاض كارليل ف إنصاف النب ممد ختم حديثه بذه الكلمات ‪" :‬هكذا تكون العظمة‪،‬‬
‫هكذا تكون البطولة‪ ،‬هكذا تكون العبقرية"‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ -9‬ويقول جوتة الديب اللان ‪:‬‬
‫"إننا أهل أوربة بميع مفاهيمنا ‪ ،‬ل نصل بعد إل ما وصل إليه ممد ‪ ،‬وسوف ل يتقدم عليه أحد‪،‬‬
‫ولقد بثت ف التاريخ عن مثل أعلى لذا النسان ‪ ،‬فوجدته ف النب ممد … وهكذا وجب أن‬
‫يظهر الق ويعلو‪ ،‬كما نح ممد الذي أخضع العال كله بكلمة التوحيد"‪.‬‬
‫‪ -10‬وقال شاتليه الفرنسي ‪:‬‬
‫"إن رسالة ممد هي أفضل الرسالت الت جاء با النبياء قبله"‪.‬‬
‫‪ -11‬يقول وليم الؤرخ النليزي الكبي ف كتابه ((حياة ممد)) ‪:‬‬
‫" لقد امتاز ممد عليه السلم بوضوح كلمه ويسر دينه و قد أت ف العمال ما يدهش العقول و ل‬
‫يعهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس أحيا الخلق و أرفع شأن الفضيلة ف زمن قصي كما فعل نب‬
‫السلم ممد"‪.‬‬
‫‪ -12‬قالت الدكتورة زيرد هونكة اللانية ‪:‬‬
‫" أن ممد و السلم شس ال على الغرب"‪.‬‬
‫فإن كان ذلك كذلك فإن من واجب العال كله – ول ميص لم عن ذلك – أن يعل عظمة ممد‬
‫‪-‬صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ‪ -‬ف اللق جيعًا فوق كل عظمة‪ ،‬وفضله فوق كل فضل‪ ،‬وتقديره أكب من‬
‫كل تقدير‪ ،‬ولو ل يكن له ‪-‬صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّمَ ‪ -‬من مؤيدات نبوته وأدلة رسالته إل سيته الطهرة‬
‫وتشريعه الالد لكانا كافيي‪ ،‬لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬
‫صدق نبوة النب ممد صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪:‬‬
‫من كلم شيخ السلم‪:‬‬
‫ومعلوم أن مدعى الرسالة إما أن يكون من أفضل اللق وأكملهم وإما أن يكون من أنقص اللق‬
‫وأرذلم ‪ ،‬ولذا قال أحد أكابر ثقيف للنب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ‪ -‬لا بلغهم الرسالة ودعاهم إل‬
‫السلم وال ل أقول لك كلمة واحدة إن كنت صادقا فأنت أجل ف عين من أن أرد عليك وإن‬
‫كنت كاذبا فأنت أحقر من أن أرد عليك ‪ ،‬فكيف يشتبه أفضل اللق وأكملهم بأنقص اللق‬
‫وأرذلم ‪.‬‬
‫وما أحسن قول حسان ‪ -‬رضي ال عنه ‪: -‬‬
‫لَبرِ‬
‫ت مُبَيّنَ ٌة *** كانَت بَديهَُتهُ تُنبيكَ بِا َ‬ ‫لَو لَم َتكُن فيهِ آيا ٌ‬
‫وما من أحد ادعى النبوة من الكذابي إل وقد ظهر عليه من الهل والكذب والفجور واستحواذ‬
‫الشياطي عليه ما ظهر لن له أدن تييز ‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫وما من أحد ادعى النبوة من الصادقي إل وقد ظهر عليه من العلم والصدق والب وأنواع اليات ما‬
‫ظهر لن له أدن تييز ‪ ،‬فإن الرسول ل بد أن يب الناس بأمور ‪ ،‬ويأمرهم بأمور‪ ،‬ول بد أن يفعل‬
‫أمورا ‪.‬‬
‫والكذاب يظهر ف نفس ما يأمر به ويب عنه وما يفعله ما يبي به كذبه من وجوه كثية‪ .‬والصادق‬
‫يظهر ف نفس ما يأمر به وما يب عنه ويفعله ما يظهر به صدقه من وجوه كثية ‪.‬‬
‫ولذا قال تعال ‪{ :‬هَلْ أَُنبّئُكُ ْم َعلَى مَنْ تََنزّ ُل الشّيَا ِطيُ(‪َ)221‬تَنزّلُ َعلَى كُلّ َأفّاكٍ أَثِيمٍ(‪)222‬‬
‫ُي ْلقُونَ السّمْ َع وَأَ ْكَث ُرهُمْ كَاذِبُونَ(‪.})223‬‬
‫والنبوة مشتملة على علوم وأعمال ل بد أن يتصف الرسول با وهي أشرف العلوم وأشرف العمال‬
‫فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب ول يتبي صدق الصادق وكذب الكاذب‪،‬ولذا لا أنزل الوحي‬
‫على النب صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ أول مرة ‪ ،‬ونزلت عليه اليات من أول سورة العلق ‪َ ،‬فرَ َجعَ ِبهَا‬
‫رَسُولُ الّل ِه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ َترْجُفُ َبوَا ِدرُهُ َحتّى دَخَ َل عَلَى خَدِيَ َة َفقَا َل َزمّلُونِي َزمّلُونِي َف َزمّلُوهُ‬
‫ع !!‬‫ب عَْنهُ ال ّروْ ُ‬ ‫حَتّى َذهَ َ‬
‫شرْ َفوَالّلهِ لَا‬
‫خَبرَ قَاَلتْ خَدِ َيةُ كَلّا أَبْ ِ‬ ‫ت عَلَى َنفْسِي فَأَ ْخَب َرهَا الْ َ‬
‫قَا َل لِخَدِ َيةَ َأيْ خَدِ َي ُة مَا لِي َلقَدْ َخشِي ُ‬
‫سبُ الْ َمعْدُومَ وََت ْقرِي‬ ‫ق الْحَدِيثَ وََتحْمِلُ الْكَ ّل وَتَ ْك ِ‬ ‫خزِيكَ الّلهُ أَبَدًا َفوَالّلهِ إِّنكَ َلَتصِلُ الرّحِ َم وََتصْدُ ُ‬‫يُ ْ‬
‫ي عَلَى َنوَاِئبِ الْحَ ّق !!‬ ‫ف َوُتعِ ُ‬ ‫الضّيْ َ‬
‫فَانْطََل َقتْ ِبهِ خَدِ َيةُ حَتّى َأَتتْ ِبهِ َورََقةَ بْ َن َنوْفَلٍ ‪ ،‬فقال َورَقَ ُة ‪:‬‬
‫هَذَا النّامُوسُ الّذِي أُْنزِ َل َعلَى مُوسَى !!‬
‫فاشتملت هذه الواقعة على نوعي من طرق الستدلل على صحة نبوته صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّمَ وعظيم‬
‫قدره عند ربه ‪ ،‬وأنه ليس من يزيه ال تعال ‪:‬‬
‫النوع الول ‪ :‬الستدلل بأحواله وأخلقه وأعماله ‪ ،‬وبذا استدلت خدية رضي ال عنها ‪.‬‬
‫والنب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ يعلم الصدق من نفسه أكثر ما يعلمه غيه منه ‪ ،‬وإنا خاف ف أول المر‬
‫أن يكون قد عرض له عارض سوء ‪ ،‬فذكرت خدية ما ينفي هذا ؛ وهو ما كان مبول عليه من‬
‫مكارم الخلق وماسن الشيم والعمال ؛ وهو الصدق الستلزم للعدل‪ ،‬والحسان إل اللق ‪ ،‬ومن‬
‫جع فيه الصدق والعدل والحسان ل يكن ما يزيه ال ‪ ،‬وصلة الرحم وقرى الضيف وحل الكل‬
‫وإعطاء العدوم ‪ ،‬والعانة على نوائب الق هي من أعظم أنواع الب والحسان ‪ ،‬وقد علم من سنة‬
‫ال أن من جبله ال على الخلق الحمودة ونزهه عن الخلق الذمومة فإنه ل يزيه ‪.‬‬
‫وبذه الطريقة ‪ -‬أيضا ‪ -‬استدل هرقل ملك الروم ‪ ،‬فإن النب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّ َم ‪ ،‬لا كتب إليه‬
‫كتابا يدعوه فيه إل السلم ‪ ،‬وكان أبو سفيان قد قدم ف طائفة من قريش ف تارة إل غزة ‪،‬‬
‫فطلبهم وسألم عن أحوال النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪ ،‬فطلب هرقل أبا سفيان ‪َ ،‬فقَالَ ‪َ :‬أدْنُو ُه مِنّي‬

‫‪147‬‬
‫وََقرّبُوا َأصْحَاَبهُ ‪ ،‬فَا ْجعَلُوهُ ْم عِنْدَ َظ ْه ِرهِ ثُمّ قَالَ لَِترْجُمَاِنهِ قُلْ َلهُمْ إِنّي سَاِئ ٌل هَذَا عَ ْن هَذَا الرّجُ ِل فَإِنْ‬
‫كَذََبنِي فَكَذّبُوهُ !!‬
‫ب ‪ ، ....‬إل آخر السئلة الت سأل أبا‬ ‫س ٍ‬ ‫سُبهُ فِيكُمْ ؟ فقال ‪ُ :‬ق ْلتُ ‪ُ :‬هوَ فِينَا ذُو نَ َ‬ ‫ث سأله ‪َ :‬كيْفَ نَ َ‬
‫سفيان عنها ‪.‬‬
‫ث قال هرقل لترجانه ‪ ،‬بعد انتهاء ما عنده من السئلة ‪ ،‬وساع جواب أب سفيان عنها ‪:‬‬
‫سبِ َق ْو ِمهَا ‪.‬‬‫ب ‪ ،‬فَكَذَِلكَ الرّسُلُ ُتْب َعثُ فِي نَ َ‬ ‫س ٍ‬ ‫سِبهِ فَذَ َك ْرتَ َأّنهُ فِيكُ ْم ذُو نَ َ‬ ‫ك عَنْ نَ َ‬ ‫قُلْ َلهُ سََألُْت َ‬
‫وَسَأَْلُتكَ هَ ْل قَالَ أَحَ ٌد مِنْ ُكمْ هَذَا اْل َقوْلَ ‪ ،‬فَذَ َك ْرتَ أَنْ لَا ‪َ ،‬فقُ ْلتُ َلوْ كَانَ أَحَ ٌد قَا َل هَذَا اْل َقوْلَ قَْبَلهُ‬
‫ت رَجُلٌ يَ ْأتَسِي ِب َقوْلٍ قِي َل قَبَْل ُه ‪.‬‬ ‫َلقُ ْل ُ‬
‫ت رَجُلٌ‬ ‫ك ‪ ،‬فَذَ َك ْرتَ أَنْ لَا ‪ُ ،‬ق ْلتُ ‪َ :‬فَلوْ كَا َن مِنْ آبَاِئ ِه مِنْ مَِلكٍ ُق ْل ُ‬ ‫وَسَأَْلُتكَ هَلْ كَا َن مِنْ آبَاِئهِ مِ ْن مَِل ٍ‬
‫يَ ْطُلبُ ُم ْلكَ َأبِي ِه ‪.‬‬
‫وَسَأَْلُتكَ هَلْ ُكنْتُمْ َتّتهِمُوَنهُ بِاْلكَ ِذبِ قَبْلَ أَ ْن َيقُولَ مَا قَا َل ‪َ ،‬فذَ َك ْرتَ أَنْ لَا ؛ َفقَدْ َأ ْعرِفُ أَّنهُ لَمْ يَكُنْ‬
‫ب عَلَى النّاسِ َويَكْ ِذبَ َعلَى الّل ِه ‪.‬‬ ‫لِيَ َذ َر الْكَ ِذ َ‬
‫ضعَفَا َءهُمْ اتَّبعُو ُه َوهُمْ أَْتبَاعُ الرّسُ ِل ‪ .‬وَسََألُْتكَ‬ ‫ضعَفَا ُؤهُمْ فَذَ َك ْرتَ أَ ّن ُ‬ ‫وَسَأَْلُتكَ َأ ْشرَافُ النّاسِ اتَّبعُوهُ َأ ْم ُ‬
‫أََيزِيدُونَ َأمْ َيْنقُصُو َن ‪ ،‬فَذَ َك ْرتَ َأّنهُمْ َيزِيدُو َن ‪ ،‬وَكَ َذِلكَ َأ ْمرُ اْلِإيَانِ حَتّى يَتِ ّم ‪.‬‬
‫وَسَأَْلُتكَ َأَيرْتَدّ أَحَ ٌد سَخْطَ ًة لِدِيِنهِ َبعْدَ أَ ْن يَدْخُلَ فِيهِ ‪ ،‬فَذَ َك ْرتَ أَنْ لَا ‪ ،‬وَكَذَِلكَ الِْإيَا ُن ِحيَ ُتخَاِلطُ‬
‫بَشَاشَُتهُ اْلقُلُوبَ ‪.‬‬
‫وَسَأَْلُتكَ هَ ْل َيغْ ِدرُ َفذَ َك ْرتَ أَنْ لَا ‪ ،‬وَكَذَِلكَ الرّ ُسلُ لَا َتغْ ِد ُر ‪.‬‬
‫شرِكُوا ِبهِ َشيْئًا وََيْنهَاكُ ْم عَ ْن عِبَا َدةِ‬ ‫وَسَأَْلُتكَ بِمَا يَ ْأ ُمرُكُمْ فَذَ َك ْرتَ أَّنهُ يَ ْأ ُمرُكُمْ أَنْ َتعْبُدُوا الّلهَ وَلَا تُ ْ‬
‫ف ؛ فَإِنْ كَا َن مَا َتقُولُ َحقّا َفسَيَ ْمِلكُ َم ْوضِعَ قَ َدمَيّ‬ ‫ق وَاْلعَفَا ِ‬ ‫الَْأ ْوثَا ِن ‪َ ،‬ويَ ْأمُرُكُمْ بِالصّلَا ِة وَالصّدْ ِ‬
‫جشّ ْمتُ‬ ‫ج ‪ ،‬لَمْ أَ ُكنْ أَظُنّ أَّن ُه مِنْكُ ْم ‪ ،‬فََلوْ َأنّي َأعْلَمُ َأنّي أَ ْخلُصُ إَِلْيهِ لَتَ َ‬ ‫هَاَتيْ ِن ‪ ،‬وََقدْ كُْنتُ َأعْلَمُ َأّنهُ خَارِ ٌ‬
‫ت عَنْ قَ َد ِم ِه !!‬ ‫ِلقَا َءهُ ‪ ،‬وََلوْ ُكْنتُ ِعنْ َدهُ َلغَسَ ْل ُ‬
‫قال شيخ السلم رحه ال ‪ :‬ولذا أخبت النبياء التقدمون أن التنبء الكذاب ل يدوم إل مدة ‪،‬‬
‫يسية وهذه من بعض حجج ملوك النصارى الذين يقال إنم من ولد قيصر هذا أو غيهم ‪ ،‬حيث‬
‫رأى رجل يسب النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ ،‬من رؤس النصارى ‪ ،‬ويرميه بالكذب فجمع علماء‬
‫النصارى وسألم عن التنبء الكذاب ‪ :‬كم تبقى نبوته ؟‬
‫فأخبوه با عندهم من النقل عن النبياء أن الكذاب الفتري ل يبقى إل كذا وكذا سنة ‪ ،‬لدة قريبة‬
‫إما ثلثي سنة أو نوها !!‬
‫فقال لم ‪ :‬هذا دين ممد له أكثر من خسمائة سنة ‪ ،‬أو ستمائة سنة [ يعن ‪ :‬ف أيام هذا اللك ] ‪،‬‬
‫وهو ظاهر مقبول متبوع ‪ ،‬فكيف يكون هذا كذابا ؟؟‬

‫‪148‬‬
‫ث ضرب عنق ذلك الرجل !!‬
‫والنوع الثان ‪ :‬الستدلل بالنظر ف رسالته وما جاء به ‪ ،‬ومقارنتها با جاء به الرسل من قبله ‪ :‬وبذا‬
‫استدل ورقة بن نوفل على صحة نبوته لا سع ما جاء به ؛ فالنبوة ف الدميي هي من عهد آدم عليه‬
‫السلم ‪.‬‬
‫وقد علم ما كانت عليه الرسل من القوال والحوال على وجه العموم ؛ فالدعي للرسالة ‪ ،‬إذا أتى‬
‫با يظهر به مالفته للرسل علم أنه ليس منهم ‪ ،‬وإذا أتى با هو من خصائص الرسل علم أنه منهم ‪،‬‬
‫ل سيما إذا علم أنه ل بد من رسول منتظر ‪.‬‬
‫ولذا قال ال تعال ‪( :‬الّذِينَ آتَْينَاهُمْ الْكِتَابَ َي ْعرِفُوَنهُ كَمَا َي ْعرِفُونَ َأبْنَا َءهُ ْم وَإِنّ َفرِيقًا مِْنهُمْ َليَكْتُمُونَ‬
‫اْلحَ ّق َوهُمْ َيعْلَمُونَ(‪)146‬الْحَ ّق مِ ْن رَّبكَ َفلَا َتكُونَ ّن مِنْ الْ ُممَْترِينَ(‪. )147‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪ ،‬وآمن به بعد‬ ‫وبذه الطريقة ـ أيضا ـ استدل النجاشي على صحة نبوة ممد َ‬
‫ذلك ‪ ،‬فإنه لا سألم عما يب به ‪ ،‬واستقرأهم القرآن فقرؤه عليه ‪ ،‬قال ‪ ( :‬إن هذا والذي جاء به‬
‫موسى ليخرج من مشكاة واحدة ) ‪.‬‬
‫[ انظر ‪ :‬شرح العقيدة الصفهانية ‪ ،‬لشيخ السلم ابن تيمية رحه ال ] ‪.‬‬
‫الدفاع عن النب ممد صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫إن من واجب النب صَلّى الّلهُ عََلْيهِ َوسَلّ َم علينا أن نبه ونله ونبجله ونعظمه ونتبع سنته ف الظاهر‬
‫والباطن‪،‬وأن نذب عنه كيد الكائدين ومكر الاكرين ‪.‬‬
‫وف هذا العصر الليء بالفت والشرور على المة السلمية؛ فإننا ند حلة ضارية سيئة من عدد من‬
‫الرهبان والقسس وضعاف النفوس وضعاف العقول على شخصية الرسول عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫فيا ل كيف تنبي فرقة أومنظمة أوأفراد بالقدح أو الط من قدر هذا النب الالد‪.‬‬
‫كذبتم واي ال يبزى ممد *** ولا نطاعن دونه ونناضل‬
‫ونسلمه حت نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا واللئل‬
‫إن الجوم العلمي على السلم ذو جذور قدية قدم السلم ‪ ،‬وهو أحد الساليب الت اتذها‬
‫الكفار للصد عن سبيل ال تعال ‪ ،‬بدأ من كفار قريش وحت عصرنا الاضر ‪ ،‬وهذا الجوم له ألوان‬
‫كثية ولكنها ف أغلبها كانت مصورة ف نطاق الشبهات والغالطات والطعون ‪ ،‬لكن بعد أحداث‬
‫الادي عشر من سبتمب ‪ ،‬انتقل الجوم إل لون جديد قذر ل يُعهد من قبل وهو التعرض لشخص‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ والنيل من عرضه وذاته الكرية ‪ ،‬وقد اتسم هذا الجوم بالبذاءة‬ ‫الرسول َ‬
‫والسخرية والستهزاء ‪ ،‬ما يدل دللة واضحة أن هذا التهجم له منظمات وله استراتيجيات خاصة ‪،‬‬
‫تتركز على استخدام وسائل العلم بل ويقومون به أناس متخصصون مدعومون من بعض قساوسة‬
‫النصارى ل كلهم‪..‬‬

‫‪149‬‬
‫قال جيي فالويل‪« :‬أنا أعتقد أن ممدا كان إرهابيا»‪« ،‬ف اعتقادي‪ ..‬السيح وضع مثالً للحب‪،‬‬
‫كما فعل موسى‪ ،‬وأنا أعتقد أن ممدا وضع مثالً عكسيا»‪« ،‬إنه كان لصا وقاطع طريق»‪.‬‬
‫وقال بات روبرتسون‪« :‬كان مرد متطرف ذو عيون متوحشة تتحرك عبثا من النون»‪.‬‬
‫وقال جيي فاين‪« :‬شاذ ييل للطفال‪ ،‬ويتملكه الشيطان»‪.‬‬
‫وقال جيمي سوجارت‪« :‬إنه شاذ جنسيا»‪« ،‬ضال انرف عن طريق الصواب»‪.‬‬
‫هذا غي تصويره صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ صراحة ف الرسوم الكاريكاتورية ف مواقف ساخرة وضيعة‪.‬‬
‫وهكذا انتقل الجوم على السلم من طرح الشبهات إل إلقاء القاذورات‪ ،‬ول يد الهاجون ف‬
‫السلم ول ف شخص خات النبياء ما يرضي رغبتهم ف التشويه‪ ،‬ووجدوا أن الشبهات والطعن‬
‫الفكري من المور الت يسهل تفنيدها وكشف زيفها أمام قوة الق ف السلم‪ ،‬فلجؤوا إل التشويه‬
‫العلمي‪ ،‬وخاصة أنم يلكون نواصيه ف الغرب‪.‬‬
‫هذه القضية تثي غية كل مسلم‪ ،‬وتدفعه إل التساؤل عن أسباب هذه الجمة‪ ،‬والغراض الكامنة‬
‫وراءها‪ ،‬ومدى تأثيها‪.‬‬
‫العوامل الدافعة للنيل من شخصية النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫‪ -‬سرعة انتشار السلم‪ ،‬والت تثي غية كل العادين للدين‪ ،‬سواء أكانوا من النصارى أو اليهود‪ ،‬أو‬
‫من العلمانيي واللحدين‪.‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬ ‫‪ -‬حسد القيادات وخصوصا الدينية‪ ،‬فإن كثيا من هؤلء يغيظهم شخص الرسول َ‬
‫وَسَلّمَ‪ ،‬بل حت النافقي ف العال السلمي‪ ،‬لا يرون من لعان اسم النب ممد صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‬
‫ف كل الرجاء وكثرة أتباعه وتوقي السلمي الشديد لنبيهم صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ وهذا ما يثي‬
‫حسدهم‪.‬‬
‫‪ -‬عامل الوف‪ ،‬ليس الوف من انتشار السلم ف الغرب فحسب بل الوف من عودة السلمي ف‬
‫العال السلمي إل التمسك بدينهم‪ ،‬وهم الن يستغلون ضعف السلمي ف كثي من الوانب‪ ،‬مثل‬
‫الانب القتصادي والعلمي‪ ،‬ويريدون أن يطفئوا هذا النور قبل أن ينتشر ف العال‪.‬‬
‫حكم من سب النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪:‬‬
‫أجع العلماء على أن من سب النب صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم من السلمي فهو كافر مرتد يب قتله ‪.‬‬
‫وهذا الجاع قد حكاه غي واحد من أهل العلم كالمام إسحاق بن راهويه وابن النذر والقاضي‬
‫عياض والطاب وغيهم ‪ .‬الصارم السلول ‪. 16-2/13‬‬
‫وقد دل على هذا الكم الكتاب والسنة ‪:‬‬

‫‪150‬‬
‫أما الكتاب؛ فقول ال تعال ‪ ( :‬يَحْ َذرُ الْمُنَاِفقُونَ أَنْ ُتَنزّ َل عََلْيهِمْ سُو َرةٌ ُتنَبُّئهُمْ بِمَا فِي ُقلُوِبهِمْ قُ ْل‬
‫ج مَا تَحْ َذرُو َن (‪ )64‬وَلَئِ ْن سَأَلَْتهُمْ َلَيقُولُنّ إِنّمَا ُكنّا َنخُوضُ وََن ْل َعبُ قُلْ أَبِالّلهِ‬ ‫خرِ ٌ‬ ‫اسَْت ْهزِئُوا إِ ّن الّل َه مُ ْ‬
‫وَآيَاِت ِه َورَسُوِلهِ كُنتُ ْم تَسَْت ْهزِئُو َن (‪ )65‬ل َتعْتَ ِذرُوا قَدْ َك َفرْتُ ْم َبعْدَ ِإيَانِكُمْ) التوبة ‪. 66 /‬‬
‫فهذه الية نص ف أن الستهزاء بال وبآياته وبرسوله كفر ‪ ،‬فالسب بطريق الول ‪ ،‬وقد دلت الية‬
‫أيضا على أن من تنقص رسول ال صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ فقد كفر ‪ ،‬جادا أو هاز ًل ‪.‬‬
‫وأما السنة؛ فروى أبو داود (‪ )4362‬عَ ْن َعلِ ّي َرضِيَ الّلهُ عَْنهُ أَنّ َيهُودِيّةً كَاَنتْ َتشْتُمُ النّبِ ّي صَلّى‬
‫ت ‪ ،‬فَأَبْطَ َل َرسُولُ الّلهِ صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم َد َمهَا ‪.‬‬ ‫الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ َوَتقَعُ فِي ِه ‪ ،‬فَخََن َقهَا رَجُلٌ َحتّى مَاَت ْ‬
‫قال شيخ السلم ف الصارم السلول (‪ : )2/126‬وهذا الديث جيد ‪ ،‬وله شاهد من حديث ابن‬
‫عباس وسيأت اهـ ‪.‬‬
‫وهذا الديث نص ف جواز قتلها لجل شتم النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪.‬‬
‫وروى أبو داود (‪ )4361‬عَنْ ابْ ِن عَبّاسٍ أَ ّن رَجُلً َأعْمَى كَاَنتْ َلهُ ُأ ّم وَلَدٍ َتشْتُ ُم النّبِ ّي صَلّى الّل ُه عََلْيهِ‬
‫وَسَلّمَ‪ ،‬وََتقَعُ فِيهِ‪َ ،‬فيَْنهَاهَا َفلَا َتنَْتهِي‪ ،‬وََيزْ ُج ُرهَا َفلَا َتْنزَ ِجرُ‪َ ،‬فلَمّا كَاَنتْ ذَاتَ َليَْلةٍ َجعََلتْ َتقَعُ فِي النّبِيّ‬
‫شتُ ُمهُ‪ ،‬فََأخَذَ الْ ِم ْغوَ َل [سيف قصي] َف َوضَ َعهُ فِي بَ ْطِنهَا وَاتّكَأَ َعلَْيهَا َفقَتََلهَا‪.‬‬ ‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم وَتَ ْ‬
‫س َفقَالَ‪َ :‬أنْشُدُ الّل َه رَجُلًا َفعَ َل مَا‬ ‫َفلَمّا َأصْبَ َح ذُ ِك َر ذَِلكَ ِلرَسُولِ الّلهِ صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم فَجَمَ َع النّا َ‬
‫شتُ ُمكَ َوَتقَعُ فِيكَ‬ ‫َفعَلَ لِي َعلَْيهِ حَقّ إِلّا قَا َم ‪َ .‬فقَامَ الَْأعْمَى َفقَالَ‪ :‬يَا رَسُو َل الّلهِ‪ ،‬أَنَا صَا ِحُبهَا‪ ،‬كَاَنتْ تَ ْ‬
‫فََأْنهَاهَا فَلَا تَْنَتهِي‪ ،‬وََأزْ ُج ُرهَا فَلَا تَْنزَ ِجرُ‪ ،‬وَلِي ِمْنهَا اْبنَا ِن مِثْ ُل الّلؤُْل َؤتَيْنِ‪ ،‬وَكَاَنتْ بِي َرفِيقَةً‪َ ،‬فلَمّا كَانَ‬
‫ت عََلْيهَا حَتّى قََتلُْتهَا‪.‬‬ ‫ك وََتقَعُ فِيكَ‪ ،‬فَأَخَ ْذتُ الْ ِم ْغوَلَ َف َوضَعُْتهُ فِي بَطِْنهَا وَاتّكَ ْأ ُ‬ ‫شتُ ُم َ‬ ‫اْلبَارِ َحةَ َجعََلتْ تَ ْ‬
‫َفقَا َل النّبِ ّي صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ( :‬أَل ا ْشهَدُوا أَ ّن َد َمهَا هَ َدرٌ)‪ .‬صححه اللبان ف صحيح أب داود (‬
‫‪. )3655‬‬
‫والظاهر من هذه الرأة أنا كانت كافرة ول تكن مسلمة‪ ،‬فإن السلمة ل يكن أن تقدم على هذا‬
‫المر الشنيع‪ ،‬ولنا لو كانت مسلمة لكانت مرتدةً بذلك‪ ،‬وحينئذٍ ل يوز لسيدها أن يسكها‬
‫ويكتفي بجرد نيها عن ذلك‪.‬‬
‫ت‪:‬‬ ‫ظ رَجُلٌ لَِأبِي بَ ْك ٍر الصّدّي ِق ‪َ ،‬فقُ ْل ُ‬ ‫وروى النسائي (‪ )4071‬عَنْ أَبِي َب ْر َزةَ الْأَ ْسلَمِيّ قَا َل ‪َ :‬أغَْل َ‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪ .‬صحيح النسائي (‬ ‫أَ ْقتُُل ُه ؟ فَاْنَت َهرَنِي‪َ ،‬وقَا َل ‪ :‬لَْيسَ هَذَا لِأَ َحدٍ َبعْ َد رَسُولِ الّلهِ َ‬
‫‪)3795‬‬
‫فعُلِم من هذا أن النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ كان له أن يقتل من سبه ومن أغلظ له ‪ ،‬وهو بعمومه‬
‫يشمل السلم والكافر ‪.‬‬
‫إذا تاب من سب النب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّمَ فهل تقبل توبته أم ل ؟‬

‫‪151‬‬
‫اتفق العلماء على أنه إذا تاب توبة نصوحا‪ ،‬وندم على ما فعل‪ ،‬أن هذه التوبة تنفعه يوم القيامة‪ ،‬فيغفر‬
‫ال تعال له‪.‬‬
‫واختلفوا ف قبول توبته ف الدنيا‪ ،‬وسقوط القتل عنه‪.‬‬
‫فذهب مالك وأحد إل أنا ل تقبل‪ ،‬فيقتل ولو تاب‪.‬واستدلوا على ذلك بالسنة والنظر الصحيح ‪:‬‬
‫أما السنة فروى أبو داود (‪ )2683‬عَنْ َسعْدٍ بن أب وقاص قَا َل ‪ :‬لَمّا كَانَ َي ْومُ َفتْ ِح مَكّةَ َأمّ َن رَسُولُ‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ النّاسَ إِلّا َأرَْبعَ َة َن َفرٍ وَا ْمرَأََتيْ ِن وَسَمّاهُ ْم وَابْنُ َأبِي َسرْحٍ فَذَ َك َر الْحَدِيثَ قَا َل ‪:‬‬
‫الّلهِ َ‬
‫ح فَإِّنهُ اخْتَبََأ ِعنْ َد عُثْمَا َن بْ ِن َعفّانَ‪َ ،‬فلَمّا َدعَا رَسُولُ الّل ِه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ النّاسَ‬ ‫وََأمّا ابْنُ َأبِي َسرْ ٍ‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم َفقَا َل ‪ :‬يَا َنبِيّ الّلهِ‪ ،‬بَايِ ْع عَبْ َد الّلهِ‪.‬‬
‫إِلَى الَْبْيعَةِ جَاءَ ِبهِ حَتّى َأوَْق َفهُ عَلَى رَسُولِ الّلهِ َ‬
‫َفرَفَ َع رَْأ َسهُ َفنَ َظرَ إِلَْيهِ ثَلثًا كُ ّل ذَِلكَ يَ ْأبَى‪ ،‬فَبَاَيعَهُ َبعْدَ ثَلثٍ‪ ،‬ثُمّ أَ ْقبَ َل عَلَى َأصْحَاِبهِ َفقَالَ‪َ :‬أمَا كَانَ‬
‫ث رَآنِي َك َف ْفتُ يَدِي عَنْ َبْيعَِتهِ فََيقُْتُلهُ ؟‬ ‫فِيكُ ْم رَجُ ٌل رَشِي ٌد ( يفطن لصواب الكم ) َيقُومُ إِلَى هَذَا حَْي ُ‬
‫ك ؟ قَالَ‪ :‬إِّنهُ ل يَْنَبغِي لَِنبِيّ أَنْ‬ ‫سكَ‪ ،‬أَل َأ ْومَأْتَ إَِليْنَا ِبعَيِْن َ‬ ‫َفقَالُوا ‪ :‬مَا نَ ْدرِي يَا رَسُو َل الّل ِه مَا فِي َنفْ ِ‬
‫تَكُونَ َلهُ خَائَِنةُ ا َلعُْي ِن ‪ .‬صححه اللبان ف صحيح أب داود (‪. )2334‬‬
‫وهذا نص ف أن مثل هذا الرتد الطاعن ل يب قبول توبته ‪ ،‬بل يوز قتله وإن جاء تائبا ‪.‬‬
‫وكان عبد ال بن سعد من كتبة الوحي فارتد وزعم أنه يزيد ف الوحي ما يشاء ‪ ،‬وهذا كذب‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وهو من أنواع السب‪ .‬ث أسلم وحسن إسلمه ‪ ،‬فرضي ال‬ ‫وافتراء على النب َ‬
‫عنه ‪( .‬الصارم السلول ‪.)115‬‬
‫ذكر العظيم آبادي ف شرح الديث ‪:‬‬
‫صوَابِ الْحُكْم فِي قَتْله اِْنَتهَى ‪.‬‬ ‫خطّابِ ّي ‪َ :‬معْنَى الرّشِيد َههُنَا اْلفِطْنَة‪ِ ،‬ل َ‬ ‫قَا َل الْ َ‬
‫ت َموْقُوفَة َعلَى ِرضَاهُ صَلّى اللّه عََلْيهِ‬ ‫وَفِيهِ أَنّ الّتوْبَة عَنْ اْل ُكفْر فِي حَيَاته صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ كَاَن ْ‬
‫وَسَلّمَ‪ ،‬وَأَنّ الّذِي ِارْتَ ّد وَآذَا ُه صَلّى اللّه َعلَْيهِ َوسَلّمَ ِإذَا آمَنَ َس َقطَ قَتْله قَاَلهُ السّنْ ِديّ ا هـ‪ .‬من عون‬
‫العبود‪.‬‬
‫وأما النظر الصحيح ‪:‬‬
‫فقالوا ‪ :‬إن سب النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم يتعلق به حقان؛ حق ل‪ ،‬وحق لدمي ‪ .‬فأما حق ال‬
‫فظاهر‪ ،‬وهو القدح ف رسالته وكتابه ودينه‪ .‬وأما حق الدمي فظاهر أيضا فإنه أدخل ا َل َعرّة على النب‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ بذا السب‪ ،‬وأناله بذلك غضاضة وعارا‪ .‬والعقوبة إذا تعلق با حق ال وحق‬
‫الدمي ل تسقط بالتوبة‪ ،‬كعقوبة قاطع الطريق‪ ،‬فإنه إذا قَتَل تتم قتله وصلبه‪ ،‬ث لو تاب قبل القدرة‬
‫عليه سقط حق ال من تتم القتل والصلب‪ ،‬ول يسقط حق الدمي من القصاص‪ ،‬فكذلك هنا‪ ،‬إذا‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ل يسقط بالتوبة‬ ‫تاب الساب فقد سقط بتوبته حق ال تعال‪ ،‬وبقي حق الرسول َ‬

‫‪152‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬أل يكن أن نعفو عنه ‪ ،‬لن النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ قد عفا ف حياته عن كثي من سبوه‬
‫ول يقتلهم ؟‪.‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم تارة يتار العفو عمن سبه‪ ،‬وربا أمر بقتله إذا رأى الصلحة‬ ‫فالواب ‪:‬كان النب َ‬
‫ف ذلك‪ ،‬والن قد َتعَذّر عفوُه بوته‪ ،‬فبقي قتل الساب حقاّ مضا ل ولرسوله وللمؤمني ل يعف عنه‬
‫مستحقه‪ ،‬فيجب إقامته ‪ .‬الصارم السلول ‪. 2/438‬‬
‫وخلصة القول ‪:‬‬
‫أن سب النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ من أعظم الحرمات‪ ،‬وهو كفر وردة عن السلم بإجاع العلماء‪،‬‬
‫سواء فعل ذلك جاداّ أم هازلً‪ .‬وأن فاعله يقتل ولو تاب‪ ،‬مسلما كان أم كافرا‪ .‬ث إن كان قد تاب‬
‫توبة نصوحا‪ ،‬وندم على ما فعل‪ ،‬فإن هذه التوبة تنفعه يوم القيامة‪ ،‬فيغفر ال له ‪.‬‬
‫ولشيخ السلم ابن تيمية رحه ال ‪ ،‬كتاب نفيس ف هذه السألة وهو (الصارم السلول على شات‬
‫الرسول) ينبغي لكل مؤمن قراءته ‪ ،‬لسيما ف هذه الزمان الت ترأ فيها كثي من النافقي واللحدين‬
‫على سب الرسول صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬لا رأوا تاون السلمي‪ ،‬وقلة غيتم على دينهم ونبيهم‪،‬‬
‫وعدم تطبيق العقوبة الشرعية الت تردع هؤلء وأمثالم عن ارتكاب هذا الكفر الصراح‪ .‬نسأل ال‬
‫تعال أن يعز أهل طاعته ‪ ،‬ويذل أهل معصيته ‪.‬‬
‫عاقبة من سب رسول ال ف الدنيا ‪:‬‬
‫إن ال عز وجل يغار على دينه‪ ،‬ويغار على نبيه‪ ،‬ومن غيته تعال أنه ينتقم من آذى رسوله‪ ،‬لن من‬
‫آذى رسوله فقد آذى ال‪ ،‬قال تعال‪( :‬إِنّ الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّلهَ َورَسُوَلهُ َلعََنهُ ُم الّلهُ فِي الدّنْيَا وَالْآ ِخ َرةِ‬
‫وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابا ُمهِينا) (الحزاب‪.)57:‬‬
‫وال تعال قد تول الدفاع عن نبيه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم (إِنّ الّلهَ يُدَافِ ُع عَ ْن الّذِي َن آمَنُوا)‪ ،‬وأعلن‬
‫عصمته له من الناس (وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِ ْن النّاسِ) وأخب أنه سيكفيه الستهزئي (إِنّا َكفَْينَاكَ‬
‫اْلمُسَْت ْهزِِئيَ) سواء كانوا من قريش أو من غيهم ‪.‬‬
‫قال الشنقيطي رحه ال‪ :‬وذكر ‪ -‬ال ‪ -‬ف مواضع أخرى أنه كفاه غيهم كقوله ف أهل الكتاب‬
‫ف عَبْ َدهُ) ‪.‬‬
‫(فَسََي ْكفِي َكهُمْ الّلهُ‪ )..‬وقال (أَلَْيسَ الّلهُ بِكَا ٍ‬
‫وقال ابن سعدي رحه ال‪ " :‬وقد فعل تعال ‪ ،‬فما تظاهر أحد بالستهزاء برسول ال صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬
‫وَسَلّ َم وبا جاء به إل أهلكه ال وقتله شر قتلة "‪.‬أهـ‬
‫أخرج الطبان ف الوسط والبيهقي وأبو نعيم كلها ف الدلئل وابن مردويه بسند حسن والضياء‬
‫ف الختارة‪ ،‬عن ابن عباس ف قوله (ِإنّا َكفَيْنَاكَ الْ ُمسَْت ْهزِِئيَ) قال‪ :‬الستهزئون‪ ،‬الوليد بن الغية‬
‫والسود بن عبد يغوث والسود بن الطلب والارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل‪ ،‬فأتاه‬
‫جبيل فشكاهم إليه رسول ال صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬فقال‪ :‬أرن إياهم‪ ،‬فأراه كل واحد منهم‪،‬‬

‫‪153‬‬
‫وجبيل يشي إل كل واحد منهم ف موضع من جسده ويقول ‪َ :‬كفَْيتُ َكهُ‪ ،‬والنب صَلّى الّلهُ عََلْيهِ‬
‫ل فأصاب أكحله‬ ‫وَسَلّ َم يقول‪ :‬ما صنعت شيئا !‪ .‬فأما الوليد‪ ،‬فمر برجل من خزاعة وهو يريش نب ً‬
‫فقطعها‪ .‬وأما السود بن الطلب‪ ،‬فنل تت سرة فجعل يقول‪ :‬يابنّ‪ ،‬أل تدفعون عن؟ قد هلكت‬
‫وطُعنت بالشوك ف عينّ فجعلوا يقولون‪ :‬ما نرى شيئا فلم يزل كذلك حت عتمت عيناه ‪ .‬وأما‬
‫السود بن عبد يغوث‪ ،‬فخرج ف رأسه قروح فمات منها ‪ .‬وأما الارث فأخذه الاء الصفر ف بطنه‬
‫حت خرج خرؤه من فيه فمات منه ‪ .‬وأما العاص فركب إل الطائف فربض على شبقة فدخل من‬
‫أخص قدمه شوكة فقتلته ( الدر النثور ‪. )5/101‬‬
‫قصة الرجل الذي كان يكتب لرسول ال ‪:‬‬
‫صرَانِيّا فَأَسَْلمَ َوَقرَأَ اْلَب َقرَ َة وَآلَ عِ ْمرَانَ‪َ ،‬فكَانَ يَ ْكُتبُ لِلنّبِيّ‬ ‫س َرضِيَ الّل ُه عَْنهُ قَالَ‪( :‬كَا َن رَجُلٌ َن ْ‬ ‫عَنْ أََن ٍ‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪َ ،‬فعَادَ َنصْرَانِيّا‪ ،‬فَكَانَ َيقُولُ‪ ":‬مَا يَ ْدرِي مُحَمّدٌ ِإلّا مَا َكتَْبتُ َلهُ"‪ ،‬فََأمَاَتهُ الّلهُ‬
‫ب مِْنهُمْ نََبشُوا عَنْ‬ ‫فَ َدفَنُوهُ‪ ،‬فََأصْبَ َح وَقَدْ َلفَ َظْتهُ الَْأ ْرضُ‪َ ،‬فقَالُوا‪ :‬هَذَا ِفعْ ُل مُحَمّ ٍد وََأصْحَاِبهِ لَمّا َه َر َ‬
‫ح َفرُوا َلهُ فََأعْ َمقُوا‪ ،‬فََأصْبَ َح وَقَدْ َلفَ َظْتهُ الَْأ ْرضُ‪َ ،‬فقَالُوا‪ :‬هَذَا ِفعْ ُل مُحَمّ ٍد وََأصْحَاِبهِ‬ ‫صَاحِِبنَا فَأَْل َق ْوهُ‪ ،‬فَ َ‬
‫ض مَا ا ْستَطَاعُوا‪ ،‬فََأصَْبحَ‬ ‫ح َفرُوا َلهُ وََأعْ َمقُوا َلهُ فِي الَْأ ْر ِ‬ ‫ب مِْنهُمْ فَأَْل َق ْوهُ‪ ،‬فَ َ‬
‫َنبَشُوا عَ ْن صَا ِحبِنَا َلمّا َهرَ َ‬
‫س فَأَْل َق ْوهُ) رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫وَقَدْ َلفَظَْتهُ الَْأ ْرضُ َفعَلِمُوا َأّنهُ َلْيسَ مِ ْن النّا ِ‬
‫الصغيان اللذان قتل أبا جهل الذي يسب رسول ال ‪:‬‬
‫عن عَبْ ِد الرّحْمَنِ ْب ِن َعوْفٍ قَالَ (بَْينَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصّفّ َي ْومَ بَ ْدرٍ فََن َظ ْرتُ عَنْ يَمِينِي َوعَ ْن شِمَالِي‬
‫فَِإذَا أَنَا ِب ُغلَامَيْ ِن مِنْ الَْأْنصَارِ حَدِيثَةٍ أَ ْسنَاُنهُمَا تَمَنّْيتُ أَنْ َأكُونَ بَيْنَ َأضَْلعَ ِمْنهُمَا َفغَ َمزَنِي أَحَ ُدهُمَا َفقَالَ‬
‫سبّ رَسُو َل الّلهِ‬ ‫يَا عَ ّم هَ ْل َتعْرِفُ أَبَا َجهْلٍ ُق ْلتُ َنعَمْ مَا حَاجَُتكَ إَِلْيهِ يَا اْبنَ أَخِي قَالَ أُ ْخِبرْتُ أَّنهُ َي ُ‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم وَالّذِي َنفْسِي بِيَ ِدهِ َلئِ ْن رَأَيُْتهُ لَا ُيفَارِقُ َسوَادِي َسوَا َدهُ حَتّى َيمُوتَ الَْأعْجَ ُل مِنّا‬
‫شبْ أَنْ نَ َظ ْرتُ ِإلَى أَبِي َجهْلٍ يَجُو ُل فِي النّاسِ‬ ‫َفَتعَجّْبتُ لِذَِلكَ َفغَ َمزَنِي الْآ َخرُ َفقَا َل لِي مِثَْلهَا فَلَمْ َأنْ َ‬
‫صرَفَا إِلَى رَسُولِ‬ ‫ضرَبَاهُ حَتّى قََتلَاهُ ثُ ّم اْن َ‬ ‫سْيفَْيهِمَا َف َ‬
‫ُق ْلتُ َألَا إِ ّن هَذَا صَا ِحبُكُمَا الّذِي سَأَلْتُمَانِي فَابْتَ َدرَاهُ بِ َ‬
‫سحْتُمَا‬ ‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ فَأَ ْخَبرَاهُ َفقَالَ أَيّكُمَا َقتََلهُ قَالَ كُ ّل وَاحِ ٍد مِْنهُمَا َأنَا َقتَلُْتهُ َفقَا َل هَ ْل مَ َ‬ ‫الّلهِ َ‬
‫ح وَكَانَا ُمعَاذَ ْبنَ‬ ‫سَْي َفيْكُمَا قَالَا لَا فَنَ َظرَ فِي السّْيفَيْنِ َفقَالَ ِكلَاكُمَا قََتَلهُ َسلَُبهُ لِ ُمعَاذِ بْ ِن عَ ْمرِو بْ ِن الْجَمُو ِ‬
‫َع ْفرَاءَ َو ُمعَاذَ ْب َن عَ ْمرِو ْبنِ الَمُوحِ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫كانوا يستبشرون بزية من سب رسول ال ‪:‬‬
‫يقول شيخ السلم رحه ال ‪ " :‬وإنّ ال منتقمٌ لرسوله من طعن عليه وسَبّه ‪ ،‬ومُ ْظ ِهرٌ ِلدِيِنهِ ولِكَ ِذبِ‬
‫الكاذب إذا ل يكن الناس أن يقيموا عليه الد ‪ ،‬ونظي هذا ما حَدَّثنَاه أعدادٌ من السلمي العُدُول ‪،‬‬
‫صرِ الصون والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لا‬ ‫ت متعددةٍ ف َح ْ‬ ‫أهل الفقه والبة‪ ،‬عمّا جربوه مرا ٍ‬
‫لصْنَ أو الدينة الشهر أو أكثر من‬ ‫حصُرُ ا ِ‬ ‫حصر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا نن َن ْ‬

‫‪154‬‬
‫سبّ رسو ِل ال والوقيع ِة ف عرضِه‬ ‫الشهر وهو متنعٌ علينا حت نكاد نيأس منه‪ ،‬حت إذا تعرض أهُلهُ لِ َ‬
‫َتعَجّلنا فتحه وتَيسّر‪ ،‬ول يكد يتأخر إل يوما أو يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث يفتح الكان عنوة ‪ ،‬ويكون‬
‫فيهم ملحمة عظيمة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬حت إن كنا لََنتَبَا َش ُر بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه ‪ ،‬مع امتلء‬
‫القلوب غيظا عليهم با قالوا فيه ‪ .‬وهكذا حدثن بعض أصحابنا الثقات أن السلمي من أهل الغرب‬
‫– يعن الغرب ‪ -‬حالم مع النصارى كذلك‪.‬أهـ ( الصارم السلول ص ‪)117-116‬‬
‫استنصار بعض النصارى بكتاب النب صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ بقي فيه‬
‫وبالقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول ال َ‬
‫اللك ما شاء ال ‪ .‬ذكر السهيل ُي أنه بلغه أن هرقل وضع الكتاب ف قصبة من ذهب تعظيما له ‪،‬‬
‫وأنم ل يزالوا يتوارثونه حت كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة ‪ ،‬ث كان عند سِبطه ‪،‬‬
‫فحدثن بعضُ أصحابنا أن عبد اللك بن سعد أحد قواد السلمي اجتمع بذلك اللك فأخرج له‬
‫الكتاب ‪ ،‬فلما رآه استعب ‪ ،‬وسأل أن يكّنه من تقبيله فامتنع ‪.‬‬
‫ث ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح النصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفّح بذهب‬
‫‪ ،‬فأخرج منه مقلمة ذهب ‪ ،‬فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه ‪ ،‬وقد التصقت عليه خِرقَة‬
‫حرير ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذا كتاب نبيكم إل جدي قيصر ‪ ،‬ما زلنا نتوارثه إل الن ‪ ،‬وأوصانا آباؤُنا أنه ما‬
‫دام هذا الكتاب عندنا ل يزال اللك فينا ‪ ،‬فنحن نفظه غاية الفظ ‪ ،‬ونعظمه ونكتمه عن النصارى‬
‫ليدوم اللك فينا " أهـ ‪.‬‬
‫قصة الشيخ ممد شاكر مع خطيب المعة الذي سب رسول ال ‪:‬‬
‫ذكر الشيخ أحد شاكر أن والده الشيخ ممد شاكر وكيل الزهر سابقا كفّر أحد خطباء مصر ‪،‬‬
‫وكان فصيحا متكلما مقتدرا وأراد هذا الطيب أن يدح أحد أمراء مصر عندما أكرم طه حسي ‪،‬‬
‫فقال ف خطبته ‪ :‬جاءه العمى فما عبس بوجهه وما تول ! ‪.‬‬
‫وهو يريد بذلك التعريض برسول ال صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬حيث أن القرآن ذكر قصته مع العمى‬
‫فقال تعال ‪َ }:‬عَبسَ وََتوَلّى(‪)1‬أَنْ جَا َءهُ الَْأعْمَى(‪.{)2‬‬
‫فبعد الطبة أعلن الشيخ ممد شاكر الناس ‪ :‬صلتم باطلة‪ ،‬وأمرهم أن يعيدوا صلتم لن الطيب‬
‫كفر بذه الكلمة الت تعتب شتم لرسول ال صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ تعريضا ل تصريا ‪.‬‬
‫هذا ول يكن الشيخ ممد شاكر رحه ال من يطلقون الحكام جزافا ول يكن يفعل ذلك لطلب‬
‫دنيوي أو لرضاة ذي سلطان ‪ ،‬إذ ل تكن حالة الزهر ف زمانه مثل ما هي عليه ف زماننا هذا ‪.‬‬
‫عاقبة هذا الجرم ‪:‬‬
‫ولكن ال ل يدع لذا الجرم جرمه ف الدنيا قبل أن يزيه جزاءه ف الخرة ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫قال الشيخ أحد شاكر ‪ ( :‬ولكن ال ل يدعْ لذا الجرم جرمه ف الدنيا ‪ ،‬قبل أن يزيه جزاءه ف‬
‫الخرى‪ ،‬فأقسمُ بال لقد رأيته بعين رأسي ‪ -‬بعد بضع سني وبعد أن كان عاليا منتفخا ‪ ،‬مستعزّا‬
‫بَن لذ بم من العظماء والكباء ‪ -‬رأيته مهينا ذليلً ‪ ،‬خادما على باب مسجد من مساجد القاهرة ‪،‬‬
‫يتلقى نعال الصلي يفظها ف ذلة وصغار ‪ ،‬حت لقد خجلت أن يران ‪ ،‬وأنا أعرفه وهو يعرفن ‪ ،‬ل‬
‫شفقة عليه ‪ ،‬فما كان موضعا للشفقة ‪ ،‬ول شاتة فيه ؛ فالرجل النبيل يسمو على الشماتة ‪ ،‬ولكن لا‬
‫رأيت من عبة وعظة ) ‪.‬‬
‫قصة الذي أراد الشهادة العليا ‪ ،‬وسب رسول ال ‪:‬‬
‫ذهب أحدهم لنيل شهادة عليا من خارج بلده ‪ ،‬فلما أت دراسته وكانت تتعلق بسية النب الصطفى‬
‫صل ال عليه وسلم طلب منه أستاذه من النصارى أن يسجل ف رسالته ما فيه انتقاص للنب صل ال‬
‫عليه وسلم وتعريض به ثنا لتلك الشهادة ‪.‬‬
‫فتردد الرجل بي القبول والرفض ولكنه فضل اختيار الدنيا على الخرة ‪ ،‬وأجابم إل ما أرادوا طمعا‬
‫ف نيل تلك الشهادة اللوثة ‪.‬‬
‫فلما عاد إل بلده فوجئ بلك جيع أولده وأهله ف حادث مفاجئ ‪ ،‬ولعذاب الخرة اشد وأبقى ‪.‬‬
‫واجبنا ف نصرة النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪:‬‬
‫ك هُمُ‬‫إن ال عز وجل يقول ‪ ( :‬فَالّذِي َن آمَنُوا ِبهِ َو َع ّزرُوهُ َوَنصَرُوهُ وَاتَّبعُوا النّورَ الّذِي أُْنزِ َل َمعَهُ أُولَِئ َ‬
‫اْل ُمفْلِحُونَ)(لعراف‪ :‬من الية‪ )157‬فواجب علينا أيها الحبة ! أن ننصر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم ‪.‬‬
‫هناك وسائل فردية يستطيع الفرد القيام بتحقيقها ف حياته العلمية والعملية ‪ ،‬ومن أهم تلك الوسائل‬
‫العامة الت نبي فيها بلء نصرة النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬الحتجاج على الصعيد الرسي على اختلف مستوياته‪ ،‬واستنكار هذا التهجم بقوة‪ ،‬وإننا نعجب‬
‫أن الشجب والستنكار الذي نن أهله دائما ل يستعمل هذه الرة‪ ،‬ونعجب أخرى أن يستنكر هذه‬
‫الساءة وزير خارجية بريطانيا‪ ،‬سابقا بذلك آخرين كانوا أحق با وأهلها‪.‬‬
‫‪ -‬الحتجاج على مستوى اليئات الشرعية الرسية كوزارات الوقاف‪ ،‬ودور الفتيا‪ ،‬والامعات‬
‫السلمية‪.‬‬
‫‪ -‬الحتجاج على مستوى اليئات والنظمات الشعبية السلمية وهي كثية‪.‬‬
‫‪ -‬إعلن الستنكار من الشخصيات العلمية والثقافية والفكرية والقيادات الشرعية‪ ،‬وإعلن هذا‬
‫النكي من عتبات النابر وأعلها ذروة منبي الرمي الشريفي‪.‬‬
‫‪ -‬الواجهة على مستوى الراكز السلمية الوجودة ف الغرب بالرد على هذه الملة واستنكارها‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ -‬الواجهة على الستوى الفردي‪ ،‬وذلك بإرسال الرسائل اللكترونية التضمنة الحتجاج والرد‬
‫والستنكار إل كل النظمات والامعات والفراد الؤثرين ف الغرب‪ ،‬ولو نفر السلمون بإرسال‬
‫مليي الرسائل الرصينة القوية إل النظمات والفراد فإن هذا سيكون له أثره اللفت قطعا ‪.‬‬
‫‪ -‬استئجار ساعات لبامج ف الحطات الذاعية والتلفزيونية تدافع عن النب – صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‬
‫– وتذب عن جنابه‪ ،‬ويستضاف فيها ذوو القدرة والرسوخ‪ ،‬والدراية بخاطبة العقلية الغربية بإقناع‪،‬‬
‫وهم بمد ال كثر‪.‬‬
‫‪ -‬كتابة القالت القوية الرصينة لتنشر ف الجلت والصحف ‪-‬ولو كمادّة إعلنية‪ -‬ونشرها على‬
‫مواقع النترنت باللغات التنوعة ‪.‬‬
‫‪ -‬إنتاج شريط فيديو عن طريق إحدى وكالت النتاج العلمي يعرض بشكل مشوق وبطريقة فنية‬
‫ملخصا تارييا للسية‪ ،‬وعرضا للشمائل والخلق النبوية‪ ،‬ومناقشة لهم الشبه الثارة حول سية‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪ ،-‬وذلك بإخراج إعلمي متقن ومقنع‪.‬‬ ‫الصطفى – َ‬
‫‪ -‬طباعة الكتب والطويات الت تعرف بشخصية النب – صَلّى الّلهُ عََلْيهِ َوسَلّمَ ‪ -‬ويراعى ف صياغتها‬
‫معالة الشكالت الوجودة ف الفكر الغرب‪.‬‬
‫‪ -‬عقد اللقاءات‪ ،‬وإلقاء الكلمات ف الامعات والنتديات واللتقيات العامة ف أمريكا لواجهة هذه‬
‫الملة ‪.‬‬
‫‪ -‬إصدار البيانات الستنكارية من كل القطاعات الهنية والثقافية الت تستنكر وتتج على هذه‬
‫الساءة والفحش ف اليذاء‪.‬‬
‫‪ -‬إياد رد صريح من قبل العلماء الربانيي والتعليق عليه وتبيي الوقف الشرعي ف قضية التعدي على‬
‫الرسل والنبياء والنب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّ َم ‪ ،‬مع إقامة مموعة تنفيذية من العلماء التخصصي وطلبة‬
‫العلم للجابة عن هذه الفتراءات خلل مواقع النترنت وغيها ‪ ،‬ووال لو قام العلماء ف كل مكان‬
‫ف السعودية وف مصر وف الزائر وف الغرب العرب والعال السلمي جيعا ‪ ،‬ووجهوا لعامة الناس‬
‫وخاصة ف الغرب خطر هذه القضية وأن هذه الشائعات ل يرضاه أصل أنبياؤهم كعيسى وموسى‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪.‬‬
‫فضل أن تكون ف ممد َ‬
‫‪ -‬إقامة معارض دولية متنقلة ودائمة ف الطارات وف السواق وف الماكن العامة بالتنسيق مع‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ف حياته وأخلقه وشائله ‪،‬‬ ‫الهات السئولة حت نبز شيئا من شخصية النب َ‬
‫وأيضا نبء ذمنا أمام ال جل وعل وأمام رسوله صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪.‬‬
‫‪ -‬إياد مؤلفات تمل بي جنباتا حياة النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم وسهولته وساحته ف الياة بميع‬
‫اللغات ‪ ،‬حت يوضح للعال حياة النب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّمَ من جهة ‪ ،‬ومن جهة يرد على أولئك‬
‫الذين تسلطوا على شخصيته وشرفه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ -‬تبادل الفكار الجدية ف هذه القضية‪ ،‬وإضافة أفكار جديدة والتواصي با‪ ،‬وسيجد كل مب‬
‫لرسول ال – صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم – معظم لنابه مالً لظهار حبه وغيته وتعظيمه ‪ ،‬فهذا يأت‬
‫صلّى‬‫بفكرة‪ ،‬وذاك يكتب مقالة وآخر يترجم‪ ،‬وآخر يرسل‪ ،‬وآخر يول ف نفي عام لنصرة النب ‪َ -‬‬
‫الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪.-‬‬
‫‪ -‬إعداد برامج للتعريف بالنب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ ،‬بيث تتبن كل مؤسسة أو جهة دينية مثل‬
‫برناما ويتم نشره ف الجتمعات وخاصة الغربية الت تسممت أفكارهم بذا الغزو البيث ضد النب‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ ،‬سواء كان ذلك عب الجلت السلمية الادفة والرائد اليومية أو عب‬
‫القنوات الفضائية ‪ ،‬أو حت إياد برنامج متكاملة يتم إعدادها ف أقراص كمبيوترية تبي شخصية النب‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ وشائله حت يتم استعمالا بسهولة ‪.‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ تبز مواقف النب صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‬
‫‪ -‬لو ت إصدار ملة شهرية خاصة بالنب َ‬
‫من أعدائه وكيف تعامل معهم على حسب فئاتم لكان أجل وأشل وأفود خاصة ونن نرى العال‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ والدفاع عنه شيئا‬
‫السلمي يعج بكثي من الجلت السلمية فلو خُصص للنب َ‬
‫لكان واجبا علينا فعل ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء مؤترات عالية إسلمية توضح فيه ساحة السلم ويسر دين النب صَلّى الّلهُ عََلْيهِ َوسَلّمَ وأن‬
‫ما يوجه ضد النب صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ إنا هو من قبيل الكذب والفتراء ‪ ،‬ولو أعلنت كل دولة‬
‫إسلمية إياد مؤتر إسلمي يعارض فيه ما وجه لنبيهم صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ فإن هذا بد ذاته رسالة‬
‫للعال مفادها أن شخصية النب صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ شخصية فاصلة ل يكن تاوزها والعبث با‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة مؤترات ف أمريكا وأوروبا تعال هذه القضية وتعرض للعال نصاعة السية الشرفة وعظمة‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪.-‬‬
‫الرسول – َ‬
‫‪ -‬الطالبة بصياغة نوذج لرسالة استنكار وشجب باللغتي العربية والنليزية‪ ،‬تكون جاهزة للرسال‬
‫ومدعمة بعنوان سفارات الدانارك والنرويج ف شت دول العال السلمي‪ ،‬على أن تتضمن هذه‬
‫الرسالة الطالب التية ‪:‬‬
‫‪ -‬الطالبة بسن القواني الت من شأنا تفعيل احترام الؤسسات الدنركية والنرويية لكل ما يس ديننا‬
‫النيف‪.‬‬
‫‪ -‬إيقاف الريدة‪.‬‬
‫‪ -‬إلزام الريدة بالعتذار للعال السلمي ونشره على صفحات صحف تنتمي إل العال السلمي‬
‫والوروب‪.‬‬
‫على مستوى العاملي ف الشبكة العنكبوتية وأصحاب الواقع‪:‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ -‬إنشاء قاعدة بيانات على الشبكة العالية النترنت عن السية النبوية ‪ ،‬بميع اللغات وقد ت إياد‬
‫مثل هذه البامج عب النترنت من قبل اللجنة العالية لنصرة خات النبياء صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ ولنة‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪ ،‬لكن برنامج أو برنامي ل يكفي ‪ ،‬بل ل بد من تكاتف المور‬ ‫مناصرة النب َ‬
‫حت يسي هذا العمل أقوى بكثي ‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين مموعات تتول إبراز ماسن هذا الدين ونظرة السلم لميع النبياء بنفس الدرجة من‬
‫الحبة وغيه من الوضوعات ذات العلقة‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء مواقع أو منتديات أو تصيص نوافذ ف الواقع القائمة تتم بسية الصطفى صَلّى الّل ُه عََلْيهِ‬
‫وَسَلّ َم وتبز رسالته العالية‪.‬‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬
‫‪ -‬الشاركة ف حوارات هادئة مع غي السلمي ودعوتةم لدراسة شخصية الرسول َ‬
‫وَسَلّ َم والدين الذي جاء به‪.‬‬
‫‪ -‬تضمي أو تذييل الرسائل اللكترونية الت ترسل إل القوائم البيدية الاصة ببعض الحاديث‬
‫والواعظ النبوية‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد نشره إلكترونية ‪ -‬من حي إل آخر‪ -‬عن شخصية الرسول صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّ َم ودعوته‬
‫وخاصة ف الناسبات والحداث الطارئة‪.‬‬
‫‪ -‬العلن ف مركات البحث الشهورة عن بعض الكتب أو الحاضرات الت تتحدث عن الرسول‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪.‬‬
‫موقف ف نصرة النب ممد صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫قصة الشيخ ممد عبده مع حاخام يهودي وقسيس نصران‬
‫جلس الثلثة ف حضرة الديوي ف قصر عابدين ف مصر‪..‬‬
‫فقال لم الديوي مصر أنتم الثلثة تثلون الديان الثلثة وأريد أن يثبت كل واحد منكم أنه وأتباعه‬
‫هم الذين سيدخلون النة‪..‬‬
‫قال حاخام اليهود‪ :‬ليتكلم البطريارك أول ً‪ ،‬وقال البطريارك‪ :‬ليتكلم المام أولً يعن الشيخ ممد‬
‫عبده‪.‬‬
‫فقال الديوي تكلم يا إمام‪..‬‬
‫فقال المام ممد عبده‪ :‬يا خديوي‪..‬‬
‫إذا كان اليهود سيدخلون النة لكونم آمنوا بوسى فنحن داخلوها لننا آمنا بوسى‬
‫وإذا كان النصارى سيدخلون النة لكونم آمنوا بعيسى فنحن داخلوها لننا آمنا بعيسى‬
‫وإذا كنا داخليها فلن يدخلها هؤلء ول أولئك لنم ل يؤمنوا بحمد صلي ال عليه وسلم فإياننا‬
‫إيان شامل كامل‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫قصيدة للشيخ جال الدين الصرصري ف مدح النب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ َوسَلّ َم ‪:‬‬
‫ممد البعوث للناس رح ًة *** يشيّد ما أوهى الضلل ويصلح‬
‫لئن سبّحت صُمّ البال ميب ًة *** لداود أو لن الديد الصفح‬
‫سبّح‬‫فإن الصخور الصمّ لنت بكفه *** وإن الصا ف كفه ليُ َ‬
‫وإن كان موسى أنبع الاء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح الاء يَطفح‬
‫وإن كانت الريح الرّخاءُ مطيع ًة *** سليمان ل تألو تروح وتسرح‬
‫فإن الصبا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الصم يكلح‬
‫وإن أوت اللكَ العظيم وسخّرت *** له الن تسعى ف رضاه وتكدح‬
‫فإن مفاتيح الكنوز بأسرها *** أتته ف َردّ الزاهد الترجّح‬
‫وإن كان إبراهيم أُعطي خُل ًة *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح‬
‫فهذا حبيب بل خليل مكلّم *** وخصّص بالرؤيا وبالق أشرح‬
‫وخصص بالوض الرّواء وباللّوا *** ويشفع للعاصي والنار تَلْفح‬
‫وبالقعد العلى القرّب ناله *** عطاءً لعينيه أَقرّ وأفرح‬
‫وبالرتبة العليا الوسيلة دونا *** مراتب أرباب الواهب تَلمح‬
‫وَل ْهوَ إل النات أو ُل داخ ٍل *** له بابا قبل اللئق ُيفْتَتح‬
‫‪------------------------------------‬‬
‫[‪ ]1‬تفسي القرطب ‪ 54/17‬قال ‪ :‬والطغيان ‪ :‬ماوزة الد ف الكفر ‪.‬‬
‫(*) خطبة الشيخ ممد صال النجد إمام وخطيب جامع عمر بن عبد العزيز بي العقربية بالب‬
‫الشرف العام على مموعة مواقع السلم‬
‫الصدر ‪ :‬السلم سؤال وجواب‬
‫‪ http://www.islam-qa.com/topics/nos‬صلى ال عليه وسلم ‪at_alnab‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ nos/‬صلى ال عليه وسلم ‪ at_alnab‬صلى ال عليه وسلم ‪shtml.‬‬
‫============================‬
‫نفحة عبي من سية البشي النذير‬

‫د‪ .‬يي إبراهيم اليحي‬


‫القدمة‪:‬‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على من بعث رحة للعالي وعلى آله وصحبه أجعي ومن‬
‫است بسنته واهتدى بديه واقتفى أثره وسار على نجه إل يوم الدين‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫‪160‬‬
‫فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم هو الصورة العملية التطبيقية لذا الدين‪ ،‬وجيع الطرق الوصلة إل‬
‫ال تعال ث إل النة موصودة ومغلقة إل طريقه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويتنع أن تعرف دين السلم‬
‫ويصح لك إسلمك بدون معرفة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكيف كان هديه وعمله وأمره ونيه‬
‫ومنهجه وسنته؟‪.‬‬
‫لقد سال وحارب‪ ،‬وأقام وسافر‪ ،‬وباع واشترى‪ ،‬وأخذ وأعطى‪ ،‬وما عاش صلى ال عليه وسلم‬
‫وحده‪ ،‬ول غاب عن الناس يوما واحدا‪ ،‬ول سافر وحده‪.‬‬
‫وقد لقى صنوف الذى‪ ،‬وقاسى أشد أنواع الظلم‪ ،‬وكانت العاقبة والنصر له‪.‬‬
‫بعث على فترة من الرسل‪ ،‬وضلل من البشر‪ ،‬وانراف ف الفطر‪ ،‬وواجه ركاما هائلً من الضلل‬
‫والنراف والبعد عن ال‪ ،‬والغراق ف الوثنية‪ .‬فاستطاع بعون ال أن يرجهم من الظلم إل النور‪،‬‬
‫ومن الضلل إل الدى ومن الشقاء إل السعادة‪ ،‬فأحبوه وفَ َد ْوهُ بأنفسهم وأهليهم وأموالم‪ ،‬واقتدوا‬
‫به ف كل صغية وكبية‪ ،‬وجعلوه نباسا لم يستضيئون بنوره‪ ،‬ويهتدون بديه فأصبحوا أئمة الدى‬
‫وقادة البشرية‪.‬‬
‫هل تطلبون من الختار معجزة *** يكفيه شعب من الجداث أحياه‬
‫من وحد العرب حت كان وا *** ترهم إذا رأى ولد الوتور أخاه‬
‫وما أصيب السلمون إل بسبب الخلل بانب القتداء به‪ ،‬والخذ بديه‪ ،‬واتباع سنته‪ ،‬وقد قال ال‬
‫سنَةٌ}‪.‬‬
‫تعال‪َ{ :‬لقَدْ كَانَ َلكُمْ فِي رَسُو ِل الِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫حت اكتفى بعض السلمي من سيته بقراءتا ف النتديات والحتفالت‪ ،‬ول يتجاوز ذلك إل موضع‬
‫الهتداء والتطبيق‪...‬‬
‫وبعضهم بقراءتا للبكة‪ ،‬أو للطلع على أحداثها ووقائعها‪ ،‬أو حفظ غزواته وأيامه وبعوثه‬
‫وسراياه‪.‬‬
‫وهذا راجع إما لهل بأصل مبدأ التباع والهتداء والقتداء‪ ،‬وعدم الدراك بأن هذا من لوازم الحبة‬
‫له صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإما لعدم إدراك مواضع القتداء من سيته صلى ال عليه وسلم؛ نظرا‬
‫لضعف اللكة ف الستنباط‪ ،‬أو لقلة العلم والطلع على كتب أهل العلم‪.‬‬
‫إن سيته صلى ال عليه وسلم رست النهج الصحيح المن ف دعوة الناس‪ ،‬وهداية البشر‪،‬‬
‫وإخراجهم من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن الشقاء إل السعادة‪ .‬وما فشلت كثي من الناهج الدعوية‬
‫العاصرة ف إصلح البشر إ ّل بسبب الخلل بديه والتقصي ف معرفة سنته‪ ،‬ونقص ف دراسة منهجه‬
‫صلى ال عليه وسلم ف هداية البشر وإصلحهم‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫لذا رأيت كتابة هذه التعليقة من سيته صلى ال عليه وسلم كنموذج مقترح لكتابة السية النبوية؛‬
‫لكي تكون لبنة ف بناء النهج الدعوي القائم على هدي النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأسأل ال تعال‬
‫أن ينفع با كاتبها وقارئها ومستمعها‪ ،‬إنه ول ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫وآمل من كل أخ عنده اقتراح أو ملحظة أو تنبيه أن يكتب ل بلحظاته وأكون له من الشاكرين‬
‫‪ http://www.taiba.o‬صلى ال عليه وسلم ‪. /g‬‬
‫إبراهيم عليه السلم وبناء الكعبة‪:‬‬
‫وبعد‪ :‬أخي الكري إنه حري بك وأنت تتجه كل يوم ف صلتك إل هذا البيت الحرم أن تتعرف‬
‫على تاريه‪ ،‬ول أظنك إل من النهمي الريصي على تعلم ذلك؛ وباصة أن هذا البيت خي مكان‬
‫على الرض منه شع نور السلم‪ ،‬وبعث فيه خي النام سيدنا وقائدنا ونبينا ممد عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫إن قصة بناء الكعبة قصة عظيمة‪ ،‬تتضح فيها عظمته وأهيته‪ ،‬فقد احتاج أبو النبياء وخليل الرحن أن‬
‫يضع أسرته هناك حيث ل أنيس ول جليس من أجل هذا البيت‪.‬‬
‫ضعُهُ َحتّى‬ ‫قال البخاري ف صحيحه‪ :‬قَالَ ابْ ُن عَبّاسٍ‪ :‬جَاءَ إِْبرَاهِيمُ باجر وَبِابِْنهَا إِسْمَاعِي َل َوهِيَ ُت ْر ِ‬
‫سجِ ِد وَلَْيسَ بِمَكّةَ َي ْومَئِذٍ أَحَ ٌد وََلْيسَ ِبهَا مَاءٌ‬ ‫ق َز ْم َزمَ فِي َأعْلَى الْمَ ْ‬ ‫َوضَ َعهُمَا عِنْ َد الَْبْيتِ ِعنْ َد َدوْحَةٍ َفوْ َ‬
‫ك َووَضَ َع عِنْ َدهُمَا ِجرَابًا فِيهِ تَ ْم ٌر وَ ِسقَاءً فِي ِه مَاءٌ ثُمّ َقفّى إِْبرَاهِي ُم مُنْ َطِلقًا فََتِبعَْتهُ ُأمّ‬ ‫ض َعهُمَا ُهنَاِل َ‬
‫َف َو َ‬
‫س وَل شَ ْيءٌ َفقَاَلتْ َلهُ‬ ‫إِسْمَاعِيلَ َفقَاَلتْ يَا ِإْبرَاهِيمُ أَيْنَ َت ْذ َهبُ وََتْترُكُنَا ِبهَذَا اْلوَادِي الّذِي لَْيسَ فِيهِ إِْن ٌ‬
‫ذَِلكَ ِمرَارًا َو َجعَلَ ل يَ ْلَت ِفتُ إَِلْيهَا َفقَاَلتْ َلهُ أَالّلهُ الّذِي َأ َمرَكَ ِبهَذَا قَالَ َنعَمْ قَاَلتْ ِإذَنْ ل ُيضَّيعُنَا ثُمّ‬
‫رَ َج َعتْ فَانْ َطلَقَ إِْبرَاهِيمُ َحتّى ِإذَا كَا َن ِعنْدَ الثِّنيّةِ َحْيثُ ل َي َروَْنهُ اسَْت ْقبَلَ ِبوَ ْج ِههِ اْلبَْيتَ ثُ ّم َدعَا ِب َهؤُلءِ‬
‫ح ّرمِ} َحتّى‬ ‫ت مِنْ ُذرّيّتِي ِبوَادٍ َغْيرِ ذِي َزرْعٍ ِعنْدَ بَْيِتكَ الْمُ َ‬ ‫ت َورَفَعَ َيدَْيهِ َفقَا َل َربّ {إِنّي َأسْكَْن ُ‬ ‫اْلكَلِمَا ِ‬
‫َبلَغَ {َيشْ ُكرُونَ}‪.‬‬
‫شتْ‬ ‫سقَا ِء عَطِ َ‬ ‫ش َربُ مِ ْن ذَِلكَ الْمَاءِ َحتّى ِإذَا َنفِدَ مَا فِي ال ّ‬ ‫وَ َجعََلتْ ُأمّ ِإسْمَاعِي َل ُت ْرضِعُ ِإسْمَاعِي َل َوتَ ْ‬
‫صفَا‬‫َوعَ ِطشَ ابُْنهَا وَ َج َعَلتْ تَنْ ُظرُ إَِلْيهِ يَتََلوّى َأوْ قَا َل يََتلَّبطُ فَاْنطََل َقتْ َكرَاهِيَةَ أَ ْن تَنْ ُظرَ إَِلْيهِ َفوَجَ َدتِ ال ّ‬
‫ت عََلْيهِ ثُمّ ا ْسَتقْبََلتِ اْلوَا ِديَ تَنْ ُظ ُر هَلْ َترَى أَحَدًا فَلَ ْم َترَ َأحَدًا‬ ‫أَ ْق َربَ جَبَ ٍل فِي ال ْرضِ َيلِيهَا َفقَامَ ْ‬
‫جهُودِ َحتّى‬ ‫ف ِد ْرعِهَا ثُ ّم َس َعتْ َسعْ َي النسانِ الْ َم ْ‬ ‫صفَا َحتّى ِإذَا َبَل َغتِ اْلوَا ِديَ َرَف َعتْ َطرَ َ‬ ‫َفهََب َطتْ مِنَ ال ّ‬
‫ت ذَِلكَ َسبْعَ‬ ‫ت عََلْيهَا وَنَ َظ َرتْ هَ ْل َترَى أَحَدًا َفلَمْ َترَ أَحَدًا َف َفعََل ْ‬ ‫جَا َو َزتِ اْلوَادِيَ ثُمّ َأَتتِ الْ َم ْر َوةَ َفقَامَ ْ‬
‫َمرّاتٍ‪.‬‬
‫قَا َل ابْ ُن َعبّاسٍ قَا َل النّبِيّ صلى ال عليه وسلم "فَذَِلكَ َسعْيُ النّاسِ َبيَْنهُمَا"‪.‬‬
‫سهَا ثُمّ َتسَ ّمعَتْ َفسَ ِم َعتْ أَْيضًا َفقَاَلتْ قَدْ‬ ‫صهٍ ُترِيدُ َنفْ َ‬
‫صوْتًا َفقَاَلتْ َ‬ ‫ت عَلَى الْ َم ْر َوةِ سَ ِم َعتْ َ‬ ‫َفلَمّا أَ ْشرََف ْ‬
‫حثَ ِب َعقِِبهِ َأ ْو قَالَ ِبجَنَا ِحهِ َحتّى‬ ‫ك عِنْ َد َم ْوضِعِ َز ْم َزمَ َفبَ َ‬‫أَسْ َم ْعتَ إِنْ كَا َن عِنْدَ َك ِغوَاثٌ َفِإذَا هِيَ بِالْمََل ِ‬

‫‪162‬‬
‫ف مِنَ الْمَاءِ فِي ِسقَاِئهَا َو ُهوَ َيفُورُ َبعْدَ مَا‬ ‫ح ّوضُ ُه وََتقُولُ بَِي ِدهَا هَكَذَا وَ َجعََلتْ َت ْغرِ ُ‬ ‫ج َعَلتْ تُ َ‬ ‫َظ َهرَ الْمَاءُ فَ َ‬
‫َت ْغرِفُ‪.‬‬
‫ت َز ْمزَمَ ‪َ -‬أوْ قَالَ ‪-‬‬ ‫قَا َل ابْ ُن َعبّاسٍ قَا َل النّبِيّ صلى ال عليه وسلم‪َ " :‬يرْ َحمُ الّلهُ ُأمّ إِسْمَاعِيلَ َلوْ َترَ َك ْ‬
‫ف مِنَ الْمَاءِ لَكَاَنتْ َز ْم َزمُ َعيْنًا َمعِينًا"‪.‬‬ ‫َلوْ لَمْ َت ْغرِ ْ‬
‫ت وَلَ َدهَا َفقَالَ َلهَا الْ َمَلكُ ل تَخَافُوا الضّْي َعةَ فَإِ ّن هَا هُنَا بَْيتَ الّلهِ يَْبنِي هَذَا اْلغُلمُ‬ ‫ت وََأ ْرضَ َع ْ‬ ‫شرَِب ْ‬ ‫قَا َل فَ َ‬
‫وَأَبُو ُه وَإِنّ الّلهَ ل ُيضِيعُ َأهَْلهُ‪.‬‬
‫ت ُمرَْت ِفعًا مِنَ ال ْرضِ كَالرّاِبيَةِ تَ ْأتِيهِ السّيُو ُل فَتَأْخُ ُذ عَ ْن يَمِيِنهِ وَشِمَاِلهِ‪.‬‬ ‫وَكَانَ اْلبَْي ُ‬
‫ت مِنْ ُج ْرهُ َم ُمقْبِِليَ مِنْ َطرِيقِ كَدَاءٍ فََنزَلُوا‬ ‫فَكَاَنتْ كَذَِلكَ حَتّى َم ّرتْ ِبهِ ْم رُ ْفقَ ٌة مِنْ ُج ْرهُمَ َأوْ َأهْلُ بَْي ٍ‬
‫فِي َأ ْسفَلِ مَكّةَ َفرََأوْا طَاِئرًا عَاِئفًا َفقَالُوا إِ ّن هَذَا الطّاِئرَ لَيَدُو ُر عَلَى مَاءٍ َل َعهْدُنَا ِبهَذَا اْلوَادِي َومَا فِي ِه مَاءٌ‬
‫فََأرْ َسلُوا َج ِريّا َأوْ َجرِيّْينِ فَِإذَا هُ ْم بِالْمَاءِ َفرَ َجعُوا فَأَخَْبرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَ ْقبَلُوا قَا َل وَُأمّ إِسْمَاعِي َل عِنْدَ الْمَاءِ‬
‫َفقَالُوا أَتَ ْأذَِنيَ لَنَا أَ ْن نَْنزِ َل عِنْ َدكِ َفقَاَلتْ َنعَ ْم وَلَكِنْ ل َحقّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا َنعَمْ‪.‬‬
‫حبّ الْنسَ" فََنزَلُوا‬ ‫قَا َل ابْ ُن َعبّاسٍ‪ :‬قَالَ النِّبيّ صلى ال عليه وسلم‪ " :‬فَأَْلفَى ذَِلكَ ُأمّ ِإسْمَاعِي َل َوهِ َي تُ ِ‬
‫وََأرْسَلُوا إِلَى َأهْلِيهِمْ َفَنزَلُوا َمعَهُمْ َحتّى ِإذَا كَا َن ِبهَا َأهْلُ أَْبيَاتٍ مِْنهُ ْم وَ َشبّ اْلغُلمُ وََتعَلّمَ اْل َعرَبِيّ َة مِْنهُمْ‬
‫سهُ ْم وََأعْجََبهُ ْم ِحيَ َشبّ َفلَمّا َأ ْدرَ َك َزوّجُوهُ ا ْمرََأ ًة مِْنهُمْ‪.‬‬ ‫وَأَْنفَ َ‬
‫جدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَ َل ا ْمرَأََتهُ‬ ‫َومَاَتتْ ُأمّ إِ ْسمَاعِي َل فَجَاءَ إِْبرَاهِيمُ َبعْ َدمَا َت َزوّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ َترِكََتهُ َفلَمْ يَ ِ‬
‫ش ّر نَحْنُ فِي ضِي ٍق وَشِ ّدةٍ‬ ‫شهِ ْم َوهَْيئَِتهِمْ َفقَاَلتْ َنحْنُ بِ َ‬ ‫عَْنهُ َفقَاَلتْ َخرَجَ َيبَْتغِي َلنَا ثُمّ سََأَلهَا عَ ْن عَيْ ِ‬
‫ش َكتْ ِإلَْيهِ قَا َل فَِإذَا جَا َء َزوْ ُجكِ فَا ْق َرئِي عََلْيهِ السّل َم وَقُولِي َلهُ ُيغَّي ْر عََتبَ َة بَاِبهِ‪.‬‬ ‫فَ َ‬
‫َفلَمّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَّنهُ آَنسَ شَيْئًا َفقَا َل هَلْ جَاءَكُ ْم مِنْ أَحَ ٍد قَاَلتْ َنعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأََلنَا‬
‫ش ْيءٍ قَاَلتْ َنعَمْ‬ ‫شنَا فََأخَْبرُْتهُ أَنّا فِي َجهْ ٍد وَشِ ّدةٍ قَالَ َفهَلْ َأ ْوصَاكِ بِ َ‬ ‫ف عَيْ ُ‬ ‫عَْنكَ فَأَ ْخَبرُْتهُ َوسَأَلَنِي َكيْ َ‬
‫حقِي بَِأ ْهِلكِ‬ ‫ك الْ َ‬‫َأ َمرَنِي أَنْ أَ ْقرََأ عََلْيكَ السّلمَ وََيقُو ُل غَّي ْر عََتبَ َة بَاِبكَ قَا َل ذَاكِ أَبِي َوقَدْ َأ َمرَنِي أَنْ أُفَارَِق ِ‬
‫فَ َطّل َقهَا َوَت َزوّجَ مِْنهُمْ ُأ ْخرَى‪.‬‬
‫ث عَْنهُمْ إِْبرَاهِي ُم مَا شَاءَ الّلهُ ثُمّ أَتَاهُ ْم َبعْدُ فَلَ ْم يَجِ ْدهُ فَ َدخَ َل عَلَى ا ْمرََأِتهِ فَسَأََلهَا عَْنهُ َفقَاَلتْ َخرَجَ‬ ‫َفلَِب َ‬
‫شهِ ْم َوهَْيئَِتهِمْ َفقَاَلتْ نَحْنُ ِبخَْي ٍر وَ َسعَ ٍة وَأَْثَنتْ َعلَى الّلهِ َفقَالَ‬ ‫َيبَْتغِي لَنَا قَالَ َكيْفَ أَنْتُ ْم َوسَأََلهَا عَ ْن عَيْ ِ‬
‫مَا َطعَامُكُ ْم قَاَلتِ اللّحْمُ قَالَ فَمَا َشرَابُ ُكمْ قَاَلتِ الْمَاءُ قَا َل الّلهُ ّم بَارِكْ َلهُمْ فِي اللّحْ ِم وَالْمَاءِ))‪.‬‬
‫قَا َل النّبِيّ صلى ال عليه وسلم‪" :‬وَلَ ْم يَكُنْ َلهُمْ َي ْومَئِ ٍذ َحبّ وََلوْ كَانَ َلهُ ْم َدعَا َلهُ ْم فِيهِ" قَالَ َفهُمَا ل‬
‫ت عَتََبةَ‬ ‫خلُو عَلَْيهِمَا أَحَدٌ ِبغَْي ِر مَكّةَ إِل لَمْ ُيوَاِفقَاهُ قَالَ َفِإذَا جَا َء َزوْ ُجكِ فَا ْقرَئِي عَلَْيهِ السّل َم َومُرِيهِ ُيثِْب ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت عَلَْيهِ َفسَأَلَنِي‬ ‫بَاِبهِ فَلَمّا جَاءَ ِإسْمَاعِي ُل قَا َل هَلْ َأتَاكُ ْم مِنْ أَحَدٍ قَاَلتْ َنعَمْ أَتَانَا شَْيخٌ حَسَ ُن اْلهَْيئَ ِة وََأثَْن ْ‬
‫ف َعيْشُنَا فَأَ ْخَبرُْتهُ َأنّا ِبخَْيرٍ قَا َل فََأ ْوصَاكِ بِشَ ْيءٍ قَاَلتْ َنعَمْ ُهوَ َي ْقرَُأ عََلْيكَ‬ ‫عَْنكَ فَأَ ْخَبرُْتهُ فَسَأََلنِي كَيْ َ‬
‫ت عََتبَ َة بَاِبكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وََأْنتِ اْلعََتبَةُ َأ َمرَنِي أَنْ ُأمْسِ َككِ‪.‬‬ ‫السّلمَ َويَ ْأ ُمرُكَ أَ ْن تُثِْب َ‬

‫‪163‬‬
‫حتَ َدوْ َحةٍ َقرِيبًا مِ ْن َزمْ َزمَ فَلَمّا‬ ‫ثُمّ َلِبثَ َعْنهُ ْم مَا شَاءَ الّلهُ ُثمّ جَاءَ َبعْ َد ذَِلكَ وَإِسْمَاعِيلُ َيْبرِي َنبْلًا َلهُ تَ ْ‬
‫رَآهُ قَامَ إَِلْيهِ َفصََنعَا َكمَا َيصْنَ ُع اْلوَالِ ُد بِاْلوَلَ ِد وَاْلوَلَدُ بِاْلوَالِ ِد ثُمّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِ ّن الّلهَ َأ َمرَنِي بَِأ ْمرٍ قَالَ‬
‫فَاصْنَ ْع مَا َأ َمرَ َك رَّبكَ قَا َل وَُتعِينُنِي قَا َل وَُأعِيُنكَ قَالَ َفإِنّ الّلهَ َأ َمرَنِي أَنْ َأبْنِ َي هَا ُهنَا َبيْتًا وَأَشَارَ ِإلَى‬
‫حجَا َرةِ‬ ‫جعَلَ ِإسْمَاعِي ُل يَأْتِي بِالْ ِ‬ ‫أَكَمَ ٍة ُمرَْت ِفعَ ٍة عَلَى مَا َحوَْلهَا قَا َل َفعِنْ َد ذَِلكَ َرَفعَا اْل َقوَاعِ َد مِنَ اْلبَْيتِ َف َ‬
‫جرِ َف َوضَ َعهُ َلهُ َفقَامَ عََلْيهِ َو ُهوَ َيبْنِي وَإِ ْسمَاعِي ُل يُنَاوُِلهُ‬‫حَ‬‫وَإِْبرَاهِيمُ يَْبنِي َحتّى ِإذَا ا ْرَتفَعَ اْلبِنَاءُ جَاءَ ِبهَذَا الْ َ‬
‫جعَل َيبْنِيَانِ حَتّى يَدُورَا َحوْلَ‬ ‫اْلحِجَا َر َة َوهُمَا َيقُولنِ {رَبّنَا َتقَبّ ْل مِنّا ِإّنكَ َأْنتَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ} قَا َل فَ َ‬
‫ت َوهُمَا َيقُولنِ {رَبّنَا َتقَبّ ْل مِنّا إِّنكَ أَْنتَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ}‪.‬‬ ‫اْلبَْي ِ‬
‫أخي البيب‪ :‬إنّ ف هذه القصة فوائد عظيمة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬التسليم الطلق ل تعال‪ ،‬فإبراهيم يدع امرأته وطفلها ف أرض موحشة غريبة قفراء ل ماء فيها‬
‫ول شجر استجابةً وطاعةً ل تعال‪ ،‬مع ما عرف عنه من الشفقة والرحة‪ ،‬ولكن التسليم لمر ال‬
‫تعال فوق كل شئ‪.‬‬
‫‪ -2‬امتحان النبياء بأولدهم وهل يقدمونم فداءً لطاعة ربم أم ل‪.‬‬
‫‪ -3‬أن البلء والحن الت تنل بالسلم ل تعن أن ال تعال تلى عنه‪ ،‬أو أراد تعذيبه بل إنه ربه أرحم‬
‫به من نفسه‪ ،‬ولكن النفس تصهرها الشدائد فتنفي عنها البث‪ ،‬وتصلح من نفس البتلى وقلبه‪،‬‬
‫ويستعلي به على الشح بالنفس والال‪ ،‬ويرج أفضل ما عنده من مزايا وطاقات‪ ،‬ولذا كان أشد‬
‫الناس بلءً النبياء ث المثل فالمثل‪ ،‬وهذا خليل ال وأبو النبياء عليهم السلم تتوال عليه الحن‬
‫والفت فيخرج منها نقيا تقيا‪ ،‬صابرا متسبا‪ ،‬مسلما أمره ل جل وعل‪ ،‬حت أصبح أمةً بنفسه{إِنّ‬
‫إِْبرَاهِيمَ كَانَ ُأمّةً}‪.‬‬
‫‪ -4‬تربية إبراهيم أسرته على الطاعة والتسليم الكامل لمر ال عز وجل‪.‬‬
‫‪ -5‬قوة إيان هاجر وعظم توكلها وثقتها بربا عز وجل "إذن ل يضيعنا"‪.‬‬
‫‪ -6‬التوجه إل ال وحده بالدعاء والتضرع ف كل حال‪ ،‬فإبراهيم عليه السلم لا نفذ أمر ربه بوضع‬
‫أسرته ف ذلك الوقع الوحش‪ ،‬توجه إل ال بالدعاء لم بالنس والرزق والبكة‪ ،‬ومن توكل على ال‬
‫كفاه‪ ،‬ومن ركن إليه آواه‪ ،‬ومن سأله وتضرع إليه أعطاه‪.‬‬
‫‪ -7‬إن ال سبحانه وتعال ل يضيع من توكل عليه وحده وسلم المر إليه‪ ،‬مهما ادلمت الطوب‬
‫واشتدت الكروب‪ ،‬فإنه ل يأس من روح ال ورحته‪ .‬فهذه أم إساعيل لا انتهى طعامها وماؤها‬
‫أرسل ال إليها غوثا من عنده‪ ،‬وأجرى لا الاء بأمره جل وعل‪.‬‬
‫‪ -8‬من أقبل على ال تعال والتزم أمره وتوجه إليه بالعبادة دون سواه‪ ،‬رفع ال ذكره ف العالي‪،‬‬
‫انظر رحك ال كيف بقيت ذكرى أم إساعيل ف السعي إل يومنا هذا‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ -9‬من كان هه الدنيا والتمتع فيها فل يصلح أن ياور نبيا من أنبياء ال تعال أهل العبادة والصلح‬
‫والعمل والمة العلية‪ ،‬ولذا أمر إبراهيم عليه السلم ابنه إساعيل أن يطلق تلك الرأة الت شكت إليه‬
‫شدة العيش‪.‬‬
‫الكمة من بناء البيت‪:‬‬
‫وأنت تدرك معي أخي الكري السر الذي من أجله بن هذا البيت‪ ،‬إنه من أجل توحيد ال ونبذ‬
‫الشرك‪ ،‬كما قال تعال‪:‬‬
‫ي وَالرّكّعِ‬
‫شرِ ْك بِي شَيْئا وَ َط ّهرْ بَْيتِيَ لِلطّآِئ ِفيَ والقائم َ‬
‫{وَِإذْ َبوّأْنَا لِْبرَاهِي َم مَكَانَ اْلبَْيتِ أَن لّ تُ ْ‬
‫ي مِن كُلّ فَ ّج عَميِقٍ}‬‫حجّ يَأْتُو َك ِرجَا ًل َوعَلَىَ كُ ّل ضَا ِمرٍ يَأِْت َ‬
‫السّجُودِ‪ ،‬وََأذّن فِي النّاسِ بِالْ َ‬
‫قال ابن كثي ف تفسيه‪:‬‬
‫هذا فيه تقريع وتوبيخ لن عبد غي ال وأشرك به من قريش‪ ،‬ف البقعة الت أسست من أول يوم على‬
‫توحيد ال وعبادته وحده ل شريك له‪ ،‬فذكر تعال أنه بوأ إبراهيم مكان البيت‪ ،‬أي أرشده إليه‬
‫وسلمه له وأذن له ف بنائه‪{ ،‬أن ل تشرك ب شيئا} أي ابنه على اسي وحدي {وطهر بيت} قال‬
‫قتادة وماهد‪ :‬من الشرك {للطائفي والقائمي والركع السجود} أي اجعله خالصا لؤلء الذين‬
‫يعبدون ال وحده ل شريك له‪ ،‬فالطائف به معروف‪ ،‬وهو أخص العبادات عند البيت‪ ،‬فإنه ل يفعل‬
‫ببقعة من الرض سواها {والقائمي} أي ف الصلة‪ ،‬ولذا قال‪{ :‬والركع السجود} فقرن الطواف‬
‫بالصلة لنما ل يشرعان إل متصي بالبيت‪ ،‬فالطواف عنده والصلة إليه‪.‬‬
‫وقال القرطب ف تفسيه‪:‬‬
‫شرِك}‬ ‫شرِكْ} هي ماطبة لبراهيم عليه السلم ف قول المهور‪ .‬وقرأ عكرمة {أن ل يُ ْ‬ ‫{أَن لّ ُت ْ‬
‫بالياء‪ ،‬بعن لئل يشرك‪ .‬وف الية طعن على من أشرك من ُقطّان البيت أي هذا كان الشرط على‬
‫أبيكم فمَن بعده وأنتم‪ ،‬فلم َتفُوا بل أشركتم‪.‬‬
‫وأمر بتطهي البيت والذان بالج‪ .‬والمهور على أن ذلك لبراهيم وهو الصح‪ .‬وتطهي البيت عام‬
‫ف الكفر والبدع وجيع الناس والدماء‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬العن نزّه بيت عن أن يعبد فيه صنم‪ .‬وهذا أمر بإظهار التوحيد فيه‪ .‬والقائمون هم الصلون‪.‬‬
‫وذكر تعال من أركان الصلة أعظمها‪ ،‬وهو القيام والركوع والسجود‪.‬‬
‫فللتوحيد بن هذا البيت ومن أجل التوحيد عمر‪ ،‬ولهل التوحيد وحدهم شيد‪ ،‬ومن أجلهم طهر‬
‫البيت من الشرك والبدع والرافات‪ ،‬وهؤلء الطائفون والركع السجود هم الذين من أجلهم أقيم‬
‫هذا البيت ل لولئك الذين يشركون بال تعال‪ ،‬ويتوجهون بالعبادة إل سواه‪.‬‬
‫وينبغي على السلم أن ل يتكل على عمله مهما كان صحيحا صوابا‪ ،‬فإبراهيم وإساعيل عليهما‬
‫السلم يأمرها ال جل وعل ببناء بيته الحرم من أجل توحيده‪ ،‬فيقومان بذلك خي قيام ومع ذلك ل‬

‫‪165‬‬
‫يتكل على عملهما بل يسألن ال تعال دائما قبول العمل {وَِإ ْذ َيرْفَعُ إِْبرَاهِيمُ اْل َقوَاعِدَ مِ َن الَْبْيتِ‬
‫وَإِسْمَاعِي ُل رَبّنَا َتقَبّ ْل مِنّا ِإّنكَ َأْنتَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ} فليس صواب العمل كافٍ ف القبول‪ ،‬بل ل بد أن‬
‫يصاحبه الخلص ل تعال الالص من شوائب الشرك‪ ،‬وحظوظ النفس‪.‬‬
‫وكان عليه الصلة والسلم وهو الوحد أبو الوحدين يشى من الشرك فيقول‪{ :‬واجنبن وبنّ أن‬
‫نعبد الصنام} فهل أحد بعد إبراهيم عليه السلم ل ياف على نفسه من الوقوع ف الشرك!! لذا‬
‫ينبغي على كل مسلم أن يكون دائما يقظا منتبها لنفسه من هذا الذنب العظيم‪ ،‬فإن الشرك ف هذه‬
‫المة أخفى من دبيب النمل‪ ،‬كما أخب بذلك الصادق الصدوق صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ذرية إساعيل‪:‬‬
‫وبارك ال ف ذرية إساعيل فتناموا وصاروا قبائل‪ ،‬وانتشروا ف الزيرة العربية‪ ،‬وصاروا يسمون‬
‫العرب الستعربة‪ ،‬وقد بقوا على دين أبيهم إبراهيم عليه السلم مدة من الزمن‪ ،‬ث بدأ النقص عندهم‪،‬‬
‫ودخلت عليهم البدع من الجاورين لم شيئا فشيئا‪ ،‬حت دخلت عليهم عبادة الصنام وكان أول من‬
‫أدخل الشرك إل العرب عمرو بن لي الزاعي‪.‬‬
‫ت وَل َيحْلُُبهَا َأحَ ٌد مِنَ‬ ‫روى البخاري عن َسعِيدِ ْبنِ الْ ُمسَّيبِ قَالَ‪ :‬الْبَحِ َي ُة الّتِي يُمْنَ ُع َد ّرهَا لِل ّطوَاغِي ِ‬
‫س وَالسّاِئبَ ُة الّتِي كَانُوا يُسَيّبُوَنهَا لِآِلهَِتهِمْ فَل يُحْمَ ُل عََلْيهَا شَ ْيءٌ قَالَ‪ :‬وَقَالَ أَبُو ُهرَْي َرةَ‪ :‬قَالَ النّبِيّ‬ ‫النّا ِ‬
‫جرّ ُقصَْبهُ فِي النّارِ وَكَانَ َأوّ َل مَنْ‬ ‫خزَا ِعيّ يَ ُ‬‫ت عَ ْمرَو بْ َن عَا ِمرِ بْنِ لُحَ ّي الْ ُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬رَأَْي ُ‬
‫سوَاِئبَ"‪.‬‬ ‫ب ال ّ‬‫سَّي َ‬
‫وف السند أيضا عن ابن مسعود عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬أول من سيب السوائب وعبد‬
‫الصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر‪ ،‬وإن رأيته يرّ أمعاءه ف النار"‪.‬‬
‫انراف العرب عن النيفية‪:‬‬
‫ترك العرب دين أبيهم إساعيل‪ ،‬وابتعدوا عن النيفية دين أبيهم إبراهيم‪ ،‬وانتشرت بينهم عبادة‬
‫الصنام والوثان‪ ،‬وعددوا فيها إل حد يثي السخرية؛ حيث كان الواحد منهم ف سفره يمع أربعة‬
‫أحجار ثلثةً لقدره وواحدا يعبده‪ ،‬وإن ل يد حلب الشاة على كوم من تراب ث عبده‪.‬‬
‫جرًا ُهوَ أَ ْخَيرُ ِمْنهُ أَْلقَْينَاهُ‬‫جرَ َفِإذَا وَجَدْنَا حَ َ‬ ‫روى البخاري عن أب رَجَاءٍ اْلعُطَا ِر ِديّ َيقُولُ‪ُ :‬كنّا َنعْبُ ُد الْحَ َ‬
‫جرًا جَ َمعْنَا ُجْث َوةً مِ ْن ُترَابٍ ثُمّ ِجئْنَا بِالشّاةِ َفحََلبْنَا ُه عََلْيهِ ثُمّ ُطفْنَا ِبهِ فَِإذَا‬ ‫وَأَخَذْنَا ال َخ َر فَِإذَا لَ ْم نَجِدْ حَ َ‬
‫ع ُرمْحًا فِيهِ حَدِي َدٌة وَل َسهْمًا فِيهِ حَدِي َدةٌ إِل َن َزعْنَاهُ‬ ‫دَخَلَ َش ْه ُر رَ َجبٍ قُ ْلنَا مَُنصّلُ السِنّ ِة فَل نَدَ ُ‬
‫ب وَسَ ِم ْعتُ َأبَا رَجَاءٍ َيقُولُ كُْنتُ َي ْومَ ُب ِعثَ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم غُلمًا َأ ْرعَى‬ ‫وَأَْلقَيْنَاهُ َش ْهرَ رَ َج ٍ‬
‫خرُو ِجهِ َف َررْنَا إِلَى النّارِ إِلَى مُسَْيلِ َمةَ الْكَذّابِ‪.‬‬ ‫الب َل عَلَى َأ ْهلِي َفلَمّا سَ ِمعْنَا بِ ُ‬

‫‪166‬‬
‫وقد عبد قبائل من العرب الشمس والقمر‪ ،‬واللئكة والن‪ ،‬والكواكب‪ ،‬وبعضهم عبد أضرحة من‬
‫ينسب إليهم الصلح‪ .‬قال ابن عباس رضي ال عنهما ف قوله تعال‪{:‬أفرأيتم اللت والعزى} قال‪:‬‬
‫كان رجلً صالا يلت السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبه‪.‬‬
‫مقاصد العرب ف عبادة الوثان‪:‬‬
‫وكانت العرب تقصد بعبادة الصنام عبادة ال والتقرب إليه عن طريقها‪ ،‬أو بواسطتها‪ ،‬وهم على‬
‫طرق متلفة؛ فبعضهم يقول‪ :‬ليس لنا أهلية لعبادة ال تعال بل واسطة لعظمته‪ ،‬فاتذناها لتقربنا إل‬
‫ال‪ ،‬وفرقة قالت‪ :‬إن للملئكة عند ال جاها ومنلةً فاتذنا أصناما على هيئة اللئكة لتقربنا إل ال‪،‬‬
‫وبعضهم جعلوا الصنام قبلة ف عبادة ال مثل الكعبة قبلة ف عبادته‪ ،‬وفرقة أخرى اعتقدت أن على‬
‫كل صنم شيطانا موكلً بأمر ال‪ ،‬فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حاجته بأمر ال‪ ،‬ومنهم‬
‫من يقصدون بذلك شفاعتهم عند ال‪ ،‬واتاذهم زلفى إليه سبحانه‪ .‬قال تعال‪{ :‬والذين اتذوا من‬
‫دونه أولياء ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى} وقال تعال عنهم‪{ :‬ويقولون هؤلء شفعاؤنا عند‬
‫ال}‪.‬‬
‫هل كانت العرب تعتقد ف أصنامها النفع أو الضر؟‬
‫روى الترمذي عَ ْن عِ ْمرَانَ ْبنِ ُحصَيْنٍ قَالَ‪ :‬قال النِّبيّ صلى ال عليه وسلم لِأَبِي‪" :‬يَا ُحصَيْنُ كَ ْم َتعْبُدُ‬
‫ك َو َرهْبَِتكَ؟‬
‫ض َووَاحِدًا فِي السّمَاءِ قَالَ‪" :‬فََأّيهُمْ َتعُدّ ِل َرغْبَِت َ‬ ‫اْلَي ْومَ ِإَلهًا؟ قَالَ أَبِي‪َ :‬سْبعَةً ِستّ ًة فِي ال ْر ِ‬
‫ت عَلّ ْمُتكَ َكلِمََتيْنِ َتْن َفعَاِنكَ قَالَ‪ :‬فَلَمّا أَسَْلمَ‬ ‫قَالَ‪ :‬الّذِي فِي السّمَاءِ قَالَ‪" :‬يَا ُحصَيْنُ َأمَا ِإّنكَ َلوْ َأسْلَ ْم َ‬
‫ُحصَيْ ٌن قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ الّل ِه عَلّ ْمنِيَ اْلكَلِ َمتَيْ ِن اللّتَيْ ِن َوعَ ْدتَنِي َفقَالَ‪ " :‬قُلِ الّلهُمّ أَْلهِ ْمنِي رُشْدِي وََأعِ ْذنِي‬
‫ب وَقَ ْد ُر ِويَ هَذَا الْحَدِيثُ َعنْ عِ ْمرَانَ بْنِ‬ ‫مِنْ َشرّ َنفْسِي"‪ .‬قَالَ أَبُو عِيسَى‪ :‬هَذَا حَدِيثٌ حَسَ ٌن َغرِي ٌ‬
‫ُحصَيْ ٍن مِ ْن غَْي ِر هَذَا اْلوَ ْجهِ‪.‬‬
‫بل كانوا عند الشدائد ينسون آلتهم ويتخلون عنها كما قال تعال‪{ :‬فَِإذَا رَكِبُوا فِي اْل ُف ْلكِ َد َعوُا الّلهَ‬
‫شرِكُونَ}‪.‬‬ ‫صيَ َلهُ الدّي َن فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى اْلَبرّ ِإذَا هُمْ يُ ْ‬ ‫مُخِْل ِ‬
‫بقايا شريعة إبراهيم عند العرب‪:‬‬
‫وقد بقيت ف العرب بقايا من سنن إبراهيم وشريعته ومن ذلك‪ :‬خصال الفطرة الت ابتلي با إبراهيم‬
‫عليه السلم‪،‬كالستنجاء وتقليم الظافر ونتف البط وحلق العانة والتان‪.‬‬
‫وكانوا يغتسلون للجنابة‪ ،‬ويغسلون موتاهم ويكفنونم‪ ،‬وكانوا يصومون يوم عاشوراء‪ ،‬ويطوفون‬
‫بالبيت‪ ،‬ويسعون بي الصفا والروة‪ ،‬ويسحون الجر ويلبون إل أنم يشركون ف تلبيتهم يقولون‪:‬‬
‫((لبيك ل شريك لك إل شريكا هو لك تلكه وما ملك))‪ ،‬ويقفون الواقف كلها‪ ،‬ويعظمون الشهر‬
‫الرم‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫وكانوا يرمون نكاح الحارم‪ ،‬وعملوا بالقسامة‪ ،‬واجتنب بعضهم المر ف الاهلية وكانوا يغلظون‬
‫على النساء أشد التغليظ ف شرب المر‪.‬‬
‫وهم على اعترافهم بال وبعظمته وبتدبيه للمور‪ ،‬وأنه الرازق الالق الحيي الميت‪ ،‬وأن جيع اللق‬
‫تت قهره وتصرفه‪ ،‬إل أنم اتذوا من دون ال وسائط يزعمون أنا تقربم إل ال زلفى قال تعال‪:‬‬
‫خرِجُ الْحَ ّي مِنَ اْلمَّيتِ‬ ‫ك السّمْ َع وَالْأَْبصَا َر َومَنْ يُ ْ‬
‫{ُق ْل مَنْ َي ْرزُقُكُ ْم مِنَ السّمَاءِ وَالَْأ ْرضِ َأمّنْ يَمِْل ُ‬
‫ت مِنَ اْلحَ ّي َومَنْ يُدَّبرُ الَْأ ْمرَ َفسََيقُولُونَ الّلهُ َفقُلْ أَفَل تَّتقُونَ} وقال تعال‪{ :‬قُلْ لِ َمنِ‬ ‫ج الْمَّي َ‬ ‫خرِ ُ‬‫وَيُ ْ‬
‫ض َومَنْ فِيهَا إِنْ ُكنْتُ ْم َتعْلَمُونَ‪ .‬سََيقُولُونَ لِّلهِ قُلْ َأفَل تَذَ ّكرُونَ‪ .‬قُ ْل مَ ْن َربّ السّمَاوَاتِ السّبْعِ‬ ‫الَْأ ْر ُ‬
‫جيُ وَل‬ ‫َو َربّ اْل َعرْشِ اْلعَظِيمِ‪ .‬سََيقُولُونَ لِّلهِ قُلْ َأفَل َتّتقُونَ‪ .‬قُ ْل مَنْ ِبيَ ِدهِ َملَكُوتُ كُ ّل شَ ْيءٍ َو ُهوَ يُ ِ‬
‫حرُونَ}‪.‬‬ ‫يُجَارُ َعلَْيهِ إِنْ كُْنتُمْ َتعْلَمُونَ‪ .‬سََيقُولُونَ ِلّلهِ ُقلْ فَأَنّى تُسْ َ‬
‫فهم بذلك يشهدون أن ال هو الالق الرازق وحده ل شريك له‪ ،‬وأنه ل يرزق إل هو‪ ،‬ول يي إل‬
‫هو‪ ،‬ول ييت إل هو‪ ،‬ول يدبر المر إل هو‪ ،‬وأن جيع السماوات ومن فيهن والرضي ومن فيها‬
‫عبيده وتت تصرفه وقهره‪ ،‬ومع ذلك يشركون به ويدعون معه غيه‪ ،‬بل كانت الكعبة ‪ -‬وهي بيت‬
‫ال العظم ‪ -‬عندهم ييط به ثلث مائة وستون صنما‪.‬‬
‫تلك الياة الاهلية بكل صورها وف جيع أماكنها وبقاعها‪ ،‬قد صورها الصطفى صلى ال عليه‬
‫وسلم ف الديث العظيم الذي رواه عنه عياض بن حار الجاشعي حيث قال‪( :‬إن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم قال ذات يوم ف خطبته‪" :‬أل إن رب أمرن أن أعلمكم ما جهلتم ما علمن‪ ،‬يومي‬
‫هذا‪ .‬كل مال نلته عبدا‪ ،‬حلل‪ .‬وإن خلقت عبادي حنفاء كلهم‪ .‬وإنم أتتهم الشياطي فاجتالتهم‬
‫عن دينهم‪ .‬وحرمت عليهم ما أحللت لم‪ .‬وأمرتم أن يشركوا ب ما ل أنزل به سلطانا‪ .‬وإن ال نظر‬
‫إل أهل الرض فمقتهم‪ ،‬عربم وعجمهم‪ ،‬إل بقايا من أهل الكتاب‪."...‬‬
‫فالديث يشي إل انراف الناس عن الشريعة ونبذها وراءهم ظهريا‪ ،‬واختراع أنظمة وقواني من عند‬
‫أنفسهم‪ ،‬فحرموا اللل وأحلوا الرام ((كل مال نلته عبدا‪ ،‬حلل‪ ..‬وحرمت عليهم ما أحللت‬
‫لم)) وهذا رد على ما شرعوه من السوائب والوصيلة والام والبحية‪ ،‬ما يدعونه للتهم‪ ،‬وقد شرع‬
‫ال أن كل مال رزقه عبدا من عباده فهو حلل له‪.‬‬
‫كما يوضح النراف عن التوحيد والردة الكاملة عن الدين‪ ،‬أنم أتتهم الشياطي فاجتالتهم عن‬
‫دينهم‪ ..‬وأمرتم أن يشركوا بال ما ل ينل به سلطانا‪ ،‬كما يشي إل الفساد العظيم الذي غطى وجه‬
‫الرض ما استحق الناس مقت ال لم جيعا إل بقايا من أهل الكتاب‪.‬‬
‫وأصبحت البشرية باجة ماسة إل منقذ لا من الضللة إل الدى ومن ظلمة الشرك إل نور التوحيد‬
‫واليان‪ ،‬ومن الشقاء إل السعادة ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫الصطفاء‪:‬‬

‫‪168‬‬
‫ف هذا الو القات والزمان الدلم بالشرك بعث الصطفى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أتيت والناس فوضى ل تر بم *** إل على صنم قد هام ف صنم‬
‫مسيطر الفرس يبغي ف رعيته *** وقيصر الروم من كب أصم عمي‬
‫وف صحيح مسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬إن ال اصطفى كنانة من ولد إساعيل‪،‬‬
‫واصطفى قريشا من كنانة‪ ،‬واصطفى من قريش بن هاشم‪ ،‬واصطفان من بن هاشم"‪.‬‬
‫وروى البخاري َعنْ أَبِي ُهرَْي َر َة َرضِي الّل ُه عَْنهُ أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ُ" :‬بعِْثتُ مِنْ‬
‫ت مِنَ اْل َقرْنِ الّذِي كُْنتُ فِيهِ"‪.‬‬
‫خَْي ِر ُقرُونِ َبنِي آدَمَ َقرْنًا َف َقرْنًا َحتّى كُْن ُ‬
‫وروى أحد عن عبد ال بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬إن ال نظر ف قلوب العباد فوجد قلب ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم خي قلوب العباد‪ ،‬فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته‪ ،‬ث نظر ف قلوب العباد بعد قلب ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خي قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه‪ ،‬يقاتلون على دينه‪،‬‬
‫فما رآه السلمون حسنا فهو عند ال حسن‪ ،‬وما رآه السلمون سيئا فهو عند ال سيئ‪.‬‬
‫نسبه الشريف‪:‬‬
‫هو ممد بن عبد ال بن عبد الطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب‬
‫بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن‬
‫نزار بن معد بن عدنان وعدنان من نسل إساعيل عليه السلم‪.‬‬
‫ولدته ونشأته صلى ال عليه وسلم‬
‫ولد يوم الثني كما ورد ذلك ف صحيح مسلم لا سئل عن صيام يوم الثني قال‪ " :‬ذاك يوم ولدت‬
‫فيه"‪ .‬ف عام الفيل وهو أرجح القوال‪.‬‬
‫وتتفق رواية مسلم مع ابن إسحاق ف كون والده مات وهو حل ف بطن أمه‪ .‬وف الصحيحي أن‬
‫ثويبة مولة أب لم قامت بإرضاعه صلى ال عليه وسلم‪ .‬كما أرضعته مولته أم أين وقد أعتقها عليه‬
‫الصلة والسلم بعد ما كب‪.‬‬
‫أما رضاعه من حليمة السعدية ف بن سعد فهذا ما استفاض واشتهر‪ ،‬وقد ورد استرضاعه ف بن‬
‫سعد بسند جيد من طريق ابن إسحاق‪ .‬تقول حليمة السعدية مرضعته لا أخذته من أمه‪( :‬فلما وضعته‬
‫ف حجري أقبل عليه ثدياي با شاء من لب‪ ،‬فشرب حت روي‪ ،‬وشرب معه أخوه حت روي‪ ،‬ث‬
‫ناما‪ ،‬وما كنا ننام معه قبل ذلك‪ ،‬وقام زوجي إل شارفنا تلك‪ ،‬فإذا أنا لافل‪ ،‬فحلب منها ما شرب‬
‫وشربت معه حت انتهينا ريا وشبعا فبتنا بي ليلة (إل أن قالت) ث قدمنا منازلنا من بلد بن سعد‪،‬‬
‫وما أعلم أرضا من أرض ال أجدب منها‪ ،‬فكانت غنمي تروح على حي قدمنا به معنا شباعا لبنا‪،‬‬
‫فنحلب ونشرب‪ ،‬وما يلب إنسان قطرة لب‪ ،‬وليدها ف ضرع‪ ..‬فلم نزل نتعرف من ال الزيادة‬
‫والي)‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫فأنزل ال عليهم البكة ف أنفسهم وأموالم بسبب قيامهم بأمر صفيّه وحبيبه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫تيئته لمل الرسالة‪:‬‬
‫ث كانت تلك الادثة العظيمة ف بن سعد ف شق صدره ونزع حظ الشيطان منه تيئةً له لتحمل‬
‫الرسالة‪:‬‬
‫روى ابن إسحاق بسند جيد أن الصحابة سألوا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن نفسه فقال‪" :‬نعم‬
‫أنا دعوة أب إبراهيم وبشرى عيسى عليهما السلم‪ ،‬ورأت أمي حي حلت ب أنه خرج منها نور‬
‫أضاءت له قصور الشام‪ ،‬واسترضعت ف بن سعد بن بكر‪ ،‬فبينا أنا ف بم لنا أتان رجلن عليهما‬
‫ثياب بيض معهما طست من ذهب ملوء ثلجا‪ ،‬فأضجعان فشقا بطن ث استخرجا قلب فشقاه‬
‫فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها‪ ،‬ث غسل قلب وبطن بذلك الثلج‪ ،‬حت إذا أنقياه رداه كما كان‪ ،‬ث‬
‫قال أحدها لصاحبه‪ .‬زنه بعشرة من أمته‪ .‬فوزنن بعشرة فوزنتهم‪ ،‬ث قال‪ :‬زنه بائة من أمته‪ .‬فوزنن‬
‫بائة فوزنتهم‪ .‬ث قال‪ :‬زنه بألف من أمته‪ .‬فوزنن بألف فوزنتهم‪ ،‬فقال‪ :‬دعه عنك‪ ،‬فلو وزنته بأمته‬
‫لوزنم"‪.‬‬
‫وروى مسلم عن أنس بن مالك‪( :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتاه جبيل عليه السلم وهو‬
‫يلعب مع الغلمان‪ ،‬فأخذه فصرعه فشق عن قلبه‪ ،‬فاستخرج القلب واستخرج منه علقة سوداء‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هذا حظ الشيطان‪ ،‬ث غسله ف طست من ذهب باء زمزم‪ ،‬ث لمه‪ ،‬ث أعاده ف مكانه‪ ،‬وجاء‬
‫الغلمان يسعون إل أمه ‪ -‬يعن ظئره ‪ -‬فقالوا‪ :‬إن ممدا قد قتل‪ .‬فاستقبلوه وهو منتقع اللون‪ .‬قال‬
‫أنس‪ :‬وقد كنت أرى أثر ذلك الخيط ف صدره)‪.‬‬
‫كفالته بعد وفاة والدته‪:‬‬
‫وقد ماتت أمه وعمره ست سنوات‪ ،‬فكفله جده عبد الطلب ث مات بعد سنتي فأوصى به إل عمه‬
‫أب طالب فكفله عمه وح ّن عليه ورعاه‪.‬‬
‫وقد شب مع عمه أب طالب تت رعاية ال وحفظه له من أمور الاهلية وعادتا السيئة‪( .‬فكان‬
‫أفضل قومه مروءةً‪ ،‬وأحسنهم خلقا‪ ،‬وأكرمهم مالطةً‪ ،‬وأحسنهم جوارا‪ ،‬وأعظهم حلما وأمانةً‪،‬‬
‫وأصدقهم حديثا‪ ،‬وأبعدهم من الفحش والذى‪ ،‬ما رؤي ملحيا ول ماريا أحدا‪ ،‬حت سّاه قومه‬
‫المي‪ ،‬لا جع ال فيه من المور الصالة)‪.‬‬
‫إرهاصات وعلمات نبوته‪:‬‬
‫وقعت عدة أحداث كانت بثابة إرهاصات وعلمات ودللت على نبوته صلى ال عليه وسلم‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬تسليم الجر‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫فعن جابر بن سرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إن لعرف حجرا بكة كان يسلم‬
‫علي قبل أن أبعث‪ .‬إن لعرفه الن"‪.‬‬
‫‪ -2‬الرؤيا الصادقة‪.‬‬
‫أما الرؤيا الصادقة فكما روت عائشة رضي ال عنها أن أول ما بدئ به رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان ل يرى رؤيا إل جاءت مثل فلق الصبح‪.‬‬
‫‪ -3‬العزلة والتحنّث‪.‬‬
‫لقد حبب إليه اللوة فكان يرج إل غار حراء فيتحنّث فيه وهو التعبّ ُد الليالَ ذواتِ العدد‪ .‬كما ف‬
‫الصحيحي‪.‬‬
‫وف التعبّد درس للمسلم والداعية ليستعي بعبادة ال تعال على مقاومة نزعات النفس‪ ،‬وشهواتا‪،‬‬
‫ق الدعوة ومشاكلها وشدائدها‪ ،‬ويصب على تربية الناس‬ ‫ومغريات الياة وأعراضها‪ ،‬ويتحمل مشا ّ‬
‫وتوجيههم وما يصدر عنهم من إعراض أو مشاقّة للداعية‪.‬‬
‫الوحي وتبليغ الرسالة‪:‬‬
‫ما كان النب صلى ال عليه وسلم ف تعبده وتنثه ينتظر النبوة أو يترقبها‪ ،‬بل ل تكن تطر على باله‬
‫ك رُوحا مِنْ َأ ْمرِنَا مَا ُكْنتَ تَ ْدرِي مَا‬ ‫كما ذكر ال تعال ف كتابه حيث قال‪{ :‬وَكَذَِلكَ َأوْ َحيْنَا ِإلَْي َ‬
‫ب وَل الِْأيَا ُن وَلَ ِكنْ َجعَلْنَاهُ نُورا َنهْدِي ِب ِه مَنْ نَشَا ُء مِنْ ِعبَادِنَا وَِإّنكَ َلَتهْدِي إِلَى صِرَاطٍ‬
‫اْلكِتَا ُ‬
‫مُسَْتقِيمٍ}‪.‬‬
‫وقال سبحانه‪َ { :‬ومَا كُْنتَ َترْجُو أَ ْن يُ ْلقَى إَِلْيكَ الْكِتَابُ ِإلّا رَحْمَ ًة مِ ْن رَّبكَ فَل تَكُونَنّ َظهِيا‬
‫لِ ْلكَاِفرِينَ}‪.‬‬
‫بعث صلى ال عليه وسلم وعمره أربعون سنةً كما ف الصحيحي عن ابن عباس أنه قال‪( :‬أنزل على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو ابن أربعي سنةً‪ ،‬فمكث بكة ثلث عشرة سنةً‪ ،‬ث أمر بالجرة‬
‫فهاجر إل الدينة‪ ،‬فمكث با عشر سني‪ ،‬ث توف صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫وكان ذلك ف شهر رمضان البارك كما ف رواية البخاري ف كتاب بدء الوحي‪ .‬وقد جاور ف الغار‬
‫تلك السنة شهرا كاملً كما ورد ف صحيح مسلم‪.‬‬
‫أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي ال عنها ف ذكر بدء الوحي قالت‪( :‬أول ما بدئ به رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالة ف النوم (وف رواية أخرى "الصادقة")‪ ،‬فكان ل‬
‫يرى رؤيا إل جاءت مثل فلق الصبح)‪.‬‬
‫ث حبب إليه اللء‪ ،‬فكان يلو بغار حراء فيتحنّث فيه ‪ -‬وهو التعبد الليال ذوات العدد ‪ -‬قبل أن‬
‫ينع إل أهله ويتزود لذلك‪ ،‬ث يرجع إل خدية فيتزود لثلها‪ .‬حت جاءه الق وهو ف غار حراء‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫فجاءه اللك فقال‪ :‬اقرأ‪ .‬فقال‪ :‬ما أنا بقارئ‪ .‬قال‪ :‬فأخذن فغطن حت بلغ من الهد ث أرسلن‪.‬‬
‫فقال‪ :‬اقرأ‪ .‬قلت‪ :‬ما أنا بقارئ‪ .‬فأخذن فغطن الثانية حت بلغ من الهد ث أرسلن‪ .‬فقال‪ :‬اقرأ‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬ما أنا بقارئ‪ ،‬فأخذن فغطن الثالثة ث أرسلن فقال‪{ :‬ا ْقرَأْ بِاسْ ِم َرّبكَ الّذِي خَلَقَ‪َ .‬خلَقَ‬
‫الِْأنْسَا َن مِ ْن عََلقٍ‪ .‬ا ْقرَْأ َورَّبكَ الْأَ ْك َرمُ}‪.‬‬
‫فرجع با رسول ال صلى ال عليه وسلم يرجف فؤاده‪ ،‬فدخل على خدية بنت خويلد رضي ال‬
‫عنها‪ ،‬فقال‪ " :‬زملون زملون"‪ .‬فزملوه حت ذهب عنه الروع‪ .‬فقال لدية ‪ -‬وأخبها الب – "‬
‫لقد خشيت على نفسي"‪.‬‬
‫فقالت خدية‪ :‬كل وال ما يزيك ال أبدا‪ .‬إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتمل الكل‪ ،‬وتكسب العدوم‪،‬‬
‫وتقري الضيف‪ ،‬وتعي على نوائب الق‪.‬‬
‫فانطلقت به خدية حت أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خدية‪ .‬وكان امرءا قد‬
‫تنصر ف الاهلية‪ ،‬وكان يكتب الكتاب العبان‪ ،‬فيكتب من النيل بالعبانية ما شاء ال أن يكتب‪.‬‬
‫وكان شيخا كبيا قد عمي‪ .‬فقالت له خدية‪ :‬يا ابن عم اسع من ابن أخيك‪ .‬فقال له ورقة‪ :‬يا ابن‬
‫أخي ماذا ترى فأخبه رسول ال صلى ال عليه وسلم خب ما رأى‪ .‬فقال له ورقة‪ :‬هذا الناموس‬
‫الذي أنزل ال على موسى يا ليتن فيها جذعا‪ ،‬ليتن أكون حيا إذ يرجك قومك‪ .‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬أو مرجي هم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ل يأت رجل قط بثل ما جئت به إل عودي‪ ،‬وإن‬
‫يدركن يومك أنصرك نصرا مؤزرا‪ .‬ث ل ينشب ورقة أن توف‪ ،‬وفتر الوحي)‪.‬‬
‫وَقِفْ أخي مع كلمة‪( :‬وفجأه الوحي) لتعلم كيف تمل الرسول صلى ال عليه وسلم وهو ف حال‬
‫عزلته وتنّثه وخلوته فيدخل عليه شخص غريب بصورة عجيبة ث يضمه إليه ويقول إقرأ‪ .‬لشك أنه‬
‫بقي خائفا وهو علمة على ثباته صلى ال عليه وسلم‪ .‬وهكذا من تمل هذا الدين ينبغي له أن يصب‬
‫ويعلم أنه ل يصل إليه إل بعد تعب ونصب قاسى فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم أصنافا من‬
‫العنت والتعب‪.‬‬
‫فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعال من التنيل شدةً‪ ،‬وكان يأتيه ف اليوم الشات فيتفصّد‬
‫جبينه عرقا‪ ،‬وقد كادت ِرجْل زيد بن حارثة أن ترتض لا نزل الوحي ورأسه على رجله‪.‬‬
‫وف مسلم عن عبادة بن الصامت‪( :‬كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه وغمض‬
‫عينيه)‪.‬‬
‫تبليغ الرسالة‪:‬‬
‫وقد أمر ال نبيه صلى ال عليه وسلم بالدعوة وتبليغ ما أنزل إليه فبدأ بدعوة من يثق به سرا عن‬
‫ساع الشركي‪ ،‬ومكث على هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم ثلث سني مسرا بالدعوة منذ‬

‫‪172‬‬
‫أرسله ال حت بادأ قومه بالدعوة‪ ،‬يدعو سرا من يثق به من بن قومه‪ ،‬حيث ل يأمره ال تعال بالهر‬
‫بالدعوة والصدع با‪.‬‬
‫وكان السلمون جيعا يكتمون إسلمهم ويفونه عن أقوامهم وأهليهم‪ .‬روى البخاري عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم للمقداد‪" :‬إذا كان رجل من يفي إيانه مع قوم كفار فأظهر‬
‫إيانه فقتلته‪ ،‬فكذلك كنت أنت تفي إيانك بكة من قبل"‪.‬‬
‫ولسرية الدعوة حكم عظيمة وفيها دروس وعظات ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬التخفيف على الرسول صلى ال عليه وسلم حت ل يواجه العدوّ وحده من أول يوم مع فقدان‬
‫الناصر‪.‬‬
‫‪ -2‬استطاع الرسول صلى ال عليه وسلم ف هذه الفترة أن يستقطب أتباعا وأنصارا للدعوة تكن‬
‫من تربيتهم والعناية بم فكانوا خي عون وسند له بعد الهر بالدعوة‪ ،‬وهم الذين قامت عليهم‬
‫الدعوة إل السلم‪ ،‬فكانوا هم البنية الساسية والقاعدة الصلبة والعمود الفقري للدعوة إل دين ال‬
‫عز وجل‪.‬‬
‫‪ -3‬إن السرار بالدعوة أمر مرحلي واستثنائي لظروف وملبسات خاصة هي ظروف بداية الدعوة‪.‬‬
‫وعلى هذا فإن السرار بالدعوة كلها بعد النب صلى ال عليه وسلم مالف للصل الثابت الستقر‪،‬‬
‫فل يوز اللجوء إليه إل عند الضرورة‪ ،‬أما السرار با سوى ذلك من الوسائل والطط والتفصيلت‬
‫فهو أمر مصلحي خاضع للنظر والجتهاد إذ ل يترتب عليه كتمان للدين‪ ،‬ول سكوت عن حق‪ ،‬ول‬
‫يتعلق به بيان وإبلغ‪.‬‬
‫ولذا فإن النب صلى ال عليه وسلم حت بعد أن صدع بالدعوة وأنذر الناس وأعلن النبوة ظلّ يفي‬
‫أشياء كثية ل تؤثر على مهمة البلغ والبيان‪ ،‬كعدد أتباعه‪ ،‬وأين يتمع بم؟ وما هي الطط الت‬
‫يتخذونا إزاء الكيد الاهلي‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قصة الجرة‪ ،‬وقصة أب ذر وعمرو بن عبسة‪.‬‬
‫السابقون إل السلم‪:‬‬
‫إن من النتائج الطبيعية لداثة الدعوة وسرّيتها أن يكون أتباعها أفرادا معدودين‪.‬‬
‫ول ريب أن أول من تابع رسول ال صلى ال عليه وسلم وآمن به خدية بنت خويلد رضي ال‬
‫عنها‪ ،‬وعلي بن أب طالب الذي كان تت رعاية النب صلى ال عليه وسلم وكفالته وكان صغيا ل‬
‫يتجاوز العاشرة من عمره‪ ،‬وأبو بكر صديق النب صلى ال عليه وسلم وجليسه وكان رأسا مقدما‬
‫ومكرما لدى قريش إليه الرجع ف أنسابا‪ ،‬وكان تاجرا صاحب مال مببا متألفا‪.‬‬
‫ل مؤلفا لقومه مببا سهلً‪ ،‬وكان أنسب قريش‬ ‫قال ابن إسحاق ف وصف أب بكر‪( :‬وكان رج ً‬
‫لقريش وأعلم قريش با كان فيها من خي وشر‪ ،‬وكان رجلً تاجرا ذا خلق حسن ومعروف‪ ،‬وكان‬
‫رجال قومه يأوون إليه ويألفونه لعلمه وتارته وحسن مالسته‪.)..‬‬

‫‪173‬‬
‫وقد استثمر أبو بكر ثقة الناس به ومالستهم له ومبّتهم لجلسه بدعوة من يثق به إل السلم‪ ،‬فأسلم‬
‫على يديه ف اليام الول طليعة أهل السلم وهم‪ :‬الزبي بن العوّام‪ ،‬وعثمان بن عفّان‪ ،‬وطلحة بن‬
‫عبيد ال‪ ،‬وسعد بن أب وقّاص‪ ،‬وعبد الرحن بن عوف‪ .‬وهؤلء من العشرة البشرين بالنة على‬
‫لسان الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ولشك أن أهل بيته كانوا من أوائل من دخل ف السلم‪ ،‬للحديث الخرج ف البخاري ف قصة‬
‫الجرة عن عائشة قالت‪( :‬ل أعقل أبوي إل وها يدينان الدين)‪.‬‬
‫وذكر أن من أسلم على يد أب بكر‪ :‬مصعب بن عمي‪ ،‬وعيّاش بن أب ربيعة‪ ،‬والرقم بن أب الرقم‬
‫بن عبد مناف بن أسد‪ ،‬وعثمان بن مظعون المحي‪.‬‬
‫الدروس والعب‪:‬‬
‫‪ -1‬بيان أثر مالسة الخيار وصحبتهم وبركتها على من جالسهم فعلي بن أب طالب رضي ال عنه‬
‫اكتسب هذه الكانة من إيواء الرسول صلى ال عليه وسلم له دون سائر إخوانه‪ ،‬وأبو بكر من‬
‫صحبته وصداقته لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬أثر الخلق السنة ف تأليف الناس‪ ،‬وخي الناس من يألف ويؤلف‪ ،‬أما الفاء والغلظة فكثيا ما‬
‫تكون عائقا ف طريق الدعوة‪.‬‬
‫‪ -3‬لشك أن أصحاب الاه والال لم أثر كبي ف كسب أنصار للدعوة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن قيام أب بكر بالدعوة إل ال تعال يوضح صور ًة من صور التفاعل بذا الدين والستجابة ل‬
‫ولرسوله صلى ال عليه وسلم صورة الؤمن الذي ل يقرّ له قرار‪ ،‬ول يهدأ له بال‪ ،‬حت يقق ف واقع‬
‫الياة ما تشبّع به وآمن به‪ ،‬دون أن تكون انطلقته دفعةً عاطفي ًة مؤقتةً سرعان ما تمد وتذبل‬
‫وتزول‪.‬‬
‫‪ -5‬يلحظ أن السلم انتشر ف جيع عشائر قريش فلم يعتمد على القبلية الت كانت إذ ذاك مور‬
‫الياة عند العرب‪ ،‬فلم يكن نصيب بن هاشم أكثر من غيهم ف السلم‪.‬‬
‫‪ -6‬دخول متلف القبائل ف السلم وعدم اقتصاره على بن هاشم ف بداية الدعوة حققت مصلحةً‬
‫عظمى ف عدم اعتباره عملً يقق مصال العشية الت ينتمي إليها رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ويعلي من قدرها على حساب الخرين‪.‬‬
‫‪ -7‬أعان هذا أيضا على انتشار السلم ف جيع العشائر والقبائل دون أي تفظات أو اتامات‬
‫شخصية للداعي أو الدعوة‪.‬‬
‫‪ -8‬لقد كان الذين أسلموا ف الطليعة الول ظلّوا دائما ف الطليعة ف الرب والسلم والسياسة‬
‫والكم أئم ًة ف العلم والفقه والفتيا والسابقي ف سائر المور‪ ،‬فلم يكن عملهم فترة حاس وخبت‬
‫وفترت وزالت‪ ،‬وإنا هي إيان عميق يرك العواطف والنفوس والعقول للعمل لذا الدين‪ .‬فلم تعرف‬

‫‪174‬‬
‫تلك الطليعة راحةً ول ترفا ول نوما ول كسلً منذ أسلمت حت لقيت ال تعال رضي ال عنهم‬
‫أجعي‪.‬‬
‫‪ -9‬لقد كانت هذه الطليعة غريب ًة ف ذلك الجتمع الاهلي الذي يعجّ بالفوضى والفساد والنلل‪،‬‬
‫ولكن غربتهم ليست كالغربة التعارف عليها من شعور الغريب بالضعف والذلّ والنكسار والرضى‬
‫بالدون‪ ،‬والضوع والضعة‪ ،‬لقد ربّى السلم فيهم روح العزّة والكرامة والستعلء والفوقية على‬
‫الكافرين‪ ،‬ث شعور بوجوب غزو هذا الجتمع الاهلي وتقويض أركانه‪ ،‬يصاحب ذلك هة وثقة تامّة‬
‫بنصر هذا الدين والتمكي له ف الرض‪ ،‬فكانوا يتسابقون للمشاركة ف رفع راية السلم‪ ،‬ويهمّ‬
‫الواحد منهم أن يكتب ال على يديه التمكي لذا الدين‪.‬‬
‫الهر بالدعوة‪:‬‬
‫إن الدعوة ل تنل لتكون سرّيةً ياطب فيها الفرد بعد الخر‪ ،‬وإنا جاءت نِذارةً للعالي وبشارةً‬
‫للخلق أجعي؛ لخراج من شاء ال من عبادة العباد إل عبادة رب العباد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إل‬
‫سعتها‪ ،‬ومن جور الديان إل عدل السلم‪ ،‬لقد أنزل على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو بعد‬
‫مصور ف مكة وقريش تكيد له وتعاديه أنزل عليه قوله تعال‪َ { :‬ومَا َأ ْرسَلْنَاكَ إِلّا رَحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِميَ}‪،‬‬
‫{إِ ْن ُهوَ إِلّا ذِ ْكرَى ِل ْلعَالَ ِميَ} {إِ ْن ُهوَ إِلّا ذِ ْكرٌ ِل ْلعَالَ ِميَ} وإذا كان المر كذلك فإن الدعوة‬
‫السلمية ليست خاصةً بقريش ول بالعرب‪ ،‬وإنا هي رحة من ال لميع اللق‪ ،‬فل بد من الهر‬
‫با‪ ،‬وإعلنا للناس‪ ،‬والسعي لخراجهم من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن الشقاء إل السعادة‪.‬‬
‫وهذا يعن بداهةً أن من أبرز خصائص دعوة السلم‪ :‬العلن‪ ،‬والصدع‪ ،‬والبلغ‪ ،‬والنذارة‪،‬‬
‫والبشارة‪ ،‬ويتحمّل أتباعها ما يترتّب على ذلك من اليذاء والقتل وغيه‪.‬‬
‫لقد مكث رسول ال صلى ال عليه وسلم ثلث سنوات يدعو إل ال تعال سرا ث أمره ال تعال أن‬
‫ينذر عشيته القربي فأنذرهم‪ ،‬ث أمره بالصدع بالدعوة فصدع با‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال‪ (( :‬لا نزلت {وأنذر عشيتك القربي} ورهطك منهم‬
‫الخلصي‪ ،‬خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم حت صعد الصفا‪ ،‬فهتف يا صباحاه‪ ،‬فقالوا‪ :‬من‬
‫هذا‪ .‬فاجتمعوا إليه‪ ،‬فقال‪ :‬أرأيتم إن أخبتكم أن خيلً ترج من سفح هذا البل أكنتم مصدقي؟‬
‫قالوا‪ :‬ما جرّبنا عليك كذبا‪ .‬قال‪ :‬فإن نذير لكم بي يدي عذاب عظيم‪ .‬قال أبو لب‪ :‬تباّ لك ما‬
‫جعتنا إل لذا؟ ث قام‪ .‬فنلت {تَّبتْ يَدَا أَبِي َل َهبٍ وََتبّ} ))‪ .‬وف تفسي سورة الشعراء من‬
‫البخاري‪(( :‬قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬ما جربنا عليك إل صدقا ))‪ .‬وعن أب هريرة قال‪ " :‬فقام رسول ال صلى‬
‫ك الْأَ ْقرَِبيَ} قال‪(( :‬يا معشر قريش ـ أو كلمة نوها‬ ‫ال عليه وسلم حي أنزل ال {وََأنْ ِذ ْر عَشِيََت َ‬
‫ـ اشتروا أنفسكم‪ ،‬ل أغن عنكم من ال شيئا‪ .‬يا بن عبد مناف‪ ،‬ل أغن عنكم من ال شيئا‪ .‬يا‬
‫عباس بن عبد الطلب‪ ،‬ل أغن عنك من ال شيئا‪ .‬ويا صفية عمة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل‬

‫‪175‬‬
‫أغن عنك من ال شيئا‪ .‬ويا فاطمة بنت ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬سلين ما شئت من مال‪ ،‬ل أغن‬
‫عنك من ال شيئا ))‪.‬‬
‫الدروس والعب‪:‬‬
‫‪ -1‬بداية القربي بالدعوة حت ل يكونوا حجةً للبعدين‪ ،‬والجة إذا قامت عليهم تعدت إل‬
‫غيهم‪ ،‬وهم أول بالب والي بالنسبة للداعي من غيهم لا ف ذلك من صلة الرحم‪.‬‬
‫‪ -2‬دعوة القربي بيان للناس عدم ماباة الرسول صلى ال عليه وسلم ف دعوته‪ ،‬وبيان صدق ما‬
‫جاء به إليهم حيث خصّ با جاء به أقاربه وأهل بيته قبل غيهم من الناس‪.‬‬
‫‪ -3‬إعلن الرسول صلى ال عليه وسلم النهج السلمي من أول يوم ف منازل الناس وأن جزاءهم‬
‫عند ال ونصيبهم ف السلم يكون بقدر طاعتهم‪ ،‬فالنساب والبقاع ل تزكي أحدا‪ .‬فأبو لب هو‬
‫الشخص الوحيد من قريش الذي ذكر باسه ف القرآن ف معرض القت والوعيد فلماذا؟ لقد اجتمع‬
‫لب لب عدة مزايا‪ ،‬فشهر بمال الوجه‪ ،‬ورزق الثروة‪ ،‬وكان له الشرف والاه‪ ،‬كما كانت له‬
‫القرابة من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلعلّ اختصاصه بذكر السم لبيان أن أياّ من هذه الزايا ل‬
‫تغن عن صاحبه من مقت ال وعذابه إذا خالف أمره‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان سيد العالي رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يلك لسيدة نساء أهل النة فاطمة رضي‬
‫ال عنها شيئا فكيف بغيها‪.‬‬
‫‪ -5‬ل شك أن النتيجة القريبة الباشرة للجهر بالدعوة هي الصدّ والعراض والتكذيب واليذاء‬
‫والسخرية‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم قد وطّن نفسه على ذلك كلّه ويعرف تلك النتيجة مسبقا‪،‬‬
‫ولكن ليست هذه هي كل النتيجة‪ ،‬فما بعدها هو الطلوب والقصود‪.‬‬
‫‪ -6‬إن الهر بالدعوة ينقلها من مكان مغلق إل الواء الطلق واليدان الرحب‪ ،‬ومن سيساهم ف نقل‬
‫الدعوة هم أعداؤها عن طريق التحذير منها‪ ،‬والناس ليسوا كلّهم تقليديّي إمعات يتبعون ما تقوله‬
‫ب للرسول صلى ال عليه وسلم‬ ‫قريش‪ ،‬وهناك أمثلة من إسلم بعض القبائل بسبب ما سعوه من س ّ‬
‫ودعوته فحمله على الطلع على المر من قرب فدخلوا فيه‪.‬‬
‫‪ -7‬قد تفقد الدعوة ف بدايتها وسائل العلم الطلوبة للتبليغ ولكن أعداءها قد يقومون بزء من‬
‫ذلك نيابةً عنها وذلك با تثيه على الدعوة من كيد وشبهات‪.‬‬
‫مقاومة قريش للدعوة‪:‬‬
‫ل شك أن إعلن الدعوة إل التوحيد ف أوساط قريش قد أزعج قريشا ورأوا فيها معتقدا يهدد‬
‫معتقداتم الوروثة الت عشعشت ف عقولم‪ ،‬ويهدّد مصالهم العامة الت بنيت على تلك العتقدات‬
‫الباطلة واستفادوا منها مركزا بي القبائل العربية‪ .‬فانتصب الشركون لعداوة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ومقاومة دعوته وإلاق الذى به وبأصحابه‪ ،‬وكان أصحابه وهم ف الاهلية يأنفون الذل‬

‫‪176‬‬
‫ويأبون الضيم‪ ،‬ويتفاخرون بالخذ بالثأر حت كانوا يثأرون لقتل جل كما ف حرب البسوس‪ ،‬أو‬
‫إذلل فرس كما ف حرب داحس والغباء‪ ،‬ولا جاء السلم رفع من مكانتهم وزاد ف عزّتم‪ ،‬ولكن‬
‫جاءهم ما ل يكونوا يعرفونه أو يألفونه من الضيم والظلم والذلل‪ ،‬فيون بِللً يرّ ف الشوارع‪،‬‬
‫وياسر وسية يقتلن علنا‪ ،‬وأفضل اللق رسول ال صلى ال عليه وسلم يلحق به أشد أنواع الذى‬
‫فيبصق ف وجهه الشريف‪ ،‬ويوضع على ظهره وهو ساجد فرث الزور وسلها ودمها‪ ،‬ويضربونه‬
‫حت يغمى عليه وتسيل الدماء من جسده الشريف‪ ،‬ويستهزئون به‪ ،‬ويصفونه بالنون والكهانة‪.‬‬
‫جنُونٌ}‪ .‬واتموه‬ ‫اتموه بالنون كما قال سبحانه‪َ { :‬وقَالُوا يَا أَّيهَا الّذِي ُنزّ َل عََلْيهِ الذّ ْكرُ إِّنكَ لَمَ ْ‬
‫بالسحر والكذب قال سبحانه‪َ { :‬وعَجِبُوا أَنْ جَا َءهُ ْم مُنْ ِذرٌ ِمْنهُمْ َوقَالَ الْكَاِفرُو َن هَذَا سَا ِحرٌ كَذّابٌ}‪.‬‬
‫فأراد الصحابة النتقام والخذ بالثأر ولكنّ النب صلى ال عليه وسلم أمرهم ‪ -‬على الرغم من شدة‬
‫ما يواجهونه من الذى والضرر ‪ -‬أمرهم بضبط النفس والتحلي بالصب‪ ،‬وعدم الرد بالقوة‪ ،‬أو مقابلة‬
‫العدوان بالعدوان حت اشتكوا إليه فقالوا‪ :‬كما روى ابن عباس رضي ال عنهما أن عبد الرحن بن‬
‫عوف وأصحابا له أتوا النب صلى ال عليه وسلم بكة فقالوا‪ :‬يا رسول ال‪(( :‬إنا كنا ف عزّ ونن‬
‫مشركون‪ ،‬فلما آمنّا صرنا أذلّة‪ ،‬فقال‪" :‬إن أمرت بالعفو فل تقاتلوا" فلما حولنا ال إل الدينة أمرنا‬
‫بالقتال‪ ،‬فكفوا‪ ،‬فأنزل ال عز وجل {أَلَ ْم َترَ إِلَى الّذِي َن قِيلَ َلهُمْ ُكفّوا َأيْدِيَكُ ْم وََأقِيمُوا الصّلةَ}الية‪.‬‬
‫وكانت أول آيات القتال الذن به وف هذا دللة على الطالبة به والرص عليه لشدّة ما صبوا قال‬
‫ص ِرهِمْ َلقَدِيرٌ}‪.‬‬ ‫تعال‪ُ{ :‬أذِنَ ِللّذِي َن ُيقَاتَلُونَ بَِأّنهُمْ ظُلِمُوا وَإِنّ الّلهَ َعلَى َن ْ‬
‫وفيه دللة على أن الصب على الدعوة أشدّ من القتال والهاد ف سبيل ال تعال بدللة أن القتال جاء‬
‫فرجا ما يعانونه من الصب على أعدائهم‪.‬‬
‫وأخرج الاكم عن خبّاب قال‪(( :‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو مضطجع تت شجرة‪،‬‬
‫واضع يده تت رأسه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال أل تدعو ال على هؤلء القوم الذين قد خشينا أن يردّونا‬
‫عن ديننا‪ ،‬فصرف عن وجهه ثلث مرات‪ ،‬كل ذلك أقول له فيصرف وجهه عن‪ ،‬فجلس ف الثالثة‪،‬‬
‫فقال‪" :‬أيها الناس‪ ،‬اتقوا ال واصبوا فو ال إن كان الرجل من الؤمني قبلكم ليوضع النشار على‬
‫رأسه فيشقّ باثني‪ ،‬وما يرتدّ عن دينه‪ ،‬اتقوا ال فإن ال فاتح لكم وصانع"‪.‬‬
‫فهنا يطلب خباب من رسول ال صلى ال عليه وسلم الدعاء عليهم ورسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ب وأوذي أشد الذى حت كان يطرح على المر فما يطفئه إل‬ ‫يأمره بالصب مع أن خبّابا قد عُ ّذ َ‬
‫شحم ظهره رضي ال عنه‪.‬‬
‫وروى البخاري عن خباب بن الرت قال‪(( :‬أتيت النب صلى ال عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو‬
‫ف ظل الكعبة ‪ -‬وقد لقينا من الشركي شدة ‪ -‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أل تدعو ال لنا؟ فقعد وهو‬
‫مم ّر وجهه فقال‪" :‬لقد كان من قبلكم ليمشط بشاط الديد‪ ،‬ما دون عظامه من لم أو عصب‪ ،‬ما‬

‫‪177‬‬
‫يصرفه ذلك عن دينه‪ ،‬ويوضع النشار على مفرق رأسه فيشق باثني‪ ،‬ما يصرفه ذلك عن دينه‪.‬‬
‫وليتمنّ ال هذا المر حت يسي الراكب من صنعاء إل حضرموت ما ياف إل ال ‪ -‬زاد بيان ‪-‬‬
‫والذئب على غنمه"‪.‬‬
‫وكانوا يؤمرون بالستعانة على تمّل الذى والتعذيب بالصلة الت هي عنوان الصلة الدائمة بال‬
‫تعال‪ ،‬قال تعال‪{ :‬وَا ْسَتعِينُوا بِالصّْب ِر وَالصّلةِ وَإِّنهَا َلكَبِ َيةٌ إِلّا َعلَى اْلخَا ِش ِعيَ} وقال تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا‬
‫ص مِْنهُ َقلِيلً‪َ ،‬أوْ ِز ْد عََلْيهِ َورَتّ ِل اْل ُقرْآنَ َت ْرتِيلً‪ ،‬إِنّا سَنُ ْلقِي‬
‫اْل ُمزّمّلُ‪ ،‬قُ ِم اللّيْلَ إِلّا قَلِيلً‪ِ ،‬نصْ َفهُ َأ ِو اْنقُ ْ‬
‫عََلْيكَ َقوْلً َثقِيلً‪ ،‬إِنّ نَا ِشئَ َة اللّيْ ِل هِيَ أَشَ ّد وَطْئا وَأَ ْق َومُ قِيلً}‪.‬‬
‫فقام الرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه قريبا من سنة‪ ،‬فنل التخفيف‪.‬‬
‫وقد كانت بغية الشيطان ف الواجهة والتصعيد‪ ،‬يشهد لذلك قصّة الزبي بن العوّام رضي ال عنه كما‬
‫رواها عروة بن الزبي قال‪( :‬إنّ أوّل رجل سلّ سيفه ف ال الزبي بن العوام‪ ،‬نفخة نفخها‬
‫الشيطان‪(:‬أخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم) فخرج الزبي يشقّ الناس بسيفه والنب صلى ال عليه‬
‫وسلم بأعلى مكة‪ ،‬قال‪ :‬مالك يا زبي؟ قال‪ :‬أخبت أنك أخذت‪ ،‬قال فصلى عليه ودعا له ولسيفه)‬
‫وف رواية أخرى (فأخب أن النب صلى ال عليه وسلم قتل)‪.‬‬
‫وأصبح أهل مكة كل يوم ف ازدياد ف حرب الرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬فأمر أصحابه‬
‫بالجرة إل أرض البشة ليسلموا من أذى قريش وقال لم‪( :‬إن با ملكا ل يظلم عنده أحد)‪.‬‬
‫واشتدت قريش ف أذاها للنب صلى ال عليه وسلم وأصحابه حت حصروهم ف شعب من شعاب‬
‫مكة ثلث سنوات ل يبيعونم ول يشترون منهم‪ ،‬حت أكلوا ورق الشجر من شدة الاجة‪.‬‬
‫عام الزن‪:‬‬
‫وبعد فك الصار توف عمه أبو طالب الذي كان يذبّ عنه ويوطه ويامي عليه‪ ،‬ث توفّيت زوجته‬
‫خدية رضي ال عنها الت كانت تسري عنه هومه وتون عليه أتعابه‪ ،‬فسُمّيَ ذلك العام عام حزن‪،‬‬
‫وخلصت قريش وسفهاؤها إل أذى للنب صلى ال عليه وسلم با كانت ل تصنعه ف حياة عمّه‪.‬‬
‫السراء والعراج‪:‬‬
‫ث كانت حادثة السراء والعراج كما رواها مسلم ف صحيحه عَنْ أََنسِ بْ ِن مَاِلكٍ أَ ّن رَسُو َل الّلهِ‬
‫ق َو ُه َو دَابّةٌ أَْبيَضُ َطوِيلٌ َفوْقَ الْحِمَا ِر َودُونَ الَْبغْلِ َيضَعُ حَاِف َرهُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ُ " :‬أتِيتُ بِالُْبرَا ِ‬
‫عِنْ َد مُْنَتهَى َط ْرِفهِ قَالَ َفرَكِْبُتهُ حَتّى َأتَْيتُ َبْيتَ الْ َمقْ ِدسِ قَا َل َفرَبَطُْتهُ بِالْحَ ْل َقةِ الّتِي َيرِْبطُ ِبهِ النْبِيَاءُ قَالَ‬
‫سجِدَ َفصَلّْيتُ فِي ِه رَ ْكعَتَيْنِ ُثمّ َخرَ ْجتُ فَجَاءَنِي جِْبرِي ُل َعلَْيهِ السّلم بِإِنَاءٍ مِنْ خَ ْم ٍر وَإِنَاءٍ‬ ‫ثُ ّم دَ َخ ْلتُ الْمَ ْ‬
‫ج بِنَا ِإلَى السّمَاءِ‬ ‫مِنْ لَبَ ٍن فَا ْخَترْتُ اللّبَنَ َفقَالَ‪ :‬جِْبرِيلُ صلى ال عليه وسلم ا ْخَت ْرتَ اْلفِ ْط َرةَ ُثمّ َعرَ َ‬
‫فَاسَْتفْتَ َح جِْبرِي ُل َفقِيلَ‪ :‬مَنْ َأْنتَ قَالَ‪ :‬جِْبرِيلُ قِيلَ‪َ :‬ومَ ْن َمعَكَ قَالَ‪ :‬مُحَمّدٌ قِيلَ‪َ :‬وقَدْ ُب ِعثَ ِإلَْيهِ قَالَ‪ :‬قَدْ‬
‫ُب ِعثَ ِإلَْيهِ َففُتِ َح لَنَا فَِإذَا أَنَا بِآ َدمَ َفرَ ّحبَ بِي َو َدعَا لِي ِبخَْيرٍ ‪ -‬ث عرج به إل السموات فلقي فيها‬

‫‪178‬‬
‫النبياء‪ ،‬ولقي موسى ف السماء السادسة قال ‪ -‬ثُ ّم َعرَجَ ِإلَى السّمَاءِ السّاِبعَ ِة فَا ْسَتفْتَحَ ِجْبرِيلُ َفقِيلَ‪:‬‬
‫مَنْ هَذَا قَالَ‪ِ :‬جْبرِي ُل قِيلَ‪َ :‬ومَنْ َم َعكَ قَالَ‪ :‬مُحَمّ ٌد صلى ال عليه وسلم قِيلَ‪ :‬وَقَدْ ُب ِعثَ إِلَْيهِ قَالَ‪ :‬قَدْ‬
‫ُب ِعثَ ِإلَْيهِ َففُتِ َح لَنَا فَِإذَا أَنَا بِإِْبرَاهِيمَ صلى ال عليه وسلم مُسْنِدًا َظ ْه َرهُ إِلَى اْلبَْيتِ اْل َمعْمُو ِر وَِإذَا ُهوَ‬
‫ف مََلكٍ ل َيعُودُونَ إَِلْيهِ ثُ ّم َذ َهبَ بِي إِلَى السّ ْد َرةِ الْ ُمنَْتهَى وَِإذَا َورَُقهَا كَآذَانِ‬ ‫يَ ْدخُُلهُ كُلّ َي ْومٍ سَْبعُونَ أَلْ َ‬
‫شيَ َتغَّي َرتْ فَمَا أَحَ ٌد مِنْ َخلْقِ الّلهِ‬ ‫شَيهَا مِنْ َأ ْمرِ الّلهِ مَا غَ ِ‬
‫اْل ِفيََلةِ وَِإذَا ثَ َم ُرهَا كَاْلقِل ِل قَالَ َفلَمّا غَ ِ‬
‫سيَ صَلةً فِي كُ ّل َي ْومٍ وََليَْلةٍ‬ ‫ض عَلَيّ خَ ْم ِ‬ ‫ستَطِيعُ أَنْ يَْنعََتهَا مِنْ ُحسِْنهَا فََأ ْوحَى الّلهُ إِلَ ّي مَا َأوْحَى َف َف َر َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سيَ صَلةً قَالَ‪:‬‬ ‫ك عَلَى ُأمِّتكَ ُق ْلتُ‪َ :‬خمْ ِ‬ ‫ض رَّب َ‬‫َفَنزَْلتُ إِلَى مُوسَى صلى ال عليه وسلم َفقَالَ‪ :‬مَا َف َر َ‬
‫خفِيفَ فَإِنّ ُأمَّتكَ ل يُطِيقُونَ ذَِلكَ فَِإنّي قَ ْد بََل ْوتُ َبنِي إِ ْسرَائِي َل وَ َخَبرُْتهُمْ‬ ‫ارْجِعْ ِإلَى رَّبكَ فَاسْأَْلهُ التّ ْ‬
‫ط عَنّي خَمْسًا َف َر َجعْتُ إِلَى مُوسَى َفقُ ْلتُ‪:‬‬ ‫حّ‬ ‫ف عَلَى ُأمّتِي فَ َ‬ ‫قَالَ‪َ :‬فرَ َج ْعتُ إِلَى رَبّي َفقُ ْلتُ‪ :‬يَا َربّ َخفّ ْ‬
‫خفِيفَ قَالَ‪َ :‬فلَمْ َأزَلْ‬ ‫َحطّ َعنّي خَ ْمسًا قَالَ‪ :‬إِنّ ُأمَّتكَ ل يُطِيقُونَ ذَِلكَ فَارْ ِجعْ إِلَى رَّبكَ فَاسْأَْلهُ التّ ْ‬
‫َأرْجِعُ َبيْ َن رَبّي تَبَارَ َك وََتعَالَى وَبَيْ َن مُوسَى َعلَْيهِ السّلم حَتّى قَالَ‪ :‬يَا مُحَمّدُ إِّنهُ ّن خَ ْمسُ صََلوَاتٍ كُلّ‬
‫حسَنَ ٍة فَلَ ْم َيعْمَ ْلهَا كُِتَبتْ َلهُ َحسََنةً فَإِنْ‬‫شرٌ فَ َذِلكَ َخمْسُو َن صَلةً َومَ ْن هَمّ بِ َ‬ ‫َي ْو ٍم وَلَْيلَةٍ لِ ُكلّ صَل ٍة عَ ْ‬
‫شرًا َومَنْ هَ ّم بِسَيّئَ ٍة فَلَ ْم َيعْمَ ْلهَا لَمْ ُتكَْتبْ شَْيئًا فَإِ ْن عَ ِمَلهَا كُِتَبتْ سَيَّئ ًة وَاحِ َدةً قَالَ‪:‬‬ ‫عَمَِلهَا ُكتَِبتْ َلهُ َع ْ‬
‫خفِيفَ‬ ‫َفَنزَْلتُ َحتّى انَْت َهْيتُ إِلَى مُوسَى صلى ال عليه وسلم فَأَ ْخَبرُْتهُ َفقَالَ‪ :‬ا ْرجِعْ إِلَى رَّبكَ فَاسْأَْلهُ التّ ْ‬
‫َفقَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬فقُ ْلتُ‪ :‬قَ ْد رَ َج ْعتُ إِلَى َربّي حَتّى ا ْستَحَْيْيتُ ِمْنهُ"‪.‬‬
‫ومن هنا تعلم أهية الصلة فقد فرضت من بي أركان السلم ف السّماء السّابعة فأصبحت الركن‬
‫الثان من أركان السلم بعد الشهادتي وأصبحت ُقرّة عي النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬روي َعنْ أََنسٍ‬
‫ب وَ ُجعِلَ ُق ّرةُ َعيْنِي فِي‬ ‫قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬حُّببَ إِلَ ّي مِ َن الدّْنيَا النّسَا ُء وَالطّي ُ‬
‫الصّلةِ"‪.‬‬
‫فكان يصلي ويطيل القيام حت انتفخت قدماه الشريفتان كما روى مسلم ف صحيحه عَ ِن الْ ُمغِ َيةِ بْنِ‬
‫ف هَذَا وَقَ ْد َغ َفرَ الّلهُ‬ ‫ختْ قَ َدمَاهُ َفقِيلَ َلهُ‪َ :‬أتَكَلّ ُ‬ ‫ُشعَْبةَ‪( :‬أَنّ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم صلى حَتّى اْنَتفَ َ‬
‫ك َومَا تَأَ ّخرَ َفقَالَ‪ :‬أَفَل َأكُونُ َعبْدًا َشكُورًا)‪.‬‬ ‫ك مَا َتقَ ّدمَ مِ ْن ذَنِْب َ‬‫َل َ‬
‫وكان يسمع لصدره وهو ف الصلة أزيز من البكاء‪ ،‬كما روى أبوداود والترمذي وابن ماجة عنْ‬
‫ت رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم ُيصَلّي وَفِي صَ ْدرِهِ َأزِيزٌ كََأزِيزِ‬ ‫ف عَنْ أَبِيهِ قَالَ‪( :‬رَأَْي ُ‬ ‫ثَاِبتٍ عَ ْن مُ َطرّ ٍ‬
‫الرّحَى مِنَ اْلبُكَاءِ صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫ولا حدّث رسول ال صلى ال عليه وسلم قريشا بالسراء والعراج كذّبوه واستهزؤوا به وانطلقوا‬
‫إل أب بكر الصديق ظانّي أنه سيشكّ ف صدق رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬فقالوا‪ :‬إن صاحبك‬
‫يب أنه أتى بيت القدس وصعد إل السماء ف ليلة واحدة! فقال الصديق‪ :‬لن كان قاله فقد صدق‪.‬‬
‫العرض على القبائل‪:‬‬

‫‪179‬‬
‫ل ونارا‪،‬‬ ‫قال ابن كثي‪( :‬والقصود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم استمرّ يدعو إل ال تعال لي ً‬
‫وسرا وجهارا‪ ،‬ل يصرفه عن ذلك صارف ول يرده عن ذلك رادّ‪ ،‬ول يصدّه عن ذلك صادّ‪ ،‬يتبع‬
‫الناس ف أنديتهم‪ ،‬ومامعهم ومافلهم وف الواسم‪ ،‬ومواقف الجّ‪ ،‬يدعو من لقيه من ح ّر وعبد‬
‫وضعيف وقويّ‪ ،‬وغنّ وفقي‪ ،‬جيع اللق عنده ف ذلك شرع سواء‪.)..‬‬
‫وكان أتباع رسول ال ُنزّاعا من القبائل وكانوا غرباء‪ ،‬ل قبيلة تميهم‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يرتاد للدعوة موطّنا تتمي به‪ ،‬وكان يأمر من اتّبعه من القبائل خارج مكة أن يبقوا ف‬
‫قبائلهم ويستخفوا حت يظهر‪.‬‬
‫عن سال بن أب العد عن جابر قال‪( :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعرض نفسه على الناس‬
‫ف الوقف‪ ،‬فقال‪ :‬أل رجل يملن إل قومه؟ فإن قريشا قد منعون أن أبلّغ كلم رب)‪.‬‬
‫صرَ‬
‫روى عبد ال بن ذكوان عن ربيعة بن عباد الديلي قال‪( :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم َب َ‬
‫عين بسوق ذي الجاز يقول‪" :‬يا أيها الناس! قولوا‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬تفلحوا"‪ ،‬ويدخل ف فجاجها‪،‬‬
‫والناس متقصفون عليه‪ ،‬فما رأيت أحدا يقول شيئا‪ ،‬وهو ل يسكت يقول‪" :‬أيها الناس! قولوا‪ :‬ل إله‬
‫ل أحول‪ ،‬وضيء الوجه‪ ،‬ذا غديرتي‪ ،‬يقول‪ :‬إنه صابئ كاذب‪،‬‬ ‫إل ال تفلحوا"‪ ،‬إل أنّ وراءه رج ً‬
‫فقلت‪ :‬من هذا؟ قالوا‪ :‬ممد بن عبد ال‪ ،‬وهو يذكر النّبوّة‪ ،‬قلت‪ :‬من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا‪ :‬عمه‬
‫أبو لب‪ .‬قلت‪ :‬إنك كنت يومئذ صغيا؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬وال إن يومئذ لعقل)‪.‬‬
‫وعن طارق بن شدّاد رضي ال عنه قال‪( :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم مرّتي‪ ،‬رأيته بسوق‬
‫ذي الجاز‪ ،‬وأنا ف بياعة ل‪ ،‬فمرّ وعليه حلة حراء‪ ،‬وهو ينادي بأعلى صوته‪" :‬أيها الناس‪ ،‬قولوا‪ :‬ل‬
‫إله إل ال تفلحوا"‪ ،‬ورجل يتبعه بالجارة‪ ،‬وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬يا أيها الناس‪ ،‬ل‬
‫تطيعوا هذا‪ ،‬فإنه كذّاب‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا؟ فقيل‪ :‬هذا غلم من بن عبد الطلب‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا‬
‫الذي يرميه بالجارة‪ ،‬فقيل‪ :‬عمه عبد العزى‪ ،‬أبو لب)‪.‬‬
‫وعن شيخ من بن مالك بن كنانة قال‪( :‬رأيت النب صلى ال عليه وسلم بسوق ذي الجاز يتخللها‬
‫يقول‪" :‬أيها الناس‪ ،‬قولوا ل إله إل ال تفلحوا" قال‪ :‬وأبو جهل يثي عليه التراب‪ ،‬ويقول‪ :‬أيها‬
‫الناس‪ ،‬ل َي ُغرّنّكم هذا عن دينكم‪ ،‬فإنا يريد لتتركوا آلتكم‪ ،‬وتتركوا اللت والعزى‪ ،‬قال‪ :‬وما‬
‫يلتفت إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫الدروس والعب‪:‬‬
‫‪ -1‬هذه القصص تكشف عن مدى الهد والكيد الذي بذلته قريش ف ماربة الدعوة وصاحبها على‬
‫الستوى الفردي والماعي‪.‬‬
‫‪ -2‬حل الرسالة ف متمع ضالّ معناه أن الصلح سينكر أشياء تعارف عليها الناس فعليه بتوطي‬
‫نفسه على تمل العارضة والحاربة واليذاء‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ -3‬لقاء الرسول صلى ال عليه وسلم مع بعض القبائل ل يدخلها السلم لكن على أقل تقدير أثار‬
‫التساؤل عندهم‪ ،‬والتشكيك فيما هم عليه من معتقدات‪ .‬واستثمرهم كأداة إعلمية لقوامهم‬
‫وديارهم‪ ،‬حيث أنم سيتحدثون با وجدوه ف سفرتم هذه وسيذكرون من لقوا ومن لقيهم وما هي‬
‫الحاديث الت دارت معهم‪.‬‬
‫‪ -4‬ل يكن الرسول صلى ال عليه وسلم يفرط ف فرصة من الفرص أو مال من الجالت ف تبليغ‬
‫دعوته كما كان يفعل ف الواسم والسواق‪.‬‬
‫‪ -5‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يبحث عن مأوى ومضن للدعوة تتمي به حت تكون حرة‬
‫طليقة‪.‬‬
‫‪ -6‬استخدام قريش ف الصد عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أخطر وسيلة إعلمية آن ذاك وهو‬
‫عمه أبو لب ف زمن يعتب للقبيلة وزنا ف الدفاع عن أصحابا على حد القائل‪:‬‬
‫وهل أنا إل من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد‬
‫وف زمن تقوم الرب الطاحنة بسبب إهانة جل امرأة من القبيلة فكيف برجل منها‪ .‬وما أشقّ ذلك‬
‫على نفس الرسول صلى ال عليه وسلم الكلّف بالتبليغ عن ربّه‪ ،‬والذي يدعو الناس بالكلمة الطيبة‬
‫وهو وحيد غريب‪ ،‬فينبي أقرب الناس إليه يطارده أمام الناس الناظرين إليه‪ ،‬يرميه بالجارة فيدمي‬
‫عقبيه‪ ،‬ويثو التراب على رأسه ووجهه‪ ،‬ويكيل له التهم وهو العروف بينهم بالمانة والصدق‬
‫والوفاء‪.‬‬
‫‪ -7‬ثقة الرسول صلى ال عليه وسلم بنصر ال له جعلته ل ييأس ول يلّ‪ ،‬ويدأب ف الدعوة‬
‫وعرضها على القبائل والفراد ف جيع الواسم وعلى كل الستويات‪.‬‬
‫‪ -8‬صب الرسول صلى ال عليه وسلم على مشاقّ الدعوة وعوائقها وتبعتها فلم يضعفه موقف‬
‫سخرية‪ ،‬ول يبط هّته استهزاء مستهزئ‪.‬‬
‫‪ -9‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم أوّل ما يعرض على القبائل كلمة التوحيد (ل إله إل ال)‬
‫لنا أساس السلم‪.‬‬
‫بيعة العقبة‪:‬‬
‫قال جابر بن عبد ال‪( :‬مكث رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة عشر سني يتبع الناس ف منازلم‬
‫بعكاظ ومنة وف الواسم بن يقول‪" :‬من يؤوين من ينصرن حت أبلغ رسالة رب وله النة؟ حت إن‬
‫الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر ‪ -‬كذا قال ‪ -‬فيأتيه قومه فيقولون‪ :‬احذر غلم قريش ل‬
‫يفتنك‪ ،‬ويشي بي رحالم وهم يشيون إليه بالصابع‪ ،‬حت بعثنا ال إليه من يثرب فآويناه وصدّقناه‪،‬‬
‫فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن‪ ،‬فينقلب إل أهله فيسلمون بإسلمه‪ ،‬حت ل يبق دار من‬
‫دور النصار إل وفيها رهط من السلمي يظهرون السلم‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وبعثنا ال إليه فائتمرنا واجتمعنا وقلنا‪ :‬حت مت رسول ال صلى ال عليه وسلم يطرد ف جبال مكّة‬
‫وياف فرحلنا حت قدمنا عليه ف الوسم‪ ،‬فواعدنا بيعة العقبة‪ .‬فقال له عمه العبّاس‪ :‬يا ابن أخي ل‬
‫أدري ما هؤلء القوم الذين جاءوك؟ إن ذو معرفة بأهل يثرب‪.‬‬
‫فاجتمعنا عنده من رجل ورجلي‪ ،‬فلما نظر العباس ف وجوهنا قال‪ :‬هؤلء قوم ل نعرفهم‪ ،‬هؤلء‬
‫أحداث!‬
‫فقلنا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬على ما نبايعك؟‬
‫قال‪":‬تبايعون على السمع والطاعة ف النشاط والكسل‪ ،‬وعلى النفقة ف العسر واليسر‪ ،‬وعلى المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وعلى أن تقولوا ف ال ل تأخذكم لومة لئم‪ ،‬وعلى أن تنصرون إذا‬
‫قدمت عليكم وتنعون ما تنعون منه أنفسكم‪ ،‬وأزواجكم‪ ،‬وأبناءكم‪ ،‬ولكم النّة"‪.‬‬
‫فقمنا نبايعه‪ ،‬وأخذ بيده أسعد بن زرارة ‪ -‬وهو أصغر السبعي ‪ -‬إل أنه قال‪ :‬رويدا يا أهل يثرب‪،‬‬
‫إنا ل نضرب إليه أكباد الطي إل ونن نعلم أنه رسول ال‪ ،‬وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافّة‪،‬‬
‫وقتل خياركم وأن يعضكم السيف‪ .‬فإن أنتم قوم تصبون عليها إذا مسّتكم‪ ،‬وعلى قتل خياركم‪،‬‬
‫ومفارقة العرب كافّةً‪ ،‬فخذوه وأجركم على ال‪ ،‬وإن أنتم تافون من أنفسكم خيفةً فذروه فهو عذر‬
‫عند ال عزّ وجلّ! فقالوا‪ :‬يا سعد‪ ،‬أمط عنا يدك‪ ،‬فو ال ل نذر هذه البيعة‪ ،‬ول نستقيلها‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقمنا إليه رجلً رجلً‪ ،‬فأخذ علينا‪ ،‬ليعطينا بذلك النّة)‪.‬‬
‫بعض الدروس والعب والفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬تتبّع الرسول صلى ال عليه وسلم للناس ف منازلم وأسواقهم عشر سني يكشف لنا مدى الهد‬
‫والتعب الذي بذله الرسول صلى ال عليه وسلم ف دعوته ومدى صبه ومواصلته للعمل وعدم اليأس‬
‫من صلح الناس وهدايتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬حجم الدعاية العلمية الت شنّتها قريش ضدّ الرسول صلى ال عليه وسلم بي قبائل العرب‬
‫حت جعل الناس يذّرون أفرادهم منه‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الملة الدعائية مهْما كان حجمها والهود الت بذلت فيها ومهْما كان اتّساعها فإنا تبقى‬
‫مدودة ولن تستقطب جيع الناس حيث يبقى من ل تؤثر فيه تلك الدعايات من هو خارج عن إطار‬
‫المّعات‪.‬‬
‫‪ -4‬ل يستوحش من الق لقلة السالكي وهذا الدين سيمكّن ف الرض ولو بعد حي‪ ،‬فقد بقي‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ثلث عشرة سنةً يطارد بكة ويذّر منه‪ ،‬فلم يتطرّق إل نفسه اليأس من‬
‫النتصار‪ ،‬وجاء نصر ال مسوقا إليه من أهل الدينة‪ ،‬فالضطهاد واللحقة ل تثن الداعي عن دعوته‪،‬‬
‫ول تنع من استجابة الناس له‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ -5‬التفكي ف إخراج الدعوة من الصار الذي يضربه عليها أعداؤها وفكّ الناق عنها‪ ،‬فلقد كان‬
‫ذلك هو شغل النصار الشاغل وهّهم الذي ينامون عليه ويصحون معه‪ ،‬مع الشعور بالسؤولية وإن‬
‫ل يطلب منهم ذلك‪ ،‬حيث أن حجْر الداعية ومنعه والظر عليه مضرة بالدعوين أكثر من الداعي‪.‬‬
‫لذا قالوا‪( :‬حت مت نترك رسول ال‪.)..‬‬
‫الجرة إل الدينة‪:‬‬
‫وبعد بيعة العقبة بدأت طلئع الهاجرين تتوجّه إل الدينة أخرج البخاري أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪ " :‬قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نل بي لبتي وها الرتان‪ ،‬فهاجر من‬
‫هاجر قبل الدينة حي ذكر ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم ورجع إل الدينة بعض من كان‬
‫هاجر إل أرض البشة‪."..‬‬
‫أخرج البخاري عن الباء بن عازب رضي ال عنه قال‪( :‬أول من قدم علينا من أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم مصعب بن عمي‪ ،‬وابن أم مكتوم‪ ،‬فجعل يقرئاننا القرآن‪ ،‬ث جاء عمار وبلل‬
‫وسعد‪ ،‬ث جاء عمر بن الطاب ف عشرين من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫قال البخاري عن عائشة‪( :‬وتهّز أبو بكر قِبَل الدينة‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬‬
‫على رسلك‪ ،‬فإن أرجو أن يؤذن ل"‪ .‬فقال أبو بكر‪ :‬وهل ترجو ذلك بأب أنت قال‪ :‬نعم‪ .‬فحبس‬
‫أبو بكر نفسه على رسول ال صلى ال عليه وسلم ليصحبه‪ ،‬وعلف راحلتي كانتا عنده ورق السدر‬
‫‪ -‬وهو البط ‪ -‬أربعة أشهر)‪.‬‬
‫وهنا تعرف أخي الكري منلة أب بكر الصديق رضي ال عنه من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حيث اختاره رسول ال صلى ال عليه وسلم صاحبا له من بي جيع أصحابه‪.‬‬
‫وظلّ رسول ال ينتظر أمر ربّه بالجرة إل الدينة‪ ،‬وقريش جاهدة ف حربه والكيد له حت ائتمروا ف‬
‫دار الندوة على أن يأخذوا من كل قبيلة فتًى جلدا فيعطونه سيفا حادا فيقتلون به رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فيتفرّق دمه بي القبائل‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ (( :‬ولا رأت قريش أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد صارت له شيعة‬
‫وأصحاب من غيهم بغي بلدهم‪ ،‬ورأوا خروج أصحابه من الهاجرين إليهم‪ ،‬عرفوا أنم قد نزلوا‬
‫دارا‪ ،‬وأصابوا منهم منعةً‪ ،‬فحذروا خروج رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم‪ ،‬وعرفوا أنه قد أجع‬
‫لربم‪ .‬فاجتمعوا له ف دار الندوة ‪ -‬وهي دار قصي بن كلب الت كانت قريش ل تقضي أمرا إل‬
‫فيها ‪ -‬يتشاورون فيها ما يصنعون ف أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حي خافوه‪.‬‬
‫فقريش تطّط لليقاع بالدعوة‪ ،‬ورسولُ ال صلى ال عليه وسلم يطط للنجاة با إل بر المان‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫ج النّبِيّ صلى ال عليه وسلم قَاَلتْ‪( :‬لَمْ َأ ْعقِلْ أََب َويّ َقطّ‬ ‫ش َة َرضِي الّلهُ َعْنهَا َزوْ ِ‬ ‫روى البخاري عن عَائِ َ‬
‫إِل َوهُمَا يَدِينَا ِن الدّينَ َولَمْ يَ ُم ّر عََليْنَا َي ْومٌ إِل يَ ْأتِينَا فِيهِ رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َطرَفَ ِي الّنهَارِ‬
‫بُ ْك َر ًة َوعَشِيّةً)‪.‬‬
‫حرِ‬
‫ت عَاِئشَةُ‪( :‬فَبَْينَمَا َنحْنُ َي ْومًا ُجلُوسٌ فِي بَْيتِ َأبِي بَ ْكرٍ فِي نَ ْ‬ ‫قَا َل ابْ ُن ِشهَابٍ‪ :‬قَا َل ُع ْروَةُ‪ :‬قَاَل ْ‬
‫ال ّظهِ َيةِ قَالَ قَائِلٌ لَِأبِي بَ ْكرٍ‪ :‬هَذَا رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم مَُتقَّنعًا فِي سَاعَةٍ لَ ْم يَكُنْ يَ ْأتِينَا فِيهَا‬
‫َفقَالَ َأبُو بَ ْكرٍ‪ :‬فِدَاءٌ َلهُ َأبِي وَُأمّي وَالّلهِ مَا جَاءَ ِبهِ فِي هَ ِذ ِه السّا َعةِ إِل َأ ْمرٌ قَاَلتْ‪ :‬فَجَاءَ َرسُولُ الّلهِ‬
‫ج مَنْ‬ ‫صلى ال عليه وسلم فَاسْتَ ْأذَنَ فَُأذِنَ َلهُ فَدَخَ َل َفقَالَ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم لِأَبِي َب ْكرٍ‪ ":‬أَ ْخرِ ْ‬
‫خرُوجِ"‬ ‫عِنْدَ َك َفقَالَ أَبُو بَ ْكرٍ‪ :‬إِنّمَا هُمْ َأ ْهُلكَ بِأَبِي َأْنتَ يَا رَسُولَ الّلهِ قَالَ‪ ":‬فَإِنّي قَدْ ُأذِنَ لِي فِي اْل ُ‬
‫َفقَالَ َأبُو بَ ْكرٍ‪ :‬الصّحَاَبةُ بَِأبِي أَْنتَ يَا رَسُو َل الّلهِ قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬نعَ ْم قَالَ أَبُو‬
‫بَ ْكرٍ‪ :‬فَخُ ْذ بِأَبِي َأْنتَ يَا رَسُولَ الّلهِ إِحْدَى رَا ِحلَتَ ّي هَاتَيْ ِن قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ :‬بِالثّ َمنِ‬
‫جهَا ِز َوصََنعْنَا َلهُمَا ُس ْف َرةً فِي ِجرَابٍ َفقَ َط َعتْ أَسْمَاءُ ِبْنتُ َأبِي بَ ْكرٍ‬ ‫ج ّهزْنَاهُمَا أَ َحثّ الْ ِ‬ ‫قَاَلتْ عَائِشَةُ‪َ :‬ف َ‬
‫جرَابِ فَبِذَِلكَ سُمَّيتْ ذَاتَ النّطَاَقيْنِ قَاَلتْ‪ :‬ثُمّ َلحِ َق رَسُولُ الّلهِ‬ ‫قِ ْطعَ ًة مِ ْن نِطَاِقهَا َفرَبَ َطتْ ِبهِ َعلَى فَ ِم الْ ِ‬
‫ت عِنْ َدهُمَا عَْبدُ الّلهِ بْنُ أَبِي‬ ‫صلى ال عليه وسلم وَأَبُو بَ ْكرٍ ِبغَارٍ فِي جَبَ ِل َث ْورٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلثَ َليَالٍ َيبِي ُ‬
‫حرٍ فَُيصِْبحُ مَ َع ُقرَْيشٍ بِمَكّةَ َكبَاِئتٍ فَل يَسْمَعُ‬ ‫سَ‬ ‫بَ ْك ٍر َو ُهوَ غُلمٌ شَابّ َثقِفٌ َلقِنٌ َفيُدِْلجُ مِ ْن ِعنْ ِدهِمَا بِ َ‬
‫ختَِلطُ الظّلمُ َوَي ْرعَى َعلَْيهِمَا عَا ِمرُ بْ ُن ُفهَْي َرةَ‬ ‫خَبرِ ذَِلكَ ِحيَ يَ ْ‬ ‫َأ ْمرًا يُ ْكتَادَانِ ِبهِ إِل َوعَاهُ حَتّى يَأِْتَيهُمَا بِ َ‬
‫َموْلَى أَبِي بَ ْكرٍ مِْنحَ ًة مِ ْن غَنَ ٍم فَُيرِ ُيهَا عََلْيهِمَا ِحيَ تَ ْذ َهبُ سَاعَ ٌة مِ َن اْلعِشَاءِ فََيبِيتَانِ فِي رِسْ ٍل َو ُهوَ َلبَنُ‬
‫مِنْحَِتهِمَا َو َرضِي ِفهِمَا َحتّى َيْنعِقَ ِبهَا عَا ِمرُ ْبنُ ُفهَْي َرةَ ِبغََلسٍ َي ْفعَلُ ذَِلكَ فِي كُلّ لَْيلَ ٍة مِنْ ِت ْلكَ اللّيَالِي‬
‫ث وَا ْستَأْ َج َر رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم وََأبُو بَ ْك ٍر رَجُلًا مِ ْن بَنِي الدّيلِ َو ُه َو مِنْ َبنِي عَبْدِ ْبنِ‬ ‫الثّل ِ‬
‫سهْمِ ّي َو ُهوَ‬ ‫ص بْ ِن وَائِلٍ ال ّ‬ ‫ت الْمَا ِهرُ بِاْلهِدَاَيةِ قَ ْد غَ َمسَ حِ ْلفًا فِي آلِ اْلعَا ِ‬ ‫خرّي ُ‬ ‫عَ ِديّ هَادِيا ِخرّيتًا وَالْ ِ‬
‫عَلَى دِينِ ُكفّارِ ُقرَْيشٍ فََأمِنَاهُ فَدََفعَا إَِلْيهِ رَا ِحلَتَْيهِمَا َووَاعَدَا ُه غَارَ َث ْورٍ َبعْدَ ثَلثِ لَيَالٍ ِبرَاحَِلتَْيهِمَا صُبْحَ‬
‫سوَاحِلِ)‪.‬‬ ‫ث وَانْطَلَ َق َم َعهُمَا عَا ِمرُ ْبنُ ُفهَْي َر َة وَالدّلِيلُ فََأخَذَ ِبهِمْ َطرِي َق ال ّ‬
‫ثَل ٍ‬
‫قَا َل ابْ ُن ِشهَابٍ‪ :‬وَأَ ْخَبرَنِي عبد الرحنِ بْ ُن مَاِلكٍ الْمُ ْدلِجِ ّي َو ُهوَ اْبنُ أَخِي ُسرَاقَ َة بْ ِن مَاِلكِ بْنِ ُجعْشُمٍ‬
‫ج َعلُونَ فِي رَسُولِ الّلهِ صلى‬ ‫أَنّ أَبَاهُ أَ ْخَب َرهُ َأّنهُ سَمِعَ ُسرَاقَ َة بْنَ ُجعْشُمٍ َيقُولُ‪(:‬جَاءَنَا رُسُلُ ُكفّارِ ُقرَْيشٍ يَ ْ‬
‫ال عليه وسلم وََأبِي بَ ْك ٍر دَِيةَ كُ ّل وَا ِحدٍ ِمْنهُمَا مَنْ قََتَلهُ َأوْ أَ َس َرهُ قَالَ اْبنُ ِشهَابٍ‪ :‬فََأخَْبرَنِي ُع ْر َوةُ بْنُ‬
‫سلِ ِميَ كَانُوا تُجَارًا قَاِفِليَ مِنَ‬ ‫الزّبَْيرِ أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َلقِيَ الزَّبْيرَ فِي رَ ْكبٍ مِ َن الْمُ ْ‬
‫الشام فَكَسَا الزَّبْي ُر رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم وََأبَا بَ ْكرٍ ِثيَابَ بَيَاضٍ وَ َسمِعَ الْ ُمسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ‬
‫ح ّرةِ َفيَنَْت ِظرُوَنهُ َحتّى‬ ‫ج رَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم مِ ْن مَكّ َة فَكَانُوا َيغْدُونَ كُ ّل غَدَاةٍ إِلَى الْ َ‬ ‫خرَ َ‬‫مَ ْ‬
‫َي ُر ّدهُمْ َحرّ ال ّظهِ َيةِ فَاْنقََلبُوا َي ْومًا َبعْ َد مَا أَطَالُوا اْنتِظَا َرهُمْ َفلَمّا َأ َووْا إِلَى بُيُوِتهِمْ َأوْفَى رَجُ ٌل مِنْ َيهُودَ‬
‫ضيَ َيزُولُ‬ ‫عَلَى أُطُ ٍم مِ ْن آطَا ِمهِمْ لَِأمْرٍ َينْ ُظرُ إِلَْيهِ َفَبصُرَ ِبرَسُو ِل الّلهِ صلى ال عليه وسلم وََأصْحَاِب ِه مُبَّي ِ‬

‫‪184‬‬
‫ب هَذَا َجدّكُمِ الّذِي َتنْتَ ِظرُونَ‪.‬‬ ‫صوِْتهِ‪ :‬يَا َمعَا ِشرَ اْل َعرَ ِ‬ ‫سرَابُ َفلَمْ يَ ْمِلكِ اْلَيهُو ِديّ أَ ْن قَالَ بَِأ ْعلَى َ‬ ‫ِبهِمُ ال ّ‬
‫ح ّرةِ َفعَدَلَ ِبهِ ْم ذَاتَ‬ ‫َفثَارَ الْ ُمسْلِمُونَ إِلَى السّلحِ َفتََل ّقوْا رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم بِ َظ ْهرِ الْ َ‬
‫ف َوذَِلكَ َي ْومَ الِاْثنَيْ ِن مِنْ َش ْه ِر رَبِيعٍ الَْأوّ ِل َفقَامَ َأبُو بَ ْكرٍ‬ ‫اْليَ ِميِ حَتّى َنزَلَ ِبهِمْ فِي بَنِي عَ ْمرِو بْ ِن َعوْ ٍ‬
‫س رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم صَامِتًا فَ َطفِ َق مَنْ جَا َء مِنَ الَْأْنصَارِ مِمّنْ لَ ْم َيرَ رَسُولَ‬ ‫س وَجََل َ‬ ‫لِلنّا ِ‬
‫س رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فَأَ ْقبَلَ‬ ‫الّلهِ صلى ال عليه وسلم يُحَيّي أَبَا بَ ْكرٍ حَتّى َأصَاَبتِ الشّ ْم ُ‬
‫ث رَسُولُ‬ ‫س رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم عِنْ َد ذَِلكَ َفلَِب َ‬ ‫أَبُو َب ْكرٍ حَتّى َظلّ َل عَلَْيهِ ِب ِردَاِئهِ َف َعرَفَ النّا ُ‬
‫س عَلَى‬ ‫سجِدُ الّذِي أُ ّس َ‬ ‫ش َرةَ َليَْل ًة وَأُ ّسسَ الْمَ ْ‬
‫الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِي َبنِي عَ ْمرِو بْ ِن َعوْفٍ ِبضْعَ َع ْ‬
‫ب رَاحِلََتهُ َفسَارَ يَمْشِي مَ َعهُ النّاسُ حَتّى‬ ‫الّت ْقوَى َوصَلّى فِيهِ رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم ثُ ّم رَ ِك َ‬
‫سلِ ِميَ‬ ‫ت عِنْ َد مَسْجِ ِد الرّسُولِ صلى ال عليه وسلم بِالْمَدِينَ ِة َو ُهوَ ُيصَلّي فِيهِ َي ْومَئِ ٍذ رِجَا ٌل مِنَ الْمُ ْ‬ ‫َبرَ َك ْ‬
‫جرِ أَ ْسعَدَ بْ ِن ُزرَا َرةَ َفقَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال‬ ‫سهَيْ ٍل وَ َسهْ ٍل غُلمَيْ ِن يَتِي َميْنِ فِي حَ ْ‬ ‫وَكَا َن ِمرْبَدًا لِلتّ ْمرِ ِل ُ‬
‫عليه وسلم ِحيَ َبرَ َكتْ ِبهِ رَاحَِلُتهُ‪ :‬هَذَا إِ ْن شَاءَ الّلهُ الْمَْنزِ ُل ثُ ّم َدعَا َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‬
‫اْلغُلمَيْ ِن فَسَا َو َمهُمَا بِالْ ِمرْبَدِ ِليَتّخِ َذ ُه مَسْجِدًا َفقَال‪ :‬ل بَلْ َن َهُبهُ َلكَ يَا رَسُولَ الّلهِ فَأَبَى رَسُو ُل الّلهِ أَنْ‬
‫َيقَْبَلهُ مِْنهُمَا ِهبَةً َحتّى ابْتَا َع ُه مِْنهُمَا ثُ ّم بَنَا ُه مَسْجِدًا وَ َطفِقَ رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َيْنقُ ُل مَ َعهُمُ‬
‫اللِّبنَ فِي ُبنْيَاِنهِ َوَيقُولُ َو ُهوَ يَْنقُ ُل اللّبِنَ‪:‬‬
‫ذَا الْحِمَالُ ل حِمَالَ َخيَْب ْر *** هَذَا أََب ّر رَبّنَا وَأَ ْط َهرْ‬
‫وََيقُولُ‪:‬‬
‫الّلهُمّ إِنّ الْأَ ْجرَ أَ ْجرُ الخرة *** فَارْحَ ِم الْأَْنصَا َر وَالْ ُمهَا ِج َرهْ‬
‫سمّ لِي)‪.‬‬ ‫سلِ ِميَ لَمْ يُ َ‬ ‫ش ْعرِ رَ ُجلٍ مِ َن الْمُ ْ‬ ‫َفتَمَثّ َل بِ ِ‬
‫بعض الدروس والفوائد والعظات من الجرة‪:‬‬
‫‪ -1‬تقدم إسلم آل أب بكر (( ل أعقل أبوي إل وها يدينان الدين ))‪.‬‬
‫‪ -2‬اهتمام أب بكر بأهل بيته وإصلحهم والبدء بم قبل غيهم‪.‬‬
‫‪ -3‬منلة أب بكر من النب صلى ال عليه وسلم وصلته الوثيقة به‪ ،‬ومعايشته لمر الدعوة منذ بزوغ‬
‫فجرها‪ ،‬فقد كان عليه الصلة والسلم يزوره كلّ يوم مرّتي‪.‬‬
‫‪ -4‬إن تفكي أب بكر ف الروج من مكّة مهاجرا لوحده مع منلته وأهيته للدعوة وصلته الوثيقة‬
‫بالرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ليكشف عن مدى الذى والشدّة الت تلحقها قريش بالسلمي‪ .‬هذا‬
‫مع أن أبا بكر من الشراف ومن الذين يدون منعةً ف قومهم فكيف بالضعفاء والعبيد!!‬
‫‪ -5‬أن أمن الدين هو الصل عند السلم فإن وجد عليه خطرا دفع بلده وماله وأهله حايةً لدينه‪،‬‬
‫ولذا خرج أبو بكر مهاجرا وحده تاركا كل شيء خلف ظهره يطلب المان لدينه ودعوته‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫‪ -6‬بلد السلم ووطنه هو الذي يتمكن فيه من إظهار دينه ودعوته فيه‪ ،‬ولذا خرج أبو بكر على‬
‫الرغم من أفضليّة بلده على سائر البلدان‪ .‬وعلى السلم أن ل يركن إل الذلّ والوان بل يعمل تفكيه‬
‫ف الروج من الصار الضروب على دينه ودعوته‪ ،‬ويبحث عن موطن موافق أو مسال لا‪ .‬حت‬
‫يتمكّن من تقيق عبوديّته ل تعال‪.‬‬
‫‪ -7‬لقد أذن الرسول صلى ال عليه وسلم لصحابه بالجرة ول يتر صاحبا له ف الجرة غي أب‬
‫بكر وف هذا دللة على عظم الصلة وقوّة الرابطة بينه وبي الرسول صلى ال عليه وسلم‪(.‬على‬
‫رسلك فإن أرجو أن يؤذن ل)‪.‬‬
‫‪ -8‬لقد تهّز أبو بكر للهجرة إل الدينة‪ ،‬ولكن بعد ما عرّض له الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫بالصحبة جلس وتمّل الذى والعنت والتعب من قريش طاعةً لرسول ال صلى ال عليه وسلم ورغبةً‬
‫ف مصاحبته‪( .‬فحبس أبو بكر نفسه على رسول ال ليصحبه)‪.‬‬
‫‪ -9‬مبادرة أب بكر ف الترتيب لمر الجرة‪ ،‬وبذل الال ف خدمة دعوته بدون طلب من الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد قام مباشرةً بعد تعريض الرسول صلى ال عليه وسلم له بالصحبة بتعليف‬
‫راحلتي كانتا عنده ; إذ مثل هذا من بدهيّات الجرة فل تتاج إل أمر يتلقّاه من الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم وف هذا بيان بأن الرسول صلى ال عليه وسلم ل يكن يربّيهم تربية العبيد تربية النوع‬
‫وإلغاء العقل مع التبوع‪.‬‬
‫‪ -10‬مقابلة التخطيط بالتخطيط‪ ،‬والتنظيم بالتنظيم‪ ،‬والترتيب بالترتيب‪ ،‬فقريش تطّط وترتّب‬
‫لليقاع بالدعوة‪ ،‬بينما الرسول صلى ال عليه وسلم يطّط ويرتّب للنجاة با‪ ،‬وهذا يوضح أن‬
‫الستسرار فيما يدم السلم با ل يتعلّق به بلغ ول بيان ول يترتّب على إسراره كتمان للدين أو‬
‫سكوت عن حق من سنّة الرسول صلى ال عليه وسلم ول يتعارض التخطيط وأخذ اليطة مع‬
‫التوكّل على ال تعال لن الخذ بالسباب جزء من العبادة‪.‬‬
‫‪ -11‬وإن من أعظم مظاهر التضحية ف هذه الجرة أن يغادر النب صلى ال عليه وسلم والؤمنون‬
‫هذا البلد المي البيب إل قلوبم ‪ -‬بل وإل قلوب جيع السلمي ‪ -‬مغادرةً يعلمون أن ل استقرار‬
‫لم فيه بعدها‪ ،‬وهذا من أش ّق المور على النفس‪ ،‬ولكن رجال العقيدة يرخصون ف سبيلها كل غالٍ‪.‬‬
‫ولقد عبّر النب صلى ال عليه وسلم عن هذا العن ‪ -‬معن صعوبة مغادرة مكّة وفراقها فراقا ل سكن‬
‫بعده ‪ -‬ف العديد من الواقف الؤثّرة‪.‬‬
‫عن عبد ال بن عدي بن حراء الزهري قال‪( :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم واقفا على‬
‫لزْورة فقال‪ :‬وال وال إنك لي أرض ال‪ ،‬وأحب أرض ال إل ال‪ ،‬ولول أن أخرجت منك ما‬ ‫اَ‬
‫خرجت)‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫‪ -12‬تربية أب بكر لسرته على المانة وإحاطة السلم وحفظه وبذل ما يلكون ف سبيل ذلك‪،‬‬
‫وكان واثقا أ ّت الثقة بتربيته فقال للرسول صلى ال عليه وسلم لّا أمره بإخراج من عنده‪( :‬أَ ْخرِجْ مَنْ‬
‫عِنْدَكَ)‪( ،‬إنا هم أهلك يا رسول ال)‪.‬‬
‫‪ -13‬الرغبة ف مصاحبة أهل الي مهما ترتّب على ذلك من أخطار‪ .‬قال أبو بكر للرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪( :‬الصحبة يا رسول ال)‪.‬‬
‫‪ -14‬منلة الرسول صلى ال عليه وسلم عند أب بكر أوصلته إل البكاء من الفرح لّا أخبه‬
‫بصاحبته ف الجرة‪.‬‬
‫‪ -15‬الرغبة ف الساهة ف طريق الي وعدم العتماد على الخرين ف ذلك‪ ،‬فالرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم أب أن يركب راحلة ليست له حت اشتراها من أب بكر بالثمن‪ ،‬حت تكون هجرته باله‬
‫ونفسه رغبةً ف استكمال فضل الجرة والهاد على أتّ أحوالما‪.‬‬
‫‪ -16‬أسرة أب بكر تشارك بجموعها ف إناح خطّة الجرة النبوية‪.‬‬
‫‪ -17‬الستفادة من خبات وطاقات الجتمع وتوظيفها ف الجالت الناسبة‪ ،‬فعبد ال بن أب بكر‬
‫للخبار‪ ،‬وعامر للشراب‪ ،‬وأساء وعائشة لتجهيز الطعام وهكذا‪.‬‬
‫‪ -18‬الستفادة من خبات الشركي إذا أمن حالم‪ ،‬ول يكن لم شوكة ف التأثي على القرار‪،‬‬
‫وعرفوا واشتهروا با يراد منهم‪ ،‬ول يكن أحد من السلمي يسدّ هذه الوظيفة‪ ،‬وكانت عاداتم‬
‫وتقاليدهم تفرض عليهم المانة ف أداء تلك الهمّة‪.‬‬
‫‪ -19‬اتّخاذ السباب والحتياطات التامّة‪ّ ،‬ث التوكّل على ال تعال والثقة الطلقة به والطمئنان‬
‫لنصره‪ ،‬وعدم التّكال على السباب ذاتا‪ .‬قال أبو بكر‪( :‬يا رسول ال لو أن بعضهم طأطأ بصره‬
‫رآنا)‪ .‬قال‪( :‬ما ظنك باثني ال ثالثهما)‪.‬‬
‫‪ -20‬إن نصر ال فوق كلّ نصر وقدرة ال فوق ك ّل قدرة‪ ،‬وأمر ال فوق كل أمر‪ ،‬وتأييده يتحدّى‬
‫كلّ قدرات البشر وطاقاتم‪ ،‬فهذه قريش صاحبة السلطة وتت يدها السلح والرجال والموال ومع‬
‫ذلك ل تستطع أن تتدي إليهم ف الغار‪.‬‬
‫‪ -21‬ناح خطة وترتيبات الجرة النبوية‪ ،‬فعلى الرغم من حرص قريش وتعميمها على القبائل وبذل‬
‫الموال ف سبيل ذلك إل أنه ل يدركهم منهم أحد غي سراقة‪.‬‬
‫‪ -22‬لقد كان أبو بكر قلقا على حياة رسول ال من أن يصيبها أذى ولذلك يكثر اللتفات‪ ،‬أمّا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد كان واثقا من نصر ربّه له‪ ،‬مطمئنا إل ذلك ل يعبأ بالطر مع‬
‫قربه منه‪ ،‬ول يستحق منه مرّد اللتفات‪ ،‬قال أبو بكر‪( :‬هذا الطلب قد لقنا يا رسول ال)‪ .‬فقال‪:‬‬
‫(ل تزن إن ال معنا)‪.‬‬
‫أسس بناء الجتمع ف الدينة‪:‬‬

‫‪187‬‬
‫قام الجتمع الدن على عدّة دعائم‪ ،‬أهّها ما يأت‪:‬‬
‫أولً‪ :‬السجد‪.‬‬
‫فكان أوّل عمل قام به رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الدينة بناء السجد كما ف البخاري ومسلم‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪..( :‬بَنَا ُه مَسْجِدًا وَ َطفِقَ رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َيْنقُ ُل مَ َعهُمُ‬
‫اللِّبنَ فِي ُبنْيَاِنهِ َوَيقُولُ َو ُهوَ يَْنقُ ُل اللّبِنَ‪:‬‬
‫هَذَا الْحِمَالُ ل حِمَالَ َخيَْب ْر *** هَذَا أََب ّر رَبّنَا وَأَ ْط َهرْ‬
‫وََيقُولُ‪:‬‬
‫الّلهُمّ إِنّ ا َل ْجرَ َأ ْجرُ الخرة *** فَارْحَمِ الَْنصَارَ وَالْ ُمهَا ِج َرهْ‬
‫هيّة السجد ومكانته ف السلم‪ ،‬وأصبح السلمون كلّما بنوا مدين ًة أو مصرا أول ما‬ ‫وهذا يدل على أ ّ‬
‫يبدأون بالسجد ث يبنون بيوتم حوله كما فعل سعد بن أب وقاص رضي ال عنه حي بن الكوفة‬
‫والبصرة‪.‬‬
‫والسجد له مكانة عظمى ودور كبي ف حياة المّة السلمة فاستخدم السجد ف عهد النب صلى ال‬
‫عليه وسلم لكثر من غرض منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إقامة الصلة فيه‪ ،‬وكان الصحابة يرصون أشدّ الرص على الصلة مع الماعة‪ ،‬حت إنّ الرجل‬
‫منهم ل يستطيع الشي فيهادى بي رجلي حت يأتون به السجد‪ ،‬وكانوا يعتبون التخلف عن‬
‫السجد منافقا معلوم النفاق‪.‬‬
‫سلِمًا َفلُْيحَاِفظْ‬ ‫روى مسلم ف صحيحه عن عبد ال بن مسعود قال‪( :‬مَنْ َس ّرهُ أَنْ يَ ْلقَى الّل َه غَدًا مُ ْ‬
‫عَلَى َهؤُلءِ الصَّلوَاتِ حَْيثُ يُنَادَى ِبهِ ّن فَإِنّ الّلهَ َشرَعَ لَِنبِيّكُمْ صلى ال عليه وسلم ُسنَنَ اْلهُدَى وَإِّنهُنّ‬
‫خلّفُ فِي بَيِْتهِ َلَترَكْتُمْ ُسنّةَ َنبِيّ ُكمْ‬ ‫مِنْ سُنَ ِن اْلهُدَى وََلوْ َأنّكُ ْم صَلّْيتُمْ فِي بُيُوِتكُمْ كَمَا ُيصَلّي هَذَا الْمُتَ َ‬
‫حسِنُ ال ّطهُورَ ثُ ّم َيعْمِدُ إِلَى مَسْجِ ٍد مِ ْن هَ ِذهِ‬ ‫وََلوْ َترَكْتُ ْم سُنّ َة نَِبيّكُمْ َلضََللْتُ ْم َومَا مِنْ َرجُلٍ يََت َط ّهرُ فَيُ ْ‬
‫حطّ عَْنهُ ِبهَا سَيَّئ ًة وََلقَدْ‬ ‫خطُوهَا حَسََن ًة وََيرَْف ُعهُ ِبهَا َدرَجَ ًة وََي ُ‬ ‫اْلمَسَاجِدِ إِل كََتبَ الّلهُ َلهُ ِبكُلّ خَ ْط َوةٍ يَ ْ‬
‫ق وََلقَدْ كَا َن الرّجُ ُل ُيؤْتَى ِبهِ ُيهَادَى بَيْ َن الرّ ُجلَيْنِ َحتّى‬ ‫ف عَْنهَا إِل مُنَافِ ٌق َمعْلُومُ الّنفَا ِ‬ ‫رَأَيُْتنَا َومَا يََتخَلّ ُ‬
‫ُيقَامَ فِي الصّفّ)‪.‬‬
‫خلّفُ َعنِ الصّلةِ إِل مُنَافِ ٌق قَ ْد عُلِ َم ِنفَاُقهُ َأوْ‬ ‫وروى مسلم أيضا عن ابن مسعود قال‪َ( :‬لقَدْ رََأيْتُنَا َومَا َيتَ َ‬
‫ض لَيَمْشِي بَْينَ َرجَُليْنِ حَتّى يَأْتِ َي الصّلةَ َوقَالَ‪ :‬إِ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫َمرِيضٌ إِنْ كَا َن الْ َمرِي ُ‬
‫وسلم َعلّمَنَا سُنَ َن اْلهُدَى وَإِ ّن مِنْ ُسنَنِ اْلهُدَى الصّلةَ فِي الْ َمسْجِدِ الّذِي ُي َؤذّنُ فِيهِ)‪ .‬ول يكن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يعذر أحدا بالتخلف عن السجد‪.‬‬
‫فروى مسلم ف صحيحه عَنْ أَبِي ُه َرْي َرةَ قَالَ‪( :‬أَتَى النّبِيّ صلى ال عليه وسلم رَجُلٌ َأعْمَى َفقَالَ‪ :‬يَا‬
‫رَسُولَ الّلهِ إِّنهُ لَْيسَ لِي قَائِدٌ َيقُودُنِي إِلَى الْ َمسْجِدِ َفسَأَ َل رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم أَنْ ُيرَخّصَ‬

‫‪188‬‬
‫َلهُ فَُيصَلّيَ فِي َبيِْتهِ َفرَخّصَ َلهُ فَلَمّا وَلّى َدعَاهُ َفقَالَ‪ :‬هَلْ َتسْمَعُ النّدَاءَ بِالصّلةِ قَالَ‪َ :‬نعَمْ قَالَ‪ :‬فََأ ِجبْ)‪.‬‬
‫فمع كونه صلى ال عليه وسلم رحيم بأمته يش ّق عليه ما يش ّق عليهم رؤوف فيهم ل يرخّص لذا‬
‫العمى ف التخلف عن الصلة ف السجد‪ .‬وقد ورد ف بعض روايات الديث أنه كبي وبعيد الدار‬
‫عن السجد‪.‬‬
‫بل إن الرسول صلى ال عليه وسلم هَمّ بتحريق أناس ل يشهدوا الصلة ف السجد كما ف صحيح‬
‫ي مِنَ‬ ‫البخاري عن أَبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ‪ :‬قَالَ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم‪( :‬لَْيسَ صَلةٌ أَْثقَ َل عَلَى الْ ُمنَاِف ِق َ‬
‫ج ِر وَاْلعِشَاءِ وََل ْو َيعْلَمُو َن مَا فِيهِمَا لَت ْوهُمَا وََلوْ حَْبوًا َلقَدْ هَمَ ْمتُ أَ ْن آمُرَ الْ ُم َؤذّنَ فَُيقِي َم ثُ ّم آ ُمرَ‬
‫اْلفَ ْ‬
‫خرُجُ إِلَى الصّلةِ َبعْدُ)‪.‬‬ ‫ل مِنْ نَارٍ فَُأ َحرّقَ َعلَى مَنْ ل يَ ْ‬ ‫رَجُلًا َي ُؤمّ النّاسَ ثُمّ آخُذَ ُشعَ ً‬
‫ل كبيا وأجرا عظيما كما ف‬ ‫وقد رتّب رسول ال صلى ال عليه وسلم على الصلة ف السجد فض ً‬
‫الصحيحي عن أب هريرة‪( :‬أَنّ َأحَ َدهُمْ ِإذَا َت َوضّأَ فََأحْسَ َن اْل ُوضُوءَ ثُمّ َأتَى الْ َمسْجِدَ ل َيْن َه ُزهُ إِل الصّلةُ‬
‫ط عَْنهُ ِبهَا خَطِيَئةٌ حَتّى يَدْ ُخلَ الْ َمسْجِدَ‬ ‫خطُ خَ ْط َوةً إِل رُفِعَ َلهُ ِبهَا َدرَجَ ٌة وَ ُح ّ‬ ‫ل ُيرِيدُ إِل الصّلةَ فَلَ ْم يَ ْ‬
‫س ُه وَالْمَلئِ َكةُ ُيصَلّو َن عَلَى َأحَدِكُ ْم مَا‬ ‫فَِإذَا َدخَلَ الْ َمسْجِدَ كَا َن فِي الصّل ِة مَا كَاَنتِ الصّل ُة هِيَ َتحْبِ ُ‬
‫ب عََلْيهِ مَا لَ ْم ُي ْؤذِ فِي ِه مَا لَمْ‬ ‫سهِ الّذِي صَلّى فِيهِ َيقُولُونَ الّلهُمّ ا ْرحَ ْمهُ الّلهُمّ ا ْغ ِفرْ َلهُ الّلهُمّ ُت ْ‬ ‫دَامَ فِي مَجِْل ِ‬
‫يُحْ ِدثْ فِيهِ)‪.‬‬
‫‪ -2‬مدرسة وجامعة للتعليم‪ ،‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلم الناس ويلسون إليه ف‬
‫السجد فيتعلمون منه أصول الدين وفروعه‪ ،‬وكان الواحد منهم إذا شغله شاغل عن حضور السجد‬
‫ذلك اليوم أوصى غيه يأتيه با يتعلّمه من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وربا استفيد من السجد ف المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إيواء الضعفاء والفقراء والعزّاب‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاد الشعر ف نصر الدعوة‪.‬‬
‫‪ -3‬مكان لعتقال السرى حت يشاهدوا السلمي فيتأثروا بم‪.‬‬
‫‪ -4‬مكان لعلج الرضى (مثل خيمة رفيدة لعالة سعد بن معاذ)‪.‬‬
‫‪ -5‬استقبال الرسل والسفراء‪.‬‬
‫‪ -6‬عقد ألوية الهاد‪.‬‬
‫‪ - 7‬لقاء السلمي بأميهم وقائدهم‪.‬‬
‫ولا اهتمّ السلمون بشكل الساجد وزخرفتها فرغوها من متواها ومقاصدها‪ ،‬وأصبحت مكانا لداء‬
‫الصلة ث يقفل حت عن حلق العلم والتعليم‪.‬‬
‫وهذا مصداق قوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬ل تقوم الساعة حت يتباهى الناس ف الساجد)‬
‫وف الديث الخر‪( :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتباهى الناس ف الساجد)‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫وعن ابن عباس مرفوعا‪( :‬ما أمرت بتشييد الساجد ث قال ابن عباس‪( :‬تزخرفنها كما زخرفت اليهود‬
‫والنصارى)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الؤاخاة‪.‬‬
‫لّا هاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه إل الدينة وقد تركوا ديارهم وأموالم وهربوا إل‬
‫ال بأبدانم‪ ،‬تنافس النصار ‪ -‬رضي ال عنهم ‪ -‬ف إيواء إخوانم الهاجرين حت أصبح إسكانم‬
‫بالقرعة فهذه امرأة من النصار من بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم تكي لنا قصة ف ذلك‪:‬‬
‫روى البخاري عن أم العلء قَاَلتْ‪( :‬طَارَ لَنَا عُثْمَانُ ْب ُن مَ ْظعُونٍ فِي السّكْنَى ِحيَ اقَْت َر َعتِ الَْأْنصَارُ‬
‫عَلَى سُكْنَى الْ ُمهَا ِجرِينَ فَاشْتَكَى فَ َم ّرضْنَاهُ حَتّى ُتوُفّيَ‪.)..‬‬
‫بل طلبوا من الرسول صلى ال عليه وسلم أن يقسّم بينهم وبي إخوانم من الهاجرين نيلهم فقد‬
‫روى البخاري عَنْ أَبِي ُهرَْي َر َة َرضِي الّلهُ عَْنهُ قَالَ‪ :‬قَاَلتِ الَْأْنصَارُ‪( :‬ا ْقسِمْ بَْينَنَا َوبَيَْنهُ ُم النّخْلَ قَالَ‪ :‬ل‬
‫شرِكُونَنَا فِي التّ ْمرِ قَالُوا‪َ :‬س ِمعْنَا وَأَ َطعْنَا)‪.‬‬ ‫قَالَ‪َ :‬ي ْكفُونَنَا الْمَئُوَن َة وَيُ ْ‬
‫وروى المام أحد عَ ْن عَ ْمرِو بْ ِن ُشعَْيبٍ عَنْ َأبِي ِه عَنْ جَ ّدهِ‪( :‬أَنّ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم كََتبَ‬
‫ح بَيْنَ‬
‫كِتَابًا َبيْنَ الْ ُمهَا ِجرِي َن وَالْأَْنصَارِ أَنْ َي ْعقِلُوا َمعَاِقَلهُمْ وَأَ ْن َيفْدُوا عَاِنَيهُمْ بِالْ َم ْعرُوفِ وَالِْإصْل ِ‬
‫اْلمُسْلِ ِميَ)‪.‬‬
‫ث إن الرسول صلى ال عليه وسلم آخى بي الهاجرين والنصار فكانت هذه الصرة أقوى من آصرة‬
‫س َرضِي الّلهُ‬ ‫القبيلة والنسب حتّى وصل بم الال إل التوارث بينهم كما روى البخاري عَ ِن ابْ ِن َعبّا ٍ‬
‫عَْنهُمَا‪{( :‬وَلِكُلّ َجعَ ْلنَا َموَالِيَ} قَالَ‪َ :‬ورَثَةً {وَالّذِي َن َعقَ َدتْ َأيْمَانُكُمْ} قَالَ‪ :‬كَا َن الْ ُمهَا ِجرُونَ لَمّا‬
‫قَ ِدمُوا الْمَدِينَ َة َي ِرثُ الْ ُمهَا ِجرُ الْأَْنصَا ِريّ دُو َن َذوِي رَحِ ِمهِ لِلُ ُخ ّوةِ الّتِي آخَى النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم‬
‫ختْ ثُ ّم قَالَ {وَالّذِي َن َعقَ َدتْ أَيْمَانُكُمْ} إِل الّنصْرَ‬ ‫َبيَْنهُمْ َفلَمّا َنزََلتْ {وَلِ ُكلّ َجعَلْنَا َموَالِيَ} نَسَ َ‬
‫ح َة وَقَ ْد َذ َهبَ الْمِيَاثُ وَيُوصِي َلهُ)‪.‬‬ ‫وَالرّفَا َدةَ وَالّنصِي َ‬
‫وقد ضرب النصار أروع الثل ف إكرام إخوانم الهاجرين بل ف إيثارهم على أنفسهم كما قال‬
‫حبّونَ مَ ْن هَا َجرَ ِإلَْيهِ ْم وَل يَجِدُو َن فِي صُدُو ِرهِمْ‬ ‫تعال‪{ :‬وَالّذِي َن تََبوّأُوا الدّارَ وَالِْأيَا َن مِنْ قَْبِلهِمْ يُ ِ‬
‫سهِ ْم وََلوْ كَا َن ِبهِمْ َخصَاصَةٌ}‪.‬‬ ‫حَاجَ ًة مِمّا أُوتُوا َوُيؤِْثرُونَ َعلَى أَْنفُ ِ‬
‫ولا فتحت البحرين أراد رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يعوّض النصار بعض ما صرفوه على‬
‫ك َرضِي الّلهُ َعْنهُ‪َ ( :‬دعَا النّبِيّ صلى ال عليه وسلم الَْأْنصَارَ ِإلَى‬ ‫إخوانم الهاجرين‪ ،‬يقول أنس بْ َن مَاِل ٍ‬
‫ح َريْنِ َفقَالُوا‪ :‬ل إِل أَ ْن ُتقْطِعَ لِإِ ْخوَانِنَا مِ َن الْ ُمهَا ِجرِي َن مِثَْلهَا قَالَ‪ِ :‬إمّا ل فَاصِْبرُوا َحتّى‬ ‫أَنْ ُيقْطِعَ َلهُ ُم الْبَ ْ‬
‫َت ْل َقوْنِي فَِإّنهُ َسُيصِيبُ ُكمْ َبعْدِي َأَث َرةٌ) رواه البخاري‪.‬‬
‫ويسن أن نسوق نوذجا واحدا من ناذج الؤاخاة الرائعة‪:‬‬

‫‪190‬‬
‫روى البخاري عن إِْبرَاهِيمَ بْ ِن َسعْدٍ عَنْ َأبِي ِه عَنْ جَ ّدهِ قَالَ‪ :‬قَالَ عبدُ الرح ِن بْ ُن َعوْفٍ‪( :‬لَمّا قَ ِدمْنَا‬
‫اْلمَدِيَنةَ آخَى رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم بَْينِي وََبيْنَ َسعْدِ بْ ِن الرّبِيعِ َفقَالَ َسعْدُ بْ ُن الرّبِيعِ‪ِ :‬إنّي‬
‫ك عَْنهَا فَِإذَا حَّلتْ‬
‫ي َزوْجَتَ ّي َهوِيتَ َنزَْلتُ َل َ‬ ‫أَكَْثرُ الْأَْنصَا ِر مَالً فَأَ ْقسِمُ َلكَ ِنصْفَ مَالِي وَانْ ُظرْ َأ ّ‬
‫َت َزوّجَْتهَا قَالَ‪َ :‬فقَالَ َلهُ عب ُد الرحنِ‪ :‬ل حَاجَةَ لِي فِي ذَِلكَ َهلْ مِ ْن سُوقٍ فِيهِ تِجَا َرةٌ قَالَ‪ :‬سُوقُ قَْيُنقَاعٍ‬
‫قَالَ‪َ :‬فغَدَا إِلَْيهِ عبد الرحنِ فَأَتَى بِأَِقطٍ َوسَمْنٍ قَالَ‪ُ :‬ثمّ تَاَبعَ اْلغُ ُدوّ فَمَا لَِبثَ أَنْ جَاءَ عبد الرح ِن عََلْيهِ‬
‫صفْ َرةٍ َفقَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬ت َزوّ ْجتَ قَالَ‪َ :‬نعَمْ قَالَ‪َ :‬ومَنْ قَالَ‪ :‬ا ْمرََأةً مِ َن الْأَْنصَارِ‬ ‫أََث ُر ُ‬
‫قَالَ‪ :‬كَمْ ُس ْقتَ قَالَ‪ :‬زَِنةَ َنوَا ٍة مِ ْن َذ َهبٍ َأوْ َنوَاةً مِ ْن َذ َهبٍ َفقَالَ َلهُ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬أوْلِمْ‬
‫وََلوْ بِشَاةٍ)‪.‬‬
‫وقد ذابت العنصرية والقبلية ف الخوّة اليانية‪ ،‬وأصبح التفاضل على أساس {إِنّ أَ ْك َرمَكُ ْم عِنْ َد الّلهِ‬
‫أَْتقَاكُمْ}‪.‬‬
‫هيّة الخوة بي السلمي ووجوب الترابط بينهم‪،‬‬ ‫ولقد أكّد النب صلى ال عليه وسلم ف غي موضع أ ّ‬
‫ونى عن الشحناء والبغضاء‪ ،‬والشقاق واللف والفرقة‪:‬‬
‫فشبّههم م ّرةً بالبنيان ف قوّة ترابطه وتاسكه‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ‪( :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬لْ ُم ْؤمِنُ ِللْ ُم ْؤمِنِ‬
‫ضهُ َب ْعضًا" شبك بي أصابعه ))‪.‬‬ ‫كَاْلبُنْيَانِ يَشُ ّد َبعْ ُ‬
‫وشبّههم بالسد الواحد ف دقّة الحساس وسرعة الواساة‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم عَنِ الّنعْمَانِ ْبنِ بَشِ ٍي قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ " :‬مَثَلُ‬
‫ضوٌ تَدَاعَى َلهُ سَاِئرُ اْلجَسَدِ‬ ‫جسَدِ ِإذَا اشْتَكَى ِمْنهُ ُع ْ‬ ‫اْل ُم ْؤمِِنيَ فِي َتوَا ّدهِ ْم وََترَاحُ ِمهِ ْم وََتعَا ُط ِفهِمْ مَثَ ُل الْ َ‬
‫س َهرِ وَالْحُمّى"‪.‬‬ ‫بِال ّ‬
‫ورغّب بالقيام باجة السلم ومساعدته ونصحه وإعانته ف جيع أحواله‪:‬‬
‫روى مسلم عن َأبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ " :‬مَنْ َن ّفسَ عَ ْن ُم ْؤمِنٍ ُكرْبَ ًة مِنْ‬
‫سرَ الّل ُه عََلْيهِ فِي الدّنْيَا‬
‫سرٍ يَ ّ‬‫س َر عَلَى ُمعْ ِ‬
‫ُك َربِ الدّْنيَا َن ّفسَ الّلهُ عَْنهُ ُكرَْب ًة مِنْ ُك َربِ َي ْومِ اْلقِيَامَ ِة َومَنْ يَ ّ‬
‫سلِمًا َسَت َرهُ الّلهُ فِي الدّنْيَا وَالْآ ِخ َر ِة وَالّلهُ فِي َعوْنِ اْلعَبْ ِد مَا كَا َن اْلعَبْدُ فِي َعوْنِ‬ ‫وَالْآ ِخ َرةِ َومَنْ َسَترَ مُ ْ‬
‫أَخِيهِ‪."..‬‬
‫بل إنه ساواه بالنفس ف مبّة الي وكره الشر‪:‬‬
‫حبّ‬ ‫س عَنِ النِّبيّ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪" :‬ل ُي ْؤمِنُ َأحَدُكُمْ َحتّى يُ ِ‬ ‫روى البخاري ومسلم عَنْ أََن ٍ‬
‫سهِ"‪.‬‬‫حبّ ِلَنفْ ِ‬ ‫لِأَخِيهِ مَا ُي ِ‬
‫وحذّر من جيع الصال الت توجب الفرقة والبغضاء والتباعد بي السلمي‪:‬‬

‫‪191‬‬
‫عَنْ أَبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬إِيّاكُ ْم وَالظّ ّن فَإِنّ الظّنّ أَكْ َذبُ اْلحَدِيثِ‬
‫حسّسُوا وَل َتجَسّسُوا وَل تَبَا َغضُوا وَل تَدَاَبرُوا وَكُونُوا عِبَادَ الّلهِ إِ ْخوَانًا"‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫وَل تَ َ‬
‫وعَنْ أََنسِ بْ ِن مَاِلكٍ أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪" :‬ل تَبَا َغضُوا وَل تَحَاسَدُوا وَل تَدَاَبرُوا‬
‫جرَ َأخَاهُ َفوْقَ ثَلثٍ"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫وَكُونُوا عِبَادَ الّلهِ إِ ْخوَانًا وَل يَحِلّ لِ ُمسْلِمٍ أَنْ َي ْه ُ‬
‫عَنْ أَبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تَحَاسَدُوا وَل َتنَا َجشُوا وَل َتبَا َغضُوا وَل‬
‫سلِمُ أَخُو الْمُسِْلمِ ل يَ ْظلِ ُمهُ وَل‬ ‫ض وَكُونُوا عِبَادَ الّلهِ إِ ْخوَانًا الْمُ ْ‬ ‫تَدَاَبرُوا وَل َيبِعْ َب ْعضُكُ ْم عَلَى بَيْعِ َبعْ ٍ‬
‫ح ِقرَ أَخَاهُ‬ ‫شرّ أَنْ يَ ْ‬ ‫سبِ ا ْم ِرئٍ مِنَ ال ّ‬‫ث َمرّاتٍ بِحَ ْ‬ ‫ح ِقرُهُ الّت ْقوَى هَاهُنَا َويُشِيُ إِلَى صَ ْد ِرهِ ثَل َ‬ ‫يَخْ ُذُلهُ وَل َي ْ‬
‫اْلمُسْلِمَ ُكلّ الْ ُمسْلِ ِم َعلَى اْلمُسْلِ ِم َحرَا ٌم دَ ُمهُ َومَاُل ُه َو ِع ْرضُهُ"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وأصبحت اليات القرآنية تنل على رسول ال صلى ال عليه وسلم مذّرةً من الفرقة واللف‬
‫والشقاق وآمرةً بالجتماع والتلف والترابط على حبل ال التي وصراطه الستقيم‪.‬‬
‫قال تعال‪{ :‬وَاعَْتصِمُوا بِحَْبلِ الّلهِ جَمِيعا وَل َت َفرّقُوا} وقال‪{ :‬إِنّ الّذِي َن َفرّقُوا دِيَنهُمْ وَكَانُوا شِيَعا‬
‫ت مِْنهُمْ فِي شَ ْيءٍ} وقال‪{ :‬وَل تَكُونُوا كَالّذِينَ َت َفرّقُوا وَا ْختََلفُوا مِنْ َبعْ ِد مَا جَا َءهُمُ اْلبَيّنَاتُ}‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫لَ ْ‬
‫ثالثا‪ :‬العاهدة مع اليهود‪.‬‬
‫سكن اليهود الدينة لنتظار مبعث الرسول صلى ال عليه وسلم الذي يدون صفته وصفة بلده‬
‫ومكان مبعثه ف التوراة‪ ،‬وكانت اليهود تذكر ذلك كثيا للوس والزرج سكّان الدينة‪ ،‬وتقول‪ :‬إن‬
‫نبيا مبعوث الن قد أظلّ زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم‪.‬‬
‫ولذا لّا التقى رسول ال صلى ال عليه وسلم بوفد الزرج عند العقبة فكلّم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أولئك النفر ودعاهم إل ال‪ ،‬قال بعضهم لبعض‪( :‬يا قوم‪ ،‬تعلموا وال إنه للنب الذي توعّدكم‬
‫به يهود فل يسبقنكم إليه)‪ ،‬فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدّقوه وقبلوا منه لّا عرض عليهم السلم‪.‬‬
‫ولكن اليهود حسدوا العرب أن بعث فيهم رسول ال صلى ال عليه وسلم فكذّبوه وعادوه‪ ،‬مع‬
‫معرفتهم التامّة بصدقه‪ ،‬ووضوح علمات النبوّة الت يدونا ف التوراة عليه‪ .‬كما قال تعال‪َ { :‬ولَمّا‬
‫ب مِ ْن عِنْ ِد الّل ِه ُمصَدّقٌ لِمَا مَ َعهُ ْم وَكَانُوا مِ ْن قَبْ ُل يَسَْتفِْتحُونَ َعلَى الّذِينَ َك َفرُوا َفلَمّا‬ ‫جَا َءهُمْ كِتَا ٌ‬
‫جَا َءهُ ْم مَا َع َرفُوا َك َفرُوا ِبهِ فََلعَْنةُ الّل ِه عَلَى الْكَاِفرِينَ} وقال تعال‪{ :‬الّذِي َن يَتِّبعُونَ الرّسُولَ النِّبيّ ا ُلمّيّ‬
‫الّذِي َيجِدُوَنهُ مَ ْكتُوبا عِنْ َدهُ ْم فِي الّت ْورَا ِة وَاْلإِنْجِيلِ}‪.‬‬
‫فلمّا هاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة أقرّ اليهود على منازلم وعلى متلكاتم وعلى‬
‫دينهم وأعمالم‪ ،‬مع معرفتهم التامّة به وأنه النبّ الذي يدونه عندهم‪ ،‬ومعرفته بم وأنم أهل خيانة‬
‫ومكر وكذب‪ ،‬وإظهارهم عداوته وبغضه‪.‬‬
‫وقد تبيّن ذلك جليا عند أوّل مقدمه الدينة كما ف قصّة عالهم وإمامهم وحبهم عبد ال بن سلم‬
‫رضي ال عنه‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫يقول عبد ال بن سلم‪( :‬يَا رَسُولَ الّلهِ إِنّ اْلَيهُودَ َق ْومٌ ُب ُهتٌ إِ ْن عَلِمُوا بِِإسْلمِي قَبْلَ أَ ْن تَسْأََلهُ ْم‬
‫ي رَجُلٍ‬ ‫َبهَتُونِي عِنْدَ َك فَجَا َءتِ الَْيهُو ُد َودَخَ َل عَبْ ُد الّلهِ الْبَْيتَ َفقَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬أَ ّ‬
‫فِيكُ ْم عَبْ ُد الّلهِ بْ ُن سَلمٍ؟ قَالُوا َأ ْعلَمُنَا وَابْنُ َأ ْعلَمِنَا وَأَخْ ُينَا وَابْنُ أَ ْخَيرِنَا َفقَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه‬
‫ج عَبْدُ الّلهِ إِلَْيهِ ْم َفقَالَ‪َ :‬أ ْشهَدُ أَنْ ل‬ ‫خرَ َ‬ ‫وسلم‪" :‬أََفرَأَْيتُمْ إِنْ أَ ْسلَ َم عَبْدُ الّلهِ! قَالُوا َأعَا َذهُ الّل ُه مِنْ ذَِلكَ َف َ‬
‫إَِلهَ إِل الّلهُ وََأ ْشهَدُ أَنّ مُحَمّدًا رَسُو ُل الّلهِ َفقَالُوا َشرّنَا وَابْنُ َشرّنَا َووََقعُوا فِيهِ)‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد أبرم معهم رسول ال صلى ال عليه وسلم معاهدةً جاء فيها‪ ( :‬أنه من تبعنا من يهود‬
‫فإن له النصر والسوة غي مظلومي ول متناصر عليهم‪ ،‬وأن اليهود ينفقون مع الؤمني ما داموا‬
‫ماربي‪ ،‬وأن لليهود دينهم وللمسلمي دينهم ومواليهم وأنفسهم‪ ،‬إل من ظلم نفسه وأث‪ ،‬فأنه ل‬
‫يوتغ إل نفسه وأهل بيته‪ ،‬وأن على اليهود نفقتهم وعلى السلمي نفقتهم‪ ،‬وأن بينهم النصر على من‬
‫حارب أهل هذه الصحيفة‪ ،‬وأن بينهم النصح والنصيحة والبّ دون الث‪ ،‬وأنه ما كان بي أهل هذه‬
‫الصحيفة من حدث‪ ،‬أو اشتجار ياف فساده فإن مرده إل ال وإل ممد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وأنه ل تار قريش ول من نصرها‪ ،‬وأن بينهم النصر على من دهم يثرب‪ ،‬وأنه ل يرج منهم‬
‫أحد إل بإذن ممد‪ ،‬وأنه يثرب حرام جوفها لهل هذه الصحيفة‪ ،‬وأنه ل يول هذا الكتاب دون‬
‫ظال ول آث‪.)..‬‬
‫فهذا الصحيفة التزم اليهود فيها بدفع قسط من الال ف الروب دفاعا عن الدينة‪ ،‬وأن الجرم ينال‬
‫جزاءه من أيّ فريق كان‪ ،‬وأن اليهود ل يرجون من الدينة إل بإذن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫واعتبت العاهدة أن الدينة حرم والرم ل يل انتهاكه‪ ،‬والرجع الوحيد عند التحاكم هو رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومنعت الصحيفة من إجارة قريش أو نصرها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه العاهدة ووضوح بنودها‪ ،‬وتقيقها حياةً آمنةً مطمئنّ ًة لليهود ف الدينة‪ ،‬إل أن‬
‫اليهود ما انفكّوا عن الكيد للسلم وأهله‪ ،‬وماولة طرح الشبه للتشكيك ف نبوّة الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم فيستغلون بعض الوادث للتلبيس على الناس كما ف صرف القبلة وغيها‪ ،‬كما يلقون‬
‫السئلة التعنتة على الرسول أمام الل ومع ذلك كان يلم عليهم‪ .‬وهذا يعتب نوعا من فصول القاومة‬
‫للرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫كما قاموا بتدبي الؤامرات والكيد للمسلمي ف كل فرصة ينتهزونا‪ ،‬فم ّرةً يثيون العداوة بي‬
‫السلمي ويذكرونم بثاراتم الاضية حت كاد الوس والزرج أن يقتتلوا‪ ،‬وتارةً يهددون رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم لا جعهم ف سوق بن قينقاع ورأى ما بم من الشرّ والنوايا الفاسدة ف نقض‬
‫العاهدة ‪ -‬بعد ما شرقوا بانتصار السلمي ف بدر ‪ -‬فوعظهم وذكرهم فقالوا له‪( :‬يَا مُحَمّدُ ل‬
‫سكَ َأّنكَ قََت ْلتَ َن َفرًا مِنْ ُقرَْيشٍ كَانُوا َأغْمَارًا ل َي ْعرِفُونَ اْل ِقتَالَ إِّنكَ َلوْ قَاتَ ْلتَنَا َلعَرَ ْفتَ أَنّا‬ ‫ك مِنْ َنفْ ِ‬ ‫َي ُغرّّن َ‬
‫س وَأَّنكَ لَمْ َتلْ َق مِثَْلنَا)‪.‬‬ ‫حنُ النّا ُ‬‫نَ ْ‬

‫‪193‬‬
‫ط مِنَ‬ ‫شةَ‪( :‬اسْتَ ْأذَ َن َرهْ ٌ‬‫ودعوا على النب صلى ال عليه وسلم بالوت كلّما لقوه ف وجهه‪ .‬تقول عَائِ َ‬
‫ت عَاِئشَةُ‪ :‬بَ ْل عََليْكُ ُم السّامُ‬
‫اْلَيهُودِ َعلَى رَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َفقَالُوا‪ :‬السّا ُم عَلَْيكُمْ َفقَاَل ْ‬
‫حبّ الرّفْ َق فِي ا َل ْمرِ كُّلهِ قَاَلتْ‪ :‬أَلَمْ‬ ‫وَالّلعْنَ ُة َفقَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ ":‬يَا عَائِشَةُ إِ ّن الّلهَ ُي ِ‬
‫ت َوعَلَيْكُمْ)‪.‬‬
‫سمَ ْع مَا قَالُوا قَالَ‪ :‬قَدْ ُق ْل ُ‬
‫تَ ْ‬
‫وقام رجل منهم يقال له لبيد بن العصم بعمل السحر للنب صلى ال عليه وسلم‪ .‬وهذا من شأن‬
‫اليهود كلّما أعياهم أمر لأوا إل السحر والشعوذة والستعانة بالشياطي‪ .‬فليس عندهم حجة‬
‫يادلون عنها‪ ،‬ول رأي صحيح يناظرون عليه‪.‬‬
‫فانتصار السلمي ف بدر أفقد اليهود صوابم فنقلوا الرب والقاومة من الكلم إل ميدان الرب‬
‫الدامية‪:‬‬
‫فتحرّشوا بامرأة مسلمة ف سوقهم وكشفوا عن سوأتا‪.‬‬
‫ث كان منهم التحريض لقريش على غزو الدينة‪ ،‬وقامت بنو النضي بتنظيم عملية اغتيال للنب صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وجنّدوا شعراءهم للتشبيب بنساء السلمي والتغزّل بنّ‪.‬‬
‫فلما رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم أنم سلكوا طريق القوّة ف مقاومتهم للمسلمي واستنصار‬
‫العداء عليهم والتهديد السافر للمسلمي فأجل من نقض العهد منهم كبن قينقاع وبن النضي‬
‫بوجب العاهدة بينهم‪.‬‬
‫فالتقى جع من أحبارهم بزعماء قريش وشهدوا لم أنم أهدى سبيلً من ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ت وََيقُولُونَ لِلّذِينَ‬‫جْبتِ وَالطّاغُو ِ‬ ‫قال تعال‪{ :‬أَلَمْ َترَ إِلَى الّذِينَ أُوتُوا َنصِيبا مِ َن الْكِتَابِ ُي ْؤمِنُونَ بِالْ ِ‬
‫َك َفرُوا َهؤُلءِ َأهْدَى مِ َن الّذِي َن آمَنُوا سَبِيلً}‪.‬‬
‫ث حزبوا الحزاب على رسول ال وقاموا بنفي عام وتميع لميع قوّات القبائل لغزو الدينة ف السنة‬
‫الامسة‪ ،‬ولا حوصرت الدينة كان الواجب طبقا للمعاهدة أن ينضمّ يهود بن قريظة إل جانب‬
‫السلمي للدفاع عن الدينة‪ ،‬ولك ّن الذي حدث هو العكس فقد غدروا بالسلمي وحاولوا ضرب‬
‫جيشهم من اللف ف أحرج الظروف‪ ،‬وف تلك الساعات الرهيبة الاسة الت كان فيها مصي كل‬
‫الكيان السلمي ف خطر ف جيع التقديرات العسكرية‪ ،‬فأصبح السلمون بي فكي كماشة‪.‬‬
‫وأعلن اليهود مؤازرتم للغزاة العتدين بقصد إبادة السلمي جيعا ووأد السلم‪ .‬ومع ذلك فقد أرسل‬
‫إليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم وفدا يفاوضهم ويذكّرهم بالعهد والعقد‪ ،‬فناكروهم وسبّوهم‬
‫وأغلظوا القول عليهم وسبّوا رسول ال صلى ال عليه وسلم أمامهم‪.‬‬
‫وقد قام يهود بن قريظة بذه اليانة العظمى‪ .‬بالرغم من أن هؤلء اليهود باعتراف زعيمهم كعب بن‬
‫أسد ل يروا من النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه إل الصدق والوفاء‪ ،‬قاموا بتلك اليانة وهم ف‬
‫حالة ارتباط مع السلمي بوجب عهد وميثاق بأن يقاتلوا كل من حارب الدينة‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫فيهود بن قريظة بالضافة إل ارتكابم جرية اليانة العظمى يعتبون غزاةً مُحَا ِرِبيَ حيث أصبحوا‬
‫جزءا ل يتجزّأ من اليش الغازي‪.‬‬
‫فلماذا اندحر الحزاب وانسحب الناح الوثنّ يرّ أذيال اليبة‪ ،‬بقي على السلمي الناح اليهودي‬
‫من هذه اليوش‪ .‬الذي احتمى بالصون فلمّا وصلت مقدمة رسول ال صلى ال عليه وسلم إل‬
‫حصونم سبّوهم وشتموهم وشتموا رسول ال‪ .‬فحاصرهم رسول ال صلى ال عليه وسلم فلمّا اشتدّ‬
‫الصار عليهم انارت قواهم عن القاومة‪ ،‬فنلوا على حكم حليفهم من الوس وهو سعد بن معاذ‬
‫ومع ذلك وافق رسول ال صلى ال عليه وسلم على ذلك‪ ،‬فحكم فيهم سعد بقتل القاتلة وسب‬
‫النساء والذريّة‪.‬‬
‫لقد تمّعت فلول اليهود عند إخوانم يهود خيب‪ ،‬وقاموا بتنظيم قوّات مشتركة لغزو الدينة والقضاء‬
‫على أهلها‪.‬‬
‫لقد كشفت الحداث أن اليهود خلل أربع سنوات ما قبلوا تلك العاهدة إل مكرا وخداعا‪ ،‬وأنم‬
‫اتّخذوا تلك العاهدة مع السلمي ستارا ينفّذون من خللا مطّطاتم‪ .‬وأنم كلّما سنحت لم فرصة‬
‫خالفوا تلك العاهدة وشرعوا ف تسديد ضرباتم ضدّ السلم والسلمي‪.‬‬
‫زواجه صلى ال عليه وسلم بعائشة رضي ال عنها‪:‬‬
‫وبعد بناء السجد تزوّج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعائشة ابنة الصدّيق رضي ال عنهما وهي‬
‫البكر الوحيدة من بي نسائه وأحبّ نسائه إليه‪.‬‬
‫ولا كان رسول ال صلى ال عليه وسلم هو القدوة لذه المّة ف حياته الاصّة والعامّة‪ ،‬وكان الذين‬
‫ينقلون لنا حياته العامّة آلف من أصحابه‪ ،‬فكان لزاما من توفّر عدد من النساء لنقل حياته الاصّة‪،‬‬
‫إذ أن الرأة الواحدة ربا تنسى‪ ،‬أو أن ترى أن هذا المر غي مهمّ‪ ،‬أو أن الذي يروي عنها ينسى‪.‬‬
‫فتزوّج رسول ال صلى ال عليه وسلم تسع نسوة‪ ،‬وكانت تلك النسوة متباينات ف جيع أحوالنّ‬
‫حت يت ّم القتداء به صلى ال عليه وسلم فمنه ّن صاحبة الولد‪ ،‬ومنهنّ الكبية‪ ،‬ومنه ّن القريبة ف‬
‫النسب‪ ،‬ومنه ّن البعيدة‪ .‬مع اختلفهنّ ف الطبائع والنفسيات‪ ،‬وف هذا درس عظيم للمّة ف التعامل‬
‫مع النساء على اختلف حالتنّ وطبائعهنّ‪.‬‬
‫وقد نقلن كله ّن حياته الاصّة وأصبح السلم يعرف من حياة النب صلى ال عليه وسلم ف بيته أكثر‬
‫ما يعرف عن أبيه العايش له‪.‬‬
‫طبيعة بيت النبوة‪:‬‬
‫كان بيت النبوّة يثّل البساطة ف جالا وعلوها والزهد ف قمّته والكتفاء بالقليل وعدم التكلّف مع‬
‫القدرة والمكان على الدنيا لو أرادها صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫فهذه أم الؤمني عائشة رضي ال عنها تصف عيش النب صلى ال عليه وسلم قائلة‪( :‬مَا شَبِ َع آلُ‬
‫مُحَمّدٍ صلى ال عليه وسلم مُنْذُ قَ ِدمَ الْمَدِينَ َة مِنْ َطعَامِ ُبرّ ثَلثَ لَيَا ٍل تِبَاعًا حَتّى ُقبِضَ)‪(.‬رواه‬
‫البخاري‪.).‬‬
‫روى البخاري عَ ْن ُع ْروَ َة عَ ْن عَاِئشَةَ َأّنهَا قَاَلتْ ِل ُع ْر َوةَ‪( :‬ابْنَ ُأخْتِي‪ ،‬إِنْ كُنّا لَنَْن ُظرُ ِإلَى اْلهِل ِل ثَلَثةَ َأهِلّةٍ‬
‫فِي َش ْهرَيْ ِن َومَا أُوقِ َدتْ فِي أَْبيَاتِ َرسُولِ ال صلى ال عليه وسلم نَارٌ َفقُ ْلتُ‪ :‬مَا كَانَ ُيعِيشُكُمْ قَاَلتْ‪:‬‬
‫ا َل ْس َودَانِ التّ ْم ُر وَالْمَاءُ إِل أَّنهُ قَدْ كَانَ ِلرَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم جِيَا ٌن مِ َن الْأَْنصَارِ كَانَ َلهُمْ‬
‫سقِينَاهُ)‪.‬‬‫مَنَاِئ ُح وَكَانُوا يَمَْنحُونَ رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم مِنْ أَْبيَاِتهِ ْم فَيَ ْ‬
‫وصف لنا خادمه أنس بن مالك عيش النب وما فيه من القلّة فيقول‪( :‬إِّن ُه مَشَى إِلَى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم بِخُْبزِ َشعِ ٍي وَِإهَاَلةٍ َسنِخَ ٍة وََلقَ ْد َرهَنَ النِّبيّ صلى ال عليه وسلم ِد ْرعًا َلهُ بِالْمَدِينَ ِة عِنْدَ‬
‫َيهُو ِديّ وَأَخَ َذ مِْنهُ َشعِيًا لَِأهِْلهِ َوَلقَدْ سَ ِمعُْتهُ َيقُولُ‪ :‬مَا َأمْسَى عِنْ َد آ ِل مُحَمّدٍ صلى ال عليه وسلم‬
‫س َوةٍ)‪( .‬رواه البخاري‪.).‬‬ ‫ع َحبّ وَإِ ّن عِنْ َدهُ َلتِسْ َع نِ ْ‬ ‫صَاعُ ُب ّر وَل صَا ُ‬
‫ج رَسُولُ الّلهِ‬ ‫بل إنه ليخرجه الوع من بيته أحيانا كما يروي لنا مسلم عن أب هريرة قال‪َ ( :‬خرَ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم ذَاتَ َي ْومٍ َأوْ َليَْلةٍ فَِإذَا ُه َو بِأَبِي َب ْكرٍ َوعُ َمرَ َفقَالَ‪ :‬مَا أَ ْخرَجَكُمَا مِنْ ُبيُوتِكُمَا هَ ِذهِ‬
‫ع يَا رَسُولَ الّلهِ قَالَ‪ :‬وَأَنَا وَالّذِي َنفْسِي ِبيَ ِدهِ لَ ْخرَجَنِي الّذِي أَ ْخرَجَكُمَا‪ ،‬قُومُوا‬ ‫السّاعَ َة قَال‪ :‬الْجُو ُ‬
‫ل َفقَالَ َلهَا‬ ‫ل مِنَ الَْأْنصَارِ فَِإذَا ُهوَ لَْيسَ فِي بَيِْتهِ َفلَمّا رَأَْتهُ الْ َمرَْأةُ قَاَلتْ‪َ :‬مرْحَبًا وََأهْ ً‬ ‫َفقَامُوا َمعَهُ فََأتَى رَجُ ً‬
‫سَتعْ ِذبُ َلنَا مِنَ الْمَاءِ ِإذْ جَاءَ ا َلْنصَارِيّ َفنَ َظرَ‬ ‫رَسُولُ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬أيْنَ فُل ٌن قَاَلتْ‪َ :‬ذ َهبَ يَ ْ‬
‫إِلَى رَسُو ِل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َوصَاحَِبْيهِ ثُمّ قَالَ‪ :‬الْحَمْدُ ِلّلهِ مَا أَحَ ٌد اْلَي ْومَ أَ ْك َرمَ َأضْيَافًا مِنّي قَالَ‪:‬‬
‫س ٌر وَتَ ْم ٌر َورُ َطبٌ َفقَالَ‪ :‬كُلُوا مِنْ هَ ِذ ِه وَأَخَ َذ الْمُ ْديَ َة َفقَالَ َلهُ رَسُو ُل الّلهِ‬ ‫فَانْطََلقَ فَجَا َءهُمْ ِبعِذْقٍ فِيهِ بُ ْ‬
‫ق وَ َشرِبُوا فَلَمّا أَنْ‬ ‫ك اْلعِذْ ِ‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ِ :‬إيّا َك وَالْحَلُوبَ فَ َذبَحَ َلهُمْ فَأَ َكلُوا مِنَ الشّا ِة َومِنْ ذَِل َ‬
‫شَِبعُوا َو َروُوا قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ " :‬لَبِي بَ ْكرٍ َوعُ َم َر وَالّذِي َنفْسِي بِيَ ِدهِ َلتُسْأَُلنّ َعنْ‬
‫هَذَا الّنعِي ِم َي ْومَ اْلقِيَامَةِ َأ ْخرَجَكُ ْم مِنْ ُبيُوتِكُمُ الْجُوعُ ثُمّ َلمْ َترْ ِجعُوا َحتّى َأصَابَكُ ْم هَذَا الّنعِيمُ)‪.‬‬
‫ش ُوهُ مِنْ‬ ‫وأما فراشه وأثاثه فتقول عنه عائشة‪( :‬كَا َن ِفرَاشُ رسول ال صلى ال عليه وسلم مِنْ َأ َدمٍ وَ َح ْ‬
‫لِيفٍ)‪( .‬رواه البخاري‪.).‬‬
‫ت عََلْيهِ صلى ال عليه وسلم فَِإذَا‬ ‫وصف لنا عمر فراش النب صلى ال عليه وسلم وأثاثه فقال‪( :‬دَخَ ْل ُ‬
‫جنِْب ِه مُتّكِ ٌئ َعلَى وِسَا َدةٍ مِنْ َأ َدمٍ‬ ‫ُهوَ ُمضْطَجِ ٌع عَلَى ِرمَالِ َحصِيٍ َلْيسَ بَْيَنهُ وََبيَْنهُ ِفرَاشٌ قَدْ َأّثرَ ال ّرمَالُ بِ َ‬
‫صرَ غَْيرَ َأ َهبَةٍ ثَلثَةٍ‬ ‫صرِي فِي َبيِْتهِ َفوَ الّل ِه مَا رََأْيتُ فِيهِ شَْيئًا َي ُردّ اْلَب َ‬ ‫سلّ ْمتُ‪ ...‬ثُ ّم رََف ْعتُ َب َ‬ ‫ش ُوهَا لِيفٌ فَ َ‬ ‫حَ ْ‬
‫س وَالرّو َم وُسّ َع عََلْيهِمْ وَُأعْطُوا الدّنْيَا َوهُمْ ل َيعْبُدُونَ الّلهَ‬ ‫َفقُ ْلتُ‪ :‬ادْعُ الّلهَ فَ ْلُيوَسّ ْع عَلَى ُأمِّتكَ فَإِنّ فَا ِر َ‬
‫وَكَا َن مُتّكِئًا َفقَالَ‪َ" :‬أوَفِي َشكّ َأْنتَ يَا ابْنَ الْخَطّابِ أُولَِئكَ َق ْو ٌم عُجَّلتْ َلهُمْ َطيّبَاُتهُمْ فِي الْحَيَا ِة الدّْنيَا‬
‫َفقُ ْلتُ‪ :‬يَا رَسُو َل الّلهِ اسَْت ْغ ِفرْ لِي‪( )..‬رواه البخاري‪.).‬‬

‫‪196‬‬
‫هذا مع كرمه وجوده وسخائه حت كان أجود بالي من الريح الرسلة‪ ،‬ولو كان عنده خزائن‬
‫الرض لاد با ف ليلة يقول أبوذر‪( :‬كُْنتُ َأمْشِي مَعَ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم فِي َح ّرةِ الْمَدِيَنةِ‬
‫ث عِنْدِي مِْنهُ‬ ‫عِشَاءً ا ْسَتقْبََلنَا أُحُ ٌد َفقَالَ‪ ":‬يَا َأبَا َذرّ مَا ُأ ِحبّ أَنّ ُأحُدًا لِي َذ َهبًا يَأْتِي عَلَيّ َليَْلةٌ َأوْ ثَل ٌ‬
‫دِينَارٌ إِل َأ ْرصُ ُدهُ لِدَْينٍ إِل أَنْ أَقُولَ ِبهِ فِي ِعبَادِ الّلهِ هَكَذَا َوهَكَذَا َوهَكَذَا وََأرَانَا بِيَ ِدهِ) (رواه‬
‫البخاري‪.).‬‬
‫الدعوة بعد الستقرار ف الدينة‪:‬‬
‫لقد بدأت مرحلة جديدة ف الدعوة حي استقرّ رسول ال صلى ال عليه وسلم بالدينة وقويت‬
‫شوكة السلم‪ ،‬فواجه قريشا ف معركة بدر وهزمهم فقتل سبعي من علية قريش وسادتم الذين‬
‫كادوا له ووقفوا ضدّ الدعوة وصاحبها‪ ،‬ث كانت معركة أحد فانتصر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫على قريش فيها ف أول العركة ولّا خالف الرّماة أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم ُهزِمُوا‬
‫وانتصرت قريش‪ ،‬ث كانت معركة الندق فهزم ال الحزاب باللئكة والريح‪ ،‬ث تتابعت الغزوات‬
‫والسرايا فكانت الديبية ث خيب إل أن جاء فتح مكة فدخلها رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫متواضعا لربه قد طأطأ رأسه وشنق لناقته الزمام مع أنه كان معه عشرة آلف مقاتل‪ ،‬واستسلمت‬
‫قريش وعفا عنهم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ووجد حول الكعبة ثلث مئة وستي صنما فكسرها رسول ال صلى ال عليه وسلم جيعا ول يبق‬
‫واحدا منها لتأليف قريش إذ ل تأليف بالشرك‪ ،‬مع أنه ترك الكعبة على بنائهم البتدع على غي قواعد‬
‫إبراهيم عليه السلم تأليفا لم‪ ،‬وأعلن شعار التوحيد على باب الكعبة ومن هنا قطعت شجرة الشرك‬
‫وأبيدت الصنام ودخل الناس ف دين ال أفواجا‪.‬‬
‫توجيهه وتربيته وتعليمه لصحابه‪:‬‬
‫وعلى الرغم من انشغال رسول ال صلى ال عليه وسلم بالهاد ومالدة الشرك وأهله‪ ،‬إل أنه كان‬
‫دائما مع أصحابه مالطا ومعايشا و ُمرَبّيا ومو ّجهًا‪ ،‬ومعلّما لم على اختلف أحوالم وأعمارهم‪ ،‬ول‬
‫يترك موطنا من مواطن الزلل أو جانبا من جوانب الطأ إل وأصلحه وبينه‪ ،‬ول موطنا من مواطن‬
‫الي إل حثّهم عليه ورغبهم فيه‪.‬‬
‫فكان يؤاكل أصحابه فربا حضر الطعام معه العراب حديث عهد بالسلم‪ ،‬أو الغلم والارية من ل‬
‫يعرف آداب الطعام والشراب فيأخذ صلى ال عليه وسلم بأيديهم ويعلّمهم ويربّيهم‪.‬‬
‫روى أحد َعنْ حُذَْيفَ َة قَالَ‪( :‬كُنّا مَعَ َرسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فَأُتِ َي بِ َطعَامٍ فَجَاءَ َأ ْعرَابِيّ كََأنّمَا‬
‫يُ ْط َردُ فَ َذ َهبَ َيتَنَاوَلُ فََأخَذَ صلى ال عليه وسلم ِبيَ ِدهِ وَجَاءَتْ جَا ِريَةٌ كَأَّنهَا تُ ْط َردُ فََأ ْه َوتْ فَأَخَذَ النِّبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم بَِي ِدهَا َفقَالَ النِّبيّ صلى ال عليه وسلم‪" :‬إِنّ الشّيْطَا َن لَمّا َأعَْييْتُمُوهُ جَاءَ بِالَْأ ْعرَابِيّ‬
‫ستَحِلّ ال ّطعَامَ ِإذَا لَمْ يُذْ َكرِ اسْمُ الّل ِه عَلَْيهِ‪ ،‬بِسْ ِم الّلهِ ُكلُوا)‪.‬‬
‫وَاْلجَارِيَ ِة يَ ْ‬

‫‪197‬‬
‫ج ِر رَسُولِ الّلهِ صلى ال‬ ‫وروى البخاري ومسلم عن عُ َمرَ بْنَ أَبِي سَلَ َمةَ َيقُولُ‪ُ ( :‬كْنتُ غُلمًا فِي حَ ْ‬
‫حفَ ِة َفقَالَ لِي رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬يَا غُلمُ سَمّ‬ ‫عليه وسلم وَكَاَنتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصّ ْ‬
‫ك وَكُ ْل مِمّا َيلِيكَ‪ ،‬فَمَا زَاَلتْ ِت ْلكَ ِطعْ َمتِي َبعْدُ")‪.‬‬ ‫الّلهَ وَ ُكلْ بِيَمِيِن َ‬
‫وكان يبز للناس كلّهم ويبايع الوفود بنفسه ول ينيب عنه أحدا من أصحابه‪ ،‬ول يكتفي برئيس‬
‫الوفد بل يبايعهم واحدا واحدا‪ ،‬وأحيانا ييء الرهط من الناس ليبايعوه على السلم فيى ف‬
‫أحدهم مظهرا من مظاهر الشرك من بقايا الاهلية فيأب أن يبايعه حت يزيله‪.‬‬
‫جهَنِيّ‪( :‬أَنّ رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َأقْبَلَ إَِلْيهِ َر ْهطٌ‬ ‫روى المام أحد َعنْ ُعقَْبةَ بْ ِن عَا ِمرٍ الْ ُ‬
‫ت هَذَا قَالَ‪" :‬إِ ّن عََلْيهِ تَمِي َمةً‬ ‫سعَ ًة وََترَ ْك َ‬
‫سكَ َعنْ وَاحِ ٍد َفقَالُوا‪ :‬يَا رَسُو َل الّلهِ بَاَي ْعتَ ِت ْ‬ ‫سعَ ًة وََأمْ َ‬
‫َفبَايَ َع تِ ْ‬
‫فََأدْخَ َل يَ َدهُ َفقَ َط َعهَا فَبَاَيعَ ُه وَقَالَ‪ :‬مَ ْن عَلّ َق تَمِي َمةً َفقَدْ أَ ْشرَكَ")‪.‬‬
‫وقد أخذ بذا النهج صحابته الكرام رضي ال عنهم‪ .‬فقد روى أحد عَ ْن زَيَْنبَ ا ْمرََأةِ َعبْدِ الّلهِ قَاَلتْ‪:‬‬
‫(كَانَ َعبْدُ الّلهِ ِإذَا جَا َء مِنْ حَا َجةٍ فَانَْتهَى إِلَى اْلبَابِ تََنحْنَ َح وََبزَقَ َكرَاهِيَةَ أَ ْن َيهْجُ َم مِنّا عَلَى شَ ْيءٍ‬
‫حتَ‬ ‫حنَ َح قَاَلتْ‪َ :‬وعِنْدِي عَجُوزٌ َترْقِينِي مِنَ الْحُ ْم َرةِ فََأدْخَ ْلُتهَا تَ ْ‬ ‫يَ ْك َر ُههُ قَاَلتْ‪ :‬وَِإّنهُ جَاءَ ذَاتَ َي ْومٍ َفتَنَ ْ‬
‫خْيطُ قَاَلتْ‪ :‬قُ ْلتُ َخْيطٌ ُأرْقِ َي لِي‬ ‫جَلسَ إِلَى جَْنبِي َفرَأَى فِي عُُنقِي َخيْطًا قَالَ‪ :‬مَا هَذَا الْ َ‬ ‫سرِيرِ فَدَ َخلَ فَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫شرْكِ سَ ِم ْعتُ َرسُولَ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫فِيهِ قَاَلتْ‪ :‬فََأخَ َذهُ َفقَ َط َعهُ ثُ ّم قَالَ‪ :‬إِ ّن آلَ َعبْدِ الّلهِ َل ْغنِيَا ُء عَنِ ال ّ‬
‫ت عَيْنِي َتقْذِفُ‬ ‫وسلم َيقُولُ‪" :‬إِنّ الرّقَى وَالتّمَائِ َم وَالّتوََلةَ ِشرْكٌ قَاَلتْ‪َ :‬فقُ ْلتُ َلهُ‪ :‬لِمَ َتقُو ُل هَذَا وَقَدْ كَاَن ْ‬
‫ك عَمَلُ الشّْيطَانِ كَانَ‬ ‫فَ ُكْنتُ َأخَْتلِفُ إِلَى فُل ٍن الَْيهُو ِديّ َيرْقِيهَا وَكَانَ ِإذَا َرقَاهَا سَ َكَنتْ قَالَ‪ :‬إِنّمَا ذَِل َ‬
‫ف َعْنهَا إِنّمَا كَا َن يَ ْكفِيكِ أَنْ َتقُولِي كَمَا قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫سهَا ِبيَ ِدهِ فَِإذَا َرقَيِْتهَا كَ ّ‬‫َينْخُ ُ‬
‫ت الشّافِي ل ِشفَاءَ إِل ِشفَاؤُكَ ِشفَاءً ل ُيغَا ِدرُ َسقَمًا"‪.‬‬ ‫س َربّ النّاسِ اشْفِ أَْن َ‬ ‫وسلم‪َ" :‬أ ْذهِبِ الْبَ ْأ َ‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يداعب أصحابه ويلعب أطفالم‬
‫روى مسلم عن َأَنسُ بْ ُن مَاِلكٍ قَالَ‪( :‬كَانَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َأحْسَنَ النّاسِ ُخُلقًا وَكَانَ‬
‫خ ُيقَالُ َلهُ َأبُو عُمَْيرٍ قَالَ‪ :‬أَ ْحسُِبهُ قَالَ‪ :‬كَانَ َفطِيمًا قَالَ‪ :‬فَكَانَ ِإذَا جَاءَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫لِي أَ ٌ‬
‫وسلم َفرَآهُ قَالَ‪" :‬أَبَا عُ َمْيرٍ مَا َفعَ َل الّنغَْيرُ؟" قَالَ‪ :‬فَكَا َن يَ ْل َعبُ ِبهِ)‪.‬‬
‫أما خدمه ومواليه فلم يكن يكلّفهم من العمل ما ل يطيقون‪ ،‬ول يبكتهم يوما ما أو ينهرهم فضلً‬
‫من أن يضربم‪ ،‬بل إنم ل يسمعوا منه مرّد التأفّف عليهم‪.‬‬
‫ففي صحيح مسلم قَالَ أََنسٌ‪ (( :‬كَا َن َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم مِنْ أَ ْحسَنِ النّاسِ ُخُلقًا‬
‫فََأرْ َسلَنِي َي ْومًا لِحَا َجةٍ َفقُ ْلتُ‪ :‬وَالّلهِ ل َأ ْذ َهبُ َوفِي َنفْسِي أَنْ َأ ْذ َهبَ لِمَا َأ َمرَنِي ِبهِ َنبِيّ الّلهِ صلى ال‬
‫ق فَِإذَا رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫خرَ ْجتُ َحتّى َأ ُمرّ َعلَى صِبْيَا ٍن َوهُ ْم يَ ْلعَبُونَ فِي السّو ِ‬ ‫عليه وسلم فَ َ‬
‫حكُ َفقَالَ‪" :‬يَا أَُنْيسُ َأ َذهَْبتَ َحْيثُ‬ ‫وسلم قَدْ َقبَضَ ِب َقفَايَ مِ ْن َورَائِي قَالَ‪َ :‬فنَ َظ ْرتُ ِإلَْي ِه َو ُهوَ َيضْ َ‬

‫‪198‬‬
‫ي مَا عَلِ ْمُتهُ قَالَ‬‫َأ َمرُْتكَ قَالَ‪ :‬قُ ْلتُ َنعَمْ َأنَا َأ ْذ َهبُ يَا َرسُولَ الّلهِ قَالَ أََنسٌ‪ :‬وَالّلهِ َلقَدْ خَ َدمُْتهُ ِتسْعَ سِِن َ‬
‫ش ْيءٍ َترَكُْتهُ هَل َفعَ ْلتَ َكذَا وَكَذَا)‪.‬‬ ‫لِشَ ْي ٍء صََنعُْتهُ لِمَ َفعَ ْلتَ كَذَا وَكَذَا َأوْ لِ َ‬
‫وربا قام صلى ال عليه وسلم بالتعليم وهو على حار مردفا لحد أصحابه وذلك بتكرار النداء وف‬
‫هذا إثارة انتباه السامع‪.‬‬
‫يقول معاذ بن جبل‪( :‬كُْنتُ ِردْفَ النِّبيّ صلى ال عليه وسلم َعلَى حِمَارٍ ُيقَالُ َلهُ ُعفَْيرٌ َفقَالَ‪ :‬يَا ُمعَاذُ‬
‫قلت‪ :‬لبيك يا رسول ال وسعديك‪ .‬ث سار ساعةً‪ ،‬فقال‪ :‬يا معاذ‪ ،‬قلت‪ :‬لبيك رسول ال وسعديك‪.‬‬
‫ث سار ساعةً فقال‪ :‬يا معاذ بن جبل‪ ،‬قلت‪ :‬لبيك رسول ال وسعديك‪ .‬قال‪َ :‬هلْ تَ ْدرِي حَقّ الّلهِ َعلَى‬
‫عِبَا ِد ِه َومَا حَقّ اْلعِبَادِ َعلَى الّلهِ؟ قُ ْلتُ‪ :‬الّلهُ َورَسُوُلهُ َأعْلَ ُم قَالَ‪ :‬فَإِنّ حَ ّق الّلهِ َعلَى اْلعِبَادِ أَ ْن َيعْبُدُوهُ وَل‬
‫شرِكُ ِبهِ َشيْئًا َفقُ ْلتُ‪ :‬يَا َرسُولَ الّلهِ َأفَل‬ ‫ب مَنْ ل يُ ْ‬ ‫شرِكُوا ِبهِ شَْيئًا وَحَقّ اْلعِبَا ِد عَلَى الّلهِ أَنْ ل ُيعَ ّذ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ش ْرهُمْ فََيتّكِلُوا"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫س قَالَ‪ :‬ل تَُب ّ‬ ‫شرُ ِبهِ النّا َ‬ ‫أَُب ّ‬
‫وقد اختار صلى ال عليه وسلم معاذا لينوب عنه ف دعوة أهل اليمن ورسم له منهج الدعوة وباذا‬
‫شهَدُوا أَنْ ل إَِلهَ إِل‬ ‫يبدأ به الناس فقال له‪ " :‬إِّنكَ َستَأْتِي َق ْومًا َأهْلَ ِكتَابٍ فَِإذَا جِئَْتهُ ْم فَا ْد ُعهُمْ ِإلَى أَنْ يَ ْ‬
‫ض عَلَْيهِ ْم خَ ْمسَ‬‫الّلهُ وَأَ ّن مُحَمّدًا رَسُولُ الّلهِ فَإِ ْن هُمْ أَطَاعُوا َلكَ بِذَِلكَ فَأَ ْخِب ْرهُمْ أَنّ الّلهَ قَدْ َف َر َ‬
‫ض عَلَْيهِ ْم صَدََقةً ُتؤْ َخذُ‬ ‫صََلوَاتٍ فِي ُكلّ َي ْومٍ وََليَْلةٍ فَإِ ْن هُمْ أَطَاعُوا َلكَ بِذَِلكَ فَأَ ْخِب ْرهُمْ أَنّ الّلهَ قَدْ َف َر َ‬
‫مِنْ َأغْنِيَاِئهِمْ َفُت َردّ عَلَى ُف َقرَاِئهِمْ َفإِ ْن هُمْ أَطَاعُوا َلكَ بِذَِلكَ َفإِيّا َك وَ َكرَائِمَ َأ ْموَاِلهِ ْم وَاتّ ِق َد ْع َوةَ الْمَ ْظلُومِ‬
‫فَِإّنهُ َلْيسَ بَْيَنهُ وََبيْنَ الّلهِ حِجَابٌ"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وكان صحابته يرجعون إليه ف كل شيء حت ف مالفات الطفال‪ ،‬فيتعامل معها صلى ال عليه‬
‫وسلم بأسلوب تربوي عظيم با يتناسب مع سنّ الصغي ومرحلة الطفولة‪.‬‬
‫ت غُلمًا َأ ْرمِي َنخْلَ الَْأْنصَارِ فَأُتِ َي بِي النِّبيّ‬ ‫روى أبو داود عن أَبِي رَافِ ِع بْ ِن عَ ْمرٍو اْل ِغفَارِيّ قَالَ‪( :‬كُْن ُ‬
‫سقُطُ‬ ‫صلى ال عليه وسلم َفقَالَ‪ :‬يَا غُلمُ لِمَ َت ْرمِي النّخْ َل قَالَ‪ :‬آكُلُ قَالَ‪ :‬فَل َت ْرمِ النّخْ َل وَكُ ْل مِمّا َي ْ‬
‫فِي َأ ْسفَِلهَا ثُ ّم مَسَ َح رَْأ َسهُ َفقَالَ‪ :‬الّلهُمّ َأشْبِعْ َبطَْنهُ"‪ .‬وف رواية للترمذي قال‪" :‬أشبعك ال وأرواك"‪.‬‬
‫يصف الصحابة رضوان ال عليهم مشاركة النب صلى ال عليه وسلم لم ف جيع حياتم حضرها‬
‫وسفرها‪ ،‬وتفقده لحوالم الاصّة والعامّة‪ ،‬فيقول أمي الؤمني عثمان بن عفان رضي ال عنه‪ :‬إِنّا‬
‫ضرِ وَكَا َن َيعُو ُد َمرْضَانَا وَيَْتبَعُ جَنَاِئزَنَا‬ ‫حَ‬ ‫س َفرِ وَالْ َ‬‫وَالّلهِ قَ ْد صَحِبْنَا رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِي ال ّ‬
‫وََي ْغزُو َمعَنَا وَُيوَاسِينَا بِاْلقَلِي ِل وَالْكَِثيِ)‪ .‬رواه أحد‪.‬‬
‫وقد اختار صلى ال عليه وسلم من أساليب التعليم أحسنها وأفضلها‪ ،‬وأوقعها ف نفس الخاطب‬
‫وأقربا إل فهمه وعقله‪ ،‬وأش ّد تثبيتًا ف نفسه‪ ،‬وأكثرها إيضاحا‪ :‬فتارةً يؤكّد لم التعليم بالقسم‪،‬‬
‫وتارةً بالتكرار‪ ،‬وأخرى بالنداء‪ ،‬وأحيانا بإبام الشيء لمل السامع على استكشافه والسؤال عنه كما‬
‫ف حديث أب هريرة عن النّبِيّ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪( :‬ا ْجتَِنبُوا السّبْ َع الْمُوِبقَاتِ قَالُوا‪ :‬يَا رَسُولَ‬

‫‪199‬‬
‫حرُ َوقَتْ ُل الّن ْفسِ الّتِي َح ّرمَ الّلهُ إِل بِالْحَ ّق وَأَ ْكلُ الرّبَا وَأَ ْك ُل مَالِ‬ ‫شرْكُ بِالّل ِه وَالسّ ْ‬ ‫الّلهِ َومَا هُنّ قَالَ‪" :‬ال ّ‬
‫حصَنَاتِ الْ ُم ْؤمِنَاتِ اْلغَافِلتِ"‪.‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫اْليَتِي ِم وَالّتوَلّي َي ْومَ الزّحْفِ َوقَذْفُ الْ ُم ْ‬
‫وأحيانا يعلّمهم بأسلوب الشرح والبيان والتوضيح‪ ،‬وترتيب النتائج على مقدماتا كما ف حديث أَبِي‬
‫حرَ‬‫ح َر َومَنْ سَ َ‬ ‫ُهرَْي َرةَ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ " :‬مَ ْن َعقَدَ ُعقْ َدةً ثُمّ َن َفثَ فِيهَا َفقَدْ سَ َ‬
‫َفقَدْ أَ ْشرَ َك َومَنْ َتعَلّ َق شَيْئًا وُكِلَ إِلَْيهِ"‪ .‬رواه النسائي‪.‬‬
‫وأحيانا يأت تعليمه بالناسبات العارضة كما ف قصّة الرجل الذي حلف بغي ال‪ ،‬كما روى َسعْدِ بْنِ‬
‫ف ِبغَْيرِ الّلهِ َفإِنّي َس ِمعْتُ‬‫عُبَْي َدةَ (أَنّ ابْ َن عُ َمرَ سَمِ َع رَ ُجلًا َيقُولُ‪:‬لَ وَالْ َكعَْبةِ َفقَالَ ابْ ُن عُ َمرَ‪َ :‬ل يُحْلَ ُ‬
‫ف ِبغَْيرِ الّلهِ َفقَدْ َك َفرَ َأوْ َأ ْشرَكَ"‪ .‬قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا‬ ‫رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َيقُولُ‪":‬مَنْ حَلَ َ‬
‫حَدِيثٌ َحسَنٌ‪.‬‬
‫حلِفْ ِبغَْيرِ‬ ‫وروى المام أحد عَ ْن َسعْدِ بْ ِن عَُبيْ َدةَ‪( :‬سَمِعَ ابْ ُن عُ َم َر رَجُلً َيقُولُ‪ :‬وَالْ َكعَْبةِ َفقَالَ‪ :‬لَ تَ ْ‬
‫الّلهِ فَإِنّي سَ ِم ْعتُ رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم َيقُولُ‪ " :‬مَنْ َحلَفَ ِبغَْيرِ الّلهِ َفقَدْ َكفَ َر وَأَ ْشرَكَ"‪.‬‬
‫وأحيانا يأتيه العراب الاف فيغلظ للرسول ال صلى ال عليه وسلم القول‪ ،‬وربا يستطيل بيده على‬
‫طبيعة العراب من العنف والفاء‪ ،‬فيبتسم له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وييبه إل طلبه بسن‬
‫خلق وسوّ معاملة‪.‬‬
‫روى البخاري عَنْ أََنسِ بْ ِن مَاِلكٍ قَالَ‪( :‬كُْنتُ َأمْشِي مَعَ َرسُولِ صلى ال عليه وسلم َو َعلَْيهِ ُب ْردٌ‬
‫حةِ عَاتِقِ‬ ‫صفْ َ‬ ‫جرَانِ ّي َغلِيظُ الْحَاشَِيةِ فََأ ْدرَ َكهُ َأ ْعرَابِيّ َفجَبَ َذ ِب ِردَاِئهِ جَبْ َذةً شَدِي َدةً قَالَ َأَنسٌ‪َ :‬فنَ َظ ْرتُ إِلَى َ‬
‫نَ ْ‬
‫النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم َوقَدْ أَّث َرتْ ِبهَا حَاشِيَ ُة ال ّردَا ِء مِنْ شِ ّدةِ جَبْ َذِتهِ ثُمّ قَالَ‪ :‬يَا مُحَمّ ُد ُمرْ لِي مِنْ‬
‫حكَ ثُمّ َأ َمرَ َلهُ ِبعَطَاءٍ)‪.‬‬‫مَالِ الّلهِ الّذِي عِنْدَ َك فَالَْت َفتَ إِلَْيهِ َفضَ ِ‬
‫حرِ الَْأ ْعرَابِيّ)‪َ .‬وفِي‬ ‫وف رواية لسلم‪( :‬ثُمّ َجبَ َذهُ ِإلَْيهِ جَبْ َذ ًة رَجَ َع نَبِ ّي الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِي نَ ْ‬
‫حَدِيثِ هَمّامٍ‪َ( :‬فجَاذََبهُ حَتّى اْنشَقّ اْلُب ْردُ وَ َحتّى َبقَِيتْ حَاشَِيُتهُ فِي عُنُ ِق رَسُو ِل الّلهِ صلى ال عليه‬
‫وسلم)‪.‬‬
‫ولكنّه‪ ،‬لا رأى رجلً لبس سوارا من ناس يقي به مرضا يأخذ ف العضد‪ ،‬غضب عليه وزجره‬
‫ونره‪.‬‬
‫صرَ َعلَى َعضُدِ َرجُلٍ َح ْلقَةً‪ُ ،‬أرَاهُ قَا َل مِنْ‬ ‫فعن عِ ْمرَانُ ْبنُ ُحصَيْنٍ‪( :‬أَنّ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم أَْب َ‬
‫ك مَا هَ ِذهِ؟ قَالَ‪ :‬مِنَ اْلوَاهَِنةِ قَالَ‪َ :‬أمَا إِّنهَا ل َتزِيدُكَ إِل َوهْنًا اْنبِ ْذهَا عَْنكَ فَِإّنكَ َلوْ‬ ‫ح َ‬ ‫صفْرٍ َفقَالَ‪ :‬وَيْ َ‬
‫ُ‬
‫حتَ أَبَدًا"‪ .‬رواه أحد وابن ماجة‪..‬‬ ‫ِمتّ َوهِ َي عََلْيكَ مَا أَ ْفلَ ْ‬
‫فهناك ل يغضب رسول ال صلى ال عليه وسلم لنفسه‪ ،‬أمّا هنا ولّا رأى مظهرا من مظاهر الشرك‬
‫غضب ل عز وجل‪ ،‬حيث أنه صلى ال عليه وسلم بعث بتكميل أديان اللق بنبذ الوثنيّات والتعلّق‬

‫‪200‬‬
‫بالخلوقي‪ ،‬وعلى تكميل عقولم بنبذ الرافات والزعبلت‪ ،‬وال ّد ف المور النافعة الرقّية للعقول‪،‬‬
‫الزكّية للنفوس‪ ،‬ا ُلصْلِحَة للحوال كلها دينها ودنياها‪( .‬القول السديد ص ‪.)37‬‬
‫وربا لقه الطفال فأركبهم معه على بغلته‪.‬‬
‫شهْبَاءَ‬ ‫حسَ ِن وَاْلحُسَْينِ َبغَْلَتهُ ال ّ‬ ‫فعن إِيَاسٌ عَنْ َأبِيهِ قَالَ‪َ(:‬لقَدْ قُ ْدتُ بَِنبِيّ الّلهِ صلى ال عليه وسلم وَالْ َ‬
‫ج َرةَ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم هَذَا قُدّا َم ُه َوهَذَا َخ ْلفَهُ رواه مسلم‪.‬‬ ‫حَتّى َأدْخَ ْلُتهُمْ حُ ْ‬
‫بل ربا نزل وترك الطبة من النب وحل الطفال ث أ ّت خطبته‬
‫عَبْ ُد الّلهِ بْ ُن ُبرَيْ َدةَ قَال‪( :‬سَ ِم ْعتُ َأبِي ُبرَيْ َدةَ َيقُولُ‪ :‬كَا َن رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم يَخْ ُطبُنَا ِإذْ‬
‫سيْ ُن عََلْيهِمَا قَمِيصَانِ َأحْ َمرَانِ يَ ْمشِيَا ِن وََي ْعُثرَانِ َفَنزَلَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫جَاءَ اْلحَسَ ُن وَالْحُ َ‬
‫وسلم مِ َن الْمِْنَبرِ فَحَ َمَلهُمَا َو َوضَ َعهُمَا َبيْنَ يَ َدْيهِ ُثمّ قَالَ‪ :‬صَدَقَ الّلهُ {إِنّمَا َأ ْموَالُكُ ْم وََأوْلدُكُمْ فِْتنَةٌ}‬
‫صِبرْ حَتّى َق َطعْتُ حَدِيثِي َورََفعُْتهُمَا)رواه الترمذي‬ ‫شيَا ِن وََيعُْثرَانِ فَلَمْ َأ ْ‬
‫َفنَ َظ ْرتُ إِلَى هَ َذيْنِ الصّبِيّيْنِ يَمْ ِ‬
‫وحسنه‪.‬‬
‫ل من صاحبته؛ ليقوم بإزالته‪ ،‬فقد روى‬ ‫وإذا سع رسول ال صلى ال عليه وسلم بنكر انتدب له رج ً‬
‫لنا علي بن أب طالب رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم بعثه بهمّة وهي تسوية القبور‬
‫بالرض وعدم رفعها‪ ،‬وطمس التماثيل والصور‪.‬‬
‫روى مسلم ف صحيحه عَنْ أَبِي اْلهَيّاجِ الَْأسَ ِديّ قَالَ‪( :‬قَالَ لِي عَلِ ّي بْنُ أَبِي طَاِلبٍ‪ :‬أَل َأْبعَُثكَ َعلَى مَا‬
‫شرِفًا إِل َسوّْيَتهُ)‪ ،‬وف‬ ‫سَتهُ وَل قَْبرًا مُ ْ‬ ‫َبعََثنِي عََلْيهِ رَسُولُ صلى ال عليه وسلم أَنْ ل َتدَعَ تِمْثَالًا إِل طَمَ ْ‬
‫رواية َقَالَ‪( :‬وَل صُو َرةً إِل َطمَسَْتهَا)‪.‬‬
‫ول يكن رسول ال يصّ أحدا من أقاربه بعلم دون الناس‪.‬‬
‫ش ْيءٍ؟‬ ‫ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ال ّط َفيْلِ قَالَ‪( :‬سُئِ َل َعلِيّ أَ َخصّكُ ْم رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم بِ َ‬
‫َفقَالَ‪ :‬مَا َخصّنَا رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم بِشَ ْيءٍ لَ ْم َيعُمّ ِبهِ النّاسَ كَافّةً ِإلّا مَا كَانَ فِي ِقرَابِ‬
‫ج صَحِيفَ ًة مَكْتُوبٌ فِيهَا َلعَنَ الّلهُ مَ ْن ذَبَ َح ِلغَْيرِ الّلهِ وََلعَنَ الّل ُه مَنْ َسرَقَ َمنَارَ‬ ‫سَْيفِي هَذَا قَالَ‪ :‬فََأ ْخرَ َ‬
‫ض وََلعَنَ الّل ُه مَنْ َلعَنَ وَالِ َد ُه وََلعَنَ الّلهُ مَ ْن آوَى مُحْدِثًا)‪.‬‬ ‫الَْأ ْر ِ‬
‫وكان يرسل البنيات الصغيات ِليَ ْلعَْب َن مع عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫عَ ْن عَاِئشَ َة َرضِي الّلهُ َعْنهَا قَاَلتْ‪( :‬كُْنتُ َأْلعَبُ بِالْبَنَاتِ ِعنْدَ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم وَكَانَ لِي‬
‫سرُّبهُنّ إَِليّ فََي ْلعَبْنَ‬ ‫صوَا ِحبُ َي ْلعَبْ َن َمعِي فَكَا َن رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم ِإذَا دَخَلَ َيَتقَ ّمعْنَ مِْنهُ َفيُ َ‬ ‫َ‬
‫َمعِي) رواه البخاري‪.‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم ل ينفكّ عن التعليم والتوجيه ف حال الصحة والرض فقد كان بعض‬
‫نسائه يقصصن عليه بعض القصص وهو ف مرضه‪ ،‬لعلّ ذلك من أجل تسليته‬

‫‪201‬‬
‫ففي البخاري ومسلم عن عَائِشَ َة َرضِي الّل ُه عَْنهَا قَاَلتْ‪( :‬لَمّا اشْتَكَى النّبِيّ صلى ال عليه وسلم‬
‫شةِ ُيقَالُ َلهَا مَارَِي ُة وَكَاَنتْ ُأمّ سَلَ َم َة وَُأمّ حَبِيبَ َة َرضِي‬ ‫حبَ َ‬ ‫س ًة رَأَْيَنهَا بَِأ ْرضِ الْ َ‬
‫ض نِسَاِئهِ َكنِي َ‬
‫ذَ َكرَتْ َبعْ ُ‬
‫شةِ فَذَ َكرَتَا مِ ْن حُسِْنهَا وََتصَاوِي َر فِيهَا َفرََفعَ رَْأ َسهُ َفقَالَ‪" :‬أُولَِئكِ ِإذَا مَاتَ‬ ‫حبَ َ‬‫الّلهُ َعْنهُمَا أََتتَا َأ ْرضَ الْ َ‬
‫خلْ ِق عِنْ َد الّلهِ"‪.‬‬ ‫صوّرُوا فِيهِ تِ ْلكَ الصّو َرةَ أُولَِئكِ ِشرَا ُر الْ َ‬ ‫سجِدًا ثُ ّم َ‬ ‫مِْنهُمُ الرّ ُجلُ الصّاِلحُ بََنوْا عَلَى قَْب ِرهِ مَ ْ‬
‫فعلى الرغم من مرضه صلى ال عليه وسلم استدرك على نسائه وبيّن ضلل أولئك النصارى حيث‬
‫اتذوا الساجد على قبور الصالي وصوّروا صورا فيها‪.‬‬
‫وقد تعامل مع أخطاء العراب الفاة بالكمة والتأن مع اللم والصب عليهم والصفح عنهم‪ ،‬وحسن‬
‫توجيههم وإرشادهم وتربيتهم‪ ،‬مع غاية الرحة والرأفة بم‪ .‬فعن أََنسُ بْ ُن مَاِلكٍ قَالَ‪َ( :‬بيْنَمَا نَحْنُ فِي‬
‫سجِدِ َفقَالَ َأصْحَابُ‬ ‫اْلمَسْجِ ِد مَ َع رَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم ِإذْ جَاءَ َأ ْعرَابِيّ َفقَامَ َيبُولُ فِي الْمَ ْ‬
‫رَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪َ :‬مهْ َمهْ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل ُت ْز ِرمُو ُه (أي‬
‫لتقطعوا عليه بولته) َدعُوهُ فََترَكُوهُ حَتّى بَا َل ثُمّ إِ ّن رَسُولَ صلى ال عليه وسلم َدعَاهُ َفقَا َل َلهُ‪" :‬إِنّ‬
‫ش ْيءٍ مِ ْن هَذَا الَْبوْ ِل وَل اْلقَ َذرِ ِإنّمَا هِيَ لِذِ ْك ِر الّل ِه َعزّ َوجَ ّل وَالصّل ِة وَِقرَا َءةِ‬ ‫صلُحُ لِ َ‬‫هَ ِذهِ الْ َمسَاجِدَ ل َت ْ‬
‫شّنهُ‬ ‫ل مِنَ اْل َق ْومِ فَجَاءَ بِ َدْلوٍ مِ ْن مَاءٍ فَ َ‬ ‫اْل ُقرْآنِ" َأوْ كَمَا قَا َل رَسُولُ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ :‬فََأ َم َر رَجُ ً‬
‫عََلْيهِ)‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وكان لطيفا رحيما رقيقا ف معاملته لصحابه وف تعامله مع أخطائهم‪.‬‬
‫يصف لنا ذلك معاوية بن الكم السلمي فيقول ‪ -‬كما ف صحيح مسلم ‪ -‬عَ ْن ُمعَاوِيَ َة بْنِ اْلحَكَمِ‬
‫السّلَ ِميّ قَالَ‪( :‬بَْينَا أَنَا ُأصَلّي مَعَ رَسُو ِل الّلهِ صلى ال عليه وسلم ِإ ْذ عَ َطسَ رَ ُجلٌ مِ َن اْل َق ْومِ َف ُق ْلتُ‪:‬‬
‫ضرِبُونَ‬ ‫جعَلُوا َي ْ‬ ‫َيرْحَ ُمكَ الّلهُ َف َرمَانِي اْل َق ْومُ بَِأْبصَا ِرهِمْ َفقُ ْلتُ‪ :‬وَا ثُكْلَ ُأمّيَا ْه مَا شَأُْنكُمْ تَْن ُظرُونَ إَِليّ فَ َ‬
‫بَِأيْدِيهِ ْم عَلَى َأفْخَا ِذهِمْ َفلَمّا رَأَْيُتهُمْ ُيصَمّتُوَننِي لَ ِكنّي سَ َكتّ َفلَمّا صَلّى رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه‬
‫ت ُمعَلّمًا َقبَْل ُه وَل َبعْ َدهُ َأحْسَنَ َت ْعلِيمًا مِْنهُ َفوَالّل ِه مَا َك َهرَنِي وَل ضَرََبنِي‬ ‫وسلم فَبَِأبِي ُهوَ وَُأمّي مَا رَأَْي ُ‬
‫سبِيحُ وَالتّكْبِيُ‬ ‫وَل شَتَ َمنِي قَالَ‪" :‬إِ ّن هَ ِذهِ الصّلةَ ل َيصْلُ ُح فِيهَا شَ ْي ٌء مِنْ كَلمِ النّاسِ إِنّمَا ُهوَ التّ ْ‬
‫ث َعهْدٍ‬ ‫وَِقرَا َءةُ اْل ُقرْآنِ" َأوْ كَمَا قَالَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قُ ْلتُ‪ :‬يَا رَسُولَ الّلهِ إِنّي حَدِي ُ‬
‫بِجَاهِلِيّ ٍة وَقَدْ جَاءَ الّلهُ بِالْإِسْل ِم وَإِ ّن مِنّا رِجَا ًل يَأْتُونَ اْل ُكهّانَ قَالَ‪" :‬فَل تَ ْأِتهِمْ قَالَ‪َ :‬ومِنّا رِجَالٌ‬
‫َيتَطَّيرُونَ قَالَ‪ :‬ذَا َك شَ ْيءٌ يَجِدُوَنهُ فِي صُدُو ِرهِمْ فَل َيصُدّّنهُمْ‪ ،‬قَالَ اْبنُ الصّبّاحِ‪ :‬فَل َيصُدّنّكُمْ‪ ،‬قَالَ‪:‬‬
‫خطّ َفمَ ْن وَاَفقَ خَ ّطهُ فَذَاكَ قَالَ‪ :‬وَكَاَنتْ لِي‬ ‫ُق ْلتُ َومِنّا رِجَالٌ يَخُطّو َن قَالَ‪ :‬كَانَ نَِب ّي مِنَ الْأَْنبِيَاءِ َي ُ‬
‫جوّانِيّةِ فَاطَّل ْعتُ ذَاتَ َي ْومٍ فَِإذَا الذّيبُ قَ ْد َذهَبَ ِبشَاةٍ مِ ْن َغنَ ِمهَا وَأَنَا‬ ‫جَارَِيةٌ َت ْرعَى غَنَمًا لِي ِقبَلَ أُحُ ٍد وَالْ َ‬
‫ت رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‬ ‫رَجُ ٌل مِنْ َبنِي آ َدمَ آسَفُ كَمَا يَأْ َسفُونَ لَ ِكنّي صَكَكُْتهَا صَكّ ًة فَأَتَْي ُ‬
‫ك عَلَيّ ُق ْلتُ‪ :‬يَا رَسُولَ الّلهِ أَفَل ُأعِْت ُقهَا قَالَ‪ :‬اْئتِنِي ِبهَا فَأََتيُْتهُ ِبهَا َفقَالَ َلهَا‪ :‬أَْينَ الّلهُ قَاَلتْ‪:‬‬ ‫َفعَظّ َم ذَِل َ‬
‫ت رَسُولُ الّلهِ قَالَ‪َ :‬أعِْت ْقهَا فَِإّنهَا ُمؤْمَِنةٌ"‪.‬‬ ‫فِي السّمَاءِ قَالَ‪ :‬مَنْ َأنَا قَاَلتْ‪ :‬أَْن َ‬

‫‪202‬‬
‫وقد أكّد رسول ال صلى ال عليه وسلم نيه عن إتيان الكهان ف موطن آخر فقالَ‪" :‬مَنْ َأتَى كَاهِنًا‬
‫َأ ْو َعرّافًا َفصَدَّقهُ بِمَا َيقُولُ َفقَدْ َك َفرَ بِمَا أُْنزِ َل َعلَى مُحَمّدٍ صلى ال عليه وسلم"‪ .‬رواه أحد عن أب‬
‫هريرة‪.‬‬
‫ب على ظهره وهو ساجد يصلي بالناس فيطيل السجود‬ ‫وقد بلغ من رأفته ورحته أن يصعد الص ّ‬
‫كراهة أن يعجّل الصبّ‪.‬‬
‫عَ ْن عَبْ ِد الّلهِ بْ ِن شَدّا ٍد عَنْ أَبِيهِ قَالَ‪َ ( :‬خرَجَ َعلَْينَا رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِي إِحْدَى صَلتَيِ‬
‫اْلعِشَاءِ َو ُهوَ حَامِلٌ َحسَنًا َأوْ ُحسَيْنًا فََتقَ ّد َم رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َف َوضَ َعهُ ثُمّ كَّبرَ لِلصّلةِ‬
‫ت رَأْسِي وَِإذَا الصّبِ ّي َعلَى َظ ْهرِ رَسُولِ‬ ‫َفصَلّى فَسَجَ َد بَيْنَ َظ ْهرَانَ ْي صَلِتهِ سَجْ َدةً أَطَاَلهَا قَالَ أَبِي‪َ :‬ف َرَفعْ ُ‬
‫الّلهِ صلى ال عليه وسلم َو ُهوَ سَاجِدٌ َفرَ َج ْعتُ إِلَى سُجُودِي فَلَمّا َقضَى رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه‬
‫وسلم الصّلةَ قَا َل النّاسُ‪ :‬يَا رَسُو َل الّلهِ ِإّنكَ سَجَ ْدتَ بَيْنَ َظ ْهرَانَ ْي صَلِتكَ سَجْ َدةً أَ َطلَْتهَا َحتّى ظََننّا‬
‫حلَنِي َف َك ِرهْتُ أَنْ ُأعَجَّلهُ‬ ‫أَّنهُ قَدْ َح َدثَ َأ ْمرٌ َأوْ َأّنهُ يُوحَى إَِلْيكَ قَالَ‪ :‬كُ ّل ذَِلكَ لَمْ يَكُ ْن وََلكِنّ ابْنِي ا ْرتَ َ‬
‫حَتّى َي ْقضِيَ حَا َجَتهُ"‪ .‬رواه النسائي‪.‬‬
‫صلّي َو ُهوَ حَامِلٌ ُأمَامَ َة فَِإذَا‬ ‫روى النسائي عَنْ أَبِي قَتَا َدةَ‪( :‬أَنّ رَسُو َل الّلهِ صلى ال عليه وسلم كَانَ ُي َ‬
‫ض َعهَا وَِإذَا قَا َم رََف َعهَا)‪.‬‬
‫سَجَ َد َو َ‬
‫بل إن رأفته ورحته بالناس حلته على تفيف الصلة بسبب بكاء صبّ مراعاةً لال أمه‪.‬‬
‫عَنْ أََنسِ ابْ ِن مَاِلكٍ قَالَ‪ :‬قَا َل رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪" :‬إِنّي لدْخُلُ فِي الصّل ِة وَإِنّي ُأرِيدُ‬
‫ج ّوزُ فِي صَلتِي مِمّا َأعْلَمُ ِل َوجْدِ ُأمّهِ ِببُكَاِئهِ"‪ .‬رواه ابن ماجه‪.‬‬ ‫إِطَاَلَتهَا فَأَسْمَ ُع بُكَاءَ الصِّبيّ فَأََت َ‬
‫وف السّنَة الت مات با ابن النب صلى ال عليه وسلم إبراهيم‬
‫س َفتْ ِل َم ْوتِ إِْبرَاهِيمَ‬ ‫س َفتِ الشّ ْمسُ َي ْومَ مَاتَ إِْبرَاهِيمُ َفقَالَ النّاسُ‪ :‬اْنكَ َ‬ ‫يقول اْل ُمغِ َيةُ ابْنُ ُشعَْبةَ‪( :‬انْكَ َ‬
‫سفَانِ لِ َم ْوتِ أَحَدٍ‬ ‫َفقَا َل رَسُولُ صلى ال عليه وسلم‪ :‬إِنّ الشّ ْمسَ وَاْلقَ َمرَ آَيتَا ِن مِنْ آيَاتِ الّلهِ ل َينْكَ ِ‬
‫جلِيَ"‪.‬‬ ‫وَل لِحَيَاِتهِ فَِإذَا رََأيْتُمُوهُمَا فَا ْدعُوا الّلهَ َوصَلّوا حَتّى يَنْ َ‬
‫فبدّد بذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم جيع الوهام والرافات النتشرة ف الاهلية‪.‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم ل يلك عينيه من شدّة الرحة‬
‫ك َرضِي الّلهُ َعْنهُ قَالَ‪( :‬دَ َخلْنَا مَ َع رَسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم َعلَى أَبِي سَيْفٍ‬ ‫فعَنْ أََنسِ بْ ِن مَاِل ٍ‬
‫اْل َقيْ ِن وَكَانَ ظِْئرًا ِلإِْبرَاهِي َم عَلَْيهِ السّلم فَأَ َخذَ َرسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم ِإْبرَاهِي َم َفقَبَّل ُه وَشَ ّمهُ ثُمّ‬
‫ت عَيْنَا َرسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم تَ ْذرِفَانِ‬ ‫جعََل ْ‬ ‫سهِ فَ َ‬
‫ك وَإِْبرَاهِيمُ يَجُودُ ِبَنفْ ِ‬‫دَخَ ْلنَا عََلْيهِ َبعْدَ ذَِل َ‬
‫َفقَالَ َلهُ عبد الرحنِ بْ ُن َعوْفٍ َرضِي الّل ُه عَْنهُ‪ :‬وَأَْنتَ يَا رَسُولَ الّلهِ َفقَالَ‪ :‬يَا ابْ َن َعوْفٍ ِإّنهَا رَحْ َمةٌ ثُمّ‬
‫حزَنُ وَل َنقُولُ إِل مَا َي ْرضَى رَبّنَا‬ ‫أَْتَب َعهَا بِأُ ْخرَى َفقَالَ صلى ال عليه وسلم‪" :‬إِنّ اْلعَْينَ تَ ْدمَ ُع وَاْلقَ ْلبَ َي ْ‬
‫حزُونُونَ" رواه البخاري‪.‬‬ ‫وَإِنّا ِبفِرَاِقكَ يَا إِْبرَاهِيمُ لَ َم ْ‬

‫‪203‬‬
‫وفاة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫وف السنة العاشرة حجّ صلى ال عليه وسلم بالناس وبعد رجوعه من الجّ وف شهر ربيع الوّل بدأ‬
‫به الرض بأب هو وأمي صلى ال عليه وسلم ّث اشت ّد وجعه حت انتقل إل جوار ربه جل وعل ف‬
‫الثان عشر من شهر ربيع الول من السنة الادية عشرة للهجرة‪.‬‬
‫ش َة َرضِي الّلهُ َعْنهَا كَاَنتْ َتقُولُ‪( :‬إِ ّن رَسُولَ الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ كَانَ َبيْنَ‬ ‫روى البخاري أَ ّن عَائِ َ‬
‫جعَ َل يُدْخِلُ َيدَْيهِ فِي الْمَاءِ فَيَ ْمسَحُ ِبهِمَا َو ْجهَ ُه وََيقُولُ‪:‬‬ ‫ك عُ َمرُ ‪ -‬فَ َ‬
‫ش ّ‬ ‫يَ َدْيهِ رَ ْك َوةٌ َأوْ ُعلَْبةٌ فِيهَا مَاءٌ ‪ -‬يَ ُ‬
‫ض َومَاَلتْ‬ ‫جعَلَ َيقُولُ‪ :‬فِي الرّفِي ِق الَْأعْلَى حَتّى قُبِ َ‬ ‫صبَ يَ َد ُه فَ َ‬‫ل إَِلهَ إِل الّلهُ إِ ّن لِلْ َم ْوتِ سَ َكرَاتٍ ثُ ّم َن َ‬
‫ب وَالرّ ْك َوةُ مِنَ ا َل َدمِ‪.‬‬
‫ش ِ‬‫يَ ُدهُ)‪ .‬قَالَ أَبُو عَبْد الّلهِ‪ :‬اْل ُعلْبَ ُة مِ َن الْخَ َ‬
‫حينما يسّ النسان بقرب أجله يهتمّ بالوصية ف أكثر الشياء أهيّةً عنده والت يتوقع أو ياف إهالا‬
‫من بعده‪ ،‬وكذلك نب الرحة صلى ال عليه وسلم الذي يش ّق عليه ما يشقّ على أمّته‪ ،‬والريص على‬
‫هدايتهم الرحيم الرءوف بم كما وصفه ربه‪ ،‬اهتمّ ف أيّامه الخية من حياته بتكرار الوصيّة بأمور‬
‫عظيمة‪.‬‬
‫وقد أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم بالوصيّة فعمل أصحابه با فكان كل واحد منهم ل يبيت إل‬
‫ووصيته عند رأسه‪ ،‬وقد أوصى صلى ال عليه وسلم عند موته بوصايا عظيمة وأشياء مهمّة كان‬
‫يشاها صلى ال عليه وسلم على أمّته‪ ،‬وقد وقع ما كان يشاه صلى ال عليه وسلم فقد تاون الناس‬
‫بوصيّته‪ ،‬وبا كان نى عنه حت انتشر ذلك بي الناس وأصبح بعض طلبة العلم ل ينكرونا بسبب‬
‫كثرتا وفشوّها‪ ،‬فإليك أخي الكري طائفة من وصاياه صلى ال عليه وسلم فَأرْعِ لا سعك رعاك‬
‫وال وحفظك وافتح لا قلبك فتح ال عليك أبواب الي‪.‬‬
‫أولً‪ :‬نى عن اتاذ القبور مساجد وبناء الساجد على القبور‪ ،‬ونظرا لطر هذا المر نبّه عليه صلى‬
‫ال عليه وسلم وهو ف حالة الوت‪ ،‬ول يتمسّك شخص بأن قبه وقب صاحبيه ف السجد فإن هذا‬
‫ما فعله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول خلفاؤه الراشدون الذين قال صلى ال عليه وسلم عنهم‪" :‬عليكم‬
‫بسنت وسنة اللفاء الراشدين" ول يلتفت إل عمل الناس مع نيه صلى ال عليه وسلم فهو الواجب‬
‫طاعته واتباعه‪.‬‬
‫استمع أخي الكري إل أمّنا عائشة وهي تدّثك عن نبيّك ف حال وفاته فتقول‪ :‬كما روى البخاري‬
‫ضهِ الّذِي مَاتَ فِيهِ‪َ " :‬لعَ َن الّلهُ‬ ‫عَ ْن عَاِئشَ َة َرضِي الّلهُ َعْنهَا عَنِ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم قَالَ فِي َم َر ِ‬
‫اْلَيهُودَ وَالّنصَارَى اتّخَذُوا ُقبُورَ َأنْبِيَاِئهِ ْم مَسْجِدًا" قَاَلتْ‪ :‬وََلوْ َل ذَِلكَ لَأَْب َرزُوا قَْب َرهُ َغْيرَ أَنّي أَ ْخشَى أَنْ‬
‫ُيتّخَ َذ مَسْجِدًا‪.‬‬
‫ولحظ أخي الفاضل أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال هذا المر ف حال مرضه وأمام جع‬
‫الناس فيوي لنا المام مسلم عن جندب قَالَ‪ ( :‬سَ ِم ْعتُ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم قَبْلَ أَ ْن يَمُوتَ‬

‫‪204‬‬
‫س َو ُهوَ َيقُولُ‪ " :‬إِنّي َأْبرَأُ ِإلَى الّلهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُ ْم خَلِيلٌ فَإِ ّن الّلهَ َتعَالَى قَدِ اتّخَ َذنِي َخلِيلًا كَمَا‬ ‫بِخَ ْم ٍ‬
‫خ ْذتُ َأبَا بَ ْكرٍ َخلِيلًا أَلَا وَإِ ّن مَنْ كَانَ َقبْلَ ُكمْ‬ ‫ت مُتّخِذًا مِنْ ُأمّتِي خَلِيلًا لَاتّ َ‬ ‫اتّخَذَ إِْبرَاهِيمَ َخلِيلًا وََلوْ كُْن ُ‬
‫كَانُوا يَتّخِذُونَ قُبُورَ أَْنبِيَاِئهِ ْم َوصَالِحِيهِ ْم مَسَاجِدَ أَلَا َفلَا َتتّخِذُوا اْلقُبُو َر مَسَاجِدَ ِإنّي أَْنهَاكُ ْم عَ ْن ذَِلكَ"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بيّن للناس منلة أب بكر الصديق رضي ال عنه وأنه ل يوازيه أحد من صحابته ف منلته كائنا‬
‫ضهِ الّذِي مَاتَ فِيهِ‬ ‫ج رَسُو ُل الّلهِ صلى ال عليه وسلم فِي َم َر ِ‬ ‫من كان‪ ،‬فعن ابْ ِن َعبّاسٍ قَالَ‪َ (( :‬خرَ َ‬
‫س مِنَ النّاسِ أَحَدٌ َأمَنّ‬ ‫خ ْرقَةٍ َف َقعَ َد عَلَى الْ ِمنَْبرِ فَحَمِ َد الّلهَ وَأَْثنَى عََلْيهِ ثُمّ قَالَ‪" :‬إِّنهُ لَْي َ‬
‫صبٌ رَأْ َسهُ بِ ِ‬ ‫عَا ِ‬
‫س ِه َومَاِلهِ مِنْ أَبِي ب ْكرِ بْنِ َأبِي قُحَافَ َة وََلوْ ُكْنتُ مُتّخِذًا مِنَ النّاسِ َخلِيلًا لَاتّخَ ْذتُ أَبَا بَ ْكرٍ‬ ‫عَلَ ّي فِي َنفْ ِ‬
‫َخلِيلًا وَلَكِنْ ُخلّ ُة الْإِ ْسلَامِ أَ ْفضَلُ سُدّوا َعنّي كُلّ َخ ْوخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِ ِد َغْيرَ َخوْخَةِ َأبِي بَ ْكرٍ"‪ .‬رواه‬
‫البخاري‪..‬‬
‫ضهُ َفقَالَ‪ُ :‬مرُوا َأبَا‬ ‫وروى البخاري َعنْ أَبِي مُوسَى قَالَ‪َ ( :‬م ِرضَ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم فَا ْشتَ ّد َمرَ ُ‬
‫شةُ‪ِ :‬إّنهُ َرجُ ٌل رَقِيقٌ ِإذَا قَا َم َمقَا َمكَ لَمْ َيسْتَطِعْ أَ ْن ُيصَلّيَ بِالنّاسِ قَالَ‪ُ :‬مرُوا‬ ‫ت عَائِ َ‬‫س قَاَل ْ‬ ‫بَ ْكرٍ َفلُْيصَلّ بِالنّا ِ‬
‫صوَا ِحبُ يُوسُفَ" فََأتَاهُ‬ ‫أَبَا بَ ْكرٍ فَ ْلُيصَلّ بِالنّاسِ َفعَا َدتْ َفقَالَ‪ُ " :‬مرِي أَبَا بَ ْكرٍ فَ ْلُيصَلّ بِالنّاسِ فَِإنّكُ ّن َ‬
‫س فِي حَيَاةِ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬ ‫الرّسُولُ َفصَلّى بِالنّا ِ‬
‫ي وَكَانَ َتبِعَ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم وَخَ َد َم ُه َوصَحَِبهُ‪:‬‬ ‫وروى البخاري عن أََنسُ بْ ُن مَاِلكٍ الَْأْنصَارِ ّ‬
‫(أَنّ َأبَا بَ ْكرٍ كَا َن ُيصَلّي َلهُمْ فِي َوجَعِ صلى ال عليه وسلم الّذِي ُتوُفّيَ فِيهِ َحتّى ِإذَا كَا َن َي ْومُ الِاْثنَيْنِ‬
‫ج َرةِ َينْ ُظرُ إِلَْينَا َو ُهوَ قَاِئمٌ كَأَنّ‬
‫حْ‬‫صفُوفٌ فِي الصّلَاةِ فَ َكشَفَ النّبِيّ صلى ال عليه وسلم ِسْترَ الْ ُ‬ ‫َوهُمْ ُ‬
‫حكُ َفهَمَمْنَا أَ ْن َنفْتَتِ َن مِ َن اْل َفرَحِ ِب ُرؤْيَ ِة النّبِيّ صلى ال عليه وسلم‬ ‫وَ ْج َههُ َورََق ُة مُصْحَفٍ ُثمّ تََبسّمَ َيضْ َ‬
‫َفنَكَصَ َأبُو بَ ْك ٍر عَلَى َعقِبَْيهِ ِلَيصِلَ الصّفّ وَظَنّ أَ ّن صلى ال عليه وسلم خَارِجٌ إِلَى الصّلَاةِ فََأشَارَ إِلَْينَا‬
‫النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم أَنْ َأتِمّوا صَلَاتَكُ ْم وََأرْخَى السّْترَ فَُتوُفّ َي مِنْ َي ْومِهِ)‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أوصى بالصلة‪ ،‬ولعظم شأن الصلة تد أخي الكري حبيبك صلى ال عليه وسلم يأمرك با‬
‫حت ف حال غرغرة الروح‪ ،‬ف الوقت الذي ينسى فيها النسان نفسه من شدّة سكرات الوت فإن‬
‫نبيّنا صلى ال عليه وسلم ف هذه الساعة العظيمة الرجة يؤكّد شأن الصلة ومنلتها وعظم شأنا‪.‬‬
‫عَنْ ُأمّ سَلَ َمةَ‪( :‬أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم كَانَ َيقُولُ فِي َم َرضِهِ الّذِي ُتوُفّيَ فِيهِ‪ :‬الصّلَاةَ َومَا‬
‫مَلَ َكتْ أَيْمَانُكُمْ فَمَا زَالَ َيقُوُلهَا َحتّى مَا َيفِيضُ ِبهَا لِسَاُنهُ)رواه ابن ماجة‪..‬‬
‫ولذا رتّب على الصلة ما ل يرتّب على غيها فجعلت هي الفاصل بي الكفر والسلم‪ ،‬فقد قال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ " :‬بي الرجل وبي الشرك والكفر ترك الصلة"‪ .‬رواه مسلم عن جابر رضي ال‬
‫عنه‪..‬‬
‫وقال أيضا‪ " :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر"‪ .‬رواه أحد والترمذي وابن‬
‫ماجه‪..‬‬

‫‪205‬‬
‫وقال عبد ال بن شقيق‪( :‬كان أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ل يرون شيئا من العمال تركه‬
‫كفر غي الصلة) رواه الترمذي‪.‬‬
‫ولكي تتصوّر أخي الكري الكمة من هذه الوصيّة تأمّل ف حال السلمي‪ ،‬كم نسبة الذين يصلّون‬
‫منهم‪ ،‬وكم نسبة الذين يافظون على الصلة ف وقتها من بي الصلي؟ وكم نسبة الذين يؤدّونا‬
‫جاعة ف الساجد من هؤلء؟ وكم نسبة الذين يافظون على آدابا وخشوعها!؟‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬النهي عن الختلف والتشاجر بي السلمي فقد أمر جريرا أن يستنصت الناس ث قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"‪ .‬رواه البخاري‬
‫ومسلم‪..‬‬
‫ولتصوّر الكمة من هذه الوصية تأمّل تاريخ السلمي وحاضرهم وإل أيّ مدى خالفوا هذه الوصيّة‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على سيد الرسلي وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫======================‬
‫صرُ ا ُلخْتار ودَحْر الفُجّار!‬
‫َن ْ‬

‫الكاتب‪ :‬يوسف مسعود قطب حبيب‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته وبعد‪،،،‬‬
‫يسرن أن أبعث إليكم بذه القصيدة (نصر الختار ودحر الفجار) بعد أن عدلت بعض أبياتا الت قد‬
‫ُتوِهمُ البعض بغي العن الراد مثل البيت الرابع‪ ،‬وقد كتبتها بعون ال تعال وفضله للرد على من‬
‫تطاول على مقام سيد اللق صلى ال عليه وسلم راجيا نشرها‪ ،‬وسائل ال تعال ل ولكم التوفيق‬
‫والقبول‪.‬‬
‫للْقِ َتقْذِفُ بِالّتهَمْ ِلَتعِيبَ مَنْ َأرْسَى الَبا ِدئَ والقِيَمْ‬ ‫َنبِحتْ ِشرَارُ ا َ‬
‫أيْ َن النّباحُ وإن تَكاَثرَ َأهُْل ُه مِنْ نَْيلِ بَ ْدرٍ قَ ْد سَما َفوْقَ القممْ‬
‫أو نَْيلِ نَجْمٍ ساطِعٍ َيهْدِي ال َورَى َسعِدَتْ بِه وَبِنُو ِرهِ كُلّ ا ُلمَمْ‬
‫جَادَ الكَريُ ِبهِ بَِأعْظَمِ ِنعْ َمةٍ فََتحَ القُلوبَ بهِ وأَحْيا مِنْ عَ َدمْ‬
‫سقَمْ‬‫قَ ْد تَمّمَ ا َلخْلقَ َبعْ َد ضَياعها وَ َشفَى ال َعلِي َل مِن الوَسا ِوسِ وال ّ‬
‫حشُ والَبغْيُ البَغيضُ قَد اْنهَ َدمْ‬ ‫بِالعَدْلِ وَالِحْسانِ قا َمتْ ِش ْرعَةٌ والفُ ْ‬
‫شرِقا لَمّا اسْتَضاءَ بِنورِ أحْمَ َد وابَْتسَمْ‬ ‫َفغَدا ظَلمُ ال َكوْ ِن صُبْحا مُ ْ‬
‫ث عِنْ َد عُمُو ِمهِ ل بَلْ َأعَمْ‬
‫ف مُحَمّدٍ ِبعَطائِها كَاْلغَْي ِ‬ ‫سَحّاءُ كَ ّ‬
‫مَن ذا يُطاوِ ُل رَ ْحمَةً فِي قَ ْلِبهِ مَنْ ذا يُبارِي ف السّما َحةِ وال َك َرمْ؟‬

‫‪206‬‬
‫َفلْتَسألِ الثّقليِ عَ ْن أخلقهِ بَ ْل سائِ ِل الطيَ ا ُلحَلّ َق بِالقِمَ ْم‬
‫سعَدَ ال ُعشّ الزي ُن وََيلْتَِئمْ‬ ‫ب ُردّوا َفرْ َخهَ كَيْ َي ْ‬ ‫مَنْ صاحَ بالصحا ِ‬
‫بَ ْل سائِ ِل الَمَلَ الَْبهِيمَ إ ِذ اشَْتكَى لِمُحَمّ ٍد بِدمُوعِ ِه ُمرّ اللَمْ‬
‫َف َوعَى الِطابَ وقامَ ُيعْل ُن غاضِبا ل َيرْحَمُ الرحنُ إل مَن رَحِمْ‬
‫لصْمِ اللّدودِ وَ َسْي ُفهُ ِبيَمِيِنهِ وَالصْمُ قَدْ أْلقَى السّلَمْ‬ ‫َوعَفا عَ ِن ا َ‬
‫ل رَأيت ْم مِث َل َعفْوِ مم ٍد عَنْ أهلِ مك َة عَ َب تاري ِخ ا ُلمَمْ؟‬ ‫هَ ّ‬
‫**************‬
‫يا جاحِدا لِ ْلحَقّ هل بدِيارِكُمْ ل َيبْ َق ذِ ْكرٌ َل ْلعَدالةِ أو عَلَمْ؟‬
‫هلّ أقَ ْمتَ لِما ا ْفتَرْيتَ دَليَلهُ إنّ الدّلي َل لِكُلّ َقوْ ٍل يُلَْت َزمْ‬
‫هَلْ َيقْتُ ُل الُخْتارُ َشيْخا فانِيا هَلْ َيقْبَ ُل الُخْتا ُر َنقْضا لِل ّذمَمْ؟‬
‫هَ ْل مَثّلَ الختارُ أو قََتلَ النّسا هَلْ َأ ْهَلكَ ا ُلخْتارُ شَعبا وانتقَمْ؟‬
‫سقَمْ‬ ‫حرِْبهِ وبِسَ ْل ِمهِ َيجَْتثّ أسْبابَ الشّكَاَيةِ وال ّ‬ ‫َف ُهوَ الطّبِيبُ ِب َ‬
‫جرّعُ َشعْبَها كَ ْأسَ الَذَلّةِ والعِبا َدةِ لِلصّنَمْ‬ ‫ِفيُزيلُ أنظمةً ُت َ‬
‫ق مَنْ أسْدَى الّنعَمْ‬ ‫شرِقَ الّتوْحِي ُد فِي أرْجائِها وِليَشْ ُكرَ ا َلخْلو ُ‬ ‫كَ ْي ُِي ْ‬
‫هذا جها ُد نَبِيّنَا َو ُمرَا ُدهُ فاذْ ُكرْ مَقاصِدَ َحرْبِكُمْ كُ ّل ا ُلمَمْ‬
‫جْبكَ نِساؤها الثّ ْكلَى وََقْبرٌ جامِعٌ وبارُ َدمْ‬ ‫ولَْتسْألِ (الْبوسْنا) تُ ِ‬
‫بَ ْل سائ ِل (الشّيشانَ) مَنْ َأ ْورَى بِها نارا أحَطاتْ بِالسّهولِ وبالقِمَمْ؟‬
‫ل أينَ ال ِقيَمْ؟‬ ‫جرْحِه بَيْ َن الماج ِم سائ ً‬ ‫والسج ُد القصى يَئنّ ِب ُ‬
‫لرْبَيْ ِن فتكا بِال َورَى أمُحَمّدٌ أ ْم هُمْ أسا ِطيُ اْلعَجَمْ؟‬ ‫مَنْ أجّ َج ا َ‬
‫خ ٍر أصَمْ‬ ‫فاسْأَل (هِيوشيما) أو اسألْ ُأخْتَها لَ ْم يَْنجُ مِ ْن إْنسٍ ول صَ ْ‬
‫َفهَ ِل الّدفاعُ َعنِ القوقِ جريةٌ والظلْ ُم والعُدوانُ حقّ يُحَت َرمْ؟!‬
‫**************‬
‫ص َرمْ؟‬ ‫يا جاحِدا للح ّق ُرغْمَ ُوضُو ِحهِ أبِأ ْرضِكُ ْم زمنُ العُقولِ قَدِ ان َ‬
‫ي هَ ْديَ مُحمدٍ ونُصوصِ أسَفا ِر الضّللَ ِة عِندكمْ؟‬ ‫هلّ تُقارِنُ َب َ‬
‫صرْتُمْ نُو َرهُ بَدَ َل العَمَى هلّ سَ ِمعْتُمْ قوَلهُ بَدَلَ الصّمَمْ؟؟‬ ‫هلّ َب َ‬
‫صرَا ُطهُ اْلحَقّ التَمْ‬ ‫ح ِ‬ ‫هلّ ليات الكتاب عقلتم ِهيَ لِ ْلفَل ِ‬
‫ق ْد فاقَ كلّ العجزاتِ ِبهَ ْدِيهِ وِبنَظْ ِمهِ وحقائ ٍق تْدِي ا ُلمَمْ‬
‫َسلّمْ أوِ اْئتِ بِ ِمثِْلهِ أو بَعضِهِ وا ْجمَعْ ُشهُودَكَ ما تَشا ُء مَعَ الْحَكَمْ‬
‫فإذا عَج ْزتَ وإنّ ذِلكَ واقِ ٌع فَاحْ َذرْ سَعيا فِي مَآِلكَ َتضْط ِرمْ‬

‫‪207‬‬
‫واحْذ ْر قَوارِعَ بِالطّغاةِ تتاَب َعتْ مِ ْن عِندِ َجبّارٍ َق ِويٍ مُنَتقِ ْم‬
‫واسْألْ أبا َل َهبٍ بَ ِل اسأ ْل َزوْ َجهُ كَيفَ العذابُ بِمَ ْن َبغَى َوبِمَنْ ظَلَمْ؟‬
‫واذْ ُكرْ أبا جهلٍ أو اذكرْ صَحِبهُ وََقلِيبَ بَ ْدرٍ َقدْ َطوَى تِلكَ ال ّرمَمْ‬
‫***************‬
‫ص ِرمْ‬
‫حبّ ُلعَا َعةٍ مِنْ َطيْفِ َعْيشٍ عَ ْن قَريبٍ يَْن َ‬ ‫لَمّا َوهَى َق ْومِي لِ ُ‬
‫حقِ ُي عَلَى اْلقِمَمْ‬ ‫طَمِعَ الذّئابُ ِب ِع ْرضِنا فَاسْتَأْ َسدُوا وَتَطاوَ َل القَزمُ الْ َ‬
‫سيْفِ الْ ُمعَْتصِمْ‬ ‫سعْدٍ أو بِ َ‬ ‫مَن لِي بسيفِ الِ فِي أصْحاِبهِ مَن لِي بِ َ‬
‫لَِيثُوبَ جَمْعُ الْمارِقيَ ِلرُشْ ِدهِ ْم وَتَلِوذَ أَفْواهُ السّفاهةِ بِالْبَكَمْ‬
‫صرِمْ‬ ‫وَُتقَبّ ُل اليْدِي كَما قَ ْد قَبَّلتْ قَ َدمَ الُدُودِ زَما َن ِع ٍز مُْن َ‬
‫ياُأمّتِي هَيّا اْن َهضِي َفعَ ُدوّنَا مَُترَبّصٌ َوعُيونُه ل لَمْ تََنمْ‬
‫سِيِي عَلَى هَ ْديِ الرّسو ِل َوصَحْبِه مَن ل َزمَ ا َل ْديَ ال َقوِ َي َفقَدْ َغنِمْ‬
‫وَخُذي َعلَى أيْدِي السّفي ِه وَأعْلِن مَنْ َسبّ أحدَ يا طُغاةُ ف َقدْ ُقصِمْ‬
‫***************‬
‫فَاْب َعثْ إِلهَ العالَميَ ُلمّتِي َرجُل بِدِيِنكَ قائِما ُيعْلِي اْلهِمَمْ‬
‫صرْحا ِللْكَرامَةِ َقدْ هُ ِدمْ‬ ‫كَيْ َيجْمَعَ الصّفّ الشّتِيتَ َعلَى الُدَى وُيعِي َد َ‬
‫ح صُبْحٌ أوْ تَشابَ ِكتِ الظّلَمْ‬ ‫ك وَالسّلمَ عَلى النّبِي ما ل َ‬ ‫وَا ْجعَ ْل صَلَت َ‬
‫ق ُغصْنٍ َأ ْو َعلَمْ‬ ‫وَكَذا عَلى ال ِل الكِرا ِم َوصَحِْب ِه ما طارَ َطْيرٌ َفوْ َ‬
‫واْب َعْثهُ َي ْومَ ال َع ْرضِ َحْيثُ َوعَدّتهُ بِمَقا ِمهِ الْمَحْمودِ مِنْ كُلّ ا ُلمَمْ‬
‫======================‬
‫نُحِّبكَ يا رَسولَ ال‬

‫الكاتب‪-- :‬‬
‫يا رحة ً أ ُرسِلت للعالي فدتك الروح و ما بالرض وُجِد‬
‫بُعثتَ وشرعُ الغاب حُكْ ُم ا ُلضِلّي وسلطان الظلم ف الغابة أسد‬
‫فحوّلت الظلم نورًا أنار الَشرقَي ول غي التقوى فضلً لحد‬
‫بأب أنت وأمي يا خي الرسَلي يامن قُرن اسك بالواحد الحد‬
‫تاوز الَ ّد فِعلُ الظالي َأمِثلُ ممدًا على الرض انولَد‬
‫جهلوا قدرَك أيّها النور الُبي والعقلُ منهم بالَورِ فسد‬
‫سقط القناعُ عن وجه الظالي وما تفي الصدورُ سوادهُ أشد‬

‫‪208‬‬
‫حسبوك هينا على السلمي وحُّبكَ ف القلوب دائ ٌم أبد‬
‫والذي بعثك بالق ماهُم سالي ولن يغفر لم من لِ سجد‬
‫فهبّوا لنَصرةِ ممدٍ يا مسلمي فالق سيف على الظالي أحد‬
‫إلّ رسول ال يا جاهلي أي ورب البيت إلّ حبيب الصمد‬
‫التوقيع‪ :‬مُحِبّه لرسول ال‬
‫====================‬
‫هب اعتذروا فماذا بع ُد ؟‬

‫أ‪.‬د‪ /‬ناصر بن سليمان العمر‬


‫المد ل الذي آذن من عادى نبيه بالرب‪ ،‬وهو الذي يعصمه من الناس‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫رسول ال وعلى آله وصحبه ومن واله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫إنه بعد مدة قليلة من عمر القاطعة بدأت بوادر الثمرة تظهر‪ ،‬ولحت ف الفاق مقدمات اعتذارات‪،‬‬
‫وهذا يبي أهية الصب والثبات على هذه الشاريع حت تؤت أكلها‪ ،‬ولو خارت العزائم‪ ،‬وتركت‬
‫الصابرة ف الدافعة لا جنينا الثمرة‪ ،‬وصدق ال‪" :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آمَنُوا اصِْبرُوا َوصَاِبرُوا َورَابِطُوا وَاّتقُوا‬
‫الّلهَ َلعَلّكُمْ ُت ْفلِحُونَ" [آل عمران‪ .]200:‬ولشك أن بوادر العتذار بوادر طيبة فإن إخلء الرض‬
‫من سب النب _صلى ال عليه وسلم_ مقصد مطلوب‪ ،‬وقد ذكر علماؤنا أن تطهي الرض من‬
‫إظهار سب رسول ال _صلى ال عليه و سلم_ واجب بسب المكان؛ لنه من تام ظهور دين ال‬
‫و علو كلمة ال‪ ،‬وهذا كما يب تطهيها من قطاع الطريق بسب المكان بلف تطهيها من‬
‫أصل الكفر فإنه ليس بواجب ولذا قالوا بواز إقرار الكافر على دينه بعقد الذمة‪.‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فإن حصل العتذار اللي البي العلن فهو مكسب لهل السلم مقدر‪ ،‬فإن‬
‫اعتذار الدولة دليل إقرار بطأ‪ ،‬وتراجع عنه‪ ،‬ولذا قيمة مقدرة‪ ،‬ولذا ل تزال بعض الدول تقطع‬
‫علقتها بدول أخرى لجرد عدم اعتذارها لا عن حدث مضت عليه عقود‪.‬‬
‫ولكن علينا حت لندع بكلم‪ ،‬وحت يكون للعتذار معن معقول‪ ،‬وحت نعلم أن القاطعة أعادت‬
‫الغافل إل صوابه فنظر ف السألة تارة أخرى‪ ،‬وحت نتيقن من أن اعتذاره ل لجل عبادته الدرهم‬
‫والدينار‪ ،‬بل لجل استشعاره ذنبه‪ ،‬فنحن ما قاطعناهم ليعرفوا قيمة الال والريال ولكن ليعرفوا عظيم‬
‫جرمهم‪ .‬وحت يتحقق هذا كله لبد أن تاسب الدولة الصحفيي والصحيفة الت أساءت للنب الكري‬
‫_صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬وأن تشرع البواب للمحاكمة الت غلقت دونا البواب‪.‬‬
‫كما فعلت ببعض من أدانتهم بتهمة معاداة السامية‪ ،‬فقد أشار تقرير الريات الدينية المريكي الخي‬
‫إل هذه الادثة وأشاد با‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫وإذا ل يكن هذا فل كبي معن للعتذار‪ ،‬بل ل يعدو العتذار حينها كونه حيلة لقطع القاطعة‪،‬‬
‫واعتذار لجل الال‪.‬‬
‫ومعلوم أنه لو اعتصم مرم بقوم فآووه وحوه كانوا بذلك ظالي مشاركي له‪ ،‬وهذا الوقف ينبغي‬
‫أن تنأى الدولة الدناركية عنه‪.‬‬
‫أما إن حوكم الصحفيون وأدينوا كما أدين غيهم بتهمة معاداة السامية‪ ،‬فعندها يكون للعتذار مل‬
‫ولقطع القاطعة وجه‪.‬‬
‫مع أنه ليُرضي السلم وليشفي صدره أقل من هلك ذلك الان التعدي على رسل ال _صلوات‬
‫ال وسلمه عليهم_‪ .‬فإن الذى والثر الذي خلفه الساب ف النفوس لن يزول بيسر‪ ،‬ولو أن إنسانا‬
‫صفع إنسانا تقدمت به السن فأثرت الصفعة فيه فأذهبت سعه وبصره‪ ،‬فليس من العدل أن نقول‬
‫ليصفعه الرجل الرم الضعيف ‪-‬الذي ليكاد يقدر على رفع يديه إل وجهه‪ -‬بكل ما أوت من قوة‬
‫وإن كانت لتساوي شيئا! وليقول عاقل‪ :‬إن هذا هو مقتضى العدل!‬
‫بل مقتضى العدل أن يُصفع با يُذهب سعه وبصره ويُبقي فيه الثر الذي تركه ف غيه‪.‬‬
‫لبد أن تاسب الدولة الصحفيي والصحيفة الت أساءت للنب الكري _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬وأن‬
‫تشرع البواب للمحاكمة الت غلقت دونا البواب‪ .‬كما فعلت ببعض من أدانتهم بتهمة معادات‬
‫السامية‪ ،‬فقد أشار تقرير الريات الدينية المريكي الخي إل هذه الادثة وأشاد با‪.‬‬
‫وهكذا نقول فيمن سب الرسول _صلى ال عليه وسلم_ أو انتقصه‪ ،‬فإنه أحدث أذى‪ ،‬ونكأ جرحا‬
‫ليندمل‪ ،‬فكم من إنسان تون عليه نفسه فل يبال إن زهقت على أل يشاك رسول ال _صلى ال‬
‫عليه وسلم_ بشوكة‪ ،‬وتارينا شاهد على هذا‪ ،‬وإذا كان المر كذلك فل يقال‪ :‬إن مقتضى العدل‬
‫مرد سب الساب بل ول حبسه بل ولضربه بل ولقتله‪ ،‬ولكن يُتعلل بإنزال العقوبة العلى الواقعة‬
‫ضمن حيز المكان وهذا من باب التسديد والقاربة‪.‬‬
‫ول سيما ف حال الستضعاف كما قال شيخ السلم‪" :‬فمن كان من الؤمني بأرض هو فيها‬
‫مستضعف‪ ،‬أو ف وقت هو فيه مستضعف‪ ،‬فليعمل بآية الصب والصفح والعفو عمن يؤذي ال و‬
‫رسوله‪ ،‬من الذين أوتوا الكتاب والشركي"‪ ،‬وليس هذا إياب للرد بالصفح ولكنه بيان للرخصة‪.‬‬
‫بيد أن العجز عن بعض الواجب ل يسوغ ترك غيه‪ ،‬فعلى السلمي ف الدنارك وغيها أن يستفيدوا‬
‫من الدث اللل ف التعريف بالسلم‪ ،‬فإنه إن صدقت الستفتاءات الت نقلت عن أعداد من يؤيدون‬
‫ماكمة الصحيفة ومن ل يؤيدون فإنا تشي إل عظيم جهلهم بنب السلم _عليه السلم_ وبدينه‪.‬‬
‫فالواجب على دعاة السلم ولسيما ف تلك البلد كبي تاه الصطفى _صلى ال عليه وسلم_‪،‬‬
‫وتاه التعريف بدينه‪ ،‬والدعوة إليه على بصية‪ ،‬وقد سعنا ببوادر ذلك‪،‬وسعي بعضهم ف الستفادة‬
‫من وسائل العلم الختلفة‪ ،‬لجل الوصول إل شرائح الجتمع التعددة وذلك من الهية بكان‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫فالدث على مرارته سانة للفت النظار إل السلم‪ ،‬ووضع الطط البعيدة ف الدعوة إليه والتعريف‬
‫به‪.‬‬
‫كما أن الواجب على السلمي تاه إخوتم كبي‪ ،‬وأقل القليل دعمهم بالال والنصح والتوجيه وبذل‬
‫الرأي والشورة‪ ،‬ولو خصص أولئك التجار الذين كانت لم مواقف مشهودة بقاطعتهم من أساء‬
‫نبيهم أرجو أن تسرهم يوم يسألم ربم عن الال الذي أعطاهم واستخلفهم فيه‪ ،‬أقول لو خصص‬
‫أولئك شيئا من أرباح بعض النتجات من أجل التعريف بالسلم ف بلدانا الصدرة لا لكان خيا‬
‫لم‪.‬‬
‫وإذا تقق ما ذكر فعندها يكن أن يقال‪ :‬رب ضارة نافعة‪.‬‬
‫هذا وال أسأل أن يظهر دينه وكتابه وسنة نبيه‪ ،‬وأن يعز جنده‪ ،‬ويذل عدوه‪ ،‬والمد ل أولً‬
‫وآخرا‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫هذا رسولنا وشفيعنا‬
‫أحد القباع ‪ -‬الرياض‬
‫قال أبو السن علي بن أحد الؤدب‪:‬‬
‫لقد هزلت حت بدا من هزلا‬
‫كلها وحت سامها كل مفلس‬
‫من الذي ترأ وسولت له نفسه الريضة الاقدة وشيطانه بالساءة للرسول ممد بن عبدال صلى ال‬
‫عليه وسلم ف أحد الصحف الدناركية والنرويية وللسلم عب رسوم كاريكاتورية معبين فيها عن‬
‫حقد وكره للسلم والسلمي من خلل الساءة لرسولم وقائدهم وشفيعهم ومنهم الذين أساءوا له‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأنا أعن هذا السؤال؟ من هم؟ من يكونوا؟ قد يكونوا أبناء أنابيب أو‬
‫غيها!! أي حرية الت تسيء لنب ورسول آخر أمة وأكثر من مليار مسلم قال عنه تعال‪{ :‬وَإِّنكَ‬
‫َلعَلى خُلُ ٍق عَظِيمٍ} ( ‪ )4‬سورة القلم‪ ،‬وقالت عنه صلى عليه وسلم زوجته عائشة أم الؤمني (كان‬
‫خلقه القرآن) وقال عن نفسه صلى ال عليه وسلم (أدبن رب فأحسن تأديب) وقال عنه تعال { َومَا‬
‫َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا رَحْمَةً لّ ْلعَالَ ِميَ } (‪ )107‬سورة النبياء‪ ،‬وسيد البشرية ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫معجزاته يعلمها الميع كأي رسول له معجزاته وآياته الت وهبها له ال جل جلله‪..‬‬
‫ولو أردنا سوق أمثلة لتعاملته صلى ال عليه وسلم مع أمته والت اشتملت بختلف مالت الياة‬
‫ومعال الرحة الشاملة الت أرسل با ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لحتجنا إل كتابة صفحات ولكن لعله‬
‫يكفي الشارة إل كتابة السية النبوية لبن هشام للراغبي ف معرفة جيع صفاته ونشأته وعموم‬
‫سيته صلى ال عليه وسلم ودعوته وتبليغه للرسالة وأداء المانة وأن يعم السلم بقاع الرض أيضا‬
‫كتاب الشمائل الحمدية‪ ،‬وما موقف حكومتنا الرشيدة أعزها ال بالسلم وأعز السلم با‬

‫‪211‬‬
‫باستدعاء سفينا بالدنارك إل تأكيدا لؤلء وغيهم قيام هذه الدولة ف العناية بكل حقوق هذا الدين‬
‫(السلم) وغية صادقة وحب للسلم ورسولنا ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬من حاية ودعوة‬
‫ونشر وخدمة السلم هو ديدنا تاه جيع القضايا الت تس السلم والسلمي بشت أناء العال‬
‫وجزى ال جيع التجار رجال العمال) الذين قاطعوا استياد منتجات هذه الدول خيا وبركة ف‬
‫الرزق واستخدام سلح القاطعة للتصدي لثل هذه الساءات وإجبار الكومة الدناركية وصحيفتها‬
‫للعتذار من جيع السلمي وقبول دعاة للسلم وإلقاء ماضرات عنه صلى ال عليه وسلم وعن‬
‫السلم بنفس الدينة الت فيها الصحيفة ومدن الدنارك والنرويج‪.‬‬
‫وف حديث (وال ل يؤمن أحدكم حت يكون ال ورسوله أحب إليه من أي شيء نفسه وماله‬
‫وولده)‪.‬‬
‫اللهم صلّ على عبدك ورسولك ممد كم لقى ف حياته من الذى ف نشر الدعوة وهذا هو اليوم‬
‫بعد ماته يؤذى برسوم من حاقدين على هذا الدين ورسوله‪.‬‬
‫قبل التام قال تعال‪( :‬وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خي لكم) لعل ما حدث خيا للسلم بدخول‬
‫الكثي من أبناء الدنارك والنرويج وغيها للسلم عندما شاهدوا غضب السلمي وغيتم على‬
‫رسولم وحبيبهم صلى ال عليه وسلم ولدينهم الذي أرسل به صلى ال عليه وسلم لكافة البشر‬
‫واللق بقوله تعال‪َ { :‬ومَا َأ ْرسَلْنَاكَ إِلّا كَافّةً لّلنّاسِ بَشِيًا وَنَذِيرًا َولَكِنّ أَكَْث َر النّاسِ لَا َيعْلَمُونَ} (‪)28‬‬
‫ج ّن وَالْإِنسَ إِلّا لَِيعْبُدُونِ} (‪ )56‬سورة الذاريات‪.‬‬ ‫سورة سبأ‪ ،‬وقوله تعال‪َ { :‬ومَا خََل ْقتُ الْ ِ‬
‫اللهم أنت تشهد أن رسولك أدى المانة‪ ،‬وبلغ الرسالة فاجزه عن أمته خي الزاء‪ ..‬اللهم اجعل هذه‬
‫السطر شاهدا لنا ل شاهدا علينا‪.‬‬
‫==================‬
‫هذا ممد صلى ال عليه وسلم‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬


‫صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه وسلم‪ .‬ورد ف صفته ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬أ ّن مَ ْن رآه هابَه‪ ،‬ومن عرفه أحبّه‪ .‬وال تعال أعلم حيث يعل رسالته‪ ،‬فقد كان شخصا‬
‫للُق‪ ،‬تامّ الفطرة‪.‬‬ ‫عظيم النفس‪ ،‬عظيم ا ُ‬
‫ورد ف صفة رسالته أنا‪ :‬رحة للعالي؛ كما ف مكم التنيل‪ ،‬وقال عليه السلم؛ كما ف صحيح‬
‫مسلم‪( :‬إِنّمَا ُب ِعْثتُ رَحْ َمةً)‪.‬‬
‫ومن قطعيّات العان أن الناس تتمع على اللي‪ ،‬وتفترق على الشدة والقسوة{ فَبِمَا رَ ْحمَ ٍة مّنَ الّلهِ‬
‫لِنتَ َلهُ ْم وََلوْ كُنتَ َفظّا غَلِيظَ اْلقَ ْلبِ لَن َفضّوْا مِنْ َح ْوِلكَ}سورة آل عمران‪.)159 :‬‬

‫‪212‬‬
‫ولعل من اليُمن والبُشرى أن يتنادى السلمون ف كل بقعة لنصرة ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫وتديد سنّتِه‪.‬‬
‫قبل أيام َش َرعَت إحدى الؤسسات ف إعداد موسوعة عالية؛ للتعريف بشخصه الكري عليه السلم‪،‬‬
‫ف آلف الصفحات‪ ،‬وبأكثر من خس عشرة لغة‪ ،‬وبوسائط متعددة‪ ،‬ورقيّة وإلكترونية‪ ،‬وستكون‬
‫مزوّدةً بالرسوم والرائط‪ ،‬ووسائل اليضاح‪ ،‬والدمات العرفيّة التاحة كافة‪.‬‬
‫وقد با َشرَت العديد من القنوات بثّها بعدة لغات؛ للتعريف بالسلم‪ ,‬وقطع الطريق على العابثي‪ ،‬من‬
‫ل تعنيهم القيقة العلمية فضلً عن الهمّة الرساليّة‪ ،‬وبي يديّ فكرة جديدة سهلة؛ للتأليف ف السية‬
‫العطرة‪.‬‬
‫إن كتب السية كثية‪ ,‬ومتلفة القاصد والناهج‪ ،‬بيد أن العصر الاضر يتاج إل صياغة ملئمة‬
‫للمسلمي‪ ،‬خصوصا الشباب والفتيات الذين يُحبّون الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬حبا عاطفيا؛‬
‫يتاج إل أن يتحول لقتداء عملي‪ ،‬ومتابعة مسلكيّة ظاهرة وباطنة‪.‬‬
‫وغي السلمي باجة إل معرفة إيابية؛ تعلهم يؤمنون به‪ ،‬أو يبونه ويترمونه‪ ،‬وإن ل يؤمنوا به‪.‬‬
‫وهذا وذاك ليس بالمر العسي‪ ،‬ولكنه يتاج إل جهود مكثّفة ‪ ،‬وأفكار متآزرة‪.‬‬
‫وهيكليّة هذا العمل تتمثل ‪ -‬مبدئيا ‪ -‬بأربعة ماور‪:‬‬
‫* الول‪ :‬مدخل ف التعريف بالقرآن‪ ،‬وقطعيّة ثبوته‪ ،‬والقائق التاريية والواقعية الدامغة على دقّة‬
‫نقله‪ .‬ويشمل هذا دراسة موجزة عن مطوطات الصحف ف العال‪ ,‬وناذج منها‪ ،‬والصحف المام‬
‫وأين هو؟ وبذا تُقنع حت من ل يؤمنون بالوحي بتارييّة الصحف‪ ،‬وقطعيّة نقله؛ ليسهل عليهم فهم‬
‫دللته‪ ,‬ومعجزاته العلمية والتاريية والتشريعية‪ ،‬وقراءة نبوءاته الصادقة‪.‬‬
‫* الثان‪ :‬الدلئل‪:‬وينتظم العجزات‪ ،‬واليات الدالة على صدقه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬من القرآن‪ ،‬وما‬
‫يتعلق بذلك من صحاح السنة‪ ،‬ما يشاهده اللق الن ويعرفونه‪ ,‬ويقفون عليه‪ ,‬وليس فقط العجزات‬
‫الادية الارقة الت شهدها جيل الرسالة‪.‬‬
‫ومن هذا العجاز‪ :‬ماطبات القرآن للرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف التأييد‪ ,‬والعاتبة‪ ،‬والمر‬
‫والنهي‪ ،‬والوعد الذي تقق ف حياته‪ ,‬أو بعد ماته‪ ،‬أو ف العصر الاضر له‪ ،‬أو لمته‪ ,‬أو للعالي‪.‬‬
‫وف هذا ثلج اليقي‪ ،‬وقوة اليان؛ (لَِيسْتَْيقِ َن الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وََي ْزدَا َد الّذِي َن آمَنُوا ِإيَانًا وَلَا َي ْرتَابَ‬
‫ب وَالْ ُم ْؤمِنُونَ) (سورة الدثر‪.)31:‬‬ ‫الّذِينَ أُوتُوا اْلكِتَا َ‬
‫* الثالث‪ :‬القيم والخلق‪:‬وهي ملّ إجاع الَلْق كافّة على مبّتها‪ ,‬والشادة با‪ ،‬وهي الصول‬
‫والكليات والبادئ التعلقة بالوحدانية‪ ،‬وأنه ليس له من المر شيء‪ ،‬فلم يكن داعيا لنفسه (وَمَا َأ ْدرِي‬
‫مَا ُي ْفعَلُ بِي وَل بِكُمْ) (سورة الحقاف‪.)9:‬‬

‫‪213‬‬
‫ومبادئ العدل والساواة‪ ,‬والقوق العامة والاصة‪ ،‬الرجل والرأة والطفل‪ ،‬بل اليوان والطي‬
‫والوحش‪ ،‬ووراء ذلك البيئة والرافق العامة وسواها‪.‬‬
‫ومبادئ العلقة الطّيبة‪ ،‬والتواصل والتسامح‪ ،‬والصب والحسان‪ ،‬وقيم الب والي والمال الظاهر‬
‫ج ْر وَلَا َتمْنُنْ‬
‫والباطن‪ ،‬والنظافة ف الثوب والبدن‪ ،‬والقلب والضمي (وَثِيَاَبكَ َف َط ّهرْ وَالرّ ْجزَ فَاهْ ُ‬
‫ستَكِْث ُر وَِلرَّبكَ فَاصِْبرْ) (سورة الدثر‪.)7-4:‬‬
‫تَ ْ‬
‫وهذه أبواب عظيمة‪ ,‬إذا أُحسن عرضها‪ ،‬وسياق ناذجها وأدلتها وقصصها؛ لنا تؤسس ليل‬
‫إسلمي عظيم ف رعايته للحقوق‪ ،‬والتزامه بالخلق‪ ،‬وتفوّقه على نوازع النفس‪ ،‬ومؤثّرات البيئة‪،‬‬
‫وضغوط الوضاع‪ ،‬الت أفرزت تداخلً بي حظ الشريعة وحظوظ النفس‪ ،‬ومرادات (النا)‪ ،‬الت‬
‫حكمت بالشتات والولع بالتنازع‪.‬‬
‫ومن هذا تأصيل مبادئ التعامل‪ ،‬حي القوة والقدرة‪ ،‬وحي الختلف‪ ،‬وحي العسر واليسر‪.‬‬
‫إن السكينة الت تلّت با شخصيته القدسة هي خي دواء لعنفوان النفوس الندفاعية‪ ،‬الت قد تنتصر‬
‫له‪ ،‬لكن بغي ما تقتضي شريعته وسنته‪.‬‬
‫* الرابع‪ :‬الحداث والوقائع الواردة ف القرآن‪:‬‬
‫وما يتبعها ما جاء ف صحاح السنن‪ ،‬مع العراض عن تفصيلتا الطوّلة‪ ،‬والقتصار على الهم منها‪،‬‬
‫كالبعثة‪ ،‬والصّدع‪ ،‬والسراء والعراج‪ ،‬والجرة‪ ،‬والدعوة‪ ،‬والبناء الجتماعي‪ ،‬والركة القتصادية‪،‬‬
‫والغازي‪ ،‬والج‪ ،‬والوفاة‪.‬‬
‫ويتبع ذلك عرض موجز لحوال البيت النبوي‪ ،‬وعلقاته‪ ،‬وطبيعة علقة الجتمع الدن بعضه ببعض‪.‬‬
‫خليقٌ بثل هذا العمل إذا أُنز أن يكون مادة صالة لتدرّس ف الامعات‪ ،‬والحاضن التربوية‪ ،‬وتُقرأ‬
‫ف الساجد والتجمّعات‪ ،‬وتُترجم إل لغة كلّ قوم‪ ,‬بسب ما يلئم عقلياتم ومفاهيمهم وأذواقهم؛‬
‫لتكون الرسالة قد وصلت فعلً‪ ،‬وبطريقة صحيحة‪.‬‬
‫لن يكتمل هذا العمل دون تعاون أخوي صادق من كل مب ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫بشورة‪ ,‬أو معلومة‪ ,‬أو دللة على مصدر‪ ،‬أو تنبيه على فكرة‪ ،‬فليكن لك ‪-‬أخي الكري‪ -‬سهم ف‬
‫هذه الغنيمة‪ ،‬فهي الغنيمة الباردة‪ ،‬وهي الغنيمة الباقية‪.‬‬
‫صحيفة الزيرة السعودية‬
‫=================‬
‫هذا هو نبينا‪ ..‬فهل لديهم له مثيل؟‬

‫د‪ .‬ممد أبو بكر حيد‬

‫‪214‬‬
‫رأى أصحابه فيه حياته قرآنا يشي على الرض‪ ،‬وعبوا عن حبهم له بالفعل ل بالكلم‪ ،‬فكان ف‬
‫خلقه لم قدوة‪ ،‬وكانوا يتسابقون إل اتباع خطواته‪ ،‬وكلهم إيان وطيد بأن اتباع خطواته طريق‬
‫يؤدي إل سعادت الدنيا والخرة حيث يكسبون مبة ال لم‪.‬‬
‫بينما هم جلوس معه ذات مرة‪ ،‬وبينهم عمر بن الطاب الذي حفظ ما قال لم‪ :‬دار بينهم حديث‬
‫عن حب ال لعباده‪ ،‬وتاقت نفوسهم لعرفة أقرب الطرق الت يب با ال عباده‪ ،‬فسأل أحدهم‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬أي الناس وأي العمال أحب إل ال ‪ -‬عز وجل ‪-‬؟ فقال‪:‬‬
‫أحب الناس إل ال تعال أنفعهم للناس‪ ،‬وأحب العمال إل ال سرور تدخله على مسلم‪ ،‬أو تكشف‬
‫عنه كربة‪ ،‬أو تقضي عنه دَينا‪ ،‬أو تطرد عنه جوعا‪ ،..‬ولئن أمشي مع أخ ل ف حاجة أحبّ إل من‬
‫ف غضبه ستر ال عورته‪ ،‬ومن كظم غيظه ولو شاء أن‬ ‫أن أعتكف ف هذا السجد شهرا‪ ،‬ومن ك ّ‬
‫يضيه أمضاه مل ال قلبه رجاء يوم القيامة‪ ،‬ومن مشى مع أخيه ف حاجة حت يثبتها له ثبّت ال قدمه‬
‫يوم تُزل القدام) (رواه الطبان ف الكبي‪ ،‬والديث ف صحيح الامع)‪.‬‬
‫علموا أن أداء الفرائض وحدها ل يؤدي إل ذلك الطريق الذي يعشقونه‪ ،‬ذلك لنه ربط بي الصلة‬
‫وبي سلوك البعد عن الفواحش والنكرات‪ ،‬حي قال لم‪( :‬من ل تنهه صلته عن الفحشاء والنكر ل‬
‫يزدد من ال إل بعدا) (رواه الباء عن ابن عباس)‪.‬‬
‫وظل طوال حياته يكرر عليهم ل يكفي أن يكون السلم خاشعا ف صلته فقط‪ ،‬فعلمهم أن الشوع‬
‫القيقي الطلوب هو الشوع ف كل عمل يعمله السلم خارج صلته‪ ،‬أن ياف ال ف عباده قبل أن‬
‫يافه ف صلته‪.‬‬
‫ومن حرصهم سألوه بصدق عن أفضل السبل الت تعل ال يتقبل عباداتم بيسر‪ ،‬قال لم ربكم‪ ،‬رب‬
‫العزة واللل يقول لكم‪( :‬إنا أتقبل الصلة من تواضع با لعظمت‪ ،‬ول يستطل با على خلقي‪ ،‬ول‬
‫يبت مصرا على معصيت‪ ،‬وقطع ناره ف ذكري‪ ،‬ورحم السكي وابن السبيل‪ ،‬والرملة ورحم‬
‫الصاب‪ ،‬ذلك نوره كنور الشمس‪ ،‬أكلؤه بعزت‪ ،‬واستحفظه بلئكت‪ ،‬اجعل له من الظلمة نورا‪،‬‬
‫وف الهالة حلما‪ ،‬ومثله ف خلقي كمثل الفردوس ف النة) (الترغيب والترهيب)‪.‬‬
‫تعلموا منه الصلة خلقا وسلوكا ومعاملة‪ ،‬فقد قال لم مرارا‪( :‬الدين العاملة) (كتاب تاريخ عجائب‬
‫الثار)‪ ،‬ول يقل الدين العبادة‪ ،‬ذلك لن العبادة جزء من الدين لنا ل تستغرق إل جزءا من وقت‬
‫السلم‪ ،‬أما العاملة فجعلها الدين كله لنا الياة كلها‪.‬‬
‫ومن أجل خدمة هذا الدف الليل النبيل ربط لم أعظم إنسان متحضر على وجه الرض‪ ،‬ربط لم‬
‫كل عباداتم بالسلوك والعاملة‪ ،‬فقال لم‪ ( :‬الصوم جُنّة إذا كان أحدكم صائما‪ ،‬فل يرفث ول‬
‫يهل‪ ،‬فإن أمرؤ قاتله‪ ،‬أو شاته‪ ،‬فليقل إن صائم‪ ،‬إن صائم) (رواه أبو داود)‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫علمهم أن رمضان مدرسة الثلثي يوما ف التعود على ضبط النفس والسلوك‪ ،‬وإن الج هو‬
‫المتحان النهائي الكبي‪ ،‬واسعهم كلم ال الذي نزل من فوق سبع سوات يؤكد لم أن الج معاملة‬
‫ث وَلَ ُفسُوقَ وَ َل جِدَا َل فِي الْحَ ّج َومَا َت ْفعَلُوْا مِنْ َخْيرٍ َيعْلَ ْمهُ الّلهُ‬
‫ل رََف َ‬ ‫قبل أن يكون عبادة‪{ :‬فَ َ‬
‫وََت َز ّودُواْ فَإِنّ َخْيرَ الزّا ِد الّت ْقوَى} (البقرة‪.)197 :‬‬
‫وما نسي أحد منهم قط وقفته بينهم وهو يعلن لم الائزة الكبى الت يلمون با‪ ،‬ويعملون من‬
‫أجلها‪ ،‬غفران ربم‪.‬‬
‫ل تتسع لم الدنيا من فرحتهم يوم قال‪( :‬من حج فلم يرفث ول يفسق‪ ،‬رجع كما ولدته أمه) (رواه‬
‫مسلم)‪ ،‬وأكمل يبشر بالدف الكب الذي يسعى إليه كل واحد منهم‪ ..‬النة‪( :‬الج البور ليس له‬
‫جزاء إل النة) (متفق عليه)‪.‬‬
‫ل يترك ف نفوسهم قلقا ول يأسا من رحة ال وغفرانه‪ ،‬بل زرع فيهم المل‪ ،‬ودعاهم إل التفاؤل‪،‬‬
‫فمن فاته الج أو ل يستطع إليه سبيل فل يزال طريق رحة ال أمامه مفتوحا‪( :‬العمرة إل العمرة‬
‫كفارة لا بينهما) (متفق عليه)‪.‬‬
‫وحذرهم من الفلس‪ ،‬فظنوا أنه يقصد من قل ماله أو ضاع فاستفسروا فقال لم‪( :‬إن الفلس من‬
‫أمت من يأت يوم القيامة بصلة وصيام وزكاة‪ ،‬ويأت وقد شتم هذا‪ ،‬وقذف هذا‪ ،‬وأكل مال هذا‪،‬‬
‫وسفك دم هذا‪ ،‬وضرب هذا‪ ،‬فيعطى هذا من حسناته‪ ،‬وهذا من حسناته‪ ،‬فإن فنيت حسناته قبل أن‬
‫يقضى ما عليه‪ ،‬أخذ من خطاياهم‪ ،‬فطرحت عليه‪ ،‬ث طرح ف النار) (رواه مسلم)‪ ،‬فما كادوا‬
‫يسمعون منه هذا حت وجلت قلوبم ووجت وجوههم وخافوا على أنفسهم‪ ،‬وأدركوا أن الفلس‬
‫اللقي والسلوكي يأكل كل عبادات السلم كما تأكل النار الطب‪ ،‬فحرصوا على حسن اللق فيما‬
‫بينهم تراحا وتعاضدا وتساما حت أنزل ال فيهم آيات مكمات ربط فيهن بي تراحهم وسلوكهم‬
‫وبي ركوعهم وسجودهم وبشرهم بغفرانه‪{ :‬مّحَمّ ٌد رّسُو ُل الّل ِه وَالّذِي َن َمعَهُ أَشِدّاء َعلَى الْ ُكفّارِ‬
‫رُحَمَاء بَْيَنهُمْ َترَاهُ ْم رُ ّكعًا ُسجّدًا َيبَْتغُونَ َفضْلًا مّ َن الّل ِه َو ِرضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي ُوجُو ِههِم مّنْ أََث ِر السّجُودِ‬
‫ذَِلكَ مََثُلهُمْ فِي الّت ْورَاةِ َومََثُلهُمْ فِي الْإِنِيلِ َك َزرْعٍ َأ ْخرَجَ شَطَْأهُ فَآ َز َرهُ فَا ْسَتغَْلظَ فَا ْسَتوَى عَلَى سُوِقهِ‬
‫جبُ ال ّزرّاعَ لَِيغِيظَ ِبهِمُ الْ ُكفّارَ َوعَ َد الّلهُ الّذِي َن آمَنُوا َوعَمِلُوا الصّاِلحَاتِ ِمْنهُم ّم ْغ ِفرَ ًة وَأَ ْجرًا عَظِيمًا}‬ ‫ُيعْ ِ‬
‫(الفتح‪.)29 :‬‬
‫عاشوا معه يدرءون بالسنة السيئة‪ ،‬ويرون أقواله ف أفعاله‪ ،‬وظلوا ياهدون أنفسهم للرتفاع إل‬
‫مستوى السلوك الضاري الذي رسه لم‪ ،‬فالدين العاملة‪ ،‬وقد تلى لم هذا العن ف خلقه‪ ،‬وكلما‬
‫سولت لم أنفسهم‪ ،‬والنفس أمارة بالسوء‪ ،‬تذكروا كلماته‪( :‬السلم من سلم السلمون من لسانه‬
‫ويده) (رواه البخاري)‪( ،‬من حسن إسلم الرء تركه ما ل يعنيه) (رواه الترمذي وابن ماجة)‪( ،‬ل‬
‫تؤذوا عباد ال ول تعيوهم‪ ،‬ول تطلبوا عوراتم)‪( ،‬رواه البخاري ف الدب الفرد)‪( ،‬رحم ال رجلً‬

‫‪216‬‬
‫سحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) (رواه مسلم)‪( ،‬الؤمن مرآة أخيه‪ ،‬والؤمن أخو الؤمن يكف‬
‫عليه ضيعته ويوطه من ورائه) (رواه البخاري ف الدب الفرد)‪( ،‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه‬
‫ما يب لنفسه) (متفق عليه)‪( ،‬تبسمك ف وجه أخيك صدقة) (رواه الترمذي)‪( ،‬إياك والظن‪ ،‬فإن‬
‫الظن أكذب الديث‪ ،‬ول تسسوا ول تسسوا‪ ،‬ول تنافسوا‪ ،‬ول تاسدوا‪ ،‬ول تباغضوا‪ ،‬ول‬
‫تدابروا‪ ،‬وكونوا عباد ال إخوانا) (متفق عليه)‪ ) ،‬من ل يشكر الناس ل يشكر ال) (رواه الترمذي)‪،‬‬
‫(امسح رأس اليتيم وأطعم السكي) (رواه أحد)‪( ،‬بسب أمرئ من الشر أن يقر أخاه السلم) (رواه‬
‫مسلم)‪.‬‬
‫دعاهم إل أن يستر بعضهم على بعض حت ل تشيع الفاحشة‪ ،‬وقال جازما ف وعده‪( :‬من رد عن‬
‫عرض أخيه رد ال عن وجهه النار يوم القيامة) (رواه الترمذي)‪ ،‬وقال مهددا متوعدا‪( :‬من كشف‬
‫عن عورة أخيه السلم كشف ال عورته حت يفضحه ف بيته) (رواه ابن ماجة) وأوضح لم صراحةً‬
‫أن تتبع عورات الناس وكشفها مفسدةً لنم إذا انكشفوا جاهروا بالعاصي وسعوه يقول لحدهم‬
‫موضحا ومذرا‪( :‬إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتم أو كدت أن تفسدهم) (رواه البخاري)‪.‬‬
‫وف الوقت نفسه أعلن لم عن جائزة من يستر على أخيه‪( :‬من رأى عورةً فسترها فكأنا استحيا‬
‫موءودة ف قبها) (رواه أبو داود والنسائي)‪.‬‬
‫وتلى عليهم قرآنا نزل من عند ربه يأمر بالستر ويفسر كشف عورات الناس إشاعة للفاحشة‪{ :‬إِنّ‬
‫شةُ فِي الّذِي َن آمَنُوا َلهُ ْم عَذَابٌ أَلِي ٌم فِي الدّْنيَا وَالْآ ِخ َرةِ وَالّلهُ َيعْلَ ُم وَأَنتُمْ لَا‬‫الّذِينَ ُيحِبّونَ أَن َتشِي َع اْلفَاحِ َ‬
‫َتعْلَمُونَ} (النور‪.)19 :‬‬
‫ول يشدد على شيء كما شدد على ابتعادهم عن الغيبة والنميمة وسوء الظن‪ ،‬والتجسس على الناس‪،‬‬
‫فقال‪( :‬ل تسسوا ول تسسوا) (رواه البخاري) وقال‪ ( :‬من استمع إل حديث قوم وهم له‬
‫كارهون صُب ف أذنه النك يوم القيامة) (رواه البخاري)‪ ،‬وخاف عليهم من أسوأ ما يكن أن يقع‬
‫فيه إنسان‪ ،‬وما أكثر ما يقع فيه الناس دون شعور بأنه من أسوأ الذنوب‪ ،‬فانزل ربه عليه قرآنا يصور‬
‫مغبة النيل من العراض بأبشع الصور الت يتقزز منها النسان‪ ،‬وتل عليهم قول ربم‪{ :‬يَا َأّيهَا الّذِينَ‬
‫حبّ أَحَدُكُمْ‬ ‫جسّسُوا وَلَا َيغْتَب ّب ْعضُكُم َب ْعضًا َأيُ ِ‬ ‫ض الظّنّ ِإثْ ٌم وَلَا تَ َ‬‫آمَنُوا ا ْجتَِنبُوا كَِثيًا مّنَ الظّنّ إِنّ َبعْ َ‬
‫أَن يَأْكُ َل لَحْمَ أَخِيهِ مَْيتًا فَ َك ِرهْتُمُو ُه وَاّتقُوا الّلهَ إِ ّن الّلهَ َتوّابٌ رّحِيمٌ} (الجرات‪.)12 :‬‬
‫أصبحت كلماته لم نورهم يسعى بي أيديهم كلما أظلمت عليهم أنفسهم استضاءوا با‪ ،‬واشتاقت‬
‫أرواحهم للسمو بسلوكهم حت يصبح عباده‪ ،‬وعرفوا أن ذلك لن يتحقق إل إذا أصبحوا من‬
‫{وَالّذِي َن يَجَْتنِبُونَ كَبَاِئرَ اْلإِثْ ِم وَاْل َفوَا ِحشَ وَِإذَا مَا َغضِبُوا هُ ْم َيغْ ِفرُونَ} (الؤمنون‪{ ،)3 :‬الّذِينَ‬
‫يَ ْمشُونَ َعلَى الَْأ ْرضِ َهوْنًا وَِإذَا خَاطََبهُ ُم الْجَا ِهلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (سورة الفرقان‪{ ،)63 :‬وَالْكَاظِ ِميَ‬
‫حسِِنيَ} (آل عمران‪.)134 :‬‬ ‫حبّ الْمُ ْ‬
‫اْل َغْيظَ وَاْلعَاِفيَ عَ ِن النّاسِ وَالّلهُ ُي ِ‬

‫‪217‬‬
‫وزلزلت بم الرض من هذه اليات‪ ،‬كيف يكظمون الغيظ‪ ،‬ويسيطرون على الغضب‪ ،‬يستطيع الرء‬
‫أن يقوم الليل أياما ولكنه قد ل يستطيع أن يكف غضبه لظه‪ ،‬فاستنجدوا به‪ ،‬وسألوه اللول‪ ،‬ماذا‬
‫يفعلون إذا استبد بم الغضب‪ ،‬فتبسم وقال‪( :‬إذا غضب أحدكم فليسكت) (رواه البخاري)‪،‬‬
‫وأضاف (إذا غضب أحدكم فليغتسل) (كن العمال)‪ ،‬وف رواية (فليتوضأ) (رواه أبو داود)‪.‬‬
‫وعندما تسابقوا إل تلقي نصحه لم‪ ،‬جاء أحدهم فقال له‪ :‬أوصن يا رسول ال‪ ،‬فقال له‪( :‬ل‬
‫تغضب)‪ ،‬وردد تلك الكلمة عدة مرات‪.‬‬
‫وبدوره سألم فقال‪( :‬ما تعدون الصرعة فيكم؟ فقالوا‪ :‬الذي ل يصرعه الرجال‪ ،‬فقال‪ :‬ليس كذلك‪،‬‬
‫ولكنه الذي يلك نفسه عند الغضب) (رواه مسلم)‪.‬‬
‫فعرفوا أن هذه هي القوة القيقية‪ ،‬المساك بلجام النفس‪ ،‬والتحكم ف الوى‪ ،‬ول يكن يترك مناسبة‬
‫إل ويذكرهم بذلك لعرفته بصعوبته على النفس البشرية‪ ،‬فقال لم ذات مرة‪(:‬من كظم غيظا) ‪-‬‬
‫وهو يقدر على إنفاذه ‪ -‬مل ال قلبه أمنا وإيانا) (رواه ابن أب الدنيا)‪.‬‬
‫وحانت الفرصة ليعلمهم أن العبادات وحدها دون خلق السلم ل تدخل صاحبها النة‪ ،‬فلما قال له‬
‫أحدهم‪( :‬يا رسول ال إن فلنة تكثر من صلتا‪ ،‬وصدقتها‪ ،‬وصيامها‪ ،‬غي أنا تؤذي جيانا‬
‫بلسانا؟ قال له‪ :‬هي ف النار! قال الرجل‪ :‬يا رسول ال وإن فلنة يذكر من قله صيامها‪ ،‬وقله‬
‫صلتا‪ ،‬وإنا تتصدق بالثوار من القط‪ ،‬ول تؤذي جيانا؟ قال له‪ :‬هي ف النة! وسأله آخر يريد‬
‫أن يستزيد ويستوثق‪ :‬ما أكثر ما يدخل النة؟ قال‪ :‬تقوى ال وحسن اللق‪ ،‬وسعته زوجه عائشة‬
‫يقول‪ :‬إن الؤمن ليدرك بسن خلقه درجة الصائم القائم) (رواه أبو داود)‪.‬‬
‫====================‬
‫هذا هو نبينا صلى ال عليه وسلم‬

‫وصفه رب العزه جل وعل وقال ف كتابه الكري ( وإنك لعلى خلق عظيم) ل يكن مثله صلى ال‬
‫عليه وسلم ف الصب والثبات واستقرار النفس والرحه ورقة القلب والسمو واللم والعفو عند القدرة‬
‫والصدق والود والكرم كان يعطي عطاء من لياف الفقر وكان أشجع الناس وكان اشد الناس‬
‫حياء وكان اعدل الناس واعفهم واصدقهم لجه واعظمهم أمانة واعترف بذلك ماوروه واعداؤه‬
‫وكان يسمى قبل نبوته بالصادق المي كان اشد الناس تواضع وابعدهم عن التكب كان ينع عن‬
‫القيام له وكان يزور الساكي ويالس الفقراء وييب دعوة اللهوف ويلس ف اصحابه كواحد منهم‬
‫كان اوف الناس بالعهود واوصلهم بالرحم واعظمهم شفقه ورأفه ورحة بالناس قد بعث للناس كافة‬
‫أحسن الناس عشرة وأدب وابسط الناس خلق وابعد الناس عن سوء اللق ل يكن فاحش ول‬
‫متفحش ول لعان ول طعان كان ليذم احد وليعيه وليطلب عورته وليتكلم إل فيما يرجو ثوابه‬

‫‪218‬‬
‫إذا تكلم أطرق جلساءه وإذا سكت تكلموا كان زوجا عظيم وأب رحيم يفيض حبأ وحنان وكان‬
‫من اثره ان القلوب فاضت بإجلله والرجال تفانوا ف حايته وإكباره فيما لتعرف الدنيا لرجل غيه‬
‫الذين عاشروه احبوه إل حد اليام ول يبالوا ان تندق اعناقهم ول يدش له ظفر‬
‫فقد قال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( ل يؤمن احدكم حت يب لخيه مايُحب لنفسه)‬
‫عانا النب ممدصلى ال علية وسلم إل ال لنوحده ونعبده وحده لشريك له وامرنا بصدق الديث‬
‫وأداء المانة وصلة الرحم وحسن الوار فقال عليه أفضل الصلة والسلم‪:‬‬
‫( مازال جبيل يوصين بالار ‪ ,‬حت ظننت انه سيورثه ) والكف عن الحارم والدماء و حث على‬
‫ماطبة الناس بالكلم الطيب‬
‫( الكلمة الطيبه صدقه ) ونانا عن الفواحش وقول الزور وقذف الحصنات وامرنا بالصلة والزكاة‬
‫والصيام و حت البهائم واليوانات امرنا برحتها وعدم إيذاءها والقسوة عليها‬
‫قال بأب هو وامي صلى ال عليه وسلم‬
‫( مامن مسلم غرس غرسا فأكل منه إنسان أو دابه ‪ ,‬إل كان له صدقه )‬
‫‪--------------------‬‬
‫حــــــــــار فكـــري‬

‫حارَ فكري‪ ..‬لستُ أدري ما أقولْ‬


‫أيّ طُه ٍر ضمّه قلبُ الرسولْ‬
‫أيّ نو ٍر قد تلّى للعقولْ‬
‫أنتَ مشكاة الدايةْ‪ ..‬أنتَ نباسُ الوصولْ‬
‫***‬
‫أيّ مدحٍ كان ُكفْوا للشمائلْ‬
‫ش َرتْ فيه الرسائلْ!‬ ‫يا رسو ًل ب ّ‬
‫أيّ كو ٍن نبويّ فيك ماثلْ!!‬
‫أنت نورٌ‪ ..‬أنت طهرٌ‪ ..‬أنت حَ ّق هَ ّد باطلْ‬
‫***‬
‫قد تَبِعنا سُن َة الادي الطاعْ‬
‫فنجونا من عِثا ٍر وضَياعْ‬
‫وش َدوْنا ف ُسوَيْعاتِ السّماعْ‬

‫‪219‬‬
‫((طل َع البدرُ علينا من ثنيّات الوداع))‬
‫===========‬
‫هذا هو نبينا( موقفه صلى ال عليه وسلم مع حب من اليهود)‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫قال زيد بن سعنة ‪ :‬مامن علمات النبوة شيء إل وقد عرفتها ف وجه ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫حي نظرت اليه إل اثنتي ل أخبها منه ‪ :‬يسبق حلمه جهله ‪ ,‬ول تزيده شدة الهل عليه إل حلما‪.‬‬
‫قال زيد بن سعنة ‪ :‬فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم يوما من الجرات ‪ -‬ومعه علي بن اب‬
‫طالب رضي ال عنه فأتاه رجل على راحلته فقال ‪ :‬يا رسول ال ل نفر ف قرية بن فلن قد اسلموا‬
‫‪ ,‬وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا‪ .‬وقد اصابتهم سَنة وشدة وقحط من الغيث فأخشى‬
‫يا رسول ال أن يرجو من السلم طمعا كما دخلوا فيه طمعا‪ ،‬فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيئ‬
‫تغيثهم به فنظر إل رجل بانبه ‪ -‬أراه عليا‪ -‬فقال ‪ :‬يارسول ال مابقي منه شيء قال زيد بن سعنة‪:‬‬
‫فدنوت إليه فقلت‪ :‬ياممد هل لك أن تبيعن ترا معلوما ف حائط بن فلن إل أجل معلوم ‪ ،‬إل أجل‬
‫كذا وكذا ‪ .‬قال ‪ /‬أي الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ : /‬ل تٌسم حائط بن فلن ‪ .‬قلت‪ :‬نعم ‪,‬‬
‫فبايعن ‪ ،‬فأطلقت هيان‪ /‬وهو الكيس الذي تعل فيه النفقة ويشد على الوسط‪ /‬فأعطيته ثاني مثقالَ‬
‫من ذهب ف تر معلوم إل أجل كذا وكذا‪ ،‬فأعطاه الرجل وقال ‪ /‬أي الرسول صلى ال عليه وسلم‪/‬‬
‫‪ :‬ارجع إليهم وأغثهم‪.‬‬
‫قال زيد بن سعنة ‪ :‬فلما كان قبل مل الجل بيومي أو ثلثة خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف جنازة ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم ف نفر من أصحابه ف جنازة ‪ ،‬فلما صلى على‬
‫النازة ودنا إل الدار ليجلس إليه أتيته ‪ ،‬فاخذته بجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬ولقد كان ل‬ ‫وقلت له ياممد ‪ ،‬أل تقضين حقي ؟ فوال ‪ ،‬ما علمتم بن عبد الطلب إل مط ً‬
‫بخالطتكم علم ‪ .‬ونظرت إل عمر وعيناه تدوران ف وجهه كالفلك الستدير ‪ ،‬ث رمان ببصره فقال‬
‫‪ :‬ياعدو ال أتقول لرسول ال صلى ال عليه وسلم ما اسع؟ وتصنع به ما أرى ؟ فو الذي نفسي بيده‬
‫لول ما أحاذر فوته لضربت بسيفي راسك ‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ينظر إلّ ف سكون‬
‫وتؤده‪.‬فقال يا عمر ‪ ،‬أنا وهو كنا أحوج إل غي هذا أن تأمرن بسن الداء ‪ ،‬وتأمره بسن الخذ‬
‫اذهب به ياعمر ‪ ،‬فأعطه حقه وزده عشرين صاعا من تر مكان ما رعته‪.‬‬
‫قال زيد فذهب ب عمر فأعطان حقي وزادن عشرين صاعا من تر‪.‬‬
‫فقلت ماهذه الزيادة ياعمر ؟ قال أمرن رسول ال صلى ال عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك‪.‬‬
‫قال زيد ‪ :‬قلت ‪ :‬وتعرفن ياعمر؟! قال ‪ :‬ل‪ .‬فقلت ‪ :‬أنا زيد بن سعنة ‪ .‬قال الب؟ قلت الب‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫قال فما دعاك إل أن فعلت برسول ال ما فعلت ‪ ،‬وقلت له ما قلت ؟! قلت ياعمر ل يكن من‬
‫علمات النبوة شيء إل وقد عرفت ف وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم حي نظرت إل اثنتي‪ ،‬ل‬
‫أخبها منه‪ :‬يسبق حلمه جهله ‪ ،‬وليزيده شدة الهل إل حلما ‪.‬‬
‫وقد اخترتما ‪ ،‬فأشهدك ياعمر أن قد رضيت بال ربا ‪،‬وبالسلم دينا ‪ ،‬وبحمد نبيا‪ ،‬وأشهدك ‪ :‬أن‬
‫شطر مال صدقةعلى أمة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قال عمر ‪ :‬أو على بعضهم فإنك ل تسعهم‪،‬‬
‫قلت أو على بعضهم‪.‬‬
‫فرجع عمر وزيد إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال زيد ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪ (.‬حياة الصحابة للكاندهلوي)‬
‫هكذا كان حلم رسول ال صلى ال عليه وسلم وهكذا كانت أخلقه ‪.‬‬
‫أنظر كيف تعامل مع من مع حب من اليهود‪ .‬قال تعال ( وإنك لعلى خلق عظيم)‬
‫نعم هذه أخلق رسولنا ممد صلى ال عليه وسلم وهذا هو حبيبنا ممد‬
‫=============‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم رجل فوق التصور*‬

‫‪16/04/2005‬‬
‫أستطيع أن أقول بكل قوة إنه ل يوجد مسلم جديد واحد ل يمل ف نفسه العرفان بالميل لسيدنا‬
‫ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لا غمره به من حب وعون وهداية وإلام فهو القدوة الطيبة الت‬
‫أرسلها ال رحة لنا وحبًا بنا حت نقتفي أثره"‪.‬‬
‫"‪ ..‬وأخيا أخذت أدرس حياة النب ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فأيقنت أن من أعظم الثام أن‬
‫نتنكر لذلك الرجل الربان الذي أقام ملكة ل بي أقوام كانوا من قبل متحاربي ل يكمهم قانون‪،‬‬
‫يعبدون الوثن‪ ،‬ويقترفون كل الفعال الشينة‪ ،‬فغي طرق تفكيهم‪ ،‬ل بل بدل عاداتم وأخلقهم‪،‬‬
‫وجعهم تت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة واحدة‪،‬‬
‫وأصبحت تلك المة الت ل تنجب رجلً عظيمًا واحدًا يستحق الذكر منذ عدة قرون‪ ،‬أصبحت تت‬
‫تأثيه وهديه تنجب ألوفًا من النفوس الكرية الت انطلقت إل أقصى أرجاء العمورة تدعو إل مبادئ‬
‫السلم وأخلقه ونظام الياة السلمية وتعلم الناس أمور الدين الديد‪.‬‬
‫"‪ ..‬تمل ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ثلثة عشر عامًا كاملة من التاعب ف مكة دون انقطاع‪ ،‬وثان‬
‫سنوات ف الدينة دون توقف‪ ،‬فتحمل ذلك كله‪ ،‬فلم يتزحزح شعرة عن موقفه‪ ،‬وكان صامدًا‪ ،‬رابط‬
‫الأش‪ ،‬صلبًا ف أهدافه وموقفه‪ .‬عرض عليه قومه أن ينصبوه ملكًا عليهم وأن يضعوا عند قدميه كل‬
‫ثروات البلد إذا كف عن الدعوة إل دينه ونشر رسالته‪ .‬فرفض هذه الغراءات كلها فاختار بدلً‬

‫‪221‬‬
‫من ذلك أن يعان من أجل دعوته‪ .‬لاذا؟ لاذا ل يكترث أبدًا للثروات والاه واللك والجد والراحة‬
‫والدعة والرخاء؟ ل بد أن يفكر الرء ف ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إل جواب عليه‪.‬‬
‫"هل بوسع الرء أن يتصور مثالً للتضحية بالنفس وحب الغي والرأفة بالخرين أسى من هذا الثال‬
‫حيث ند رجلً يقضي على سعادته الشخصية لصال الخرين‪ ،‬بينما يقوم هؤلء القوم أنفسهم الذين‬
‫يعمل على تسي أحوالم ويبذل أقصى جهده ف سبيل ذلك يقومون برميه بالجارة والساءة إليه‬
‫ونفيه وعدم إتاحة الفرصة له للحياة الادئة حت ف منفاه‪ ،‬وأنه رغم كل ذلك يرفض أن يكف عن‬
‫السعي ليهم؟ هل يكن لحد أن يتحمل كل هذا العناء والل من أجل دعوة السعي ليهم؟ هل‬
‫يكن لحد أن يتحمل كل هذا العناء والل من أجل دعوة مزيفة؟ هل يستطيع أي انسان غي‬
‫ملص‪ ..‬أن يبدي هذا الثبات والتصميم على مبدئه والتمسك به حت آخر رمق دون أدن وجل أو‬
‫تعثر أمام الخطار وصنوف التعذيب الت يكن تصورها وقد قامت عليه البلد بأكملها وحلت‬
‫السلح ضده؟‪.‬‬
‫"إن هذا اليان وهذا السعي الثيث وهذا التصميم والعزم الذي قاد به ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫حركته حت النصر النهائي‪ ،‬إنا هو برهان بليغ على صدقه الطلق ف دعوته‪ .‬إذ لو كانت ف نفسه‬
‫أدن لسة من شك أو اضطراب لا استطاع أبدًا أن يصمد أمام العاصفة الت استمرّ أوارها أكثر من‬
‫عشرين عامًا كاملة‪ .‬هل بعد هذا من برهان على صدق كامل ف الدف واستقامة ف اللق وسو ف‬
‫النفس كل هذه العوامل تؤدي ل مالة إل الستنتاج الذي ل مفر منه وهو أن هذا الرجل هو رسول‬
‫ال حقًا‪ .‬هذا هو نبينا ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬إذ كان آية ف صفاته النادرة ونوذجًا كاملً‬
‫للفضيلة والي‪ ،‬ورمزًا للصدق والخلص‪ ..‬إن حياته وأفكاره وصدقه واستقامته‪ ،‬وتقواه وجوده‪،‬‬
‫وعقيدته ومنجزاته‪ ،‬كل أولئك براهي فريدة على نبوته‪ .‬فأي إنسان يدرس دون تيّز حياته ورسالته‬
‫سوف يشهد أنه حقًا رسول من عند ال‪ ،‬وأن القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب ال حقًا‪ .‬وكل‬
‫مفكر منصف جاد يبحث عن القيقة لبدّ أن يصل إل هذا الكم‪**.‬‬
‫* الدكتور م‪ .‬ج‪ُ .‬درّان ‪ D‬صلى ال عليه وسلم ‪ M. H. Du .‬صلى ال عليه وسلم صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ani‬سليل أسرة مسلمة منذ القدم‪ ،‬أصبح نصرانيًا ف فترة مبكرة من حياته وتت تأثي‬
‫إحدى الدارس التبشيية السيحية‪ ،‬وقضى ردحًا من حياته ف كنيسة إنكلترا‪ ،‬حيث عمل قسيسًا منذ‬
‫عام ‪ 1939‬وحت عام ‪ 1963‬حيث جاءه السلم "كما يأت فصل الربيع"‪ ،‬فعاد إل دين آبائه‬
‫وأجداده‪.‬‬
‫**من كتاب رجال ونساء أسلموا‪.‬‬
‫==============‬
‫هذا النب الذي سخروا منه‬

‫‪222‬‬
‫قالوا فيه ما قالوا‪ ،‬والناس أعداء ما جهلوا‪ ..‬أل فليعرفوه‪ ،‬ولينظروا ف أخلقه‪ ،‬وأوصافه‪ ،‬فشفاء‬
‫الهل العلم [‪.]1‬‬
‫أعظم رجل ف التاريخ‪ :‬ممد عبد ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن حسن تقدير ال لذه المة أن جعله رسولا‪ ،‬فلها الفخر بذا الشرف‪ ..‬ومن الؤسف‪:‬‬
‫‪ -‬أن من الناس من ل يستشعر عظمته‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم من ل يكترث بقوقه الواجبة على المة‪ ،‬من‪ :‬مبة‪ ،‬واتباع‪ ،‬وأدب‪.‬‬
‫للُقية والَلْقية؛ فأطفالنا ينشئون وهم ل يعرفون عن نبيهم إل‪:‬‬
‫‪ -‬وقد أهل تعليم الصغار صفاته ا ُ‬
‫اسه وشيئا من نسبه‪ ،‬وهجرته من مكة إل الدينة‪ .‬أما صفاته البدنية‪ ،‬وأخلقه‪ ،‬ومقامه‪ ،‬وحقوقه‪،‬‬
‫وجوانب سيته فل خب لم با‪ .‬وهذا تقصي منا‪!!..‬‬
‫نن نتاج إل أن نتعرف على كل صغية وكبية ف حياته‪ ،‬من لدن مولده إل وفاته‪ ..‬ينبغي أن ننظر‬
‫إليه‪ :‬مربيا‪ ،‬وقدوة‪ ،‬وقائدا‪ ،‬ورسول‪ ،‬وسيدا ذا مقام رفيع‪ ،‬وقلب رحيم‪ ،‬ونفس زكية‪ ،‬وأدب جم‪،‬‬
‫وصب جيل‪ .‬من حقه علينا أن ندرس كل جوانب حياته‪ ،‬ونعلم أطفالنا وأزواجنا وأهلينا‪ :‬من هو‬
‫رسول ال ؟‪.‬‬
‫وأداء لبعض هذا الق‪ ،‬سنخصص هذا الديث عن صفاته عليه السلم الَلقية والُلقية‪:‬‬
‫***‬
‫إنه ممد بن عبد ال ؛ وممد معناه‪ :‬الحمود ف كل صفاته‪.‬‬
‫أخرج البخاري ف التاريخ الصغي عن أب طالب‪:‬‬
‫وشق له من اسه ليجله *** فذو العرش ممود وهذا ممد‬
‫وقد كان اسه أحد كما جاءت تسميته ف الكتب السابقة‪ ،‬قال تعال على لسان عيسى عليه السلم‪:‬‬
‫‪{ -‬ومبشرا برسول يأت من بعدي اسه أحد}‪.‬‬
‫وتسميته ممدا وقعت ف القرآن؛ سي ممدا‪:‬‬
‫‪ -‬لن ربه حده قبل أن يمده الناس‪ ،‬وف الخرة يمد ربه فيشفعه فيحمده الناس‪.‬‬
‫‪ -‬ولنه خص بسورة المد‪ ،‬وبلواء المد‪ ،‬وبالقام الحمود‪.‬‬
‫‪ -‬وشرع له المد بعد الكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬والدعاء‪ ،‬وبعد القدوم من السفر‪.‬‬
‫وسيت أمته المادين‪ ،‬فجمعت له معان المد وأنواعه‪...‬‬
‫***‬
‫وأما عن صفاته الَلقية‪:‬‬

‫‪223‬‬
‫‪ -‬فهو أبيض‪ ،‬ليس شديد البياض أمهقا‪ ،‬بل مشربا بمرة‪ ،‬والعرب تسمي السر سرة خفيفة أبيضا‬
‫مشرب بمرة‪ ،‬قال أبو طالب‪:‬‬
‫وأبيضُ يستسقى الغمام بوجهه *** ثالُ اليتامى عصمةٌ للرامل‬
‫‪ -‬ليس بالطويل البائن ول بالقصي التردد‪.‬‬
‫‪ -‬بعيد ما بي النكبي‪.‬‬
‫‪ -‬شديد سواد الشعر‪ ،‬ليس بالعد القطط؛ وهو الشعر الذي يلتف على بعضه‪ ،‬ول بالسبط؛ وهو‬
‫الشعر السترسل الناعم شديد النعومة‪ ،‬وإنا بي ذلك‪ ،‬يبلغ شحمة أذنيه‪ ،‬وقيل‪" :‬منكبيه"‪ ..‬يفرقها‬
‫فرقتي من وسط الرأس‪ ،‬وف شعر رأسه وليته شعيات بيض ل تبلغ العشرون‪.‬‬
‫‪ -‬مليح‪ ،‬وجهه مثل القمر ف استدارته وجاله‪ ،‬ومثل الشمس ف إشراقه‪ ،‬إذا سر يستني ويتهلل‬
‫وتنفرج أساريره‪.‬‬
‫‪ -‬واسع الفم‪ ،‬والعرب تدح بذلك وتذم بصغر الفم‪ ،‬جيل العيني قال جابر‪" :‬أشكل العيني" رواه‬
‫مسلم قيل أشكل العيني‪" :‬أي طويل شق العيني"‪ ،‬وقيل‪" :‬حرة ف بياض العيني"‪.‬‬
‫‪ -‬يداه رحبتان كبيتان واسعتان لينة اللمس كالرير‪ ،‬يقول أنس‪" :‬ما مسست ديباجا ول حريرا‬
‫ألي من كف رسول ال صلى ال عليه وسلم"‪ .‬متفق عليه‬
‫‪ -‬قدماه غليظتان لينة اللمس‪ ،‬فكان يمع ف بدنه وأطرافه بي لي اللمس وقوة العظام‪.‬‬
‫‪ -‬يداه باردتان‪ ،‬لما رائحة السك‪ ،‬يقول أبو جحيفة‪" :‬قام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون‬
‫بما وجوههم‪ ،‬فأخذت بيده فوضعتهما على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من‬
‫السك"رواه البخاري‪.‬‬
‫* وعن جابر بن سرة‪" :‬مسح رسول ال خدي فوجدت ليده بردا أو ريا كأنا أخرجها من جؤنة‬
‫عطار"مسلم كان عرقه أطيب من ريح السك‪ ،‬قال أنس‪ " :‬كأن عرقه اللؤلؤ " مسلم‪.‬‬
‫* ويقول وائل بن حجر‪ " :‬لقد كنت أصافح رسول ال صلى ال عليه وسلم أو يس جلدي جلده‪،‬‬
‫فأتعرقه بعد ف يدي وإنه لطيب رائحة من السك"‪ .‬الطبان والبيقهي‬
‫‪ -‬وجعت أم سليم من عرق النب صلى ال عليه وسلم فجعلته ف طيبها‪.‬‬
‫‪ -‬وعن أنس‪ " :‬كان رسول ال صلى ال إذا مر ف طريق من طرق الدينة وجد منه رائحة السك‬
‫فيقال‪ :‬مر رسول ال "‪ .‬أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح‬
‫‪ -‬قال أنس‪ " :‬ما شمت عنبا قط‪ ،‬ول مسكا‪ ،‬ول شيئا أطيب من ريح رسول ال" رواه مسلم‬
‫‪ -‬ساقاه بيضاء‪ ،‬تبقان لعانا‪.‬‬
‫‪ -‬إبطه أبيض‪ ،‬من تعاهده نفسه بالنظافة والتجمل‪.‬‬
‫‪ -‬إذا مشى يسرع‪ ،‬كأنا ينحدر من أعلى‪ ،‬ل يستطيع أحد أن يلحق به‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫***‬
‫أما عن صفاته الُلقية‪:‬‬
‫‪ -‬فقد كان أجود الناس‪ ،‬أجود بالي من الريح الرسلة‪.‬‬
‫‪ -‬ما عرض عليه أمران إل أخذ أيسرها‪ ،‬ما ل يكن إثا‪.‬‬
‫‪ -‬أشد حياء من العذراء ف خدرها‪.‬‬
‫‪ -‬ما عاب طعاما قط؛ إن اشتهاه أكله وإل تركه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تكلم تكلم ثلثا‪ ،‬بتمهل‪ ،‬ل يسرع ول يسترسل‪ ،‬لو عد العاد حديثه لحصاه‪.‬‬
‫‪ -‬ل يب النميمة ويقول لصحابه‪ " :‬ل يبلغن أحد عن أحد شيئا‪ ،‬إن أحب أن أخرج إليكم وأنا‬
‫سليم الصدر"‪.‬‬
‫‪ -‬أشجع الناس‪ ،‬وأحسنهم خلقا‪ ،‬قال أنس‪" :‬خدمت رسول ال عشر سني‪ ،‬وال ما قال ل‪ :‬أفا‬
‫قط‪ .‬ول لشيء فعلته‪ :‬ل فعلت كذا ؟‪ ،‬وهل فعلت كذا؟"‪ .‬مسلم‬
‫‪ -‬ما عاب شيئا قط‪.‬‬
‫‪ -‬ما سئل شيئا فقال‪" :‬ل" ‪ .‬يعطي عطاء من ل يشى الفقر‪.‬‬
‫‪ -‬يلم على الاهل‪ ،‬ويصب على الذى‪.‬‬
‫‪ -‬يتبسم ف وجه مدثه‪ ،‬ويأخذ بيده‪ ،‬ول ينعها قبله‪.‬‬
‫‪ -‬يقبل على من يدثه‪ ،‬حت يظن أنه أحب الناس إليه‪.‬‬
‫‪ -‬يسلم على الطفال ويداعبهم‪.‬‬
‫‪ -‬ييب دعوة‪ :‬الر‪ ،‬والعبد‪ ،‬والمة‪ ،‬والسكي‪ ،‬ويعود الرضى‪.‬‬
‫‪ -‬ما التقم أحد أذنه‪ ،‬يريد كلمه‪ ،‬فينحّي رأسه قبله‪.‬‬
‫‪ -‬يبدأ من لقيه بالسلم‪.‬‬
‫‪ -‬خي الناس لهله يصب عليهم‪ ،‬ويغض الطرف عن أخطائهم‪ ،‬ويعينهم ف أمور البيت‪ ،‬يصف نعله‪،‬‬
‫وييط ثوبه‪.‬‬
‫‪ -‬يأتيه الصغي‪ ،‬فيأخذ بيده يريد أن يدثه ف أمر‪ ،‬فيذهب معه حيث شاء‪.‬‬
‫‪ -‬يالس الفقراء‪.‬‬
‫‪ -‬يلس حيث انتهى به الجلس‪.‬‬
‫‪ -‬يكره أن يقوم له أحد‪ ،‬كما ينهى عن الغلو ف مدحه‪.‬‬
‫‪ -‬وقاره عجب‪ ،‬ل يضحك إل تبسما‪ ،‬ول يتكلم إل عند الاجة‪ ،‬بكلم يعد يوي جوامع الكلم‪،‬‬
‫حسن السمت‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كره شيئا عرف ذلك ف وجهه‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ -‬ل يكن فاحشا‪ ،‬ول متفحشا‪ ،‬ول سخابا‪ ،‬بالسواق‪ ،‬ول لعانا‪ ،‬ول يزي بالسيئة السيئة‪ ،‬ولكن‬
‫يعفو ويصفح‪.‬‬
‫‪ -‬ل يقابل أحدا بشيء يكرهه‪ ،‬وإنا يقول‪( :‬ما بال أقوام )‪.‬‬
‫‪ -‬ل يغضب ول ينتقم لنفسه‪ ،‬إل إذا انتهكت حرمات ال تعال‪ ،‬فينتقم ل‪.‬‬
‫‪ -‬ما ضرب بيمينه قط إل ف سبيل ال‪.‬‬
‫‪ -‬ل تأخذه النشوة والكب عن النصر‪:‬‬
‫* دخل ف فتح مكة إل الرم خاشعا مستكينا‪ ،‬ذقنه يكاد يس ظهر راحلته من الذلة ل تعال‬
‫والشكر له‪ ..‬ل يدخل متكبا‪ ،‬متجبا‪ ،‬مفتخرا‪ ،‬شامتا‪.‬‬
‫* وقف أمامه رجل وهو يطوف بالبيت‪ ،‬فأخذته رعدة‪ ،‬وهو يظنه كملك من ملوك الرض‪ ،‬فقال له‬
‫رسول ال‪" :‬هون عليك‪ ،‬فإنا أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بكة "‪.‬‬
‫‪ -‬كان زاهدا ف الدنيا‪:‬‬
‫* يضطجع على الصي‪ ،‬ويرضى باليسي‪ ،‬وسادته من أدم حشوها ليف‪.‬‬
‫* ير الشهر وليس له طعام إل التمر‪ ..‬يتلوى من الوع ما يد ما يل بطنه‪ ،‬فما شبع ثلثة أيام تباعا‬
‫من خبز بر حت فارق الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -‬كان رحيما بأمته‪ ،‬أعطاه ال دعوة مستجابة‪ ،‬فادخرها لمته يوم القيامة شفاعة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫* ( لكل نب دعوة مستجابة‪ ،‬فتعجل كل نب دعوته‪ ،‬وإن أختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة‪،‬‬
‫فهي نائلة إن شاء ال من مات ل يشرك بال شيئا ) [البخاري]؛ ولذا قال تعال عنه‪{ :‬لقد جاءكم‬
‫رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالؤمني رؤوف رحيم}‬
‫***‬
‫نن اليوم ف غاية الاجة إل تدارس سيته‪ ،‬ولو مرة ف السبوع ‪:‬‬
‫نلس ف البيت مع الزوجة والبناء‪ ..‬نقرأ إحدى كتب السي العتمدة مثل‪:‬‬
‫‪ -‬تذيب السية لبن هشام‪.‬‬
‫‪ -‬البداية والنهاية لبن كثي‪.‬‬
‫‪ -‬الشمائل الحمدية للترمذي‪.‬‬
‫‪ -‬فقه السية للغزال‪.‬‬
‫‪ -‬السية النبوية الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري‪.‬‬
‫وغيها‪ ..‬لبد أن نرص على مثل هذه اللقات ف بيوتنا‪ ،‬إن أردنا أن نتزكى ونرب أبناءنا وأزواجنا‪،‬‬
‫فهذه من أحسن وسائل التربية‪ ،‬وهو السلح الذي نواجه به الغثاء الذي يتصدر وسائل العلم‪:‬‬
‫‪ -‬فبه نفظ أبناءنا من النسلخ‪ ،‬والنسياق وراء زخارف‪ :‬الكفر‪ ،‬والفسق‪ ،‬والشهوات‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫‪ -‬وبه نغرس ف قلوبم مبة رسول ال‪ ،‬والفخر به‪،‬‬
‫‪ -‬والتعلق بسنته‪ ،‬وتقليده ف العادات والعبادات‪.‬‬
‫فمن غي العقول أن تكون سية هذا الرجل العظيم‪ ،‬الذي ما حفظ لنا القرآن والسنة والتاريخ سية‬
‫إنسان‪ ،‬مثلما حفظ سيته‪ ،‬بي أيدينا ث نمله وننصرف عنه!‪.‬‬
‫إن ذلك لغفلة معيبة‪.!!‍‍..‬‬
‫[مراجع‪ :‬فتح الباري ‪6/544‬ـ ‪ ،578‬مسلم الفضائل‪ ،‬البداية والنهاية]‬
‫‪---------------------‬‬
‫[‪ - ]1‬القصود بم هنا‪ :‬الصحف الدنركية‪ .‬الت نالت من مقام النب صلى ال عليه وسلم شخصه‬
‫بالرسومات‪ ،‬تنقصا‪ ،‬وسخرية‬
‫د‪ .‬لطف ال بن مل عبد العظيم خوجه‬
‫الصدر ‪ /‬طريق اليان‬
‫=================‬
‫صور من مبة النب صلى ال عليه وسلم لمته‬

‫الصورة الول ‪:‬‬


‫جاء ف صحيح البخاري ف حديث الشفاعة العظمى عن أنس رضي ال عنه وف الديث قول النب‬
‫صلى ال عليه وسلم (فيأتون‪ ،‬فأستأذن على رب ف داره فيؤذن ل عليه‪ ،‬فإذا رأيته وقعت ساجدا‪،‬‬
‫فيدعن ما شاء ال أن يدعن‪ ،‬فيقول ‪ :‬ارفع ممد‪ ،‬وقل يسمع‪ ،‬واشفع تشفع‪ ،‬وسل تعط‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فأرفع رأسي فأثن على رب بثناء وتميد يعلمنيه‪ ،‬فيحد ل حدا‪ ،‬فأخرج فأدخلهم النة ‪ -‬قال قتادة‬
‫‪ :‬وسعته أيضا يقول ‪ :‬فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم النة ‪ -‬ث أعود فأستأذن على رب ف‬
‫داره‪ ،‬فيؤذن ل عليه‪ ،‬فإذا رأيته وقعت ساجدا‪ ،‬فيدعن ما شاء ال أن يدعن‪ ،‬ث يقول ‪ :‬ارفع ممد‪،‬‬
‫وقل يسمع‪ ،‬واشفع تشفع‪ ،‬وسل تعط‪ ،‬قال ‪ :‬فأرفع رأسي فأثن على رب بثناء وتميد يعلمنيه‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ث أشفع فيحد ل حدا‪ ،‬فأخرج فأدخلهم النة ‪ -‬قال قتادة ‪ :‬وسعته يقول ‪ :‬فأخرج فأخرجهم من‬
‫النار وأدخلهم النة ‪ -‬ث أعود الثالثة‪ ،‬فأستأذن على رب ف داره فيؤذن ل عليه‪ ،‬فإذا رأيته وقعت له‬
‫ساجدا‪ ،‬فيدعن ما شاء ال أن يدعن‪ ،‬ث يقول ‪ :‬ارفع ممد‪ ،‬وقل يسمع‪ ،‬واشفع تشفع‪ ،‬وسل تعطه‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فأرفع رأسي‪ ،‬فأثن على رب بثناء وتميد يعلمنيه‪ ،‬قال ‪ :‬ث أشفع فيحد ل حدا‪ ،‬فأخرج‬
‫فأدخلهم النة ‪ -‬قال قتادة ‪ :‬وقد سعته يقول ‪ :‬فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم النة ‪ -‬حت ما‬
‫يبقى ف النار إل من حبسه القرآن) ‪ .‬أي وجب عليه اللود ‪ .‬قال ‪ :‬ث تل هذه الية ‪{ :‬عسى أن‬
‫يبعثك ربك مقاما ممودا} ‪ .‬قال ‪ :‬وهذا القام الحمود الذي وعده نبيكم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫الصورة الثانية ‪..‬‬
‫جاء عند البخاري أيضا من حديث أب هريرة رضي ال عنه ف حديث الشفاعة العظمى أيضا قول‬
‫النب صلى ال عليه وسلم (فأنطلق فآت تت العرش‪ ،‬فأقع ساجدا لرب عز وجل‪ ،‬ث يفتح ال علي من‬
‫مامده وحسن الثناء عليه شيئا ل يفتحه على أحد قبلي‪ ،‬ث يقال ‪ :‬يا ممد ارفع رأسك‪ ،‬سل تعطه‪،‬‬
‫واشفع تشفع‪ ،‬فأرفع رأسي فأقول ‪ :‬أمت يا رب‪ ،‬أمت يا رب‪ ،‬فيقال ‪ :‬يا ممد أدخل من أمتك من‬
‫ل حساب عليهم من الباب الين من أبواب النة‪ ،‬وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من البواب‪،‬‬
‫ث قال ‪ :‬والذي نفسي بيده‪ ،‬إن ما بي الصراعي من مصاريع النة كما بي مكة وحي‪ ،‬أو ‪ :‬كما‬
‫بي مكة وبصرى)‪.‬‬
‫الصورة الثالثة ‪..‬‬
‫( قرأ صلى ال عليه وسلم يوما قول اللـه ف إبراهيم‪َ ( :‬ربّ إِّنهُنّ َأضَْللْنَ َكثِيًا مِنَ النّاسِ فَ َمنْ تَِبعَنِي‬
‫ك َغفُو ٌر رَحِيمٌ ) [ ابراهيم‪] 36 :‬‬ ‫فَِإّنهُ مِنّي َومَ ْن َعصَانِي فَإِّن َ‬
‫حكِي ُم )‬‫وقرأ قول اللـه ف عيسى‪ (:‬إِنْ ُتعَذّْبهُمْ َفإِّنهُ ْم عِبَادُ َك وَإِنْ َت ْغ ِفرْ َلهُمْ فَإِّنكَ َأْنتَ اْل َعزِيزُ الْ َ‬
‫[ الائدة‪.] 118 :‬‬
‫فبكى صلى ال عليه وسلم فأنزل اللـه إليه جبيل عليه السلم وقال‪ :‬باجبيل سل ممد ما الذى‬
‫يبكيك؟ ‪ -‬وهو أعلم‪ ،-‬فنل جبيل وقال‪ :‬ما يبكيك يا رسول اللـه؟ قال أمت‪ ..‬أمت يا جبيل‪،‬‬
‫فصعد جبيل إل اللك الليل‪ .‬وقال‪ :‬يبكى على أمته واللـه أعلم‪ ،‬فقال لبيل‪ :‬انزل إل ممد وقل‬
‫له إنا سنرضيك ف أمتك ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫الصورة الرابعة‬
‫قول النب صلى ال عليه وسلم (لكل نب دعوة مستجابة يدعو با‪ ،‬وأريد أن أختبئ دعوت شفاعة‬
‫لمت ف الخرة ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫الصورة الامسة‬
‫أن رجل أصاب من امرأة قبلة‪ ،‬فأتى النب صلى ال عليه وسلم فأخبه‪ ،‬فأنزل ال ‪{ :‬أقم الصلة‬
‫طرف النهار وزلفا من الليل إن السنات يذهب السيئات} ‪ .‬فقال الرجل ‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أل هذا ؟‬
‫قال ‪ :‬لميع أمت كلهم ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫الصورة السادسة‬
‫قول النب صلى ال عليه وسلم ( لول أن أشق على أمت‪ ،‬أو على الناس لمرتم بالسواك مع كل‬
‫صلة ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫الصورة السابعة‬

‫‪228‬‬
‫روى البخاري ف صحيحه من حديث ابن عباس رضي ال عنهما قوله ( خرج علينا النب صلى ال‬
‫عليه وسلم يوما فقال ‪( :‬عرضت علي المم‪ ،‬فجعل ير النب معه الرجل‪ ،‬والنب معه الرجلن‪ ،‬والنب‬
‫معه الرهط‪ ،‬والنب ليس معه أحد‪ ،‬ورأيت سوادا كثيا سد الفق‪ ،‬فرجوت أن يكون أمت‪ ،‬فقيل ‪:‬‬
‫هذا موسى وقومه‪ ،‬ث قيل ل ‪ :‬انظر‪ ،‬فرأيت سوادا كثيا سد الفق‪ ،‬فقيل ل ‪ :‬انظر هكذا وهكذا‪،‬‬
‫فرأيت سوادا كثيا سد الفق‪ ،‬فقيل ‪ :‬هؤلء أمتك‪ ،‬ومع هؤلء سبعون ألفا يدخلون النة بغي‬
‫حساب) ‪ .‬فتفرق الناس ول يبي لم‪ ،‬فتذاكر أصحاب النب صلى ال عليه وسلم فقالوا ‪ :‬أما نن‬
‫فولدنا ف الشرك‪ ،‬ولكنا آمنا بال ورسوله‪ ،‬ولكن هؤلء هم أبناؤنا‪ ،‬فبلغ النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال ‪( :‬هم الذين ل يتطيون‪ ،‬ول يسترقون‪ ،‬ول يكتوون‪ ،‬وعلى ربم يتوكلون) ‪ .‬فقام عكاشة بن‬
‫مصن فقال ‪ :‬أمنهم أنا يا رسول ال ؟ قال ‪( :‬نعم) ‪ .‬فقام آخر فقال ‪ :‬أمنهم أنا ؟ فقال ‪( :‬سبقك‬
‫با عكاشة) ‪.‬‬
‫الصورة الثامنة ‪..‬‬
‫جاء ف حديث السراء والعراج الطويل ‪..‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ث عرج ب حت ظهرت‬
‫لستوى أسع فيه صريف القلم ‪ .‬قال ابن حزم وأنس بن مالك ‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ففرض ال على أمت خسي صلة‪ ،‬فرجعت بذلك‪ ،‬حت مررت على موسى‪ ،‬فقال ‪ :‬ما فرض ال‬
‫لك على أمتك ؟ قلت ‪ :‬فرض خسي صلة‪ ،‬قال ‪ :‬فارجع إل ربك‪ ،‬فإن أمتك ل تطيق ذلك‪،‬‬
‫فراجعن فوضع شطرها‪ ،‬فرجعت إل موسى‪ ،‬قلت ‪ :‬وضع شطرها‪ ،‬فقال ‪ :‬راجع ربك‪ ،‬فإن أمتك ل‬
‫تطيق‪ ،‬فراجعت فوضع شطرها‪ ،‬فرجعت إليه‪ ،‬فقال ارجع إل ربك‪ ،‬فإن أمتك ل تطيق ذلك‪،‬‬
‫فراجعته‪ ،‬فقال ‪ :‬هي خس‪ ،‬وهي خسون‪ ،‬ل يبدل القول لدي‪ ،‬فرجعت إل موسى‪ ،‬فقال ‪ :‬راجع‬
‫ربك‪ ،‬فقلت ‪ :‬استحييت من رب‪ ،‬ث انطلق ب‪ ،‬حت انتهى ب إل سدرة النتهى‪ ،‬وغشيها ألوان ل‬
‫أدري ما هي‪ ،‬ث أدخلت النة‪ ،‬فإذا فيها حبايل اللؤلؤ‪ ،‬وإذا ترابا السك ‪.‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫الصورة التاسعة ‪..‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يكثر من قول "سبحان ال وبمده أستغفر ال وأتوب إليه" ‪.‬‬
‫قالت فقلت ‪ :‬يا رسول ال ! أراك تكثر من قول "سبحان ال وبمده أستغفر ال وأتوب إليه ؟ "‬
‫فقال "خبن رب أن سأرى علمة ف أمت ‪ .‬فإذا رأيتها أكثرت من قول ‪ :‬سبحان ال وبمده‬
‫أستغفر ال وأتوب إليه ‪ .‬فقد رأيتها ‪ .‬إذا جاء نصر ال والفتح ‪ .‬فتح مكة ‪ .‬ورأيت الناس يدخلون ف‬
‫دين ال أفواجا ‪ .‬فسبح بمد ربك واستغفره إنه كان توابا" ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫الصورة العاشرة ‪..‬‬
‫قال النب صلى ال عليه وسلم ( ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا ‪ :‬يا رسول ال ! من قتل ف سبيل ال‬
‫فهو شهيد ‪ .‬قال ‪ :‬إن شهداء أمت إذا لقليل‪ ،‬قالوا ‪ :‬فمن هم ؟ يا رسول ال ! قال ‪ :‬من قتل ف‬

‫‪229‬‬
‫سبيل ال فهو شهيد ‪ .‬ومن مات ف سبيل ال فهو شهيد ‪ .‬ومن مات ف الطاعون فهو شهيد ‪ .‬ومن‬
‫مات ف البطن فهو شهيد ‪ .‬قال ابن مقسم ‪ :‬أشهد على أبيك‪ ،‬ف هذا الديث ؛ أنه قال ‪ :‬والغريق‬
‫شهيد ‪ .‬وف رواية ‪ :‬قال عبيدال بن مقسم ‪ :‬أشهد على أخيك أنه زاد ف هذا الديث ‪ :‬ومن غرق‬
‫فهو شهيد ‪ .‬وف رواية ‪ :‬زاد فيه ‪ :‬والغرق شهيد ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫الصورة الادية عشرة ‪..‬‬
‫( كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم‪ ،‬عرف ذلك ف وجهه‪ ،‬وأقبل وأدبر‬
‫‪ .‬فإذا مطرت‪ ،‬سر به‪ ،‬وذهب عنه ذلك ‪ .‬قالت عائشة ‪ :‬فسألته ‪ .‬فقال ‪" :‬إن خشيت أن يكون‬
‫عذابا سلطا على أمت" ‪ .‬ويقول‪ ،‬إذا رأى الطر "رحه" ‪ ) .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫الصورة الثانية عشرة ‪..‬‬
‫عن عبدال بن عمر ؛ قال ‪ ( :‬مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول ال صلى ال عليه وسلم لصلة العشاء‬
‫الخرة ‪ .‬فخرج إلينا حي ذهب ثلث الليل أو بعده ‪ .‬فل ندري أشيء شغله ف أهله أو غي ذلك ‪.‬‬
‫فقال حي خرج إنكم لتنتظرون صلة ما ينتظرها أهل دين غيكم ‪ .‬ولول أن يثقل على أمت لصليت‬
‫بم هذه الساعة ث أمر الؤذن فأقام الصلة وصلى ) رواه مسلم‬
‫الصورة الثالثة عشرة ‪..‬‬
‫( أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية ‪ .‬حت إذا مر بسجد بن معاوية‪ ،‬دخل‬
‫فركع فيه ركعتي ‪ .‬وصلينا معه ‪ .‬ودعا ربه طويل ‪ .‬ث انصرف إلينا ‪ .‬فقال صلى ال عليه وسلم‬
‫"سألت رب ثلثا ‪ .‬فأعطان ثنتي ومنعن واحدة ‪ .‬سألت رب أن ل يهلك أمت بالسنة فأعطانيها ‪.‬‬
‫وسألته أن ل يهلك أمت بالغرق فأعطانيها ‪ .‬وسألته أن ل يعل بأسهم بينهم فمنعنيها" ‪ .‬وف رواية ‪:‬‬
‫أنه أقبل مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف طائفة من أصحابه ‪ .‬فمر بسجد بن معاوية) ‪ .‬رواه‬
‫مسلم ‪.‬‬
‫الصورة الرابع عشرة ‪..‬‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم كان عند أضاة بن غفار ‪ .‬قال فأتاه جبيل عليه السلم ‪ .‬فقال ‪ :‬إن ال‬
‫يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف ‪ .‬فقال "أسأل ال معافاته ومغفرته ‪ .‬وإن أمت ل تطيق ذلك"‬
‫‪ .‬ث أتاه الثانية ‪ .‬فقال ‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفي ‪ .‬فقال "أسأل ال معافاته‬
‫ومغفرته ‪ .‬وإن أمت ل تطيق ذلك" ‪ .‬ث جاءه الثالثة فقال‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على‬
‫ثلثة أحرف ‪ .‬فقال "أسأل ال معافاته ومغفرته ‪ .‬وإن أمت ل تطيق ذلك" ‪ .‬ث جاءه الرابعة فقال ‪:‬‬
‫إن ال يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف ‪ .‬فأيا حرف قرءوا عليه‪ ،‬فقد أصابوا ‪.‬رواه‬
‫مسلم ‪ .‬ممد السمان‬
‫خطيب جامع الهيمي بالرياض‬

‫‪230‬‬
‫الصدر ‪ /‬هدى السلم‬
‫==============‬
‫حب نبيك كهؤلء‬

‫من أجل أن يعلم السلمون مكانة نبيهم صلى ال عليه وسلم ‪...........‬‬
‫ومن أجل أن يعلم السلمون كيف يكون الب القيقي لذا الرسول العظيم ‪..........‬‬
‫كانت هذه الواقف‪......‬‬
‫أبو بكر رضي ال عنه واليك هذ الشاعر الت يصيغها قلب سيدنا أبو بكر ف كلمات تقرأ‪ ،‬يقول‬
‫سيدنا أبو بكر‪ :‬كنا ف الجرة وأنا عطش عطش [ عطشان جدا‪ ،‬فجئت بذقة لب فناولتها للرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقلت له‪:‬اشرب يا رسول ال‪ ،‬يقول أبو بكر‪ :‬فشرب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم حت ارتويت!!‬
‫ل تكذّب عينيك!! فالكلمة صحيحة ومقصودة‪ ،‬فهكذا قالا أبو بكر الصديق ‪ ..‬هل ذقت جال هذا‬
‫الب؟انه حب من نوع خاص‪!!..‬أين نن من هذا الب!؟واليك هذه ول تتعجب‪ ،‬انه الب‪ ..‬حب‬
‫النب أكثر من النفس‪..‬‬
‫يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة [ أبو سيدنا أبر بكر]‪ ،‬وكان اسلمه متأخرا جدا وكان قد عمي‪،‬‬
‫فأخذه سيدنا أبو بكر وذهب به ال النب صلى ال عليه وسلم ليعلن اسلمه ويبايع النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‬

‫فقال النب صلى ال عليه وسلم' يا أبا بكر هل تركت الشيخ ف بيته‪ ،‬فذهبنا نن اليه' فقال أبو بكر‪:‬‬
‫لنت أحق أن يؤتى اليك يا رسول ال‪ ..‬وأسلم ابو قحافة‪ ..‬فبكى سيدنا أبو بكر الصديق‪ ،‬فقالوا له‪:‬‬
‫هذا يوم فرحة‪ ،‬فأبوك أسلم ونا من النار فما الذي يبكيك؟تيّل‪ ..‬ماذا قال أبو بكر‪..‬؟قال‪ :‬لن‬
‫كنت أحب أن الذي بايع النب الن ليس أب ولكن أبو طالب‪ ،‬لن ذلك كان سيسعد النب أكثر‬
‫سبحان ال ‪ ،‬فرحته لفرح النب أكب من فرحته لبيه أين نن من هذا؟‬
‫عمر رضي ال عنه كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو آخذ بيد عمر بن الطاب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وال لنت يا رسول ال أحب إل من كل شيء إل من نفسي فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫'ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من نفسه'‪ .‬فقال عمر‪ :‬فأنت الن وال أحب إل من نفسي‪.‬‬
‫فقال رسول ال‪' :‬الن يا عمر ‪.‬‬
‫لن يشعر بذه الكلمات من يقرأها فقط‪ ..‬انا وال أحاسيس تتاج لقلب يب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ليتلقاها كما هي‪ ..‬غضة طريّة‬

‫‪231‬‬
‫ثوبان رضي ال عنه غاب النب صلى ال عليه وسلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه وحينما جاء‬
‫قال له ثوبان‪ :‬أوحشتن يا رسول ال وبكى‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم‪ ' :‬اهذا يبكيك ؟ '‬
‫قال ثوبان‪ :‬ل يا رسول ال ولكن تذكرت مكانك ف النة ومكان فذكرت الوحشة فنل قول ال‬
‫شهَدَاء‬
‫تعال { َومَن ُيطِعِ الّلهَ وَالرّسُولَ فَُأوَْلِئكَ مَ َع الّذِينَ أَْنعَمَ الّلهُ َعلَْيهِم مّنَ النِّبّييَ وَالصّدّي ِقيَ وَال ّ‬
‫ك رَفِيقًا} [‪ ]69‬سورة النساء‬ ‫حيَ وَ َحسُنَ أُولَِئ َ‬ ‫وَالصّاِل ِ‬
‫سواد رضي ال عنه سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد واقف ف وسط اليش فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم للجيش‪ ':‬استوو‪ ..‬استقيموا'‪ .‬فينظر النب فيى سوادا ل ينضبط فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ' :‬استو يا سواد' فقال سواد‪ :‬نعم يا رسول ال ووقف ولكنه ل ينضبط‪ ،‬فجاء النب صلى ال‬
‫عليه وسلم بسواكه ونغز سوادا ف بطنه قال‪ ' :‬استو يا سواد '‪ ،‬فقال سواد‪ :‬أوجعتن يا رسول ال‪،‬‬
‫وقد بعثك ال بالق فأقدن!فكشف النب عن بطنه الشريفة وقال‪ ':‬اقتص يا سواد'‪ .‬فانكب سواد‬
‫على بطن النب يقبلها‪.‬يقول‪ :‬هذا ما أردت وقال‪ :‬يا رسول ال أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت‬
‫أن يكون آخر العهد بك أن تس جلدي جلدك‪.‬ما رأيك ف هذا الب؟‬
‫وأخيا ل تكن أقل من الذع ‪ ....‬كان النب صلى ال عليه وسلم يطب ف مسجده قبل أن يقام‬
‫النب بوار جذع الشجرة حت يراه الصحابة‪ ..‬فيقف النب صلى ال عليه وسلم يسك الذع‪ ،‬فلما‬
‫بنوا له النب ترك الذع وذهب إل النب 'فسمعنا للجذع أنينا لفراق النب صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فوجدنا النب صلى ال عليه وسلم ينل عن النب ويعود للجذع ويسح عليه ويقول له النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ':‬أل ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي ف النة؟'‪ .‬فسكن الذع مفكرة السلم‬
‫كيف نب النب بطريقة صحيحة؟‬
‫إذا كانت المة السلمية قد انتفضت ف كل أناء الرض لترد على ماولت الساءة الدنيئة لرسولنا‬
‫الكري بالرسوم الساخرة‪ ..‬فإن هذا الغضب والرفض بكل أشكالما القبولة والرفوضة فتح الباب‬
‫للتساؤل الهم ف هذه الرحلة‪ :‬كيف نب النب بطريقة صحيحة؟‬
‫الداعية عمرو خالد يواصل ف هذه اللقة من "على خطى البيب" شرحه للطريقة الصحيحة الت‬
‫يب أن نب با النب ونفتديه‪.‬‬
‫يقول عمرو خالد‪ :‬هل تضحي بنفسك للذود عن رسول ال؟ هل توت ف سبيله؟ هل تقلد طلحة‬
‫بن عبيد ال يوم غزوة أحد وهو يقول له‪ :‬نرى دون نرك يا رسول ال‪.‬‬
‫أي تقطع رقبت ول يسوك بشر‪ ،‬وفعل تشل يده بفعل سهم اخترقها‪ ،‬بينما كان يصد هذا السهم‬
‫الذي استهدف رسول ال‪.‬‬
‫حدث هذا لطلحة بينما نن نلس لنتفرج ف الغرف الكيفة على ما يدبر للنيل من نبينا الكري هكذا‬
‫أحبه طلحة‪ ،‬وهكذا أنت تبه‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫أتريد أن تعرف الطريقة الت يب أن تب با النب؟‪ ..‬النب صلى ال عليه وسلم" يرشدك إل هذه‬
‫الطريقة من خلل حديثه الشريف‪" :‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من نفسه وماله وأهله‬
‫وولده والناس أجعي"‪.‬‬
‫شرط اليان أن يكون النب أحب إنسان لك ف الدنيا‪.‬‬
‫تيل عمر بن الطاب "رضي ال عنه" الذي عرف بشونته وهو يشي مع النب النون ومعهما‬
‫مموعة من الصحابة‪ ،‬فإذا النب يد يده الكرية ليمسك بيد عمر‪ ،‬فيشعر بعاطفة النب وحنانه‪،‬‬
‫ويتحرك جوده‪ ،‬ويصيح‪ :‬وال إن أحبك يا رسول ال‪.‬‬
‫فيسأله النب‪ :‬أكثر من ولدك يا عمر؟ قال‪ :‬نعم يا رسول ال‪ .‬قال‪ :‬أكثر من أهلك يا عمر؟ قال‪ :‬نعم‬
‫يا رسول ال‪ ،‬الهل والال والولد‪ ،‬فقال النب‪ :‬أكثر من نفسك‪ .‬ليس مقبول أن تب النب ‪،% 99‬‬
‫لبد أن يكون حبك له ‪.%100‬‬
‫وعندما سع عمر بن الطاب رد النب عليه‪ ،‬انتحى بنفسه جانبا – يروي ذلك عبد ال بن عمر –‬
‫وراح يفكر بإمعان‪ ،‬ث رجع وهو يصيح بأعلى صوته‪ :‬وال لنت أحب إل من نفسي يا رسول ال‪،‬‬
‫فنظر إليه الرسول صلى ال عليه وسلم وقال‪ :‬الن يا عمر الن يا عمر‪ ،‬أي الن اكتمل إيانك يا‬
‫عمر‪.‬‬
‫التباع دون حب‪ ..‬ل يفيد‬
‫لبد أن يكون حبك لرسول ال هو أغلى حب ف حياتك‪ ،‬فالمة ف ضياعها الال‪ ،‬والناس ف‬
‫ضياعهم‪ ،‬ل حل لا ولم إل باتباع النب صلى ال عليه وسلم إصلح حال المة يتوقف على اتباع‬
‫النب والتباع لن يأت قسرا‪ ،‬إنا يأت بالب‪ ..‬وأنت لن تسي على خطى البيب‪ ،‬إل إذا كان الب‬
‫يل قلبك‪ ،‬فالب يفجر ف النفس أشياء كثية ليس بإمكان العقل أو الفكر أو الرادة تفجيها‪،‬‬
‫الب يرج من النفس الستعداد للتضحية والفداء والبذل‪ ،‬الب يرج معان تتاجها المة اليوم‪،‬‬
‫ولو قلنا إننا سنتبع رسول ال دون حب‪ .‬لن نتقدم خطوة‪.‬‬
‫خطوة البداية هي الفتاح لناز مسية المة‪ ،‬هذا ما ركز عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫والب هو الذي يول الر إل حلوة‪ ،‬والتراب إل ذهب! الب يلي الديد وييي الشيء اليت‪،‬‬
‫الب هو الذي جعل أم عمارة وعلي وعمارة يضحون بأنفسهم من أجل النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫قريش أرسلت عروة بن مسعود يوم الديبية سفيا لا إل رسول ال للتفاوض معه‪ ،‬فلم يستطع عروة‬
‫أن يفي انبهاره بأصحاب النب فعاد ليقول لقومه‪ " :‬وال لقد دخلت على كسرى ف ملكه ودخلت‬
‫على قيصر ملك الروم ف ملكه‪ ،‬ودخلت على النجاشي ف ملكه‪ ،‬فما رأيت أحدا يب أحدا‪ ،‬ول‬
‫أحدا يعظم أحدا‪ .‬كحب أصحاب ممد ممدا"‪.‬‬
‫ماذا أصاب الشباب؟‬

‫‪233‬‬
‫تيل خبيب بن عدي حي أسره أبو سفيان وعلقته قريش ف مكان بوار مكة ف منطقة التنعيم‪،‬‬
‫وكانوا يستعدون لقتله‪ ،‬وقبل العدام يتوجه إليه أبو سفيان ويقول له‪ :‬ماذا يا خبيب أنت ميت ميت‪،‬‬
‫فأصدقن القول‪ :‬أتب أن يكون ممد مكانك الن وأنت ف أهلك منعما؟‪ ..‬فيد خبيب‪:‬‬
‫وال ما أحب أن يكون رسول ال ف بيته تسسه شوكة‪ ..‬كان ردا صادقا من رجل سينفذ فيه حكم‬
‫العدام‪ ،‬هذا هو الب‪.‬‬
‫تيل امرأة مثل أم عمارة يوم غزوة أحد‪ .‬يهجم عليها ابن قمأة ويضربا بالسيف على كتفها‪ ،‬لكي‬
‫تفسح أمامه مكانا لكي يقتل النب صلى ال عليه وسلم وهي ل تلك سلحا وامرأة ضعيفة‪ ،‬ياورها‬
‫ينة ويسرة وهي مصممة على اعتراضه‪ .‬فيعصف به الغضب‪ ،‬ويضربا على كتفها بسيفه حت يتفتت‬
‫عظمها ويتساقط على الرض نازفا دمها مثل النافورة‪ ،‬وتسقط على الرض فيجيء ابنها لينقذها‪،‬‬
‫فتقول له‪ :‬دعن ألق برسول ال لنقذه‪ ،‬ويراها النب ويقلب كفيه وهو يقول لا‪ :‬من يطيق ما‬
‫تطيقينه يا أم عمارة؟ فترد عليه بلسان الحب ودمها ينف‪ :‬أنا أطيقه وأطيقه وأتمل‪ ،‬ولكن أسألك‬
‫شيئا واحدا يا رسول ال‪ :‬أسألك مرافقتك ف النة‪ ،‬فينظر إليها النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويقول‬
‫لا‪ :‬لست وحدك‪ ،‬أنت وأهلك رفقائي ف النة‪ ،‬ويرفع يديه ويقول‪ :‬اللهم ارض عن أهل هذا البيت‬
‫واجعلهم رفقائي ف النة‪.‬‬
‫أكب مصيبة أصابت العال السلمي ف هذا الزمان‪ ،‬وأصيب با شبابنا وبناتنا هي الفتور ف حب‬
‫رسول اله‪ ،‬لن قلوبم ضمت أحبابا آخرين غيه‪ ،‬قبلوا أن يعصوا ال ويبعثوا "ماساجات" وبلو توث‬
‫‪...‬و‪..‬و‪ ...‬وكل شاب يقول‪ :‬أنا عايز أحب واحدة جيلة وموش مهم حب رسول ال‪ ،‬عايز أحب‬
‫الفلوس أو الشهرة‪.‬‬
‫ترى هل تنوي أن يتحرك الب ف قلبك؟‬
‫نريد أن نشعل الب ف صدورنا لرسول ال صلى ال عليه وسلم يعينك على هذا الب أشياء كثية‬
‫أولا‪ :‬أن تدرس سيته‪ ،‬فأهم أهداف دراسة السية مبة رسول ال‪ ..‬ويعينك على مبته اقتناعك أنك‬
‫ف حاجة إليه ف الخرة يوم القيامة‪ .‬أنت لن تطو خطوة يوم القيامة إل ستجد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أمامك‪.‬‬
‫الوحيد الذي يشفع لنا‬
‫تيل أننا يوم البعث وقد خرجنا من قبورنا‪ ،‬أول شيء سنحتاج إل النب فيه هو الشفاعة‪ ،‬يوم القيامة‬
‫سنقف طويل والر شديد‪ ،‬والشمس تقترب من الرؤوس والناس مرهقة ومهدة تتساءل‪ :‬مت يتم‬
‫حسابنا؟‬
‫وتبدأ البشرية تفكر‪ :‬من يشفع لنا؟‬

‫‪234‬‬
‫فيهرولون إل أدم‪ ،‬فيقول لم‪ :‬لست لا لست لا‪ .‬اذهبوا إل نوح‪ ،‬فيذهبون إل نوح فيقول‪ :‬لست‬
‫لا لست لا‪ ،‬اذهبوا إل إبراهيم‪ ،‬يذهبون إل إبراهيم فيقول‪ :‬لست لا أذهبوا إل عيسى فيقول‬
‫عيسى‪ :‬لست لا لست لا اذهبوا إل ممد‪.‬‬
‫أراد ال تعال للبشرية أن تلف كل هذه اللفة ليزداد مقام ممد علوا وعظمة ف قلوب الناس‪،‬‬
‫فيذهبون إل ممد صلى ال عليه وسلم بعد أن وصلوا إل حالة من اليأس الشديد‪ ،‬يذهبون إليه –‬
‫وهو رحة للعالي – كفار ومسلمون‪ ،‬عرب وأعاجم‪ ،‬من كل زمان ومكان‪ ،‬ويلتفون حول رسول‬
‫ال‪ ،‬تيل الوقف الهيب وهم يطلبون منه‪ :‬اشفع لنا عند ربك يا ممد قبل أن يبدأ الساب‪ ،‬فيقول‬
‫لم‪ :‬أنا لا أنا لا‪.‬‬
‫ويراه اللق وهو يترق صفوف البشرية‪ ،‬وعيونم متعلقة به‪ ،‬فيسجد البيب تت عرش الرحن‬
‫ويمد ال قائل‪ :‬أحد ال بحامد ل يمده با إنسان من قبل‪ ،‬وأثن عليه ثناء ل يثن عليه به إنسان‬
‫من قبل‪ ،‬فيقول ال تبارك وتعال‪ :‬يا ممد ارفع رأسك وسل تعطي واشفع تشفع‪ ،‬فيقول البيب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا رب اشفع ف أن يبدأ الساب‪ ،‬فيبدأ الساب كرامة لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫لقاء النب يوم البعث‬
‫بدأ الساب لكن العطش شديد والشمس قريبة من الرؤوس‪ ،‬وتفاجأ بشيء عظيم‪ ،‬تفاجأ بأن منب‬
‫الرسول الكري منصوب عند الوض‪ ،‬والوض أبيض‪ ،‬ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل‪ ،‬من‬
‫شرب منه شربه ل يعطش بعدها أبدا‪ ،‬الوض فيه أكواب بعدد نوم السماء والنب يقف على منبه‬
‫ليتعرف على أمته من أثر الوضوء‪ ،‬فينادي عليهم‪ :‬أمت أمت‪ ،‬تعال لتشربي‪ .‬فتهرول إليه وأنت ترى‬
‫ابتسامته‪ ،‬وجهه ينطق بالفرح بك‪ ،‬فترتي ف حضن النب صلى ال عليه وسلم وتبكي من الفرحة‪.‬‬
‫هذه أول مرة ترى فيها رسول ال‪ ،‬وتتجه لتشرب‪ ،‬فيقول لك‪ :‬ل حت أسقيك من يدي‪ ،‬ويضع يده‬
‫الكرية ف الاء‪ ،‬فتشرب أنت من يده شربه ل تظمأ بعدها أبدا‪ ،‬ث يشفع لك عند ال ويقول‪ :‬يا رب‬
‫فلن سامه يا رب‪ ،‬يا رب فلن كان يبن فاغفر له واستره ول تفضحه أمام أبيه وأمه وزوجه‬
‫وأبنائه‪.‬‬
‫ترى هل بدأ الب يتحرك ف قلبك لرسول ال؟ كم مليون رجل ف تاريخ البشرية اسه ممد؟‬
‫لكن كم من بينهم من كلن يشعر بالب لرسول ال؟ هل تتخيل فرحة النب بلقاء الذين تسموا باسه‬
‫الكري يوم القيامة؟ أنت لقيت النب يوم القيامة عند الوض‪ ،‬وستلتقيه عند الصراط‪ ،‬أينما ذهبت يوم‬
‫القيامة سوف تلتقي رسول ال‪ ،‬وعند الصراط ستجد رسول ال واقفا يدعو لك وأنت تعبه رافعا‬
‫يده الكرية‪ :‬يا رب سلم‪ ،‬يا رب سلم ممدا‪ ،‬يا رب سلم هدى‪ ،‬يا رب سلم أحدا‪ ،‬أفل يتلئ قلبك‬
‫بالب له؟‬

‫‪235‬‬
‫أول من يدخل النة‬
‫وإذا عبت الصراط تتجه إل الناحية الخرى حيث باب النة‪ ،‬وستجد الرسول ف انتظارك عند باب‬
‫النة‪ ،‬باب النة ل يزال مغلقا‪ ،‬نذهب للنبياء مرة أخرى واحدا تلو الخر‪ ،‬فيقولون لست لا‪،‬‬
‫لست لا‪ ،‬حت نصل إل سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم فيقول أنا لا أنا لا‪.‬‬
‫يفتح لك باب النة ويأخذك من يدك لدخولا‪ ،‬يطرق باب النة فيكون أول البشر الذين يطرقون‬
‫باب النة‪ ،‬فينادي خازن النة‪ :‬من؟ فيد عليه‪ :‬ممد بن عبد ال فإذا باللك من الداخل يقول‪ :‬أمرن‬
‫ال أل أفتح إل لك يا رسول ال‪.‬‬
‫ويفتح باب النة‪ ،‬وتدخل البشرية خلف ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫لذا أطلقت اسم "على خطى البيب" على السية النبوية العطرة‪ .‬فأنت إذا مشيت على خطاه‪،‬‬
‫ستدخل النة‪ ..‬أنت باجة إل رسول ال‪ ،‬لنك ستذهب إليه ليشفع لحبائك الذين دخلوا النار‪،‬‬
‫فأنت ذنوبك كثية وستستحي أن تطلب من ال سبحانه أن يغفر لهلك‪ ،‬وستذهب إل ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم لكي يشفع لم عند ال‪.‬‬
‫يقول النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬فأدخل الناس النة ث أذهب تت عرش الرحن فأسجد وأدعو ال‬
‫سبحانه أقول‪ :‬أمت أمت‪ ،‬فيقول ال تبارك وتعال اذهب يا ممد فاخرج من أمتك من النار ويد ل‬
‫حدا‪ ،‬فأذهب فأخرجهم من النار وأدخلهم النة‪ ،‬ويذهب إليه قوم آخرون من السلمي طلبا للشفاعة‬
‫فيتجه صلى ال عليه وسلم ليسجد تت عرش الرحن فيقول‪ :‬ال سبحانه‪ :‬يا ممد اذهب فاخرج من‬
‫أمتك من النار‪ ،‬ويد ل حدا‪ ،‬فأذهب وأخرجهم‪.‬‬
‫كل النبياء يوم القيامة يقولون‪ :‬نفسي نفسي‪ ،‬والوحيد الذي يقول أمت أمت هو ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‬
‫فيذهب ليخرجهم من النار‪.‬‬
‫يعينك على حب النب أنك تدرس سيته‪ ،‬وترى حب الخرين له‪ ،‬فيتعلق قلبك به‪.‬‬
‫حوار أجراه أ ‪ /‬عصام غازي مع الستاذ عمرو خالد لجلة كل الناس بتاريخ ‪ 7-1‬مارس ‪2006‬‬
‫=============‬
‫كان خُلقه القرآن‬
‫سية رمضان‬
‫وإذ قال ربك للملئكة إن جاعل ف الرض خليفة قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء‬
‫ونن نسبح بمدك ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون (‪( )30‬البقرة)‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫وكان ف علم ال خلق ممد صلى ال عليه وسلم والنبياء والرسل‪ ،‬يصلحون ول يفسدون‪ ،‬يقنون‬
‫الدماء ول يسفكونا‪ ،‬من أطاعهم فقد فاز‪ ،‬ومن عصاهم فقد خسر خسرانا مبينا‪ .‬أولئك الذين‬
‫هدى ال فبهداهم اقتده (النعام‪.)90:‬‬
‫وقرن ال طاعة الرسول صلى ال عليه وسلم بطاعته سبحانه‪ :‬من يطع الرسول فقد أطاع ال‬
‫(النساء‪.)80:‬‬
‫فقد توج سبحانه بعثة النبياء باتهم النب المي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعلمه من العلم ما ل يكن‬
‫يعلم وتعلمنا منه صلى ال عليه وسلم ما ل نكن نعلم‪.‬‬
‫وأنزل ال عليك الكتاب والكمة وعلمك ما ل تكن تعلم وكان فضل ال عليك عظيما ‪113‬‬
‫(النساء)‪.‬‬
‫كما أرسلنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والكمة ويعلمكم ما‬
‫ل تكونوا تعلمون ‪( 151‬البقرة)‪.‬‬
‫وقد أدى صلى ال عليه وسلم المانة وبلغ الرسالة وفاز برضا الرحن‪ ،‬وأثن عليه سبحانه قائلً‪:‬‬
‫وإنك لعلى" خلق عظيم (‪( )4‬القلم)‪.‬‬
‫وأكرمه جل جلله‪ :‬إنا أعطيناك الكوثر (‪( )1‬الكوثر)‪.‬‬
‫كان النب صلى ال عليه وسلم قرآنا يشي على الرض‪ ،‬مطبقا لكتاب ال كنموذج بشري مثال‪،‬‬
‫وأمرنا ال باتباع خطواته إن أردنا الفلح‪ :‬لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة (الحزاب‪:‬‬
‫‪.)21‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يستمع إل اليات فتمل عليه كيانه وتصبح هوى فؤاده‪ ،‬ومبعث سروره‪،‬‬
‫وقرة عينه‪ ،‬فيبادر إل تنفيذها‪ ..‬فعندما أوحى ال إليه‪ :‬قل يا أيها الناس إن رسول ال إليكم جيعا‬
‫(العراف‪ ،)158:‬وما أرسلناك إل كافة للناس بشيا ونذيرا (سبأ‪.)28:‬‬
‫كانت حركته صلى ال عليه وسلم طاعة لمر ال‪ ،‬فقد أعلنها جهرة‪ ،‬حيث ثبت ف الصحيحي قوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬وكان النب يبعث إل قومه خاصة وبعثت إل الناس عامة"‪ ،‬وكان فعله ف‬
‫الواقع مطابقا لقوله‪.‬‬
‫فكانت دعوته للجميع رجالً ونساء وأطفالً ولهل مكة وللفرس والروم وكل أناء الدنيا‪.‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يرس ُل الرسائل للملوك ول يش سطوتم ول حشودهم‪ ،‬فلم تكن تأخذه‬
‫ف طاعة ال لومة لئم‪.‬‬
‫فقد أرسل إل قيصر ملك الروم‪ ،‬وكسرى ملك الفرس‪ ،‬والنجاشي ملك البشة‪ ،‬والقوقس عظيم‬
‫مصر‪ ،‬وملكي عُمان‪ ،‬وملكي اليمامة‪ ،‬وملك البحرين‪ ،‬وملك توم الشام‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫أوحى ال تعال إليه‪ :‬قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إل على ال وهو على" كل شيء‬
‫شهيد ‪( 47‬سبأ)‪.‬‬
‫فكان صلى ال عليه وسلم يسد قول ال عمليا‪ ،‬فلم يقبل الصدقة‪ ،‬وكان له خُمس الغنائم ولكنه‬
‫مردود على السلمي‪ ،‬وكان يُعطي عطاء من ل يشى الفقر‪.‬‬
‫وكان يؤلف القلوب ببذل الال بسخاء ل يعهده العرب‪ ،‬وهم من ُعرِف بالكرم‪.‬‬
‫مات صلى ال عليه وسلم ول يترك شيئا من حُطام الدنيا‪ ،‬وكان يكنه أن يلك الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫كان جهاده ل ودعوته ل وصبه ل وماله ل‪.‬‬
‫قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي ‪( 162‬النعام)‪.‬‬
‫رأفة ورحة للعالي‬
‫وأوحى إليه قوله تعال‪ :‬وما أرسلناك إل رحة للعالي ‪( 107‬النبياء)‪.‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يتمن هداية قومه جيعا‪ ،‬حت إن رب العزة أشفق عليه فقال‪ :‬فلعلك باخع‬
‫نفسك على" آثارهم إن ل يؤمنوا بذا الديث أسفا ‪( 6‬الكهف)‪.‬‬
‫وعندما ذهب صلى ال عليه وسلم إل الطائف وقذفه الصبيان بالجارة وأدموا قدمي سيد الرسلي‬
‫نزل ملك البال بإذن ملك السموات والرض وقال له‪" :‬إن أمرتن أطبقت عليهم الخشبي"‬
‫فتدفقت الرحة الت أسبغها ال عليه‪ ،‬على لسانه الطاهر قائلً‪" :‬لعل ال يأت منهم بن يوحد ال"‪.‬‬
‫وف غزوة أحد عندما أدمى قومه رأسه فبادر يدعو لم‪ ،‬خوفا عليهم من غضب ال‪ ،‬فقال‪" :‬اللهم‬
‫اهد قومي فإنم ل يعلمون"‪..‬‬
‫وأخرجه أهله من مكة وهي أحب أرض ال إل قلبه‪ ،‬وحاربوه صلى ال عليه وسلم ف ثلث غزوات‬
‫متتالية "بدر وأحد والندق"‪ ،‬وقتلوا من أصحابه من قتلوا‪ ،‬غي من قتل وعُذّب بكة قبل الجرة‪،‬‬
‫فطبق صلى ال عليه وسلم القرآن خي تطبيق وظل قول ال معه أينما ذهب‪ ،‬وأينما سار‪ ،‬ترك به‬
‫وعمل بقتضاه‪ ،‬فعفا عنهم جيعا بعد فتح مكة‪ ،‬وقد أصبح هو السيد والمر‪ ،‬قائلً‪" :‬اذهبوا فأنتم‬
‫الطلقاء"‪ :‬وما أرسلناك إل رحة للعالي ‪( 107‬النبياء‪.)107:‬‬
‫خفض الناح‬
‫فلم يكن هدفه القصاص والنتقام‪ ،‬ولكن العفو ووالرحة‪ ،‬فأثن عليه سبحانه يقوله‪ :‬لقد جاءكم‬
‫رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالؤمني رءوف رحيم ‪( 128‬النحل)‪ ،‬هذا‬
‫للعالي‪ ،‬أما الؤمنون فقد شبهه سبحانه بالطائر الذي يفض جناحه لم حنانا ورحة ورعاية لغلى‬
‫ما عنده‪.‬‬
‫واخفض جناحك للمؤمني ‪( 88‬الجر)‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫القانت العابد الستغفر‪ :‬لقد كان صلى ال عليه وسلم حقا الشق الركي العملي التطبيقي النموذجي‬
‫الناجح لكتاب ال العظيم‪ ،‬وقد أمره ال سبحانه ملك السموات والرض ف كتابه العظيم الالد‬
‫بقوله‪ :‬وقل جاء الق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ‪( 81‬السراء)‪.‬‬
‫وشرفه سبحانه بدم أصنام الكعبة‪.‬‬
‫وأمره سبحانه‪ :‬ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى" أن يبعثك ربك مقاما ممودا ‪79‬‬
‫(السراء)‪ ،‬فكان تطبيقه العملي لمر الرحن قيام بالليل‪ ،‬فكان يقومه حت تتورم قدماه فتشفق عليه‬
‫السيدة عائشة‪ ،‬سائلة إياه‪" :‬أل يغفر لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر"؟ فيقول لا صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬أفل أكون عبدا شكورا"؟‪ ،‬أي طائعا منفذا لقوله سبحانه‪ :‬بل ال فاعبد وكن من‬
‫الشاكرين ‪( 66‬الزمر)‪ .‬ولقوله تعال‪ :‬قم الليل إل قليل (‪( )2‬الزمل)‪.‬‬
‫وعندما أُوحِي إليه قول ال‪ :‬واستغفر ال إن ال كان غفورا رحيما ‪( 106‬النساء)‪.‬‬
‫كان يُعد له صلى ال عليه وسلم ف اللسة الواحدة مائة استغفار‪ ،‬وكان صلى ال عليه وسلم يدعو‬
‫بأدعية الستغفار‪ ،‬ومن كثرتا أُطلق على أحدها "سيد الستغفار"‪ ،‬ونصه‪:‬‬
‫"اللهم أنت رب ل إله إل أنت خلقتن وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت‪ ..‬أعوذ بك‬
‫من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك عليّ‪ ..‬وأبوء بذنب فاغفر ل فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت"‪.‬‬
‫ويثنا صلى ال عليه وسلم على الستغفار ويرغبنا فيه ويبي أنه الخرج والرزق‪ ،‬وسبب الرضا من‬
‫صاحب المر سبحانه‪.‬‬
‫قال سبحانه‪ :‬وال يعصمك من الناس (الائدة‪.)67:‬‬
‫وأغدق عليه بنعمائه وأحاطه برعايته سبحانه وتعال‪ :‬أليس ال بكاف عبده (الزمر‪ .)36:‬ووعده‬
‫قائلً‪ :‬إنا كفيناك الستهزئي ‪( 95‬الجر)‪.‬‬
‫فتحرر بذلك صلى ال عليه وسلم من الوف على نفسه حت وهو ف الغار‪ ،‬والشركون من حوله‬
‫كان يهون على صاحبه الصديق أب بكر ويبعث ف نفسه الطمأنينة‪ ،‬حيث قال له بيقي الطمئن‬
‫الواثق بال‪ :‬ل تزن إن ال معنا (التوبة‪.)40:‬‬
‫وذات مرة كان صلى ال عليه وسلم نائما فرفع أحدهم عليه السيف قائلً‪" :‬من يعصمك من يا‬
‫ل بثقة ويقي‪" :‬ال" فوقع السيف من يد العراب‪.‬‬ ‫ممد"؟ فكان رده سريعا قائ ً‬
‫وترر صلى ال عليه وسلم من الوف على أولده فهاجر وتركهم ف معية ال‪ ،‬وقد ترك علي بن أب‬
‫طالب ف فراشه وهو مطمئن‪ ،‬وطلق ابنا عمه أب لب ابنتيه الثنتي فلم يهتز ول يضعف‪.‬‬
‫وترر صلى ال عليه وسلم من الوف من عدم وجود مسكن يأويه إليه حيث هاجر وترك مسكنه‬
‫فأبدله ال بسكن بوار ثان الرمي‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم ينفذ اليات ويستوعبها ويعلمها الكبار والصغار‪ ،‬فقد روى عنه ابن‬
‫عباس قوله معلما إياه وهو صب‪ ،‬كيف يفظه ال بفظه هو لربه‪:‬‬
‫"احفظ ال يفظك‪ ،‬احفظ ال تده تاهك‪ ،‬إذا سألت فاسأل ال‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال"‪...‬‬
‫حب ال والدعوة إليه‬
‫وقال رب العزة‪ :‬والذين آمنوا أشد حبا ل (البقرة‪.)165:‬‬
‫فكان صلى ال عليه وسلم يبه حبا ملك عليه وجدانه‪ ،‬وكان حريصا على أن يدعو كافة الناس إليه‬
‫ويعرفهم به ليحبه الميع‪ ،‬وقد تلى مدى حب رسول ال لربه ف قوله تعال‪ :‬ول يزنك الذين‬
‫يسارعون ف الكفر إنم لن يضروا ال شيئا (آل عمران‪.)176:‬‬
‫وكانت الدعوة إل دين ال لا الهتمام الول والكب ف حياة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فعندما‬
‫دخل الدينة كان بناؤه لبيت ال قبل بنائه لبيته‪ ،‬وقبل الجرة عندما عرضوا عليه الال والاه على أن‬
‫يترك دعوته كانت عباراته وكلماته الضيئة الثابتة بقوله‪" :‬وال يا عم لو وضعوا الشمس ف يين‬
‫والقمر ف يساري على أن أترك هذا المر ما تركته حت يظهره ال أو أهلك دونه"‪.‬‬
‫أحب ال بكل كيانه فأحبه ال ووضع له الحبة ف الرض حت إنه يُروى أن الجر والشجر كان‬
‫يُلقي على رسول ال السلم‪ ،‬وكان السحاب يتسابق ليظله‪ ،‬وكل من آمن به كان يفديه بروحه‪،‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم أحب إليهم من أنفسهم وانطبق عليهم قول النعم صاحب الفضل والنن‪:‬‬
‫النب أول" بالؤمني من أنفسهم (الحزاب‪.)6:‬‬
‫فهذه صحابية مات عنها الولد والب والخ ف غزوة أحد‪ ،‬وكلما علمت بوت أحد منهم تسأل‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعندما علمت أنه بي كان لسانا يلهج بمد ال وشكره‪.‬‬
‫لقاء ال‬
‫ويزداد حب الرسول ل تعال حت يصبح لقاء ال هو أسعد أوقاته فيوى عنه القول‪ .." :‬وجُعلت‬
‫قرة عين ف الصلة" وكان لقاء ال هو مصدر راحته وسكينة فؤاده فيوى عنه قوله لبلل‪" :‬أرحنا با‬
‫يا بلل"‪.‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يدعو ال بأدعية يُظهر متواها مدى حب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ل تعال‪ ،‬فكانت أقواله وأفعاله تشهد له بذلك‪ ،‬ويروى من هذه القوال قوله‪" :‬اللهم أسلمت نفسي‬
‫إليك"‪.‬‬
‫هذه مقتطفات بسيطة تظهر ترك الرسول صلى ال عليه وسلم بالقرآن‪ ،‬وهكذا عرفناه وكان قدوة‬
‫لتباعه وهم مطمئنون فقد قال عنه ربه‪:‬‬
‫وإنك لتهدي إل" صراط مستقيم ‪( 52‬الشورى)‪.‬‬
‫وتعلمنا منه صلى ال عليه وسلم‪ :‬الكثي والكثي‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫فممن تعلمنا الوضوء؟‬
‫ومن علمنا الصلة؟‬
‫ومن علمنا القرآن؟‬
‫ومن علمنا الدعاء؟‬
‫ومن علمنا السلم؟‬
‫ومن علمنا أن نتحاب ف ال؟‬
‫ومن عرفنا بال الق؟‬
‫ومن علمنا الهاد الق؟‬
‫ومن علمنا الصب؟‬
‫ومن دلنا على السعادة؟‬
‫ومن دلنا على أبواب النة؟‬
‫ومن سيشفع لنا؟‬
‫ومن سنلقاه على الوض؟‬
‫من غيه بأب هو وأمي صلى ال عليه وسلم؟‬
‫===================‬
‫هل الرية َمعْبَر للعدوان على رسول ال?‬

‫نشرت جريدة عكاظ ف ‪30/12/1426‬هـ‪:‬‬


‫هل الرية َمعْبَر للعدوان على رسول ال?‬
‫د‪ .‬عائض الردادي‬
‫(الرية) كلمة أصبحت تساوي كلمة (العدوان) ف زماننا‪ ,‬فكم من دم أريق عدوانا تت شعار‬
‫الرية‪ ,‬وكم من وطن احتل تت شعار الرية‪ ,‬وكم من مقدّسات دنّست تت شعار الرية‪ ,‬فالرية‬
‫أصبحت معب العدوان على الديان والوطان والعراض‪.‬‬
‫الرية ضد العبودية‪ ,‬ولكنها صارت هي العبودية فهي الرق الديد لحرار الشعوب والوطان‪ ,‬تداس‬
‫الكرامات بوافرها‪ ,‬ويعتدى على القدسات باسها‪ ,‬ووصل با الال أن تان قداسة النبياء باسها‪,‬‬
‫وأن تان الكتب القدسة باسها‪ ,‬ووصل المر بالعتدين باسم الرية أن يبثوا كرههم وحقدهم على‬
‫الخرين عب هذا السر من الرية‪ ,‬وإن َردّ عليهم مدافع وصموه بعدو الرية‪ ,‬وإذا ما استمر العال‬
‫ف هذا الستهتار بعتقدات الخرين فسوف يشتعل نارا بعد حي‪ ,‬ما ل يسك العقلء بأيدي‬

‫‪241‬‬
‫الاقدين الكارهي‪ ,‬وبأقلمهم الصدئة‪ ,‬وبوسائل إعلمهم الادرة بالشر‪ ,‬ولن تكبّل القوى الهيمنة‬
‫الشعوب بالغلل عن الدفاع عن عقائدها‪.‬‬
‫عندما شاهدتُ الصور السيئة لسيد البشر صلى ال عليه وسلم وهي تزيد عن (‪ )25‬صورة تألت‬
‫كيف يصل الستهتار بالقيم إل هذا الد على أيدي هؤلء السفهاء الذين ل يوجد لديهم سلح‬
‫سوى الرية غي السؤولة‪ ,‬وقرأت ترجة مقال رئيس ترير جريدة (اليولندس دوست) الدانركية‪,‬‬
‫فعرفت أننا ف زمن اندار القيم والخلق‪ ,‬والقد الدفي على السلم وأهله فقد وصفهم‬
‫(بالظلميي القادمي بأفكار العصور الوسطى‪ ,‬الذين يعانون من جنون العظمة) ونسي ‪-‬تارييا‪ -‬أنه‬
‫عندما كان هؤلء يضيئون العال كانت بلده أدغالً وأحراشا ل تُعرف على خارطة العال‪.‬‬
‫الرية أن تدافع عن الظلوم أيّا كان‪ ,‬وف أي بلد كان‪ ,‬وأن تقول للمحتل أنت معتدٍ‪ ,‬وللسارق‬
‫للحرية أنت سارق‪ ,‬والرية أن تدافع عن العتدى عليه فردا أم شعبا‪ ,‬ل أن تتقوّى بيمنة العتدي‬
‫وتساعده ف إهالة التراب على الشعوب وهي أحياء‪ ,‬وعلى الديان وهي مقدسة‪ ,‬وعلى النبياء وهم‬
‫موضع احترام من كل الشعوب‪.‬‬
‫حى العتداء على النب صلى ال عليه وسلم بدأت على يد كاتب شيوعي ألّف كتابا عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬وهل يتوقع من ملحد أن يقول عن نبّ غي الراء البن على حقد ف صدره? وأرادت‬
‫الصحيفة أن توسع الساءة فدعت (‪ )40‬رساما كاريكاتوريا لرسم صور لسيد البشر غي أن (‪)30‬‬
‫منهم عقلء‪ ,‬ربأوا بأنفسهم عن عبث يغذيه حقد‪ ,‬وشارك (‪ )10‬ف هذا العمل القبيح الذي ل يليق‬
‫ببلد تدعي أنا تثل حرية النسان ف العال‪ ,‬فالضارة أفعال ل أقوال‪ .‬أما الرية العادلة فهي الت‬
‫تقابل تلك الساءة سواءً أكانت لحمد صلى ال عليه وسلم أم لغيه من النبياء‪ ,‬بالقاطعة لزبدة‬
‫وجب وحليب تلك البلد‪ ,‬فلتذب الزبدة‪ ,‬وليتعفن الليب‪ ,‬وليفسد الب‪ ,‬فمثل هؤلء ل يدي‬
‫معهم سوى القاطعة القتصادية‪ ,‬لن عقولم تتوقف عند الاديات‪ ,‬ول ترتقي إل العقولت‪ ,‬فنحن‬
‫السلمي أنعم ال علينا بالعقل والتدبّر ف الكون‪ ,‬واحترام الديان حت لو كانت وثنية‪ ,‬ونن نؤمن‬
‫بعال متعدد الثقافات والعراق والديان‪ ,‬وليس عالنا عال زبدة وجب وحليب يغذي الكره والقد‬
‫ف أجسامنا‪.‬‬
‫ل أقلّ من أن نقاطع‪ ,‬أفرادا ومنظمات وشعوبا‪ ,‬تلك النتجات وغيها‪ ,‬فنحن أحرار من أجل الي‬
‫والحبة‪ ,‬ل من أجل الكره والقد‪ ,‬لنذبّ عن رسول ال سيد البشر برغم أنوف من حادّ ال‬
‫ورسوله‪ ,‬وليعرف صاحب الصنع والتاجر أن مصدر خسارته هو من كتب بب أسود حقدا أسود‪,‬‬
‫فليسل له الليب البيض إن كان يعبّر عن حريته‪ ,‬فحرية الخرين ليست رخيصة‪ ,‬لنردّد مع حسّان‬
‫رضي ال عنه‪:‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي‬

‫‪242‬‬
‫لعرض مم ٍد منكم وقاء‬
‫للتواصل ص‪.‬ب ‪ 45209‬الرياض ‪11512‬‬
‫فاكس‪2311053/01 :‬‬
‫‪ibn-jammal@hotmail.com‬‬
‫=======================‬
‫هل حب النب أمر فطري أم أنه تربية روحية تتاج إل جهد من السلم ؟‪.‬‬

‫إسلم أون لين‪:‬‬


‫هل حب النب أمر فطري؛ أم أنه تربية روحية تتاج إل جهد من السلم ؟‪.‬‬
‫السم عبد الوهاب ‪ -‬الزائر‬
‫الوضوع العقيدة‬
‫العنوان الدليل النافع لنصرة البيب الشافع‬
‫السؤال الفاضل ف شبكة إسلم أون لين ‪ :‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫عندي بعض السئلة الت أود أن تيبون عليها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫هل حب النب أمر فطري؛ أم أنه تربية روحية تتاج إل جهد من السلم ؟‪.‬‬
‫ما هو الدور الذي يكن أن يلعبه السلم لنصرة نبينا عليه أفضل الصلة وأزكى التسليم ف ظل الجمة‬
‫الشرسة الت يشنها العلم الغرب ضد؟‪.‬‬
‫ما هي الوسائل العملية والطوات الت يكن تنفيذها‪ ،‬للذود عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫و جزاكم ال خيا‪.‬‬
‫الرد‬
‫يقول فضيلة الدكتور عبد الستار فتح ال سعيد‪ ،‬أستاذ التفسي وعلوم القرآن بامعة الزهر‪:‬‬
‫بسم ال والمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه ومن واله ‪،‬‬
‫ث أما بعد ‪:‬‬
‫فإن من سنن ال الثابتة‪ ،‬ومن فطرته ف خلقه‪ ،‬أن النسان يب الشياء النبيلة العالية‪ ،‬ويكره الشياء‬
‫البغيضة السافلة‪.‬‬
‫والنب ممد صلى ال عليه وسلم هو الثل العلى‪ ،‬البشري‪ ،‬ف كماله‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وهو ذروة عليا ف‬
‫الخلق والشمائل‪ ،‬وقد مدحه ال تعال فقال‪":‬وإنك لعلى خلق عظيم"‪ ،‬وهذا النوع من البشر تبه‬
‫النفوس بفطرتا‪ ،‬وتيل إليه بطبيعتها‪ ،‬ولذلك فحبه من هذا الانب هو فطرة إنسانية تذب إليه نفوس‬
‫كل عنصر صال ف البشر‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫كما أن حب النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خلق تربوي‪ ،‬ينشأ عليه الناس‪ ،‬إذا طالعوا صفاته‪ ،‬وسعوا‬
‫حبُ ويُكَرمُ‪ ،‬وهو من حيث‬ ‫شائله‪ ،‬أو عياشوها ورأوها رأي العي‪ ،‬فهو من حيث الفطرة السليمة يُ َ‬
‫حبُ ويُكَرمُ‪.‬‬
‫التربية والتعود ُي َ‬
‫وهناك جانب آخر أهم من هذا وذاك وهو المر اللي بب النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لنه رحة‬
‫للعالي‪ ،‬ولنه ُب ِعثَ هاديا ومعلما للناس‪ ،‬وصب على الذى والتاعب‪ ،‬ليبلغ رسالة ال إل الناس‪ ،‬فهو‬
‫من هذا الانب الدين اللي رمز للتضحية والفداء والخلص للناس جيعا‪.‬‬
‫ويب على السلم أن يستحضر ف نفسه عظمة الداية السلمية للناس‪ ،‬وكيف وصلت إلينا عن‬
‫طريق ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬عب صبه الميل‪ ،‬وبلغه البي‪ ،‬وجهاده الوصول‪ ،‬ف سبيل ال‬
‫عز وجل وهذا يدفع السلم إل حب النب صلى ال عليه وسلم حبا جارفا‪ ،‬وتفديته بالنفس والال‪.‬‬
‫فحب النب صلى ال عليه وسلم ناشئ ف نفس السلم عن النعمة الكبى الت أوصلها الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم إلينا‪ ،‬وقد قال الشاعر‪:‬‬
‫أحسن إل الناس تستعبد قلوبم *** فطالا استعبد النسانَ إحسان‬
‫ل يقوم على الشعور بعظمة‬ ‫ولذلك ند حب السلمي لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حبا جلي ً‬
‫النعمة الت أسداها لنا ال سبحانه وتعال على لسان ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومبة الرسول تكون‬
‫بالقلب وباللسان وبالعمال‪.‬‬
‫أما القلب فهو عملية فطرية‪ ،‬قائمة على الشعور بالنعمة العظيمة الت أهداها لنا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأما باللسان‪ :‬فترجتها كثرة الصلة عليه‪ ،‬كما قال تعال "يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه‬
‫وسلموا تسليما"‪ ،‬أما بالعمال‪ :‬فيكون من خلل متابعة النب صلى ال عليه وسلم ف أقواله وأفعاله‬
‫والعمل بسنته‪ ،‬ومتابعته ف الفضائل العليا الت كان يتمتع با صلى ال عليه وسلم من الصدق والمانة‬
‫والصب والواساة والرحة والودة‪ ،‬وغي ذلك من ضروب النبل الخلقي النبوي الذي يبلغ ذروة‬
‫الكمال‪.‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل ببعث للناس‪ ،‬ول يصب على الذى والشقات‪ ،‬إل ليعلمنا الق‬
‫اللي‪ ،‬من الصدق‪ ،‬والمانة‪ ،‬وإتقان العمل‪ ،‬وتوحيد ال‪ ،‬وتعظيم القرآن‪ ،‬ومبة السلمي جيعًا‪،‬‬
‫وتبليغ الدعوة للناس جيعًا‪ ،‬وغي ذلك من الفضائل العليا الت كانت من أخلق النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أما عن الطوات العملية الت يكننا القيام با لنصرة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فهذا سؤال وجيه‪،‬‬
‫ونستعي بال ونيب بأن ‪:‬‬
‫التأسي به‪:‬‬

‫‪244‬‬
‫أول خطوة عملية هي إلزام النفس بالسوة السنة من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بأن يعمل‬
‫النسان كما كان يعمل‪ ،‬ولو اختلفت الدرجة؛ أي يصلى كما كان صلى ال عليه وسلم يصلي‪،‬‬
‫ويصوم كما كان يصوم‪.‬‬
‫التعريف به‪:‬‬
‫أيضًا يشرح للناس‪ ،‬على قدر استطاعته العظمة اللية الت تثلت ف بعثته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫تربية النشء على حبه‪:‬‬
‫وأيضًا تربية البناء والسرة جيعا على هذه العان‪ ،‬وصدق ال حي يقول‪":‬لقد كان لكم ف رسول‬
‫ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر"‪.‬‬
‫دراسة سيته‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضًا قراءة السية النبوية قراءة جيدة‪ ،‬ويعلمها لبنائه وأحفاده وزوجته‪،‬‬
‫وغيها‪ ،‬فقد كان الصحابة يرصون على هذا غاية الرص‪ .‬يقول سعد بن أب وقاص رضي ال عنه‬
‫لبنائه وأحفاده بعد أن علمهم سية النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬يا بن احفظوها فهي شرفكم‬
‫وشرف آبائكم)‪.‬‬
‫العتزاز بسيته‪:‬‬
‫كما ينبغي أن نعتز بسية النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن نعلم أنه كان على خلق عظيم؛ فل نجل‬
‫من أي شيء يروى عنه بسند صحيح‪ ،‬بل نفاخر الدنيا بسيته صلى ال عليه وسلم؛ فهو السوة‬
‫السنة لنا‪ ،‬والرحة الهداة للناس جيعا‪ ،‬وهو القائل صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ال تعال رفيق يب‬
‫الرفق‪ ،‬ويعطي على الرفق ما ل يعطي على العنف‪ ،‬وما ل يعطي على سواه‪.‬‬
‫اتباع هديه ‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا التابعة والتباع ‪ ،‬لقوله تعال‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم‬
‫ال"‪ ،‬فعلى النسان أن يتحرى العمل بسنة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫التخلق بلقه‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا أن يتخلق السلم بلق النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خاصة ف أمور الدعوة‬
‫والبلغ فإن الوروبيي من خلل إساءتم للسلم هو تقصينا ف تبليغ الدين السلمي للناس وهم‬
‫لذلك يهلون ومن جهل شيء عاده‪.‬‬
‫الصفح عن الصوم‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا‪ ،‬الصفح عن الصوم‪ ،‬إذا كان ذلك ما يساهم ف فهمهم للسلم‪ .‬وقد‬
‫كان الناس والعراب يغلظون القول للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف حياته‪ ،‬فكان يعاملهم بالرحة‬

‫‪245‬‬
‫والودة والعفو ولكن بل ضعف ول تاذل‪ ،‬كان اللي من صفاته العظيمة الت تبب الناس فيه‪ ،‬وقد‬
‫ذكاه ال ف كتابه الكري فقال جل شأنه ‪" :‬فبما رحة من ال لنت لم ‪.".......‬‬
‫التعريف برسالته‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا‪ ،‬إرسال الرسائل عب البيد الليكترون‪ ،‬والقالت الصحفية‪ ،‬والقصص‬
‫النبوية الصحيحة‪ ،‬إل الناس حت يفهموا عظمة الخلق النبوية الحمدية‪ ،‬وهذا خي دعاية للسلم‪،‬‬
‫لن الخلق السنة تؤثر ف الناس‪ ،‬ولو ل يردوا‪ ،‬وتكون قدوة عملية تقطع الدل والصام‪ ،‬وصدق‬
‫ال تعال حي يقول "لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجوا ال واليوم الخر وذكر‬
‫ال كثيا"‪.‬‬
‫هل هذا الجمع من علماء المة ل يلكون حق الجتهاد والنظر ف المور التعلقة بالصال والفاسد‬
‫الكاتب‪ :‬حازم الغامدي‬
‫أود ف السطر التالية أن أعقب برأيي التواضع إزاء ما كتبه أستاذي الدكتور الفاضل ممد علي الرف‬
‫ل من أن مؤتر النصرة‬ ‫‪-‬الذي أعتزّ بقلمه‪ -‬ف الرسال ِة الغراء السبوع النصرم‪ ،‬حيث أكد ما ذكره قب ً‬
‫الذي انعقد بالنامة كان مؤترَ مناصرةٍ لكومة الدنارك ول شيء غي ذلك‪ ،‬وأن الشيخي‬
‫(القرضاوي والعودة) وإن كانا أعلم منه بالفقه فإن قضية رفع القاطعة قضية ليس لا علقة بالفقه من‬
‫قريب أو بعيد بل هي مسألة اجتهادية متعلقة بالصال والفاسد‪ ،‬لكل إنسان حق ف إبداء رأيه فيها‪،‬‬
‫موضحا ما لفتوى الشيخي من شقٍ لعصا المة الت ل تتمع على شيءٍ كما اجتمعت على قضية‬
‫القاطعة‪ ،‬فإذا بالقاطعة تُرفع عن شركة (آرل) من ِقبَل المانة العامة للمؤتر لجرد اعتذارها الذي‬
‫ليس له أي قيمة أو منفعة للمسلمي أو لنبيهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهكذا ستعتذر بقية الشركات‬
‫لتنال حظها من الغنيمة وستظل الشكلة كما هي‪ ،‬مضيفا أن القاطعة وإن أضرت بسلمي الدنارك‬
‫فليعلنوا هم رفعها دون سواهم‪ ،‬إل آخر ما قال حفظه ال‪.‬‬
‫ف عليه أنّ رأي رفع القاطعة عن شركة (آرل)‬ ‫وبداية أظن أن الدكتور الرف وقد حضر الؤتر ل ي َ‬
‫لعتذارها طرح ف اللسة الرابعة من جلسات الؤتر وأدل فيه العلماء الشاركون بدلوهم وأبدوا‬
‫آراءهم وأصواتم فكان رأي أكثرهم أن ترفع القاطعة عن الشركة‪ ،‬لا ف ذلك من إظهار لعدل‬
‫السلم وساحته‪ ،‬وتغييٍ للصورة النمطية عن السلمي ف عقول الغربيي‪ ،‬وتييزٍ بي الحسن والسيء‬
‫من الدناركيي‪ ،‬فعدم رفع القاطعة عن هذه الشركة بعد كل ما قدمته إنا هو زرع لليأس ف قلوب‬
‫القوم‪ ،‬حيث إنّ الكومة الدناركية قد تقول‪ :‬إن السلمي ما داموا غي قابلي لوقف شركة (آرل)‬
‫الت ركعت لم بشكل مزٍ ‪-‬على حد تعبيهم‪ -‬فل فائدة من العتذار لم أصلً‪ .‬كما أن ف ذلك‬
‫مصلحة راجحة للمسلمي ف الدنارك والذين ينبغي أن يراعى وضعهم ف مثل هذه الظروف‪ ،‬إل‬
‫آخر ما عب عنه فضيلة الشيخ العلمة عبدال بن بيه متع ال به وغيه من العلماء الشاركي‪ ،‬ومع‬

‫‪246‬‬
‫ذلك ل يتعجل الؤتر ف اتاذ قراره بل جاء ف البيان التامي للمؤتر التوصية التالية‪(( :‬يثمّن الؤتر‬
‫موقف شركة آرل الت أعلنت استنكار وإدانة الرسوم ورفضت أي مبر لتسويغها‪ ،‬ويرى الؤتر أن‬
‫هذه الطوة هي البداية الصحيحة لفتح حوار بي أمانة الؤتر والشركة لتاذ الطوات الناسبة تاه‬
‫هذه البادرة))‪ .‬فلما أن ت الوار قررت المانة العامة للمؤتر إبداء رأيها برفع القاطعة عن (آرل)‪،‬‬
‫هذا الرأي الذي مثل صوت كثي من العلماء الشاركي كما تعلم؛ ول يكن مرد اجتهاد من‬
‫الشيخي وحدها كما ظنّ من شاهد بيان رفع القاطعة موقعا باسيهما بصفتهما الرئيس والمي العام‬
‫للمؤتر‪ .‬فهل كل هذا المع من علماء المة ل يلكون حق الجتهاد والنظر ف المور التعلقة‬
‫بالصال والفاسد؟!!‬
‫وليس بصحيح يا سعادة الدكتور أن اعتذار شركة (آرل) ل يغن عنا شيئا‪ ،‬فقد جرى حوار بي أمانة‬
‫الؤتر وشركة (آرل) اُشترِط فيه على الشركة عدة شروط وافقت عليها الشركة وعلى إثرها ت رفع‬
‫القاطعة عنها‪ ،‬ومن أبرز هذه الشروط‪ :‬الضغط الشديد على الكومة الدناركية بشت الوسائل‬
‫للعتذار‪ ،‬دفع مبلغ مال يساهم ف مشاريع النصرة‪ ،‬التخطيط للقيام بشاريع دعوية لنشر الدين‬
‫السلمي والتعريف بنب السلم صلى ال عليه وسلم‪ .‬فما رأيك إن فعلت الشركات الدناركيات‬
‫الخريات فعلها‪ ،‬وسارت على نجها‪ ،‬أل تتحقق لنا الصلحة الت نريد بطريق أخرى قد تكون أول‬
‫من الطريق الت سلكناها؟‬
‫واسحوا ل هنا أن أنقل طرفا من كلمة الشيخ رائد حليحل أحد أكب رموز الالية السلمية ف‬
‫الدنارك ف كلمته الت ألقاها ف مؤتر النصرة‪ ،‬يقول‪( :‬إننا مسلمي الدنارك ل نطالب بالقاطعة ولن‬
‫نث عليها‪ ،‬ول نطالب الناس با‪ ،‬ولكنها وقعت ردة فعل من الشعوب السلمية‪ ،‬وإن دلّت على‬
‫شيء فإنا تدل على أن قلوبم قد غلت بسبب الهانة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وإن كان ل‬
‫بد اليوم من موقف فإن إخوانكم من اللجنة الت أتت من الدنارك تلتمس منكم أن تقدّروا الظرف‬
‫الال الذي تعيشه هذه الرحلة ف الدنارك مسلمون وغيهم‪ ،‬وإننا ل بد أن نثمّن عاليا موقف‬
‫‪-‬ليس فقط‪ -‬شركة (آرل)‪ ،‬إنا أي جهة من الدنارك تتبأ من عمل الصحيفة‪ ،‬فل بد أن نرسل لا‬
‫رسالة إيابية لنبي لم عدلنا نن كمسلمي‪ ،‬وأننا ل يكن أن نظلم أحدا‪ ،‬وأخيا أقول لكم أيها‬
‫الخوة الحباب‪ :‬إن كان لكم شرف نصرة النب صلى ال عليه وسلم والتمتع بذه النصرة‪ ،‬فنحن لنا‬
‫شرف التعرض لذه الذية لنصرة النب الكري صلى ال عليه وسلم‪ )).‬فهل لخوتنا ف الدنارك قولم‬
‫العتب والحترم ف القضية أم أننا نقاطع ونن هنا ف تام راحتنا‪ ،‬ما ضرنا شيء إنْ عدلنا إل زبدة‬
‫الراعي‪ ،‬ليذوقوا هم هناك ردة فعل آرائنا‪ ،‬مع أنم من أهم من ينبغي تقدير رأيهم ف السالة‪ ،‬أم أن‬
‫تقدير رأيهم سيكون بأن نقول لم‪ :‬ارفعوا القاطعة أنتم وذوقوا الصِب بفردكم فنبيّنا صلى ال عليه‬
‫وسلم ليس لكم وحدكم بل هو نبينا أيضا‪ ،‬وسنظل نن على رأينا حت ل نشق عصا المة‪ ،‬ول‬

‫‪247‬‬
‫يعنينا إن أصابكم أذى‪ ،‬أو مسكم سوء! وعموما‪ ،‬فقارئ كلم الدكتور الرف حفظه ال يلحظ فيه‬
‫ط الرمةِ‪.‬‬
‫أمرين‪ ،‬أولها‪ :‬اليهام‪ .‬وثانيهما‪ :‬التجريحُ وإسقا ُ‬
‫أمّا اليهام فظاهر ف عدةِ صورٍ‪:‬‬
‫منها‪ :‬إيها ُمهُ أن القرار إنّما كان قرار الشيخي وحدها‪ ،‬تدُ ذلك ف القال كله من أوله إل آخره‪،‬‬
‫وقد بينت فيما سبق أنّه كان قرار كثرةٍ كاثرةٍ من الشاركي ف مؤتر النصرة بالبحرين‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫إيها ُمهُ أ ّن الشيخي إنّما أرادا بفعلهما رفع االقاطع ِة بالكليّةِ‪ ،‬وهذا عجبٌ من العجبِ!! أنسي الفاضل‬
‫الرفّ أنّ التوصية الثامنة للمؤتر نصّها‪( :‬يؤكد الؤتر على القاطعة القتصادية أسلوبا حضاريا ف‬
‫الحتجاج‪ ،‬لا لا من دور فعال ف النصرة)؟!! فهل هذا كلمُ من يريدُ إلغاء القاطعةِ؟ أنسي الفاضل‬
‫الرف أن الؤتر أصدر وثيقةً مطولة مفصلة عن القاطعة‪ ،‬تدثت عن تعريفها‪ ،‬وأسبابا‪ ،‬وأبرزت‬
‫الدلة على شرعيتها‪ ،‬وردت على من ادّعى بدعيّتها‪ ،‬ورست لا كذلك ضوابطها‪ .‬فهل هذا كله فعل‬
‫من ينوي رفع القاطعة ول يراها؟‬
‫وصورةٌ أخرى من صور اليهام‪ ،‬إذ قال الفاضل الرفّ‪ ( :‬أمر آخر كنت أتن أن يلتفت إليه الشيخان‬
‫الفاضلن وهو تشجيع الناس على استخدام النتجات السلمية عامة والسعودية خاصة‪ ...‬ال)‪،‬‬
‫وكأنّ الدكتور الرفّ ل يقرأ التوصية التاسعة للمؤتر‪( :‬يوصي الؤتر دول العال السلمي بتنويع‬
‫مصادر وارداتا مع التأكيد على دعم النتاج الحلي والعمل على الكتفاء الذات ف الوارد الساسية‬
‫وتشجيع التكامل القتصادي بي الدول السلمية‪!!!).‬‬
‫أليس هذا هو عي ما تنّاه الفاضل الرفّ من الشيخي؟‬
‫وصورة رابعة من اليهام ف قوله‪( :‬علماؤنا الجلء قالوا ببطلن توصية ترك مقاطعة البضائع‬
‫الدناركية)!! وكأنّ هذا القول إجاعٌ‪ ..‬ول ندري ما يريد بعلمائنا‪ ..‬فإن كان يريد علماء المة‬
‫كلهم فهذا ينقضه بيان الؤتر‪ ،‬وإن كان يري ُد علماء بلدنا الباركة فهذا يعو ُزهُ الدليل ‪ ..‬فبيا ُن ثلثةٍ‬
‫من فضلئنا العلم وتأييد عشراتٍ لم ل يعن إجاعا ‪-‬وإن كنت أرجو من سعادة الدكتور أن‬
‫يذكر لنا مرد ثلثي من هؤلء العشرات‬
‫ث ل تنس أن عددا غي قليل من شارك ف الؤتر هو من علماء ودعاة هذه البلد الباركة‪ ،‬ول تنس‬
‫أيضا أن ال ما جعل العلم مصورا ف بلدٍ دون بلد‪.‬‬
‫وأمّا التجري ُح فل أج ُد أبلغَ من إصرار الدكتور الرف ‪-‬غفر ال له‪ -‬على اتّهام الشيخي ف نيّتِهما‬
‫وأنّهما قررا ما قررا رغبةً (ف القول أنّهما كلّ شيء ف ديار السلمي وأن غيها ل شيء)!! مقررا‬
‫أنه ل شيء أخف من اتامه للشيخي ف نواياها! عجبا لك يا دكتور!! أهكذا يكون التعامل مع‬
‫السلمي!!! أعوذ بال‪ ..‬وال ما رأيت خصومةً أشد من هذه!! نعم وجدنا من يتهم الناس ف نياتم‬
‫وأنم مصلحيون نفعيون ل يقيمون لصلحة الدين وزنا‪ ..‬لكن ما وجدتُ قبل اليوم من يرى أ ّن هذه‬

‫‪248‬‬
‫التهمة الشنيعة هي (أخفّ) ما يكن أن يوجّه لذين ال َعلَمي ومَن وراءها من العلماء والدعاة!! وماذا‬
‫وراء هذه التهمة من سوء حت تكون أخف ما يرمى به عالٌ؟ والعجبُ من شناعةِ هذا التجريحِ‬
‫َوهَنُ الجةِ الت قام عليها!! أكانت الج ُة دليلً قاطعا من كتاب وسنة؟ أكانت الجة مسألة إجاعٍ‬
‫أجع عليه علماء المة؟ أكانتِ الجةُ اعترافا صريا من الشيخي بأنّهما ما أرادا إل ذلك؟ ل أبدا!!‬
‫الجة الت سوّغ با الدكتور الرف لنفسه توجيه هذه التهمة الشنيعة هي (رؤيُتهُ الاصة) للمصال‬
‫والفاسد ف هذه السألة! هذه الرؤية الت من خللا (ثبت!!! [هكذا !] أنّ مصلحة السلمي العليا ف‬
‫وادٍ وهذا القرار ف واد آخر)!‪.‬‬
‫صحيفة الدينة السعودية‬
‫=====================‬
‫هل يصح الحتجاج بالديث الضعيف‬

‫د‪ .‬يوسف بن عبد ال الحد‬


‫أستاذ الفقه الساعد بامعة المام ‪ .‬الرياض هل يصح الحتجاج بالديث الضعيف‪ ،‬وهل صحيح أن‬
‫من أصول الستدلل عند المام أحد الستدلل بالديث الضعيف؟‪.‬‬
‫الواب‪ :‬الديث الضعيف ليس بجة ف إثبات الحكام الشرعية حت ف السنن والستحبات باتفاق‬
‫أهل العلم‪ ،‬وإنا قال بعض أهل العلم بأنه ل بأس من إيراد الديث الضعيف ف فضائل العمال وليس‬
‫ف إثبات الحكام بثلثة شروط‪:‬‬
‫الول‪ :‬أل يكون الضعف شديدا‪.‬‬
‫الثان‪ :‬أن يكون العمل الذي ورد فيه الفضل قد ثبت بدليل صحيح‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أل يزم بنسبته إل النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وهذه السألة يطئ ف فهمها كثي من طلبة العلم‪ ،‬ولعل اللبس ف الفهم يزول بالتوضيح بالثال‪،‬‬
‫والثال‪ :‬حديث عائشة مرفوعا‪ " :‬من صلى بي الغرب والعشاء عشرين ركعة‪ ،‬بن ال له بيتا ف‬
‫النة " أخرجه البيهقي بسند ضعيف‪.‬‬
‫هذا الديث ف فضائل العمال‪ ،‬والفضل هنا قوله (بن ال له بيتا ف النة) هذا الفضل ل يوز إيراده‬
‫لن أصل العمل وهو صلة عشرين ركعة بي الغرب والعشاء ل يثبت بدليل صحيح أو حسن‪ ،‬فل‬
‫يوز حينئذ أن يورد حديث ضعيف ف فضله‪ .‬ولو فرضنا بأن العمل ثابت بدليل صحيح فإنه ل بأس‬
‫عند بعض أهل العلم من ذكر الديث الضعيف الوارد ف فضله‪ .‬وإن كان الول عدم ذكره بالكلية‪،‬‬
‫وإنا أردت بذلك توضيح كلم أهل العلم ف هذه السألة‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫ولشيخ السلم توضيح نافع كما ف (مموع الفتاوى ‪ )251-250 /1‬قال رحه ال‪ " :‬ول يوز‬
‫أن يعتمد ف الشريعة على الحاديث الضعيفة الت ليست صحيحة ول حسنة لكن أحد بن حنبل‬
‫وغيه من العلماء جوزوا أن يروى ف فضائل العمال ما ل يعلم أنه ثابت إذا ل يعلم أنه كذب‪،‬‬
‫وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروى ف فضله حديث ل يعلم أنه كذب جاز أن‬
‫يكون الثواب حقا ول يقل أحد من الئمة إنه يوز أن يعل الشيء واجبا أو مستحبًا بديث ضعيف‬
‫ومن قال هذا فقد خالف الجاع‪ ،‬وهذا كما أنه ل يوز أن يرم شئ إل بدليل شرعي‪ ،‬لكن إذا‬
‫علم تريه وروى حديث ف وعيد الفاعل له ول يعلم أنه كذب جاز أن يرويه فيجوز أن يروى ف‬
‫الترغيب والترهيب ما ل يعلم أنه كذب لكن فيما علم أن ال رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غي‬
‫هذا الديث الجهول حاله "‪.‬‬
‫ولللبان رحه كلم نافع ف القاعدة الثانية عشر ف مقدمة كتابه تام النة‪ .‬ولفضيلة الشيخ عبد الكري‬
‫الضي كتاب قيم بعنوان‪ :‬الحتجاج بالديث الضعيف‪.‬‬
‫أما ما ينقل عن المام أحد بأنه يتج بالديث الضعيف فغي مسلم‪ ،‬وإنا مراده بالديث الضعيف‬
‫والرسل الذي يتج به‪ :‬الذي ارتقى إل درجة السن‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف‬
‫مموع الفتاوى (‪ " :) 252-251 /1‬ومن نقل عن أحد أنه كان يتج بالديث الضعيف الذي‬
‫ليس بصحيح ول حسن فقد غلط عليه‪ ،‬ولكن كان ف عرف أحد بن حنبل ومَن قبله من العلماء أن‬
‫الديث ينقسم إل نوعي‪ :‬صحيح وضعيف‪ ،‬والضعيف عندهم ينقسم إل ضعيف متروك ل يتج به‪،‬‬
‫وإل ضعيف حسن‪ ..‬وأول من عرف أنه قسم الديث ثلثة أقسام صحيح وحسن وضعيف هو أبو‬
‫عيسى الترمذي ف جامعه‪ ،‬والسن عنده ما تعددت طرقه ول يكن ف رواته متهم وليس بشاذ فهذا‬
‫الديث وأمثاله يسميه أحد ضعيفا ويتج به ‪ ،‬ولذا مثّل أحد الديثَ الضعيف الذي يتج به‬
‫بديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الجري ونوها وهذا مبسوط ف موضعه "اهـ ‪.‬‬
‫وقال ابن القيم رحه ال ف إعلم الوقعي (‪ " :)1/31‬الديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم‬
‫من أقسام السن‪ ،‬ول يكن يقسم الديث إل صحيح وحسن وضعيف‪ ،‬بل إل صحيح وضعيف‪،‬‬
‫وللضعيف عنده مراتب‪ ،‬فإذا ل يد ف الباب أثرا يدفعه ول قول صاحب‪ ،‬ول إجاعا على خلفه‪،‬‬
‫كان العمل به عنده أول من القياس "اهـ‪.‬‬
‫وبذا ينتهي الواب‪ .‬والمد ل رب العالي‪.‬‬
‫‪24/4/1427‬هـ‬
‫قاله وكتبه د‪ .‬يوسف بن عبد ال الحد ‪.‬‬
‫أستاذ الفقه الساعد بامعة المام‬
‫ص‪ .‬ب‪ - 156616:‬الرمز البيدي ‪. 11778 :‬‬

‫‪250‬‬
‫هاتف وناسوخ ‪014307275 /‬‬
‫===================‬
‫هو الرحة الهداة‬

‫الكاتب‪ :‬شعر الدكتور جال بن صال الارال‬


‫مقامك من كل القامات ارفع وسيفك من كل الصوارم أقطع‬
‫ووجهك نور والسجايا حيدة وقولك ف كل اليادين أوقع‬
‫شائلك العروف واللم والتقى وأخلقك القرآن أصل وأفرع‬
‫مجتك البيضاء هدى ورحة ومازاغ الهالك‪...‬يتلعلع‬
‫لواؤك معقود على العزم والضا وحوضك مورود فطوب لن دعوا‬
‫ويابؤس من ذيدوا عن الوض يومها وقيل لم بعدا فل ث موضع‬
‫‪------------------‬‬
‫أتيت وهذى الرض بغي وظلمة فاشرق نور اذا طلعت يشعشع‬
‫وماقمر إلك شع ضياؤه و مازال ف ليل اللمات يسطع‬
‫تلل ف كل النواحي فأشرقت به كل أرض بالدى تتلفع‬
‫ونادى مناد ف السماء مدويا ممد من كل الليقة أروع‬
‫هو الرحة الهداة للناس كلهم ومافاز ال من لحد يتبع‬
‫" هو البحر من أي النواحي اتيته فلجته العروف " والفضل أوسع‬
‫ترفع عن كل الدنايا ول يزل وأصحابه عن كل غى ترفعوا‬
‫مقامك ممود تفردت سيدا ألست الذي يوم القيامة يشفع ؟‬
‫مقامك عال ياحبيب وسيدي وتبا لأفون أتانا يعجع‬
‫‪--------------------‬‬
‫وكافيك رب البيت من كل مفترٍ تنكب درب الي للشر ينع‬
‫وشانيك بالسران باء صنيعه وليس له إل جهنم مرتع‬
‫‪-------------------‬‬
‫تفديك كل الؤمني نفوسهم وأرواحهم دون انتقاصك تنع‬
‫ففي نصرة الادى سّو وعزة ولو أجلب الباغون والناس أجع‬
‫هنيئا لكم يامن نصرت نبيكم فسيوا على درب النب وقاطعوا‬
‫وتبا لكل الائني نبيهم قلوبم من حقدها تتقطع‬

‫‪251‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫أل يا أخي الكفر حاذر فإنه ممدنا الادي شفيع مشفع‬
‫فما نلت منه غي أن قلوبنا إذا أوذي الختار تغلى وتفزع‬
‫وأبشر با يزيك ياشر معتد على خي معصوم فقد حان مصرع‬
‫ومانال أسباب العال أرذال وهل يعتلى بي اللئق ضفدع ؟‬
‫‪-----------------‬‬
‫أيا خات الرسل الكرام تية نرددها عب الزمان ونصدع‬
‫عليك صلة ال ياخي مرسل وياليتنا مع صفوة اللق نمع‬
‫تون علينا أنفس ونفائس ولسنا لق الرسلي نضيع‬
‫شعر الدكتور جال بن صال الارال‬
‫==========================‬
‫وانشق القمر‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جال السين أبو فرحة‬


‫يقول تعال‪" :‬اقتربت الساعة وانشق القمر‪ .‬وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" القمر‪:‬‬
‫‪ .2:1‬وكثيًا ما كانت هذه الية مل للطعن من غي السلمي‪ ،‬والتأويل من بعض السلمي؛ بجة‬
‫أن هذه العجزة لو وقعت لسجلها تاريخ المم الخرى‪.‬‬
‫وجواب ذلك‪ :‬أن هذا هو ما حدث بالفعل؛ فقد سجلتها كتب بعض مؤرخي الند‪ ،‬وأرخت با‬
‫لبناء بعض البنية؛ ففي القالة الادية عشرة من تاريخ فرشته أن أهل مليبار من إقليم الند رأوه أيضًا‪.‬‬
‫وقد نقل ابن تيمية عن بعض السافرين أنه ذكر أنه وجد ف بلد الند بناءً قديًا مكتوبًا عليه‪ ( :‬بن‬
‫ليلة انشق القمر )‪.‬‬
‫ث إن انشقاق القمر ل يكن أحد من أمم أهل الرض يترصده وينتظره‪ ،‬وكان ف ليل‪ ،‬وف زمان‬
‫البد‪ ،‬ولفترة وجيزة؛ فقلما يراه أحد‪.‬‬
‫ث إنه قد يول بي الرائي والقمر ف بعض الماكن سحاب كثيف؛ فل يرى هذه العجزة‪ ،‬هذا‬
‫بالضافة إل اختلف مطالع القمر؛ فهو ل يرى لكل أهل الدنيا مرة واحدة‪.‬‬
‫ومن ثة فإنه من التوقع أل يكون رآه إل عدد مدود من أهل الرض متفرقي ف بلدان شت‪ ،‬ربا‬
‫حل معظم الؤرخي روايتهم على تطئة البصار‪ ،‬أو على نوع من السوف‪.‬‬
‫أضف إل ذلك أن وصفه تعال لنشقاق القمر بأنه (آية) ‪ ":‬وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر‬
‫مستمر "؛ ينع أي ماولة لتأويل هذه العجزة‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫ث إن نزول القرآن على العرب وتديه لم وفيه هذه القصة مع عدم اعتراض أحد منهم عليه ليؤكد‬
‫حدوثها كما ذكرت الية الكرية‪.‬‬
‫أما ف عصرنا الراهن فنجد ف موقع وكالة ناسا الفضائية المريكية على شبكة (النترنت)‬
‫‪ http://antw‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ p.gsfc.nasa.gov/apod/ap021029.html‬صورة لصدع طول رهيب على‬
‫سطح القمر يظهر بوضوح من الصورة ف أعلى القال يتد لئات الكيلومترات‪ ،‬عبارة عن حزام من‬
‫الصخور التحولة‪ ،‬وكاتب القال يتساءل‪:‬‬
‫‪ What could caus‬صلى ال عليه وسلم ‪ a long ind‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ntation on th‬صلى ال عليه وسلم ‪. ?Moon‬‬
‫أي ما الذي يكن أن يدث شقًا بذا الطول ف القمر؟‬
‫والكيفية الت طرح با السؤال تبي بلء حية العلماء ف تفسي تكون هذا الشقٍ‪ ،‬وهو ما ينم عن‬
‫حدث عظيم تعرض له القمر ترك هذا الثر الحيّر‪ ،‬ولو كان سببه زلزال عاديًا أو بركانًا لا استغلق‬
‫على العلماء فهمه كل هذه الدة إذ أنه اكتشف منذ أكثر من ‪ 200‬عام كما يذكر موقع وكالة‬
‫ناسا‪.‬‬
‫والطريف ف المر أن هؤلء العلماء ليسوا مسلمي ول علم لم بنسبة هذه العجزة لنبينا – صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬؛ فصدق ال العظيم القائل ف كتابه الكري‪ " :‬ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك‬
‫من ربك هو الق ويهدي إل صراط العزيز الميد " سبإ ‪. 6:‬‬
‫د‪ .‬جال السين أبو فرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية الساعد بامعة طيبة بالدينة النورة‬
‫وعضو الجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة‬
‫‪ gamalabufa‬صلى ال عليه وسلم ‪ha@yahoo.com‬‬
‫=======================‬
‫وداع الرسول لمته دروس‪ ،‬وصايا‪ ،‬وعبٌ‪ ،‬وعظات‬

‫تأليف الفقي إل ال تعال‬


‫سعيد بن علي بن وهف القحطان‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫القدمة‬

‫‪253‬‬
‫إن المد ل‪ ،‬نمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫ال فل مضلّ له‪ ،‬ومن يُضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪ ،‬وسلم‬
‫تسليما كثيا‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه الرسالة متصرة ف وداع النب الكري والرسول العظيم صلّى ال عليه وسلّم لمته‪ ،‬بينت فيه‬
‫باختصار‪ :‬خلصة نسب النب صلّى ال عليه وسلّم‪ ،‬وولدته‪ ،‬ووظيفته‪ ،‬واجتهاده وجهاده‪ ،‬وخي‬
‫أعماله‪ ،‬ووداعه لمته ف عرفات‪ ،‬ومن‪ ،‬والدينة‪ ،‬ووداعه للحياء والموات‪ ،‬ووصاياه ف تلك‬
‫الواضع‪ ،‬ث بداية مرضه‪ ،‬واشتداده‪ ،‬ووصاياه لمته ووداعه لم عند احتضاره‪ ،‬واختياره الرفيق‬
‫العلى‪ ،‬وأنه مات شهيدا‪ ،‬ومصيبة السلمي بوته‪ ،‬ومياثه‪ ،‬ث حقوقه على أمته‪ ،‬وذكرت الدروس‬
‫والفوائد والعب والعظات الستنبطة ف آخر كل مبحث من هذه الباحث‪.‬‬
‫وال أسأل أن يعله عملً مقبو ًل نافعًا ل ولخوان السلمي؛ فإنه ولّ ذلك والقادر عليه‪ ,‬وأن يعلمنا‬
‫جيعًا ما ينفعنا‪ ,‬ويوفق جيع السلمي إل الهتداء بدي سيد الرسلي‪ .‬وصلى ال وسلم وبارك على‬
‫عبده ورسوله وخيته من خلقه نبينا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا ممد بن عبد ال وعلى آله و أصحابه‬
‫وسلم تسليمًا كثيًا‪.‬‬
‫الؤلف‬
‫حرر ف ليلة الميس ‪21/3/1416‬هـ‬
‫البحث الول‪ :‬خلصة نسبه ووظيفته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫هو ممد بن عبد ال بن عبد الطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلَب بن مرة بن كعب‬
‫بن لؤي بن غالب بن ِفهْر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزية بن مدركة بن إلياس بن مُضر بن‬
‫نزار بن معدَ بن عدنان(‪ ،)1‬فهو عليه الصلة والسلم من قريش‪ ،‬وقريش من العرب‪ ،‬والعرب من‬
‫ذرية إساعيل بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم(‪.)2‬‬
‫ولد صلّى ال عليه وسلّم عام الفيل بكة ف شهر ربيع الول(‪ )3‬يوم الثني(‪ )4‬الوافق ‪571‬م(‪،)5‬‬
‫وتوف صلّى ال عليه وسلّم وله من العمر ثلث وستون سنة‪ ،‬منها‪ :‬أربعون قبل النبوة‪ ،‬وثلث‬
‫وعشرون نبيّا رسولً‪ ،‬نُبّ َئ بإقرأ‪ ،‬وأرسل بالدثر‪ ،‬وبلده مكة‪ ،‬وهاجر إل الدينة‪ ،‬بعثه ال بالنذارة عن‬
‫الشرك‪ ،‬ويدعو إل التوحيد‪ ،‬أخذ على هذا عشر سني يدعو إل التوحيد‪ ،‬وبعد العشر عُرج به إل‬
‫السماء‪ ،‬وفرضت عليه الصلوات المس‪ ،‬وصلى ف مكة ثلث سني‪ ،‬وبعدها ُأمِر بالجرة إل الدينة‪،‬‬
‫فلما استقر بالدينة(‪ُ )6‬أمِر ببقية شرائع السلم مثل‪ :‬الزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والج‪ ،‬والهاد‪ ،‬والذان‪،‬‬
‫والمر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬أخذ على هذا عشر سني وبعدها توف صلّى ال عليه‬
‫وسلّم‪ ،‬ودينه باقٍ وهذا دينه‪ ،‬ل خي إل دلّ أمته عليه‪ ،‬ول شر إل حذّرها منه‪ ،‬وهو خات النبياء‬

‫‪254‬‬
‫والرسلي ل نب بعده‪ ،‬وقد بعثه ال إل الناس كافة‪ ،‬وافترض ال طاعته على الن والنس‪ ،‬فمن‬
‫أطاعه دخل النة‪ ،‬ومن عصاه دخل النار(‪.)7‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب والعظات ف هذا البحث كثية منها‪:‬‬
‫إن النب صلّى ال عليه وسلّم خيار من خيار من خيار‪ ،‬فهو أحسن الناس وخيهم نسبا‪ ،‬وأرجح‬
‫العالي عقلً‪ ،‬وأفضل اللق منلة ف الدنيا والخرة‪ ،‬وأرفع الناس ذكرا‪ ،‬وأكثر النبياء أتباعا يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري مع الفتح‪ ،‬كتاب مناقب النصار‪ ،‬باب مبعث النب صلّى ال عليه وسلّم ‪.7/162‬‬
‫(‪ )2‬انظر نسب النب صلّى ال عليه وسلّم إل آدم‪ :‬البداية والنهاية لبن كثي ‪ ،2/195‬وسية ابن‬
‫هشام ‪.1/1‬‬
‫(‪ )3‬هذا هو الصحيح الشهور أنه ولد صلّى ال عليه وسلّم عام الفيل ف شهر ربيع الول‪ ،‬وقد نقل‬
‫بعضهم الجاع على ذلك‪ ،‬انظر‪ :‬تذيب السية للمام النووي ص ‪.20‬‬
‫(‪ )4‬التحديد بيوم الثني ثابت؛ لقوله صلّى ال عليه وسلّم حينما سئل عن صومه‪" :‬فيه ولدت وفيه‬
‫أُنزِل عليّ" مسلم ‪ .2/820‬أما تديد تاريخ اليوم ففيه عدة أقول‪ :‬فقيل ف اليوم الثان‪ ،‬وقيل‬
‫لثمان‪ ،‬وقيل لعشر‪ ،‬وقيل‪ :‬لسبعة عشر‪ ،‬وقيل ف الثان عشر‪ ،‬وقيل غي ذلك‪ ،‬وأشهر وأقرب القوال‬
‫قولن‪ :‬الول‪ :‬أنه ولد لثمان مضي من ربيع الول‪ ،‬ورجحه ابن عبد الب عن أصحاب التأريخ‪:‬‬
‫انظر‪ :‬البداية والنهاية ‪ 2/260‬وقال‪" :‬هو أثبت"‪ .‬القول الثان‪ :‬أنه ولد ف الثان عشر من ربيع‬
‫الول‪ ،‬قال ابن كثي ف البداية والنهاية‪" :‬وهذا هو الشهور عند المهور" ‪ ،2/260‬وجزم به ابن‬
‫إسحاق‪ :‬انظر‪ :‬سية ابن هشام ‪.1/171‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الرحيق الختوم ص ‪.53‬‬
‫(‪ )6‬وصل إل الدينة صلّى ال عليه وسلّم يوم الثني من شهر ربيع الول وحدده بعضهم باليوم‬
‫الثان عشر من ربيع الول‪ ،‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.7/224‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬الصول الثلثة للشيخ ممد بن عبد الوهاب ص‪.76 ،75‬‬
‫إن إقامة الحتفالت بولد النب صلّى ال عليه وسلّم كل عام ف اليوم الثان عشر من ربيع الول‬
‫بدعة منكرة؛ لن النب صلّى ال عليه وسلّم ل يفعل ذلك ف حياته‪ ،‬ول يفعله الصحابة من بعده‬
‫رضي ال عنهم‪ ،‬ول التابعون لم بإحسان ف القرون الفضلة‪ ،‬ومع ذلك فإن تديد ميلد النب باليوم‬
‫جزَم به‪ ،‬وإنا فيه خلف وحت ولو ثبت فالحتفال به بدعة لا تقدم؛‬ ‫الثان عشر من ربيع الول ل يُ ْ‬
‫ولقوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬من أحدث ف أمرنا هذا ماليس منه فهو رد“(‪ .)1‬وف رواية لسلم‪:‬‬
‫”من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو رد“(‪.)2‬‬

‫‪255‬‬
‫إن وظيفة النب صلّى ال عليه وسلّم هي الدعوة إل التوحيد‪ ،‬وإنقاذ الناس من ظلمات الشرك إل نور‬
‫التوحيد‪ ،‬ومن ظلمات العاصي والسيئات إل نور الطاعات والعمال الصالات‪ ،‬ومن الهل إل‬
‫العرفة والعلم‪ ،‬فل خي إل دلّ أمته عليه‪ ،‬ول شر إل حذّرها منه صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫البحث الثان‪ :‬جهاده واجتهاده وأخلقه‬
‫كان صلّى ال عليه وسلّم أسوة وقدوة وإماما يُقتدى به؛ لقوله تعال‪َ { :‬لقَدْ كَا َن لَكُمْ فِي رَسُولِ‬
‫الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَسََنةٌ لّمَن كَانَ َيرْجُو الّلهَ وَالَْي ْومَ ال ِخرَ َوذَ َكرَ الّلهَ كَثِيًا}(‪)3‬؛ ولذا كان صلّى ال عليه‬
‫وسلّم يصلي حت تفطّرت قدماه وانتفخت وورمت فقيل له‪ :‬أتصنع هذا وقد غفر ال لك ما تقدم‬
‫من ذنبك وما تأخر؟ قال‪” :‬أفل أكون عبدا شكورا“(‪ .)4‬وكان يصلي من الليل إحدى عشرة‬
‫ركعة‪ ،‬وربا صلى ثلث عشرة ركعة(‪ ،)5‬وكان يصلي الرواتب اثنت عشرة ركعة(‪ )6‬وربا صلها‬
‫عشر ركعات(‪ ،)7‬وكان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء ال(‪ ،)8‬وكان يطيل صلة‬
‫الليل فربا صلى ما يقرب من خسة أجزاء ف الركعة الواحدة(‪ ،)9‬فكان ورده من الصلة كل يوم‬
‫وليلة أكثر من أربعي ركعة منها الفرائض سبع عشر ركعة(‪.)10‬‬
‫وكان يصوم غي رمضان ثلثة أيام من كل شهر(‪ )11‬ويتحرّى صيام الثني والميس(‪ ،)12‬وكان‬
‫يصوم شعبان إل قليلً‪ ،‬بل كان يصومه كله(‪ ،)13‬ورغّب ف صيام ست من شوال(‪ ،)14‬وكان‬
‫صلّى ال عليه وسلّم يصوم حت يقال‪ :‬ل يفطر‪ ،‬ويفطر حت يقال‪ :‬ل يصوم(‪ ،)15‬وما استكمل‬
‫شهر غي رمضان إل ما كان منه ف شعبان‪ ،‬وكان يصوم يوم عاشوراء(‪ ،)16‬وروي عنه صوم تسع‬
‫ذي الجة(‪ ،)17‬وكان يواصل الصيام اليومي والثلثة وينهى عن الوصال‪ ،‬وبيّن أنه صلّى ال عليه‬
‫وسلّم ليس كأمته؛ فإنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه(‪ ،)18‬وهذا على الصحيح‪ :‬ما يد من لذة‬
‫العبادة والنس والراحة وقرة العي بناجاة ال تعال؛ ولذا قال‪” :‬يا بلل أرحنا بالصلة“(‪،)19‬‬
‫وقال‪” :‬و ُجعَِلتْ قرة عين ف الصلة“(‪.)20‬‬
‫وكان يكثر الصدقة‪ ،‬وكان أجود بالي من الريح الرسلة حينما يلقاه جبيل عليه الصلة والسلم(‬
‫ل غنما بي جبلي فرجع الرجل إل‬ ‫‪)21‬؛ فكان يعطي عطاء من ل يشى الفاقة؛ ولذا أعطى رج ً‬
‫قومه وقال‪ :‬يا قومي أسلموا فإن ممدا يعطي عطاءً ل يشى الفاقة(‪ ،)22‬فكان صلّى ال عليه‬
‫وسلّم أكرم الناس‪ ،‬وأشجع الناس(‪ ،)23‬وأرحم الناس وأعظمهم تواضعا‪ ،‬وعدلً‪ ،‬وصبا‪ ،‬ورفقا‪،‬‬
‫وأناة‪ ،‬وعفوا‪ ،‬وحلما‪ ،‬وحياءً‪ ،‬وثباتا على الق‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري برقم ‪ ،2697‬ومسلم ‪.1718‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬رسالة التحذير من البدع لسماحة شيخنا العلمة عبد العزيز بن عبد ال ابن باز‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪.21‬‬

‫‪256‬‬
‫(‪ )4‬البخاري برقم ‪ ،1130‬ومسلم برقم ‪.2819‬‬
‫(‪ )5‬البخاري برقم ‪ ،1147‬ومسلم برقم ‪.737‬‬
‫(‪ )6‬مسلم برقم ‪.728‬‬
‫(‪ )7‬مسلم برقم ‪ ،729‬والبخاري برقم ‪.1172‬‬
‫(‪ )8‬مسلم برقم ‪.719‬‬
‫(‪ )9‬مسلم برقم ‪.772‬‬
‫(‪ )10‬كتاب الصلة لبن القيم ص ‪.140‬‬
‫(‪ )11‬مسلم برقم ‪.1160‬‬
‫(‪ )12‬الترمذي برقم ‪ ،745‬والنسائي ‪ 4/202‬وغيها‪.‬‬
‫(‪ )13‬البخاري رقم ‪ 1969‬و‪ ،1970‬ومسلم برقم ‪ 1156‬و‪.1157‬‬
‫(‪ )14‬مسلم برقم ‪.1164‬‬
‫(‪ )15‬البخاري برقم ‪ ،1971‬ومسلم ‪.1156‬‬
‫(‪ )16‬البخاري برقم ‪ ،2007 – 2000‬ومسلم برقم ‪.1125‬‬
‫(‪ )17‬النسائي ‪ ،4/205‬وأبو داود برقم ‪ ،2437‬وأحد ‪ ،6/288‬وانظر صحيح النسائي رقم‬
‫‪.2236‬‬
‫(‪ )18‬البخاري برقم ‪ 1964 - 1961‬ومسلم ‪.1103 - 1102‬‬
‫(‪ )19‬أبو داود برقم ‪ ،8549‬وأحد ‪.5/393‬‬
‫(‪ )20‬النسائي ‪ ،7/61‬وأحد ‪ ،3/128‬وانظر‪ :‬صحيح النسائي ‪.3/827‬‬
‫(‪ )21‬البخاري برقم ‪ ،6‬ومسلم رقم ‪.2308‬‬
‫(‪ )22‬مسلم ‪.4/1806‬‬
‫(‪ )23‬البخاري مع الفتح ‪ ،10/455‬ومسلم ‪.4/1804‬‬
‫وجاهد صلّى ال عليه وسلّم ف جيع ميادين الهاد‪ :‬جهاد النفس وله أربع مراتب‪ :‬جهادها على‬
‫تعلم أمور الدين‪ ،‬والعمل به‪ ،‬والدعوة إليه على بصية‪ ،‬والصب على مشاق الدعوة‪ ،‬وجهاد الشيطان‬
‫وله مرتبتان‪ :‬جهاده على دفع ما يلقي من الشبهات‪ ،‬ودفع ما يلقي من الشهوات‪ ،‬وجهاد الكفار وله‬
‫أربع مراتب‪ :‬بالقلب‪ ،‬واللسان‪ ،‬والال‪ ،‬واليد‪ .‬وجهاد أصحاب الظلم وله ثلث مراتب‪ :‬باليد‪ ،‬ث‬
‫باللسان‪ ،‬ث بالقلب‪ .‬فهذه ثلث عشرة مرتبة من الهاد‪ ،‬وأكمل الناس فيها ممد صلّى ال عليه‬
‫وسلّم؛ لنه كمل مراتب الهاد كله‪ ،‬فكانت ساعاته موقوفة على الهاد‪ :‬بقلبه‪ ،‬ولسانه‪ ،‬ويده‪،‬‬
‫وماله؛ ولذا كان أرفع العالي ذكرا وأعظمهم عند ال قدرا(‪ .)1‬وقد دارت العارك الربية بينه‬

‫‪257‬‬
‫وبي أعداء التوحيد‪ ،‬فكان عدد غزواته الت قادها بنفسه سبع وعشرون غزوة‪ ،‬وقاتل ف تسع منها‪،‬‬
‫أما العارك الت أرسل جيشها ول يقدها فيقال لا سرايا فقد بلغت ستة وخسي سرية(‪.)2‬‬
‫وكان صلّى ال عليه وسلّم أحسن الناس معاملة‪ ،‬فإذا استسلف سلفًا قضى خيا منه؛ ولذا جاء رجل‬
‫إل النب صلّى ال عليه وسلّم يتقاضاه بعيا فأغلظ له ف القول‪ ،‬فهم به أصحابه فقال النب صلّى ال‬
‫عليه وسلّم‪” :‬دعوه فإن لصاحب الق مقالً“ فقالوا‪ :‬يا رسول ال‪ :‬ل ند إل سنّا هو خي من سنّه‬
‫فقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬أعطوه“ فقال الرجل‪ :‬أوفيتن أوفاك ال‪ ،‬فقال صلّى ال عليه وسلّم‪:‬‬
‫”إن خي عباد ال أحسنهم قضاءً“(‪ .)3‬واشترى من جابر بن عبد ال رضي ال عنه بعيا‪ ،‬فلما جاء‬
‫جابر بالبعي قال له صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬أتران ماكستك“؟ قال‪ :‬ل يا رسول ال‪ ،‬فقال‪” :‬خذ‬
‫المل والثمن“(‪.)4‬‬
‫وكان صلّى ال عليه وسلّم أحسن الناس خلقا؛ لن خلقه القرآن‪ ،‬لقول عائشة رضي ال عنهما‪:‬‬
‫”كان خلقه القرآن“(‪)5‬؛ ولذا قال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إنا بعثت لتم مكارم الخلق“(‪.)6‬‬
‫وكان صلّى ال عليه وسلّم أزهد الناس ف الدنيا‪ ،‬فقد ثبت عنه صلّى ال عليه وسلّم أنه اضطجع على‬
‫الصي فأثّر ف جنبه‪ ،‬فدخل عليه عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ ،‬ولا استيقظ جعل يسح جنبه‬
‫فقال‪ :‬رسول ال لو اتذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬مال وللدنيا‪ ،‬ما مثلي‬
‫ومثل الدنيا إل كراكب سار ف يوم صائف فاستظل تت شجرة ساعة من نار ث راح وتركها“(‬
‫سرّن أن ل ير عليّ ثلثٌ وعندي منه شيء‪ ،‬إل شيءٌ‬ ‫‪ .)7‬وقال‪” :‬لو كان ل مثلُ أُحُدٍ ذهبا ما َي ُ‬
‫أرصُ ُدهُ لدين“(‪.)8‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪" :‬ما شبع آل ممد من طعام ثلثة أيام حت قبض"(‪ .)9‬والقصود‬
‫أنم ل يشبعوا ثلثة أيام بلياليها متوالية‪ ،‬والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالبا كان بسبب قلة الشيء‬
‫عندهم على أنم قد يدون ولكن يؤثرون على أنفسهم(‪)10‬؛ ولذا قالت عائشة رضي ال عنها‪:‬‬
‫"خرج النب صلّى ال عليه وسلّم من الدنيا ول يشبع من خبز الشعي"(‪ .)11‬وقالت‪" :‬ما أكل آل‬
‫ممد صلّى ال عليه وسلّم أُكلتي ف يوم إل إحداها تر"(‪ .)12‬وقالت‪" :‬إنا لننظر إل اللل ثلثة‬
‫أهلة ف شهرين وما أُوقدت ف أبيات رسول ال صلّى ال عليه وسلّم نار‪ .‬فقال عروة‪ :‬ما كان‬
‫يقيتكم؟ قالت‪ :‬السودان‪ :‬التمر والاء"(‪ .)13‬والقصود باللل الثالث‪ :‬وهو يُرى عند انقضاء‬
‫الشهرين‪ .‬وعن عائشة رضي ال عنهما قالت‪” :‬كان فراشُ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم من أدَم‬
‫وحش ُوهُ ليفٌ“(‪ .)14‬ومع هذا كان يقول صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬اللهم اجعل رزق آل ممدٍ‬
‫قوتا“(‪.)15‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬زاد العاد ‪.12 ،10 ،3/5‬‬

‫‪258‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪ ،12/95‬وفتح الباري ‪ ،281 - 7/279‬و‪.8/153‬‬
‫(‪ )3‬البخاري رقم ‪ ،2305‬ومسلم ‪.1600‬‬
‫(‪ )4‬البخاري مع الفتح ‪ ،3/67‬ومسلم ‪.3/1221‬‬
‫(‪ )5‬مسلم ‪.1/513‬‬
‫(‪ )6‬البيهقي بلفظه ‪ ،10/192‬وأحد ‪ ،2/381‬وانظر‪ :‬الصحيحة لللبان رقم ‪.45‬‬
‫(‪ )7‬الترمزي وغيه‪ ،‬وانظر‪ :‬الحاديث الصحيحة برقم ‪ ،439‬وصحيح الترمذي ‪.2/280‬‬
‫(‪ )8‬البخاري برقم ‪ ،2389‬ومسلم برقم ‪.991‬‬
‫(‪ )9‬البخاري مع الفتح ‪ 9/517‬و‪.549‬‬
‫(‪ )10‬انظر فتح الباري ‪ 9/517‬و‪ 549‬برقم ‪ ،5374‬ومن حديث عائشة رضي ال عنها برقم‬
‫‪.5416‬‬
‫(‪ )11‬البخاري مع الفتح ‪.9/549‬‬
‫(‪ )12‬البخاري مع الفتح ‪.11/283‬‬
‫(‪ )13‬البخاري مع الفتح ‪.11/283‬‬
‫(‪ )14‬البخاري برقم ‪.6456‬‬
‫(‪ )15‬البخاري برقم ‪ ،6460‬ومسلم برقم ‪ 1055‬والقوت‪ :‬هو ما يقوت البدن من غي إسراف‬
‫وهو معن الرواية الخرى عند مسلم "كفافا" ويكف عن الاجة‪ ،‬وقال أهل اللغة‪ :‬القوت‪ :‬هو ما‬
‫يسد رمق‪ ،‬وف الكفاف سلمة من آفاق الغن والفقر جيعا وال أعلم‪ .‬الفتح ‪ ،11/293‬وشرح‬
‫النووي ‪ ,7/152‬والب ‪.3/537‬‬
‫وكان صلّى ال عليه وسلّم من أورع الناس؛ ولذا قال‪” :‬إن لنقلب إل أهلي فأجد التمرة ساقطة‬
‫على فراشي أو ف بيت فأرفعها لكلها ث أخشى أن تكون من الصدقة فألقيها“(‪ .)1‬وأخذ السن بن‬
‫علي ترة من تر الصدقة فجعلها ف فيه فقال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ِ” :‬كَ ْخ ِ َكخْ ارمِ با أما‬
‫علمت أنّا ل نأكل الصدقة“؟(‪.)2‬‬
‫ومع هذه العمال الباركة العظيمة فقد كان صلّى ال عليه وسلّم يقول‪” :‬خذوا من العمال ما‬
‫تطيقون فإن ال ل ي ّل حت تلّوا‪ ،‬وأحب العمل إل ال ما داوم عليه صاحبه وإن قل“ وكان آلُ‬
‫ممد صلّى ال عليه وسلّم إذا عَ ِملُوا عملً أثبتوه(‪” .)3‬وكان صلّى ال عليه وسلّم إذا صلى صلة‬
‫داوم عليها“(‪ .)4‬وقد تقالّ عبادة النب صلّى ال عليه وسلّم نفر من أصحابه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫وقالوا‪ :‬وأين نن من النب صلّى ال عليه وسلّم؟ وقد غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬أما أنا فأنا أصلي الليل أبدًا‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬أنا أصوم ول أفطر‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬أنا أعتزل‬
‫النساء فل أتزوج أبدا [وقال بعضهم‪ :‬ل آكل اللحم] فبلغ ذلك النب صلّى ال عليه وسلّم فجاء‬

‫‪259‬‬
‫إليهم فقال‪” :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما وال إن لخشاكم ال أتقاكم له‪ ،‬لكن أصوم وأفطر‪،‬‬
‫وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء فمن رغب عن سنت فليس من“(‪ .)5‬والراد بالسنة الدي والطريقة‬
‫ل الت تقابل الفرض‪ ،‬والرغبة عن الشيء العراض عنه إل غيه‪ .‬ومع هذه العمال الليلة فقد كان‬
‫يقول عليه الصلة والسلم‪” :‬سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله“ قالوا‪ :‬ول أنت‬
‫يا رسول ال؟ قال‪” :‬ول أنا إل أن يتغمدن ال برحةٍ منه وفضل“‪ .‬وف رواية‪” :‬سددوا وقاربوا‪،‬‬
‫واغدوا وروحوا‪ ،‬وشيءٌ من الدّلة‪ ،‬وال َقصْدَ ال َقصْدَ تبلغوا“(‪ .)6‬وكان يقول‪” :‬يا مقلّب القلوب‬
‫ثبّت قلب على دينك“(‪ .)7‬ويقول‪” :‬اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك“(‪.)8‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب والعظات ف هذا البحث كثية منها‪:‬‬
‫إن النب صلّى ال عليه وسلّم قدوة كل مسلم صادق مع ال تعال ف كل المور؛ لقوله تعال‪َ{ :‬لقَدْ‬
‫سنَةٌ لّمَن كَانَ َيرْجُو الّل َه وَاْلَي ْومَ ال ِخ َر َوذَ َكرَ الّلهَ كَثِيًا}(‪.)9‬‬
‫كَانَ لَكُ ْم فِي رَسُولِ الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬مسلم ‪.2/751‬‬
‫(‪ )2‬مسلم ‪.2/751‬‬
‫(‪ )3‬البخاري مع الفتح ‪ ،11/294 ،4/213‬ومسم ‪ 1/541‬برقم ‪ ،782‬و‪.2/811‬‬
‫(‪ )4‬البخاري مع الفتح ‪ ،4/213‬وانظر‪ :‬صحيح البخاري حديث رقم ‪.6467 – 6461‬‬
‫(‪ )5‬البخاري مع الفتح ‪ ،9/104‬ومسلم ‪ 2/1020‬وما بي العكوفي من رواية مسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬البخاري برقم ‪ ،6464 ،6463‬ومسلم ‪.4/2170‬‬
‫(‪ )7‬الترمزي ‪ 5/238‬وغيه‪ ،‬وانظر‪ :‬صحيح الترمزي ‪.3/171‬‬
‫(‪ )8‬مسلم ‪.4/2045‬‬
‫(‪ )9‬سورة الحزاب‪ ،‬الية‪.21 :‬‬
‫إن النب صلّى ال عليه وسلّم أحسن الناس َخلْقا‪ ،‬و ُخلُقا‪ ،‬وألينهم كفّا‪ ،‬وأطيبهم ريا‪ ،‬وأكملهم‬
‫عقلً‪ ،‬وأحسنهم عشرة‪ ،‬وأعلمهم بال وأشدهم له خشية(‪ ،)1‬وأشجع الناس‪ ،‬وأكرم الناس‪،‬‬
‫وأحسنهم قضاء‪ ،‬وأسحهم معاملة‪ ،‬وأكثرهم اجتهادا ف طاعة ربه‪ ،‬وأصبهم وأقواهم تمّلً‪،‬‬
‫وأشدهم حياء‪ ،‬ول ينتقم لنفسه‪ ،‬ول يغضب لا‪ ،‬ولكنه إذا انُتهِكت حرمات ال‪ ،‬فإنا ينتقم ال‬
‫تعال‪ ،‬وإذا غضب ال ل يقم لغضبه أحد‪ ،‬والقوي والضعيف‪ ،‬والقريب والبعيد‪ ،‬والشريف وغيه‬
‫عنده ف الق سواء‪ ،‬وما عاب طعاما قطا إن اشتهاه أكله‪ ،‬وإن ل يشتهه تركه‪ ،‬ويأكل من الطعام‬
‫الباح ما تيسر ول يتكلف ف ذلك‪ ،‬ويقبل الدية ويكافئ عليها‪ ،‬ويصف نعليه ويرقع ثوبه‪ ,‬ويدم ف‬
‫مهنة أهله‪ ,‬ويِلبُ شاته‪ ,‬وي ِدمُ نفسه‪ ،‬وكان أشد الناس تواضعا‪ ،‬وييب الداعي‪ :‬من غن أو فقي‪،‬‬
‫أو دنء أو شريف‪ ،‬وكان يب الساكي ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم‪ ،‬ول يقر فقي لفقره‪ ,‬ول‬

‫‪260‬‬
‫يهاب مَلكا للكه‪ ,‬وكان يركب الفرس‪ ,‬والبعي‪ ,‬والمار‪ ,‬والبغلة‪ ,‬ويردف خلفه‪ ,‬ول يدع أحدا‬
‫يشي خلفه(‪ .)2‬وخاته فضة وفصه منه‪ ,‬يلبسه ف خنصره الين وربا يلبسه ف اليسر‪ ،‬وكان‬
‫يعصب على بطنه الجر من الوع‪ ،‬وقد آتاه ال مفاتيح خزائن الرض‪ ،‬ولكنه اختار الخرة‪ ،‬وكان‬
‫يكثر الذكر‪ ،‬دائم الفكر‪ ،‬ويقل اللغو‪ ،‬ويطيل الصلة‪ ،‬ويقصر الطبة‪ ،‬ويب الطيب ول يرده‪ ،‬ويكره‬
‫الروائح الكريهة‪ ،‬وكان أكثر الناس تبسما‪ ،‬وضحك ف أوقات حت بدت نواجذه(‪ )3‬ويزح ول‬
‫يقول إل حقّا‪ ،‬ول يفو أحدا‪ ،‬ويقبل عذر العتذر إليه‪ ،‬وكان يأكل بأصابعه الثلث ويلعقهن‪،‬‬
‫ويتنفس ف الشرب ثلثا خارج الناء‪ ،‬ويتكلم بوامع الكلم‪ ،‬وإذا تكلم تكلّم بكلم بيّ ٍن َفصْلٍ‪،‬‬
‫يفظه من جلس إليه‪ ،‬ويعيد الكلم ثلثا إذا ل تفهم حت تُفهم عنه‪ ،‬ول يتكلم من غي حاجة‪ ،‬وقد‬
‫ث عليه‪،‬‬ ‫جع ال له مكارم الخلق وماسن الفعال‪ ،‬فكانت معاتبته تعريضا‪ ،‬وكان يأمر بالرفق وي ّ‬
‫وينهي عن العنف‪ ،‬ويث على العفو والصفح‪ ،‬واللم‪ ،‬والناة‪ ،‬وحسن اللق ومكارم الخلق‪،‬‬
‫وكان يب التيمن ف طهوره وتنعّله‪ ،‬وترجّله‪ ،‬وف شأنه كله‪ ،‬وكانت يده اليسرى للئه وما كان‬
‫من أذى‪ ،‬وإذا اضطجع اضطجع على جنبه الين‪ ،‬ووضع كفه اليمن تته خده الين‪ ،‬وإذا عرّس(‬
‫‪ )4‬قُبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه‪ ،‬وكان ملسه‪ :‬ملس علم‪ ،‬وحلم‪ ،‬وحياء‪،‬‬
‫وأمانة ‪ ,‬وصيانة‪ ,‬وصب‪ ,‬وسكينة‪ ,‬ول ترفع فيه الصوات‪ ،‬ول تنتهك فيه الرمات‪ ،‬يتفاضلون ف‬
‫ملسه بالتقوى‪ ،‬ويتواضعون‪ ،‬ويًوقّرون الكبار‪ ،‬ويرحَمُون الصغار‪ ،‬ويؤثرون الحتاج‪ ،‬ويرجون دعاة‬
‫إل الي‪ ،‬وكان يلس على الرض‪ ،‬ويأكل على الرض‪ ،‬وكان يشي مع الرملة والسكي‪ ،‬والعبد‪،‬‬
‫حت يقضي له حاجته‪ .‬ومر على الصبيان يلعبون فسلّم عليهم‪ ،‬وكان ل يصافح النساء غي الحارم‪.‬‬
‫وكان يتألف أصحابه ويتفقدهم‪ ،‬ويكرم الكري كل قوم‪ ،‬ويقبل بوجهه وحديثه على من يادثه‪ ،‬حت‬
‫على أشرّ القوم يتألفهم بذلك‪ ،‬ول يكن فاحشا ول متفحشأ ول صخّابا(‪ ،)5‬ول يزي بالسيئة‬
‫السيئة بل يعفو ويصفح ويلم‪ ,‬ول يضرب خادما ول امرأة ول شيئا قط‪ ,‬إل أن ياهد ف سبيل ال‬
‫تعال‪ ,‬وما خُيّر بي شيئي إل اختار أيسرها ما ل يكن إثا‪ ,‬فإن كان إثا كان أبعد الناس عنه‪.‬‬
‫وقد جع ال له كمال الخلق وماسن الشيم وآتاه من العلم والفضل وما فيه النجاة والفوز‬
‫والسعادة ف الدنيا والخرة ما ل يؤت أحدا من العالي‪ ,‬وهو أمي ل يقرأ ول يكتب‪ ,‬ول معلم له‬
‫من البشر‪ ،‬واختاره ال على جيع الولي والخرين‪ ،‬وجعل دينه للجن والناس أجعي إل يوم الدين‪،‬‬
‫فصلوات ال وسلمه عليه صلةً وسلما دائمي إل يوم الدين؛ فإن خلقه كان من القرآن‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬ولذا قال عبد ال بن الشّخّي‪ :‬أتيت رسول ال صلّى ال عليه وسلّم وهو يصلي ولوفه أزيزٌ‬
‫كأزيز الِرجل من البكاء‪ ،‬أبو داود برقم ‪ ،904‬وصححه اللبان ف متصر الشمائل برقم ‪,276‬‬
‫ومعن‪ :‬أزير الرجل‪ :‬أي غليان القدر‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫(‪ )2‬أحد ‪ ،3/398‬وابن ماجه برقم ‪ ,246‬والاكم ‪ ،4/481‬وابن حبان موارد ‪, 2099‬‬
‫وانظر‪ :‬الحاديث الصحيحة برقم ‪.1557‬‬
‫(‪ )3‬النواجذ‪ :‬النياب‪.‬‬
‫(‪ )4‬التعريس‪ :‬نزول مسافة آخر الليل نزلةً للنوم والستراحة‪ .‬انظر‪ :‬النهاية ف غريب الديث‬
‫‪.3/206‬‬
‫(‪ )5‬الصّخّاب‪ :‬الصخب والسخب‪ :‬الضجة واضطراب الصوات للخصام‪ ،‬فهو صلّى ال عليه وسلّم‬
‫ل يكن صخّابا ف السواق ول ف غيها‪ .‬النهاية ‪.3/14‬‬
‫فينبغي القتداء به صلّى ال عليه وسلّم والتأسي ف جيع أعماله‪ ،‬وأقواله‪ ،‬وجده واجتهاده‪ ،‬وجهاده‪،‬‬
‫وزهده‪ ،‬وورعه‪ ،‬وصدقه وإخلصه‪ ،‬إل ف ما كان خاصّا به‪ ،‬أو ما ل يُقدر على فعله؛ لقوله صلّى‬
‫ال عليه وسلّم‪” :‬خذوا من العمال ما تطيقون فإن ال ل يل حت تلوا(‪)2(”)1‬؛ ولقوله‪” :‬ما‬
‫نيتكم عنه فاجتنبوه‪ ،‬وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم“(‪.)3‬‬
‫البحث الثالث‪ :‬خي أعماله وخواتها‬
‫ل أثبته وداوم عليه؛ ولذا قال‪” :‬إن أحب العمال إل ال‬ ‫كان صلّى ال عليه وسلّم إذا عمل عم ً‬
‫تعال ما داوم عليه صاحبه وإن قل“(‪ .)4‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪” :‬كان النب صلّى ال‬
‫عليه وسلّم يعتكف ف كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما‪،‬‬
‫وكان يعرض عليه القرآن ف كل عام مرة‪ ،‬فلما كان العام الذي قُبض فيه عرض القرآن مرتي“(‪.)5‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يكثر القول قبل أن يوت‪:‬‬
‫”سبحانك اللهم وبمدك‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك“‪ .‬قالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ما هذه الكلمات‬
‫صرُ الّلهِ‬
‫الت أراك أحدثتها تقولا؟ قال‪” :‬جُعلت ل علمةٌ ف أمت إذا رأيتها قلتها {ِإذَا جَاءَ َن ْ‬
‫صرُ الّلهِ وَاْلفَتْحُ} إنا‪:‬‬
‫وَاْلفَْتحُ}(‪ .)6‬وقد قال ابن عباس رضي ال عنهما لعمر عن هذه‪ِ{ :‬إذَا جَاءَ َن ْ‬
‫أجل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم أعلمه إياه‪ ,‬فقال‪ :‬ما أعلم منها إل ما تعلم“(‪ .)7‬وقيل‪ :‬نزلت‬
‫صرُ الّل ِه وَاْلفَْتحُ} يوم النحر والنب صلّى ال عليه وسلّم ف من بجة الوداع(‪ ،)8‬وقيل‪:‬‬ ‫{ِإذَا جَاءَ َن ْ‬
‫نزلت أيام التشريق(‪ ،)9‬وعند الطبان أنا لا نزلت هذه السورة أخذ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫أشدّ ما كان اجتهادا ف أمر الخرة(‪)10‬؛ ولذا قالت عائشة رضي ال عنهما‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم يكثر أن يقول ف ركوعه وسجوده‪” :‬سبحانك اللهم ربنا وبمدك‪ ،‬اللهم اغفر‬
‫ل“ يتأول القرآن(‪ .)11‬ومعن ذلك أنه يفعل ما أمر به فيه وهو قوله تعال‪{ :‬فَسَبّحْ بِحَ ْمدِ َرّبكَ‬
‫وَا ْسَت ْغفِ ْرهُ إِّنهُ كَانَ َتوّابًا}(‪.)12‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب الستنبطة من هذا البحث كثية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪262‬‬
‫ل دائما خي من كثي منقطع؛ لن بدوام العمل‬ ‫‪ 1‬ـ الث على الداومة على العمل الصال‪ ،‬وأن قلي ً‬
‫الصال القليل تدوم الطاعة والذكر‪ ،‬والراقبة‪ ،‬والنية‪ ،‬والخلص‪ ,‬والقبال على الالق‪ ،‬والقليل الدائم‬
‫يثمر؛ لنه يزيد على الكثي النقطع أضعافا كثية(‪.)13‬‬
‫‪ 2‬ـ من أجهد نفسه ف شيء من العبادات ل يطيق العمل به خُشِ َي عليه أن يل فيفضي ذلك إل‬
‫تركه(‪.)14‬‬
‫‪ 3‬ـ النسان السلم كلما تقدم ف العمر اجتهد ف العمل على حسب القدرة والطاقة‪ ،‬ليلقى ال‬
‫على خي أحواله؛ ولن العمال بالواتيم‪ ،‬وخي العمال الصالة خواتيمها(‪.)15‬‬
‫البحث الرابع‪ :‬وداعه لمته ووصاياه ف حجة الوداع‬
‫‪ 1‬ـ أذانه ف الناس بالج‪:‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬تقدم تريه‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تذيب السية النبوية للمام النووي ص ‪ ،56‬ومتصر السية النبوية للحافظ عبد الغن‬
‫القدسي ص ‪ ،77‬وحقوق الصطفى للقاضي عياض ‪ ،215 – 1/77‬ومتصر الشمائل الحمدية‬
‫للترمذي ص ‪.188-112‬‬
‫(‪ )3‬البخاري برقم ‪ ،7288‬ومسلم برقم ‪.2619‬‬
‫(‪ )4‬البخاري مع الفتح ‪ ،9/43‬برقم ‪ ،4998‬و ‪ ،4/213‬ومسلم ‪ 2/811‬وتقدم تريه‪.‬‬
‫(‪ )5‬البخاري برقم ‪ ،4433‬ومسلم ‪.2450‬‬
‫(‪ )6‬مسلم ‪.1/351‬‬
‫(‪ )7‬البخاري مع الفتح ‪.8/130‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬الفتح ‪ ،8/734‬وقيل‪ :‬عاش بعدها إحدى وثاني يوما‪ .‬فتح ‪.8/734‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬الرجع السابق ‪.8/130‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.8/130‬‬
‫(‪ )11‬البخاري برقم ‪ ،794‬ومسلم برقم ‪.484‬‬
‫(‪ )12‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪.4/447‬‬
‫(‪ )13‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،1/103‬وشرح النووي ‪.6/318‬‬
‫(‪ )14‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.4/215‬‬
‫(‪ )15‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،4/285‬و ‪.9/46‬‬
‫‪ 1‬ـ بعد أن بلّغ صلّى ال عليه وسلّم البلغ البي وأدى المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬وجاهد ف ال حق‬
‫جهاده‪ ،‬أعلن ف الناس وأذّن فيهم وأعلمهم أنه حاج ف السنة العاشرة – بعد أن مكث ف الدينة‬

‫‪263‬‬
‫تسع سني كلها معمورة بالهاد والدعوة والتعليم – وبعد هذا النداء العظيم الذي قصد به صلّى ال‬
‫عليه وسلّم إبلغ الناس فريضة الج‪ ،‬ليتعلموا الناسك منه صلّى ال عليه وسلّم؛ وليشهدوا أقواله‪،‬‬
‫وأفعاله‪ ،‬ويوصيهم ليبلغ الشاهد الغائب‪ ،‬وتشيع دعوة السلم‪ ،‬وتبلغ الرسالة القريب والبعيد(‪.)1‬‬
‫قال جابر رضي ال عنه‪ :‬إن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم مكث تسع سني ل يج ث أذّن ف الناس‬
‫ف العاشرة أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم حاجّ‪ ،‬فقدم الدينة بشر كثي كلهم يلتمس أن يأت‬
‫برسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ ،‬ويعمل مثل عمله‪ ...‬وساق الديث وفيه‪ :‬حت إذا استوت به ناقته‬
‫على البيداء(‪ )2‬نظرت إل مد بصري بي يديه من راكب وماشٍ‪ ،‬وعن يينه مثل ذلك‪ ،‬وعن يساره‬
‫مثل ذلك‪ ،‬ومن خلفه مثل ذلك(‪ ,)3‬ورسول ال صلّى ال عليه وسلّم بي أظهرنا وعليه ينل القرآن‬
‫وهو يعلم تأويله وما عمل به من شيء عملنا به‪ ...‬وساق الديث وقال‪ :‬حت إذا أتى عرفة فوجد‬
‫ضرِبت له بنمرة فنل با‪.‬‬
‫القبة قد ُ‬
‫‪ 2‬ـ وداعه ووصيته لمته ف عرفات‪:‬‬
‫قال جابر رضي ال عنه‪ :‬حت إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب‬
‫الناس وقال‪” :‬إن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا‪ ،‬ف شهركم هذا‪ ،‬ف بلدكم‬
‫هذا‪ ،‬أل كل شيء من أمر الاهلية تت قدمي موضوع(‪ )4‬ودماء الاهلية موضوعة‪ ،‬وإن أول دمٍ‬
‫أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الارث كان مسترضعا ف بن سعد فقتلته هذيل‪ ،‬وربا الاهلية‬
‫موضوع‪ ،‬وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد الطلب فإنه موضوع كله(‪ )5‬فاتقوا ال ف النساء‬
‫فإنكم أخذتوهن بأمان ال‪ ،‬واستحللتم فروجهن بكلمة ال(‪ )6‬ولكم عليهن أن ل يوطئن فراشكم(‬
‫‪ )7‬أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غي مبّح(‪ )8‬ولن عليكم رزقهن وكسوتن‬
‫بالعروف‪ ،‬وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب ال(‪ ,)9‬وأنتم تسألون عن فما‬
‫أنتم قائلون“؟ قالوا‪ :‬نشهد أنك قد بلغت‪ ،‬وأديت‪ ,‬ونصحت‪ .‬فقال بإصبعه السبّابة يرفعها إل‬
‫السماء وينكتها إل الناس‪” :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد“ ثلث مرات(‪ .)10‬وقد كان ف الوقف جمّ‬
‫غفي ل يُحصي عددها إل ال تعال(‪.)11‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ , 8/422‬وشرح الب ‪.4/244‬‬
‫(‪ )2‬البيداء‪ :‬اسم للمفازة والصحراء الت ل شيء فيها‪ ،‬وهي هنا موضع بذي الليفة‪ .‬فتح اللك‬
‫العبود ‪.2/9‬‬
‫(‪ )3‬قيل كان عددهم تسعي ألفا‪ ،‬وقيل مائة وثلثي ألفا‪ .‬انظر‪ :‬الرجع السابق ‪ ،2/9‬و ‪.105‬‬

‫‪264‬‬
‫(‪ )4‬والعن أنه أبطل كل شيء من أمور الاهلية وصار كالشيء الوضوع تت القدمي فل يعمل به‬
‫ف السلم‪ ،‬فجعله كالشيء الوضوع تت القدم من حيث إهاله وعدم البالة به‪ .‬انظر‪ :‬شرح‬
‫النووي ‪ ،8/432‬وشرح الب ‪ ،4/255‬وفتح اللك العبود ‪.2/18‬‬
‫(‪ )5‬والعن الزائد على رأس الال باطل أما رأس الال فلصاحبه بنص القرآن‪ ،‬انظر‪ :‬شرح النووي‬
‫‪.8/433‬‬
‫(‪ )6‬قيل‪ :‬الكلمة هي‪ :‬المر بالتسريح بالعروف أو المساك بإحسان‪ ،‬وقيل‪ :‬هي ل إله إل ال‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الياب والقبول‪ ،‬وقيل‪ :‬هي قوله تعال‪{ :‬فَان ِكحُوْا مَا طَابَ لَكُم مّنَ النّسَاءِ}‪ ،‬سورة النساء‪،‬‬
‫الية‪ .3 :‬قال النووي ‪ ،8/433‬وشرح الب ‪ ،4/256‬وفتح اللك العبود ‪.2/19‬‬
‫(‪ )7‬والعن ل يأذن لحد من الرجال أو النساء تكرهون أن يدخل منازلكم‪ ،‬وليس الراد من ذلك‬
‫الزنا؛ لنه حرام سواء كرهه الزوج أو ل يكرهوه؛ ولن فيه الد‪ .‬شرح النووي ‪ ،8/433‬والب‬
‫‪ ,4/257‬وفتح اللك العبود ‪.2/20‬‬
‫(‪ )8‬غي البّح‪ :‬ل شديد ول شاق‪ ،‬انظر‪ :‬فتح اللك العبود ‪ ،2/19‬وشرح النووي ‪.8/434‬‬
‫(‪ )9‬والعن قد تركت فيكم أمرا لن تطئوا إن تسكتم به ف العتقاد والعمل وهو كتاب ال الذي‬
‫ل يأتيه الباطل من بي يده ول من خلفه‪ ،‬وسكت عن السنة؛ لن القرآن هو الصل ف الدين‪ ،‬أو‬
‫لن القرآن أمر باتباع السنة كما قال سبحانه‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ الّل َه وَأَطِيعُواْ الرّسُولَ}‪.‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬الية‪ .59 :‬وقال‪َ { :‬ومَا آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُو ُه َومَا َنهَاكُ ْم عَْنهُ فَانَتهُوا}‪ .‬سورة‬
‫الشر‪ ,‬الية‪ .7 :‬انظر‪ :‬فتح اللك العبود ‪ ،2/20‬وقد جاء عند الاكم من حديث ابن عباس رضي‬
‫ال عنهما الوصية ب "‪ ...‬كتاب ال وسنة نبيه‪ "..‬وصححه اللبان ف صحيحه الترغيب برقم ‪.36‬‬
‫(‪ )10‬أخرجه مسلم برقم ‪.1218‬‬
‫(‪ )11‬قيل‪ :‬مائة وثلثون ألفا‪ .‬انظر‪ :‬فتح اللك العبود ‪.2/105‬‬
‫وأُنزل على النب صلّى ال عليه وسلّم ف يوم عرفة يوم المعة قوله تعال‪{ :‬الَْي ْومَ أَكْمَ ْلتُ لَكُ ْم دِينَكُمْ‬
‫ل َم دِينًا}(‪ )1‬وهذه أكب نعم ال تعال على هذه المة‬ ‫ت عََليْكُمْ ِنعْمَتِي َو َرضِيتُ لَكُ ُم الِسْ َ‬
‫وَأَتْمَ ْم ُ‬
‫حيث أكمل تعال لم دينهم فل يتاجون إل دين غيه‪ ,‬ول إل نب غي نبيهم صلّى ال عليه وسلّم؛‬
‫ولذا جعله ال خات النبياء‪ ,‬وبعثه إل الن والنس فل حلل إل ما أحلّه‪ ،‬ول حرام إل ما حرّمه‪،‬‬
‫ول دين إل ما شرعه‪ ,‬وكل شيء أخب به فهو حق وصدق‪ ,‬ل كذب فيه ول خلف‪{ ,‬وَتَ ّمتْ‬
‫ك صِدْقًا َوعَدْلً}(‪ )2‬أي صدقا ف الخبار وعدلً ف الوامر والنواهي‪ ,‬فلما أكمل ال لم‬ ‫ت رَّب َ‬‫كَلِ َم ُ‬
‫الدين تت عليهم النعمة(‪.)3‬‬

‫‪265‬‬
‫وقد ذُكر أن عمر بكى عندما نزلت هذه الية ف يوم عرفة‪ ,‬فقيل له‪ :‬ما يبكيك؟ قال‪ :‬أبكان أنا كنا‬
‫ف زيادة من ديننا‪ ,‬فأما إذا أُكمل فإنه ل يكمل شيء إل نقص(‪ ,)4‬وكأنه رضي ال عنه توقع موت‬
‫النب صلّى ال عليه وسلّم قريبا‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وداعه ووصيته لمنه عند المرات‪:‬‬
‫قال جابر رضي ال عنه‪ :‬رأيت النب صلّى ال عليه وسلّم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول‪:‬‬
‫”لتأخذوا مناسككم فإن ل أدري لعلّي ل أحُجّ بعد حجت هذه“(‪.)5‬‬
‫وعن أم الصي رضي ال عنها قالت‪ :‬حججت مع رسول ال صلّى ال عليه وسلّم فرأيته حي رمى‬
‫جرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلل وأسامة‪ ...‬فقال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫قولً كثيا ث سعته يقول‪” :‬إن ُأمّر عليكم عبد مدّع أسود يقودكم بكتاب ال تعال فاسعوا له‬
‫وأطيعوا“(‪.)6‬‬
‫‪ 4‬ـ وصيته ووداعه لمته يوم النحر‪:‬‬
‫عن أب بكرة رضي ال عنه أن النب صلّى ال عليه وسلّم قعد على بعيه وأمسك إنسان بطامه – أو‬
‫بزمامه – وخطب الناس فقال‪” :‬أتدرون أيّ يوم هذا“؟ قالوا‪ :‬ال ورسوله أعلم [فسكت] حت ظننا‬
‫أنه سيسميه بغي اسه‪ ,‬فقال‪” :‬أليس بيوم النحر“؟ قلنا‪ :‬بلى يا رسول ال! قال‪” :‬فأي شهر هذا“؟‬
‫قلنا‪ :‬ال ورسوله أعلم [فسكت] حت ظننا أنه سيسمه بغي اسه‪ ,‬فقال‪” :‬أليس بذي الجة“؟ قلنا‬
‫بلى يا رسول ال‪ .‬قال‪” :‬فأي بلد هذا“؟ قلنا ال ورسوله أعلم [فسكت] حت ظننا أنه سيسميه بغي‬
‫اسه‪ .‬قال‪” :‬أليست البلدة الرام“؟ قلنا‪ :‬بلى يا رسول ال ‪ ,‬قال‪” :‬فإن دماءكم‪ ,‬وأموالكم‪,‬‬
‫وأعراضكم‪ ,‬وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا‪ ,‬ف شهركم هذا‪ ,‬ف بلدكم هذا [وستلقون‬
‫ربكم فيسألكم عن أعمالكم‪ ,‬فل ترجعوا بعدي كفارا [أو ضُلّ ًل يضرب بعضكم رقاب بعض‪ ,‬أل‬
‫ليبلغ الشاهد [منكم] الغائب [َف ُربّ مُبلّغ أوعى من سامع] أل هل بلّغت [ث انكفأ(‪ )7‬إل كبشي‬
‫أملحي فذبهما‪ )8(“..‬قال ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬فوالذي نفسي بيده إنا لوصيته إل أمته‬
‫فليبلغ الشاهد الغائب(‪.)9‬‬
‫وسكوته صلّى ال عليه وسلّم بعد كل سؤال من هذه السئلة الثلثة كان لستحضار فهومهم‪,‬‬
‫وليقبلوا عليه بكليتهم‪ ,‬وليستشعروا عظمة ما يبهم عنه(‪.)10‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪" :‬وقف النب صلّى ال عليه وسلّم يوم النحر بي المرات‪...‬‬
‫وقال‪” :‬هذا يوم الج الكب“ و َطفِق(‪ )11‬النب يقول‪” :‬اللهم اشهد“ وودع الناس فقالوا‪ :‬هذه‬
‫حجة الوداع"(‪.)12‬‬
‫وقد فتح ال أساع جيع الجاج بن حت سعوا خطبة النب صلّى ال عليه وسلّم يوم النحر‪ ,‬هذا من‬
‫معجزاته أن بارك ف أساعهم وقوّاها حت سعها القاضي الدان حت كانوا يسمعون وهم ف منازلم(‬

‫‪266‬‬
‫‪ .)13‬فعن عبد الرحن بن معاذ التيمي رضي ال عنه قال‪" :‬خطبنا رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫ونن بن َففُتِحت أساعُنا حت كنا نسمع ما يقول ونن ف منازلنا‪.)14("..‬‬
‫‪ 5‬ـ وصيته صلّى ال عليه وسلّم لمته ف أوسط أيام التشريق‪:‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة الائدة‪ ,‬الية‪ ,3 :‬والديث أخرجه البخاري برقم ‪ ,45‬ومسلم برقم ‪,3016‬‬
‫‪.3017‬‬
‫(‪ )2‬سورة النعام‪ ,‬الية‪.115 :‬‬
‫(‪ )3‬تفسي ابن كثي ‪.2/12‬‬
‫(‪ )4‬ذكره ابن كثي ف تفسيه ‪ 2/12‬وعزاه بإسناده إل تفسي الطبي‪ .‬وهذا يشهد له قوله صلّى‬
‫ال عليه وسلّم‪” :‬بدأ السلم غريبا وسيعود غريبًا كما بدأ‪.“...‬‬
‫(‪ )5‬مسلم برقم ‪.1297‬‬
‫(‪ )6‬مسلم برقم ‪.1298‬‬
‫(‪ )7‬انكفأ‪ :‬أي انقلب‪ .‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪.11/183‬‬
‫(‪ )8‬البخاري ‪ 3/26‬برقم ‪,5550 ,4662 ,4406 ,3197 ,1741 ,105 ,67‬‬
‫‪ ,7447 ,7078‬ومسلم برقم ‪ 1679‬واللفاظ من هذه الواضع‪.‬‬
‫(‪ )9‬البخاري برقم ‪.1739‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.1/159‬‬
‫(‪ )11‬طفق‪ :‬جعل وشرع بقول‪.‬‬
‫(‪ )12‬البخاري برقم ‪.1742‬‬
‫(‪ )13‬انظر‪ :‬عون العبود ‪ ,5/436‬وفتح اللك العبود ‪.2/106‬‬
‫(‪ )14‬أبو داود برقم ‪ 1957‬وف آخره قصة تدل على أنه يوم النحر‪ ,‬والديث صححه اللبان ف‬
‫صحيح سنن أب داود برقم ‪.1/369 ,1724‬‬
‫وخطب صلّى ال عليه وسلّم الناس ف اليوم الثان عشر من ذي الجة وهو ثان أيام التشريق ويقال‬
‫له‪ :‬يوم الرؤوس؛ لن أهل مكة يسمونه بذلك؛ لكلهم رؤوس الضاحي فيه‪ ,‬وهو أوسط أيام‬
‫التشريق(‪ ,)1‬فعن أب نيح عن رجلي من أصحاب النب صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وها من بن بكر‪,‬‬
‫قال‪ :‬رأينا رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يطب بي أوسط أيام التشريق‪ ,‬ونن عند راحلته‪ ,‬وهي‬
‫خطبة رسول ال صلّى ال عليه وسلّم الت خطب(‪ )2‬بن(‪ ,)3‬وعن أب نضرة قال‪ :‬حدثن من سع‬
‫خطبة النب صلّى ال عليه وسلّم و ْسطَ أيام التشريق فقال‪” :‬يا أيها الناس إن ربكم واحد‪ ,‬وإن أباكم‬
‫واحد‪ ,‬أل ل فضل لعرب على أعجمي ول لعجمي على عرب‪ ،‬ول لحر على أسود‪ ,‬ول لسود‬

‫‪267‬‬
‫على أحر على أحر إل بالتقوى‪ ,‬أبلغت“؟ قالوا‪ :‬بلّغ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬ث قال‪” :‬أي‬
‫يوم هذا“؟ قالوا‪ :‬يوم حرام‪ .‬ث قال‪” :‬أيّ شهر هذا“؟ قالوا‪ :‬شهر حرام‪ .‬ث قال‪” :‬أي بلد هذا“؟‬
‫قالوا‪ :‬بلد حرام‪ .‬قال‪” :‬فإن ال قد حرّم بينكم دماءكم‪ ,‬وأموالكم‪ ,‬وأعراضكم‪ ,‬كحرمة يومكم‬
‫هذا‪ ,‬ف شهركم هذا‪ ,‬ف بلدكم هذا‪ ،‬أبلغت“؟ قالوا بلّغ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬قال‪:‬‬
‫”ليبلغ الشاهد الغائب“(‪.)4‬‬
‫وهناك جل من خطبه صلّى ال عليه وسلّم ف حجة الوداع ف الماكن القدسة منها حديث ابن‬
‫عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم خطب الناس ف حجة الوداع فقال‪” :‬إن‬
‫الشيطان قد يئس أن يُعبد بأرضكم ولكن رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك ما تاقرون من أعمالكم‬
‫فاحذروا‪ ,‬إن قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا‪ ,‬كتاب ال وسنة نبيه‪ “...‬الديث(‬
‫‪ .)5‬وحديث أب أمامة رضي ال عنه قال‪ :‬سعت رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يقول وهو يطب‬
‫الناس على ناقته الدعاء ف حجة الوداع يقول‪” :‬يا أيها الناس أطيعوا ربكم‪ ,‬وصلّوا خسكم‪ ,‬وأدّوا‬
‫زكاة أموالكم‪ ،‬وصوموا شهركم‪ ,‬وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم“(‪.)6‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب الستنبطة من هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إن كل من قدم الدينة إجابة لذان النب صلّى ال عليه وسلّم بالج فقد حج مع النب صلّى ال‬
‫عليه وسلّم؛ لقول جابر رضي ال عنه‪" :‬فقدم الدينة بشر كثي كلهم يلتمس أن يأتّ برسول ال صلّى‬
‫ال عليه وسلّم ويعمل مثل عمله"(‪.)7‬‬
‫‪ 2‬ـ استحباب نزول الاج إل عرفات بعد زوال الشمس إن تيسر ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ استحباب خطبة المام بالجاج بعرفات‪ ,‬يبي فيها للناس ما يتاجون إليه‪ ،‬ويعتن ببيان‬
‫التوحيد‪ ,‬وأصول الدين‪ ,‬ويذر فيها من الشرك والبدع والعاصي‪ ,‬ويوصي الناس بالعمل بالكتاب‬
‫والسنة‪.‬‬
‫وقد ثبت أن النب صلّى ال عليه وسلّم خطب ف حجة الوداع ثلث خطب‪ :‬خطبة يوم عرفة‪,‬‬
‫والطبة الثانية يوم النحر ف من‪ ,‬والطبة الثالثة ف من يوم الثان عشر من ذي الجة‪ .‬ومذهب‬
‫الشافعي أن المام يطب يوم السابع من ذي الجة كذلك(‪ ,)8‬ويعلم المام الناس ف كل خطبة ما‬
‫يتاجون إليه إل الطبة لخرى‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تأكيد غلظ تري الدماء‪ ,‬والعراض‪ ,‬والموال‪ ,‬والبشار اللدية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ استخدام ضرب المثال وإلاق النظي بالنظي؛ لقوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬كحرمة يومكم‬
‫هذا ف شهركم هذا ف بلدكم هذا“‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إبطال أفعال الاهلية‪ ,‬وربا الاهلية‪ ,‬وأنه ل قصاص ف قتلى الاهلية‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫‪ 7‬ـ إن المام ومن يأمر بالعروف وينهى عن النكر يب أن يبدأ بنفسه وأهله؛ لنه أقرب لقبول‬
‫قوله‪ ,‬وطيب نفس من قرب عهده بالسلم‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬عون العبود شرح سنن أب داود ‪ ,5/432‬وفتح اللك العبود تكملة النهل العذب‬
‫الورود ‪ ,2/100‬وفتح الباري ‪.3/574‬‬
‫(‪ )2‬ومعن قوله‪" :‬وهي خطبته الت خطب بن" أي مثل الطبة الت خطبها يوم النحر بن‪,‬‬
‫فالطبتان‪ :‬ف يوم النحر‪ ,‬وف ثان أيام التشريق اليوم الثان عشر متحدتان ف العن‪ .‬انظر‪ :‬عون‬
‫العبود ‪ ،5/431‬وفتح اللك العبود ‪.2/100‬‬
‫(‪ )3‬أبو داود برقم ‪ 1952‬ويشهد له حديث سرّاء بنت نبهان برقم ‪ 1953‬وصحح حديث أب‬
‫نيح اللبان ف صحيح سنن أب داود ‪ 1/368‬برقم ‪.1720‬‬
‫(‪ )4‬أحد بترتيب عبد الرحن البناء ‪ 12/226‬وذكره اليثمي ف ممع الزوائد وقال‪ :‬رواه أحد‬
‫ورجاله رجال الصحيح ‪ .3/266‬وانظر‪ :‬حديث أب حرة الرقاشي عن عمه قال‪ :‬كنت آخذ بزمام‬
‫ناقة رسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس‪ ...‬وذكر فيه جلً تراجع‬
‫ويراجع سند الديث ف مسند أحد ‪.5/72‬‬
‫(‪ )5‬ذكره النذري ف الترغيب وعزاه إل الاكم‪ ,‬وحسنه اللبان صحيح الترغيب ‪ 1/21‬برقم‬
‫‪ 36‬وله أصل ف صحيح مسلم‪ .‬انظر‪ :‬حديث رقم ‪ ,2812‬وانظر‪ :‬مسند أحد ‪2/368‬‬
‫والحاديث الصحيحة برقم ‪.472‬‬
‫(‪ )6‬الاكم ‪ 1/473‬وصحيحه على شرط مسلم‪ ,‬ووافقه الذهب‪.‬‬
‫(‪ )7‬تقدم تريه من حديث جابر رضي ال عنه‪.‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬فتح اللك العبود ف تكملة النهل الورود ‪.2/20‬‬
‫‪ 8‬ـ الوضوع من الربا هو الزائد على رأس الال‪ ,‬أما رأس الال فلصاحبه‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ مراعاة حق النساء‪ ,‬ومعاشرتن بالعروف‪ ,‬وقد جاءت أحاديث كثية بذلك جعها النووي أو‬
‫معظمها ف رياض الصالي‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ وجوب نفقة الزوجة وكسوتا‪ ،‬وجواز تأديبها إذا أتت با يقتضي التأديب لكن بالشروط‬
‫والضوابط الت جاءت بالكتاب والسنة‪ ،‬وأن ل يصل منكر من أجل ذلك التأديب‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ الوصية بكتاب ال تعال وسنة نبيه صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ قوله‪” :‬لتأخذوا عن مناسككم فإن ل أدري لعلي ل أحج بعد حجت هذه“ ففي ذلك لم‬
‫المر‪ ,‬والعن خذوا مناسككم‪ ,‬وهكذا وقع ف رواية غي مسلم‪ ,‬وتقديره‪ :‬هذه المور الت أتيت با‬
‫ف حجت من القوال‪ ،‬والفعال‪ ،‬واليئات هي أمور الج وصفته وهي مناسككم فخذوها عن‬

‫‪269‬‬
‫واقبلوها‪ ,‬واحفظوها واعملوا با‪ ،‬وعلموها الناس‪ ,‬وهذا الديث أصل عظيم ف مناسك الج‪ ,‬فهو‬
‫كقوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬صلوا كما رأيتمون أصلي“(‪.)1‬‬
‫ـ وف قوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬لعلي ل أحج بعد حجت هذه“ إشارة إل توديعهم‪ ,‬وإعلمهم‬
‫بقرب وفاته صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وحثهم على الخذ عنه‪ ,‬وانتهاز الفرصة وملزمته‪ ,‬وبذا سيت‬
‫حجة الوداع‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ الث على تبليغ العلم ونشره‪ ,‬وأن الفهم ليس شرطا ف الداء‪ ,‬وأنه قد يأت ف الخر من‬
‫يكون أفهم من تقدم ولكن بقلة‪ ,‬وأن الفضل أن يكون الطيب على مكان مرتفع؛ ليكون أبلغ ف‬
‫ساع الناس ورؤيتهم له‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ استخدام السؤال ث السكوت والتفسي يدل على التفخيم‪ ,‬والتقرير والتنبيه‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ المر بطاعة ول المر مادام يقود الناس بكتاب ال تعال‪ ,‬وإذا ظهرت منه بعض العاصي‬
‫والنكرات‪ُ ,‬و ِعظَ َوذُكّر بال و ُخوّف به لكن بالكمة والسلوب السن‪.‬‬
‫‪ 17‬ـ الوصية بطاعة ال‪ ,‬والصلة‪ ,‬والزكاة‪ ,‬والصيام‪ ,‬وأنه ل فرق بي أصناف الناس إل بالتقوى‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ معجزة النب صلّى ال عليه وسلّم الظاهرة الدالة على صدقه‪ ,‬وذلك بسماع الناس لطبته يوم‬
‫النحر وهم ف منازلم(‪ )2‬فقد فتح ال لساعهم كلهم لا‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ الضحية سنه مؤكدة على الصحيح من أقوال أهل العلم‪ ,‬وهي ف حق الاج وغي الاج فل‬
‫يزئ عنها الدي‪ ,‬وإنا هي سنة مستقلة؛ لنه صلّى ال عليه وسلّم بعد أن خطب الناس بن انقلب‬
‫فذبح كبشي أملحي(‪ )3‬وهذا غي الدايا الت نرها بيده وأشرك عليّا ف الدي وأمره بنحر الباقي‬
‫من البدن‪.‬‬
‫البحث الامس‪ :‬توديعه للحياء والموات‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم كلما كان ليلتها من رسول‬
‫ال صلّى ال عليه وسلّم يرج من آخر الليل إل البقيع فيقول‪” :‬السلم عليكم دار قول مؤمني‪,‬‬
‫وآتاكم ما توعدون‪ ,‬غدا مؤجلون وإنا إن شاء ال بكم لحقون‪ ,‬اللهم اغفر لهل بقيع الغرقد“(‬
‫‪ .)4‬وف رواية أنه قال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬فإن جبيل أتان‪ ..‬فقال إن ربك يأمرك أن تأت أهل‬
‫البقيع فتستغفر لم“ قالت عائشة‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬كيف أقول لم؟ قال‪” :‬قول‪ :‬السلم عليكم أهل‬
‫الديار من الؤمني والسلمي ويرحم ال الستقدمي منا والستأخرين وإنا إن شاء ال بكم لحقون“(‬
‫‪.)5‬‬
‫وقد ذكر المام الب رحه ال تعال أن خروجه هذا كان ف آخر عمره صلّى ال عليه وسلّم(‪)6‬‬
‫وهذا وال أعلم يدل على توديعه للموات كما فعل مع شهداء أحد؛ ولذا وال أعلم كان يرج ف‬

‫‪270‬‬
‫الليل ويقف ف البقيع يدعو لم كما قالت عائشة رضي ال عنها‪” :‬ث انطلقت على إثره حت جاء‬
‫البقيع فقام فأطال القيام ث رفع يديه ثلث مرات ث انرف‪.)7(“...‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري برقم ‪.7246‬‬
‫(‪ )2‬البخاري‪ ,‬ومسلم برقم ‪ 1679‬وتقدم تريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,577 ,3/574‬وشرح النووي ‪ 434 – 8/422‬و‪ 52-51/ 9‬و‬
‫‪ ,11/182‬وفتح اللك العبود ف تكملة النهل الورود شرح سنن أب داود ‪ 2/20‬و‪,2/54‬‬
‫‪.206-2/99‬‬
‫(‪ )4‬البقيع هو مدفن أهل الدينة‪ ,‬وسي بقيع الغرقد‪ ,‬لغرقد كان فيه‪ ,‬وهو ما عظم من العوسج‪.‬‬
‫انظر‪ :‬شرح النووي ‪ ,7/46‬وشرح الب على مسلم ‪.3/390‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه مسلم برقم ‪.974‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬شرح الب على صحيح مسلم ‪ ,3/388‬وفتح الباري ‪.7/349‬‬
‫(‪ )7‬مسلم برقم ‪.974‬‬
‫وعن عقبة بن عامر رضي ال عنه أن النب صلّى ال عليه وسلّم خرج يوما فصلى على قتلى أُحد‬
‫صلة اليت(‪ )1‬بعد ثان سني كالودع للحياء والموات ث طلع علي النب فقال‪” :‬إن بي أيديكم‬
‫فرط لكم‪ ,‬وأنا شهيد عليكم‪ ,‬وإن موعدكم الوض‪ ,‬وإن وال لنظر إل حوضي الن مقامي هذا‪,‬‬
‫وإن قد أعطيت مفاتيح خزائن الرض‪ ,‬أو مفاتيح الرض‪ ،‬وإن وال ما أخاف عليكم أن تشركوا‬
‫بعدي(‪ ,)2‬ولكن أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها [وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم]‬
‫قال عقبة‪ :‬فكانت آخر نظرة نظرتا إل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم [على النب]“(‪.)3‬‬
‫فتوديعه صلّى ال عليه وسلّم للحياء ظاهر؛ لن سياق الحاديث يشعر أن ذلك كان آخر حياته‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وأما توديعه للموات فباستغفاره لهل البقيع ودعائه لهل أحد‪ ,‬وانقطاعه‬
‫بسده عن زيارتم(‪.)4‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب الستنبطة من هذا البحث كثية‪ ,‬منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ حرص النب صلّى ال عليه وسلّم على نفع أمته‪ ,‬والنصح لم ف الياة‪ ,‬وبعد المات؛ ولذا‬
‫صلى على شهداء أحد بعد ثان سنوات‪ ،‬وزار أهل البقيع ودعا لم‪ ,‬وأوصى الحياء ونصحهم‪,‬‬
‫ووعظهم وأمرهم وناهم فما ترك خيا إل دلم عليه‪ ,‬ول شرًا إل حذرهم منه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التحذير من فتنة زهرة الدنيا لن فتحت عليه‪ ,‬فينبغي له أن يذر سوء عاقبتها‪ ,‬ول يطمئن إل‬
‫زخارفها‪ ,‬ول ينافس غيه فيها‪ ,‬ويستخدم ما عنده منها ف طاعة ال تعال(‪.)5‬‬
‫البحث السادس‪ :‬بداية مرضه صلّى ال عليه وسلّم وأمره لب بكر أن يصلي بالناس‬

‫‪271‬‬
‫رجع صلّى ال عليه وسلّم من حجة الوداع ف ذي الجة فأقام بالدينة بقية الشهر‪ ,‬والحرم‪ ,‬وصفرا‪,‬‬
‫وجهز جيش أسامة بن زيد رضي ال عنه‪ ,‬فبينما الناس على ذلك ابتدئ رسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم بشكواه ف ليال بقي من صفر‪ :‬قيل ف الثان والعشرين منه‪ ,‬وقيل‪ :‬ف التاسع والعشرين ‪,‬‬
‫وقيل‪ :‬بل ف أول شهر ربيع الول‪ ,‬وقد صلى على شهداء أحد فدعا لم كما تقدم‪ ,‬وذهب إل أهل‬
‫البقيع وسلم عليهم ودعا لم مودعا لم‪ ,‬ث رجع مرة من البقيع فوجد عائشة وهي تشتكي من‬
‫صداع برأسها وهي تقول‪ :‬وارأساه‪ .‬فقال‪” :‬بل أنا وال يا عائشة وارأساه“‪ .‬قالت عائشة رضي ال‬
‫عنها‪ :‬ث قال‪” :‬وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك‪ ,‬وصليت عليك‪ ,‬ودفنتك“ قالت‪:‬‬
‫قلت‪ :‬وال لكأن بك لو قد فعلت ذلك لقد رجعت إل بيت فأعرست ببعض نسائك‪ .‬قالت‪:‬‬
‫”فتبسم رسول ال صلّى ال عليه وسلّم“(‪ )6‬وتتام به وجعه حت استعزبه(‪ )7‬وهو ف بيت ميمونة‪,‬‬
‫فدعا نساءه فاستأذنن أن يرض ف بيت(‪.)8‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬الحاديث الصحيحة دلت أن شهداء العركة ل يصلى عليهم‪ ,‬أما هذا الديث فكأنه صلّى ال‬
‫عليه وسلّم دعا لم واستغفر لم حي علم قرب أجله مودعا لم بذلك‪ ,‬كما ودع أهل البقيع‬
‫بالستغفار لم‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ 3/210‬و‪ 7/349‬ورجح ذلك العلمة ابن باز ف تعليقه على‬
‫فتح الباري ‪.6/611‬‬
‫(‪ )2‬أي ل أخاف على مموعكم؛ لن الشرك قد وقع من بعض أمته بعده صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬فتح‬
‫الباري ‪.3/211‬‬
‫(‪ )3‬البخاري من اللفاظ ف جيع الواضع‪ ,‬برقم ‪،4085 ,4042 ,3596 ,1344‬‬
‫‪ ،6590 ,6426‬ومسلم برقم ‪ ,2296‬وما بي العكوفي من صحيح مسلم‪.‬‬
‫(‪ )4‬الفتح ‪.7/349‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪. 11/245‬‬
‫(‪ )6‬ابن هشام بسند ابن إسحاق‪ ,‬انظر‪ :‬سية ابن هشام ‪ ,4/320‬وانظر‪ :‬البداية والنهاية لبن‬
‫كثي ‪ ,5/224‬وفتح الباري ‪ ,130 - 129 /8‬وأخرجه أحد ‪ 6/144‬و‪ 228‬لبن ماجه‪,‬‬
‫والبيهقي‪ ,‬وقال اللبان‪ :‬إن ابن إسحاق قد صرح بالتحديث ف رواية ابن هشام فثبت الديث‬
‫والمد ل‪ .‬أحكام النائز ص ‪.50‬‬
‫(‪ )7‬استعزبه‪ :‬اشتد عليه وغلبه على نفسه‪.‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬سية ابن هشام ‪ 4/320‬والبداية والنهاية ل بن كثي ‪ ,231 - 5/223‬وقيل‪ :‬كان‬
‫ذلك ف التاسع والعشرين من شهر صفر يوم الربعاء‪ ,‬فبقي ف مرضه ثلثة عشر يوما وهذا قول‬
‫الكثر‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫انظر‪ :‬الفتح ‪.8/129‬‬
‫وأول ما اشتدّ برسول ال صلّى ال عليه وسلّم وجعه ف بيت ميمونة رضي ال عنها فاستأذن أزواجه‬
‫أن يرض ف بيت عائشة رضي ال عنها(‪ ,)1‬فعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬لا ثقل رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يرض ف بيت فأذنّ له فخرج وهو بي‬
‫رجلي تط رجله ف الرض بي عباس بن عبد الطلب وبي رجل آخر(‪ )2‬وكانت عائشة رضي‬
‫ال عنها تدث أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم لا دخل بي واشتد به وجعه قال‪َ ” :‬هرِيقوا(‪)3‬‬
‫حلَلْ أوكيتهن لعلي أعهد(‪ )5‬إل الناس‪ ,‬فأجلسناه ف مِخضَب(‪)6‬‬ ‫عليّ من سبع قرب(‪ )4‬ل تُ ْ‬
‫لفصة زوج النب صلّى ال عليه وسلّم ث طفقنا(‪ )7‬نصب عليه من تلك القرب‪ ,‬حت طفق يشي إلينا‬
‫بيده أن قد فعلت‪ ,‬ث خرج إل الناس فصلى بم وخطبهم“(‪.)8‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬صحيح مسلم برقم ‪ ,418‬وانظر‪ :‬فتح الباري ‪.8/129‬‬
‫(‪ )2‬هو علي بن أب طالب رضي ال عنه كما قال ابن عباس ف آخر حديث البخاري رقم ‪687‬‬
‫ومسلم ‪.418‬‬
‫(‪ )3‬وف رواية‪ :‬أهريقوا‪ :‬أي أريقوا وصبوا‪ .‬الفتح ‪.1/303‬‬
‫(‪ )4‬هذا من باب التداوي؛ لن لعدد السبع دخولً ف كثي من أمور الشريعة‪ ,‬وأصل اللقة‪ ,‬وف‬
‫رواية لذا الديث عند الطبان‪ ...” :‬من آبار شت“‪ .‬الفتح ‪ 1/303‬و‪.8/141‬‬
‫(‪ )5‬أعهد‪ :‬أي أوصي‪ .‬الفتح ‪.1/303‬‬
‫(‪ )6‬الخضب‪ :‬هو إناء نو الركن الذي يغسل فيه وتغسل فيه الثياب من أي جنس كان‪ .‬النووي‬
‫‪ 4/379‬والفتح ‪ 1/301‬و‪.303‬‬
‫(‪ )7‬طفقنا‪ :‬أي شرعنا‪ :‬يقال‪ :‬طفق يفعل كذا إذا شرع ف فعل واستمر فيه‪ .‬الفتح ‪.3/303‬‬
‫(‪ )8‬البخاري برقم ‪ 198‬وذكر هنا له ستة عشر موضعا‪ ,‬وقد جع بي هذه الواضع اللبان ف‬
‫متصر البخاري ‪ ,1/170‬ومسلم برقم ‪.418‬‬
‫وعنها رضي ال عنها قالت‪" :‬ثقل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم فقال‪” :‬أصلى الناس“؟ قلنا‪ :‬ل‬
‫هم ينتظرونك يا رسول ال! قال‪” :‬ضعوا ل ماء ف الخضب“ قالت‪ :‬ففعلنا‪ .‬فاغتسل فذهب لينوءَ(‬
‫‪ )1‬فأُغمي عليه‪ ,‬ث أفاق فقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬أصلى الناس“؟ قلنا‪ :‬ل هم ينتظرونك يا‬
‫رسول ال! فقال‪” :‬ضعوا ل ماء ف الخضب“ قالت‪ :‬ففعلنا [فقعد] فاغتسل‪ .‬ث ذهب لينوء فأُغمي‬
‫عليه‪ .‬ث أفاق فقال‪” :‬أصلى الناس“؟ فقلنا‪ :‬ل ‪ ,‬هم ينتظرونك يا رسول ال! فقال‪” :‬ضعوا ل ماء‬
‫ف الخضب“ ففعلنا [فقعد] فاغتسل ث ذهب لينوء فأغمي عليه‪ ,‬ث أفاق فقال‪” :‬أصلى الناس“؟‬
‫فقلنا‪ :‬ل هم ينتظرونك يا رسول ال! قالت‪ :‬والناس عكوف ف السجد ينتظرون النب صلّى ال عليه‬

‫‪273‬‬
‫وسلّم لصلة العشاء الخرة‪ ,‬قالت‪ :‬فأرسل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم إل أب بكر؛ ليصلي‬
‫بالناس‪ ,‬فأتاه الرسول(‪ )2‬فقال‪ :‬إن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يأمرك أن تصلي بالناس‪ .‬فقال أبو‬
‫ل رقيقا – يا عمر! صلّ بالناس‪ .‬فقال له عمر‪ :‬أنت أحقّ بذلك‪ .‬قالت‪ :‬فصلّى بم‬ ‫بكر – وكان رج ً‬
‫أبو بكر تلك اليام‪ .‬ث إن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم وجد من نفسه ِخفّة فخرج بي رجلي –‬
‫أحدها العباس(‪ –)3‬لصلة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس‪ ,‬فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر‪ ,‬فأومأ إليه‬
‫النب صلّى ال عليه وسلّم بأن ل يتأخر ‪ ,‬وقال لما‪” :‬أجلسان إل جنبه“ فأجلساه إل جنب أب‬
‫بكر‪ ,‬فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم يأت بصلة النب صلّى ال عليه وسلّم والناس يصلون بصلة أب‬
‫بكر والنب صلّى ال عليه وسلّم قاعد“(‪ .)4‬وهذا صريح ف أن هذه الصلة هي صلة الظهر(‪.)5‬‬
‫وقد كان صلّى ال عليه وسلّم حريصا على أن يكون أبو بكر هو المام وردد المر بذلك مرارا‪,‬‬
‫فمن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬لا َثقُل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم جاء بلل يؤذنه بالصلة‪,‬‬
‫فقال‪” :‬مروا أبا بكر فليصلّ بالناس“ فقلت‪ :‬يا رسول ال إن أبا بكر رجل أسيف(‪ )6‬وإنه مت يقم‬
‫مقامك ل يسمع الناس فلو أمرت عمر؟ فقال‪” :‬مروا أبا بكر فليص ّل بالناس“ قالت‪ :‬فقلت لفصة‪:‬‬
‫قول له إن أبا بكر رجل أسيف وإنه مت يقم مقامك ل يسمع الناس فلو أمرت عمر‪ ,‬فقالت له فقال‬
‫رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إنكنّ لنت صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلّ بالناس“ فقالت‬
‫حفصة لعائشة‪[ :‬ما كنت لصيب منك خيا]‪ .‬قالت عائشة‪ :‬فأمروا أبا بكر يصلي بالناس فلما دخل‬
‫ف الصلة وجد رسول ال صلّى ال عليه وسلّم من نفسه خفة‪ ,‬فقام يهادى بي رجلي ورجله‬
‫تطان ف الرض‪ ،‬حت دخل السجد‪ ،‬فلما سع أبو بكر حسه ذهب يتأخر‪ ,‬فأومأ إليه رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬قم مكانك“ فجاء رسول ال صلّى ال عليه وسلّم حت جلس عن يسار أب‬
‫بكر‪ ,‬فكان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي أبو بكر‬
‫بصلة النب صلّى ال عليه وسلّم ويقتدي الناس بصلة أب بكر“(‪.)7‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬لينوء‪ :‬أي لينهض بهد‪ .‬الفتح ‪.2/174‬‬
‫(‪ )2‬أي الذي أرسله إليه النب صلّى ال عليه وسلّم ليصلي بالناس‪.‬‬
‫(‪ )3‬والخر علي رضي ال عنه كما تقدم‪.‬‬
‫(‪ )4‬البخاري برقم ‪ 687‬ومسلم برقم ‪ 418‬وقد اخترت بعض اللفاظ من البخاري وبعضها من‬
‫مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬وزعم بعضهم أنا الصبح‪ ,‬واستدل برواية أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس‪” :‬وأخذ رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم القراءة من حيث بلغ أبو بكر‪ ,‬وهذا لفظ ابن ماجه وإسناده حسن؛ لكن ف‬
‫الستدلل به نظر؛ لحتمال أن يكون صلّى ال عليه وسلّم سع لا قرب من أب بكر الية الت انتهى‬

‫‪274‬‬
‫إليها أبو بكر خاصة‪ ,‬وقد كان هو يسمع الية أحيانا ف الصلة السرية كما ف حديث أب قيادة‪ ,‬ث‬
‫لو سلم ل يكن فيه دليل على أنا الصبح بل يتمل أن تكون الغرب فقد ثبت ف الصحيحي من‬
‫حديث أم الفضل قالت‪" :‬سعت رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يقرأ ف الغرب بالرسلت عرفا‪ ,‬ث‬
‫ما صلى لنا بعدها حت قبضه ال" البخاري برقم ‪ 763‬و‪ ,4429‬ومسلم برقم ‪ 462‬قال ابن‬
‫حجر‪ :‬لكن وجدت ف النسائي أن هذه الصلة الت ذكرتا أم الفضل كانت ف بيته وقد صرح‬
‫الشافعي أنه صلّى ال عليه وسلّم ل يص ّل بالناس ف مرض موته ف السجد إل مرة واحدة وهي هذه‬
‫الت صلى فيها قاعدا وكان أبو بكر فيها أولً إماما ث صار مأموما يسمع الناس التكبي‪ .‬انظر‪ :‬الفتح‬
‫‪.2/175‬‬
‫(‪ )6‬أسيف‪ :‬شديد الزن‪ :‬والراد أنه رقيق القلب إذا قرأ غلبه البكاء فل يقدر على القراءة‪ .‬فتح‬
‫‪.203 ,165 ,2/152‬‬
‫(‪ )7‬البخاري برقم ‪ 2/204 , 713‬ومسلم برقم ‪ ,418‬قول حفصة رضي ال عنها‪ :‬ما كنت‬
‫لصيب منك خيا‪ .‬البخاري برقم ‪.679‬‬
‫والسبب الذي جعل عائشة رضي ال عنها تراجع النب صلّى ال عليه وسلّم ف إمامة أب بكر بالصلة‬
‫هو ما بيَّنتْه ف رواية أخرى قالت رضي ال عنها‪” :‬لقد راجعت رسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف‬
‫ذلك وما حلن على كثرة مراجعته إل أنه ل يقع ف قلب أن يب الناس بعده رجلً قام مقامه أبدا‪,‬‬
‫ول كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إل تشاءم الناس به‪ ,‬فأردت أن يعدل ذلك رسول ال صلّى ال‬
‫عليه وسلّم عن أب بكر“(‪)1‬؛ ولذا قال صلّى ال عليه وسلّم لا ولفصة‪” :‬إنكن لنت صواحب‬
‫يوسف“(‪.)2‬‬
‫قال ابن كثي رحه ال تعال‪" :‬وتقديه صلّى ال عليه وسلّم لب بكر معلوم بالضرورة من دين‬
‫السلم وتقديه له دليل على أنه أعلم الصحابة‪ ,‬وأقرؤهم لا ثبت ف الصحيح‪” :‬يؤم القوم أقرؤهم‬
‫لكتاب ال‪ )3(“..‬الديث‪ .‬نعم قد اجتمعت ف أب بكر هذه الصفات رضي ال عنه‪.)4(...‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ استحباب زيارة قبور الشهداء بأحد وقبور أهل البقيع والدعاء لم بشرط عدم شد الرحال‪,‬‬
‫وعدم إحداث البدع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جواز تغسل الرجل زوجته وتهيزها والزوجة كذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ جواز استئذان الرجل زوجاته أن يُمرّض ف بيت إحداهن كان النتقال يشق عليه‪ ,‬وإذا ل‬
‫يأذنّ فحينئذ يقرع بينهن‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ جواز الرض والغماء على النبياء بلف النون فإنه ل يوز عليهم؛ لنه نقص‪ ,‬والملة من‬
‫مرض النبياء؛ لتكثي أجرهم‪ ،‬ورفع درجاتم‪ ,‬وتسلية الناس بم؛ ولئل يفتت الناس بم فيعبدونم؛ لا‬

‫‪275‬‬
‫يظهر على أيديهم من العجزات واليات البينات‪ ,‬وهم مع ذلك ل يلكون لنفسهم ضرّا ول نفعا‬
‫إل ما شاء ال‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ استحباب الغسل من الغماء؛ لنه ينشط ويزيل أو يفف الرارة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ إذا تأخر المام تأخرا يسيا ينتظر‪ ,‬فإذا شق النتظار صلى أعلم الاضرين‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ فضل أب بكر وترجيحه على جيع الصحابة رضي ال عنهم‪ ,‬وتنبيهه وتنبيه الناس أنه أحق‬
‫باللفة من غيه؛ لن الصلة بالناس للخليفة؛ ولن الصحابة رضي ال عنهم قالوا‪” :‬رضينا لدنيانا‬
‫من رضيه رسول ال صلّى ال عليه وسلّم لديننا“‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ إذا عرض للمام عارض أو شغل بأمر ل بد منه منعه من حضور الماعة فإنه يستخلف من‬
‫يصلي بم ويكون أفضلهم‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فضل عمر رضي ال منه؛ لن أبا بكر وثق به‪ ,‬ولذا أمره أن يصلي ول يعدل إل غيه‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ جواز الثناء والدح ف الوجه لن ُأمِنَ عليه العجاب والفتنة؛ لقول عمر رضي ال عنه‪:‬‬
‫”أنت أحق بذلك“‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ دفع الفضلء المور العظيمة عن أنفسهم إذا كان هناك من يقول با على وجه مقبول‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ يوز للمستخلف ف الصلة ونوها أن خلف غيه من الثقات لقول أب بكر‪” :‬صلّ يا‬
‫عمر“‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ الصلة من أهم ما يسأل عنه‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ فضل عائشة رضي ال عنها على جيع أزواج النب صلّى ال عليه وسلّم الوجودات ذلك‬
‫الوقت وهن تسع إحداهن عائشة رضي ال عنهن‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ جواز مراجعة ول المر على سبيل العرض والشاورة والستشارة با يظهر أنه مصلحة‪ ,‬لكن‬
‫بعبارة لطيفة تمل الكمة وحسن السلوب‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ جواز وقوف الأموم بنب المام لاجة أو مصلحة‪ :‬كإساع الأمومي التكبي ف الم الغفي‬
‫الذين ل يسمعون الصوت‪ ,‬أو ضيق الكان‪ ,‬أو علة أخرى كصلة الرأة بالنساء‪ ,‬أو النفرد مع المام‪،‬‬
‫أو إمام العراة‪.‬‬
‫‪ 17‬ـ جواز رفع الصوت بالتكبي فينقل البلغ للناس صوت المام إذا ل يسمع الناس تكبي المام‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ التنبيه على الرص على حضور الصلة مع الماعة إل عند العجز التام عن ذلك‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ العلم والفضل أحق بالمامة من العال والفاضل‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ إنا جعل المام ليؤت به فإذا صلى جالسا صلي الناس جلوسا‪ ,‬وإذا صلى قائما صلوا قياما‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ البكاء ف الصلة من خشية ال ل حرج فيه لكن ل يتكلف ذلك ول يطلبه‪ ,‬فإذا غلبه البكاء‬
‫ف الصلة بدون اختياره فل حرج(‪.)5‬‬

‫‪276‬‬
‫البحث السابع‪ :‬خطبته العظيمة ووصيته للناس‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري برقم ‪ ,198‬و‪ ,4445‬ومسلم برقم ‪ 418‬رواية ‪.93‬‬
‫(‪ )2‬البخاري برقم ‪ ,713‬مسلم برقم ‪ 418‬وتقدم تريه‪.‬‬
‫(‪ )3‬مسلم برقم ‪.673‬‬
‫(‪ )4‬البداية والنهاية ‪ 5/234‬وروى البيهقي عن أنس رضي ال عنه أنه كان يقول‪” :‬آخر صلة‬
‫صلها رسول ال صلّى ال عليه وسلّم مع القوم ف ثوب واحد ملتحفا به خلف أب بكر“ قال ابن‬
‫كثي رحه ال ف البداية والنهاية ‪” :5/234‬وهذا إسناد جيد على شرط الصحيح“ ورجح العلمة‬
‫ابن باز حفظه ال أن النب صلّى ال عليه وسلّم ل يصلّ خلف أحد من أمته إل عبد الرحن بن‬
‫عوف‪ .‬قلت‪ :‬أما الصلة الت صلها مع أب بكر فإنه هو المام كما تقدم وال أعلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪ , 386 – 4/379‬وشرح الب ‪ ,302 -2/301‬وفتح الباري ‪/2‬‬
‫‪ 164 ,152 ,151‬و‪.206 ,203 ,173 ,166‬‬
‫خطب عليه الصلة والسلم أصحابه ف يوم الميس قبل أن يوت بمسة أيام خطبة عظيمة بيّن فيها‬
‫فضل الصدّيق من سائر الصحابة‪ ,‬مع ما قد كان نص عليه أن يؤم الصحابة أجعي‪ ,‬ولعل خطبته هذه‬
‫كانت عوضا أراد يكتبه ف الكتاب‪ ,‬وقد اغتسل عليه الصلة والسلم بي يدي هذه الطبة العظيمة‪,‬‬
‫فصبوا عليه من سبع قرب ل تُحلل أوكيتهن‪ ,‬وهذا من باب الستشفاء بعدد السبع كما وردت به‬
‫الحاديث(‪ )1‬والقصود أنه صلّى ال عليه وسلّم اغتسل ث خرج وصلى بالناس ث خطبهم‪ .‬قال‬
‫جندب رضي ال عنه‪ :‬سعت رسول ال صلّى ال عليه وسلّم قبل أن يوت بمس وهو يقول‪” :‬إن‬
‫أبرأ إل ال أن يكون ل منكم خليل(‪)2‬؛ فإن ال تعال قد اتذن خليلً‪ ,‬كما اتذ إبراهيم خليلً‪,‬‬
‫ولو كنت متخذا من أمت خليلً لتذت أبا بكر خليلً‪ ,‬أل وأل وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون‬
‫قبور أنبيائهم وصاليهم مساجد‪ ,‬أل فل تتخذوا القبور مساجد إن أناكم عن ذلك“(‪ .)3‬وعن أب‬
‫سعيد الدري رضي ال عنه قال‪ :‬خطب النب صلّى ال عليه وسلّم فقال‪” :‬إن ال خيّر عبدا بي أن‬
‫يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبي ما عنده فاختار ما عند ال“‪ ,‬فبكى أبو بكر رضي ال عنه وقال‪:‬‬
‫فديناك بآبائنا وأُمهاتنا‪ ,‬فعجبنا له‪ ,‬وقال الناس‪ :‬انظروا إل هذا الشيخ يب رسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم عن عبدٍ خّيرَه ال بي أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبي ما عند ال‪ ،‬وهو يقول‪ :‬فديناك بآبائنا‬
‫وأمهاتنا‪ ,‬فكان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم هو [العبد] الخيّر‪ ,‬وكان أبو بكر أعلمنا‪ .‬فقال‬
‫رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪[” :‬يا أبا بكر ل تبكي] إن من أمنّ الناس عل ّي ف صحبته وماله(‪)4‬‬
‫أبو بكر‪ ,‬ولو كنت متخذا خليلً من أمت لتذت أبا بكر‪ ,‬ولكن أُخ ّوةُ السلم‪ ,‬ومودته‪ ,‬ل َيْبقَيّ‬
‫ف السجد باب إل سد إل باب أب بكر“(‪.)5‬‬

‫‪277‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أمر النب صلّى ال عليه وسلّم بسد البواب إل باب أب بكر من جلة الشارات الت تدل على‬
‫أنه هو الليفة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فضل أب بكر رضي ال عنه وأنه أعلم الصحابة رضي ال عنهم‪ ,‬ومن كان أرفع ف الفهم‬
‫استحق أن يطلق عليه أعلم‪ ,‬وأنه أحب الصحابة إل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الترغيب ف اختيار ما ف الخرة على ما ف الدنيا‪ ,‬وأن الرغبة ف البقاء ف الدنيا وقتا من الزمن‬
‫إنا هي للرغبة ف رفع الدرجات ف الخرة وذلك بالزدياد من السنات لرفع الدرجات‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ شكر الحسن والتنويه بفضله وإحسانه والثناء عليه؛ لن من ل يشكر الناس ل يشكر ال‬
‫تعال‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ التحذير من اتاذ الساجد على القبور وإدخال القبور ف الساجد أو وضع الصور فيها‪ ,‬ولعن‬
‫من فعل ذلك‪ ,‬وأنه من شرار اللق عند ال كائنا من كان(‪.)6‬‬
‫‪ 6‬ـ حب الصحابة لرسول ال صلّى ال عليه وسلّم أكثر من النفس والولد والوالد والناس أجعي‬
‫ولذا يفدونه بآبائهم وأمهاتم‪.‬‬
‫البحث الثامن‪ :‬اشتداد مرضه صلّى ال عليه وسلّم ووصيته ف تلك الشدة‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬البداية والنهاية لبن كثي ‪.5/228‬‬
‫للّة‪ :‬الصداقة والحبة الت تللت القلب فصارت خِلله؛ أي ف باطنه‪ ,‬وهي أعلى الحبة‬ ‫(‪ ) 2‬ا ُ‬
‫الالصة‪ ,‬والليل‪ :‬الصديق الالص؛ وإنا قال ذلك صلّى ال عليه وسلّم؛ لن خلته كانت مقصوره‬
‫على حب ال تعال فليس فيها لغيه متسع ول شركة من ماب الدنيا والخرة‪ .‬انظر‪ :‬النهاية ف‬
‫غريب الديث ‪ ,2/72‬والصباح النب ‪ ,1/180‬وشرح النووي ‪ ,5/16‬شرح الب ‪.2/426‬‬
‫(‪ )3‬مسلم برقم ‪.532‬‬
‫(‪ )4‬معناه‪ :‬أكثرهم جودا لنا بنفسه وماله‪ ,‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,1/559‬وشرح النووي‬
‫‪.15/160‬‬
‫(‪ )5‬البخاري برقم ‪ ,3904 ,3654 ,466‬ومسلم برقم ‪.2382‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,16 ,7/14 ,1/559‬والنووي ‪.15/16‬‬
‫عن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه‬
‫بالعوذات(‪ )1‬وينفث فلما اشتد [الذي توف فيه] كنت أقرأ [وف رواية أنفث] عليه بن وأمسح بيده‬
‫نفسه رجاء بركتها‪ .‬قال ابن شهاب‪” :‬ينفث على يديه ث يسح يهما وجهه“(‪ .)2‬وف صحيح‬
‫مسلم قالت‪” :‬كان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالعوذات فلما‬

‫‪278‬‬
‫مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه؛ لنا كانت أعظم بركة من‬
‫يدي“(‪ .)3‬وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬اجتمع نساء النب صلّى ال عليه وسلّم فلم يغادر‬
‫منهن امرأة فجاءت فاطمة تشي كأن مشيتها مشية رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬فقال‪” :‬مرحبا‬
‫بابنت“ فأجلسها عن يينه أو عن شاله‪ ,‬ث إنه أسرّ إليها حديثا فبكت فاطمة‪ .‬ث إنه سارّها فضحكت‬
‫ت لا ما يبكيك؟ فقالت‪ :‬ما كنتُ لفشي سرّ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬فقلت‪ :‬ما‬ ‫أيضا‪ ,‬فقل ُ‬
‫رأيت كاليوم فرحا أقرب من ُحزْنٍ‪ ،‬فقلت حي بكت أخصّك رسول ال صلّى ال عليه وسلّم بديثه‬
‫دوننا ث تبكي؟ وسألتها عما قال‪ :‬فقالت‪ :‬ما كنت لفشي سرّ رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬فلما‬
‫ت عليك بال من الق لا حدثتين ما قال لك رسول‬ ‫توف رسول ال صلّى ال عليه وسلّم قلت‪ :‬عزم ُ‬
‫ال صلّى ال عليه وسلّم؟ فقالت‪ :‬أما الن فنعم‪ :‬أما حي سارّن ف الرة الول فأخبن أن جبيل‬
‫كان يعارضه القرآن كل عام مرة وإنه عارضه به ف العام مرتي ول أُران(‪ )4‬إل قد حضر أجلي‬
‫فاتقي ال واصبي فإنه نعم السلف أنا لك‪ ,‬قالت‪ :‬فبكيت بكائي الذي رأيت‪ ,‬فلما رأى جزعي‬
‫سارن الثانية فقال‪” :‬يا فاطمة أما ترضي أن تكون سيدة نساء الؤمني‪ ,‬أو سيدة نساء هذه المة“؟‬
‫قالت‪ :‬فضحكت ضحكي الذي رأيت"(‪ )5‬وف رواية‪” :‬فأخبن أن أول من يتبعه من أهله‬
‫فضحكت“(‪.)6‬‬
‫وسبب ضحكها رضي ال عنها أنا سيدة نساء الؤمني‪ ,‬وأول من يلحق به من أهله‪ ,‬وسبب الكباء‬
‫أنه أخبها بوته صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬قال ابن حجر رحه ال تعال‪" :‬وروى النسائي ف سبب‬
‫الضحك المرين"(‪ )7‬أي بشارتا بأنا سيد ة نساء هذه المة‪ ,‬وكونا أول من يلحق به من أهله‪.‬‬
‫وقد اتفقوا على أن فاطمة رضي ال عنها أول من مات من أهل بيت النب صلّى ال عليه وسلّم بعده‬
‫حت من أزواجه(‪.)8‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪" :‬ما رأيت أحدا أش ّد عليه الوجع(‪ )9‬من رسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم"(‪.)10‬‬
‫وعن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬دخلت على رسول ال صلّى ال عليه وسلّم وهو‬
‫يوعك(‪ )11‬فمسسته بيدي فقلت‪ :‬يا رسول ال إنك توعك وعكا شديدا‪ ,‬فقال رسول ال صلّى‬
‫ال عليه وسلّم‪” :‬أجل إن أُوعك كما رَجُلن منكم“ قال‪ :‬فقلت‪ :‬ذلك أن لك أجرين‪ .‬فقال‬
‫رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬أجل ذلك كذلك ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه‬
‫[شوكة فما فوقها] إل حط ال با سيئاته كما تط الشجرة ورقها“(‪.)12‬‬
‫وعن عائشة وعبد ال بن عباس رضي ال عنهم قال‪ :‬لا ُنزِلَ(‪ )13‬برسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫طفق(‪ )14‬يطرح خيصة(‪ )15‬له على وجهه فإذا اغتم(‪ )16‬كشفها عن وجهه وهو كذلك يقول‪:‬‬
‫”لعنة ال على اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد“ يُحذرُ ما صنعوا(‪.)17‬‬

‫‪279‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬الراد بالعوذات‪ :‬قل هو ال أحد‪ ,‬وقل أعوذ برب الفلق‪ ,‬وقل أعوذ برب الناس‪ .‬انظر‪ :‬الفتح‬
‫‪ 8/131‬و‪.9/62‬‬
‫(‪ )2‬البخاري برقم ‪ ,5751 ,5735 ,5016 ,4439‬ومسلم برقم ‪ 2192‬وكان يفعل‬
‫ذلك صلّى ال عليه وسلّم أيضا إذا أوى إل فراشه "فيقرأ بقل هو ال أحد‪ ,‬وبالعوذتي جيعا ث‬
‫يسح يهما وجهه وما بلغت من جسده يفعل ذلك ثلث مرات" البخاري برقم ‪.5748‬‬
‫(‪ )3‬مسلم برقم ‪.2192‬‬
‫(‪ )4‬أي ل أظن‪.‬‬
‫(‪ )5‬البخاري برقم ‪ ,4434 ,4433‬ومسلم برقم ‪ ,2450‬واللفظ لسلم‪.‬‬
‫(‪ )6‬البخاري برقم ‪ ,4434 ,4433‬ومسلم ‪.2450‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.8/138‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.8/136‬‬
‫(‪ )9‬الراد بالوجع‪ :‬الرض‪ ,‬والعرب تسمي كل مرض وجعا‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪ ,10/111‬وشرح‬
‫النووي ‪.16/363‬‬
‫(‪ )10‬البخاري برقم ‪ ,5646‬ومسلم ‪.2570‬‬
‫(‪ )11‬يوعك‪ :‬قيل المى‪ ,‬وقيل ألها ‪ ,‬وقيل إرعادها الوعوك وتريكها إياه‪ .‬الفتح ‪.10/111‬‬
‫(‪ )12‬البخاري مع الفتح ‪ 10/111‬برقم ‪,5667 ,5661 ,5660 ,5648 ,5647‬‬
‫ومسلم ‪ 4/1991‬برقم ‪ 2571‬واللفظ له إل ما بي العكوفي‪.‬‬
‫(‪ُ )13‬نزِل‪ :‬أي لا حضرت النية والوفاة‪ .‬انظر‪ :‬شرح السنوسي على صحيح مسلم بامش الب‬
‫‪ ,2/425‬وفتح الباري ‪.1/532‬‬
‫(‪ )14‬طفق‪ :‬أي شرح وجعل‪ ,‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪ ,5/16‬وشرح الب ‪ ,2/425‬حاشية‬
‫السنوسي‪ ,‬وفتح الباري ‪.1/532‬‬
‫(‪ )15‬خيصة‪ :‬كساء له أعلم‪.‬‬
‫(‪ )16‬اغتم‪ :‬تسخن بالميصة وأخذ بنفسه من شدة الرارة‪.‬‬
‫(‪ )17‬البخاري مع الفتح ‪ 8/140‬برقم ‪ ,4444 ،4443‬ومسلم برقم ‪.531‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها أنم تذاكروا عند رسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف مرضه فذكرت أمّ‬
‫سلمة وأمّ حبيبة كنيسة رأينها بالبشة فيها تصوير‪ ،‬فقال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إن‬
‫أولئك إذا كان فيهم الرجل الصال فمات بنوا على قبه مسجدا وصوّروا فيه تلك الصور‪ ،‬أولئك‬
‫شرار اللق عند ال يوم القيامة“(‪.)1‬‬

‫‪280‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها أيضا قالت‪" :‬قال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف مرضه الذي ل يقم‬
‫منه‪” :‬لعن ال اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد“ قالت‪ :‬فلول ذلك لبرزوا قبه‪ ,‬غي‬
‫أن أخشى أن يُتخذ مسجدا"(‪.)2‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلّى ال عليه وسلّم أنه قال‪” :‬ل تعلوا بيوتكم قبورا‪ ,‬ول‬
‫تعلوا قبي عيدا‪ ,‬وصلوا عل ّي فإن صلتكم تبلغن حيث كنتم“(‪.)3‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬لا ثقل النب صلّى ال عليه وسلّم جعل يتغشاه(‪ ,)4‬فقالت فاطمة‬
‫رضي ال عنها‪ :‬واكرب أباه(‪ )5‬فقال لا‪” :‬ليس على أبيك كرب بعد اليوم“ فلما مات قالت‪ :‬يا‬
‫أبتاه أجاب ربّا دعاه‪ ,‬يا لبتاه من جنة الفردوس مأواه ‪ ,‬يا أبتاه إل جبيل ننعاه(‪ .)6‬فلما دُفن قالت‬
‫فاطمة رضي ال عنها‪ :‬يا أنس! أطابت نفوسكم أن تثوا على رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫التراب“؟(‪.)7‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ استحباب الرقية بالقرآن‪ ,‬وبالذكار‪ ,‬وإنا جاءت الرقية بالعوذات؛ لنا جامعة للستعاذة من‬
‫كل الكروهات جلة وتفصيلً‪ ,‬ففيها الستعاذة من شر ما خلق ال عز وجل‪ ,‬فيدخل ف ذلك كل‬
‫شيء‪ ,‬ومن شر النفاثات ف العقد‪ ,‬ومن شر السواحر‪ ,‬ومن شر الاسدين‪ ,‬ومن شر الوسواس‬
‫الناس(‪.)8‬‬
‫‪ 2‬ـ عناية النب صلّى ال عليه وسلّم ببنته فاطمة ومبته لا؛ ولذا قال‪” :‬مرحبا بابنت“ وقد جاءت‬
‫الخبار أنا كانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبّلها‪ ,‬وأجلسها ف ملسه‪ ,‬وإذا دخل عليها فعلت ذلك‬
‫رضي ال عنها‪ ,‬فلما مرض دخلت عليه وأكتب عليه تقبله(‪.)9‬‬
‫‪ 3‬ـ يؤخذ من قصة فاطمة رضي ال عنها أنه ينبغي العناية بالبنات‪ ,‬والعطف عليهن‪ ,‬والحسان‬
‫إليهن‪ ,‬ورحتهن‪ ,‬وتربيتهن التربية السلمية‪ ,‬اقتداء بالنب صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وأن يتار لا الزوج‬
‫الصال الناسب‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عناية الولد بالوالد كما فعلت فاطمة رضي ال عنها‪ ,‬فيجب على الولد أن يسن إل والديه‪,‬‬
‫ويعتن ببها‪ ,‬ول يعقهما‪ ,‬فيتعرض لعقوبة ال تعال‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ معجزة النب صلّى ال عليه وسلّم الت تدل على صدقه وأنه رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪,‬‬
‫ومن ذلك أنه أخب أن فاطمة أول من يلحقه من أهله‪ ,‬فكانت أول من مات من أهله بالتفاق‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ سرور أهل اليان بالنتقال إل الخرة‪ ,‬وإيثارهم حب الخرة على الدنيا لبهم للقاء ال‬
‫تعال‪ ,‬ولكنهم ل يتمنون الوت لضر نزل بم؛ لرغبتهم ف الكثار من العمال الصالة؛ لن النسان‬
‫إذا مات انقطع عمله إل من ثلث كما بي النب عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫‪ 7‬ـ الريض إذا قرب أجله ينبغي له أن يوصي أهله بالصب؛ لقوله صلّى ال عليه وسلّم لفاطمة‪:‬‬
‫”فاتقي ال واصبي“‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ فضل فاطمة رضي ال عنها وأنا سيدة نساء الؤمني‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري برقم ‪ 427‬و‪ ,3878 ,1341 ,434‬ومسلم برقم ‪.528‬‬
‫(‪ )2‬البخاري برقم ‪ ,5815 ,4443 ,4441 ,3453 ,1390 ،1330 ,435‬ومسلم‬
‫برقم ‪ 529‬ولفظ مسلم ”غي أنه ُخشِيَ“‪ ,‬وعند البخاري برقم ‪” 1390‬غي أنه خَشِيَ أو‬
‫شيَ“‪.‬‬‫خُ ِ‬
‫(‪ )3‬أبو داود ‪ ,2/218‬وأحد ‪ ,2/367‬وانظر صحيح أب داود ‪.1/383‬‬
‫(‪ )4‬يتعشاه‪ :‬يغطيه ما اشت ّد به من مرض فيأخذ بنفسه ويغمه‪.‬‬
‫(‪ )5‬ل ترفع صوتا رضي ال عنها بذلك‪ ,‬وإل لنهاها صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪.8/149‬‬
‫(‪ )6‬ننعاه‪َ :‬نعَى اليت إذا أذاع موته وأخب به‪.‬‬
‫(‪ )7‬البخاري برقم ‪.4462‬‬
‫(‪ )8‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪ ,14/433‬والب ‪.7/375‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪.136 ,8/135‬‬
‫‪ 9‬ـ الرض إذا احتسب السلم ثوابه‪ ,‬فإنه يكفر الطايا‪ ,‬ويرفع الدرجات‪ ,‬ويزاد به السنات‪,‬‬
‫وذلك عام ف السقام‪ ,‬والمراض ومصائب الدنيا‪ ,‬وهومها وإن قلت مشقتها‪ ,‬والنبياء عليهم‬
‫الصلة والسلم هم أشد الناس بلء‪ ,‬ث المثل فالمثال؛ لنم مصوصون بكمال الصب والحتساب‪،‬‬
‫ومعرفة أن ذلك نعمة من ال تعال ليتم لم الي ويضاعف لم الجر‪ ,‬ويظهر صبهم ورضاهم‪,‬‬
‫ويُلحق بالنبياء المثال فالمثل من أتباعهم؛ لقربم منهم وإن كانت درجتهم أقل‪ ,‬السر ف ذلك‬
‫وال أعلم أن البلء ف مقابلة النعمة‪ ,‬فمن كانت نعمة ال عليه أكثر كان بلؤه أشد؛ ولذا ضوعف‬
‫حد الر على حد العبد‪ ,‬وقال ال تعال‪{ :‬يَا نِسَاءَ النّبِ ّي مَن يَ ْأتِ مِنكُنّ ِبفَا ِحشَ ٍة مَّبيّنَ ٍة ُيضَاعَفْ َلهَا‬
‫ض ْعفَيْنِ}(‪ .)1‬والقوي يُحمّل ما حل‪ ,‬والضيبف يرفق به‪ ,‬إل أنه كلما قويت العرفة هان‬ ‫اْلعَذَابُ ِ‬
‫البلء‪ ,‬ومنهم من ينظر إل أجر البلء فيهون عليه البلء‪ ,‬وأعلى من ذلك من يرى أن هذا تصرف‬
‫الالك ف ملكه فيسلم ويرضى ول يعترض(‪.)2‬‬
‫‪ 10‬ـ التحذير من بناء الساجد على القبور ومن إدخال القبور والصور ف الساجد‪ ,‬ولعن من فعل‬
‫ذلك‪ ,‬وأنه من شرار اللق عند ال تعال يوم القيامة‪ ,‬وهذا من أعظم الوصايا الت أوصى با رسول‬
‫ال صلّى ال عليه وسلّم قبل موته بمسة أيام(‪.)3‬‬
‫البحث التاسع‪ :‬وصايا النب صلّى ال عليه وسلّم عند موته‬

‫‪282‬‬
‫عن ابن عباس رضي عنهما قال‪ :‬يوم الميس وما يوم الميس(‪ )4‬اشتد برسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم وجعه فقال‪” :‬ائتون أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا“ فتنازعوا ول ينبغي عند نب‬
‫التنازع [فقال بعضهم‪ :‬إن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا‬
‫كتاب ال‪[ ],‬فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول‪ :‬قرّبوا يكتب لكم كتابا ل تضلوا‬
‫بعده‪ ,‬ومنهم من يقوم غي ذلك‪ ,‬فلما أكثروا اللغو والختلف قال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪:‬‬
‫"[قوموا] وف رواية‪” :‬دعون فالذي أنا فيه خي(‪ )5‬ما تدعونن إليه] أوصيكم بثلث‪ :‬أخرجوا‬
‫الشركي من جزيرة العرب‪ ,‬وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم به“(‪ )6‬وسكت عن الثالثة أو‬
‫قال فأنسيتها"(‪ )7‬قال ابن حجر رحه ال تعال‪" :‬وأوصاهم بثلث" أي ف تلك الالة‪ ,‬وهذا يدل‬
‫على أن الذي أراد أن يكتبه صلّى ال عليه وسلّم ل يكن أمرا متحتما؛ لنه لو كان ما أُمر بتبليغه ل‬
‫يتركه لوقوع اختلفهم ولعاقب ال من حال بينه وبي تبليغه‪ ,‬ولبلّغه لم لفظا كما أوصاهم بإخراج‬
‫الشركي وغي ذلك‪ ،‬وقد عاش بعد هذه القالة أياما وحفظوا عنه أشياء لفظا فيحتمل أن يكون‬
‫مموعها ما أراد أن يكتبه وال أعلم(‪.)8‬‬
‫والوصية الثالثة ف هذا الديث يتمل أن تكون الوصية بالقرآن‪ ,‬أو الوصية بتنفيذ جيش أسامة رضي‬
‫ال عنه‪ .‬أو الوصية بالصلة وما ملكت اليان‪ ,‬أو الوصية وما ملكت اليان‪ ،‬أو الوصية بأن ل يتخذ‬
‫قبه صلّى ال عليه وسلّم وثنا يُعبد من دون ال‪ ,‬وقد ثبتت هذه الوصايا عنه صلّى ال عليه وسلّم(‬
‫‪.)9‬‬
‫وعن عبد ال بن أب أ ْوفَى رضي ال عنه أنه سئل هل أوصى رسول ال صلّى ال عليه وسلّم؟‪...‬‬
‫قال‪” :‬أوصى بكتاب ال عز وجل“(‪ .)10‬والراد بالوصية بكتاب ال‪ :‬حفظه حسّا ومعن‪ ,‬فيكرم‬
‫ويصان‪ ,‬ويتبع ما فيه‪ :‬فيعمل بأوامره‪ ,‬ويتنب نواهيه‪ ,‬ويداوم على تلوته وتعلمه وتعليمه ونو ذلك(‬
‫‪.)11‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة الحزاب‪ ،‬الية‪ ,30 :‬وانظر‪ :‬شرح النووي ‪,5/14 ,366 ,365 ,16/238‬‬
‫والب ‪.8/326‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,8/136‬و‪ ,10/112‬و‪.3/208‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,8/136‬و‪ ,10/112‬و‪.3/208‬‬
‫(‪ )4‬يوم الميس وما يوم الميس؛ معناه‪ :‬تفخيم أمره ف الشدة والكروه‪ ,‬والتعجب منه ‪ ,‬وف رواية‬
‫ف أواخر كتاب الهاد عند البخاري‪” :‬ث بكى حت خضب دمعه الصى“‪ .‬وف رواية لسلم‪” :‬ث‬
‫جعلت تسيل دموعه حت رأيتها على خديه‪ “...‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ،8/132‬وشرح النووي على‬
‫صحيح مسلم‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫(‪ )5‬العن‪ :‬دعون من الناع والختلف الذي شرعتم فيه فالذي أنا فيه من مراقبة ال تعال والتأهب‬
‫للقائه‪ ,‬والفكر ف ذلك خي ما أنتم فيه‪ ,‬أو فالذي أعانيه من كرامة ال تعال الذي أعدها ل بعد‬
‫فراق الدنيا خي ما أنا فيه من الياة‪ ..‬وقبل غي ذلك‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,8/134‬وشرح النووي‪.‬‬
‫(‪ )6‬وأجيزوا الوفد‪ :‬أي أعطوهم‪ ,‬والائزة العطية‪ ,‬وهذا أمر منه صلّى ال عليه وسلّم بإجازة الوفود‬
‫وضيافتهم وإكرامهم تطييبا لنفوسهم وترغيبا لغيهم من الؤلفة قلوبم ونوهم‪ ,‬وإعانة لم على‬
‫سفرهم‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ 7/135‬وشرح النووي‪.‬‬
‫(‪ )7‬البخاري برقم ‪ ,4432 ,4431‬ومسلم برقم ‪.1637‬‬
‫(‪ )8‬فتح الباري ‪.8/134‬‬
‫(‪ )9‬الرجع السابق ‪.8/135‬‬
‫(‪ )10‬مسلم برقم ‪ ,1634‬البخاري برقم ‪.5022 ,4460 ,2740‬‬
‫(‪ )11‬الفتح ‪.9/67‬‬
‫وأمر عليه الصلة والسلم وأوصى بإنفاذ جيش أسامة رضي ال عنه‪ ,‬وقد ذكر ابن حجر رحه ال‬
‫تعال أنه كان تهيز جيش أسامة يوم السبت قبل موت النب صلّى ال عليه وسلّم بيومي‪ ,‬وكان‬
‫ابتداء ذلك قبل مرض النب صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬فندب الناس لغزو الروم ف آخر صفر‪ ,‬ودعا أسامة‬
‫وقال‪” :‬سر إل موضع مقتل أبيك فأوطئهم اليل‪ ,‬فقد وليتك هذا اليش‪ “...‬فبدأ برسول ال صلّى‬
‫ال عليه وسلّم وجعه ف اليوم الثالث فعقد لسامة لواء بيده فأخذه أسامة‪ ,‬وكان من انتدب مع‬
‫أسامة كبار الهاجرين والنصار‪ ,‬ث اشتد برسول ال صلّى ال عليه وسلّم وجعه فقال‪” :‬أنفذوا‬
‫جيش أسامة“ فجهزه أبو بكر بعد أن استخلف فسار عشرين ليلة إل الهة الت أمر با‪ ,‬وقتل قاتل‬
‫أبيه ورجع اليش سالا وقد غنموا‪.)1(“..‬‬
‫عن عبد ال بن عمر رضي ال عنه قال‪ :‬بعث النب صلّى ال عليه وسلّم بعثا وأمّر عليهم أسامة بن‬
‫زيد فطعن بعض الناس ف إمارته فقال النب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إن تطعنوا ف إمارته فقد كنتم‬
‫ب الناس إلّ‪ ,‬وإنّ‬
‫تطعنون ف إمارة أبيه من قبل‪ ,‬واي ال إن كان لليقا للمارة(‪ )2‬وإن كان لن أح ّ‬
‫هذا لن أحبّ الناس إلّ بعده“(‪ .)3‬وقد كان عُ ْمرُ أسامة رضي ال عنه حي توف النب صلّى ال‬
‫عليه وسلّم ثان عشر سنة(‪.)4‬‬
‫وأوصي صلّى ال عليه وسلّم بالصلة وما مكلت اليان‪ ,‬فعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬كانت عامة‬
‫وصية رسول ال صلّى ال عليه وسلّم حي حضره الوت‪” :‬الصلة الصلة وما ملكت أيانكم“ حت‬
‫جعل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يغرغر صدره ول يكاد يفيض با لسانه“(‪.)5‬‬
‫وعن علي رضي ال عنه قال‪ :‬كان آخر كلم النب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬الصلة الصلة وما ملكت‬
‫أيانكم“(‪.)6‬‬

‫‪284‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ وجوب إخراج الشركي من جزيرة العرب؛ لن النب صلّى ال عليه وسلّم أوصى بذلك عند‬
‫موته‪ ,‬وقد أخرجهم عمر رضي ال عنه ف بداية خلفته‪ ,‬أما أبو بكر فقد انشغل بروب الردة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إكرام الوفود وإعطاؤهم ضيافتهم كما كان النب عليه الصلة والسلم يفعل؛ لن النب صلّى‬
‫ال عليه وسلّم أوصى بذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وجوب العناية بكتاب ال حسّا ومعن‪ :‬فيكرم‪ ,‬ويصان‪ ,‬ويتبع ما فيه ف فيعمل بأوامره ويتنب‬
‫نواهيه‪ ,‬ويداوم على تلوته‪ ,‬وتعلمه وتعليمه ونو ذلك؛ لن النب صلّى ال عليه وسلّم أوصى به ف‬
‫عدة مناسبات‪ ,‬فدل ذلك على أهيته أهية بالغة مع سنة النب صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أهية الصلة؛ لنا أعظم أركان السلم بعد الشهادتي؛ ولذا أوصى با النب صلّى ال عليه‬
‫وسلّم عند موته أثناء الغرغرة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ القيام بقوق الماليك والدم ومن كان تت الولية؛ لن النب صلّى ال عليه وسلّم أوصى‬
‫بذلك فقال‪” :‬الصلة الصلة وما ملكت أيانكم“‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ فضل أسامة بن زيد حيث أمّره النب صلّى ال عليه وسلّم على جيش عظيم فيه الكثي من‬
‫الهاجرين والنصار‪ ,‬وأوصى بإنفاذ جيشه(‪.)7‬‬
‫‪ 7‬ـ فضل أب بكر حيث أنفذ وصية رسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف جيش أسامة فبعثه؛ لقوله‬
‫تعال‪َ{ :‬فلَْيحْ َذرِ الّذِينَ يُخَاِلفُونَ عَنْ َأ ْم ِرهِ أَن ُتصِيَبهُ ْم فِتَْنةٌ َأوْ ُيصِيَبهُ ْم عَذَابٌ َألِيمٌ}(‪.)8‬‬
‫البحث العاشر‪ :‬اختياره صلّى ال عليه وسلّم الرفيق العلى‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬كنت أسع أنه ل يوت نب حت ييّر بي الدنيا والخرة‪ ,‬فسمعت‬
‫النب صلّى ال عليه وسلّم ف مرضه الذي مات فيه وأخذته ُبحّةٌ(‪[ )9‬شديدة] يقول‪{ :‬مَعَ الّذِينَ َأْنعَمَ‬
‫حيَ َوحَسُنَ أُوَلِئكَ رَفِيقًا}(‪ )10‬قالت فظننته خي‬ ‫شهَدَاء وَالصّالِ ِ‬ ‫الّلهُ َعلَْيهِم مّنَ النِّبّييَ وَالصّدّي ِقيَ وَال ّ‬
‫حينئذ(‪.)11‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,8/152‬وسية ابن هشام ‪.4/328‬‬
‫(‪ )2‬خليقا‪ :‬حقيقا با‪ .‬النووي ‪.15/205‬‬
‫(‪ )3‬البخاري ‪ ,7/86‬برقم ‪ ,7187 ,6627 ,4469 ,4468 ,4250 ,3730‬ومسلم‬
‫برقم ‪.2426‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪.15/205‬‬
‫(‪ )5‬أحد بلفظه ‪ ,3/117‬وإسناده صحيح‪ ,‬ورواه ابن ماجه ‪ ,2/900‬وانظر صحيح ابن ماجه‬
‫‪.2/109‬‬

‫‪285‬‬
‫(‪ )6‬أخرجه ابن ماجه ‪ ,2/901‬وأحد برقم ‪ ,585‬وانظر‪ :‬صحيح ابن ماجه ‪.2/109‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ 135 - 8/134‬و‪.9/67‬‬
‫(‪ )8‬سورة النور‪ ،‬الية‪.63 :‬‬
‫(‪ )9‬البُحةُ‪ :‬غِلظٌ ف الصوت‪ .‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪.15/219‬‬
‫(‪ )10‬سورة النساء‪ ،‬الية‪.69 :‬‬
‫(‪ )11‬البخاري برقم ‪ ,6509 ,6348 ،4586 ,4463 ,4437 ,4436‬ومسلم برقم‬
‫‪.2444‬‬
‫وف رواية عنها رضي ال عنها أنا قالت‪ :‬كان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم وهو صحيح يقول‪:‬‬
‫”إنه ل يقبض نب قط حت يُرى مقعده من النة ث ييّر“ قالت‪ :‬فلما نزل برسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم(‪ )1‬ورأسه على فخذي غُشِ َي عليه ساعة ث أفاق فأشخص بصرهُ إل السقف ث قال‪” :‬اللهم‬
‫ف الرفيق العلى“ فقلت‪ :‬إذا ل يتارنا‪ ,‬وعرفت أنه حديثه الذي كان يدثنا وهو صحيح‪ ,‬قالت‪:‬‬
‫فكان آخر كلمة تكلم با رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬اللهم مع الرفيق العلى“(‪ .)2‬وقالت‬
‫ل ظهره يقول‪” :‬اللهم اغفر ل‬ ‫رضي ال عنها‪ :‬سعت النب صلّى ال عليه وسلّم وهو مسند إ ّ‬
‫وارحن‪ ,‬وألقن بالرفيق العلى“(‪ )3‬وكان صلّى ال عليه وسلّم متصل بربه وراغبا فيما عنده‪,‬‬
‫ومبّا للقائه‪ ,‬ومبّا لا يبه سبحانه‪ ,‬ومن ذلك السواك؛ لنه مطهرة للفم مرضاة للرب‪ ،‬فعن عائشة‬
‫رضي ال عنها قالت‪" :‬إن من نعم ال عليّ أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم توف ف بيت‪ ,‬وف‬
‫يومي‪ ,‬وبي سحري(‪ ,)4‬ونري(‪ ،)5‬وأن ال جع بي ريقي وريقه عند موته‪ ,‬دخل عليّ عبد‬
‫الرحن [بن أب بكر] وبيده السواك وأنا مسندة رسول ال صلّى ال عليه وسلّم [إل صدري](‪)6‬‬
‫فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يب السواك‪ ,‬فقلت‪ :‬آخذه لك؟ ”فأشار برأسه أن نعم“ فتناولته فاشتد‬
‫عليه‪ ,‬وقلتُ أُليّنه لك؟ ”فأشار برأسه أن نعم“ فلينته [وف رواية‪ :‬فقصمته‪ ,‬ث مضغته(‪[ )7‬وف رواية‬
‫فقضمته ونفضته وطيبته(‪ )8‬ث دفعته إل النب صلّى ال عليه وسلّم فاستّ به(‪ )9‬فما رأيت رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم است استنانا َقطْ أحسن منه](‪ )10‬وبي يديه ركوة(‪ )11‬أو علبة(‪ )12‬فيها‬
‫ماء‪ ,‬فجعل يدخل يده ف الاء فيمسح با وجهه ويقول‪” :‬ل إله إل ال إن للموت سكرات“ ث‬
‫نصب يده فجعل يقول‪” :‬ف الرفيق العلى“ حت قبض ومالت يده"(‪ )13‬صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫وقالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬مات النب صلّى ال عليه وسلّم وإنه لبي حاقنت(‪ )14‬وذاقنت(‪,)15‬‬
‫فل أكره شدة الوت لحد أبدا بعد النب صلّى ال عليه وسلّم(‪.)16‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫ك مَعَ‬‫‪ 1‬ـ إن الرفيق العلى‪ :‬هم الماعة الذكورون ف قوله تعال‪َ { :‬ومَن يُطِعِ الّل َه وَالرّسُو َل فَُأوْلَِئ َ‬
‫ك رَفِيقًا}(‪)17‬‬ ‫سنَ أُولَِئ َ‬ ‫ي وَحَ ُ‬‫ح َ‬‫شهَدَاء وَالصّالِ ِ‬
‫ي وَال ّ‬
‫ي وَالصّدّيقِ َ‬
‫الّذِينَ َأْنعَمَ الّل ُه عََلْيهِم مّنَ النّبِّي َ‬

‫‪286‬‬
‫فالصحيح الذي عليه جهور أهل العلم أن الراد بالرفيق العلى هم النبياء الساكنون أعلى عليي‪.‬‬
‫ك رَفِيقًا}(‪.)18‬‬‫ولفظة رفيق تطلق على الواحد والمع؛ لقوله تعال‪{ :‬وَحَسُنَ أُولَِئ َ‬
‫‪ 2‬ـ إن النب صلّى ال عليه وسلّم اختار الرفيق العلى حي ُخيّر حبّا للقاء ال تعال‪ ,‬ث حبّا للرفيق‬
‫العلى‪ ،‬وهو الذي يقول صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬من أحب لقاء ال أحب ال لقاءه“(‪.)19‬‬
‫‪ 3‬ـ فضل عائشة رضي ال عنها حيث نقلت العلم الكثي عنه صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وقامت بدمته‬
‫حت مات بي سحرها ونرها؛ ولذا قالت‪” :‬إن من نعم ال عليّ أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫توف ف بيت وف يومي‪ ,‬وبي سحري ونري“‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ عناية النب صلّى ال عليه وسلّم بالسواك حت وهو ف أشد سكرات الوت‪ ,‬وهذا يدل على‬
‫تأكد استحباب السواك؛ لنه مطهرة للفم مرضاة للرب‪.‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬وف البخاري ”فلما اشتكى وحضره القبض“ رقم ‪.4437‬‬
‫(‪ )2‬البخاري برقم ‪ 4463 ,4437‬ومسلم ‪.2444‬‬
‫(‪ )3‬البخاري برقم ‪.5664 ,4440‬‬
‫(‪ )4‬سحري‪ :‬هو الصدر‪ ,‬وهو ف الصل‪ :‬الرئة وما تعلق با‪ .‬الفتح ‪ ,8/139‬والنووي‬
‫‪.15/218‬‬
‫(‪ )5‬ونري‪ :‬النحر هو موضع النحر‪ .‬الفتح ‪.8/139‬‬
‫(‪ )6‬ف البخاري رقم ‪.4438‬‬
‫(‪ )7‬ف البخاري برقم ‪.980‬‬
‫(‪ )8‬طيبته‪ :‬بالاء‪ ,‬ويتحمل أن يكون تطييبه تأكيدا للينه‪ ,‬الفتح ‪.8/139‬‬
‫(‪ )9‬أي استاك به وأمره على أسنانه‪.‬‬
‫(‪ )10‬ف البخاري برقم ‪.4438‬‬
‫(‪ )11‬الركوة‪ :‬إناء صغي من جلد يشرب فيه الاء‪ .‬انظر‪ :‬النهاية ف غريب الديث ‪.2/260‬‬
‫(‪ )12‬شك بعض الرواة وهو عمر‪ ,‬انظر‪ :‬الفتح ‪.8/144‬‬
‫(‪ )13‬البخاري ‪ ,2/377‬برقم ‪ ,890‬وأخرجه البخاري ف تسعة مواضع‪ ,‬انظر‪,2/377 :‬‬
‫ومسلم برقم ‪.2444‬‬
‫(‪ )14‬الاقنة‪ :‬ما سفل من الذقن وقيل غي ذلك‪ ,‬الفتح ‪.8/139‬‬
‫(‪ )15‬والذاقنة‪ :‬ما عل من الذقن وقيل غي ذلك‪ ,‬الفتح ‪ ,8/139‬والاصل أن ما بي الاقنة‬
‫والذاقنة‪ :‬هو ما بي السحر والنحر‪ ,‬والراد أنه مات ورأسه بي حنكها وصدرها‪ .‬الفتح ‪.8/139‬‬
‫(‪ )16‬البخاري برقم ‪ , 4446‬ومسلم برقم ‪.2443‬‬

‫‪287‬‬
‫(‪ )17‬سورة النساء‪ ،‬الية‪.69 :‬‬
‫(‪ )18‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,8/138‬وشرح النووي ‪.15/219‬‬
‫(‪ )19‬البخاري برقم ‪ ,6507‬ومسلم برقم ‪.2683‬‬
‫‪ 5‬ـ قول النب صلّى ال عليه وسلّم ف سكرات الوت‪” :‬ل إله ال إن للموت سكرات“ وهو الذي‬
‫قد حقق ل إله إل ال‪ ,‬يدل على تأكّدِ استحبابا والعناية با والكثار من قولا وخاصة ف مرض‬
‫الوت؛ لن ”من كان آخر كلمه ل إله إل ال دخل النة“‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ حرص النب صلّى ال عليه وسلّم على مرافقة النبياء ودعاؤه بذلك يدل على أن السلم ينبغي‬
‫له أن يسأل ال تعال أن يمعه بؤلء بعد الوت ف جنات النعيم‪ ,‬اللهم اجعلنا معهم برحتك يا‬
‫أرحم الراحي‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ شدة الوت وسكراته العظيمة للنب صلّى ال عليه وسلّم وقد غفر ال له ما تقدم من ذنبه وما‬
‫تأخر‪ ,‬فما بالنا بغيه‪.‬‬
‫البحث الادي عشر‪ :‬موت النب صلّى ال عليه وسلّم شهيدا‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪" :‬كان النب صلّى ال عليه وسلّم يقول ف مرضه الذي مات فيه‪” :‬يا‬
‫عائشة ما أزال أجد أل الطعام(‪ )1‬الذي أكلت بيب(‪ ,)2‬فهذا أوان وجدت انقطاع أْبهَري(‪ )3‬من‬
‫ذلك السم“(‪.)4‬‬
‫وقد عاش صلّى ال عليه وسلّم بعد أكله من الشاة السمومة بيب ثلث سني حت كان وجعه الذي‬
‫قُبض فيه(‪ )5‬وقد ذُ ِكرَ أن الرأة الت أعطته الشاة السمومة أسلمت حينما قالت‪ :‬من أخبك؛ فأخب‬
‫صلّى ال عليه وسلّم أن الشاة السمومة أخبته‪ ,‬وأسلمت وعفى عنها رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫أولً ث قتلها بعد ذلك قصاصا ببشر بن الباءة بعد أن مات رضي ال عنه(‪ )6‬وقد ثبت الديث‬
‫متصلً أن سبب موته صلّى ال عليه وسلّم هو السم‪ ,‬فعن أب سلمة قال‪ :‬كان رسول ال صلّى ال‬
‫عليه وسلّم يقبل ول يأكل الصدقة فأهدت له يهودية بيب شاة مصلية سّتها‪ ,‬فأكل رسول ال صلّى‬
‫ال عليه وسلّم منها وأكل القول فقال‪” :‬ارفعوا أيديكم فإنا أخبتن أنا مسمومة“ فمات بشر بن‬
‫الباء معرور النصاري‪ ,‬فأرسل إل اليهودية‪” :‬ما حلك على الذي صنعت“؟ قالت‪ :‬إن كنت نبيّا‬
‫ل يضرك الذي صنعت‪ ,‬وإن كنت ملكا أرحت الناس منك ”فأمر با رسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم فقتلت“ ث قال ف وجعه الذي مات فيه‪” :‬ما زلت أجد من الكلة الت أكلت بيب فهذا أوان‬
‫انقطاع أبري“(‪ .)7‬وقالت أم بشر للنب صلّى ال عليه وسلّم ف مرضه الذي مات فيه‪ :‬ما يتهم بك‬
‫يا رسول ال؟ فإن ل أتم بابن إل الشاة السمومة الت أكل معك بيب‪ .‬وقال النب صلّى ال عليه‬
‫وسلّم‪” :‬وأنا ل أنم بنفسي إل ذلك فهذا أوان انقطاع أبري“(‪.)8‬‬

‫‪288‬‬
‫وقد جزم ابن كثي رحه ال تعال أن النب صلّى ال عليه وسلّم مات شهيدا(‪ ,)9‬ونقل‪” :‬وإن كان‬
‫السلمون ليون أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم مات شهيدا مع ما أكرمه ال به من النبوة“(‬
‫‪ .)10‬وقال ابن مسعود رضي ال عنه‪" :‬لئن أحلف تسعا أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم قتل‬
‫قتلً أحب إل من أن أحلف واحدة أنه ل يقتل‪ ,‬وذلك؛ لن ال اتذه نبيّا واتذه شهيدا“(‪.)11‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬ما أزال أجد أل لطعام‪ :‬أي أحس الل ف جوف بسبب الطعام‪ .‬الفتح ‪.8/131‬‬
‫(‪ )2‬وذلك أنه عندما فتح خيب أُهديت له صلّى ال عليه وسلّم شاة مشوية فيها سم‪ ,‬وكانت الرأة‬
‫اليهودية سألت‪ :‬أي عضو من الشاة أحب إليه؟ فقيل لا الذراع فأكثرت فيها من السم‪ ,‬فلما تناول‬
‫الذراع لك منها مضغة ول يسغها‪ ,‬وأكل معه بشر بن الباء فأساع لقمته‪ ,‬ومات منها‪ ,‬وقال‬
‫لصحابه‪ :‬أمسكوا عنها فإنا مسمومة‪ ,‬وقال لا‪ :‬ما حلك على ذلك؟ فقالت‪ :‬أردت إن كنت نبيّا‬
‫فيطلعك ال‪ ,‬وإن كنت كاذبا فأريح الناس منك‪ ...‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,7/197‬والقصة ف‬
‫البخاري برقم ‪ ,3169‬و‪ ,5777 ,4249‬والبداية والنهاية لبن كثي ‪.4/208‬‬
‫(‪ )3‬البر عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه‪ .‬الفتح ‪.8/131‬‬
‫(‪ )4‬البخاري مع الفتح ‪ 8/131‬برقم ‪ 4428‬وقد وصله الاكم والساعيلي‪ .‬انظر‪ :‬الفتح‬
‫‪.8/131‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬الفتح ‪ 8/131‬فقد ساق آثارا موصولة عند الاكم وابن سعد‪ .‬الفتح ‪.8/131‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬التفصيل ف ففتح الباري ‪ ,7/497‬والبداية والنهاية لبن كثي ‪.212 -4/208‬‬
‫(‪ )7‬أبو داود برقم ‪ ,4512‬وقال اللبان‪ :‬حسن صحيح‪ .‬انظر‪ :‬صحيح سنن أب داود ‪.3/855‬‬
‫(‪ )8‬أبو داود برقم ‪ 4513‬وصحح إسناده اللبان‪ .‬انظر‪ :‬صحيح سنن أب داود ‪.3/855‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪ :‬البداية والنهاية ‪ 4/210‬و‪ 211‬و‪ 212 – 4/210‬و‪.244 – 5/223‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬الرجع السابق ‪.4/211‬‬
‫(‪ )11‬ذكره ابن كثي وعزاه بإسناده إل البيهقي‪ .‬انظر‪ :‬البداية والنهاية ‪.5/227‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه أن أبا بكر رضي ال عنه كان يصلي بم ف وجع النب صلّى ال عليه وسلّم‬
‫الذي توف فيه حت إذا كلن يوم الثني وهم صفوف [ف صلة الفجر] ففجأهم النب صلّى ال عليه‬
‫وسلّم وقد كشف سِترَ حجرةِ عائشة رضي ال عنها [وهم ف صفوف الصلة] وهو قائم كأن وجهه‬
‫ورقة مصحف(‪ )1‬ث تبسم رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يضحك [وهم السلمون أن يفتتنوا ف‬
‫صلتم فرحا] [برؤية رسول ال صلّى ال عليه وسلّم] [فنكص(‪ )2‬أبو بكر رضي ال عنه على‬
‫عقبيه ليصل الصف‪ ,‬وظنّ أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم خارج إل الصلة] [فأشار إليهم رسول‬

‫‪289‬‬
‫ال صلّى ال عليه وسلّم [بيده] أن أتوا صلتكم [ث دخل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم] [الجرة]‬
‫وأرخى الستر فتوف رسول ال صلّى ال عليه وسلّم من يومه ذلك‪.‬‬
‫وف رواية‪[ :‬وتوف من آخر ذلك اليوم](‪ .)3‬وف رواية‪[ :‬ل يرج النب صلّى ال عليه وسلّم ثلثا](‬
‫‪ .)4‬فأقيمت الصلة فذهب أبو بكر يتقدم‪ ,‬فقال نب ال صلّى ال عليه وسلّم بالجاب فرفعه فلما‬
‫وضح وجه النب صلّى ال عليه وسلّم ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النب صلّى ال عليه‬
‫وسلّم حي وضح لنا‪ ,‬فأومأ النب صلّى ال عليه وسلّم بيده إل أب بكر أن يتقدم وأرخى النب صلّى‬
‫ال عليه وسلّم الجاب فلم يُقدر عليه حت مات(‪.)5‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ موت النب صلّى ال عليه وسلّم وانتقاله إل الرفيق العلى شهيدا؛ لن ال اتذه نبيّا واتذه‬
‫شهيدا صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ عداوة اليهود للسلم وأهله ظاهرة من قدي الزمان فهم أعداء ال ورسله‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عدم انتقام النب صلّى ال عليه وسلّم لنفسه‪ ,‬بل يعفو ويصفح؛ ولذا ل يعاقب من سّت الشاة‬
‫الصلية‪ ,‬ولكنها ُقتِلتْ بعد ذلك قصاصا ببشر بن الباء بعد أن مات ِبصُنعها‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ معجزة من معجزاته صلّى ال عليه وسلّم وهي أن لم الشاة الصلية نطق وأخب النب صلّى ال‬
‫عليه وسلّم أنه مسموم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ فضل ال تعال على عباده أنه ل يقبض نبيهم إل بعد أن أكمل به الدين وترك أمته على الحجة‬
‫البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ مبة الصحابة رضي ال عنهم لنبيهم صلّى ال عليه وسلّم حت أنم فرحوا فرحا عظيما عندما‬
‫كشف الستر ف صباح يوم الثني وهو ينظر إليهم وصلتم فأدخل ال بذلك السرور ف قلبه صلّى‬
‫ال عليه وسلّم؛ لنه ناصح لمته يب لم الي؛ ولذا ابتسم وهو ف شدة الرض فرحا وسرورا‬
‫بعملهم البارك‪.‬‬
‫البحث الثان عشر‪ :‬من يعبد ال فإن ال حي ل يوت‬
‫خلْدَ أَفَإِن ّمتّ َفهُمُ‬
‫ك الْ ُ‬‫شرٍ مّن قَبِْل َ‬ ‫قال ال تعال‪ِ{ :‬إّنكَ َمّيتٌ وَإِّنهُم مّيّتُونَ}(‪َ { .)6‬ومَا َجعَ ْلنَا لَِب َ‬
‫ح عَنِ النّارِ‬‫ت وَإِنّمَا ُتوَّفوْنَ أُجُورَكُمْ َي ْومَ اْلقِيَامَةِ فَمَن ُز ْحزِ َ‬
‫س ذَآِئقَةُ الْ َم ْو ِ‬
‫اْلخَالِدُونَ}(‪{ .)7‬كُ ّل َنفْ ٍ‬
‫وَُأدْخِلَ الْجَنّةَ َفقَدْ فَا َز وَما اْلحَيَاةُ الدّْنيَا إِ ّل مَتَاعُ اْل ُغرُورِ}(‪{ .)8‬كُ ّل مَ ْن عََلْيهَا فَانٍ‪ ،‬وََيْبقَى وَ ْجهُ‬
‫ك ذُو الْجَل ِل وَالِ ْكرَامِ}(‪.)9‬‬ ‫رَّب َ‬
‫مات ممد بن عبد ال أفضل النبياء والرسلي صلّى ال عليه وسلّم وكان آخر كلمة تكلم با عند‬
‫الغرغرة كما قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬أنه كان بي يديه ركوة أو علبة فيها ماء‪ ,‬فجعل يدخل‬
‫يده صلّى ال عليه وسلّم ف الاء فيمسح با وجهه ويقول‪” :‬ل إله إل ال إن للموت سكرات“ ث‬

‫‪290‬‬
‫نصب يده فجعل يقول‪” :‬ف الرفيق العلى“ حت قبض ومالت يده(‪ .)10‬فكان آخر كلمة تكلم‬
‫با‪” :‬اللهم ف الرفيق العلى“(‪.)11‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬كأن وجهه ورقة مصحف‪ :‬عبارة وكناية عن المال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه‬
‫واستنارته‪ .‬شرح الب على صحيح مسلم ‪.2/310‬‬
‫(‪ )2‬فنكص على عقبيه‪ :‬أي رجع القهقرى فتأخر‪ ,‬لظنه أن النب صلّى ال عليه وسلّم خرج ليصلي‬
‫بالناس‪ ,‬الفتح ‪.2/165‬‬
‫(‪ )3‬وقد ذكر ابن إسحاق أنه صلّى ال عليه وسلّم مات حي اشتد الضحى‪ ,‬ويمع بينهما بأن‬
‫إطلق الخي بعن‪ :‬ابتداء الدخول ف أول النصف الثان من النهار وذلك عند الزوال واشتداد‬
‫الضحي يقع قبل الزوال ويستمر حت يتحقق زوال الشمس‪ ,‬وقد جزم موسى بن عقبة عن ابن‬
‫شهاب بأنه صلّى ال عليه وسلّم مات حي زاغت الشمس‪ .‬الفتح ‪.144- 8/143‬‬
‫(‪ )4‬ابتداء من صلته بم قاعد الميس كما تقدم‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ ,2/165‬والبداية ‪.5/235‬‬
‫(‪ )5‬البخاري برقم ‪ ,4448 ,1205 ,754 ,681 ,608‬ومسلم برقم ‪ 419‬واللفاظ‬
‫مقتبسة من جيع الواضع‪ ,‬وانظر‪ :‬متصر صحيح المام البخاري لللبان ‪ 1/174‬برقم ‪.374‬‬
‫(‪ )6‬سورة الزمر‪ ,‬الية‪.30 :‬‬
‫(‪ )7‬سورة النبياء‪ ,‬الية‪.34 :‬‬
‫(‪ )8‬سورة آل عمران‪ ,‬الية‪.185 :‬‬
‫(‪ )9‬سورة الرحن‪ ,‬اليتان‪.27 ,26 :‬‬
‫(‪ )10‬البخاري برقم ‪ 890‬وما بعدها من الواضع‪ ,‬ومسلم ‪.2444‬‬
‫(‪ )11‬البخاري برقم ‪ ,463 ,4437‬ومسلم ‪.2444‬‬

‫وعن عائشة رضي ال عنها زوج النب صلّى ال عليه وسلّم أن رسول ال صلّى ال عليه وسلّم مات‬
‫وأبو بكر بالسّنح(‪ )1‬فقام عمر يقول‪ :‬وال ما مات رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬قالت‪ :‬وقال‪:‬‬
‫وال ما كان يقع ف نفسي إل ذاك‪ ,‬وليبعثنّه ال فلقطع أيدي رجال وأرجلهم(‪ ,)2‬فجاء أبو بكر‬
‫رضي ال عنه [على فرسه من مسكنه بالسّنْح حت نزل فدخل السجد فلم يكلم الناس حت دخل‬
‫على عائشة رضي ال عنها فتيمم(‪ )3‬رسول ال صلّى ال عليه وسلّم وهو مغشّى بثوب حِبة(‪)4‬‬
‫فكشف عن وجهه ث أكب عليه فقبله(‪[ )5‬ث بكى] فقال‪ :‬بأب أنت وأمي [يا نب ال] [طبت حيّا‬
‫وميتًا والذي نفسي بيده] [ل يمع ال عليك موتتي](‪[ )6‬أبدا] [أما الوتة الت كُتبت عليك قد‬
‫مُتّها] [ث] [خرج وعمر رضي ال عنه يكلم الناس فقال‪[ :‬أيها الالف على رسلك] [اجلس] [فأب‬

‫‪291‬‬
‫فقال‪ :‬اجلس فأب] [فتشهد أبو بكر] [فلما تكلم أبو بكر جلس عمر] [ومال إليه الناس وتركوا‬
‫عمر] [فحمد ال أبو بكر وأثن عليه] وقال‪[ :‬أما بعد فمن كان منكم يعبد ممدا صلّى ال عليه‬
‫ك مَّيتٌ‬ ‫وسلّم فإن ممدا قد مات‪ ,‬ومن كان يعبد ال فإن ال حيّ ل يوت‪ ,‬وقال ال تعال‪{ :‬إِّن َ‬
‫ت مِن قَْبِلهِ الرّسُلُ َأفَإِن مّاتَ َأوْ ُقتِلَ انقَلَْبتُمْ‬‫وَإِّنهُم مّيّتُونَ}(‪ )7‬وقال‪َ { :‬ومَا مُحَمّدٌ إِ ّل رَسُولٌ قَ ْد خََل ْ‬
‫جزِي الّلهُ الشّا ِكرِينَ}(‪[ )8‬فوا ل لكأن‬ ‫ب عَلَ َى َعقَِبْيهِ فَلَن َيضُرّ الّلهَ شَْيئًا وَسََي ْ‬
‫عَلَى َأ ْعقَاِبكُ ْم َومَن يَنقَِل ْ‬
‫الناس ل يكونوا يعلموا أن ال أنزل هذه الية حت تلها أبو بكر رضي ال عنه فتلقاها منه الناس‬
‫كلهم فما أسع بشرا من الناس إل يتلوها [وأخب سعيد بن السيب] [أن عمر قال‪ :‬وال ما هو إل أن‬
‫سعت أبا بكر تلها فعقرت(‪ )9‬حت ما تقلن رجلي وحت أهويت إل الرض حي سعته تلها‬
‫علمت أن النب صلّى ال عليه وسلّم قد مات] [قال‪ :‬ونشج الناس(‪ )10‬يبكون‪ ,‬واجتمعت النصار‬
‫إل سعد بن عبادة ف سقيفة بن ساعدة فقالوا‪ :‬منّا أمي ومنكم أمي(‪ ,)11‬فذهب إليهم أبو بكر‬
‫وعمر بن الطاب وأبو عبيدة بن الراح‪ ,‬فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر ‪ ,‬وكان عمر يقول‪:‬‬
‫وال ما أردت بذلك إل أن قد هيّأت كلما قد أعجبن خشيت أن ل يبلغه أبو بكر‪ .‬ث تكلم أبو‬
‫بكر فتكلم أبلغ الناس فقال ف كلمه‪ :‬نن المراء وأنتم الوزراء‪ ,‬فقال حباب بن النذر‪ :‬ل وال ل‬
‫نفعل منّا أمي ومنكم أمي‪ ,‬فقال أبو بكر‪ :‬ل ولكنا المراء وأنتم الوزراء‪ ,‬هم أوسط العرب دارا‬
‫وأعربم أحسابا(‪ )12‬فبايعوا عمر أو أبا عبيدة فقال عمر‪ :‬بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخينا‬
‫وأحبنا إل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس‪ ,‬فقال قائل‪ :‬قتلتم‬
‫سعد بن عبادة‪ ,‬فقال عمر‪ :‬قتله ال(‪.)13‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬السّنح‪ :‬العالية وهو مسكن زوجة أب بكر رضي ال عنه وهو منازل بن الارث من الزرج بيته‬
‫وبي السجد النبوي ميل‪ .‬الفتح ‪ 8/145‬و‪.29 ,7/19‬‬
‫(‪ )2‬أي يبعثه ف الدنيا ليقطع أيدي القائلي بوته‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪.7/29‬‬
‫(‪ )3‬أي قصد‪ .‬الفتح ‪.3/115‬‬
‫(‪ )4‬وف رواية للبخاري‪ :‬وهو مسجّى ببد حبة‪ .‬البخاري برقم ‪ ,1241‬ومعن مغشى ومسجى‬
‫أي مغطى‪ ,‬وبرد حبة‪ :‬نوع من برود اليمن مططة غالية الثمن‪ .‬الفتح ‪.3/115‬‬
‫(‪ )5‬أي قبله بي عينيه كما ترجم له النسائي‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪ ,3/115‬وانظر‪ :‬ما نقله ابن حجر من‬
‫الروايات ف أنه قبل جبهته‪ .‬الفتح ‪.8/147‬‬
‫(‪ )6‬قوله‪ :‬ل يمع ال عليك موتتي‪ :‬فيه أقوال‪ :‬قيل هو على حقيقته وأشار بذلك إل الرد على من‬
‫زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال‪..‬؛ لنه لو صح ذلك للزم أن يوت موتة أخرى‪ ..‬وهذا أوضح‬
‫الجوبة وأسلمها‪ ,‬وقيل أراد ل يوت موته أخرى ف القب كغيه إذ ييا ليسئل ث يوت‪ ,‬وهذا‬

‫‪292‬‬
‫أحسن من الذي قبله؛ لن حياته صلّى ال عليه وسلّم ل يعقبها موت بل يستمر حيّا والنبياء حياتم‬
‫برزخية ل تأكل أجسادهم الرض‪ ,‬ولعل هذا هو الكمة ف تعريف الوتتي‪ ...‬أي العروفتي‬
‫الشهورتي الواقعتي لكل أحد غي النبياء‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري ‪ 3/114‬و‪.7/29‬‬
‫(‪ )7‬سورة الزمر‪ ،‬الية‪.30 :‬‬
‫(‪ )8‬سورة آل عمران‪ ,‬الية‪.144 :‬‬
‫(‪ )9‬عقِرت‪ :‬دهشت وتيت‪ ,‬أما بضم العي فالعن هلكت‪ .‬الفتح ‪.8/146‬‬
‫(‪ )10‬نشج الناس‪ :‬بكوا بغي انتحاب‪ ,‬والنشج ما يصل للباكي من الغصة‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪.7/30‬‬
‫(‪ )11‬إنا قالت النصار رضي ال عنهم‪ :‬منا أمي ومنكم أمي على ما عرفوه من عادة العرب أنه ل‬
‫يتأمر على القبيلة إل من يكون منها فلما سعوا حديث الئمة من قريش رجعوا إل ذلك وأذعنوا‪.‬‬
‫الفتح ‪.7/32‬‬
‫(‪ )12‬أي قريش‪ .‬انظر‪ :‬الفتح ‪.7/30‬‬
‫(‪ )13‬البخاري برقم ‪ ,3/113 ,142 ,1141‬و‪ 7/19 ,3668 ,3667‬و‪,4452‬‬
‫‪ .8/145 ,4454 ,4453‬وقد جعت هذه اللفاظ من هذه الواضع لتكتمل القصة وأسأل ل‬
‫أن يعل ذلك صوابا‪.‬‬
‫قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬ف شأن خطبة أب بكر وعمر ف يوم موت النب صلّى ال عليه وسلّم‪:‬‬
‫فما كان من خطبتهما من خطبة إل نفع ال با‪ ,‬فلقد خوّف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم ال‬
‫بذلك‪ ,‬ث لقد بصّر أبو بكر الناس الُدى وعرّفهم الق الذي عليهم وخرجوا به يتلون { َومَا مُحَمّدٌ‬
‫ب عََلىَ َعقَِبْيهِ‬
‫ت مِن قَْبِلهِ الرّسُلُ َأفَإِن مّاتَ َأوْ ُقتِلَ انقَلَْبتُ ْم عَلَى َأ ْعقَابِكُ ْم َومَن يَنقَِل ْ‬ ‫إِ ّل رَسُولٌ قَ ْد خََل ْ‬
‫جزِي الّلهُ الشّا ِكرِينَ}(‪ .)1‬وخطب عمر ث أبو بكر يوم الثلثاء خطبة عظيمة‬ ‫ضرّ الّلهَ َشيْئًا َوسَيَ ْ‬
‫َفلَن َي ُ‬
‫مفيدة نفع ال با والمد ل‪.‬‬
‫قال أنس بن مالك رضي ال عنه‪ :‬لا بويع أبو بكر ف السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على النب‪,‬‬
‫وقام عمر فتكلم قبل أب بكر‪ ,‬فحمد ال وأثن عليه با هو أهله‪ ,‬ث قال‪ :‬أيها الناس إن كنت قلت‬
‫لكم بالمس مقالة(‪ )2‬ما كانت وما وجدتا ف كتاب ال‪ ,‬ول كانت عهدا عهدها إلّ رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬ولكن كنت أرى أن رسول ال سيدبر أمرنا – يقول‪ :‬يكون آخرنا – وإن ال‬
‫قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول ال‪ ,‬فإن اعتصمتم به هداكم ال لا كان هداه ال له‪ ,‬وإن‬
‫ال قد جع أمركم على خيكم صاحب رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وثان اثني إذ ها ف الغار‬
‫فقوموا فبايعوه‪ ,‬فبايع الناس أبا بكر رضي ال عنه البيعة العامة بعد بيعة السقيفة‪ .‬ث تكلم أبو بكر‪,‬‬
‫فحمد ال وأثن عليه با هو أهله ث قال‪” :‬أما بعد‪ ,‬أيها الناس فإن وليت عليكم ولست بيكم(‪)3‬‬
‫فإن أحسنت فأعينون‪ ,‬وإن أسأت فقوّمون‪ ،‬الصدق أمانة‪ ،‬والكذب خيانة‪ ,‬والضعيف منكم قوي‬

‫‪293‬‬
‫عندي حت أزيح علته(‪ )4‬إن شاء ال‪ ,‬والقوي فيكم ضعيف حت آخذ منه الق إن شاء ال‪ ,‬ل يدع‬
‫قوم الهاد ف سبيل ال إل ضربم ال بالذل‪ ,‬ول يشيع قوم قط الفاحشة إل عمهم ال بالبلء‪,‬‬
‫أطيعون ما أطعت ال ورسوله‪ ,‬فإذا عصيت ال ورسوله فل طاعة ل عليكم‪ ,‬قوموا إل صلتكم‬
‫يرحكم ال“(‪ )5‬ث استمر المر لب بكر والمد ل‪.‬‬
‫وقد ُب ِعثَ صلّى ال عليه وسلّم فبقي بكة يدعو إل التوحيد ثلث عشرة سنة يُوحى إليه‪ ,‬ث هاجر‬
‫إل الدينة وبقي با عشر سني‪ ,‬وتوف وهو ابن ثلث وستي سنة صلى ال عليه وآله وسلم(‪.)6‬‬
‫ورجح المام ابن كثي رحه ال تعال أن آخر صلة صلها صلّى ال عليه وسلّم مع أصحابه رضي‬
‫ال عنهم هي صلة الظهر يوم الميس‪ ,‬وقد انقطع عنهم عليه الصلة والسلم يوم المعة‪ ,‬والسبت‪,‬‬
‫والحد‪ ،‬وهذه ثلثة أيام كوامل(‪.)7‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري برقم ‪ ,3671 ,3669‬والية من سورة آل عمران‪.144 ,‬‬
‫(‪ )2‬هي خطبته الت خطب يوم الثني حينما قال‪ :‬إن النب صلّى ال عليه وسلّم ل يت‪.‬‬
‫(‪ )3‬وهذا من باب التواضع منه رضي ال عنه وإل فهم ممعون على أنه أفضلهم وخيهم رضي ال‬
‫عنه‪ .‬البداية والنهاية ‪.5/248‬‬
‫(‪ )4‬والعن‪ :‬الضعيف فيكم قوي حت آخذ الق له وأنصره وأعينه‪.‬‬
‫(‪ )5‬البداية والنهاية ‪ 5/248‬وساق سند بن إسحاق قال‪ :‬حدثن الزهري‪ ,‬حدثن أنس بن مالك‬
‫قال‪ :‬لا بويع أبو بكر‪ ...‬الديث‪ .‬قال ابن كثي‪ :‬وهذا إسناد صحيح ‪.5/248‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬البخاري مع الفتح ‪ 8/15‬برقم ‪ ,4466‬وفتح الباري ‪ 8/151‬متصر الشمائل‬
‫للترمذي لللبان ص‪.192‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬البداية والنهاية لبن كثي‪.5/235 ,‬‬
‫وبعد موته صلّى ال عليه وسلّم وخطبة أب بكر رضي ال عنه دارت مشاورات – كما تقدم –‬
‫وبايع الصحابة رضي ال عنهم أبا بكر ف سقيفة بن ساعدة‪ ,‬وانشغل الصحابة ببيعة الصديق بقية يوم‬
‫الثني‪ ,‬ويوم الثلثاء‪ ,‬ث شرعوا ف تهيز رسول ال صلّى ال عليه وسلّم(‪ )1‬وغُسل من أعلى ثيابه‪,‬‬
‫وكفن ف ثلثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ول عمامة‪ ,‬ث صلى عليه الناس فرادى ل‬
‫يؤمهم أحد‪ ,‬وهذا أمر ممع عليه‪ :‬صلى عليه الرجال‪ ,‬ث الصبيان‪ ,‬ث النساء‪ ,‬والعبيد والماء‪ ,‬وتوف‬
‫يوم الثني على الشهور(‪ ,)2‬ودفن ليلة الربعاء‪ ,‬أُلد لدا صلّى ال عليه وسلّم ونصب عليه اللب‬
‫نصبا(‪ ,)3‬ورُفع قبه من الرض نوا من شب(‪ ,)4‬وكان قبه صلّى ال عليه وسلّم مسنما(‪ ,)5‬وقد‬
‫تواترت الخبار أنه دفن ف حجرة عائشة رضي ال عنها شرقي مسجده صلّى ال عليه وسلّم ف‬
‫الزاوية الغربية القبلية من الجرة‪ ,‬ووسع السجد النبوي الوليد بن عبد اللك عام ‪86‬هـ وقد كان‬

‫‪294‬‬
‫نائبه بالدينة عمر بن عبد العزيز فأمره بالتوسعة فوسعه حت من ناحية الشرق فدخلت الجرة النبوية‬
‫فيه(‪.)6‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إن النبياء والرسل أحب اللق إل ال تعال وقد ماتوا؛ لنه ل يبقى على وجه الكون أحد من‬
‫الخلوقات‪ ,‬وهذا يدل على أن الدنيا متاع زائل‪ ,‬ومتاع الغرور الذي ل يدوم‪ ,‬ل يبقى للنسان من‬
‫تعبه وماله إل ما كان يبتغي به وجه ال تعال‪ ,‬وما عدا ذلك يكون هباءً منثورا‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ حرص النب صلّى ال عليه وسلّم أن يكون مع الرفيق العلى؛ ولذا سأل ال تعال ذلك مرات‬
‫متعددة‪ ،‬وهذا يدل على عظم هذه النازل لنبيائه وأهل طاعته‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ استحباب تغطية اليت بعد تغميض عينيه‪ ,‬وشد لييه؛ ولذا سجّي وغطي النب صلّى ال عليه‬
‫وسلّم بثوب حبة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الدعاء للميت بعد موته؛ لن اللئكة يؤمنون على ذلك؛ ولذا قال أبو بكر رضي ال عنه للنب‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬طبت حيّا وميتا“‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ إذا أصيب السلم بصيبة فليقل‪” :‬إنا ل وإنا إليه راجعون‪ ,‬اللهم أجرن ف مصيبت واخلف ل‬
‫خيا منها“‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ جواز البكاء بالدمع والزن بالقلب‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ النهي عن النياحة وشق اليوب وحلق الشعر ونتفه والدعاء بدعوى الاهلية وكل ذلك معلوم‬
‫تريه بالدلة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ إن الرجل وإن كان عظيما قد يفوته بعض الشيء ويكون الصواب مع غيه‪ ,‬وقد يطئ سهوا‬
‫ونسيانا‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ فضل أب أبو بكر وعلمه وفقهه؛ ولذا قال‪” :‬من كان يعبد ممدا فإن ممدا قد مات‪ ,‬ومن‬
‫كان يعبد ال فإن ال حي ل يوت“‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ أدب عمر رضي ال عنه وأرضاه وحسن خلقه؛ ولذا سكت عندما قام أبو بكر يطب ول‬
‫يعارضه بل جلس يستمع مع الصحابة رضي ال عن الميع‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ حكمة عمر العظيمة ف فض الناع ف سقيفة بن ساعدة‪ ,‬وذلك أنه بادر فأخذ بيد أب بكر‬
‫فبايعه فانصب الناس وتتابعوا ف مبايعة أب بكر‪ ,‬وانفض الناع والمد ل تعال‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ بلغة أب بكر فقد تكلم ف السقيفة فأجاد وأفاد حت قال عمر عنه‪” :‬فتكلم أبلغ الناس“‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ قد نفع ال بطبة عمر يوم موت البن صلّى ال عليه وسلّم قبل دخول أب بكر فخاف‬
‫النافقون‪ ،‬ث نفع ال بطبة أب بكر فعرف الناس الق‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫‪ 14‬ـ ظهرت حكمة أب بكر وحسن سياسته ف خطبته يوم الثلثاء بعد الوفاة النبوية‪ ,‬وبي أن‬
‫الصدق أمانة والكذب خيانة‪ ,‬وأن الضعيف قوي عنده حت يأخذ له الق‪ ,‬والقوي ضعيف عنده حت‬
‫يأخذ منه الق‪ ,‬وطالب الناس بالطاعة له إذا أطاع ال ورسوله‪ ,‬فإذا عصى ال ورسوله فل طاعة لم‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ حكمة عمر رضي ال عنه وشجاعته العقلية والقلبية حيث خطب الناس قبل أب بكر ورجع‬
‫عن قوله بالمس واعتذر‪ ,‬وشد من أزر أب بكر‪ ،‬وبي أن أبا بكر صاحب رسول ال وأحب الناس‬
‫إليه‪ ,‬وثان اثني إذ ها ف الغار‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ استحباب بياض الكفن للميت‪ ,‬وأن يكون ثلثة أثواب ليس فيها قمص ول عمامة‪ ,‬وأن‬
‫يلحد لدا‪ ,‬وأن ينصب عليه اللب نصبا‪ ,‬وأن يكون مسنما بقدر شب فقط‪.‬‬
‫البحث الثالث عشر‪ :‬مصيبة السلمي بوته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الرجع السابق ‪.5/245‬‬
‫(‪ )2‬توف صلّى ال عليه وسلّم سنة إحدى عشرة للهجرة ف ربيع الول يوم الثني‪ ,‬أما تاريخ اليوم‬
‫فقد اختلف فيه‪ :‬فقيل لليلتي خلتا من ربيع الول‪ ,‬وقيل لليلة خلت منه‪ ,‬وقيل غي ذلك‪ ,‬وقيل مرض‬
‫ف التاسع والعشرين من شهر صفر‪ ,‬وتوف يوم الثني ف الثان عشر من ربيع الول سنة إحدى‬
‫عشرة من الجرة ‪ ,‬فكان مرضه ثلثة عشر يوما‪ ,‬وهذا قول الكثر‪ .‬انظر‪ :‬البداية والنهاية لبن كثي‬
‫‪ ,256 – 5/255‬وتذيب السي للنووي ص ‪ ,25‬وفتح الباري ‪.130-8/129‬‬
‫(‪ )3‬مسلم برقم ‪.966‬‬
‫(‪ )4‬ابن حبان ف صحيحه ‪ ،14/602‬وقال الرنؤوط‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫(‪ )5‬كما قال سفيان التمار ف البخاري مع الفتح ‪.30/255‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬البداية والنهاية ‪ ،273-5/271‬وفتح الباري ‪.130-8/129‬‬
‫من العلوم يقينا أن مبة النب صلّى ال عليه وسلّم مبة كاملة من أعظم درجات اليان الصادق؛‬
‫ولذا قال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده‪ ,‬ووالده‪ ,‬والناس‬
‫أجعي“(‪ .)1‬فإذا فقد النسان أهله‪ ,‬أو والده‪ ,‬أو ولده‪ ,‬ل شك أن هذه مصيبة عظيمة من مصائب‬
‫الدنيا‪ ,‬فكيف إذا فقدهم كلّهم جيعا ف وقت واحد؟‬
‫ول شك أن مصيبة موت النب صلّى ال عليه وسلّم أعظم الصائب على السلمي؛ ولذا جاءت‬
‫الحاديث الصحيحة بذلك‪ ,‬فعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬فتح رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫بابا بينه وبي الناس‪ ,‬أو كشف سترا فإذا الناس يصلون وراء أب بكر‪ ,‬فحمد ال على ما رآه من‬
‫حسن حالم‪ ,‬ورجاء أن يلفه ال فيهم بالذي رآهم‪ ,‬فقال‪” :‬يا أيها الناس أيا أحد من الناس أو من‬

‫‪296‬‬
‫الؤمني أُصيب بصيبة فلْيتعزّ بصيبته ب عن الصيبة الت تصيبه بغيي؛ فإن أحدا من أُمت لن يُصاب‬
‫بصيبة أش ّد عليه من مُصيبت“(‪.)2‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪" :‬لا كان اليوم الذي دخل فيه رسول ال صلّى ال عليه وسلّم الدينة‬
‫أضاء منها كل شيء(‪ ,)3‬فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء‪ ,‬وما نفضنا عن رسول‬
‫ال صلّى ال عليه وسلّم اليدي(‪ )4‬وإنا لفي دفنه(‪ )5‬حت أنكرنا(‪ )6‬قلوبنا"(‪.)7‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬قال أبو بكر رضي ال عنه – بعد وفاة رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‬
‫– لعمر‪ :‬انطلق بنا إل أمّ أين نزورها كما كان رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يزورها‪ ،‬فلما انتهيا‬
‫إليها بكت فقال لا‪ :‬ما يبكيك؟ فما عند ال خي لرسوله صلّى ال عليه وسلّم‪ .‬قالت‪ :‬إن لعلم أن‬
‫ما عند ال خي لرسوله صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء‪ ,‬فهيجتهما‬
‫على البكاء فجعل يبكيان معها(‪.)8‬‬
‫وما أحسن ما قال القائل‪:‬‬
‫اصب لك ّل مصيبة وتلد ‪ ...‬واعلم بأن الرء غي ملّد‬
‫فإذا ذكرت مصيبة تسلو با ‪ ...‬فاذكر مصابك بالنب ممد‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب الستفاد هذا البعث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ موت النب صلّى ال عليه وسلّم أعظم مصيبة أصيب با السلمون‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إنكار الصحابة قلوبم بعد موت النب صلّى ال عليه وسلّم؛ لفراقهم نزول الوحي وانقطاعه من‬
‫السماء‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ النب صلّى ال عليه وسلّم أحب إل السلمي من النفس‪ ,‬والولد‪ ,‬والوالد‪ ,‬والناس أجعي‪ ,‬وقد‬
‫ظهر ذلك عند موته بي القريب والبعيد من أصحاب النب صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬بل وجيع السلمي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ مبة الصحابة للقتداء والتأسي برسول ال صلّى ال عليه وسلّم ف كل شيء من أمور الدين‬
‫حت ف زيارة النساء كبار السن‪ ,‬كما فعل أبو بكر وعمر رضي ال عنهما‪.‬‬
‫البحث الرابع عشر‪ :‬مياثه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫عن عمرو بن الارث رضي ال عنه قال‪" :‬ما ترك رسول ال صلّى ال عليه وسلّم عند موته‪ِ :‬درْها‪,‬‬
‫ول دينارا‪ ,‬ول عبدا‪ ,‬ول أ َمةً‪ ,‬ول شيئا‪ ,‬إل بغلته البيضاء [الت كان يركبها] وسلحه‪[ ,‬وأرضا‬
‫بيب] جعلها [لبن السبيل] صدقة"(‪ .)9‬وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬ما ترك رسول ال صلّى‬
‫ال عليه وسلّم دينارا‪ ،‬ول درها‪ ،‬ول شاة‪ ،‬ول بعيا‪ ،‬ول أوصى بشيء(‪.)11(")10‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري مع الفتح ‪ 1/58‬برقم ‪ ,5‬ومسلم ‪.1/67‬‬

‫‪297‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه ابن ماجه برقم ‪ ,1599‬وغيه وصححه اللبان ف صحيح ابن ماجه ‪,1/267‬‬
‫والحاديث الصحيحة برقم ‪ ,1106‬وانظر‪ :‬البداية والنهاية ‪.5/276‬‬
‫(‪ )3‬أضاء منها كل شيء‪ :‬أشرق من الدينة كل شيء‪ .‬انظر‪ :‬تفة الحوذي ‪.10/87‬‬
‫(‪ )4‬وما نفضنا‪ :‬من النفض‪ :‬وهو تريك الشيء ليزول ما عليه من التراب والغبار ونوها‪ .‬انظر تفة‬
‫الوذي ‪.10/88‬‬
‫(‪ )5‬وإنا لفي دفنه‪ :‬أي مشغولون بدفنه بعد‪ .‬انظر‪ :‬تفة الوذي ‪.10/88‬‬
‫(‪ )6‬حت أنكرنا قلوبنا‪ :‬يريد أنم ل يدوا قلوبم على ما كانت عليه من الصفاء واللفة لنقطاع‬
‫مادة الوحي وفقدان ما كان يدهم من الرسول صلّى ال عليه وسلّم من التأييد والتعليم‪ ,‬ول يرد أنم‬
‫ل يدوها على ما كانت عليه من التصديق؛ فإن الصحابة رضي ال عنهم أكمل الناس إيانا‬
‫وتصديقا‪ .‬انظر‪ :‬تفة الوذي ‪.10/88‬‬
‫(‪ )7‬الترمذي وصححه ‪ ,5/589‬وأحد ‪ ,3/68‬وابن ماجه برقم ‪ ,1631‬وقال ابن كثي ف‬
‫البداية والنهاية‪ :‬إسناده صحيح على شرط الصحيحي ‪ ,5/274‬وانظر‪ :‬صحيح ابن ماجه‬
‫‪.1/273‬‬
‫(‪ )8‬مسلم برقم ‪ ,2454‬وابن ماجه برقم ‪ ,1635‬واللفظ من الصدرين‪ .‬وانظر‪ :‬شرحه ف‬
‫النووي ‪.16/242‬‬
‫(‪ )9‬البخاري ‪ ,5/356‬برقم ‪ ,4461 ،3098 ,2912 ,2873 ,2739‬واللفظ من هذه‬
‫الواضع‪.‬‬
‫(‪ )10‬مسلم برقم ‪.1635‬‬
‫(‪ )11‬أي ل يوص بثلث ماله ول غيه إذ ل له مال‪ ,‬أما أمور الدين فقد تقدم أنه أوصى بكتاب ال‬
‫وسنه نبيه‪ ,‬وأهل بيته‪ ,‬وإخراج الشركي من جزيرة العرب‪ ,‬وبإجازة الوفد‪ ,‬والصلة وملك اليمي‬
‫وغي ذلك‪ .‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪.11/97‬‬
‫وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ل نورث ما تركنا فهو صدقة“(‪ )1‬وذلك لنه ل يبعث صلّى ال عليه‬
‫وسلّم جابيا للموال وخازنا إنا بعث هاديا‪ ,‬ومبشراًً‪ ،‬ونذيرا‪ ,‬وداعيا إل ال بإذنه‪ ,‬وسراجا منيا‪,‬‬
‫وهذا هو شأن أنبياء ال ورسله عليهم الصلة والسلم؛ ولذا قال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إن العلماء‬
‫ورثة النبياء‪ ,‬إن النبياء ل يورثوا دينارا ول درها إنا ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بظّ وافر“(‪.)2‬‬
‫وقد فهم الصحابة رضي ال عنهم ذلك‪ ,‬فعن سليمان بن مهران‪ :‬بينما ابن مسعود رضي ال عنه‬
‫يوما معه نفر من أصحابه إذ مرّ أعراب فقال‪ :‬على ما اجتمع هؤلء؟ قال ابن مسعود رضي ال عنه‪:‬‬
‫"على مياث ممد صلّى ال عليه وسلّم يقسّمونه"(‪.)3‬‬

‫‪298‬‬
‫فمياث النب صلّى ال عليه وسلّم هو الكتاب والسنة والعلم والهتداء بديه صلّى ال عليه وسلّم؛‬
‫ولذا توف صلّى ال عليه وسلّم ول يترك درها‪ ,‬ول دينارا‪ ,‬ول عبدا‪ ,‬ول أمة‪ ,‬ول بعيا‪ ,‬ول شاة‪,‬‬
‫ول شيئا‪ ,‬إل بغلته وأرضا جعلها صدقة لبن السبيل‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪" :‬توف النب صلّى ال عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهودي‬
‫بثلثي صاعا من شعي"(‪ .)4‬وهذا يبي أن النب صلّى ال عليه وسلّم كان يتقلل من الدنيا‪ ,‬ويستغن‬
‫عن الناس؛ ولذا ل يسأل الصحابة أموالم أو يقترض منهم؛ لن الصحابة ل يقبلون رهنه وربا ل‬
‫يقبضوا منه الثمن‪ ,‬فعدل إل معاملة اليهودي؛ لئل يضيّق على أحد من أصحابه صلّى ال عليه وسلّم(‬
‫‪ .)5‬وقد كان صلّى ال عليه وسلّم يصيبه الوع وهو حي؛ ولذا ير ويضي الشهر والشهران وما‬
‫أوقدت ف أبيات رسول ال صلّى ال عليه وسلّم نار‪ ,‬قال عروة لعائشة رضي ال عن الميع‪ :‬ما‬
‫كان يقيتكم؟ قالت‪" :‬السودان‪ :‬التمر والاء‪ .)6("...‬ومع هذا كان يقول صلّى ال عليه وسلّم‪:‬‬
‫”مال وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إل كراكب سار ف يوم صائف فاستظل تت شجرة ساعة من‬
‫نار ث راح وتركها“(‪.)7‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن الدروس والفوائد والعب ف هذا البحث كثية‪ ,‬ومنها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ النبياء عليهم الصلة والسلم ل يبعثوا لمع الموال وإنا بعثوا لداية الناس وإخراجهم من‬
‫الظلمات إل النور؛ لذا ل يورثوا دينارا ول درها وإنا ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بظ وافر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ زهد النب صلّى ال عليه وسلّم ف الدنيا وحطامها الفان؛ وإنا هو كالركب الذي استظل تت‬
‫شجرة ث راح وتركها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ استغناء النب صلّى ال عليه وسلّم عن سؤال الناس فهو يقترض ويرهن حت ل يكلف ل‬
‫أصحابه؛ ولذا مات ودرعه مرهونة ف ثلثي صاعا من شعي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ شدة الال وقلة ما ف اليد عند النب صلّى ال عليه وسلّم؛ ولذا يضي الشهر والشهران ول‬
‫توقد ف أبياته نار‪ ,‬وإنا كان يقيتهم السودان‪.‬‬
‫فصلوات ال وسلمه عليه ما تعاقب الليل والنهار‪ ,‬وأسأل ال العلي العظيم أن يعلنا من أتباعه‬
‫الخلصي‪ ,‬وأن يشرنا ف زمرته يوم الدين‪.‬‬
‫البحث الامس عشر‪ :‬حقوقه صلّى ال عليه وسلّم على أمته‬
‫للنب الكري صلّى ال عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثية‪ ,‬منها‪ :‬اليان الصادق به صلّى ال عليه‬
‫وسلّم قولً وفعلً وتصديقه ف كل ما جاء به صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬وجوب طاعته والذر من‬
‫معصيته صلّى ال عليه وسلّم‪ ،‬ووجوب التحاكم إليه والرضى بكمه‪ ,‬وإنزاله منلته صلّى ال عليه‬
‫وسلّم بل غلو ول تقصي‪ ,‬واتباعه واتاذه قدوة وأسوة ف جيع المور‪ ,‬ومبته أكثر من النفس‪,‬‬
‫الهل والال والولد والناس جيعا‪ ,‬واحترامه وتوقيه ونصر دينه والذب عن سنته صلّى ال عليه‬

‫‪299‬‬
‫وسلّم‪ ,‬والصلة عليه؛ لقوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إن من أفضل أيامكم يوم المعة فيه‪ :‬خلق آدم‪,‬‬
‫وفيه النفخة‪ ,‬وفيه الصعقة‪ ,‬فأكثروا عليّ من الصلة فيه فإن صلتكم معروضة عليّ“ فقال رجل‪ :‬يا‬
‫رسول ال! كيف تعرض صلتنا عليك وقد أرمت؟ يعن بليت‪ .‬قال‪” :‬إن ال حرّم على الرض أن‬
‫تأكل أجساد النبياء“(‪.)8‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬البخاري ف عدة مواضع من حديث عائشة ومالك بن أوس‪ ,‬وأب بكر رضي ال عنهم‪ ,‬برقم‬
‫‪ ,6726 ,5358 ,4240 ,4036 ,3712 ,3093‬و‪ .7305 ,6727‬ومسلم برقم‬
‫‪ ,757‬و‪ ,1759 ,1758‬و‪ ,1761‬واللفظ لعائشة عند مسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أبو داود ‪ ,3/317‬والترمذي ‪ ,5/49‬وابن ماجه ‪ ,1/80‬وصححه اللبان ف صحيح سنن‬
‫ابن ماجه ‪.1/43‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه الطيب البغدادي بسنده ف شرف أصحاب الديث ص ‪.45‬‬
‫(‪ )4‬البخاري برقم ‪ 2068‬وكرره بفوائده ف عشرة مواضع ‪ ,‬ومسلم برقم ‪ , 1603‬وانظر‪:‬‬
‫جيعها ف متصر البخاري لللبان ‪.2/21‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬شرح النووي ‪.11/43‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬البخاري مع الفتح ‪.11/283‬‬
‫(‪ )7‬أحد ‪ 6/154‬وقال ابن كثي ف البداية والنهاية ‪ ,5/284‬وإسناده جيد‪ ,‬وأخرجه الترمذي‬
‫وغيه‪ ,‬وانظر‪ :‬الحاديث الصحيحة برقم ‪ ,439‬وصحيح الترمذي ‪.2/280‬‬
‫(‪ )8‬أبو داود ‪ ,1/275‬وابن ماجه ‪ ,1/524‬والنسائي ‪ ,3/91‬وصححه اللبان ف صحيح‬
‫النسائي ‪.1/197‬‬
‫وإليك هذه القوق بالتفصيل والياز كالتال‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ اليان الصادق به صلّى ال عليه وسلّم وتصديقه فيما أتى به قال تعال‪{ :‬فَآمِنُوا بِالّلهِ َورَسُوِلهِ‬
‫وَالنّورِ الّذِي أَنزَلْنَا وَالّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ َخبِيٌ}(‪{ ,)1‬فَآمِنُواْ بِالّل ِه َورَسُوِلهِ النّبِ ّي ا ُلمّيّ الّذِي ُي ْؤمِنُ بِالّلهِ‬
‫وَكَلِمَاِتهِ وَاتِّبعُوهُ َلعَلّكُ ْم َتهْتَدُونَ}(‪{ ,)2‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّل َه وَآمِنُوا ِبرَسُوِلهِ ُيؤِْتكُمْ ِكفْلَيْنِ‬
‫جعَل لّكُ ْم نُورًا تَ ْمشُونَ ِبهِ َوَيغْ ِفرْ لَكُ ْم وَالّل ُه َغفُو ٌر رّحِيمٌ}(‪َ { ,)3‬ومَن لّمْ ُي ْؤمِن بِالّلهِ‬ ‫مِن رّحْمَِت ِه وَيَ ْ‬
‫َورَسُوِلهِ فَإِنّا َأ ْعتَدْنَا لِلْكَاِفرِينَ َسعِيًا}(‪ ,)4‬وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬أمرت أن أقاتل الناس حت‬
‫يشهدوا أن ل إله إل ال ويؤمنوا ب وبا جئت به“(‪.)5‬‬
‫واليان به صلّى ال عليه وسلّم هو تصديق نبوته‪ ,‬وأن ال أرسله للجن والنس‪ ,‬وتصديقه ف جيع‬
‫ما جاء به وقاله‪ ,‬ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان‪ ,‬بأنه رسول ال‪ ,‬فإذا اجتمع التصديق‬

‫‪300‬‬
‫به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان ث تطبيق ذلك العمل با جاء به ّت اليان به صلّى ال عليه‬
‫وسلّم(‪.)6‬‬
‫‪ 2‬ـ وجوب طاعته صلّى ال عليه وسلّم والذر من معصيته‪ ,‬فإذا وجب اليان به وتصديقه فيما‬
‫جاء به وجبت طاعته؛ لن ذلك ما أتى به‪ ,‬قال تعال‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ أَطِيعُواْ الّلهَ َورَسُوَل ُه وَلَ‬
‫َتوَّلوْا َعْنهُ وَأَنتُمْ َتسْ َمعُونَ}(‪َ { ,)7‬ومَا آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُو ُه َومَا َنهَاكُ ْم عَْنهُ فَانَتهُوا}(‪{ ,)8‬قُلْ‬
‫أَطِيعُوا الّل َه وَأَطِيعُوا الرّسُولَ فَإِن َتوَلّوا فَإِنّمَا َعلَْي ِه مَا حُمّ َل َوعََليْكُم مّا حُمّ ْلتُ ْم وَإِن تُطِيعُوهُ َتهَْتدُوا}(‬
‫‪{ ,)9‬فَلَْيحْ َذرِ الّذِينَ ُيخَاِلفُونَ عَنْ َأ ْم ِرهِ أَن ُتصِيَبهُ ْم فِتَْنةٌ َأوْ ُيصِيَبهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(‪َ { ,)10‬ومَن يُطِعِ‬
‫ص الّل َه َورَسُوَلهُ َفقَ ْد ضَلّ ضَل ًل مّبِينًا}(‪,)12‬‬ ‫الّلهَ َورَسُوَلهُ َفقَ ْد فَازَ َف ْوزًا عَظِيمًا}(‪َ { ,)11‬ومَن َيعْ ِ‬
‫حِتهَا الَْنهَا ُر خَالِدِينَ فِيهَا َوذَِلكَ اْل َف ْوزُ اْلعَظِيمُ‪،‬‬
‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫{ َومَن يُطِ ِع الّل َه َورَسُوَلهُ يُدْ ِخ ْلهُ جَنّاتٍ َت ْ‬
‫َومَن َيعْصِ الّلهَ َورَسُوَلهُ وََيَتعَدّ حُدُو َدهُ ُيدْخِ ْلهُ نَارًا خَاِلدًا فِيهَا وََلهُ عَذَابٌ ّم ِهيٌ}(‪.)13‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬من أطاعن فقد أطاع ال‬
‫ومن عصان فقد عصى ال“(‪ ,)14‬وعنه رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪:‬‬
‫”كل الناس يدخل النة إل من أب‪ ,‬قالوا يا رسول ال! ومن يأب؟ قال‪ :‬من أطاعن دخل النة ومن‬
‫عصان فقد أب“(‪.)15‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬بعثت بي يدي الساعة‬
‫بالسيف حت يعبد ال وحده ل شريك له‪ ,‬و ُجعِلَ رزقي تت ظلّ رمي‪ ,‬و ُجعِلَ الذّ ّل والصّغارُ على‬
‫من خالف أمري‪ ,‬ومن تشبه بقول فهو منهم“(‪.)16‬‬
‫‪ 3‬ـ اتباعه صلّى ال عليه وسلّم واتاذه قدوة ف جيع المور والقتداء بديه‪ ,‬قال تعال‪{ :‬قُلْ إِن‬
‫حبِبْكُ ُم الّلهُ وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُ ْم وَالّل ُه َغفُورٌ رّحِيمٌ}(‪َ{ ,)17‬لقَدْ كَانَ‬ ‫حبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي يُ ْ‬‫كُنتُمْ تُ ِ‬
‫لَكُ ْم فِي رَسُولِ الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَسََنةٌ لّمَن كَانَ َيرْجُو الّلهَ وَالَْي ْومَ ال ِخرَ َوذَ َكرَ الّلهَ كَثِيًا}( ‪ ,)18‬وقال‬
‫تعال‪{ :‬وَاتِّبعُوهُ َلعَلّكُمْ َت ْهتَدُونَ}(‪ )19‬فيجب السي على هديه والتزام سنته والذر من مالفته‪ ,‬قال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬فمن رغب عن سنت فليس من“(‪.)20‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة التغابن‪ ,‬الية‪.8 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة العراف‪ ,‬الية‪.158 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة الديد‪ ,‬الية‪.28 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الفتح‪ ,‬الية‪.13 :‬‬
‫(‪ )5‬مسلم ‪.1/52‬‬
‫(‪ )6‬انظر‪ :‬الشفاء بتعريف حقوق الصطفى صلّى ال عليه وسلّم للقاضي عياض ‪.2/539‬‬

‫‪301‬‬
‫(‪ )7‬سورة النفال‪ ,‬الية‪.20 :‬‬
‫(‪ )8‬سورة الشر‪ ,‬الية‪.7 :‬‬
‫(‪ )9‬سورة النور‪ ,‬الية‪.54 :‬‬
‫(‪ )10‬سورة النور‪ ,‬الية‪.63 :‬‬
‫(‪ )11‬سورة الحزاب‪ ,‬الية‪.71 :‬‬
‫(‪ )12‬سورة الحزاب‪ ,‬الية‪.36 :‬‬
‫(‪ )13‬سورة النساء‪ ,‬اليتان‪.14 ,13 :‬‬
‫(‪ )14‬البخاري مع الفتح ‪ 13/111‬برقم ‪.7137‬‬
‫(‪ )15‬البخاري مع الفتح ‪ 13/249‬برقم ‪.7280‬‬
‫(‪ )16‬أحد ف السند ‪ ,1/92‬والبخاري مع الفتح معلقا ‪ ,6/98‬وحسنه العلمة ابن باز‪ ,‬وانظر‪:‬‬
‫صحيح الامع ‪.3/8‬‬
‫(‪ )17‬سورة آل عمران‪ ,‬الية‪.31 :‬‬
‫(‪ )18‬سورة الحزاب‪ ,‬الية‪.21 :‬‬
‫(‪ )19‬سورة العراف‪ ,‬الية‪.158 :‬‬
‫(‪ )20‬البخاري مع الفتح ‪ 9/104‬برقم ‪.5063‬‬
‫‪ 4‬ـ مبته صلّى ال عليه وسلّم أكثر من الهل والولد والوالد والناس أجعي‪ ,‬قال ال تعال‪ُ{ :‬قلْ‬
‫شوْنَ‬‫إِن كَانَ آبَاؤُكُ ْم وَأَْبنَآؤُكُ ْم وَإِ ْخوَانُكُ ْم وََأ ْزوَا ُجكُ ْم َوعَشِيَتُكُ ْم وََأ ْموَا ٌل ا ْقَترَفْتُمُوهَا وَِتجَا َرةٌ تَخْ َ‬
‫كَسَا َدهَا َومَسَاكِ ُن َت ْرضَوَْنهَا َأ َحبّ ِإلَيْكُم مّنَ الّل ِه َورَسُوِلهِ وَ ِجهَادٍ فِي سَبِيِلهِ َفَترَّبصُواْ حَتّى يَأْتِ َي الّلهُ‬
‫بَِأ ْم ِرهِ وَالّلهُ لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلفَا ِس ِقيَ}(‪ ,)1‬وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلّى ال‬
‫عليه وسلّم‪” :‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي“(‪ .)2‬وقد‬
‫ثبت ف الديث أن من ثواب مبته الجتماع معه ف النة وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال‪:‬‬
‫”ما أعددت لا“؟ قال يا رسول ال ما أعددت لا كبي صيام‪ ,‬ول صلة‪ ,‬ول صدقة‪ ,‬ولكن أحب‬
‫ال ورسوله‪ .‬قال‪” :‬فأنت مع من أحببت“(‪ .)3‬قال أنس فما فرحنا بعد السلم فرحا أشد من قول‬
‫النب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬فإنك مع من أحببت“‪ ,‬فأنا أحب ال ورسوله‪ ,‬وأبا بكر‪ ,‬وعمر‪ .‬فأرجو‬
‫أن أكون معهم وإن ل أعمل بأعمالم(‪.)4‬‬
‫ولا قال عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ :‬يا رسول ال لنت أحب إلّ من كل شيء إل من نفسي‬
‫فقال النب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ل والذي نفسي بيده حت أكون أحب إليك من نفسك“‪ ,‬فقال له‬
‫عمر فإنه الن وال لنت أحب إلّ من نفسي فقال النب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬الن يا عمر“(‪,)5‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬جاء رجل إل رسول ال صلّى ال عليه وسلّم فقال‪ :‬يا رسول‬

‫‪302‬‬
‫ال كيف تقول ف رجل أحب قوما ول يلحق بم؟ فقال رسول ال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬الرء مع‬
‫من أحب“(‪.)6‬‬
‫وعن العباس بن عبد الطلب رضي ال عنه أنه سع رسول ال صلّى ال عليه وسلّم يقول‪” :‬ذاق طعم‬
‫اليان من رضي بال ربا‪ ,‬وبالسلم دينا‪ ,‬وبحمد رسولً“(‪.)7‬‬
‫وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ثلث من كن فيه وجد بن حلوة اليان‪ :‬من كان الُ ورسولهُ أحب‬
‫إليه ما سواها‪ ,‬وأن يب الرء ل يبه إل ل‪ ,‬وأن يكره أن يعود ف الكفر بعد أن أنقذه ال منه كما‬
‫يكره أن يقذف ف النار“(‪.)8‬‬
‫ولشك أن من وفّقه ال تعال لذلك ذاق طعم اليان ووجد حلوته‪ ,‬فيستلذ الطاعة ويتحمل الشاقة‬
‫ف رضى ال عز وجل ورسوله صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬ول يسلك إل ما يوافق شريعة ممد صلّى ال‬
‫عليه وسلّم؛ لنه رضي به رسولً‪ ,‬وأحبه‪ ،‬ومن أحبه من قلبه صدقا أطاعه صلّى ال عليه وسلّم؛‬
‫ولذا قال القائل‪:‬‬
‫س بديعُ‬ ‫تعصي الله وأنت تُظْهر ُحّبهُ ‪ ...‬هذا لعمري ف القيا ِ‬
‫ب مُطيعُ(‪)9‬‬ ‫ح ّ‬ ‫لو كان ُحّبكَ صادقا لطعته ‪ ...‬إن الُحبّ لن يُ ِ‬
‫وعلمات مبته صلّى ال عليه وسلّم تظهر ف القتداء به صلّى ال عليه وسلّم‪ ,‬واتباع سنته‪ ,‬وامتثال‬
‫أوامره‪ ,‬واجتناب نواهيه‪ ,‬والتأدب بآدابه‪ ,‬ف الشدة والرخاء‪ ,‬وف العسر واليسر‪ ,‬ول شك أن من‬
‫أحب شيئا آثره‪ ,‬وآثر موافقته‪ ,‬وإل ل يكن صادقا ف حبه ويكون مدّعيا(‪.)10‬‬
‫ول شك أن من علمات مبته‪ :‬النصيحة له؛ لقوله صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬الدين النصيحة“ قلنا لن؟‬
‫قال‪” :‬ل‪ ,‬ولكتابه‪ ,‬ولرسوله‪ ,‬ولئمة السلمي وعامتهم“(‪ ,)11‬والنصيحة لرسوله صلّى ال عليه‬
‫وسلّم‪ :‬التصديق بنبوته‪ ,‬وطاعته فيما أمر به‪ ,‬واجتناب ما نى عنه‪ ,‬ومُؤازرته‪ ,‬ونصرته وحايته حيا‬
‫وميتا‪ ,‬وإحياء سنته والعمل با وتعلمها‪ ,‬وتعليمها والذب عنها‪ ,‬ونشرها‪ ,‬والتخلق بأخلقه الكرية‪,‬‬
‫وآدابه الميلة(‪.)12‬‬
‫‪ 5‬ـ احترامه وتوقيه ونصرته كما قال تعال‪ِ{ :‬لُت ْؤمِنُوا بِالّل ِه َورَسُوِلهِ وَُت َع ّزرُوهُ وَُت َوّقرُوهُ}(‪,)13‬‬
‫{يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا ل ُتقَ ّدمُوا بَيْ َن يَ َديِ الّل ِه َورَسُوِلهِ وَاّتقُوا الّلهَ إِنّ الّلهَ سَمِيعٌ َعلِيمٌ}(‪{ ,)14‬ل‬
‫ج َعلُوا ُدعَاءَ الرّسُولِ َبيْنَكُمْ كَ ُدعَاءِ َب ْعضِكُم َب ْعضًا}(‪.)15‬‬ ‫تَ ْ‬
‫وحرمة النب صلّى ال عليه وسلّم بعد موته‪ ,‬وتوقيه لزم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه‪,‬‬
‫وسنته‪ ,‬وساع اسه وسيته‪ ,‬وتعلم سنته‪ ,‬والدعوة إليها‪ ,‬ونصرتا(‪.)16‬‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة التوبة‪ ,‬الية‪.24 :‬‬
‫(‪ )2‬البخاري مع الفتح ‪ 1/58‬برقم ‪ ,15‬مسلم ‪.1/67‬‬

‫‪303‬‬
‫(‪ )3‬البخاري مع الفتح ‪ 10/557‬و‪ ,13/131‬ومسلم ‪.4/2032‬‬
‫(‪ )4‬مسلم ‪.4/2032‬‬
‫(‪ )5‬البخاري مع الفتح ‪.11/523‬‬
‫(‪ )6‬البخاري مع الفتح ‪.10/557‬‬
‫(‪ )7‬مسلم ف صحيحه ‪.1/62‬‬
‫(‪ )8‬البخاري مع الفتح ‪ ,1/72‬ومسلم ‪ 1/66‬وتقدم تريه ص‪.66‬‬
‫(‪ )9‬الشفاء بتعريف حقوق الصطفى صلّى ال عليه وسلّم ‪ 2/549‬و‪.2/563‬‬
‫(‪ )10‬انظر‪ :‬الشفاء بتعريف حقوق الصطفى صلّى ال عليه وسلّم ‪.582– 2/571‬‬
‫(‪ )11‬مسلم ‪.1/74‬‬
‫(‪ )12‬الشفاء بتعريف حقوق الصطفي صلّى ال عليه وسلّم للقاضي حياض ‪.584- 2/582‬‬
‫(‪ )13‬سورة الفتح‪ ,‬الية‪.9 :‬‬
‫(‪ )14‬سورة الجرات‪ ,‬الية‪.1 :‬‬
‫(‪ )15‬سورة النور‪ ,‬الية‪.63 :‬‬
‫(‪ )16‬الشفاء ‪ 2/595‬و‪.612‬‬
‫صلّونَ َعلَى النِّبيّ يَا أَّيهَا‬
‫‪ 6‬ـ الصلة عليه صلّى ال عليه وسلّم قال ال تعال‪{ :‬إِ ّن الّل َه َومَلئِ َكَتهُ ُي َ‬
‫سلِيمًا}(‪ ,)1‬وقال صلّى ال عليه وسلّم‪ ..” :‬من صلى عل ّي صلة‬ ‫الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا َعلَْي ِه وَسَلّمُوا تَ ْ‬
‫صلى ال عليه با عشرا“(‪ ,)2‬وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ل تعلوا بيوتكم قبورا‪ ,‬ول تعلوا‬
‫قبي عيدا وصلوا عل ّي فإن صلتكم تبلغن حيث كنتم“(‪ ,)3‬وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬البخيل‬
‫من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ“(‪ ,)4‬وقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬ما جاس قوم ملسا ل يذكروا‬
‫ال فيه‪ ,‬ول يصلّوا على نبيهم إل كان عليهم ترة‪ ,‬فإن شاء عذبم وإن شاء غفر لم“(‪ ,)5‬وقال‬
‫صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬إن ل ملئكة سياحي ف الرض يبلغون من أمت السلم“(‪ ,)6‬وقال جبيل‬
‫عليه السلم للنب صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬رغم أنف عبد – أو َبعُد – ذُكِرتَ عنده فلم يص ّل عليك“‬
‫فقال صلّى ال عليه وسلّم‪” :‬آمي“(‪ ,)7‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال رسول ال صلّى ال عليه‬
‫وسلّم‪” :‬ما من أحد يسلّم عليّ إل ردّ ال عليّ روحي حت أر ّد عليه السلم“(‪.)8‬‬
‫* وللصلة على النب صلّى ال عليه وسلّم مواطن كثية ذكر منها المام ابن القيم رحه ل تعال‬
‫واحدا وأربعي موطنا منها على سبيل الثال‪ :‬الصلة عليه صلّى ال عليه وسلّم عند دخول السجد‪,‬‬
‫وعند الروج منه‪ ,‬وبعد إجابة الؤذن‪ ,‬وعند القامة‪ ,‬وعند الدعاء‪ ,‬وف التشهد ف الصلة‪ ،‬وف صلة‬
‫النازة‪ ،‬وف الصباح والساء‪ ،‬وف يوم المعة‪ ,‬وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم‪ ,‬وف الطب‪:‬‬
‫كخطبت صلة المعة‪ ,‬وعند كتابة اسه‪ ,‬وف أثناء صلة العيدين بي التكبيات‪ ,‬وآخر دعاء القنوت‪,‬‬

‫‪304‬‬
‫وعلى الصفا والروة‪ ,‬وعند الوقوف على قبه‪ ,‬وعند الم والشدائد وطلب الغفرة‪ ,‬وعقب الذنب إذا‬
‫أراد أن يكفر عنه‪ ,‬وغي ذلك من الواطن الت ذكرها رحه ال ف كتابه(‪.)9‬‬
‫ولو ل يرد ف فضل الصلة على النب صلّى ال عليه وسلّم إل حديث أنس رضي ال عنه لكفى ”من‬
‫صلى عليّ صلة واحدة صلى ال عليه عشر صلوات(‪[ .)10‬كتب ال له با عشرة حسنات](‪)11‬‬
‫وحط عنه با عشر سيئات‪ ,‬ورفعه با عشر درجات“(‪.)12‬‬
‫‪ 7‬ـ وجوب التحاكم إليه والرضي بكمه صلّى ال عليه وسلّم‪ ،‬قال ال تعال‪{ :‬فَإِن تَنَا َزعُْتمْ فِي‬
‫شَ ْيءٍ َف ُردّوهُ إِلَى الّلهِ وَالرّسُولِ إِن كُنتُمْ ُت ْؤمِنُونَ بِالّل ِه وَاْلَي ْومِ ال ِخ ِر ذَِلكَ خَْي ٌر وَأَحْسَ ُن تَ ْأوِيلً}(‪,)13‬‬
‫سهِمْ َحرَجًا مّمّا َقضَْيتَ‬ ‫ج َر بَيَْنهُ ْم ثُمّ لَ يَجِدُواْ فِي أَنفُ ِ‬
‫{َفلَ َو َرّبكَ َل ُي ْؤمِنُونَ حَتّىَ ُيحَكّمُوكَ فِيمَا شَ َ‬
‫سلّمُوْا تَسْلِيمًا}(‪ )14‬ويكون التحاكم إل سنته وشريعته بعده صلّى ال عليه وسلّم‪.‬‬ ‫وَيُ َ‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة الحزاب‪ ,‬الية‪.56 :‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه مسلم عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما ‪.1/288‬‬
‫(‪ )3‬أبو داود ‪ ,2/218‬وأحد ‪ ,2/367‬وانظر‪ :‬صحيح أب داود ‪.1/383‬‬
‫(‪ )4‬الترمذي ‪ ,5/551‬وغيه‪ ,‬وانظر‪ :‬صحيح الترمذي ‪.3/177‬‬
‫(‪ )5‬الترمذي‪ ,‬وانظر‪ :‬صحيح الترمذي ‪.3/140‬‬
‫(‪ )6‬النسائي ‪ ,3/43‬وصححه اللبان ف صحيح النسائي ‪.1/274‬‬
‫(‪ )7‬ابن خزينة ‪ ,3/192‬وأحد ‪ ,2/254‬وصححه الرنؤوط ف الفهام‪.‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه أبو داود ‪ 2/218‬برقم ‪ ,2041‬وحسنه اللبان ف صحيح أب داود ‪.1/283‬‬
‫(‪ )9‬راجع كتاب جلء الفهام ف الصلة واللم على خي النام صلّى ال عليه وسلّم للمام ابن‬
‫القيم رحه ل تعال‪.‬‬
‫(‪ )10‬السياق يقتضي "و"‪.‬‬
‫(‪ )11‬هذه الزيادة من حديث طلحة ف مسند أحد ‪.4/29‬‬
‫(‪ )12‬أحد ‪ ,3/261‬وابن حبان الرقم ‪( 2390‬موارد)‪ ,‬والاكم ‪ ،1/551‬وصححه‬
‫الرنؤوط ف تقيقه للء الفهام ص ‪.65‬‬
‫(‪ )13‬سورة النساء الية‪.59 :‬‬
‫(‪ )14‬سورة النساء‪ ,‬الية‪.65 :‬‬
‫‪ 8‬ـ إنزاله مكانته صلّى ال عليه وسلّم بل غلو ول تقصي فهو عبد ل ورسوله‪ ,‬وهو أفضل النبياء‬
‫والرسلي‪ ,‬وهو سيد الولي والخرين‪ ,‬وهو صاحب القام الحمود والوض الورود‪ ,‬ولكنه مع‬
‫ذلك بشر ل يلك لنفسه ول لغيه ضرا ول نفعا إل ما شاء ال كما قال تعال‪{ :‬قُل لّ َأقُولُ لَكُمْ‬

‫‪305‬‬
‫عِندِي َخزَآئِنُ الّلهِ وَل َأ ْعلَمُ اْلغَْيبَ وَل َأقُولُ لَكُمْ إِنّي َمَلكٌ إِنْ َأتّبِعُ إِ ّل مَا يُوحَى إِلَيّ}(‪ ,)1‬وقال‬
‫ت مِنَ اْلخَْيرِ‬ ‫ضرّا إِ ّل مَا شَاءَ الّلهُ وََلوْ كُنتُ َأ ْعلَمُ اْلغَْيبَ لَ ْستَكَْث ْر ُ‬
‫تعال‪{ :‬قُل لّ َأمِْلكُ لَِنفْسِي َنفْعًا وَ َل َ‬
‫ضرّا وَل رَشَدًا‪،‬‬ ‫َومَا مَسّنِيَ السّوءُ إِنْ َأنَاْ إِلّ نَذِيرٌ َوبَشِيٌ ّل َق ْومٍ ُي ْؤمِنُونَ}(‪{ ,)2‬قُلْ ِإنّي ل َأمِْلكُ لَكُ ْم َ‬
‫قُلْ ِإنّي لَن يُجِيَنِي مِ َن الّلهِ أَحَ ٌد وََلنْ أَجِ َد مِن دُوِنهِ مُ ْلتَحَدًا}(‪ ,)3‬وقد مات صلّى ال عليه وسلّم‬
‫شرٍ‬‫ك مَّيتٌ وَِإّنهُم مّيّتُونَ}(‪َ { ,)4‬ومَا َجعَ ْلنَا لَِب َ‬ ‫كغيه من النبياء ولكن دينه باقٍ إل يوم القيام {إِّن َ‬
‫خلْدَ أََفإِن ّمتّ َفهُمُ الْخَالِدُونَ‪ ،‬كُلّ َن ْفسٍ ذَاِئقَ ُة الْ َم ْوتِ}(‪ ,)5‬وبذا يعلم أنه ل يستحق‬ ‫مّن قَْبِلكَ الْ ُ‬
‫ي ‪162‬‬ ‫لتِي وَنُسُكِي َومَحْيَايَ َومَمَاتِي لِّل ِه َربّ اْلعَالَ ِم َ‬ ‫العبادة إل ال وحده ل شريك له {ُقلْ إِنّ صَ َ‬
‫سلِ ِميَ}(‪.)6‬‬ ‫ت وَأَنَاْ َأوّ ُل الْمُ ْ‬
‫لَ َشرِيكَ َل ُه وَبِذَِلكَ ُأ ِمرْ ُ‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وأصحابه‪.‬‬
‫الفهرس‬
‫الوضوع ‪ ...‬الصفحة‬
‫القدمة‬
‫البحث الول‪ :‬خلصة نسبه وولدته ووظيفته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الثان‪ :‬اجتهاده وجهاده صلّى ال عليه وسلّم وأخلقه‬
‫كان صلّى ال عليه وسلّم أسوة لكل مسلم‬
‫صلته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫صومه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫صدقته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫جهاده صلّى ال عليه وسلّم‬
‫معاملته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫خلقه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫زهده صلّى ال عليه وسلّم‬
‫ورعه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫توسطه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الثالث‪ :‬خي أعماله خواتها‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الرابع‪ :‬وداعه لمته صلّى ال عليه وسلّم ووصاياه ف حجة الوداع‬

‫‪306‬‬
‫أذانه ف الناس بالج‬
‫وداعه ووصاياه لمته ف عرفات‬
‫وداعه ووصاياه لمته عند المرات‬
‫وداعه ووصيته لته يوم النحر‬
‫وداعه ووصيته لمته ف أوسط أيام التشريق‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الامس‪ :‬توديعه للحياء والموات‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث السادس‪ :‬بداية مرضه وأمره لب بكر أن يصلي بالناس‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث السابع‪ :‬خطبته العظيمة ووصاياه للناس‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الثامن‪ :‬اشتداد مرضه ووداعه ووصيته ف تلك الشدة‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث التاسع‪ :‬وصاياه صلّى ال عليه وسلّم عند وفاته‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث العاشر‪ :‬اختياره للرفيق العلى‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث الادي عشر‪ :‬موته شهيدا صلّى ال عليه وسلّم‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الثان عشر‪ :‬من كان يعبد ال فإن ال حي ل يوت‬
‫‪ -‬الدروس والعب‬
‫البحث الثالث عشر‪ :‬مصيبة السلمي بوته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث الربع‪ :‬مياثه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫‪ -‬الدروس العب‬
‫البحث الامس‪ :‬حقوقه على أمته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫اليان الصادق به صلّى ال عليه وسلّم‬
‫وجوب طاعته صلّى ال عليه وسلّم والذر من معصيته‬

‫‪307‬‬
‫اتباعه واتاذه قدوة صلّى ال عليه وسلّم‬
‫مبته صلّى ال عليه وسلّم أكثر من الهل والولد والوالد‬
‫احترامه وتوقيه ونصرته صلّى ال عليه وسلّم‬
‫الصلة عليه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫وجوب التحاكم إليه والرضى بكمه صلّى ال عليه وسلّم‬
‫إنزاله مكانته بل غلو ول تقصي صلّى ال عليه وسلّم‬
‫الفهرس‬
‫__________‬
‫(‪ )1‬سورة النعام‪ ,‬الية‪.50 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة العراف‪ ,‬الية‪.188 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة الن‪ ,‬اليتان‪.22 ،21 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الزمر‪ ,‬الية‪.30 :‬‬
‫(‪ )5‬سورة النبياء‪ ,‬اليتان‪.35 ,34 :‬‬
‫(‪ )6‬سورة النعام‪ ,‬اليتان‪.163 ,162 :‬‬
‫===========================‬
‫وسائ ُل الدّفاعِ عن رَسو ِل الِ صلّى الُ عليه وسلّم‬

‫أ ‪ .‬د ‪ .‬مسفر بن غرم ال الدمين‬


‫من العلوم أن حب رسول ال صلى ال عليه وسلم إيان‪ ،‬وبغضه كفر ونفاق‪ ،‬وقد قال تعال‪:‬‬
‫(فَآمِنُوا بِالّلهِ َورَسُوِلهِ النّبِ ّي الُْأمّيّ الّذِي ُي ْؤمِنُ بِالّل ِه وَكَلِمَاِتهِ وَاتِّبعُوهُ َلعَلّكُ ْم َتهْتَدُونَ)[لعراف‪ :‬من الية‬
‫‪ ]158‬وعَنْ َأَنسٍ رضي ال تعال عنه قَالَ‪ :‬قَالَ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪" :‬لَا ُي ْؤمِنُ أَحَدُكُ ْم حَتّى‬
‫أَكُونَ أَ َحبّ إِلَْي ِه مِ ْن وَالِ ِد ِه َووَلَ ِد ِه وَالنّاسِ أَجْ َم ِعيَ" متفق عليه‪.‬‬
‫إن اليان برسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يوجب علينا أمورا كثية منها‪ :‬اتّباعه‪ ،‬والدعوة إل‬
‫سنته‪ ،‬ومبته‪ ،‬والدفاع عنه ف حياته‪ ،‬وبعد ماته‪ ،‬وقد أغضب السلمي جيعا ما أوردته جريدة‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪ ،‬تصفه بالعنف‬ ‫(جلندز بوست) الدانركية من رسومات لرسول ال َ‬
‫والرهاب‪ ،‬ومنها يظهر عداؤهم لذا الدين وأهله‪ ،‬واحتقارهم للمسلمي أجعي ‪ ،‬وقد قام كثي من‬
‫العلماء وطلبة العلم والتجار والغيورين على دينهم ونبيهم وأمتهم ك ٌل فيما يقدر عليه‪ ،‬ورأيت أن‬
‫أدل بدلوي ف الذبّ عن عرض رسول ال صلى ال عليه وسلم – بأب هو وأمي – كيف ل وأهل‬
‫الديث هم أول الناس به‪ ،‬وأقربم صلة بكلمه وهديه‪ ،‬وأعلمهم بسيته وشخصيته‪ ،‬لذا رأيت أن‬

‫‪308‬‬
‫أضع يدي على أيديهم‪ ،‬وأضم جهدي إل جهودهم‪ ،‬وأن أقوم ببيان ما يلزم عموم السلمي ف جيع‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وما ينبغي لم فعله حيال هذا‬
‫أناء العال دون تديد للدفاع عن رسول ال َ‬
‫المر اللل‪ ،‬وقد رأيت أن عملية الدفاع عنه ينبغي أن تسي ف اتاهي متوازيي‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬متعلق بدولة الدنرك؛ للحكومة والريدة‪ ،‬وللشركات والؤسسات‪.‬‬
‫والثان‪ :‬متعلق بالسلمي من ولة‪ ،‬وعلماء‪ ،‬ودعاة‪ ،‬وتار‪ ،‬ووسائل إعلم‪ ،‬ولعموم الناس دون‬
‫استثناء‪.‬‬
‫أما العمل التعلق بدولة الدنرك فيكون بأمور منها‪:‬‬
‫‪ -‬إرسال الوفود إل السفارات الدانركية ف جيع أناء العال‪ ،‬ومقابلة السفي أو القنصل‪ ،‬أو أي‬
‫مسؤول ف السفارة‪ ،‬وإعلمه باستياء السلمي واستنكارهم لذا العمل‪ ،‬وتسليمه خطابات‬
‫الستنكار‪.‬‬
‫‪ -‬إرسال برقيات وفاكسات وإييلت الستنكار إل ديوان ملكتهم‪ ،‬وإل وزارة الارجية‪ ،‬وال‬
‫السفارات الدنركية‪ ،‬وال الريدة الت نشرت الصور‪.‬‬
‫‪ -‬إبلغ شركاتم بأن العال السلمي كله سيقاطعها‪ ،‬كما سيقاطع منتجاتم وصادراتم بأنواعها‪...‬‬
‫‪ -‬التعاون مع السلمي ف بلد الدنرك سواء الصليي أو الوافدين والهاجرين إليهم ف أمور منها‪:‬‬
‫‪ -‬البحث ف أنظمتهم وقوانينهم لعل فيها ما يرّم تلك الفعال الشنيعة‪.‬‬
‫‪ -‬رفع قضايا عليهم ف ماكمهم‪ ،‬والستعانة بالحامي التمكني ف بلدهم‪.‬‬
‫‪ -‬الكتابة ف صحفهم ببيان أثر تلك الصور‪ ،‬ومدى الستياء والغضب الذي أحدثته ف نفوس‬
‫السلمي‪ ،‬وأثره الكبي على شعبهم وشركاتم واقتصادهم‪ ،‬وعلى مستقبل علقاتم مع العال‬
‫السلمي‪.‬‬
‫‪ -‬إشعار مفكريهم وكتابم وعقلئهم ‪ -‬وحت رجل الشارع عندهم ‪ -‬أن تلك الصور والتهم الت‬
‫وصفوا با نبينا قد أغضبت عليهم أكثر من مليار مسلم‪ ،‬وأن هذا الغضب أمر طبعي؛ فلو كتب عن‬
‫عيسى عليه السلم مثل ذلك فهل سيسكتون ويرضون؟ بل لو كتب عن ملكتهم أو رئيس وزرائهم‬
‫مثل ذلك هل سيغضبون؟ أو يقولون إنا حرية شخصية!‬
‫‪ -‬مقابلة رجال الدين عندهم ‪ -‬من رهبان وقسس وغيهم ‪ -‬وإبلغهم بطورة هذه القضية‬
‫وشناعتها‪ ،‬فلعل فيهم عقلء‪ ،‬وأهل عدل وحق يدفع ال بم مثل هذا المر‪.‬‬
‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وإبراز‬
‫‪ -‬إقامة الندوات واللقاءات والحاضرات للدفاع عن رسول ال َ‬
‫خصائصه ومزاياه‪ ،‬وتعريف الناس جيعا بسيته وبراءته ما نسبه إليه البطلون‪.‬‬
‫أما العمل التعلق بالسلمي عموما‪:‬‬

‫‪309‬‬
‫فقد رأيت أن يكون مور كلمي ف الدفاع عنه هو "مبته" صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّ َم القتضية لبذل السلم‬
‫ما ف وسعه دفاعا عن نبيه وحبيبه‪ ،‬سواء برد دعاوى الصوم‪ ،‬أو شبه العداء‪ ،‬أو تمل ما يستطيعه‬
‫الرء منا من خسارة مال‪ ،‬أو ذهاب مصال‪ ،‬أوترك مرغوبات أو مبوبات ف سبيل إظهار مبتنا‬
‫لرسول ال صَلّى اللّه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬فدعوانا مبته واتّباعه تقتضي ذلك‪ ،‬وقد قَا َل صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪:‬‬
‫"لَا ُي ْؤمِنُ أَحَدُكُ ْم حَتّى أَكُونَ أَ َحبّ إَِلْيهِ مِ ْن وَالِ ِدهِ َووَلَ ِد ِه وَالنّاسِ أَجْ َم ِعيَ" متفق عليه‪ ،‬و بناءً على‬
‫هذه الحبة أتوجه بكلمي هذا إل كل مسلم ف أرض ال الواسعة‪ ،‬ليس ف السعودية أو ف العال‬
‫العرب أو السلمي فحسب‪ ،‬بل ف كل أصقاع العمورة‪ ،‬وأخص به من كان واليا أو مسؤولً أو‬
‫تاجرا أو عاملً أو مواطنا عاديا‪ ،‬كل بسب موقعه‪ ،‬وعلى مبلغ وسعه وطاقته‪ ،‬وأبدأ أولً بولة المر‬
‫ف أناء العال السلمي الذين أكرمهم ال بالولية على السلمي فأطلب إليهم أن يرسلوا برقيات‬
‫الشجب والستنكار ‪ -‬إل حكومة الدنرك – لذه الرسومات الشنيعة‪ ،‬الت نشرتا جريدة (جلندز‬
‫بوست) والت تضمنت إهانة لرسول ال صَلّى اللّه َعلَْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬ووصفا له با هو منه براء‪ ،‬وكذلك‪:‬‬
‫‪ -‬طلب ماكمة من قام بذلك‪ ،‬وإنزال أشد العقوبات عليه‪ ،‬وأن تعتذر الصحيفة والكومة للمسلمي‬
‫عامة عما بدر منهم من إهانة لرسول ال صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬و لمة السلم قاطبة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يبلغ ولةُ أمر السلمي سفاراتم ف الارج بالتصال بوزارة الارجية الدانركية وإبلغها‬
‫باستياء السلمي من هذا الفعل الشنيع‪.‬‬
‫‪ -‬حث الدول السلمية على قطع العلقات الدبلوماسية مع الدنرك ما ل تعتذر تلك الصحيفة‬
‫والدولة عن هذه الساءة‪ ،‬وإل على أقل تقدير يكنهم سحب سفرائهم أو استدعاؤهم للمشاورة كما‬
‫يقولون عادة‪.‬‬
‫‪ -‬على جيع النظمات والمعيات والجالس الختلفة ف بلدان العال السلمي أن تستنكر هذا المر‬
‫علنا‪ ،‬وأن ترسل البقيات والطابات إل السؤولي ف دولة الدنرك‪.‬‬
‫‪ -‬على العلماء أن يلقوا الحاضرات والدروس‪ ،‬ويعقدوا اللقاءات والؤترات‪ ،‬ويبينوا للناس خطر‬
‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّ َم من مقتضيات‬ ‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وأن الغضب ل ولرسوله َ‬ ‫التهاون بالرسول َ‬
‫اليان بال ورسوله‪ ،‬وهو من النصح ل ولرسوله ولكتابه الذي قال فيه صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪" :‬الدين‬
‫النصيحة"‪.‬‬
‫‪ -‬على وسائل العلم من صحف وملت‪ ،‬ومطات فضائية متنوعة أن تقوم بواجبها ف الدفاع عن‬
‫رَسُولُ الّل ِه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬فأين استنكارها لذا الدث الليم؟ وأين اللقاءات والقابلت‬
‫والبامج الت تستنكر وتبي وتدافع عن رسول ال صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ؟‬
‫إنن أدعو كل الحطات الذاعية والتلفازية‪ ،‬وكل الصحف والجلت‪ ،‬والواقع اللكترونية أن تقوم‬
‫بواجبها‪ ،‬وأن تظهر سخطها وغضبها على ما حصل من تلك الصحيفة‪ ،‬ماذا يكلفها هذا المر؟ إنم‬

‫‪310‬‬
‫إن فعلوا ذلك كانوا هم الرابي ف الدنيا‪ ،‬إن كانت الدنيا ههم‪ ،‬ففي طرح الوضوع شهرة ورواج‬
‫لم‪ ،‬و هم من الرابي ف الخرة إن كان هدفهم الدفاع عن رسول ال صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى عموم الناس أن يستنكروا هذا المر‪ ،‬ويبوا به أولدهم وأهليهم‪ ،‬وأقرباءهم وذويهم‪ ،‬وأن‬
‫تبدأ الكومات والشعوب‪ ،‬والشركات والؤسسات‪ ،‬والفراد والماعات كلهم جيعا ف مقاطعة‬
‫كل النتجات والشركات الدانركية‪ ،‬فيمكننا أن نعيش من دونا‪ ،‬وكل ما أنتجوه ما هو ف السواق‬
‫له بديل أفضل منه‪ ،‬أو مثله أو أقل منه‪ ،‬وعلينا أن نستشعر أن مقاطعتنا لبضائعهم وشركاتم وكل ما‬
‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬ودفاعا عنه وعن دينه وأمته‪.‬‬ ‫يفيدهم ما هو إل حبا لرسول ال َ‬
‫أل يهون علينا أن نترك بعض ما نشتهي حبا وإكراما لرسول ال صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ؟‬
‫هل ل بد أن نشرب حليب (النيدو) أو (أنكور) وليس غيه من أنواع الليب؟‬
‫وهل ل بد أن نأكل زبدة (لورباك) وليس أي زبدة أخرى وطنية أو مستوردة؟‬
‫وهل حب هذه النتجات أعظم عندنا من حب رسول ال صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ؟‬
‫لك أن توازن – أخي السلم ‪ -‬بي حب هذه الرغوبات وبي حب رسول صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ؟‬
‫وبعدها تقيس إيانك وتقواك ومبتك لرسول ال صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّ َم فترى أيها أمكن ف نفسك؟‬
‫وأيها أغلى وأعظم عندك؟‬
‫لقد راجعت أساء كل الطعمة والنتجات الستوردة من دولة الدنرك فوجدت لكل منها بديلً عنه‪،‬‬
‫بل بدائل كثية متنوعة‪ ،‬وربا كان أكثرها خيا منها‪ ،‬ومع ذلك فل بد أن نصب عن شيء ما نشتهيه‬
‫إكراما لن ندّعي أنه عندنا أحب إلينا من أنفسنا ومن أهلينا ومن الناس أجعي‪.‬‬
‫أن القاطعة لنتجاتم من الرية الت قالتها مكمتهم ف أن الصحيفة حرة ف نشر ما تراه‪ ،‬وكذلك‬
‫نن أحرار أيضا ف مقاطعة ما نشاء من البضائع والنتجات والشركات والعمال ‪...‬فالرية مكفولة‬
‫للجميع‪ ،‬ولكن‪:‬‬
‫هل نن أحرار ف سب أنبيائهم وملوكهم ورؤسائهم؟‬
‫الواب‪ :‬ل‬
‫ليس لنا أن نسب أنبياءهم ورسلهم؛ لن ال تعال أوجب علينا اليان بأنبيائهم ومبتهم‪ ،‬بل جعله‬
‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ عن اليان قال‬ ‫من تام اليان بال تعال‪ ،‬وذلك أن جبيل لا سأل رسول ال َ‬
‫له‪" :‬اْلِإيَانُ‪ :‬أَنْ ُت ْؤمِنَ بِالّلهِ‪َ ،‬ومَلَائِ َكِتهِ‪ ،‬وَكُتُِبهِ‪َ ،‬وبِِلقَاِئهِ‪َ ،‬ورُسُِلهِ" وموسى وعيسى من رسل ال‬
‫وأنبيائه‪.‬‬
‫وليس لنا أيضا أن نسب ملوكهم وكبارهم لن ال تعال يقول‪( :‬وَل تَسُبّوا الّذِينَ يَ ْدعُو َن مِ ْن دُونِ‬
‫ك زَيّنّا لِكُلّ ُأمّ ٍة عَ َمَلهُمْ ثُمّ إِلَى رَّبهِ ْم َمرْ ِجعُهُمْ َفيَُنبُّئهُمْ بِمَا كَانُوا‬
‫الّلهِ فََيسُبّوا الّلهَ عَدْوا ِبغَْي ِر عِلْمٍ كَذَِل َ‬
‫َيعْمَلُونَ) [النعام‪.]108:‬‬

‫‪311‬‬
‫فنحن نربأ بم أن يقولوا أو يقروا مثل هذا عن رسول ال صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ الذي جاء بالسلم‪،‬‬
‫والسلم‪ ،‬ولقد كان أرحم اللق باللق‪ ،‬وقد وصفه ال بذلك فقال‪( :‬وَمَا َأرْ َسلْنَاكَ إِلّا رَحْ َمةً‬
‫لِ ْلعَالَ ِميَ) [النبياء‪ .]107 :‬وكان من خلقه صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ عدم السب أو الشتم‪ ،‬ف َعنْ أََنسٍ‬
‫رضي ال تعال عنه قَالَ‪" :‬لَ ْم يَكُ ْن رَسُو ُل الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ فَاحِشًا وَلَا َلعّانًا وَلَا َسبّابًا‪"...‬‬
‫سنَكُمْ أَ ْخلَاقًا" فهل من حسن اللق أن تسب وتشتم‪ ،‬أو أن تتهم‬ ‫وَكَانَ َيقُولُ‪" :‬إِ ّن مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْ َ‬
‫غيك با ليس فيه؟‬
‫إن من حسن اللق الذي أوصانا به نبينا صَلّى اللّه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ أن نسن إل من أساء إلينا‪ ،‬وأن نعفو‬
‫عمن ظلمنا‪ ،‬ففي الديث الصحيح عن ُعقْبَةَ ْبنِ عَامِ ٍر رضي ال تعال عنه أنه قال له‪" :‬صِ ْل مَنْ‬
‫ف عَمّنْ َظلَ َمكَ"‪.‬‬ ‫ك وَاعْ ُ‬ ‫ط مَنْ َح َرمَ َ‬ ‫ك وََأعْ ِ‬
‫قَ َط َع َ‬
‫وإذا ل يكن لنا أن نسب أو أن نشتم من سبنا وشتمنا فليس لنا أيضا أن نعتدي عليه‪ ،‬أو أن نظلمه أو‬
‫نسلبه حقا من حقوقه‪ ،‬بل أمرنا ال تعال بالعدل والقسط حت مع العداء‪ ،‬ونانا عن الظلم والور‪،‬‬
‫ج ِرمَنّكُمْ َشنَآنُ َق ْو ٍم عَلَى أَلّا‬ ‫سطِ وَل يَ ْ‬
‫قال تعال‪( :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا كُونُوا َقوّا ِميَ لِّلهِ ُشهَدَاءَ بِاْلقِ ْ‬
‫َتعْدِلُوا اعْدِلُوا ُهوَ َأ ْقرَبُ لِلّت ْقوَى وَاّتقُوا الّلهَ إِ ّن الّلهَ َخبِيٌ بِمَا َتعْمَلُونَ) [الائدة‪.]8:‬‬
‫فعلينا أن نلتزم بالق والعدل‪ ،‬وأن ل يملنا ظلم أولئك واعتداؤهم على نبينا أن نظلمهم أو أن‬
‫نعتدي عليهم ل بالقول ول بالفعل‪.‬‬
‫وأخيا يكننا أن نستثمر هذه القضية ف صال السلم والسلمي‪ ،‬وذلك بالتعريف به‪ ،‬وإظهار‬
‫ماسن رسول ال صَلّى اللّه َعلَْيهِ َوسَلّ َم وصفته ورحته باللق‪ ،‬والتأكيد على أن دين السلم دين‬
‫الرحة والحبة والسلم‪ ،‬ليس إرهابا ول عنفا ول تطرفا‪ ،‬بل دين وسط واعتدال‪ ،‬ل يب أحدا على‬
‫الدخول فيه‪ ،‬ول يُظلم ف ظله أحد أو يُعتدى عليه‪ ،‬بل يكم فيه بالعدل والقسط حت مع العداء‪.‬‬
‫وبعد هذا كله علينا أن ل نيأس من جدوى مقاطعتنا لبضائعهم ومنتجاتم‪ ،‬سواء استجابوا لطالبنا‪،‬‬
‫وقدموا الصحيفة لحاكمة عادلة‪ ،‬تنصفنا منهم وتلزمهم بالعتذار إل السلمي كافة‪ ،‬أو ل يفعلوا‪،‬‬
‫فيكفينا أننا انتصرنا لرسولنا‪ ،‬وتبّأنا منهم ومن عملهم‪ ،‬ورددنا كيدهم ف نورهم‪ ،‬وقمنا با يكننا‬
‫عمله‪ ،‬فل يكلف ال نفسا إل وسعها‪.‬‬
‫هذا ما تيسر ذكره ف هذا القام‪ ،‬وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫=====================‬
‫وقاحة أم حرية تعبي ؟؟‬

‫الكاتب‪ :‬نبيه بن رشيد الصباغ‬

‫‪312‬‬
‫بسم ال و المد ل و ل اله إل ال‪ .‬المد ل حت يرضى‪ ,‬و المد ل إذا رضي و المد ل بعد‬
‫الرضى‪ ,‬و الصلة و السلم على أكرم الرسلي‪ ,‬و رحة ال للعالي‪ ,‬سيدنا ممد ابن عبد ال ‪ ,‬سيد‬
‫ولد آدم و ل فخر‪ ,‬و خي من وطئت قدمه هذه الرض و على آله و أصحابه و أزواجه و من تبعهم‬
‫بإحسان ال يوم الدين‪.‬‬
‫تداولت الوساط العلمية مؤخرا‪ ,‬خبا مفاده أن إحدى الجلت الدانركية الغمورة قد نشرت‬
‫رسوما إنتقادية لرسول ال صلى ال عليه و سلم و الغرض منها هو التهكم و السخرية من شخص‬
‫هذا النب الكري صلى ال عليه و سلم إذ صورته هذه الرسومات بأنه رجل أشعث أغب يأتزر بزام‬
‫من التفجرات الناسفة و من خلفه إمرأتان منتقبتان‪ ,‬و هم إذ يتعمدون بذلك التهكم على شخص‬
‫نبينا الكري صلوات رب عليه و التهكم على ديننا النيف متهمي هذا الدين الذي ارتضاه ال للبشر‬
‫أجعي بأنه دين إرهاب و ظلم للنساء ف العاملة لكونا تأت خلف الرجل و للسخرية من النقاب‬
‫الذي هو لباس السلمات الذي صانن و حفظهن من الذى‪.‬‬
‫لعل من ينظر إل هذا الدث بتجرد‪ ,‬قد ينطلي عليه ما أصدرته الكومة الدانركية من إعلنات‬
‫مفادها أن سبب نشر مثل هذه الرسومات‪ ,‬انا هو ماولة من الريدة لزيادة نسبة مبيعاتا‪ .‬و هذه‬
‫التصريات الصادرة عن الكومة الدانركية إنا هي ماولة بتراء لتجريد هذا التهكم من أي بعد‬
‫عنصري أو دين ف ماولة لصر اسباب النشر ضمن الدوافع القتصادية البحتة وة حرية التعبي الذي‬
‫يضمنه قانون ذلك البلد‪ .‬فنسأل هنا‪ ,‬أحرية التعبي ف نظركم تسمح لكم بانتهاك حرمات الخرين؟‬
‫أحرية التعبي تعطيكم الق أن تتعدوا على مشاعر الديان الخرى؟؟ أل تعلمون أن حرية الصبع‬
‫تتوقف عند عي الخرين؟؟‬
‫نن نرى أن لذا التهجم سبب أخر عدا تلك السباب الواهية الت سعناها من الكومة الدانركية‪.‬‬
‫السبب ف نظرنا كما هو واضح للعيان إنا هو إستغضاب السلمي و استفزازهم‪ ,‬و التصغي من‬
‫شأنم من خلل التصغي من شأن شخصية يترمها و يكرمها و يتبعها كل مسلم على هذه الرض‬
‫أل و هي شخصية رسولنا الكري صلى ال عليه و سلم‪ .‬أليس للمسلمي ف نظركم أي حقوق‬
‫انسانية يب عليكم احترامها؟؟‬
‫قبل أن نلل تبعيات هذا الدث اللل‪ ,‬و قبل أن نستعرض ردود الفعال التباينة عليه‪ ,‬ل بد لنا ان‬
‫ننظر ف مسببات هكذا حدث و هطذا تجم‪ .‬ما الذي خطر لؤلء الهلة و ما الذي دفعهم ليتناولوا‬
‫رسولنا الكري صلى ال عليه و سلم بذه الطريقة الهينة؟؟ و من أين جاءوا بذا التجرؤ الوقح على‬
‫شخصية رسولنا الكري صلى ال عليه و سلم بالرغم من معرفتهم السبقة بأن كل السلمي على‬
‫اختلف مذاهبهم و طوائفهم يؤمنون بحمد صلى ال عليه و سلم بأنه رسول من عند ال فاتبعوه؟‬
‫أما نن السلمون‪ ,‬الذين يسر ال لنا أن نطلع على معتقدات هولء النصرين و كتبهم القدسة‪ ,‬نرى‬

‫‪313‬‬
‫أن هذا التجرؤ السافر ليس بدبد عليهم‪ ,‬لا ورد ف كتابم القدس من إهانات و ترؤ على النبياء‬
‫السابقي الذين نبجلهم و نترمهم بدورنا لكوننا مسلمي نؤمن بكل الرسل‪ .‬لذا‪ ,‬فإن هؤلء الرتزقة‬
‫الأجورون ل يرون أي مانع أخلقي من أن يتهكموا و يتطاولوا على أي نب أرسله ال عز و عل إل‬
‫هذه البشرية ‪ ,‬ل بل إن تطاولم تعدى شخوص النبياء و الرسل و وصل ال درجة التعدي على ال‬
‫و بلغت وقاحتهم أن ينسبوا ال ال صفات مهينة للله‪ .‬هؤلء الهلة الذين تردوا من أي احترام ل‬
‫عز و جل ‪ ,‬فقد اتموه بأنه رب يأمر احد انبيائه بالزن كما جاء ف كتابم القدس ف سفر هوشع ف‬
‫الصحاح الول العدد الثان ‪ ((2 :1 :‬اول ما كلم الرب هوشع قال الرب لوشع اذهب خذ‬
‫لنفسك امراة زن و اولد زن لن الرض قد زنت زن تاركة الرب )) ‪ .‬فهل يرضى أي عاقل بأن‬
‫ينسب هذا الكلم ال خالق الكوان و بارئها؟؟‬
‫أيقول عاقل مؤمن أن ال العليم عز و جل جاهل؟؟ هذا ما قالوه عن ال كما جاء على لسان رسولم‬
‫بولس‪ ,‬هذا الرسول الذي ل يعرف أحد منهم نسبه حت يومنا هذا‪ ,‬فقد قال رسولم هذا ف رسالته‬
‫الول ال أهل كورنثيوس ف الصحاح الول العدد الامس و العشرين ‪ ,‬كورنثوس ‪ ((1:25‬لن‬
‫جهالة ال احكم من الناس ‪ .‬وضعف ال اقوى من الناس )) ‪.‬‬
‫نعم‪ ,‬هذا هو الكلم الذي يقدسه هؤلء الكفرة الذين ترؤوا على أكرم خلق ال صلى ال عليه و‬
‫سلم‪ .‬إل أي مدى وصل كفرهم و إل أي حد وصلت وقاحتهم؟؟ ل بل ل يتوقف هؤلء النصرون‬
‫الكذبة عند هذا الد‪ ,‬بل إنم أهانوا ال عز شأنه بقولم أن ال قد تصارع مع النب يعقوب عليه‬
‫السلم فغلبه يعقوب و أب أن يطلقه حت يغفر له!!!! هذا العبد الضعيف‪ ,‬يغلب ال كما يؤمنون و‬
‫يعتقدون و كما جاء ف التكوين ( الصحاح ‪ (( ) 23-32‬فبقى يعقوب وحده ‪ ,‬وصارعه إنسان‬
‫حت طلوع الفجر ‪ .‬ولا رأى أنه ل يقدر عليه ‪ -‬أي ليقدر على يعقوب ‪ -‬ضرب حُق فخذه ‪ -‬أي‬
‫فخذ يعقوب ‪ -‬فأنلع حُق فخذ يعقوب ف مصارعته معه ‪ .‬وقال الرب ‪ :‬أطلقن ‪ ,‬لنه قد طلع‬
‫الفجر ‪ ,‬فقال يعقوب ‪ :‬ل أطلقك إن ل تباركن ‪ ,‬فقال له ‪-‬الرب ‪ : -‬ما اسك ؟ فقال ‪ :‬يعقوب ‪.‬‬
‫فقال ‪ -‬الرب ‪ : -‬ليدعى اسك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل لنك جاهدت ‪ -‬أي صارعت ‪ -‬مع‬
‫ال والناس فقدرت ‪ ..‬وقال يعقوب ‪ :‬أخبن باسك ؟ فقال الرب ‪ :‬لاذا تسأل عن أسي ؟ وباركه‬
‫هناك ‪ .‬فدعا يعقوب اسم الكان فينئيل قائل ‪ :‬لن نظرب ال وجها لوجه ونيت نفسي )) ‪ .‬الرب‬
‫عندهم أيضا ليس بقوي‪ .‬أهانوه عندما قالوا عنه ف سفر الروج ف الصحاح الادي و الثلثي ف‬
‫لمَةٌ‬‫العدد السابع عشر أن ال تعب و استراح‪ .‬الروج ‪ُ (( 17: 31‬هوَ بَْينِي وَبَْينَ بَنِي إِ ْسرَائِي َل عَ َ‬
‫ح َوتََنفّس))‪ ,‬بينما‬ ‫ض وَفِي اْلَي ْومِ السّابِعِ ا ْسَترَا َ‬
‫إِلَى الَبَدِ َلّنهُ فِي سِتّةِ أَيّا ٍم صَنَ َع ال ّربّ السّمَاءَ وَا َل ْر َ‬
‫نؤمن نن السلمون أن ال قد خلق السموات و ألرض و ما مسه من لغوب و هو أقل أنواع التعب‬

‫‪314‬‬
‫ض َومَا بَْيَنهُمَا فِي سِتّةِ أَيّا ٍم َومَا‬
‫ت وَالَْأ ْر َ‬
‫كما نقرأ ف سورة ق ف قوله تعال ‪(( :‬وََلقَدْ خََل ْقنَا السّمَاوَا ِ‬
‫مَسّنَا مِنْ ُلغُوبٍ )) ‪ .‬أهكذا هو ال ف نظركم أيها النصرون؟؟‬
‫إذا كان هؤلء الكفرة قد سبوا ال و نسبوا إليه هذه الصفات الهينة الت ل نذكر لكم إل القليل منها‬
‫و ما خفي كان أعظم‪ ,‬فهل تردعهم أية أخلق أو أي احترام من أن يتطاولوا على أنبياء ال و هم‬
‫بشر؟؟ هل تدرون أيها العزاء العقلء ماذا يقول كتاب النصارى و اليهود عن سيدنا نوح عليه‬
‫السلم؟؟ أتعلمون أن نوحا كان سكيا و لعانا ف نظرهم؟؟ نعم‪ .‬هذا ما نقرأه ف سفر التكوين ف‬
‫الصحاح التاسع و العدد الرابع و العشرين‪ ,‬تكوين ((‪ 24 : 9‬فلما استيقظ نوح من خره علم ما‬
‫فعل به ابنه الصغي‪ 25‬فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لخوته))‪ .‬أهكذا يكون رجال ال الذين‬
‫اختارهم لداية البشرية و حل كلمه ال الناس؟؟ هل تصدقون أن نب ال لوط عليه السلم قد ت‬
‫اغتصابه حسب زعمهم و كذبم؟؟ نعم‪ ,‬لقد ت اغتصاب هذا النب‪ ,‬و من؟؟ من ابنتيه التي سقتا‬
‫ابيهما خرا فسكر و زنتا معه كما جاء ف سفر التكون ف الصحاح التاسع عشر‪ ,‬تكوين ‪(( : 19‬‬
‫‪ 30‬و صعد لوط من صوغر و سكن ف البل و ابنتاه معه لنه خاف ان يسكن ف صوغر فسكن ف‬
‫الغارة هو و ابنتاه ‪ 31‬و قالت البكر للصغية ابونا قد شاخ و ليس ف الرض رجل ليدخل علينا‬
‫كعادة كل الرض ‪ 32‬هلم نسقي ابانا خرا و نضطجع معه فنحيي من ابينا نسل ‪ 33‬فسقتا اباها‬
‫خرا ف تلك الليلة و دخلت البكر و اضطجعت مع ابيها و ل يعلم باضطجاعها و ل بقيامها ‪ 34‬و‬
‫حدث ف الغد ان البكر قالت للصغية ان قد اضطجعت البارحة مع اب نسقيه خرا الليلة ايضا‬
‫فادخلي اضطجعي معه فنحيي من ابينا نسل ‪ 35‬فسقتا اباها خرا ف تلك الليلة ايضا و قامت‬
‫الصغية و اضطجعت معه و ل يعلم باضطجاعها و ل بقيامها ‪ 36‬فحبلت ابنتا لوط من ابيهما ))‬
‫أبعد هذا الكفر كفر أيها النصرون؟؟‬
‫إن كل هذه التهم الت يطلقها هؤلء النصرون على أنبيائهم أنا تنبعث من خلفية جنسية شهوانية تدل‬
‫على توجه هؤلء الكفرة السفهاء‪ .‬فمثل إذا اراد الرب أن يعطي آية للناس فإنه يأمر نبيه أشعياء أن‬
‫يشي عاريا كاشفا لعورته لدة ثلثة سنوات كما نقرأ ف سفر أشعياء الذي هو من الكتب القدسة‬
‫عندهم بل و يتفاخرون ان هذا هو كلم ال‪ .‬فهل ل أن يأمر نبيا اصطفاه بأن يتعرى أمام الناس؟‬
‫سفر أشعياء ‪ 2 (( : 20‬ف ذلك الوقت تكلم الرب عن يد اشعياء بن اموص قائل اذهب و حل‬
‫السح عن حقويك و اخلع حذاءك عن رجليك ففعل هكذا و مشى معرى و حافيا ‪ 3‬فقال الرب‬
‫كما مشى عبدي اشعياء معرى و حافيا ثلث سني اية و اعجوبة على مصر و على كوش ‪ 4‬هكذا‬
‫يسوق ملك اشور سب مصر و جلء كوش الفتيان و الشيوخ عراة و حفاة و مكشوف الستاه خزيا‬
‫لصر))‪ .‬أهذا هو ال و هؤلء هم النبياء عندهم؟؟ إذا فإنه ليس بغريب عليهم أن يتطاولوا على‬
‫شخص رسولنا الكري صلوات رب عليه و على إخوانه من النبياء‪ .‬أذكر ف هذا القام الثل الصري‬

‫‪315‬‬
‫الشعب الذي يقول‪ :‬إذا جاء العيب من أهل العيب فل يكون ذلك عيبا‪ .‬هذا بالضافة ال كذب‬
‫هؤلء النصرين و اتاذهم شت الوسائل و الغريات لذب الناس ال دينهم و معتقدهم‪ ,‬تارة بادعاء‬
‫الحبة و الودة‪ ,‬و تارة ببذل الال بسخاء على ضحاياهم و ل يتورعوا عن اغراء من يعاديهم إما‬
‫بالال و إما بالنساء و ما خفي كان أعظم‪ ,‬و ذلك لنم يريدون أن يطفئوا نور ال فيد ال عليهم‬
‫بقوله‪ُ(( :‬يرِيدُونَ أَنْ يُ ْطفِئُوا نُورَ الّلهِ بِأَ ْفوَا ِههِ ْم وَيَ ْأبَى الّلهُ إِلّا أَنْ ُيتِمّ نُو َر ُه وََلوْ َك ِرهَ الْكَاِفرُو َن ))‬
‫( التوبة ‪.) 32‬‬
‫أما الشكلة ف هذا الوضوع فليس السؤال لاذا تجم هؤلء الكفرة على رسولنا الكري خاصة بعد أن‬
‫اطلعنا على بعض ما ينسبونه لنبيائهم‪ ,‬إنا السؤال الذي يطرح نفسه‪ ,‬يا من تدعون حبا ل و‬
‫رسوله‪ ,‬ماذا ستفعلون و قد أهي رسولكم صلى ال عليه و سلم‪ ,‬و أهي النبياء جيعا‪ ,‬بل إن‬
‫تطاولم قد نال من ال جل و عل؟؟ أنقف مكتوف اليدي مرددين الشعارات و خطب الستنكار أم‬
‫نتحرك لنصرة ديننا و لنصرة رسولنا و كل الرسل الذين سبقوه صلوات رب عليهم أجعي؟؟ ل بد‬
‫لنا من أخذ موقف و ل بد من أن نتحرك‪ ,‬و كما يقول الشاعر‪:‬‬
‫ل ينفع إن نن بقينا *** ننتظر النصر ليأتينا‬
‫إن قمنا ننصر بارينا *** فسينصرنا ال‬
‫هذا هو الذي دعان أن أكتب هذا الكلم‪ ,‬لفضح معتقد هؤلء الكفرة و لبي للناس كيف ينظر‬
‫هؤلء ال الرسل و النبياء ‪ ,‬حت نظرتم ل عز و جل‪ ,‬ماول كشف نواياهم البيثة الت يرمون من‬
‫خللا ال استفزاز مشاعر السلمي الذين يقرون ل القداسة‪ ,‬و يقرون لكل النبياء التنيه عن أي‬
‫تمة قد يلصقها هؤلء النصرون بأي واحد منهم سواء كان نبينا الكري أو أي نب جاء قبله و ذلك‬
‫لننا نؤمن بان رسالة كل النبياء واحدة كما قال رسول ال صلى ال عليه و سلم ‪((:‬النبياء إخوة‬
‫من علت وأمهاتم شت ودينهم واحد )) ( صحيح مسلم ‪. )4362‬‬
‫أخيا و ليس آخرا‪ ,‬أدعوا ال العلي القدير أن يتقبل منا هذا العمل ملصي له الدين و لو كره‬
‫الكافرون‪ ,‬و أسأله عز شأنه أن يعل كلمي هذا سببا لستنهاض السلمي للرد على كل من تسول‬
‫له نفسه الدنيئة أن يتطاول على ال و رسله و أنبيائه‪ .‬أقول قول هذا و أستغفر ال ل و لكم و‬
‫الصلة و السلم على سيدنا ممد و على أخوانه النبياء جيعا‪.‬‬
‫الوليات التحدة المريكية‬
‫=====================‬
‫وقفات مع الدث اللل‬

‫ممد بن عبيد الاجري‬

‫‪316‬‬
‫المد ل الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الشركون ‪ ،‬المد‬
‫ل الذي جعلنا من أمة ممد عليه الصلة والسلم خي أمة أخرجت الناس ترجهم من عبادة العباد‬
‫إل عبادة رب العباد ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له امت علينا بأن بعث إلينا رسول‬
‫من أنفسنا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والكمة ‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪ ،‬أفضل‬
‫الرسل ‪ ،‬وأخشى الناس وأتقاهم لربه ‪ ،‬أدى الرسالة ونصح المة وجاهد ف ال حق جهاده ‪ ،‬تركنا‬
‫على الحجة البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك ‪ ،‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫تسليما كثيا إل يوم الدين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫لا علم السلمون بذا الدث اللل ( سخرية إحدى صحف الدنارك بنبينا عليه الصلة والسلم )‬
‫التهبت مشاعرهم بب الرسول عليه الصلة والسلم واليان به ‪ ،‬وترسخت هذه العقيدة ف قلوبم ‪،‬‬
‫فدين ال وكتابه ورسوله أعظم من كل شيء ومقدم على كل شيء " قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم‬
‫وإخوانكم وأزواجكم وعشيتكم وأموال اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب‬
‫إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقي "‬
‫وف الصحيحي من حديث أنس رضي ال عنه قال عليه الصلة والسلم " ل يؤمن أحدكم حت‬
‫أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجعي" نعم لقد ترسخت عقيدة الولء ل ولرسوله‬
‫وللمؤمني ‪ ،‬والتبء من الكفار ومعاداتم ف قلوب السلمي ‪ ،‬كيف ل والسلمون يرددون ف كل‬
‫يوم أكثر من عشرين مرة " اهدنا الصراط الستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غي الغضوب عليهم‬
‫– وهم اليهود – ول الضالي – وهم النصارى " ولذا فيجب استغلل هذا الوقف وانتهاز الفرصة‬
‫مع هذه الشاعر والعاطفة الياشة عند السلمي بالتأكيد على عقيدة الولء والباء وترسيخها ف‬
‫قلوب الؤمني ‪.‬‬
‫هذه هي الوقفة الول من هذا الدث العظيم‬
‫الوقفة الثانية ‪:‬‬
‫إن ف الستهزاء والسخرية بنبينا أفضل البشرية عليه الصلة والسلم إهانة للمسلمي ‪ ،‬وما فعلوه‬
‫أيضا من قبل إذ أهانوا الصحف ومزقوه وعذبوا السجناء والسرى بغي تمة ول دعوى ‪ ،‬كل ذلك‬
‫إهانة للمسلمي وأي إهانة ؟!‬
‫ولنعلم يقينا أنم ينطلقون من منطلق عقدي دين ‪ ،‬ليس المر مصال سياسية أو مالية أو شخصية‬
‫فقط ‪ ،‬بل هي حرب صليبية على السلم والسلمي كما نطقت بذلك ألسنتهم ‪ ،‬بل وشهد عليهم‬
‫بذلك الواقع‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫نعم ؛ إن السلمي ل يصلوا إل ما وصلوا إليه الن من الستخفاف بدينهم وكتابم ورسولم إل‬
‫لجل أنم ضيعوا دينه وتركوا تكيم كتابه وسنة نبيه ‪ ،‬واستبدلوها بالقواني الوضعية ‪ ،‬ولذلك‬
‫تفرقوا بعدما كانوا أمة واحدة تابم العداء ‪ ،‬أصبحوا دويلت ضعيفة ‪ ،‬وقد ورد ف سنن أب داود‬
‫من حديث ابن عمر رضي ال عنهما قال عليه الصلة والسلم " إذا تبايعتم بالعينة وأخذت أذناب‬
‫البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الهاد سلط ال عليكم ذل ل ينعه حت ترجعوا إل دينكم"‬
‫فلقد بي الديث أن الناس إذا انشغلوا بالدنيا وتعاملوا بالربا وتركوا الهاد ف سبيل ال سلط ال‬
‫عليهم ذل ل ينع عنهم حت يرجعوا إل دينهم ‪ ،‬وهذا توصيف دقيق من النب عليه الصلة والسلم‬
‫لال السلمي اليوم ‪ ،‬فلقد انشغلوا بالدنيا وتعاملوا بالربا وتركوا الهاد ف سبيل ال ‪ ،‬بل شوه‬
‫إعلمهم صورة الهاد ف سبيل ال حت أضحى من يتحدث عن الهاد يتهم بالرهاب ويوصم به ‪،‬‬
‫مع أنك لو تصفحت كتاب ال لوجدت أن ال ذكر كلمة الهاد أكثر من مائة مرة بل أكثر من‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة ‪ :‬الكفر ملة واحدة‬
‫حيث تداعت المم والدول على إعانة دولة الدنارك الكافرة لتشد من أزرها وتقف ف صفها ‪،‬‬
‫وتصرياتم قد امتلت با وسائل العلم ‪ ،‬وهذا إن دل فإنا يدل على أنم على عقيدة واحدة ‪،‬‬
‫وهي عقيدة اليهود والنصارى " ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى حت تتبع ملتهم " عقيدتم‬
‫"ول يزالون يقاتلونكم حت يردوكم عن دينكم إن استطاعوا "‬
‫نعم إنم وجوه عديدة لعملة واحدة هي الرب على السلم والسلمي‪ ،‬وهم يتخذون ف ذلك‬
‫وسائل عديدة ‪:‬‬
‫‪ ،،،‬جيوش جرارة تغزو بلد السلمي ‪ ،‬تدك بيوتم ‪ ،‬تسرق أموالم ‪ ،‬تقتل أطفالم ‪ ،‬تغتصب‬
‫نساءهم ‪ ،‬وما فلسطي وأفغانستان والعراق عنا ببعيد ‪.‬‬
‫‪ ،،،‬إعلم حاقد فاسد يقلب القائق ويكذب زورا ليظهر أن حضارتم هي حضارة الرية وأنم دعاة‬
‫السلم ‪ ،‬وغيهم من السلمي دعاة للباطل والظلم ‪.‬‬
‫‪ ،،،‬جانب آخر يغزون به جيل هذه المة من شباب وشابات ‪ ،‬حيث أغروهم بالفساد والشهوة‬
‫والنس من خلل إعلم مسموع ومقري ومرئي ‪ ،‬فما هذه القنوات الفاضحة والواقع الباحية‬
‫والجلت الليعة إل وسيلة من وسائل حربم على السلم والسلمي ‪ ،‬وما انتشار الزنا والربا‬
‫والغناء والفساد ف متمعات السلمي إل نتاج عملهم الدؤوب على إفساد السلمي ‪.‬‬
‫الوقفة الرابعة ‪:‬‬
‫انظر لليهود والنصارى كيف تآزروا وتعاونوا على باطلهم ‪ ،‬والسلمون فيما يصيبهم من الصائب‬
‫كل يغن على ليله ‪ ،‬إل من رحم ال ‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫الوقفة الامسة ‪:‬‬
‫انقلب الوازين عند هذه الضارة الغربية حضارة اليهود والنصارى ‪ ،‬حيث يعتدون على السلمي ف‬
‫بلدهم فيغزونا ‪ ،‬وف أموالم فيسرقونا ‪ ،‬وف أعراضهم فينتهكونا ‪ ،‬وف دينهم فيمزقون مصحفهم‬
‫ويسبون نبيهم ‪ ،‬وهم ف ذلك يدعون أنم ياربون الرهاب ‪ ،‬وأنم دعاة السلم وحقوق النسان ‪،‬‬
‫ومن يقف أمام سلمهم هذا فيدافع عن دينه وعرضه فهو الرهاب‬
‫بق ؟!! ول يقل جرما عنه من يفضح كذبم ويبي باطلهم وزيف إعلمهم !!‬
‫إن كلمة الرهاب هم أول من روج لنتشارها ‪ ،‬حت يبروا با غزوهم للعال ‪ ،‬عفوا ! حت يستروا‬
‫با جشعهم وطمعهم بل حقدهم وحسدهم " قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم أكب‬
‫قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون " قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون ‪.‬‬
‫لقد أرادوا الرب على السلم فقالوا الرب على الرهاب ‪ ،‬نعم لقد أرادوا الرب على الهاد‬
‫فقالوا الرب على الرهاب ‪ ،‬والسبب واضح فكلمة الهاد مبوبة للمسلمي فاستبدلوها بالرهاب‬
‫تعمية على السلمي وهذا ضمن خططهم العلمية البيثة ‪ ،‬هذا وإن من الؤسف له أن استخدمها‬
‫بعض من هم من جلدتنا على نفس منوالم ‪ ،‬ولو أردنا أن نتفحص هذه الكلمة وندقق النظر فيها‬
‫لوجدنا أن ال يقول ف كتابه " وأعدوا لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل ترهبون به عدو ال‬
‫وعدوكم " فذكر ال "ترهبون" ما يدل على أن إرهاب العداء مقصود شرعي ‪ ،‬فتبي أن كلمة‬
‫الرهاب كلمة مدوحة إذا كانت موجهة للعداء على خلف ما روجت له حضارة اليهود‬
‫والنصارى ‪.‬‬
‫الوقفة السادسة ‪:‬‬
‫إن من يطعن ف صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم أو يسبهم أو يطعن ف أزواجه كما يدث ف‬
‫هذه اليام خاصة من شهر ال الحرم ما تفعله الرافضة ‪ ،‬هو ف حقيقة أمره يطعن ف نبينا عليه‬
‫الصلة والسلم وف دينه ‪ ،‬أرأيت لو أن أحدا طعن ف زوجتك أو سبها أوكأنا طعن فيك وسبك ‪،‬‬
‫وف الصحيحي من حديث أب سعيد الدري رضي ال عنه قال عليه الصلة والسلم "ل تسبوا‬
‫أصحاب فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه "‬
‫الوقفة السابعة ‪:‬‬
‫ليس الطلوب فقط من السلمي سحب السفراءأو طردهم ‪ ،‬أو مقاطعة منتجات الدنارك ‪ ،‬أو قطع‬
‫العلقات القتصادية او السياسية معهم ‪ ،‬نعم إن ذلك أمر مطلوب ومهم ؛ لكن المر أكب من ذلك‬
‫لو كان للمسلمي من ينتصر لرسولم عليه الصلة والسلم بالقوة والهاد ف سبيله ‪ ،‬كما ورد ف‬
‫البخاري من حديث جابر رضي ال عنه قال عليه الصلة والسلم " من لكعب بن الشرف ؟ فإنه‬
‫قد آذى ال ورسوله " فانتدب له ممد بن مسلمة فقتله ‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫إن ما يطلب من السلمي اليوم حكومات وشعوبا الرجوع إل دين ال وسنة نبيه عليه الصلة‬
‫والسلم وتطبيق أحكامهما ف جيع نواحي الياة ‪ ،‬وعلى عموم السلمي الطالبة بذلك ‪.‬‬
‫وما ينبغي ان يهتم به السلمون أيضا تعلم دينهم وتعليمه ‪ ،‬ومعرفة سنة نبيهم واللتزام با ‪ ،‬ومن‬
‫ذلك معرفة نبينا عليه الصلة والسلم وماله علينا من حقوق وواجبات ‪.‬‬
‫وما لبد أن يعلمه كل مسلم أن من استهزأ بال او آياته أو كتابه أو دينه أو نبيه كفر بال إن كان‬
‫مسلما ‪ ،‬وإن كان كافرا له مع السلمي عهد انتقض عهده ووجب قتله ‪.‬‬
‫وأيضا ورد ف الصحيحي أن النب عليه الصلة والسلم دعا على رعل وذكوان وعصية لا اشتد‬
‫أذاهم على السلمي ‪ ،‬فل أقل من أن يرفع السلم يديه داعيا ربه أن يهلك من سخر من ربنا أو ديننا‬
‫أو كتابنا أو رسولنا ‪.‬‬
‫وما يطلب من السلمي أيضا خاصة من أصحاب الموال والؤسسات والشركات أن يتكاتفوا‬
‫ويتعاونوا على الستغناء عن غي السلمي ف ما نتاجه من لوازم الياة ‪ ،‬وقد ظهرت بوادر ذلك‬
‫لكنها نسبة ضئيلة جدا تتاج لثابرة وعزية واجتهاد ‪.‬‬
‫وتدر الشارة إل أنه ينبغي للمسلم أن يعتاد على اقتناء ما هو من صنع السلمي ويفضله على غيه‬
‫ما استطاع إل ذلك سبيل ‪.‬‬
‫الوقفة الخية ‪:‬‬
‫يب توجيه هذا الشعور الغاضب عند السلمي ودفعه ضد كل من يسب ديننا أو يصد عنه من هذه‬
‫الدول الكافرة ‪ ،‬أل ترى إل هذه الضارة الغربية بزعامة الدول القوية ‪ :‬أمريكا ومن لف لفها أنم‬
‫يعملون ليل نار على الصد عن دين ال والطعن فيه وف كتابه ورسوله ما هو من مثل سخرية‬
‫الدنارك ‪ ،‬بل هو أكثر من ذلك وأعظم ؟!!‬
‫اللهم أعز السلم والسلمي وأذل الشرك والشركي ودمر أعداءك أعداء الدين ‪،‬اللهم انصر دينك‬
‫وكتابك وعبادك الؤمني ‪،‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب‬
‫العالي ‪.‬‬
‫كتبه ‪ /‬ممد بن عبيد الاجري‬
‫شهر ال الحرم ‪ 1427‬هـ‬
‫====================‬
‫وقفات مع القاطعة‬

‫‪6/1/1427‬‬
‫د‪.‬خالد بن عثمان السبت‬

‫‪320‬‬
‫المد ل رب العالي‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف الرسلي‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذه وقفات مع هذا الدث قصدت با الذاكرة معكم معاشر ال ُغيُر على ِعرْض رسول ال _صلى‬
‫ال عليه وسلم_‪ ،‬فأسأل ال أن ينفع با‪.‬‬
‫الوقفة الول‪ :‬إن ما رأيناه أو طرق أساعنا من ترك واسع تداعى الناس فيه إل الذب عن نبينا الكري‬
‫_عليه الصلة والسلم_ سواء كان ذلك بإلقاء الطب أو الحاضرات‪ ،‬أو عقد الندوات‪ ،‬أو الدعوة‬
‫إل مقاطعة الدنارك والنرويج تاريا حت ضحّى كثي من خيار التجار السلمي ببعض ما بأيديهم‬
‫نصرة لدينهم فنسأل ال أن يعوضهم خيا‪ ،‬إل غي ذلك من الهود الطيبة يُعد من العمل الصال‬
‫الذي يدل على إيان نابض‪ ،‬وغية شرعية على عرض صاحب الرسالة _عليه الصلة والسلم_‬
‫يُحمدون عليها ويُثابون‪.‬‬
‫الوقفة الثانية‪ :‬ف مثل هذه الحداث والتداعيات يتاج الناس إل مرجعية موثوقة يتلقون منها التوجيه‬
‫لتحقق الهداف وتنتفي الفاسد والحاذير‪ ،‬ول يصح بال من الحوال أن يكون كل أحد ف مقام‬
‫الوجه عب رسائل ينشئها عب الوال أو غي ذلك من الوسائل فتحملهم الغية على ارتكاب بعض‬
‫الحاذير والخالفات الشرعية كما سنبي‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة‪ :‬يب على السلم التثبت والتريث فل يُقدم على أمر حت يتبينه‪ ،‬ويتوثق منه‪ ،‬وذلك أننا‬
‫باجة إل تييز كثي ما يرد إلينا من رسائل أو ما يُنشر ف الشبكة العنكبوتية أو ما نسمعه ف‬
‫الجالس‪ ،‬أو غي ذلك ما يتعلق بوانب متعددة‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ – 1‬التحقق من نسبة النتَج إل أولئك كي ل نقع ف شيء من الظلم لحد من السلمي أو غيهم‪،‬‬
‫وهنا قد تدخل النافسات بي الشركات ويبدأ تصفية السابات فنصيب قوما بهالة‪.‬‬
‫‪ – 2‬قد يكون لم شراكة ف بعض النتجات ث زالت وتول المر إل غيهم وهو أمر ل بد من‬
‫معرفته لئل نُلحق بأحد ضررا من هذه الهة‪.‬‬
‫‪ – 3‬ربا كان التصنيع برمته ف بلد السلمي إل أن الصنع حصل على ترخيص من شركة هناك‬
‫فمثل هذا تكون القاطعة فيه عقابا لصاحب الصنع وهذا غي مراد‪.‬‬
‫‪ – 4‬الندفاع غي النضبط قد يمل صاحبه على دعوة الناس إل أمور ل يُقرون عليها كمن يدعو‬
‫إل توحيد الصيام والدعاء ف يوم بعينه‪ ،‬أو يدعو إل نشر رسالة مكذوبة يزعم متلقها أنه رأى‬
‫الرسول _صلى ال عليه وسلم_ ويذكر أمورا ويطالب بنشرها إل عشرة أشخاص وأنه سيى بعد‬
‫أربعة أيام – إن فعل – أمرا يسره‪ ،‬وإن ل يفعل رأى أمورا تسوؤه‪.‬‬
‫وقد يدعو بعضهم إل مظاهرة ف البلد الت ل تسمح بذلك‪ ،‬أو أذية للشخاص الذين ينتسبون إل‬
‫ذلك البلد لجرد انتسابم إليها دون أن يكون لم جرم‪ ،‬وهذا كله ل يسوغ‪ ،‬بل يؤدي إل مفاسد‬
‫أعظم كما ل يفى‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫‪ – 5‬التحقق من صحة الخبار الت تصل إلينا‪ ،‬ول يسوغ أن ننشر شيئا من ذلك إل بعد التأكد من‬
‫صحته‪.‬‬
‫‪ – 6‬التوثق والتحري فيما قد يُنشر ف بلد أخرى من هذه الرسومات أو غيها فنفرق بي من فعل‬
‫ذلك على وجه الستهزاء والكابرة‪ ،‬وبي من فعله قاصدا بذلك نقل الب (مع عدم إقرار هذا‬
‫الصنيع)‪.‬‬
‫الوقفة الرابعة‪ :‬ينبغي أن يكون لدينا أهداف واضحة ومطالبات مددة‪ ،‬فهذه القاطعة إل أي مدى‬
‫ستنتهي؟ هل نكتفي باعتذار الرسام‪ ،‬أو الصحيفة‪ ،‬أو ل بد من اعتذار الكومة‪ ،‬أو نطالب مع ذلك‬
‫كله بحاكمة الرسامي ورئيس التحرير‪ ،‬أو نطالب بتسليمهم لحاكمتهم شرعا وإقامة حكم ال‬
‫فيهم؟‬
‫الوقفة الامسة‪ :‬ل ينبغي تذيل الناس وتوهي عزائمهم تارة بدعوى عدم جدوى القاطعة‪ ،‬وتارة بأن‬
‫ذلك ل يقع حينما أهينت أوراق الصحف‪ ،‬إل غي ذلك ما قد يُقال‪ ،‬لكن ينبغي أن يُعلم أن آثار‬
‫القاطعة ظهرت جلية على ألسنة القوم وف اقتصادهم‪ ،‬وأما القول بأن هذا التحرك ل يقع عندما‬
‫اعتُدي على القرآن الكري فنقول‪ :‬إن الضعف والتفريط ف جانب ل يعن أن نفرط ف الوانب‬
‫الخرى‪ ،‬فإذا حصل تقصي ف النتصار للقرآن فليس معن ذلك أن نذل الناس عن النتصار لرسول‬
‫ال _صلى ال عليه وسلم_‪.‬‬
‫الوقفة السادسة‪ :‬التحليل والتحري إنا يكون من قِبَل الشارع‪ ،‬ول يوز أن نُلزم الناس بأمر ل يُلزمهم‬
‫ال به‪ ،‬فل يسوغ إطلق عبارات نُحرم فيها بيع بضائع هؤلء أو نوجب شرعا مقاطعة منتجاتم‪،‬‬
‫ومعلوم أن البيع والشراء مع الكفار جائز شرعا حت الرب منهم‪ ،‬لكن نقول‪ :‬القاطعة القتصادية ف‬
‫هذا العصر سلح مؤثر ومن هنا نث الناس على ذلك لكن ل نقول بوجوبه أو نؤث من عاملهم‪.‬‬
‫الوقفة السابعة‪ :‬الذر الذر من رد باطلهم بباطل مثله‪ ،‬وإنا ذكرت ذلك لا رأيت إحالة ف أحد‬
‫النتديات على رابط يتضمن إساءة لعيسى _عليه السلم_‪ ،‬وهذا جُرم عظيم قد يفعله بعض من ل‬
‫خلق له من اليهود ونوهم‪ ،‬وقد تصدر بعض هذه الماقات من جهلة ل يراقبون ال ف أقوالم‬
‫وأفعالم كما ذكر شيخ السلم(‪ )1‬عن بعضهم أنه ربا أعرض عن فضائل علي _رضي ال عنه_‬
‫وأهل البيت لا رأى غلو الرافضة فيهم وتنقصهم للشيخي _رضي ال عن الميع_‪ ،‬ونقل عن بعض‬
‫الهلة أنه قال‪:‬‬
‫سُبّوا عليا كما سبّوا عتيقكم ‪... ...‬‬
‫كفرٌ بكفر‪ ،‬وإيان بإيان‬

‫‪322‬‬
‫كما ذكر أن بعض السلمي يُعرض عن فضائل موسى وعيسى _عليهما السلم_ بسبب اليهود‬
‫والنصارى حت حُكي عن بعض الهال أنم ربا شتموا السيح عليه السلم حي سعوا النصارى‬
‫يشتمون نبينا ممدا _صلى ال عليه وسلم_ ف الرب‪.‬‬
‫الوقفة الثامنة‪ :‬إذا كان الطلوب هو مقاطعتهم لا يصل من جراء ذلك من تأثي اقتصادي عليهم فإن‬
‫هذا يتوجه إل من يستورد منهم البضائع وقد ل يرتدع بعض هؤلء إل إذا رأى بضاعته الت‬
‫استوردها كاسدة ف السواق‪ ،‬لكن من عُلم منه الصدق بأنه عزم على عدم الستياد منهم مستقبلً‪،‬‬
‫أو أنه ل يشتري هذه البضائع من مستورديها ف الستقبل‪ ،‬فهل نطالب مثل هؤلء بإتلف ما بوزتم‬
‫من بضائع قد صُنعت ف تلك البلد؟ فهذا موضع ينبغي التفريق فيه بي هذه الحوال‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫الوقفة التاسعة‪ :‬علينا أن نوحد الهد لتكون القاطعة حاليا للدنارك والنرويج‪ ،‬دون أن نشتت ذلك‬
‫بالطالبة بتوسيع نطاقها وإل فإن ذلك سيؤدي إل تلشيها‪ ،‬ولكن يكن بعد أن تتحقق أهدفا القاطعة‬
‫أن يُنظر ف توجيهها لغيهم‪.‬‬
‫الوقفة العاشرة‪ :‬ل يوز للمسلم ف مثل هذه المور أن يكون جسرا ومعبا لتلك الرسومات فيساعد‬
‫على نشرها حينما يتحدث عن هذا الوضوع بعرضها على الناس فيسيء وهو ل يشعر‪.‬‬
‫الوقفة الادية عشرة‪ :‬ينبغي استغلل هذا الدث ف داخل الجتمعات السلمية‪ ،‬وخارجها‪ ،‬أما‬
‫الداخل فبمطالبة الناس بالتمسك بسنة النب _صلى ال عليه وسلم_ واتباعها‪ ،‬وبإحياء سيته بينهم‪،‬‬
‫وبيان حقوقه وما إل ذلك‪ ،‬عب دروس وماضرات وخطب وبرامج ومسابقات‪ ،‬إضافة إل إحياء‬
‫عقيدة الولء والباء‪ ،‬وبيان عداوة الكفار وبطلن ما يتشدقون به من التسامح واحترام الديان‪...‬‬
‫إل‪ ،‬وأما ف الجتمعات الكافرة فبتعريفهم بحاسن دين السلم‪ ،‬وشائل نب الدى _صلى ال عليه‬
‫وسلم_ وسيته العطرة‪.‬‬
‫الوقفة الثانية عشرة‪ :‬وافق وقوع هذه القاطعة لدولة ليست قوية‪ ،‬كما أنا قليلة السكان‪ ،‬وما يستورد‬
‫منها قليل أيضا مقارنة ببعض الدول الشرقية أو الغربية‪ ،‬وهي فرصة مناسبة للجميع بأن يُظهروا‬
‫تضامنهم ويُوحّدوا وجهتهم‪ ،‬وبذا يكنهم أن يبعثوا رسالة واضحة للعال أجع أنم ل يقبلون الساس‬
‫بدينهم ومعتقداتم ومقدساتم‪ ،‬وأنم أمة حية صاحبة رسالة تعيش وتوت من أجلها‪ ،‬وبذا أيضا‬
‫يكن أن نستعيد قدرا من الثقة لدى السلمي بعد أن توالت عليهم الزائم ف متلف اليادين فيحصل‬
‫شيء من الشعور بالعزة اليانية‪ ،‬ومن هنا يكن أن نشتت بعض الهود الرامية إل إغراق المة‬
‫بالشكلت‪ ،‬والشبهات والشهوات‪ ،‬لتكون أمة لهية عابثة ل هدف لا ف هذه الياة‪.‬‬
‫______________‬
‫(‪ )1‬الفتاوى ‪.26 – 6/25‬‬
‫=====================‬

‫‪323‬‬
‫وقفات مع انتفاضة المة‬

‫ياسر بن عبدال السليم‬


‫? الوقفة الول‪ :‬السلمون ‪ -‬على مر العصور ‪ -‬ل يزالون يتعرضون لنواع من البليا على أيدي‬
‫البغاة من الكفرة وأذنابم‪ ،‬الذين يصبون جام حقدهم على السلم وأهله بقصد مو السلم من‬
‫الوجود‪ ،‬وقد أرشد ال تعال السلمي ف هذه الالة إل الصب مع التزام التقوى بعدم مداهنة أولئك‬
‫الاقدين‪ ،‬وعدم الركون إليهم‪ .‬فقال تعال‪{ :‬لتبلون ف أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا‬
‫الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيا وإن تصبوا وتتقوا فإن ذلك من عزم المور}‪ ،‬آل‬
‫عمران‪.186 :‬‬
‫قال الشيخ عبدالرحن الدوسري ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ف تفسيه لذه الية‪« :‬فمزج سبحانه بي الصب‬
‫والتقوى حت ل ير الصب إل ما يس العقيدة من التساهل على حسابا»‪.‬‬
‫واعلم ان الصب ليس صفة سلبية‪ ،‬تلب الستسلم والستكانة‪ ،‬والتعلل بالقدر مع ترقب زوال الحن‬
‫بدون عمل ومعالة وجهاد كما يراه العجزة والهال‪ ،‬الذين ل يعرفون حقيقة شرع ال ودينه؛ وإنا‬
‫الصب صفة إيابية أساسها الثبات ف مقاومة مثل هذه الجمات والملت القذرة‪ ،‬واتاذ الوسائل‬
‫اللئمة للكفاح‪ ،‬حت تتحطم جيع قوى البغي والظلم والضلل والنراف‪.‬‬
‫? الوقفة الثانية‪ :‬يب على مسلم عرف شاله من يينه‪ ،‬أن يشمر ف طلب معرفة دينه‪ ،‬ومنه معرفة‬
‫حقوق نبينا الكري عليه الصلة والسلم وهي كثية‪ ،‬منها‪ :‬اليان الصادق به صلى ال عليه وسلم‬
‫قولً وفعلً‪ ،‬وتصديقه ف كل ما جاء به‪ ،‬ووجوب طاعته والذر من معصيته‪{ ،‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫أطيعوا ال ورسوله ول تولوا عنه وأنتم تسمعون}‪ ،‬النفال‪.20 :‬‬
‫كما يب إنزاله منلته الت أنزله ال بل غلو ول تقصي‪ ،‬واتاذه قدوة وأسوة ونصر دينه‪ ،‬والذب عن‬
‫سنته‪ ،‬والصلة عليه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫? الوقفة الثالثة‪ :‬يب على كل مسلم يب نبيه صلى ال عليه وسلم أن يعلم أن لحبته علمات‪،‬‬
‫تظهر ف القتداء به‪ ،‬واتباع سنته وامتثال أوامره‪ ،‬واجتناب نواهيه‪ ،‬والتأدب بآدابه‪ ،‬فهو صلى ال‬
‫عليه وسلم كان يصلي الرواتب اثنت عشرة ركعة‪ ،‬وكان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء‬
‫ال‪ ،‬وكان يصوم ‪ -‬غي رمضان ‪ -‬ثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬وكان صلى ال عليه وسلم يصوم حت‬
‫يقال‪ :‬ل يفطر‪ ،‬ويفطر حت يقال‪ :‬ل يصوم‪ ،‬وكان يكثر الصدقة‪ ،‬وكان أحسن الناس خلقا‪،‬‬
‫وأحسنهم عشرة‪ ،‬وأشدهم خشية ل‪ ،‬وكان أجود الناس بالي‪ ،‬وكان أكرم الناس‪ ،‬وأشجع الناس‪،‬‬
‫وأرحم الناس‪ ،‬وأعظمهم تواضعا وعدلً وصبا ورفقا وعفوا وحلما‪ ،‬وأشدهم حياء‪ ،‬وثباتا على‬
‫الق‪ ،‬ول ينتقم لنفسه ول يغضب لا‪ ،‬ولكنه إذا انتهكت حرمات ال‪ ،‬فإنه ينتقم ل تعال‪ .‬وكان‬

‫‪324‬‬
‫أزهد الناس ف الدنيا‪ ،‬يصف نعليه ويرقع ثوبه ويدم أهله ويلب شاته‪ ،‬وكان صلى ال عليه وسلم‬
‫أكثر الناس تبسما‪ ،‬ويزح ول يقول إل حقا‪ ،‬ول يتكلم من غي حاجة‪ ،‬وكان يأمر بالرفق ويث‬
‫عليه‪ ،‬وينهي عن العنف‪ ،‬وكان ملسه‪ :‬ملس علم وحلم وحياء وأمانة وسكينة‪ ،‬ل ترفع فيه‬
‫الصوات‪ ،‬ول تنتهك فيه الرمات‪ .‬يوقر الكبي‪ ،‬ويرحم الصغي‪ ،‬ويؤثر الحتاج‪ ،‬وكان يلس على‬
‫الرض ويأكل عليها‪ ،‬ومر صلى ال عليه وسلم بصبيان يلعبون فسلم عليهم‪ ،‬وكان ل يصافح النساء‬
‫غي الحارم‪ ،‬ول يكن فاحشا ول متفحشا ول صخابا‪ ،‬وما ُخيّر بي أمرين إل اختار أيسرها ما ل‬
‫يكن إثا‪ ..‬ومع هذا كله‪ ،‬فقد كان صلى ال عليه وسلم يقول‪« :‬سددوا وقاربوا واعلموا انه لن‬
‫ينجوا أحد منكم بعمله» قالوا‪ :‬ول أنت يا رسول ال؟ قال‪« :‬ول أنا‪ ،‬إل أن يتغمدن ال برحة منه‬
‫وفضل»‪ .‬وكان يكثر من أن يقول «يا مقلب القلوب ثبت قلب على دينك»‪.‬‬
‫هذه قطرات قليلة موجزة من بر حياته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هي لكل مسلم حريص على اقتفاء‬
‫أثره‪ ،‬واتباع سنته‪ ،‬قال المام الشيخ عبدالعزيز بن باز ‪ -‬رحة ال تعال عليه ‪« :-‬اتباع السنة فيه‬
‫الي والبكة والسعادة ف الدنيا والخرة» مموع الفتاوى (‪.)11/177‬‬
‫? الوقفة الرابعة‪ :‬إن ما أبج النفوس‪ ،‬وأسعد القلوب؛ انتفاضة المة لا حدث من تلك الصحف‬
‫الدناركية من استهزاء بسيد اللق عليه الصلة والسلم‪ ،‬فأعلن السلمون بكل عزة وقوة رفضهم‬
‫لفعلة أولئك‪ ،‬وحولوا ذلك العلن إل فعل طبقوه على أرض الواقع‪ ،‬فرأينا الصحف امتلت‬
‫بالقالت الت سطرها الغيورون‪ ،‬وصدح الطباء من على النابر يبينون قبح فعل أولئك ويوضحون‬
‫الطلوب من السلمي‪ ،‬وازدحم الفضاء برسائل الوال الت تناقلها الحبون لحمد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ورأينا رجال العمال وأصحاب الحلت يعلنون مقاطعة الدنارك فخلت رفوف الحلت من‬
‫منتجاتم‪ ،‬وقام الناس بالمتناع عن شراء أي منتج منها‪ ،‬حت الطفال رفضوا شراء «البنة» الت‬
‫يبون‪ ،‬ليعلم أولئك ان السلمي عند انتهاك ثوابتهم أو الساس برماتم ‪ -‬أو ماولة ذلك فقط ‪-‬‬
‫يثبون وثبة ثابتة‪ ،‬ينجر با أولئك الاقدون‪.‬‬

‫? الوقفة الامسة‪ :‬ل يفوتن أن أشكر حكومتنا الباركة ‪ -‬حرسها ال ‪ -‬حي فعلت الطلوب فعله‬
‫حيال هذا المر‪ ،‬وهذا غي مستغرب من دولة تكم بشرع ال تعال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وعلى ذلك بايعها الواطنون الخلصون‪.‬‬
‫? الوقفة الخية‪ :‬نداء إل وسائل العلم ورجاله القائمي عليه ف بلدنا الباركة‪ ،‬فلقد أصبح لزاما‬
‫عليهم حاية الق‪ ،‬وإقامة الثل العليا‪ ،‬ونشر سنة الصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن تكون غايتهم‬
‫تذيب البشرية‪ ،‬وأل يلبسوا الق بالباطل‪ ،‬والي بالشر‪ ،‬وأن يعملوا على نشر السلم والعقيدة‬

‫‪325‬‬
‫الصحيحة كما جاءتنا عن طريق الوحي‪ ،‬وبلغنا با رسولنا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وسلفه الصال من‬
‫بعده‪ ،‬وأن يسعوا جاهدين للنتصار للسلم ولنبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بالكمة والوعظة السنة‪.‬‬
‫=====================‬
‫ولينصرن ال من ينصره"‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬باسم عبد ال عالِم*‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫الزاوية‪ :‬صناعة الياة‬
‫كنت ولزلت أتثل حال الرجال والنساء القائمي على الثغور ف أرض الرباط‪ ،‬بتلك اللحظات‬
‫العصيبة الت واجه فيها سيدي رسول ال صلى ال عليه وسلم صناديد الكفر التكبين على الق‪،‬‬
‫الذين جاءوا بقضهم وقضيضهم لستئصال الدين وأهله ف بدر‪ .‬وهاهي البقعة الطاهرة الت ارتوت‬
‫بدماء الشهداء تتجلى ف ميلت‪ ،‬وكأن برسول ال صلى ال عليه وسلم رافعا يديه حت انكشف‬
‫بياض أبطيه الشريفي وهو يناجي ربه (اللهم إن تلك هذه العصابة فلن تعبد ف الرض أبدا) وهاهو‬
‫الصدّيق (رضي ال عنه) الذي عادل إيانه إيان المة منذ نشأتا حت قيام الساعة‪ ،‬يقف خلف حبيبه‬
‫ماولً إعادة العباءة الت سقطت عنه وهو الشفق الحب مؤكدا له تطييبا وتطمينا بأن ال منجز وعده‬
‫وبأن هذه العصابة لن تذل بإذن ال تعال‪ .‬وإذا كان التمكي ل يكون إل بعد التمحيص والبتلء‬
‫فإن ما حدث لذه العصابة الباركة من الهاجرين السابقي قبل هجرتم ليس إل مقدمة ومتطلبا‬
‫لنصرتم وإخوانم من النصار‪ .‬ولعل سورة الشر الت منّ فيها ال سبحانه وتعال من خللا على‬
‫السلمي بالنصر على اليهود وجلئهم عن (طيبة الطيبة) إذ يقول سبحانه وتعال‪( :‬هو الذي أخرج‬
‫الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لول الشر ما ظننتم أن يرجوا وظنوا أنم مانعتهم‬
‫حصونم من ال فأتاهم ال من حيث ل يتسبوا وقذف ف قلوبم الرعب يربون بيوتم بأيديهم‬
‫وأيدي الؤمني فاعتبوا يا أول البصار*صدق ال العظيم*) ما هي إل تتويا لعنصريّ النصر اللي‪.‬‬
‫فما جاءت هذه النة الربانية سواء ثثلت ف نصرة ال لرسوله والؤمني ف بدر أو تثلت ف إجلء‬
‫اليهود عن الدينة إل بعد أن تقق البتلء وت التمحيص (العنصر الول) الذي ميّز الؤمني الصادقي‪،‬‬
‫وتل صدق اليان صدق العمل بوجبه من خلل نصرة النب صلى ال عليه وسلم (العنصر الثان)‪.‬‬
‫فيقول جل من قائل مبينا مقدمات النصر والنة الربانية ف العنصرين الرئيسيي‪( :‬وللفقراء والهاجرين‬
‫الذي أخرجوا من ديارهم وأموالم يبتغون فضلً من ال ورضوانا وينصرون ال ورسوله أولئك هم‬
‫الصادقون والذين تبوءا الدار واليان من قبلهم يبون من هاجر إليهم ول يدون ف صدورهم حاجة‬
‫ما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم الفلحون‬

‫‪326‬‬
‫*صدق ال العظيم*)‪ .‬ولشك ف أن الثال الذي ذهبت إليه ل يقتضي الساواة ف مقام السبقية‬
‫ولكنه يوضح سنة ال سبحانه وتعال ف العركة الدائمة بي الي والشر وبي الكفر واليان‪.‬‬
‫واليوم نشهد طلئع النصر وقد منّ ال عليها بأول مراحل التمكي بعد عناء وابتلء وتحيص قدّم فيه‬
‫أبناء فلسطي البيبة أعظم التضحيات ف سبيل ال وهم القائمون على الق ل يضرهم من خذلم‪.‬‬
‫وإن كان ال سبحانه وتعال قد اختار لمته رجال فلسطي ونسائها ليتمثل فيهم حال الهاجرين‬
‫وإخلصهم وأسبقيتهم وتضحيتهم فإنن أتلفت حول ماو ًل تييز النصار أهل النصرة من بي باقي‬
‫جوع المة السلمية وهم من شرفهم ال ليكونوا العنصر الكمل لصناعة النصر بإذن ال تعال‪ .‬وقد‬
‫ظهر ل بصيص أمل عندما قدم ل أخ كري‪ ،‬جعتن وإياه مبة لوجه ال سبحانه وتعال‪ ،‬مسودة‬
‫لرسالة تستنهض المة لنصرة أخواننا وأخواتنا ف ارض الرباط‪ .‬وقد وال استبشرت بذلك وغبطت‬
‫أخي على ما سبقن به من مبادرة أرجو ال سبحانه وتعال أن يبارك فيها حت تؤت أكلها وحت‬
‫يكتمل عنصريّ البتلء والناصرة لنحقق متطلبات النصر الوعود بإذن ال سبحانه وتعال‪ ،‬سواءً منّ‬
‫ن نتائج هذا‬
‫ال علينا بعاصرته ومشاهدته أو جعلنا من وطأ للجيال القادمة اقتطاف الثمرة وج ّ‬
‫العمل البارك‪.‬‬
‫إنا النصرة بكل ما يتاجه أخواننا وأخواتنا بفلسطي‪ .‬وليس ثة مال ها هنا لتنميق العبارات واختيار‬
‫اللفاظ تسبا لغضبة الكفر أوصولة باطل‪ ،‬فالق أحق أن يتبع وأحق أن يصدح به ف هذه القبة‬
‫الدقيقة من تاريخ أمتنا‪ .‬إننا اليوم نشهد صناعة التاريخ والستقبل ومطالبون بأن نسهم ف ذلك ونبذل‬
‫الغال والنفيس ف سبيل هذا المل النشود‪ .‬وليعلم القاصي والدان بأن إسهامه ف سبيل نصرة إخوانه‬
‫وأخواته ف فلسطي ليس إل من توفيق ال سبحانه وتعال له‪ ،‬فهو تكليف كلّف ال به المة جعاء‬
‫ولكنه أيضا تشريف للسابقي وأرباب الريادة وطلئع النصرة أولئك الذين أختارهم ال ليكونوا‬
‫الرواحل من أمة ممد صلى ال عليه وسلم‪ .‬أولئك الذين قدر ال لم أن يكونوا الختارين الداة‬
‫الجتبي الذين يرشدون المة إل مدارج النصرة ويرتقون با ف معارجها‪ .‬إنا وال منّة وأي منّة ل‬
‫يضاهيها بعد منّة السلم واليان إل منّة الشهادة ف سبيل ال‪.‬‬
‫والنصرة مطلوبة بكل أشكالا‪ ،‬من كل فرد ف المة بقدر ما أنعم ال به عليه أو عليها‪ .‬وبقدر ما‬
‫ل على توفيق ال له وحبه لعبده ليفع بذلك‬ ‫فتحت أبواب النصرة لشخص بقدر ما كان ذلك دلي ً‬
‫قدره ومكانته ف الرض وف السماء‪ .‬لقد حان الوقت لتكسر المة مثلة ف طلئعها وروادها حاجز‬
‫الوف وتسقط عنها ثوب الداهنة وتزيح من طريقها عقبات الداراة وتعال معالة نائية مرض الوهن‬
‫التمثل ف حب الدنيا وكراهية الوت‪ .‬وإل ذلك فإنن أهيب واستنهض قادة المة لينفروا خفافا‬
‫وثقالً داعمي بوادر التمكي ف فلسطي فيسلوا البعوثي‪ ،‬وياطبوا قادة العال‪ ،‬ويوجهوا سفرائهم‬
‫للعمل متمعي ومنفردين ف سبيل تعضيد موقف الكومة الديدة ف فلسطي سياسيا واقتصاديا‪ً،‬‬

‫‪327‬‬
‫وذلك ف جيع الندية ومن على جيع النابر الدولية‪ .‬ول يقتصر المر على القادة‪ ،‬إذ أن واجب كل‬
‫مسلم ومسلمة وف مقدمتهم أولئك الذين منّ ال عليهم بسعة الرزق ويسر العيشة أن يبذلوا ما ف‬
‫وسعهم ف سبيل نصرة إخوانم وأخواتم ودعمهم تكينهم بشكل مباشر وغي مباشر‪ .‬وقد آن الوان‬
‫لنا ولم أن نقول للغرب ومن ورائه الوليات التحدة المريكية بأن التهديد بجز الموال وتميد‬
‫الرصدة لن يثنينا عن دعم من تعلقت بم بعد ال آمالنا‪ .‬وإن كانت الوليات التحدة المريكية ف‬
‫ما سبق‪ ،‬قد آذت وهددت فذلك لن الوهن قد أصابنا وليس من قلة أبدا‪ .‬فإن هبّ الميع حكاما‬
‫ل بقتضى سنة ال ف كونه وعباده فسوف لن يكون‬ ‫ومكومي لذه النصرة وبذا الدعم عم ً‬
‫للوليات التحدة والغرب علينا سبيل‪ .‬فوال ما كان انتصارهم ف السابق لقوتم ولكنه كان لضعفنا‬
‫وخنوعنا‪ .‬ول يقتصر المر على الوسرين وإن كانوا هم طليعة النصرة ورواحلها‪ ،‬ولكنه يندرج على‬
‫الميع‪ .‬فعلماء السلمي وفقهائهم مطالبون من على منابرهم ومن خلل جيع الوسائط العلمية‬
‫الديثة أن يوطدوا للمر ويؤصلوا له فقها وشرعا وأن ييشوا المة لنصرة هذه العصابة الباركة ف‬
‫فلسطي ولدعمها دعما ماديا كلٌ ف ماله وبسب علمه وإمكانياته وقدرته‪ .‬وكذلك دعما معنويا‬
‫من خلل الصلة والدعاء والقنوت ل رب العالي كما فعل سيدي رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وهو واقف على صعيد أرض معركة بدر رافعا يديه ل رب العالي‪.‬‬
‫إنا نقطة فارقة نسأل ال فيها الخلص وننشد فيها بإخلصنا ل سبحانه وتعال وبصدق عملنا‪،‬‬
‫العزة ف الدنيا ورضى ال ف الدارين‪ .‬ويسرى ذلك على كل رجل وإمرأة وشاب وشابة وكبي‬
‫وصغي ومقعد وقوي وفقي ومقتدر كل ف ماله وبسب قدرته‪ .‬فل يقفنّ أحد موقف التفرج ليؤتى‬
‫من قبله على حي غفلة منه‪ ،‬ول يرينّ أحدنا ثلمة ف بناء التمكي تستهدف خذل إخواننا وأخواتنا‬
‫ف فلسطي دون أن يهرع ويهب لسدها وحايتهم من أن يؤتوا من قبلها‪ .‬وإنن إذ أكتب مقالت هذه‬
‫أوجه نداء حارا صادقا ملصا من شغاف القلب إل المة جعاء مستنهضا إياها للقيام بواجبها‪.‬‬
‫وال من وراء القصد‪,‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪mail: alim@alimlaw.com-‬‬
‫نشرت بالعدد (‪ )15675‬من جريدة الدينة‪ ،‬يوم المعة بتاريخ ‪ 24‬صفر ‪1426‬ه الوافق ‪24‬‬
‫مارس ‪2005‬م‪ ،‬بصفحة الرأي‪.‬‬
‫* مامِ ومستشار قانون‬
‫=========================‬
‫وماذا بعد أن تطاولوا على مُنقذ النسانية؟‬

‫عبدالعزيز بن عبدال اليّال‬

‫‪328‬‬
‫السلم على من اتبع دين السلم سبيل للعبادة وأسلوبا للحياة والصلة والسلم على من ل نب بعده‬
‫سيدنا ممد عليه أفضل الصلة والسلم‪ ،‬كما نمد ال سبحانه وتعال الذي هدانا إل نور السلم‬
‫الذي انتشلنا من عبادة الوثان والنسان واليوان وجعل غينا على ملة الكفر والطغيان فساروا على‬
‫درب الشيطان‪.‬‬
‫ل نستغرب أن يلتقي شياطي النس وشياطي الن فيسا رسا كاريكاتييا فيه إساءة لشخصية‬
‫أفضل النبياء والرسل عليه الصلة والسلم‪ ،‬من حافظ على المانة وبلغ الرسالة السماوية‪ .‬فقال‬
‫لعمه ابوطالب‪« :‬وال يا عم لو وضعوا الشمس ف يين والقمر ف شال على أن أترك هذا المر ما‬
‫تركته حت يظهره ال أو أهلك دونه»‪.‬‬
‫كنا بالمس القريب نعتز بصداقتنا للدنارك وشعبها‪ ،‬ولكن الصحيفة الدانركية الت أساءت إل نبينا‬
‫ممد عليه الصلة والسلم قد كشفت عن الوجه القبيح للدنارك ورئيس وزرائها وشعبها الذي‬
‫يعادي السلم بسبب رفضه للعتذار‪.‬‬
‫نن كمسلمي ل نطالب باعتذار الرهابيي‪ ،‬بل نطالب بتقديهم للعدالة إن كان يوجد جزء من‬
‫العدالة ف الدنارك‪.‬‬
‫إن الشعب السعودي ل يتأل فقط بل هناك مليار وثلثائة مليون مسلم با فيهم مسلمو الدنارك‬
‫وأوروبا قد ت إساءتم بذا السلوب اللأخلقي ف العلم الدناركي‪.‬‬
‫لقد جسدت هذه الساءة القد الصليب ‪ -‬اليهودي ضد السلم والسلمي الذي بدأ منذ التحالف‬
‫بي الانبي بتاريخ ‪ 13‬ابريل ‪1986‬م عندما أعطى بابا الفاتيكان الراحل لعداء السيح وثيقة‬
‫براءة من دم السيح‪.‬‬
‫لقد ت بذلك القضاء على فكرة اللص الت بن عليها الفكر اليهودي شاؤول (بولس) أفكاره من‬
‫أجل تطيم عقيدة الوحدانية الت هي جوهر عقيدة الرسالت السماوية‪ ،‬والت دعا اليها كافة أنبياء‬
‫ال ورسله عليهم الصلة والسلم با فيهم النب عيسى عليه السلم ‪.‬‬
‫إن القد الصليب ‪ -‬اليهودي ضد السلم والسلمي يوازي القد اليهودي تاه السيح عليه السلم‬
‫وضد السيحية والسيحيي والذي جرى حقنه ضمن تعاليم التلمود والت دونّها قدماء اليهود‪.‬‬
‫وعندما يؤيد رئيس وزراء الدنارك ما قامت به تلك الصحيفة الابطة ف أخلقياتا‪ ،‬فإنا يدل ذلك‬
‫على القد الدفي للوك اوروبا والذي دعاهم إل شن الملت الصليبية تاه الشرق بصفته مهبط‬
‫الرسالت السماوية‪.‬‬
‫نقول لرئيس وزراء الدنارك والسيئي من أبناء شعبه إذا كان هناك حرية ف التعبي فعليكم أن تعبوا‬
‫ف تلك الصحيفة وغيها عن قضية صلب السيح الت وردت ف أناجيلكم السيحية ول تفهمون كم‬

‫‪329‬‬
‫تمل من معاناة والت واجهه نب من أنبياء ال وهو عيسى بن مري عليه الصلة والسلم‪ ،‬منذ طالب‬
‫اليهود بصلبه قائلي‪( :‬أصلبه‪ .‬أصلبه‪ .‬دمه علينا وعلى ابنائنا)‪.‬‬
‫إن كانت هناك حرية تعبي فعليكم أن تعبوا جيدا عن الكاهن اليهودي عزرا الذي قام بتأليف التوراة‬
‫الالية الت قال عنها الفكر اليهودي الولندي باروش اسبينوزا عبارته الشهية‪« :‬بأن التوراة التداولة‬
‫ليست من الكتب النلة»‪.‬‬
‫إذا كانت هناك حرية تعبي فعبوا عن مؤسس العقيدة السيحية وهو بولس (اليهودي شاؤول سابقا)‬
‫والذي قال عنه الباحثان الغربيان (بيي‪ ،‬ويلز‪ ،‬بأن بولس هو الؤسس القيقي للدين السيحي الذي‬
‫تدين به اوروبا والغرب السيحي‪.‬‬
‫إن كانت هناك حرية تعبي فناقشوا ‪ -‬أي الديانات السماوية هي القرب إل السماء ‪ -‬وما قاله‬
‫الفكر والؤرخ النليزي أرنولد توين ف كتابه (السيحية وأديان العال) «إن السيحية الغربية تمع‬
‫بي اللهوت اليهودي والفلسفة الغريقية»‪.‬‬
‫إذا كان هناك حرية تعبي فعبوا عن زعيم ألانيا الذي قرر توحيد أوروبا عسكريا عام ‪1940‬م‬
‫فضم إل بلده الدنارك وبعض الدول الوروبية الت تتم بتربية البقار ول تتم بتربية الفكار‪.‬‬
‫نن شعب عرف خالقه سبحانه وتعال فاتهنا إل عبادته‪ .‬وتركنا عبادة الوثان الت ما زلتم تملونا‬
‫على رقابكم‪.‬‬
‫إن الستفيد الوحيد من إشعال الفت والروب بي العالي السيحي والسلمي هم يهود أوروبا‬
‫والغرب‪ ،‬وإن ل تصدقوا ذلك فأقرأوا برتوكولت حكماء صهيون‪ ،‬لقد حُورب السلم ف دول‬
‫الغرب باضطهاد أبناء السلم والساءة ف وسائل العلم الغربية لشخصية الرسول عليه أفضل‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬فهل هذا معناه الديقراطية الت يتشدق با الغرب وقياداته السياسية والعسكرية‪.‬‬
‫إن علماء الغرب ومفكريه وأساتذة الامعات قد وجدوا الديقراطية ف السلم وتعاليمه وف القرآن‬
‫الكري وقوانينه السماوية وف سية الرسول وأخلقه عليه أفضل الصلة والسلم‪ .‬فنشروا ذلك ف‬
‫مؤلفاتم الت حببت أبناء الغرب ف السلم‪ ،‬لقد قام هؤلء العلماء والفكرون وأساتذة الامعات ف‬
‫أوروبا بدراسة السلم وما تتويه الديانات السماوية الخرى من تعاليم لعرفة أي الديانات السماوية‬
‫هي القرب للسماء؟ ث درسوا سية النبياء موسى وعيسى وممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫درسوا التوراة والناجيل والقرآن الكري فماذا كانت نتيجة تلك الدراسة الت استغرقت عدة سنوات؟‬
‫‪ -‬لقد وجدوا أن دين السلم هو الدين السماوي الوحيد الذي بقي ساويا‪.‬‬
‫‪ -‬كما وجدوا أن القرآن الكري هو الكتاب السماوي الوحيد الذي بقي مقدسا‪.‬‬
‫‪ -‬وبدراسة سية النبياء وجدوا أن سية النب ممد عليه الصلة والسلم هي السية الوحيدة‬
‫الحفوظة من ناحية تاريخ ولدته وطريقة نشأته وتارته بي مكة وبلد الشام وقصة زواجه من أم‬

‫‪330‬‬
‫الؤمني خدية بنت خويلد رضي ال عنها وزواجه من غيها بعد وفاتا رضي ال عنها‪ ،‬واساء‬
‫زوجاته وابناؤه وأحفاده وأصحابه‪ .‬كما وجدوا تواريخ غزواته وأحاديثه وأقواله وقصة نزول الوحي‬
‫عليه ث خطبة الوداع الشهية‪ ،‬الت قال فيها‪ :‬بعد أن وضح لم أسس العقيدة‪« :‬اللهم هل بلّغت اللهم‬
‫فاشهد»‪.‬‬
‫كما هو معروف أيضا تسلسل نسبه أبا عن جد حت النب إساعيل ابن النب إبراهيم عليهما السلم‪.‬‬
‫ومعن ذلك انه من النس السامي الرفيع‪.‬‬
‫كما هو معروف أيضا صفاته عليه الصلة والسلم السمية واللقية وكذلك طعامه فكان يأكل‬
‫طعامه مع بلل القادم من البشة‪ ،‬ومع صهيب القادم من بلد الروم ومع سلمان القادم من بلد‬
‫الفرس‪ ،‬إنه حقا نب عظيم كما وصفه تعال ف كتابه الكري ‪ -‬سورة الجر ف قوله تعال‪{ :‬وإنك‬
‫لعلى خلق عظيم} صدق ال العظيم‪.‬‬
‫لقد قام الؤلف المريكي مايكل هارت فدرس العديد من شخصيات العال منذ فجر التاريخ فوضع‬
‫النب ممد عليه الصلة والسلم ف أول القائمة يليه انشتاين ث النب عيسى عليه السلم وف الرتبة‬
‫السادسة عشرة وضع النب موسى عليه السلم فقال ف مقدمة كتابه‪« :‬إن اختياري ممد ليكون‬
‫الول ف قائمة أهم رجال التاريخ قد يدهش القراء‪ ،‬ولكنه الرجل الوحيد ف التاريخ كله الذي نح‬
‫أعلى ناح على الستويي الدين والدنيوي»‪.‬‬
‫أما الفيلسوف الغرب برناردشو فماذا يقول عن السلم ونب السلم ممد عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫حيث يقول‪« :‬إن السلم دين يستحق كل احترام وإجلل لنه أقوى دين على هضم الدنيات وهو‬
‫خالد خلود البد وإن أرى كثيا من بن قومي العلماء قد دخلوا هذا الدين السماوي على بينة من‬
‫أمرهم ومستقبلً سيجد هذا الدين ماله الفسيح ف كافة أوروبا»‪ ،‬لذلك كان مسلمو أوروبا ومنها‬
‫الدنارك هم من يثل قوى الي ف دول الغرب‪.‬‬
‫ث يقول‪ :‬لقد درست سية ممد فوجدته بعيدا عن ماصمة السيح ويكن بق أن نعتب ممدا «منقذ‬
‫ل مثله لو حكم العال بايثارة وخلقه للب للعال السلم والسعادة‪.‬‬ ‫النسانية» وأعتقد أن رج ً‬
‫وكذلك يقول الفكر والؤرخ النليزي أرنولد توين ف أحد مؤلفاته‪« :‬أن الغرب قبل السيحية‬
‫وبعدها اته لستعباد الدول وسلب ثرواتا ولكن السلم اته لتحرير الدول والنسان»‪.‬‬
‫فهل تعلّم أبناء الغرب وعلى رأسهم رئيس وزراء الدنارك والفسدون ف الرض الذين شنوا حربم‬
‫الصليبية ف بداية القرن الواحد والعشرين على السلم‪ ،‬لذا نقول للعاملي ف الصحيفة الدناركية‬
‫الابطة ف مستواها الخلقي كرئيس وزرائها الذي ل يفرّق بي تعاليم السيح عليه السلم وتعاليم‬
‫بولس ومعتقداته‪ .‬ول يفرقا بي أتباع السيح عليه السلم الذي يؤمن بالوجدانية وبي أتباع الصليب‬
‫الذين يؤمنون بعقيدة التثليث‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫نقول للمتطرفي من أبناء الغرب من يسيئون إل السلم ونبيه الكري عليه الصلة والسلم أن تعاليم‬
‫ديننا السلمي النيف تنعنا من سب أنبياء ال‪ ،‬بل يلزمنا الدفاع عنهم‪ .‬وتنعنا من سب أو التعرض‬
‫للديان السماوية الت تؤمن بوجدانية الالق سبحانه وتعال‪ .‬ولذلك نقول أن السلم هو دين للبشر‬
‫فقط‪.‬‬
‫ولك الشكر يا حكومة بلدي باتاذك هذا الوقف من أجل رسول ال عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولك‬
‫الشكر والتقدير أيتها الصحيفة الدنركية الت وحدت صفوف السلمي وجعلتينهم صفا واحدا‪.‬‬
‫ولك الشكر يا صحيفة «الرياض» الت نشرت مقالت باسم حرية التعبي والشكر الزيل لميع التجار‬
‫السعوديي وغيهم من العرب والسلمي من قاطع بضائع الدنارك والشكر الخي لصاحب مكتب‬
‫العقار ف الملكة العربية السعودية الذي رفض تديد العقود لحلته الت يلكها ويعرض مستأجروها‬
‫الواد الغذائية الدناركية‪.‬‬
‫ونقول لشعب الدنارك وحكومته أن التعدي على السلم ونبيه الكري عليه الصلة والسلم سيبقى‬
‫كعقدة ذنب ف صفحة الدنارك السوداء‪.‬‬

‫وختاما نقول‪ :‬هل جنون البقر انتقل إل البشر‬


‫تعليقان‬
‫‪1‬‬
‫وال انم ارهابيون‬
‫اضم صوت لصوتك يااخ عبدالعزيز ف انم ارهابيون ارهابيون ارهابيون لبعد درجه ونطالب‬
‫بتقديهم للعداله ومن يتستر عليهم او يأيدهم مثلهم وارجو ان تطالب بحاكمتهم على اعلى‬
‫مستويات فقد فجروا قلوب السلمي جيعا وبانت خفاياهم وحقيقتهم الت يتسترون عليها فمن فعل‬
‫ذلك ل يقل عن كل الرهابيي الذين سبقوهم بتفجي السيارات والبان وازهقوا الرواح وحوربوا‬
‫بالثل وحربنا على هاؤلء لبد أن ل تقف عند القاطعه الحليه فقط ولكن على جيع الستويات‪ .‬ول‬
‫دركم يا كتابنا ومفكرينا وصح لسانك ياابو عبدال وصلى ال على نب الدى وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم ممد بن عبدال افضل تسليم‬
‫سيف الرعد‬
‫‪ 07:47‬صباحا ‪2006/02/09‬‬
‫‪2‬‬
‫اللهم اجعله خي على المه السلميه‬

‫‪332‬‬
‫شكرآ لكاتب هذا الوضوع الخ الكري عبدالعزيز اليال وأتنمى الستمرارية فقلمك قوي ومبدع‬
‫واوصلت رسالتك بأحترافيه وخبي اعلمي وبارك ال بكم وبكل من استخدم قلمه الر ف التصدي‬
‫لذا الرهاب الفكري من العلم الغرب متذرعي برية التعبي!‬
‫نعم هذا هو القال الذي ند فيه حرية التعبي بدون ان يكون هناك تقي للبشر او ديناتم او انبيائهم‬
‫ورسلهم! ان احترام الديان امر واجب ومقدس وان وجد راي او مقال يتعدي علي الديان‬
‫بالحتقار او سفيه الكلم فانه يعتب اعتداء وارهاب فكري يب معاقبة صاحبه او الهة الت تقف‬
‫خلفه!‬
‫ف زمان سيد البشر ممد بن عبدال صلي ال عليه وسلم وعلى اله وصحبه اجعي رضوان ال عليهم‬
‫ل تكن البشرية تعرف القنابل والتفجرات وانا هي من صنع اليهود والصليبيون ويقفون خلف‬
‫صناعتها ف الوقت الاضر بقوة الافيا الرهابيه الت تسيطر على اقوي الكومات الغربيه ومالس‬
‫شيوخها بامريكا واوروبا!‬
‫الافيا الرهابيه لصانع القنابل والتفجرات والسلحه الفتاكه يهمها ان يكون العال على صفيح ساخن‬
‫وذلك بشعل الؤثرات العلميه السلبيه باسم حرية التعبي والت تولد القد والكراهيه بي الشعوب‬
‫والثقافات وتولد الروب ف اسيا وافريقيا وتد الساطيل الكبية ال تمل وترسل السلحه وقطع‬
‫غيارها ال افريقيا اكثر من الطائرات الت تمل الغاثة الغذائية والطبيه لفقراء ومرضي افريقيا!‬
‫وف النهاية نقول ان العقل السليم يستطيع ان يفرق بي حرية الكلمة الادفه "حرية التعبي" وبي سفيه‬
‫الكلم الفسد "الرهاب الفكري"! ونتيجة لذلك سوف تتوجه عقول الناس لقراءة دين السلم‬
‫وتعلمه بعد ان جذبم مشاهد غضب الليي من البشر ف الشرق والغرب والشمال والنوب على‬
‫مقالة دناركية تتهجم على نب السلم وبإذن ال وقوته سوف تتغي عقولم كما أنارت من قبل عقل‬
‫النجم الشعب العالي كات استيفي "يوسف إسلم" حفظه ال ال دين الق والعدل والنسانية‬
‫وغيهم من فلسفة وعلماء العال!‬
‫والمد ال رب العالي‪...‬‬
‫سلطان بن زيد‬
‫‪ 07:32‬مسا ًء ‪2006/02/09‬‬
‫=====================‬
‫وماذا عن شتم الرسول صلى ال عليه وسلم ؟‬

‫نشرت جريدة الوطن ‪25/12/1426‬هـ‬


‫وماذا عن شتم الرسول؟‬

‫‪333‬‬
‫*علء عبدالميد ناجي‬
‫يتمع ف رأسي كل يوم ألف صوت وألف رأي تناقش ما أرى وما أسع من تضاد ف الواقف‬
‫والرؤى‪ ،‬أخرج معها حائرا هائما ل أستطيع أن أتبن موقفا مددا أو رأيا واحدا ف بعض القضايا الت‬
‫تتطلب رأيا موضوعيا‪ ،‬لدرجة قد يبدو فيها كلمي أو كتابت نوعا من اللوسة‪.‬‬
‫فأنا أسع وأرى تناقضات تعل الليم حيان‪ ،‬منها هذا الصخب العلمي العالي بشأن تصريات‬
‫أحدي ناد حول إسرائيل بينما أتسس ما يقابله بشأن تعدي الصحافة الدناركية على الرسول‬
‫(صلى ال عليه وسلم) فل أجد إل فقاعات صابون هنا وهناك تفقأها عبارة "حرية التعبي"‪.‬‬
‫أتذكر القضية الت أقيمت ف فرنسا ضد رئيس اتاد الصحفيي العرب إبراهيم نافع للمحاكمة ف‬
‫باريس بسبب مقال للكاتب عادل حودة نشر ف صحيفة الهرام ول يعجب النظمة الدولية لناهضة‬
‫العنصرية‪ ،‬فقامت برفع دعوى قضائية ضد نافع ف الحاكم الفرنسية معتبة أن القال يرض على‬
‫الكراهية والعنصرية‪ ،‬ولكن هذه النظمة ل ترك ساكنا ف قضية شتم الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الت هي عي التحريض على الكراهية والعنصرية‪ ،‬إنه الكيل بكيالي مرة أخرى!‪.‬‬
‫ل تكن الكاريكاتيات الت نشرت ف صحيفة جيلند بوست الداناركية خطأ قي التقدير من قبل‬
‫رئيس ترير الصحيفة والقائمي عليها‪ ،‬بل هي عملية مدروسة مقصودة‪ ،‬إذ قال رئيس ترير الصحيفة‬
‫"إن نشر هذه الكاريكاتيات قد ت لختبار ما إذا كانت عمليات الثأر السلمية قد بدأت ف الد‬
‫من حرية التعبي ف الدانارك"‪ ،‬أما رئيس وزراء الدنارك آندرس راسوسن فقد قال‪" :‬إن حرية التعبي‬
‫هي الساس الهم ف الديقراطية الداناركية‪ ،‬والكومة الداناركية ليس لا أي سلطة ف التأثي على‬
‫الصحافة"‪.‬‬
‫حسنا‪ ...‬فلنفترض أن هذا الكلم صحيح فإنن أود أن أطلب من رئيس وزراء الدانارك ورئيس ترير‬
‫الصحيفة أن يتركا الجال والعنان لرية التعبي بشأن الولوكوست بأن يطلبا مسابقة كاريكاتيية‬
‫مشابة بشأن الحرقة ولينظروا النتائج‪ ،‬وأن يعرضوا على التلفزيون الداناركي فيلم "آلم السيح" لبيل‬
‫جيبسون (وهو الفيلم الذي يصور عملية صلب السيح عليه السلم وفقا للعتقاد السيحي ويبيّن أن‬
‫اليهود هم من فعل ذلك)‪ ،‬ولينظروا إذا ما كان الوف من الثأر السرائيلي قد أثر على حرية التعبي‬
‫ف الدنارك‪.‬‬
‫إن أقل ما يكن أن يقال ف هذه الكاريكاتيات إنا مثية للكراهية والنعرة العنصرية‪ ،‬وهاتان الثنتان‬
‫أسوأ ما ينقض الديقراطية الت يتشدق با رئيس وزراء الدنارك‪ ،‬والديقراطية تستوجب أن نستمع‬
‫للرأي والرأي الخر‪ ،‬ل أن نسمح لتاه واحد ونرفض الرأي الخر‪ ،‬كما رفض هو عندما ل‬
‫يستقبل سفراء الدول السلمية‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫أما مفهوم حرية التعبي الذي يستند إليه رئيس ترير الصحيفة فإنه ل يشمل بأي حال حرية إخراج‬
‫الضغان والحقاد على الل واستفزازهم ث يرفض أن يعبوا هم عن رأيهم‪ ،‬إذا كان هذا هو مفهوم‬
‫الديقراطية وحرية التعبي فأقول من الن مبوك يا أباحزة الصري على الباءة لن كل التهم الوجهة‬
‫لك يكن أن تدفعها بعبارة "الديقراطية وحرية التعبي"‪ ...‬قلها وتلص‪( .‬ل تعن هذه الفقرة أن أتفق‬
‫مع منهج أب حزة الصري)‪.‬‬
‫سيكون مقال هذا رقما ف قائمة طويلة من الراء والثرثرة على الورق ما ل يقترح مقترح عملي‬
‫وموضوعي للتصدي لثل هذه الركات النازية الت بدأت تنتشر على مدى أوروبا بأسرها‪ ،‬مادامت‬
‫الدنارك دولة ديقراطية وحق التقاضي فيها مكفول للجميع فلماذا ل يتم رفع قضية ضد الصحيفة‬
‫وتكون الطالبة بالعتذار أو التعويض من خلل القضاء ل الستجداء‪ ،‬خصوصا وأن هناك أحداثا‬
‫سابقة يكن الستناد إليها ف هذا الباب مثل القضية القامة ضد "كاي فيلهيلمسي" العلق بالذاعة‬
‫الدناركية والتهم فيها بانتهاك قواني مكافحة العنصرية بسبب إبدائه ملحظات معادية للمسلمي‪،‬‬
‫حيث طالب بالقيام "بإبادة جاعية للمسلمي ف أوروبا"‪.‬‬
‫والقضية القامة ضد مطة إذاعة "هولر" الحلية ذات اليول اليمينية التطرفة والت يتوقع أن تكون‬
‫نتيجتها احتمال سحب ترخيصها بسبب قضية تتعلق ببث مواد عنصرية ضد السلمي‪.‬‬
‫وما ل يكن هنالك قانون ينع مقاضاة الصحيفة فل أعتقد أنه يكن للمحكمة أن ترفض الستماع‬
‫لثل هذه القضية مادامت مستوفية الشروط الشكلية والوضوعية لرفعها‪ ،‬وحت لو كان هنالك قانون‬
‫بذا الشكل فلبد من البحث عن البدائل القضائية الناجعة على مستوى أوروبا ولتُستخدم بعض‬
‫السوابق الزرية مثل ماكمة الكاتب الفرنسي روجيه جارودي الذي حوكم لنكاره الحرقة والؤرخ‬
‫البيطان ديفيد أيرفينج الذي اعتقل ف النمسا منتصف نوفمب الاضي لذات السبب‪.‬‬
‫إن التحرك من خلل مفهوم "داوها بالت كانت هي الداء"‪ ،‬هو أفضل آلية للخذ بالقوق ف بلد‬
‫مثل الدانارك‪ ،‬والت هي ف آخر الطاف دولة قانون سواء عتبنا عليها أم ل نعتب بسبب هذا التجاوز‬
‫الفظيع‪ ،‬فالتحرك الفردي والستجداء الشخصي لن يدي شيئا ف مثل هذه الحداث‪.‬‬
‫أما عن رفض رئيس وزراء الدانارك مقابلة السفراء السلمي والعرب بشأن هذا الوضوع فإنه من‬
‫المكن أن تصل له الرسالة من خلل سفرائه ف تلك البلدان‪ ،‬حيث يكن أن تستدعيهم وزارات‬
‫الارجية ف العال العرب والسلمي وتبلغهم امتعاضها الرسي لتبليغه لكومتهم وبالتال سيسمع‬
‫باليسرى ما رفض أن يسمعه باليمن‪.‬‬
‫قد تكون الطالبة بالعتذار من خلل مارسة ضغوطات دولية على مستوى الكومات والدول مثل‬
‫رفع مستوى المارك على البضائع الداناركية أو وقف بعض الصادرات الهمة إليها‪ ،‬خصوصا وأن‬

‫‪335‬‬
‫الدنارك ـ على حد علمي ـ ل تصدر إل بعض الطعمة الت تعد من الكماليات لدينا ف عالنا‬
‫العرب والسلمي‪.‬‬
‫وعندها سيتأكد لرئيس الصحيفة أن الثأر السلمي الذي يعن وياول تريكه لدى الفراد ليسيء من‬
‫خلله للسلم ليس موجودا على الطلق‪ ،‬وإنا الوجود هو دول وحكومات ترعى حق دينها‬
‫ونبيها‪.‬‬
‫لبد أن نفهم أن الدنارك والصحيفة إياها لن يعتذروا لننا نشرنا معروضا بليون توقيع يطالب‬
‫بالعتذار‪ ،‬ولن يتراجعوا لننا تظاهرنا هنا وهناك‪ ،‬ولن يغيوا موقفهم على الطلق ما ل نعاملهم‬
‫بالطريقة الت يفهمون‪ ،‬أما الصراخ والبكاء والعويل فلن يدي شيئا بل سيكون تأكيدا للنتيجة الت‬
‫يريدون وهي أنم ف ميدان ل مواجهة فيه‪.‬‬
‫قد يعتب بعض العقلء أن ف مقال شيئا من اللوسة والرؤية الفلطونية‪ ...‬ل مشكلة فإنا حرية‬
‫التعبي‪.‬‬
‫· مستشار قانون وكاتب سعودي‬
‫===================‬
‫ومن نفسي يا رسول ال‬

‫يسري صابر فنجر‬


‫نعم أفدي رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بنفسي‪ ،‬ووالدي وولدي والناس أجعي‪ ،‬وهذه‬
‫ليست صيحت ولكنها صيحة كل مسلم فيه روح وقلب ينبض ‪ ،‬وأذكر هنا خبين ‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما رواه مسلم ( ‪ )1789‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي ال عته ‪ -‬أن رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬أُفرد يوم أحد ف سبعة من النصار ورجلي من قريش( فأين الليار مسلم اليوم) فلما‬
‫رهقوه ( أي كادوا يدركوه) قال‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ " -‬مَنْ يردهم عنا وله النة‪ ،‬أو هو رفيقي‬
‫ف النة ؟ " فتقدم رجل من النصار ‪ ،‬فقاتل حت قتل‪ ،‬ث رهقوه أيضا‪ ،‬فقال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ " -‬مَنْ يردهم عنا وله النة‪ ،‬أو هو رفيقي ف النة ؟ " فتقدم رجل من النصار ‪ ،‬فقاتل حت قتل‪،‬‬
‫فلم يزل كذلك حت قتل السبعة‪ ،‬فقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ " :-‬ما أنصفنا أصحابنا "‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬يوم أحد أيضا قال النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ " :-‬مَنْ رج ٌل ينظر ل ما فعل سعد بن‬
‫الربيع؟" فقال رجل من النصار‪ :‬أنا ‪ ،‬فخرج يطوف ف القتلى حت وجد سعدا جريا مُثْبتا ل‬
‫يتحرك بآخر رمق‪ ،‬فقال‪ :‬يا سعد إن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أمرن أن أنظر ف الحياء‬
‫أنت أم من الموات؟ قال‪ :‬فإن ف الموات‪ ،‬فأبلغ رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬السلم وقل‪:‬‬

‫‪336‬‬
‫إن سعدا يقول‪ :‬جزاك ال عن خي ما جزى نبيا عن أمته‪ ،‬وأبلغ قومك من السلم‪ ،‬وقل لم‪ :‬إن‬
‫سعدا يقول لكم‪ :‬إنه ل عذر لكم عند ال إن خُِلصَ إل نبيكم وفيكم عي تطرف‪.‬‬
‫فإل اللف مليار مسلم سؤال‪ :‬مَنْ يرد عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهو رفيقه ف‬
‫النة؟!!!‬
‫وإل اللف مليار مسلم وصية سعد ‪ -‬رضي ال عنه ‪ :-‬ل عذر لكم عند ال إن خُِلصَ إل نبيكم‬
‫وفيكم عي تطرف !!!‬
‫فليوجه كل منكم سهامه ليدافع با عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫وبلغوا صياحكم ودعمكم إل كل اليادين‪.‬‬
‫ولشيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحه ال ‪ -‬مرجعا ومصنفا ف الدفاع عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬ساه (الصارم السلول) قال ف مقدمته‪ :‬المد ل الادي النصي فنعم النصي ونعم الادي‬
‫الذي يهدي من يشاء إل صراط مستقيم ويبي له سبل الرشاد كما هدى الذين آمنوا لا اختلف فيه‬
‫من الق‪ ،‬وجع لم الدى والسداد‪ ،‬والذي ينصر رسله والذين آمنوا ف الياة الدنيا ويوم يقوم‬
‫الشهاد كما وعده ف كتابه‪ ،‬وهو الصادق الذي ل يلف اليعاد‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له شهادة تقيم وجه صاحبها للدين حنيفة وتبئه من اللاد‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‬
‫أفضل الرسلي وأكرم العباد أرسله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره أهل الشرك‬
‫والعناد ورفع له ذكره فل يذكره إل ذكر معه كما ف الذان والتشهد والطب والجامع والعياد‪،‬‬
‫وكبت ماده وأهلك مشاقه وكفاه الستهزئي به ذوي الحقاد وبتر شانئه ولعن مؤذيه ف الدنيا‬
‫والخرة وجعل هوانه بالرصاد‪ ،‬واختصه على إخوانه الرسلي بصائص تفوق التعداد فله الوسيلة‬
‫والفضيلة والقام الحمود ولواء المد الذي تته كل حاد وعلى آله أفضل الصلوات وأعلها‬
‫وأكملها وأناها كما يب سبحانه أن يصلى عليه وكما أمر وكما ينبغي أن يصلى على سيد البشر‬
‫والسلم على النب ورحة ال وبركاته أفضل تية وأحسنها وأولها وأبركها وأطيبها وأزكاها صلة‬
‫وسلما دائمي إل يوم التناد باقيي بعد ذلك أبدا رزقا من ال ما له من نفاد أما بعد فإن ال تعال‬
‫هدانا بنبيه ممد وأخرجنا به من الظلمات إل النور وأتانا ببكة رسالته وين سفارته خي الدنيا‬
‫والخرة وكان من ربه بالنلة العليا الت تقاصرت العقول واللسنة عن معرفتها ونعتها وصارت‬
‫غايتها من ذلك بعد التناهي ف العلم والبيان الرجوع إل عيها وصمتها فاقتضان لادث حدث أدن‬
‫ماله من الق علينا بل له ما أوجب ال من تعزيزه ونصره بكل طريق وإيثاره بالنفس والال ف كل‬
‫موطن وحفظه وحايته من كل مؤذي وإن كان ال قد أغن رسوله عن نصر اللق ولكن ليبلوا‬
‫بعضكم ببعض وليعلم ال من ينصره ورسله بالغيب ليحق الزاء على العمال كما سبق ف أم‬
‫الكتاب أن أذكر ما شرع من العقوبة لن سب النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من مسلم وكافر‬

‫‪337‬‬
‫وتوابع ذلك ذكرا يتضمن الكم والدليل ونقل ما حضرن ف ذلك من القاويل وإرداف القول بظه‬
‫من التعليل وبيان ما يب أن يكون عليه التعويل فأما ما يقدره ال عليه من العقوبات فل يكاد يأت‬
‫عليه التفصيل وإنا القصد هنا بيان الكم الشرعي الذي يفت به الفت ويقضي به القاضي ويب على‬
‫كل واحد من الئمة والمة القيام با أمكن منه وال هو الادي إل سواء السبيل ‪.‬‬
‫وف خاتة الكتاب أوصى الحقق بملة مقترحات منها‪:‬‬
‫أولً‪ :‬لقد ظهر ف هذا الزمان أمور هي من قواسم الظهور من لعن الدين وسب رسول رب العالي‬
‫والجاهرة بذلك على رؤوس الل أجعي بل رادع ول وازع من خلق أو دين وما ذلك إل لسباب‬
‫منها الهل الزري الذي وقع فيه كثي من الناس ف معرفة حكم ساب النب‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫وحده الشرعي ومنها عدم تنفيذ الدود على الشاتي والرتدين حت ظهر أولئك الزنادقة الذين‬
‫جاهروا بالستهزاء والسب على مرأى ومسمع من الناس أجعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرا لهل الكثي من النتسبي إل السلم بذا الكم والد الشرعي فإننا نقترح أن تقوم‬
‫الهات السؤولة بعل هذا الكتاب الصارم السلول على شات الرسول كمرجع ف الرحلة الامعية أو‬
‫يلخص ويكون ضمن الناهج ف إحدى الراحل الدراسية لكي يدرك الطلب هذا المر إدراكا‬
‫صحيحا وينتشر بي الناس معرفة حكم الساب وحده الشرعي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬حيث إن هذا الوضوع مهم جدا وأهيته ل تفى على ذي مسكة ف عقله ف مشارق الرض‬
‫ومغاربا فيا حبذا لو يترجم هذا الكتاب وغيه من كتب شيخ السلم القيمة إل اللغات الخرى‬
‫ليعم النفع با بإذن ال تعال فما أحوج الناس اليوم إل إدراك حقيقة هذا المر الطي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن من الواجب على القادرين من السلمي أن يعنوا عناية جادة بأمر سب نبينا‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬أو الستهزاء بشئٍ من الدين وأن ينشروا بي الناس الوعي الصحيح والدراك السليم لذا‬
‫المر الطي بختلف الوسائل الدعوية وأن تنشر مثل هذه الؤلفات القيمة لئمتنا الكرام ‪ -‬رحهم ال‬
‫تعال‪ -‬بعد تقيقها وتصحيحها بدقة كاملة حت ل نسمع ول نسمح بشئٍ فيه أذى ال ورسوله‬
‫وعباده الؤمني‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أن السب كفر ف الظاهر والباطن سواء اعتقد فاعله أنه حرام أم كان مستحلً له وأن شات‬
‫الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يقتل بكل حال عند النابلة سواء كان مسلما أو كافرا ول‬
‫يستتاب ول تقبل له توبة وأن سب الذمي للرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ينقض العهد ويوجب‬
‫القتل ول تقبل له توبة والشهور ف مذهب المام مالك قتل الساب بدون استتابة وحكمه حكم‬
‫الزنديق إذا كان مسلما وإذا كان ذميا فأسلم ففيه روايتان ف الول ل يقتل وف الثانية يقتل ومذهب‬
‫جهور الشافعية أن الساب كالرتد إذا تاب سقط عنه القتل وذهب أبو بكر الفارسي إل أنه ل يسقط‬

‫‪338‬‬
‫عنه القتل بالتوبة وعند الصيدلن إذا سب بالقذف ث تاب سقط عنه القتل وجلد ثاني للقذف وعند‬
‫الحناف إن الساب كالرتد ف سائر أحكام الردة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أن حقيقة السب هو الكلم الذي يقصد به النتقاص والستخفاف وهو ما يفهم عنه السب‬
‫ف عقول الناس‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬أن الكم ف سب سائر النبياء عليهم الصلة والسلم كالكم ف سب نبينا ممد‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ـ‪.‬‬
‫نسأل ال الصدق ف القول والخلص ف العمل‪ ،‬والمد ل رب العالي والصلة والسلم دائما‬
‫وأبدا على أشرف الرسلي‪.‬‬
‫‪ ysmf@islamway.n‬صلى ال عليه وسلم ‪t‬‬
‫=======================‬
‫===================‬
‫وهل أدينا حق حب النب الكري ف قضية الساءة؟‬

‫الكاتب‪ :‬شفيع الرحن ارسل خان‬


‫ان حب النب صلي ال عليه وسلم واجب علي كل مسلم ومسلمة علي الطلق ‪-‬ومسؤولية السلم‬
‫ف هذا المر عظيمة جدا الت لبد أن تؤدي قبل يوم الساب بقول ال تعال قل إن كنتم تبون ال‬
‫فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم ‪.‬‬
‫وروى البخاري عن عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ :‬انه قال للرسول صلي ال عليه وسلم‪ :‬لنت يا‬
‫رسول ال أحب إلّ من كل شيء إل من نفسي‪ .‬فقال النب صلي ال عليه وسلم‪ :‬والذي نفسي بيده‬
‫حت أكون أحب إليك من نفسك‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬فإنك الن أحب إلّ من نفسي‪ ،‬فقال النب صلي‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬الن يا عمر وذلك لن الرسول صلي ال عليه وسلم هو الذي دلنا علي الي وبيّن‬
‫لنا طريق النجاة وسبيل السعادة وحذرنا من الشر واللك وبسببه اهتدينا‪.‬‬
‫وقضية الساءة ف شأن النب صلي ال عليه وسلم تتطلب من السلمي اظهار غيتم ويب أن تتجلي‬
‫هذه الغية ف قلب كل من عنده حرارة اليان والحبة‪ .‬وقد رأي العال مظاهر هذه الغية ف مشارق‬
‫الرض ومغاربا من مقاطعة النتجات الدناركية والظاهرات والسيات حت استشهد كثي من‬
‫السلمي ف هذه الظاهرات وأخص بالذكر منها مظاهرات باكستان الت ما زال السلمون يقومون‬
‫با‪.‬‬
‫وقد مل الكتّاب من ناحية أخري الرائد والجلت بقالتم وكتاباتم ف حب النب صلي ال عليه‬
‫وسلم وما زالت تز موجات التظاهرات والسيات العال كله‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫يرى كل مسلم الدفاع عن النب صلي ال عليه وسلم مسؤوليته من حيث الفرد والجتمع ومن حيث‬
‫الكومة والشعب‪( .‬لكن السؤال هنا لاذا اجترأ الكفر علي ان يلعب بشاعر السلمي ف شأن نبيهم‬
‫وحبيبهم الذي فضلت بسببه هذه المة علي سائر المم‪.‬‬
‫والواب بأن الكفر رأي ضعف السلمي وتقاعسهم ف اتباع سنن النب صلي ال عليه وسلم ف جيع‬
‫أمور حياتم حيث انم ل يهتمون بالسنن ف مأكلهم ومشربم وتارتم ومعاملتم وأخلقهم‬
‫وأشكالم وسيتم بيث نري السلم حرا ف كل شيء‪ .‬فهذا هو السبب القيقي الذي ربا ل‬
‫تتطرق اليه أقلم كثي من الكتاب‪.‬‬
‫فالل هو ان نرجع ال الب القيقي للنب صلي ال عليه وسلم الذي هو جزء من ايان كل مسلم‪.‬‬
‫والذي ل يكتمل ايان السلم بدونه حيث قال النب صلي ال عليه وسلم ل يؤمن أحدكم حت أكون‬
‫أحب اليه من والده وولده والناس أجعي رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم كل أمت يدخلون النة إل من أب‪ ،‬قيل ومن يأب يا رسول ال؟ قال من‬
‫أطاعن دخل النة ومن عصان فقد أب ‪ .‬فمحبة النب صلي ال عليه وسلم واجب وهي تقتضي‬
‫اتباعه كما يقول الشاعر‪:‬‬
‫تعصي الله وأنت تظهر حبه‬
‫هذا لعمرك ف القياس بديع‬
‫لو كان حبك صادقا لطعته‬
‫إن الحب لن يب مطيع‬
‫فمسؤولية السلم ان يتبع هدي النب صلي ال عليه وسلم ف شكله وف لباسه وف تارته وزراعته وف‬
‫أفراحه وأحزانه حت ف جيع أمور حياته‪ .‬لكي يعتقد السلم انه مقيد بدود الشريعة والسنة‪ .‬فعلي‬
‫كل مسلم ان يظهر مبته للنب بالعمل علي جيع سننه من ظاهرها وباطنها‪ .‬ومن السنن الظاهرة أن‬
‫يزين الرجل وجهه بسنة اللحية الت قد افتقدتا أغلبية المة من حياتم مع أنا نور السلم ف وجهه‬
‫وعلمته لليان حيث قال النب صلي ال عليه وسلم خالفوا الشركي وفروا اللحي واحفوا الشوارب‬
‫‪.‬‬
‫وأما هؤلء الاقدون الظالون الذين أساءوا ال النب صلي ال عليه وسلم فإن ال ينتقم منهم ان شاء‬
‫ويعل موتم عبة للخرين‪.‬‬
‫ونن نعرف ان ابرهة لا جاء لدم الكعبة حت وصل ال من وأخذ جال أهل مكة فجاء عبدالطلب‬
‫جد النب صلي ال عليه وسلم لسترداد المال فتعجب إبرهة وقال‪ :‬كنت أتوقع منك بأن تطلب من‬
‫عدم هدم كعبتكم! وأنت تطلب من فقط بأن أرد المال؟ فأجاب عبدالطلب‪ :‬إن للبيت ربا يميه‬

‫‪340‬‬
‫فحمي ال الكعبة من هؤلء الظالي وجعلهم عبة لن بعدهم ونقول لم اليوم‪ :‬إن لحمد عليه السلم‬
‫ربا يميه ونسأل ال أن يعل هؤلء العتدين عبة للخرين‪.‬‬
‫صحيفة الراية القطرية‬
‫===================‬
‫ويأب ال إل أن يتم نوره‬

‫ناهد بنت أنور التادف ‪ /‬الرياض‬


‫هل نقول‪ :‬إنا امتداد للحروب الصليبية الظالة الت قامت على ماربة السلم وإلغاء معتقدات الخر؟‬
‫كيف تفسر هذه الغرائب الت تأتينا ف كل يوم وف صور متلفة ليس من ورائها غي النيل من السلم‬
‫وإلغائه وتشويه صورته؟‬
‫لقد أُلقيت تمة الرهاب على السلم‪ ،‬والسلم هو التضرر الكب من جنون الرهاب والرهابيي‪،‬‬
‫وقد دفع أثانا باهظة من أرواح السلمي ومتلكاتم وثرواتم ف أكثر من دولة إسلمية‪ ،‬وليست‬
‫الملكة العربية السعودية أو جهورية مصر العربية أو الردن وما جرى فيها ببعيد عن ذاكرة العال‪.‬‬
‫كما تعلو أصوات بعض الغربيي الشبوهي والاقدين‪ ،‬وندهم ف كل وقت وف كل مناسبة ومن‬
‫وراء كل منب إعلمي يارسون ضغوطهم بكل الوسائل على الكومات والؤسسات والشعوب‬
‫السلمية‪ ،‬ليس لذنب اقترفوه‪ ،‬بل لنم يعتنقون السلم دينا ومنهج حياة‪ .‬وهاهم يطالبون المة‬
‫السلمية بتغيي مناهجها الدراسية والتعليمية وإلغاء سور من القرآن الكري‪ ،‬وباصة تلك الت تتناول‬
‫ظلم اليهود وقتلهم للنبياء وتطرّفهم‪ ،‬وتعرّي مواقفهم الشبوهة عب التاريخ‪ ،‬يدلّنا ال سبحانه عليها‬
‫كي نأخذ بأسباب الذر واليطة‪.‬‬
‫وكم من مرة تعرضت المعيات اليية السلمية الجتماعية الت تنفق على الفقراء والعوزين ف‬
‫تلك الدول إل مداهات واعتقالت وماكمات للقائمي عليها‪ ،‬واستيلء على أموالا ومراكزها بتهم‬
‫بالية وظالة وبعيدة عن الفهم القيقي لرسالة السلم والنظام الجتماعي العادل الذي أتت به تعاليمه‬
‫النيفة‪.‬‬
‫إن ما يصلنا اليوم من دولة تدّعي أنا تثل النظام العالي التحضر والنفتح على ثقافات الخر‪ ،‬وتسمح‬
‫لبعض من مواطنيها بتشويه صورة مثلى لنب جاء بالق دون علم ودون معرفة ودون تقدير للدور‬
‫المثل الذي قام به السلم والنب ممد صلى ال عليه وسلم وصحابته لي النسانية‪ ،‬ث تدّعي أن‬
‫مارسات كهذه تنتمي إل الرية الشخصية وحرية إبداء الرأي‪ ،‬وينبي من مسؤوليها مَن يدافع عن‬
‫مرتكبيها‪ ،‬ويرفض رئيس وزرائها استقبال شخصيات إسلمية للحوار ف هذا الشأن‪ ،‬ويعلنون رفض‬
‫حت العتذار عما بدر من فرد أو أفراد من مواطنيهم‪ .‬كل هذا يؤكد أنا ليست ظاهرة فردية عابرة‪،‬‬

‫‪341‬‬
‫بل هي سلوك وسياسة للنيل من قيم السلم والسلمي والرمز الالد سيد البشر ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫نن نؤمن بالرية‪ ،‬لكننا نؤمن بأن حرية الفرد تنتهي عند حرية الخر‪ ..‬ونؤمن بق الشعوب ف‬
‫اختيار انتماءاتم الروحية‪ ،‬ونؤمن أ ْن (ل إكراه ف الدين)‪ ،‬وأن الناس جيعا ملوقات ال سبحانه‬
‫شركاء على هذه الرض وشركاء ف النسانية‪ ،‬ونؤمن بأنه ل يصح إيان السلم إل إذا آمن بال‬
‫وملئكته وكتبه ورسله {آمَنَ الرّسُولُ بِمَا أُنزِلَ ِإلَْي ِه مِن رّّبهِ وَالْ ُم ْؤمِنُونَ كُ ّل آمَنَ بِالّل ِه َومَلئِ َكِتهِ‬
‫وَكُتُِب ِه َورُسُِلهِ لَ ُن َفرّقُ َبيْنَ أَحَ ٍد مّن رّ ُسِلهِ وَقَالُواْ سَ ِمعْنَا وَأَ َطعْنَا ُغفْرَاَنكَ َربّنَا وَإَِلْيكَ الْ َمصِيُ}البقرة‪:‬‬
‫‪.)285‬‬
‫فهل يدرك الخرون هذه القيم؟‬
‫هل يعلم هذا الذي تنّى بالساءة على رسول ال ممد صلى ال عليه وسلم مَن هو هذا النب؟‬
‫هل قرأ شيئا من سيته؟‬
‫هل تابع سلوكه مع قومه ومع غيهم من أبناء الشعوب من غي السلمي؟‬
‫هل يكن أن يفهم كيف كان رسول ال ممد صلى ال عليه وسلم يتعامل مع الخر؟‬
‫إنه لمر جلل يستحق من المة السلمية جعاء وقفة دفاع مشرفة عن معتقداتنا وعن رسول الحبة‬
‫والسلم والق ممد عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫ول شك ف أنا رائحة كريهة تفوح من وراء هذا المر‪ ،‬ومن وراء الغايات البيثة الت تتفي وراء‬
‫هذا المر‪ ،‬فهي نار يشعلها أعداء السلمي من يهود ومن يدور ف فلكهم من الغررين والاقدين‬
‫والسفهاء‪.‬‬
‫ك الَْيهُو ُد وَلَ الّنصَارَى حَتّى تَتّبِ َع مِلَّتهُمْ}البقرة‪.)120 :‬‬ ‫{وَلَن َت ْرضَى عَن َ‬
‫إن الوقف النبيل السبّاق الذي تقفه الملكة وشعب الملكة هو ف دائرة حرص الملكة على سعة‬
‫السلم والسلمي‪ ،‬والدفاع عن العقيدة السمحة الت ما تزال تعطي للعال مشاعل نور وهداية‪ ،‬وهي‬
‫بذلك كانت الطليعة ف إعلن الغضب والطالبة بتقدي العتذار الرسي من الدولة السيئة على ما كان‬
‫منها بق خي البية‪ ،‬كما أن مقاطعة البضائع الدناركية والنرويية وسيلة من وسائل العقاب كي‬
‫يسمع النحرفون صوت السلمي الناهضي للدفاع عن السلم‪ ،‬وننتظر من كل مسلم أن ينهض ف‬
‫هذا الوقت العصيب مدافعا بكل ما يستطيع عن عقيدته ودينه وأصله‪.‬‬
‫إن الدولة (الدنارك) الت يشرع برلانا بالعلن الفاضح الوافقة وقبول المارسات النسية بكل‬
‫ألوان الشذوذ‪ ،‬والذي يشرع زواج رجل من رجل وامرأة من امرأة‪ ،‬والذي أعلن صراحة وتشريعا‬
‫وقانونا موافقته على زواج امرأة من كلب‪ !..‬هذه الدولة ومهما بدر منها بعد هذه المثلة ف حق‬
‫الشرفاء‪ ..‬قليل‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫أما أنت يا سيدي يا رسول ال‪ ،‬سلم ال عليك‪ ،‬أنت البّأ من كل عيب‪ ،‬وحبيب ال‪ ،‬كم تملت‬
‫من الذى ف سبيل نشر الدعوة‪ ،‬وكم جاهدت وصبت حت ثبتت رسالة السلم‪ ،‬بعد أن أدرك‬
‫العقلء أنا رسالة الق ولي الناس أجعي‪ ،‬فعمّت القلوب والفئدة‪ ،‬وصارت للمؤمني إماما‬
‫ومنهجا‪ ،‬فكانت خاتة الديانات‪ ،‬وكنت صلى ال عليك وسلم خات النبيي‪.‬‬
‫وسنكون الفداء لذا الدين العظيم‪ ،‬والند الوفياء لرسالة السلم‪ ،‬والسياج الامي لكل القيم الية‬
‫والنبيلة‪ ..‬ونردد قول ال سبحانه‪{ :‬مّحَمّ ٌد رّسُو ُل الّل ِه وَالّذِي َن َمعَهُ أَشِدّاء َعلَى الْ ُكفّارِ ُرحَمَاء بَْيَنهُمْ‬
‫َترَاهُ ْم رُ ّكعًا ُسجّدًا َيبَْتغُونَ َفضْلًا مّ َن الّل ِه َو ِرضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي ُوجُو ِههِم مّنْ أََث ِر السّجُو ِد ذَِلكَ َمثَُلهُمْ‬
‫جبُ ال ّزرّاعَ‬ ‫فِي الّت ْورَاةِ َومََثُلهُمْ فِي الْإِنِيلِ َك َزرْعٍ َأ ْخرَجَ شَطَْأهُ فَآ َز َرهُ فَاستغَْلظَ فَاستوَى عَلَى سُوِقهِ ُيعْ ِ‬
‫ت مِْنهُم مّ ْغ ِف َرةً وَأَ ْجرًا َعظِيمًا} الفتح‪)29 :‬‬ ‫لَِيغِيظَ ِبهِ ُم الْ ُكفّا َر َوعَدَ الّلهُ الّذِينَ آمَنُوا َوعَ ِملُوا الصّالِحَا ِ‬
‫صدق ال العظيم‪.‬‬
‫=================‬
‫يا أنصار النب صلى ال عليه وسلم ‪ (( ..‬صفا واحدا ))‬

‫الكاتب‪ :‬عبدال بن مرزوق القرشي‬


‫قرأت شيئا ما كتب عن مؤتر البحرين لنصرة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬ومع أن ل أتفق مع‬
‫بعض الطروحات الت تناولت الؤتر ‪ ,‬غي أن ل أودّ أن ذلك ل يصل!‪ .‬إنن أقدّر أن الؤتر وما‬
‫تله من مناقشات هو عبارة عن درس جديد يكتب هذه الونة ف ثقافتنا العملية ‪ .‬ومثل هذه‬
‫الدروس ل يكتب لا البقاء والستمرار والتأثي حت تأخذ حقها من الداولة والنظر والتفاعل الشترك‬
‫بي الراء الختلفة ‪ .‬حت إذا كتب هذا الدرس كان مكتوبا بدادٍ من الياة ل تذروه الرياح ول‬
‫تحوه الليال واليام ‪ ,‬ناصعا يتوهج للجيال الاضرة والقادمة ‪ .‬والشرط الهم ف مداولتنا هذه‬
‫التركيز على الرأيِ ‪ ,‬والبحثِ عن القيقة الت ربا تكتمل بأجزاء من هذا الرأي وذاك‪ .‬وهنا ل مكان‬
‫للتعصب لشخاصنا حيث إنا ل نعلق على حدث سابق بقدر ما نريد أن نشارك ف صياغة درس‬
‫للمستقبل ‪ .‬إن هذا التفاعل الكبي مع نصرة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم هو حدث استثنائي‬
‫وفرصة كبية لن نستخلص ولو درسا واحدا لسيتنا الطويلة نن ‪-‬أمة السلم ‪. -‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فهذا تعليقي على ما جرى ف الؤتر وما تله أرتبه ف النقاط التالية‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬بعد أن أساءت الصحيفة لنفسها وأساءت لشاعرنا ف التعرض لنبينا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫هبّت المة السلمية هّبةً فِ ْطرِّيةً صادقة ‪ ,‬غيةً ونصر ًة لن هداها من الظلمات إل النور‪ .‬ول ُأنْكِر أن‬
‫ثة ملصي هم م ْن بادروا بتعريف المة واستنهاضها ‪ ,‬غي أن استجابة المة كانت أسرع وأكب من‬
‫أن نتذكر من هؤلء الشخاص ‪ ,‬جزاهم ال عن نبيهم وأمتهم خي الزاء ‪ .‬إننا ‪ -‬أمة السلم ‪-‬‬

‫‪343‬‬
‫أردناها نصرة لنبينا صلى ال عليه وسلم وحسب ‪ .‬ول أستثن من ذلك أحدا ‪ .‬وهذا مبدأ ينبغي أن‬
‫نلتزمه ف حواراتنا حول هذا الوضوع ‪ .‬فل يوز التشكيك ف النيات بأي حال من الحوال ‪ ,‬حت‬
‫لو أن بيننا أحدا أرادها لغي ال فل يوز أن نعامله على هذا الساس إل أن يكون بأيدينا دليل‬
‫(( وليس قرينة )) على نيته السيئة‪ .‬علينا بالظاهر وال يتول السرائر ‪ .‬ذلك منهج نبينا الذي ننصره‬
‫بأب هو وأمي صلى ال عليه وسلم عامل الناس على ظواهرهم حت النافقي أجرى عليهم حكم‬
‫السلم لاّ أظهروا إسلمهم وأبطنوا كفرهم ‪ .‬إن التامات والتخوين والتشكيك نفق مظلم طويل‬
‫‪,‬من دخله أجهد نفسه دون أن يهتدي إل ناية صحيحة ‪ .‬وما زال هذا النفق هو مهرب البطلي‬
‫كلما أشرقت عليهم شس القيقة كما قال كبيهم فرعون حي ظهر الق على يدي نب ال‬
‫سوْفَ َتعْلَمُو َن } ‪ .‬ومع وضوح‬ ‫خرِجُواْ ِمْنهَا َأهَْلهَا َف َ‬
‫موسى ]إِنّ هَذَا لَمَ ْك ٌر مّ َكرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ ِلتُ ْ‬
‫هذا البدأ (( عدم التشكيك ف النيات وأخذ الناس على ظاهرهم )) إل أن الرء يلمس من نفسه ومن‬
‫بعض إخوانه بعض التفريط فيه إبّانَ المارسات العملية ‪ .‬ولذلك كان التذكي بذا البدأ ف فاتة‬
‫الديث ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اللف ف بعض وجوهه تنوّعٌ وثراء ‪ ,‬ومشاركة متعة ‪ .‬ول مانع هنا أن يوجد الصواب عند‬
‫أحد التباع كما حدث هذا مع الباب بن النذر ف غزوة بدر‪ ,‬وربا يري الق طيبا سائغا على‬
‫لسان امرأةٍ متوارية خلف خبائها كما حصل لمنا أم سلمة رضي ال عنها ف صلح الديبية ف حل‬
‫أزمة تباطؤ الصحابة عن التحلل من عمرتم ‪ .‬وربا لع السداد ف ذهن شابٍ حادّ الذهن ‪ .‬ولذلك‬
‫كان عمر يستشي الشباب يبتغي حدة أذهانم ‪,‬كما قاله الزهري ‪ .‬فل غرابة إذن أن تتنوع الراء‪-‬‬
‫دون حجر على أحد ‪ -‬ف معالة أزمة الرسوم السيئة ‪ ,‬وما هي الطريقة الحسن ف التعامل مع هذا‬
‫الدث ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ولكن ف أي شيء يكون اللف ؟ وإل مت يستمر اللف ؟ وإذا احتجنا إل حسم اللف‬
‫فمن له الق ف ذلك ؟ وهذه أسئلة كبية ل يكن الجابة عليها جيعا‪ .‬ولكن نأخذ من ذلك ما‬
‫يهمنا ف هذا الوقف ( موقف الرسوم والنصرة ) ‪ .‬ول ريب أن هذا الوقف هو ما يتمل تنوع الراء‬
‫واختلفها هذا من جهة ‪ .‬ومن جهة أخرى فإنه موقف عملي ينبغي أن نتفق فيه على رأي موحّد‬
‫صفّا كَأَّنهُم بُنيَا ٌن ّم ْرصُوصٌ } ‪.‬‬
‫حبّ الّذِينَ ُيقَاِتلُونَ فِي َسبِيِلهِ َ‬ ‫حت نرج بوقفٍ قوي واحد ]إِ ّن الّلهَ ُي ِ‬
‫ونَرجع إل معينه الصاف سيته العملية صلى ال عليه وسلم " عليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين‬
‫الهديي من بعدي " ‪ .‬لنرى كيف كان يتعامل مع مثل هذه الواقف ‪ .‬وحري بنا أن نرجع دائما‬
‫لسيته صلى ال عليه وسلم لسيما ونن نناقش نصرته فليكن أول ما ننصره به اتباع طريقته وهديه‬
‫ف مواقفه العملية ‪ .‬وأشي باختصار إل غزوة أحد حي سح النب صلى ال عليه وسلم بتنوع الراء‬
‫ف كيفية مواجهة جيش الشركي ‪ ,‬وكان رأيه أن يقاتل ف الدينة ورأي الشباب أن يرجوا إل أحد‬

‫‪344‬‬
‫‪ .‬فلما جاء وقت العمل حسم اللف لحد الرأيي ( وكان ف ذلك الوقف هو رأي القتال خارج‬
‫ب بن سلول اليش بجة أن رأيه كان خيا من رأي‬ ‫الدينة ) ‪ .‬فلمّا ذهب إل أحد ترك عبد ال بن أ ّ‬
‫الشباب وانزم بثلث اليش ‪ ..‬فهنا طريقتان طريقة رسول ال صلى ال عليه وسلم الجتماع ولو‬
‫على رأي مفضول ‪ ,‬وطريقة عبد ال بن أب بن سلول التفرق بجة الرص على الرأي الفاضل ‪.‬‬
‫فلينظر امرئ ما يتار لنفسه ! ‪ .‬إن الجتماع على رأي مفضول خي من التفرق على رأي فاضل ‪] .‬‬
‫ب رِيُكُ ْم [‪ .‬إذن ل مانع من التنوع وتقليب الراء واللف حت يبدأ‬ ‫شلُوْا وَتَ ْذ َه َ‬
‫وَلَ تَنَا َزعُواْ فََتفْ َ‬
‫الوقف العملي ‪ ,‬فإذا جاءت الواقف العملية فيجب أن نتنازل عن بقية الراء ونتمع على رأي واحد‬
‫ونرج للمم الخرى صفا واحدا ‪ .‬ويبقى السؤال هنا ‪ :‬من يدّّد هذا الرأي دون بقية الراء‬
‫الباقية ؟ من يق له الختيار ؟‬
‫ونعود لسألتنا ف مؤتر البحرين لنقول إن أكب تمع للعلماء – حسب اطلعي – هو مؤتر البحرين‪.‬‬
‫حضر فيه جاعة من العلماء الجلء ‪ ,‬ووفود من الراكز السلمية ف الدنارك ‪ ,‬ونظمته مؤسسات‬
‫وهيئات إسلمية معروفة بهودها السلمية وجهودها ف حلة النصرة لات النبياء والرسلي ‪ .‬فأرى‬
‫من الناسب أن نتنازل عن آرائنا الخرى لرأي هؤلء العلماء الجلء ‪ ,‬لسيما أننا الن ف موقف‬
‫عملي ل يتمل النازعة والتفرق ‪ .‬واستطرادا فإن أذكّر إخوان بأن ثة نوذجان داخل واقعنا‬
‫السلمي فيما يتعلق بالختلف والتفرق ‪ .‬فهناك نوذج ركّز على النظام وأهل الدليل ‪ ,‬فخرج‬
‫بواقف منظمة ومرتبة ‪ ,‬لكنه أهل النظر للدليل حت أصبح سلطان النص يتراجع كثيا أمام سلطان‬
‫الراجع الدينية ‪ .‬وصورته الغالية تصل إل ما وصف ال {اتّخَذُواْ َأحْبَا َرهُ ْم َو ُرهْبَاَنهُمْ َأ ْربَابًا مّن دُونِ‬
‫الّلهِ } (‪ )31‬سورة التوبة‪ .‬وهناك نوذج آخر ركّز على سلطة الدليل واحترام النص ‪ ,‬وأهل التنظيم‬
‫والروج بواقف مرتبة حت غدا حال هذا النموذج فوضى عارمة ل يُعرف لذي قدرٍ قدره ‪ .‬وواجبنا‬
‫حيال هذا الواقع أن نضع نوذجا ثالثا يفظ لنا (( صفنا الواحد )) دون أن يولنا إل (( اتاذ‬
‫الحبار والرهبان أربابا من دون ال )) ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬وماذا عن قرار الؤتر وبيان الشيخي الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة ؟‬
‫وأقول ‪ :‬ابتداءَ فإن من الناحية العملية أرى موافقة الؤتر وعدم التفرق والتنازع سواء كان هناك‬
‫اقتناع بالطريقة الت أقرها الؤتر أم ل؛ فاجتماعنا على رأي مفضول خي من تفرقنا على رأي فاضل‪.‬‬
‫وإن كان ثة تسامح فل تثريب ف الخالفة على أل يكون إنكار ل يتناسب مع طبيعة الواقف‬
‫العملية‪.‬‬
‫هذا من حيث البدأ ‪ .‬أمّا رأيي الاص – ومن أنا حت يكون ل رأيٌ خاص ف مقابل هؤلء‬
‫الجلء ؟! ولكن مرد مشاركة نظرية – فربا كان الصواب مع أحد التباع أو أحد الشباب ! ‪.‬‬
‫فأرى أن رأي الؤتر كان رأيا موفقا وسديدا ‪ .‬ذلك أن القاطعة وسيلة وليست هدفا ‪ .‬فأهدافنا ف‬

‫‪345‬‬
‫هذه الملة ‪ -‬إن صح التعبي – كفّ السفهاء عن النيل من مقدساتنا ‪ .‬وتبليغُ الناس رسالت ال‬
‫وهداياته كما نراها نن ل كما يراها خصومنا ‪ .‬ومن أجل تقيق هذه الهداف سنجد وسائل كثية‬
‫من أهها القاطعة ‪ .‬ومن الهم أن نتعامل مع هذه الوسيلة بذكاء ووعي حت نصد منها أكب‬
‫مكاسب مكنة‪ .‬بالقاطعة تستطيع أن تلفت انتباه الشعوب إليك لتقول لم ما تشاء ‪ .‬بالقاطعة‬
‫تستطيع أن تعاقب الصم العاند ‪ .‬بالقاطعة تستطيع أن تقق مكاسب للسلم ف بلدان الغرب ‪ .‬إن‬
‫القاطعة ليست عاطفة بسيطة فحسب بل هي صناعة ومهارة ‪ ,‬وفنٌ وذكاء ‪ .‬ولذلك فل بد لذه‬
‫القاطعة من إدارة تصرّف هذه الوسيلة وتقلّبها با يقق لنا مكاسب أكب ‪ ,‬تاما كالدراهم تعلها ف‬
‫يد تاجر ماهر يقلبها ف أنواع التجارة ف السوق ليدّها إليك أضعافا مضاعفة ‪ .‬وهؤلء العلماء‬
‫والؤسسات النظمة هي أفضل اليارات المكنة لدارة الوقف ‪ .‬إن أمانة الؤتر حي رفعت القاطعة‬
‫عن شركة " آرل " لهودها الت اعتَب َرتْها كافية لستثنائها من القائمة = قد جعلت الشركات تتنافس‬
‫لحاولة رفع القاطعة عنها‪ .‬والمانة ستشترط على كل شركة ما تراه مناسبا لكسب الولة بيننا وبي‬
‫خصومنا ‪ .‬ومعن هذا أن أمانة الؤتر فكّت الصار عن الالية السلمة ف الدنارك ‪ .‬وتولت هذه‬
‫التكتلت القتصادية العملقة إل طوق ياصر الكومة اليمينية ‪ ,‬ومثل هذا القرار الكيم الواعي غيّر‬
‫قواعد اللعبة داخل الدنارك ‪ .‬فأصبح إخواننا السلمون مع الماهي من الشعب والشركات الضخمة‬
‫‪ ,‬أصبحوا ضد أقليّة تصر على الساءة لنا ‪ .‬بعد أن كان إخواننا أقليّة ماصرة‪ .‬وبذا يظهر أن الؤتر‬
‫ليس ضد القاطعة ‪ ,‬بل هو مع القاطعة ومع استثمار القاطعة بصورة أكب ‪ .‬وف الملة فإن أرى ما‬
‫حصل تقدما ظاهرا ف تعاطي السلمي مع قضاياهم ‪ ..‬عواطف " الماهي " الصادقة ‪ ,‬تلتقي بإدارة‬
‫" الكماء " الواعية! ‪.‬‬
‫وعودا إل بداية الديث فإن الدرس الستخلص هو ما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يكرره‬
‫على أصحابه مع كل صلة ‪ ,‬حت إن النسان مع كثرة قراءة النص وتأمله لكأنه يسمع صوته صلى‬
‫ال عليه وسلم وهو يقول ‪ (( :‬سووا صفوفكم )) ‪.‬‬
‫يارسول ال عذرا‬
‫الكاتب‪ :‬الشاعر ممد ممود أحد من مصر‬
‫يارسول ال عذرا ‪ ..‬قالت الدنارك كفرا‬
‫قد أساؤا حي زادوا ‪ ..‬ف رصيد الكفر ُفجرا‬
‫ل ‪ ..‬واستحلوا القدح جهرا‬ ‫حاكها الوباش لي ً‬
‫حاولوا النيل ولكن ‪ ..‬قد جنوا ذلً وخسرا‬
‫كيف للنملة ترجو ‪ ..‬أن تطال النجم قدرا‬
‫هل يعيب الطهر قذفٌ‪ ..‬من استرضع خرا‬

‫‪346‬‬
‫دولة نصفها شاذٌ ‪ ..‬ولقيطٌ جاء عهرا‬
‫آه ٍ لو عرفوك حقا ‪ ..‬لستهاموا فيك دهرا‬
‫سية الختار نو ٌر ‪ ..‬كيف لو يدرون سطرا‬
‫لو دروا من أنت يوما ‪ ..‬لستزادوا منك غمرا‬
‫قطرةٌمنك فيوضٌ ‪ ..‬تستحق العمر شكرا‬
‫يارسول ال نري ‪ ..‬دون نرك ‪ ..‬أنت أحرى‬
‫أنت ف الضلع حيٌ ‪ ..‬ل تت والناس تترى‬
‫حبك الوردي يسري ‪ ..‬ف حنايا النفس نرا‬
‫أنت ل تتج دفاعي ‪ ..‬أنت فوق الناس ذكرا‬
‫سيد للمرسلينا ‪ ..‬رحة جاءت وبشرى‬
‫قدوة للعالينا ‪ ..‬لو خبت ل نن خيا‬
‫يارسول ال عذرا ‪ ..‬قومنا للصمت أسرى‬
‫ندد الغوار منهم ‪ ..‬وسواد الناس سكرى‬
‫أي شيءٍ قد دهاهم ‪ ..‬مالم ينون ظهرا‬
‫ل يعد للصمت معنً ‪ ..‬قد رأيت الصمت وزرا‬
‫ملت السياف غمدا ‪ ..‬ترتي الساد ثأرا‬
‫إن حيينا بوان ‪ ..‬كان جوف الرض خيا‬
‫يؤل الحرار سبٌ ‪ ..‬لرسول ال ظُهرا‬
‫ويزيد الرح أنّا ‪ ..‬نسكب اللم شعرا‬
‫فمت نقذف نارا ‪ ..‬تدحر الوغاد دحرا‬
‫ياجوع الكفر مهلً ‪ ..‬إن بعد العسر يسرا‬
‫====================‬
‫يوميات النترنت‪ :‬دفاع شرس عن الرسوم‬

‫الكاتب‪ :‬رامي رحيّم‬


‫بعيدا عن العواصم والدن السلمية‪ ،‬ف زوايا شبكة النترنت اللمتناهية‪ ،‬تستمر معركة أزمة الرسوم‬
‫بالتفاعل على نار حامية‪ .‬لكن الصورة هنا متلفة تاما عما رأيناه ف العلم التقليدي‪ ،‬سواء ف العال‬
‫السلمي أو ف العلم الغرب‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫فبالنسبة لعدد من كتاب اليوميات (‪ Blogg‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪)s‬‬
‫اليمينيي‪ ،‬فإن سلوك العلم الغرب والسياسيي ف الغرب حول موضوع الرسوم اتسم بالب‬
‫والتكاذب‪ .‬ول لبس بالنسبة لؤلء حول فحوى الزمة‪ :‬إنا معركة مصيية حول حرية التعبي ف ظل‬
‫"جهاد" إسلمي مفتوح ضد القيم الغربية‪ ،‬وف ظل استسلم غرب مكشوف‪.‬‬
‫فهم يهاجون بكتاباتم بشكل أساسي تيارين فكريي‪:‬‬
‫الول ف العال السلمي‪ ،‬يرى أن السلم دين مسال يتعرض لرب شرسة من العال الغرب‪.‬‬
‫والثان ف الغرب‪ ،‬يرى أن الرسوم تشكل تعديا مسيئا وغي مسؤول‪ ،‬ويث على احترام القدسات‬
‫ورسم خط واضح بي الرية والساءة‪ .‬وهنا ل بد من الشارة إل أن عدد مواقع اليوميات (بلوغز)‬
‫هائل ومن شبه الستحيل القيام براجعة شاملة لا‪ .‬ما يلي هو مرد تغطية بسيطة لعدد صغي من‬
‫الواقع اليمينية الت تثل تيارا برز ف الغرب بعد الزمة‪.‬‬
‫ل بد أول من نظرة خاطفة إل ثقافة كتابة اليوميات‪.‬‬
‫لاذا البلوغز ؟‬
‫هذه الظاهرة الديثة نسبيا تثي جدل واسعا ف الوساط العلمية لسبب بسيط‪ :‬إنا تتيح لي كان‬
‫أن ينشر كل ما يريد بالصورة والنص والصوت‪ ،‬وأن يعله متوفرا على شبكة النترنت لليي الناس‪.‬‬
‫إنا ظاهرة إعلمية بامتياز‪ ،‬لكنها ترم العلم التقليدي من احتكاره لعلم الماهي‪.‬‬
‫هكذا إذا تكن كاتب يوميات عراقي‪ ،‬على سبيل الثال‪ ،‬من أن يطف الضواء العالية خلل اجتياح‬
‫البلد عام ‪ 2003‬من خلل كتاباته البسيطة من صلب موقع الدث‪.‬‬
‫وهكذا أيضا يتمكن آلف كتاب اليوميات ف إيران والصي من تناول قضايا سياسية واجتماعية‬
‫مظورة ف العلم السيطر عليه ف بلدهم‪ ،‬ما يؤدي إل ملحقة مستمرة من السلطات لم بسبب‬
‫قوة رسالتهم وانتشارها‪.‬‬
‫نن إذا أمام وسيلة إعلمية متلفة تاما عن أي شيء سبقها‪ ،‬ومن الطبيعي أن تفرز كتابا يتناولون‬
‫الواضيع الساخنة برية أكب من العلم التقليدي‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬ماذا يقول كتاب اليوميات عن الرسوم وتداعياتا؟‬
‫"تالف كتاب اليوميات الكفار"‪" ،‬علينا أن نقف إل جانب الدنارك وأل نسمح لناشري عقيدة غي‬
‫متسامة أن يرمونا من أحد أكثر البادئ الغربية حيوية‪ :‬حرية التعبي‪" ،".‬أصحاب الواقع (على‬
‫النترنت) الذين ينشرون رسوم يلندز‪-‬بوست يتعرضون للتهديد ف حال ل يزيلوها‪ .‬لقد استسلم‬
‫العلم المريكي التقليدي للتخويف‪ ،‬لذا ل تنتظروا مساعدة منهم ف هذا الجال‪" ،".‬تقع مسوؤلية‬
‫دفع الوضوع قدما على البلوغز‪ ،‬وعلينا أن نقوم با نتقنه‪ :‬أن نظهر القيقة‪ ".‬هذا النص ورد على‬
‫موقع "إل جي إف" اليمين المريكي‪ .‬وتت النص وصلة تؤدي إل الرسوم‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫ويتابع الكاتب ف مكان آخر ليشدد أن الوضوع يلخص بالت‪..." :‬حرية التعبي‪ ،‬وما إذا كانت‬
‫حريتنا بالتفكي والكتابة والرسم يب أن تضع للـ"حساسيات الدينية" لكل من يهددنا بالعنف‪".‬‬
‫على موقع "باور لين" المريكي اليمين أيضا‪ ،‬نرى رسالة مشابة‪:‬‬
‫"ل تسمحوا للرهابيي بإسكاتنا‪ .‬نن أمريكيون ويكننا أن نزأ بالنبياء إذا اخترنا ذلك‪ .‬ادعموا‬
‫حرية التعبي‪ ".‬وتت النص وصلة أخرى‪ ،‬هذه الرة إل موقع يتيح لزائره أن يصل على قميص عليه‬
‫أحد الرسوم‪.‬‬
‫وعلى موقع يطلق على نفسه اسم "دراسة ف الثأر"‪ ،‬يقول الكاتب‪:‬‬
‫"هذا الوقع يهدى إل أصدقائنا ف الدنارك‪ ،‬تضامنا معهم ومع كل الغربيي الذين يعون أهية حرية‬
‫التعبي عن أنفسهم كما يشاءون بغض النظر عن غلظة هؤلء الذين يودون تديد أرواحنا وحرياتنا‬
‫بسبب‪...‬بعض الرسوم‪ ".‬ويلجأ أصحاب هذه الواقع إل السخرية ف معظم الحيان‪ ،‬وقد اختار‬
‫بعضهم إطلق إسم "تالف كتاب اليوميات الكفار" على موقعهم‪.‬‬
‫بالصور أيضا‬
‫ول يكتفي كتاب اليوميات بالنصوص الكتوبة‪ ،‬بل يلجأون أيضا إل الصور‪ .‬وعلى موقع باور لين‬
‫صور لتظاهرة أطفال ف باكستان مناهضة للرسوم‪ ،‬وتت الصورة كلم يشرح الغزى منها‪" :‬تذكروا‬
‫هذا حي يقول أحدهم أن سبب كره السلمي لنا هو سياسات إدارة بوش‪".‬‬
‫أما الصورة الثانية‪ ،‬فتبز أحد الولد ف التظاهرة حامل سكينا‪ .‬ويعلق الكاتب‪" :‬يبدو أن الفضل له‬
‫أن يذهب إل الدرسة عوضا عن التهديد بتمزيق الكفار طعنا‪ ".‬وف صورة ثالثة‪ ،‬تظهر إحدى‬
‫التظاهرات ف باكستان مرتدية برقع وحاملة لفتة كتب عليها‪" :‬بارك ال بتلر‪".‬‬
‫تيار فكري‬
‫وف حي يبدو واضحا الشعور العادي للسلم بشكل عام لدى هؤلء الكتاب‪ ،‬تبدو أيضا رغبتهم‬
‫بالتشديد على أنم أصحاب رسالة مبنية على فكر ما‪ .‬فبموازاة لجتهم الساخرة وهجومهم الكلمي‬
‫العنيف والهي أحيانا‪ ،‬يبزون تليل سياسيا اجتماعيا للفيات الزمة لدعم موقفهم‪ .‬من هنا‪،‬‬
‫يوجهون انتقاداتم إل الغرب‪ ،‬وتديدا إل ما يعتبونه الفشل الذريع لتجربة "التعددية الثقافية" (‬
‫‪ multicultu‬صلى ال عليه وسلم ‪ )alism‬ف أوروبا‪.‬‬
‫فحسب بعض الكتاب‪ ،‬فإن التعددية الثقافية قائمة نظريا على تشجيع الهاجرين على الفاظ على‬
‫تقاليدهم‪ ،‬ف مقابل أن يتقبل هؤلء القيم الوروبية‪ .‬لكن بالتطبيق‪ ،‬يتحول المر إل شبه انفصال من‬
‫جهة الهاجرين وإل مقاومة فعالة للندماج‪.‬‬
‫كما يرى الكتاب أن الئمة السلمي ف الغرب "أتقنوا لعبة الليبالية الغربية"‪ ،‬فيختبئون وراء فكرة‬
‫حرية التعبي حي يلئمهم ذلك‪ ،‬ويتجون عليها ف أحيان أخرى‪ ،‬باني ذلك على فكرة الساسيات‬

‫‪349‬‬
‫للثقافات التعددة ف البلد‪ .‬وف مثل آخر على تشديدهم على أنم أكثر من مرد مموعة معادية‬
‫للسلم‪ ،‬يقدم بعضهم شرحا للسباب الت تدفعه إل نشر الرسوم‪ ،‬مبنيا على رؤية لكافحة الرقابة‪:‬‬
‫"من الضروري على كل صحيفة أن تعيد نشر الرسوم‪ .‬هذا ليس مرد تعبي رمزي عن الدعم‪ ،‬إنه‬
‫إجراء عملي ضد الرقابة‪ .‬فالرقابة‪ ،‬وخاصة العنيفة منها الت يهدد با الصوليون السلمون‪ ،‬ل تفعل‬
‫فعلها إل ف حال تكنت من عزل الضحية‪ ،‬وجعله يشعر أنه وحده ف دائرة الطر‪".‬‬
‫ويتابع الكاتب‪:‬‬
‫"ليس العرب الصول ف الشارع الذي يمل لفتة تقول "اقطعوا رأس من يهي السلم" هو الذي‬
‫ييف الفنان أو الكاتب‪ .‬ما ييفه هو شعوره بأن حي يلحقه من يود قطع رأسه سيكون وحده لن‬
‫الخرين سيتصرفون بب وسيضعون رؤوسهم بالرض‪".‬‬
‫أربعة تيارات رئيسية‬
‫يصعب التنبؤ بالنحى الذي سيأخذه الدل الذي خلفته أزمة الرسوم‪ .‬لكن تدقيقا ف أطراف الدال‬
‫الختلفة قد يساعد على توضيح الصورة‪ .‬يكن التمييز بشكل عام بي أربعة تيارات عامة ف الناع‬
‫الفكري القائم‪:‬‬
‫بعض اليمي السلمي يرفع الصوت عاليا ف العال السلمي وف الغرب ف آن معا‪ ،‬قائل‪:‬‬
‫السلم يتعرض لرب من الغرب‬
‫الل هو مقاومة الد الغرب ف العال السلمي والعمل من أجل إقامة حكم إسلمي عالي‪ .‬وقد روج‬
‫لذا الفكر عدد من الشخصيات السلمية ف بريطانيا على سبيل الثال‪ ،‬بينهم أنم شوداري الذي‬
‫ظهر أكثر من مرة على برامج ب ب سي قائل إن حكم الشريعة السلمية يثل نظام حكم متفوق‬
‫على الديقراطية الغربية‪ .‬يصعب تديد مدى انتشار هذا التيار‪ ،‬لكن يكن القول إنه ف بريطانيا يكن‬
‫حصره بعدد قليل من الشخصيات الت تتحدث علنا بذا النطق‪ ،‬مع أن بعض الستطلعات تشي إل‬
‫ارتفاع نسبة السلمي الؤيدين لتطبيق أحكام الشريعة السلمية ف بريطانيا‪.‬‬
‫تيار إسلمي توفيقي‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يسعى تيار من السلمي إل التوفيق بي النتماء للسلم والنتماء إل الجتمعات‬
‫الغربية الت يعيشون فيها‪ .‬ويرى هؤلء‪ :‬أن السلم يتعرض لعنصرية من جانب عدد كبي من‬
‫الغربيي‪ ،‬با ف ذلك العلم‪ .‬أن ذلك ل يثل كل الجتمع الغرب‪ .‬أنه يتعي إياد طريقة للتوفيق بي‬
‫حرية التعبي واحترام القدسات‪ .‬أنه من الطأ اللجوء إل العنف ف كل الالت‪.‬‬
‫تيار غرب توفيقي‬
‫التيار ف الغرب الذي عب عنه معظم السياسيي الوروبيي‪ ،‬بالضافة إل الدارة المريكية ومعظم‬
‫العلم التقليدي‪ ،‬يرى أن‪:‬‬

‫‪350‬‬
‫السلم دين مسال بوهره‪ .‬بعض التطرفي يسعون لستغلل أوضاع سياسية متأججة ف الشرق‬
‫الوسط لفرض صيغة عنيفة من السلم‪ .‬يتعي إياد طريقة للتوفيق بي حرية التعبي واحترام‬
‫القدسات‪.‬‬
‫أما أقصى اليمي ف الغرب‪ ،‬فهو الذي عب عنه كتاب اليوميات‪ ،‬والذي بينهم من يرى أن السلم‬
‫بوهره ل يتقبل الختلف وييل إل استخدام العنف لفرض مقدساته على من ل يؤمن با‪ ،‬وأن‬
‫صيغة التعددية الثقافية فشلت فشل ذريعا‪.‬‬
‫‪ bbca‬صلى ال عليه وسلم ‪abic.com‬‬
‫==================‬
‫َي ْع ِرفُوَنهُ كَمَا َي ْع ِرفُونَ َأبْنَاء ُهمْ‬

‫د‪ .‬ممد بن سعد الشويعر‬


‫مَنْ يقول من أهل الكتاب‪ :‬إن السلم يعاديهم‪ ،‬فهو ناقص الفهم‪ ،‬إنه ل يعادي إ ّل ما عارض شرع‬
‫ال الذي أنزله سبحانه‪ :‬على موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ف التوراة أو ما يسمونه العهد القدي‪ ،‬وما‬
‫بدّلوه بسب ما تصف اللسن‪ ،‬افتراء على ال‪.‬‬
‫ول يعادي ما أنزله ال على عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ف النيل‪ ،‬لكن النكار على ما ُأدْخِل ف‬
‫النيل‪ ،‬مّا ل يأمر به ال سبحانه‪ ،‬ولذلك أمرنا رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بقاعدة عامة‪،‬‬
‫مضمونا أن ما حدّث به أهل الكتاب فل نصدّقه ول نكذّبه‪ :‬ل نصدقه مافة أن يكون ما عدّل‬
‫وبدّل‪ ،‬ول نكذّبه كذلك‪ ،‬ولكن نعرضها على ما شرع ال ورسوله لنا‪ ،‬فما وافقه أخذنا به‪ ،‬وما‬
‫ناقضه تركناه‪.‬‬
‫لنّ شرع ال الذي شرع لعباده واحد‪ ،‬خاصّة فيما يتعلّق بتوحيد العقيدة مع ال‪ ،‬وُأْبقُوا على دينهم‪،‬‬
‫حت يطمئن من عرف دينه منهم حقيقة بكانة دين السلم‪ ،‬وقد أخب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ :-‬أن‬
‫من عرف القيقة منهم‪ ،‬فكان مصدقا بنبيّه وكتابه‪ ،‬ث لّا عرف السلم‪ :‬آمن به وبنبيّه ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،-‬فإن له أجرين‪ :‬أجر دينه الذي كان مؤمنا به‪ ،‬ث لا عرف القّ من دين السلم‪،‬‬
‫فاضت عيناه من الدّمع‪ ،‬لَمَا َعرَفَ من ال ّق فآمن بحمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وبرسالته‬
‫واتّبعها‪ ،‬لنّه يد وصف ذلك ف كتبهم‪.‬‬
‫يقول سبحانه ف هذا‪{ :‬وَإِ ّن مِنْ َأهْلِ الْكِتَابِ لَمَن ُي ْؤمِنُ بِالّلهِ َومَا أُنزِلَ ِإلَيْكُ ْم َومَآ أُنزِلَ إَِلْيهِمْ‬
‫حسَابِ}(‬ ‫خَا ِشعِيَ لِّلهِ لَ َيشَْترُونَ بِآيَاتِ الّلهِ ثَمَنًا قَلِيلً ُأوْلَِئكَ َلهُمْ أَ ْج ُرهُ ْم عِن َد رَّبهِمْ إِ ّن الّلهَ َسرِيعُ الْ ِ‬
‫‪)199‬سورة آل عمران‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫ويوم عاشوراء الذي أطلّ قمره‪ ،‬ف العاشر من مرم حسب الشّهر العرب‪ ،‬يوم عظّمه أهل الكتاب‬
‫فصاموه لن موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬صامه‪ ،‬فكان له مكانة عند أهل الكتاب‪ ،‬وحت عرب الاهلية‬
‫عرفوه أيضا بتعظيمهم الحرم‪.‬‬
‫ورسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬لا قدم الدينة رأى اليهود‪ ،‬يصومون اليوم العاشر من شهر‬
‫مرم‪ ،‬فسألم عن السبب؟ فقالوا‪ :‬هذا يوم نّى ال فيه موسى وقومه‪ ،‬وأغرق فرعون وقومه‪ ،‬فصامه‬
‫موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ ،-‬فنحن نصومه‪ ..‬شكرا ل‪.‬‬
‫فقال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪( :-‬نن أحقّ بوسى منكم)‪ ،‬فصامه وأمر بصيامه‪ ،‬وقال لا سئل عن‬
‫صوم يوم عاشوراء؟ احتسب على ال أن يكفّر السّنة الت قبله) أخرجه مسلم ف الصيام ‪ -‬فضل صوم‬
‫الحرم عن أب هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪. -‬‬
‫وقد أجع العلماء‪ ،‬على سنيّة صيام عاشوراء‪ ،‬لكنه ليس بواجب‪ ،‬فهو سنّة مؤكّدة‪ ،‬قال عبد الرحن‬
‫ابن قاسم ف حاشية الروض الربع‪ :‬عاشوراء‪ :‬اسم إسلمي ل يعرف ف الاهلية‪ ،‬وهو العاشر من‬
‫مرم وأجعوا على سنّية صيام عاشوراء‪ ،‬وأنه ليس بواجب‪ ،‬وعن أحد وجب ث نسخ‪ ،‬اختاره الوفّق‬
‫والشارح ‪ -‬يعن نفسه ‪ -‬والشيخ وغيهم‪ ،‬وفاقا لب حنيفة‪ ،‬وبقي استحبابه إجاعا‪ ،‬والخبار فيه‬
‫مستفيضة‪ ،‬أو متواترة (‪450:3‬‬
‫وسئل ابن عباس عن صيامه؟ فقال‪ :‬ما صام رسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يوما يطلب فضله على‬
‫اليام‪ ،‬الّ هذا اليوم‪ ،‬ول شهرا الّ هذا الشهر يعن رمضان‪ ،‬مع ان رسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ،-‬حث على صيام شهر الحرم لفضله‪.‬‬
‫وروى مسلم عن ابن عباس‪ :‬أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال‪( :‬لئن بقيت‪ ،‬أو لئن عشت‬
‫إل قابل‪ ،‬لصومنّ التاسع يعن مع العاشر)‪ .‬ولذا قال العلماء‪ :‬يكره إفراد العاشر لقوله ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪( :-‬صوموا يوما قبله أو يوما بعده خالفوا اليهود)‪ ...‬وف رواية‪( :‬صوموا يوما قبله‪،‬‬
‫ك ف الشهر‪ ،‬أو من يستحسن صيام ثلثة أيام متتابعة‪ ،‬ولذا من‬ ‫ويوما بعده) ويقول بذا من يش ّ‬
‫ترجيحات شيخنا عبد العزيز بن بكر‪ ،‬واستحسانه صيام هذه الثّلثة‪ .‬رحه ال‪.‬‬
‫ومن هذا التفضيل بالصيام‪ ،‬أنه تعبي عن شكر نعمة ال‪ :‬حيث انتصر الق بنجاة موسى وقومه‪،‬‬
‫واندحر الباطل‪ ،‬بغرق فرعون وقومه‪{ :‬فَأَخَ ْذنَاهُ َوجُنُو َدهُ فََنبَذْنَاهُ ْم فِي اْليَمّ فَان ُظرْ كَيْفَ كَا َن عَاقَِبةُ‬
‫الظّالِ ِميَ}(‪)40‬سورة القصص‪ ،‬ولكن أهل الكتاب ضيّعوا فضل هذا اليوم‪ ،‬وتسّك به السلمون‪.‬‬
‫ويوم المعة كان يوما يعظمه أهل الكتاب أيضا‪ ،‬كما ف كتبهم‪ ،‬ولكنهم ضيّعوا هذا الفضل فقد‬
‫رُوي ف الوطأ وعند الترمذي وأب داود والنسائي‪ ،‬عن أب هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أنه قال‪:‬‬
‫خرجت إل الطّور‪ ،‬فلقيت كعب الحبار‪ ،‬فحدّثته عن التّوارة‪ ،‬وحدثنه عن رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،-‬أنه قال‪( :‬خي يوم طلعت عليه الشمس) يوم المعة‪ .‬فيه خلق آدم‪ ،‬وفيه أهبط وفيه‬

‫‪352‬‬
‫ِتْيبَ عليه‪ ،‬وفيه مات‪ ،‬وفيه تقوم الساعة‪ ،‬وما من دابّة إ ّل وهي مصيخة يوم المعة‪ ،‬من حي تصبح‬
‫حت تطلع الشمس‪ ،‬شفقا من الساعة‪ ،‬إ ّل النّ والنس‪ ،‬وفيه ساعة ل يوافقها عبد مسلم وهو‬
‫يصلي‪ ،‬يسأل ل شيئا إلّ أعطاه ال‪ ..‬قال كعب‪ :‬ذلك ف كل سنة يوم؟ فقلت‪ :‬بل ف كل جعة‪.‬‬
‫فقرأ كعب التوراة‪ ،‬فقال‪ :‬صدق رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬قال أبو هريرة‪ :‬فلقيت بصرة‬
‫بن أب بصرة الغفاري‪ ،‬فحدثته‪ ،‬ث لقيت عبد ال بن سلم‪ ،‬فحدثته بجلسي مع كعب الحبار‪ ،‬وما‬
‫حدثت كعبا به عن يوم المعة‪ ،‬فقلت له‪ ،‬قال كعب‪ :‬ذلك ف كل سنة يوم‪ ،‬فقال عبد ال بن‬
‫سلم‪ :‬كذب كعب‪ .‬فقلت‪ :‬ث قرأ كعب التوراة‪ ،‬فقال‪ :‬هي ف كل جعة‪ ،‬فقال عبد ال بن سلم‪:‬‬
‫صدق كعب‪ ..‬إل آخر الديث‪ ..‬وكعب وعبد ال‪ ،‬من أحبار اليهود الذين عرفوا اليهود فأسلموا‪.‬‬
‫وواقعة ثالثة‪ ،‬تتقارب ف الغزى مع غيها‪ ،‬مّا تقوم به الجة على أهل الكتاب‪ ،‬بعدم اتباعهم دعوة‬
‫ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬لا جاء ف صحيح التوراة‪ ،‬وماجا ف البشارة به ف النيل ‪ -‬عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،-‬ما روي عن عمر بن الطاب ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن اليهود قالت له‪ :‬إنكم‬
‫تقرأون آية ف كتابكم‪ ،‬لو علينا معشر اليهود نزلت‪ ،‬لتذنا ذلك اليوم عيدا‪ .‬قال‪ :‬وأي آية؟ قالوا‪:‬‬
‫{الَْي ْومَ أكملتُ لَكُ ْم دِينَكُ ْم وَأَْتمَ ْمتُ َعلَيْكُ ْم ِنعْمَتِي}(‪)3‬سورة الائدة‪ .‬قال عمر‪ :‬وال إن لعلم اليوم‬
‫الذي نزلت فيه والساعة نزلت يوم المعة عشية عرفة‪.‬‬
‫وهذا يدل على أنم يعرفون النب ممدا‪ ،‬ودينه كما يعرفون أبناءهم‪ ..‬ولذا جاء ف حديث عاشوراء‬
‫عنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪( :-‬صوموا يوما قبله أو يوما بعده خالفوا اليهود) ومنه كره العلماء‬
‫صومه منفردا‪.‬‬
‫خب غرق فرعون‬
‫جاء عند النويري ف ناية الرب‪ :‬لّا رجع فرعون بنوده‪ ،‬وقد أجرى لم النيل بزعمهم‪ ،‬دخل عليه‬
‫جبيل ف صورة آدميّ حسن اليئة‪ ،‬فقال له‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬عبيد من عبيد اللك‪ ،‬جئت مستعديا‬
‫على عبد من عبيدي‪ ،‬مكّنته من نعمت‪ ،‬وأحسنت إليه كثيا‪ ،‬فاستكب وبغي وجحد ف حقي‪،‬‬
‫وتسمّى باسي‪ ،‬وادّعى ف جيع ما أنعمت عليه به‪ ،‬أنه له وأنه ل منعم عليه به‪.‬‬
‫قال فرعون‪ :‬بئس ذلك من العبيد‪ ،‬قال جبيل‪ :‬فما جزاؤه عندك؟ قال‪ :‬يغرق ف هذا البحر‪ ،‬فقال‬
‫جبيل أسألك ان تكتب ل خطكّ بذلك‪ .‬فكتب له فرعون خطا‪ ،‬وأخذه جبيل‪ ،‬وجاء به إل‬
‫موسى‪ ،‬وأمره عن ال سبحانه‪ ،‬أن يرتل بقومه عن مصر‪ ،‬فنادى موسى ف بن إسرائيل‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالرحيل‪ ،‬فارتلوا وهم يومئذ ستمائة ألف‪ .‬وأهل التّوراة يقولون‪ :‬ل يعد فيهم ابن خسي سنة‪ ،‬ول‬
‫ص التوراة‪.‬‬
‫ابن عشرين سنة‪ ،‬ويقولون هو ن ّ‬

‫‪353‬‬
‫فلمّا سع فرعون بارتالم‪ ،‬أمر باجتماع جنوده قال تعال {فََأرْسَلَ ِف ْر َعوْنُ فِي الْمَدَائِ ِن حَا ِشرِينَ}(‬
‫‪)53‬سورة الشعراء‪ ،‬فاجتمعوا وهم ل يصون كثرة‪ .‬قيل‪ :‬إن هامان كان على مقدمة فرعون بألف‬
‫ألف وستمائة ألف‪.‬‬
‫قال الكسائي‪ :‬فساروا حت قربوا من موسى ومن معه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا موسى قد لقَنا فرعونُ بنوده‪،‬‬
‫والبحر أمامنا والسيف وراءنا‪ ،‬قال‪{ :‬قَالَ َكلّا إِ ّن مَعِ َي رَبّي سََيهْدِينِ} (‪)62‬سورة الشعراء‪ ،‬فأوحى‬
‫ال أن اضرب بعصاك البحر‪ ،‬فضربه {فَان َفلَقَ فَكَانَ ُكلّ ِفرْقٍ كَال ّط ْودِ اْلعَظِيمِ}(‪)63‬سورة الشعراء‪،‬‬
‫وصار فيه اثنا عشر طريقا‪ ،‬للسباط الثن عشر‪ ،‬فجعلوا يسيون وموسى أمامهم‪ ،‬وهارون وراءهم‪.‬‬
‫وجعل ال بينهم فتحا‪ ،‬ليى بعضهم بعضا‪ ،‬وجاء فرعون ومن معه إل البحر‪ ،‬ورأى تلك الطرق فيه‪،‬‬
‫فقال لامان‪ :‬هذه تفرّقت من هيبت‪ ،‬وقصد القتحام فلم يطاوعه فرسه ونفر من العبور‪ ،‬فأتاه جبيل‬
‫على رمكة ف صورة آدمي‪ ،‬فدنا من فرعون‪ ،‬وقال‪ :‬ما ينعك من العبور؟ وتقدّم إل جنبه فأشم فرس‬
‫فرعون‪ ،‬رائحة الرّمكة‪ ،‬فتبعها ودخل فرعون وجنوده‪ ،‬وجبيل أمامهم وميكائيل يسوق الناس‪ ،‬حت‬
‫ل يبق من جنود فرعون أحد على الساحل‪.‬‬
‫فجاءه جبيل بطّه‪ ،‬فلما رآه فرعون عرف انه هالك‪ ،‬وانض ّمتْ الطّرق‪ ،‬وأغْرق الناس وفرعون ينظر‬
‫إليهم‪ ،‬فقال‪{ :‬آمَنتُ َأّنهُ ل ِإِلهَ إِ ّل الّذِي آمََنتْ ِبهِ َبنُو إسرائيل}(‪)90‬سورة يونس‪ ،‬فقال له جبيل‪:‬‬
‫{آل َن وَقَ ْد َعصَْيتَ قَبْ ُل وَكُنتَ مِنَ الْ ُمفْسِدِينَ}(‪)91‬سورة يونس‪ ،‬ث غرق فرعون وجيع من معه‪،‬‬
‫وبنو إسرائيل ينظرون (‪.)209 - 208:13‬‬
‫==================‬
‫أزمة الرسوم السيئة للرسول الكري‬

‫لقاء مع فضيلة الشيخ سلمان العودة على قناة الزيرة – برنامج الشريعة والياة‬
‫مقدم اللقة‪ :‬عبد الصمد ناصر‬
‫ضيف اللقة‪ :‬سلمان العودة‪ /‬الشرف العام على مؤسسة السلم اليوم‬
‫تاريخ اللقة‪19/2/2006 :‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬السلم عليكم ورحة ال وأهل بكم ف برنامج الشريعة والياة‪ ،‬يقول ال سبحانه‬
‫وتعال ف سورة آل عمران الية الرابعة والستي {قُ ْل يَا َأهْلَ الكِتَابِ َتعَاَلوْا إلَى َكلِمَةٍ َسوَاءٍ بَْينَنَا‬
‫شرِكَ ِبهِ شَيْئا ول َيتّخِذَ َب ْعضُنَا َبعْضا َأرْبَابا مّن دُونِ الّلهِ فَإن َتوَّلوْا َفقُولُوا‬
‫وبَْينَكُمْ أَلّ َن ْعبُدَ إلّ الّلهَ ول نُ ْ‬
‫ا ْشهَدُوا بَِأنّا مُسْلِمُونَ} صدق ال العظيم‪ ،‬ف الثلثي من سبتمب‪ /‬أيلول ‪ 2005‬نشرت صحيفة (‬
‫‪ jyllands post‬صلى ال عليه وسلم ‪ )n‬ف الدانارك اثن عشر رسا كاريكاتوريا بذيء يسيء‬
‫للنب ممد صلى ال عليه وسلم وشلت تعليقا لرئيس التحرير عبّر فيه عن دهشته واستنكاره إزاء‬

‫‪354‬‬
‫القداسة الت ييط با السلمون نبيهم صلى ال عليه وسلم غي أن هذا التاريخ ليس يتيما ول معزول‬
‫فالرسوم السلبية لشخصية النب ممد صلى ال عليه وسلم ليست جديدة فهناك رسوم قدية ربا يعود‬
‫بعضها إل القرن الثامن عشر اليلدي وربا يكن عزو بدايات ذلك إل عهد الروب الصليبية وما‬
‫رسخته من صور نطية عن هؤلء الخرين العداء وقد تكرر عب الشهور الاضية تديدا الجوم على‬
‫شخصية الرسول ممد صلى ال عليه وسلم وعلى السلم بذريعة أنه دين كراهية ودين قتل من قبل‬
‫صحفيي وإعلميي وساسة وزعماء دينيي ف الوليات التحدة وأوروبا ومن هنا ذهب أحد علماء‬
‫النثروبولوجيا إل أن السلم تت الصار وهو حصار تفرضه رؤى سياسية واستراتيجية وإعلمية‬
‫وأيديولوجيا عامة معادية للسلم ومقابل ما ذكرناه ثة كتابات تناقش وتنتقد مساواة السلم‬
‫بالرهاب ما يعن أن هناك جدل قوي حول علقة السلم بالرهاب لكن هذا الدل يكاد يكون‬
‫مصورا ف الوساط الفكرية أما الوساط الشعبية والعلمية بل والسياسية فتسودها صور نطية‬
‫سلبية عن السلم والسلمي وعلقتهما بالعنف‪ ،‬فما هي الدوافع الكامنة وراء الرسوم السيئة‬
‫والجوم على السلم؟ وكيف يكن التعامل مع ذلك؟ وكيف نقوّم ما حصل من ردود أفعال؟ وما‬
‫تأثي ذلك على علقة السلمي بأوروبا؟ وما هي العلقة بي حرية التعبي والقدسات الدينية؟ وكيف‬
‫نتجاوز أزمة الرسوم؟ إذا أزمة الرسوم وكيف نتجاوزها موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة‬
‫والياة مع الداعية السلمي الشيخ سلمان العودة الشرف على مؤسسة السلم اليوم (‪Islam‬‬
‫‪ )today‬فضيلة الشيخ مرحبا بك‪.‬‬
‫سلمان العودة‪ -‬الشرف العام على مؤسسة السلم اليوم‪ :‬مرحبا أهل وسهل‪.‬‬
‫أسباب وتفسيات الزمة‪:‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬يا هل وسهل يعن فضيلة الشيخ كل يوم نرى أن هذا الغضب السلمي على‬
‫هذه الرسوم البذيئة السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم مازال مستمرا واللحظ أن رغم كل هذه‬
‫الوجات الغاضبة الساخطة والحتجاجات التكررة ف العالي العرب والسلمي تديدا إل أن العديد‬
‫من الغربيي من متلف التوجهات يبدون استغرابا ول يبدو أحد منهم متفهم لاذا كل هذا الغضب‬
‫والسخط ف العال السلمي كيف يكن أن نفهم هذا؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم بسم ال الرحن الرحيم المد ل والصلة والسلم على رسول ال الذي خاطبه‬
‫ك ُهوَ ا َلبَْترُ} وقد قرأت‬
‫حرْ} {إنّ شَانَِئ َ‬
‫ربه عز وجل بقوله {إنّا َأعْطَْينَا َك ال َكوَْثرَ} {َفصَلّ ِلرَّبكَ واْن َ‬
‫هذه السورة مساء هذا اليوم واستحضرت هذا العن وهذا الوضوع فأدركت أول قوله سبحانه {إنّا‬
‫َأعْطَْينَاكَ ال َكوَْثرَ} وهذه بشارة من ال سبحانه وتعال للنب صلى ال عليه وسلم بل وللمة كلها أن‬
‫الي الكثي البارك وليس فقط نر ف النة بل كل ألوان الي له ولدينه ولمته فهي موجودة باقية‬
‫ومهما كان الصار والضغط والواجهات فقد أثبت هذا الدين وهذا النب صلى ال عليه وسلم وهذه‬

‫‪355‬‬
‫القيم الت يملها جدارتا بالياة وخلودها وأنا تستعلي على كل التحديات ث قوله سبحانه {َفصَلّ‬
‫حرْ} وهذا فيه نوع من ضبط العلقة مع ال بالصلة والعلقة مع اللق من خلل قوله‬ ‫ِلرَّبكَ واْن َ‬
‫حرْ} ويقي يعرف السلم هنا أن النحر ليس نر البشر كما يريد العداء هو نر البُدُن {وَالْبُدْنَ‬ ‫{وانْ َ‬
‫َجعَ ْلنَاهَا لَكُم مّن َشعَاِئرِ الّلهِ} هو الصدقة هو البذل هو العطاء هو الحسان إل الناس إذا الحسان‬
‫ف عبادة ال والحسان إل عباد ال هذا هو منهجه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث قال سبحانه {إنّ شَانَِئكَ‬
‫ُهوَ الَْبَترُ} وهذا فيه إشارة إن الذين يستهزؤون به صلى ال عليه وسلم ويسخرون به هم الذين‬
‫كتب عليهم الزوال وكتب البقاء لدينه وهكذا ند أنه لا نزلت هذه السورة كان أتباع النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قليل ف مكة مستضعفون ف الرض مستضعفي ف الرض وكانوا يافون على أنفسهم‬
‫وال تعال وعدهم بالكوثر واللود وهكذا حدث والذين حاربوه كانوا أهل مال وجاه وولد { َذ ْرنِي‬
‫ومَنْ خََل ْقتُ وحِيدا} {و َج َع ْلتُ َل ُه مَا ًل مّمْدودا} {وبَِنيَ ُشهُودا} {و َمهّدتّ َلهُ تَ ْمهِيدا} وانظر أن‬
‫الكثيين ل يعرفون حت أسائهم فالكل يتحدثون عن أب جهل لكن لو سألتهم ما اسم أب جهل ل‬
‫يعرفوه وكذلك أبو لب فهذا مصداق ما أخب ال تعال به ولعله من الستحسن ف مثل هذه الواقف‬
‫الت يشعر فيها السلمون بالضض والغضب أن يكون هناك نوع من إعادة قراءة مثل هذه العان‬
‫وترطيب القلوب والنفوس با لن كثي من السلمون جرحوا من السلمي جُرحوا ف أعز ما يلكون‬
‫وهو مبتهم للرسول صلى ال عليه وعلى أهله وسلم‪ ،‬نعود إل السؤال الذي تفضلت به ف قضية‬
‫الوقف الغرب قد أستطيع أن أقول إن الغرب يواجه نوع من العزلة الضارية يعن هو يعيش حضارة‬
‫ولكنه يعيش عزلة عن بقية العال وهذا أمر مشكل جدا فربا أن الغرب يظن نفسه هو العال ويعترف‬
‫نظريا بالتأكيد بالخرين الذين يتلفون معه ثقافيا ودينيا وحضاريا يعترف بم نظريا لكن أعتقد أن‬
‫الغرب ف هذه الرحلة باجة إل يعن تأكيد هذا العتراف بشكل عملي الغرب يعترف نظريا بوجود‬
‫الخر الختلف معه لكن ل أظن أنه يعترف عمليا بثقافة الخر الختلف أو بضارته أو بدينه بدليل أن‬
‫الغرب يعتب نفسه العالَم‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر [مقاطعا]‪ :‬مركز الكون‪..‬‬
‫سلمان العودة [متابعا]‪ :‬مركز الكون بالضبط يعن مثلما‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬الركزية الغربية ما يسمى الركزية الغربية‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬الركزية يعن الن الغرب يقول العال الفنان العالي أو البدع العالي النتَج العالي بل‬
‫حت الرب‪ ..‬الرب العالية فكل ما ينتمي إل الغرب فهو يأخذ صفة العالية والكونية وحت القيم‬
‫والعايي الت يتم الوزن با هي يبدو تنطلق من طبيعة معينة شعور الغرب بالتفوق وشعوره بالقوة ف‬
‫هذه الرحلة ولذلك ربا يكون من الناسب أن أشي إل أن أصل الشكلة يرجع ف الواقع إلينا نن‬
‫تلّف العال السلمي تلفا تقنيا حضاريا سياسيا مسؤول إل حد كبي عن هذا المر وتلك الرسوم‬

‫‪356‬‬
‫قبل قليل الخ كان يسألنا يقول هل رأيتم الرسوم ما هو مضمونا فالرسوم منها ما يصف النب صلى‬
‫ال عليه وسلم بالتخلف منها مَا يصف النب صلى ال عليه وسلم بالرهاب كما أنت أشرت ف‬
‫مقدمة حديثك منها ما يصف النب صلى ال عليه وسلم بالشهوانية منها ما يصف النب صلى ال عليه‬
‫وسلم بألوان من العان الت ياولون أن يلصقوها بالسلم القدرية والستسلم إل غي ذلك من العان‬
‫إذا الوضع الذي يعيشه السلمون ف تلفهم هو مسؤول جزئيا من هذه الناحية ومسؤول من ناحية‬
‫أخرى أيضا وهي أننا ند أن اليهود مثلً أفلحوا ف استخراج قواني عالية ترّم التعرض‬
‫للهولوكوست أو تصويره أو إنكار هذه القضية التاريية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬حت العدد حت التقليل من العدد‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أو التقليل من العدد وقد حوكم مفكرون مثل ما حصل لغارودي وغيه تت طائلة‬
‫هذه القضية بل يوجد ف أميكا الن ليس فقط قانون وإنا جهات تتابع كل ظاهرة يكن أن توصف‬
‫بذا وتلحقها عب العال كله الذي ل يساعد نفسه ل يكن أن يساعده الخرون ولذلك‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬على كل حال هذا يدخل ف إطار أو ف مور كيف نرج من هذه الزمة وكيف‬
‫نديرها تفسي الهداف يعن السلمون صُدموا بأن تنشر مثل هذه الرسوم ول يفهموا الغزى والعن‬
‫لا أو يدوا لا تفسيا لذلك اختلف التفسيات من هذا وذاك وبي جهة وأخرى حت بي بعض‬
‫السلمي أنفسهم هناك مَن يقول بأن السلم هو الستهدف كدين وقيم ومفاهيم وهناك من يقول‬
‫بأن هناك حلة منظمة تستهدف جسّ النبض نبض الشارع السلمي وقياس مدى وجود السلم ف‬
‫حياة السلمي هناك من يؤمن بنظرية الؤامرة بأن اللوب الصهيون ياول إحداث شرخ بي العالي‬
‫العرب والسلمي عفوا والسيحي إل غي ذلك من التفسيات لكن إحدى العلقات وهي تثل طبعا‬
‫تيارا فكريا معينا ف الغرب ف أوروبا تديدا كتبت ف صحيفة إنديبندنت البيطانية رأت أن الدف‬
‫القيقي للذين نشروا تلك الرسوم وبي قوسي وصفتهم بالفرسان التحرريي بأن هدفهم هو البهنة‬
‫على أن السلمي ل يكن أن يثلوا جزء من أوروبا لنم حسب قولا كما وصفتهم أيضا رجعيون‬
‫لد يعلهم يستهجنون رسم نبيهم وهو يمل قنبلة ف عمامته‪ ،‬السؤال هنا كيف يكن تفسي هذه‬
‫الزمة ف سياق علقة أوروبا بالسلمي أو لنقل ف سياق الوجود السلمي ف أوروبا وف الغرب‬
‫عموما؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬بغض النظر عن يعن تداعيات أو أسباب هذه الرسوم قد تكون هذه الرسوم شرارة‬
‫معينة وف كثي من الحيان ليس الشكلة فقط بداية الفعل لكن تطورات الفعل بعن أنه هناك‬
‫أطراف‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬يب أن نعرف السباب قبل أن نعال المر‪..‬‬

‫‪357‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬هناك أطراف قد ل تصنع الفعل ولكنها تستغله أو تستخدمه بالتأكيد يوجد ف كل‬
‫دولة ف العال يوجد متطرفون يوجد يينيون يوجد عنصريون ونن نعرف أن هناك ناذج من الذين‬
‫تاوبوا مع هذه الرسوم سواء ف إيطاليا أو ف فرنسا أو ف ألانيا أو ف أي مكان هناك عينات معينة‬
‫عندهم أصل نزاعات عنصرية بل هناك أحزاب يينية تارب من تسميهم بالهاجرين وتسعى إل‬
‫حرمانم من القوق العادية وبالنسبة للمسلمي ف أوروبا السلمون يعيشون يعن ف كل بلد أوروب‬
‫وأحيانا يشكلون قوة يعن ل بأس با‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬قوة ناشئة الن ف أوروبا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬واللحظ أنم أن هناك يعن كثرة التوالد بي السلمي خلف للجناس الخرى وهذا‬
‫قد يقلق أطراف معينة تشعر بأنه يب عزل السلمي عن الياة الوروبية ليس هذا فقط بل أقول حت‬
‫العال السلمي هناك يعن ماولت كثية لتجاهل خيارات العال السلمي يكن من حقنا أن‬
‫نتساءل أن أوروبا الن مثل تتحدث عن سياسيا وأميكا عن الديقراطية لكن قبل أسبوع قرأت مقال‬
‫لحد كبار السؤولي ف ألانيا يقول إنه يبدو أن الديقراطية ل تصلح للعال السلمي لاذا؟ لنا‬
‫سوف تأت بقوى ل تناسبنا ول نستطيع أن نتقبل با إذا هناك معايي‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬القصود قوى إسلمية‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬قوى إسلمية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ولكن مقابل هذا التيار هناك تيارا سياسيا آخر ف الغرب ياول التقرب من هذه‬
‫القوى وفتح قنوات حوار معها الن؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم بدون شك كما قال ربنا سبحانه {لَيْسُوا َسوَا ًء مّنْ َأهْلِ ال ِكتَابِ ُأمّةٌ قَائِمَةٌ}‬
‫المم كلها ليست سواء ألوان الطيف الختلفة تكون موجودة ولذا ربا يكون من الشياء الهمة ف‬
‫مثل هذه الزمة أن على السلمي الذين يرصدون القضية أل يعمموا الحكام هكذا تاما لن معن‬
‫تعميم الحكام أننا سوف نتوقف عن توجيه الوار والطاب والدعوة وهذا مطلب شرعي فيوجد ف‬
‫أوروبا ويوجد ف أميكا ويوجد ف أناء العال بل ف هذه الزمة بالذات سعنا أصوات وقفت إل‬
‫جانب السلمي وسعنا بل فيه مواقف رفضت هذه المارسات رفضت إعادة الرسوم استهجنتها‬
‫اعتبتا إساءة وهذا دليل على أن السلمي لا تركوا وهبوا وجدت أصوات هناك تنصرهم لكن لا‬
‫يكون السلمون ساكتي حت الذين يستنكرون هذه الرسوم ل يكن أن يكونوا أحرص منكم على‬
‫دينكم وأغي منكم على نبيكم عليه الصلة والسلم‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ولكن قد يرد قائل بأن الذين أو هذه الصوات العتدلة كما تسمى ربا يركها‬
‫عامل اقتصاديا عامل مصال؟‬

‫‪358‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬وليكن هو أول يعن نن بيننا وبينهم وسائل كثية جدا للتحاور وإيصال الرسالة لكن‬
‫حت قضية الصال يعن لا ضغطنا من خلل القاطعة على النتجات الدانركية ف جيع بلد العال‬
‫السلمي حت وصلت مبيعاتا إل الصفر وأغلقت مصانع ف السعودية وف أكثر من بلد إسلمي‬
‫تضررت هنا أصبح للقضية معن‪ ،‬أود أن أؤكد أنه لو اقتصرت القضية فقط على مرد الظاهرات أو‬
‫الحتجاجات الغاضبة ربا ل تصل إليهم لنه ف كثي من الحيان نواجه مشكلة أننا قد ناطب‬
‫أنفسنا لكن ل ناطب العدو ل تصله الرسالة فالقاطعة هي السلوب والسلح الذي يفهمونه والذي‬
‫بوجبه وصلت الرسالة وبدؤوا يدرسون الوضوع من جديد‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ربا استغرب الكثيون يعن من السلمي بشكل عام أن الكثي من الدول الوروبية‬
‫كررت هذه الفعلة الشنيئة وجعل البعض يفسر هذا اللاح الغرب على أنه صلف وعناد لفرض‬
‫الثقافة الغربية القيم الغربية القائمة على تطيم القدس الدين كما يشيع له الكثي من الؤمني بشروع‬
‫الداثة الغربية‪ ،‬ما دقة هذا التفسي فضيلة الشيخ؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬قد يكون هذا التفسي دقيق بالنسبة للذين قاموا بذا العمل ف أوروبا جهات بدون‬
‫شك متعصبة أصولية كما يسمونا السيحية الصولية عندها غلو وف أميكا وهذه نطقت بذاتا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬حت غي التديني منهم ساندوهم‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬هذا صحيح يعن فيه فئات عديدة ف كل بلد أوروب هي انطلقت من منطلق تعزيز‬
‫هذا الوقف الداناركي واتامها للمسلمي بأنم ل يفهمون حرية التعبي وماولة فرض الفهوم الاص‬
‫والضيق بل ليس فقط أنه مفهوم خاص وضيق وإنا هو مفهوم بعيارين لن حرية التعبي الت ينادون‬
‫با ويقولون أن السلمي ل يفهموها هذه الرية ليست مطردة فهم ل يستطيعون أن ينشروا مثل أي‬
‫صور سلبية عن الولوكوست ول يستطيعون أن ينكروها بل ول يستطيعون أن يتحدثوا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬حت خصوصيات بعض الفراد مثل‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم بعض الفراد الرمزيي أو حت أنا وجدت إنه التاد الوروب انتقد إحراق‬
‫العلم ف أكثر من بلد العال ما هو إنا هو عبارة عن خرقة وقيمته معنوية أو رمزية الريدة نفسها‬
‫الت نشرت هذه الرسوم ذكرت صحيفة الغارديان الفرنسية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬البيطانية‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أنا رفضت نشر رسوم عن قيامة السيح عام ‪ 2003‬فأين كانت حرية التعبي عام‬
‫‪2003‬؟ وقالت وعلل رئيس التحرير عدم النشر حت ل يسيء إل بعض القراء طيب أين عدم‬
‫الساءة إل القراء؟ هنا سؤال أو نقطة مهمة لو أن هذه الريدة أو أي جريدة أخرى نشرت صور‬
‫لشخص معي حي بلحمه ودمه بذه الطريقة الشينة الزدوجة‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ستدعوهم أمام الحاكمة‪..‬‬

‫‪359‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أليس من حقه أن يتابعهم أمام الحاكم؟‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طبعا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬طيب أل يكن أن يصل إليهم فهم أو وعي من خلل هذا الصوت الذي وصل إليهم‬
‫تديدا أن السلمي ربا يتساهل أو يقبل الواحد منهم أو يعفو أن يتم تناوله شخصيا بذه الطريقة‬
‫لكن الرسول صلى ال علي وسلم أحب إليهم من أولدهم وآبائهم وأمهاتم ومن الناس أجعي وهذا‬
‫جزء من الدين {قُلْ إن كُنتُ ْم تُحِبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي يُحِْببْكُمُ الّلهُ وَي ْغفِرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُمْ والّلهُ َغفُورٌ‬
‫رّحِيمٌ} فمحبة الرسول صلى ال عليه وسلم مبة دينية مبة فطرية نن نطلب رضا ربنا سبحانه‬
‫والفوز بالنة من خلل مبة هذا النب الكري ونستشعر تضحيته صلى ال عليه وسلم وصبه ف‬
‫ص عََليْكُم بِالْ ُم ْؤمِِنيَ َرءُوفٌ‬
‫سكُ ْم َعزِيزٌ َعلَْي ِه مَا َعنِتّ ْم َحرِي ٌ‬
‫إيصال الرسالة {َلقَدْ جَاءَكُ ْم رَسُو ٌل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫رّحِيمٌ} يعن هذا التناول أشد على أي مسلم ما لو كان التناول له شخصيا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طيب حت نغوص أكثر ونبحر أكثر ف التفسي هل ترى أو تتفق مع مَن يقول بأن‬
‫هذه الزمة ليست فقط أزمة صراع أوروب إسلمي إنا هي صراع بي رؤيتي إحداها علمانية‬
‫وضعية والخرى متدينة تريد الفاظ على القدس؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬يعن أول أريد أن أؤكد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬هل يوجد صراع بي العلمانية والتدين؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم الصراع بي أوروبا والشرق أو بي العلمانية الت ل تؤمن بقدس أصلً يعن نرجع‬
‫إل أن أصل البدأ مبدأ هذه الرسوم هو يقوم على صورة صحيحة يعن هذه عبارة عن جهالة ولذلك‬
‫تفسيها من الصعب أن يتم بذه الطريقة فل يكن أن نقول إن هذا صراع بي أوروبا وبي العال‬
‫السلمي لن هذا صراع بي السفهاء الذين ل يقدّرون الصال من جهة وبالتال هنا يتوجب وهذا‬
‫الذي ينبغي أن يؤكّد يتوجب على أوروبا وعلى العقلء ف العال كله أن يكون هناك موقف صارم‬
‫وصريح ف قضايا الستقبل نن ند أن هذه الرسوم أحدثت آثار بشرية وإنسانية ليست بالينة فمن‬
‫هنا ما الذي يؤمن أن يتم التكرار؟ لذلك كثي من السلمي يتكلمون عن قضية العتذار الطالبة‬
‫بالعتذار‪ ،‬الطالبة بالعتذار هنا هي قيمة رمزية من أجل ضمان أل يتكرر الفعل يعن بعن إنه هذا‬
‫الفعل خطأ وإذا كان خطأ معناه إنه لن يتكرر ومن يكرره سوف يكون تت طائلة العقاب والؤاخذة‬
‫أما إذا ظلت القضايا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬العتذار كاف تعتقد؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬ل أنا أعتقد كما قلت العتذار هو عبارة عن شيء رمزي هناك مموعة قضايا‬
‫مموعة إجراءات‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬إذا أن هناك خطوات يب أن تتبع العتذار؟‬

‫‪360‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم يكن أن يتم الوصول إليها‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ما قولك ف مَن يرى بأن العتذار كاف وربا آخر الصوات الت رأت ذلك ف‬
‫الملكة العربية السعودية الشيخ أعتقد البيكان عضو ملس الشورى قال بأن العتذار كاف؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬هو أول ينبغي أن يعرف إنه ل يصدر اعتذار هناك‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬صدر عن الصحيفة‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬حت عن الصحيفة على حد علمي أن هناك أسف نوع من السف العتذار الصحيفة‬
‫ل زالت تتمنع عن كتابة العتذار‪ ،‬العتذار معناه أن الصحيفة أخطأت الصحيفة ل زالت تصر على‬
‫أن هذا من حرية التعبي أنا أسأل حرية التعبي هي إحدى القيم الجتماعية وهذه الرية حرية‬
‫مشروطة كأي قيمة أخرى الن ف الغرب أخي لو أن أحد الصحف تكلمت عن قضية من قضايا‬
‫القاومة الوطنية ف العال السلمي ل ْعتُِبرَ هذا نوع من تجيد الرهاب وأوخذت الصحيفة أو القناة‬
‫تت طائلة العقاب ف ظل قانون يسمى ملحقة تجيد الرهاب وهذا أمر موجود ومعروف فهذه‬
‫الرية الطلقة ليست موجودة إل ف اليال أما ف الواقع فكل الريات مضبوطة أقول هذه الصحيفة‬
‫ل تعتذر ل زالت تعتب أن ما فعلته هو جزء من حرياتا وأن السلمي عليهم أن يعدلوا مفاهيمهم إنا‬
‫الصحيفة أبدت السف وحت السؤولي هناك بل هناك نقطة مهمة جدا وأنا أود أن ينتبه لا كل‬
‫العنيي ف القضية أن ف الدانارك هناك ماولة لياد انشقاق داخل الالية السلمية هناك أكثر من‬
‫مائتي ألف أو مائة وثاني ألف مسلم ف الدانارك هناك نوع من استبعاد أئمة الساجد وجهور‬
‫السلمي واعتبار أنم مسؤولون عن هذا الدث وإياد نوع من العلقة الاصة مع مموعات أخرى‬
‫قد يكون لا رؤيتها نن ل نتحدث عنها لكنن أقول يب أن يكون هناك وعي عند العقلء ف‬
‫الغرب بعالة القضية من خلل ماطبة السلمي جيعا وليس اللعب على تناقضات معينة قد توجد‬
‫بي فئة وأخرى هذا معن مهم جدا‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬نعم يعن إحنا خصصنا هذا الزء الول لتوضيح التفسيات الت تبدو وراء هذه‬
‫الرسوم على كل حال سنخصص الحور الثان للستجابة السلمية وتاوب السلمي أو تفاعل‬
‫السلمي مع هذه الزمة ولكن نستأذنك بعد هذا الفاصل فضيلة الشيخ نعود إليكم بعد هذا الفاصل‬
‫فابقوا معنا‪.‬‬
‫الستجابة السلمية للزمة‪:‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬السلم عليكم ورحة ال وأهل بكم من جديد ف الشريعة والياة حلقة اليوم‬
‫حول أزمة الرسوم وكيف نتجاوزها وضيفنا الشيخ سلمان العودة الداعية السلمي والشرف على‬
‫مؤسسة السلم اليوم (‪ )Islam today‬فضيلة الشيخ تدثنا ف الحور الول عن السباب نريد‬
‫أن نصص الزء الثان للستجابة السلمية لذه الزمة والتفاعل معها هناك شخصيات منظمات‬

‫‪361‬‬
‫إسلمية كثية بادرت الن للدعوة إل السية النبوية الشريفة عناية خاصة والعمل على التعريف‬
‫بشخصية الرسول وحياته وإظهار صفاته وخلقه إل أي مدى تعكس أزمة الرسوم هذه الرسوم الشينة‬
‫جهل بالسلم حت تكون خطوتنا أو إجابتنا هي التعريف بالرسول صلى ال عليه وسلم؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬وال هذا سؤال أنا اعتب إنه مركزي القيقة لن الرسول صلى ال عليه وسلم لّص‬
‫رسالته بقوله "إنا بعثت لتم مكارم الخلق" لحظ قضية الخلق كقيمة إنسانية ف العلقة بي‬
‫الناس ونفّذ هذا صلى ال عليه وسلم الغرب يقولون الخلق تبي عند القوة هذا مثل إنليزي طيب‬
‫ننظر النب صلى ال عليه وسلم لا قدر وقوي ماذا عمل؟ "اذهبوا فأنتم الطلقاء" العفو السامة يعن أنه‬
‫يبن جسور للعداء الاربي ل يقم مازر ول ماكم تفتيش ول معتقلت ول متشدات ول سجون‬
‫سرية ول شيء من ذلك على رغم النصر العظيم الذي تكلل له صلى ال وسلم ف آخر حياته {إذَا‬
‫صرُ الّلهِ واْلفَتْ ُح (‪ )1‬ورَأَْيتَ النّاسَ َيدْخُلُو َن فِي دِينِ الّلهِ أَ ْفوَاجا} فهذا جانب ما يتعلق بالقوة‪،‬‬
‫جَاءَ َن ْ‬
‫أيضا الانب الثان الخلق تبي عند الختلف يعن قدرة السلم على استيعاب الختلفي‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر [مقاطعا]‪ :‬القدرة عند الختلف‪..‬‬
‫سبّوا الَذِي َن يَ ْدعُو َن مِن دُونِ‬
‫سلمان العودة [متابعا]‪ :‬حت القرآن ند قول ال سبحانه وتعال {ول تَ ُ‬
‫الّلهِ فََيسُبّوا الّلهَ عَدْوا ِبغَْي ِر عِلْمٍ} فال سبحانه وتعال نانا عن سب مَن يعبدون من دون ال عز وجل‬
‫معن هذا طبعا غي البيان قضية البيان وإقامة الجة والدعوة إل التوحيد بينما تد هذه الساءات‬
‫التعمدة الت تستهدف السلمي لنا ل تقدّر ول تعرف نوع الشاعر الت يملونا عن هذا النب‬
‫الكري عليه الصلة والسلم‪ ،‬كذلك الخلق تبي عند الحتكاك يعن قد ياملك الشخص من بعيد‬
‫ويطلق لك تية عابرة ولكن حينما تتك به احتكاكا حيات أو سياسي أو أي شيء آخر هنا تبي‬
‫حقيقة الختلف ونن ند النب صلى ال عليه وسلم ث السلمي أيضا العالَم السلمي عب عصور‬
‫طويلة ماذا أساء إل أوروبا وبالقابل ماذا لقي العال السلمي من أوروبا؟ بدء من الستعمار وبدأ‬
‫من الروب الصليبية كما أشرت أنت وث عصور الستعمار ث الوقت الاضر الت تد أن العال‬
‫الوروب ف كثي من الحيان يصادر خيار السلمي‪ ،‬يعن فيما ماذا يتارون؟ ف كيف يفكرون؟ مَن‬
‫يتارون؟ مَن يثلهم؟‬
‫عبد الصمد ناصر‪:‬غزو اقتصادي وفكري وثقاف‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬ف الوانب القتصادية والسياسية وغيها فالواقع إن هناك جهل كبي ف العال الغرب‬
‫وهذا يؤكد على نقطة مهمة جدا لعلي أسبق الدث فيها وهي أن السلمي من خلل القاطعة عملوا‬
‫شيء جيل جدا هو أسلوب حضاري أسلوب ليس فيه عدوان على أي أحد مارسة حق ف الختيار‬
‫ليس عن طريق الكومات‪ ،‬الكومات مرتبطة بنظام التجارة العالي وبالتال هذا خيار شعب للبائع أو‬
‫للمستهلك ومن خلل هذا السلوب أدرك الناس أو الكثي منهم ف أوروبا أن ثة خطأ معي وأن‬

‫‪362‬‬
‫التعامل مع السلمي يب أن ينحوا منحى آخر هنا يب أن ندرك أن القاومة وسيلة وليست غاية‬
‫الغاية هي إيصال الرسالة للخرين من خلل عرض صورة النب صلى ال عليه وسلم كما هي‬
‫وعندي يقي قطعي بأن النب صلى ال عليه وسلم لو عرضت شخصيته كما هي ل يلك أي إنسان‬
‫منصف إل أن يبه صلى ال عليه وسلم إذا رأى أخلقه الكرية‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬فضيلة الشيخ لو تسمح نُشرك بعض السادة الشاهدين لديهم مشاركات وفقط‬
‫أنوّه لضرورة اللتزام بدقيقة واحدة من فضلكم لو بدأت من تونس بفيدة بن يغلن تفضلي مفيدة‪..‬‬
‫مفيدة من تونس‪ ..‬طيب ممد أبو جهاد من مصر‪.‬‬
‫ممد أبو جهاد‪ -‬مصر‪ :‬السلم عليكم يا سيد عبد الصمد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬وعليكم السلم ورحة ال وبركاته‪..‬‬
‫ممد أبو جهاد‪ :‬ومرحبا بشيخنا الليل‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬مرحبا فيك ممد‪..‬‬
‫ممد أبو جهاد‪ :‬نقطتي سريعتي الول أنا ُأحَمّل الزهر الشريف مسؤولية هذه الحداث الت تدث‬
‫ف شت بقاع أرض السلمي لن الزهر الشريف لو تكرم مشكور وسعى إل هذه الدول وأوضح لم‬
‫الطأ الذي أوقعوا أنفسهم فيه تاه السلمي لكان خي لكل مسلمي الرض كما ترك سابقا إل‬
‫طالبان ليثنيهم عن ضرب معابد بوذا النقطة الثانية لو قاطعتن سيادتكم ستفهم بأنن مع هذه الصور‬
‫والنقطة هي لاذا عندما يُسب الرسول من الداخل نطرب لذا الكلم؟ وعندما يُسب من الارج نثور‬
‫وندمر بلدنا ونرق السفارات؟ عندما يتغن صبّاح فخري ويسب جيع الرسل ف إحدى قصائده‬
‫مكلل بالذهب يقول ف هذه القصيدة يا سيدي الليل لو صادف موسى دمع عين لغرق لو صادف‬
‫الليل لوعة القلب احترق وخر موسى صعقا لاذا نطرب لذا الكلم وعندما يدث إساءة للرسول‬
‫من الارج‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طيب الفكرة واضحة ممد أبو جهاد الفكرة واضحة الشارك الثان ممد ظاهر‬
‫من فرنسا‪.‬‬
‫ممد ظاهر‪ -‬فرنسا‪ :‬ألو‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬تفضل أخ ممد‪.‬‬
‫ممد ظاهر‪ :‬شكرا جزيل أخ عبد الصمد وأحيك وأحيي الشيخ الليل سلمان العودة‪.‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬بارك ال فيك يا أخ ممد‪.‬‬
‫ممد ظاهر‪ :‬بارك ال فيك نعم أنا ف القيقة مستاء ما يري الن وهو ازدواج ف العايي بعن أن‬
‫الوليات التحدة الميكية قد قامت بتدنيس القرآن الكري والنيوزويك ملة النيوزويك قد سنّدت‬
‫ذلك من خلل الشياء الوثقة ث تراجعت هذه الصحيفة ولكن هناك سجناء ف غوانتانامو قالوا بأن‬

‫‪363‬‬
‫السجاني قاموا بتدنيس القرآن الكري لاذا الدانارك؟ الدانارك لنه بلد ضعيف نقوم بالقاطعة ول‬
‫نعمل مقاطعة لميكا أنا ل أدافع عن الدانارك‪ ،‬الدانارك‪ ..‬يب أن نقاطع الوليات التحدة‬
‫الميكية لاذا؟ هل لن أميكا لا علقات مع دول ف الليج أنا أريد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طيب ممد الفكرة واضحة ل أقاطعك ولكن لضيق الوقت الفكرة واضحة‬
‫ازدواجية تعاملنا أيضا نن مع الغي هذا ما تقصد فضيلة الشيخ لو لديك أي تعليق على ممد أبو‬
‫جهاد الذي حّل مؤسسة الزهر السؤولية وأيضا تدث عن سب الرسول أحيانا بداخل الراضي‬
‫السلمية ول يكون رد الفعل كما هو رد الفعل مع الغي؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬نعم بالنسبة يعن عندي وجهة نظر أنه الذي يدث الن من هبة السلمي وغضبتهم‬
‫وتضامنهم هو شيء جيل لنعطي أنفسنا فرصة أن نفرح بذا الشيء ونشعر بأننا عملنا ف هذه الرحلة‬
‫وف هذا الظرف إنازا ما وهو أن رسالتنا وصلت بشكل جيد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬للخرين‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬إناز السلم البسيط الذي ربا ل يكاد يد قوت يومه لكن من خلل الروح الماعية‬
‫وصلت بشكل جيد وربا يكون من الي ف هذه الرحلة إل نكثر من التلوم فيما بيننا على بعض‬
‫الساليب أنا أحل الزهر الشريف مسؤولية وأحل العلماء ف كل مكان والدعاء‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬يعن هذا ما قاله هو‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬ل حت أنا أقول يعن إن كل أحد مسؤول لكن ف نفس الوقت قد يكون من الي أنه‬
‫ف هذه الرحلة ناول أن نرص الصفوف ونوحد الكلمة بعيدا عن لغة التلوم الت قد تكون سبب ف‬
‫انشقاق الصف وضياع الجهود أما مسألة كون هناك من يسب الرسول صلى ال عليه وسلم ف‬
‫الواقع أنه سواء من الداخل ف عند العرب أو ف الغرب هناك كثيون ينالون من النب صلى ال عليه‬
‫وسلم بل لعله ليس مهولً أن هذه الصور أصل رست لكتاب طبع ف الدانارك عن الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم والسلم والقرآن وهو كتاب مليء بالتشويه مع ذلك هذا الكتاب ل يظهر ف‬
‫الصورة‪ ،‬الناس عامة الناس يتأثرون بالشياء السريعة الباشرة الرسوم تستفزك بجرد ما تراها بدون‬
‫حاجة إل قراءة طويلة عريضة إل آخره هذا أو ًل ثانيا الرسوم لغة إعلمية جيدة يعن ف عهد النب‬
‫صلى ال عليه وسلم كان الشركون يسبون النب صلى ال عليه وسلم كثيا ويصب عليهم ويقول "إل‬
‫تعجبون من ومن قريش كيف يصرف ال عن سبهم يسبون مذما وأنا ممد" فهم يقولون مذمم‬
‫يغيون اسه بينما لا يأت شاعر تناول شخصية النب صلى ال عليه وسلم ينبي حسان بن ثابت أو‬
‫كعب بن زهي أو غيهم من شعراء النب صلى ال عليه وسلم ليد على هؤلء لن الشعر كان هو‬
‫لغة العلم ولذلك نفس القضية ف سؤال الخ ممد ظاهر من فرنسا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ممد ظاهر حول ازدواجية التعامل مع‪ ..‬نعم‪..‬‬

‫‪364‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬نفس الشكال يعن السؤال أنه طيب لاذا نغضب لسب النب صلى ال عليه وسلم؟‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬من الدانارك ل نغضب‪ ..‬نعم‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬هناك ول نغضب لسبه هنا لاذا نغضب لسب النب صلى ال عليه وسلم ول نغضب‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬لتدنيس القرآن ف غوانتانامو‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬لتدنيس القرآن لاذا نقاطع الدانارك ول نقاطع‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬أميكا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أميكا لاذا؟ أنا أرجع أيضا وأطرح وأقول لاذا ل نعتب أن هذه فرصة جيلة ليضاح‬
‫أن السلمي قادرون على الضرار بطريقة مدنية وسليمة بالذين يسيؤون إل القرآن وإل النب عليه‬
‫الصلة والسلم؟‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬لو سعنا تعليق مشاركة أخرى من تونس نعود إليها مفيدة بن يغلي تفضلي دقيقة‬
‫واحدة مفيدة من فضلك‪..‬‬
‫مفيدة بن يغلي‪ -‬تونس‪ :‬نعم ألو السلم عليكم أستاذ عبد الصمد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬وعليكم السلم ورحة ال وبركاته‪..‬‬
‫مفيدة بن يغلي‪{ :‬وإل تنصروه فقد نصره ال} صدق ال العظيم أزمة الرسوم وكيف نتجاوزها‬
‫اسح ل أستاذ عبد الصمد نن ل نريد تاوز الزمة نن نريد أن نلحلها بشكل معرف ومبدئي إذا‬
‫كان هنتغنتون يتكلم عن صراع حضارات فإنن أعتقد أن هناك صراع جهالت أن لن أقول إن هذه‬
‫الزمة كشفت عن خلل بنيوي ف العقل الغرب ف علقته بالسلمي والسلم عموما ول أقول فقط‬
‫إن هذه الزمة تثل اختبارا ل تبقى من مشاعر السلمي ول فقط اختبارا لا تبقى من جهاز الناعة‬
‫عند السلمي إنا عندي مقترحات مقتضبة لو سحت ف حلحلة هذه الزمة أعتقد أن متابعة‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬باختصار مفيدة‪..‬‬
‫مفيدة بن يغلي‪ :‬باختصار أعتقد أن متابعة القاطعة مع ماولة ربط جسور الوار مع الخرين ف‬
‫ماولة للتعريف بذاتنا ومقدساتنا هذا أمر ضروري‪ ،‬القاطعة يقول العديد من العلماء بالمس وأول‬
‫أمس أنا استوفت كل معاييها أعتقد ل أنا عشت ف الغرب ستة عشر سنة وأعرف أنه ل يفهموا‬
‫إل لغة الصال لبد‪ ..‬ل نريد اعتذارا لفظيا وأخلقيا نريد اعتذارا معرفيا ومفاهيمي من جهة أخرى‬
‫أريد أن أؤكد‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬اعتذارا مفاهيميا‪..‬‬
‫مفيدة بن يغلي‪ :‬مفاهيميا ومعرفيا وأريد أن يتجنب‪ ..‬أن نقوم بعملية تسيي رحلت تعارف وحوار‬
‫بي السياسيي والفكرين ورجالت القتصاد ومن الطأ أن نتزل الشكل ف الدانارك الجدر أن‬

‫‪365‬‬
‫نفهم الوضوع بشمولية وأن نبحث فقط ف الدانارك ف أننا نسي أن نسيّر رحلت إل التاد‬
‫الوروب وشكرا‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬فكرة واضحة مفيدة شكرا لك مفيدة بن يغلي كانت معنا من تونس تعليقك على‬
‫هذه القترحات فضيلة الشيخ؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬أؤكد فقط ما ذكرته قبل قليل أنه من الصلحة ف هذه الرحلة أن يظل التركيز على‬
‫الصدر الول لذه الساءة وهي الدانارك فإن توسيع الدائرة ل يعطي النتيجة الطلوبة فيما يبدو ل‬
‫كما يقترح الخ ممد ظاهر بل قد يترتب عليه أن تضيع هذه القضية لن الناس ل يستطيعون أن‬
‫يقاطعوا العال كله نقاطع التاد الوروب ث نقاطع الغرب كله ث نقاطع العال لننا نعتقد أنه ضدنا‬
‫ماذا نلك نن ف النهاية؟ ل نلك إل القليل‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬لضيق الوقت‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬كلم الخت مفيدة يعن‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬كلمها سليم‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬كلم متاز ومسألة أنا تدعو إل متابعة القاطعة مع الوار للتعريف‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬مع ربط جسور الوار كما قالت‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬تقريبا هذا هو الذي أميل إليه أميل إل أن يستمر السلمون ف القاطعة ولكن يكون‬
‫من خلل ذلك نوع من اللجان الت تنطلق من مؤترات وهناك أكثر من مؤتر يضّر لقامتها ف أكثر‬
‫من بلد إسلمي تقوم بالتواصل تقوم بالوار القاطعة تدف إل نوع من إعطاء الجال والفرصة لكما‬
‫ذكرت الخت نوع من العتذار العرف‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬أو الفاهيمي‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أو الوار العرف الذي يوصل الفاهيم الصحيحة إل كثي من الناس‪..‬‬
‫أبعاد حرية التعبي وكيفية تاوز الزمة‪:‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬لضيق الوقت فقط لن ل يبقى إل حوال عشر دقائق نريد أن نقفز إل الحور‬
‫الثالث حرية التعبي والقدسات الدينية لن الذين دافعوا عن هذه الرسوم أو عن هذه الساءة بصحيح‬
‫العبارة الكبى لشخصية الرسول صلى ال عليه وسلم تججوا تذرعوا برية التعبي على اعتبار أنا‬
‫مقدسة سؤالنا الذي يعن يشغل بال الميع هنا هل حرية التعبي مقدس يعلو فوق كل مقدس كيف‬
‫ترى فضيلة الشيخ العلقة بي حرية التعبي والقدسات والثوابت الدينية؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬حرية التدين أيضا هذه من الريات القدسة ودائما حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬حرية الخرين‪..‬‬

‫‪366‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬الخرين فالسلمون جزء من نسيج أوروبا والعال كله إضافة إل كونم أكثر من‬
‫مليارين إنسان ف العال كله هذا جزء من دينهم وقيمهم أل يتم استهداف نبيهم صلى ال عليه وسلم‬
‫ولذلك ربا يكون من الطالب الهمة أيضا ف الوضوع والت يب أن نصر عليها قضية أن يدرج‬
‫قانون عالي ينع‪ ..‬ل نقول مالفة الديان وإنا ينع ازدراء الديان فإن هذا السلوب الستهجن ف‬
‫السخرية والزدراء هو بعيد عن الوضوعية بعيد عن العرفة ولذلك يب أن يكون هناك نوع من‬
‫الضبط الذي يوفق بي حرية التعبي الت هي حرية مطلوبة ومضمونة ومكفولة للنسان وأيضا بي‬
‫حرية التدين الت تنع أن ل يعتدي الخرون عليهم‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طيب هل يلتقي هذا أو هناك ربط بي هذه الوثيقة الطلوبة وحرية نقض الديان؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬النقض يتلف عن الزدراء نن قد يقول قائل إن القرآن الكري فيه مثل نصوص فيه‬
‫آيات‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬يلعن بعض‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬كذلك بعض الكتب الخرى التوراة أنظر ماذا تقول التوراة عن العال وعن المي‬
‫وقتلهم واستحلل دمائهم وازدرائهم وكذلك يوجد ف النيل نصوص معينة ف الكتب ف الثقافات‬
‫بل ف الكتب الدرسية القررة نطية العرب والسلم ف الناهج الغربية أو حت ف كثي من يعن البامج‬
‫العلمية هذا شيء معروف المنوع الذي يب أن يركز عليه هو قضية منع الزدراء السخرية الت‬
‫تثي استفزاز ومشاعر يعن يستحيل معها أن يكون هناك علقة سليمة بي شعوب العال‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬تتسبب ف الذى النفسي والعنوي‪ ..‬بالتأكيد أنا تتسبب ف الذى النفسي‬
‫والعنوي والوجدان لعتنقي هذه الديانة أو تلك يعن حينما نطالب بإصدار أو استصدار قرار من‬
‫المم التحدة مثل يرم أو يمي القدسات الدينية هذا على صعيد التعامل تعاملنا مع الخر لكن على‬
‫صعيد تعاملنا ف إدارتنا لذه الزمة على صعيد الداخل داخل المة ما الذي يفرضه هذا التحدي‬
‫الغرب علينا كمسلمي وهو تدي غرب قدي جديد إذا شئنا أن نقول على المة من الداخل بوارات‬
‫داخلية مثل بتغيي الناهج التعليمية وغي ذلك؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬جيل أول يعن إذا كان القصود‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬تسيس الناس بأهية السلم؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬ف هذا الدث بذاته يعن ف هذا الوقف فأول نؤكد على ما سبق من قضية أنه من‬
‫الهم أن تستمر القاطعة بيث ل تكون القاطعة عبارة عن ماء ذهب ف الرمال وانتهى أو يتسلل‬
‫الناس لوادي من الفترض أن تستمر إل أن يكون هناك نوع من التوافق الرسي والشعب والعلمي على‬
‫إزالتها أما أن يكون هناك نوع من الضعف أو اللخلة أو التراجع فهذا قد يضعف من ثرة هذه‬
‫القضية نعم ليس هناك مقاطعة إل ما ل ناية يب أن يكون لا حد لكن هذا الد ينبغي أن يكون‬

‫‪367‬‬
‫واضح يتواطأ عليه الؤمنون جيعا حت يكون لذه الركة معن لعل من الهم الشارة إل قضية يعن‬
‫أنه خلل هذه الحداث وقع أمور سلبية لبد من الشارة إل أن صاحب الرسالة عليه الصلة‬
‫والسلم الذي غضبنا من أجله ل يقبلها ول يوافق عليها مسألة التدمي مسألة القتل مسألة هدم العابد‬
‫يعن بعض الساليب الت ربا هي أساليب عشوائية أساليب ربا توصل رسالة مغلوطة نن نريد أن‬
‫يكون تعامل السلمي مع الدث تعامل حضاري راقي يثبت فعل أنم على مستوى السؤولية‬
‫والدث ف هذا الوضوع وأن غضبهم ليس غضبا قوميا وإنا هو غضب ربان منضبط يعن‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬لو بقينا ف الطار نفسه هذا على الصعيد يعن على صعيد التعامل الداخلي داخل‬
‫المة على عاتق مَن تقع مسؤولية مابة مثل هذه التحديات هل هي مسؤولية النظمة مسؤولية‬
‫النخب مسؤولية الجتمع مسؤولية الفرد مسؤولية مَن ومن له القدرة فعل على النهوض بثل هذا‬
‫التحدي فضيلة الشيخ؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬هو القيقة العمل ف أصله عمل شعب وربا هذا من أهم أسباب ناحه والعجاب‬
‫الكبي الذي حصل له أنه كان عبارة عن غضبة إسلمية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬هبة شعبية‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬شعبية ف الغالب رأيت أنه ف الغرب كثيا ما ياولون أن يقولوا أن هذه الغضبة‬
‫الشعبية ت تسييسها من قبل أطراف معينة أقول أول هذا الكلم ليس دقيقا لكن لنفترض أنه صحيح‬
‫ليأخذ الخرون من هذا المر أن أي إثارة للستفزاز ف أي مكان ف العال‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬توحد القيادات مع شعوبا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬توحد الصف والرأي بل وربا تكون تصنع مناخ يستثمره أطراف معينة قد ل تكون‬
‫مرضية عند أي طرف من الطراف ولذا من الهم جدا أن ندرك أن هذه الغضبة شعبية مع ذلك‬
‫هناك حقيقة نوع من التجاوب الرسي ف مثلً مسألة سحب السفراء إرسال رسائل إل تلك الدول‬
‫خطابات منظمة الؤتر السلمي الامعة العربية رابطة العال السلمي عدد من الؤسسات العلمية‬
‫والسياسية كان لا دور مؤيد ومؤازر لذه القضية‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ما رأيك ف مَن يقول بأنه يب علينا مادمنا نن الن ربا ف مواجهة تيار فكري‬
‫ما يبتغي تطيم القدس الدين نن الن أمام مَن يتحدانا كمسلمي ويتحدى مقدساتنا ويهيننا با‬
‫أليس حريا بنا كمسلمي يتساءل بعضهم البحث عن إقامة تالفات ولو تالفات يعن مدودة تكون‬
‫مسوبة وحذرة إذا شئت أن تقول فضيلة الشيخ مع كثي من القوى الت ل تزال ترى بضرورة حاية‬
‫وتعزيز القدس مقابل هذه العمليات التواصلة الن يعن حت لو كانت من غي الديانات السماوية‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أو من غي السلمي‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬نعم من غي السلمي والديانات الخرى كذلك‪..‬‬

‫‪368‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬أنا أعتقد أن هذا الكلم صحيح يعن أحد الطلب كان يدرس ف إحدى الامعات‬
‫مقرر إنليزي فوجد أن ف هذا القرر إساءة للعرب وذهب إل العميد وقال له إن هذا القرر فيه‬
‫إساءة ل فاستغرب وقال له أول طالب يأتين ليقول ل هذا الكلم زملئك عب عشرين سنة كانوا‬
‫يدرسون ول ينتقدوا ول يتجوا بينما لو حصل احتجاج أنا مضطر أن أغي هذا القرر بسبب أولً‬
‫قناعت وبسبب أنن حريص على أن يأت الطلب حت آخذ منهم الرسوم فأنا أدرسهم ف مقابل إذا‬
‫هذه هي فكرة القاطعة أو فكرة التواصل ومن يب أن يكون هناك تواصل كما قلت ف الغرب ف‬
‫أميكا ف أي مكان مع أولئك الذين‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬ف آسيا أيضا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬يوافقون على هذا البدأ‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬طيب ف ثوان معدودات لنه ل يبقى من الوقت كثي أقل من ثلثي ثانية كيف‬
‫نتجاوز هذه الزمة فضيلة الشيخ هذه الزمة كيف نتجاوزها؟‬
‫سلمان العودة‪ :‬هذه أول يب أن نشيد يعن ل نعتب أنا أزمة بالعن السلب للزمة هي فيها جانب‬
‫إياب كبي‪..‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬صحوة إسلمية أيضا‪..‬‬
‫سلمان العودة‪ :‬هي أعطتنا دليل على أننا نعمل وأننا لنا آثر ولنا صوت يكن أن نوصله إل أطراف‬
‫كثية جدا ومن هنا ينبغي أنه نطرح كيف نافظ على هذه الكاسب لن ل تضيع أدراج الرياح‬
‫أعتقد أنه يب أن يكون هناك نوع من السيطرة على هذا الوضوع من خلل جهات علمية وشرعية‬
‫معتبة مؤترات تشكل لان تاطب السلمي وتتواصل مع غي السلمي ف هذا السبيل‪.‬‬
‫عبد الصمد ناصر‪ :‬بارك ال فيك فضيلة الشيخ الداعية السلمي الشيخ سلمان العودة الشرف العام‬
‫على مؤسسة السلم اليوم (‪ )Islam today‬بارك ال فيك وشكرا لكم مشاهدينا الكرام وف‬
‫التام تيات الخرج منصور الطلفيح والعد معتز الطيب ولنا لقاء آخر ف السبوع القادم بول‬
‫ال‪.‬‬
‫=======================‬
‫أزمة الرسوم لاذا ؟؟ وكيف نستثمرها ؟؟‬

‫الدكتور جهاد عبد العليم الفرا‬


‫رئيس الجلس السلمي الدانركي‬
‫الرئيس‬
‫جهاد عبد العليم الفرا‬

‫‪369‬‬
‫‪ Fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ mand J‬صلى ال عليه وسلم ‪ had Al-Fa‬صلى ال عليه وسلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪a‬‬
‫‪ ?N‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ vang‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪n5‬‬
‫‪ 2610‬صلى ال عليه وسلم ?‪ dov‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪tlf : +45 44 92 69 16‬‬
‫‪fax: +45 44 24 69 16‬‬
‫‪ jf@dis‬صلى ال عليه وسلم ‪... com.‬‬
‫نائب الرئيس‬
‫ممد أسامة زين العابدين‬
‫‪ N?st‬صلى ال عليه وسلم ‪ fo‬صلى ال عليه وسلم ‪mand‬‬
‫‪Mohamad Osama Zyn Alabidin‬‬
‫‪ Cyp‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ nsv‬صلى ال عليه وسلم ‪j 2, 1.th‬‬
‫‪ K?b 2300‬صلى ال عليه وسلم ‪nhavn S‬‬
‫‪19 12 55 32 45+‬‬
‫‪20 67 80 61 45+‬‬
‫‪ mz@dis‬صلى ال عليه وسلم ‪... com.‬‬
‫مسؤول الدعوة والتعريف بالسلم‬
‫فارح سهل يوسف ‪ Ansva‬صلى ال عليه وسلم ‪ lig fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ fo‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ midling & p‬صلى ال عليه وسلم ?‪ s‬صلى ال عليه وسلم ‪ntation om‬‬
‫‪islam‬‬
‫‪ Fa‬صلى ال عليه وسلم ‪ax Sahal yusof‬‬
‫‪ V‬صلى ال عليه وسلم ‪ st‬صلى ال عليه وسلم ‪golv1, 2mf‬‬
‫‪ Tingbj 2200‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪g‬‬
‫‪02 80 60 38 45+‬‬
‫‪56 43 90 26 45+‬‬
‫‪ fsy@dis‬صلى ال عليه وسلم ‪com.‬‬
‫مسؤول التربية‬
‫أسامة ممد عطية ‪...‬‬
‫‪ Oplysningskontu‬صلى ال عليه وسلم ‪ ch‬صلى ال عليه وسلم ‪f Usama Attia‬‬

‫‪370‬‬
‫‪ No‬صلى ال عليه وسلم ‪ d f‬صلى ال عليه وسلم ‪ ontv‬صلى ال عليه وسلم ‪j 76‬‬
‫‪ H 2730‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ l‬صلى ال عليه وسلم ‪v‬‬
‫‪11 41 25 30 45+‬‬
‫‪ uma@ dis‬صلى ال عليه وسلم ‪... com.‬‬
‫مسؤول الشباب والطلب‬
‫علي بن رجب ‪ Ungdoms & stud‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ nd‬صلى ال عليه وسلم ‪ s v‬صلى ال عليه وسلم ‪ jl‬صلى ال عليه وسلم ‪ d‬صلى ال‬
‫عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ Ali B‬صلى ال عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪ajab‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ undh?j All‬صلى ال عليه وسلم ‪th.3 ,48‬‬
‫‪ H?bj 8270‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪g‬‬
‫‪0043 25 86 45+‬‬
‫‪75 89 55 28 45+‬‬
‫‪ ab‬صلى ال عليه وسلم @‪ dis‬صلى ال عليه وسلم ‪... com.‬‬
‫مسؤولة العمل النسائي‬
‫فايزة داود معل ‪ Ansva‬صلى ال عليه وسلم ‪ lig fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ kvind‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ lig‬صلى ال عليه وسلم ‪ aktivit‬صلى ال عليه وسلم ‪ t‬صلى ال عليه وسلم صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ Fayz‬صلى ال عليه وسلم ‪h Malla‬‬
‫‪ Bi‬صلى ال عليه وسلم ‪ k‬صلى ال عليه وسلم ‪ pa‬صلى ال عليه وسلم ‪ k‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪n 70, 7.th‬‬
‫‪ Od 5240‬صلى ال عليه وسلم ‪ ns‬صلى ال عليه وسلم ‪?N‬‬
‫‪Tlf/Fax : +45 66 10 33 46‬‬
‫‪ fm@dis‬صلى ال عليه وسلم ‪com.‬‬
‫مسؤول الال وشؤون العضاء‬
‫أحد عبده‬
‫?‪ konomisk og m‬صلى ال عليه وسلم ‪ dl‬صلى ال عليه وسلم ‪ mm‬صلى ال عليه‬
‫وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪ s ansva‬صلى ال عليه وسلم ‪lig‬‬
‫‪Ahmad Abdou‬‬

‫‪371‬‬
‫‪ P‬صلى ال عليه وسلم ‪ t‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ Bangsv‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪j184, 1.th‬‬
‫‪ F 2000‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ d‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ iksb‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪g‬‬
‫‪83 16 79 38 45+‬‬
‫‪83 16 68 61 45+‬‬
‫‪ aha@dis‬صلى ال عليه وسلم ‪... com.‬‬
‫الؤتر العالي لنصرة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫البحرين ‪22‬ـ‪ 23‬صفر ‪1427‬هـ الوافق ‪22‬ـ‪ 23‬مارس ‪2006‬م‬
‫أزمة الرسوم لاذا ؟؟ وكيف نستثمرها ؟؟‬
‫الدكتور جهاد عبد العليم الفرا‬
‫رئيس الجلس السلمي الدانركي‬
‫· القدمة ‪:‬‬
‫المد ل حد الشاكرين ‪ ،‬ياربنا لك المد كما ينبغي للل وجهك ولعظيم سلطانك ‪ ،‬نمدك‬
‫ونثن عليك الي كله ‪ ،‬ونصلي ونسلم على البعوث رحة للعالي ‪ ،‬سيد اللق وإمام النبياء‬
‫والرسلي ‪ ،‬سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫ساحة الشيخ العلمة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الؤتر‪:‬‬
‫أصحاب الفضيلة والسماحة السادة العلماء‪:‬‬
‫أيها الخوة والخوات الضور‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحة ل وبركاته ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فإننا نمد ال سبحانه وتعال ‪ ،‬أن جعل هذه المة السلمة أمة حية خية ‪ ،‬تنبض قلوبا بب ال جل‬
‫جلله‪،‬وتعشق أرواحها حبيبه الصطفى عليه الصلة والسلم ‪،‬تفديه بالرواح والهج ‪ ،‬وتذود عنه‬
‫بالغال والرخيص ‪ ،‬وسخر لا علماء ملصي عاملي ربانيي ‪ ،‬ينيون دروبا ويوجهون عقولا‬
‫وضمائرها ‪.‬‬
‫أيها السادة الضور‪:‬‬
‫إذا سألنا أنفسنا عن تلك الرسوم القبيحة والت نشرتا صحيفة اليولندس بوست الدانركية بتاريخ‬
‫‪ 2005/ 09 / 30‬فأشعلت بذلك الغضب السلمي ف أناء الرض ‪ ،‬واستفزت أصحاب‬
‫الضمائر الية ‪ ،‬ف كل مكان مستهجنة هذا العمل القبيح ‪ ،‬ومنددة بذا العتداء الواضح الفاضح ‪،‬‬
‫على أعظم إنسان عرفته البشرية ‪ ،‬وافضل ملوق وطئت قدماه هذه الرض ‪،‬يبه مليار ونصف مسلم‬

‫‪372‬‬
‫‪ ،‬ويعجب به مثلهم من النصفي من غيهم ‪ .‬إذا سألنا أنفسنا لاذا هذه الرسوم ؟؟ ولاذا بذا‬
‫القبح ؟؟ ولاذا ف الدانرك ؟؟؟هذا البلد الميل القابع ف برد الشمال والذي ل يسمع عنه السلمون‬
‫الكثي قبل هذه الزمة ؟؟؟ فماذا يكون جوابنا ؟؟؟ وماذا يكون ردنا ؟؟؟ وكيف نعال هذه القضية‬
‫ف الدانرك أول ث ف غيها من الدول ثانيا ؟؟ أنكتفي بالقول أنم أناس يكرهوننا ويكرهون ديننا ؟؟‬
‫وحاقدون على عقيدتنا وديننا أم أن القضية أعمق من ذلك بكثي وتتاج إل تليل دقيق وكشف‬
‫حقيقي ؟؟؟‬
‫· لحة عن الدانرك‬
‫إسحوا ل أيها السادة أن أقدم لكم ف البداية لحة عن الدانرك هذا البلد الصغي الذي لتتجاوز‬
‫مساحته‪ 43.093.14‬كممربع أرضه منبسطة لتوجد فيها جبال ‪ ،‬ويقع ماطا بالياه بشكل‬
‫كامل تقريبا – مابي بر البلطيق شرقا وبر الشمال غربا ‪ .‬تتكون الدانرك من شبه جزيرة يولند –‬
‫والت تقع ف المتداد الشمال للانيا‪ ( -‬وأكب مدنا ‪ :‬أورغوس ‪ ،‬وأولبورغ ‪ ،‬وإسبيغ ) و ‪406‬‬
‫جزر أخرى أكبها ‪ :‬شيلند – حيث تقع العاصمةكوبنهاجن‪،‬وفيون(وأكبمدنا ‪:‬أودينسة ) ولولند‬
‫‪ ،‬وبورنول ‪.‬‬
‫إتاد فيدرال ‪:‬‬
‫تضم ملكة الدانارك جزيرة غرينلند ومموعة جزر الفارو إل أن كلها يتمتع بكم ذات ‪.‬‬
‫جزء من دول الشمال ‪:‬‬
‫الدنارك واحدة من الدول السكندنافية والت تضم إضافة لا ‪ :‬السويد‪ ،‬والنرويج‪ ،‬وفنلندا‪ ،‬وإيسلندا‬
‫‪ .‬وتربطها علقات ثيقة مع دول البلطيق إستونيا‪ ،‬و ليتوانيا‪ ،‬ولتفيا ‪.‬‬
‫السكان ‪:‬‬
‫يبلغ عدد سكان الدانارك ‪ 5,2‬مليون نسمة ‪ ،‬عدد السلمي منهم ‪ 200000‬نسمة بنسبة ‪%3‬‬
‫ينحدر معظمهم من تركيا والباكستان والغرب والعراق وإيران والصومال والبوسنة والرسك‬
‫وفلسطي ‪.‬‬
‫نظام الكم ‪:‬‬
‫ملكي دستوري برلان ديوقراطي ‪ ،‬اللكة مارغريت الثانية تلك ولتكم ‪ ،‬وتتمتع العائلة الالكة‬
‫بشعبية كبية ف الجتمع الدانركي ‪ .‬وهناك فصل بي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ‪.‬‬
‫اللغة السائدة ‪:‬‬
‫اللغة السائدة ف الدانارك هي اللغة الدانركية ‪ ،‬ويتقن معظم الواطني اللغة النكليزية ‪.‬‬
‫· تاريخ الوجود السلمي ف الدانرك‪:‬‬

‫‪373‬‬
‫ترجع بدايات الوجود السلمي ف الدانرك إل الستينيات من القرن الاضي وتثل ف قدوم غي منظم‬
‫لعمال مسلمي من تركيا والباكستان والغرب العرب عموما بدف القامة الؤقتة طلبا للرزق فلم‬
‫يستقدموا ف البداية عوائلهم لكنهم سرعان مااستقر بم الال وبدؤوا يستقدمون أهلهم ‪ ،‬ث تتابع‬
‫تدفق الهاجرين السلمي أثناء الرب العراقية اليرانية ‪ ،‬ث الرب اللبنانية ‪،‬فالفغانية ‪،‬فالصومالية ‪،‬‬
‫فالبوسنة والرسك ‪،‬فالبلقان عموما ‪ ،‬وف كل مرة تدث حربا ف بلد ما يكون للدانارك حصة‬
‫لبأس با من اللجئي ‪ .‬هؤلء اللجئون من السلمي قل بينهم الكادييي والثقفي والتعلمي‬
‫وغالبيتهم العظمى ماكانت تعرف من السلم إل إسه ومن القرآن إل رسه ‪.‬‬
‫· أسباب تتعلق بالسلمي‪:‬‬
‫سوادالسلمي ف الدانرك من يعلمون القليل عن دينهم ‪ ،‬ويهلون روحه ورسالته ‪،‬ول يتمثلوا أخلقه‬
‫وتعاليمه بل ومنهم من يارب السلم ويعتبه ـ على الطريقة الغربية ـ سبب تلف السلمي ‪،‬‬
‫ومن الؤسف الؤل أن تد معظم رواد السجون من السلمي ‪ ،‬إجرام وإتار بالخدرات ونب‬
‫وسلب وتلعب على الدولة وتايل على القانون ‪ ،‬ومشاكل اجتماعية وأمراض أسرية نشأت عن‬
‫نقل السرة السلمة من وسطها السلمي إل وسط غي إسلمي ‪ ،‬إضافة إل التفرق واللف بسبب‬
‫العرقية أو الذهبية أو النهجية ‪،‬وقسم كبي من السلمي يعيش على الساعدات الجتماعية الت‬
‫تقدمها له الدولة منذ سنوات طويلة ‪ ،‬كل هذا يعطي صورة مضطربة ‪ ،‬مهزوزة ‪ ،‬وغي متزنة ‪ ،‬وف‬
‫كثي من الحيان سيئة عن السلمي وما يملونه من دين ‪.‬‬
‫وليفوتن هنا أن أنوه بالدور الرائد الذي تقوم به الؤسسات والساجد والراكز السلمية ف إصلح‬
‫الفرد والسرة والجتمع السلم ف الدانرك إل أن ضعف إمكانياتا ومدودية طاقاتا يعيقها عن بلوغ‬
‫الأمول منها‪.‬‬
‫· أسباب تتعلق بالعلم ‪:‬‬
‫دأب العلم الدانركي ـ شأنه ف ذلك شأن العلم الغرب عموما ـ منذ حوادث الادي عشر من‬
‫سبتمب على ربط السلم بالرهاب والسلمي بالرهابيي بشكل مباشر وغي مباشر ‪ ،‬وغذت هذه‬
‫الملة العلمية حوادث مدريد ث تبعتها حوادث لندن ‪ ،‬حت وصل التوجس بالصحف الدانركية‬
‫أن يكتبوا ( نييورك ـ مدريد ـ لندن فمت كوبنهاجن ؟؟) ‪ .‬وهذا ما أدى إل أن يكون التعامل مع‬
‫مثلي السلمي ف كثي من الحيان منحصرا ف البوابة المنية ‪.‬‬
‫هذا العلم مدعوم من الكومة وإن ل يكن موجها منها فعلى سبيل الثال ل الصر تلقت جريدة‬
‫اليولندس بوست دعما من الكومة مقداره ‪ 10,2 :‬مليون كرون مابي عامي ‪ 1994‬ـ‬
‫‪. 2004‬‬
‫· أسباب تتعلق بأجندات الحزاب السياسية ‪:‬‬

‫‪374‬‬
‫الريطة السياسية الدانركية تتمثل ف التآلف الاكم ‪ :‬الزب الليبال ويتزعمه رئيس الوزراء أنس فو‬
‫راسوسي ‪ ،‬والزب الحافظ ويتزعمه بينت بيندسن ويدعمه ف البلان حزب الشعب الدانركي‬
‫بزعامة بيا كييسغو ‪ .‬أما العارضة فتتمثل ف الزب الشتراكي الديوقراطي بزعامة هيلي تونينغ‬
‫شيت ‪ ،‬والزب الشتراكي ‪ ،‬والزب الليبال اليساري ‪ ،‬والقائمة الوحدة ( يساريون قدامى )‬
‫وغيها من الحزاب الصغية ‪.‬‬
‫أما التآلف الاكم فهو تآلف ف عمومه يين‪ ،‬أقصى اليمي فيه حزب الشعب الدانركي ‪،‬الذي‬
‫يقتات على التحدث عن السلمي وسلبياتم ف الجتمع الدانركي‪ ،‬وقدتقدمت شعبيته مؤخرا‬
‫يليه الزب الحافظ ‪ ،‬فالليبال ‪.‬منذ ميئه إل الكم سن هذا التآلف حزمة قواني كان لا أثر سلب‬
‫على السلمي ف الدانرك ‪.‬‬
‫أما العارضة فنستطيع أن نقول أنا ف مراحل إعادة بناء هياكلها الدارية ونظمها السياسية بعد تراجع‬
‫شعبيتها أمام أحزاب الكومة ‪.‬‬
‫والؤشر الذي تسي خلفه معظم هذه الحزاب حكومية كانت أم معارضة هي إستطلعات الرأي‬
‫ومزاج الناخب الدانركي ‪.‬‬
‫· الشعب الدانركي ‪:‬‬
‫شعب مسال ييل إل الدوء ‪ ،‬إنسان يدعم القضايا النسانية ‪ ،‬لييل إل التدين ‪ ،‬معتز بريته‬
‫وبوطنيته ‪ ،‬متأثر إل حد كبي با تنشره وسائل إعلمه ‪ ،‬ييل بشكل عام إل العزلة ‪.‬ويطالع كثيا‬
‫لكن معظم مطالعاته عن أخبار الفن والفناني والوضة والزينة ‪،‬وأخبار العائلة الالكة ‪ .‬قسم منه يب‬
‫السلمي وقسم يبغضهم والغالبية ليس لا موقف مدد منهم إنا تتخذه بناء على الحداث وأحيانا‬
‫بزاجية خاصة ‪، .‬ليعرف الكثي عن السلم‪ .‬إل أنه شعب عاطفي يتأثر با يصل للخرين من‬
‫كوارث طبيعية ويدعمهم وآخرها دعم الباكستان إثر الزلزل الت وقعت با بوال ‪ 115‬مليون‬
‫كرون ‪.‬‬
‫ضمن هذا الواقع يطلب من ‪ 30‬رساما كاريكاتوريا أن يقدموا رسا عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كيف يتصورونه فأصدروا تلك الرسوم القبيحة ونشرتا جريدة اليولندس بوست فأطلقت بذلك‬
‫شرارة الغضب والحتجاج بي السلمي ف الدانرك والت سرعان مالنتقلت أوارها إل العال‬
‫السلمي الكبي ذودا عن البيب الصطفى ودفاعا عن خي النام ‪.‬‬
‫· كيف نستثمر أزمة الرسوم ‪:‬‬
‫‪ .1‬التركيز على أن الرسوم لتندرج بشكل مطلق تت بند حرية التعبي‪ ،‬وإنا تندرج تت إطار‬
‫العنصرية و إهانة الديان ‪ ،‬وأن السلم ونبيه عليه الصلة والسلم أول من كفل حرية التعبي ضمن‬

‫‪375‬‬
‫أخلقيات عالية موجودة حت ف الدانرك وإل فلماذا سنت قواني العنصرية وإهانة الديان ف‬
‫الدانرك ‪.‬‬
‫§ ‪:266b‬‬
‫‪ D‬صلى ال عليه وسلم ‪ n, d‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ off‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ntligt‬صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ m‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ d fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ s?t til udb‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ d‬صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬صلى ال عليه وسلم ‪ i‬صلى ال عليه وسلم ‪ n vid‬صلى ال عليه‬
‫وسلم صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ k‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ds‬‬
‫‪ f‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ms?tt‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ udtal‬صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ and‬صلى ال عليه وسلم ‪ n m‬صلى ال عليه وسلم ‪ dd‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ l‬صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬صلى ال عليه وسلم ‪ v ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ d hvilk‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪ n g‬صلى ال عليه وسلم ‪ upp‬صلى ال عليه وسلم ‪af p‬‬
‫صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ son‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ t‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ u‬صلى ال عليه وسلم ‪ s, fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ h?n‬صلى ال عليه وسلم ‪s‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪?dv‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ dig‬صلى ال عليه وسلم ‪ s p? g‬صلى ال عليه وسلم ‪und af sin‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ac‬صلى ال عليه وسلم ‪ hudfa ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ v‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ national ,‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال‬
‫عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ tnisk‬صلى ال عليه وسلم ‪ op‬صلى ال عليه وسلم ‪ind‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬صلى ال عليه وسلم ‪ t ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ o‬صلى ال عليه وسلم ‪ll‬‬
‫صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ s‬صلى ال عليه وسلم ‪ ksu‬صلى ال عليه وسلم ‪ll‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ o‬صلى ال عليه وسلم ‪ i‬صلى ال عليه وسلم ‪ nt‬صلى ال عليه وسلم صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ing, st‬صلى ال عليه وسلم ‪ aff‬صلى ال عليه وسلم ‪ s m‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ d b?d‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ f?ngs‬صلى ال عليه وسلم ‪ ? l indtil 2‬صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫( نص قانون العنصرية الدانركي رقم ‪) 266‬‬

‫‪376‬‬
‫كل من ينشر أويصرح أويوزع ما من شأنه تديد أوسب أوإهانة مموعة من الناس بسبب انتماءهم‬
‫العرقي أو الدين أو الوطن أو الدين أو توجههم النسي يعاقب بغرامة مالية أو بالسجن لدة تصل‬
‫إل سنتي ‪.‬‬
‫‪ .2‬السلم كدين غي معترف به ف الدانرك ‪ ،‬إنا هناك اعتراف أوترخيص لؤسسات إسلمية‪،‬‬
‫وهذا من شأنه أن يرئ على النتقاص منه وإهانة رموزه حيث تنص الادة ‪ 140‬من قانون‬
‫العقوبات ‪:‬‬
‫§ ‪:140‬‬
‫‪ D‬صلى ال عليه وسلم ‪ n, d‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ off‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ntlig d‬صلى ال عليه وسلم ‪ iv‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪spot m‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ d‬صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪fo‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ h?n‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ nog‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ t h‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ i land‬صلى ال عليه وسلم ‪t lovligt b‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ?st‬صلى ال عليه وسلم ‪ nd‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ligionssamfunds t‬صلى ال عليه وسلم ‪ ?osl‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ domm‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ gudsdy‬صلى ال عليه وسلم ‪ k‬صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬صلى ال عليه وسلم ‪ st ,‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ aff‬صلى ال عليه وسلم ‪ s m‬صلى ال عليه وسلم ‪ d b?d‬صلى ال عليه وسلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ll‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ f?ngs‬صلى ال عليه وسلم ‪l‬‬
‫‪ indtil 4 m?n‬صلى ال عليه وسلم ‪ d‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وتعن إهانة أو سب دين معترف به ف البلد أو رموزه يعاقب عليه القانون بغرامة مالية ‪ ،‬أو سجن‬
‫يصل إل أربع أشهر ‪.‬ولذلك لبد من العتراف بالسلم كدين ف الدانرك‪.‬‬
‫‪ .3‬لبد من إيصال رسالة مفادها أن الؤتر يدين ويندد برق السفارات والعلم الدانركية واعتبار‬
‫ذلك مرفوضا إسلميا لن السلمي ليردون على الساءة بالساءة ‪.‬‬
‫‪ .4‬الشادة بكل الساليب الضارية الت اتبعت ف الحتجاج على هذه الساءة والت تت ضمن‬
‫الطر القانونية وحبذا لو خصصت الدانرك بذلك حيث أشار التحدث باسم الشؤون الارجية ف‬
‫حزب الشعب الدانركي (سورن إسبسن)( يين متطرف ) إل ذلك فقال‪" :‬منذ أن حصلت الزمة‬
‫على إثر نشر الرسومات تعامل الكثي من السلمي ف الدانرك بطريقة مثالية مع القضية‪ .‬لقد شاركوا‬
‫ف الوار وتظاهروا بالطريقة الت تق لم ولسن الظ رأينا حوادث العنف تصل خارج حدودنا"‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫‪ .5‬العمل على إنشاء هيئة عليا تثل السلمي بكافة أطيافهم ‪ ،‬والسعي لتهيئة الناخ السياسي الذي‬
‫يكفل تعامل الدولة مع هذه اليئة ف كل مايتصل بقضايا السلمي ‪.‬وما ل شك فيه أن هذا المر‬
‫يتعلق بالسلمي ف الدانرك لكنهم ل يستطيعون القيام به مال تتوفر الرادة السياسية لذلك من‬
‫جانب الدولة على غرار ماحصل ف بلجيكا وفرنسا ‪.‬‬
‫‪ .6‬العمل على إنشاء مسجد جامع كبي بئذنة وقبة يعكس نوعا من النسجام بي فن العمارة‬
‫السلمية وفن العمارة الدانركية ‪ ،‬ويكون مزودا بكل الوسائل الت من شأنا تعزيز التواصل‬
‫الضاري بي السلمي وغيهم ف الجتمع الدانركي ‪.‬‬
‫‪ .7‬دعم ترجة دقيقة وموثقة للقرآن الكري إل اللغة الدانركية ‪ ،‬ودعم حركة ترجة وتأليف الكتب‬
‫الت تعرف بالسلم ونبيه عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫‪ .8‬التركيز على احترام الشعب الدانركي وخصوصياته وعلى أن الزمة ليست بي الشعوب‬
‫السلمية والشعب الدانركي ‪ ،‬إنا بي الشعوب السلمية وجريدة اليولندس بوست الت أساءت‬
‫استخدام أجواء الرية الت يتمتع وينعم با الشعب الدانركي والكومة الدانركية الت أساءت التعامل‬
‫مع الزمة بالرغم من الوقت الكاف الذي كان لديها للتعامل مع القضية بعقلنية وحكمة ‪, .‬ان‬
‫السلمي ليريدون بال من الحوال إستغلل الفرصة لفرض ثقافتهم على الدانركيي كما يصور لم‬
‫البعض‪.‬‬
‫‪ .9‬إنتاج برامج تلفزيونية ‪ ،‬وأفلم وثائقية ‪ ،‬تتحدث عن السلم وعن نبيه عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫هذا وبال التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫======================‬
‫أزمة الرسومات والذع الذي بأعيننا‬

‫د ‪ .‬علي جعة‬
‫تعلمنا من دين السلم أنه دعوة عالية ‪ ،‬قال تعال ‪َ { :‬ومَا َأ ْرسَلْنَاكَ إِل كَافّةً لّلنّاسِ َبشِيًا وََنذِيرًا‬
‫وَلَكِنّ أَ ْكَثرَ النّاسِ َل َيعْلَمُونَ } [ سبأ ‪ ،]28 :‬وقال تعال ‪َ { :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إِل رَحْمَ ًة لّ ْلعَالَ ِميَ } [‬
‫النبياء ‪ ،]107:‬ومعن هذا أننا أمة دعوة ‪ ،‬ومقتضى الدعوة تبليغها بصورة لفتة للنظر ‪ ،‬وعرضها‬
‫على الناس ‪ ،‬بشروط قد حددها ال سبحانه وتعال؛ أول هذه الشروط هو ‪ :‬حرية العقيدة وعدم‬
‫الكراه عليها ‪ ،‬قال تعال ‪{ :‬فَمَن شَاءَ َفلُْي ْؤمِن َومَن شَاءَ فَ ْليَ ْك ُفرْ } [الكهف ‪ ،]29 :‬وقال تعال ‪:‬‬
‫{لَ ُكمْ دِينُكُ ْم وَلِ َي دِينِ } [الكافرون ‪ ،]6 :‬وقال تعال ‪{ :‬لَ إِ ْكرَاهَ فِي الدّينِ } [البقرة ‪،]256 :‬‬
‫سيْ ِطرٍ } [ الغاشية ‪ ،]22 :‬وقال تعال ‪{ :‬إِّنكَ لَ َتهْدِي مَنْ َأحَْبْبتَ‬ ‫ت عَلَْيهِم بِمُ َ‬
‫س َ‬
‫وقال تعال ‪{ :‬لَ ْ‬

‫‪378‬‬
‫وَلَكِ ّن الَ َيهْدِي مَن يَشَا ُء َو ُهوَ َأ ْعلَمُ بِاْل ُمهْتَدِي َن } {القصص ‪ ، ]56 :‬وقال تعال ‪{ :‬فَإِنْ َأ ْع َرضُوا‬
‫فَمَا َأ ْرسَلْنَا َك عََلْيهِمْ َحفِيظًا إِ ْن عََلْيكَ إِلّ اْلبَلَغُ } [الشورى ‪.]48 :‬‬
‫سنَةِ‬
‫ومن شروط الدعوة أن تكون بالكمة قال تعال ‪{ :‬ادْعُ إِلَى َسبِي ِل رَّبكَ بِالْحِكْ َم ِة وَالْ َم ْوعِ َظةِ الْحَ َ‬
‫} [ النحل ‪ ،]125 :‬ومن شروطها أن تكون على بصية ‪ ،‬قال تعال ‪{ :‬قُ ْل هَ ِذهِ سَبِيلِي َأ ْدعُو إِلَى‬
‫ل َعلَى َبصِ َيةٍ أَنَا َومَنِ اتَّبعَنِي } [يوسف ‪ ، ]108 :‬ومن شروطها أن تكون شفافة ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬ ‫اِ‬
‫س فِي اْلكِتَابِ أُولَِئكَ يَلعَُنهُمُ الُ‬ ‫{إِ ّن الّذِي َن يَكْتُمُو َن مَا أَْنزَْلنَا مِنَ اْلبَيّنَاتِ وَاْلهُدَى مِن َبعْدِ مَا َبيّنّاهُ لِلنّا ِ‬
‫ل ِعنُونَ } [ البقرة ‪. ]159 :‬‬ ‫وَيَ ْل َعُنهُمُ ال ّ‬
‫فجعل كتم البينات والدى من الكبائر الت تؤدي إل الفساد ف الدين ‪ ،‬وإل الذية والضرر ف اللق؛‬
‫ولذلك استوجبت لعنة ال؛ دللة على أنا من الذنوب الكبائر ‪ ،‬ولعنة اللعني الذين يتأذون بذلك‬
‫ف الياة الدنيا ‪ .‬ولكن من رحة ال سبحانه وتعال أن فتح باب الرجوع والعودة للصلح فقال‬
‫ب عََلْيهِمْ وََأنَا الّتوّابُ الرّحِيمُ } [البقرة ‪:‬‬ ‫بعدها ‪{ :‬إِلّ الّذِي َن تَابُوا وََأصَْلحُوا وََبيّنُوا فَأُولَِئكَ أَتُو ُ‬
‫‪.]160‬‬
‫واجبات ل بد منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬تكشف أزمة الدنرك عن أننا قد قصرنا ف عرض ديننا بصورة لفتة للنظر ‪ ،‬وهذا يستلزم منا‬
‫مهودًا علميّا ودعويّا يتجاوز ما نن عليه الن بصورة جذرية ‪ ،‬ولقد نشأت ف جامعة الزهر‬
‫‪-‬والمد ال رب العالي‪ -‬كلية اللغات والترجة ‪ ،‬وخرّجت كثيا من الجيال‪ ،‬ولكننا نتاج إل‬
‫الزيد من هذا التوجه بإرسال البعثات من الزهر الشريف للدراسة ف الغرب‪ ،‬وتقبل بعثات الخرين‬
‫إلينا‪ ،‬وهو ما شرعت فيه جامعة الزهر بالفعل ‪.‬‬
‫‪ - 2‬تفعيل دور الريي من هذه الكليات للعمل بالراكز السلمية بالارج ‪ ،‬مع إتاحة الفرصة لم‬
‫للمعيشة ف هذه البلد بصورة مستمرة؛ لن اللغة كالكائن الي ل تنمو إل بطول الراس والعاشرة ‪،‬‬
‫والطلع على دقائق العقلية وكيفية الطاب ‪ ،‬ول بد من أوضاع مستقرة لؤلء الئمة يثلون فيها‬
‫بالم قبل أقوالم السلم ‪ ،‬وكثيا ما نرسل هؤلء الئمة ث نسحبهم بعد أربع سنوات أو خس‪،‬‬
‫وهي أزمان ل تكفي للتفاعل والداء السن الذي نرجوه ‪.‬‬
‫‪ -3‬ل بد من إنشاء مرصد تكون مهمته الرصد والتحليل لكل ما يكتب وينشر ويذاع عن السلم‬
‫ف الارج باللغات الختلفة ‪ ،‬ومناقشته وتهيز البيان الواضح بإزاء تلك القضايا‪ ،‬وعدم ترك المور‬
‫تتراكم حت تصل إل حد النفجار ؛ فقد يكون إنشاء قناة فضائية تتكلم بالنليزية خاصة أمرًا ف‬
‫غاية الهية ‪ ،‬وهو ما ل يتم حت الن بصورة تتناسب مع العصر الذي نعيش فيه ‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫‪ -4‬نريد بصورة مستمرة عمل مؤترات الوار الت يدعى فيها رجال الصحافة والعلم ف كل‬
‫مكان ‪ ،‬وتتم الناقشات حول الصطلحات والصور الذهنية الت تتعسف مع السلم والسلمي فيما‬
‫يسمي بـ"السلم فوبيا" الذي يعن الوف من السلم ‪.‬‬
‫‪ -5‬عمل مناهج متخصصة ودراسات عليا لدراسة اللف الضاري بي الشرق والغرب ‪ ،‬وطرحها‬
‫للحوار مع جيع الؤسسات الفكرية والعلمية والامعية والثقافية وعدم حصر ذلك ف النطاق‬
‫الكاديي ‪.‬‬
‫‪ -6‬تفعيل التفاقات القائمة بي جامعة الزهر وسائر الامعات والؤسسات العالية‪ ،‬وهي كثية‬
‫والمد ال ‪ ،‬ولكن تتاج إل مزيد من العمل والهد ‪.‬‬
‫‪ -7‬إنشاء مراكز للترجة والنشر من العربية وإليها؛ للطلع على خلصات التراث السلمي‬
‫ومكونات العقل السلم‪ ،‬وعلى كيفية الستفادة من التراث النسان والتواصل بيننا وبي العصر ‪،‬‬
‫خاصة ف مال البحث العلمي ‪ ،‬وبيان أخلقيات هذا البحث ونظر السلم إليه ‪ ،‬وكيفية نقل‬
‫التكنولوجيا اختراعا وإبداعا ‪ ،‬وليس استهلكا وتقليدا مع الفاظ ف نفس الوقت على الوية‪ ،‬وهي‬
‫أمور تتاج إل مزيد من التفكي ‪ ،‬وإل مزيد من تطوير القواني ‪ ،‬وإل مزيد من الشاركة الفعالة ‪.‬‬
‫أمنيات وآمال‪:‬‬
‫هل نرى ف يوم من اليام ملة تصدر بالنليزية يكون لا توزيع عالي ‪ ،‬تشرح للناس من هم‬
‫السلمون ف تاريهم وف واقعهم وف أفكارهم وف عقائدهم؟‬
‫أتعرف كم يتكلف هذا البنامج من أموال؟ أتعرف كم يتاج من فرق عمل ذات كفاءة عالية ف‬
‫تصصات متلفة؟ أتعرف أن النشغال بذا البنامج بدل من كثي من اللغو الذي نياه ‪ ،‬ومن‬
‫التوجهات الفكرية والصورة الذهنية لكثي من السلمي عن السلم نفسه يتاج منا إل تولت‬
‫جذرية وتغيات ف طريقة التفكي وف السائل الطروحة الت تشغل الذهن السلم‪ ،‬والت اختزل الدين‬
‫فيها؟ أتدرك الن مع هذه النقاط البسيطة أن جذع النخلة ف أعيننا‪ ،‬أم أنه قد صدق فينا قول المام‬
‫الشافعي ‪:‬‬
‫نعيبُ زماننا والعيبُ فينا *** وما لزمانِنا عيبٌ سوانا‬
‫ب *** ولو نطقَ الزمانُ لنا هجانا‬‫ونجو ذا الزمانَ بغي ذن ٍ‬
‫ب *** ويأك ُل بعضُنا بعضًا عيانا‬‫وليس الذئبُ يأكل ل َم ذئ ٍ‬
‫أم أننا قد دخلنا ف نطاق قول التنب ‪:‬‬
‫أغايةُ الدينِ أن تفّوا شواربَكم*** يا أمة ضحكت من جهلها الممُ‪.‬‬
‫فمثل هذه الزمات تتاج إل إدارة واعية‪ ،‬يكن أن نلخصها ف كلمات ‪ ،‬ث نفصل القول فيها فيما‬
‫بعد‪ :‬إدراك الواقع على ما هو عليه ‪ ،‬والكمة ف معالة المور ‪ ،‬واعتبار القاصد والآلت ‪،‬‬

‫‪380‬‬
‫والستفادة من الزمة لا بعدها ‪ ،‬والعمل على عدم تكرارها ‪ ،‬وكسب أرض جديدة منها حت تكون‬
‫الحنة منحة ‪.‬‬

‫أما لذه الجمة من رادع ؟!‬


‫عبد ال بن راضي العيدي الشمري‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على اشرف النبيي ممد وعلى اله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(منذ ‪ 30‬سبتمب الاضي والرسول الكري صلى ال عليه وسلم يتعرض إل هجوم حاد وحلة حاقدة‬
‫ف الصحافة الدانركية‪ ،‬والت بدأت عندما أراد مؤلف كتب أطفال داناركي أن يضع على غلف‬
‫كتابه صورة للرسول ـ صلى ال عليه وسلم ـ ورفض رسام الكاريكاتي الكلف بإعداد الغلف‬
‫رسم هذه الصورة‪ ،‬فقرر الؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول‪ ،‬حيث تقدم لا (‪ )12‬رسام كاريكاتي‬
‫أرسلوا (‪ )12‬صورة مسيئة لرسولنا الكري‪.‬‬
‫ول تفوّت صحيفة (بيو لندز بوست) اليمينية التطرفة والتابعة للحزب الاكم هذه الفرصة‪ ،‬ف‬
‫التقاط هذه الصور ونشرها استهانة بشاعر أكثر من مليار و(‪ )300‬مليون مسلم‪ ،‬بالرغم من أن‬
‫مسلمي الدانارك والبالغ عددهم (‪ )200‬ألف‪ ( ،‬السلم هو الديانة الثانية ف الدانارك بعد‬
‫السيحية البوتستانتية ) حاولوا الحتجاج على القرار‪ ،‬وذلك عن طريق رفع مذكرة إل الكومة‬
‫الداناركية‪ ،‬إل أن الواب كان هو الرفض‪ ،‬وإصرار الكومة على دعم حلة الجوم تت مسمى‬
‫''حرية التعبي''‪.‬‬
‫بل كان الوقف الكومي الداناركي أكثر شراسة برفض الدعي العام تلبية طلب الالية السلمية‬
‫برفع دعوى قضائية ضد الصحيفة بتهمة انتهاك مشاعر أكثر من مليار مسلم ف العال‪ ،‬وقال الدعي‬
‫العام الدناركي‪ :‬إن القانون الذي يُستخدم لتوجيه تم بسبب انتهاك حرمة الديان ل يكن استخدامه‬
‫ضد الصحيفة‪.‬‬
‫إن حالة العداء للسلم والسلمي ف الدانرك تاوزت كل الطوط؛ فهناك تعبئة عامة ضد السلم‪،‬‬
‫على كافة الستويات بدءا من التصريح الذي نقل على لسان ملكة الدانرك (مارجريت الثانية) والذي‬
‫قالت فيه‪" :‬إن السلم يثل تديدا على الستويي العالي والحلي"‪ ،‬وحثت حكومتها إل "عدم‬
‫إظهار التسامح تاه القلية السلمة"‪ ،‬انتهاءً بواقع النترنت الت يطلقها دانركيون أفرادا ومؤسسات‬
‫خاصة‪ ،‬تذر من السائقي السلمي‪ ،‬لنم "إرهابيون وقتلة" مرورا بالملة العامة ف الصحف ومطة‬
‫التلفاز العامة الت أعلنت الرب ضد السلم والسلمي‪.‬‬
‫ومن هنا رأيت أن اكتب ف هذا الانب الهم مذكرا النفس والخوان بعظم حقه مستعينا ال تعال‬
‫فأقول‪:‬‬

‫‪381‬‬
‫إن من أعظم النعم الت أنعم ال علينا هي أن بعث لنا ممداّ صلى ال عليه وسلم نبينا ورسولًُ‪{ :‬لقد‬
‫منّ ال على الؤمني إذ بعث فيهم رسول من أنفسهم}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬لقد جاءكم رسولٌ من‬
‫أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالؤمني رءوفٌ رحيم}‪.‬‬
‫قال العلمة ابن سعدي رحه ال تعال‪ ":‬هذه النة الت امت ال با على عباده هي اكب النعم بل‬
‫اجلها وهي المتنان عليهم بذا الرسول الكري الذي أنقذهم ال به من الضللة وعصمهم به من‬
‫التهلكة " ا‪.‬هـ‬
‫نعم أيه الحبة لقد بعث ال ممداَ صلى ال عليه وسلم إل الليقة بعد أن كانت تعيش ف جاهلية‬
‫جهلء‪ ..‬قويهم يأكل ضعيفهم قد وقع بأسهم بينهم‪ ..‬وهم يعيشون ضلل وعمى جيعهم إل بقايا‬
‫من أهل الكتاب‪..‬‬
‫فبعث ال ممدا صلى ال عليه وسلم ففتح ال به أعُينا عميا‪ ..‬وآذان صما‪ ..‬وقلوبا غلفا‪ ..‬فهدى به‬
‫من العمى‪ ..‬وبصر به من الضللة‪..‬‬
‫فل إله إل ال ما أعظم هذه النعمة وأجلها لن تدبرها وعرف قدرها‪...‬‬
‫ولقد أوجب ال تعال على الؤمني مبته وتعظيمه‪ ..‬ولقد أمر ال تعال بتعظيمه رسول ال وتوقيه‪..‬‬
‫وتعظيم سنته وحديثه فقال تعال‪{ :‬وَُت َع ّزرُوهُ وَُت َوّقرُوهُ}‪.‬‬
‫ومن مظاهر التعظيم لرسول ال ف السلم‪...‬‬
‫ج َعلُوا ُدعَاء الرّسُولِ َبيْنَكُمْ َك ُدعَاءِ َبعْضِكُم َبعْضا}‬
‫أنه خصّه ف الخاطبة با يليق به‪ ،‬فقال‪{ :‬ل تَ ْ‬
‫[النور‪ ،]63:‬فنهى أن يقولوا‪ :‬يا ممد‪ ،‬أو يا أحد‪ ،‬أو يا أبا القاسم‪ ،‬ولكن يقولوا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬يا‬
‫نب ال‪ ،‬وكيف ل ياطبونه بذلك وال (سبحانه وتعال) أكرمه ف ماطبته إياه با ل يكرم به أحدا‬
‫من النبياء‪ ،‬فلم يَ ْدعُه باسه ف القرآن قط‪...‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬أنه حرّم التقدم بي يديه بالكلم حت يأذَن‪ ،‬وحرم رفع الصوت فوق صوته‪ ،‬وأن يُجهر له‬
‫بالكلم كما يهر الرجل للرجل‪...‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬أن ال رفع له ذكره‪ ،‬فل يُذكر ال (سبحانه) إل ذكر معه‪ ،‬وأوجب ذكره ف الشهادتي‬
‫اللتي ها أساس السلم‪ ،‬وف الذان الذي هو شعار السلم‪ ،‬وف الصلة الت هي عماد الدين‪)...‬‬
‫و إن تعظيم نبينا ممد ـ صلى ال عليه وسلم ـ من صلب إيان السلم‪ ..‬فهو خليل ال الصطفى‬
‫من خلقه‪ ..‬وخات النبياء الذي بانتهاء رسالته انقطع وحي السماء‪ ..‬والوصوف من ربه ـ جل‬
‫وعل ـ بعظم خلقه‪ ..‬وأحد خسة من أول العزم من الرسل‪ .‬هذا التعظيم تتمه سيته الشريفة ـ‬
‫صلى ال عليه وسلم ـ كما تليه حقيقة شهادة أن (ممدا رسول ال)‪...‬‬

‫‪382‬‬
‫ول يغفل السلمون ـ منذ جيل الصحابة الكرام ـ عن قدر رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ‬
‫وعن مبته وتعظيمه‪ ..‬فنرى ف سية هؤلء الصحابة وتابعيهم وعلماء المة وعوامها من بعدهم‬
‫أفضل ناذج لذا التعظيم‪..‬‬
‫ومن نافلة القول هنا أن يقال أن معن التعظيم الشروع لرسول ال هو تعظيمه با يبه هو صلى ال‬
‫عليه وسلم وعدم رفعة فوق منلته النبوية وانه عبد ل يعبد ورسول ل يكذب فل يرفع إل مقام‬
‫الربوبية أو اللوهية‪..‬‬
‫وقد ضرب السلف الصال أروع المثلة بتعظيم وإجلل رسول ال‪..‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬ما رواه الدارمي ف سننه عن عبد ال بن البارك قال‪( :‬كنت عند مالك وهو يدثنا‬
‫حديث رسول ال فلدغته عقرب ست عشرة مرة‪ ،‬ومالك يتغي لونه ويصفر‪ ،‬ول يقطع حديث‬
‫رسول ال‪ ،‬فلما فرغ من الجلس وتفرق الناس‪ ،‬قلت‪ :‬يا أبا عبد ال‪ ،‬لقد رأيت منك عجبا! فقال‪:‬‬
‫(نعم إنا صبت إجللً لديث رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ)‬
‫وقال الشافعي (رحه ال تعال)‪( :‬يكره للرجل أن يقول‪ :‬قال رسول ال‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬رسول ال؛‬
‫تعظيما لرسول ال)‪.‬‬
‫ومن يب تعظيمهم وإجللم ـ وهو من إجلله عليه الصلة والسلم ـ إجلل صحابة رسول ال‪،‬‬
‫فيتعي احترامهم وتوقيهم‪ ،‬وتقديرهم حق قدرهم‪ ،‬والقيام بقوقهم (رضي ال عنهم)‪.‬‬
‫ويلحظ اليوم وجود هجمة شرسة على جناب نب المة يقوده العلم الغرب وإن لتعجب ول‬
‫ينقضي عجب من العلم السلمي أين هو من مثل هذا الجوم على نبينا وكأن شيئًا ل يدث ؟!‬
‫وأين هو العلم الذي انشغل بالبامج التافهة والفاضحة ونومها الزعومي! فضلً عن متابعة نوم‬
‫هليوود والفيديو كليب! فيا أمة السلم‪ ،‬ويا إخوة العقيدة‪ ،‬ويا أبناء الرسالة الالدة‪ ،‬هذا نبيكم‬
‫وهذا فضله‪ ،‬ووصفه فهل ترضون بإهنته؟!! فالواجب على المة بكل أفراده وطاقاتا أن تب هبة‬
‫الدفاع عن البيب صلى ال عليه واله وسلم والواجب أن يعيش معنا دائما وأبدا ف مشاعرنا‪،‬‬
‫وآمالنا‪ ،‬وطموحاتنا‪ ..‬يعيش معنا‪ ،‬قدوة وأسوة‪ ،‬وإماما‪ ،‬ومعلما‪ ،‬وأبا‪ ،‬وقائدا‪ ،‬ومرشدا‪.‬يعيش معنا‬
‫ف ضمائرنا عظيما‪ ،‬وف قلوبنا رحيما‪ ،‬وف أبصارنا إماما‪ ،‬وف آذاننا مبشرا ونذيرا {هو الذي أرسل‬
‫رسوله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الشركون}‪.‬‬
‫نسينا ف ودادك كل غال فأنت اليوم أغلى ما لدينا‬
‫ف نلم وما علينا‬ ‫نلم على مبتك ويكفي لنا شر ٌ‬
‫ولا نلقكم لكن شوقا يذكرنا فكيف إذا التقينا‬
‫تسلّى الناس بالدنيا وإنا لعمر ال بعدك ما سلينا‬
‫* من مظاهر مبته صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫‪383‬‬
‫‪ )1‬فأول علمات الحبة‪ :‬التباع والعتصام بالكتاب والسنة‪..‬‬
‫وحيث كان ادّعاء حب ال من أسهل ما يكون على النفس جعل ال دللته النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كما ف الية السابقة {قل إن كنتم تبون ال‪}...‬‬
‫تعصي الله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري ف القياس بديع‬
‫لو كنت صادقا ف حبه لطعمته *** أن الحب لن يب مطيع‬
‫قال السن‪ :‬ادعى قوم على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم مبة ال فابتلهم ال بذه الية‪:‬‬
‫{قل أن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم}‪.‬‬
‫وثرة التباع مبة ال للمتبع‪ ...‬وشان عظيم أن ًتحِب وأعظم منه أن تب‪..‬‬
‫‪ )2‬الذر من رد شيء من السنة‪:‬‬
‫قال احد بن حنبل‪ ":‬من رد حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم فهو على شفا هلكة " قال ال‬
‫تعال‪{ :‬فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}‪.‬‬
‫قال ابن كثي رحه ال‪ ":‬أي‪ :‬عن أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته‬
‫وسنته وشريعته فتوزن القوال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على قائله‬
‫وفاعله كائنا من كان " ا‪.‬هـ [ تفسي ابن كثي‪..]2/307:‬‬
‫ومن مظاهر رد السنة السخرية والستهزاء بالسنة النبوية ومعارضتها بالعقول والراء والرغبات‬
‫والعادات كالسخرية والستهزاء باللحية ورفع الرجل ثوبة فوق الكعبي وحجاب الرأة والسواك‬
‫والصلة إل سترة وغي ذلك‪ .‬فتسمع من يصف تلك العمال بأوصاف رديئة أو يتهكم بن التزم با‬
‫فلم يد هؤلء مايلؤون به فراغهم إل الضحك والستهزاء بن عمل بالسنة وحافظ عليها فيجعلونه‬
‫مل لسخريتهم هازل لعبي فيصدق ف مثلهم قوله صلى ال عليه وسلم‪(( :‬وان العبد ليتكلم‬
‫بالكلمة من سخط ال ل يلقي لا بال يهوي با ف جهنم))‪.‬‬
‫ويغفل كثي من الناس عن أمر خطي وهو أن الستهزاء بالدين كفر سواء كان على سبيل اللعب‬
‫والزل والزاح أو على سبيل الد فهو كفر مرج من اللة‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪ :‬من سب ال تعال كفر سواء كان مازحا أو جادا وكذلك من استهزاء بال تعال أو‬
‫بآياته أو برسله أو كتبه‪.‬اهـ‬
‫وعن سلمة بن الكوع رضي ال عنه‪ :‬أن رجل أكل عند رسول ال صلى ال عليه وسلم بشماله‬
‫فقال‪(( :‬كل بيمينك)) قال‪ :‬ل استطيع‪ .‬قال‪(( :‬ل استطعت ما منعه إل الكب)) قال‪ :‬فما رفعها إل‬
‫فيه‪.‬‬
‫قال التيمي‪ :‬فليتق الرء الستخفاف بالسنن ومواضع التوقيف فانظر كيف وصل إليه شؤم فعله‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫وعن أب يي الساجي قال‪ :‬كنا نشي ف أزقة البصرة إل باب بعض الحدثي فأسرعنا الشي ومعنا‬
‫رجل ماجن متهم ف دينه فقال‪ :‬ارفعوا أرجلكم عن أجنحة اللئكة ل تكسروها (كالستهزئ) فلم‬
‫يزل من موضعه حت جفت رجله وسقط‪!!.‬‬
‫وال أعلم وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‬
‫======================‬
‫أمة الليار‪ ..‬هل تنتصر لرسولا صلى ال عليه وسلم ؟!‬

‫د‪.‬مسفر بن علي القحطان‬


‫رئيس قسم الدراسات السلمية والعربية‬
‫بامعة اللك فهد للبترول والعادن‬
‫تعجبت وتألت أن تكون ردود الفعل تاه السخرية من النب صلى ال عليه وسلم جرّاء الفعل الشنيع‬
‫الذي قامت به صحيفة( جيل ندز بوسطن) الدناركية بثل هذا الضعف والوف والوان‪...‬‬
‫وتوقعت أن مؤسساتنا الرسية و الهلية ومثلياتنا السلمية ف الغرب ستتول تلقي هذه الصحيفة‬
‫درسا ل تنساه ف احترام مقدسات المم والشعوب الخرى ‪ ,‬ولكن الفاجأة الركّبة أن الراك كان‬
‫ساكنا وخائرا ف فاعليته وكأن الكل ينتظر من الخر أن يقوم بالدافعة عنه والبادأة با يرفع حرج‬
‫التساؤل الشعب عن دوره ‪,‬مع العلم أن الكاريكاتي الساخر قد نشر ف تلك الصحيفة ف ‪26‬شعبان‬
‫‪1426‬هـ الوافق‪ 30‬سبتمب ‪2005‬م أي قبل أربعة أشهر تقريبا ؟!!‪ .‬و تراكمت الفاجأة أو‬
‫اللطمة الخرى على جبي أمتنا الدامي أن تتجرأ ملة نرويية تدعى (ماغازينت) وتعيد الدوس بكل‬
‫تبجح على أعظم مقدساتنا بالهانة والتحطيم لشاعرنا الباردة وتنشر تكمها بالنب صلى ال عليه‬
‫وسلم ف يوم عيد الضحى الاضي دون أي اعتبار لموعنا ودولنا و حقوقنا الغتالة؟!!‪..‬‬
‫أتسال بعد هذه الصدمات ونن أمة ردود الفعال‪ :‬أين الغيورين وأصحاب العواطف اللتهبة‬
‫والتصريات العلمية بالدفاع عن حرمات السلمي ؟؟ أين من يدعي حب الصطفى عليه الصلة‬
‫والسلم ويزايد على ذلك متهما الكل بالتهوين من قدره ؟؟ أين البادرات اليابية و التحرك الفاعل‬
‫والتضحية الالية بالدفاع عن نبينا الكري عليه الصلة والسلم ؟؟‪ .‬أل يرك ف قلوبنا دفاع كل امة‬
‫عن معتقداتا واعتزازهم با مهما كانت ضئيلة أو هينة ف أعيننا ؛كما فعل البوذيون عند هدم تاثيل‬
‫باميان ‪,‬وما يفعله اليهود فيمن ينكر الولوكوست (مرقة النازيي لليهود)‪ ,‬أو الندوس ف أي إهانة‬
‫تس تاريهم اللفق أو أبقارهم القدسة‪ ,‬بل دفاع الشواذ والسقطة عن حقوقهم حت العنوية منها !!‪.‬‬
‫أكتب هذا القال متأخرا لعتقادي أن الؤسسات الرسية والهلية سوف تتول الردّ والدافعة عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ول أكن أتصور أبدا أن نتاج إل كتابة مثل هذا القال أو غيه لعتقادي أن‬

‫‪385‬‬
‫القام هو للمبادرات الرسية الماعية الفاعلة وليس للخطب أو الكاتبات أوالتقارير الصحفية‬
‫الستهلكية‪ ..‬لذلك سأبي ف هذا القام بعض البادرات الواجبة الت ينبغي أن نساهم با عمليا من‬
‫يرجى تركه و تُأمّل نضته لنصرة نبيه عليه الصلة والسلم‪ ,‬أذكر بعضها على سبيل الثال‪:‬‬
‫‪1‬ـ قيام منظمة الؤتر السلمي برفع دعوى قضائية على الصحيفة الدناركية والجلة النرويية‬
‫خلل اليام القادمة وتكليف جهة متابعة تعطي تقاريرها الدورية عن نتائج الرافعة‪ ,‬مع عدم الكتفاء‬
‫بالعتذار الرسي بل ومعاقبة القائمي على تلك الصحف والجلت‪.‬‬
‫‪2‬ـ تشكيل وفد رسي من مثلي مؤسسات الجتمع الدن من علماء ومفكرين وإعلميي ورجال‬
‫أعمال لللتقاء بالسئولي ف الدولتي أو ف سفاراتم ف دولنا العربية والسلمية‪ ,‬وتفعيل هذا الق‬
‫من خلل مقابلت ومكاتبات احتجاجية للهيئات الرسية التابعة ليئة المم التحدة الت كفلت بق‬
‫التعظيم للمقدسات النسانية من خلل إعلن المم التحدة للقضاء على جيع أشكال التعصب أو‬
‫التمييز القائمي على أساس الدين أو العتقد والذي وقعت عليه الدول العضاء ف ‪ 1981‬م‪.‬‬
‫‪3‬ـ قيام مثلي عن رابطة العال السلمي واتاد علماء السلمي وممع الفقه السلمي التابع لنظمة‬
‫الؤتر السلمي بزيارة لمثلي الديانة السيحية ف الفاتيكان للحتجاج على هذه التصرفات الت تدم‬
‫ما توصلت إليه لان الوار بي الديان خلل العقدين الاضيي‪.‬‬
‫‪4‬ـ الحتجاج الرسي من قبل أصحاب الوكالت التجارية للصادرات الدناركية والنرويية ف‬
‫البلدان العربية بالتهديد بقطع العلقة معهم حت يتم العتذار الرسي ومعاقبة القائمي على تلك‬
‫الصحف ‪ ,‬مع التأكيد أن تقاعس شركاتنا التجارية عن أداء هذا الواجب والراك السريع سيجعل‬
‫تلك النتجات ف قائمة القاطعة التجارية لا ونشر أساء الشركات الوكيلة ف القنوات العلمية‬
‫التنوعة لنع التعامل معها أو الشراء منها‪.‬‬
‫‪5‬ـ مطالبة الكتّاب والصحفيي والعلميي بل وكل غيور على دينه ومعتقده بالقيام بدور النصرة‬
‫للنب عليه الصلة والسلم وماولة إثارة الرأي العام الغرب لذا النتهاك القوقي والتدنيس العلن‬
‫للمعتقدات الدينية ‪ ,‬وتفعيل النقابات الهنية لداء دورهم ف القضية بالحتجاج الباشر على الصحيفة‬
‫الدناركية وهذا هو عنوانا الباشر ف ملكة الدنارك‪:‬صحيفة (‪ Jyllands‬ـ ‪ Post‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.) n‬‬
‫الاتف والفاكس‪ ) 38 38 38 87 45+ ( :‬و ( ‪ .) 30 30 30 33 45+‬البيد‬
‫اللكترون‪.) jp@jp.dk ( .‬‬
‫‪6‬ـ تشكيل مكتب لتابعة تفعيل هذه البادرات يُنشأ ف اللجنة السلمية للقانون الدول النسان‬
‫التابع للجنة السلمية للهلل الدول إحدى الؤسسات الختصة لنظمة الؤتر السلمي‪ ,‬أو من‬
‫خلل التنسيق مع المي العام لنظمة السيسكو الدكتور عبد العزيز التويري الذي ساهم بدور كبي‬

‫‪386‬‬
‫ف تفعيل الدعوى على الصحيفة الدناركية والكتابة والقابلة لعدد من السئولي ف الكومة‬
‫الدناركية‪.‬‬
‫ومع العتذار الشديد والستغفار العميق لعجزنا عن القيام بواجب النصرة لقام نب الرحة والدى‬
‫عليه الصلة والسلم فهذه البادرات هي أقل ما يكن القيام به تعظيما لقه عليه الصلة والسلم من‬
‫أمته الت تاوزت الليار مسلم ف كل أناء الدنيا ؟!!‪ .‬أما مؤسساتنا الدينية الرسية والهلية ومراكزنا‬
‫وهيئاتنا السلمية الت كثرت إل حد الغثائية فعليها أن تعيد تديد أهدافها الت تأسست من أجلها‬
‫وتفعيل دورها النتظر واللئق با والشابه لثلها عند أصحاب الديانات السماوية والنحل الرضية‪.‬‬
‫والتاريخ الذي يسطّر هذه الواقف لن يغفر لنا هذا التخاذل؛ ولو فعل ‪ ,‬فهل سيغفر ربنا هذا التهاون‬
‫والتنازل ؟؟!‬
‫===============‬
‫أنصر نبيك يا مسلم‬

‫‪1426 / 12 / 20‬هـ‬
‫إن المد ل نمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا من يهديه‬
‫ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪،،‬‬
‫فقد قال ال تعال ف كتابه العزيز‪ { :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص‬
‫عليكم بالؤمني رءوف رحيم }‪ { ،‬إن ال وملئكته يصلون على النب يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه‬
‫وسلموا تسليما}‪ ،‬قرن أسه باسه ف الذان وجعل شأنه عاليا‪ ،‬وتفضل عليه بالوحي والرسالة‪،‬‬
‫واصطفاه من بي خلقه ليكون خات النبيي‪ ،‬وكان فضل ال عليك عظيما‪ ،‬وجعل له لواء المد‬
‫والقام الحمود‪ ،‬هذا نبينا عليه الصلة والسلم أفضل النبياء‪ ،‬إمامهم يوم القيامة وقائد الغر الحجلي‬
‫يوم الدين‪ ،‬ويوم يرجع النبياء إليه للشفاعة ليقضى بي اللئق‪ ،‬فيقوموا هؤلء الكفرة اليوم بشن‬
‫الغارات على شخص ممد بن عبد ال عليه الصلة والسلم‪ ،‬ليبوأ بالث ف البداية والسلسل طويل‬
‫من قبلهم‪.‬‬
‫صحيفة دنركية بالرسومات الساخرة الت تستهزئ بأعظم رجل وطئت قدماه الثرى‪ ،‬صورة آثة‬
‫وقحة وقاحة الكفر وأهله‪ ،‬ليكون ف ذلك الرسم عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأس رجل كأنم بل‬
‫صرحوا أنه إرهاب‪ ،‬وهذا من شدة ما أرهبهم‪ ،‬ث تأت جريدة أخرى نرويية لتنكأ الراح وتشن‬
‫الغارة من جديد‪ ،‬لتعيد نشر الرسوم الوقحة الت نشرت من قبل‪ { ،‬أتواصوا به بل هم قوم‬
‫طاغون }‪ ،‬فيا ل ماذا بقي ف الياة من لذة عندما ينال من مقام ممد صلى ال عليه وسلم ث ل‬

‫‪387‬‬
‫ينتصر له؟‪ ،‬وماذا نقول تاه هذا العداء السافر والتهكم الكشوف؟‪ ،‬هل نغمض أعيننا؟‪ ،‬أو نصم‬
‫أذاننا؟‪ ،‬أو نطبق أفواهنا وف القلب عرق ينبض؟‪ ،‬والذي كرم ممد وأعلى مكانته صلى ال عليه‬
‫وسلم لبطن الرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالق وندافع عن نبينا صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬آل جفت أقلم وشلت سواعد قد امتنعت عن تسطي الحرف‪ ،‬والنطق بالكلمات للذود عن‬
‫حوض النب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي لعرض ممد منكم فداء‬
‫وهكذا يا عباد ال‪ ،‬يسفر هؤلء أعداء الدين من أهل الكتاب وغيهم عن وجوههم القبيحة مرات‬
‫كثية‪ ،‬بصور متلفة وتعاد الصورة مرة أخرى والتاريخ يعيده ال عزوجل‪ { ،‬إنا أعطيناك الكوثر‬
‫فصلي لربك وأنر إن شانئك هو البتر }‪ ،‬الشانئ العدو البغض الساب الشات هذا منقطع الذكر‪،‬‬
‫قليل الثر‪ ،‬هذا هو الذي ل عقب له ول يبقى له نسل ول حسن ذكر‪ ،‬أما أنت يا ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم فتبقى ذريتك‪ ،‬وصيتك السن بي العباد‪ ،‬وآثار فضلك إل يوم القيامة‪ ،‬ولك ف الخرة‬
‫نر الكوثر والي الكثي ‪.‬‬
‫عباد ال لا قام قريش يسبونه عليه الصلة والسلم وقامت تلك الرأة تقول‬
‫مذما عصينا ودينه أبينا‬
‫قال عليه الصلة والسلم‪ " :‬أل تعجبون كيف يصرف ال عن شتم قريش ولعنهم‪ ،‬يشتمون مذما‬
‫ويلعنون مذما وأنا ممد "‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،،‬دافع ال عن نبيه عليه الصلة والسلم وذكره بالقام العظيم ف كتابه‪ ،‬وأنزل هذه الصورة‬
‫وغيها من اليات للدفاع عن ممد عليه الصلة والسلم‪ { ،‬ن والقلم وما يسطرون* ما أنت بنعمة‬
‫ربك بجنون* وإن لك لجرا غي منون* وإنك لعلى خلق عظيم } ‪ { ،‬أل نشرح لك صدرك*‬
‫ووضعنا عنك وزرك* الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك }‪ ،‬وهكذا رفع ذكره‪ ،‬وخفض شانئه‬
‫وشأنم‪.‬‬
‫تقوم الرسومات الكاريكاتورية الساخرة اليوم بالستهزاء بنبينا عليه الصلة والسلم ف رسها ورمزها‬
‫ولكن ليس نبينا بالصورة الت رسومها ول باللق الذي وصفوه‪ ،‬فوجهه عليه الصلة والسلم هو‬
‫الضياء والطهر والقداسة والبهاء‪ ،‬أعظم استنارةً وضياءا من القمر ليلة البدر‪ ،‬يفيض ساحة وبشرا‬
‫وسرورا‪ ،‬طلعته آسرة تأخذ باللباب‪ ،‬وكل من رآه عرف صدقه ف وجهه‪ ،‬ومنهم من ارتعدت‬
‫فرائسه وهو ينظر إليه‪ ،‬ومنهم من بكى إجللً له وإعجابا‪ ،‬وما كان عليه الصلة والسلم عابسا ول‬
‫مكشرا‪ ،‬إنه صلى ال عليه وسلم كان أشد حياءًا من العذراء ف خدرها‪ ،‬إذا سر استنار وجه كأنه‬
‫قطعة قمر‪ ،‬أهدب الشفار‪ ،‬أكحل العيني كأنه سبيكة فضة‪ ،‬مليح الوجه‪ ،‬يقول أنس رضي ال‬
‫عنهما‪ " :‬ما مسست حريرا ألي من يد رسول ال صلى ال عليه وسلم "‪ ،‬كان عليه الصلة والسلم‬

‫‪388‬‬
‫يعرف بريح الطيب إذا أقبل‪ ،‬كان عليه الصلة والسلم أحسن الناس خلقا‪ ،‬وأكرمهم‪ ،‬وأتقاهم‪،‬‬
‫كان عليه الصلة والسلم ل يستكب أن يشي مع الساكي‪ ،‬تأخذ الارية الصغية بيده فينطلق لقضاء‬
‫حاجتها‪ ،‬كان يزور المصار ويسلم على صبيانم‪ ،‬ويأت ضعفائهم ويزورهم ويعود الرضى‪ ،‬ويشهد‬
‫النائز‪ ،‬كان عليه الصلة والسلم يلس على الرض ويأكل على الرض‪ ،‬ويعتقل الشاة فيحلبها‬
‫كان يصف نعله‪ ،‬وييط ثوبه‪ ،‬ويفليه ويلب شاته‪ ،‬ويدم نفسه‪ ،‬كان يبيت الليال طاويا ل يد‬
‫عشاءا‪ ،‬وكان ل يد ما يلئ بطنه من الدقل وهو التمر الرديء‪ ،‬وكان يعصب الجر على بطنه من‬
‫الوع مرات‪ ،‬يقبل الدية ول يأخذ الصدقة‪ ،‬كان أشجع الناس إذا أحر البأس اتقوا به ف القتال‪ ،‬تر‬
‫به الرة فيسقي لا الناء لتشرب منه‪ ،‬كان عليه الصلة والسلم عفوا يغفر ويصفح حت عفا عن‬
‫ذلك الشرك الذي أخترط سيفه ورفعه عليه صلتا‪ ،‬قال‪ :‬من ينعك من؟‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬فشلت يد الشرك‬
‫وسقط السيف من يديه‪ ،‬كان سخيا كريا أجود الناس‪ ،‬كان عليه الصلة والسلم عظيما ف أخلقه‬
‫وآدابه وخلقته‪.‬‬
‫أل ترى أن ال خلد ذكره إذ قال ف المس الؤذن أشهد‬
‫وشق له من أسه ليجله فذو العرش ممود وهذا ممد‬
‫أوفر الناس عقلً‪ ،‬وأسدهم رأيا‪ ،‬وأصحهم فكرة‪ ،‬وأسخاهم يدا‪ ،‬وأنداهم راحة‪ ،‬وأجودهم نفسا‪،‬‬
‫يعطي عطاء من ل يشى الفقر‪ ،‬يود ويقول‪ " :‬أنفق يا بلل ول تشى من ذي العرش إقلل "‪،‬‬
‫أرحب الناس صدرا‪ ،‬وأوسعهم حلما‪ ،‬ل يزيده جهل الاهلي عليه إل عفوا‪ ،‬أعظم الناس تواضعا ل‬
‫يتميز عن أصحابه بظهر‪ ،‬ألي الناس عريكة‪ ،‬وأسهلهم طبعا‪ ،‬ما خي بي أمرين إل أختار أيسرها‪ ،‬ل‬
‫يغضب لنفسه فإذا انتهكت حرمات ال ل يقم لغضبه شيء‪ ،‬ول يستطيع أن يقف أحد ف طريقه‪،‬‬
‫كأنا يفقأ ف وجه حب الرمان تعظيما لرمات ال وغضبا لا‪ ،‬أشجع الناس قلبا‪ ،‬وأقواهم إرادة‪،‬‬
‫يوض الغمار قائلً‪ " :‬أنا النب ل كذب أنا أبن عبد الطلب "‪ ،‬أعف الناس لسانا‪ ،‬وأوضحهم بيانا‪،‬‬
‫يسوق اللفاظ مفصلة كالدرر مشرقة‪ ،‬كالنور هو طاهر كالفضيلة‪ ،‬إنه صاحب العفة يقيم الدود‪،‬‬
‫ويقسم بالعدل بي الناس‪ ،‬هو أسح الليقة روحا‪ ،‬وأعلها نفسا‪ ،‬وأزكاها وأعرفها بال‪ ،‬أشد الناس‬
‫ف أمر ال‪ ،‬أخشى الناس ل‪ ،‬يؤت كل ذي حق حقه‪ ،‬قضى زهرة شبابه مع امرأة من قريش تكبه‬
‫بمس عشرة سنة‪ ،‬قد تزوجت من قبل وما تزوج بعدها لستمتاع مرد‪ ،‬بل كان ف زواجه عليه‬
‫الصلة والسلم مصال عظيمة‪ ،‬أرفق الناس بالضعفاء‪ ،‬وأعظمهم رحة بالساكي‪ ،‬شلت رحته حت‬
‫البهيمة‪ ،‬فهو ينهى أن يد شفرته أي الزار بضرة الشاة وهي تلحظ إليه‪ ،‬وأن تذبح شاة ف حضرة‬
‫أخرى وهكذا‪ ،،‬أخب أن امرأة دخلت النار ف هرة حبستها‪ ،‬إنه أمي ال على وحيه ومصطفاه من‬
‫خلقه‪ ،‬أختاره ال وبعثه رحة للعالي‪ ،‬وحل هداية رب السماء إل أهل الرض‪ ،‬نور النبوة مشكاتا‬
‫وشعاعها ينطلق من لسانه‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫خلقت مبأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء‬
‫عباد ال‪ ،‬لقد أنصف بعض الكفار نبينا عليه الصلة والسلم لا قرءوا سيته من عظم أخلقه‪ ،‬ومن‬
‫عظم هذه الياة الت تركت وراءه مسطرة‪ ،‬فرضوان ال عن أصحاب ما فوتوا صغية ول كبية إل‬
‫ونقلوها من شأنه عليه الصلة والسلم‪ ،‬ول يوجد رجل ف العال ل ف القدي‪ ،‬ول ف الديث‪ ،‬ل‬
‫من السلمي‪ ،‬ول من الكفار‪ ،‬سيته منقولة بذه الدقة‪ ،‬فهل رأيت ف العال من نقيت صفته وسيته‬
‫وأحداث حياته كمحمد عليه الصلة والسلم؟‪ ،‬ولذلك يقول‪:‬‬
‫• مايكل هارت ف الالدين الائة وقد جعل على رأسهم سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم‪ :‬لقد‬
‫أخترت ممدا صلى ال عليه وسلم ف أول هذه القائمة‪ ،‬لنه هو النسان الوحيد ف التاريخ الذي‬
‫نح ناحا مطلقا على مستوى الدين والدنيوي‪ ،‬قد دعا إل السلم وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا‬
‫ودينيا وبعد ثلث عشرة سنة من وفاته‪ ،‬فإن أثر ممد عليه السلم ما يزال قويا متجددا‪ ،‬وقال‪ :‬ولا‬
‫كان ممد صلى ال عليه وسلم قوة جبارة ل يستهان با‪ ،‬فيمكن أن يقال أيضا‪ :‬إنه أعظم زعيم‬
‫سياسي عرفه التاريخ‪.‬‬
‫• أما برناردشو النكليزي وله مؤلف أسه ممد قد أحرقته سلطات بلده يقول فيه‪ :‬إن العال أحوج‬
‫ما يكون إل رجل ف تفكي ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإن رجال الدين ف القرون الوسطى ونتيجة‬
‫للجهل أو التعصب‪ ،‬قد رسوا لدين ممد صورة قاتة‪ ،‬لقد كانوا يعتبونه عدوا للمسيحية‪ ،‬لكنن‬
‫أطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة‪ ،‬وتوصلت إل أنه ل يكن عدوا للمسيحية بل‬
‫يب أن يسمى منقذ البشرية‪ ،‬وف رأيي أنه لو تول أمر العال اليوم لوفق ف حل مشكلتنا با يأمن‬
‫السعادة والسلم الت يرنوا إليها البشر‪.‬‬
‫• ويقول آن بيزيت‪ :‬من الستحيل لي شخص يدرس حياة وشخصية نب العرب العظيم‪ ،‬ويعرف‬
‫كيف عاش‪ ،‬وكيف علم الناس‪ ،‬إل أن يشعر بتبجيل هذا النب الليل‪ ،‬أحد رسل ال العظماء‪ ،‬هل‬
‫تقصد أن تبن أن رجلً ف عنفوان شبابه ل يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة‬
‫أكب منه بكثي وظل وفيا لا طيلة ستة وعشرين عاما‪ ،‬ث عندما بلغ المسي من عمره السن الت‬
‫تبوا فيها شهوات السد‪ ،‬تزوج لشباع رغباته وشهواته؟‪ ،‬ليس هكذا يكون الكم على حياة‬
‫الشخاص‪.‬‬
‫• أما تولستوي ( الديب العالي )‪ :‬فيقول يكفي ممدا فخرا أنه خلص أمة ذليلة دموية من مالب‬
‫شياطي العادات الذميمة‪ ،‬وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم‪ ،‬وإن شريعة ممد ستسود العال‬
‫لنسجامها مع العقل والكمة‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫• أما شبك النمساوي فيقول‪ :‬إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها‪ ،‬إذ أنه رغم أميته‬
‫استطاع قبل بضعت عشر قرنا أن يأت بتشريع سنكون نن أوروبيي أسعد ما نكون إذا توصلنا إل‬
‫قمته‪.‬‬
‫• وهكذا يصفه إدوار مونته الفرنسي‪ :‬عرف ممد صلى ال عليه وسلم بلوص النية‪ ،‬واللطفة‪،‬‬
‫وإنصافه ف الكم‪ ،‬ونزاهة التعبي عن الفكر والتحقق‪.‬‬
‫• وقال النليزي توماس كارليل الائز على جائزة نوبل ف كتابه البطال‪ :‬لقد أصبح من أكب العار‬
‫على أي فرد متحدث ف هذا العصر‪ ،‬أن يصغي إل ما يقال من أن دين السلم كذب‪ ،‬وأن ممد‬
‫خداع مزور‪ ،‬وقد رأيناه طول حياته راسخ البدأ‪ ،‬صادق العزم‪ ،‬كريا برا رءوفا‪ ،‬تقيا‪ ،‬فاضلً‪ ،‬حرا‪،‬‬
‫رجلً شديد الد‪ ،‬ملصا‪ ،‬وهو مع ذلك سهل الانب‪ ،‬لي العريكة‪ ،‬جم البشر والطلقة‪ ،‬حيد‬
‫العشرة‪ ،‬حلو اليناس‪ ،‬بل ربا مازح وداعب‪ ،‬كان عادلً‪ ،‬صادق النية‪ ،‬ذكي اللب‪ ،‬شهم الفؤاد‬
‫كأنا ما بي جنبيه مصابيح كل ليل بيم متلئا نورا‪ ،‬رجلً عظيما بفطرته ل تثقفه مدرسة ول هذبه‬
‫معلم‪ ،‬وهو غن عن ذلك‪.‬‬
‫• أما جوتة اللان فيقول‪ :‬إننا أهل أوروبا بميع مفاهيمنا ل نصل بعد إل ما وصل إليه ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وسوف ل يتقدم عليه أحد‪ ،‬ولقد بثت ف التاريخ عن مثل أعلى لذا النسان‬
‫فوجدته ف النب ممد‪ ،‬وهكذا وجب أن يظهر الق ويعلوا كما نح ممد الذي أخضع العال كله‬
‫بكلمة التوحيد‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،،‬وهكذا تتوال الشهادات من العداء ومن مالفه عليه الصلة والسلم ف الدين‪ ،‬ومهما كان‬
‫من اللحظات على بعضها‪ ،‬لن الذين أطلقوها من غي السلمي وبضعهم يهل حقيقة الوحي‪ ،‬ول‬
‫يقر بتم النبوة ول بأن دين ممد صلى ال عليه وسلم يب الدخول فيه‪ ،‬فإن هذه الشهادات كافية‬
‫ف أن سية النب عليه الصلة والسلم قد أخضعت أقلم أولئك الكتاب‪ ،‬وأنم لا أطلعوا على شيء‬
‫من حياته ذلوا ول يلكوا أنفسهم من تسطي هذه الكلمات‪ ،‬فيأت هؤلء اليوم من الكفرة الذين ل‬
‫يعترفون حت با سطره أدبائهم‪ ،‬وبعض كتابم‪ ،‬ومنصفيهم‪ ،‬ل يرونه شيئا ليقوموا بالعتداء على‬
‫شخص ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬إنا نبينا عليه الصلة والسلم صادق‪ ،‬ولا رآه أحد أكابر ثقيف قال له‪ :‬ل أقول لك كلمة‬
‫واحدة‪ ،‬إن كنت صادقا فأنت أجل ف عين من أن أرد عليك؟‪ ،‬وإن كنت كاذبا فأنت أحقر من أن‬
‫أرد عليك؟‪.‬‬
‫لو ل تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تنبيك بالب‬
‫كل من رآه عرف من وجه أنه صادق‪ ،‬وما من أحد أدعى النبوة من الكذابي إل وظهر عليه من‬
‫الهل‪ ،‬والكذب‪ ،‬والفجور‪ ،‬واستحواذ الشياطي ما فضحه‪ ،‬وما من أحد أدعى النبوة من الصادقي‬

‫‪391‬‬
‫إل وقد ظهر عليه من العلم‪ ،‬والصدق‪ ،‬والب‪ ،‬وأنواع اليات ما ييزه‪ ،‬وهكذا قال تعال‪ { :‬هل‬
‫أنبئكم على من تنل الشياطي تنل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون }‪ ،‬إن خدية‬
‫رضي ال عنها وهي زوجته‪ ،‬قالت له لا رجع خائفا من الغار‪ :‬كل‪ ،‬أبشر فوال ل يزيك ال أبدا‪،‬‬
‫فوال إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتصدق الديث‪ ،‬وتمل الكل‪ ،‬وتكسب العدوم‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعي‬
‫على نوائب الق‪.‬‬
‫لا عرف ورقة ابن نوفل ماذا حصل لنبينا ف الغار‪ ،‬وسع أول ما نزل عليه‪ ،‬قال‪ :‬هذا الناموس الذي‬
‫أنزل على موسى‪ ،‬لقد عرفه بي الراهب بصفته وهو صغي‪ ،،‬وهكذا أعترف له عبد ال بن سال با‬
‫ف التوراة‪ ،‬وهكذا عرفته الن لا سعوا كلمه‪ ،‬أرسل ال إليه نفر من الن يستمعون القرآن‪ ،‬فلما‬
‫حضروه قالوا أنصتوا‪ ،‬فلما قضي ولو إل قومهم منذرين‪ ،‬قالوا‪ :‬يا قومنا إنا سعنا كتابا أنزل من بعد‬
‫موسى‪ ،،‬وهكذا عرفه ملك الروم هرقل لا سأل أبا سفيان أسئلة فأجابه عنها‪ ،‬ث قال له هرقل‪" :‬‬
‫سألتك عن نسبه‪ ،‬فذكرت أنه فيكم ذو نسب‪ ،‬فكذلك الرسل تبعث ف نسب قومها‪ ،‬وسألتك هل‬
‫قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن ل‪ ،‬فقلت‪ :‬لو كان أحد قالا هذا القول قبله‪ ،‬لقلت‪ :‬رجل‬
‫يأتسي بقول قيل قبله‪ ،‬وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن ل‪ ،‬فقلت‪ :‬فلو كان من‬
‫آبائه من ملك‪ ،‬قلت‪ :‬رجل يطلب ملك أبيه‪ ،‬وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما‬
‫قال؟ فذكرت أن ل‪ ،‬فقد أعرف أنه ل يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على ال‪ ،‬وسألتك‬
‫أشراف الناس أتبعه أم ضعفائهم؟ فذكرت أن ضعفائهم أتبعوه‪ ،‬وهم أتباع الرسل‪ ،‬وسألتك أيزيدون‬
‫أم ينقصون؟‪ ،‬فذكرت أنم يزيدون‪ ،‬وكذلك المر اليان حت يتم‪ ،‬وسألتك أيرتد أحد سخطتا‬
‫لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن ل‪ ،‬وكذلك اليان حي تالط بشاشته القلوب‪ ،‬وسألتك هل‬
‫يغدر؟ فذكرت أن ل‪ ،‬وكذلك الرسل ل تغدر‪ ،‬وسألتك با يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبد‬
‫ال ول تشركوا به شيئا‪ ،‬وينهاكم عن عبادة الوثان‪ ،‬ويأمركم بالصلة والصدق والعفاف‪ ،‬فإن كان‬
‫ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتي‪ ،‬وقد كنت أعلم أنه خارج‪ ( ،‬هرقل كان عنده علم من‬
‫الكتاب ) ‪ ،‬ل أكن أظن أنه منكم‪ ،‬فلو أن أعلم أن أخلص إليه لتجشمت لقائه‪ ،‬ولو كنت عنده‬
‫لغسلت عن قدمه "‪ .‬ولكن منع حب الرئاسة بعد ذلك هرقل من الدخول ف الدين‪ ،‬وكان يب عليه‬
‫أن يترك ملكه وبلده ويأت مهاجرا إل النب صلى ال عليه وسلم ويعلن الدخول ف دينه كما فعل‬
‫النجاشي‪ ،‬وأمره النب عليه الصلة والسلم بالبقاء ف بلده للمصال العظيمة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ( :‬ولذا أخبت النبياء التقدمون أن التنبأ الكذاب ل يدوم إل مدة‬
‫يسية وهذه من بعض حجج ملوك النصارى الذين يقال إنم من ولد قيصر هذا أو من غيهم‪ ،‬حيث‬
‫ل يسب النب صلى ال عليه وسلم من رؤوس النصارى ويرميه بالكذب‪ ،‬فجمع علماء‬ ‫رأى رج ً‬
‫النصارى وسألم عن التنبأ الكذاب‪ ،‬كم تبقى نبوته؟ فأخبوه با عندهم من النقل عن النبياء أن‬

‫‪392‬‬
‫الكذاب الفتري ل يبقى إل كذا وكذا سنة‪ ،‬ل يبقى إل شيئا يسيا ث يضمحل‪ ،‬ذكره لدة قريبة من‬
‫ثلثي سنة ونو ذلك‪ ،‬فقال لم‪ :‬هذا دين ممد له أكثر من خسمائة أو ست مائة سنة ف ذلك‬
‫الوقت الذي حدثت فيه القصة‪ ،‬وهو ظاهر مقبول متبوع فكيف يكون هذا كذابا؟ ث ضرب عنق‬
‫النصران من أصحابه ورعيته )‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬كل من نظر ف دين هذا النب الكري‪ ،‬كل من نظر ف الوحي الذي جاء به هذا الرسول‬
‫العظيم‪ ،‬يعرف صدقه‪ { ،‬الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم }‪ ،‬إي وال يعرفون‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم بوصفه كما يعرفون أبناءهم‪ { ،‬يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا‬
‫منهم ليكتمون الق وهم يعلمون* الق من ربك فل تكنن من المترين }‪ ،‬وهكذا لا سع النجاشي‬
‫صدر سورة مري سع بعض ما أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم من جعفر بن أب طالب وغيه‬
‫من الصحابة‪ ،‬قال‪ :‬إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة‪.‬‬

‫أيها السلمون‪ ،‬نبينا عندنا ف مقام عظيم‪ ،‬وف نفوسنا له منلة كبية‪ ،‬ونن نعلم أن من سبه عليه‬
‫الصلة والسلم إن كان مسلما فإنه يصحب مرتدا بذا السب‪ ،‬ول تنع توبته من قتله على القول‬
‫الراجح‪ ،‬لن حق ال يسقط بالتوبة‪ ،‬أما حق ممد بن عبد ال فكيف يتم التنازل عنه؟‪ ،‬وصاحب‬
‫الق قد مات‪ ،‬ولذلك يبقى المر ف إقامة الد عليه بالوت‪ ،‬وإذا صدق ف التوبة تنفع عند ال هذا‬
‫قول عدد من أهل العلم‪ ،‬كما نصر ذلك شيخ السلم وبينه ف كتابه العظيم الصارم السلول على‬
‫شات الرسول‪ ،‬وأما من الكفار فإن النب صلى ال عليه وسلم قد جرد كتائب لقتل هؤلء‪ ،‬كما فعل‬
‫ببعض اليهود الذين وقعوا فيه وسبوه وشتموه ف شعرهم‪ ،‬وجعلوا بعض الغينات الغنيات عندهم‬
‫يغنيي بشتمه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فأرسل إليهم من اغتالم على فرشهم وف عقر دارهم‪ ،‬ولا فتح‬
‫مكة أهدر دم عبد ال بن خطل الشرك الذي كان يسبه ولا قبض عليه متعلقا بأستار الكعبة‪ ،‬وجعل‬
‫يتوسل يقول‪ :‬يا ممد من للصبية؟ فقال‪ :‬النار‪ ،‬وقتل عنق ذلك الشرك عند الكعبة‪ ،‬تلك حرمة ممد‬
‫بن عبد ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد آن لنفوس الؤمني أن تنطلق بنصرة نبيها‪ ،‬وأن تدفع أولئك‬
‫الشانئي‪.‬‬
‫اللهم أنصر سنة ممد بن عبد ال ف العالي‪ ،‬اللهم زد ذكره رفعة وأعلي‪ ،‬وزد ف دينه علوا‪ ،‬اللهم‬
‫إنا نسألك أن تكبت عدوه‪ ،‬وأن تنشر سنته ف العالي‪ ،‬وأن تعلي دينه فوق سائر أهل الرض يا‬
‫أرحم الراحي‪ ،‬اللهم أرنا فيمن سبه مصيا أسود‪ ،‬اللهم أنتقم لنبيك‪ ،‬اللهم أنتقم لنبيك‪ ،‬اللهم أنتقم‬
‫لنبيك‪ ،‬إنك عزيز ذو انتقام‪.‬‬
‫أقول قول هذا‪ ،‬وأستغفر ال ل ولكم‪ ،‬فأستغفره‪ ،،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫المد ل رب العالي‪ ،‬المد ل قيوم السماوات والرضي‪ ،‬المد ل رافع السماء بل عمد‪ ،‬المد‬
‫ل استغن عن والدة والولد‪ ،‬المد ل ل يكن له كفوا أحد‪ ،‬المد ل الذي ليس له صاحبة ول‬
‫يتخذ ولدا وخلق كل شيء‪ ،‬والصلة والسلم على ممد بن عبد ال‪ ،‬البشي والنذير‪ ،‬والسراج الني‪،‬‬
‫وحامل لواء المد‪ ،‬والشافع الشفع يوم الدين‪ ،‬أول الناس قياما من القبور‪ ،‬وأول الناس يسي إل‬
‫ساحة البعث والعرض والنشور‪ ،‬وأول الناس ورودا على حوضه‪ ،‬وأول الناس عبورا للصراط‪ ،‬وأول‬
‫الناس دخولً النة‪ ،‬اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه‪ ،‬اللهم أعلي شأنه اللهم أرفع درجته‪ ،‬اللهم‬
‫أجعلنا من أهل شفاعته‪ ،‬أشهد أنه رسول ال حقا‪ ،‬والداعي إل سبيله صدقا‪ ،‬بلغ الرسالة‪ ،‬تركنا على‬
‫البيضاء‪ ،‬ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك‪ ،‬بلغ المانة‪ ،‬وأدى الرسالة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬علمنا‬
‫فأحسن تعليمنا‪ ،‬وأدبنا فأحسن تأديبنا عليه الصلة والسلم‪ ،‬اللهم أرضي عن أصحابه وعن آله‬
‫وذريته الطيبي الطاهرين‪ ،‬وعن خلفائه اليامي‪ ،‬وعن من تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬لعله جس نبض‪ ،‬ويريد هؤلء اليهود والنصارى أن يعلموا‪ ،‬ماذا ف المة من حس؟‪ ،‬وماذا‬
‫بقي فيها من غية؟‪ ،‬وكذلك فإن عداوتم لهل السلم ولنبيه باقية إل قيام الساعة حت ينل عيسى‬
‫عليه السلم فيقضي عليهم‪ ،‬ولشك أن من عداوتم أن يسبوا نبينا ونن نتوقع هذا منهم‪ ،‬وأن‬
‫يهاجوه ف وسائل إعلمهم‪ ،‬وأن يسيوا سية كفار قريش الذين كانوا يشوهون سعة نبينا ف مافل‬
‫الجاج ولكن ال لم بالرصاد‪ ،‬فنصر ال نبيه عليهم وهكذا ينصر ال نبيه ف هذا الزمان وف كل‬
‫زمان‪ ،‬وكل من تعرض لذاته الكرية ووقع فيه كما وقع هؤلء بعض الدنركيي والنروييي ومن لف‬
‫لفهم‪ ،‬وتعرضوا لنبينا الكري بالبذاءة والسخرية والستهزاء‪ ،‬ويرفضون العتذار‪ ،‬ويقولون‪ ( :‬حرية‬
‫الرأي حرية الكفر ) فإذا سبت ملكتهم‪ ،‬وسب نظامهم ودولتهم‪ ،‬فماذا عساهم يقولون؟‪ ،‬يسنون‬
‫القواني ف عقوبة من سب نظامهم ودولتهم وملكتهم‪ ،‬ولكن عندما تأت القضية إل نبينا الذي يب‬
‫على ملكتهم ورؤسائهم اليان به‪ ،‬تصبح السألة تصبح القضية حرية رأي‪ ،‬حرية الكفر‪ ،‬حرية‬
‫الجوم على النب الكري صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬هكذا إذن فعل هؤلء وقبلهم من النصارى ف أمريكا وغيها‪ ،،‬كما قال جري فالويل‪ :‬أنا‬
‫أعتقد أن ممدا كان إرهابيا‪ ،‬وف اعتقاد السيح وضع مثال الب كما فعل موسى‪ ،‬وأنا أعتقد أن‬
‫ممدا وضع مثا ًل عكسيا‪ ،‬ويتهمه وحاش عليه الصلة والسلم بأنه كان لصا وقاطع طريق‪.‬‬
‫أما بات روبت سون الاقد الخر ف الوليات التحدة يقول عن نبينا عليه الصلة والسلم‪ :‬كان‬
‫مرد متطرف ذو عيون متوحشة تتحرك عبثا من النون‪.‬‬
‫وصاحبه جري فاين يقول‪ :‬عن النب عليه الصلة والسلم إنه يتملكه الشيطان‪.‬‬
‫وجس واركد يتهمه بالشذوذ هكذا‪ ،،‬أيها الخوة السلسل معروف من هؤلء اليهود والنصارى‬
‫بأقلم ورسومات ف وسائل إعلمهم‪ ،‬لقد أغاظهم ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬لقد أغاظهم انتشار‬

‫‪394‬‬
‫دينه‪ ،‬لقد أغاظتهم شريعة الهاد الت جاء با عليه الصلة والسلم‪ ،‬لقد أغاظتهم قوة السلم‪ ،‬لقد‬
‫أغاظتهم هذه الشريعة الت ليس عندهم مثلها‪ ،‬أغاظهم سرعة انتشار السلم‪ ،‬أغاظهم أن السلم‬
‫أول دين ف العال ف سرعة النتشار‪ ،‬لقد أغاظهم هذا التوقي والحترام الذي يظى نبينا عليه الصلة‬
‫والسلم بيننا مع تقصي كثي من السلمي‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬من سخر بالنب عليه الصلة والسلم ما حكمه؟‪ { ،‬قل أبال وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزءون ل تعتذروا قد كفرت بعد إيانكم }‪.‬‬
‫روى أبو داوود عن علي رضي ال عنه أن يهودية كانت تشتم النب صلى ال عليه وسلم وتقع فيه‬
‫فخنقها رجل حت ماتت فأبطل رسول ال صلى ال عليه وسلم دمها‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪ ( :‬وهذا الديث جيد وله شاهد من حديث ابن عباس وف قصة العمى العروفة‬
‫الشهورة الذي كانت له أم ولد ترعاه له منها أبنان كاللؤلؤتي فوضع ذلك الرمح القصي ف بطنها‬
‫وأتكأ عليها حت ماتت لنا كانت تشتم النب صلى ال عليه وسلم وتقع فيه )‪ ،‬ولا أغلظ رجل لب‬
‫بكر الصديق‪ ،‬قال أبو برز السلمي للصديق‪ :‬أقتله؟ فانتهرن‪ ،‬يقول أبو برزه‪ ،‬وقال‪ :‬ليس هذا لحد‬
‫بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أيها السلمون‪ ،‬يا عباد ال‪ ،‬إن سب النب عليه الصلة والسلم من أعظم الحرمات‪ ،‬وكفر وردة عن‬
‫السلم‪ ،‬بإجاع العلماء سواء فعل ذلك القائل جادا أم هازلً‪ ،‬وفاعله يقتل ولو تاب‪ ،‬كما تقدم‬
‫مسلما كان أو كافرا‪ ،‬وإن عقوبة من سب النب عليه الصلة والسلم ف الدنيا أن ال يذيقه من‬
‫العذاب الهي‪ ،‬فال يدافع عن الذين آمنوا‪ ،‬والنب عليه الصلة والسلم رأس الؤمني‪ ،‬وقال‪ { :‬وال‬
‫يعصمك من الناس }‪ ،‬وقال‪ { :‬إن كفيناك الستهزءين }‪ ،‬وقال‪ { :‬فسيكفيكهم ال }‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫{ أليس ال بكاف عبده }‪ ،‬قال الشيخ السعدي ‪ -‬رحه ال ‪ ( : -‬وقد فعل تعال فما تظاهر أحد‬
‫يعن أعلم بالستهزاء برسول ال صلى ال عليه وسلم وبا جاء به إل أهلكه ال وقتله شر قتله )‪.‬‬
‫أيها السلمون‪ ،‬لقد جاءت الروايات مبينة لذا‪ ،،‬فأخرج الطبان ف الوسط‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬وأبو النعيم‬
‫ف الدلئل‪ ،‬وابن الردويه بسند حسن‪ ،‬عن ابن عباس ف قوله إن كفيناك الستهزئي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫( الستهزئون الوليد بن الغية‪ ،‬والسود بن عبد يغوث‪ ،‬والسود بن الطلب‪ ،‬والارث بن عبطة‬
‫السهمي‪ ،‬والعاصم بن وائل‪ ،‬فآتاه جبيل فشكاهم إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ " :‬أرين‬
‫إياهم فأراه كل واحد منهم‪ ،‬وجبيل يشي إل كل واحد منهم ف موضع من جسده ويقول‪ :‬كفيتك‬
‫هو‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم يقول‪ " :‬ما صنعت شيئا‪ ،‬فأما الوليد فمر برجل بن خزاعة وهو‬
‫يريش نبلً فأصاب أكحله فقطعها‪ ،‬أنقطع عرق فأدى إل هلكه‪ ،‬وأما السود ابن الطلب فنل تت‬
‫سرة فجعل يقول‪ :‬يا بن أل تدفعون عن؟ قد هلكت وطعنت بالشوك ف عين‪ ،‬فجعلوا يقولون‪ :‬ما‬
‫نرى شيئا‪ ،‬فلم يزل كذلك حت عتمت عيناه‪ ،‬وأما السود بن عبد يغوث فخرج ف رأسه قروح‬

‫‪395‬‬
‫فمات منها‪ ،‬وأما الارث فأخذه الاء الصفر ف بطنه حت خرج خرؤه من فيه فمات منه‪ ،‬وأما‬
‫العاص فركب إل الطائف فربط على شبقة فدخل من أخص قدميه شوكة فقتلته "‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،،‬بعض أعداء النب عليه الصلة والسلم كان مع أبيه ف سفر‪ ،‬فنلوا من ًل وهم على الشرك‪،‬‬
‫فقال أبوه‪ :‬إن أخاف من أصحاب ممد على ولدي‪ ،‬إن أخاف من السباع‪ ،‬أجعلوا حوله المتعة‬
‫وناموا حوله‪ ،‬فجاء أسد وهم نيام فشمهم حت وصل إليه فافترسه‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬قد روى أنس رضي ال عنه أن رجلً نصرانيا أسلم‪ ،‬وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب‬
‫للنب عليه الصلة والسلم يعن يكتب الوحي‪ ،‬فعاد نصرانيا أرتد‪ ،‬وكان يقول‪ :‬ما يدري ممد إل ما‬
‫كتبت له‪ ،‬أدعى أن هذا القرآن منه‪ ،‬فآماته ال فدفنوه‪ ،‬أي‪ ( :‬النصارى الذين عندهم بالشام الذين‬
‫لأ إليهم )‪ ،‬فأصبح وقد لفظته الرض‪ ،‬فقال‪ :‬هذا فعل ممد وأصحابه لا هرب منهم نبشوا عن‬
‫صاحبنا فألقوه‪ ،‬فحفروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الرض لليوم الثان‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا فعل ممد‬
‫وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لا هرب منهم فألقوه‪ ،‬فحفروا له وأعمقوا له ف الرض ما استطاعوا‪،‬‬
‫فأصبح وقد لفظته الرض‪ ،‬فعلموا أنه ليس من الناس‪ ،‬يعن‪ :‬هذا الستخراج من الرض‪ ،‬ليس فعل‬
‫بشر فألقوه )‪ .‬الديث رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫عندما تكون المة ف عافية والدين ف قوة ف نفوس السلمي‪ ،‬ترى النموذج العظيم من ذلك الفتيي‬
‫الصغيين بينهما عبد الرحن بن عوف‪ ،‬كل منهما يسأل عن أب جهل أين هو؟‪ ،‬أين هو؟‪ ،‬ما هذا‬
‫الماس؟‪ ،‬ولاذا السؤال؟‪ ،‬إن أخبت أنه يسب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والذي نفسي بيده‬
‫لن رأيته ل يفارق سوادي سواده‪ ،‬حت يوت العجل منا‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ( :‬وإن ال منتقم لرسوله من طعن عليه وسبه‪ ،‬ومظهر لدينه ولكذب‬
‫الكاذب إذا ل يكن الناس أن يقيموا عليه الد مثل هؤلء الكفرة اليوم ف بلدهم ف حراسة‪ ،‬فيقول‬
‫السلمون‪ :‬ل نستطيع الوصول إليهم وليسوا تت سلطاننا لقامة الد عليهم‪ ،‬قال شيخ السلم‪ :‬وإن‬
‫ال منتقم لرسوله من طعن عليه وسبه‪ ،‬إذا ل يكن الناس أن يقيموا عليه الد )‪ ،‬ونظي هذا ما‬
‫حدثناه أعداد من السلمي العدول أهل الفقه والبة‪ ،‬عما جربوه مرات متعددة ف حصر الصون‪،‬‬
‫والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لا حصر السلمون فيها بن الصفر‪ ،‬يعن‪ :‬الروم النصارى ف زماننا‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬كنا نن نصر الصن الشهر‪ ،‬أو أكثر من الشهر‪ ،‬وهو متنع علينا حت نكاد نيأس منه‪ ،‬حت‬
‫إذا تعرض أهله لسب رسول ال والوقيعة ف عرضه تعجلنا فتحه وتيسر‪ ،‬ول يكد يتأخر إل يوم أو‬
‫يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث يفتح الكان عنوة ويكون فيه ملحمة عظيمة‪.‬‬
‫قال قادة الفتح السلمي‪ :‬القادة العسكريون لهل السلم شهادات من أرض العركة‪ ،‬ومن البهات‬
‫حت إنا كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه مع امتلء القلوب غيظا عليهم با قالوه فيه‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫وهكذا يقول شيخ السلم‪ :‬حدثن بعض أصحابنا الثقات أن السلمي من أهل الغرب‪ ،‬يعن‪:‬‬
‫الغرب‪ ،‬حالم مع النصارى كذلك‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬لقد وضع هرقل الكتاب الذي جاءه ف قصبة من ذهب تعظيما له‪ ،‬ول يزل أولده يتوارثون‬
‫حت كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على طليطلة‪ ،‬ث كان عند سبطه‪ ،‬يقول بعض مؤرخي‬
‫السلم السهلي‪ :‬حدثن بعض أصحابنا أن عبد اللك بن سعد‪ ،‬أحد قواد السلمي أجتمع بذلك‬
‫اللك فأخرج له الكتاب فلما رآه‪ ،‬السلم أستعب‪ ،‬دمعت عيناه وبكى‪ ،‬وسأله أن يكنه من تقبيله‪،‬‬
‫فأمتنع اللك الكافر أن يكنه من تقبيل الطاب‪ ،‬وذكر أبن حجر عن سيف الدين فليح النصوري‪ ،‬أن‬
‫ملك الفرنج أطلعه على صندوق مصفح بذهب‪ ،‬فأخرج منه مقلمة من ذهب‪ ،‬فأخرج منها كتابا قد‬
‫زالت أكثر حروفه‪ ،‬وقد التصقت عليه خرقة حرير‪ ،‬قال‪ :‬هذا كتاب نبيكم إل جدي قيصر‪ ،‬ما زلنا‬
‫نتوارثه إل الن‪ ،‬وأوصانا آباؤنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا ل يزال اللك فينا‪ ،‬فنحن نفظه غاية‬
‫الفظ‪ ،‬ونعظمه‪ ،‬ونكتمه عن النصارى‪ ،‬ليدوم اللك فينا‪.‬‬
‫أيها السلمون‪ ،‬ف التاريخ عب وآيات ف الاضر والاضي‪ ،‬ذكر الشيخ أحد شاكر رحه ال الصري‬
‫عن والده ممد شاكر‪ ،‬وكيل الزهر سابقا‪ ،‬وكان هنالك خطيبا مفوه متكلم‪ ،‬فصيح‪ ،‬يدح أحد‬
‫المراء‪ ،‬عندما أكرم طاه حسي‪ ،‬فقال ذلك الطيب ف خطبته لا جاء طاه حسي أعمى البصر‬
‫والبصية‪ ،‬الذي قال‪ :‬يب القبول الضارة الغربية بلوها‪ ،‬ومرها‪ ،‬وإتباع سنن الكفرة ف كل شيء‪،‬‬
‫الذي طعن ف القرآن وف العربية‪ ،‬لا جاء طاه حسي إل ذلك الكبي من الكباء قام الطيب يدح‬
‫ذلك الكبي فقال‪:‬‬
‫جاءه العمى فما عبس بوجه وما تول‬
‫وماذا يعن هذا الكلم‪ ،‬غمز‪ ،‬إساءة للنب عليه الصلة والسلم‪ ،‬لن ال قال عن قصته عليه الصلة‬
‫والسلم مع أبن أم مكتوم‪ { :‬عبس وتول أن جاءه العمى }‪ ،‬وعاتب نبينا عليه الصلة والسلم مع‬
‫أن موقفه ذلك كان بسبب أن أم مكتوم قد أشغله عن دعوة كباء قريش‪ ،‬وأراد ال أن يعلم نبيه‬
‫الهتمام بابن أم مكتوم حت ولو على حساب كباء قريش‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬هذه اللمزة‪ ،‬ف هذه الكلمة‪ ،‬خطية جدا‪ ،‬فلما صلى الطيب هذا بالناس قام الشيخ ممد‬
‫شاكر رحه ال‪ ،‬وقال للناس‪ :‬الصلة خلفه باطلة‪ ،‬وأمرهم أن يعيدوا الصلة‪ ،‬لن الطيب كفر بتلك‬
‫الكلمة الت تعتب تريا وتعريضا بالنب عليه الصلة والسلم‪ ،‬وما عاقبة هذا الجرم؟‪ ،‬قال الشيخ‬
‫أحد شاكر‪ :‬ول يدع ال لذا الجرم جرمه ف الدنيا قبل أن يزيه جزاءه ف الخرى‪ ،‬فأقسم بال‪:‬‬
‫لقد رأيته بعين رأسي بعد بعض سني‪ ،‬وبعد أن كان عاليا منتفخا مستعزا بن لذا بم‪ ،‬رأيته مهينا‬
‫ل خادما على باب مسجد من مساجد القاهرة‪ ،‬يتلقى نعال الصلي ليحفظها ف ذلة وصغار‪ ،‬حت‬ ‫ذلي ً‬

‫‪397‬‬
‫لقد خجلت أن يران وأنا أعرفه وهو يعرفن‪ ،‬ل شفقة عليه فما كان موضعا للشفقة ول شاتة فيه‬
‫ولكن لا رأيت من العبة والعظة‪.‬‬
‫ذهب أحدهم لنيل شهادة من شهادات العليا خارج البلد‪ ،‬فلما أت دراسته وهي تتعلق بسية النب‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬طلب منه أستاذه من النصارى أن يسجل ف رسالته ما فيه انتقاص من النب‬
‫عليه الصلة والسلم وتعريض‪ ،‬فتردد الرجل بي القبول والرفض وأختار الدنيا ف النهاية على‬
‫الخرة‪ ،‬وأجابم إل ما أراده طمعا ف الشهادة اللوثة‪ ،‬فلما عاد إل بلده فوجئ بلك جيع أولده‬
‫وأهله ف حادث مفاجئ‪ ،‬ولعذاب الخرة أشد وأنكى‪.‬‬
‫يا عباد ال‪ ،‬ال عزوجل قال لنا‪ { :‬فالذين أمنوا به وعزروه }‪ ،‬أي‪ :‬قاموا ف نصرته عليه الصلة‬
‫والسلم‪،‬‬
‫{ ونصروه وأتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم الفلحون }‪ ،‬فوجب القيام بنصرة نب السلم‬
‫بميع الوسائل المكنة ف هذا الزمان‪ ،‬ومن ذلك الحتجاج بكافة الوسائل من الساسة والعامة‪،‬‬
‫والكبار والصغار‪ ،‬بميع الوسائل والحتجاج على مستوى اليئات الشرعية‪ ،‬ودور الفتية والامعات‬
‫السلمية‪ ،‬وكذلك النظمات السلمية‪ ،‬وإعلن السنتكار من الشخصيات العلمية‪ ،‬والقدوات‬
‫الثقافية‪ ،‬والقيادات الشرعية‪ ،‬وإعلن هذا النكي على النابر وغيها‪.‬‬
‫ورابعا الواجهة على مستوى الراكز السلمية الوجودة ف الغرب والشرق‪ ،‬ف الرد على هذه الملة‬
‫واستنكارها‪.‬‬
‫وخامسا الواجهة على الستوى الفردي بإرسال الرسائل اللكترونية التضمنة للحتجاج‪ ،‬والرد‬
‫والستنكار إل النظمات والامعات والفراد الؤثرين ف الغرب‪ ،‬ولو نفر من السلمي فرقة احتسبت‬
‫بإرسال هذه الرسائل الكثية جدا إل تلك النظمات والهات والفراد سيكون لا أثر لفت‪.‬‬
‫وسادسا استأجر ساعات البامج ف الحطات الذاعية والتلفزيونية للذب عن نب السلم‪ ،‬وأن يتكلم‬
‫القاصي والدان من السلمي من يستطيع ف اتصالتم على البامج الفضائية الباشرة‪ ،‬لبيان غية‬
‫السلمي على نبيهم وقيامهم بذلك‪.‬‬
‫وسابعا كتابة القالت القوية الرصينة الت تنشر ف الجلت والصحف‪ ،‬وأن تترجم بلغات متلفة‬
‫وترسل إل تلك الوسائل السيارة‪ ،‬وكذلك إنتاج الكتب وغيها‪ ،‬بل الفلم الت تبي عظمة دين‬
‫السلم وليس فيها ماذير شرعية‪ ،‬كما فعله بعضهم من تثيل شخصية النب عليه الصلة والسلم‬
‫وأصحابه‪ ،‬كل بل إنتاج الفلم الؤثرة الت تبي نور السلم وعظمة هذا الدين‪ ،‬الذي جاء به نب‬
‫السلم‪.‬‬
‫وتاسعا عقد اللقاءات وإلقاء الكلمات ف النتديات واللتقيات العامة‪.‬‬

‫‪398‬‬
‫وعاشرا إصدار البيانات الستنكارية من الهات الختلفة‪ ،‬وغشيان النتديات اللكترونية‪ ،‬والغرف‬
‫اللكترونية‪ ،‬وبث هذا الستنكار‪.‬‬
‫والادي عشر إقامة العارض الدولية التنقلة‪ ،‬والثابتة ف الماكن الختلفة‪ ،‬لبيان شأن نب السلم عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وسية هذا النب الكري وكذلك تبادل الوارات‪ ،‬وفتح الوارات مع كل من يكن‬
‫الوصل إليه‪ ،‬وحشد الهود وإعداد البامج للتعريف‪ ،‬وإصدار الجلت والطالبة بصياغة نوذج رسالة‬
‫استنكار باللغات الختلفة جاهزة للرسال‪ ،‬ومراسلة السفارات العنية با‪ ،‬وكذلك الكتابة للجريدة‬
‫الت نشرت هذه الرسوم ومطالبة هذه الريدة وغيها من نشر بالعتذار للعال السلمي جيعا عما‬
‫نشره من الساءات‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬ينبغي أن تتكون ف السلمي مموعات‪ ،‬وقواعد بيانات‪ ،‬ومواقع‪ ،‬ينبغي أن تكون هنالك‬
‫ماميع تنشر‪ ،‬وتدافع‪ ،‬وتذب عن ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ممد البعوث للناس رح ًة ‪ ... ...‬يشيّد ما أوهى الضلل ويصلح‬
‫لئن سبّحت صُمّ البال ميب ًة ‪ ... ...‬لداود أو لن الديد الصفح‬
‫سبّح‬
‫فإن الصخور الصمّ لنت بكفه ‪ ... ...‬وإن الصا ف كفه ليُ َ‬
‫وإن كان موسى أنبع الاء بالعصا ‪ ... ...‬فمن كفه قد أصبح الاء يَطفح‬
‫وإن كانت الريح الرّخاءُ مطيع ًة ‪ ... ...‬سليمان ل تألو تروح وتسرح‬
‫فإن الصبا كانت لنصر نبينا ‪ ... ...‬ورعبُ على شهر به الصم يكلح‬
‫وإن أوت اللكَ العظيم وسخّرت ‪ ... ...‬له الن تسعى ف رضاه وتكدح‬
‫فإن مفاتيح الكنوز بأسرها ‪ ... ...‬أتته ف َردّ الزاهد الترجّح‬
‫وخص بالوض الرّواء وباللّوا ‪ ... ...‬ويشفع للعاصي والنار تَلْفح‬
‫وبالقعد العلى القرّب ناله ‪ ... ...‬عطاءً لعينيه أَقرّ وأفرح‬
‫وبالرتبة العليا الوسيلة دونا ‪ ... ...‬مراتب أرباب الواهب تَلمح‬
‫وَل ْهوَ إل النات أو ُل داخ ٍل ‪ ... ...‬له بابا قبل اللئق ُيفْتَتح‬
‫عباد ال‪ ،‬تبادل العناوين والتعريف بكيفية الكتابة والستنكار أقل ما نقوم به وتعريف الكفار الذين‬
‫يعيشون بيننا بنبينا عليه الصلة والسلم‪ ،‬وسيته فهو الذي جاء الوحي عن طريقه‪.‬‬
‫اللهم أعز دينه‪ ،‬وأعلي شأنه‪ ،‬وأعلي ذكره‪ ،‬اللهم أجعلنا من أتباعه حقا‪ ،‬ومن أهل سنته صدقا‪ ،‬اللهم‬
‫أرزقنا شفاعته يوم الدين‪ ،‬اللهم أجعلنا القائمي بق نبينا يا عظيم‪ ،‬اللهم إنا نسألك وأنت العظيم‬
‫القوي البار أن تلك هؤلء الذين وقعوا ف نبينا‪ ،‬أرينا فيهم آية‪ ،‬اللهم إنا نسألك أن تسلط عليهم‬
‫جندا من عندك‪ ،‬اللهم أرنا فيهم هلكا وبيلة وخذهم أخذا شديدا‪ ،‬وأجعلهم عبة للمعتبين‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب العالي‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫==================‬
‫أنصروا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫د‪ .‬عبد الي يوسف‬


‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بال ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من‬
‫يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى المانة ونصح المة وجاهد ف سبيل ربه حق‬
‫الهاد ول يترك شيئا ما أُمر به حت بلغه فتح ال به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وهدى الناس‬
‫من الضللة وناهم من الهالة وبصرهم من العمى وأخرجهم من الظلمات إل النور وهداهم بإذن‬
‫ربه إل صراط مستقيم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك ممد وعلى آله وصحبه ومن‬
‫اقتفى أثره واهتدى بداه أما بعد‪ :‬فإن أصدق الديث كتاب ال ـ تعال ـ وخي الدي هدي ممدٍ‬
‫ـ صلى ال عليه وسلم ـ وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف‬
‫النار وما قل وكفى خيٌ ما كثر وألى وإنا توعدون لت وما أنتم بعجزين‪.‬‬
‫أما بعد أيها السلون عباد ال‪:‬‬
‫‪1‬ـ سنة ال ـ تعال ـ هي الغضب لنبيائه والنتقام من آذاهم وانتقصهم‪ ،‬اقرؤوا القرآن أيها‬
‫السلمون وانظروا ما صنع ربنا بقوم نوح الذين قالوا لنبيهم ـ عليه السلم ـ {ما نراك إل بشرا‬
‫مثلنا وما نراك اتبعك إل الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم‬
‫كاذبي} وما صنع بقوم عاد الذين قالوا لنبيهم ـ عليه السلم ـ {ما هذا إل بشر مثلكم يأكل ما‬
‫تأكلون منه ويشرب ما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لاسرون} وما صنع بثمود الذين‬
‫قالوا لنبيهم ـ عليه السلم ـ {إنا لنراك ف سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبي} وما فعل بقوم لوط‬
‫الذين تددوا نبيهم فقالوا {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنم أناس يتطهرون} وما صنع بفرعون‬
‫اللئيم الذي قال لوسى {أليس ل ملك مصر وهذه النار تري من تت أفل تبصرون أم أنا خي من‬
‫هذا الذي هو مهي ول يكاد يبي فلول ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه اللئكة مقترني}‬
‫هؤلء أوغاد البشر الذين كذبوا أنبياء ال وعادوا رسله يقول ـ سبحانه وتعال ـ فيهم {فكلً‬
‫أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الرض‬
‫ومنهم من أغرقنا وما كان ال ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}‬
‫‪2‬ـ إن ممد رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ هو أكرم البشر على ال وأعظمهم جاها ومقاما‬
‫عنده هو سيد الرسل وإمام النبياء إذا وفدوا وخطيبهم إذا اجتمعوا‪ ،‬وقد زكى ال عقله فقال‪{ :‬ما‬
‫ضل صاحبكم وما غوى} وزكى لسانه فقال {وما ينطق عن الوى} وزكى كلمه فقال {إن هو‬

‫‪400‬‬
‫إل وحي يوحى} وزكى جليسه فقال {علمه شديد القوى} وزكى فؤاده فقال {ما كذب الفؤاد ما‬
‫رأى} وزكى بصره فقال {ما زاغ البصر وما طغى} وزكى خلقه فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}‬
‫وزكى نسبه فقال {الذي يراك حي تقوم وتقلبك ف الساجدين} وزكاه كله فقال {وما أرسلناك إل‬
‫رحة للعالي} وغضب ال على من شتم نبيه ممدا ـ صلى ال عليه وسلم ـ أو انتقصه أو ألق به‬
‫عيبا أعظم من غضبه على من انتقص غيه من النبياء صلوات ال وسلمه عليهم أجعي‬
‫‪3‬ـ والتاريخ خي شاهد‪ .‬فماذا صنع ال بأب جهل فرعون هذه المة الذي أراد أن يدش رأس‬
‫رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ وهو ساجد عند الكعبة؟ وماذا صنع ال بعتبة بن أب لب‬
‫الذي بصق ف وجه رسول ال؟ وماذا صنع ال بعقبة بن أب معيط الذي وطئ على رقبة رسول ال‬
‫ـ صلى ال عليه وسلم ـ وهو ساجد حت كانت عيناه تندران؟ وما صنع بصناديد الكفر من أمثال‬
‫عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف والعاص بن وائل وأب لب بن عبد الطلب وعبد ال‬
‫بن سلول وحيي بن أخطب وبلعام بن عازوراء وكعب بن أسد ولبيد بن العصم وزينب بنت سلم‬
‫بن مشكم وغيهم كثي من ختم على قلوبم وعلى سعهم وعلى أبصارهم غشاوة؟‬
‫‪4‬ـ ما نشر ف الريدة الت سوها الوفاق وهي جريدة النفاق والشقاق من الزندقة وإشاعة قالة‬
‫السوء عن نبينا ـ صلى ال عليه وسلم ـ وطعن السلمي ف دينهم بطعن رسولم ـ صلى ال عليه‬
‫وسلم ـ با ل يطر على بال الشركي من أمثال أب جهل والخنس بن شريق وغيهم وذلك‬
‫بتاريخ الميس ‪ /12‬ربيع أول‪ 1426 /‬حيث تضمنت تلك القالة رميا لم النب ـ صلى ال عليه‬
‫وسلم ـ بالزنا‪ ،‬ففيه بالرف الواحد‪( :‬من كل ما تقدم يب أن يكون المل بحمد جاء بعد أربع‬
‫سنوات من المل بمزة أي بعد موت أب ممد بأعوام وسنوات‪ ،‬أو أن ممدا مكث ف بطن أمه‬
‫أربع سنوات حسب بعض التقديرات) وقال ف موضع آخر‪( :‬إن الولود بعد سنوات من موت عبد‬
‫ال ل يكن أن يكون ابن عبد ال إل إذا كان ممد قد مكث ف بطن أمه أربع سنوات) وقال ف‬
‫موضع ثالث‪( :‬آمنة تعترف أن المل بحمد قد سبقه حل آخر مرة أو مرات) وف القال كذلك‬
‫اعتداء على أب النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ونسبة الفاحشة إليه بأرذل عبارة وأقبح أسلوب‬
‫حيث ورد فيه بالرف الواحد‪( :‬أي أب ذلك الب الذي واعد الزانية رغم أنه متزوج بآمنة منذ أيام‬
‫قلئل) وقال ف موضع آخر‪( :‬أي شرف ينسب لذلك الرجل التزوج من أيام قلئل ث يواعد عاهرة‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬حت أغتسل؟ هل العفة مفروضة على النساء والتحلل منها وسام على صدور الرجال؟ وف‬
‫ذات القال نفي لنسب النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ الذي ثبت عند السلمي بالتواتر ففيه بالرف‬
‫الواحد‪ :‬بقوله (إن ممدا من كندة وليس من بن هاشم واعترف ممد بذلك وقالوا أيضا‪ :‬إن ممدا‬
‫ل أصل له) وف الصفحة نفسها مقال بعنوان جذور ممد عرض فيه الكاتب ترهات وأباطيل كان‬
‫يتكلم با الشركون الولون من جنس قولم {إنا يعلمه بشر} وقولم {أساطي الولي اكتتبها فهي‬

‫‪401‬‬
‫تلى عليه بكرة وأصيل} ففيه بالرف الواحد‪ :‬نرى الكهانة والعرافة كانت تضرب ف جذور ممد‬
‫والواتف الت تلقي السجع على الكهان تشبه القرآن‪ .‬وف موضع آخر يطعن ف القرآن والوحي‬
‫فيقول لعنه ال‪ :‬لقد دخل ممد الكعبة عشرات الرات قبل سن الربعي ورأى صور النبياء واللئكة‬
‫وصور عيسى وأمه‪ ،‬وككل البشر سأل عما يقع عليه بصره وتلقى إجابات من أفواه زوار الكعبة‪،‬‬
‫وككل قصص الفواه يتلط فيها القيقة باليال‪ .‬نعم كانت جدران الكعبة واحدة من أهم الدارس‬
‫الت تعلم فيها ممد والكثيون من أهل مكة وجزيرة العرب حجاج الكعبة‪ ،‬وسنرى أشعارهم كيف‬
‫جاءت بالكثي من أخبار النبياء والت تطابقت مع القرآن وسبقته بكثي‪ .‬وتضمنت القالة كذلك رميا‬
‫للصحاب الليل عمرو بن العاص ـ رضي ال عنه ـ حيث قال بالرف الواحد‪ :‬وهذا ما سنراه‬
‫عندما تنازع أربعة وهم‪ :‬العاص وأبو لب وأمية بن خلف وأبو سفيان بن حرب على بنوة عمرو بن‬
‫العاص رغم معرفتهم بأن أمه عاهرة وتناوبوا عليها الربعة ف وقت واحد‪.‬‬
‫‪5‬ـ أيها السلمون‪ :‬ما هو حكم السلم فيمن سب رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ؟ يقول‬
‫القاضي عياض الالكي ـ رحه ال تعال ـ‪ :‬من سبّ النب ـ عليه الصلة والسلم ـ أو عابه أو‬
‫ألق به نقصا ف نسبه أو نفسه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرّض به أو شبّهه بشيء على طريق‬
‫السب والزدراء عليه أو النقص لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب تلويا كان أو تصريا‪،‬‬
‫وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تن مضرة له أو نسب إليه ما ل يليق بنصبه على طريق الذم أو‬
‫عبث ف جهته العزيزة بسخف من الكلم أو بشيء ما جرى من البلء والحنة عليه أو عصمته بشيء‬
‫من العوارض البشرية الائزة والعهودة لديه ـ قتل‪ .‬قال‪ :‬هذا كله إجاع من العلماء وأئمة الفتوى‬
‫من لدن الصحابة رضوان ال عليهم إل هلم جرا‪ .‬وقال ابن قدامة النبلي ـ رحه ال ـ ف كتابه‬
‫الغن‪ :‬قذف النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬وقذف أمه‪ ،‬ردة عن السلم‪ ،‬وخروج عن اللة‪،‬‬
‫وكذلك سبّه بغي القذف‪.‬‬
‫‪6‬ـ أيها السلمون عباد ال‪ :‬قد يقول قائل‪ :‬إن الصحيفة ناقلة ل منشئة حيث نقلت ذلك القال‬
‫وأتبعته ف أيام تالية ببعض الردود َفلِمَ ياسبُ القائمون عليها؟ والواب‪ :‬هل مهمة السلم ـ إن كان‬
‫مسلما ـ أن يتتبع القاذورات الت قيلت ف حق نبينا ـ صلى ال عليه وسلم ـ فيؤذي با أتباعه‬
‫وأحبابه ف يوم مولده؟ وبعدما كانت نسيا منسيا ل يعلم با إل القليل ينشرها على الناس ف جريدة‬
‫تدخل إل بيوت كثي من السلمي‪ ،‬ث يقول‪ :‬أنا نشرتا لرد عليها‪ .‬ث ما أدراك أيها الناشر يا من‬
‫طمس ال بصرك وبصيتك أن قارئ تلك الترهات سيقرأ ردك؟ وما أدراك أن ردك سيكون مزيلً‬
‫لتلك الشبهات أو ماحيا لتلك الباطيل؟ وما موقف الواحد منكم أيها السلمون لو أن الريدة نفسها‬
‫نشرت كلما يشبه هذا عنه وعن أمه وأبيه وبعض أصحابه ول تعقبه بتعليق يدل على كذبه ف ذات‬
‫العدد؟ أكان يرضى ذلك لنفسه وأبيه وأمه؟ وال إن صنيع هذا السكي أخبث من صنيع من يفتح‬

‫‪402‬‬
‫بارا يبيع فيه المر للناس ث يقول‪ :‬أنا سأبيّن للناس أضرارها وأوزارها وأرد على من يستحلونا‬
‫ويروجونا!! وأخبث من صنيع من يعرض أشرطة للفاحشة ث يقول‪ :‬أنا سأحذر الناس منها‪ .‬وال إنا‬
‫لزندقة‬
‫‪7‬ـ ث هل هذه هي الرة الول الت يقع فيها صاحب هذه الصحيفة الرخيصة الوضيعة ف مثل هذه‬
‫الزندقة؟ ل وال‪ ،‬لقد ظهر مرضه للناس من قدي ولكن ل يد من يغضب ل ولدينه فيضرب على‬
‫يده ويوقف سفاهاته‪ .‬أل ينشر قبل سنوات كلما قبيحا عن السيد الليل عثمان بن عفان ـ رضي‬
‫ال عنه ـ ما أغضب عامة السلمي ف هذه البلد؟ أل ينشر ف العام الذي مضى كلما لبعض سفلة‬
‫الطباء يرّض فيه على الفحشاء والنكر ويدش الياء العام وترتب على ذلك إيقاف جريدته عن‬
‫الصدور أياما بتوصية من أهل العلم ف ممع الفقه السلمي؟ أل تتابع مقالته ف ذكر أصحاب النب‬
‫ـ صلى ال عليه وسلم ـ بالسوء كوصف معاوية ـ رضي ال عنه ـ بابن آكلة الكباد؟ أل‬
‫يسخّر صحيفته للدفاع عن بعض مرضى القلوب من اتموا الشيخي أبا بكر وعمر ـ رضي ال‬
‫عنهما ـ بالكفر واتموا عائشة ـ رضي ال عنها ـ بعاداة أهل البيت؟‬
‫‪8‬ـ أيها السلمون‪ :‬وال إن المر جد خطي وله ما بعده‪ ،‬وأقول كما قال مالك ـ رحه ال ـ‪:‬‬
‫ماذا يبقى للمة بعد سب نبيها ـ صلى ال عليه وسلم ـ؟ وإنن أوجه خطابا لكومتنا فأقول لم‪:‬‬
‫يا ولة المر‪ ،‬يا من بوأكم ال ـ تعال ـ هذه الكانة لتحرسوا الدين وتموا القيم وتدفعوا عن‬
‫جناب ممد ـ صلى ال عليه وسلم ـ كل سوء وضي‪ ،‬يا من رفعتم شعار السلم‪ ،‬إن المة لتنتظر‬
‫منكم موقفا يرضي رب العالي وسيد الرسلي‪ ،‬ويرد للناس بعض ما ثلم من دينهم‪ ،‬إن المة لترجو‬
‫منكم أن تعلوا من هذا السفيه عبة للمعتبين وآية للمتوسي؛ حت تطمئن قلوب تفق بب ممد‬
‫ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬يا أيها السئول‪ :‬يا رئيس المهورية‪ ،‬ويا نائبه الول‪ ،‬ويا من دونما من‬
‫الوزراء والكباء من أهل السلم‪ :‬أين غيتكم على عرض ممد ـ صلى ال عليه وسلم ـ؟ أين‬
‫غضبكم ل ورسوله؟ أين حيتكم للدين؟ أين حبكم للنب المي؟ إن هذا الكلم نشر ف يوم الولد‬
‫وما زالت هذه الريدة إل يومنا هذا تطبع وتوزع!! وال إن هذا لشيء عجيب!! أكان هذا يدث‬
‫لو كان الكلم النشور يتناول بعضكم أو يسيء إل سياساتكم وقراراتكم؟ أو كنتم تغضون الطرف‬
‫لو وجهت هذه الساءات إل قادة بعض الدول من ترصون على متانة العلقة معهم؟ وال ورسوله‬
‫أحق أن ترضوه إن كنتم مؤمني‪ .‬أيها السئولون‪ :‬هل هان عرض رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم‬
‫ـ عليكم؟ معاذ ال فما زال الظن بكم حسنا‪ ،‬فأرجو أل تيبوا ظن السلمي فيكم‪ .‬ولن يرضى‬
‫السلمون الؤمنون من آذاهم هذا الكلم فأقض مضاجعهم وأدمع عيونم وأحرق قلوبم‪ ،‬لن يرضوا‬
‫إل بأن يقام حكم ال با يقرره القضاء ولن يرضوا بأقل من إيقاف هذه الصحيفة عن النشر نائيا‬

‫‪403‬‬
‫بعدما تواتر شرها وعظم ضررها وساء أثرها‪ ،‬وعلم الناس طرا أنا ما كانت إل لزرع الفتنة وسوق‬
‫الشر والتماس العيب للبآء‪.‬‬
‫المد ل رب العالي والعاقبة للمتقي ول عدوان إل على الظالي وأشهد أن ل إله إل ال إله الولي‬
‫والخرين وأشهد أن سيدنا ونبينا ممدا عبد ال ورسوله النب المي بعثه ال بالدى واليقي لينذر‬
‫من كان حيا ويق القول على الكافرين اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه من النبياء‬
‫والرسلي وآل ك ِلٍ وصحب ك ٍل أجعي وأحسن ال ختامي وختامكم وختام السلمي وحشر الميع‬
‫تت لواء سيد الرسلي أما بعد أيها السلمون فاتقوا ال حق تقاته وتوبوا إل ال جيعا أيها الؤمنون‬
‫لعلكم تفلحون‬
‫‪9‬ـ أيها السلمون‪ :‬إنن أطمئنكم بأن جاعة من أهل العلم بل من كبار أهل العلم سنا وقدرا ف‬
‫هذه البلد قد عمدوا إل السبيل الرشد؛ فوجهوا عريضة اتام أمام النيابة إل هذه الصحيفة والقائم‬
‫عليها وبالمس القريب ألقي القبض عليه‪ ،‬وسيشرع ف ماكمته إن شاء ال وقد تطوع بعض‬
‫القانونيي الفاضل الماجد بتمثيل التام حسبة ل وحبا لرسوله ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬وهذه‬
‫أيها السلمون قضية كل مسلم كبيا كان أو صغيا ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬فليذكّر بعضنا بعضا بال‪.‬‬
‫وإننا لنحمد ال على أن قانوننا النائي ينص صراحة على منع الردة ومعاقبة من يقع فيها‪ ،‬بل معاقبة‬
‫من يسيء إل العتقدات جيعا‪ ،‬ونمد ال أننا ف بلد ما زال فيه أولو بقية ينهون عن الفساد ف‬
‫الرض ويغضبون لرمات ال أن تنتهك ول يرضون أن ينقص الدين وهم أحياء‪ .‬فشدوا من أزرهم‬
‫وكونوا معهم يكن ال معكم‪ .‬وإياك إياك عبد ال وأعيذك بال أن تقول‪ :‬هذا أمر ل يعنين وذاك‬
‫شأن ل يصن‪ ،‬إن بعض الناس لو سلمت له مآكله ل يبال با يصيب الدين وأهله فهو والعياذ بال‬
‫كمن قيل فيه‪:‬‬
‫أبن‪:‬‬
‫إن من الناس بيمة *** ف صورة الشخص السميع البصر‬
‫فطن بكل مصيبة ف ماله *** وإذا أصيب بدينه ل يشعر‬
‫{قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيتكم وأموال اقترفتموها وتارة تشون‬
‫كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت ال بأمره‬
‫إن ال ل يهدي القوم الفاسقي}‬
‫‪10‬ـ اللهم إنا نسألك أن ترينا عجائب قدرتك فيمن آذى نبيك ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬اللهم‬
‫خذه أخذ عزيز مقتدر واقبضه قبضة مهيمن متكب وأنزل به بأسك الذي ل يرد عن القوم الجرمي‪.‬‬
‫======================‬
‫أو تدري لاذا؟!‬

‫‪404‬‬
‫طالبات قسم القراءات ‪ -‬جامعة أم القرى‬
‫هذا ضياء الشمس هذا الضحى ** من ينع البلبل أن يصدحا؟!‬
‫هذه الشمس وقد أشرقت ** فمن يطرد الفجر وقد لوحا؟!‬
‫من الذي أمسك الليل بأذياله؟ ** وقد طوى أذياله وانتحى!‬
‫أل يا أخا السلم‪:‬‬
‫ترى الراح تتعاقب ف امتنا تلو الراح‪..‬يتناحر فينا الورى ببضع الراح‪..‬فلله درك إن كنت من‬
‫الوضاءين ف ظلمات الغافلت ‪..‬السباقي إل آفاق الخلص للمبادئ الراسيات‪..‬الصادقي ف حبهم‬
‫لن أحبوا‪ ..‬الذائدين عن حى دينهم ونبيهم إن أوذوا وطعنوا ‪ ..‬وأما إن كنت من ترجل عن الطريق‬
‫‪ ..‬واكتفيت تعد الغادين والرائحي ‪..‬‬
‫فخطابنا إليك عاجل ‪ ..‬وأنت أنت من ناطب ‪..‬‬
‫فيا أخا ف ال ‪:‬‬
‫صخب الول إذ ترأ النذال ‪ ..‬ملحدون للغواة مقلدون ‪ ..‬مذولون ‪ -‬تبت يداهم – غدوا ف ثلب‬
‫نبيك يفترون ‪ .‬فوا لفا !! أرضيت بدنياك عن قمع ضللة‪ ..‬سعت من حقي من بن السفلي ؟!‬
‫أتسعد بنوم أو تلهو با يلهيك عن ردع العتدين ؟!‬
‫ل تقل ‪ :‬ما أنا؟! ل تقل‪ :‬ف القوم أخيار يعملون!‬
‫فالسدود العظيمة ما هي إل لبنات قد رصت‪ ..‬ولو أن لبنة ظلت تندب ضالة حجمها ‪ ..‬حت تاوت‬
‫عن مكانا ‪ ..‬تسب أنا ف السد ل شيء ‪..‬للك القوم غرقا ‪ ..‬إذ نقب ف السد نقبا ‪..‬فتسلل منه‬
‫الاء حت حطمه تطيما! فبادرهم ‪ ..‬وجد العزم‪ ,‬فو ال لو قدرت لنبيك حق قدره ‪ :‬لعملت‬
‫طاقتك كلها للذود عن حى الصطفى العدنان ‪ ..‬لو تلك هي طبيعة اليان ‪ ..‬أن تشعر دائما وأبدا‬
‫أنك فرد من جاعة ‪ ,‬وجزء من كل ‪ ,‬وأن ما يصيب الماعة يصيبك ‪ ,‬وما يفيدها يفيدك ‪ ,‬وأن‬
‫النعيم ل معن له مع شقاء المة وبؤسها ‪ .‬وأن التخلف عن الماعة نقص ف اليان ‪ ,‬وخلل ف‬
‫الدين ‪ ,‬وإث ل بد من التوبة والنابة‪.‬‬
‫وتأمل قصة الثلثة الذين خلفوا عن الهاد ‪..‬إيثارا للراحة على التعب ‪ ,‬والظل على الر ‪ ,‬والقامة‬
‫على السفر‪..‬مع أنم مؤمنون صادقون – (رضي ال عنهم ) – لتدرك أن الصادق ف إيانه ل يتخلف‬
‫عن أي عمل يقتضيه الواجب ‪ ..‬فان تلف ‪ ..‬ضاقت عليه الرض با رحبت ‪ ,‬وضاقت عليه نفسه !‬
‫سهِ ْم عَنْ‬
‫{مَا كَانَ لَِأهْ ِل الْمَدِينَ ِة َومَنْ َحوَْلهُ ْم مِنَ الَْأ ْعرَابِ أَنْ يََتخَّلفُوا عَ ْن رَسُو ِل الّل ِه وَل َي ْرغَبُوا بِأَْنفُ ِ‬
‫صبٌ وَل مَخْ َمصَةٌ فِي سَبِيلِ الّلهِ وَل يَطَأُونَ َموْطِئا ُيغِيظُ‬ ‫س ِه ذَِلكَ بِأَّنهُمْ ل ُيصِيُبهُمْ ظَمٌَأ وَل َن َ‬ ‫َنفْ ِ‬
‫ي وَل‬ ‫اْل ُكفّارَ وَل َينَالُو َن مِ ْن عَ ُدوّ نَيْلً ِإلّا كُِتبَ َلهُمْ ِب ِه عَمَ ٌل صَالِحٌ إِ ّن الّلهَ ل ُيضِيعُ أَ ْجرَ الْ ُمحْسِِن َ‬

‫‪405‬‬
‫جزَِيهُمُ الّلهُ َأحْسَ َن مَا كَانُوا‬
‫صغِيَ ًة وَل كَبِ َي ًة وَل َيقْ َطعُونَ وَادِيا إِلّا كُِتبَ َلهُمْ لَِي ْ‬
‫ُيْنفِقُونَ َن َفقَ ًة َ‬
‫َيعْمَلُونَ} التوبة (‪. )121-120‬‬
‫أيا أخا ف ال ‪:‬‬
‫إن الرء فينا ل يكتمل إيانه حت يكون ال ورسوله – عليه الصلة والسلم – أحب إليه من نفسه‬
‫ووالده والناس أجعي ‪ ..‬أو تدري لاذا ؟!‬
‫لن نبيك – عليه الصلة والسلم – ابر سعيا وأعظم هدى واجل قدرا ‪ ..‬اجتث الشرك الوبيل ‪..‬‬
‫وصان الياة من لوثة وعثار ‪ ..‬حت حاز الرضا بتفرد ماله مثيل ‪..‬‬
‫نبيك – عليه الصلة والسلم – من جع الحاسن خلقة وخلقا ‪ ..‬فهو الرسل من اله السماكي‬
‫( شاهدا ومبشرا ونذيرا ‪ ,‬وحرزا للمي ‪ ,‬وهو عبد ال ورسوله ‪ ,‬ساه التوكل ‪ ,‬ليس بفظ ول‬
‫غليظ ول صخاب ف السواق ‪ ,‬ول يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ‪ ,‬وما قبضه ال حت‬
‫أقام به اللة العوجاء ‪ ,‬وفتح به أعينا عميا ‪ ,‬وآذانا صما وقلوبا غلفا‪ .‬من تواضعه – فدته نفوسنا عليه‬
‫الصلة والسلم – انه يكون ف مهنة أهله ويزور النصار ويسلم على صبيانم ويسح رؤوسهم ‪,‬‬
‫ويأت ضعفاء السلمي ويعود مرضاهم ‪ ,‬ويشهد جنائزهم ‪ ,‬ويكثر الذكر ويقل اللغو ‪ ,‬وكان مع‬
‫ذلك قائدا منكا ‪ ..‬توقره الرض وترقبه الوزاء ‪ ..‬إماما خطيبا ‪ ,‬يطيل الصلة ويقصر الطبة ‪ ,‬تفو‬
‫إليه النابر ‪ ,‬وتتز إن خطب عليها ‪..‬‬
‫أيا أخًا ف ال ‪:‬‬
‫نبيك ‪ -‬عليه الصلة والسلم – (رجل ظاهر الوضاءة ‪ ,‬أبلج الوجه ‪ ,‬ل تعبه نلة ‪ ,‬ول تزر به صقلة‬
‫‪ ..‬وسيم قسيم ‪ ,‬ف عينيه دعج ‪ ,‬وف أشفا ره وطف ‪ ,‬وف صوته صهل ‪ ,‬وف عنقه سطع ‪ ,‬وف‬
‫ليته كثاثة ‪ ,‬أزج أقرن ‪ .‬إن صمت فعليه الوقار ‪ ,‬وإن تكلم سا وعل البهاء ‪ ,‬أجل الناس وأباهم‬
‫من بعيد ‪ ,‬وأجلهم وأحسنهم من قريب ‪ ,‬حلو النطق ‪ ..‬فصل ل نزر ول هذر ‪ ..‬كان نظمه‬
‫خرزات يتحدرن‪ ,‬ربعة ل بأس من طول ‪ ,‬ول تقتحمه عي من قصر ‪ ,‬غصن بي غصني ‪ ..‬فهو‬
‫أنضر الثلثة منظرا ‪ ,‬وأحسنهم قدرًا‪ .‬له رفقاء – رضي ال عنهم – يفون به إن قال ‪ :‬أنصتوا‪ ,‬وان‬
‫أمر ‪ :‬تبادروا لمره ‪ ,‬مشود مفود ‪ ,‬ل عابس ول مفند)‪ .‬عليه صلة ال وسلمه ‪ ..‬ما طار طي أو‬
‫ترن شاديًا‪.‬‬
‫وبعد أخا السلم‪:‬‬
‫تلك الشمائل الزاكية ‪ ..‬عليك با ‪ ,‬فإنا هي قناديل على الدرب تضئ لك الدجى ‪ ..‬وما من مب‬
‫وكان لبيبه مقتديا ‪..‬‬
‫ولئن كنت ناصرا نبيك –عليه الصلة والسلم – فانصره ف نفسك أول ‪ ..‬بان تقف نجه ‪ ..‬وتبث‬
‫سنته ‪ ..‬وان هذه لي آية صدقك ‪ ..‬وبرهان مبتك ‪..‬‬

‫‪406‬‬
‫سنَ ٌة لِمَنْ كَانَ َيرْجُو الّل َه وَاْلَي ْومَ الْآ ِخرَ َوذَ َكرَ الّلهَ َكثِيا}‬
‫{َلقَدْ كَانَ َلكُمْ فِي رَسُو ِل الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫( الحزاب ‪)21‬‬
‫ث عليك أن تذل الحقاد النكد ‪ ,‬وتعرض بنفسك وملك عن كل امرئ ‪ ..‬حقت خسارته لسوء‬
‫القصد ‪ .‬وسر مع قافلة الخيار ‪ ..‬وأمقت الضلل‪.‬‬
‫ل ‪ ..‬فتذكر أن الرب يظل بيننا وبينهم سجال‪..‬‬ ‫ومهما ترى الدنيا استحالت وح ً‬
‫وأن الباطل إن انتصر يوما ‪..‬فإنه ل يستوي أصحاب النار وأصحاب النة أبدا ‪ ..‬ث يكون الفصل ف‬
‫الولة الخرة ‪ ..‬لعباد ال مسجل‪.‬‬
‫فليثبت خطؤك على سبيل الصطفى – عليه الصلة والسلم – لتلقاه ف الخرى أعز مجل‪..‬‬
‫======================‬
‫ي الُبناءِ‬
‫إلّ رسولُ الِ‪ ..‬فل نامتْ أع ُ‬

‫الم ُد لِ الذي أرسلَ رسوَلهُ بالدى ودينِ القِ لِيُظْهرهُ على الدّين كُّلهِ ولو كَرهَ الشركونَ ‪ ،‬وأشهد‬
‫ل وحدهُ ل شريكَ لهُ ‪ ،‬وأشهد أنّ ممدا عب ُدهُ ورسوُلهُ ‪ ،‬وأميُنهُ على وحيهِ ‪ ،‬وخيتهِ‬ ‫أنْ ل إله إل ا ُ‬
‫ل حَقّ الهادِ حت أتاهُ اليقيُ ‪،‬‬ ‫منْ خلقهِ ‪ ،‬بلّغ الرّسال َة ‪ ،‬وأدّى المان َة ‪ ،‬وَنصَحَ ا ُلمّةَ ‪،‬وجاهدَ ف ا ِ‬
‫صَلّى الُ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ الطها ِر ‪ ،‬الئمةِ البرا ِر ‪ ،‬وعلى منْ تَبِعهم بإحسانٍ إل يومِ الدّين‬
‫أمّا بع ُد ‪:‬‬
‫ش ُر مَآِث َرهُم ‪ ،‬وتتناقلُ‬
‫حيِي ذِكْراهم ‪ ،‬وتَنْ ُ‬ ‫أيّها السلمو َن ‪:‬كُلّ ُأمّةٍ تُفا ِخرُ بعظمائِها و ُمقَدّمِيها ‪ ،‬وتُ ْ‬
‫حثُ ع ْن ال ِعزّ والرّفعةِ أمامَ‬ ‫لقّ ف ذلك – إنْ كانتْ تَْب َ‬ ‫أقواَلهُم وحكمهم ‪ ،‬وُتعْلِي قَ ْد َرهُم –ولا ا َ‬
‫ا ُلمَمِ الُخْرى ‪.‬‬
‫ل وم ّن علينا بأعظمِ رجلٍ عرفتهُ البشري ُة ‪ ،‬وسَ ّطرَ التّاري ُخ سيَت ُه ‪َ ،‬أزْكَى‬ ‫وننُ ُأمّةُ السلمِ أ ْكرَمنا ا ُ‬
‫ض ‪ ،‬خيُ منْ وَطِ َئ الّثرَى ‪ ،‬الصّادقُ الميُ ‪ ،‬الرّؤوفُ الرّحيمُ‪ ،‬صلّى الُ‬ ‫وأطْهرُ ملوقٍ على و ْجهِ الر ِ‬
‫ل عد َد أنفاسِ الخلوقاتِ ‪ ،‬وعددَ ورقِ الشجا ِر ‪ ،‬وعددَ قَ ْط ِر الَنْها ِر ‪ ،‬وعد َد ما‬ ‫عليك يا رسولَ ا ِ‬
‫ق عليهِ النّها ُر ‪.‬‬ ‫أشر َ‬
‫ل عليهِ وَ َسلّ َم ‪ :‬هنيئا لكم ال ِعزّ والشّرفَ والوِسامَ الذي تَحْ ِملُوَنهُ (إنّكُم اتباعُ‬ ‫ُأمّةُ مم ٍد ‪ -‬صَلّى ا ُ‬
‫ممدٍ صلى ال عليه وسلم) اتباعُ هذا النَّبّ العظيمِ والرّسو ِل الكريِ وخاتَمِ النّبِييَ وإمامِ الرسليَ‬
‫وسي ِد الوّليَ والخِرينَ ‪ ،‬صاحبِ النّورِ والدايةِ ل ُكلّ البشري ِة ‪.‬‬
‫سقَى اْلغَمامُ بوجههِ ثِمالُ الْيَتامَى ِعصْمةٌ لِلرَامِلِ‬ ‫وَأبَْيضَ ُيسْتَ ْ‬
‫صاحبُ القلبِ العظي ِم ‪َ ،‬يعْطِفُ على الرملةِ والسكيِ ‪ ،‬ويُواسِي الفقيَ والكَس َي ‪ ،‬وأحسنُ منْ‬
‫وص َفهُ شريكةُ حياتهِ سيدةُ نساءِ أه ِل النةِ خديةُ بنتُ خويلد (كل وَالّلهِ ل يُخْزيكَ الّلهُ أبَدا‪،‬إّنكَ‬

‫‪407‬‬
‫لََتصِ ُل الرّحَمِ‪َ ،‬وَتصْدُقُ الْحَديثَ‪ ،‬وَُت َؤدّي الماَنةَ‪ ،‬وََتحْمِلُ الكَلّ‪َ ،‬وَت ْقرِي الضّيْفَ‪ ،‬وُت ِعيُ عَلى َنوَاِئبِ‬
‫اْلحَقّ)‪.‬‬
‫وكا َن صَلّى الُ علي ِه وَ َسلّمَ يُعطي عطاءَ من ل يشى الفقر َ‪ ،‬كا َن أجودَ باليِ من الرّيحِ الرسلةِ‪:‬‬
‫تراهُ إذا ما ِجئَْت ُه مَُتهَلّلً *** كأنّك تُعطيهِ الّذي أنتَ ساِئُلهُ‬
‫ف حت َلوَ ّن ُه *** َثنَاها ِلقَْبضٍ لَمْ ُت ِطعْهُ أنا ِمُلهُ‬ ‫سطَ الكَ ّ‬ ‫َت َع ّودَ بَ ْ‬
‫ولوْ لَمْ يَ ُكنْ ف َكفّهِ غيَ رو ِحهِ *** لَادَ ِبهَا فلَْيتّقِ الَ ساِئُلهُ‬
‫ب ‪ ،‬وبياُنهُ ُيلَيّ ُن الصّمّ الصّلبَ‪،‬‬ ‫صاحبُ البلغ ِة والبيا ِن ‪ ،‬أُوتِي جوامعَ الكَلِ ِم ‪ ،‬وكلمُهُ يأخذُ باللبا ِ‬
‫س بالعدلِ وجاءَ بالشّريع ِة والدّين القائ ِم على العد ِل فَنعِ َمتْ البشريةُ بعدل ِه ورحتهِ‪:‬‬ ‫ي النّا ِ‬‫حَكَمَ ب َ‬
‫مسل ِمهِا وكاف ِرهِا َبرّها وفاج ِرهِا ‪ ،‬لأَ إليهِ أعدا ُؤ ُه ‪ ،‬و َشهِدَ بعدلهِ خصما ُؤهُ ‪،‬كانَ شعا ُرهُ الصّدقَ‬
‫والمان َة وطَبّقها بفعلهِ‪ ،‬و ُعرِفَ بِها حتّى قب َل تبلي ِغ الرّسال ِة ‪ ،‬ولّا بلغَ الرّسالةَ ل يكنْ لهُ مطمعٌ منْ‬
‫سهِ الشريفةِ عن النافساتِ الرضي ِة الوضيعة‪ُ{ :‬قلْ مَا َأسْأَلُكُ ْم عََلْيهِ مِنْ‬ ‫مطامعِ الدّنيا الفاني ِة ‪ ،‬فسَما بنف ِ‬
‫أَ ْج ٍر َومَا َأنَا مِنَ اْلمُتَ َكّلفِيَ} [سورة ص‪.]86 :‬‬
‫ل طريقَ إل النة إل من طريق ِه ومنْ خللِ العملِ بسنت ِه ‪ ،‬فإليهِ يتحاكمُ التحاكمونَ وَيصْ ُدرُ عنْ رأيهِ‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو ردّ) أي مردودٌ على صاحبهِ غيُ مقبو ٍل ‪.‬‬ ‫التخاصمونَ ‪( ،‬منْ عملَ عم ً‬
‫ُأمّةُ السلمِ‪ :‬ممد صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أَحّبهُ كُلّ َش ْيءٍ ف الوجو ِد ‪ :‬النسِ والِ ّن واليوا ِن والمادِ‬
‫‪ ،‬أمّا النسُ فقدْ سَ ّطرَ لنا التّاري ُخ البطولتِ العجيبةِ ف تسارعِ أصحابهِ رضوانُ الِ عليهم ف الدّفاعِ‬
‫عن ُه ‪ ،‬بكُ ّل ما يستطيعونَ وقد فَ َد ْوهُ بآبائهِم وأمهاتِهم وأبنائِهم وأموالِهم وضّحُوا بكُلّ غالٍ نفيسٍ حت‬
‫وصلَ بِهم الا ُل أنّهم ل يَتمّنوْنَ أنْ يُصابَ بأيّ َك َدرٍ ول أذى ‪،‬ولَمّا ُأ ِسرَ أحدُ أصحابهِ منْ قِبلِ‬
‫حبّ أنّ ممدا ف مكاِنكَ وأّنكَ ف أهلكَ ؟ فقا َل ‪ :‬والِ ما أُ ِحبّ أنّ ممدا‬ ‫الشركيَ قالُوا لهُ ‪( :‬أَتُ ِ‬
‫النَ ف مكانهَ الّذي ُهوَ فيهِ تُصيبهُ شوكةٌ تُؤذيه وأنّي جالسٌ ف أهلي ) قالا وهو ُي ْعرَضُ على الوتِ‬
‫ل عنهُ ‪ ،‬ويومَ ُأحُ ٍد يقومُ أحدُ أصحابهِ ويعلُ جسدهُ ُترْسَا َيقِي بهِ النّبِ ّي صلى‬ ‫وماتَ شهيدا َرضِيَ ا ُ‬
‫ال عليه وسلم منْ سهامِ الشركيَ فدخلتْ السّها ُم ف ظهرهِ و ُهوَ يقولُ نَحْري دونَ نركَ يارسولَ‬
‫شرَ بطلً منْ أبطالِ‬ ‫ي يدي ِه دِفاعا عنهُ صلى ال عليه وسلم اثنا ع َ‬ ‫الِ‪َ ،‬وصَدْري دونَ صدر َك ‪ ،‬وقُتِلَ ب َ‬
‫النصارِ رضيَ الُ عنهُ ْم وأرضَاهُمْ ‪ ،‬والسّيةُ مليئةٌ بأخبا ِر مُحِبّيهِ منْ أصحابهِ الذينَ َطّبقُوا أقْوالُم‬
‫ب الرّسولَ منْ ُكفّارِ الِجنّ‬ ‫س ّ‬‫ِب ِفعَالِم ‪ ،‬وأمّا الِنّ فقد ذَ َكرَ بعضُ أه ِل السّيِ أنّ الِنّ كانتْ تقتلُ منْ يَ ُ‬
‫شكُو ماِل َكهُ‪ ،‬وعينا ُه تدمعانِ‪ ،‬فمسحَ‬ ‫‪ ،‬وأمّا اليوانُ فهذا( ج ٌل يلجُأ إل النَّبّ صلى ال عليه وسلم يَ ْ‬
‫ب صلى‬ ‫عليهِ صلى ال عليه وسلم َفسَكَ َن وانتصرَ لهُ من مالِ ِكهِ الّذي آذاه) ‪ ،‬وأمّا المادُ فقد كانَ النَّ ّ‬
‫ع حَنّ هذا الذعُ‬ ‫ال عليه وسلم يطبُ إل جِذْعِ نلةٍ قبلَ أنْ يتخ َذ مِنبا ولا اتذَ النبَ وتركَ الِذْ َ‬
‫وبكى وَأصْد َر صوتا كصوتِ الصّب الصّغيِ فوض َع النَّبّ يدهُ عليه فسَكَ َن ‪ ،‬وف روايةٍ أّنهُ ضَ ّمهُ إلي ِه ‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫ُأمّةُ السلمِ ‪:‬إ ّن القلمَ تعجزُ أنْ تُوِفيَ ممدا صلى ال عليه وسلم حقهُ منَ البيا ِن والثّناءِ والحترامِ‬
‫والتّوقيِ والكرامِ ‪،‬وإنّ البيا َن ليعجزُ عنْ إشباعِ السّامعِ بكُلّ جوانبِ العظم ِة والرّفعةِ وال ِع ّزةِ ف حياتهِ‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ُأمّةُ السلمِ ‪ :‬سَ ِمعْنا وَسَمِعَ غيُنا عنْ كلمٍ َتفّوهِ بهِ حقيٌ منَ الُقراءِ على جنابِ ومقامِ سَيّدِنَا‬
‫وحبِيِبنَا‪،‬وُق ّرةِ عُيونِنا مُحمّدٍ صلى ال عليه وسلم فبكتِ القلوبُ وحزنتْ قب َل دمعِ العيو ِن ‪ ،‬وفارَ‬
‫ل صلى ال عليه وسلم و ُجرّدتِ القلمُ وكُتبتِ القالتُ ‪،‬‬ ‫الدّمعُ عضباُ وغيْضا ونصرةً لرسولِ ا ِ‬
‫ت ييُ‬ ‫وتدثتِ ا ُلمّ ُة وصاحتْ بأعلى صوتِها كُلّنا لكَ فِداءٌ يا رسولَ الَ ول نامتْ أعيُ البناءِ وشُّل ْ‬
‫ض ال ُكفّارِ ف دول ِة الدنارك عبَ‬ ‫ث وهو استهزاءُ بع ِ‬ ‫منْ يستهزأُ بكَ أو ُي ْؤذِيكَ ‪ ،‬لنا مع هذا الد ِ‬
‫رسومٍ كاريكاتييةِ برسولِ السلمِ وأفضلِ النامِ ‪ ،‬ولنا مع هذا الدثِ الليمِ والُرم العظي ِم ‪،‬‬
‫ت‪:‬‬ ‫والذنبِ الكبيِ وقفاتٌ ووقفا ٌ‬
‫الوقفةُ الول ‪ :‬وجوبُ نُصرةِ الرّسولِ صلى ال عليه وسلم والدّفاعِ عنهُ على كُ ّل مسلمٍ يشهدُ أنّ ل‬
‫لبَ عنْ نصرتهِ طمعا ف دنيا أو‬ ‫إله إل الُ وأنّ ممدا رسولُ الِ بقدرِ استطاعت ِه ‪ ،‬وأ ّن التّخاذلَ وا ُ‬
‫ب قدرتهِ وطاقت ِه ‪ ،‬وما يبُ على العالِمِ غيُ‬ ‫خوفا منْ ملوقٍ فهو إ ٌث وذنبٌ عظي ٌم ‪ ،‬وكُ ّل إنسانٍ بس ِ‬
‫ما يبُ على العامِ ّي ‪ ،‬وعلى الاكمِ والسؤولِ والميِ والوزيرِ ما ل يبُ على غيهِم ‪ ،‬وعلى منْ‬
‫ب عليهم ما ل يبُ على غيِهم ‪ ،‬عملً بقول الول‬ ‫يتكلمُ لغةَ القومِ ويستطيعُ إبلغَ الستنكارِ ي ُ‬
‫جلّ شأنهُ ‪ِ{ :‬لُت ْؤمِنُوا بِالّل ِه َورَسُوِلهِ َوُت َعزّرُوهُ َوُتوَّقرُوهُ وَُتسَبّحُوهُ ُب ْك َرةً وََأصِيلً} [الفتح‪ ،]9‬ويقول‬
‫صرُو ُه وَاتَّبعُواْ النّورَ الّ ِذيَ أُنزِ َل َم َعهُ ُأوَْلِئكَ هُ ُم الْ ُمفْلِحُونَ}‬
‫سبحانه ‪{ :‬فَالّذِي َن آمَنُواْ ِب ِه َو َع ّزرُو ُه وََن َ‬
‫[العراف‪،]157‬يقولُ شيخُ السلمِ ‪":‬التعزيرُ‪ :‬هو اس ٌم جامعٌ لنصرهِ وتأييد ِه ومَْنعُهُ منْ كُ ّل ما‬
‫يؤذِيهِ‪ ،‬والتوقيُ ‪ :‬اسمٌ جامعٌ ل ُكلّ ما فيهِ سكينةٌ وطمأنينةٌ منْ الجللِ والكرا ِم ‪ ،‬وأنْ يُعاملَ منَ‬
‫خرِ ُجهُ عنْ حَ ّد الوقا ِر " أ‪.‬هـ‪ ،‬وأمّا سَاّبهُ و ُم ْؤذِيهُ‬ ‫ف والتّكر ِي والتّعظي ِم بِما يَصونهُ عنْ كُلّ ما يُ ْ‬ ‫التّشري ِ‬
‫س مرتبةٍ ‪ ،‬فإنْ كا َن مسلما فإّنهُ ُيصِب ُح مُرتدا بإجاعِ أه ِل العلمِ‬ ‫والُستهزئ بهِ فهو ف أحطّ منلةٍ وأ َخ ّ‬
‫ي علماءِ السلميَ ‪ ،‬وإنّ كا َن معاهَدا أو ِذمّيا أو‬ ‫‪ ،‬ويُقتلُ كذلكَ بالجاعِ ول يُعلمُ ل ُه مُخالفٌ ب َ‬
‫مستأمنا فإ ّن عهدهُ مُنتقِضٌ ويستحقُ أ ْن تُضربَ ُعُن ُقهُ بالسّيفِ انتصارا لرسو ِل السلمِ ونَبِ ّي النامِ ‪،‬‬
‫كيفَ ل وربّنا جلّ ف عُله يقو ُل ‪{ :‬إِنّ الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّل َه َورَسُوَلهُ َلعََنهُ ُم الّلهُ فِي الدّنْيَا وَالْآ ِخ َر ِة وََأعَدّ‬
‫َلهُ ْم عَذَابا ّمهِينا} [الحزاب ‪،]57‬‬
‫{وَالّذِي َن ُي ْؤذُونَ رَسُو َل الّلهِ َلهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة ‪ ،]61 :‬والُ يقولُ‪{ :‬وَإِن نّ َكثُواْ أَْيمَاَنهُم مّن‬
‫َبعْ ِد َعهْ ِدهِ ْم وَ َطعَنُواْ فِي دِينِكُمْ َفقَاتِلُواْ َأئِمّ َة الْ ُك ْفرِ إِّنهُمْ لَ أَْيمَانَ َلهُمْ َلعَّلهُمْ يَنَتهُونَ} [التوبة‪:] 12‬‬
‫ل سبحانهُ قد تكفّلَ بصيانةِ عرضِ النِّبيّ والنتقامِ لهُ فقا َل {فَاصْدَعْ بِمَا ُت ْؤ َمرُ وََأ ْع ِرضْ َعنِ‬ ‫وا ُ‬
‫سَت ْهزِِئيَ} [الجر ‪ 94 :‬و ‪.]95‬‬ ‫شرِ ِكيَ ‪ .‬إِنّا َكفَْينَا َك الْمُ ْ‬
‫اْلمُ ْ‬

‫‪409‬‬
‫وف" الصحيحي" عنْ أب هريرة قالَ‪ :‬قالَ رسو ُل الِ صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أل ترونَ كيف‬
‫ل سبحانهُ‬ ‫صرِفُ ال عنّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم‪ ،‬يشتمون مُ َذمّمَا‪ ،‬ويلعنون مُ َذمّمَا‪ ،‬وأنا مُحَمّدٌ!"‪ .‬وا ُ‬ ‫َي ْ‬
‫ك ُهوَ‬‫بيّنَ أ ّن مُْبغِضَ النَّبّ صلى ال عليه وسلم هو القطعُ الاسرُ الذّليلُ‪ ،‬فقا َل جلّ شأنهُ {إ ّن شانَِئ َ‬
‫البترُ}‪ ،‬ومنْ أوجهِ الكفايةِ أنّ يُ ْك ِرمَ الُ وُيْنعِمَ على بعضِ عبادهِ بال ّذ ْودِ والدّفاعِ ع ْن نبيهِ ب ُكلّ ما‬
‫يستطيعُ وهي مرتبةٌ عظيمةٌ وشرفٌ كب ٌي لكُلّ منْ تصدّى للدّفاع ع ْن النَّبّ صلى ال عليه وسلم‬
‫ك الكريِ صلى ال عليه وسلم‬ ‫فاللهُمّ َشرّ ْفنَا بالدّفاعِ ع ْن نبي َ‬
‫واعلموا رحكم الُ أ ّن المرَ الُست ِقرّ ف عهد ِه وعهدِ صحابتهِ هو قتلُ السّابّ لِ ولرسولهِ وأّنهُ ل تُقبلُ‬
‫ب قت َل اب َن خطلٍ وكا َن مُتعلّقا بأستارِ الكعبةِ ول يقبلْ في ِه الشّفاعةَ ‪ ،‬وأقرّ الذي قتلَ‬ ‫توبتهُ ‪ ،‬فالنَّ ّ‬
‫ب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وغيِها م َن الوقائعِ والوادثِ الت ل َيتّسِعُ القامُ‬ ‫سبّ النَِّ ّ‬
‫جاريتهُ الت كانتْ تَ ُ‬
‫ض علينا تعزيرَ رسولهِ وتوقي ِه ‪،‬‬ ‫لذِكْرها ‪.‬يقولُ شيخُ السل ِم اب ُن تيمية [الصارم‪":]2/394‬إنّ الَ فر َ‬
‫صوْنَ عرضهِ بكُلّ طريقٍ ‪ ،‬بل‬ ‫ب َ‬ ‫وتعزيرهُ‪َ :‬نصْرهُ ومَُن ُعهُ ‪ ،‬وتوقيهُ ‪ :‬إجللهُ وتعظيم ُه ‪ ،‬وذلكَ يُو ِج ُ‬
‫سمِعونا شَتْ َم نبينا‬
‫ت التعزيرِ والتوق ِي ‪ ،‬فل يوزُ أن نُصالِحَ أه َل الذّم ِة على أنْ يُ ْ‬ ‫ذلكَ أول درجا ِ‬
‫ك ‪ ،‬فإنّ تكيَِنهُم منُ ذلكَ تركٌ للتعزيرِ والتّوق ِي "أهـ ‪ ،‬وقالَ أيضا ‪" :‬إ ّن نصرَ رسولِ الِ‬ ‫ويُ ْظهِروا ذل َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫صلى ال عليه وسلم فرضٌ علينا ‪ ،‬لّنهُ م َن التّعزي ِر الفروضِ ‪ ،‬ولّنهُ منْ أعظ ِم الهادِ ف سبيلِ ا ِ‬
‫ولذلكَ قا َل سبحاَنهُ ‪{ :‬مالكم إذا قيلَ لكم انفروا ف سبي ِل ال اثّاقلتم إل الرض} إل قوله {إل‬
‫تنصروه فقد نصره ال} ‪ ...‬ومنْ أعظ ِم النّصرِ حاي ُة عرضهِ مِمن يُؤذِيه ‪."..‬اهـ بتصرف‪.‬‬
‫الوقفةُ الثّاني ُة ‪ :‬خُطورةُ السّكوتِ على النتقصِ لرسو ِل السل ِم ‪:‬‬
‫ع الدّينِ وسببٌ لسقوطهِ‬ ‫اعلموا رحكُم الُ أ ّن السّكوتَ عنْ َسبّ الرّسولِ وانتقاصِه هو سببٌ لضيا ِ‬
‫منْ أعيِ السلميَ وغيِ السلميَ‪ ،‬يقولُ شيخُ السلمِ ‪" :‬أمّا انتها ُك ِع ْرضِ رسو ِل الِ صلى ال عليه‬
‫وسلم فإّنهُ منافٍ لدّينِ الِ بالكلي ِة ‪ ،‬فإنّ العرضَ مت انتُهكَ‪ ،‬سقطَ الحترامُ والتعظي ُم ‪ ،‬فسقطَ ماجاءَ‬
‫بهِ منَ الرّسالةِ ‪ ،‬فبطَلَ الدّي ُن ‪ ،‬فقيامُ الِدْ َحةِ والثّنا ِء عليهِ والتّعظيمِ والتوقيِ لهُ قيا ُم الدّين ُكّلهِ ‪ ،‬وسقوطُ‬
‫ك عرضهُ‬ ‫صرَ لهُ مِم ْن انته َ‬
‫ب علينا أ ْن نَنَْت ِ‬
‫ط الدّينِ كُّل ِه ‪ ،‬وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ وج َ‬ ‫ذلكَ سقو ٌ‬
‫ك قتلهُ‬ ‫والنتصارُ له بالقتلِ ل ّن انتها َك عرضهِ انتهاكٌ لدّينِ الِ"أ‪.‬هـ ‪ ،‬وهنا قد يقو ُل قائلٌ ‪ :‬ننُ لنل ُ‬
‫‪ ،‬نقو ُل هذا اذا كانَ ف ديارِ السلميَ وتتَ حك ِم ِه وجبَ على ول المرِ‪،‬وعلى الاكمِ السلمِ أنْ‬
‫يُنفّذَ فيهِ حُك َم الِ وليس لكُ ّل أحدٍ‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة ‪:‬أسبابُ الرأةِ على سبّ نبينا ودينِنا ومقدساتِنا ‪:‬‬
‫أيّها السلمونَ ‪ :‬إنّ التأمّلَ ف هذهِ الادثةِ وما سَب َقهَا منْ حوا ِدثَ منْ َتعَدّي بعضِ اللحد ِة على مقامِ‬
‫النَّبّ صلى ال عليه وسلم أو إهانةِ الصحفِ من قب ِل القواتِ المريكيةِ كما حص َل ف أب غريب‬
‫وغونتناموا وغيها‪ ،‬ي ُد لذا أسبابا‪ ،‬منْ أهها‪:‬‬

‫‪410‬‬
‫ض ْعفِنا وهزِيتنا أمامَ أعداءِنا ف عرضِ حقيق ِة السلمِ والشّهادتيِ‪ :‬إن الذين يصورون دين‬ ‫أولً‪َ :‬‬
‫السلم دينا ضعيفا مهزوما ل يدافع عن حرماته ول عن شعائره ومقدساته ‪ ،‬إل الذين صوروا‬
‫الهاد الشرعي لعداء ال إرهابا وسفكا للدماء هاهي النتيجة ننيها ويتجرأ علينا كل حقي وصغي ‪،‬‬
‫وحت الدنارك الت ل تعرف إل بإنتاج حليب الطفال وأدوات التجميل يتجرأ على نب الٍسلم‬
‫أشجع رجل عرفه التاريخ ‪ ،‬ولعلي أجري مقارنة بسيطة بي دعوة أمريكا العال للنراط ف النظام‬
‫العالي الديد ‪ ،‬إن أمريكا ل تعط الشعوب والدول حريتها بل فرضته بقوة الديد والنار فأنشأت‬
‫حلف الطلسي ليكون ذراعها العسكري لتأديب من يرج عن نظامهم الديد وقد اعتدت على‬
‫خصوصيات الدول واحتلت دول وقتلت مئات اللف دون رحة‪ ،‬وأما السلم الذي جاء برسالته‬
‫العادلة والرحيمة لا جاء بالنور والداية لكل العالي وجعل الهاد وسيلة ليس لجبار الناس على‬
‫الدخول ف وإنا لقمع كل معاند يريد ان يول بي الناس والسلم‪ ،‬فالسلم إذا جاء بيوشه الفاتة‬
‫فإنه يدعوهم للسلم فإن أبوا يدعوهم ليدفعوا الزية مقابلة حايتهم وحقن دمائهم والدفاع عنهم‬
‫ويعيشوا تت حكم السلم‪ ،‬لقد دخل الناس عب العصور ف دين ال أفواجا اقتناعا بعدل السلم‬
‫ورحته وكانت أكثر القاليم تسلم نفسها للمسلمي لا يرون من حسن أخلقهم وكري شائلهم‬
‫وسو تعاملهم ‪ ،‬ل يعرف السلم ف تاريخ الجازر المجية والوحشية كما هي معروفة ف تاريخ‬
‫أمريكا والغرب ‪.‬‬
‫وثة أمر آخر وهو الولء والباء ‪ :‬لا يتنصل البعض من هذه العقيدة العظيمة الت ترفع معنوية السلم‬
‫وتعله يشعر برفعته واعتزازه ويأت من أبناء السلمي من ينكرها أو يسخها وهي قضية من أصرح‬
‫ضهُمْ َأوِْليَاء‬
‫القضايا الت تدث عنها القرآن {يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ لَ تَتّخِذُواْ الَْيهُودَ وَالّنصَارَى َأ ْولِيَاء َب ْع ُ‬
‫ض َومَن َيَتوَّلهُم مّنكُمْ فَِإّنهُ مِْنهُمْ إِ ّن الّلهَ لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ الظّالِ ِميَ} [الائدة‪ ،]51‬إن عقيدة بغض‬ ‫َبعْ ٍ‬
‫الكفار والباءة منهم فرضت لن ال يأمرنا بأن نبغض كل من يبغض ال ورسوله ودينه ونعادي كل‬
‫من يعادي ال ورسوله ودينه فهي حقيقة العبودية والحبة الصادقة ل ولرسوله ودينه ‪ ،‬وهي حاجز‬
‫نفسي ربان يعل السلم اقدر الناس على التعامل مع غي السلمي من الكفار واللحدين مع الفاظ‬
‫على دينه وعقيدته فالسلم ل يرم العدل والحسان ف العاملة لغي السلم الذي ل ياربنا او يعتدي‬
‫خ ِرجُوكُم مّن دِيَارِكُمْ‬ ‫علينا وعلى مقدساتنا {لَ يَْنهَا ُكمُ الّلهُ عَ ِن الّذِينَ لَمْ ُيقَاِتلُوكُمْ فِي الدّي ِن وَلَمْ يُ ْ‬
‫حبّ الْ ُمقْسِ ِطيَ} [المتحنة ‪]8‬‬ ‫أَن َتَبرّوهُمْ وَُتقْسِطُوا إِلَْيهِمْ إِ ّن الّلهَ ُي ِ‬
‫ع وعدمُ العتزازِ‬ ‫ثانيا ‪ :‬من أسباب ترأ العداء علينا ‪:‬التّحَلّ ُل والّتفَسّخُ والتَّنصّلُ منْ أحكامِ الشّر ِ‬
‫والفخرِ بالنتسابِ لذ ِه ا ُلمّة وللنّبِ ّي الكربِ صلى ال عليه وسلم سواء من كان ف مال السياسة أو‬
‫ف مال العلم أو من يعيش مع الغرب ف بلد الغرب كمقيمي أو زوار‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬الصّ ْمتُ الُطِْبقُ م ْن قِبلِ إعلمِ السلميَ وواجهِتهِم ولساِنهِم والتح ّدثِ النّاطقِ ف العا ِل معَ كُلّ‬
‫الجماتِ التكررةِ على السلمِ َونَبِ ّي السلمِ وقرآنِنا‪ ،‬بل ‪-‬وللسفِ‪ -‬فإن وسائل العلم تَشُنّ‬
‫سَت ْهزَأ فيها‬
‫حربا على دي ِن السلمِ بأموال السلميَ‪ ...‬أل تُمَجّدْ ف إعلمُنَا رواياتُ الرّذيلةِ الت يُ ْ‬
‫ل صلى ال عليه وسلم ؟!‬ ‫ل وبرسولِ ا ِ‬ ‫بدينِ ا ِ‬
‫أل تُ َمجّدْ ف إعلمُنَا رواياتُ التّمردِ على الشّرعِ وعلى هديِ القرآ ِن وستِ السلميَ ‪.‬‬
‫فكيفَ والال ُة هذه يُكِ ّن العداءُ لنا الحترا َم ‪.‬‬
‫الوقفة الرّابعةُ ‪ -:‬أينَ الّذينَ ملئوا الدّنيا ضجيجا بزعمِ مب ِة النّبِيّ صلّى الُ علي ِه وَ َسلّ َم وهمْ َأصْحابُ‬
‫ضعْفا وَخُرافةً؛ فَ َطعََنتْ السلمَ ف‬ ‫التّوجهاتِ البدعِيّةِ الت َحرّفتْ دينَ السلمِ وجعلْتهُ دروش ًة و َ‬
‫ت معن مَحَبةِ النِّبيّ الكريِ‪،‬و َجعََلْتهُ ف مواِلدَ‬ ‫خَاصِرتهِ‪ ،‬حيثُ َس ّو َغتْ الفسادَ ف الرضِ‪،‬وَ َحرّف ْ‬
‫واحتفالتٍ وخرافاتٍ‪،‬وََفرّغتْها من معناها الِ ّي الّذي يعَ ُل حياةَ السلمِ كُلّها مثلَ حيا ِة النّبّ ممدٍ‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ونقول لم كما قلتم (علموا أبناءكم حب الرسول ) ونن نقول (علموا أبناء‬
‫كيف يدافعون عن الرسول)‪.‬‬
‫‪ -‬أي َن الّذي َن مَلئُوا الدّنيا ضَجيجَا بحب ِة آلِ البيتِ عليهم السّلمَ‪،‬فها هو ذا صاحبُ البيتِ‪،‬وإمامُ أهلِ‬
‫ضهُ ‪.‬‬
‫سبّ‪،‬وَيُْنَت َهكُ عِر ُ‬
‫ت (ممّدُ ب ُن عبد الِ) صًلّى الُ علي ِه وَ َسلّمَ يُ َ‬‫البي ِ‬
‫ل عليهِ َوسَلّمَ‪-‬إل الِ ا ُلشْتكى!!‬ ‫أين أنتم دولً وشعوبا عُلماءَ وعامّةً‪ ،‬أين نُصرتُكُمْ للحبيب‪-‬صَلّى ا ُ‬
‫‪ -‬أين الّذينَ كانوا يدعوننا للتسام ِح ونَبْذِ الكراهيةِ والقدِ منْ أصحابِ الواراتِ اللّطيفةِ‪،‬والقلمِ‬
‫س واحدةٍ‪،‬يقول أحد‬ ‫النّاعمةِ‪،000،‬ها هم أولءِ أعداؤكم شَ ّمرُوا عنْ سواعدهم و َرمَوْكُمْ عنْ قو ٍ‬
‫ساسة أمريكا ‪ (: ":‬من الؤل أن نظهر أنفسنا عقلنيي بشكل كامل وباردي الرأس)‪( ،‬ما ينبغي أن‬
‫يكون جز ًء من الشخصية القومية الت نظهرها ‪،‬هو أن الوليات التحدة يكن أن تصبح غي عقلنية ‪،‬‬
‫وانتقامية ‪ ،‬إذا ما هوجت مصالها اليوية )‪.‬ويقول نيكسون بعبارة واضحة‪" :‬يب أن يعرف‬
‫أعداؤنا أن النون مسنا‪ ،‬ول يكن التنبؤ با سنفعله‪ ،‬بقوة تدمي فائقة للعادة تت إمرتنا‪ ،‬وهكذا‬
‫سوف يركعون لرادتنا خائفي"اهـ‪.‬‬
‫الوقفة الامس ُة ‪ :‬أعظمُ السلح ِة ضدَ أعداءِنَا النتصا ُر على شَهواِتنَا وَحُظُوظِنا‪ :‬وليقل أحدنا ماذا‬
‫سوف أؤثر ‪ ،‬فأنت تريد أن تبئ ذمتك وأن تنال شرف الدفاع عن نبيك ‪ ،‬وقد أثبت التاريخ عظم‬
‫تأثي القاطعة على العدو أثناء الروب والعداوة بي أي شعبي‪.‬‬
‫الوقفة السّادس ُة ‪ :‬تية إل كل الشرفاء الذين غاروا على نبيهم وبذلوا كل ما يستطيعون أبرأوا ذمتهم‬
‫إل العلماء والمراء والساسة والوزراء والتجار والثقفي والعلميي ونقول لم أبشروا بوعود ال‬
‫لكم بالي ف العاجل والجل ‪ ،‬وتذكروا أن الرء يشر مع من أحب اللهم احشرنا مع نبيك الكري‬
‫ف الفردوس العلى واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة ل نظمأ بعدها أبدا ‪ ،‬اللهم عليك بن اعتدى‬

‫‪412‬‬
‫على نبيك أفراد وشعوبا اللهم اخزهم ومكن السلمي من رقابم وتنفيذ حكمك العادل فيهم ‪ ،‬اللهم‬
‫ل ترفع لم راية واجعلهم لن خلفهم آية ‪ ،‬اللهم اجعل دولتهم دولً اللهم مزقهم شر مزق اللهم أرنا‬
‫فيهم عجائب قدرتك‬
‫=======================‬
‫إنم يسبون مذما وهو ممد‬

‫بسم ال نبدأ‪ ،‬وعلى هدي نبيه صلى ال عليه وسلم نسي‪..‬‬


‫ابتلء تلو ابتلء‪..‬‬
‫وتتوال البتلءات تترى على أمة ممد صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫اجتياح للديار‪ ،‬وسفك للدماء‪ ،‬وهتك للعراض‪ ،‬وعبث بالعقائد‪..‬‬
‫وعمّت البلوى وطمّت بالساءة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫لّا سبّ الشركون رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يقول « إنم يشتمون مذما وأنا ممّد »‪.‬‬
‫وبنفس النطق نقول لن يسيئ لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنكم تسبون مذما وهو ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬الذي تضافرت وتواترت الخبار من الكتب السماوية والقالت النسانية لعقلء‬
‫الغرب والشرق قديا وحديثا على أنه بلغ الكمال النسان ف الصفات‪.‬‬
‫قال القرآن عنه مّحَمّ ٌد رّسُولُ الّل ِه وَالّذِي َن َمعَهُ أَشِدّاء َعلَى اْل ُكفّارِ رُحَمَاء بَيَْنهُ ْم َترَاهُ ْم رُ ّكعًا سُجّدًا‬
‫ضوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُو ِههِم مّنْ أََثرِ السّجُو ِد ذَِلكَ مََثُلهُمْ فِي الّت ْورَا ِة َومَثَُلهُمْ‬ ‫َيبَْتغُونَ َفضْلًا مّنَ الّلهِ َو ِر ْ‬
‫جبُ ال ّزرّاعَ لَِيغِيظَ ِبهِ ُم الْ ُكفّارَ‬ ‫فِي الْإِنِيلِ َك َزرْعٍ َأ ْخرَجَ شَطَْأهُ فَآ َز َرهُ فَاسَْتغَْلظَ فَاسَْتوَى َعلَى سُوِقهِ ُيعْ ِ‬
‫[الفتح‪.]29:‬‬
‫وجاء على لسان عيسى عليه السلم ف النيل "أنطلق فإن ل أنطلق ل يأتكم النحمنا‪ ,‬ذلك ال يوبخ‬
‫العال على خطيئته"‬
‫والنحمنا توافق ف اللتينية كثي المد‪ ،‬والت توافق من الساء العربية ممد أو أحد‪ ,‬وذلك مصداقا‬
‫شرًا ِبرَسُو ٍل يَأْتِي مِن َبعْدِي ا ْس ُمهُ أَ ْحمَدُ [الصف‪ .]6:‬ويقول‬ ‫لقول ال تعال على لسان عيسى َومُبَ ّ‬
‫النيل عن يي عليه السلم "وانطلق يوحنا العمدان يكرز ف برية اليهود توبوا فقد اقترب ملكوت‬
‫السماء"‪ ،‬أي قانون السماء‪ ,‬فهذه بشارة باقتراب قانون ساوي جديد ول يأتِ قانون من السماء بعد‬
‫يي ‪-‬الذي واكب حياة السيح عليهما السلم‪ -‬إل القرآن الكري الذي أنزله ال على ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫كما أق ّر عقلء النصارى والسلمي بكمال صفاته النسانية صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فهذا قائد من أعظم‬
‫قادتم عب التاريخ وعال من أعلمهم وحكمائهم يقر بذلك‪ ,‬فيما روى البخاري من حديث قصة‬
‫هرقل القائد الرومي الكبي والعال النصران الشهي وأبو سفيان بن حرب‪:‬‬
‫"حَدَّثنَا أَبُو الْيَمَا ِن الْحَكَ ُم بْنُ نَافِعٍ قَالَ‪َ :‬أخَْبرَنَا ُشعَْيبٌ عَ ْن ال ّز ْهرِي قَالَ‪ :‬أَ ْخَبرَنِي عَُبيْدُ الّلهِ بْ ُن عَْبدِ الّلهِ‬
‫سعُودٍ أَ ّن عَبْ َد الّلهِ بْ َن عَبّاسٍ أَ ْخَب َرهُ‪ :‬أَنّ أَبَا ُسفْيَانَ بْ َن َح ْربٍ أَ ْخَب َرهُ‪ :‬أَ ّن ِهرَقْلَ َأرْسَلَ ِإلَْيهِ‬ ‫بْ ِن ُعتْبَ َة بْ ِن مَ ْ‬
‫ب مِنْ ُقرَْيشٍ‪ ،‬وَكَانُوا تِجَارًا بِالشّ ْأمِ فِي الْمُ ّدةِ الّتِي كَا َن رَسُو ُل الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم مَادّ‬ ‫فِي رَ ْك ٍ‬
‫سهِ وَ َحوَْل ُه عُظَمَاءُ الرّومِ‪ ،‬ثُ ّم َدعَاهُمْ‬ ‫فِيهَا أَبَا ُسفْيَا َن وَ ُكفّارَ ُق َرْيشٍ‪ ،‬فَأََت ْو ُه َوهُمْ بِإِيِليَاءَ‪ ،‬فَ َدعَاهُ ْم فِي مَجِْل ِ‬
‫َو َدعَا بَِترْجُمَاِنهِ َفقَالَ‪َ :‬أيّكُمْ أَ ْق َربُ َنسَبًا ِبهَذَا الرّجُلِ الّذِي َي ْزعُمُ َأّنهُ َنبِي؟‬
‫َفقَالَ َأبُو ُسفْيَانَ‪َ :‬فقُ ْلتُ‪َ :‬أنَا أَ ْقرَُبهُ ْم نَسَبًا ‪.‬‬
‫َفقَالَ‪َ :‬أدْنُوهُ مِنّي‪ ،‬وََقرّبُوا َأصْحَاَبهُ فَا ْجعَلُوهُ ْم عِنْدَ َظ ْه ِرهِ‪.‬‬
‫ثُ ّم قَالَ لَِت ْرجُمَاِنهِ‪ :‬قُلْ َلهُمْ إِنّي سَاِئلٌ هَذَا الرّجُلِ‪ ،‬فَإِنْ كَذََبنِي َفكَذّبُوهُ‪َ .‬فوَالّلهِ َلوْلَا اْلحَيَا ُء مِنْ أَ ْن يَأِْثرُوا‬
‫عَلَي كَ ِذبًا لَكَ َذْبتُ َعْنهُ‪.‬‬
‫سُبهُ فِيكُمْ؟‬ ‫ثُمّ كَانَ َأوّ َل مَا سََألَنِي عَْنهُ أَنْ قَالَ‪َ :‬كيْفَ نَ َ‬
‫سبٍ‪.‬‬ ‫ُق ْلتُ‪ُ :‬هوَ فِينَا ذُو نَ َ‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَ ْل قَا َل هَذَا اْل َقوْ َل مِنْكُمْ أَحَ ٌد َقطّ قَْبَلهُ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬لَا‪.‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَلْ كَانَ مِنْ آبَاِئهِ مِ ْن مَِلكٍ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬لَا‪.‬‬
‫ض َعفَا ُؤهُمْ؟‬
‫قالَ‪ :‬فََأ ْشرَافُ النّاسِ َيتِّبعُوَنهُ َأمْ ُ‬
‫ضعَفَا ُؤهُمْ‪.‬‬‫َفقُ ْلتُ‪ :‬بَ ْل ُ‬
‫قَالَ‪ :‬أََيزِيدُونَ َأمْ يَْن ُقصُونَ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬بَ ْل َيزِيدُونَ‪.‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَ ْل َيرْتَدّ أَحَ ٌد مِْنهُ ْم سَخْطَ ًة لِدِيِنهِ َبعْدَ أَ ْن يَدْخُلَ فِيهِ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬لَا‪.‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَلْ ُكنْتُ ْم تَّتهِمُوَنهُ بِالْكَ ِذبِ قَبْلَ أَ ْن َيقُولَ مَا قَالَ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬لَا‪.‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَ ْل َيغْ ِدرُ؟‬
‫ُق ْلتُ‪ :‬لَا‪ ،‬وَنَحْ ُن مِْنهُ فِى مُ ّدةٍ لَا نَ ْدرِى مَا ُهوَ فَاعِلٌ فِيهَا‪.‬‬
‫قَالَ‪ :‬وَلَمْ ُتمْكِنّى َكلِمَةٌ ُأدْ ِخلُ فِيهَا شَيْئًا غَْي ُر هَ ِذهِ الْ َكلِمَةِ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فهَ ْل قَاَتلْتُمُوهُ؟‬
‫ُق ْلتُ‪َ :‬نعَمْ‪.‬‬
‫قَالَ‪َ :‬فكَيْفَ كَانَ ِقتَالُكُمْ ِإيّاهُ؟‬
‫ح ْربُ بَيَْننَا وََبيَْنهُ سِجَالٌ‪َ ،‬ينَا ُل مِنّا وََننَا ُل مِْنهُ‪.‬‬ ‫ُق ْلتُ‪ :‬الْ َ‬
‫قَالَ‪ :‬مَاذَا يَ ْأ ُمرُكُمْ؟‬
‫شرِكُوا ِبهِ َشيْئًا‪ ،‬وَاْترُكُوا مَا َيقُولُ آبَاؤُكُمْ‪ .‬وَيَ ْأ ُمرُنَا بِالصّلَاةِ‬ ‫ُق ْلتُ‪َ :‬يقُولُ‪ :‬اعْبُدُوا الّلهَ وَ ْح َدهُ وَلَا تُ ْ‬
‫وَالزّكَا ِة وَالصّدْقِ وَاْل َعفَافِ وَالصّلَةِ‪.‬‬
‫سبِ‬ ‫سبٍ‪ ،‬فَ َكذَِلكَ الرّسُ ُل تُْب َعثُ فِي َن َ‬ ‫ك عَنْ َنسَِبهِ فَذَ َك ْرتَ أَّنهُ فِي ُكمْ ذُو َن َ‬ ‫َفقَالَ لِلّترْجُمَانِ‪ُ :‬قلْ َلهُ سَأَلُْت َ‬
‫ك هَلْ قَالَ َأحَ ٌد مِنْكُ ْم هَذَا اْل َقوْلَ؟ فَذَ َك ْرتَ أَ ْن لَا‪َ ،‬فقُ ْلتُ‪َ :‬لوْ كَانَ َأحَدٌ قَا َل هَذَا اْل َقوْلَ‬ ‫َق ْو ِمهَا‪ .‬وَسََألُْت َ‬
‫َقبَْلهُ‪َ ،‬ل ُق ْلتُ رَجُ ٌل يَأَْتسِى ِب َقوْلٍ قِيلَ قَْبَلهُ‪ .‬وَسَأَْلُتكَ هَلْ كَا َن مِنْ آبَاِئهِ مِ ْن مَِلكٍ؟ فَذَ َك ْرتَ أَنْ لَا‪ ،‬قُ ْلتُ‪:‬‬
‫ب مُ ْلكَ أَبِيهِ وَسَأَْلُتكَ‪ :‬هَلْ ُكنْتُمْ َتّتهِمُوَنهُ بِالْ َك ِذبِ قَبْلَ أَنْ‬ ‫ت رَجُ ٌل يَطُْل ُ‬ ‫َفَلوْ كَا َن مِنْ آبَاِئهِ مِ ْن مَِلكٍ‪ ،‬قُ ْل ُ‬
‫ب عَلَى الّلهِ‪.‬‬ ‫س وَيَكْ ِذ َ‬ ‫َيقُو َل مَا قَالَ؟ فَذَ َك ْرتَ أَنْ لَا‪َ ،‬فقَدْ َأ ْعرِفُ َأّنهُ لَمْ يَكُ ْن لِيَ َذرَ الْكَ ِذبَ َعلَى النّا ِ‬
‫ض َعفَا َءهُمْ اتَّبعُوهُ‪َ ،‬وهُمْ أَتْبَاعُ الرّ ُسلِ‪.‬‬ ‫ض َعفَا ُؤهُمْ؟ فَذَ َك ْرتَ أَ ّن ُ‬ ‫ف النّاسِ اتَّبعُوهُ َأمْ ُ‬ ‫وَسَأَْلُتكَ‪ :‬أَ ْشرَا ُ‬
‫وَسَأَْلُتكَ‪ :‬أََيزِيدُونَ َأمْ َيْنقُصُونَ؟ فَذَ َك ْرتَ َأّنهُمْ َيزِيدُونَ‪ ،‬وَكَذَِلكَ َأ ْمرُ الِْإيَانِ حَتّى يَتِمّ‪ .‬وَسَأَْلُتكَ‪ :‬أََي ْرتَدّ‬
‫أَحَدٌ َسخْطَ ًة لِدِيِنهِ َبعْدَ أَنْ َيدْخُلَ فِيهِ؟ َفذَ َك ْرتَ أَنْ لَا‪ ،‬وَكَذَِلكَ اْلِإيَانُ ِحيَ تُخَاِلطُ َبشَاشَُتهُ اْلقُلُوبَ‪.‬‬
‫ك الرّسُلُ لَا َتغْ ِدرُ‪ .‬وَسَأَْلُتكَ‪ :‬بِمَا يَ ْأ ُمرُكُمْ؟ َفذَ َك ْرتَ أَّنهُ‬ ‫وَسَأَْلُتكَ‪ :‬هَلْ َيغْ ِدرُ؟ فَذَ َك ْرتَ أَ ْن لَا‪ ،‬وَكَذَِل َ‬
‫شرِكُوا ِبهِ شَْيئًا‪ ،‬وَيَْنهَاكُ ْم عَ ْن ِعبَا َدةِ الَْأوْثَانِ‪ ،‬وَيَ ْأ ُمرُكُمْ بِالصّلَاةِ وَالصّدْقِ‬ ‫يَ ْأ ُمرُكُمْ أَنْ َتعْبُدُوا الّلهَ‪ ،‬وَلَا ُت ْ‬
‫ج لَمْ أَكُنْ‬ ‫ك َم ْوضِعَ قَ َدمَي هَاتَْينِ‪ .‬وَقَدْ ُكْنتُ َأ ْعلَمُ أَّنهُ خَارِ ٌ‬ ‫سيَمِْل ُ‬‫وَاْل َعفَافِ‪ ،‬فَإِنْ كَا َن مَا َتقُولُ َحقّا فَ َ‬
‫ت عَنْ قَ َد ِمهِ‪.‬‬ ‫جشّ ْمتُ ِلقَاءَهُ‪ ،‬وََلوْ ُكْنتُ ِعنْ َدهُ َلغَسَ ْل ُ‬ ‫أَظُنّ أَّن ُه مِنْكُمْ‪َ ،‬فَلوْ َأنّي َأعَْلمُ أَنّي أَ ْخلُصُ ِإلَْيهِ لَتَ َ‬
‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ الّذِي َب َعثَ ِبهِ دِ ْحيَةُ ِإلَى عَظِي ِم ُبصْرَى‪ ،‬فَ َدَف َعهُ إِلَى‬ ‫ب رَسُولِ الّلهِ َ‬ ‫ثُ ّم َدعَا بِ ِكتَا ِ‬
‫ِهرَقْلَ‪َ ،‬ف َقرََأهُ‪ ،‬فَِإذَا فِيهِ‪ :‬بِسْ ِم الّلهِ الرّحْمَنِ الرّحِي ِم مِ ْن مُحَمّ ٍد عَبْ ِد الّل ِه َورَسُوِلهِ إِلَى ِهرَقْ َل عَظِيمِ الرّومِ‪.‬‬
‫سلَمْ ُي ْؤِتكَ الّلهُ أَ ْجرَ َك َمرّتَْينِ‪.‬‬ ‫َسلَامٌ َعلَى مَنْ اتّبَعَ اْلهُدَى‪َ .‬أمّا َبعْدُ فَإِنّي َأ ْدعُوكَ بِ ِدعَاَيةِ اْلإِسْلَامِ‪ ،‬أَ ْسلِمْ تَ ْ‬
‫سّييَ قُلْ يَا َأ ْهلَ الْ ِكتَابِ َتعَاَلوْاْ ِإلَى كَلَ َمةٍ َسوَاء َبيَْننَا وَبَْينَكُمْ أَلّ َن ْعبُدَ إِلّ‬ ‫فَإِ ْن َتوَلّْيتَ فَإِ ّن َعلَْيكَ إِثْ َم الَْأرِي ِ‬
‫شرِكَ ِبهِ َشيْئًا وَلَ َيتّخِذَ َب ْعضُنَا َبعْضا َأرْبَابًا مّن دُونِ الّلهِ فَإِن َتوَّلوْْا َفقُولُواْ ا ْشهَدُواْ بِأَنّا‬ ‫الّلهَ وَ َل نُ ْ‬
‫مُسْلِمُو َن [آل عمران‪.]64:‬‬
‫صوَاتُ‪،‬‬ ‫خبُ‪ ،‬وَارَْت َف َعتْ الَْأ ْ‬ ‫قَالَ َأبُو ُسفْيَانَ‪َ :‬فلَمّا قَالَ مَا قَالَ‪َ ،‬وَفرَغَ مِ ْن ِقرَا َءةِ الْكِتَابِ‪ ،‬كَُث َر عِنْ َد ُه الصّ َ‬
‫صفَرِ‪.‬‬ ‫وَأُ ْخرِجْنَا‪َ .‬فقُ ْلتُ لَِأصْحَابِي ِحيَ أُ ْخرِ ْجنَا‪َ :‬لقَدْ َأمِرَ َأ ْمرُ ابْنِ َأبِي كَْبشَةَ‪ ،‬إِّنهُ يَخَاُفهُ َمِلكُ بَنِى الَْأ ْ‬
‫ت مُوقِنًا َأّنهُ سَيَ ْظ َهرُ َحتّى َأدْخَلَ الّل ُه عَلَى الْإِ ْسلَامَ‪ .‬وَكَا َن ابْ ُن النّاظُورِ ‪-‬صَا ِحبُ إِيلِيَاءَ َو ِهرَقْلَ ‪-‬‬ ‫فَمَا زِْل ُ‬
‫ُس ُقفّا َعلَى َنصَارَى الشّ ْأمِ‪ ،‬يُحَ ّدثُ أَ ّن ِهرَقْلَ ِحيَ قَ ِدمَ إِيلِيَاءَ‪َ ،‬أصْبَ َح َي ْومًا َخبِيثَ الّن ْفسِ‪َ ،‬فقَالَ َب ْعضُ‬

‫‪415‬‬
‫بَطَا ِرقَِتهِ‪ :‬قَدْ ا ْستَنْ َك ْرنَا هَيَْئَتكَ‪ .‬قَالَ ابْنُ النّاطورِ‪ :‬وَكَا َن ِهرَقْ ُل َحزّاءً يَنْ ُظ ُر فِى النّجُومِ‪َ ،‬فقَا َل َلهُمْ ِحيَ‬
‫ختَانِ قَدْ َظ َهرَ‪ ،‬فَمَنْ َيخْتَِتنُ مِ ْن هَ ِذهِ الُْأمّةِ؟‬ ‫سَأَلُوهُ‪ِ :‬إنّى رَأَْيتُ اللّيَْلةَ ِحيَ نَ َظ ْرتُ فِى النّجُو ِم مَِلكَ الْ ِ‬
‫ختَتِنُ إِلّا اْلَيهُودُ‪ ،‬فَلَا ُيهِمّّنكَ شَ ْأُنهُمْ‪ ،‬وَا ْكُتبْ إِلَى مَدَائ ِن مُلْ ِككَ فََيقُْتلُوا مَنْ فِيهِ ْم مِنْ‬ ‫قَالُوا‪ :‬لَْيسَ يَ ْ‬
‫اْلَيهُودِ‪َ .‬فبَيَْنمَا هُ ْم عَلَى َأ ْم ِرهِمْ‪ُ ،‬أتِى ِهرَقْلُ ِبرَجُلٍ َأ ْرسَلَ ِب ِه مَِلكُ َغسّانَ‪ ،‬يُخِْب ُر عَنْ َخَبرِ َرسُولِ الّلهِ‬
‫ختَتِ ٌن ُهوَ َأمْ لَا؟ فَنَ َظرُوا إِلَْيهِ‪،‬‬
‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ .‬فَلَمّا ا ْستَخَْب َر ُه ِهرَقْلُ قَالَ‪ :‬ا ْذ َهبُوا فَانْ ُظرُوا َأمُ ْ‬
‫ك هَ ِذهِ الُْأمّ ِة قَدْ َظ َهرَ‪.‬‬ ‫ختَتِنٌ‪ ،‬وَسَأََل ُه عَنْ اْل َع َربِ َفقَالَ‪ :‬هُ ْم يَخَْتتِنُونَ‪َ .‬فقَا َل ِهرَقْلُ‪ :‬هَذَا مُ ْل ُ‬ ‫فَحَدّثُوهُ َأّنهُ مُ ْ‬
‫ثُمّ َكَتبَ ِهرَقْلُ ِإلَى صَا ِحبٍ َلهُ ِبرُومَِيةَ‪ ،‬وَكَا َن نَظِ َيهُ فِى اْلعِلْمِ‪ .‬وَسَا َر ِهرَقْلُ إِلَى حِمْصَ‪َ ،‬فلَمْ َي ِرمْ‬
‫ج النّبِي صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم وَأَّنهُ‬ ‫ب مِ ْن صَاحِِبهِ ُيوَافِ ُق رَأْى ِهرَ ْقلَ َعلَى ُخرُو ِ‬ ‫حِ ْمصَ حَتّى َأتَاهُ كِتَا ٌ‬
‫َنبِي‪ .‬فََأذِنَ ِهرَ ْقلُ ِلعُظَمَاءِ الرّومِ فِي دَسْ َك َرةٍ َلهُ بِحِمْصَ‪ ،‬ثُمّ َأ َمرَ بِأَْبوَاِبهَا َفغُّل َقتْ‪ ،‬ثُمّ اطّلَعَ َفقَالَ‪ :‬يَا‬
‫ت مُلْكُكُمْ َفتُبَاِيعُوا هَذَا النّبِي؟ فَحَاصُوا حَْيصَةَ‬ ‫ح وَالرّشْدِ‪ ،‬وَأَنْ َيثُْب َ‬ ‫شرَ الرّ ومِ‪َ ،‬هلْ لَكُمْ فِي اْلفَلَا ِ‬ ‫َمعْ َ‬
‫حُ ُمرِ اْلوَ ْحشِ إِلَى الَْأْبوَابِ َفوَجَدُوهَا قَ ْد غُّل َقتْ‪َ ،‬فلَمّا رَأَى ِهرَقْ ُل َن ْفرََتهُمْ وََأِيسَ مِنْ الِْإيَانِ قَالَ‪:‬‬
‫ُردّوهُمْ عَلَى‪ .‬وَقَالَ‪ِ :‬إنّي ُق ْلتُ َمقَالَتِي آِنفًا َأخَْتِبرُ ِبهَا شِدَّتكُ ْم عَلَى دِينِكُمْ‪َ ،‬فقَدْ رََأْيتُ‪َ .‬فسَجَدُوا َلهُ‬
‫َو َرضُوا َعْنهُ‪ ،‬فَكَا َن ذَِلكَ آ ِخرَ شَأْ ِن ِهرَقْلَ‪َ .‬روَاهُ صَاِلحُ بْنُ َكيْسَا َن وَيُوُنسُ َو َمعْ َمرٌ عَنْ ال ّز ْهرِي‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪.‬‬
‫وجاء من أقوال حكماء العال ف العصر الديث ما أفردت قليله فيما يلي وقد نقلته من جع الكتور‬
‫خالد الشايع ف ماضرة قيمة‪:‬‬
‫‪ -1‬يقول ( مهاتا غاندي ) ف حديث لريدة "ينج إنديا"‪" :‬أردت أن أعرف صفات الرجل الذي‬
‫يلك بدون نزاع قلوب مليي البشر‪ ..‬لقد أصبحت مقتنعا كل القتناع أن السيف ل يكن الوسيلة‬
‫الت من خللا اكتسب السلم مكانته‪ ،‬بل كان ذلك من خلل بساطة الرسول‪ ،‬مع دقته وصدقه ف‬
‫الوعود‪ ،‬وتفانيه وإخلصه لصدقائه وأتباعه‪ ،‬وشجاعته مع ثقته الطلقة ف ربه وف رسالته‪ .‬هذه‬
‫الصفات هي الت مهدت الطريق‪ ،‬وتطت الصاعب وليس السيف‪ .‬بعد انتهائي من قراءة الزء الثان‬
‫من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفا لعدم وجود الزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة"‪.‬‬
‫‪ -2‬يقول البوفيسور ( راما كريشنا راو ) ف كتابه (ممد النبّ) ‪" :‬ل يكن معرفة شخصية ممد‬
‫بكل جوانبها‪ .‬ولكن كل ما ف استطاعت أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جيلة‪.‬‬
‫فهناك ممد النبّ‪ ،‬وممد الحارب‪ ،‬وممد رجل العمال‪ ،‬وممد رجل السياسة‪ ،‬وممد الطيب‪،‬‬
‫وممد الصلح‪ ،‬وممد ملذ اليتامى‪ ،‬وحامي العبيد‪ ،‬وممد مرر النساء‪ ،‬وممد القاضي‪ ،‬كل هذه‬
‫الدوار الرائعة ف كل دروب الياة النسانية تؤهله لن يكون بطل "‪.‬‬
‫‪ -3‬يقول الستشرق الكندي الدكتور ( زوير ) ف كتابه (الشرق وعاداته) ‪ :‬إن ممدا كان ول‬
‫شك من أعظم القواد السلمي الدينيي‪ ،‬ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان مصلحا قديرا وبليغا‬

‫‪416‬‬
‫فصيحا وجريئا مغوارا‪ ،‬ومفكرا عظيما‪ ،‬ول يوز أن ننسب إليه ما يناف هذه الصفات‪ ،‬وهذا قرآنه‬
‫الذي جاء به وتاريه يشهدان بصحة هذا الدعاء"‪.‬‬
‫‪ -4‬يقول الستشرق اللان ( برتلي سانت هيلر ) ف كتابه (الشرقيون وعقائدهم) ‪" :‬كان ممد‬
‫رئيسا للدولة وساهرا على حياة الشعب وحريته‪ ،‬وكان يعاقب الشخاص الذين يترحون النايات‬
‫حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الماعات الوحشية الت كان يعيش النبّ بي ظهرانيها‪ ،‬فكان النب‬
‫داعيا إل ديانة الله الواحد‪ ،‬وكان ف دعوته هذه لطيفا ورحيما حت مع أعدائه‪ ،‬وإن ف شخصيته‬
‫صفتي ها من أج ّل الصفات الت تملها النفس البشرية‪ ،‬وها‪ :‬العدالة والرحة"‪.‬‬
‫‪ -5‬ويقول النليزي ( برناردشو ) ف كتابه (ممد)‪ ،‬والذي أحرقته السلطة البيطانية‪" :‬إن العال‬
‫أحوج ما يكون إل رجلٍ ف تفكي ممد‪ ،‬هذا النب الذي وضع دينه دائما موضع الحترام والجلل‬
‫‪ ،‬فإنه أقوى دين على هضم جيع الدنيات‪ ،‬خالدا خلود البد‪ ،‬وإن أرى كثيا من بن قومي قد‬
‫دخلوا هذا الدين على بينة‪ ،‬وسيجد هذا الدين ماله الفسيح ف هذه القارة (يعن أوروبا)‪.‬‬
‫إنّ رجال الدين ف القرون الوسطى‪ ،‬ونتيج ًة للجهل أو التعصّب‪ ،‬قد رسوا لدين مم ٍد صورةً قاتةً‪،‬‬
‫لقد كانوا يعتبونه عدوّا للمسيحية‪ ،‬لكنّن اطّلعت على أمر هذا الرجل‪ ،‬فوجدته أعجوبةً خارقةً‪،‬‬
‫وتوصلت إل أنّه ل يكن عدوّا للمسيحية‪ ،‬بل يب أ ْن يسمّى منقذ البشرية‪ ،‬وف رأيي أنّه لو تولّى‬
‫أمر العال اليوم‪ ،‬لوفّق ف حلّ مشكلتنا با يؤمن السلم والسعادة الت يرنو البشر إليها"‪.‬‬
‫‪ -6‬ويقول ( سنرست السوجي ) أستاذ اللغات السامية‪ ،‬ف كتابه (تاريخ حياة ممد)‪" :‬إننا ل‬
‫ننصف ممدا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحيد الزايا‪ ،‬فلقد خاض ممد معركة الياة‬
‫الصحيحة ف وجه الهل والمجية‪ ،‬مصرا على مبدئه‪ ،‬وما زال يارب الطغاة حت انتهى به الطاف‬
‫إل النصر البي‪ ،‬فأصبحت شريعته أكمل الشرائع‪ ،‬وهو فوق عظماء التاريخ"‪.‬‬
‫‪ -7‬ويقول الستشرق المريكي ( سنكس ) ف كتابه (ديانة العرب)‪" :‬ظهر ممد بعد السيح‬
‫بمسمائة وسبعي سنة‪ ،‬وكانت وظيفته ترقية عقول البشر‪ ،‬بإشرابا الصول الولية للخلق‬
‫الفاضلة‪ ،‬وبإرجاعها إل العتقاد بإله واحد‪ ،‬وبياة بعد هذه الياة"‪.‬‬
‫‪ -8‬ويقول (مايكل هارت) ف كتابه (مائة رجل ف التاريخ)‪" :‬إن اختياري ممدا‪ ،‬ليكون الول ف‬
‫أهم وأعظم رجال التاريخ‪ ،‬قد يدهش القراء‪ ،‬ولكنه الرجل الوحيد ف التاريخ كله الذي نح أعلى‬
‫ناح على الستويي‪ :‬الدين والدنيوي‪.‬‬
‫منقول من موقع طريق السلم‬
‫=======================‬
‫إهانة نب السلم تدد السؤال من يكره من؟‬

‫‪417‬‬
‫فهمي هويدي‬
‫إن السؤال الذي يطرح نفسه ف هذا السياق هو‪ :‬لاذا ل تعلن حكومات الدول السلمية استهجانا‬
‫واستنكارها لوقف حكومة الدنارك بشكل صريح وحازم‪ ،‬أسوة بوقف منظمة الؤتر السلمي الت‬
‫دعت إل مقاطعة الؤتر الدناركي عن الشرق الوسط‪ ،‬ذلك أن مثل ذلك الطعن الارح إذا وجه‬
‫إل أي رئيس دولة ف منطقتنا لقامت الدنيا ول تقعد‪.‬‬
‫صدمة الرسوم الدناركية الفاحشة الت أهانت نب السلم وسخرت منه وحطت من شأن كل ما‬
‫يثله‪ ،‬ينبغي أل تر من دون أن نتوقف عند وقائعها ونستخلص دروسها‪ ،‬لنا تشكل نوذجا للكيفية‬
‫الت تتعامل با بعض الكومات والنخب ف الغرب مع السلم‪ ،‬وللكيفية الت ترد با الطراف‬
‫السلمية على الهانات الت توجه إل عقيدتم ونبيهم‪.‬‬
‫خلصة الوقائع على النحو التال‪ :‬ف الثلثي من شهر سبتمب (أيلول) الاضي نشرت صحيفة‬
‫«يولندز بوسطن»‪ ،‬وهي من أوسع الصحف اليومية انتشارا ف الدنارك‪ 12 ،‬رسا كاريكاتوريا‬
‫للنب ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬أقل ما توصف با أنا بذيئة ومنحطة إل أبعد الدود‪ ،‬ومع الرسوم‬
‫نشرت الصحيفة تعليقا لرئيس تريرها عب فيه عن دهشته واستنكاره إزاء القداسة الت ييط با‬
‫السلمون نبيهم‪ ،‬المر الذي اعتبه ضربا من «الراء الكامن وراء جنون العظمة»‪ ،‬ودعا الرجل ف‬
‫تعليقه إل مارسة الرأة ف كسر ذلك «التابو»‪ ،‬عن طريق فضح ما اساه «التاريخ الظلم» لنب‬
‫السلم‪ ،‬وتقديه إل الرأي العام ف صورته القيقية (الت عبت عنها الرسوم النشورة)‪.‬‬
‫كان لنشر الصور الكاريكاتورية وقع الصاعقة على السلمي الذين يعيشون ف الدنارك (‪ 180‬ألف‬
‫نسمة‪ ،‬يثلون حوال ‪ %3‬من السكان البالغ عددهم ‪ 5.4‬مليون شخص)‪ ،‬كما كان له نفس‬
‫الصدى ف أوساط مثلي الدول السلمية ف كوبنهاجن‪ ،‬فعقد ‪ 11‬دبلوماسيا منهم اجتماعا بثوا‬
‫فيه المر‪ ،‬وقرروا مطالبة الصحيفة بالعتذار للمسلمي عن إهانة نبيهم‪ ،‬ولكن رئيس تريرها رفض‬
‫العتذار‪ ،‬فطلبوا مقابلة رئيس الوزراء الدناركي لبلغه باحتجاجهم على نشر الصور‪ ،‬فرفض‬
‫مقابلتهم بدوره‪ ،‬وأبلغهم من مكتبه بأن المر يتعلق برية التعبي الت ل تتدخل فيها الكومة‪ ،‬وقيل‬
‫لم إن بوسعهم اللجوء إل القضاء إذا أرادوا‪.‬‬
‫حي علم بالمر المي العام لنظمة الؤتر السلمي الدكتور اكمل الدين احسان أوغلو‪ ،‬فإنه وجه‬
‫خطابات إل رئيس وزراء الدنارك والسئولي ف التاد الوروب ومنظمة المن والتعاون الوروب‬
‫دعاهم فيها إل التدخل لوقف حلة الكراهية ضد السلمي‪ ،‬واتاذ موقف حازم إزاء الهانات الت‬
‫توجه ضد نبيهم‪ ،‬وكان مور الردود الت تلقاها ـ خصوصا من رئيس الوزراء الدناركي ـ أن‬
‫قضية حرية التعبي تثل ركنا أساسيا ف الديقراطية الدناركية‪ ،‬المر الذي اعتب رفضا لتاذ موقف‬
‫إزاء الملة‪ ،‬ف الوقت ذاته ترك سفراء الدول السلمية ف جنيف‪ ،‬وقدموا شكوى إل مفوضية‬

‫‪418‬‬
‫حقوق النسان ف العاصمة السويسرية‪ ،‬اعتبوا فيها موقف الصحيفة الدناركية مرضا على العنصرية‬
‫والكراهية للمسلمي‪ ،‬فقررت الفوضية تري المر وإعداد تقارير عن الوضوع يفترض أن ينتهي‬
‫إعدادها يوم ‪ 24‬من الشهر الال‪.‬‬
‫أدرجت السألة ضمن جدول أعمال القمة السلمية الت عقدت ف مكة ف السابع من شهر ديسمب‬
‫(كانون الول) الاضي‪ ،‬وبناء على ذلك عبت إحدى توصيات الؤتر عن القلق إزاء الملت‬
‫العلمية السيئة إل السلم ونب السلمي‪ ،‬وأشارت إل مسؤولية جيع الكومات عن ضمان‬
‫احترام الديانات الختلفة‪ ،‬وعدم جواز التذرع برية التعبي للساءة إل الديان والقدسات‪.‬‬
‫بعد ثلثة أشهر من التجاهل والصمت‪ ،‬وف أعقاب التفجيات الت حدثت ف لندن‪ ،‬علق على قضية‬
‫الرسوم الكاريكاتورية الفوض العدل بالتاد الوروب فرانكو فراتين‪ ،‬قائلً إن نشرها ل يكن تصرفا‬
‫حكيما‪ ،‬باعتبار أنه من شأن ذلك أن يشيع الكراهية ويشجع على التطرف ف أوروبا‪.‬‬
‫بينما الرسائل يتم تبادلا بي الطراف الختلفة‪ ،‬انتقد ‪ 22‬سفيا دناركيا‪ ،‬أغلبهم عملوا ف البلد‬
‫العربية موقف حكومة بلدهم من السألة‪ ،‬وقام وفد من مسلمي الدنارك يثلون ‪ 21‬مركزا إسلميا‬
‫ومنظمة بزيارة إل القاهرة‪ ،‬التقوا خللا شيخ الزهر والمي العام لامعة الدول العربية‪ ،‬وانتقد‬
‫وزراء خارجية الدول العربية سلبية الكومة الدناركية إزاء الهانة الت لقت بنب السلم‪ ،‬ووجد‬
‫المي العام لنظمة الؤتر السلمي أنه ل مفر من اتاذ موقف عملي يوصل رسالة الحتجاج‬
‫والغضب إل حكومة الدنارك‪ ،‬الت تعاملت مع الدث بقدر لفت للنظر من عدم الكتراث‬
‫واللمبالة‪ ،‬ولذلك قرر إعلن مقاطعة النظمة لشروع دناركي‪ ،‬يتمثل ف إقامة معرض كبي تت‬
‫عنوان «انطباعات عن الشرق الوسط» تغطي حكومة كوبنهاجن جزءا من تكاليفه‪ ،‬ويفترض أن‬
‫تسهم الدول العربية (الليجية) ف تغطية بقية النفقات‪ ،‬وبعث الدكتور اكمل الدين أوغلو رسالة بذا‬
‫العن إل الهة العنية ف كوبنهاجن‪ ،‬أبلغها فيها بأن منظمة الؤتر السلمي طلبت من كل العضاء‬
‫مقاطعة الشروع‪ ،‬احتجاجا على موقف بلدهم الرسي من إهانة نب السلم‪.‬‬
‫أخيا‪ ،‬ف أعقاب كل تلك التطورات‪ ،‬تطرق رئيس وزراء الدنارك إل الوضوع ف بيان رأس السنة‬
‫اليلدية‪ ،‬الذي بثه التلفزيون قال فيه إن حكومته تدين أي تعبي أو تصرف يسيء إل مشاعر أية‬
‫جاعة من الناس‪ ،‬استنادا إل خلفياتم الدينية أو العرقية‪ ،‬وبذه الشارة الخففة‪ ،‬تصور الرسيون ف‬
‫كوبنهاجن أنه تت تسوية المر‪ ،‬ف الوقت الذي بدا فيه لكل ذي حس سليم أن الرح أكب وأعمق‬
‫بكثي من أن يداوى بكلمات عامة وخجولة من ذلك القبيل‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬كانت بعض النظمات السلمية ف الدنارك قد رفعت قضية ضد الصحيفة الت‬
‫تبنت الساءة البذيئة للنب ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولكن الدعي العام رفض القضية معتبا أن نشر‬
‫الرسوم الكاريكاتورية ت ف إطار حرية التعبي الت يميها القانون‪ ،‬وف حي اختص رئيس ترير‬

‫‪419‬‬
‫صحيفة «يولندز بوسطن» بالقرار‪ ،‬فإن صدوره شجع صحيفة مسيحية مافظة أخرى ف الترويج‬
‫«مازينت» على إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الثن عشر‪ ،‬ومن ث الترويج لملة السخرية‬
‫البذيئة من نب السلمي ودينهم‪.‬‬
‫ول يزال اللف مفتوحا‪ ،‬حيث قدم مسلمو الدنارك طعنا ف قرار الدعي العام‪ ،‬وثة مشاورات حول‬
‫الوضوع ما زالت جارية بي مثلي الدول السلمية ف جنيف ولدى منظمة اليونيسكو‪ ،‬وليس‬
‫معروفا بعد كيف سيكون موقف مثلي تلك الدول من السألة‪.‬‬
‫إن ما يثي دهشتنا واستياءنا ليس فقط أن يتطاول شخص أو منب إعلمي على نب السلم ومقدسات‬
‫السلمي‪ ،‬فالتعصبون والوتورون والاقدون والغرضون‪ ،‬موجودون ف كل متمع‪ ،‬وهم كثر ف‬
‫الغرب‪ ،‬خصوصا إذا ما تعلق المر بالشأن السلمي‪ ،‬ومن أسف أن أصوات هؤلء طغت على‬
‫أصوات العقلء والنصفي من مثقفي الغرب‪ ،‬لكن ما يثي الدهشة والستياء أيضا وبدرجة أكب هو‬
‫مسلك الكومة والقضاء ف الدنارك‪ ،‬حيث يفترض أن تتنه مواقفهما عن الوى والغرض‪ ،‬وأن‬
‫يكون تعبيها أكثر التزاما بعايي النصاف وبقتضيات الصلحة العامة‪.‬‬
‫فليس صحيحا أن السخرية والطعن ف نب السلم ورموز السلمي يعد من قبيل مارسة حرية التعبي‪،‬‬
‫لن الذي تعلمناه ف دراسة القانون أنه ل توجد حرية مطلقة إل فيما يص حرية العتقاد والتفكي‪،‬‬
‫أما التعبي فهو سلوك اجتماعي يرد عليه التنظيم ف أي متمع متحضر‪ ،‬وعند فقهاء القانون ف النظام‬
‫النليسكسون وف النظم اللتينية‪ ،‬فضلً عن الشريعة السلمية‪ ،‬فإن حرية التعبي يسبغ عليها‬
‫القانون حايته طالا ظلت تدم أية قضية اجتماعية‪ ،‬ول تشكل عدوانا على الخرين‪ ،‬وللمحكمة‬
‫الدستورية العليا ف الوليات التحدة أحكام متواترة بذا العن‪ ،‬والعبارة التكررة ف تلك الحكام‬
‫تنص على أن حاية حرية التعبي تظل مكفولة طالا تضمنت حدا أدن من الردود الجتماعي النافع‪،‬‬
‫ونصها بالنليزية كما يلي‪:‬‬
‫‪ A minimum of social‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ d‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ aming valu‬صلى ال عليه وسلم‬
‫إن كل القواني ترم سب الشخاص والقذف ف حقهم‪ ،‬حيث ل يكن أن يعد ذلك نوعا من حرية‬
‫التعبي‪ ،‬لن السب ف هذه الالة يعد عدوانا على شخص آخر‪ ،‬ومن ث فأول بالتجري سب نب‬
‫السلم الذي يؤمن بنبوته ورسالته ربع سكان الكرة الرضية‪ ،‬وحي حدثت ف المر الدكتور أحد‬
‫كمال أبو الجد وهو خبي قانون دول‪ ،‬أيد ما ذكرت وأضاف أنه حت إذا سلمنا بأنه ل توجد‬
‫نصوص ف التشريعات الدناركية تعاقب على سلوك الصحيفة الشي‪ ،‬فإن هناك التزاما أخلقيا‬
‫وسياسيا يفرض على السئولي ف الدولة إدانة ذلك السلك‪ ،‬انطلقا من الرص على حاية العتقدات‬
‫الدينية ودفاعا عن فكرة التعددية الثقافية‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫إضافة الدكتور أبو الجد بأن عدم اتاذ موقف صريح وحازم من جانب حكومة الدنارك إزاء الطعن‬
‫ف نب السلم يفتح الباب لشرور كثية‪ ،‬من بينها فتح البواب واسعة لشعال حروب ثقافية ل‬
‫مصلحة لحد فيها‪ ،‬المر الذي يهيئ الناخ لحلل القطيعة بي الشعوب والثقافات مل التواصل‪،‬‬
‫والصراع مل التعاون‪ ،‬وليس معقولً أن يكون ذلك ما تسعى إليه حكومة الدنارك‪.‬‬
‫إن السؤال الذي يطرح نفسه ف هذا السياق هو‪ :‬لاذا ل تعلن حكومات الدول السلمية استهجانا‬
‫واستنكارها لوقف حكومة الدنارك بشكل صريح وحازم‪ ،‬أسوة بوقف منظمة الؤتر السلمي الت‬
‫دعت إل مقاطعة الؤتر الدناركي عن الشرق الوسط‪ ،‬ذلك أن مثل ذلك الطعن الارح إذا وجه‬
‫إل أي رئيس دولة ف منطقتنا لقامت الدنيا ول تقعد‪ ،‬ولسحب السفي وتددت العلقات‬
‫الدبلوماسية فضلً عن الصال القتصادية للقطيعة‪ ،‬فهل نستكثر على نب السلم عليه الصلة والسلم‬
‫أن نغضب لشخصه ولكرامته با هو دون ذلك بكثي؟ وأل يشى إذا استمر الصمت الرسي ف‬
‫العالي العرب والسلمي‪ ،‬أن يرج علينا من يطرح العنف بديلً عن العالة الدبلوماسية الرصينة‪،‬‬
‫فيفت مثل بإهدار دماء مرر الصحيفة الدناركية ورساميها‪ ،‬وتكون هذه شرارة فتنة جديدة ل يعلم‬
‫إل ال مداها؟‬
‫أخيا فإن الواقعة تدد سؤالً آخر طالا طرحناه حينما كان يفتح باب الديث عن عداء السلمي‬
‫الزعوم للغرب‪ ،‬هو‪ :‬من حقا يكره من؟‬
‫===========================‬
‫================‬
‫ائذن ل يا رسول ال‬

‫الشيخ ممد حسي يعقوب‬


‫قال ال عز وجل وعل سبحانه‬
‫صوَامِ ُع وَبِيَ ٌع َوصََلوَاتٌ َومَسَا ِجدُ يُذْ َكرُ فِيهَا اسْ ُم الّلهِ‬
‫ت َ‬‫ضهُم بَِب ْعضٍ ّلهُ ّدمَ ْ‬
‫س َبعْ َ‬
‫( َوَلوْل دَفْ ُع الّلهِ النّا َ‬
‫ص ُرهُ إِ ّن الّلهَ َل َق ِويّ َعزِيزٌ)(‪)40‬الج‬ ‫صرَنّ الّل ُه مَن يَن ُ‬
‫كَثِيا وَلَيَن ُ‬
‫عذرًا ومعذرة يا رسول ال‬
‫اللهم إننا نبأ إليك ما فعل أولئك الكفار‪...‬‬
‫ونعتذر إليك من تقصينا وتقصي أهل ملتنا ف نصرة نبيك صلى ال عليه وسلم‬
‫اللهم اغفر لنا وارحنا و ل تؤاخذنا با فعل السفهاء منا أنت ولينا‪ ..‬وأنت خي الراحي‬
‫لاذا يشتمون رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟!‬

‫‪421‬‬
‫إنه السؤال الذي لبد أن نيب عنه بوضوح وصراحة وترد لكي نعرف كيف نرد على هذه‬
‫الشتائم‪ ..‬وما هو رد الفعل الطلوب‪..‬‬
‫إن السبب القيقي الواقعي لفعل هؤلء الكفار إنم ل يعرفون رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫وبذلك ترجع السألة إل تقصينا ف حق رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫إنم ل يعرفونه‪..‬‬
‫إننا ل نستطع أن نوصل دعوتنا إليهم‪..‬‬
‫إننا ل ندثهم عن ديننا وعن نبينا صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫إنم سعوا عنا ول يسمعوا منا‪..‬‬
‫ولذلك ترءوا وأساءوا بل وكفروا‪..‬‬
‫ولو عرفوا رسول ال صلى ال عليه وسلم لمنوا به أو على القل عظموه ووقروه وأحبوه كما فعل‬
‫من عرفه منهم‪.‬‬
‫ولعل السبب الخر أنم أيضا ل يعرفون قدر رسول ال صلى ال عليه وسلم ف نفوس السلمي‪ ،‬ول‬
‫يتوقعوا أن يدث رد فعل كهذا من كل السلمي بل استثناء‪ ،‬لنم يرون تنكر العلمانيي من‬
‫السلمي والستغربي منهم للدين جلة‪ ،‬فظنوا أن هذا هو الوقف من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أيضا ولو عرفوا قدر تعظيم رسول ال صلى ال عليه وسلم ف نفوس السلمي جيعا برهم وفاجرهم‬
‫لخافهم مرد عدد هؤلء ولنزجروا عن مرد التفكي ف الساءة إل شخص رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‬
‫إذًا يعود السبب إل أمرين ل ثالث لما‪:‬‬
‫‪ .1‬ما نن فيه من التقصي ف حق ديننا والدعوة إليه‬
‫‪ .2‬ما نن فيه من مهانة وتاذل وإنكباب على الدنيا‬
‫هذان المران صورا للكفار أن ديننا ل قيمة له وأن أمتنا ل قيمة لا فتجرءوا و إذا عرف السبب بطل‬
‫العجب‪..‬‬
‫ويبقى السؤال الخر‪ ..‬ما الل؟‪ ...‬ما العلج؟‪ ...‬وما الخرج؟‪ ...‬وما هو التصرف اللئق؟‪ ...‬وما‬
‫هو رد الفعل الناسب بعد ما رأينا وسعنا عن مظاهرات واحتجاجات ولغو ف الطالبة بالعتذار‬
‫وبرفض هؤلء الجرمي مرد العتذار‬
‫أيها الخوة أنا أحبكم ف ال‬
‫ما هو دورنا الن؟‪ ..‬وما هي مطالبنا؟ وماذا نفعل؟‬
‫ودعون ف البداية أضرب لكم مثال يوضح حال السلمي‬
‫ما مثلنا ومثل قومنا إل كمثل‪:‬‬

‫‪422‬‬
‫رجل فت قوي‪ ..‬سقط ف حادث‪ ..‬فإذا بالناس بغوغائية وفوضوية يلتفون حوله‪:‬‬
‫هذا يصرخ‪ :‬اسقوه ماءًا اسقوه ماءًا‪..‬‬
‫وهذا يرك رأسه بعنف‪ :‬ما اسك؟ ما عنوانك؟‪..‬‬
‫وهذا يئس من ناته فجعل يلقنه‪ :‬قل ل إله ال ال ّ قل ل إله إل ال!‪..‬‬
‫وهؤلء التفرجون بالعشرات يشرون رؤسهم يكتمون أنفاسه لئل يفوتم مشهد خروج روحه!!‬
‫بال هل تظن أن ينجو هذا الصاب‪..‬؟! ماذا لو استدعوا له طبيبًا حاذقًا بالت الطواريء‬
‫هذا مثل أمتنا‪ " ..‬والطبيب ال "‬
‫( ليس باللخبطة ننصر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ..‬وإنا هو منهج كيف ننصر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪..‬فليكن شعارنا بـ "ائذن ل يا رسول ال صلى ال عليه وسلم)‬
‫أصيبت المة بالهانة؟؟ فإذا بغبار العلم يشوش على القضية‪ ..‬ويصرف غضب المة ف مصارف‬
‫التيه‪:‬‬
‫لعب كرة كتب على فانلة اللعب( فداك روحي يا رسول ال)صلى ال عليه وسلم‬
‫مظاهرات!! اختلطّ!! ارتفعت أصوات النساء اللئي يغرن على جناب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم !!‬
‫ولعلهم ألفوا الغنيات للغانيات( فداك روحي يا رسول ال)‬
‫هل هذا هو النتصار لرسول ال صلى ال عليه وسلم من أعدائه؟!‪...‬‬
‫ل إخوت ف ال وأنا أحبكم ف ال‪..‬‬
‫وإنا الواجب إذًا أن ننظر إل هذا الغضب نظرة عقدية كيف أفاقت المة عليه ف هذه الساعة‪،‬‬
‫فنستغل ساعات الفاقة لعلج جسد المة النهك بالمراض‬
‫هذه المة اليوم تفيء إل ربا‪ ،‬وتعود من بعد طول غياب ف ظلمات الاهلية وشرورها‪،‬‬
‫‪ .1‬فلبد ابتداء وبسرعة وأثناء هذا الغليان ف قلوب السلمي من تعريف العال أجع برسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بميع الطرق والوسائل التاحة من كتب وأشرطة واسطوانات وإذاعة وتلفزيون‬
‫وجرائد وملت ونت وعلى جيع الستويات‪ ،‬ويشارك فيه كل مسلم بكل ما يستطيع ويكون هذا‬
‫هو التطبيق العملي لعن‪ :‬فداك روحي يا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .2‬إقامة سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الياة‪ :‬لبد أن يعيش رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم واقعًا حيًا ف ضمائرنا وف حياتنا وف واقعنا‪ ..‬لبد أن يكثر الديث عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ف بيوتنا وف أعمالنا وبي أكابرنا وأصاغرنا‪ ،‬ول يتفي ذكره أبدا من أي ملس من‬
‫مالسنا قال رسول ال صلى ال عليه وسلم( ما جلس قوم ملسا ل يذكرون ال فيه ول يصلون على‬
‫نبيهم إل كان عليهم ترة يوم القيامة)‬

‫‪423‬‬
‫‪ .3‬الطالبة واللاح بالطالبة والصرار على الطالبة بإصدار قانون عالي من المم التحدة بتحري‬
‫الساس بدين السلم سواء الساس بشعائر السلم أو نب السلم أو أي شيء من مقدسات السلم‬
‫ولبد من الصول على هذا القانون‬
‫‪ .4‬وهذا هو الهم أن نعيد النظر مليا ف حال المة وهذه فرصتنا لتعديل السار و إصلح التاه‪.‬‬
‫لبد من استغلل فرصة هذه الصحوة الفاجئة لتوجيه النهج‪..‬‬
‫تعالوا نلقي نظرة سريعة على المة ونذكر العلج على الدى الطويل‪..‬منهجا يب أن يتبناه كل‬
‫مسلم يبدأ به ف نفسه من حيث كونه مسلما؟؟ ث يبينه ويعلمه ويعي عليه غيه ليكون هذا النهج‬
‫حيا ف مدارك المة واقعا معاشًا كي يعيد لمة ريادتا وعزها ومدها طلبا لرضا ربنا سبحانه وتعال‬
‫تعود المة اليوم مرة أخرى لتستروح نسمات اليان‪ ،‬وقد آن لا أن تقف مرة أخرى بعد عشرات‬
‫من السني على طريق الصالة والتوحيد‪.‬‬
‫بدأت المة ينبض قلبها بدم جديد‪ ،‬فبدأت تعود إليها حياتا متجددة‪ ،‬بعد أن ظن أعداؤها أنم قد‬
‫قضوا عليها بالسم الزعاف‪ ،‬وما دروا أنم قد قتلوا الياة واغتالوا الوجود يوم أن أوقفوا ريادتا‬
‫وأنكوا حياتا‪.‬‬
‫وهاهم أعداء المة اليوم يصرخون فقط لجرد القاطعة‪ ..‬فمن ينجيهم من عذاب أليم هنالك إن‬
‫قامت للسلم أمة؟!!‬
‫بدأت المة تعود إل ذاتا الت ضيعتها‪ ،‬وإل رسالتها الت هانت عليها‪،‬‬
‫ها هي أمة تعود إل روحها‪ ..‬إل قرآنا‪ ..‬إل سنة نبيها‪ ..‬إل شريعتها‪ ..‬إل دستور حياتا‪.‬‬
‫ولكن طريق العودة أيها الحبة طويل طويل‪..‬ولبد أن تفهم المة كل المة أن الطريق طويل‪ ،‬وأنا‬
‫ليست صحوة مؤقتة مفاجئة‪ ..‬ث تعود إل نومها الذي هو موتا وإنا هي صحوة الياة لكي تقود‬
‫هذه المة الياة ولكن السبيل إل إصلح ما فسد طريق طويل‬
‫طويل أولً ف وقته وزمنه‪ ،‬فهو طريق التأسيس النهجي وليس الصلح والترقيع العفوي {َأفَمَنْ‬
‫ضوَانٍ َخْيرٌ أَم مّنْ أَ ّسسَ بُْنيَاَن ُه عَلَى َشفَا ُجرُفٍ هَا ٍر فَاْنهَارَ ِبهِ فِي‬
‫أَ ّسسَ بُْنيَاَن ُه عَلَى َت ْقوَى مِنَ الّلهِ َو ِر ْ‬
‫نَارِ َج َهنّمَ‪.}..‬‬
‫وطويل ثانيًا ف تضحياته ومشقاته‪ ،‬فلن يترك الباطل الق ف يسر وسهولة‪ ،‬ولن يرفع أعداء ال‬
‫راياتم البيضاء إل بعد معارك طوال‪ (.‬وَلَ َيزَالُونَ ُيقَاتِلُوَنكُمْ حَتّى َي ُردّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِ ِن اسْتَطَاعُوا)‬
‫لكن أبشرك ليطمئن قلبك‬
‫ت رِسَاَلَتهُ والّلهُ َي ْعصِ ُمكَ‬
‫يقول ربنا‪ {:‬يَا أَّيهَا الرّسُولُ َبلّ ْغ مَا أُنزِلَ إَلْيكَ مِن رّّبكَ وإن لّمْ َت ْفعَلْ فَمَا بَّل ْغ َ‬
‫مِنَ النّاسِ‪ ،}..‬فهنا أمران من عداد التضحيات والشقات‪:‬‬

‫‪424‬‬
‫الول‪ :‬أنه ينبغي على رجال المة أن يملوا المانة كما أبلغهم ال إياها‪ ،‬ويبلغوها العباد كما أراد‬
‫ال ل كما توى النفس وتزينه الشياطي‪ ،‬وهذه تضحية ومشقة أول‪.‬‬
‫الثان‪ :‬يفهم من قوله تعال {والّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ} [الائدة‪ ]8:‬أن البلء واقع بجرد إبلغ الق‬
‫إل اللق‪ ،‬وهذه تضحية ومشقة ثانية‪ ،‬يقول ربنا‪{ :‬لَتُْبَلوُنّ فِي َأ ْموَاِلكُمْ وأَنفُسِكُمْ وَلتَسْ َمعُ ّن مِنَ الَذِينَ‬
‫أُوتُوا ال ِكتَابَ مِن قَبِْلكُ ْم ومِنَ الَذِينَ أَ ْشرَكُوا َأذًى َكثِيا‪}..‬‬
‫وعلى هذا الطريق ‪ -‬طريق العودة ‪ -‬لبد أن يقف رجال يملون عقيدة الئمة وسلف المة‪:‬‬
‫‪ .1‬وعلى هذه العقيدة يأتلفون ويتمعون‪ ،‬ومن دونا يفارقون‪،‬‬
‫‪ .2‬يتربون على عظائم المور ومكارم الخلق‪،‬‬
‫‪ .3‬صفوفهم منتظمة‪ ،‬حريصون على الوحدة والئتلف وليس الفرقة واللف‬
‫‪ .4‬همهم عالية‪،‬‬
‫‪ .5‬صُبّر على الحن‪ ،‬وبعداء عن الفت‪،‬‬
‫‪ .6‬عقولم متزنة‪،‬‬
‫‪ .7‬جنوبم لينة‪،‬‬
‫‪ .8‬أخطاؤهم معدودة‪،‬‬
‫‪ .9‬إذا ذكر ال وجلت قلوبم‪ ،‬وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا وعلى ربم يتوكلون‪،‬‬
‫‪ .10‬دامعة أعينهم‪ ،‬حزينة قلوبم‪ ،‬يبكون يوما قصيًرا لغد طويل‪،‬‬
‫‪ .11‬ل يزنون على ما فاتم من الدنيا‪ ،‬ول يفرحون با أتاهم منها‪{ ،‬الّذِينَ ُيقِيمُونَ الصّل َة ومِمّا‬
‫َرزَقْنَاهُ ْم يُن ِفقُونَ}‬
‫‪ .12‬أنفاسهم طويلة مثل طول طريقهم‪..‬‬
‫‪ .13‬وآراءهم حكيمة على مثل ما يواجهون‪..‬‬
‫‪ .14‬واعون لواقعهم الذي ييونه فهم له مستبينون ل يدعهم معسول قول جاهلية عصرهم عن‬
‫حقيقة كيدها وعنادها وتنكرها لطريق ال‪ ،‬واجتيالا للعباد ‪ -‬كل العباد ‪ -‬عن مصدر عزهم‬
‫وسعادتم أل وهو دينهم الق‪ ،‬فماذا بعد الق إل الضلل؟!!‬
‫ج ِر ِميَ} وهؤلء هم الرجال‬ ‫ستَِبيَ سَبِيلُ الُ ْ‬ ‫فهم متثلون قوله تعال‪{ :‬وكَذَِلكَ ُن َفصّلُ اليَاتِ ولِتَ ْ‬
‫النتظرون‪.‬‬
‫هم الصف الول‪ ،‬هم النخبة الوجهة‪ ،‬هم الصفوة النتقاة‪ ،‬هم حراس المة وقادتا وعقولا‪.‬‬
‫· رجال هم عي المة وضميها‪،‬‬
‫· رجال يذودون عن المة‪ ،‬ويدافعون عنها‪ ،‬ويدفعون العداء‪،‬‬
‫· رجال يوجهون المة‪ ،‬وبم تسترشد المة طريقها‪،‬‬

‫‪425‬‬
‫· رجال تلوذ بم المة ‪ -‬بعد ال ‪ -‬ف مدلمات المور وجسام الواجهات‪،‬‬
‫· رجال تناط بم أمانة حل هذا الدين العظيم‪ ،‬وإبلغه للناس والتمكي به ف الرض {وعَ َد الّلهُ‬
‫خلَفَ الَذِي َن مِن قَْبِلهِمْ‬ ‫خِلفَّنهُمْ فِي ا َل ْرضِ كَمَا ا ْستَ ْ‬‫اَلذِي َن آمَنُوا مِنكُ ْم وعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ لََيسْتَ ْ‬
‫شرِكُونَ بِي‬ ‫ولَيُمَكّنَنّ َلهُ ْم دِيَنهُمُ الَذِي ارَْتضَى َلهُمْ وَليُبَدَّلّنهُم مّنْ َبعْدِ َخوِْفهِمْ َأمْنا َيعْبُدُونَنِي ل يُ ْ‬
‫شَيْئا}‪،‬‬
‫· رجال تتاجهم المة ف كل ظروف تاريها الطويل‪ ،‬وحاجتها إليهم اليوم أشد‪ ،‬إنم رجال‬
‫الواقف‪...‬‬
‫غي أن النهجية الصولية الت تلتزم با هذه المة ورجالا تقتضي أن نعرض صفحة من علمها الدون‬
‫يقتضيه السياق‪:‬‬
‫أول‪ :‬قوله تعال‪{ :‬يَا َأّيهَا الَذِي َن آمَنُوا أَطِيعُوا الّلهَ وأَطِيعُوا الرّسُولَ وُأوْلِي ا َلمْ ِر مِنكُ ْم فَإن تَنَا َزعْتُمْ فِي‬
‫شَ ْيءٍ َف ُردّوهُ إلَى الّلهِ والرّسُولِ‪ }...‬اتفق أهل السنة على أن العلماء من أول المر وطاعتهم معطوفة‬
‫على طاعة ال ورسوله‪ ،‬وبداهة فإن هؤلء العلماء ف زماننا هم الذين يطيعون ال ورسوله‪ ،‬ويتقون‬
‫جوِز أهل‬ ‫ال مع قيامهم بالق ل يشون ف ال لومة لئم‪ ،‬ول يشترون بآيات ال ثنًا قليلً‪ ،‬ولذا ل يُ َ‬
‫السنة لعلمائهم أن يغيوا دين ال فيأمرون با شاؤا وينهون عما شاؤا‪.‬‬
‫ما تقدم وجب على المة طاعة علمائها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إننا نيا عصر التخصص العلمي الدقيق‪ ،‬ولذا كان علينا أن نصبغ الركة السلمية بصبغة‬
‫التخصصية‪،‬‬
‫· فهذا يتخصص بتاريخ المة السلمية على مر القرون يعلم حركته‪ ،‬ويدرك تطوراته ومراحله‪،‬‬
‫ويفهم مده وجزره‪ ،‬لكي ينقل لنا بفهم واع و فكر ثاقب ما هي عوامل التمكي والنهوض وصناعة‬
‫المم وإحياء القيم على مدى العصور‪ ..‬وأيضا ما هي أسباب العثرات والنتكاسات والنعطافات‬
‫الطية ف حياة المم أيضا فإن التاريخ يعيد نفسه ولبد من أخذ العظة والعبة من سبقونا‬
‫· وآخر يتخصص بعلم الرجال الذين تصدوا القيادة والتوجيه والتأثي ف هذه المة ف القرون الخية‬
‫‪ -‬مثلً ‪ -‬فيعلم نشأتم وتربيتهم ومنطلقاتم وأفكارهم ومططاتم وأهدافهم الت سعوا لتحقيقها‬
‫ولتنفيذها ف هذه المة‪ ،‬فيفيدنا كيف نصنع رجال أمثال هؤلء الكابر تتاجهم المة ويعود بم‬
‫مدها وريادتا‬
‫· وثالث يتخصص بعلم التفسي الشرعي يفهم أصوله ويعلم مدلولت النصوص ومراميها وأسباب‬
‫نزولا والحكم منها والتشابه والاص والعام والطلق والقيد إل آخر ذلك‪ ..‬فيفيدنا هذا أيضا كيف‬
‫كانت حياة المة الول بالقرآن‬
‫قال تعال( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفل تعقلون)‬

‫‪426‬‬
‫لبَالُ َأوْ قُ ّط َعتْ‬
‫يفيدنا هذا كيف نرك البال الت تعوق نضة المة اليوم‪(..‬وََلوْ أَ ّن ُقرْآنا سُّي َرتْ ِبهِ ا ِ‬
‫ِبهِ ا َل ْرضُ َأوْ كُلّ َم ِبهِ ا َل ْوتَى بَل لّّلهِ ا َل ْمرُ جَمِيعا أََفلَمْ َييَْأسِ الّذِي َن آمَنُوا أَن ّلوْ َيشَاءُ الّلهُ َلهَدَى النّاسَ‬
‫جَمِيعا)‬
‫فيعلمنا من القرآن أل نيأس من هدى الناس جيعا ويي المة بكتاب ال‬
‫· ورابع يتخصص ف الفقه وأصوله ومصادر التشريع وكيفية استنباط الحكام وعلم الفتوى والمة‬
‫اليوم ف أمس الاجة إل الفقيه الصول التقي النقي العال بالخرة الزاهد ف الدنيا ليظهر لنا المور‬
‫على حقيقتها بعد أن كثر تلعب أصحاب الهواء بالفتاوى والحكام الت على هوى الكام‬
‫· وخامس يتخصص بعلم القتصاد وهو طاغوت العصر‪..‬‬
‫· سادس بعلم الدعوة والتأثي والتربية‪ ...‬وما أحوج الناس إل الداعية صاحب البصية النافذة الذي ل‬
‫يقنط الناس من رحة ال ول يريء الناس على حدود ال ول ينفر عن طريق ال ول يتهاون ف‬
‫حدود ال‬
‫إل آخر تلك التخصصات وهذه العلوم والفنون الت تتاجها المة متمثلة ف رجال أكفاء‪ ،‬يوجهون‬
‫ويصنعون حضارتا‪.‬‬
‫ل قادرًا على أن يتبوأ مكانة‬ ‫إن ميزات الرسول الكري ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أنه قد رب جيلً كام ً‬
‫ف الصدارة لذه المة‪ ،‬وحينما رحل الرسول الكري إل ربه ل تنهزم المة ول تندثر بل علت‬
‫وانتشرت وغزت الرض لتكون كلمة ال هي العليا‪.‬‬
‫وهانن نقول مشددين عليها‪:‬‬
‫أعطن رجالً أصنع لك أمة‪..‬‬
‫هذا و إل يا خسارة الغضب‪..‬‬
‫سبُونَ أَّنهُمْ ُيحْسِنُو َن صُنْعا)‬ ‫الخسرين أعمال‪ (..‬الّذِي َن ضَلّ َسعُْيهُمْ فِي الَيَاةِ الدّْنيَا َوهُمْ يَحْ َ‬
‫ل نريد اعتذارا فقط؛ إن حد مس جناب النب صلى ال عليه وسلم ضربة بالسيف‬
‫القضية لن تنتهي باعتذارهم‪ ..‬و ل بإغلق العلم ملف القضية‪ ..‬إنه كفر و إيان‪ :‬كما أن قضيتنا‬
‫مع اليهود ليست فقط السجد القصى‬
‫إل تنصروه فقد نصره ال‪ :‬و إن تتولوا يستبدل قوما غيكم ث ل يكونوا أمثالكم‬
‫إخو تاه‪..‬‬
‫· ل تطفؤا الغضب‪ :‬ل عذر لكم إن ُخلِص إل رسول ال صلى عليه و سلم و فيكم عي تطرف‪..‬‬
‫· عودوا إل النهج وحولوا الغضب العارم إل عمل منهجي طويل النفس دائم الثر يعود على المة‬
‫ف النهاية بالتمكي ولو بعد حي‬
‫اللهم بلغت اللهم فاشهد‬

‫‪427‬‬
‫وصلى ال وبارك على النب ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫أحبكم ف ال‬
‫ممد بن حسي يعقوب‬
‫======================‬
‫استمرار واستثمار النتصار للنب الختار صلى ال عليه وسلم‬

‫د‪ .‬علي بن عمر بادحدح‬


‫ما من شك أن النصرة السلمية لي البية صلى ال عليه وسلم الت عمّت جيع بلد السلمي بل‬
‫وبلد العال كله ل يسبق لا مثيل‪ ،‬وفيها كثي من الدللت اليانية والنطلقات الضارية واليابية‬
‫العملية الت حققت ثرات كثية وفوائد كبية‪ ،‬ويستثن من ذلك التصرفات الندفعة الاطئة الشتملة‬
‫على عنف وتريب‪.‬‬
‫شواهد الستمرار‪:‬‬
‫والسؤال الكبي الطروح هو‪:‬‬
‫هل سيكون هذا النتصار الكبي سحابة صيف ث تنقشع‪ ،‬وشعلة حاس ث تنطفئ؟‬
‫والقيقة أن الؤشرات بل البشرات الولية تدل على غي ذلك وتمل ف طياتا معال استمرارية‬
‫جيدة‪ ،‬تظهر ف شواهد ومظاهر متعددة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬العلن عن عدم التوقف عن الناصرة اليانية والضارية والقاطعة القتصادية للمنتجات‬
‫الدانركية بالعتذارات مهما كانت واضحة أو رسية‪ ،‬وأن العتذارات ل تكفي ول تشفي‪ ،‬وهذا‬
‫الوقف يظى بأغلبية كبية جدا‪.‬‬
‫‪ -2‬النتقال والتوجه إل الطالبة القانونية بتجري الساءة إل السلم ومقدساته ورسوله الكري صلى‬
‫ال عليه وسلم وإخوانه من الرسل والنبياء عليهم صلوات ال وسلمه‪ ،‬والصرار على ذلك كأحد‬
‫أهداف النتصار‪ ،‬ومن العلوم أن هذه معركة كبية لن تتم بسهولة‪ ،‬ول يُتوقع أن تنتهي ف وقت‬
‫قصي‪ ،‬والظاهر أنا ستكشف الزيد من الفارقات ف الزدواجية الضارية والسياسية لدى الغرب‪،‬‬
‫الذي لديه مرمات تُجرّمها القواني وترجها من دائرة حرية التعبي كمعاداة السامية والتعرض‬
‫للمحرقة اليهودية وغي ذلك‪ ،‬بينما تعل التطاول على القرآن‪ ،‬والساءة إل رسوله العظم صلى ال‬
‫عليه وسلم ضربا من حرية التعبي‪ ،‬ومن شواهد ذلك ما نشرته الارديان البيطانية من أن الجلة‬
‫الدانركية ذاتا رفضت نشر رسوم مسيئة لعيسى عليه السلم عام ‪2003‬م وعللت ذلك بأنه‬
‫سيزعج مشاعر كثي من الناس‪ ،‬وأظهر من ذلك وأبلغ تصريح الديب اللان الاصل على جائزة‬
‫نوبل"غونتر غراس"حيث قال‪" :‬إن جيع مرري الصحيفة كانوا على معرفة مسبقة بتحري العال‬

‫‪428‬‬
‫السلمي لرسم ال أو رسوله ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتاهلوا تذير خبي دانركي ف الشؤون‬
‫السلمية‪ ،‬وأصروا على نشر الرسوم الستفزة لنم يينيون متطرفون ومعادون للجانب"‪ ،‬ث العلن‬
‫الصريح الواضح من رئيس ترير الجلة سيئة الذكر بأن ملته لن تنشر أي رسوم عن الحرقة‬
‫اليهودية‪.‬‬
‫‪ -3‬إعادة نشر الرسوم السيئة ف صحف وملت أوروبية ف معظم الدول الوروبية الكبى‪،‬‬
‫انتصارا للدانرك‪ ،‬أو تفيفا عنها من وطأة القاطعة القتصادية‪ ،‬أو تأكيدا ودعما لرية التعبي كما‬
‫يزعمون‪ ،‬وأيا كان السبب فإن ذلك جعل القضية تأخذ أبعادا عقدية وفكرية وحضارية أوسع‬
‫وأعمق‪ ،‬ما جعل أخذ المر على أنه مرد حرية تعبي‪ ،‬أو إساءة رئيس ترير‪ ،‬أو خطأ ملة أمرا غي‬
‫وارد مطلقا‪ ،‬وإنا هو إساءة متعمدة من فئات متطرفة حاقدة‪ ،‬وهي وإن كانت ل تُمثل كل الشعوب‬
‫لكنها لتيارات لا نفوذها العلمي وحضورها السياسي والجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬التحول الياب من الستنكار وطرق التعبي عنه‪ ،‬إل العمال والبادرات الفكرية والدعوية ف‬
‫شأن التعريف بالرسول الكرم صلى ال عليه وسلم خاصة‪ ،‬والدين السلمي عامة‪ ،‬والتنادي إل‬
‫توضيح النهج السلمي ف حرية التعبي وحدودها‪ ،‬وحقوق النسان وضوابطها‪ ،‬وكل ذلك ضمن‬
‫العتراف بتقصي السلمي ف هذه الوانب‪ ،‬والدعوة إل العمل الدائب والشروعات الستمرة‬
‫استدراكا للنقص‪ ،‬وإقامة للحجة‪ ،‬وإشاعة للدعوة‪ ،‬ودحضا للشبهة‪ ،،‬وتلك أمور بدأت ولن تتوقف‬
‫بإذن ال‪.‬‬
‫‪ -5‬بوادر ومظاهر الوعي اليد لدى السلمي حيث أدركوا حقيقة العمال الت تدف إل إضعاف‬
‫أو إيقاف نصرتم‪ ،‬سواء ف ذلك العتذارات البطنة الخادعة من الجلة ورئيس تريرها‪ ،‬أو‬
‫العلنات الرسية الت نشرتا السفارات الدانركية ف عدد من الدول السلمية‪ ،‬أو تعمد نشر‬
‫الرسوم ف دول متلفة لتشتيت القاطعة‪ ،‬وكل ذلك كان موضع الفهم والستيعاب الفكري‪ ،‬والذكاء‬
‫والتقان العملي‪.‬‬
‫وقفة مهمة‪:‬‬
‫قبل أن أمضي ف القال أقف هنا لبي أننا – معشر السلمي – ل نسعى إل إشعال صراع بي‬
‫الضارات‪ ،‬ول نعمل على إثارة العنصريات‪ ،‬ول ندف إل تأجيج العداوات‪ ،‬ومبادئ ديننا وحقائق‬
‫تارينا وشواهد واقعنا تدل على ذلك وتؤكده‪ ،‬ولكننا ف القيقة نارس حقنا الشروع ف الدفاع عن‬
‫معتقداتنا ومقدساتنا‪ ،‬ونستدرك تقصينا ف القيام بدمة ديننا‪ ،‬والتعريف بنبينا صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ونعلن رسالتنا الضارية ف اليادين النسانية‪.‬‬
‫وف الوقت نفسه فنحن نراجع ذواتنا لنجدد ف أمتنا تيزها العقدي‪ ،‬وسوها اللقي‪ ،‬ورقيها الضاري‬
‫ونثبتها عليه؛ لتكون لنا هويتنا الثقافية الضارية الت ل تضعف و ل تذوب ف الضارات الخرى‬

‫‪429‬‬
‫الطاغية بقوة إعلمها واقتصادها وهيمنتها العسكرية والسياسية؛ وحت نكون ف عصر العولة الارفة‬
‫رقما صعبا يسب له ألف حساب؛ وتصبح أمتنا قادرة على دخول العترك بأصالة تؤثّر و ل تتأثر‪،‬‬
‫وتتقدم ول تتقزم‪ ،‬وتتجدد ول تتبدد‪.‬‬
‫ومن نافلة القول بيان أن ف الغرب تيارات يينية ذات توجهات عنصرية ومارسات متطرفة‪ ،‬وهي‬
‫تستبطن أحقاد الروب الصليبية‪ ،‬وتتبن الفكار الصهيونية‪ ،‬وتلك التيارات لا نفوذ سياسي وتأثي‬
‫إعلمي‪ ،‬وهؤلء ل بد من مواجهتهم والوقوف ف وجههم با يدفع شرهم ويفضح أمرهم‪ ،‬ويبطل‬
‫كيدهم الذي يدفع نو تسميم العلقات وصراع الضارات‪ ،‬ول ينفع هنا التغاضي والسكوت فضلً‬
‫عن الداهنة والجاملة‪.‬‬
‫متطلبات الستمرار والستثمار‪:‬‬
‫والن أشرع ف هدف القالة وهو ماولة الوصول إل وضع إطار عام للوسائل والعال الت تكفل‬
‫الستمرار ف النتصار للنب الختار صلى ال عليه وسلم وذلك من الناحية النظرية والعملية‪:‬‬
‫أولً‪ :‬الوانب المنوعة‪:‬‬
‫أبدأ بذه الوانب السلبية لهية منعها‪ ،‬والتحذير منها‪ ،‬لنه يترتب عليها أضرار على مسية‬
‫النتصار‪ ،‬بل ربا أدّت إل إيقافها‪ ،‬بل قد تصل إل إياد ما يُضادها وياربا‪ ،‬ومن هنا فإن الستمرار‬
‫يقتضي ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬المتناع عن جيع أعمال العنف والرق والتخريب والتلف بأي صورة كانت لنا تسبب‬
‫إخل ًل بأمن البلد‪ ،‬وإحراجا لكوماتا‪ ،‬وإضرارا بمتلكاتا‪ ،‬وتشويها لسمعتها وحضارتا‪ ،‬فضلً‬
‫عما تُخلّفه من إصابات وخسائر ف الرواح‪ ،‬وكل ذلك ف ممله ‪ -‬على النحو الذي وقع ف سوريا‬
‫ولبنان وأفغانستان – غي مقبول شرعا ول مصلحةً‪ ،‬فالتسبب ف قتل مسلم جرم خطي وخطيئة‬
‫كبى‪ ،‬وإشاعة الضطراب المن مفسدة جسيمة‪،‬وقد أكد على منع ذلك العلماء العروفون وضمنوه‬
‫بياناتم‪.‬‬
‫‪ -2‬المتناع عن الترويج لي معلومة إل بعد التثبت من صحتها والتعريف بصدرها‪ ،‬وال جل وعل‬
‫يقول‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا }‪ ،‬وذلك منعا للضرر الذي يلحق بغي‬
‫العنيي‪ ،‬أو يثي البلبلة واللف بي السلمي‪ ،‬ومن أمثلة ذلك إدراج أساء منتجات ليست دانركية‬
‫على أنا دانركية‪ ،‬والصرار على ذلك بعد بيان القائق وتقدي الدلئل‪.‬‬
‫‪ -3‬المتناع عن البالغات غي الشروعة‪ ،‬والجازفات المجوجة‪ ،‬فمرة يُذكر أن راسم الكاريكاتي‬
‫وُجدَ ميتا مترقا‪ ،‬وأخرى يُقال كذا وكذا‪،‬وهنا أقول إن عظمة النب صلى ال عليه وسلم ليست‬
‫باجة إل زيادات وإضافات وحسبنا ما ورد ف القرآن والسنة من وجوه عظمته ودلئل معجزاته‪،،‬‬
‫فل قبول للخروج عن الثابت الشروع‪ ،‬ول نفع ف البتداع غي الشروع‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫‪ -4‬المتناع عن استخدام اللفاظ البذيئة والسب والشتم فذلك ليس من أخلق السلمي‪ ،‬وينبغي‬
‫المتناع عن العدوان على الخرين با ليس فيهم‪ ،‬فالظلم ليس من شيم الؤمني {ول يرمنكم شنآن‬
‫قوم على أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}‪ ،‬بل ل بد من اجتناب كل ما من شأنه أن يُفضي –‬
‫بغلبة الظن – إل الساءة إل السلم ورسوله صلى ال عليه وسلم فال تعال يقول‪{ :‬ول تسبوا‬
‫الذين يدعون من دون ال فيسبوا ال عدوا من غي علم}‪ ،‬وف تفسي الية قال ابن كثي‪":‬يقول ال‬
‫تعال ناهيا لرسوله صلى ال عليه وسلم عن سب آلة الشركي‪ ،‬وإن كان فيه مصلحة‪ ،‬إل أنه يترتب‬
‫عليه مفسدة أعظم منها‪ ،‬وهي مقابلة الشركي بسب إله الؤمني‪ ،‬وهو ال ل إله إل هو" [ تفسي‬
‫ابن كثي ص‪" ،] 711:‬وهذه الية الكرية ‪ -‬من آيات الحكام – أخذ العلماء منها أصل سد‬
‫الذرائع‪ ،‬لن َسبّ الصنام بالنسبة إل ذاته جائز مطلوب‪ ،‬ولكن لا كان هذا المر الحمود الطيب‪-‬‬
‫وهو سب الصنام وتقبيحها – قد يؤدي إل أمر آخر ل يوز وهو َسبّ ال‪ ،‬مُنع هذا الشيء الطيب‬
‫سدا للذريعة " [ العذب النمي للشنقيطي ‪ ،] 2/529‬وزاد القرطب المر إيضاحا بقوله‪ ":‬قال‬
‫العلماء حُكْمُها ‪ -‬أي الية ‪ -‬باق ف هذه المة على كل حال‪ ،‬فمت كان الكافر ف مََنعَة وخِيفَ أن‬
‫ب السلمُ أو النبّ صلى ال عليه وسلم أو ال عز وجل‪ ،‬فل ي ّل لسلم أن يَسبّ صلبانم ول‬ ‫يُس ّ‬
‫دينهم ول كنائسهم‪ ،‬ول يتعرض إل ما يؤدي إل ذلك؛ لنه بنلة البعث على العصية‪...‬وف هذه‬
‫الية ضرب من الوادعة‪ ،‬ودليل على وجوب الكم بسد الذرائع " [ تفسي القرطب ‪،]1/1221‬‬
‫والقوم اليوم ‪ -‬ف مملهم ‪ -‬ل يُعظمون دينا ول يُقيمون حرمة لنب‪ ،‬والسلم منضبط بأحكام الشرع‬
‫ل بشاعر النفس وعواطفها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الوانب الطلوبة‪:‬‬
‫أ – الناحية النهجية الفكرية‪:‬‬
‫‪ -1‬الجتهاد ف الخلص ل عز وجل وابتغاء مرضاته‪ ،‬والذر من الباهاة ف النصرة‪ ،‬والزايدة‬
‫الصحوبة بالعجب أو الغرور‪ ،‬بل كل نصرة وعمل قليل ف حق وواجب الصطفى صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬البدء بالنفس‪ ،‬والربط بي العلم والعمل‪ ،‬والتلزم بي القول والفعل‪ ،‬فل ينبغي أن ندعو الناس‬
‫لنصرة رسولنا صلى ال عليه وسلم ونن ل نتمسك بدْيه‪ ،‬ول نتّبع سنته‪ ،‬ول نُعظم قدره‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتماد مبدأ الرجوع إل العلماء وذوي الرأي والكمة لستشارتم والصدور عن رأيهم‪ ،‬سيما‬
‫ف العمال الُشكلة الت تتاج إل علم وبصية‪ ،‬وكذا العمال الكبية الت تتاج إل خبة بالواقع‬
‫ومعرفة بالعاملي ف اليدان‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫‪ -4‬العمل ببدأ التعاون والتكامل‪ ،‬والبعد عن التفرد والتعارض؛ حت ل تتكرر الهود مع إمكانية‬
‫جعها وإخراجها بصورة عظيمة تزيد نفعها وانتشارها؛ ولكي ل تُستنفد المكانيات مع وجود‬
‫صورة أمثل وأفضل لستثمارها‪.‬‬
‫‪ -5‬التوعية والتربية على أساس الربط بالصول والكليات دون حصر المر ف الفروع والشكليات‪،‬‬
‫فالقاطعة – مثلً ‪ -‬مبدؤها تعظيم الدين وحرماته‪ ،‬وأساسها وجوب الدفاع عن كل ما يسيئ‬
‫للسلم والسلمي‪ ،‬وإطارها العام إضعاف العتدي وعدم التسبب ف إعانته على عدوانه بطريقة‬
‫مباشرة أو غي مباشرة‪ ،‬معنوية أو مادية‪ ،‬وحي تكون توعيتنا لجتمعنا وتربيتنا لبنائنا على هذا النحو‬
‫فستكون مقاطعة الدانرك مرد نوذج ومثال ف سياق أشل وأكمل‪.‬‬
‫‪ -6‬غرس معان العزة والقدرة ف نفوس السلمي والتنويه بإمكانية تأثيهم على واقع متمعاتم‬
‫وحكوماتم‪ ،‬وبيان العوامل الؤدية إل ذلك وإشاعتها والث على العمل با والستفادة منها‪.‬‬
‫‪ -7‬إحياء العان والفاهيم اليانية كوجوب مبة النب صلى ال عليه وسلم وتقديها على ما سواها‪،‬‬
‫وأهية التضحية فداء للدين‪ ،‬والربط بالسية وصاحبها عليه الصلة والسلم ومثال ذلك ما وردف‬
‫عناوين إحدى الصحف بالط الكبي‪" :‬السلمون يددون بيعة الرضوان"‪ ،‬وينبغي أن نرسخ ف‬
‫النفوس والعقول أن النتصار للرسول صلى ال عليه وسلم بالنسبة للمسلم دين واعتقاد‪ ،‬وعمل‬
‫والتزام‪ ،‬ودعوة وتعريف‪ ،‬ومنهج حياة‪ ،‬وليس مرد رد فعل‪.‬‬
‫ب‪ -‬الناحية العملية‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعوة إل اجتماع عاجل لعدد من علماء السلمي وقياداتم الدعوية ومؤسساتم ذات السمعة‬
‫والصداقية الت لا كلمة مسموعة ومكانة مرموقة عند الشعوب السلمية‪ ،‬لتدارس الدث وتداعياته‪،‬‬
‫وتوجيه وترشيد السية‪ ،‬وتبن الشروعات والعمال النافعة والتعاون على إناحها‪ ،‬واستثمار‬
‫إمكانيات المهور ف السارات الصحيحة‪ ،‬والجالت الفيدة‪ ،‬وتوضيح الساليب الضارية والفكرية‬
‫الطلوبة‪ ،‬وإعلن النع والتحذير من التجاوزات والمارسات الشتملة على العنف‪ ،‬وتقدي الطالب الت‬
‫تقق الصال بصورة مناسبة‪ ،‬ليبقى النتصار حضاريا ومستمرا وإيابيا ومتناميا غي منحرف إل ما‬
‫ل ينفع‪ ،‬وما ل تُحمد عقباه‪ً ،‬ولعل هذا المر يرى النور قريبا بإذن ال‪.‬‬
‫‪ -2‬تطوير منهجية القاطعة واستثمار أهدافها وتوجيه مسارها وذلك من خلل غرس أهية الكتفاء‬
‫الذات ودعم النتجات الحلية والصناعات الوطنية‪ ،‬والنتقال إل التكامل القتصادي مع الدول العربية‬
‫والسلمية لتعظيم القدرة القتصادية للمسلمي‪ ،‬ولتبادل البات والتجارب بينهم‪ ،‬وللتحرر من‬
‫اليمنة والضغوط القتصادية الت تُمارس ضد الدول والشعوب السلمية‪ ،‬ويتاج ذلك إل تدارس‬
‫وتباحث بي الختصي القتصاديي والتجار والصناع والغرف التجارية‪ ،‬وكذا القيام بالدراسات‬

‫‪432‬‬
‫والبحوث اللزمة‪ ،‬والعمل على تريك وتقوية دور الؤسسات القتصادية كالغرف التجارية‬
‫والنظمات والجالس التجارية التابعة لامعة الدول العربية‪ ،‬ومنظمة الؤتر السلمي‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على تقوية القاطعة القتصادية وتقديها كأسلوب سلمي معب ومؤثر وذلك من خلل ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫شئِها عن بينة ووفق‬
‫* إياد الرجعية الوثوقة النضبطة للمقاطعة لعرفة النتجات والشركات وبلد مَنْ َ‬
‫معلومات ووثائق صحيحة‪.‬‬
‫* التركيز ف القاطعة ل التشتت‪ ،‬فالقاطعة إزاء هذه الرية للدانرك ومنتجاتا فهي البادئة والعاندة‪،‬‬
‫ول ينبغي توسيع الدائرة بشكل كبي ولدول عديدة‪ ،‬فهذا تشتيت للجهد والقوة‪ ،‬وعدم ملءمة‬
‫للمكانية والقدرة‪.‬‬
‫* تقدي الدلة الشرعية والدراسات القتصادية الت توضح جدوى القاطعة وإمكانية تطبيقها وآثارها‬
‫اليابية على القتصاد الحلي والقليمي والسلمي؛ لتكون القاطعة عن قناعة وبصية ل مرد عاطفة‬
‫قد تبو أو تنطفئ جذوتا‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل على فتح أبواب الشاركة ف خدمة السلم ونصرة النب صلى ال عليه وسلم لكل‬
‫السلمي على اختلف بلدهم وتصصاتم وإمكانياتم وعدم القتصار على دور العلماء أو الدعاة أو‬
‫الشباب وحدهم‪ ،‬وذلك من خلل تبن فكرة " أنصار الرسول" بيث يتشكل تتها مموعات عمل‬
‫مثل‪ « :‬رجال حول الرسول » « نساء حول الرسول » « أطفال حول الرسول » « تار حول‬
‫الرسول » " مامون حول الرسول » وهكذا‪ ،‬مع إتاحة الفرصة لكل أح ٍد لُيقَدّم أي شيء مهما كان‬
‫قليلً‪ ،‬ويكون ذلك من خلل التحديد للعمل الطلوب‪ ،‬التوجيه لطريقة تنفيذه‪ ،،‬وجع الهود‬
‫والعمال ف نسق واحد لخراج مشروعات كبية‪.‬‬
‫‪ -5‬العمل على العناية بتوظيف العلم ف خدمة السلم وإبراز ماسنه والتعريف بالرسول الكري‬
‫صلى ال عليه وسلم ونشر شائله‪ ،‬ووضع خطة إعلمية مشفوعة بآليات ومشروعات مددة؛ لتسخي‬
‫الوسائل العلمية ف الجال الياب‪ ،‬ومناقشة الصور النمطية الاطئة عن السلم بأسلوب علمي‬
‫منهجي ولغة حضارية راقية‪ ،‬بيث تُعد البامج الختلفة‪ ،‬والعلنات التميزة‪ ،‬ومواقع النترنت‪،‬‬
‫والقالت الصحفية باللغات الختلفة‪ ،‬لتعكس القيقة وتدحض ما يُخالفها‪ ،‬على أن يكون ذلك‬
‫بشكل مستمر؛ أخذا ببدأ البادرة ل الدافعة‪ ،‬والتعريف ل التعنيف‪.‬‬
‫‪ -6‬التوعية القانونية للمجتمعات السلمية عموما والاليات السلمية خصوصا؛ لعرفة القوق‬
‫والواجبات‪ ،‬وتديد الطالبات‪ ،‬والعلم با يلزم لا من المكانيات‪ ،‬وعدم الوقوع تت وطأة‬
‫الخالفات والتجاوزات‪ ،‬والعمل على استثمار وتوحيد جهود القانونيي والؤسسات القانونية‬

‫‪433‬‬
‫والقوقية مع الهود الرسية الكومية للوصول إل ما يقق حاية حقوق السلمي واحترام الديان‬
‫والرسل والقدسات بإصدار القواني والتشريعات العالية ف ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬العمل على التركيز على عظمة ومكانة وفضل الرسول الكري صلى ال عليه وسلم وحقوقه على‬
‫أمته‪ ،‬والتعريف الشامل بسيته العطرة ف متمعات السلمي من خلل جيع الوسائل المكنة‪،‬‬
‫كمناهج التعليم‪ ،‬ووسائل العلم‪ ،‬والتربية السرية‪ ،‬والنشطة الجتماعية‪ ،‬والبامج الثقافية وغيها‪.‬‬
‫‪ -8‬العمل على تقيق التحلي بأخلقه وشائله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتأسيس مراكز متخصصة‬
‫وعقد مؤترات دورية لحياء وتديد النتصار للنب الختار صلى ال عليه وسلم وإبراز جوانب‬
‫العظمة ف شخصيته‪ ،‬ومالت القدوة لمته‪ ،‬ليكون حيا ف واقع المة كإمام عادل‪ ،‬وسياسي منك‪،‬‬
‫وقائد شجاع‪ ،‬وقاض عادل‪ ،‬وتاجر أمي‪ ،‬ومعلم قدير‪ ،‬ومرب فاضل‪ ،‬وصديق وف‪ ،‬وزوج كري‪،‬‬
‫وأب رحيم‪.‬‬
‫‪ -9‬مقاطعة كل ما يدعو ويؤدي إل البعد عن هديه وسنته‪ ،‬أو يالفها ويروّج لا يُعارضها‪ ،‬أو‬
‫يُنقص من قدره وعظمته‪ ،‬كالقنوات الفضائية الت تُقدّم الواد الابطة الشتملة على عرض العورات‬
‫وإثارة الغرائز والترويج للمحرمات‪ ،‬فالنتصار للرسول صلى ال عليه وسلم يقتضي مقاطعتها لا فيها‬
‫الساءة لرسول ال صلى ال عليه وسلم بالدعوة والترويج لا يُخالف ما جاء به من دينه العظيم وما‬
‫اشتمل عليه خلقه القوي‪.‬‬
‫‪ -10‬العمل على الفادة والتواصل والتعاون مع النصفي من غي السلمي لعرفة الوسائل الناجعة‬
‫ولغة الطاب الناسبة لعقلية متمعاتم وصولً إل تصحيح الصورة النمطية الشوهة عن السلم‬
‫ورسوله الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتيسي عرض وفهم حقائق وماسن السلم‪.‬‬
‫‪ -11‬عقد الندوات والؤترات والحاورات والناظرات للتعريف بالسلم‪ ،‬وذلك من خلل زيارة‬
‫علماء ومفكري السلمي إل بلد الغرب‪ ،‬ودعوة بعض الرموز الدينية والثقافية والعلمية الغربية إل‬
‫بعض الدول السلمية‪.‬‬
‫د‪ .‬علي بن عمر بادحدح‬
‫الشرف العام على صفحة النتصار للنب الختار‬
‫=====================‬
‫الصول الفكرية لعلقة الغرب مع نب السلم‬

‫د‪ .‬باسم خفاجي‬


‫يثل نب السلم ممد صلى ال عليه وسلم مشكلة تاريية مزمنة حت الن ف أدبيات الفكر الغرب‪.‬‬
‫ويظهر من حي لخر هجوم فكري وإعلمي عنيف على شخص النب عليه الصلة والسلم‪ .‬يعتب‬

‫‪434‬‬
‫البعض أن هذا الجوم حالة شاذة من قبل أفراد بأعيانم‪ ،‬وياول طرف آخر أن يلقي باللئمة على‬
‫نظريات الؤامرة‪ ،‬ويدعو ثالث إل أن نتغي نن حت ل يهاجم رموزنا الخرون‪ .‬يرى الكاتب – من‬
‫خلل الدلة التاريية والفكرية ‪ -‬أن الوقف الغرب من النب عليه الصلة والسلم ل يتغي بالجمل‪،‬‬
‫وأنه كان دائما يغلب عليه صبغة العداء والستهزاء‪ ،‬وإن اختلفت صور التعبي عن هذا الوقف بي‬
‫فئات الجتمع الغرب الختلفة‪ .‬يقدم الباحث مموعة من العناصر الفكرية الت ساهت عب التاريخ‬
‫الغرب ف صناعة صورة ذهنية سلبية وقاتة عن النب الكري‪ .‬كما يهدف البحث إل التعريف بأهم‬
‫القواسم الفكرية الشتركة للموقف الغرب من نب السلم‪ ،‬وأسباب هذا الوقف الفكري‪ ،‬وكيف‬
‫يكن مقاومة هذا الوقف عمليا للدفاع عن رموز المة السلمية‪ .‬يتتم البحث بجموعة من‬
‫الطوات والفكار العملية الت تدف ف مملها إل أمرين‪ :‬الول هو‪ :‬تصحيح الصورة الذهنية لدى‬
‫النصفي من مفكري الغرب عن نب المة‪ ،‬والثان هو‪ :‬وقف التشويه التعمد لذه الصورة من قبل‬
‫البعض الخر من الفكرين والعلميي والسياسيي الغربيي العاصرين‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫شهدت الفترة الاضية ارتفاع نبة الواجهة مرة أخرى بي العال السلمي من ناحية‪ ،‬وبي أوربا من‬
‫ناحية أخرى ف ما يتعلق بالجوم على شخص النب ممد صلى ال عليه وسلم‪ .‬ورغم أن هذا الجوم‬
‫تكرر كثيا خلل العوام الاضية‪ ،‬وبصور متعددة‪ ،‬إل إن العال العرب والسلمي ل يزال مصرا‬
‫على التعامل مع كل حالة من تلك الالت الت يهاجم فيها خي البشر‪ ،‬وكأنا حالة منعزلة وفردية‪،‬‬
‫ويب أن تعامل ف هذا السياق‪ .‬ويغيب عن الكثي من أبناء المة أن الوقف الفكري الغرب من النب‬
‫صلوات رب وسلمه عليه كان – ف ممله عب التاريخ ‪ -‬موقفا عدائيا‪ ،‬وإن اختلفت صور التعبي‬
‫عن هذا العداء‪.‬‬
‫قصور ف الفهم‬
‫يلقي البعض اللوم على المة السلمية لتخاذلا وضعفها من ناحية‪ ،‬أو لتكرار حوادث العنف الت‬
‫تتبناها بعض فصائل المة تاه الغرب‪ .‬يرى البعض – مؤخرا ‪ -‬أن ما يسمى بالرهاب السلمي هو‬
‫سبب هجوم الغرب على السلم وعلى نب السلم‪ .‬ونسأل هؤلء ‪ ..‬وهل كان الغرب يدح النب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو حت يسكت عن إيذاء شخصه الكري وإهانته عندما كانت المة السلمية‬
‫ف حالة وفاق وسلم تام مع دول الغرب؟ إن الغرب ل يتوقف عن الجوم على رسول السلم –‬
‫فكريا وعقديا ‪ -‬طوال القرون الاضية‪ ،‬وهو موقف عام ل يشذ عنه إل القليل من الفكرين‬
‫والتدينيي‪.‬‬
‫يرى البعض الخر أن الجوم على السلم أو على نبيه الكري ليس إل حالت فردية لن يبتغون‬
‫الشهرة‪ ،‬أو من يملون أحقادا على السلم‪ .‬ويقوم هؤلء بسرد بعض النقولت التاريية أو العاصرة‬

‫‪435‬‬
‫لفكرين غربيي يدحون شخص النب‪ ،‬ويعتبون أو وجود هؤلء يقدح ف فكرة وجود عداء فكري‬
‫عام ف الغرب تاه السلم أو شخص الرسول الكري‪ .‬والقيقة أن الستشهاد ببعض القوال – مع‬
‫حذف السياق التاريي لا – يكن أن يكون مقنعا بوجود إعجاب من بعض الفكرين الغربيي‬
‫بشخصية النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫لبد ان نلحظ هنا أن معظم القتباسات اليابية من الفكرين الغربيي حول نب المة إنا تصف‬
‫مواقف النب وعبقريته الدارية والعسكرية والقيادية‪ ،‬وناحه ف إقامة الضارة السلمية‪ ،‬ولكنها ل‬
‫تقدم هذا النب الكري بصفته مرسل من رب العالي‪ ،‬أو يمل رسالة ساوية يدين با اليوم أكثر من‬
‫مليار نسمة‪ .‬إن معظم الثناء على الرسول ف الفكر الغرب إنا هو ثناء على رمز سياسي أو اجتماعي‬
‫‪ ..‬وليس قبولً أو إقرارا بأحقية السلم ونبيه الكري ف التنافس الضاري النسان‪.‬‬
‫يقع البعض من أبناء المة من الدعاة والصلحي ف لبس بشأن ذلك‪ ،‬وهم يدافعون عن الغرب بوصفه‬
‫معتدلً أو متعدد الرؤى فيما يتعلق بن السلم صلوات ال وسلمه عليه‪ .‬ما يغيب عن هذه الرؤية‪،‬‬
‫ويعيبها أيضا ‪ ..‬هو إدراك أن الفكر الغرب يتحرك وفق مموعة من السلمات الساسية الت تالف‬
‫بقوة الدعوة الحمدية ف البادئ والسلمات‪ ،‬وبالتال فإن الصل ف العلقة الفكرية بي الغرب وبي‬
‫السلم ل يكن يوما ما التوافق وإنا كانت العلقة دائما من النواحي الفكرية تيل إل الواجهة وعدم‬
‫التفاق‪.‬‬
‫من الهم أيضا ف هذا القام ان نفصل بي أمرين‪ :‬الول هو العلقات بي الشعوب‪ ،‬والت كانت ف‬
‫كثي من الحيان تيل إل السلم والوئام‪ ،‬وكذلك العلقات السياسية الت تتبدل وتتغي وفق الصال‪.‬‬
‫أما المر الثان فهو الرؤى الفكرية تاه النب‪ ،‬والت ل تتغي كثيا ف الغرب منذ بعثة النب صلى ال‬
‫عليه وسلم وحت التاريخ العاصر‪ ،‬وكانت ف مملها رؤى ومواقف معادية وصدامية‪.‬‬
‫إن الحكام الفكرية لبد وأن تنطلق من الرؤى الشتركة والستمرة عب فترات زمنية طويلة‪ ،‬ول‬
‫تقاس على ما شذ من القوال أو الفكار‪ .‬والغرب عب تاريه الطويل من الواجهة الفكرية والدينية‬
‫مع العال السلمي كان دائما ييل إل الطعن ف شخص النب‪ ،‬وهو ما ل يتغي عب قرون طويلة من‬
‫العلقة مع الغرب‪ ،‬ولذلك أسباب سيأت بيانا ف هذا القال‪.‬‬
‫هل الغرب كيان فكري واحد؟‬
‫نرى قبل الديث عن الوقف الفكري الغرب من النب صلى ال عليه وسلم أن نؤكد إدراكنا أن‬
‫الغرب ليس كيانا واحدا فيما يتعلق بالسياسات وطبائع الشعوب‪ ،‬ومواقف دول الغرب السياسية من‬
‫العال العرب والسلمي‪ .‬كما أن الغرب ليس كيانا واحدا أيضا فيما يتعلق باهتماماته الدينية ومدى‬
‫اقترابه أو ابتعاده عن دعوة ورسالة نب ال عيسى عليه السلم أو الديان بوجه عام‪ .‬فليس كل الغرب‬

‫‪436‬‬
‫متدينا وليس كل الغرب علمانيا أيضا‪ ،‬وهناك فوارق كبية بي الدارس والذاهب الدينية الختلفة‬
‫داخل السيحية ف الغرب‪.‬‬
‫لكن رغم كل هذا التباين والختلف ف السياسات والطبائع والتوجهات‪ ،‬إل أن الغرب يكاد يكون‬
‫كيانا واحدا عندما يتعلق المر بالوانب الفكرية التعلقة بعلقاته مع الضارات الخرى والديانات‬
‫الت تتلف عن ديانات الغرب‪ .‬فرغم تعدد الدارس الفلسفية والفكرية ف الغرب‪ ،‬إل أن هناك قدر‬
‫مشترك وواضح من الفاهيم الفكرية الساسية عندما يتعلق المر بالرؤى القابلة حول مستقبل البشرية‬
‫وهدف النسان من الياة على الرض‪ .‬لذلك فإن من المكن أن يتم الديث عن الغرب بوصفه‬
‫كيانا واحدا عندما يتعلق المر بالياة الفكرية الغربية ف مقابل الضارات الخرى‪.‬‬
‫وسوف تتعامل هذه الدراسة مع الغرب ككيان فكري واحد من ناحية النطلقات الساسية للحضارة‬
‫الغربية‪ ،‬والبادئ الت قامت هذه الضارة عليها‪ ،‬وعلقة ذلك بوقف الغرب من النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫مشكلت الفكر الغرب مع نب السلم‬
‫لكي ننجح ف فهم علقة الغرب فكريا بنب السلم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلبد أن نبتعد قليلً عن‬
‫الواقف‪ ،‬وندرس البادئ‪ .‬إن الواقف ليست إل تعبيات واقعية عن الفكار الكامنة ف الشخصية‬
‫الغربية‪ ،‬والت تكونت عب قرون طويلة من التأثي الفكري الذي كون قناعات راسخة ل تتزعزع‬
‫داخل الشخصية الغربية فيما يتعلق بعلقتها بالالق‪ ،‬وعلقتها بالكون والطبيعة والخرين من البشر‪.‬‬
‫وهذه القناعات تتصادم بشدة مع ما جاء به النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولذلك نشأ العداء وليس من‬
‫التوقع أن يقل أو ينتهي ف القريب‪ .‬وهذه مموعة من السباب الفكرية الت ساهت ف تكون علقة‬
‫العداء على الستوى الفكري‪.‬‬
‫مركزية ال أم مركزية النسان‬
‫إن الشكلة الرئيسة ف علقة الغرب فكريا بالعال السلمي‪ ،‬وعداء الغرب للنب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬هو مركزية ال تعال ف الكون لدى السلمي‪ ،‬والت تتجسد ف دعوة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وف دين السلم وف واقع المة السلمية بصرف النظر عن درجة تدين والتزام أفراد هذه‬
‫المة‪.‬‬
‫إن الغرب ف القابل ينطلق فكريا – وبكل فئات متمعاته وكل مفكريه – من فكرة مركزية النسان‬
‫ف الكون‪ ،‬وأن الفرد هو مركز الهتمام الرئيس‪ ،‬وأن تطلعات الفرد وحقوقه وحرياته تقدم على أي‬
‫أمر آخر‪ ،‬وحت أمور العبادة وعلقة الفرد بالله‪.‬‬
‫إن الغرب يرى أن ممدا صلى ال عليه وسلم قد قدم مفهوما يكن أن يهدم الفكر الغرب من أساسه‬
‫‪ ..‬وهو مركزية ال تعال ف حياة البشرية مقابل نظريات الغرب الت تقوم على مركزية النسان‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫لذلك اختار الغرب أن يعل عداء السلم ضمن منظومة قيمه الرئيسة لنه بذلك يتمكن من إبقاء‬
‫الفرد مركزا للكون ف مواجهة دعوة ممدا صلى ال عليه وسلم الت حافظت على مكانة الالق جل‬
‫وعل ومركزيتها ف حياة البشر‪.‬‬
‫وحول ذلك تدثت الؤلفة البيطانية كارين أرمسترونج – صاحبة كتاب "ممد" قائلة‪" :‬علينا أن‬
‫نتذكر أن التاه العدائي ضد السلم ف الغرب هو جزء من منظومة القيم الغربية‪ ،‬الت بدأت ف‬
‫التشكل مع عصر النهضة والملت الصليبية وهي بداية استعادة الغرب لذاته الاصة مرة أخرى‪.‬‬
‫فالقرن الادي عشر كان بداية لوروبا الديدة وكانت الملت الصليبية بثابة أول رد فعل جاعي‬
‫تقوم به أوروبا الديدة‪]i[".‬‬
‫========================‬
‫بي ممد والسيح‬

‫تحور الفكر الغرب حول شخصية السيح عليه السلم‪ .‬وتولت شخصية السيح بعد تريف الدين‬
‫السيحي إل تسيد للفكر الغرب حول مركزية الفرد ف الكون‪ .‬فقد تول الله ف نظر التديني إل‬
‫شخص ‪ ..‬إله ف صورة فرد ‪ ..‬دفع دمه ثنا مقدما لميع خطاياهم القادمة‪ .‬وعندما سيطر الفكر‬
‫النفعي على الشخصية الغربية‪ ،‬أصبح التعلق بشخص السيح يثل قمة النفعية لن اختاروا التدين‪ ،‬فهو‬
‫قد قام بدفع فاتورة خطاياهم حت قبل أن يقعوا فيها‪ ،‬وأبقى لم الياة لكي يارسوا فيها ما شاءوا من‬
‫أفعال طالا أن مبة السيح – كفرد وكإله – تسيطر على مشاعرهم‪ .‬أما من تركوا الدين السيحي‬
‫بأكمله‪ ،‬وأصبحوا لدينيي أو ملحدين‪ ،‬فقد كان السيح – بعد تريف الدين – أيضا مركزيا ف‬
‫مواقفهم الفكرية ‪ ..‬فهو فرد‪ ،‬وبالتال ل يكن أن يتلف عن غيه من البشر‪ ،‬وبالتال فليس هناك إله‬
‫– بزعمهم‪ .‬كما أن السيح بصورته الت قامت الكنيسة الغربية بتصويرها رحيم منعزل عن حياة‬
‫الناس ‪ ..‬يقبل بكل معايي الياة النسانية‪ ،‬ول يدعو إل إل الرية والساواة ‪ ..‬وهي أهم قيم‬
‫العلمانية ول تصادم من تركوا الدين‪ ،‬وبالتال فل حاجة إل مصادمة السيح‪.‬‬
‫أما العلقة مع ممد فهي علقة تصادمية مع كل من التيار الدين والعلمان ف الغرب على الستوى‬
‫الفكري‪ .‬فمحمد – صلى ال عليه وسلم – حرص على أن يكون فردا ‪ ..‬إنسانا بكل معان‬
‫النسانية‪ ،‬ورفض أن يكون إله ف صورة إنسان‪ ،‬وبالتال فهو يناقض فهم التديني من الغرب للله‬
‫الذي عرفوه‪ ،‬وبالتال تكونت الكراهية والضيق من كل ما يثله ممداً صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬فهو‬
‫ليس على شاكلة السيح ‪ ..‬ف نظرهم‪ .‬وهو يناقض أيضا مشاعر ورغبات غي التديني‪ ،‬لنه يطلب‬
‫من البشر – كما أمره خالقه – بالكثي من العبادات والعمال واللتزامات‪ ،‬ويقدم حرية الجتمع‬

‫‪438‬‬
‫على حرية الفرد‪ ،‬ويضحي بالساواة من أجل العدالة ومن أجل صلح الجتمع‪ .‬كل ذلك ساهم ف‬
‫تكوين صورة سلبية وقاسية عن نب السلم‪.‬‬
‫إن التديني ف الغرب – كما ف الشرق أيضا ‪ -‬يعشقون فكرة العجزة لنا خلص من مواجهة‬
‫واقع يطحن أحلمهم ‪ ..‬لذلك انتشر ف التدين الغرب قصص العجزات والوارق وكرامات‬
‫القديسي‪ ،‬وأصبح ذلك مكونا رئيسيا من مكونات التدين السيحي الغرب‪ .‬أما ممدا صلى ال عليه‬
‫وسلم فقد جسد إمكانية انتصار النسان دون حاجة إل العجزات ‪ ..‬لقد كانت حياة الرسول – ف‬
‫نظرهم – خالية من العجزات‪ ،‬والياة الغربية قاسية‪ ،‬والتدين فيها يسمح للفرد أن يلم بالعجزة‬
‫للفرار من الواقع‪ ،‬ونب السلم ل يعد بالعجزات‪ ،‬وإنا بياة مليئة بالهد والد والعاناة من أجل‬
‫آخرة يكن فيها الستمتاع بالنة‪.‬‬
‫لقد نح من حرفوا دين السيح أن يقنعوا أنصار السيح ف الفكر الغرب‪ ،‬أن لم أن يمعوا بي كل‬
‫متع الدنيا – فقد دفع ثن ذلك السيح – وأن يمعوا معها أيضا النجاة ف الخرة لنم أحبوا‬
‫السيح‪ .‬وهكذا يتفرغ التدين للحياة دون الاجة القيقية للعمل فإن مبة السيح كافية للجنة‪ .‬أما‬
‫ممدا فإن دينه ودعوته تطلب من النسان الكثي‪ ،‬ول تعد بالقابل إل بأمل ف رحة ال‪ .‬كيف إذن‬
‫لن يعتنق الفكر النفعي أن يب ممدا؟‬
‫ويروي الكاتب العرب هشام جعيط ف تليله للشخصية الوربية كيف أنا نظرت للعال السلمي‬
‫ولدعوة النب صلى ال عليه وسلم فيقول‪" :‬يسي تاريخ السلم ل وفق ديناميكيته الاصة‪ ،‬بل‬
‫كانعكاس شاحب ومعكوس لتاريخ الغرب‪ .‬لنأخذ مثل على ذلك‪ :‬شخصية ممد‪ .‬نلحظ أنه ضمن‬
‫كل تليل لذه الشخصية تنساب عملية مقارنة مع السيح‪ .‬إذا كان ممد غي صادق فذلك لن‬
‫السيح كان صادقا؛ وإذا كان متعدد الزوجات وشهوانيا‪ ،‬فلن السيح كان عفيفا؛ وإذا كان ممد‬
‫ماربا وسياسيا فذلك استنادا إل يسوع مسال‪ ،‬مغلوب ومعذب"[‪.]ii‬‬
‫تذر فكرة النبوة الكاذبة‬
‫قامت الكنيسة الغربية تديدا منذ بداية السلم بالطعن ف صدق نبوة رسول ال عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬ول يزال هذا الوقف هو السمت الشترك لعظم الفكرين التديني الغربيي‪ ،‬رغم أن بعضهم‬
‫قد تنازل ووصف النب ببعض الصفات اليابية كقائد سياسي‪ ،‬أو مصلح إنسان‪ ،‬أو إنسان طموح‪،‬‬
‫ولكن ليس كنب يوحى إليه‪ .‬وأخطأ كثي منا ف فهم دللة العبارات‪ ،‬والت تطي با وكالت النباء‬
‫العربية والسلمية‪ ،‬وكأنا تثل تو ًل فكريا ف نظرة الغرب للنب‪ .‬فكم تغنينا بعبارة أن "العظماء مائة‬
‫وأعظمهم ممد" وغيها من العبارات الت يكثر تقديها ف هذا السياق‪.‬‬
‫كما تسببت هذه الرؤية ف كذب نبوة ممد صلى ال عليه وسلم ف تكوين فكرة مسيحية استقرت‬
‫ف أذهان الكثي من الفكرين الدينيي ف الغرب‪ .‬هذه الرؤية تتصور أن هذه النبوة الكاذبة ف ظنهم‬

‫‪439‬‬
‫قد أوقفت تطور النسانية باتاه السيحية‪ .‬يقول أحدهم‪" :‬لقد أمكن لحمد أن يكون إمباطورية‬
‫سياسية ودينية على حساب موسى والسيح"‪]iii[.‬‬
‫ويلحظ أحد الفكرين أن فكرة أن النب ل يكن نبيا حقيقيا صادقا قد تذرت دون أن يصدها أي‬
‫ريب أو شك أو حت ماولة للتفهم القيقي للرسالة السلمية عند مفكرين عديدين من القرون‬
‫الوسطى‪ ،‬أمثال ريون مارتن‪ ،‬وريطولدو‪ ،‬ومارك دي تولد‪ ،‬وروجيه بيكون‪ .‬وتولت دعوة السلم‬
‫ف نظر هؤلء إل رسالة ناسوتية أملتها مشاريع الصال السوداء الدنيوية والشخصية‪ .‬أما القرآن فليس‬
‫سوى مموعة من الرافات مستعارة من التوراة وبشكل مشوه ف نظر هؤلء‪.‬‬
‫ولذلك يبقى السلم ف نظر الغالبية العظمى من مفكري الغرب دينا زائفا مهما بلغت ناحاته‪،‬‬
‫ومهما ادعى أنه أفضل من الدين السيحي الذي تركه معظم الشعب الورب عمليا‪ ،‬ولكنه ل يزال‬
‫يرك معتقداته الفكرية ف التعامل مع الخرين بقوة‪.‬‬
‫هوس فكري‬
‫إن كل تساؤل وانشغال كبي بالخر إنا يعكس ف طياته هوسا بذا الخر‪ .‬وقد قدم السلم منذ‬
‫ظهوره ذلك "الخر" الذي عرفت أوربا نفسها وطموحاتا من خلل مقابلته والصادمات معه‪ .‬فرغم‬
‫أن السلم ف بداية انتشاره ل يول الغرب أي اهتمام – لتخلف الغرب حينها‪ -‬إل أن السلم‬
‫وشخصية النب ممد بوصفها تسيدا للكمال النسان لدى أنصار السلم قد أصبحا مور الجوم‬
‫الستمر لفكري الغرب لتأكيد فكرة أن الغرب أفضل من الشرق‪ .‬حقا أن أوربا قد تلت عن الفكرة‬
‫السيحية‪ ،‬ولكنها ل تستطيع أن تتحرر مطلقا من أثر الفكر السيحي على شعوبا‪ .‬وهذا الفكر‬
‫السيحي الغرب قد توحد عب القرون الاضية حول فكرة معاداة السلم‪ ،‬وتقدي نوذج شخصية‬
‫السيح عليه السلم – بعد تريفها‪ -‬ف مواجهة شخصية النب ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو ما‬
‫يفسر الوس الغرب بالجوم على النب‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتاه غي التدين – كما يذكر أحد الفكرين العرب‪ -‬الذي يؤثر أكثر فأكثر ف القيقة‬
‫الجتماعية الوربية برور الزمن‪ .‬فمنذ أن تررت الفكرة العلمانية من الضغط السيحي على التأمل‬
‫العقلن وعلى المارسة السياسية‪ ،‬انفتحت نظرة جديدة للكون‪ .‬هذه النظرة الديدة مكنت من رؤية‬
‫السلم بعمق‪ ،‬كجزء متمم وهام من الياة النسانية‪ ،‬ولكنه أيضا خصم سياسي وعسكري عنيد‬
‫تثل ف ذلك الوقت ف المباطورية العثمانية‪.‬‬
‫لذلك استمر العداء رغم اختلف القوى الحركة له‪ ،‬واستمر الوس بالعال السلمي‪ .‬وظهرت‬
‫النتقائية الفكرية الغربية الت ترى أن المبيالية ليست إل مهمة حضارية للرتقاء بشعوب الرض‪،‬‬
‫وأن مقاومتها من قبل السلمي الذين يتمثلون شخصية نبيهم ليسوا إل برابرة يب القضاء عليهم من‬

‫‪440‬‬
‫أجل استمرار الهمة الضارية نو هدفها ف تنقية النس البشري من كل أنواع البابرة‪ ،‬وعلى‬
‫رأسهم أنصار ممدا‪.‬‬
‫مرآة داكنة لواقع الغرب‬
‫يرى البعض ف الغرب ف شخصية النب صلى ال عليه وسلم نوذجا متكاملً لنوع من الكمال‬
‫النسان الذي ل يكن للغرب بأفكاره ونظرياته ومارساته أن يصل لا‪ .‬وعند هذا الفريق من‬
‫الغربيي‪ ،‬يصبح القضاء على هذا النموذج ها حقيقيا بذاته‪ .‬فكأن حياة النب ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم تثل ذلك الضمي الذي يوخز الغرب ف جنباته‪ ،‬وكأنه مرآة داكنة توضح لم بالدليل الواقعي‬
‫مدى التردي الذي وصل إليه حال الشخصية الغربية نتيجة لبتعادها عن النموذج الحمدي‪.‬‬
‫قد يعترض بعض الفكرين العرب بل والسلمي على تصوير واقع الشخصية الغربية بذا الشكل‬
‫الأساوي‪ ،‬ولكن القيقة أن هناك فراغ روحي ضخم ف الغرب بالعموم‪ ،‬ويظهر ذلك من ارتفاع‬
‫معدلت الرية والدمان والنتحار وانتشار الرذائل‪ ،‬بل وتصديرها إل كل أناء العال‪ .‬وف القابل‬
‫تظهر الشخصية السلمة الت يثلها النب صلى ال عليه وسلم كمقابل حاد ف مواجهته لتلك‬
‫الشخصية الغربية‪ .‬ومنها هنا ند الجوم الشديد والتكرر على شخص النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫مشروع مواز للغرب‬
‫إن أحد مشكلت عداء الغرب التاريي للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هو أنه جاء بنظام سياسي‬
‫وفكري متكامل ينازع الغرب ف السلمات الساسية‪ ،‬وكذلك ف طرق التنظيم والدارة وسياسة‬
‫الجتمعات‪ ،‬وأخيا ف نط العلقات الجتماعية داخل الجتمع‪ ،‬وبي الجتمعات الختلفة‪ .‬إنه‬
‫ببساطة نظام متكامل مواز للنظام الغرب‪ ،‬ول يلتقي معه‪ ،‬وإنا يقدم بديلً قويا وخطيا له‪.‬‬
‫وكما يذكر أحد الفكرين العرب فإن "الوف من قوة السلم الحركة يأخذ ف اللحظات‬
‫التراجييدية شكل الدفاع والصراع والشاجرة‪ ،‬أحد أكثر الشكال النفعالية ف التاريخ‪ .‬لقد أبرز‬
‫مفهوم السلم السياسي كتهديد متواتر‪ ،‬ومفهوم الدين السياسي كبنية تاريية ف أصول السلم‪.‬‬
‫يقول غولديهر‪ :‬إن السلم قد جعل الدين دنيويا لقد أراد أن يبن حكما لذا العال بوسائل هذا‬
‫العال‪]iv[".‬‬
‫لذلك هاجم الفكرون الغربيون بشدة الشروع الضاري السلمي‪ ،‬واعتبوه خطرا كبيا يهدد‬
‫سيادة الفكر الغرب وانتصار الضارة الغربية‪ ،‬وناية التاريخ‪ .‬ول يبدأ هذا المر مع أحداث سبتمب‪،‬‬
‫أو مع نشوء فكرة صدام الضارات أو نظرية ناية التاريخ‪ ،‬وإنا سبق ذلك بقرون عديدة‪ ،‬واستمر‬
‫يغذي الشخصية الغربية ببرات العداء للعال السلمي ولشخصية النب ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وأنظر إل أحدهم عندما يقول منذ أكثر من قرني من الزمان‪" :‬يب القول إن من بي كل الذين‬
‫ترءوا على سن القواني للشعوب‪ ،‬ل يكن واحد منهم أجهل من ممد‪ .‬و بي كل البداعات‬

‫‪441‬‬
‫الرقاء للفكر النسان‪ ،‬ل يكن هناك أتعس من كتابه‪ .‬وما يدث ف آسيا منذ ألف ومائت سنة يكن‬
‫أن يكون البهان‪ ،‬لننا لو أردنا النتقال من موضوع خاص إل ملحظات عامة‪ ،‬لكان من السهل‬
‫البهان أن الضطرابات ف الدول‪ ،‬وجهل الشعوب ف هذه النطقة من العال إنا هو تأثي مباشر‪ ،‬إل‬
‫حد ما‪ ،‬للقرآن ولخلقه‪]v[".‬‬
‫إحياء فكرة الواجهة‬
‫يرى الكثي من الفكرين الغربيي أن ممدا صلى ال عليه وسلم هو من تسبب ف إحياء روح القاومة‬
‫والواجهة ف حياة العرب والسلمي‪ ،‬وأن الدين السلمي هو الحرك الرئيس لميع أفكار القاومة‬
‫الوجودة ف أفكار وتصرفات الشعوب السلمية‪ .‬والقاومة هنا – ليست فقط فكرة مقاومة العدوان‬
‫– وإنا كل أشكال النتصار على النفس وعلى الخر‪.‬‬
‫يرى الفكرون الغربيون أن رسالة ممد‪ ،‬وأفكار ممد‪ ،‬ودعوة ممد تقدي الرصيد الفكري والنفسي‬
‫والعقدي لهد السلم ف النتصار على نفسه وعدم التسليم لشهوات الياة ومتع الدنيا الت يتفنن‬
‫الغرب ف ماولة تقديها للمة‪ .‬كما أن القاومة تتد لتمنع الكثي من ماولت اليمنة الفكرية‬
‫والثقافية على الياة السلمية والعربية من قبل الغرب‪.‬‬
‫والعجيب أن هذه القوة ف السلم قد فسرها بعض مفكري القرون الوسطى أنا تدل على زيف‬
‫السلم‪ .‬يقول لنا دانيال‪" :‬إن استعمال القوة‪ ،‬كان تقريبا معتبا بالجاع كخاصية كبية وأساسية‬
‫للدين السلمي‪ ،‬وبالتال فهو دللة بديهية على ضلل السلم‪]vi[".‬‬
‫ورغم كل ذلك تظهر القاومة ف شكل تضحيات إنسانية ضخمة ل يقدمها شعب آخر أو أمة أخرى‬
‫ف سبيل الفاظ على أرضها ومقدساتا‪ ،‬والرغبة ف الدفاع عن أراضيها‪ ،‬وهو ما يصادم الفكر الغرب‬
‫الذي يعلي من شأن الياة الدنيا‪ .‬إن العمال الستشهادية وكل صور القاومة الخرى – حت وإن‬
‫ل تكن موفقة أو شرعية ‪ -‬تشكل إشكالً فكريا عميقا يصادم الفكر الغرب بقوة‪ ،‬ويقدح ف‬
‫مسلماته الساسية‪ ،‬ويلقي مفكرو الغرب باللئمة على ممد صلى ال عليه وسلم ف ذلك‪.‬‬
‫إن الفكر الغرب العاصر غي قادر على تقدي أي تفسي مادي أو عقلن للمقاومة الفلسطينية أو‬
‫للعمليات الستشهادية أو السلحة ف العراق‪ ،‬أو إصرار الشعوب العربية الت تظهر أنا ضعيفة‬
‫ومتخلفة على رفض النموذج الغرب للحياة بإصرار يتزايد مع الوقت دون تفسي مقنع إل بإلقاء اللوم‬
‫والقد على ممد – صلوات ال وسلمه عليه‪ .‬إن النجاحات التتالية لشروع القاومة تستنفر ف‬
‫الغالب موجات جديدة من الجوم على شخص النب‪ ،‬وهو ما يفهم على الستوى الفكري – ول‬
‫يقبل بأي حال من الحوال أو يبر‪.‬‬
‫اللصة‬

‫‪442‬‬
‫إن عداء الغرب للنب ممدا هو عداء مفهوم من النطلقات الفكرية‪ ،‬وإن كان غي مقبول على‬
‫الطلق تت أي مبر أو تفسي‪ .‬كان هدف هذه الدراسة هو توضيح أهم العال الفكرية لشكلة‬
‫الغرب مع نب السلم‪ .‬فرسول ال صلوات ال وسلمه عليه قد جسد صورة مالفة تاما للنسان‬
‫عن الصورة الت ارتبط با السيحيون عن السيح كما يصورونه‪ .‬أنه جسد إمكانية انتصار النسان‬
‫دون الاجة لعجزات ‪ ..‬بينما الفكر السيحي العاصر ف الغرب يرى أهية العجزة للهروب من‬
‫مواجهة الكثي من مصاعب الياة ف الغرب‪.‬‬
‫إن ممدا قد أحيا فكرة القوة وعدم الوف من الواجهة‪ ،‬وهي فكرة خطية ف نظر أصحاب‬
‫مشروعات اليمنة والسيطرة على واقع المة السلمية وثرواتا ومستقبلها‪ .‬أن ممدا قد حارب من‬
‫أجل أن ينتصر النسان على ذاته ‪ ..‬ل أن يضع لا‪ ،‬وهذا المر يارب ويصادم تويل كل شيء ف‬
‫الكون إل سلعة‪ ،‬وتويل كل فرد إل مستهلك‪.‬‬
‫لقد قدم رسول ال نوذجا متكاملً لياة موازية للغرب ‪ ..‬ل تلتقي معه اضطرارا ‪ ..‬ول تتنازل له‬
‫خوفا‪ .‬والهم من كل ذلك أنه مبوب بشدة من السلمي ‪ ..‬معروف لكل العال ‪ ..‬نح بكل العايي‬
‫الغربية ‪ ..‬ولكنه رفض كل مفاهيم الغرب ‪ ..‬هو نوذج يب القضاء عليه ‪ ..‬ويبدو أن ذلك غي‬
‫مكن لن إرادة الالق أقوى من عبث الخلوقي‪.‬‬
‫[‪ ]i‬كاتبة بريطانية تدين الغرب وتتهمه بالتجن على السلم‪ ،‬القاهرة‪ :‬جال شاهي‪ ،‬الشرق‬
‫الوسط‪ ،‬الربعاء ‪ 18‬ذو الجة ‪ 1426‬هـ ‪ 18‬يناير ‪ 2006‬العدد ‪9913‬‬
‫[‪" ]ii‬أوروبا والسلم"‪" ،‬صدام الثقافة والداثة"‪ ،‬هشام جعيط‪ ،‬دار الطليعة‪ ،2001 ،‬ص‪.40‬‬
‫[‪]iii‬‬

‫[‪" ]iv‬أوروبا والسلم"‪" ،‬صدام الثقافة والداثة"‪ ،‬هشام جعيط‪ ،‬دار الطليعة‪ ،2001 ،‬ص‪.85‬‬
‫[‪ v] Voyag‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ n Sy‬صلى ال عليه وسلم ‪ i‬صلى ال‬
‫عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ t‬صلى ال عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪ gypt‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ P‬صلى ال عليه وسلم ‪ ndant l‬صلى ال عليه وسلم ‪ s ann‬صلى ال عليه وسلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ s 1783 – 1785، Pa‬صلى ال عليه وسلم ‪is، 1787، PP.‬‬
‫‪.301 – 310‬‬
‫[‪ vi] No‬صلى ال عليه وسلم ‪ man Dani‬صلى ال عليه وسلم ‪l, Islam and th‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ w‬صلى ال عليه وسلم ‪ st, Th‬صلى ال عليه وسلم ‪making of‬‬
‫‪ an Imag‬صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ dinbu‬صلى ال عليه وسلم ‪gh,‬‬
‫‪1960, P.146‬‬

‫‪443‬‬
‫=================‬
‫الستهزاء بالنب ممدٍ صلى ال عليه وسلم ودينه من أعظم موارد الرهاب‬

‫أضيفت بتاريخ‪ 1426-12-29 :‬هـ القراء‪ 2143 :‬إ ّن المد ل‪ ،‬نمده و نستعينه‬
‫ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬ومن يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل‬
‫فل هادي له ‪ ،‬و أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله صلى‬
‫ال عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فقد تناقلت بعض وكالت النباء و العديد من الواقع عب شبكة النترنت ما اقترفته‬
‫الصحيفة الدنركية‪ ":‬جيلندز بوست " ‪ Jyllands-Post‬صلى ال عليه وسلم ‪ n‬بنشرها(‬
‫‪ )12‬رسا كاريكاتييا ساخرا يوم الثلثاء ‪ 26‬شعبان ‪1426‬هـ الوافق (‪ S 29‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ pt‬صلى ال عليه وسلم ‪ mb‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ) 2005‬تصوّر‬
‫فيه رسول السلم ممدا صلى ال عليه وسلم ف أشكالٍ متلفةٍ‪ ،‬وف أحد الرسوم يظهر مرتديا‬
‫عمامة تشبه قنبلةً ملفوفةً حول رأسه !!‪.‬‬
‫وقد أعادت صحيفة ( ‪ Magazin‬صلى ال عليه وسلم ‪ ) t‬النرويية ف ‪ 10‬يناير ما قامت به‬
‫الصحيفة الداناركية ‪ ،‬ونشرت ‪ 12‬رسا ساخرا للرسول ممد – صلى ال عليه وسلم بدعوى‬
‫حرية التعبي !!‪.‬‬
‫و تواصلت الريدة ف غيّها عندما طلبت من الرسّامي التقدم بثل تلك الرسوم لنشرها على صفحاتا‬
‫ما زاد المر قبحا وشرا‪.‬‬
‫وأرى لزامَا عليّ وعلى كل مسلمٍ أن يقف أمام هذا الجوم على دين السلم ورسول ال نب الدى‬
‫والرحة ‪ -‬صلوات رب وسلمه عليه ‪ -‬ك ّل حسب طاقته ومسؤوليته‪ ،‬ول مع هذا الدث الليم‬
‫الوقفات التالية ‪:‬‬
‫الوقفة الول‪:‬‬
‫ينبغي أنْ يعلم هؤلء أنّ للنب ممدٍ صلى ال عليه وسلم مكانةٌ عظيمةٌ ف دين السلم‪ ،‬وأ ّن وجوب‬
‫ت كثيةٍ ف القرآن الكري‪ ،‬ومنها قول ال تعال ‪ (:‬قُلْ إِنْ ُكنْتُمْ ُتحِبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي‬ ‫مبته ف آيا ٍ‬
‫حبِبْكُ ُم الّلهُ وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُ ْم وَالّل ُه َغفُورٌ رَحِي ٌم ) (آل عمران‪.)31:‬‬ ‫يُ ْ‬
‫ومنها قوله تعال ‪ُ ( :‬قلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُ ْم وَأَبْنَاؤُكُ ْم وَإِ ْخوَانُكُ ْم وََأ ْزوَاجُكُ ْم َوعَشِ َيتُكُ ْم وََأ ْموَالٌ‬
‫ضوَْنهَا أَ َحبّ إَِليْكُ ْم مِنَ الّلهِ َورَسُوِل ِه وَ ِجهَادٍ فِي‬ ‫شوْنَ كَسَا َدهَا َومَسَاكِنُ َت ْر َ‬ ‫خَ‬‫اقَْترَ ْفتُمُوهَا وَتِجَا َرةٌ تَ ْ‬
‫سَبِيِلهِ َفَترَّبصُوا حَتّى يَأِْتيَ الّلهُ بَِأ ْمرِ ِه وَالّلهُ ل َيهْدِي اْل َقوْمَ اْلفَا ِس ِقيَ )(التوبة‪.)24:‬‬

‫‪444‬‬
‫وإ ّن من أعظمِ مظاهرِ الحبّ ِة للنب صلى ال عليه وسلم وأبرزِ دللتِ صدقِها أنا تستلزمُ ال ّذبّ عن‬
‫سُنّته‪ ،‬لنا وحيٌ ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من خلفه ‪.‬‬
‫كما أنّ الّتصَدّي للمغرِضيَ والستهزئي والنافقيَ والنهزِ ِميَ الذين يترصّدون للسنة النبوية الشريفةِ‬
‫ويسخرون منه صلى ال عليه وسلم من أعظم الواجبات ف دين السلم ‪.‬‬
‫وإن من تام النصيحة للنب صلى ال عليه وسلم ‪-‬كما ف حديث تيم الداري رضي ال عنه الذي‬
‫يرويه المام مسل ٌم ف صحيحه أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ ":‬الدينُ النصيحةُ" ‪ ،‬قلنا‪ :‬لن يا‬
‫رسول ال ؟ قال‪ " :‬ل ولكتابهِ ولرسوِلهِ ولئمة السلمي وعامّتِهم "‪ -‬اليان بنبوّة ورسالة ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ونصرته حيا وميتا‪ ،‬فمن كان ف حياته كان واجبا عليه أن ينصرَه‪ ،‬ومن ل‬
‫يدرِ ْكهُ وجب عليه أن ينصرَه‪ ،‬وذلك باليان به صلى ال عليه وسلم وباتباع سنّته وإطاعةِ أوامرِه‬
‫واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫ومن لوازمِ النصحِ له صلى ال عليه وسلم العملُ على نشرِ الشريعة السلمية والدعوة إليها وتكيمها‬
‫سكِ بآدابا وبا أمرت به ووجهت إليه من تعاليم هذين الوحيي كتابَ ال تعال وسنّةَ نبيه‬ ‫‪ ،‬والتم ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والتحذير من كل ما يسيء إليه وإل دينه‪.‬‬
‫ولذا فإ ّن نصر السنة والذب عن النب صلى ال عليه وسلم من تعظيم شعائر ال تعال‪ ،‬و لقد سطّر‬
‫أئمتنا الكثي ف بيان خطر الستهزاء بالنب صلى ال عليه وسلم ف مؤلفاتم‪ ،‬وانظر من تلك الكتب‬
‫الكتاب العظيم لشيخ السلم ابن تيمية "الصارم السلول على شات الرسول "‪.‬‬
‫الوقفة الثانية ‪:‬‬
‫أما هذه السخريات والرسومات الت أساءت فيها الريدتان السابقتان فهي جعت بي أنواع من‬
‫ب عليه صلى ال‬ ‫الشرور‪ ،‬إذ جعت بي الستهزاء بالرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وبي الفتراءٍ والكذ ٍ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬إضافةً إل احتقار مشاعر السلمي وأحاسيسهم ف تلك الديار بل وف كل أقطار الدنيا‪،‬‬
‫إذ نبينا مم ٌد صلى ال عليه وسلم أطهر البشرية جعاء وأزكاها‪.‬‬
‫و إن هذه السخرية وهذه الرسوم ل تثل رسول ال ممدا صلى ال عليه وسلم بأي حال‪ ،‬ل رسا‬
‫ول دللةً‪ ،‬إذ إنا ل تعب عن معال وجهه النية‪ ،‬والذي يفيض ساحةً وبشرا وسرورا‪.‬كما أنا ل‬
‫تعب عن سته وخلقه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة‪:‬‬
‫أين أنتم من الدعاوى الباقة الت تنادي بقوق النسان ؟‬
‫أليس من حقوق النسان عدم السخرية و الستهزاء با يعتقده ؟‬
‫أم أن السلمي ف أناء العال عندكم ليسوا من بن النسان ؟‬
‫و بالتال ل تشملهم القوق !‬

‫‪445‬‬
‫بل انظروا لنفسكم كيف تعاملون اليوان ؟!!‬
‫ث قارنوا بتعاملكم أين أنتم من مراعاة مشاعر السلمي واحترام معتقداتم ؟‬
‫الوقفة الرابعة‪:‬‬
‫إن موقف هاتي الريدتي الخزي أكب دعم للرهاب الدول النظم الذي عقدت لحاربته مؤتراتٌ‬
‫ولقاءاتٌ ‪ ،‬مع الختلف ف تديد مفهومه لنّ السلم قد ل يستطيع ضبط نفسه مع هذا التحدي‬
‫السافر للسلم وأهله وعندئذٍ نتساءل‪:‬‬
‫أليس بالدير بأن يدرج من يسلك هذا السبيل ويسخر بدين السلم ونبيه ويشجّع على ذلك‬
‫الرهاب بأن تتخذ ضده القرارات الدولية لنه مغذٍ للرهاب ؟‬
‫ث ما دامت الشعارات الدولية تنادي بتجفيف موارد الرهاب‪ ،‬أليس من مهامها تفيف كلّ موارده‬
‫بأنواعها وأشكالا ؟‬
‫ول شك ول ريب أن هذا الورد من أشد موارده‪ ،‬وهو أخطر بكثي من الوارد الالية‪،‬لنا من أعظم‬
‫الدوافع له ‪.‬‬
‫الوقفة الامسة ‪:‬‬
‫إنّ ادعاء صحيفة (‪ Jyllands-Post‬صلى ال عليه وسلم ‪ ) n‬حرية التعبي ف نشرها لتلك‬
‫الرسوم الساخرة عن ممدٍ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ادعاءٌ غي مسلّمٍ ول مقنعٍ ؛ لن منظمات‬
‫العال تؤكد على احترام الرسل ‪ ،‬وعلى احترام الشرائع السماوية ‪ ،‬واحترام الخرين وعدم الطعن‬
‫فيهم بل بيّنة‪ .‬ولذا فإ ّن الرية الزعومة فيها انتها ٌك لدين السلم ‪ ،‬وسخريةٌ برسول ال وإخللٌ‬
‫بقوق الخرين‪.‬‬
‫ولذا فقد استُن ِكرَ هذا العمل الشنيع الذي يعدّ استخفافا بدين السلم الذي يدين به مليي السلمي‬
‫ت عدةٍ و أفراد باستنكار‬ ‫ف أناء العال ؛ فقام السلمون من دولٍ ومالس ووزراء و هيئاتٍ و جعيا ٍ‬
‫هذه الملة الظالة‪.‬‬
‫ختاما ‪:‬‬
‫إننا معشر السلمي نوجه دعوةً إل هؤلء الستهزئي برسول ال ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬وإل‬
‫غيهم من غي السلمي لن يتّعوا أعينهم وفكرهم بالطلع على القائق من ُخُلقِ ِه وصفاته‪ ،‬من‬
‫خلل الكتب ف شائل النب وصفاته ما كتبه أهل السلم‪ ،‬ما هو مسطورٌ ف كتب السنة والسية‪،‬‬
‫وإن أبيتم فاقرؤوا ما كتبه عد ٌد من أهل النصاف عن نبّ الرحة والدى صلى ال عليه وسلم من‬
‫عقلء البشر ومثقفيهم‪ ،‬حت من أهل اللل الخرى من شهدوا له بكارم الخلق والفضائل المّة‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫وليعلم الستهزئون وأمثالم أ ّن ال عز وجل متكفلٌ بفظ دينه وحامٍ لمى رسالته‪ ،‬ولن تضي نبيه‬
‫صلى ال عليه وسلم سخرية الساخرين واستهزاء الستهزئي‪ ،‬فقد كفاه ال ذلك كله‪ ،‬كما قال‬
‫سبحانه‪ ( :‬إنا كفيناك الستهزئي )‪.‬‬
‫وقد قال الشيخ العلّامة ابن سعدي رحه ال ف تفسيها‪ ":‬وهذا وعدٌ من ال لرسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم أنْ ل يضرّه الستهزئون‪ ،‬وأنْ يكفيهم ال إياهم با شاء من أنواع العقوبة‪ ،‬وقد فعل ال تعال‪،‬‬
‫فإنّه ما تظاهر أحدٌ بالستهزاء برسول ال صلى ال عليه وسلم إلّا أهلكه ال وقتله شر قتل ٍة " ‪.‬‬
‫وال أسأل بأسائه السن وصفاته العليا أن يُعلي دينه ‪ ،‬وأن يرد كيد الكائدين للمسلمي ودينهم ف‬
‫نورهم ‪ ،‬وأن يقيهم من كل شرٍ‪.‬‬
‫والمد ل رب العالي‬
‫وصلى ال على نيينا ممدٍ وعلى آله وصحبه‬
‫بقلم د‪ .‬عاصم بن عبدال القريوت‬
‫====================‬
‫النتصار لسيد الورى النب صلى ال عليه وسلم‬

‫ف ‪1426|12|20‬‬
‫كانت هذه خطبة مباركة ميزة ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور ‪/‬ممد بن عبد ال الضيي إمام جامع‬
‫اللك خالد بي النتزه ببيدة ‪..‬‬
‫د‪ /‬ممد الضيي‬
‫إن المد ل نمده‪..‬‬
‫أيها السلمون ‪ :‬حقيقة اليان ل تتم إل بالشهادتي شهادة أن ل إله إل ال وشهادة أن ممدًا رسول‬
‫ال فالشهادة ل بالوحدانية ف ربوبيته وألوهيته وأسائه وصفاته والشهادة للنب صلى ال عليه وسلم‬
‫بالنبوة والرسالة وتام ذلك يكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخب واجتناب ما عنه نى وزجر‬
‫وأل يعبد ال إل با شرع وواجب المة مبة الصطفى واتباعه وتعزيره وتوقيه‪.‬‬
‫ل )) [الفتح ‪ ]9 :‬ويقول‬
‫قال تعال‪ (( :‬لُِت ْؤمِنُوا بِالّلهِ َورَسُوِل ِه وَُت َع ّزرُو ُه وَُتوَّقرُوهُ َوتُسَبّحُوهُ بُ ْك َرةً وََأصِي ً‬
‫صلى ال عليه وسلم (ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي)‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن هشام قال‪ :‬كنا مع النب صلى ال عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الطاب فقال‬
‫له عمر يا رسول ال لنت أحب إل من كل شيء إل من نفسي فقال النب صلى ال عليه وسلم (ل‬
‫والذي نفسي بيده حت أكون أحب إليك من نفسك)‪.‬‬

‫‪447‬‬
‫فقال له عمر فإنه الن وال لنت أحب إل من نفسي فقال النب صلى ال عليه وسلم (الن يا عمر)‬
‫رواه البخاري ‪ .‬فحب النب صلى ال عليه وسلم وطاعته ونشر سنته وتعطي الجالس وإمتاع الساع‬
‫بسيته وشائله ونصرته والذب عن عرضه والدفاع عنه توحيد وإيان ‪ .‬ولئن كان ذلك واجبا على‬
‫الدوام وسائر الحوال فوجوبه أوكد وأعظم حي تتعرض الذات الكرية للذى والسخرية والستهزاء‬
‫أيها السلمون ‪ :‬لقد نشرت صحيفة ( جلندز بوست ) الدنركية يوم الثلثاء ‪26/8/1426‬هـ (‬
‫‪ )12‬اثن عشر رسا كاريكاتييا ساخر ‪ ..‬بن يا ترى ؟! هل كان ذلك بسؤول كبي ‪ ..‬بنرال ‪..‬‬
‫برئيس دولة ‪ ...‬بل كان ذلك بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى ‪ ,‬بإمام النبيي وقائد الغر الحجلي‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ .‬صور آث ٌة وقحةٌ وقاحة الكفر وأهلة ‪ ,‬أظهروا النب صلى ال عليه وسلم ف‬
‫إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !! وكأنم يريدون أن يقولوا إنه –‬
‫مرم حرب ‪ ( -‬أل ساء ما يزرون )‬
‫ث ف تلك اليام الاضية وف يوم عيد الضحى بالتحديد – إمعانا ف العداء ‪ -‬تأت جريدة‬
‫( ما جزينت ) النرويية لتنكأ الراج وتشن الغارة من جديد ‪ ,‬فتعيد نشر الرسوم الوقحة الت نُشرت‬
‫صوْا ِبهِ بَ ْل هُمْ َق ْومٌ طَاغُونَ) [الذاريات‪.]53 :‬‬
‫ف الجلة الدنركية قبل! (أََتوَا َ‬
‫أيها السلمون ‪ :‬ومع كل النايات الت تتوال على السلمي‪ ،‬والبغي والعدوان بألوان وصنوف شت‬
‫فما زال السلمون يواصلون الحتمال والصب ولو على مضض‪ ،‬إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أن ينال فل نغضب له‪ ،‬ويساء إليه فل ننصره‪ ،‬ويتعدى عليه فل ندافع عنه‪ ،‬فها هي تتوال بذاءات‬
‫وإهانات للمسلمي ف جناب الصطفى – صلى ال عليه وسلم –‬
‫الدنارك دولة نصرانية صليبية كبقية دول أوربا وأمريكا الشمالية تدين بعقيدة التثليث الباطلة‬
‫الفاشلة ‪ ،‬الفاسدة الكاسدة !‬
‫ومن الطبيعي أن تظل كغيها عدوة لكل ما يت للسلم بصلة وإن تسابق السلمون إل اقتناء‬
‫منتجاتا من الجبان والبقار !‬
‫هذه (الدنارك) ظلت منذ عدة أشهر تسخر عب صحفها ووسائل إعلمها من رسولنا الكري ‪ ،‬ونبينا‬
‫العظيم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ل لشي إل لن بعض أبناء شعبها بدأوا يفكرون جديا بالتخلي عن نصرانيتهم واعتناق السلم‬
‫كغيهم من شعوب العال الذين أبرتم أحداث الادي عشر من سبتمب وما تبعها من تداعيات ل‬
‫تفى على أحد !!‬
‫فهي تريد ببث ثن شعبها عن اختيار الدين القّ عب حركة تشويه متعمد لشخص الرسول الكري‬
‫ورمز السلم الالد عليه الصلة والسلم !!‬

‫‪448‬‬
‫إ ّن ما تقوم به الدنارك وتؤيدها عليه النرويج وتسكت عنه بقية دول العال النصران يؤكد أنّ الرب‬
‫القائمة بي السلم والنصرانية ف أفغانستان ‪ ،‬والشيشان ‪ ،‬والعراق حرب دينية عقدية وإن تبقعت‬
‫بغطاء مكافحة الرهاب‪ ,‬أو تلفعت برط ماربة الدكتاتوريات ف العال !‬
‫أمة السلم ‪..‬هكذا يفعل النصارى الاقدون مع نبينا صلى ال عليه وسلم ‪..‬وبعضنا ينادي بأل نقول‬
‫للكافر ‪..‬يا كافر ‪..‬بل نقول له الخر ‪..‬احتراما لشاعره ‪..‬ومراعاة لنفسيته !! فهل احترم هؤلء نبينا‬
‫؟!! وهل قدروا مشاعر أمة الليار مسلم!! وهل راعوا نفسيات السلمي !!‬
‫أيها السلمون‪ :‬هذه ليست أوّل مرة ينال فيها من مقام النبوة‪ ،‬أو يساء فيها إل الناب الكري فقد‬
‫صدر مثل ذلك من مستشرقي وصحفيي وفناني وغيهم كثيين‪ ،‬ولكن جانب الفظاعة أن يصدر‬
‫من إعلم أكثر من دولة أوربية تدعي احترامها وتسكها بالقواني الدولية والت تنص على وجوب‬
‫احترام الديان ‪ .‬ث هي مارسات ظلت بشكل متكرر ودون أي اعتذار مع حجم الطالبات الفردية‬
‫والشعبية ومن القليات والراكز السلمية هناك ومن عدد من النظمات والقيادات ف بعض الدول‬
‫السلمية‬
‫وهكذا يفعل النصارى الاقدون مع رسولنا صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫وبعضنا ينادي أل نبغضهم ‪..‬ول نظهر العداوة لم !! وربنا يقول لنا ‪ (( :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا لَا‬
‫َتتّخِذُوا عَ ُدوّي َوعَ ُدوّكُمْ َأوِْليَاء تُ ْلقُونَ إِلَْيهِم بِالْ َم َو ّدةِ َوقَدْ َك َفرُوا بِمَا جَاءكُم مّنَ الْحَقّ)) (المتحنة‪:‬‬
‫‪.)1‬‬
‫وهكذا يفعل عباد الصليب بنبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪..‬وبعضنا يطالب بذف الولء والباء من‬
‫مناهجنا الدراسية‪..‬وننعه من قلوبنا‪..‬لننا ف عصر الصفح والتسامح بي الديان !!‬
‫بال ماذا يبقى ف الياة من لذة يوم ينال من مقام ممد صلى ال عليه وسلم ث ل ينتصر له ول يذاد‬
‫عن حياضه ‪ .‬ماذا نقول تاه هذا العداء السافر ‪ ,‬والتهكم الكشوف ‪ ..‬هل نغمض أعيننا ‪ ,‬ونصم‬
‫آذاننا ‪ ,‬ونطبق أفواهنا ‪ ..‬ل ورب ‪ ..‬ل يكون ذلك ما دام ف القلب عرق ينبض ‪ .‬والذي كرم ممدا‬
‫وأعلى مكانته لبطن الرض أحب إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالق وندافع عن رسول الق‬
‫‪ .‬أل جفت أقلم وشُلت سواعد جبنت عن تسطي أحرفٍ تذود با عن حوضه صلى ال عليه وسلم‬
‫وتدافع عن حرمته ‪.‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي *** لعرض ممد منكم فداء‬
‫إن هؤلء يتكلمون عن النب – صلى ال عليه وسلم – الذي علّم البشرية تعظيم أنبياء ال وتوقي‬
‫رسله‪:‬ففي ما أنزل عليه (لَ ُن َفرّقُ بَْينَ أَحَ ٍد مّن رّسُِلهِ) [البقرة ‪ ]285 :‬وأن اليان برسالة ممد –‬
‫صلى ال عليه وسلم – ل يصح ول يقبل إل مع اليان برسالة عيسى – عليه السلم‪ -‬ومن سبقه‬
‫من الرسلي‪ -.‬وعندما كان اليهود يصفون السيح بأقبح الوصاف كان ممد – صلى ال عليه‬

‫‪449‬‬
‫شرُكِ بِ َكلِمَ ٍة مّْنهُ اسْ ُمهُ الْمَسِي ُح عِيسَى ابْ ُن‬ ‫وسلم‪ -‬يعلم البشرية‪ِ( :‬إذْ قَاَلتِ الْمَلئِ َكةُ يَا َمرْيَمُ إِنّ الّلهَ ُيبَ ّ‬
‫َمرْيَ َم وَجِيها فِي الدّنْيَا وَال ِخ َرةِ َومِ َن الْ ُم َقرِّبيَ ) [آل عمران‪( ،]45 :‬مّا الْمَسِي ُح ابْ ُن َمرْيَمَ إِ ّل رَسُولٌ‬
‫ت مِن قَْبِلهِ الرّسُلُ) [الائدة ‪.]75 :‬‬ ‫قَدْ َخَل ْ‬
‫‪ -‬وعندما كان اليهود يصفون الحصنة العذراء بأفحش الصفات كان ممد – صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫يعلّم البشرية‪َ ( :‬ومَرْيَ َم اْبَنتَ عِ ْمرَا َن الّتِي أَ ْحصََنتْ َفرْ َجهَا َفَنفَخْنَا فِي ِه مِن رّو ِحنَا َوصَدَّقتْ بِكَِلمَاتِ‬
‫رَّبهَا وَكُُتِبهِ وَكَاَنتْ مِنَ اْلقَانِِتيَ) [التحري ] وأين كلم ذلك العلم الائر عن القتل وسفك الدماء‬
‫هناك؟ أم هو الذعر الخرس من معاداة السامية‪ ،‬والقاييس النتقائية البانة‪ ،‬والتعصب العمى‬
‫القيت؟‬
‫‪ -‬أين الكلم عن القتل الذي مارسته الكنيسة ضد السلمي واليهود ف الروب الصليبية وماكم‬
‫التفتيش؟‬
‫‪-‬أين الكلم عن القتل وسفك دماء الدنيي من النساء والطفال والشيوخ ف هيوشيما ونازاكي‬
‫وفيتنام والشيشان والفغان والعراق وغيها؟‬
‫‪-‬أين الكلم عن سفك الدماء الذي يارسه اليهود ضد الطفال والصبايا ف فلسطي؟‬
‫‪-‬إن هؤلء يصنعون الرهاب ويقذفون بالنار إل صهاريج الوقود ‪ ،‬فالنيل من جناب النبوة استفزاز‬
‫واستنفار لكل مسلم‪ ،‬ودونه أبدا مهج النفوس‪ ،‬وفداه المهات والباء‪ ،‬وإن جرة الغضب الت‬
‫يوقدها هؤلء ف قلب كل مسلم ل يكن التنبؤ بالريق الذي ستشعله ول كيف ول أين ‪ .‬وسيدفع‬
‫هؤلء برعونتهم هذه البشرية إل أتون سعي متواصل من الصراعات والثارات ‪.‬‬
‫عباد ال ‪ :‬ونن إذ ندافع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم نمي بذلك ديننا وعقيدتنا ‪ ,‬ونؤكد‬
‫شيئا من حبنا لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪..‬‬
‫إن مقام رسول ال صلى ال عليه وسلم رفيع برفعة ال له ‪ ,‬لن ينال الشانئ منه شيئا‬
‫(وَرََفعْنَا َلكَ ذِ ْكرَكَ) [الشرح ‪ ]4 :‬قال ماهد‪ :‬ل أذكر إل ذكرت معي ‪ ,‬أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وأشهد أن ممد رسول ال ‪ .‬نعم لقد رفع ال ذكر نبينا صلى ال عليه وسلم رغم أنوف الاقدين‬
‫والاحدين ‪ ,‬فهاهم السلمون يصوتون باسه على مآذنم ف كل مكان ‪.‬‬
‫وشق له من اسه كي يله فذو العرش ممود وهذا ممد‬
‫وال تعال قد تول الدفاع عن نبيه صلى ال عليه وسلم (إِنّ الّلهَ يُدَافِ ُع عَ ِن الّذِي َن آمَنُوا إِنّ الّلهَ لَا‬
‫ك مِنَ النّاسِ إِنّ‬ ‫حبّ كُلّ َخوّانٍ َكفُورٍ) [الج ‪ ,]38 :‬وأعلن عصمته له من الناس ( وَالّلهُ َي ْعصِمُ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫سَت ْهزِِئيَ)‬ ‫الّلهَ لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ الْكَاِفرِينَ) [الائدة ‪ ]67 :‬وأخب أنه سيكفيه الستهزئي (إِنّا َكفَْينَا َك الْمُ ْ‬
‫[الجر ‪ ]95 :‬سواء كانوا من قريش أو من غيهم ‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫قال ابن سعدي رحه ال‪ " :‬وقد فعل تعال ‪ ,‬فما تظاهر أحد بالستهزاء برسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وبا جاء به إل أهلكه ال وقتله شر قتلة ‪.‬أهـ أخرج الطبان ف الوسط والبيهقي وأبو نعيم‬
‫كلها ف الدلئل وابن مردويه بسند حسن والضياء ف الختارة ‪ ,‬عن ابن عباس ف قوله ( إنا كفيناك‬
‫الستهزئي ) قال‪ :‬الستهزئون ‪ ,‬الوليد بن الغية والسود بن عبد يغوث والسود بن الطلب‬
‫والارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل ‪ ,‬فأتاه جبيل فشكاهم إليه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬أرن إياهم ‪ ,‬فأراه كل واحد منهم ‪ ,‬وجبيل يشي إل كل واحد منهم ف موضع من‬
‫جسده ويقول ‪َ :‬كفَيْتُ َك ُه ‪ ,‬والنب صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬ما صنعت شيئا ! ‪ .‬فأما الوليد ‪ ,‬فمر‬
‫ل فأصاب أكحله فقطعها ‪ .‬وأما السود بن الطلب ‪ ,‬فنل تت سرة‬ ‫برجل من خزاعة وهو يريش نب ً‬
‫ن ‪ ,‬أل تدفعون عن؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك ف عينّ فجعلوا يقولون‪ :‬ما نرى‬ ‫فجعل يقول‪ :‬ياب ّ‬
‫شيئا فلم يزل كذلك حت عتمت عيناه ‪ .‬وأما السود بن عبد يغوث ‪ ,‬فخرج ف رأسه قروح فمات‬
‫منها ‪ .‬وأما الارث فأخذه الاء الصفر ف بطنه حت خرج خرؤه من فيه فمات منه ‪ .‬وأما العاص‬
‫فركب إل الطائف فربض على شبقة فدخل من أخص قدمه شوكة فقتلته ‪ (.‬الدر النثور‬
‫‪.)5/101‬‬
‫أيها السلمون ‪ :‬لقد أعظمت قريش الفرية على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬فرمته بالسحر تارة‬
‫ن ‪ ,‬ففي الصحيحي عن‬ ‫وبالكذب تارة وبالنون أخرى ‪ ,‬وال يتول صرف ذلك كله عنه لفظا ومع ً‬
‫النب صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬أل ترون كيف يصرف ال عن شتم قريش ولعنهم ‪ ,‬يشتمون مذما‬
‫ويلعنون مذما ‪ ,‬وأنا ممد " ‪ ,‬وهكذا هذه الرسومات الت نشرت على هذه الصفحات السوداء ‪,‬‬
‫هي قطعا ل تثل شخص رسول ال صلى ال عليه وسلم بل هي صور أملها عليهم خيالم الفاسد‬
‫واعتمدها الشيطان ورسها لم سامريهم الفاك! ‪ .‬أما ممد صلى ال عليه وسلم فوجهه يشع بالضياء‬
‫والنور والبسمة والسرور ‪,‬ل يستطع أصحابه رضي ال عنهم أن يلئوا أعينهم منه إجللً له ‪ -‬وقد‬
‫عاصروه ‪ -‬فكيف بن ل يمعه به زمان ول يربطه به خلق ول إيان ؟!‬
‫ك ُهوَ الَْأبَْترُ) [الكوثر ‪ ]3 :‬ليبقى كل شانئٍ للنب‬
‫لقد جاء خب الصدق من اللك الق البي (إِنّ شَانَِئ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم وكل معارض لدينه هو البتر القطوع النبوذ‪ .‬أين أبو جهل هل بقي ذكره أم‬
‫التصق به وصف الهل ف حياته وبعد ماته؟! وأين أبو لب لقد مات ومات ذكره فليس يعرف إل‬
‫باللهب؟! و(سيصلى نارا ذات لب) وأين ملوك الكاسرة والقياصرة ‪ ..‬أين ماركس وليني وستالي‬
‫وهتلر وكمال أتاتورك جبابرة الرض وجلدي الشعوب‪ ...‬لقد طمرتم الرض ونُسيت رسومهم‪,‬‬
‫ولقتهم اللعنات‪ ,‬وباءوا بثقل التبعات‪ .‬لقد مزق كسرى كتاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وسخر من رسوله‪ ,‬فدعاء عليه النب صلى ال عليه وسلم أن يزق ال ملكه‪ ,‬فمزق وقتل على يد‬
‫أقرب الناس إليه – ابنه – وروى البخاري ف صحيحه من حديث أنس قال‪" :‬كان رجل نصران‪,‬‬

‫‪451‬‬
‫فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران ‪ ,‬وكان يكتب للنب صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬فعاد نصرانيا ‪ ,‬فكان يقول‬
‫‪ :‬ل يدري ممد إل ما كتبت له ‪ ,‬فأماته ال ‪ ,‬فدفنوه ‪ ,‬فأصبح وقد لفظته الرض ‪ ,‬فقالوا ‪ :‬هذا‬
‫ِفعْل مم ٍد وأصحابه ‪ ,‬نبشوا عن صاحبنا فألقوه ‪ ,‬فحفروا ف الرض ما استطاعوا ‪ ,‬فأصبح قد لفظته‬
‫‪ ,‬فعلموا أنه ليس من الناس ‪ ,‬فألقوه " ‪ .‬علّق شيخ السلم ابن تيمية على الديث فقال‪ :‬فهذا‬
‫اللعون الذي قد افترى على النب صلى ال عليه وسلم أنه ل يدري إل ما كتب له ‪ ,‬قصمه ال‬
‫وفضحه بأن أخرجه من القب بعد أن دفن مرارا ‪ ,‬وهذا أمر خارج عن العادة ’ يدل كل أحد على‬
‫أن هذا كان عقوبة لا قاله ‪ ,‬وأنه كان كاذبا ‪..‬ال ويقول أيضا رحه ال ‪ " :‬وإنّ ال منتقمٌ لرسوله‬
‫ب الكاذب إذا ل يكن الناس أن يقيموا عليه الد ‪ ،‬ونظي‬ ‫من طعن عليه وسَبّه ‪ ،‬ومُ ْظ ِهرٌ لِدِيِنهِ ولِكَ ِذ ِ‬
‫صرِ‬
‫هذا ما حَدّثَنَاه أعدادٌ من السلمي العُدُول ‪ ،‬أهل الفقه والبة‪ ،‬عمّا جربوه مراتٍ متعددةٍ ف َح ْ‬
‫الصون والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لا حصر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا‬
‫لصْنَ أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو متنعٌ علينا حت نكاد نيأس منه‪ ،‬حت إذا‬ ‫حصُرُ ا ِ‬ ‫نن َن ْ‬
‫سبّ رسولِ ال والوقيع ِة ف عرضِه َتعَجّلنا فتحه وتيَسّر‪ ،‬ول يكد يتأخر إل يوما أو‬ ‫تعرض أهُلهُ لِ َ‬
‫يومي أو نو ذلك‪،‬ث يفتح الكان عنوة ‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة عظيمة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬حت إن كنا لََنتَبَا َشرُ‬
‫بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه ‪ ،‬مع امتلء القلوب غيظا عليهم با قالوا فيه ‪ .‬وهكذا حدثن‬
‫بعض أصحابنا الثقات أن السلمي من أهل الغرب – يعن الغرب ‪ -‬حالم مع النصارى كذلك‪.‬أهـ‬
‫( الصارم السلول ص ‪.)117-116‬‬
‫وبالقابل فقد علم بعض ملوك النصارى أن إكرام كتاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بقي فيه‬
‫اللك ما شاء ال ‪ .‬ذكر ابن حجر ف فتح الباري ج‪ 1‬ص‪ 44‬عن السهيل ُي أنه بلغه أن هرقل وضع‬
‫الكتاب ف قصبة من ذهب تعظيما له‪ ،‬وأنم ل يزالوا يتوارثونه حت كان عند ملك الفرنج الذي‬
‫تغلب على طليطلة‪ ،‬ث كان عند سِبطه ‪ ،‬فحدثن بعضُ أصحابنا أن عبد اللك بن سعد أحد قواد‬
‫السلمي اجتمع بذلك اللك فأخرج له الكتاب ‪ ،‬فلما رآه استعب‪ ،‬وسأل أن يكّنه من تقبيله فامتنع‪.‬‬
‫ث ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح النصوري أن ملك الفرنج أطلعه على صندوق مُصفّح بذهب‬
‫‪ ،‬فأخرج منه مقلمة ذهب ‪ ،‬فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه ‪ ،‬وقد التصقت عليه خِرقَة‬
‫حرير ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذا كتاب نبيكم إل جدي قيصر ‪ ،‬ما زلنا نتوارثه إل الن ‪ ،‬وأوصانا آباؤُنا أنه ما‬
‫دام هذا الكتاب عندنا ل يزال اللك فينا ‪ ،‬فنحن نفظه غاية الفظ ‪ ،‬ونعظمه ونكتمه عن النصارى‬
‫ليدوم اللك فينا " اهـ‪.‬‬
‫عباد ال‪ :‬إن فضائل النب صلى ال عليه وسلم ل تكاد تصى كثرةً فهو منّة ال على هذه المة (َلقَدْ‬
‫سهِ ْم يَتْلُو َعلَْيهِمْ آيَاِت ِه وَُيزَكّيهِ ْم َوُيعَلّ ُمهُمُ اْلكِتَابَ‬
‫مَنّ الّلهُ َعلَى اْلمُؤمِِنيَ ِإذْ َب َعثَ فِيهِ ْم رَسُو ًل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫وَاْلحِكْمَ َة وَإِن كَانُوْا مِن َقبْلُ َلفِي ضَللٍ مِّبيٍ) [آل عمران ‪ ]164 :‬امتدحه ربه ورفع منلته فهو‬

‫‪452‬‬
‫أول من تنشق عنه الرض‪ ,‬وأول من يدخل النة ‪ ,‬وله القام الحمود الذي يمده عليه الولون‬
‫والخرون ‪ ,‬والوض الورود واللواء العقود‪ ..‬إل غي ذلك من الفضائل والصائص الت اختص با‬
‫عن غيه ‪ ,‬وهي مدونة ف كتب الدلئل والشمائل والصائص والفضائل ‪ ,‬لقد شهد بفضل نبينا‬
‫صلى ال عليه وسلم القاصي والدان والصديق والعدو ‪ ,‬وأنّى لحد أن يكتم فضائله صلى ال عليه‬
‫وسلم وهي كالقمر ف ضيائها ‪ ,‬وكالشمس ف إشراقها وهو صلى ال عليه وسلم كا الشمس للدنيا‬
‫وكالعافية للبدن‪.‬‬
‫يقول الشيخ جال الدين الصرصري والذي قال عنه ابن كثي ف البداية والنهاية ج‪ 6‬ص‪:299‬‬
‫الصرصري الادح ‪ ,‬الاهر ‪ ,‬ذو الحبة الصادقة لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬يشبه ف عصره‬
‫بسان بن ثابت رضي ال عنه وقد قتله التتار حينما دخلوا بغداد سنة ‪656‬هـ‪ .‬يقول‪:‬‬
‫ممد البعوث للناس رح ًة *** يشيّد ما أوهى الضلل ويصلح‬
‫لئن سبّحت صُمّ البال ميب ًة *** لداود أو لن الديد الصفح‬
‫سبّح‬
‫فإن الصخور الصمّ لنت بكفه *** وإن الصا ف كفه ليُ َ‬
‫وإن كان موسى أنبع الاء بالعصا *** فمن كفه قد أصبح الاء يَطفح‬
‫وإن كانت الريح الرّخاءُ مطيع ًة *** سليمان ل تألو تروح وتسرح‬
‫فإن الصبا كانت لنصر نبينا *** ورعبُ على شهر به الصم يكلح‬
‫وإن أوت اللكَ العظيم وسخّرت *** له الن تسعى ف رضاه وتكدح‬
‫فإن مفاتيح الكنوز بأسرها *** أتته ف َردّ الزاهد الترجّح‬
‫وإن كان إبراهيم أُعطي خُل ًة *** وموسى بتكليم على الطور يُمنح‬
‫فهذا حبيب بل خليل مكلّم *** وخصّص بالرؤيا وبالق أشرح‬
‫وخصص بالوض الرّواء وباللّوا *** ويشفع للعاصي والنار تَلْفح‬
‫وبالقعد العلى القرّب ناله *** عطاءً لعينيه أَقرّ وأفرح‬
‫وبالرتبة العليا الوسيلة دونا *** مراتب أرباب الواهب تَلمح‬
‫وَل ْهوَ إل النات أو ُل داخ ٍل *** له بابا قبل اللئق ُيفْتَح‬
‫ي َرؤُوفٌ رّحِيم)ٌ [التوبة‬
‫ص َعلَيْكُم بِالْ ُم ْؤمِِن َ‬
‫(َلقَدْ جَاءكُمْ َرسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز عَلَْي ِه مَا عَنِتّمْ َحرِي ٌ‬
‫‪]8‬‬
‫الطبة الثانية‬
‫المد ل على إحسانه‪..‬‬
‫أيها السلمون‪ :‬ويتساءل الميع ما واجبنا وما هو دورنا الطلوب‬

‫‪453‬‬
‫إن على كل مؤمن يب ال ورسول صلى ال عليه وسلم ويغار لدينه أن ينتصر لرسوله وأن يقدم كل‬
‫ما ف وسعه لرد هذه الجمة الشرسة ‪.‬وعلى الدول السلمية أن تب لنصرة نبيها وأن تستنكر ذلك‬
‫أشد الستنكار وأن تطالب مطالبة جادة برد العتبار ومعاقبة تلك الشرذمة الفاكة رعاية لق من‬
‫أهم حقوقها‪ .‬وعلى الؤسسات أن تقوم بدورها من خلل كتابة بينات تستنكر فيه هذا الفعل الشي‬
‫وتطالب بحاكمة هذه الجلت ‪ ,‬ردا لعتبار أكثر من مليار وأربعمائة مليون مسلم ! ‪ ,‬ث على‬
‫الؤسسات والصحف والجلت والواقع السلمية وأهل الفكر والقلم أن يكتبوا ردودا على هذه‬
‫الفتراءات‪,‬وأن تسطر على صفحاتا‪ -‬بقلم يسيل عطرا‪ -‬شائل النب صلى ال عليه وسلم وأن تبي‬
‫الدور العظيم الذي قام به صلى ال عليه وسلم لنقاذ البشرية وأنه أُرسل( رحة للعالي ) وهداية‬
‫للناس أجعي ‪ .‬وعلى أهل الال والثراء أن يبذلوا ما أعطاهم ال لدعم تلك الواقف وإنشاء مواقع‬
‫إلكترونية خاصة بشمائل هذا النب الكري وربط الجيال بديه وسنته والدفاع عنه وكذا تويل طباعة‬
‫الكتب التحدثة عنه وعن سيته وتسهيل توزيعها وكذلك السعي لنشاء قنوات إسلمية متخصصة‬
‫بالرحة الهداة وسيته وسننه وشائله وعلى العلمي والتربويي وأهل العلم والفكر أن يستثمروا هذا‬
‫الدث بربط اليل والمة بدي الصطفى صلى ال عليه وسلم وإشاعة ثقافة السنة والسية ف كل‬
‫مال ومناسبة‪.‬‬
‫ويا مسلمون ويا أرباب التجارة والال أوقفوا كل التعاملت التجارية مع الدنارك‪ ،‬حت يتم العتذار‬
‫علنيا ورسيا من تلك الصحيفة‪ ،‬وتذكروا أن الال زائل ‪ ،‬لكن الآثر باقية مشكورة ف الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬وأعظمها حب رسول ال صلى ال عليه وسلم والنتصار له‪ ،‬ولكم أسوة ف الصحاب‬
‫الليل عبد ال بن عبد ال بن أب بن سلول‪ ،‬ف موقفه الازم من أبيه‪ ،‬عندما آذى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وكيف أنه أجب أباه على العتذار من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإل منعه من‬
‫دخول الدينة ‪ ،‬ف الادثة الت سجلها القرآن الكري ‪:‬‬
‫خرِ َجنّ الَْأ َع ّز مِْنهَا الَْأذَلّ َولِّلهِ اْل ِع ّزةُ وَِل َرسُوِلهِ وَِللْ ُم ْؤمِِنيَ وَلَ ِكنّ‬
‫((َيقُولُونَ لَئِن رّ َجعْنَا إِلَى الْمَدِيَنةِ لَيُ ْ‬
‫اْلمُنَاِفقِيَ لَا َي ْعلَمُونَ)) (النافقون ‪. )8 :‬‬
‫ب بن سلول تكلم على رسول ال صلى ال عليه وسلم بكلم قبيح ‪،‬‬ ‫وثبت أنّ النافق عبد ال بن أُ ّ‬
‫حيث قال ‪ " :‬وال لئن رجعنا إل الدينة ليخرجن العز منها الذل ‪..‬فعلم ولده عبد ال بذلك فقال‬
‫لوالده‪ :‬وال ل تفلت حت تقر أنك أنت الذليل ورسول ال صلى ال عليه وسلم العزيز!!‬
‫فهل يستجيب رجال العمال ‪..‬لذا الواجب ف الغية لنبيهم صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫وهل يكفّون عن التعامل التجاري والستياد مع الدنارك حت يتم تقدي العتذار الرسي‪ ،‬واشتراط‬
‫عدم تكرار هذه الرية‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫وأنتم أيها السلمون‪ ..‬أتعجزون عن مقاطعة منتجاتم‪ ..‬غية لنبيكم صلى ال عليه وسلم؟! حت يعلم‬
‫أولئك الوغاد أن لرسول ال صلى ال عليه وسلم أنصارا؛ ل يرضون أن يدنس جنابه‪ ..‬أو أن يس‬
‫بسوء عرضه‪ ..‬ودون ذلك حزّ الرءوس‪.‬‬
‫أيها السلمون‪ :‬رسولنا الكري وحبيب رب العالي صلى ال عليه وسلم الذي ضحى بكل ما يلك‬
‫من أجل أن يصلنا هذا الدين ؟!!فكم أوذي من أجلنا ؟ كم بُصق على وجهه الشريف من أجلنا ؟!!‬
‫كم طرد من أرضه من أجلنا ؟!! وهو الشفيق الرؤوف الرحيم بأمته (َلقَدْ جَاءكُ ْم رَسُو ٌل مّنْ أَنفُسِكُمْ‬
‫ف رّحِيم)ٌ [التوبة ‪ ]8‬أل يؤذيه قومه فكسروا‬ ‫ص َعلَيْكُم بِالْ ُم ْؤمِِنيَ َرؤُو ٌ‬ ‫َعزِيزٌ َعلَْي ِه مَا عَنِتّ ْم َحرِي ٌ‬
‫رباعيته وشجوا رأسه وأدموا عقبيه ث يعفوا ويصب ويقول (اللهم اغفر لقومي فإنم ل يعلمون) وحي‬
‫دخل مكة فاتا ومنتصرًا وتوقع الميع أن ينتقم من أهل مكة ويقتلهم قال (اذهبوا فأنتم الطلقاء)‬
‫أليس هو الرحة الهداة والنعمة السداة الذي يقول‬
‫(مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولا جعل الفراش وهذه الدواب الت ف النار يقعن‬
‫فيها وجعل يجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها قال فذلكم مثلي ومثلكم أنا آخذ بجزكم عن النار هلم‬
‫عن النار فتغلبون تقحمون فيه) رواه البخاري ومسلم‬
‫أبعد هذا الهد والهاد والبذل والعطاء‪..‬الذي قدمه لنا وللبشرية جعاء أنعجز أن نصنع شيئا لذا‬
‫الرسول الكري ‪.‬أنعجز‪.‬أن نقاطع منتجات الدنرك بأنواعها وأشكالا؟!! أنعجز أن نكتب إل سفارتم‬
‫خطابا نعب فيه عن غضبنا عما حصل من تلك الصحيفة !! أنعجز ولدينا تقنيات التصال الديث‬
‫عب الفضاء وعب البيد الليكترون أن نراسل كافة مسئول تلك الدولتي‪..‬‬
‫حقًا أيها السلمون هلموا إل سلح القاطعة ول يقولن قائلٌ كم سيكونُ حج ُم مقاطعت؟ فإن لا‬
‫تأثيا وأي تأثي؟ ولو على الدى البعيد وف نفس الوقت تسجيل موقف عملي يسجله التاريخ لهل‬
‫السلم‪ ..‬يقولُ النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬جاهدوا الشركي بأموالكم وأيديكم وألسنتكم) رواه‬
‫أبو داود والنسائي بسند صحيح‪ .‬فأين جهاد الكلمة والبيان؟ وأين القتدرون بأقلمهم وكتاب‬
‫الصحف والعمدة والزوايا ل ل يتشرفون ويبلغون ذرى الجد بتبن مواقف بيانية دفاعية وهجومية‬
‫معتدلة‪ .‬وكم نأسف لال أعداد كبية من الكتاب افتقدناهم ف مثل هذا الوضوع وهذا النعطف‬
‫الطي وهم الذين أجلبوا على السلمي بكتاباتم الستفزازية لحاربة التطرف ونبذا لقصاء واتام‬
‫الناهج الشرعية بكل نقيصة ورمي الراكز السلمية والدعوية والنشطة الصيفية بتهم تفريخ‬
‫الرهاب؟ ولا كان المر يتعلق بنقد الغرب (السياد) جحروا وتكسرت نصالم وجفت مابرههم‬
‫مع أن قضية سب النب صلى ال عليه وسلم قضية دينية وقومية ووطنية؟ أل تتسع لا قائمة اهتماماتم‬
‫أل يتحدثوا عنها ولو ماملة للمسلمي ف بلدهم وخارجها؟ حقًا إن الفت كواشف وومصات (مّا‬
‫ث مِنَ الطّّيبِ) [آل عمران ‪.]179 :‬‬ ‫خبِي َ‬
‫كَانَ الّلهُ لِيَ َذ َر الْ ُم ْؤمِِنيَ َعلَى مَا أَنتُ ْم عَلَْيهِ َحتّىَ يَمِيزَ الْ َ‬

‫‪455‬‬
‫وبالمس القريب حي عزا أهل العلم زلزال وطوفان سونامي ف بعض دول شرق آسيا إل أن ذلك‬
‫عقوبة ربانية خرجوا عن طورهم وهبوا جيعا مدافعي عن أماد الغرب وحرياتم الدينية ف أعيادهم!‬
‫إنا مفارقات ف زمن الذل والنبطاح للمستعمر بل وجهود حثيثة لتسويق منهجه وثقافته‪.‬‬
‫أيها السلمون وأخيًا‪ :‬فإن عظمة رسول ال – صلى ال عليه وسلم – ف نفوسنا أعظم‪ ،‬ولن ينال‬
‫منها مثل هذا التصرف الرعن (والذي يبصق على السماء عليه أن يسح وجهه بعد ذلك)‪ ،‬والذي‬
‫يعنينا هنا واجبنا نن تاه مقام النبوة‪ ،‬والنتصار لناب الرسول – صلى ال عليه وسلم‪ -‬والذبّ عن‬
‫شريف مقامه‪.‬‬
‫‪ -‬فهذا نداء إل كل مؤمن بال ورسله‪ ،‬إل كل قلب يفق حبا لنبيه – صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬وإل‬
‫كل مهجة تتحرق شوقا إليه ‪ ،‬إل كل مسلم يعلم أنه لول رسول ال – صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لكنا‬
‫حيارى ف دياجي الظلمات‪ ،‬ولول رسول ال لكنا فحما ف نار جهنم‪ ،‬إل كل مسلم يقول من‬
‫أعماق قلبه‪ :‬فدى لرسول ال نفسي‪ ،‬وفدى لنفاسه أب وأمي‪ ،‬إل كل مسلم تضج جوانه تعظيما‬
‫وتوقيا‪ ،‬وإجللً وتقديسا لرسول ال – صلى ال عليه وسلم – هذا نداء لنصرة النب أمام هذا‬
‫التواقح الفاحش والتسفل البذيء‪ ،‬ولن يعدم كل غيور أن يد له مكانا ومكانة‪ ،‬وأن يبذل فيه جهدا‬
‫ولو قل‪ ،‬وكل كثي منّا فهو ف حق النب قليل‪ .‬وذلك بإعلن الستنكار لذا التهجم والجوم‬
‫والحتجاج القوي عليه‪ ،‬والرد بعزة ووثوق على شبههم الستهلكة‪ ،‬وأن يعلم هؤلء ومن يلحد إليهم‬
‫عظيم جنايتهم وتنيهم على مشاعر السلمي‪ ،‬وأن يُعلموا أن مكانة النب – صلى ال عليه وسلم –‬
‫ف نفوس السلمي أعظم ما يتصورون‪ ،‬والساس با أخطر ما يقدرون‪،‬‬
‫أل فاتقوا ال عباد ال وكل ف موقعه ومسئوليته عليه واجب كبي ودين عظيم ل وقت لجرد التلوم‬
‫وإلقاء السئولية على الغي أيا كان ذلك الغي بل كل يعمل ما ف وسعه لذا الدين العظيم الذي هو‬
‫منة ال العظمى على عباده وال قادر على نشر دينه وحفظه ونصر رسله وأوليائه ولكن اقتضت‬
‫صرَ مِْنهُ ْم وَلَكِن لّيَْبُلوَ‬
‫حكمته أن يكلف عباده بذلك ويبتليهم كما قال سبحانه ال (وََلوْ يَشَاء الّلهُ لَانَت َ‬
‫ض وَالّذِينَ قُِتلُوا فِي سَبِيلِ الّلهِ َفلَن ُيضِلّ َأعْمَاَلهُمْ} [ممد ‪]4 :‬‬
‫َب ْعضَكُم بَِبعْ ٍ‬
‫ستَبْ ِدلْ َقوْما َغْيرَكُمْ ثُمّ لَا يَكُونُوا َأمْثَالَكُمْ) [ممد‪.]38 :‬‬
‫فإن قاموا با عليهم وإل (وَإِن تََتوَّلوْا يَ ْ‬
‫اللهم أعز السلم والسلمي‪ ..‬وصلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫=========================‬
‫ب الختار صلى ال عليه وسلم‬
‫النتصار للن ّ‬

‫عبد النعم مصطفى حليمة‬


‫المد ل وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نب بعده‪ ،‬وبعد‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫فقد تناهى إل مسامعنا تطاول بعض الرائد الحلية الرسية الدنركية على سيد اللق‪ ،‬وخات النبياء‬
‫والرسلي ـ صلوات رب وسلمه عليه ـ من خلل رسه ف صور كاريكاتيية ساخرة‪ ..‬ورغم ما‬
‫يثل هذا الدث الدنيئ التخلف من اعتداء سافر على السلم والسلمي‪ ..‬تأب الريدة "‬
‫‪ Jyllands Post‬صلى ال عليه وسلم ‪ " n‬أن تقدم أي اعتذار عن سوء صنيعها هذا‪ ..‬كما‬
‫وتأب الكومة الدنركية أن توجه أي خطاب تأنيب واستنكار للجريدة‪ ..‬أو حت اعتذار للمسلمي!‬
‫نبينا صلوات رب وسلمه عليه ل يتاج من ول من غيي إل أن ندافع عنه ـ وكأن الطعن بقه‬
‫متمل! ـ أو أن نُظهر مامد خصاله وأخلقه‪ ..‬فهو أكب وأعظم من ذلك‪ ..‬يكفيه فخرا وعظمة أن‬
‫ال تعال من فوق سبع ساوات يصفه بقوله‪َ { :‬وإِّنكَ َلعَلى ُخلُ ٍق عَظِيمٍ} [ القلم‪ .]4:‬وقوله تعال‪:‬‬
‫{ِإّنكَ َل َعلَى هُدًى مّسَْتقِيمٍ} [ الج‪ .]67:‬وقوله تعال‪َ { :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إِلّا رَحْ َمةً لّ ْلعَالَ ِميَ}‬
‫[ النبياء‪ .] 107:‬فأي تزكية تعلو أو توازي هذه التزكية‪ ..‬وما قيمة ثناء وتزكية الخلوق تاه ثناء‬
‫وتزكية الالق سبحانه وتعال ؟!‬
‫لكن ماذا يعن هذا الدث اللل‪ ..‬وكيف يفهمه ويفسره السلمون ؟!‬
‫هذا الدث اللل يعن أمورا عدة‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن هذا الطعن بشخص النب صلى ال عليه وسسلم هو طعن بميع أنبياء ال تعال ورسله‪:‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى عليهم السلم‪ ،‬وغيهم من النبياء والرسل؛ لنم كلهم يصدقون بعضهم‬
‫بعضا‪ ،‬ويُلزمون أتباعهم باليان والتصديق بميع النبياء والرسل من جاء قبلهم ومن يأت بعدهم؛‬
‫وبالتال فإن تكذيب أي نب من أنبياء ال تعال أو الطعن به‪ ،‬هو تكذيب لميع النبياء والرسل‪،‬‬
‫وطعن بم‪ ،‬قال تعال‪{ :‬قُولُوْا آمَنّا بِالّلهِ َومَا أُنزِلَ إَِليْنَا َومَا أُنزِلَ ِإلَى إِْبرَاهِي َم وَإِسْمَاعِي َل وَإِسْحَاقَ‬
‫ط َومَا أُوتِ َي مُوسَى َوعِيسَى َومَا أُوتِيَ النِّبيّو َن مِن رّّبهِمْ َل ُن َفرّقُ بَيْنَ َأحَ ٍد مّْنهُمْ‬ ‫ب وَال ْسبَا ِ‬ ‫وََي ْعقُو َ‬
‫سلِمُونَ} [ البقرة‪ .] 136:‬وقال تعال‪{ :‬آمَنَ الرّسُو ُل بِمَا أُنزِلَ ِإلَْيهِ مِن رّّب ِه وَالْ ُم ْؤمِنُونَ‬ ‫وَنَحْ ُن َلهُ مُ ْ‬
‫كُ ّل آمَنَ بِالّلهِ َومَلئِ َكِتهِ وَ ُكتُِب ِه َورُسُِلهِ لَ ُن َفرّقُ بَيْنَ َأحَ ٍد مّن رّسُِل ِه وَقَالُواْ سَ ِمعْنَا وَأَ َطعْنَا ُغ ْفرَاَنكَ رَبّنَا‬
‫وَإِلَْيكَ الْ َمصِيُ} [ البقرة‪.]285:‬‬
‫والطعن والستهزاء بالنبياء والرسل هو استهزاء وطعن بال عز وجل الذي زكى أنبياءه ورسله‪،‬‬
‫وأثن عليهم خيا‪ ،‬لذلك عُد النفر الذين استهزؤوا بأصحاب النب صلى ال عليه وسلم وهم ف‬
‫مسيهم نو تبوك‪ ،‬هو استهزاء بال وآياته‪ ،‬ورسوله‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬وََلئِن سَأَْلَتهُمْ لََيقُولُنّ إِنّمَا كُنّا‬
‫ض وََن ْل َعبُ ُقلْ أَبِالّلهِ وَآيَاِتهِ َورَسُوِلهِ كُنتُمْ َتسَْت ْهزِئُونَ‪َ .‬ل َتعْتَ ِذرُواْ قَدْ َك َفرْتُم َبعْدَ ِإيَانِكُمْ}‬ ‫نَخُو ُ‬
‫[ التوبة‪65:‬ـ‪.] 66‬‬
‫ومنها‪ :‬أن هذا العتداء على شخص النب صلى ال عليه وسلم هو اعتداء على جيع السلمي ف‬
‫الرض‪ ،‬وعلى مشاعرهم‪ ،‬وعقيدتم‪ ..‬وهو أشد عليهم من العتداء الباشر على أنفسهم وأموالم‪..‬‬

‫‪457‬‬
‫والصليبيون يُدركون هذا العن؛ وهو الراد من وراء طعنهم وتشهيهم ـ التكرر بي الفينة والخرى‬
‫ـ بشخص النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن اللجوء لثل هذا الطعن‪ ،‬والستهزاء‪ ..‬هو علمة من علمات الفلس الفكري والضاري‪،‬‬
‫والثقاف لدى النصارى الصليبيي‪ ..‬وحضارتم‪ ..‬فيُعوضون عن هذا النقص والفلس بثل هذا‬
‫الطعن‪ ،‬والسب‪ ،‬والستهزاء!‬
‫ومنها‪ :‬أن الشعار الرفوع حول حوار الديان والضارات هو شعار كاذب؛ له ما له من الغايات‬
‫والقاصد الريبة البيثة‪ ..‬ل وجود له على القيقة والتحقيق!‬
‫فالغرب النصران الصليب بتواطؤه على مثل هذا الطعن والستهزاء بشخص النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ..‬يفقد الصداقية‪ ،‬والرغبة الصادقة ف الوار والتفاهم مع السلمي‪ ،‬ومع حضارة السلم‪ ..‬إذ‬
‫كيف ينهضون للحوار واللوس مع السلمي وهم يطعنون ويستهزئون بنب السلم‪ ،‬وبأقدس ما عند‬
‫السلمي ؟!‬
‫فالتواطؤ على مثل هذا الطعن والستهزاء ل شك أنه يوسع من ساحة عدم التفاهم والتعايش السلمي‬
‫والمن بي الشعوب والضارات !‬
‫ومنها‪ :‬أن مثل هذا الطعن والستهزاء‪ ..‬والتواطؤ عليه من قبل الهات الرسية‪ ..‬يدل على ازدواجية‬
‫العايي والقواني العمول با ف بلد الغرب النصران؛ فهم إذ يسنون القواني الت تُحارب إثارة‬
‫الكراهية والعنصرية بي الشعوب كما يزعمون‪ ،‬تراهم هم أول من ينقض ويُخالف هذه القواني‪،‬‬
‫وباصة عندما تكون إثارة هذه الكراهية موجهة ضد السلم والسلمي‪ ..‬وتسي ف التاه الذي‬
‫يرغبونه ويهوونه!‬
‫عندما تكون إثارة الكراهية والعداوة موجهة ضد السلم والسلمي‪ ..‬فهذه حرية مصونة الانب ل‬
‫يوز الساس با أو القتراب منها‪ ..‬وعندما تُثار الكراهية ف التاه الذي ل يرضونه ول يلمس‬
‫هواهم‪ ..‬فحينئذٍ تُصبح إجراما مالفة للقانون‪ ،‬يؤخذ صاحبها بالنواصي والقدام !‬
‫ومنها‪ :‬أن مثل هذا الطعن والستهزاء‪ ..‬والتواطؤ عليه‪ ..‬يُعد تعبيا صادقا عما يُضمره القوم من‬
‫حقد‪ ،‬وكراهية‪ ،‬وعداوة وبغضاء للسلم والسلمي‪ ..‬وإن تظاهروا بلف ذلك‪ ..‬وأنم من دعاة‬
‫النسانية‪ ..‬والرية‪ ..‬وعدم التعصب للديان !‬
‫صدق ال العظيم‪{ :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ َل تَتّخِذُواْ بِطَانَ ًة مّن دُونِكُمْ َل يَأْلُونَكُ ْم خَبَا ًل َودّوْا مَا عَنِتّمْ‬
‫خفِي صُدُورُهُمْ أَ ْكَبرُ قَدْ بَيّنّا لَكُ ُم اليَاتِ إِن كُنتُمْ َت ْعقِلُونَ} [آل‬ ‫قَ ْد بَ َدتِ الَْب ْغضَاء مِنْ َأ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫عمران‪.] 118 :‬‬
‫هكذا يفهم السلمون هذا الدث اللَل‪ ..‬وهكذا يفسرونه‪ ..‬وف التام أود أن أذكر إخوان‬
‫السلمي بقيقة ساطعة ماثلة للعيان طالا ذكرتم با‪ ،‬وهي‪ :‬أنكم رعية بل راعٍ‪ ..‬ووال لو كان لكم‬

‫‪458‬‬
‫دولة وسلطان يترم نفسه‪ ،‬ودينه‪ ،‬وأمته‪ ..‬لا ترأ القوم على التطاول على نبيكم؛ نب السلم‬
‫والرحة ـ صلوات رب وسلمه عليه ـ وعلى أقدس مقدساتكم‪ ..‬ولكن لا وجدوكم رعية متفرقي‬
‫بل راعٍ يرعاكم‪ ،‬ويذود عنكم وعن دينكم‪ ..‬طمعوا بكم‪ ..‬وتكالبوا عليكم‪ ..‬وعلى دينكم‪..‬‬
‫وأمتكم‪ ..‬كما تتكالب الكلة على قصعتهم !‬
‫ما هو موقف حكامنا من هذا الدث اللل‪ ..‬وما موقف إعلمهم الشغول بتوافه زائفة ؟!‬
‫ل شيء؛ وكأن المر ل يعنيهم ف شيء‪ ..‬وكأن النب صلى ال عليه وسلم ليس نبيهم‪ ..‬والسلم‬
‫ليس دينهم!‬
‫لو تعرض أحدهم ـ من قِبل أي دولة ـ لنوع استهزاء أو طعن وتريح‪ ..‬لستدعى سفيه‪ ،‬وهمّ‬
‫بقطع العلقات الدبلوماسية والقتصادية‪ ،‬والتجارية مع تلك الدولة‪ ..‬ولتحركت جيع وسائل العلم‬
‫للذود عن الطاغوت‪ ..‬أما أن يتعرض شخص النب صلى ال عليه وسلم ـ الذي لوله‪ ،‬ولول أن منّ‬
‫ال به علينا لا كنا نساوي شيئا ـ للطعن والستهزاء‪ ..‬والتحقي‪ ..‬فهذا ل يستدعي شيئا من هذا‬
‫القاطعة أو الحاربة‪ ..‬أو القلق‪ ..‬ول حول ول قوة إل بال!‬
‫أما أنتم أيها السلمون افعلوا كل شيء‪ ،‬وأي شيء متاح ومشروع‪ ..‬من أجل نبيكم‪ ..‬والذود عن‬
‫حرمات وعِرض نبيكم‪ ..‬تقبل ال منكم‪ ،‬وغفر ال لنا ولكم‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫‪ ... dina‬الردن ‪PM 8:48:55 3/6/2006 ...‬‬
‫انا اساعد الرسول بارسال الرسائل ضد الدينمارك على الييل لكل ادقائي وشكرا ال لرسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‬
‫_______________________‬
‫ل عذر لكم ‪... .........‬‬

‫ل عُذرَ لكُم عن َد الِ إنْ خَلصُوا إل رسولِ ال بسم ال الرحن الرحيم المد ل وحده‪ ،‬والصلة‬
‫والسلم على من ل نب بعده‪ ،‬وبعد‪ .‬فإنم يُصرون على الستمرار ف الطعن‪ ،‬والتجريح‪ ،‬والستهزاء‬
‫بسيد اللق ‪ ..‬ليوّضوا السلمي على القبول بثل هذا الطعن والستهزاء بدينهم ونبيهم ‪ ..‬ونن نصر‬
‫على الستمرار ف النتصار‪ ،‬والذود عن حرمات وعِرض النب صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬فأنفُسنا‪،‬‬
‫وآباؤنا‪ ،‬وأمهاتنا‪ ،‬وعِرضنا ِلعِرض ممدٍ صلى ال عليه وسلم من هؤلء الكافرين والنافقي فداء‪ .‬كنا‬
‫أمام دولة كافرة فاجرة ترأت على الطعن والستهزاء بسيد اللق؛ تُسمى " الدينمارك " فأصبحنا‬
‫أمام دول الغرب الصليب كلها‪ ،‬تتبعهم بعض رؤوس النفاق والزندقة ف بعض الدول العربية ـ‬

‫‪459‬‬
‫بعضهم أولياء بعض ـ ليكرروا الستهزاء على الل ‪ ..‬ويهونوا من شأنه ‪ ..‬ليفكوا الصار‬
‫القتصادي والسياسي والعلمي عمن سنّ هذه السنة البيثة وكان له وزر البتداء با ‪ ..‬متحدين‬
‫بذلك مشاعر أكثر من مليار ونصف الليار من السلمي‪ .‬يُراهنون على الزمن؛ فتنادوا فيما بينهم ـ‬
‫كفار ومنافقون ـ لنستمر ف الطعن والستهزاء بنب السلم والسلمي ـ بزعم حرية التعبي كما‬
‫تكفلها لم ديقراطيتهم القذرة ـ إل أن يل السلمون الدفاع عن نبيهم ‪ ..‬ويهدؤوا ‪ ..‬ونشتت‬
‫جهودهم ومعارضتهم ‪ ..‬ويتقبلوا ظاهرة الطعن بنبيهم كما تقبل بعضهم من قبل الطعن والستهزاء‬
‫بشرع نبيهم تت ذريعة العمل بالديقراطية الت من مقتضاها أن ل حصانة لحد أو لشيء من النقد‬
‫والرد‪ ،‬والتهكم والستهزاء! ولؤلء جيعا نقول‪ :‬ل تنّوا أنفسكم ‪ ..‬أجعوا كيدكم ومكركم ث‬
‫إئتوا صفّا ‪ ..‬فلن نل النتصار للنب الختار صلوات رب وسلمه عليه وفينا عي تطرف‪ ،‬وبقية رمق‬
‫من حياة! أيها السلمون ‪ ..‬يا أحباب ممد صلى ال عليه وسلم ‪ :‬حذار أن تلوا النتصار والذود‬
‫عن حرمات وعِرض نبيكم ‪ ..‬ل عذر لكم عند ال إن خذلتم النب صلى ال عليه وسلم ف موقف‬
‫تستطيعون من خلله الذود عن حرمات وعِرض نبيكم ث ل تفعلوا! ل عذر لكم عند ال إن خلصوا‬
‫إل الطعن والستهزاء برسول ال ‪ ..‬وأنتم قادرون على أن تنعوا شيئا من هذا الطعن والستهزاء ‪..‬‬
‫ث ل تفعلوا! ل يؤمن أحدكم حت يكون النب صلى ال عليه وسلم أحب إليه من نفسه وماله‪،‬‬
‫ووالده‪ ،‬وولده‪ ،‬والناس أجعي ‪ ..‬وبرهان هذا الب ‪ ..‬ومن علمات صدقه ‪ ..‬أن تنصروا ممدا ‪..‬‬
‫وأن ل تذلوه ـ صلوات رب وسلمه عليه ـ ف موقف هو يتاجكم فيه‪ ،‬وإن أدى ذلك إل أن‬
‫ترجوا من أموالكم وأهليكم‪ .‬كيف بك يا عبد ال أن تأت يوم القيامة رسو َل ال فتسأله الشفاعة ‪..‬‬
‫وأن يسقيك من حوضه الشريف ‪ ..‬فيُعرض عنك ‪ ..‬ويقول لك‪ :‬قد استُهزئ ب ف الياة الدنيا ‪..‬‬
‫وأنت تسمع ‪ ..‬ول تنتصر ل ‪ ..‬ول تذبّ عن عِرضي وحرمات ‪ ..‬وكنت قادرا على أن تفعل الكثي‬
‫من أجلي ول تفعل؟! انظروا ماذا يقول نبيكم صلوات رب وسلمه عليه ‪ ..‬قال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ ":‬مَن ذبّ عن عِرض أخيه بال َغيْبَ ِة كان حقا على ال أن يُعتقَه من النار "‪ .‬قلت‪ :‬كيف إذا كان هذا‬
‫الخ الذي تذب عن عِرضه بالغيبة هو البيب الصطفى صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬هو حبيب ال‬
‫ورسوله صلى ال عليه وسلم ؟! وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬من ردّ عن عِرضِ أخيه‪ ،‬ردّ الُ عن‬
‫وجههِ النارَ يومَ القيامة "‪ .‬قلت‪ :‬كيف إذا كان هذا الخ الذي ترد عن عِرضه وتذود عن حرماته هو‬
‫البيب الصطفى صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬هو حبيب ال ورسوله صلى ال عليه وسلم ؟! وقال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ":‬من حى مؤمنا من منافقٍ بعث ال ملكا يمي لمه من نار جهنّم "‪ .‬قلت‪ :‬كيف‬
‫إذا كان هذا الؤمن الذي تمي عِرضه من أذى وطعن واستهزاء النافقي هو البيب الصطفى صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ..‬هو حبيب ال ورسوله صلى ال عليه وسلم ؟! وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬ما من‬
‫امرئٍ يذ ُل امرءا مسلما ف موطنٍ يُنتقَصُ فيه عِرضه‪ ،‬ويُنتهك فيه من حُرمته‪ ،‬إل خذله ال تعال ف‬

‫‪460‬‬
‫موطنٍ يُحبّ فيه نصرته‪ ،‬وما من أحدٍ ينصرُ مسلما ف موطنٍ يُنتقصُ فيه من عِرضه‪ ،‬ويُنتهكُ فيه من‬
‫حرمته‪ ،‬إل نصرهُ الُ ف موطنٍ يُحبّ فيه نصرتَه "‪ .‬إنه حقا باب من أبواب النة والي قد فُتح لن‬
‫يُحسن اغتنامه واستغلله ‪ ..‬فهنيئا ث هنيئا لن وُفّقَ لنصرة النب الصطفى والذود عن عِرضه وحرماته‬
‫‪ ..‬وخاب وخسر وندم من خذل النب الصطفى صلوات رب وسلمه عليه ‪ ..‬ولت حي مندم‪ .‬أيها‬
‫السلمون‪ :‬العتداء على شخص النب صلى ال عليه وسلم بالطعن والستهزاء ‪ ..‬هو اعتداء على حقّ‬
‫عام وخاص‪ .‬فالعتداء على الق العام يتمثل ف العتداء على مموع المة السلمية ف مشارق‬
‫الرض ومغاربا ‪ ..‬وهذا الق قد يغسله ويبه اعتذار الان وتوبته وتراجعه‪ .‬أما الق الاص؛ فهو‬
‫متعلق بشخص النب صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وهو حق ل يغسله العتذار ‪ ..‬ول التوبة‬
‫والتراجع ‪ ..‬ول مال الرض كلها ‪ ..‬فل يغسله إل القصاص والدم وقتل الشات الطاعن الستهزئ ‪..‬‬
‫فحد النبياء ل يشبه الدود ‪ ..‬وحد شات النب صلى ال عليه وسلم الستهزئ به أن يُقتل كفرا‬
‫وحدا؛ فإن تاب من الكفر وصدق ف توبته‪ ،‬بقي عليه حد القتل ول بد حصانة لرمة وعِرض النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وحقّا من حقوقه الاصة‪ .‬هذا الق الاص للنب صلى ال عليه وسلم‬
‫ولخوانه من النبياء ‪ ..‬ل يلك أحد من المة ـ كائن من كان ـ ل شعبا ول حاكما‪ ،‬ول قبيلة‬
‫ـ أن يتنازل عنه أو يعفو عنه؛ لن النب صلى ال عليه وسلم ل يول أحدا من أمته أن يعفوا عن‬
‫حق خاص به‪ ،‬وبالتال ل بد من القصاص‪ .‬أعجب لفريق من الناس ـ من بن جلدتنا من هان‬
‫عليهم دينهم ـ يسعى لتهدئة المور‪ ،‬والشفاعة للجناة الذين ترؤوا على الطعن والستهزاء بشخص‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وكأن النب صلى ال عليه وسلم قد خولم بأن يتنازلوا عن حق خاص‬
‫به؟! ولؤلء نقول‪ :‬عِرض النب صلى ال عليه وسلم تعرض للذى والعتداء ل عِرضكم؛ عندما‬
‫يكون الطعن والشتم والستهزاء موجه لكم ‪ ..‬لكم حينئذٍ أن تعفوا عن الشات الستهزئ بكم إن‬
‫شئتم ‪ ..‬أما عندما يكون موجه للنب صلى ال عليه وسلم فمن خولكم بأن تعفوا عن حق خاص‬
‫بالنب صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬أو أن تتشفعوا ف حدّ من حدود ال؟! لذا كان الصحابة رضي ال‬
‫عنهم ل يرون لشات النب صلى ال عليه وسلم الستهزئ به ـ وإن تاب وصدق ف توبته ـ سوى‬
‫القتل حدا وقصاصا‪ .‬كما ف الثر عن أب َب ْرزَةَ السلمي‪ ،‬قال‪ :‬أغلظَ رجلٌ لب بكرٍ الصديق‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬أقتله؟ فانتهرن؛ وقال‪ ":‬ليس هذا الد لحدٍ بع َد الرسولِ صلى ال عليه وسلم "[ صحيح‬
‫سنن النسائي‪ .] 3795:‬قال ابن تيمية ف كتابه العظيم " الصارم السلول على شات الرسول "‪ :‬أن‬
‫ل على مرد‬ ‫قتلَ ساب النب صلى ال عليه وسلم وإن كان قُتل كافر‪ ،‬فهو حدّ من الدود ليس قت ً‬
‫الكفر والراب‪ ،‬لا تقدم من الحاديث الدالة على أنه جناية زائدة على مرّد الكفر والحاربة‪ ،‬ومن‬
‫أن النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه أمروا فيه بالقتل عينا ‪ ..‬وقد ثبت أن حده القتل بالسنة‬
‫والجاع ا‪ -‬هـ‪ .‬وف التام أود أن أوجه رسالتي‪ :‬رسالة إل حكام السلمي‪ ،‬ورسالة إل من‬

‫‪461‬‬
‫تُطاوعهم أنفسهم الريضة على النيل من جناب النب صلى ال عليه وسلم ‪ .‬أما رسالت إل الكام‪،‬‬
‫فأقول لم‪ :‬إنا فرصة لكم لكي تراجعوا أنفسكم لتنظروا أين أنتم من أمتكم وهومها ‪ ..‬وأين أنتم‬
‫من دين ال ‪ ..‬وجادة الق والصواب‪ .‬الطلوب منكم ـ كحكام ـ أكثر من مرد الستنكار‬
‫استرضاء للشعوب السلمة الغاضبة ‪ ..‬الطلوب منكم‪ :‬أن توقفوا ضخ البترول ـ عصب الياة ـ إل‬
‫كل دولة يثبت عنها ـ أو عن بعض مؤسساتا العلمية ـ الطعن والستهزاء بشخص النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ..‬وعداءها للسلم والسلمي ‪ ..‬وأن توقفوا معها جيع أشكال التعاون القتصادي‬
‫والدبلوماسي! الطلوب منكم‪ :‬أن تدخلوا صادقي ف موالة النب صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وموالة‬
‫الؤمني ‪ ..‬وموالة دينه وشرعه ‪ ..‬فل تكموا شعوبكم إل بشرع ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫الطلوب منكم‪ :‬أن تطهّروا الجتمع ‪ ..‬وجيع الؤسسات العامة والاصة ‪ ..‬من ظاهرة الستهزاء‬
‫والتهكم بحمدٍ صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وبدين وشرع ممد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فإن فعلتم ذلك‬
‫فستجدونا ـ كشعوب مسلمة ـ مباشرة معكم ‪ ..‬نذود عنكم ‪ ..‬كما تذودون عنا وعن ديننا‬
‫وأمتنا! نن ـ بفضل ال ـ نوال ف ال ونعادي ف ال ‪ ..‬ل نعرف الحقاد والثارات للنفس أو‬
‫للدنيا ‪ ..‬فعلى قدر قربكم من ال نقترب منكم ‪ ..‬ونعفوا ونصفح ‪ ..‬وعلى قدر بعدكم عن ال‬
‫نعادي وناف وناصم! طلبتم العزة دهرا من أعداء المة فأذلكم ال ‪ ..‬فاطلبوها صادقي ولو مرة‬
‫واحدة من ال ‪ ..‬وانظروا كيف سيعزكم ال‪ .‬صدق الفاروق عمر ‪ t‬إذ قال‪ ":‬كنا أذلء فأعزنا ال‬
‫بالسلم‪ ،‬فإذا ما ابتغينا العزة بغي ما أعزنا ال به أذلنا ال "‪ .‬أما رسالت لؤلء الذين تُطاوعهم‬
‫أنفسهم الريضة على التطاول والنيل من جناب النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬سواء كانوا دولً‪ ،‬أو‬
‫منظمات‪ ،‬أو هيئات‪ ،‬أو أفرادا‪ ،‬ألصها لم ف النقاط التالية‪ -1 :‬قد مضت سنة ال تعال فيمن‬
‫يتطاول على جناب النب الصطفى صلى ال عليه وسلم بالطعن أو أي نوع من أنواع التهكم‬
‫والستهزاء ‪ ..‬أن يُصيبهم ال تعال بقارعة ـ ال أعلم باهيتها ونوعها وحجمها ـ قبل يوم القيامة؛‬
‫إما على يد عباده الوحدين الجاهدين‪ ،‬وإما بسبب كون يقدره ال‪ .‬عرف التاريخ طائفة من ترؤوا‬
‫على الطعن والستهزاء بسيد اللق ‪ ..‬فكانت نايتهم وخاتتهم وخيمة جدا وعبة لن أراد أن يعتب‬
‫ل ‪ ..‬ستذكرون ما أقول‬ ‫‪ ..‬وأنتم على دربم وإثرهم سائرون‪ ،‬وسيصيبكم ما أصابم عاجلً أم آج ً‬
‫ص َرهُ الّلهُ (التوبة‪.40:‬‬
‫صرُوهُ َفقَدْ َن َ‬
‫لكم! قال تعال‪ ):‬إِلّ تَن ُ‬
‫فالنب صلى ال عليه وسلم منصور منصور؛ إما أنه منصور بال‪ ،‬وإما أنه منصور بعبد ال‪ .‬وقال‬
‫تعال‪ِ ):‬إنّا َكفَيْنَاكَ اْلمُسَْت ْهزِِئيَ (الجر‪ .95:‬وهذا وعد قد قطعه ال تعال على نفسه ـ ومن أصدق‬
‫من ال عهدا ـ بأن يكفي نبيه صلى ال عليه وسلم الستهزئي الشانئي‪ ،‬سواء كان ذلك ف حياة‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أم بعد ماته‪ .‬أي أنت يا من حلتك نفسك المارة بالسوء على الطعن‬
‫والستهزاء بسيد اللق ‪ ..‬خذ حذرك؛ فقد دخلت ف حرب صرية ومعلنة مع ال تعال ‪ ..‬وأنّى‬

‫‪462‬‬
‫لثلك ومعك من ف الرض جيعا أن يُحاربوا ال! ‪ -2‬هذا الذي تفعلونه من تكم واستهزاء بسيد‬
‫اللق ‪ ..‬كما هو من جهة مؤل جدا للمسلمي ‪ ..‬إل أنه من جهة أخرى بشرى خي لم باقتراب‬
‫هلك الظالي الفسدين الجرمي‪ ،‬وأفول سلطانم وملكهم ‪ ..‬واقتراب انتصار الؤمني الوحدين ـ‬
‫ورثة النبياء والرسل ـ الذين يؤمنون ويوقرون جيع أنبياء ال تعال ورسله‪ ،‬ل يفرقون بي أحدٍ من‬
‫رسله‪ .‬ولو ل يكن من ثرات وبركات اعتداءكم السافر على سيد اللق ‪ ..‬سوى هذا الئتلف‬
‫والجتماع والتوحد الذي تقق للمسلمي ‪ ..‬لكان ذلك كافيا‪ ،‬وخيا كثيا ‪ ..‬فالصاب الليم العام‬
‫والشترك يوحد القلوب قبل أن يوحد الصفوف! ‪ -3‬لعلكم أردت من وراء تطاولكم على سيد اللق‬
‫‪ ..‬أن تتحسسوا أحوال المة ‪ ..‬هل ل تزال أمة السلم فيها عرق ينبض بالياة ‪ ..‬هل ل يزال ـ‬
‫ل ـ من السلمي من يغار على الدين‪،‬‬ ‫بعد حكم العلمانية وتسلطها على الشعوب قرنا كام ً‬
‫والرمات‪ ،‬والقوق ‪ ..‬أم أن المة قد ماتت ول تعد تس بشيء؟ نقول لكم‪ :‬ل تفرحوا ‪ ..‬قد‬
‫خاب فألكم ‪ ..‬فأمة السلم ل ولن توت ‪ ..‬قد ترض ‪ ..‬قد تضعف ف جانب من جوانب حياتا‬
‫‪ ..‬قد تكبو ‪ ..‬قد تتعثر ف بعض خطواتا ‪ ..‬نعم هذا يصل‪ ،‬وإن حصل فسرعان ما تنهض وتفيق ‪..‬‬
‫لكن ل ولن توت ‪ ..‬وهي باقية ما بقيت الياة على هذه الرض‪ ،‬إل أن تقوم الساعة ‪ ..‬ويبعث ال‬
‫من ف القبور‪ .‬فقد تكفل ال تعال بفظ دينه‪ ،‬كما قال تعال‪ ):‬إِنّا َنحْنُ َنزّْلنَا الذّ ْكرَ وَِإنّا َلهُ لَحَافِظُونَ‬
‫(الجر‪ .9:‬ومن حفظ ال تعال لذا الذكر أن يفظ ال تعال حلة وحفظة هذا الذكر‪ ،‬الداعي إليه‪،‬‬
‫والجاهدين ف سبيله‪ ،‬وإل أن تقوم الساعة‪ .‬كما ف الديث فقد صح عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫أنه قال‪ ":‬ل تزال طائفة من أمت ظاهرين على الق‪ ،‬ل يضرّهم من خذَلم حت يأت امر ال‪ ،‬وهم‬
‫كذلك "مسلم‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬لن يبح هذا الدين قائما يُقاتل عليه عصابة من‬
‫السلمي حت تقوم الساعة "مسلم‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ":‬ل تزال طائفة من أمت يُقاتلون على‬
‫الق ظاهرين إل يوم القيامة " مسلم‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ل يزا ُل ال يغرسُ ف هذا الدين‬
‫غرسا يستعملهم ف طاعته "[ صحيح سنن ابن ماجه‪ .] 8:‬وغيها كثي من النصوص الت تُفيد‬
‫وجود هذه الطائفة النصورة الظاهرة ‪ ..‬وتفيد استمرارية وجودها على مدار العصور والزمان وإل‬
‫أن تقوم الساعة؛ إذ ل وجود للدين من دونا‪ ،‬ول وجود لا من دون الدين؛ فكل منهما لزم‬
‫وملزوم للخر‪ .‬والمد ل الذي بفضله ونعمته تتم الطيبات الصالات ولو كره الكافرون الجرمون‬
‫الفسدون النافقون‪ .‬اللهم يا حي ياقيوم ‪ ..‬أعز السلم والسلمي ‪ ..‬وأعلي بفضلك كلمت الق‬
‫والدين ‪ ..‬وانصر من نصر الدين ‪ ..‬واخذل من خذل الدين وأراد به وبأهله سوءا‪ .‬اللهم يا حي يا‬
‫قيوم ‪ ..‬ياذا اللل والكرام ‪ ..‬أغث حبيبك ممدا ‪ ..‬أغث حبيبك ممدا ‪ ..‬أغث حبيبك ممدا ‪..‬‬
‫واكفه شر الاقدين الستهزئي ‪ ..‬وأرنا فيهم آية من آياتك ‪ ..‬إنك يا ربنا على كل شيء قدير‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪ .‬وصلى ال على ممد النب المي‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫عبد النعم مصطفى حليمة " أبو بصي الطرطوسي " ‪ 7/1/1427‬هـ ‪6/2/2006 /‬م‪.‬‬
‫‪ www.abubas‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪bizland.com‬‬
‫======================‬
‫التشريعات الطلوبة لضمان حقوق الاليات السلمة‬

‫ورقة حول الحور الثان‪:‬‬


‫التشريعات الطلوبة لضمان حقوق الاليات السلمة بعنوان‪:‬‬
‫الاليات السلمية ف أوريا الغربية و الشرقية – الواقع و المل‬
‫من إعداد‬
‫الدكتور‪ :‬خي الدين خوجة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية الساعد – كلية الجتمع – جامعة طيبة‬
‫الدينة النورة – الملكة العربية السعودية‬
‫بسم ال الرحن الرحيم إن المد ل‪ ،‬نمده و نستعينه و نستهديه و نستغفره‪ ،‬و نعوذ بال من شرور‬
‫أنفسنا و من سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬و من يضلل فل هادي‪ ،‬و أشهد أن ل إله إل‬
‫ال وحده ل شريك له و أشهد أن سيدنا و نبيا ممدا عبده و رسوله‪ ،‬أدى المانة و بلغ الرسالة و‬
‫نصح المة و جاهد ف ال حق جهاده‪ .‬اللهم صل و سلم و بارك على هذا النب المي و على آله و‬
‫أصحابه الكرام الطيبي الطاهرين و من نج نجهم إل يوم الدين‪ ،‬ث أما بعد‪:‬‬
‫المد ل الذي أرسل رسوله بالدى و دين الق ليظهره على الدين كله و لو كره الشركون‪ .‬المد‬
‫صرُوهُ َفقَدْ‬ ‫ل الذي قال ف كتابه‪} :‬مُحَمّدٌ َرسُولُ الّلهِ {‪( ،‬الفتح‪ ،)29:‬و قال عز من قائل‪ } :‬إِلّ َتْن ُ‬
‫حزَنْ إِنّ الّلهَ َمعَنَا‬ ‫ص َرهُ الّلهُ ِإذْ أَ ْخرَ َجهُ الّذِينَ َك َفرُوا ثَانِيَ اثَْنيْنِ ِإذْ هُمَا فِي اْلغَارِ ِإذْ َيقُولُ ِلصَا ِحِبهِ ل تَ ْ‬ ‫َن َ‬
‫سفْلَى وَكَِلمَةُ الّل ِه هِيَ‬‫جنُودٍ لَمْ َت َر ْوهَا وَ َجعَلَ كَلِ َمةَ الّذِينَ َك َفرُوا ال ّ‬
‫فََأْنزَلَ الّلهُ َسكِيَنَتهُ َعلَْي ِه وَأَيّ َدهُ بِ ُ‬
‫اْل ُعلْيَا وَالّل ُه َعزِيزٌ حَكِي ٌم {‪( ،‬التوبة‪ ،)40:‬وقال تعال‪َ } :‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا رَحْمَةً ِل ْلعَالَ ِميَ {‪(،‬النبياء‪:‬‬
‫‪.)107‬‬
‫المد ل الذي جع شل المة الحمدية لنصرة خي البية‪ ،‬المد ل الذي دفع الصحوة السلمية و‬
‫العلماء الربانيي إل بيان و نشر سنة سيد الرسلي‪ .‬المد ل الذي ألم مسؤول الكومات و الدول‬
‫السلمية للتكاتف و التآزر فيما بينها والوقوف صفا واحدة للدفاع عن القدسات السلمية‪ .‬اللهم‬
‫بارك ف تلك الهود ف هذا اليوم العظيم الشهود‪ ،‬و ل ترمنا و إياهم من خيك الوعود إنك يا‬
‫مولنا خي مسؤول وأكرم مأمول‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫إطللة على أوضاع السلمي ف أوربا الغربية و الشرقية‬
‫( رؤية ف الواقع و المل )‬
‫تهيد يعود وجود السلم ف الغرب إل قرون سحيقة‪ ،‬إل سنة ‪711‬م عندما فتح السلمون الندلس‬
‫و استقروا فيه‪ .‬استمر حكم السلم ف الندلس قرابة ثانية قرون‪ ،‬من ‪711‬م – ‪1492‬م‪ .‬و مع‬
‫سقوط الدولة السلمية ف اسبانيا و طرد السلمي من تلك الزيرة و ميء الدولة العثمانية ف‬
‫الكم‪ ،‬فإنا أخذت توسع و تدد دائرة حكمها شيئا فشيئا إل جزيرة البلقان ف أوربا الشرقية‪ ،‬و‬
‫استمر حكم الدولة العثمانية إل ناية الرب العالية الول‪ .‬ف جزيرة البلقان يقطنها أعداد كبية من‬
‫السلمي ف البوسنة و الرسك‪ ،‬و السلمي اللبان ف ماكدونيا و كوسوفا و ألبانيا‪ ،‬الدولة الوحيدة‬
‫بالغلبية السلمة ف أوربا [‪.]1‬‬
‫إن تواجد السلمي ف أوربا الغربية تعد ظاهرة جديدة بعد الرب العالية الثانية‪ ،‬البعض جاء مهاجرا‪،‬‬
‫و الخرون جيء بم من قبل الدول الستعمرة إل أوربا لستغللم وتشغيلهم‪ ،‬نظرا لاجتهم إليهم‬
‫ل جاؤوا باليدي العاملة ذات أغلبية مسلمة من شبه‬ ‫و لسرعة النمو القتصادي ف أوربا‪ .‬فالنكليز مث ً‬
‫القارة الندية‪ ،‬و الفرنسيون جاؤوا باليدي العاملة من إفريقية الشمالية ذات أغلبية مسلمة‪ ،‬و‬
‫الولنديون جاؤوا بالعمال و الهاجرين السلمي و غيهم من إندونيسيا‪ .‬بينما اللان الذين ل‬
‫يستعمروا أحدا فهؤلء استعانوا بالعمال من تركيا‪ .‬و أما بقية الدول غي الستعمرة‪ ،‬فالسلمون‬
‫دخلوا إل بلدهم عن طريق الجرة‪ .‬يبلغ عدد السلمي ف الغرب قرابة خسة عشر مليونا ؟‪ .‬و ل‬
‫شك أن هؤلء السلمي الدد ف الغرب ل يكونوا واعي و مدركي الثقافة الغربية تام الدراك‪.‬‬
‫و ف المريكيتي لوحظ تواجد السلمي بالكثرة ف الستينات و السبعينات‪ .‬و أما كندا‪ ،‬فإنا تبنت‬
‫السماح بجرة السلمي ذوي الكفاءات و الهارات العالية ‪ .‬بينما سياسية الوليات التحدة‬
‫المريكية‪ ،‬ل تكن كسياسة كندا‪ .‬الوليات التحدة كانت تركز و تشدد على الهاجرين بتعلم و‬
‫إجادة اللغة النكليزية‪ ،‬و فهم الدستور المريكي و الثقافة و التقاليد و العراف المريكية‪.‬‬
‫بينما السلمي ف جزيرة البلقان فكانوا يعانون من قسوة النظام الشيوعي‪ ،‬و التمزق العرقي و‬
‫الطائفي‪ .‬الشيوعيون التعصبون كانوا ييون نزعة الكره و القد على الدولة السلمية العثمانية بي‬
‫أوساط الشعوب الت كانوا يكمونا‪ .‬النظام الشيوعي منع أتباع هذه الديان من التفاهم و التحاور‬
‫فيما بينها للوصول إل نقطة مشتركة ترضي الميع‪ .‬ماولة البوسنيي على إياد أرضية مشتركة‪،‬‬
‫تتسم بالتسامح الدين بي السلمي و الصرب و الكروات كانت فكرة غي مقبولة لدى الصرب و‬
‫الكروات [‪. ]2‬‬
‫إن قضية التعددية الدينية ف أوربا الغربية ما زالت شجرة و فكرة غي ناضجة‪ .‬لوربا الغربية تاريخ‬
‫دين طويل مظلم و دام‪ .‬أقرب مثال على ذلك حرب البوسنة و الرسك مع الصرب و حرب‬

‫‪465‬‬
‫مسلمي كوسوفا مع الصرب‪ .‬ففي نظر كثي من السلمي ف الغرب تعد تلك الرب حربا بي‬
‫السلم و الغرب‪ ،‬و صورة هذه الرب ف البوسنة و كوسوفا هي الدبابات و الدافع و الرشاشات‪،‬‬
‫بينما صورة الرب بي السلم و الغرب ف الغرب هي القواني الصارمة و الشددة ف حق السلمي‪،‬‬
‫تميش السلم و السلمي‪ ،‬الجوم العلمي العنيف ضد القيم و البادئ السلمية‪ ،‬التام بالصولية‬
‫و التطرف و الرهاب‪ .‬تد ف أوربا الغربية من التطرفي من ينادي بإرجاع السلمي إل أوطانم‪ ،‬و‬
‫أن ماولت الطراف الدينية ف إياد اللول و السبل الوصلة للتفاهم و العيش تت سقف واحد قد‬
‫فشلت‪.‬‬
‫إن تدفق السلمي الهاجرين بالكثرة إل بريطانيا‪ ،‬أدى ذلك بالسلطات البيطانية إل اتاذ الجراءات‬
‫و القواني الصارمة ف حق هؤلء الهاجرين من السلمي‪ .‬لقد ألغوا حق دخول السلمي إل بالتأشية‬
‫الرسية‪ ،‬هذا التشدد ف الجراءات أدى ببعض السياسيي الحافظي مثل‪ :‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ noch Pow‬صلى ال عليه وسلم ‪ ، ll‬إل توقع حرب أهلية بي أصحاب الثقافات التعددة و‬
‫التنوعة تري بسببها أنار البلد بالدماء‪ ،‬كما أدى هذا التخوف أيضا برئيسة الوزراء السابق ‪M‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ s.Thatch‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم إل إبداء قلقها إزاء‬
‫تدفق الهاجرين إل البلد‪.‬‬
‫إذا كان بعض الباحثي يقسم أحوال السلمي ف الغرب إل مرحلة ما قبل أزمة كتاب سلمان رشدي‬
‫و الرحلة ما بعد صدور الكتاب‪ ،‬فإنه يق لنا أن نقسم أيضا أحوال السلمي ف الغرب و ف العال‬
‫إل مرحلة ما قبل أحداث الادي عشر من سبتمب‪ ،‬و الرحلة الت تلت تلك الرحلة‪ .‬بل‪ ،‬يكن‬
‫تقسيم أحوال السلمي أيضا إل ما قبل أزمة الدنارك و الرحلة ما بعد الزمة الداناركية‪.‬‬
‫البحث الول‪ :‬نظرة الغربيي إل السلم‬
‫يرى بعض الحللي أن النظرة الوضوعية و العالية لعلقة الغرب بالسلم تكشف عن أن هناك ف‬
‫بلد الغرب ـ إسلمي وليس إسلمًا واحدًا‪ .‬الول‪ :‬السلم الذي يبحث عنه الستشرقون ف مراكز‬
‫الباث الكاديية أو ف الامعات‪ ،‬و يقضون أعمارهم ف البحث لغراض سياسية و اجتماعية و‬
‫دينية واستعمارية‪،‬‬
‫أما النوع الثان فيى الحللون هو السلم كما يعرفه الرجل العادي ف أوروبا وأميكا‪ ،‬وهو خاضع‬
‫تاما لوسائل اليديا الت تصوره شيطانًا مريدًا وتمله مسئولية كل الوبقات الت قد تظهر اليوم أو غدا‬
‫ف العال‪ ..‬ول تتورع عن إلصاق التهم به صغيها وكبيها‪ .‬وللسف أن هذا الفهم الشوه للسلم‬
‫هو الذي يظهر ف الساحة [‪ ،]3‬و هو الذي يعان منه السلمون ف الارج‪ ،‬ويدفعون ثنا لخطاء ل‬
‫يرتكبوها وتكون النتيجة أن يد هؤلء أنفسهم وراء القضبان‪ .‬دون ذنب أو جرية!‬

‫‪466‬‬
‫و يرى الحللون أن حاليا هناك جدل ف الغرب حول تقسيم السلم إل قسمي آخرين أيضا‪ :‬الول‬
‫هو السلم ف أوروبا‪ ،‬والثان هو‪ :‬إسلم أوروبا [‪..]4‬‬
‫القسم الول يقصد به ما أوضحناه آنفا من أن أبناء الاليات السلمية نزحوا من بلدانم الصلية‬
‫مهاجرين ليستوطنوا أوروبا ف كانتونات‪ ،‬شبه مغلقة‪ ،‬وخطورة هذه الال أن السلمي ف أوروبا‬
‫يكونون معزولي طوال الوقت عن الجتمع الذي يعيشون فيه‪.‬‬
‫والقسم الثان هو إسلم أوروبا‪ ،‬أي أن أوروبا جغرافيا وزمانيا لا صفات متلفة عن صفات اليز‬
‫الغراف العرب أو السلمي‪ ،‬ومن ث فمن حقها أن يصطبغ إسلمها بطابعها الاص يتناسب مع‬
‫واقعها و بيئتها وظروفها الجتماعية و العرقية‪.‬‬
‫ويبدو للباحث أنه ل ضرر ول ضرار من هذا التقسيم‪ ،‬لن الواقع العالي السلمي يشهد بذه‬
‫القيقة الواقعية‪ ،‬كما هو الال ف إسلم إندونيسيا و ماليزيا و تركيا و البوسنة و الرسك و كوسوفا‬
‫[‪ ،]5‬و إسلم مصر‪ ،‬و إسلم المارات‪ ،‬و إسلم السودان و سوريا‪.‬‬
‫تشي بعض البحوث و الدراسات أن السلمي ف الغرب هم هدف لليمي التطرف‪ ،‬ومن الثابت أن‬
‫الرب قائمة بي يي أوروبا ومسلميها‪ .‬كما اشتهر ف فرنسا زعيم حزب البهة الوطنية اليمين‬
‫التطرف على عدائه الدائم للعرب‪ ،‬ورفضه بناء مساجد لم‪ ،‬ورفعه لشعار‪ :‬فرنسا للفرنسيي‪ ،‬وليس‬
‫للعرب أو السلمي‪.‬‬
‫ومن هذا الزب ف فرنسا خرجت جاعات أكثر تطرفا مثل جاعة النازيي الدد‪.‬‬
‫إن هذه الكراهية ل يسلم منها حت مسلمو بلجيكا إبان أحداث ‪11‬من سبتمب‪ .‬فقد كانت هناك‬
‫تديدات بالقتل والريق طرد أبناء [‪ ]6‬الالية السلمية ف الليل والنهار‪ ،‬قد وفوجئ الميع‬
‫بشعارات وكلمات قاسية مكتوبة على جدران مسجد بروكسل تث على كراهية العرب‪ ،‬وطرد‬
‫السلمي‪ ،‬مع أن الدستور البلجيكي ينص على السماح برية الديان وحرية التعبي للفراد‪.‬‬
‫و يرى بعض الحللي أن تلك التصرفات كانت فردية من عناصر يينية متطرفة‪ ،‬الت تعادي الجانب‬
‫بصفة عامة‪ ،‬و أن أحداث سبتمب سببت ردود فعل سلبية على الاليات العربية مدفوعة بالدعاية‬
‫المريكية الصهيونية‪ ،‬بأن السلمي وراء كل الحداث الرهابية‪ .‬هذا الوقف جعل الدول الوروبية‬
‫تتشدد ف التعامل مع السلمي وتضع أنشطة الاليات تت الرقابة وتجر على أموالا وتصادرها أو‬
‫تمدها‪ ،‬وف هذا خسارة كبية للمسلمي ف أوروبا و ف أمريكا‪ ،‬خاصة النظمات الت لا توجهات‬
‫خيية ف مساعدة وإنقاذ فقراء السلمي ف العال والنكوبي منهم‪.‬‬
‫يذكر أن عدد الساجد ف بلجيكا هو ‪ 290‬مسجد ودار عبادة‪ ،‬و أن إجال عدد السلمي ف دول‬
‫التاد الوروب كافة يبلغ حوال عشرين أو خسة و عشرين مليون مسلم‪ ،‬وهذا ويشكل السلم‬
‫ثان أكب ديانة ف بلجيكا متفوقا بذلك على الديانة اليهودية والبوتستانتية‪ .‬ويتم تدريس مادة‬

‫‪467‬‬
‫السلم ف الدارس البلجيكية منذ عام ‪1975‬م‪ ،‬وذلك تأسيا بتدريس الديانات الخرى‪ ،‬كما يقوم‬
‫حوال ‪ 700‬مدرس ومدرسة من السلمي النتشرين ف أرجاء البلد بتعاليم السلم ف الدارس‬
‫البتدائية والثانوية و لدة ساعتي أسبوعيا‪ ،‬وبدورها تتول الدولة دفع رواتب مدرسي الدين‬
‫السلمي الذين يزيد عددهم عن سبعمائة معلّم ومعلمة [‪.]7‬‬
‫أما حال مسلمي آمريكا‪ ،‬فقد ذكرت ملة (‪ Us n‬صلى ال عليه وسلم ‪ ws and wo‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ld‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ po‬صلى ال عليه وسلم ‪ ) t‬أن‬
‫الكومة الميكية وضعت برناما واسعا لراقبة نو ‪ 120‬مسجدا وموقعا يرتاده مسلمون ف‬
‫الوليات التحدة‪ ،‬وذلك بثا عما تعتبه الدارة الميكية قنابل نووية متملة‪ .‬وأوضحت الجلة على‬
‫موقعها اللكترون أن الواقع الت كانت تضع للمراقبة تشمل مساجد ومنازل ومتاجر ومستودعات‬
‫ومواقع ماثلة يرتادها مسلمون أميكيون ف العاصمة واشنطن وخس مدن أخرى‪ ،‬بجة مكافحة‬
‫عمليات إرهابية متملة‪ ،‬مع أن الحللي السلميي يرون أنه ل يوجد دليل أو حت جزء من دليل‬
‫يعل الدارة تشك ف مسلمي الوليات التحدة ونزاهتهم‪ ،‬وأنم جزء ل يتجزأ من الشعب‬
‫الميكي‪ .‬واعتب الحللون السلميون أن هذا المر ستكون له انعكاسات سيئة جدًا على العلقة بي‬
‫الالية السلمة والدارة الميكية‪ ،‬مشيا إل أن ذلك سيشكل أزمة لواشنطن ف كسب عقول‬
‫وقلوب السلمي ف العال‪ ،‬بينما تسلب حرية السلمي داخل الوليات التحدة !‪.‬‬
‫لقد طالب رؤساء الاليات السلمية الكونغرس بأن ينح ضمانات ويقلص صلحيات الكومة‬
‫الميكية إذا كان هناك تاوز للدستور ف الجراءات الت تتخذها ف إطار تنفيذ قانون الوطنية‬
‫[باتريوت آكت] الذي قال إنه ل يعطي الصلحية لراقبة ورصد الماكن الاصة [‪.]8‬‬
‫أما حال مسلمي فرنسا فهناك عندهم «الفوبيا» من السلم الت سيطرت على الميع‪ ،‬أصبح كل‬
‫مسلم هو بالضرورة إرهابيا يب التخلص منه بطريق أو بآخر‪.‬‬
‫وأصبح أنظار الناس تتجه إل مساجد السلمي بدف تطهيها من دعاة العنف و أن على الدول‬
‫الوربية أل تقبل الوعاظ والشايخ والئمة القادمي من الدول السلمية ‪ ،‬و إنا يب أن تنشأ لم‬
‫معاهد متخصصة ف تريج الئمة والوعاظ‪ .‬و العجيب ف المر أن عدد مسلمي فرنسا يبلغ حوال‬
‫‪ 4‬مليي ورغم ذلك ل صوت مسموعا لم‪ ..‬أما يهود فرنسا ل يزيد عددهم على ‪ 600‬ألف‬
‫شخص‪ ،‬فهم يلون الساحة ضجيجا وتأثيا‪ ،‬بل ويقيمون الدنيا ول يقعدونا [‪.]9‬‬
‫أما ف هولندا فقد أصدرت وزارة الداخلية الولندية قرارا يب دعاة السلم ووعاظه على تعلم اللغة‬
‫الولندية لكي يتاح لم إلقاء الطب بلغة أهل هولندا وليس باللغة العربية‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫والسبب من وراء هذا الجبار هو أن يعرف السئولون عن الديان ماذا يقوله أئمة السلمي ف‬
‫الساجد بعد أن حذرهم البعض من أن الطب الت تلقى باللغة العربية قد تشمل تريضا على العنف‬
‫وكراهية الخر‪.‬‬
‫بينما ل تد هذه الفروق و هذه الكراهية ف دولة غربية أخرى مثل سويسرا‪ .‬السلمون ف سويسرا‬
‫يستغلون ظروف الرية التاحة ليطالبوا بالعتراف بدينهم رسيا وتسهيل إعطائهم النسية‬
‫السويسرية‪ .‬ويعيش نو نصف مليون مسلم ف سويسرا من جاليات ألبانية و تركية و بوسنية و عربية‬
‫و آسيوية منذ عقدين من الزمن أو أكثر‪ ،‬و أن حالم أفضل من حال السلمي ف بلدان غربية أخرى‪.‬‬
‫أما السباب لذه اليزة‪ ،‬فلعل أولا أن سويسرا ل تكن يوما ما دولة استعمارية‪ .‬يقول الحللون‬
‫السلميون ف سويسرا أنه‪ :‬ل يستطيع مسلم ف سويسرا أن يشكو من شيء‪ ،‬فنحن نتمتع هنا‬
‫بقوق وحرية وعدالة‪ ،‬ل نتمتع با ف أيّ بلد من بلداننا الصلية‪ .‬وتتعامل السلطات السويسرية مع‬
‫الالية السلمة بتسامح وتساهل وبكثي من الساواة [‪ ،]10‬و بلف بعض الكومات الغربية‪ ،‬ل‬
‫تمل السلطات السويسرية السلمي وزر أخطاء البعض منهم وما يرتكبونه من مالفات أو جرائم‪.‬‬
‫أما عن ارتياحهم و استقرارهم النفسي و الفكري لسلمي سويسرا فيى بعض السلمي أن من‬
‫العناصر اليابية الت حسّنت صورة السلمي ف سويسرا ودفعت عملهم التنظيمي إل المام‪ ،‬تدفق‬
‫أعداد غي قليلة من اللجئي السياسيي ذوي الثقافة العالية والوعي العمق‪ ،‬فبعد أن كانوا يفكرون‬
‫بعقلية السائح أو ابن السبيل الهجر باتوا الن يفكرون بعقلية الواطن‪ ،‬و إن كان بشكل عام الشعب‬
‫السويسري يمل فكرة تضارب الضارات أو صراع الضارات‪ ،‬و ذلك بسبب تشويه صورة‬
‫السلم من قبل الوسائل العلمية العالية [‪.]11‬‬
‫وف أسبانيا حدثت سلسلة مواقف عنصرية ضد العرب والسلمي وحرق فيها السبان حقول عدد‬
‫من العرب وحطموا سياراتم‪ .‬والسبب هو كراهيتهم لكل ما هو عرب ومسلم وإصرارهم على طرد‬
‫هؤلء الغزاة كما يسمونم‪.‬‬
‫و يرى الحللون أن هناك رأيا من جانب دول عديدة ف الغرب يصر على تميش أي دور لسلمي‬
‫أوروبا والسعي لتمزيقهم ليظلوا مفككي‪.‬‬
‫البحث الثالث‪ :‬السلمون ف جزيرة البلقان – أوربا الشرقية [‪.]12‬‬
‫حول أوضاع السلمي ف البلقان و أوربا الشرقية كتب كثي من الكتاب الغربيي وغيهم‪ ،‬و لكن‬
‫سة و طابع تلك الدراسات هي أنا غي موضوعية و أحادية النظر‪ ،‬و كتبت لهداف تنصيية و‬
‫تبشيية‪ ،‬ما يعل الباحث السلم يتوقف أمام كثي من القائق الت ذكروها‪ .‬فأفضل ما رأيت من‬
‫تدث عنهم هو الرئيس البوسن الراحل رحه ال علي عزت بيغوفيتش ‪ Alija Iz‬صلى ال عليه‬

‫‪469‬‬
‫وسلم ‪ t B‬صلى ال عليه وسلم ‪ govic‬رئيس جهورية البوسنة والرسك سابقا ف ماضرة له‪ ،‬و‬
‫نن سنقتبس قبسات من تلك الحاضرة‪ ،‬حيث قال رحه ال‪:‬‬
‫" أن هناك خسة وعشرون مليون مسلم [‪ ]13‬يعيشون ف بلدان قارة أوروبا‪ ،‬وذلك بسب‬
‫تقديرات عام ‪1986‬م‪ ..‬و أضاف بيغوفيتش أن السلمي ف البوسنة والرسك وألبانيا [‪ - ]14‬أي‬
‫بلد البوشناق واللبان ‪ -‬يتلفون ف واقعهم عن مسلمي البلدان الوروبية الخرى‪ ،‬فهاتان الدولتان‬
‫ل يثل السلمون فيهما أقليات عرقية أو دينية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للجذور التاريية لوضعهم‪ ،‬فأضاف رحه ال‪ :‬أنه يكن القول إن هناك ثلث مموعات‬
‫رئيسية من السلمي ف أوروبا‪ ،‬الجموعة الكب توجد ف الزء الوروب من التاد السوفيت‬
‫السابق‪ ،‬وخاصة ف التاد الروسي‪ ،‬والثانية ‪ -‬وهي الحدث‪ -‬يعيش أفرادها ف دول غرب أوروبا‬
‫وهم من الهاجرين وأنالم والوروبيي التحولي إل السلم‪ ...‬والثالثة وهي القدم وهي الت تعيش‬
‫مموعات ف منطقة البلقان [‪.]15‬‬
‫وأما بالنسبة للحقوق الدينية والريات والياة الثقافية والقتصادية والسياسية والجتماعية‪ ،‬فذكر‬
‫رحه ال‪ :‬فإن الجموعة الول هي ف الوضع الصعب بل شك‪ ،‬وذلك نتيجة لرحلة اليديولوجية‬
‫اللادية والشوفينية الروسية وتدهور القتصاد‪ ،‬وبعد تفكك التاد السوفيت توسع مدى حقوقهم‬
‫الدينية‪ ،‬ولكن وضعهم الفعلي ل يتغي‪...‬‬
‫أما مسلمو غرب أوروبا فيمثلون عال الشتات السلمي ف أوروبا وتتلف أوضاعهم باختلف‬
‫أنظمة وثقافات البلدان الت يعيشون فيها‪...‬إن السباب القتصادية هي من العوامل الاسة ف هجرة‬
‫السلمي إل أوروبا‪...‬‬
‫إن وضع مسلمي البلقان كونم سكانا أصليي ف أوروبا يظى بأهية كبى بالنسبة لوضع السلم‬
‫ف أوروبا‪ ،‬وعلقة السلمي مع أوروبا‪ ،‬وخاصة مع حرصهم على الفاظ على التراث السلمي رغم‬
‫الضغوط الت كادت أن تقضي عليهم ف بعض الالت كما حدث لسلمي البوسنة والرسك و‬
‫لسلمي بلغاريا [‪ ، ]16‬و هنغاريا [‪.]17‬‬
‫وف ألبانيا [‪ ،]18‬حاول اللحد أنور خوجة ثن اللبان عن السلم طوال نصف قرن من حكمه‬
‫الائر ‪ -‬وكما حاول الرئيس الصرب الجرم الذي هلك قبل بضعة أيام ف زنزانته الت كان يقبع فيها‬
‫ف الحكمة النائية الدولية ف لهاي‪ ،‬فقد حاول هو الخر بكل ما أوت من قوة عسكرية و‬
‫إيديولوجية أرثودكسية و حقد صليب ضد السلم و السلمي أن يطهر أرض كوسوفا تطهيا عرقيا‬
‫و دينيا‪ ،‬و لكن أب ال عز وجل إل أن يفشل هذا الجرم و أعوانه ف هذه الطة بفضل جيش ترير‬
‫كوسوفا ث بفضل تدخل قوات حلف الشمال الطلسي ناتوا‪ ،‬لقصف الناطق والدن و القوات‬
‫الصربية‪ ،‬والمد ل رب العالي‬

‫‪470‬‬
‫لقد أصبح العال الديث أكثر ترابطا بسبب العلوم والتقنية الديثة والتصالت والسياسة والقتصاد‬
‫والرياضة والسياحة‪ ،‬وأصبح العال يتقلص جغرافيا‪ ،‬ولكن مع كل أسف ل يؤد ذلك إل تقليص‬
‫الفجوة بي الغنياء والفقراء أو بي مناطق العال التطورة وغي التطورة‪ ،‬بل على العكس فقد‬
‫أصبحت الفجوة أكب‪ ،‬فبعد المبيالية العسكرية جاءت المبيالية القتصادية‪ ،‬ونن الن نشاهد‬
‫المبيالية التقنية‪.‬‬
‫أما قضية و فكرة التعايش بي الثقافات‪،‬‬
‫إن البعض ينظر إل هذه الظاهرة بشكل متلف‪ ،‬ويفسرها على أساس صراع بي الضارات الغربية‬
‫والسلمية‪ ،‬وأشهر هؤلء صموئيل هنتنجتون‪ ،‬ولكن اعتقد أن التاريخ يثبت عكس ذلك‪ ،‬فكثي من‬
‫الثقافات عاشت جنباً إل جنب‪ ،‬وتازجت وتعاونت‪ ،‬واستمرت ف العيش‪ ،‬ومع ذلك فهناك اعتقاد‬
‫قوي بأن تاريخ العال يتحرك من الشرق إل الغرب وفق ملحظة بعض الحللي‪.]19[..‬‬
‫أما عن الوضاع الالية الدينية و السياسية و الجتماعية ف البوسنة و الرسك[‪ ،]20‬و كوسوفا [‬
‫‪ ،]21‬فيى الحللون السلمون أن الوضاع الراهنة ما زالت متدهورة إل حد بعيد جدا‪ .‬فيى‬
‫الباء السلمون أن كثرة الوعود الت قطعها الجتمع الدول تاه هاتي الدولتي‪ ،‬فإنم قد حققوا‬
‫الشيء اليسي منها‪ .‬فهل استتب المن والستقرار وهل عاد اللجئون إل ديارهم؟ وهل ردت‬
‫القوق أو بعضها إل أصحابا؟ أم أن وعود الجتمع الدول بإعادة البناء والستقرار وبضخ مليي‬
‫الدولرات الت صحبتها ضجة إعلمية كبية ما هي إل جعجعة ف فنجان ومسرحية للضحك على‬
‫ذقون الضعفاء تكررت ف البوسنة وكوسوفا ومقدونيا وصربيا وأفغانستان؟‬
‫لقد تورطت الشرطة الدولية و القوات التعددة النسيات لفظ المن و السلم ف البوسنة و كوسوفا‬
‫ف فضائح الفساد والرشوة والرذيلة‪ ،‬فكما أشارت صحيفة ‪، Washington Post‬فقد أدينت‬
‫تلك الشرطة بتهم كثية منها التلعب والفساد والتورط ف قضايا جنسية ما جعلها تعيد الكثي من‬
‫هؤلء التورطي إل بلدهم دون تقيق‪ ،‬وقد حظيت أمريكا بالنصيب الكب من هؤلء الفاسدين‪،‬‬
‫وبلغ عدد الذين ت إرسالم إل بلدهم ‪ 1832‬منهم ‪ 161‬أمريكي‪ ،‬وإنم ف القيقة ليسوا هناك‬
‫إل للتمتع بأطيب الوقات‪ .‬فكيف يكن لبعثة ينخر فيها الفساد القيام بفظ المن وتدريب شرطة‬
‫البوسنة والرسك‪ ،‬وعلى ماذا ستدربا يا ترى؟‬
‫من منا ل يتذكر الفظائع وجرائم الرب الت ارتكبها اليش والدنيون الصرب ضد السلمي [‪]22‬‬
‫‪ ,‬فقد اغتصبوا النساء‪ ,‬وعذبوا الرجال‪ ,‬ودفنوا عشرات اللف من مسلمي البوسنة والرسك وألبانيا‬
‫وكوسوفا أحياء‪ ,‬ول تزال حت اليوم تتم عمليات كشف لقابر جاعية [‪ ،]23‬وأن جنود هولندا‬
‫تواطؤوا بالتستر على قوات الصرب‪ ,‬وأفسحوا لم الجال لسقاط مدينة سيبينيتشا الُسلمة ‪S‬‬

‫‪471‬‬
‫صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ b‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪، nica‬‬
‫واعترفت الكومة الولندية برائم أبنائها الذين شاركوا الصرب ف التستر على مذبة ضد السلمي‪.‬‬
‫ماذا كسب مسلمو البوسنة والرسك و كوسوفا من القبض على الرئيس اليوغسلف السابق‬
‫سلوبودان ميلوشوتش ‪ Slobodan Miosh‬صلى ال عليه وسلم ‪ vic‬؟ و حت الن ل‬
‫يتعاون الجتمع الغرب فيما بينه على قبض الجرمَي الخرَين الطلوبي لدى الحكمة النائية‪ ،‬راتقو‬
‫ملدتش صلى ال عليه وسلم ‪ atko Mladic‬و رادوفان كاراجيتش صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ adovan Ka‬صلى ال عليه وسلم ‪ ، axhic‬فأي عدل هذا و أي نصرة لذين الشعبي‬
‫الظلومي ف القرن العشرين !! [‪.]24‬‬
‫نتيجة لذه الهال الغرب التعمد ف إعطاء القوق السياسية و الجتماعية و الدينية لسلمي البوسنة و‬
‫كوسوفا‪ ،‬فيى الحللون أن الشعوب السلمة ف البوسنة وكوسوفا ومقدونيا راحت ضحية للظلم‬
‫وهضم القوق مرتي‪ ،‬الول عب جرائم الصرب‪ ،‬والثانية عب تآمر الدول الكبى داخل منظومة‬
‫الجتمع الدول‪ ،‬الت هضمت حقوقها وعلقت مصيها وعطلت كفاحها الشروع‪ ،‬وعاقبتها بسلسلة‬
‫من الجراءات البيوقراطية والشاريع الوهية وأدخلتها ف متاهات من الوعود‪ ،‬فزادت معاناة الناس‬
‫ما أدى بم إل اليأس والحباط ول يعد أمامه إل خيارين‪ :‬الجرة أو خيار النزلق ف عال الرية‬
‫الت انفتحت أبوابا وتيأت ظروفها ‪.]25[..‬‬
‫فهذه نظرة موجزة عن أوضاع الاليات السلمية ف الغرب‪ ،‬و الن لننظر ما الذي يب اتاذه‬
‫لضمان حقوقهم ف الغرب‪.‬‬
‫البحث الرابع‪ :‬التوصيات و التشريعات الطلوبة تنفيذها لضمان حقوق القليات السلمية‬
‫للخروج من هذه الزمة الفكرية و الدينية و الجتماعية الت ألت العال السلمي والغرب معاً ينبغي‬
‫للجاليات السلمية و الجتمع الغرب اتاذ هذه الطوات‪:‬‬
‫‪ -1‬بذل مزيد من الهود من قبل قادة الديان على تعزيز و تقوية العلقات النسانية عن طريق‬
‫الوار وماربة التميز العنصري‪ ،‬و توحيد الهود لحاربة الفساد و الرذيلة و الخدرات و البطالة و‬
‫الهتمام بالبيئة و تطبيق القانون ف البلد الذي يعيشون فيه‪ ،..‬ففي هذه الجالت يكن التعاون فيها‬
‫مع أهل الكتاب [‪.]26‬‬
‫‪ -2‬الهتمام بشاكل السلمي الجتماعية من قبل الؤسسات السياسية الغربية‪ ،‬و معالة قضاياهم و‬
‫رفع شكاويهم و مطالبهم و اقتراحاتم إل الهات العنية و السؤولة‪ ،‬و العتراف بقيقة تاريية أن‬
‫الغرب مدين للسلم و السلمي علميا و حضاريا‪.‬‬
‫‪ -3‬إعطاء حق التعليم الدرسي والامعي لبناء و بنات الاليات السلمة‪ ،‬و إبطال فكرة الصولية‬
‫السلمية الت يتخوفون منها‪ ،‬و ذلك بتخصيص مدارس و مرافق تعليمية الاصة بم‪ ،‬كما فعلت‬

‫‪472‬‬
‫هولندا بتخصيص ست مدارس تت الشراف الكومي الشدد‪ ،‬و كما لليهود و السيحيي‬
‫مدارسهم الاصة‪.‬‬
‫‪ -4‬يب معاملة السلمي بالتساوي‪ ،‬و عدم تشريع قواني تس السلم مقدسات السلمي‪،‬كما هو‬
‫الال مع وزير التربية والتعليم ف فرنسا الذي أجب سبعمائة فتاة مسلمة على خلع و نزع حجابن‬
‫تت نار التهديد بالفصل من الدارس‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم التعرض بالذى للصحوة السلمية التزايدة بي الرجال و النساء و الشباب و الفتيات‪،‬‬
‫والت من مظاهرها التمسك ببادئ السلم و ارتداء الجاب و الذهاب إل الساجد و الصليات‪ ،‬و‬
‫إقامة الجتماعات الدينية و الندوات العلمية و مارسة النشاطات الدعوية‪ ،‬بشرط أن يتم ذلك ضمن‬
‫القانون السموح به ف البلد الذي يعيشون فيه‪.‬‬
‫‪ -6‬السماح للمسلمي بمارسة القوق السياسية و النتخابات الرة‪ ،‬وحق العضوية ف البلان‪،‬‬
‫حت تتسن لم من خللا مناقشة قضاياهم الجتماعية والسياسية‪ ،‬و حت يرج السلمون من هذه‬
‫العزلة السياسية و الجتماعية‪.‬‬
‫‪ -7‬على الاليات السلمية ف الغرب أن يتحدوا فيما بينهم و يوحدوا صفوفهم على مبدأ الشورى‪،‬‬
‫و ذلك باختيار مثلي من بينهم‪ .‬بذه الطريقة و بذه الوحدة يكون لم صوت مسموع لدى الهات‬
‫الكومية الت ينتمون إليها‪.‬‬
‫‪ -8‬على العلماء و الشايخ و الدعاة أن يفقهوا واقعهم العيشي ف الغرب‪ ،‬و أنم ما داموا يشكلون‬
‫أقلية ف أعي هؤلء الغربيي فإن عليهم أن يفهموا أنم مطالبون باحترام قانون البلد الذي يعيشون‬
‫فيه‪ ،‬و أنه ل يوز ف حال من الحوال التمرد على ذلك‪ ،‬و ل يكون المر كما حدث لبعض رجال‬
‫الدين ف هولندا عندما أفت برمة الشاركة ف النتخابات الحلية لكونم ل يملون جنسيات‬
‫هولندية و لن أعضاء الحزاب السياسية غي مسلمي ؟!‬
‫‪ -9‬توضيح و بيان حقيقة صورة السلم و نب السلم و ماسن السلم و مزاياه للغربيي‪ ،‬لنه‬
‫هناك جهل كبي ف أوساطهم و بي مثقفيهم‪.‬‬
‫‪ -10‬بانب التوضيح و بيان السلم للغربيي‪ ،‬فإنه يب توضيح و توعية القليات السلمية‬
‫بالفلسفة الغربية و تنوعها العرقي و الثقاف و الدين‪ ،‬و أن فكرة الصراع التمي للحضارات و‬
‫الثقافات لصموئيل هنتنغت ‪ Samu‬صلى ال عليه وسلم ‪ l Huntington‬يب أن ل تقبل‪ ،‬و‬
‫يب أن ترفض جلة و تفصيل‪ ،‬و أن المر كما راء بعض الحللي مثل بريان بدهم ‪ B‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ian B‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ ،dham‬أنه سيكون هناك بي السلمي‬
‫و النصارى تعاون و تفاهم و تنسيق أكب بكثي من ذي قبل [‪. ]27‬‬

‫‪473‬‬
‫‪ -11‬علوة على ما ذكر فإنه يب على السلمي عموما و السلمي الذين يعيشون ف الغرب على‬
‫وجه الصوص أن يقوموا بدور فعال أكب على إياد توفيق بي السلم و العلوم الجتماعية الديثة‬
‫و تطور الثورة التكنولوجية و الصناعية الديثة‪ ،‬حت يتم من خلل هذا التوفيق و الفاظ على الوية‬
‫الدينية و العرقية ف بيئة غي مستقرة علميا و ثقافيا وتكنولوجيا و صناعيا‪.‬‬
‫‪ -12‬هذا التوفيق بي السلم و العلوم النسانية الديثة ل يتم دون فتح باب الجتهاد الديد و‬
‫تديد الطاب الدين [‪ ، ]28‬ف هذا العصر و بالذات ف الغرب‪ ،‬لواجهة التحديات العصرية‬
‫الديثة و التطورات الجتماعية و الثقافية‪ ،‬و أن ل نكتفي بالجتهادات القدية قبل مئات السني‪.‬‬
‫‪ -13‬السلمون أدركوا الن حقيقة شروح و تفاسي العلماء القدامى‪ ،‬حيث أنم صاغوا تلك‬
‫الشروح و التفاسي لبيئات ذات أغلبية إسلمية ف أزمانم‪ ،‬وليس كالقلية بي أظهر غي السلمي‪.‬‬
‫هناك حاجة ماسة للشروح و التفاسي الت ترشد السلمي و تلب حاجاتم كالقلية‪ ،‬و بالطبع هذا ل‬
‫يتم إل باجتهادات جديدة من قبل العلماء و الفكرين‪ ،‬أهل الل و العقد ف هذا العصر [‪.]29‬‬
‫‪ -14‬نطالب الغرب بالعتذار الفعلي‪ ،‬ومن مظاهر هذا العتدال‪ :‬تغيي الناهج الدراسية الت تشوه‬
‫صورة السلم ف أهان الطفال السلمي و غيهم ف الغرب‪.‬‬
‫‪ -15‬إيقاف سلسلة موجات الكراهية الت تدعو إل الستعداء الضاري و الثقاف‪.‬‬
‫‪ -16‬سن قواني دولية و ملية ترم كل من يتطاول بالساءة و الزدراء إل الديان‪.‬‬
‫‪ -17‬لوقف موجة الغضب العالي و السلمي ف هذه الزمة‪ ،‬فإنه يتوجب على الغربيي أن يكفوا‬
‫أيديهم و ألسنتهم عن الظلم و التعسف تاه السلمي‪..‬‬
‫‪ -18‬على الطراف العنية بالسلم ( السلمون و الغربيون ) أن يصبوا جل جهودهم و طاقتهم‬
‫الفكرية و الدينية إل صناعة و توليد الب بي الناس‪ ،‬بدلً من صناعة و توليد البغض والكراهية [‬
‫‪.]30‬‬
‫‪ -19‬إنشاء مواقع على النترنت متعددة اللغات‪ ،‬بغرض التعريف عن حقيقة السلم و شخصية‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪..‬‬
‫‪ -20‬غرس القيقة الدينية ف قلوب الغربيي و الاليات السلمية‪ ،‬أن السلم ينظر إل العال على‬
‫أنه أسرة بشرية واحدة‪ ،‬متعددة العراق و اللغات‪ ،‬يب التعايش السلمي و يب قبول الخر و‬
‫س اّتقُوا رَبّكُ ُم الّذِي‬ ‫الوار مع الخر‪ ،‬فنحن و هؤلء إخوة ف النسانية‪،‬كما قال تعال‪ } :‬يَا أَّيهَا النّا ُ‬
‫ث مِْنهُمَا رِجَالً كَثِيا وَِنسَاءً وَاّتقُوا الّلهَ الّذِي‬ ‫س وَاحِ َد ٍة وَ َخلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ‬
‫َخَلقَكُمْ مِ ْن َنفْ ٍ‬
‫تَسَاءَلُونَ ِبهِ وَالَْأرْحَامَ إِنّ الّلهَ كَا َن عَلَْيكُ ْم رَقِيبا {‪( ،‬النساء‪)1:‬‬
‫‪ -20‬كما قال ال عز وجل‪ } :‬يَا أَّيهَا النّاسُ إِنّا خََلقْنَاكُ ْم مِنْ ذَ َك ٍر وَأُْنثَى وَ َجعَ ْلنَاكُمْ ُشعُوبا وََقبَاِئلَ‬
‫لَِتعَارَفُوا إِنّ أَ ْك َرمَكُمْ ِعنْدَ الّلهِ أَْتقَاكُمْ إِنّ الّل َه عَلِيمٌ خَبِيٌ{ (الجرات‪. )13 :‬‬

‫‪474‬‬
‫‪ -21‬غرس البدأ السلمي ف نفوس الغربيي و الاليات السلمية ف الغرب أن ديننا دين تسامح و‬
‫عفو و صفح عن الخر‪ ،‬قدوتنا ف ذلك القرآن الكري و سية سيد الرسلي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -22‬غرس الفكرة السلمية ف نفوس الغربيي و الاليات السلمية على حرمة سباب الخر أو‬
‫سبّوا الّل َه عَدْوا ِبغَْي ِر عِ ْلمٍ‬
‫إهانته أو إذلله‪ ،‬قال تعال‪ } :‬وَل َتسُبّوا الّذِينَ يَ ْدعُو َن مِ ْن دُونِ الّلهِ َفيَ ُ‬
‫ك زَيّنّا لِكُلّ ُأمّ ٍة عَ َمَلهُمْ ثُمّ إِلَى َرّبهِمْ َمرْ ِج ُعهُمْ فَُينَبُّئهُمْ بِمَا كَانُوا َيعْ َملُونَ{‪( ،‬النعام‪.)108:‬‬
‫كَذَِل َ‬
‫‪ -23‬ل بد من ماصرة الفتنة و إخاد نارها و تضييق إطارها‪ ،‬و ل سبيل إل ذلك إل بتعاون‬
‫الطرفي عن طريق الوار التبادل‪.‬‬
‫‪ -24‬اجتماع الاليات السلمية و اتفاقهم مع الغربيي على ضرورة نشر الخلق الفاضلة من‬
‫صدق و أمانة و شرف و عزة و إيابية و كرامة وحرية‪ ،‬و ماربة الخلق الذميمة من كذب و غش‬
‫و سرقة و زنا و مدرات‪ .‬فهناك أرضية مشتركة مع هؤلء القوم ف الجالت الذكورة‪..‬‬
‫‪ -25‬أيضا يمع الاليات السلمية خاصة و السلمي عامة مع الغربيي‪ ،‬التفاق على التبادل‬
‫الادي و الثقاف و العرف و التجاري و الضاري و العلمي‪.]31[..‬‬
‫‪ -26‬ل نقبل أن يكون انتصارنا لنبينا ممد صلى ال عليه وسلم عن طريق العنف والرق و‬
‫التدمي لمتلكات الخرين‪ ،‬و ندين الجمات الخية على سفارة الدانرك و النرويج ف بيوت و‬
‫دمشق‪ .‬و إنا السبيل إل ذلك النكار علنا و الدانة جهرا بكافة السبل و الوسائل العلمية‪ ،‬و‬
‫الدفاع عن القدسات السلمية بالطرق الشروعة ‪ ،‬مضمونة العواقب و مثمرة النتائج و ضمن و‬
‫الضوابط الشرعية سلميا‪.‬‬
‫‪ -27‬للتخفيف عن آلم و أحزان و مشاعر السلمي قاطبة و الاليات السلمية خاصة‪ ،‬فإن على‬
‫دولة الدانارك و الدول الغربية الخرى الت نجت نجها‪ ،‬أن تكون أكثر إيابية و أكثر واقعية ف‬
‫التعامل مع الزمة الراهنة‪ ،‬و أن ل تكتفي فقط بالشجب و النكار‪ ،‬بل عليها أن تتخذ الطوات‬
‫الادة و اللزمة ف حق هؤلء الذين أفسدوا أمن البلد و كدروا صفاء الو الثقاف و الجتماعي‪،‬‬
‫وذلك بإجبارهم على تقدي العتذار الرسي‪ ،‬و إل فالعقوبات تكون صارمة و قاسية [‪.]32‬‬
‫‪ -28‬بيان للغربيي و للقليات السلمية ف الغرب أن الشريعة السلمية الغراء بكل ما جاءت من‬
‫أحكام و شرائع و قيم تنسجم و تتفق مع تطلعات النسان و تمي حقوقه ف كل مكان‪ ،‬أيا كان‬
‫دينه و مذهبه‪،‬و ل يوجد هذا ف بقية الشرائع العالية‪. ]33[..‬‬
‫‪ -29‬نقول للغربيي‪ :‬يا أيها الغربيون ل تؤذوا السلم و السلمي و ل تافوا من السلم‪ .. " :‬إن‬
‫السلم القيقي ليس هو الطر على الغرب أو الضارة الغربية‪ ...‬إن السلم هو العلج الذي يمي‬
‫الضارة الغربية من النيار و يشفيها من المراض‪..‬‬

‫‪475‬‬
‫‪ -30‬أيها الغربيون‪ :‬إن الطر القيقي الذي يتربص بكم و بضارتكم هو الفساد ذاته الذي سرى‬
‫إل جسم المباطورية الرومانية و قضى عليها‪ .‬لقد انصرفتم كليا ف معاملتكم مع الكون إل اللة‬
‫( الادة )‪ ،‬و نسيتم أن اللة هي الت ينبغي أن تكون ف خدمة النسان و ليس العكس‪ ...‬العلم‬
‫يستوجب بالدرجة الول أن يتناول النسان من حيث ذاته‪ :‬من هو؟ ما مصدره ؟ و إل أي شيء‬
‫مآله ؟ ما الغذاء الذي يب أن يقدم لروحه ووجدانه؟ ما هي أهية الخلق ف حياته ؟‪...‬هذه‬
‫الصيبة هي الت أورثت إنسان الضارة الغربية فراغا ف فكره و فراغا ف وجدانه‪ ،‬و فراغا ف إدراكه‬
‫لعلقة ما بينه وبي الكون‪...‬الكبار منهم لديهم فراغ روحي و عاطفي‪ ،‬ولكنهم مستغرقون ف‬
‫الوظائف و العمال العلمية أو السياسية أو الجتماعية أو العيشية‪...‬إن الذي يشعر بذا الفراغ‬
‫الروحي الوحش و الخيف اليل الديد‪ ،‬لنه ل يوجد ما يشغل وقته بتلك الوظائف الختلفة‪...‬أل‬
‫ترى كيف يفر أحدهم من نتائج هذا الفراغ الفكري و العاطفي إل أسباب الذهول و النسيان التمثلة‬
‫ف أنواع الخدرات و السكرات و أنواع الشذوذ كلها‪ ،‬بدءا من شذوذ الفكر‪ ،‬إل شذوذ اللهو‬
‫النون‪ ،‬إل شذوذ النس‪ ،‬فشذوذات الرية و القتل‪..‬وأن‪ %40‬من الدارس البتدائية ف أمريكا‬
‫يتم إخضاع تلميذها لرعات مددة من الخدرات تت إشراف أطباء متخصصي لضرورة توفي ما‬
‫ل بد من التوازن الفكري لديهم‪..‬إذن هذا هو الطر الذي يهدد الضارة الغربية و ليس السلم‪.‬‬
‫فما العلج ؟‬
‫‪ -31‬العلج أن يوجه الغرب اهتمامه إل النسان أكثر ف تكوينه الكلي و التعرف على أشواقه و‬
‫حاجته الروحية و الت ل مال لنكارها‪ ،‬و العمل بد على إجابة السئلة السابقة‪ ،‬ضمن مقاييس‬
‫العلم النضبط بعيدا عن الرافات و الوهام‪ ،‬الت يتقبلها الشباب الغربيون بسبب الفراغ الروحي‪..‬إن‬
‫الذي ينجدكم و يعرفكم على القيقة الكلية للنسان هو السلم‪..‬‬
‫‪ -32‬ل نقول لكم أيها الغربيون تعالوا و اعتنقوا السلم‪ ،‬و لكننا نقول لكم‪ :‬تفهموا السلم بعيدا‬
‫عن الرافات و الفكار الدخيلة‪ ،‬فلسوف تنسجم حقائقه مع تطلعاتكم العلمية و تستأنسون به‬
‫ولسوف تدركون أن السلم هو اللذ للناشئة من الضياع‪..‬‬
‫‪ -33‬الطلوب‪ :‬هو التخلي عن نظرتكم إل السلم على أنه خطر داهم‪ ،‬و النظر إليه على أنه‬
‫صديق صدوق و ملذ عند الاجة‪ ،‬وترك كل من يرغب ف دراسته ث اعتناقه دون أي تضييق‪..‬‬
‫‪ -34‬فالسلم هو العلج لشيخوخة الضارة الغربية قبل أن يدركها الوت‪.]34[ "..‬‬
‫‪ -35‬هناك‪ ...":‬مسؤوليات للقليات السلمية نو الجتمع الذي يعيشون فيه‪ .‬إن مبدأ الوفاء‬
‫يقتضي أن يبادل السلمون القيمون ف الغرب ما قدمه الغرب إليهم من علم وتقنيات وغيها‪ ,‬فيقدم‬
‫السلمون لم با يتوافر لديهم من مقومات الضارة النسانية الت ل تتوافر لدى الغرب‪ ,‬والغرب‬
‫بأشد الاجة إليها‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫‪ -36‬إذا كان السلمون يعانون من فقر ف هذا الانب‪ ,‬فإن الغرب أيضًا يعان أبناؤه من أمراض ف‬
‫أوضاعهم الجتماعية وتصوراتم الفكرية والعتقادية‪ ,‬وف مال الصحة النفسية‪ .‬لقد آن للنسان‬
‫السلم أن يؤدي واجبه ف إنقاذ الجتمع النسان عامة والغرب خاصة من هذه العاناة الت يقاسي‬
‫منها‪ .‬وأن يسعى للتخفيف من الرقام الخيفة الت تتفاقم يومًا بعد يوم‪. ]35[ "..‬‬
‫‪ -37‬إن على السلم أن يقدم نفسه إل الجتمعات الت يعيش فيها من خلل هويته السلمية بصورة‬
‫صحيحة وصادقة‪ ,‬بيث يترجم السلم الذي أنزله ال تعال؛ ليتيح للمجتمعات الت يعيش فيها أن‬
‫تتعرف على السلم القيقي‪ ،‬من خلل فكره وسلوكه وأخلقه وعلقاته‪ .‬وعندئذ يتم تبادل‬
‫الثقافات وحوار الضارات بصورة واقعية‪ ,‬ل من خلل الدعوة الكلمية أو على الورق فقط‪.‬‬
‫‪ -38‬إن واجب الالية السلمة ف الغرب أن تكون مظهرًا للنسجام مع البيئة‪ ,‬ولكن ليس من‬
‫خلل ذوبان الشخصية‪ ,‬وإنكار الصل الذي اندرت منه والوية الت تنتسب إليها‪ ,‬بل من خلل‬
‫الخلق الت تعل الفرد من أبناء هذه الالية موضع تقدير واحترام‪ ،‬وتسد الصورة الصحيحة لذا‬
‫الدين‪.‬‬
‫‪ -39‬إن على الالية السلمة أن تترم النظم السائدة ف الجتمع الذي تعيش فيه‪ ,‬بقدار ما تكوّن‬
‫هذه القواني والنظم صورة حضارية تسد كرامة النسان وإنسانيته‪ ،‬وبقدار ما تكون سببًا للمن‬
‫والستقرار ف الجتمع الذي يعيشون فيه؛ لن ذلك قاسم مشترك بي البادئ السلمية وتلك النظم‪.‬‬
‫‪ -40‬إن هذا يوجب على الالية السلمة أن تكون سفي صدق لدينها‪ ,‬ولن يتحقق ذلك إل إذا‬
‫كانوا صورة تسد بصدق مبادئ هذا الدين وأخلقه‪ .‬عندئذ سيجدون أثر ذلك ف هذا الجتمع‬
‫الغرب وغيه يتجلى ف أعظم مظاهر التقدير والحترام‪..‬‬
‫‪ -41‬إن أول مسؤول عن تشويه صورة السلم والسلمي ف نظر الخرين هم السلمون أنفسهم‪,‬‬
‫عندما يتناقض كلمهم مع أفعالم‪ ,‬ويملون اسم السلم ولكنهم ف تصرفاتم وأخلقهم على نقيض‬
‫ذلك [‪. ]36‬‬
‫فهل يتم خلص البشرية على أيدي السلمي من جديد؟‬
‫و هل يكون السلمون سببًا لسعادة البشرية وخلصها مرة أخرى ؟‬
‫و آخر دعوانا أن المد ل رب العالي ‪18.03.2006‬‬
‫الدينة النورة‬
‫===================‬
‫الرب على السلم وواجب المة‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫‪477‬‬
‫الرب على السلم وواجب المة‬
‫عبدال جاب ال‬
‫رئيس حركة الصلح الوطن – الزائر‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على أشرف الرسلي سيد الولي والخرين ‪ ،‬الذي بعثه ال‬
‫بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه‬
‫واست بسنته إل يوم الدين ‪.‬‬
‫أصحاب الفضيلة والعال أيها الخوة والخوات ‪ ،‬السلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫إن ما حصل ف الدانرك وغيها من دول التاد الوروب من عدوان صارخ على رسول ال ‪ ،‬هو‬
‫عدوان على السلم عقيدة وعبادات ومعاملت وأخلق وعدوان على السلمي حضارة وتاريا‬
‫وواقعا وآفاقا مستقبلية ‪ ،‬وهو حلقة ف مسلسل العدوان الغرب على السلم ‪ ،‬فهو لذلك ليس فعل‬
‫مفردا ول كما حاول البعض تصويره ‪ ،‬ومن قام بذلك ليسوا أفرادا شاذين أو ممورين كما حاولت‬
‫بعض الهات وصفهم ‪ ،‬وإنا هم أفراد تاوبوا مع الرب الثقافية على السلم والسلمي ‪ ،‬ومع‬
‫الجمة الصهيوأمريكية على السلم الت ظهرت معالها بشكل سافر منذ هجمات ‪ 11‬سبتمب‬
‫‪ 2001‬ومن الفيد أن أذكر ناذج من هذه الجمة والرب على السلم والت اشترك فيها الرؤساء‬
‫والوزراء والكتاب والصحافيون ‪.‬‬
‫‪ .1‬وصف بوش البن ما تقوم به أمريكا ف تصريح له يوم ‪ 16/9/2001‬بأنا حلة صليبية ‪،‬‬
‫ووصف جيع أنواع القاومة السلمية ومنظمات الهاد بالرهاب ‪.‬‬
‫‪ .2‬وصف تون بلي ف ‪ 17/9/2001‬هذه الرب بأنا حرب الدنية والضارة والغرب ضد‬
‫الببرية ف الشرق‬
‫‪ .3‬أعلن بيلسكون ف ‪ 26/9/2001‬أن الضارة العربية أرقى من الضارة السلمية ول بد من‬
‫انتصار الضارة الغربية الذي يب أن يُهزم لنه ل يعرف الرية ول التعددية ول حقوق النسان ‪،‬‬
‫وأن الغرب سيواصل تعميم حضارته وفرض نفسه ‪.‬‬
‫‪ .4‬ف ‪ 18/11/2001‬صرح بوش أن الضارة الغربية الت أعلن الرب للدفاع عنها هي حضارة‬
‫اليهود والسيحيي ‪ ،‬ووجه تذيرا لبعض الكام يطالب فيه بتوقف العلم ف بلدهم عن حلة‬
‫الكراهية لمريكا وإسرائيل ‪.‬‬
‫‪ .5‬صرحت تاتشر ف مقال لا ملخصه أن السلمي الذين يرفضون القيم الغربية أعداء أمريكا‬
‫وأعداؤنا ‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫ل ‪ :‬إن السيحية دين أرسل الرب فيه ابنه‬ ‫‪ .6‬صرح وزير العدل المريكي جون استكروفت قائ ً‬
‫ليموت من أجل الناس ‪ ،‬أما السلم فهو دين يطلب ال فيه من الشخص إرسال ابنه ليموت من‬
‫أجل هذا الله ‪.‬‬
‫‪ .7‬صرحت وزيرة الارجية مادلي أولبايت قائلة ‪ :‬إننا معشر المريكيي أمة ترتفع قامتها فوق‬
‫جيع الشعوب وتتد رؤيتها أبعد من جيع الشعوب ‪.‬‬
‫‪ .8‬صرح وزير الداخلية اللان أوتوشيلي أن عقيدة السلم عقيدة هرطقة وضلل ‪.‬‬
‫‪ .9‬صرح السيناتور الديوقراطي المريكي جوزيف ليبمان الذي كان مرشحا لنصب نائب الرئيس‬
‫ل ‪ :‬أنه ل حل مع الدول العربية والسلمية إل أن تفرض عليها أمريكا القيم والنظم والسياسات‬ ‫قائ ً‬
‫الت تراها ضرورية ‪.‬‬
‫‪ .10‬تصريات أشهر كتاب ومفكري الستراتيجية ف أمريكا صموئيل هنتجنون وفرانسوا فوكوياما‬
‫تدعو لتكون الرب داخل السلم حت يقبل السلم الداثة الغربية والعلمانية الغربية والبدأ السيحي‬
‫–العلمان – فصل الدين عن الدولة ‪.‬‬
‫والداثة ف الصطلح الغرب تعن القطيعة العرفية مع الوروث الدين ‪ ،‬وجعل النسان سيد الكون ‪،‬‬
‫ومور الثقافة – بدلً من ال – وإحلل العقل والعلم والفلسفة مل ال والدين ‪.‬‬
‫‪ .11‬أعلن الكاتب اليهودي المريكي القرب من دوائر صناعة القرار المريكي أن الرب القيقية‬
‫هي ضد الفكر السلمي والتربية والتعليم السلميي ‪.‬‬
‫ول يقتصر المر على التصريات والعلنات بل شرعت أمريكا ومنذ سنوات وباصة بعد أحداث‬
‫‪ 11‬سبتمب ‪ 2001‬ف إصدار الوامر للنظمة ف العال العرب والسلمي بتهيئة نفسها للدخول ف‬
‫حضية العولة بظاهرها الختلفة وقد كان التركيز بارزا على منظومات بناء شخصية النسان‬
‫وصناعة الرأي العام ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪ .1‬إصدار الوامر إل الكومات ف العال العرب والسلمي بتغيي الناهج التربوية وباصة مناهج‬
‫التعليم الدين ‪ ،‬وقد استجابت الكثي من النظمة لذلك ‪ ،‬منها الزائر وباكستان ‪ ،‬واليمن ‪.‬‬
‫‪ .2‬طلب بوش البن رسيا من الكومات ف العال العرب والسلمي حذف ثقافة الشهادة‬
‫والستشهاد من مواد الفكر والثقافة والعلم ‪.‬‬
‫‪ .3‬الضغظ على النظمة لتعديل منظوماتا القانونية ف ميدان القتصاد با يفتح الباب أمام الشركات‬
‫التعددة النسيات ويكنها من وضع يدها على مصادر الثروة وباصة النفط والذهب والديد‬
‫واليورانيوم ‪ ،‬وقد تاوب كثي من النظمة مع ذلك ‪ ،‬ومنها الزائر تت أعذار متلقة منها الرغبة ف‬
‫جلب الستثمار الجنب وتنويع مصادر الدخل القومي ‪ ..‬فكانت النتيجة رهن أهم مصادر الدخل‬
‫لرادة تلك الشركات والؤسسات الالية ‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫‪ .4‬الضغط على النظمة للرتاء ف أحضان الؤسسات الالية الجنبية ‪ ،‬مثل صندوق النقد الدول‬
‫والبنك العالي واستغلل ذلك لغرض وصفات ضارة بالسيادة والستقلل وضارة بالوضع القتصادي‬
‫والجتماعي والتربوي ‪ ،‬فقد أصبحت الدول الت ارتت ف أحضات تلك الؤسسات فاقدة لقرارها‬
‫ف الكثي من اليادين ‪ ،‬مثل سياسة الجور والرسوم وسياسة التعليم وسياسات العمل والتوظيف ‪.‬‬
‫‪ .5‬تكري الكتاب والدباء الفاشلي الذين احترفوا الجوم على السلم وقيمه وثقافته ومقدساته ‪.‬‬
‫‪ .6‬تشجيع النُخب النافذة ف البلد العربية والسلمية على ر فع شعار الديقراطية ومارسة الستبداد‬
‫ف القضاء على الال والتضييق على الشباب اللتزم والمعيات اليية ذات التوجه السلمي ‪،‬‬
‫وتشجيع قوى التغريب على نشر التغريب والعلمنة وحسن معاملة النُخب القربة ومكافأتا بالال‬
‫والعلم والتوظيف ‪.‬‬
‫‪ .7‬رصد اليزانيات لتكوين الدعاة والئمة الستنيين الذين ياربون العمل السياسي ويبدعونه ويفتون‬
‫بوجوب طاعة الكام وعدم جواز تغييهم ولو بالنتخابات‪.‬‬
‫‪ .8‬احتفل الغرب سنة ‪ 1992‬بذكرى مرور خسمائة عام على اقتلع السلم من أوروبا _‬
‫الندلس – بسقوط غرناطة عام ‪ 492‬ث بشن حرب البادة ف نفس السنة على مسلمي البوسنة‬
‫والرسك ‪.‬‬
‫‪ .9‬وقوف الغرب مع السيحيي ف تيمور الشرقية ومساعدتم على النفصال على أإندونيسيا وإقامة‬
‫دولة لم ‪ ،‬وياول بشت الطرق تقسيم السودان وإقامة دولة للوثنيي ف النوب ‪ ،‬بينما يضع العراقيل‬
‫أمام الشعوب السلمية ف فلسطي وكشمي والشيشان والبلقان ‪،‬وينعها من الستفادة من مبدأ حق‬
‫تقرير الصي رغم قرارات المم التحدة الت تعترف لم بذلك ‪.‬‬
‫‪ .10‬هجومه الوحشي على أفغانستان وإسقاطه لنظام طالبان وإقامة حكومة كرزاي العميلة له ‪،.‬‬
‫وكذلك فعله ف العراق وسعيه الواضح لتفتيت العراق وتقسمه إل ثلث دويلت كما مهد دستور‬
‫العراق الديد لذلك بإعطائه صلحيات لدول القاليم أهم ما أعطاه من صلحيات لدولة التاد ـ‪،‬‬
‫ومنحه لدول القاليم حقوقا ف التمثيل الدبلوماسي أهم ما منحه لدولة التاد ‪ ،‬ث بإعطائه نصيبا ف‬
‫الثروة أكب ما أعطاه لدولة التاد ‪.‬‬
‫كل هذا وغيه يؤكد أن الرب على السلم حرب معلنة وليست مرد مؤامرة لن الؤامرة تدبي‬
‫سري بينما نن نعيش حربا معلنة ومطبقة أخذت أشكال وصورا متلفة ‪ ،‬ووظفت فيها آليات‬
‫ومؤسسات متعددة ‪.‬‬
‫ولبد ف تقديري من معرفة أهم خلفيات هذه الرب ودون إطالة ‪ ،‬أقول ‪:‬‬
‫إن التحالف الصهيوأمريكي يتبن ما جاء ف التوراة والتلمود مرجعية عقدية وفكرية وفلسفية‬
‫وسلوكية له ‪ ،‬وتلك الرجعية تنص على أن اليهود هم شعب ال الختار " ذلك بأنم قالوا ليس علينا‬

‫‪480‬‬
‫ف الميي سبيل " ‪ ،‬وقد أصبحت هذه العقيدة عقيدة أمريكا خاصة والغرب عامة فصاروا بسبب‬
‫ذلك يعتبون أنفسهم فوق الدول والنظمات والشعوب فل يضعون لقرارات المعية العامة ول‬
‫لقرارات ملس المن إذا كانت مالفة لراداتم ول لتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1949‬ول لواثيق‬
‫حقوق النسان الفلسطين والعرب ‪ ،‬وجيع تصرفات أمريكا وحلفائها تدل على ذلك ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫أنم يلوثون العال ويرقون طبقة الوزون دون احترام لواثيق البيئة ‪.‬‬
‫ويستخدمون الفيتو ف كل قضية ل توافق هواهم فيجهضون إرادة سائر دول العال‪.‬‬
‫يستخدمون السلحة النووية كيفما شاءوا وف أي وقت شاءوا مثل الذي حصل ف هيوشيما‬
‫وناجازاكي ‪ ،‬ومثل الذي حصل ف العراق من استخدام اليورانيوم الخصب ‪.‬‬
‫ويعطون لنفسهم الق ف شن الروب الستباقية ضد الكومات الت ل تعجبهم متجاهلي مبدأ‬
‫سيادة الدول على أوطانا ‪.‬‬
‫و يُقرون مبدأ اللعقاب للمريكان أمام الحكمة النائية الدولية ‪.‬‬
‫يارسون كل أنواع الضغوط على النظمة ف البلدان النفطية ليكونوا هم التصرفون الرئيسيون ف‬
‫سياسة النفط تنقيبا وتكريرا وإنتاجا وتسويقا ‪.‬‬
‫ويعملون بالتحالف مع النظمة الستبدادية وقوى التغريب والعلمنة ف أوطاننا على فرض منظورهم‬
‫الضاري تت غطاء العولة ومكافحة الرهاب ونشر السلم وغيها من الشعارات ‪.‬‬
‫وأهم ما يريدون الوصول إليه على الدى التوسط والبعيد هو فرض القتصاد الر والفهوم الكنسي‬
‫للدين – أي العلمانية – والنتخابات الت ظاهرها الرية والناهة وحقيقتها التزوير والكراه وضمان‬
‫مصالهم غي الشروعة وحاية إسرائيل ومصالها وحاية التيارات التغريبية ومساعدتا على خدمة‬
‫مشاريعهم ف النطقة ‪.‬‬
‫إن نقطة الضعف الكبى بالنسبة لذه المة هم حكامها وأنظمة حكمها وقد خب الغرب هؤلء فما‬
‫رأي منهم إل التهافت على أبوابه والتعلق بأسبابه ‪ .‬ولذلك استهان با واستخف بآرائها وعمل ول‬
‫يزال على توظيفها ف تنفيذ جوانب من حربه العلنة على السلم وسائر مقومات شخصية المة ‪.‬‬
‫ول يبق للمة إل علماؤها ودعاتا وقليل من رجال الكم والال ‪ ،‬وأخص بالذكر العلماء والدعاة‬
‫لنم مرجع المة ف بيان الدين ولسانه العب عن حقائقه والبي لشرائعه وأحكامه ‪ .‬وأنم حراسه‬
‫الؤتنون على بقائه‪ .‬وسلطانم على المة ظاهر وسيزداد قوة وتأثيا مع ازدياد تسكهم بدينهم‬
‫وإصرارهم على الستمرار ف الدعوة إليه بكل استقللية وتايز ‪.‬‬
‫فعلي ‪ ،‬هؤلء تقع السئولية الكبى ف التصدي لنواع الرب العلمية والثقافية بالجة الساطعة‬
‫والدليل البي القوي ‪ .‬ولعل من أهم ما يدر التنبيه عليه من العمال الت يكنهم القيام با ودعوة‬
‫النظمة إليها ما يلي ‪:‬‬

‫‪481‬‬
‫‪ .1‬التواصل مع الكام وأصحاب النفوذ ف العال العرب والسلمي وماولة إقناعهم بأن ف‬
‫مقدورهم إذا أرادوا أن يولوا قوة الغرب إل ضعف وغناه إل فقر ووحدته إل شتات وعزه إل ذل‬
‫وكبياءه إل مسكنة ‪ ،‬وذلك بالستغناء عن بضائعه وقطع الدد عنه وباصة النفط والواد الولية‬
‫الخرى وترك تأييده ف مواطن الرأي والقرار ‪.‬‬
‫‪ .2‬دعوتم إل تقوية العلئق فيما ينهم وتطوير التبادلت التجارية والصناعية وتبادل البات الدنية‬
‫والتكنولوجية وتفعيل منظمة الدول السلمية الثمانية الت أسسها نم الدين أربكان يوم كان رئيس‬
‫وزراء تركيا ‪ ،‬ووضع جيع التفاقيات الوجودة موضع التنفيذ ‪.‬‬
‫‪ .3‬دعوتم لدخال إصلحات جوهرية على الوضع السياسي والقضائي والال من مبادئ حق المة‬
‫ف الختيار والراقبة والحاسبة ومن مبادئ العدالة القانونية وقيم الساواة ف توزيع الثروة ورسم‬
‫السياسات الالية حت تقام الثقة بي النظمة والشعوب ويقع التعاون بينها على خدمة مقومات‬
‫شخصية المة وتقيق التنمية القتصادية الواسعة ‪.‬‬
‫‪ .4‬دعوتم من أجل العمل على تصحيح النظام الدول با يعله عادل ومتوازنا ف تعامله مع قضايا‬
‫الشعوب والتنسيق ف ذلك مع أنظمة العال الثالث ‪ ،‬وباصة أنظمة أمريكا اللتينية ‪.‬‬
‫‪ .5‬دعوتم من أجل السعي ف إقرار مبدأ التعددية الضارية والثقافية ‪.‬‬
‫‪ .6‬دعوتم من أجل السعي لتقوية سياسة نبذ استعمال القوة ف تسوية اللفات وتعزيز مساعي‬
‫الوار والتسوية السلمية لي خلف دول ‪.‬‬
‫‪ .7‬تشجيع وتطوير مهودات ومساعي الوار بي الشمال والنوب من منطلق البحث عن القيقة‬
‫والرغبة ف الستفادة من حضارات الشعوب و تاربا الختلفة ‪.‬‬
‫‪ .8‬تعزيز الهود الت تبذل للمحافظة والدفاع عن حقوق النسان وشرح مكانة القوق ف الشريعة‬
‫والضمانات الت وفرتا لمايتها من التعسفات والتجاوزات ‪.‬‬
‫‪ .9‬ضرورة الجتهاد ف تنسيق الواقف من التغيات والقضايا الدولية الت تدد مقدسات المة‬
‫وثرواتا وأمنها واستقللا ‪.‬‬
‫‪ .10‬دعوتم للمطالبة بعضوية دائمة لم ف ملس المن وداخل قطاعات المة ومؤسساتا‪.‬‬
‫هذه كبى مواضيع النضال من النظمة القائمة ف العال العرب والسلمي الت يتعي على العلماء‬
‫والدعاة وسائر ذوي الرأي ف المة العمل على إقناع أصحاب القرار ف بلداننا على تبنيها والنضال‬
‫من أجلها ‪.‬‬
‫‪ .1‬أما ما تعلق بالحداث الت كانت سببا ف اجتماعنا فإن أقل ما يكن القيام به هو مواصلة تعرية‬
‫هذا العدوان وهذه الرب بالوسائل الختلفة من الحاضرة والندوة والكتابة وإل التجمع والسية إل‬
‫غي ذلك من وسائل التواصل مع الرأي العام السلمي وغيه‬

‫‪482‬‬
‫‪ .2‬مواصلة الدعوة إل مقاطعة بضائع تلك الدول ودعوة النظمة لتاذ مواقف أكثر قوة من الدول‬
‫الت نشرت جرائدها تلك الصور الثة وأقل الواقف هو استدعاء سفرائها وتبليغهم احتجاجات قوية‪.‬‬
‫‪ .3‬ودعوة النظمة إل تشجيع الريات الفردية والماعية وتكي المة من مارسة حقوقها والتعبي‬
‫عن عواطفها ف رفض هذا العدوان وكل عدوان على الدين ومقدساتم‪.‬‬
‫‪ .4‬والعمل على التعريف بالسلم وسية رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومن الفيد ف هذا الصدد استغلل كل ما تيسر من وسائل التكنولوجيا ‪ ،‬وكذلك من الضروري‬
‫حث أغنياء المة ليوفروا الدعم الادي الضروري لنجاح أهل العلم والفكر ف القيام بواجبهم الذكور‬
‫أعله خدمة للدين ونصرة لرسول ال صلى ال عليه وسلم وسعيا ف حشد طاقات المة ورفع‬
‫مستوى وعيها والتزامها وعطائها ‪.‬‬
‫والمد ل رب العالي ‪.‬‬
‫===================‬
‫الليلي مقاطعة من يسب الرسول أدن ما يب فعله‬

‫تصاعد الغضبة العربية والسلمية وأوروبا مع حرية الصحافة‬


‫طالب ساحة الشيخ أحد بن حد الليلي الفت العام للسلطنة المة السلمة بأن تقف أمام ما تتعرض‬
‫له من نيل لقدساتا وإساءة لرسول البشرية ممد صلى ال عليه وسلم وقفة رجل واحد وأن تنظم‬
‫صفوفها‪ ،‬وأن ترأب صدعها‪،‬وأن تسد خللها‪،‬وأن تمع كلمتها‪..‬لصد الجمة الغربية الشرسة الت‬
‫تتعرض لا القدسات السلمية‪ .‬وأكد ساحته ف برنامج (سؤال أهل الذكر) ف حلقتيه هذا السبوع‬
‫والسبوع الاضي‪ :‬أن مقام النبوة مقام عظيم‪ ،‬مقام اصطفاء من ال تبارك وتعال‪ ،‬وعن حكم‬
‫القاطعة التجارية لن سبّ الصطفي صلى ال عليه وسلّم أوضح ساحته أن هذا أدن ما يب أن‬
‫يُفعل‪ ،‬وأقل ما يب أن تقوم هذه المة صونا لرمات دينها‬
‫الدليل النافع لنصرة البيب الشافع‬
‫الدكتور عبد الستار فتح ال سعيد‬
‫بسم ال والمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه ومن واله‪ ،‬ث‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن من سنن ال الثابتة‪ ،‬ومن فطرته ف خلقه‪ ،‬أن النسان يب الشياء النبيلة العالية‪ ،‬ويكره الشياء‬
‫البغيضة السافلة‪.‬‬
‫والنب ممد صلى ال عليه وسلم هو الثل العلى‪ ،‬البشري‪ ،‬ف كماله‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وهو ذروة عليا ف‬
‫الخلق والشمائل‪ ،‬وقد مدحه ال تعال فقال‪":‬وإنك لعلى خلق عظيم"‪ ،‬وهذا النوع من البشر تبه‬

‫‪483‬‬
‫النفوس بفطرتا‪ ،‬وتيل إليه بطبيعتها‪ ،‬ولذلك فحبه من هذا الانب هو فطرة إنسانية تذب إليه نفوس‬
‫كل عنصر صال ف البشر‪.‬‬
‫كما أن حب النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خلق تربوي‪ ،‬ينشأ عليه الناس‪ ،‬إذا طالعوا صفاته‪ ،‬وسعوا‬
‫حبُ ويُكَرمُ‪ ،‬وهو من حيث‬ ‫شائله‪ ،‬أو عايشوها ورأوها رأي العي‪ ،‬فهو من حيث الفطرة السليمة يُ َ‬
‫حبُ ويُكَرمُ‪.‬‬
‫التربية والتعود ُي َ‬
‫وهناك جانب آخر أهم من هذا وذاك وهو المر اللي بب النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لنه رحة‬
‫للعالي‪ ،‬ولنه ُب ِعثَ هاديا ومعلما للناس‪ ،‬وصب على الذى والتاعب‪ ،‬ليبلغ رسالة ال إل الناس‪ ،‬فهو‬
‫من هذا الانب الدين اللي رمز للتضحية والفداء والخلص للناس جيعا‪.‬‬
‫ويب على السلم أن يستحضر ف نفسه عظمة الداية السلمية للناس‪ ،‬وكيف وصلت إلينا عن‬
‫طريق ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬عب صبه الميل‪ ،‬وبلغه البي‪ ،‬وجهاده الوصول‪ ،‬ف سبيل ال‬
‫عز وجل وهذا يدفع السلم إل حب النب صلى ال عليه وسلم حبا جارفا‪ ،‬وتفديته بالنفس والال‪.‬‬
‫فحب النب صلى ال عليه وسلم ناشئ ف نفس السلم عن النعمة الكبى الت أوصلها الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم إلينا‪ ،‬وقد قال الشاعر‪:‬‬
‫أحسن إل الناس تستعبد قلوبم *** فطالا استعبد النسانَ إحسان‬
‫ل يقوم على الشعور بعظمة‬ ‫ولذلك ند حب السلمي لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حبا جلي ً‬
‫النعمة الت أسداها لنا ال سبحانه وتعال على لسان ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومبة الرسول تكون‬
‫بالقلب وباللسان وبالعمال‪.‬‬
‫أما القلب فهو عملية فطرية‪ ،‬قائمة على الشعور بالنعمة العظيمة الت أهداها لنا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأما باللسان‪ :‬فترجتها كثرة الصلة عليه‪ ،‬كما قال تعال "يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه‬
‫وسلموا تسليما"‪ ،‬أما بالعمال‪ :‬فيكون من خلل متابعة النب صلى ال عليه وسلم ف أقواله وأفعاله‬
‫والعمل بسنته‪ ،‬ومتابعته ف الفضائل العليا الت كان يتمتع با صلى ال عليه وسلم من الصدق والمانة‬
‫والصب والواساة والرحة والودة‪ ،‬وغي ذلك من ضروب النبل الخلقي النبوي الذي يبلغ ذروة‬
‫الكمال‪.‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل يبعث للناس‪ ،‬ول يصب على الذى والشقات‪ ،‬إل ليعلمنا الق‬
‫اللي‪ ،‬من الصدق‪ ،‬والمانة‪ ،‬وإتقان العمل‪ ،‬وتوحيد ال‪ ،‬وتعظيم القرآن‪ ،‬ومبة السلمي جيعًا‪،‬‬
‫وتبليغ الدعوة للناس جيعًا‪ ،‬وغي ذلك من الفضائل العليا الت كانت من أخلق النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أما عن الطوات العملية الت يكننا القيام با لنصرة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فهذا سؤال وجيه‪،‬‬
‫ونستعي بال ونيب بأن‪:‬‬

‫‪484‬‬
‫التأسي به‪:‬‬
‫أول خطوة عملية هي إلزام النفس بالسوة السنة من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بأن يعمل‬
‫النسان كما كان يعمل‪ ،‬ولو اختلفت الدرجة؛ أي يصلى كما كان صلى ال عليه وسلم يصلي‪،‬‬
‫ويصوم كما كان يصوم‪.‬‬
‫التعريف به‪:‬‬
‫أيضًا يشرح للناس‪ ،‬على قدر استطاعته العظمة اللية الت تثلت ف بعثته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫تربية النشء على حبه‪:‬‬
‫وأيضًا تربية البناء والسرة جيعا على هذه العان‪ ،‬وصدق ال حي يقول‪":‬لقد كان لكم ف رسول‬
‫ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر"‪.‬‬
‫دراسة سيته‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضًا قراءة السية النبوية قراءة جيدة‪ ،‬ويعلمها لبنائه وأحفاده وزوجته‪،‬‬
‫وغيها‪ ،‬فقد كان الصحابة يرصون على هذا غاية الرص‪ .‬يقول سعد بن أب وقاص رضي ال عنه‬
‫لبنائه وأحفاده بعد أن علمهم سية النب صلى ال عليه وسلم‪( :‬يا بن احفظوها فهي شرفكم‬
‫وشرف آبائكم)‪.‬‬
‫العتزاز بسيته‪:‬‬
‫كما ينبغي أن نعتز بسية النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن نعلم أنه كان على خلق عظيم؛ فل نجل‬
‫من أي شيء يروى عنه بسند صحيح‪ ،‬بل نفاخر الدنيا بسيته صلى ال عليه وسلم؛ فهو السوة‬
‫السنة لنا‪ ،‬والرحة الهداة للناس جيعا‪ ،‬وهو القائل صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ال تعال رفيق يب‬
‫الرفق‪ ،‬ويعطي على الرفق ما ل يعطي على العنف‪ ،‬وما ل يعطي على سواه"‪.‬‬
‫اتباع هديه‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا التابعة والتباع‪ ،‬لقوله تعال‪" :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم‬
‫ال"‪ ،‬فعلى النسان أن يتحرى العمل بسنة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫التخلق بلقه‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا أن يتخلق السلم بلق النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خاصة ف أمور الدعوة‬
‫والبلغ فإن الوروبيي من خلل إساءتم للسلم هو تقصينا ف تبليغ الدين السلمي للناس وهم‬
‫لذلك يهلون ومن جهل شيء عاده‪.‬‬
‫الصفح عن الصوم‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا‪ ،‬الصفح عن الصوم‪ ،‬إذا كان ذلك ما يساهم ف فهمهم للسلم‪ .‬وقد‬
‫كان الناس والعراب يغلظون القول للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف حياته‪ ،‬فكان يعاملهم بالرحة‬

‫‪485‬‬
‫والودة والعفو ولكن بل ضعف ول تاذل‪ ،‬كان اللي من صفاته العظيمة الت تبب الناس فيه‪ ،‬وقد‬
‫ذكاه ال ف كتابه الكري فقال جل شأنه‪" :‬فبما رحة من ال لنت لم ‪.".......‬‬
‫التعريف برسالته‪:‬‬
‫ومن الوسائل العملية أيضا‪ ،‬إرسال الرسائل عب البيد الليكترون‪ ،‬والقالت الصحفية‪ ،‬والقصص‬
‫النبوية الصحيحة‪ ،‬إل الناس حت يفهموا عظمة الخلق النبوية الحمدية‪ ،‬وهذا خي دعاية للسلم‪،‬‬
‫لن الخلق السنة تؤثر ف الناس‪ ،‬ولو ل يردوا‪ ،‬وتكون قدوة عملية تقطع الدل والصام‪ ،‬وصدق‬
‫ال تعال حي يقول "لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجوا ال واليوم الخر وذكر‬
‫ال كثيا"‪.‬‬
‫===================‬
‫السماء الشامة صلى ال عليه وسلم)‬

‫ممد السمان‬
‫خطيب جامع الهيمي بالرياض‬
‫‪27/12/1426‬هـ‬
‫المد ل القائل (فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنا هم ف شقاق فسيكفيكهم ال‬
‫وهو السميع العليم)‪ ،‬والصلة والسلم على خي رسول وأعظم نب ‪ ،‬من أرسله ربه فأخرج به الناس‬
‫من الظلمات إل النور وعلى آله الطيبي وعلى أصحابه والتابعي ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪..‬‬
‫أما بعد فاتقوا ال أمة السلم ‪ ..‬ث اعلموا أنه من أعظم النن الت امت ال با علينا أن جعلنا مسلمي‬
‫وجعلنا من أمة السلم وجعلنا من أتباع خات النبياء الرسلي ‪ ،‬وإمام العالي ‪ ،‬وسيد ولد آدم‬
‫أجعي ممد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم تسليما كثيا ً ‪.‬‬
‫أيها السلمون وإن كان أفول سنة هجرية وابتداء سنة أخرى يذكرنا بشيء من عظمة النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ..‬يذكرنا بتلك الادثة العظيمة أعن حادثة الجرة الت هجر فيها الصطفى صلى ال عليه‬
‫وسلم بلده مكة ليهاجر إل الدينة ليؤسس هناك دولة السلم الالدة ‪ ،‬ويضع أسسها الراسخة ‪،‬‬
‫ل ِم دِينا‬
‫ليعلن للمة كل المة أن هذا الدين هو أعظم الديان ولن يقبل ال سواه { َومَن َيبْتَ ِغ َغْيرَ الِسْ َ‬
‫َفلَن ُيقْبَ َل مِْن ُه َو ُهوَ فِي ال ِخ َرةِ مِنَ الْخَا ِسرِينَ }آل عمران‪. 85‬‬
‫الجرة وما قبلها وما بعدها تصور لنا أيها السلمون‪ ،‬مدى ما كان يتعرض له صلى ال عليه وسلم ف‬
‫نفسه وأهله من إيذاء واستهزاء‪ ..‬هم ل يقصدون ذاته فحسب بل المر الذي أرادوا هو الطعن ف‬
‫هذا الدين العظيم‪ ..‬لذا تراهم قد استخدموا وسائل كثية رغبة ف تقيق هدفهم ومرادهم ‪ ،‬ويكرون‬

‫‪486‬‬
‫ويكر ال وال خي ماكرين ‪ ،‬قال ال جل ال {َفإِ ْن آمَنُواْ بِمِْثلِ مَا آمَنتُم ِبهِ َفقَدِ اهْتَدَواْ وّإِن َتوَّلوْاْ‬
‫سيَ ْكفِي َكهُمُ الّل ُه َو ُهوَ السّمِيعُ اْل َعلِيمُ } البقرة‪. 137‬‬
‫فَِإنّمَا هُمْ فِي ِشقَاقٍ فَ َ‬
‫قال الشيخ السعدي رحه ال معلقا على هذه الية ( أي فإن آمن أهل الكتاب بثل ما آمنتم به ‪ -‬يا‬
‫معشر الؤمني ‪ -‬من جيع الرسل وجيع الكتب ‪ ،‬الذين أول من دخل فيهم ‪ ،‬وأول خاتهم‬
‫وأفضلهم ممد صلى ال عليه وسلم والقرآن ‪ ،‬وأسلموا ل وحده ول يفرقوا بي أحد من رسل ال (‬
‫فقد اهتدوا ) للصراط الستقيم الوصل لنات النعيم أي فل سبيل لم إل الداية إل بذا اليان ل‬
‫كما زعموا بقولم كونوا هودا أو نصارى تتدوا فزعموا أن الداية خاصة با كانوا عليه والدى هو‬
‫العلم بالق والعمل به وضده الضلل عن العلم والضلل عن العمل بعد العلم وهو الشقاق الذي‬
‫كانوا عليه لا تولوا وأعرضوا‪ ،‬فالشاق هو الذي يكون ف شق وال ورسوله ف شق ‪ ،‬ويلزم من‬
‫الشاقة الحادة والعداوة البليغة الت من لوازمها بذل ما يقدرون عليه من أذية الرسول فلهذا وعد ال‬
‫رسوله أن يكفيه إياهم لنه السميع لميع الصوات باختلف اللغات على تفنن الاجات العليم با‬
‫بي أيديهم وما خلفهم بالغيب والشهادة بالظواهر والبواطن فإذا كان كذلك كفاك ال شرهم وقد‬
‫أنز ال لرسوله وعده وسلطه عليهم حت قتل بعضهم وسب بعضهم وأجلى بعضهم وشردهم كل‬
‫مشرد ففيه معجزة من معجزات القرآن وهو الخبار بالشيء قبل وقوعه فوقع طبق ما أخب ) أ‪.‬هـ‬
‫أمة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬ثلة الستهزاء الول استخدمت طرقا كثية وأساليب متنوعة‬
‫للسخرية من النب صلى ال عليه وسلم والستهزاء به ‪ ،‬فتارة ينعتونه صلى ال عليه وسلم بألفاظ نابية‬
‫وعبارات قاسية فوصفوه صلى ال عليه وسلم بالشاعر والساحر بل تعدى المر أن يصفوه بالجنون ‪،‬‬
‫ويبقى صلى ال عليه وسلم شاما يكمل ما بدأه من أمر دعوته وتبليغ دينه ‪ ،‬يطردوه يرموه بالجارة‬
‫يبسوه ويقاطعوه ف الشعب ‪ ،‬يهموا أن يقتلوه ‪ ،‬يعذبوا أصحابه ث ياربوه وتشج رأسه وتكسر‬
‫رباعيته بأب هو وأمي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وتتحزب الحزاب عليه ويدسوا له لما مسموما ‪،‬‬
‫ويتهموه ف عرضه الشريف ويطعنوا ف أحب نسائه إليه ‪ ،‬ويصب ويتسب وياهد ويبذل من نفسه‬
‫لذا الدين‪ ،‬نقول هذا الكلم وقد سعتم ما نقل عن استهزاء وسخرية برسولنا صلى ال عليه وسلم‬
‫من أناس تردوا من اليان أولً ث هم ل يرعوِ لنبينا صلى ال عليه وسلم مكانته وللمسلمي‬
‫مشاعرهم وهم يتعرضون لرجل يبه كل مسلم أكثر من نفسه وولده والناس أجعي ‪.‬‬
‫ولكن هيهات ‪ ..‬هيهات ‪ ،‬أن تبلغ حجارهم تلك السماء الشامة ‪ ،‬فإن ال كافيه وناصره ورافعه ‪.‬‬
‫قال ال ومن أحسن ال قيلً ومن أحسن من ال حديثا {إِنّا َكفَْينَاكَ الْمُسَْت ْهزِِئيَ }الجر‪95‬‬
‫إنا كفيناك الستهزئي بك وبا جئت به وهذا وعد من ال لرسوله صلى ال عليه وسلم أنه ل يضره‬
‫الستهزئون وأن يكفيه ال إياهم با شاء من أنواع العقوبة وقد فعل تعال فإنه ما تظاهر أحد‬
‫بالستهزاء برسول ال صلى ال عليه وسلم وبا جاء به إل أهلكه ال ‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫وقال ال سبحانه وتعال ف أقصر سورة ف القرآن ف آخر آية فيها ( إن شانئك هو البتر ) قال شيخ‬
‫السلم ابن تيمية رحه ال تعال‪" :‬سورة الكوثر ما أجلها من سورة! وأغزر فوائدها على اختصارها‪.‬‬
‫وحقيقة معناها تعلم من آخرها؛ فإنه سبحانه وتعال بتر شانئ رسوله من كل خي‪ ،‬فيبترُ ذكره وأهله‬
‫وماله؛ فيخسر ذلك ف الخرة‪ ،‬ويبتر حياته فل ينتفع با‪ ،‬ول يتزودُ فيها صالًا لعاده‪ ،‬ويبترُ قلبه‪ ،‬فل‬
‫يعي الي ول يؤهله لعرفته ومبته‪ ،‬واليان برسله‪ ،‬ويبترُ أعماله فل يستعمله ف طاعة‪ ،‬ويبتره من‬
‫النصار فل يد له ناصرًا ول عونًا‪ ،‬ويبتره من جيع القرب والعمال الصالة فل يذوق لا طعمًا‪،‬‬
‫ول يد لا حلوة‪ ،‬وإن باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها‪ ،‬وهذا جزاء من شنأ بعض ما جاء به‬
‫الرسول ) ا‪.‬هـ ‪.‬‬
‫قلت فإذا كان هذا حال من شنأ بعض ماجاء به الرسول فكيف بن تعرض له صلى ال بالسخرية‬
‫واللمز ‪.‬‬
‫وقال عز وجل (ورفعنا لك ذكرك)‪ ،‬قال ماهد رحه ال‪ :‬ل أذكر إل ذكرت معي أشهد أن ل إله‬
‫إل ال وأشهد أن ممدا رسول ال ‪ ،‬وقال قتادة رحه ال‪ :‬رفع ال ذكره ف الدنيا والخرة فليس‬
‫خطيب ول متشهد ول صاحب صلة إل ينادي با أشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪.‬‬
‫وقال السعدي رحه ال ( ورفعنا لك ذكرك أي أعلينا قدرك وجعلنا لك الثناء السن العال الذي ل‬
‫يصل إليه أحد من اللق فل يذكر ال إل ذكر معه رسول ال صلى ال عليه وسلم كما ف الدخول‬
‫ف السلم وف الذان والقامة والطب وغي ذلك من المور الت أعلى ال با ذكر رسوله ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم وله ف قلوب أمته من الحبة والجلل والتعظيم ما ليس لحد غيه بعد ال‬
‫تعال فجزاه ال عن أمته أفضل ما جزى نبيا عن أمته ) ‪.‬‬
‫هذا وال أسأل أن يعجل بالنتصار لنبيه _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬وأن يعز السلم وأهله إنه على‬
‫ذلك قدير وبالجابة جدير‪ ..‬واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ‪.‬‬
‫الطبة الثانية‪..‬‬
‫المد ل الكري النان ‪ ،‬المد ل الرحيم الرحن ‪ ،‬المد ل الذي على عرشه استوى ‪ ،‬يعلم السر‬
‫وأخفى ‪ ،‬ل إله غيه ‪ ،‬ول رب سواه ‪ ،‬والصلة والسلم على البشي النذير والسراج الني ممد بن‬
‫عبد ال صلى ال عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين ‪...‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فيا عباد ال‪ ،‬اتقوا ال وراقبوه‪ ،‬وأطيعوه ول تعصوه‪{ ،‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوْا اّتقُوْا الّل َه وَكُونُوْا مَعَ‬
‫الصّادِِقيَ} [التوبة‪.]119:‬‬
‫أمة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لقد هُدي نبينا صلى ال عليه وسلم لعال المور ف دينه وخلقه‪،‬‬
‫وقد أكمل ال به الدين وأت به النعمة ‪ ،‬فبلغ صلى ال عليه وسلم الرسالة وأدى المانة ونصح المانة‬

‫‪488‬‬
‫‪ ،‬فكان ل جل جلله أن يفتح له وأن يقق له النصر والتمكي والداية ‪ ،‬بسم ال الرحن الرحيم (إنا‬
‫فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا‬
‫مستقيما وينصرك ال نصرا عزيزا)‬
‫إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ‪ ..‬أي ف الدنيا‬
‫والخرة ‪..‬ويهديك صراطا مستقيما ‪ ..‬أي با يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القوي ‪..‬‬
‫وينصرك ال نصرا عزيزا ‪ ..‬أي بسبب خضوعك لمر ال عز وجل يرفعك ال وينصرك على أعدائك‬
‫‪.‬فحق لكل مسلم أن يشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ‪ ،‬أن يب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أكثر من نفسه وولده والناس أجعي‪ ،‬وأن يتقرب إل ال بذلك وأن يطيع أمر ال وأمر رسوله‬
‫ال عليه وسلم وأن يتنب نيهما‪ ،‬أل وصلوا وسلموا على هذا النب الكري والرسول العظيم اللهم‬
‫صل عليه وعلى آله وعلى أصحابه وعلى من تبعهم بإحسان إل يوم الدين ‪..‬‬
‫====================‬
‫القاطعة القتصادية للدنارك من الناحية القانونية‬

‫الدكتور سعد بن مطر العتيب‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫القاطعة القتصادية للدنارك من الناحية القانونية‬
‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله ومن واله ‪ ..‬أما بعد‬
‫فقد تناقلت وسائل العلم أ ّن بيتر ماندلسون الفوض التجاري الورب هدد بتقدي شكوى إل‬
‫منظمة التجارة العالية ضد الدول الت تسمح بالقاطعة ‪ ،‬مدعيا أنا تالف اتفاقات تلك النظمة ‪ ،‬الت‬
‫وقعها عدد من الدول العربية الت تنشط فيها حلت القاطعة حاليا وعلى رأسها بالطبع السعودية‬
‫وبقية الدول الليجية ‪.‬‬
‫ومن عجيب قدر ال عز وجل ‪ ،‬أنّ أول مثال للمقاطعة القتصادية الشعبية ‪ -‬ضد دولة أخرى ‪ -‬ف‬
‫التاريخ الديث يذكرها بعض القانونيي ‪ ،‬هي القاطعة الت قرّرتا جاعاتٌ ف أصحاب الرف‬
‫الدناركيي للبضائع اللانية ‪ ،‬احتجاجا على الجراءات الت اتذتا الدارة اللانية للحدّ من استعمال‬
‫اللغة الدناركية ف مقاطعة شليسفيغ الشمالية ‪.‬‬
‫‪ )1‬ل أتعرض للتأصيل الشرعي ف الفقه السلمي لسألة القاطعة القتصادية بوصفها وسيلة ضغط‬
‫على من ينال من السلم وأهله ؛ لنّ السألة عولت من الناحية الشرعية بملة من الفتاوى‬
‫والؤلفات الت تبي الشروعية ‪ ،‬وتؤكّد ذلك بالثار والنتائج ‪ ،‬كما أنّ المة اتذت قرارها ف‬
‫القاطعة القتصادية للمنتجات الدنركية ‪ ،‬فلم توجنا إل إعادة التأصيل الشرعي ول المد والنّة ‪.‬‬

‫‪489‬‬
‫كما لن أتدث ف هذا القال عن العدالة السلمية ف الحكام الشرعية مع غي السلمي ‪ ،‬مع أنّه‬
‫موضوع جدير بالبراز والتكرار ف مثل هذه الرحلة الت تلط فيها الوراق من غي الختصي ؛‬
‫وإنّما ل أتدث عنه هنا ‪ ،‬لنّ القاطعة القتصادية تفعيل ليار مشروع ل يتناف مع العدالة ‪.‬‬
‫وإنّما أردت كشف شيء من الانب القانون لذه السألة ‪ ،‬ولسيما بعد أن سلك الزب الاكم ف‬
‫الدنارك مسلك الكابرة والبحث عن السوغات بعد الوقوع ف الشكلة ؛ واستنجاده بالتاد الورب‬
‫لخراجه من ورطته ‪ ،‬مع ما يثار حول حق مزعوم ف رفع دعوى ضد الملكة العربية السعودية بشأن‬
‫القاطعة كما مرّ ‪ .‬وذلك ليُعلم أ ّن الجراء الذي اتذته المة السلمية ليس مشروعا ف السلم‬
‫فحسب ‪ ،‬بل حت ف القواني الوضعية الت يُلوّح الدنركيون وغيهم باللجوء إليها ‪ ،‬ف ماولة‬
‫مكشوفة للتعامي عن القيقة ‪ ،‬وحفظ ماء الوجه بأي وسيلة ‪.‬‬
‫ول شك أنّ الوضوع أكب من أن أَكشفه على حقيقته فيما يتعلق بالسلوك الكومي الدنركي ف‬
‫مقال ‪ ،‬ولكن هذا لن ينعن ‪ -‬إن شاء ال تعال ‪ -‬من الديث عن هذا الوضوع فيما يتعلق بالهود‬
‫السلمية ‪ ،‬من خلل نقاط واضحة بعيدة عن التعقيد القانون ‪ ،‬مساهة ف نشر الوعي العام بثل‬
‫هذه القضايا ‪ ،‬وتوضيحا لبعض حججنا نن السلمي ف تعاملنا العادل مع إجراء القاطعة القتصادية‬
‫الشعبية ‪ ،‬وكيف يكن للمجتمع الدول أن ينع مثل حدوث هذا التوتر مستقبل ‪.‬‬
‫‪ )2‬ومسألة القاطعة الشعبية من السائل الت اختلف فيها القانونيون الدوليون ؛ وف عال شرّاح‬
‫القواني ‪ ،‬فإ َنّ السائل القانونية الدولية شائكة ‪ ،‬والختلف القانون – بوجه عام ‪ -‬ل يقارن‬
‫بالختلف ف السائل الفقهية اللفية لدى فقهاء السلمي ‪ ،‬لسباب عديدة أهها ‪ :‬أنّ مرجعية‬
‫ص على ذلك علماء‬ ‫السلمي ‪-‬كلّهم ‪ -‬واحدة وهي الكتاب والسنة ‪ ،‬فهما ملّ إجاع بينهم كما ن ّ‬
‫الصول حت عند البتدعة كما يقول ابن تيمية رحه ال ؛ بينما ل توجد مرجعية متفق عليها بي‬
‫القانوني ‪ ،‬ودراساتم ف صورتا العلمية الوضوعية عقلية مضة ‪ ،‬ولذا ربا تتعدّد بتعدّد الدارس‬
‫القانونية وخلفياتا الفكرية والثقافية والعرفية ‪ ،‬وما يتفرّع عنها ؛ بل ربا تغي حكمها من جذوره‬
‫لتقلبات الزاج السياسي أو الشعب ( تغي الرأي العام ) ‪ ،‬وهذا موضوع – أيضا – يطول الديث فيه‬
‫‪ ،‬وله مباحث خاصّة ف بعض كتب القانون الغربية ‪ .‬ولكي تتضح الرؤية القانونية ف هذا الوضوع ‪،‬‬
‫رأيت بيانه من خلل النقاط التية ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬الراد بالقاطعة القتصادية (‪: )Boycott‬‬
‫ورد التعبي بـ ( القاطعة القتصادية ) ف الادة (‪ )16‬من عهد عصبة المم ‪ ،‬كما ورد ف الادة (‬
‫‪ )41‬من ميثاق المم التحدة ‪ .‬ومن أشهر تعريفاتا ‪ ،‬أنّها ‪ " :‬إجراء تلجأ إليه سلطات الدولة أو‬
‫هيئاتا وأفرادها الشتغلون بالتجارة لوقف العلقات التجارية مع دولة أخرى ومنع التعامل مع رعاياها‬

‫‪490‬‬
‫بقصد الضغط القتصادي عليها ‪ ،‬ردا على ارتكابا لعمال عدوانية " ‪ ،‬وهذا التعريف يتفق مع‬
‫قاموس القانون الدول والقاموس الدبلوماسي ‪.‬‬
‫أو هي كما يقول جيهارد فان غلن ‪ " :‬شكل حديث من الجراءات النتقامية ‪ ،‬يشمل تعليق‬
‫التعامل والعلقات التجارية من جانب رعايا الدولة التضرّرة مع رعايا الدولة السيئة " ‪.‬‬
‫ويفرّق القانونيون الدوليون بي وسيلت الضغط القتصادي الخريي ‪ ( :‬الرد بالثل ) و ( العمال‬
‫النتقامية ) ‪ ،‬بأنّ القاطعة القتصادية قد تصدر من قبل الفراد العاديي ‪ ،‬بينما ل يصدر ( الرد‬
‫بالثل ) و ( العمال النتقامية ) إل عن طريق الدول والكومات ‪ .‬ومثلهما ( الظر القتصادي )‬
‫الذي يعن منع الصادرات التجهة إل دولة أو مموعة دول معينة بصفة كاملة أو جزئية ‪ .‬ومن هنا‬
‫جاء التفريق بي القاطعة القتصادية الشعبية والرسية كما سيأت إن شاء ال تعال ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أقسام القاطعة القتصادية من جهة مصدرها ‪:‬‬
‫يقسّم القانونيون القاطعة القتصادية من جهة مصدرها ‪ ،‬إل ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬القاطعة القتصادية الهلية ( الشعبية ) ‪ .‬وهي الت يفرضها ويتولّى تطبيقها الفراد أو اليئات‬
‫ل – فيقرّروا إيقاف التعامل بالبضائع‬‫غي الرسية ‪ ،‬بدافع من عواطفهم وحاسهم الوطن – مث ً‬
‫والنتجات الستوردة من الدولة العتدية وإيقاف التصدير إليها ‪ ،‬وقد يشمل ذلك المتناع عن التعامل‬
‫مع رعاياها ‪ ،‬كما يقول بيي رينوفان وغيه ‪.‬‬
‫و أمثلتها كثية جدا ‪ ،‬فمنها ما سبق ذكره ف أول القال عن مقاطعة الدنركيي لللان بسبب الد‬
‫من استعمال اللغة الدنركية ف ف مقاطعة شيلسفسغ ‪ .‬ومنها مقاطعة الشعب الصين للبضائع‬
‫المريكية عام ‪1906‬م ‪ ،‬بسبب وضع قيود على هجرة الصينيي واستيطانم فيها ‪ .‬وقد تكررت من‬
‫الصينيي ضد اليابان ما يقارب تسع مرات ‪ .‬ومنها مقاطعة التراك ‪1908‬م للبضائع النمساوية‬
‫لضمها إقليما بوسنويا ‪ ،‬واليونانية عام ‪1910-1909‬م لتقديها مساعدات للثوار الكريتي ‪.‬‬
‫وكذلك مقاطعة النود الوطنيون بقيادة غاندي للمنتجات البيطانية عام ‪1920‬م ‪ .‬ومنها مقاطعة‬
‫الركة الشعبية الواسعة للمنتجات اليابانية ‪ ،‬الت تأسست قبيل الرب العالية الثانية ؛ وغيها كثي ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬القاطعة القتصادية الرسية (الكومية) ‪ .‬وهي الت يتقرّر فرضها من قبل سلطات الدولة‬
‫السؤولة ضد جاعات أو دولة معتدية ‪ .‬وهنا يفرّق القانونيون بي القاطعة الرسية ف حال السلم ‪،‬‬
‫والقاطعة الرسية ف حال الرب ‪ .‬ومن أمثلتها القاطعة الت فرضتها البلدان العربية على النتجات‬
‫الصهيونية ف فلسطي الحتلة ‪ ،‬تطبيقا لقرار ملس جامعة الدول العربية رقم‪ ، 16‬الدورة الثانية ف‬
‫‪2/12/1945‬م بغرض إعاقة تكي الصهاينة من تقيق وطن قومي لم ف فلسطي ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬القاطعة الماعية الت تقرّرها منظمة دولية ‪ .‬وهي الت تفرضها النظمات الدولية استنادا إل‬
‫ميثاق النظمة ‪ ،‬جزاء على انتهاك الدولة للميثاق ‪ .‬ومن أمثلتها ‪ -‬الت سبقت ازدواجية العايي والتأثي‬

‫‪491‬‬
‫المريكي على قرارات النظمات الدولية – القاطعة القتصادية الت قررتا المم التحدة على الصي‬
‫وكوريا الشمالية عام ‪1951‬م ‪ ،‬وعلى جنوب أفريقيا عام ‪1962‬م ‪.‬‬
‫وهذان القسمان الخيان ‪ ،‬ل إشكال ف قانونيتهما ‪ ،‬وها ملّ اتفاق على ما يظهر ‪ ،‬فيون أنّ من‬
‫ح ّق الدول التحاربة اللجوء إل القاطعة القتصادية وقت الرب ‪ ،‬وإن اختلفوا ف تكييفها ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فالذي يهمنا هنا هو القسم الول ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬هل القاطعة الشعبية تدخل ضمن مسؤولية الدولة الت وقعت فيها ؟‬
‫شكّك مارسيل سيب أحد شرّاح القانون الدول ف استقلل القاطعة الشعبية عن القاطعة الرسية ‪،‬‬
‫ولكنّ آخرين ‪ ،‬من أمثال شوارزنبجر ‪ ،‬و لوترباخت ‪ ،‬رفضوا هذا التشكيك ‪ ،‬وبيّنوا أ ّن الدولة ل‬
‫تكون مسؤولة إل عن تصرفات أعضائها الرسيي ‪ .‬وهذا الرأي يؤيده كثي من القانونيي الدوليي ‪،‬‬
‫وتؤكّده السياسات الدولية ‪ ،‬وما صدر فيها من قرارت كما سيأت إن شاء ال تعال ‪ .‬وإن كانت‬
‫بعض الدول قد منعت القاطعة الشعبية قانونا ‪ ،‬لكونا كانت قد التزمت سياسة الياد كما ف‬
‫الرسوم السويسري الصادر عام ‪1939‬م الذي منع الواطني من تبن القاطعة القتصادية ضد دول‬
‫أجنبية ‪.‬‬
‫وما يؤكّد عدم مسؤولية الدولة عن القاطعة الشعبية الت تصدر من الواطني ضد النتجات الجنبية‬
‫لدولة ما ‪ ،‬بسبب موقفها أو موقف شعبها من قضايا مسيئة إل الشعب أو المة القاطِعة – أنّه ل‬
‫يوجد مستند قانون دول يمّل الدولة مسؤولية تصرف شعب سلمي ‪ ،‬ل تشارك فيه السلطة الرسية‬
‫ول تدعمه أو ترض عليه ‪.‬‬
‫فيى شوارزنبجر أنّ الدولة إنّما تكون مسؤولة عن تصرفات أعضائها الكوميي ‪ ،‬ولكنّها غي‬
‫مسؤولة عن التصرفات الت تصدر من أشخاصٍ غي رسيي ؛ وأنّ القاطعة الت تنظّمها الؤسسات‬
‫والتنظيمات الاصّة ف الدولة الديقراطية ما ل تشجعها الدولة ‪ ،‬أو أن يؤدي ذلك إل قطع العلقات‬
‫ونقض التفاقيات التجارية مع الدول الت خضعت صادراتا للمقاطعة ‪.‬‬
‫و يرى لوترباخت ‪ ،‬أنّه من الصعب تديد السس الت تقوم عليها السؤولية الدولية عند عدم وجود‬
‫اتفاقية تارية أو عند عدم مالفة قواعد القانون الدول الاصّة بماية أرواح الجانب ومتلكاتم ‪.‬‬
‫وأ ّن من الصعوبة أيضا أنّ ندد كيف يكن أن تكون الدولة مسؤولة مسؤولية دولية بسبب القاطعة‬
‫الهلية الفروضة على بلد آخر ‪.‬‬
‫يقول جيهارد فان غلن ف بيان موقف القانون الدول من القاطعة الشعبية ‪ " :‬ما دام هذا العمل يتم‬
‫بصورة طوعية ول يشتمل على أي ضغط أو إلاح من الكومة أو على أيّ إجراء رسي لدعمه ‪،‬‬
‫فإنّ القاطعة ل تُشكّل مسؤولية على الدولة ‪ ،‬وتبقى خارج نطاق القانون الدول ‪.‬‬

‫‪492‬‬
‫لكن إذا تورطت حكومة الدولة ا ُلَتضَرّرة ف القاطعة بأي شكل من الشكال ؛ فإنّ ذلك التورّط‬
‫يلق مسؤولية ويُمثّل وسيلة للمساعدة الذاتية ‪ .‬وإذا ل تكن الدولة القصودة بالقاطعة قد ارتكبت‬
‫ي‪،‬‬‫ل غي ودّ ّ‬‫أيّ عمل عدائي نو الدّولة الت أعلنت القاطعة ‪ ،‬اعتب ذلك العمل ( القاطعة ) عم ً‬
‫وأثار احتمال احتجاجات شرعية من جانب الدولة الت يتأثر رعاياها بالقاطعة " ‪.‬‬
‫بل إنّ ف القواني والعراف الدولية ما يسند القاطعة الشعبية ؛ كما يقول قطب العرب ‪" :‬‬
‫فالتفحص لقوق الستهلك كما أقرتا المعية العامة للمم التحدة ف قرارها رقم ‪248/39‬‬
‫الصادر ف ‪ 9‬إبريل ‪ ،1985‬يد أن أبرزها هو الق ف الختيار ؛ أي الق ف أن يكون الواطن‬
‫قادرًا على الختيار ف مال النتجات والدمات القدمة بأسعار تنافسية مع تأمي درجة الودة‬
‫الكافية ‪ .‬ول تقيد المم التحدة هذا الق بأي قيود سياسية ‪ .‬ويترتب على ذلك أنه يوز للمستهلك‬
‫بداهة أن يتار ‪ -‬على سبيل الثال‪ -‬السلع الوطنية تدعيما لقتصاد الدولة الت ينتمي إليها ‪ .‬وبالتال‬
‫فيكون له الق ف مقاطعة أي سلعة " ‪.‬‬
‫ومن هنا يرى قطب العرب ‪ :‬أنّ " هذا الوقف الورب يعتمد على قانون القوة و ( العي المراء ) ‪،‬‬
‫وليس قواني منظمة التجارة ؛ فالقاطعة الت تري الن هي مقاطعة شعبية والجمعات الستهلكية‬
‫والحلت الت تلتزم با هي هيئات أهلية تعاونية ‪ ،‬وليست وزارات حكومية ‪ ،‬ول تتبع حت هذه‬
‫الوزارات ‪ ،‬حت تشرع أوربا سلح منظمة التجارة ف وجهها ‪.‬‬
‫كما أنّ الكومات العربية والسلمية ل تعلن القاطعة بشكل رسي ‪ ،‬وإن كان الكثي منها أخذ‬
‫مواقف سياسية تفرضها عليه التزاماته الدينية والخلقية‪ ،‬وتسمح با العراف والقواني الدولية ‪.‬‬
‫وف هذا الطار‪ ،‬فإنّ الستهلك العرب والسلم ‪ ،‬حينما يقاطع السلع الداناركية فهو يارس حقه ف‬
‫الختيار ‪ .‬وهو ل يتعارض مع التزام دولته بفتح أسواقها أمام النتجات الجنبية دون تييز ضد هذه‬
‫الخية " ‪.‬‬
‫ومن جهة السوابق ف السياسة الدولية ‪ ،‬ند القاطعة الصينية الشعبية لليابان عام ‪1931‬م ‪ .‬ومع أنّ‬
‫الكومة اليابانية قد احتجت على ذلك باعتباره يثل خرقا للقانون الدول وكانت الصي قد أيّدته‬
‫رسيا وحثّت الدول الصديقة لا على تطبيق إجراءات اقتصادية ماثلة ضد اليابان ‪ ،‬وردت الكومة‬
‫الصينية رسيا بأنّ العمال السابقة الت قامت با السلطات اليابانية تشكل خرقا أكثر خطورة لذلك‬
‫القانون ‪ .‬ومع ذلك قرّرت لنة التسعة عشر الت شكلتها عصبة المم لدراسة تقرير لنة ليتون‬
‫ل انتقاميا شرعيا‬‫( الت حققت ف ملبسات غزو اليابان لنشوريا ) أنّ القاطعة القتصادية تثّل عم ً‬
‫( أي قانونيا ) ‪ .‬ومع أنّ الكومة المريكية قد تعرضت لضغوط شديدة من بعض أعضاء ملس‬
‫الشيوخ ومن مموعات خاصّة عديدة ‪ ،‬إل أنّها ل تتخذ أيّ إجراء رسي إل جانب القاطعة ‪،‬‬

‫‪493‬‬
‫وأخيا تولّت منظمات وطنية عديدة أمر القاطعة ضدّ البضائع اليابانية ث ضد البضائع اللانية ( ينظر‬
‫‪ :‬القانون بي المم ‪. )2/257:‬‬
‫إشكالية الصفة الرسية لعلماء الشريعة لدى الجانب ‪:‬‬
‫من المور الت قد ل يدركها الخرون ‪ ،‬أ ّن ما يصدر من الفقيه الشرعي أو الواعظ الدين ف السلم‬
‫‪ ،‬ل يثّل رأي الدّولة بالضرورة ما ل يصدر منه بصفته الرسية فحينئذ قد يأخذ البحث منحى آخر ‪.‬‬
‫فالفقيه الشرعي يثّل الرأي الدين ‪ ،‬وليس هو الرأي الرسي بالضّرورة ‪ .‬وكذلك الوعّاظ وخطباء‬
‫المعة ‪ ،‬ما هم إل مبيني للنصوص الشرعية السلمية ‪ .‬وإن دخلوا ف تنظيمهم الوظيفي ومرجعيتهم‬
‫التنظيمية إل وزارة حكومية ‪ ،‬فهي ليست سوى جهة تنظيمية يب أن تسي وفق الحكام الشرعية‬
‫لتحافظ على نسق صحيح ‪ ،‬يساهم ف إيصال الرسالة الدينية دون تدخل حكومي ‪ .‬وإذا أردنا أن‬
‫نقرّب الصورة ‪ ،‬فيمكننا القول إنّ وظيفة وزارات الشؤون السلمية تشبه وظيفة وزارات العدل ‪،‬‬
‫إذا نظرنا إليها من جهة مبدأ الفصل بي (الوليات) السلطات ‪ ،‬لنّ كل الوظيفتي تعدّ ف السلم‬
‫من الوليات الدينية ‪ .‬وهي ف الراء الخالفة للراء الكومية تشبه ما يعرف بؤسسات الجتمع‬
‫الهلي أو ما يعبّر عنه بالدن ‪ ،‬مع التحفظ على التعبي الخي ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬هل للمقاطعة مدة معينة ؟‬
‫ل يدّد القانونيون الدوليون القاطعة الشعبية بدّة زمنية معينة ‪ ،‬وإنّما اكتفوا ببيان أ ّن هذا الجراء‬
‫غالبا ما يكون لدة زمنية مفتوحة ‪ ،‬يفترض أن تنتهي بانتهاء السباب الباعثة على القاطعة ‪ .‬كما‬
‫بيّنوا أنّ القاطعة قد تكون صعبة ف حال وجود وضع اقتصادي ل يسمح بمارستها ‪.‬‬
‫ومن الناحية التاريية ‪ ،‬ند أن القاطعات القتصادية تفاوتت مددها ‪ ،‬فمنها ما كان قصيا ليس‬
‫سوى أشهر ‪ ،‬ومنها ما امتدّ لسنوات ‪ ،‬كما القاطعة الندية الشعبية للبضائع البيطانية الت نظمتها‬
‫الركة الوطنية الندية بقيادة غاندي ‪ ،‬إذ استمرت مدة اثن عشر عاما ‪ ،‬من عام ‪-1920‬‬
‫‪1932‬م ‪ ،‬فكان لا أثر كبي ومدى واسع من حيث سعة انتشارها وقوة فاعليتها ف التأثي على‬
‫بريطانيا ‪.‬‬
‫كما أنّ القاطعة قد تتوقف لتوقف سببها أو لمر آخر ‪ ،‬ث تعود مرة أخرى ‪ ،‬ومن ذلك مقاطعة‬
‫الصينيي لليابان تسع مرات خلل عامي ‪1932-1908‬م ‪.‬‬
‫‪ )3‬وأمّا ما اتذته الملكة العربية السعودية من استدعائها لسفيها ( السحب الؤقت ) ف كوبنهاجن‬
‫‪ -‬وكذلك ما تبعتها فيه عدد من الدول السلمية من مواقف مشابة ‪ -‬فإنّها إجراءات رسية قانونية‬
‫دولية تعبّر با عن استيائها من تصرفات الكومة ‪ ،‬إذْ جاءت ف مقابل التعنت الرسي الكومي‬
‫الدناركي بعد استنفاد جيع الوسائل والطرق الودية والقانونية السابقة ‪ ،‬فإن رئيس الكومة‬
‫الداناركي راسوسن سلك مسكا مؤيدا للجناة ‪ ،‬ول يتعامل حت وفق قواعد الجاملت ‪ ،‬إذ رفض‬

‫‪494‬‬
‫استقبال وف ٍد من سفراء الدول السلمية لبلغه بعِظم الرية وخطورة الوضع وما قد ينجم عنه من‬
‫آثار على الصعيد السلمي ‪ ،‬كما أ ّن رئيس الوزراء الدنركي وملكة الدانارك لم ماضٍ غي مشرف‬
‫ف نظرتم للدين السلمي واستعداء الشعب على السلم والسلمي ‪.‬‬
‫كما ل يُع ّد استدعاء للملكة لسفيها ف الدنارك إجراءً رسيا ‪ ،‬لدعم القاطعة ‪ ،‬لسباب عديدة ‪،‬‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ -‬تصريات وزير الارجية السعودي المي سعود الفيصل ‪ ،‬القاطعة بأ ّن القاطعة شعبية وليست‬
‫رسية ‪.‬‬
‫‪ -‬يبدو أنن أرسلت لكم نسخة غي معدلة ف الفقرة التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬أنّ القاطعة الشعبية سابقة لسألة استدعاء السفي ‪ ،‬كما أ ّن بيان ملس الوزراء السعودي الذي‬
‫أعرب فيه عن موقفه من موقف الكومة الدنركية من الرسوم ف جلسته السابقة لذا القرار ‪ ،‬ل‬
‫تصدر عنه أي قرارات بالقاطعة ‪ ،‬كما ل تصدر قرارات بذلك من أي جهة رسية أخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬أنّ القاطعة القتصادية للدنارك شعبية إسلمية ‪ ،‬وليست شعبية سعودية فقط ‪ ،‬ما يؤكّد صلتها‬
‫بالجتمعات السلمية الهلية ذاتا ‪ ،‬ل بل بالؤسسات الرسية ‪.‬‬
‫‪ -‬كما تناقلت وكالت النباء أ ّن الكومة الدنركية نفسها نفت الدعم السعودي الرسي للمقاطعة ‪،‬‬
‫ونقل ذلك عن وزير الارجية الداناركي بي ستيج موللر بعد اجتماع طارئ للجنة السياسة الارجية‬
‫ف البلان ‪.‬‬
‫‪ )4‬وأخيا أود أن أخلص إل بعض القضايا الت قد يفتح الوعي با آفاقا من إعادة المور إل درجة‬
‫من التفاهم بي المة السلمية والمة الدنركية وغيها ‪ ،‬والوصول إل رؤية تبقي على مستوى من‬
‫التفاهم السلمي الغرب فيما يقق الصال الشروعة ‪ .‬وهي ‪ -‬ف ظن ‪ -‬كما يأت ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬يب أن يعلم الدنركيون أنّ المة السلمية استخدمت عددا من الليات الاصة ‪ ،‬الت كانت‬
‫مدية لو أنّ الزب الاكم ف الدنارك عمل وفق مسؤوليته الكومية ومصلحة شعبه من السلمي‬
‫وغي السلمي ‪ ،‬ويكفي أن أُعيد الشارة إل الحاولت السلمية الدبلوماسية الت قوبلت بالتجاهل‬
‫حينا وبالرفض حينا من رئيس الكومة ذاته ‪ ،‬ويكفي منها رفضه حت مقابلة المثلي الرسيي لعدد‬
‫من الدول السلمية ! كما أنّ الدعي العام ضرب بالقانون الدنركي – نفسه ‪ -‬عرض الائط ‪،‬‬
‫فرفض قبول الدعوى الت قدّمتها الالية السلمية ضد الصحيفة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬يب أن يعلم الدنركيون أنّ تصريات اللكة الت وصفت فيها السلم بالعدو ‪ ،‬كان له أثر‬
‫كبي ف تييج المة السلمية وإثارة غضبها ‪ .‬كما كان من الواجب أن تكون اللكة أكثر مسؤولية‬
‫ف تصرياتا بنظرتا الاصة ‪.‬‬

‫‪495‬‬
‫ثالثا ‪ :‬القواني الدولية ل تنع الشعوب من اتاذها حقّها ف إعلن القاطعة القتصادية ضد من يسيء‬
‫إليها ‪ ،‬كما ل تتحمل الهات الرسية مسؤولية دولية بذا الصوص ‪ .‬كما أ ّن السوابق الدولية تؤكّد‬
‫حق الكومات وليس الشعوب فقط ف الث على القاطعة القتصادية وتقنينها ف حال العتداء‬
‫عليها ‪ ،‬وليس اعتداء أش ّد على السلمي من العتداء على السلم ونب السلم ‪ .‬ول يعلم معن‬
‫العتداء الذي ارتُكِب ضد نبينا ممد صلى ال عليه وسلم وخطورته ف الجتمع السلمي إل من‬
‫عرف السلم على حقيقته ‪ ،‬وعرف مكانة السلم والنب ممد صلى ال عليه وسلم لدى السلمي‬
‫مهما كان مستوى التزامهم الدين ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬سيقع الزب الاكم الدنركي ف غلطة أخرى كبية ‪ ،‬وسيعال الطأ بالطأ ‪ ،‬إذا استطاع‬
‫إيقاف الخرين ف التاد الورب إل جواره ‪ ،‬ف تقدي دعوى ضد السعودية ‪ ،‬وذلك بتأجيج نفوس‬
‫السلمي من الوقوف إل جانب الطيئة ما يعمق الشكلة من جهة ‪ ،‬والضرار بالوربيي من جهة‬
‫أخرى ‪ ،‬إذ ل يُتَوقع أن يبقى سعر برميل النفط يدور ف فلك التوقع قبل التلويح بأي عقوبات تاه‬
‫الملكة أو دول الليج بوجه عام ‪ ..‬حينها سيخسر اللباليون الدنركيون الرية ف قراراتم‬
‫السيادية ‪ ،‬وليس ف طرح الصحافة الت تثلهم فحسب ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬ل ‪ ،‬ولن يقتنع السلمون بدعوى ( الرية العلمية ) الت تاول ‪ -‬عبثا ‪ -‬أن تتوارى‬
‫وراءها الكومة الدنركية ‪ ،‬فأطفال السلمي صاروا يدركون أن الكومة الدنركية ذاتا ل يكن أن‬
‫تقبل أي طرح إعلمي يشكك ف الولوكست أو ما يعرف بـ ( الحرقة اليهودية ) ‪ ،‬أو يجّد‬
‫النازية ‪ ،‬على سبيل الثال ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬لن يدي ما يقدّمه بعض التفرنة ف العال السلمي من نشرات وصوتيات ف ماولة لدانة‬
‫الدول السلمية ‪ ،‬وذلك لسباب منها أنّ لدى العال السلمي الكثي من التصريات الظالة الت‬
‫تغترف الفتراءات من معي القد ليس إل ‪ ،‬وهي أبعد ما تكون عن الطالبات العلنة بالوار ‪ .‬كما‬
‫نؤكّد أنّ أهل السلم حاة للنبياء جيعا با فيهم السيح عليه الصلة والسلم ‪ ،‬كما أنّ علماء‬
‫السلمي عندما يطرحون رأيا شرعيا إنّما يستندون إل حقائق علمية وتاريية يعترف با الخرون من‬
‫الستشرقي النصفي ‪.‬‬
‫ومن هنا تطالب المةُ الجتمعَ الدولّ والنظمات الدولية بتقني حاية النبياء من كلّ ما يسيء إليهم‬
‫وينال من كرامتهم ‪ ،‬ومكانتهم ‪ .‬وهذا مطلب رئيس ‪ ،‬ل ينبغي أن َي َقرّ للمة السلمية _ حكومات‬
‫وشعوبا – قرار ‪ ،‬ما ل يستصدروه ف صيغة قاعدة قانونية دولية ‪ ،‬ترّم كل شخص ينتهك حرمة‬
‫النبياء وف مقدمتهم نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وتعل من ينتهكها عرضة للمحاكمة الت‬
‫تساهم ف استقرار العلقات والفادة منها فيما يفيد العال ‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫سادسا ‪ :‬ليس لدى عامة السلمي – ف نظري‪ -‬ما ينع من نشر القائق السلمية كما هي دون‬
‫تصرف ‪ ،‬شرط أن تكون حقائق تستند إل نصوص شرعية ‪ ،‬وتثل رأي غالبية الرجعيات‬
‫السلمية ‪ ،‬مهما تعارضت مع أطروحات الخرين ‪ ،‬أو نظروا إليها بعي خلفيتهم الفكرية ؛ فلدينا‬
‫قناعة تامّة بأنّ قوة السلم قوة ذاتية تنجذب إليها النفوس الرّة ‪ ،‬التحرّرة من قيد الثقافة النافية‬
‫للفطرة والعدالة‬
‫سابعا ‪ :‬يُقدّر عامة السلمي ك ّل صوت حرّ يقيد الرية بالضمي فيستنكر هذه الرسومات ويأب‬
‫نشرها ‪ ،‬كما يُقدّرون أصوات العقلء من السؤولي ‪ ،‬ورجال العلم وقيادات الحزاب الساندة‬
‫للمطالب السلمية تاه القضية ‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله ‪.‬‬
‫وكتبه ‪ /‬سعد بن مطر العتيب‬
‫الرياض ‪16/2/1427‬‬
‫ارسل تعليقك‬
‫ابو يوسف احد ‪ ...‬الانيا ‪... AM 3:22:40 6/8/2006 ...‬‬

‫السلم عليكم‪..‬بعد التحية‪..‬ف البداية لقد اخترت ان ارسل رسالت هذه عن طريق موقعكم راجيا ان‬
‫يصل ندائي ال الهة السئولة كعهدنا بناهة هذا الوقع‪ ...........‬لقد طبل العال بستري كاس‬
‫العال ومع جنونم وانسياقهم وراء هذا الم نسي البعض او تناسوا حرمة و قدسية بعض المور‬
‫وخاصة حرمة العلم واي علم فلو كان مرد علم ذي الوان عادية لقلنا ل باس اما ان يصل ما يصل‬
‫لراية السلم الت اتذتا الملكة علما لا دون ان نرى اي اعتراض او ترك من قبل السئولي فهذا‬
‫عار لنه كان يب على السئولي السعوديي ان يضعوا علما خاصا بكاس العال و يطلبوا من‬
‫النظمي اعتماده بديل عن الراية حفاظا على قدسيتها لنه وللسف وللمصيبة وياللعار ند هنا ف‬
‫الانيا ان راية السلمي توضع ربا عند البعض عن قصد والبعض الخر عن غي قصد وجهل ف اماكن‬
‫متنوعة \ السواق ‪..‬ف الطبوعات العلنية الت ترمى لحقا على الرض او ف القمامة‪..‬والصيبة‬
‫الصغرى مثل على الثياب و ادوات الطعم والشرب والسكر والعربدة والصيبة الكب ان الراية تعلق‬
‫مع باقي العلم ف اماكن السكر والعربدة والفسق ‪...‬فما قولكم ال يغلي الدم ف عروقكم ام سوف‬
‫تضعون دمكم و غيتكم على السلم ف ثلجة خوفا من الصهيونية العالية كي ل تقول عنكم‬
‫متطرفي او ارهابيي‪..‬مثل كل حكام السلمي فارجو ان ل يصل خوفنا من كلمة ارهاب ال ان‬
‫نتهاون بل ننسى مقدساتنا ‪..‬فهل من مدكر‪..‬هل من مدكر ‪....‬الم فشهد ان قد بلغت قد‬
‫بلغت‪.....‬والسلم عليكم والمانة بي ايديكم‪............‬ابو يوسف احد ‪... ... ...‬‬

‫‪497‬‬
‫===================‬
‫القدسات والرسول‪ ..‬ورقة ف إدارة الزمة‬

‫وسام فؤاد‪ :‬إسلم أونلين‪.‬نت‬


‫وحدة البحوث والتطوير‬
‫تابعت إسلم أونلين‪.‬نت بكل اهتمامها أزمة التهجم على الرسول على السرح الوروب‪ ،‬وكان من‬
‫ردود فعلها الباشرة ف هذا الصدد أمران‪ ،‬أولما تثل ف إعادة تدوير منتجاتا الت تص الرسول‬
‫وسيته ورمزيته ومعالة الشبهات الت أثيت حوله‪ ،‬والت كانت أحد ماور اهتمام مكوناتا ذات‬
‫الحتوى الشرعي والدعوي‪ ،‬بل وسائر مكوناتا الرتبطة بعلقة مع أي من القضايا الت أثيت حول‬
‫الرسول‪ .‬وثان المرين أن أقدمت الشبكة على إنشاء موقع خاص متعددة اللغات للتعريف بالرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ورسالة السلم بشكل يناسب غي السلمي وثقافتهم وقضايا العصر‪.‬‬
‫غي أن هذا الستوى من ردود الفعل ترى إسلم أونلين‪.‬نت أنه مستوى تكتيكي للتجاوب مع‬
‫الزمة ف إطار السعي لتعظيم الكاسب من وراء إثارتا‪ ،‬ماولة أيضا – ف نفس الوقت – تنب أن‬
‫يصدر الوقع النتظر بصورة ردة الفعل‪ ،‬بل بصورة العرض الشامل الذي يقوم على استقراء حقيقة‬
‫احتياجات القليات السلمة ف دول الغرب الت تشهد احتكاكا ليس من النظور له أن ينتهي بي‬
‫السلمي من جهة وبي تيارات اليمي الت تتجاهل اعتبارات النسانية وحقوقها ف تعاملها مع‬
‫السلمي باصة والتديني بعامة‪ ،‬وتركز على اعتبارات قومية نتمن – لصال الماعة النسانية أل‬
‫تنحط لدرك العنصرية‪ .‬ولعل الوعي بضرورة هذا الوقع ما دفع إسلم أونلين‪.‬نت للتأكيد على أن‬
‫يكون فريق العمل لكل لغة من أهلها؛ فالمر ل يتطلب اللام باللغة فقط‪ ،‬بل بالثقافة أيضا "بلسان‬
‫قومه"‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬أدركت إسلم أون لين ‪.‬نت أهية النخبة العلمية ف غدارة الوار حول قضية‬
‫السلم ومبادئه ومقدساته‪ ،‬وأسفر هذا عن إنتاجها مبادرة لنتدى الفهم الشترك بي العلميي‬
‫الغربيي‪ ،‬وهو النتدى الذي يبدأ أول مراحله مع الصحفيي الدانركيي‪ ،‬ث سيتسع تدرييا بسب‬
‫أجندة الحداث‪ ،‬ويأخذ النتدى شكل جلسات أو ورش عمل متبادلة‪ .‬وتري الن ترتيبات تويل‬
‫هذا النتدى لواقع إليكترون فور أن تتوفر بقية موارده وتأخذ فعالياته حيز التنفيذ‪.‬‬
‫وإن كان هذا ل يعن أن إسلم أونلين‪.‬نت ترى أن العمل أونلين هو منتهى التعاطي مع الزمة‪ ،‬بل‬
‫هو آلية اتصالية ثورية تتيح مساحة أوسع وآفاق أرحب من التواصل والتعاون والتحاور‪ ،‬ول تغن عن‬
‫الضور الؤسسي على أرض الواقع‪ ،‬وإن وجبت الشارة إل أن شبكة النترنت يكن أن توفر لذا‬
‫الضور الؤسسي قدر عال من الفعالية من خلل آليات التدريب والتصال ونشر وتداول الفكار‬

‫‪498‬‬
‫وإثارة الوار حولا‪ ..‬وغيها ما تتيحه الشبكة من إمكانيات تستطيع إسلم أونلين‪.‬نت توفيها‬
‫باعتبارها بيت خبة ف هذه الساحة‪.‬‬
‫كلمات ف منهج إسلم أونلين‪.‬نت حيال القضية لكي يكون الكلم طيبا ف سياقه الطيب الذي‬
‫تشارك فيه الورقة بهد التواضع ل؛ فعليه أن ينضبط برؤية واضحة‪ ،‬تسهل مناقشتها‪ ،‬كما يسهل‬
‫تقويها عند تبيان موطن لوهن فيها‪ ،‬ويسهل أيضا تويلها لهداف يسهل قياس نضجها ولياقتها ف‬
‫إطار فقه الواقع كما يسهل تنفيذها‪ .‬ولذا نكتب هذه الكلمات ف النهج الاص بإسلم‬
‫أونلين‪.‬نت‪.‬‬
‫ولعل أول ما نتحدث عنه ف هذا القام إصرار إسلم أونلين‪.‬نت على أن يكون ثة تطابق قدر‬
‫المكان بي عال الفكار وعال الحداث‪ ،‬ذلك التطابق الذي ل يتم إل من خلل تشغيل الفاهيم‬
‫والفكار والطروحات الجتهادية الت تنتج عن تشاور علماء المة‪ ،‬با ل يعل جهود علماء المة‬
‫ومفكريها تليق ف ساوات ل تتك بالواقع ول تدرك فرصه وقيوده‪ ،‬وبا ل يعل حركة السلمي‬
‫وقياداتم خبط عشواء بل وجهة أو إمكان مراجعة‪.‬‬
‫ويرتبط بذا النهج الشارة إل أن آليات النهج يتجاوز إدلء علماء الشرع وحدهم بدلوهم؛ بل‬
‫يتضمن تشارك الفكرين وعلماء الختصاص معهم ف هذه القضية الت تص قضايا اجتماعية تتعلق‬
‫بشعوب متفاوتة وثقافات متباينة ومتمعات سياسية أخرى لا معطياتا الجتماعية الاصة الت تتاج‬
‫لتخصصي ف التعاطي معها يتكاملون ف تعاطيهم هذا مع رؤى أصحاب الفضيلة علماء الشرع‬
‫ومتخصصيه‪.‬‬
‫وتستقيم إسلم أونلين‪.‬نت على منهجها ف السعي الثيث للوصول لذا التطابق من خلل استمرار‬
‫ودينامية مناقشة الجتهادات الخلوص إليها وديومة تقويها ومراجعة تطبيقها تريا لسباغ الرشادة‬
‫والستقامة ف سلوك الركة السلمة‪.‬‬
‫واللمح النهجي الثان ف مسلك إسلم أونلين‪.‬نت يتمثل ف عدم الستسلم للحدث كمحدد‬
‫أساسي لطرح توصيف ث تفسي للزمة انتهاء لبناء رؤية التعامل معها وما يرتبط بذه الرؤية من‬
‫تفصيلت‪ .‬فالساس ف بناء النموذج الدراكي القترب من الثالية ماولة قراءة كامل تفاصيل مشهد‬
‫الزمة؛ ما يوفر رؤية أعمق وأشل‪ .‬وعليه‪ ،‬سترصد الورقة رؤيتها للتفسيات الطروحة للزمة‪ ،‬لكنها‬
‫ستحاول تاوزها من خلل طرح نوذج ليس تكامليا بي الرؤى‪ ،‬بل سيكون الطرح أحيانا نقديا‬
‫لبعض الرؤى حينا‪ ،‬ومكمل حينا آخر‪.‬‬
‫اللمح النهجي الثالث يتمثل ف توفي اقتراب تكاملي للتعاطي مع النتجات النية والتجددة للزمة‪.‬‬
‫يغلب على هذا القتراب أن يلتحم بالبعد الثقاف للظاهرة باعتباره البعد الرئيس‪ ،‬ث يلتحم ببقية البعاد‬

‫‪499‬‬
‫التحاما وظيفيا إستراتيجيا‪ ،‬با تعنيه كلمة إستراتيجي من ماولة تقدي صورة كلية من جهة‪ ،‬وبا‬
‫يكفل متابعة التطورات من جهة ثانية‪.‬‬
‫اللمح الرابع والخي يتمثل ف رغبة الشبكة ف توفي معالة تتسع جغرافيا لتشمل العالي العرب‬
‫والسلمي من جهة‪ ،‬كما تشمل العال الغرب من جهة ثانية‪ ،‬وفق اعتبار تكرار الظاهرة بأشكال‬
‫تعكس خصوصيات طرحها ف كل البيئتي‪ ،‬وإن كانت الورقة ستتجه ف النهاية للتركيز على البيئة‬
‫الوروبية‪-‬الميكية؛ باعتبارها البيئة الت تصر على تديد الزمة بتجليات متلفة انطلقا من حالة‬
‫الكراهية الت تعكسها رؤى التيارات اليمينية‪ :‬بتنويعاتا الديدة والعلمانية والصهيونية‪ ،‬مع استثناء‬
‫كثي من حالت اليمي الحافظ‪ ،‬متحللة من واقع التعدد الثن الذي ييز الجتمعات الوروبية‪-‬‬
‫الميكية‪.‬‬
‫ف ملمح الشهد‪ ..‬نوذجا الدراك والتفسي‬
‫ف ‪ 30‬سبتمب من العام اليلدي ‪ ،2005‬قامت صحيفة ييلندز‪-‬بوست الدانركية بنشر سلسلة‬
‫من الرسوم الكاريكاتيية الت يتضمن جلها إساءة للرسول ممد صلى ال عليه وسلم‪ .‬وكادت‬
‫القضية تر كما مرت قبلها بأيام قليلة قضية تبول بعض النود الميكيي على نسخ من القرآن الكري‬
‫إذلل لبعض السلمي الذين كانوا يتولون التحقيق معهم ضمن الرب الميكية على ما تعتبه‬
‫الرهاب‪ .‬غي أنه ف ‪ 17‬أكتوبر‪ ،‬قامت صحيفة الفجر الصرية بإعادة نشر بعض هذه الرسوم‪،‬‬
‫ووصفتها بأنا "إهانة مستمرة"‪ ،‬و"قنبلة عنصرية"‪ .‬وبعدها بثلثة أيام قام سفراء عشر دول إسلمية‬
‫بتقدي شكوى لرئيس الوزراء الدانركي بشأن الرسوم‪ .‬وف العاشر من يناير من عام ‪ ،2006‬قامت‬
‫صحيفة نرويية بإعادة نشر الرسوم‪ .‬وإثر ذلك قامت الملكة العربية السعودية بسحب سفيها ف‬
‫الدانرك‪ ،‬وأعلنت ليبيا أنا ستغلق سفارتا ف لدى الدانرك‪ .‬وأدى لتفجر الوقف أن قام مسلحون ‪-‬‬
‫ف غزة بفلسطي الحتلة ‪ -‬باقتحام مكتب التاد الوروب‪ ،‬وطالبوا بالعتذار عن الرسوم‪ .‬وتفجر‬
‫الوقف بعد ذلك بتصعيد شعب عرب وإسلمي‪ ،‬مصحوب بتأييد غي مسبوق من كثي من النظم‬
‫السياسية العربية والسلمية‪ ،‬ث لقت الؤسسات الدينية الرسية بالس الشعب الثائر‪ ،‬واقترن ذلك‬
‫بتصعيد أوروب بالوقوف إل جانب الدانارك‪ ،‬واختلط هذا التصعيد ببعض التعقل الذي قاد‬
‫للعتذار‪ .‬وتصاعد العنف ف الشارع العرب والسلمي‪ ،‬ما أدى لرق السفارة الدانركية ف أكثر‬
‫من بلد‪.‬‬
‫وقد ظهرت إل جوار ذلك مبادرات عربية وإسلمية تدعو لوار واعتذار‪ ،‬ث مبادرات متأخرة تدعو‬
‫للحوار ولو ل يتم العتذار النشود‪ .‬وتزامن مع هذين النوعي من البادرات مبادرات أخرى أتت من‬
‫جانب مسلمي الغرب للحوار ولبناء التوافق حول احترام كل الديان‪ ،‬وصاحب ذلك كله موقف‬
‫أوروب وأميكي اتسم بالهتزاز والفتقار لرؤية واضحة لدارة الزمة‪ ،‬ما جعل الوقف الكومي‬

‫‪500‬‬
‫يشارك الوقف الشعب قدرا من الضطراب الذي ل يلبث أن انتهى ف جزء منه إل التعقل والعتذار‬
‫والسف ليذاء مشاعر السلمي‪.‬‬
‫تعددت الرؤى الت تناولت أزمة التهجم على الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول شك ف صحية هذه‬
‫التعددية؛ با تتسم به من خصائص التعدد ف زوايا النظر‪ ،‬والتكامل ف التوصيف والتفسي‪ ،‬وتعداد‬
‫الحتمالت الت تتنازع كل بعد من أبعاد الزمة‪ :‬سياسيا وثقافيا‪ ..‬إل‪ .‬وهو ما ناول رسم خريطة‬
‫له ل تعن بالصر بقدر ما تعن بالتاهات‪ ،‬وهذا ما نتناوله بالتفصيل تاليا‪:‬‬
‫أول‪ :‬الشهد ف بيئته الغربية‪:‬‬
‫فيما يتعلق بالبيئة الغربية‪ ،‬طرحت عدة تصورات إدراكية‪/‬تفسيية‪ ،‬يكن أن نوجز الشارة إليها على‬
‫النحو التال‪:‬‬
‫هناك خلف بي النماذج التفسيية الت ظهرت لتفسي الشهد ف بيئته الغربية‪ ،‬حيث يصر البعض‬
‫على طرح نوذج صدام يين – إسلمي منذ البداية‪ ،‬بينما يرى البعض أنا كانت حادثة ت تطويرها‬
‫فيما بعد ليستفيد منها من يستفيد‪ .‬وعلى هذا؛ فإننا نرصد هنا تلكم التفسيات على مستويي‪ ،‬وذلك‬
‫على النحو التال‪:‬‬
‫‪ – 1‬مستوى نشوء الزمة‪:‬‬
‫ابتداء طرح الراقبون عدة تصورات لدراك وتفسي الواقعة‪ ،‬وهي رؤى ت إدراجها ف إطار صراع‬
‫التكوينات الجتماعية الكونة للعقل الغرب؛ وباصة التكوينات ذات التوجهات اليمينية؛ مع الوجود‬
‫السلم بأوروبا‪ .‬ويكن الشارة لذه التصورات فيما يلي‪:‬‬
‫أ – طرح البعض رؤية لصحيفة أو بضعة صحف مغمورة تاول أن تلق ضجة حول وجودها‬
‫بالحتكاك بالقليات موضع الجوم العام‪ ،‬وهي القليات السلمية‪ ،‬وف هذا الطار تيت أن‬
‫تركب موجة النقد والجوم اليمين الوجه لذه القليات‪.‬‬
‫ب – طرح بعض الراقبون رؤية مفادها سعي بعض النظمات ذات التاهات اليمينية لتكريس الوعي‬
‫السلب الوجه للقليات السلمة ف الدول الغربية‪ ،‬تهيدا لتواصل الدل حول جدوى الوجود السلم‬
‫بأوروبا‪ ،‬وف هذا الطار ت انتقاء قضية من القدسات ف العقل الغرب "حرية الصحافة" وتدبي‬
‫اصطدامها بقضية من القدسات ف العقل السلم‪ ،‬لوضع القليات السلمة ف صدام مع القدسات‬
‫العلمانية ف العقل الغرب‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬كما طرح البعض رؤية مقاربة لذه الرؤية ولكن بنطق مالف‪ ،‬تتمثل ف السعي لتكريس نط‬
‫الوعي اليتوي (نسبة للجيتو) بي القليات السلمة‪ ،‬ما يول دون اندماج السلمي ف بلدهم‬
‫الوروبية‪ ،‬وهو مناخ يلقه ويفيد منه التيار اليمين الوروب‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫د ‪ -‬وطرح البعض رؤية مفادها أن الكيانات اليهودية أرادت أن تستفيد من حالة الكراهية الوجهة‬
‫ضد السلمي لترفع من طاقتهم التعبوية ضد إهانة الرموز الدينية‪ ،‬با يلق وعيا أوربيا يرفض الساءة‬
‫للديان‪ ،‬يتبعه التاه لسن تشريع يرم الساءة للديان‪ ،‬يتم توجيه نصل هذا القانون فيما بعد‬
‫لنصوص القرآن العادية لليهود‪.‬‬
‫وقد نفى مراقبون مسلمون رؤية السعي وراء رفع توزيعات الريدة معتبين أن ثة وعي مرتفع بي‬
‫الثقفي بساسية الوقف انطلقا من مفهوم الرية السؤولة‪.‬‬
‫كما أصر مراقبون مسلمون على رفض تعميم الوقف من قضية القدسات على عموم الشهد‬
‫الوروب؛ بسبيل التأكيد على أنا مواجهات سياسية متوقعة؛ وأن توقعها يستند إما إل الصورة‬
‫العلمية السلبية الت تغذيها بعض دوائر العلم‪ ،‬أو يستند إل تنامي الوعي اليمين لدى بعض‬
‫الشرائح الجتماعية الغربية‪ ،‬وهو ما يعكسه فوز بعض الحزاب اليمينية ف بعض الدول الوروبية‪.‬‬
‫‪ – 2‬مستوى تطور الزمة‪:‬‬
‫تتلف صورة النموذج الدراكي الذي يكن استخدامه لتوصيف الزمة ف مطلعها عن ذلك الذي‬
‫يكن استخدامه لتوصيف الزمة ف مسلسل تطورها‪ .‬لكن مع ذلك نود أن نلفت النتباه إل أن‬
‫التاهات الت أصرت على اعتبار الوقف مواجهة سياسية ثقافية بي نوعي من الفصائل أولما يين‬
‫ذو توجهات تيل نو العنصرية أو على القل ترغب ف تفادي وجود حالة إسلمية ف أوروبا بسبب‬
‫ما بي أيدينا من سيل التدفقات العلمية الت تربط ‪ -‬تاوزا ‪ -‬بي الوجود السلمي والسالك‬
‫الرهابية‪ ،‬والطرف الثان هو أطياف الوجود السلم بأوروبا الذي يتراوح بي متديني بأطيافهم وبي‬
‫غي التديني‪.‬‬
‫إل أن هذا ل ينعنا من أن نضيف لتفسيات الصراع اليمين ‪ -‬السلمي مموعة أخرى من‬
‫التفسيات ارتبطت بتطور القضية‪ ،‬وذلك على النحو التال‪:‬‬
‫أ – يرى البعض أن مناخ التضييق والحباط وبيئة التام الت يعيش به مسلمو أوروبا قد أفضى بم‬
‫إل حالة من الضيق والسخط السياسي‪ ،‬عززه ما توال نشره من قبل عن إهانة القرآن ف جوانتانامو‬
‫وأبو غريب وغيها‪ ،‬فضل عن تاهل النظور القوقي ف التعامل مع السلمي‪ ،‬وهو ما حدا بم إل‬
‫التحرك سعيا للوصول لوقفة مراجعة مع بيئتهم الوروبية‪.‬‬
‫ب – طرح بعض الراقبي أيضا فكرة أن إدراج القضايا التعلقة بالوجود السلم ف العقل الغرب‬
‫وعقده الجتماعي كانت باجة إل وقفة صراعية جادة؛ كما يسي المر دوما ف التاريخ الغرب الذي‬
‫تقر فيه القضايا الصيية عب مواجهة صراعية‪ ،‬وهو ما دفع السلمي للمطالبة بوقفة جادة حيال‬
‫قضاياهم وقضايا النظر إليهم‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫جـ ‪ -‬كما طرح البعض فكرة أن التطور السلب الذي حدث للقضية على السرح الوروب كان‬
‫مرده إل تعال الصيحات الطالبة بقاطعة النتجات الدانركية الت تعتب جزء من الوية الوروبية‪ ،‬وهو‬
‫ما زكى تنامي النعرة الوروبية الت حرصت على استفزاز العال السلمي لختبار جدوى القاطعة‪.‬‬
‫د – كما طرح البعض أيضا فكرة رغبة بعض الدوائر ف تكريس اشتعال الزمة لعل خيار حوار‬
‫الضارات خيارا صعب النال حينما يصطدم برغبة العال السلمي – النامي ‪ -‬ف اعتذار العال‬
‫الغرب – التقدم‪ ،‬ما يلق حالة وعي يين عامة يتصاعد فيها التيار اليمين بقوة للحكم ف غالبية‬
‫الدول الوروبية‪ ،‬ما يؤدي لتنامي التاه الرسي الرافض لتنامي الوجود السلم بأوروبا؛ بل وتقليصه‪.‬‬
‫وبصرف النظر عن الفحوى الامة لذه الطروحات‪ ،‬فإن الرؤى الت تعال المر خارج دائرة الصراع‬
‫اليمين – السلمي تتسم بدرجة من الزئية والسطحية الت ل تغن عن اعتبار الرؤى اليمينية‪ ،‬ولكن‬
‫ل يكن استبعادها بال‪ ،‬لن هذا الستبعاد يضعنا أمام هذا اليار الحادي الصراعي الصلب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشهد ف بيئته العربية السلمية‪:‬‬
‫أما عن ملمح الشهد على الصعيد الغراف العرب والسلمي فقد اتفقت النماذج التفسيية‬
‫والدراكية على حضور عاملي مهمي يكاد يقصر المر عليهما‪ ،‬هذان العاملن ها‪:‬‬
‫‪ – 1‬وجود حالة عامة من حالت السخط الشعب ف العالي العرب والسلمي بسبب توارد وتواتر‬
‫وتواصل النباء عن الالة الغربية النية‪ ،‬والت تتمثل ف صورة مركبة من مشهد الشروع الستعماري‬
‫الغرب وف طليعته الوليات التحدة‪ ،‬مضافا إليه مشهد الصلف الثقاف الغرب الذي يتجلى ف استمرار‬
‫توافد النباء عن حالت إهانة للمقدسات السلمية‪ ،‬بدءا بالتبول على القرآن ف جوانتانامو وأبو‬
‫غريب‪ ،‬وانتهاءا بالساءة للرسول ف الدانرك‪ ..‬إل‪ ،‬وهو ما يفسر استمرار التظاهرات الرافضة لذه‬
‫الساءة للرسول من باكستان وحت فنويل والت اتمت الوليات التحدة برغم أن الدث أوروب‬
‫الركز والتداعيات‪.‬‬
‫‪ – 2‬كما أشار الراقبون لسعي عدد كبي من الكومات العربية لنتهاز الدث والصول على قدر‬
‫من الشرعية الدينية يعوض تآكل شرعيتها‪ ،‬ومنها أنظمة علمانية صارمة‪ ،‬أو أنظمة تشترك ف اللف‬
‫الميكي على ظاهرة الرهاب وتريد أن ترسل رسائل لشعبها مفادها أن "الشتراك ف الرب على‬
‫الرهاب ليس معناه معاداة السلم"‪ .‬وهو ما يفسر وقفة غالبية النظمة العربية إل جانب خيار‬
‫القاطعة‪.‬‬
‫وف هذا الطار وجد رصيد السخط الشعب العرب والسلمي رصيدا من الساندة ف قراره بقاطعة‬
‫منتجات الدانرك بدءا من البيان الرئاسي الصري الرافض وسحب الارجية السعودية لسفيها‬
‫بالدانرك وإقالة وزير المن الليب لتصديه بالقوة للتظاهرات الليبية الغاضبة من الساءة للرسول‪ ..‬إل‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫واستدراكا على هذا اللمح يضيف البعض قيدا هاما يتمثل ف أن مصلة الغضبة الشعبية العربية‬
‫والسلمية ل يستفحل تأثيها بسبب اغتنام كثي من الدول العربية والسلمية وسيلة تصيل الشرعية‬
‫هذه‪ ،‬بل لن الدولة الضحية "الدانرك" دولة تقع على هامش مموعة دول الشمال‪ ،‬وأن المر لو‬
‫تعلق بدولة أكب‪ ،‬كما حدث حي تبول جنود أميكيون على القرآن‪ ،‬لكان المر قد اختلف‪ ،‬وهو‬
‫ما أكده مراقبون انتبهوا لرغبة البعض ف استغلل نشر صحف أوروبية للرسوم السيئة لتحويل‬
‫القاطعة لشروع قومي تتم فيه مقاطعة كل منتجات دول الشمال الت لا بدائل عربية وإسلمية‪،‬‬
‫حيث ذهبت هذه الدعوة أدراج الرياح بالرغم من حيويتها النهجية‪.‬‬
‫ما بعد الشهد‪ ..‬تقييم الستجابات الختلفة‬
‫أ – استجابات السلمي ف البيئة الغربية‪:‬‬
‫فيما يتعلق بالبيئة الغربية‪ ،‬كثية هي الراء الت اعتبت أن مواقف القليات السلمة ف الغرب تطورت‬
‫بصورة إيابية خلل الزمة‪ .‬وبرغم أن هذه الرؤية صحيحة‪ ،‬لكنها ليست الصح‪ .‬فالالة السلمية‬
‫ف الغرب تتعدد اتاهاتا بي أطياف متعددة وكثية‪ .‬ونن ل نتحدث عن اتاهي أو ثلثة‪ ،‬بل‬
‫نتحدث عن أكثر من ذلك بي من يرون أن مرجعيتهم هي السلم‪.‬‬
‫فلو نظرنا للحالة السلمية ف أوروبا سنجد الحافظي وسنجد الندماجيي‪ ،‬وبي الحافظي تعدد ف‬
‫الطابات ما بي الرؤى السلفية ورؤى حزب التحرير ورؤى الحزاب السلمية ذات اليديولوجية‬
‫العنفية الت استقدمتها بريطانيا لرضها‪ .‬وأما الندماجيي فمن بينهم من يدعو لالة علمانية شاملة‬
‫تكون الدولة فيها مايدة حيال العتقدات‪ ،‬ومنهم من يريد استيعاب الدين السلمي ف مشروع‬
‫توافق يفضي لعقد اجتماعي جديد‪ ،‬ومنهم من يتصرف باعتباره مواطنا غربيا ول يرى ضرورة رفع‬
‫لفتة تشي إل انتمائه الثن‪.‬‬
‫ولبد ف هذا الطار من أن نشي إل أن الالتي السنية والشيعية تتشابان ف أوجه النقسام‪ ،‬وإن‬
‫كان الغالب عليها اتساع التيارات الحافظة‪ ،‬وإن كان هذا ل يعن تضاؤل نطاق الندماجيي بينهم‬
‫بصورة طاغية‪.‬‬
‫أما لو نظرنا للمهاجرين الذين يريدون الندماج ف الجتمع الوروب بغي مرجعية إسلمية فسنجدهم‬
‫كثرة‪ ،‬ومع ذلك فهذه القضية تسهم من زاوية أخرى تتمثل ف إهانة الثقافة الت ينتمي إليها‪.‬‬
‫وإن كانت الصورة الاصة بالتعددية ف الرؤى والتيارات السياسية والفكرية السلمة ف الغرب قد‬
‫اتضحت؛ فيمكننا أن نعرض تاليا لهم ثلث رؤى برزت أثناء الزمة‪:‬‬
‫‪ – 1‬تيل القوى اليمينية الرتابة من الوجود السلمي ف أوروبا إل اختزال ردود فعل الالة‬
‫السلمية ف أوروبا ف اتاه واحد يغلب عليه الصراخ والستغاثة‪ ،‬وتشي تليلتم إل أن هذا التيار‬
‫هو الساس‪ ،‬بينما تقع على هوامشه أصوات تاول عقلنته‪ .‬وبصرف النظر عن اتامنا الضمن لذه‬

‫‪504‬‬
‫الرؤى‪ ،‬إل أن الطاب الستغاثي الصراخي كان موجودا‪ ،‬لكنه ل يكن التيار الساسي‪ ،‬بل كان‬
‫الضعف‪.‬‬
‫هناك تليات عديدة لذا التيار وكان أبرز رموزها الدكتور عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي‬
‫السلمي بالملكة التحدة‪ ،‬والذي رأى ف لقائه بقناة الزيرة القطرية أن "الٍسلم شامخ منتصر متد‬
‫وهذا الذي يأكل قلوب من يتطاول على الرسول غيظا"‪ .‬وقد أشار إل أن "الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم هو اليوم الشخصية الول ف العال ف كل القارات‪ ..‬ف كل قارات الرض‪ ،‬أتباعه ف أوروبا‬
‫ف أميكا ف كل أصقاع الرض يقولون أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممد رسول ال وهذا‬
‫يغيظ هؤلء لنم فقدوا البوصلة‪ ،‬وأصبحوا ل دين لم‪ ،‬حت الدين عندهم الذي ل يزال موجودا ف‬
‫قلوب كثي من الناس أصبح خائفا راجفا متبئا"(‪ ،)..‬وأشار إل أن التهجم على الرسول "ل نقبل به‬
‫ويب أن ُتعَاقب أوروبا ويب أن يعاقب كل من ينشر هذه الصور"‪ .‬ول داعي للخوض ف دللة‬
‫العاقبة وصاحب السلطة ف العقاب‪ ،‬فهذا ما يضيق دونه القام‪.‬‬
‫‪ - 2‬أما التاه الثان فكان اتاها وسطيا‪ ،‬يكن القول بأن أهم من يثله البوفيسور طارق رمضان‪.‬‬
‫حيث نقلت جريدة "لو فيجارو" الفرنسية عنه رأيه بأن ردود الفعل ف العال السلمي على الرسوم‬
‫السيئة للنب "مبالغ فيها"‪ ،‬وأنه قد دعا إل "نقاش هادئ وعقلن"‪ ،‬وندّد بالدعوات إل "القاطعة"‬
‫والدعوات إل القتل‪ ،‬ورأى أنا تدم اليمي الوروب التطرف‪ .‬وقد ندد البوفيسور طارق رمضان‬
‫با أساه "استقطابا خطرا بدأ يفرض نفسه‪ ،‬ويشجّع الواقف التطرّفة من الانبي"‪ .‬كما دعا السلمي‬
‫لن "يعتادوا على اتاذ مسافة نقدية"‪ ،‬ولن "يعيشوا ف عال كون يعتمدون فيه الوار منهجا‪ ،‬كما‬
‫ينبغي فيه أن تكون ضمائرهم قوية با فيه الكفاية للتغلّب على حساسياتم الجروحة"‪ .‬ول يفت‬
‫طارق رمضان طبعا أن يشي إل أنه "ف السلم‪ ،‬ل يوز رسم النبياء"‪.‬‬
‫‪ - 3‬أما التاه الثالث فيتمثل ف منهج الستاذ أنس التكريت الذي دعا ف مشروعه إل أن تقدم‬
‫الملكة التحدة أنوذجا للدولة الوربية الليبالية الت تعتب مثال ف استيعاب التعددية بكل مستوياتا‬
‫العرقية والدينية والثقافية‪ ،‬باعتبار أن بناء نوذج متمع تعددي بذه الصورة من شأنه أن يضع ضوابط‬
‫على ما قد تقترفه الماعات الثنية والثقافية والدينية بق غيها من الماعات الت تشاركها نفس‬
‫الجتمع‪ ،‬ف إطار حرية مسؤولة‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يضمن النسجام والتوافق الجتمعي الياب‬
‫الذي تميه قوة القانون‪ .‬لكن أنس التكريت تاوز بأطروحته أن تميها نصوص القواني لصال تعميق‬
‫الوار الذي يعل هذه القيم التعددية التباينة ممية بوجب الضمي الجتمعي العام والتوافق الجتمعي‬
‫العام‪ .‬وقد خرج برز أنس التكريت عب تظاهرة قادها ف لندن‪ ،‬تتضمن توليفة إسلمية كاثوليكية‪.‬‬
‫وبي هذه التاهات الساسية وجدت بعض الطياف الت يكن القول باستيعابا ضمن هذه‬
‫التاهات الثلثة‪ ،‬لكن ل تتضح أطروحتها بصورة كافية‪.‬‬

‫‪505‬‬
‫ومن خلل الطرح السابق يكننا أن نشي إل أن الوار كمسلك ف رد فعل مسلمي أوروبا على‬
‫قضية التهجم على الرسول قد اتذ الصورتي الشار إليهما‪ ،‬وها صورتان تفترقان كثيا ف‬
‫فلسفتهما‪.‬‬
‫فالطرح الاص بطارق رمضان دعا لقامة حوار حول ضرورة احترام حقوق القليات من زاوية‬
‫استيعاب الزمة وماولة منع تكرارها لضرارها بشاعر القليات‪ .‬وهذا الطرح يصب ف فقه القليات‬
‫السلمة الذي يرص على صون حقوق هذه القليات وصياغة أسس علقتها بالجتمع الذي تعيش فيه‬
‫باعتبارها أقلية ذات دين يالف الثقافة السيحية الوربية‪ ،‬ومن ث ينبغي توفي ضغوط على الكومات‬
‫لجل فرض احترامه‪ .‬أما طرح أنس التكريت فقد حرص على التعامل مع الزمة ل باعتبارها أزمة‬
‫أقلية دينية مسلمة ف متمع مفتوح‪ ،‬بل باعتبارها قضية متمع مفتوح به درجة عالية من التعددية‬
‫الدينية والثنية والثقافية باجة لتطوير ثقافته العامة ليتسن له استيعاب حقيقة أوضاعه التعددية الراهنة‬
‫وتطوير آلية إدارتا‪.‬‬
‫ب ‪ -‬استجابات السلمي ف البيئة العربية السلمية‪:‬‬
‫كما تعددت استجابات السلمي ف الثقافة الغربية الوروبية‪ ،‬كذلك تعددت استجابات السلمي ف‬
‫البيئة العربية السلمية‪ ،‬حيث يكن رصد ‪ 3‬اتاهات ف هذا الصدد‪ ،‬على النحو التال‪:‬‬
‫‪ – 1‬ردود الفعل الغاضبة الحبطة‪ :‬كانت ردود الفعل الغاضبة الحضة من أهم ردود الفعل ف‬
‫العالي العرب والسلمي‪ ،‬وإن ل تكن أكثرها رشدا بطبيعة الال‪ .‬وتثلت ردود الفعال تلك ف‬
‫مسيات التعبي عن الغضب‪ ،‬والت انتهى بعضها برق بعض سفارات الدول الت أعادت نشر هذه‬
‫الرسوم‪.‬‬
‫وأهم ما ييز هذه الغضبة‪ ،‬بصرف النظر عن الؤازرة الكومية‪ ،‬أن ارتبطت هذه التظاهرات برغبة‬
‫حيمة ف مقاطعة الدولة الت ابتدأت هذا الفعل‪ ،‬والصيام والقنوت والدعاء‪ ،‬وارتبط ذلك كله بملة‬
‫نشطاء النترنت لتعميم القتراحات بالتصرف ونشرها على نطاق واسع‪.‬‬
‫وبرغم أن الرغبة ف القاطعة كانت جادة وحيمة‪ ،‬إل أن إعادة نشر دول أخرى للرسوم السيئة ل‬
‫يؤد لتساع نطاق القاطعة ليشمل هذه الدول الخرى‪ ،‬وإن كان قد أدى لتساع نسب ف نطاق‬
‫العنف‪.‬‬
‫‪ – 2‬مموعة الغضب العاقل‪ :‬ل تكن كل ردود الفعال الغاضبة بنفس الصورة‪ ،‬بل كانت هناك‬
‫حركة غضبة أخرى أكثر رشدا ورصانة ف الطرح‪ ،‬إذ أيدت الغضبة الشعبية ف صورتا القتصادية‬
‫والسياسية وأية صورة غي عنيفة‪ ،‬وهددت قيادات هذا التاه بتغذية استمرار الغضبة الشعبية‬
‫وتصعيدها ما ل يصدر عن الهات الت اقترفت الساءة للرسول ردي فعل‪ ،‬أولما العتذار عن الطأ‬

‫‪506‬‬
‫ف حق الرسول والسلمي‪ ،‬وثانيهما العمل على سن تشريعات ترم الساءة للديان‪ .‬وقد تزعم هذا‬
‫التاه مموعة من العلماء الكبار كان أبرزهم الدكتور يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫‪ – 3‬ردود الفعل الوارية‪ :‬كان الوار موضوعا حيويا وطلبا ملحا لقطاع عريض من القوى الشعبية‬
‫الت كانت تضع نصب أعينها ليس فقط قضية الساءة لقدس إسلمي‪ ،‬بل أيضا مصلحة السلمي ف‬
‫الغرب‪ ،‬حيث كانت القيادات الت أنتجت أبرز دعوات الوار على صلت بقيادات من القليات‬
‫السلمة ف الغرب‪ .‬ومن بي تلك الدعوات دعوة مؤتر عمان الذي دعا فيه عدد من علماء الدين‬
‫العرب السلمي إل الوار مع الغرب منتقدين دور العلم ف هذا الشأن‪ .‬وكان من أبرز تلك‬
‫الدعوات ذلك البيان الذي وقعه ‪ 42‬من كبار الدعاة وكان من بينهم الداعية الشاب عمرو خالد‬
‫الذي دعا السلمي لعدم مقابلة الساءة بالساءة‪ ،‬وهو ما قاد إل خلف بي هذه الجموعة ومموعة‬
‫الغضب العاقل الت تزعمها الدكتور يوسف القرضاوي والت ضمت عددا كبيا من علماء المة‪،‬‬
‫والت رأت ضرورة أن تعب المة عن غضبتها ليعلم السيئون أنم آذوا مشاعر أمة تعدادها مليار وثلث‬
‫الليار‪.‬‬
‫‪ – 4‬النظمة العربية والتعامل مع الزمة‪ :‬استمر نج الدول العربية ف التعاطي مع الزمة بنطق التعبئة‬
‫الماهيية بسبيل تصيل قدر من الشرعية الستندة لرجعية دينية ورضائية ف آن أو سحب الغطاء‬
‫العلمي عن قضايا داخلية متفجرة ببعض من هذه الدول‪ ،‬وتفاوتت تركاتا الدبلوماسية لحتواء‬
‫الزمة‪ .‬فقد اكتفت بعض الدول بساندة مشروع الغضبة كسورية‪ ،‬وغيها على اختلف ف مواقف‬
‫هذه الدول بي النفلت والضبط‪ .‬والجموعة الثانية من الدول العربية والسلمية فقد شايعت‬
‫الغضبة لكنها دعت لجراء حوار حول القضية كمصر‪ ،‬أما الفريق الثالث فاته إل تدبي لقاءات‬
‫حوارية‪ ،‬وكانت أبرز الدول الناشطة ف هذا الجال دولة قطر‪ ،‬والت رتبت لقاء تالف الضارات‬
‫الذي ضم مثلي من المم التحدة (كوف عنان) وجامعة الدول العربية (عمرو موسى) ومنظمة الؤتر‬
‫السلمي (أكمل أوغلو) وبعض وزراء الارجية الوروبيي‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬استجابات الطرف الغرب‪:‬‬
‫كان لبة السلمي ف أناء العال ردود فعل قوية ومؤثرة ف الجتمع الغرب‪ ،‬وباصة مع اتاه أصوات‬
‫التيارين العتدلي للتعال‪ .‬حيث قامت بعض الدول بالعتذار كالدانارك وإيطاليا وفرنسا‪ ،‬وإحدى‬
‫الدول‪ :‬النرويج عدلت قانونا لتجري الساءة للديان‪ ،‬وأتت وفود كنسية للجامع الزهر للعتذار‬
‫والوار‪ ،‬كان من بينها وفد الكنائس الدانركية‪ ،‬وظهر قدر من التوافق الكاثوليكي السلمي حول‬
‫تري الساءة للديان‪ .‬وإن كان هذا ل ينع من أن كثي من الدول ل تتقبل فكرة العتذار‪ ،‬بل إن‬
‫رسالة التاد الوروب ف اجتماعه على مستوى وزراء الارجية ف فباير ‪ 2006‬تضمنت عبارة ل‬

‫‪507‬‬
‫تعن العتذار‪ ،‬بل تعن السف لن ما نشر أغضب السلمي‪ ،‬ما يفتح الباب للتساؤل حول سبب‬
‫السف‪ :‬أهو نشر الساءة أم إحساسنا بالساءة‪.‬‬
‫العالة‪ ..‬أطروحات عملية للعالي السلمي والغرب‬
‫كانت الشارات إل منهج إسلم أونلين‪.‬نت‪ ،‬وكذا عملية الرصد والتفسي مدخل لتقدي طرح‬
‫عملي لواجهة الزمة‪ .‬وما سبق يكننا أن نلص لصادين قيمي ومؤسسي نوجز ملمهما فيما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬الصاد القيمي‪:‬‬
‫بعيدا عن القيم الستقرة الت تكرست عب الزمة كالوار‪ ،‬مكنتنا الزمة من النتباه لجموعة من‬
‫القيم الهمة الت علينا أن نلتفت إليها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الغضب العاقل‪ :‬حيث إن حسن إدارة الغضب مكن العال السلمي من تقيق مكاسب سياسية‬
‫وثقافية‪ ،‬وتكن من تويل مرى التفاعلت من مسار الرعونة إل مسار الوار والتعايش والعتذار‬
‫والتاه للحوار البناء‪.‬‬
‫غي أنه تدر الشارة إل أنه لول هذه الغضبة الت سارعت لتاذ مسار العقلنية لا كان من المكن‬
‫للعال السلمي أن يصد هذه الكاسب‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إدراك التعددية داخل الخر‪ :‬كان من بي ردود الفعال التزنة وقوف السلمي ف كثي من‬
‫الدول الوروبية على حقيقة الختلف والتعددية داخل الجتمعات الوروبية‪ ،‬ما مكن من صوغ‬
‫تالفات وعقد حوارات كانت بناءة ومثمرة‪ ،‬وستؤثر إل حد كبي على حركة التنظيمات القائدة‬
‫للقليات السلمة ف الجتمعات الغربية‪.‬‬
‫جـ ‪ -‬التعريف بالتعددية داخل الذات واحترامها‪ :‬كان من الهم كذلك أن يتم العلن الواضح عن‬
‫التباين الشديد والتعددية الوجودة داخل الكيانات السلمة بالغرب‪ ،‬وما بينها من اختلفات حقيقية‬
‫ف الرؤى والواقف‪ ،‬ما وضع أقدام كثي من القوى الجتماعية الوروبية على بداية التمييز بي‬
‫الصحي والريض داخل الطاب السلمي ف الغرب‪.‬‬
‫والهم أن التعددية الت حدثت داخل الذات السلمة على الصعيد الغراف العرب والسلمي كانت‬
‫مهمة أيضا‪ ،‬برغم أن بعض ردود الفعال العاقلة اتذت موقفا مناوئا من ردود الفعال العاقلة‬
‫الخرى‪ ،‬وهو ما كان من الهم الشارة إليه ف إطار ضرورة احترام التعددية ف الواقف‪ ،‬مع كامل‬
‫التقدير للموقف الوسطي‪.‬‬
‫د ‪ -‬الرية السؤولة‪ :‬من أهم الفاهيم الت برزت خلل الزمة مفهوم الرية السؤولة‪ ،‬وهو مفهوم‬
‫نض ف مواجهة ما اعتب حرية مطلقة للصحافة ف التعبي‪ .‬والدير بالذكر أن هذا الفهوم‪ :‬الرية‬
‫السؤولة أعاد للذهان الصورة الغائبة عن القيود القانونية الت ترد على حرية الصحافة‪ .‬خاصة وأن‬
‫اعتبار هذا الق مقدسا يعل من التهجم على قضايا أخرى كالولوكوست وغيها‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫هـ ‪ -‬التوافق والعقد الجتماعي‪ :‬من أهم الفاهيم الت استخدمها بعض قادة القليات السلمة ف‬
‫الدول الغربية‪ ،‬حيث سعوا إل إدراج قضية عدم إهانة القدسات داخل العقد الجتماعي الغرب‪،‬‬
‫وبناء التوافق حول ضرورة عدم الستهزاء بقدسات الديان جيعها‪.‬‬
‫ومع هذا تبقى قيمة الوار وقيمة التبليغ أو التعريف بالسلم من أهم القيم الت تعززت أهيتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصاد الؤسسي‪:‬‬
‫من الهية بكان أن نلص لجموعة من الجراءات العملية الت يكن الفادة منها ف الستفادة إيابيا‬
‫من قوة دفع هذه الزمة‪ .‬وهنا يكن الشارة إل أن دور الصاد الؤسسي تويل الصاد القيمي إل‬
‫أهداف واقعية تملها حالة مؤسسية‪ .‬وف هذا السياق نضع اللمح الؤسسية التالية‪:‬‬
‫أ – على صعيد مسرح العمل الغرب‪:‬‬
‫من أهم ما ينبغي إنازه على صعيد السرح الغرب عدة مهام‪ ،‬نستلهمها من عرضنا السابق فيما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬متابعة أدبيات اليمي الغرب فيما يتعلق بالالة السلمية ف أوروبا‪ ،‬وفتح حوار بي قيادات‬
‫القليات السلمية حول هذه الدبيات‪ ،‬وإنتاج أدبيات تتناول ترشيد وترقية أداء القليات السلمة ف‬
‫الغرب والنظمات العبة عنها‪ ،‬وتوثيق رؤى إدراك الخر وإدارة الذات لتسهيل تقوي تطور الداء‬
‫السلم ف الغرب عب الزمن‪ ،‬وكذا تقوي نظرة الخر للوجود السلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬توفي آلية تشاور سريعة النعقاد بي قيادات القليات السلمة عند حدوث أزمة بجم أزمة‬
‫الرسوم السيئة للرسول والقدسات السلمية‪ ،‬والتوصية بالتاهات الت يستوعبها فقه حركة‬
‫القليات السلمة‪ ،‬وتديد أناط ردود الفعال الت يكن أن تشكل ف تداعياتا تأثيا سلبيا على وضع‬
‫القليات السلمة ف أوروبا‪.‬‬
‫‪ – 3‬رسم خريطة للقوى الجتماعية والثقافية والسياسية ف دول الغرب‪ ،‬يتوزع رصدها على‬
‫الحكات والقضايا الت تم الوجود السلم ف الغرب‪ ،‬وذلك لعرفة مساحات اللتقاء والفتراق بي‬
‫السلمي وهذه القوى‪.‬‬
‫‪ - 4‬تاوز العقلية اليتوية بالتحرك التضامن مع القوى الجتماعية والسياسية والدينية الت تشاركنا‬
‫ماور قضايا السلمي‪ ،‬وبا يقق أمن واستقرار الجتمعات الوروبية نفسها‪.‬‬
‫‪ – 5‬باعتبار السرح الغرب مترابط إقليميا عب التاد الوروب‪ ،‬ومترابط عب الطلنطي من خلل‬
‫حلق الناتو‪ ،‬فإنه من القترح القيام بدرجة عالية من التنسيق والتشبيك بي القليات السلمة ف الغرب‬
‫من خلل النظمات الت تتول التعبي السياسي والثقاف عنها‪ ،‬وإدارة نقل البة وتويد الداء‪.‬‬
‫‪ – 6‬رسم ملمح إستراتيجية علقات عامة تستهدف تكثيف الوار بي النظمات السلمية ف‬
‫أوروبا وبي الهات الت تشاركها الهتمامات الزئية أو الكلية‪ ،‬والت أنتجتها عملية رسم خريطة‬
‫اهتمامات أطراف الجتمع السياسي والثقاف ف الغرب‪ ،‬وذلك بسبيل تشجيع مناخ الوار بي‬

‫‪509‬‬
‫السلمي ومن يشاركونم الهتمام من جهة‪ ،‬وتطبيع حضور القيادات السلمة ف الياة العامة‬
‫الوروبية من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ – 7‬النتقال بالدعوة السلمية من الطور الكلسيكي القائم على إيفاد الدعاة لصال إنتاج جيل‬
‫جديد من الدعاة‪ ،‬أو الدخول ف مرحلة جديدة من مراحل صياغة الفكر الدعوي القائم على‬
‫معطيات علوم التصال والعلقات العامة‪ ،‬لكي يناسب شكل العرض طريقة تفكي الجتمعات‬
‫الديدة‪ ،‬والحتياجات غي التقليدية التجددة للدعوة‪ ،‬وطبيعة التحديات التصالية والعلمية القائمة‬
‫بذه الجتمعات؛ با فيها اعتبارات النافسة العلمية‪.‬‬
‫‪ – 8‬تشجيع قيادات الطياف والتيارات الختلفة بي السلمي على إنشاء وسائل إعلم متقدمة‬
‫تتمكن من مواجهة الحتوى التدفق من وسائل التصال الغربية‪ ،‬والت يلك اليمي فيها حظا غي‬
‫قليل‪ ،‬على أن تعمل من خلل موارد بشرية منتمية للمجتمعات الوروبية تعرف لغتها وثقافتها‬
‫(بلسان قومه)‪ ،‬وف نفس الوقت تدين بالسلم ف أطروحاته التجددة القتربة من حقيقة التحديات‬
‫الغربية النية‪.‬‬
‫‪ – 9‬إنتاج مشروعات تعريفية بالسلم ومتواه‪ ،‬وخصائص رسالته‪ ،‬وكذا وسائط تعريفية ترتبط‬
‫بالنبوة شخصا ورسالة وسلوكا وأخلقا‪ ،‬تعمل بصورة إستراتيجية من ناحية‪ ،‬ومرتبطة بالحداث من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬لكي تكون متكاملة ف صيورتا متصلة بالتحديات النية ف تناولا‪ ،‬من خلل آليات‬
‫متعددة اقترح البعض منها‪ :‬إنشاء موسوعات متكاملة وموسوعات ميسرة‪ ،‬سواء أكانت هذه‬
‫الوسوعات منتجة ف صورة كتابية نصية أو ف صورة وسائط متعددة (فيديو‪-‬كاسيت‪-‬سي دي‪-‬دي‬
‫ف دي‪-‬متوى إنترنت‪-‬وغيها من الوسائط الت تسفر عنها القرائح التقنية) وزيارة الدارس‬
‫والامعات والتعاون معها بسبيل تويل ومباشرة أنشطة تعريف بالسلم ونبيه‪ ،‬وإقامة مهرجان‬
‫أوروب موحد ومهرجانات فرعية قطرية يتص كل منها بقضية معينة ويتغيا أهدافا مددة يكن قياس‬
‫مستوى الناز فيها‪ ،‬أو إصدار ملة دورية أو فصلية للتعريف بالقضايا حديث الساعة‪ ،‬والقيام بملة‬
‫علقات عامة وتويل للمكتبات الكبى على مستوى القاليم والحياء ف الدول الغربية لنشاء ركن‬
‫خاص بالكتابات عن السلم‪.‬‬
‫‪ – 10‬توفي حلت مكثفة ث دورية للتعريف بالنظمات الوسطية السلمية‪ ،‬وباتصالتا‪ ،‬لتيسي‬
‫التواصل معها‪ ،‬والقيام بملة تواصل مع الؤسسات العلمية الكبى والتوسطة والؤسسات‬
‫العلمية ذائعة الصيت ف النطاقات الحلية والثنية الضيقة‪ ،‬با يتجاوز ما يصم الالة السلمية من‬
‫فقر اتصال‪.‬‬
‫ويكن من خلل العرض السابق أن ندد الصورة الؤسسية الت تكن من إناز هذه الهداف‪ ،‬وهو‬
‫ما نوجزه فيما يلي‪:‬‬

‫‪510‬‬
‫‪ – 1‬إنشاء مرصد أكاديي يتبع أمانة منظمة إسلمية أوروبية كبى‪ ،‬يتول مهام رصد أدبيات‬
‫اليمي‪ ،‬ورسم ملمح خريطة القوى السياسية والثقافية الوروبية‪ ،‬والناط الحتملة لعلقات الوار‬
‫والتحالف من جهة‪ ،‬وعلقات الواجهة والتابعة من جهة ثانية‪ ،‬ويراكم أدبيات تطوير الذات‬
‫وأدبيات تنمية العلقة مع الخر‪ ،‬وأدبيات نظرة القوى السياسية والثقافية لواقع السلمي ف أوروبا‪،‬‬
‫ويتول إصدار ملة فصلية لتوثيق البة ومراكمة الدبيات‪ ،‬وعقد مؤتر سنوي أو كل عامي لدارسة‬
‫وضع القليات السلمة ف الغرب وما يرتبط با من قضايا‪.‬‬
‫‪ – 2‬إنشاء مكتب للعلقات العامة تكون مهمته إعداد إستراتيجية التعريف بالسلم‪ ،‬وتكييف الن‬
‫والؤجل منها تبعا للاح الوضع ف الغرب‪ ،‬ووضع تصور لشروع التعريف وخطة استكماله‪،‬‬
‫والترتيب لهرجان عام‪ ،‬وأية مهرجانات فرعية‪ ،‬كما يتول توجيه اقتراحات للمنظمات السلمية‬
‫القطرية بأوجه النشاط الثقاف المكنة ومالتا‪ ،‬أو يتول هو تويل قيام الؤسسات القطرية بذا الدور‪،‬‬
‫ويشجع إنشاء منظمات مدنية قطرية تتول إدارة وتنفيذ هذه الشروعات الثقافية‪.‬‬
‫‪ – 3‬إنشاء إدارة تنسيق ف واحدة من النظمات السلمية الغربية الواسعة النتشار‪ ،‬تتول مهمة‬
‫التنسيق بي قيادات النظمات السلمية الختلفة بصفة عامة‪ ،‬كما تتول الدعوة لؤترات سريعة‬
‫التحضي عند بروز بوادر أزمة كأزمة الرسوم السيئة لقدسات إسلمية‪ ،‬كما تتول هذه الدارة توجيه‬
‫الدعوات لنظمات إسلمية بالتضامن مع القوى السياسية والثقافية غي السلمة الت تتشارك مع‬
‫النظمات السلمية ف بعض الهداف السياسية والجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ – 4‬إنشاء إذاعة وقناة تليفزيونية أوربية‪ ،‬أو الستفادة من قنوات أوروبية موجودة بالفعل لدمة‬
‫الجهود الدعوي والتصال السلمي‪ ،‬مع ضرورة تاوز حقبة اللغة النليزية أو الفرنسية لصال‬
‫مزيد التحام بواقع التعددية الثنية والثقافية ف الجتمع الوروب‪.‬‬
‫‪ – 5‬عند الستقرار على ملمح الوضع الؤسسي العام لقليات السلمية ف أوروبا يقترح إنشاء‬
‫مؤسسة وقفية تتول النفاق على هذه الؤسسات الت ل تتوفر لا القدرة على التمويل الذات‪ ،‬أو‬
‫الؤسسات الت سيتم استحداثها خارج نطاق الؤسسات الوجودة بالفعل ف السرح الوروب‪.‬‬
‫ويكن لدارة تنمية الشروعات بوقع إسلم أون لين أن تتول إعداد الانب الشبكي التعلق بالنشر‬
‫على النترنت لذا البعد الؤسسي‪.‬‬
‫أ – على صعيد مسرح العمل العرب والسلمي‪:‬‬
‫من أهم ما ينبغي إنازه على صعيد السرح العرب والسلمي عدة مهام‪ ،‬نستلهمها من عرضنا السابق‬
‫مثلة ف الحاور التالية‪:‬‬

‫‪511‬‬
‫‪ – 1‬مراجعة عملية الحتجاج على الرسوم السيئة‪ ،‬وتقويها‪ ،‬ووضع معايي لترشيد العمليات‬
‫الحتجاجية‪ ،‬مع التأكيد على أنا عملية نشطة قابلة للتكرار مع وقوع ما يبر تكرارها‪ ،‬وتكثيف‬
‫التشاور بي مؤسسات الجتمع الدن العربية والسلمية ذات الوظائف الدعوية لتطوير الداء فيها‪.‬‬
‫‪ – 2‬التعريف بالؤسسات الت من صميم خباتا إدارة هذا النوع من الزمات‪ ،‬مع توفي خطط‬
‫ناذجية بذه الؤسسات لناط الملت الختلفة الت يكن انتهاجها عند حدوث أزمات مشابة‪ ،‬ما‬
‫يوفر الوقت والهد الهدر ف إنتاج ردود فعل ارتالية أو عفوية قد تكون ضعيفة‪ ،‬أو قد يتم‬
‫إجهاضها بسبب عدم لياقة سلوكها‪.‬‬
‫‪ – 3‬تشجيع الوار بي القوى السياسية والثقافية والثنية والدينية با يؤدي لسيادة الحترام التبادل‬
‫بي هذه القوى‪ ،‬سواء على صعيد احترام رموزها (ول تسبوا الذين يدعون من دون ال‪ )..‬ف مقابل‬
‫صون رموز الديان عن العبث تت مسميات متلفة كالبداع‪ ..‬إل‪.‬‬
‫‪ - 4‬الدعوة إل إنشاء حلف فضول معاصر‪ ،‬بالشتراك مع العقلء الغربيي‪ ،‬نتفق فيه جيعا على‬
‫احترام كافة الديان والشرائع‪ ،‬ورفض التلعب با والسخرية منها بأي شكل من الشكال‪ ،‬ونقف‬
‫صفا واحدا أمام من تسول له نفسه الساس بالدين والعتقد‪.‬‬
‫ويكن لذه الهام أن تباشرها مموعة من النظمات الدعوية القائمة بالفعل أو بعض الؤسسات الت‬
‫تنشا خصيصا بالتوافق بي الهات الدعوية الهلية والرسية‪ ،‬على أن يراعى ف الؤسسات القائمة أو‬
‫الستحدثة الت تباشر هذه الهام أن تأخذ بأساليب وتقنيات علوم التصال والعلقات العامة العاصرة‬
‫لتواكب الدعوة ف ثوبا روح العصر كما تواكب ف متواها تديات هذا العصر وما يليه من‬
‫اجتهادات‪.‬‬
‫وال نسأل أن يعل جهود هذا المع الكري خالصة لوجهه‬
‫===================‬
‫النب العظيم صلى ال عليه وسلم‬

‫مي عبد ال الشايع‬


‫هل كانت ردة فعلنا كمسلمي قوية ورادعة على جيع الصعدة عندما تطاولت إحدى الدول الغربية‬
‫على رسولنا الكري عليه الصلة والسلم؟؟‬
‫هل سيطرت اللغة العلمية العربية ف الديث عن هذا التجرؤ القصود ف تشويه صورة أفضل اللق‬
‫مثلما سيطرت اللغة العلمية الغربية على أحداث ‪ 11‬سبتمب وضحاياها وتداعيها على السلمي ف‬
‫أرجاء العال؟؟‬

‫‪512‬‬
‫هل ما زالت الثقة مفقودة ف السلمي وما زال النزام النفسي يطغى على شعور الجتمعات‬
‫السلمية؟؟‬
‫تأملوا مريات الحداث على العال السلمي منذ عام ‪2000‬م وحت الن‪ ،‬حرب ضروس على‬
‫السلمي بدعوى ماربة الرهاب وترويع للمسلمي الذين وجدوا العيش ف الجتمعات الغربية الضالة‬
‫النشودة ف المن واحترام حريات الفرد الزعومة! حت لذوا بالفرار من براثن عنصرية الديانة واللغة‬
‫والدين! بل هدم دول وقتل البرياء فيها قبل غيهم تارة لحاربة الرهاب وتارة للقضاء على أسلحة‬
‫الدمار! وتارة لنشر الديقراطية الزعومة! وتدخل سافر ف سياسات الدول! تكالب المم الغربية على‬
‫السلمي ثقافة وفكرا وعقيدة‪.‬‬
‫أل يق لنا كمسلمي أن نعترف بعد كل هذا بأن العداء ف الصل هو عداء للعقيدة؟؟‬
‫ولن الزمن الن هو زمن الرب الفكرية فإنن استعي باقتراح للستاذ الدكتور جعفر شيخ إدريس‬
‫رئيس الامعة المريكية الفتوحة ف مقالته «ل تسبوه شرا لكم» ف ملة البيان ف عددها رقم‬
‫‪ 168‬ف طباعة الترجة الجردة عن الصل القرآن لسببي أولما أن الدعوين ل يقرؤون العربية‪ .‬ث‬
‫ل ندري ماذا سيفعلون به إذا ما وزعناه على نطاق واسع فقد يرميه بعضهم ف أماكن غي مناسبة‬
‫وقد يقرؤه بعضهم ف دورات الياه‪.‬‬
‫أن تكون الغالبية العظمى منها طبعات شعبية ذات غلف ورقي لكي تقل تكلفتها ويسهل حلها‬
‫وتوزيعها‪ .‬وأن توزع بكميات كبية على الساجد والراكز بالوليات التحدة وعلى أكب عدد من‬
‫الفراد العروفي باهتماماتم الدعوية‪.‬‬
‫ومن جهت أضيف ضرورة ترجة وطباعة سية الرسول ممد صلى ال عليه وسلم بعدد من اللغات‬
‫الجنبية الساسية‪.‬‬
‫وعلينا من خلل واقعنا الذي ندركه تاما أن نكم العقل ف ردود أفعالنا تاه هذه الستفزازات‬
‫الغربية‪ ..‬وأن نستخدم قوتنا القتصادية والفكرية للتصدي لثل هذه الجمات‪.‬‬
‫==================‬
‫بشائر النصر تلوح ف الصحيفة الدنركية‬

‫د‪ .‬عبد الرحن بن عبد الرحن شيلة الهدل‬


‫أحدك اللهم كما علمتنا أن نمدك وأصلي وأسلم على نبيك ورسولك رسول الدى والرحة ممد‬
‫بن عبد ال وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بديه إل يوم الدين‪.‬‬
‫س َرةً َعلَى اْلعِبَا ِد مَا يَأْتِيهِم مّن رّسُولٍ إِلّ كَانُوا ِبهِ يَسَْت ْه ِزؤُون} (‪ )30‬سورة‬
‫قال ال عزّوجلّ‪{ :‬يَا حَ ْ‬
‫يس‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫سهُمْ َفرِيقًا كَذّبُوْا وََفرِيقًا َيقُْتلُونَ} (‪)70‬‬ ‫وقال سبحانه‪ُ { :‬كلّمَا جَاءهُ ْم رَسُولٌ ِبمَا لَ َت ْهوَى َأْنفُ ُ‬
‫سورة الائدة‪.‬‬
‫حزُُنكَ الّذِي َيقُولُونَ فَِإّنهُمْ َل يُكَذّبُوَنكَ وََلكِنّ الظّالِ ِميَ بِآيَاتِ الّلهِ‬ ‫وقال ال عزّوجلّ‪{ :‬قَ ْد َنعْلَمُ إِّنهُ لََي ْ‬
‫صرُنَا وَ َل مُبَدّلَ‬‫ت رُسُ ٌل مّن َقبِْلكَ َفصََبرُوْا َعلَى مَا كُذّبُوْا وَأُوذُواْ َحتّى أَتَاهُمْ َن ْ‬ ‫جحَدُونَ‪ .‬وََلقَدْ كُذَّب ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫لِ َكلِمَاتِ الّلهِ وَلَقدْ جَاء َك مِن نّبَإِ الْ ُمرْسَِليَ} ( ‪ )34 / 33‬سورة النعام‪.‬‬
‫وقال ال جل شأنه‪َ { :‬ومِْنهُ ُم الّذِينَ ُي ْؤذُونَ النّبِ ّي وَِيقُولُو َن ُهوَ ُأذُ ٌن قُلْ ُأذُنُ خَْيرٍ لّكُ ْم ُي ْؤمِنُ بِالّلهِ وَُي ْؤمِنُ‬
‫لِ ْل ُم ْؤمِِنيَ َورَحْ َمةٌ لّلّذِي َن آمَنُوْا مِنكُ ْم وَالّذِي َن ُي ْؤذُو َن رَسُولَ الّلهِ َلهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ} ( ‪ )61‬سورة التوبة‪.‬‬
‫وقال ال سبحانه‪{ :‬إِنّ الّذِي َن ُي ْؤذُونَ الّل َه َورَسُوَلهُ َلعََنهُمُ الّلهُ فِي الدّنْيَا وَالْآ ِخ َرةِ وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابًا‬
‫ّمهِينًا} (‪ )57‬سورة الحزاب‪.‬‬
‫شرِكِيَ‪ .‬إِنّا َكفَْينَاكَ الْمُسَْت ْهزِِئيَ} (‪)95 / 94‬‬ ‫وقال تعال‪{ :‬فَاصْدَعْ بِمَا ُت ْؤ َمرُ وََأ ْع ِرضْ عَ ِن الْ ُم ْ‬
‫سورة الجر‪.‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬إِنّ شَاِنَئكَ ُه َو الَْبَترُ} (‪ )3‬سورة الكوثر‪ ،‬أي‪ :‬إ ّن مبغضك يا ممد‪ ،‬هو القطوع‬
‫الحروم من خي الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ث أما بعد‪:‬‬
‫فإن ما ارتكبته (الصحيفة الدنركية ‪ jyland‬صلى ال عليه وسلم ‪ s post‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪( )n‬يوم الثلثاء ‪1426 / 8 / 26‬هـ الوافق ‪ 2005 / 9 /30‬م بنشرها رسوما كاريكتييا‬
‫– تسخر فيها من رسول ال صلى ال عليه وسلم لمر شنيع وفعل فظيع تاوز حده وإنه لطر عظيم‬
‫ول يعلم مدى خطورته إل ال عزوجل‪.‬‬
‫كيف ل وهو يسخر من نب الرحة والدى الذي وصفه ال ف مكم التنيل بقوله عز من قائل‪:‬‬
‫{ َومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا َرحْمَةً لّ ْلعَالَ ِميَ} (‪ )107‬سورة النبياء‪.‬‬
‫ف رّحِيمٌ} (‬ ‫ص عََليْكُم بِالْ ُم ْؤمِِنيَ َرؤُو ٌ‬ ‫سكُ ْم َعزِيزٌ َعلَْي ِه مَا َعنِتّ ْم َحرِي ٌ‬ ‫{َلقَدْ جَاءكُ ْم رَسُو ٌل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫‪ )128‬سورة التوبة‪.‬‬
‫{ِإنّا َأرْسَ ْلنَاكَ بِالْحَ ّق بَشِيًا َونَذِيرًا وَ َل تُسْأَ ُل عَنْ َأصْحَابِ الْجَحِيمِ} (‪ )119‬سورة البقرة‪.‬‬
‫شرًا وَنَذِيرًا َودَاعِيًا ِإلَى الّلهِ بِِإذِْن ِه وَ ِسرَاجًا مّنِيًا} (‪)46 / 45‬‬ ‫{يَا أَّيهَا النّبِيّ إِنّا َأرْ َسلْنَاكَ شَاهِدًا َومُبَ ّ‬
‫سورة الحزاب‪.‬‬
‫{وَإِّنكَ َلعَلى خُلُ ٍق عَظِيمٍ} (‪ )4‬سورة القلم‬
‫إن هذه الصحيفة النحطة تسخر بذا الفعل ـ الخالف للقواني والعراف الدولية ـ من أمة‬
‫السلم أتباع ممد صلى ال عليه وسلم والذين يقارب عددهم (أكثر من مليار ونصف الليار)‬
‫والذين قال ال فيهم‪:‬‬

‫‪514‬‬
‫سُبكَ الّلهُ َومَنِ اتَّب َعكَ مِنَ الْ ُم ْؤمِِنيَ} (‪ )64‬سورة النفال‪{ .‬مِنَ الْ ُم ْؤمِِنيَ رِجَا ٌل‬ ‫{يَا أَّيهَا النّبِيّ حَ ْ‬
‫صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الّل َه عََلْيهِ فَمِْنهُم مّن َقضَى َنحَْبهُ َومِْنهُم مّن يَنتَ ِظ ُر َومَا بَدّلُوا تَْبدِيل} (‪ )23‬سورة‬
‫الحزاب‪.‬‬
‫{إِنّ َأوْلَى النّاسِ بِإِْبرَاهِيمَ َللّذِي َن اتَّبعُو ُه َوهَذَا النّبِ ّي وَالّذِي َن آمَنُوْا وَالّلهُ وَِليّ الْ ُم ْؤمِِنيَ} (‪ )68‬سورة آل‬
‫عمران‪.‬‬
‫{ َومَن يُشَاقِ ِق الرّسُو َل مِن َبعْ ِد مَا تََبيّنَ َلهُ اْلهُدَى وَيَتّبِ ْع غَْيرَ سَبِيلِ الْ ُم ْؤمِِنيَ ُنوَّلهِ مَا َتوَلّى َوُنصِْلهِ َجهَنّمَ‬
‫وَسَاءتْ َمصِيًا} (‪ )115‬سورة النساء‪.‬‬
‫صرِ ِه وَبِالْ ُم ْؤمِِنيَ} (‪ )62‬سورة النفال‪.‬‬ ‫خ َدعُوكَ فَإِنّ َحسَْبكَ الّلهُ ُهوَ الّ ِذيَ َأيّدَكَ ِبَن ْ‬ ‫{وَإِن ُيرِيدُواْ أَن يَ ْ‬
‫{ُثمّ نَُنجّي رُسَُلنَا وَالّذِي َن آمَنُواْ كَذَِلكَ َحقّا عََليْنَا نُن ِج الْ ُم ْؤمِِنيَ} (‪ )103‬سورة يونس‪.‬‬
‫ك رُسُلًا إِلَى َق ْو ِمهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالَْبيّنَاتِ فَانَتقَمْنَا مِنَ الّذِينَ أَ ْج َرمُوا وَكَانَ َحقّا‬ ‫{وََلقَدْ َأرْ َسلْنَا مِن َقبِْل َ‬
‫صرُ اْل ُم ْؤمِِنيَ} (‪ )47‬سورة الروم‪.‬‬ ‫عََليْنَا َن ْ‬
‫شرِ الْ ُم ْؤمِِنيَ بِأَنّ َلهُم مّنَ الّلهِ َفضْل كَبِيًا} (‪ )47‬سورة الحزاب‪.‬‬ ‫{وََب ّ‬
‫خرُجُوا وَ َظنّوا‬ ‫شرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَ ْ‬ ‫حْ‬‫ج الّذِينَ َك َفرُوا مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ مِن دِيَا ِرهِمْ لَِأوّ ِل الْ َ‬ ‫{ ُهوَ الّذِي أَ ْخرَ َ‬
‫خرِبُونَ‬ ‫سبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوِبهِمُ ال ّر ْعبَ يُ ْ‬ ‫حتَ ِ‬‫أَّنهُم مّاِنعَُتهُ ْم ُحصُوُنهُم مّنَ الّلهِ فََأتَاهُمُ الّلهُ مِنْ َحْيثُ لَمْ يَ ْ‬
‫ُبيُوَتهُم بِأَْيدِيهِ ْم وَأَيْدِي الْ ُم ْؤمِِنيَ فَا ْعتَِبرُوا يَا أُولِي الَْبصَارِ} (‪ )2‬سورة الشر‪.‬‬
‫أحبت ف ال‪ :‬توجهوا بأقلمكم وأفكاركم وما تلكه أيديكم من وسائل ضد هذا الحارب الغاشم‬
‫واعلموا أن ما نشر ف هذه الصحيفة الظالة لسبب من أسباب النصر إذ جعلت أمة السلم تستيقظ‬
‫وتتلحم وتتآزر وتعرف حقيقة العدو وكيف يتربص با وبدينها وقيمها‪.‬‬
‫هذا الفعل النكر والشنيع وهذه السخرية برسولنا الادي البشي ستقوي شوكة السلمي سيكونون‬
‫يدا واحدة ضد الستهزئي به صلوات ال وسلمه عليه‪.‬‬
‫وبالفعل فقد تركت الموع الؤمنة الحبة لرسولا أكثر من حبها لنفسها تركت من كل حدب‬
‫وصوب لتصد الشيطان وأولياءه وتردعه عن التمادي ف الستخفاف بسيد الولي والخرين الرؤوف‬
‫الرحيم‪.‬‬
‫تركت ف شت بقاع الدنيا مستنكرة مهزة كل وسائل الردع لذا النكر العظيم وإنه لزي للصحيفة‬
‫ومن تعاون معها وذل للمستهزئ بأنبياء ال ورسله وإن الدائرة ستدور بنكباتا على الستهزئ ومن‬
‫رضي بذلك‪.‬‬
‫إن هذه السخرية والستخفاف ستجعل فاصل واضحا بي السلم الق وبي التلبس بالسلم‬
‫والسلم منه بريء‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫فالسلم الق سيجد نفسه مضطرا للدفاع عن نبيه ورسوله سيلتحم مع إخوانه الدعاة إل ال ف تغيي‬
‫هذا النكر وردع فاعله بكل وسائل الردع التاحة له‪.‬‬
‫السلم الق سيجهز نفسه للوقوف ضد من حارب ال ورسوله سيبذل كل غال ونفيس ف نصرة‬
‫السلم والذود عن رسول الدى والرحة‪.‬‬
‫والتلبس بلباس السلم سيخنس خنوس الشيطان سيجد سبيل إل الصمت والرضا بذا النكر‪.‬‬
‫أحبت ف ال‪ :‬قلت إن بشائر النصر تلوح ف الصحيفة الدنركية‪.‬‬
‫فعل إن النصر يلوح وإن هذه علمة واضحة على اقتراب النصر وخذلن العداء بول ال وقوته‪.‬‬
‫أتذكرون إسلم حزة بن عبد الطلب رضي ال تعال عنه سببه استخفاف أب جهل برسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم كما هو معروف وإليكم قصة إسلمه وكيف قويت شوكة السلم بذلك كما ترويها‬
‫لنا الخبار الصحيحة‪:‬‬
‫ف الفترة الت كان فيها الو ملبدا بسحب الظلم والعنهجية والطغيان ملبد بالعتداءات التتالية من‬
‫شرار الناس وشياطينهم على رسول ال وأصحابه بزغ نور أضاء الطريق أمام الضطهدين والقهورين‪،‬‬
‫أل وهو إسلم حزة بن عبد الطلب رضي ال عنه‪ ،‬أسلم ف أواخر السنة السادسة من النبوة‪ .‬وسبب‬
‫إسلمه أن أبا جهل مر برسول ال يوما عند الصفا‪ ،‬فآذاه ونال منه‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ساكت ول يكلمه‪ ،‬ث ضربه أبو جهل بجر ف رأسه فشجه‪ ،‬حت نزف منه الدم‪ ،‬ث انصرف عنه إل‬
‫نادي قريش عند الكعبة‪ ،‬فجلس معهم‪ ،‬وكانت مولة لعبد ال بن جدعان ف مسكن لا على الصفا‬
‫ترى ذلك‪ ،‬وأقبل حزة من القنص متوشحا قوسه‪ ،‬فأخبته الولة با رأت من أب جهل‪ ،‬فغضب‬
‫حزة _ وكان أعز فت ف قريش وأشدهم شكيمة _ فخرج يسعى‪ ،‬ل يقف لحد حت دخل السجد‬
‫وفيه أبو جهل فقام على رأسه‪ ،‬وقال له يا مصفر استه‪ ،‬تشتم ابن أخي وأنا على دينه؟ ث ضربه‬
‫بالقوس فشجه شجة منكرة‪ ،‬فثار رجال من بن مزوم _ حي أب جهل _ وثار بنو هاشم _ حي‬
‫حزة _ فقال‪ :‬أبو جهل‪ :‬دعوا أبا عمارة‪ ،‬فإن سببت ابن أخيه سبا قبيحا‪.‬‬
‫ث شرح ال صدر حزة للسلم‪ ،‬فاستمسك بالعروة الوثقى‪ ،‬واعتز به السلمون أيا اعتزاز وكان‬
‫إسلمه نصرا عظيما للمسلمي وكانت تلك السبة وذلك الستخفاف سببا ف النكبة والزي والذل‬
‫للطغاة العتدين‪.‬‬
‫وإن أرى أن هذا الستخفاف والستهزاء من هؤلء الطغاة لبداية نصر للسلم والسلمي وإن بشائر‬
‫النصر تلوح ف الفق { َوسََيعْلَ ُم الّذِينَ ظَلَمُوا َأيّ مُنقََلبٍ يَنقَلِبُونَ} (‪ )227‬سورة الشعراء‪.‬‬
‫بشائر النصر هبت ف سنا القمر *** تزهو بسيف عليه وصمة الظفر‬
‫بشائر النصرف الفاق ساطعة *** لحت بدايتها من صفحة القَ ِذرِ‬
‫بشراكم أمت فالنصر يصحبكم *** والزي والذل للمستهزئ الشر‬

‫‪516‬‬
‫بقلم الدكتور‪:‬‬
‫عبد الرحن بن عبد الرحن شيلة الهدل‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا ممد بن عبد ال‬
‫صاحب الوجه النور والبي الزهر‬
‫وعلى آله وصحبه ومن اقتفى‬
‫أثرهم وترسم خطاهم‬
‫إل يوم الدين‬
‫===================‬
‫بيان صورة السلم لدى الغرب‬

‫بث أعده الستاذ الدكتور مسن عبد الميد‪...‬‬


‫لتقديه إل الؤتر العالي لنصرة النب ممد صلى عليه وسلم‬
‫الذي سينعقد ف البحرين بي ‪ 23-22‬صفر ‪ 1427‬الوافق ‪ 23 -22‬مارس ‪.2006‬‬
‫مع إشراقة نور السلم الذي دعا إل التوحيد الالص وكشف القيقة عن النرافات الطية الت‬
‫دخلت الديان السماوية فضلً عن الرضية ومع ميء الشريعة السمحاء الت تأمر بالعدل والحسان‬
‫وإيتاء ذي القرب وتنهى عن الفحشاء والنكر والبغي ومع اللتزام بالنظام القيمي الخلقي التوازن‬
‫لضبط سلوك الفرد والجتمع‪ ,‬تمّع طغاة النراف من رجال الدين‪ ,‬ومستلب حقوق المم‬
‫والشعوب من رجال الكم‪ ,‬وطالبوا اللذات والشهوات من دعاة الباحية‪ ,‬لطفاء هذا النور اللي‬
‫وحرمان النسان منه أينما كان‪ ,‬ليتخلص من عبودية العباد إل عبودية رب العباد‪ ,‬وينتقل من ضيق‬
‫الدنيا إل سعتها‪ ,‬ومن جور الديان إل عدل السلم كما قال الصحاب الليل ربعي بن عامر أمام‬
‫طاغية عسكر الفرس "رستم" قبيل معركة القادسية ‪ -‬تآمر اليهود ف الداخل على هذا الدين وأهله‪,‬‬
‫وخططوا لقتل رسول ال صلى ال عليه وسلم وإثارة الفت بي السلمي‪ ,‬وإضعاف قوة الوحدة‬
‫السلمية‪ ,‬ونشر الشائعات والكاذيب بي السلمي وتقوية جبهة النفاق والشرك ونصرة الباطل ف‬
‫سبيل إزهاق الق‪ .‬غي أن قوة السلمي ف عقيدتم ووحدتم ردت كيدهم وقبت مؤامراتم‬
‫وهزمت جيوشهم‪ ,‬فخرجوا من هذه العركة الكيدية خاسئي خاسرين‪.‬‬
‫وعندما أقام الرسول الكري وخلفاؤه الراشدون دولة السلم العادلة وحضارته الزاهرة وأنظمته‬
‫الخلقية التكاملة النبثقة متوازنة من أساء ال السن‪ ,‬ارتعشت دولة الفرس والرومان فأحسوا‬
‫بالطر‪ .‬ولا هزم جيوشهم جيش اليان واليقي والق‪ ,‬لئوا إل التآمر الظاهر والفي‪ ,‬بعد أن‬

‫‪517‬‬
‫سحق السلمون دولتهم‪ ,‬فظهر عند الفرس ف الركات الدامة الت زعزعت الجتمع السلمي ف‬
‫القرون الت تلت القرن الول‪.‬‬
‫وأما دولة الروم الت ألقت اليوش السلمية ف بلد الشام ومصر الزائم النكرة با‪ ,‬فبقيت تراقب‬
‫أوضاع الجتمع السلمي‪ ,‬وتطط لتآمر مكشوف لتشويه السلم وعقيدته وشريعته وأخلقه وحياة‬
‫نبيه وأركان حضارته‪ ,‬أمام شعوبا القهورة الستلبة الاهلة‪ ,‬لنع وصول نور السلم إليها‪ ,‬كي ل‬
‫تنتفض على طغاتا وكنائسها ومؤسساتا الظالة‪.‬‬
‫خافوا من التوحيد على التثليث‪ ,‬ومن النبوة على فرية الله التجسد ف الرض‪ ,‬ومن العدل على‬
‫الظلم والطغيان‪ ,‬فبدءوا يشنون حربًا قذرة على السلم ونب السلم‪.‬‬
‫أما أسباب هذا القد‪ ,‬فيكمن ف النرجسية الوربية الت توارثت الفلسفة الادية من اليونان‬
‫والتشريعات النحرفة من الرومان والت قدست القوة وفتحت سبل الشهوات‪ ,‬تت غطاء رقيق من‬
‫روحانية الكنيسة وأخلقياتا الزعومة‪.‬‬
‫بدأ هذا الجوم من داخل البيت السلمي الذي فتح ذراعيه لهل الديان جيعًا‪ ,‬ومن هؤلء الفاقي‬
‫الذين تسنموا مناصب عالية ف البلط الموي يوحنا الدمشقي الذي ثبت أنه كان يؤلف كتبًا ف ذم‬
‫السلم والطعن فيه وف رسوله باتامه باختلق الوحي لشباع رغباته الدنيوية‪ ,‬فأصبح هذا التام‬
‫الحور التقليدي لميع كتابات القرون الوسطى(‪.)1‬‬
‫والظاهر أن أمثال هؤلء هم الذين اخترعوا قصة بيا الراهب‪ ,‬حت يقولوا‪ :‬إنه هو الذي علّم ممدًا‬
‫لكي يثور على السيحية(‪.)2‬‬
‫لقد بدأ عصر تسميم الفكر الورب تاه السلم منذ العصور الول‪ ,‬فدفعت الكنيسة كثيًا من‬
‫رجالتا لتأليف كتب مفتراة ل تعتمد على أية مصادر إسلمية أو علمية لجرد تشويه صورة السلم‬
‫أمام أجيال الشعوب الوربية‪ ,‬فالسلم ف نظرهم هرطقة كافرة‪ ,‬كان هدفها الساس القضاء على‬
‫السيحية بطرق سافلة‪ ,‬وهو مرب هدام بدائي‪ ,‬يدعو إل إثارة الغرائز النسية‪ ,‬يستعبد الرأة ويقر‬
‫تعدد الزوجات‪ ,‬وتفوح منه رائحة الوثنية‪ ,‬وهو دين دموي عنيف(‪ ,)3‬والقرآن مموعة من آيات‬
‫خرافية متناقضة من عمل الشيطان‪ ,‬يزق الماعات ويدمر الخلق ويدعو إل الرذائل ويوي كثيًا‬
‫من الرافات‪ ,‬وممد كان كذابًا ومتالً وساحرًا‪ ,‬يشرب المر ويأكل لم النير ويتمتع‬
‫بالشهوات‪ ,‬وكان عدوًا للمسيح وكان كاردينا ًل منشقًا على البابوية‪ ,‬طمع ف كرسيها‪ ,‬فلما خابت‬
‫آماله(‪ )4‬ادعى النبوة‪ ,‬وكان لصًا وقاتلً وزير نساء وخائنًا وفاجرًا وشيطانًا وإرهابيًا (حاشاه ث‬
‫حاشاه)‪.‬‬
‫وأما السلمون فقد صوروهم بأنم أولد الشياطي وأهل لواط ومشركون يعبدون الوثان(‪.)5‬‬

‫‪518‬‬
‫ووصل المر بم إل اختراع روايات خرافية عن السلمي‪ ,‬منها أن رئيس أساقفة سالسبوري‪ ,‬قتل ف‬
‫القاهرة على يد السلمي عام (‪1101‬م) لنه أقدم على تدمي الصنم الذي كانوا يعبدونه‪.‬‬
‫كان يدث هذا التشويه الواسع ف أوربا‪ ,‬والذي كان يتول كبها الكنيسة ف الوقت الذي كان‬
‫النصارى واليهود ف البلد السلمية يتمتعون بقوقهم كاملة‪.‬‬
‫يقول الؤرخ العروف ديورانت‪" :‬لقد كان أهل الذمة السيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئة‬
‫ل ف مثل هذه‬ ‫يستمتعون ف عهد اللفة الموية بدرجة من التسامح ل ند لا ف البلد السيحية مثي ً‬
‫اليام‪ ,‬فلقد كانوا أحرارًا ف شعائر دينهم واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم"(‪.)6‬‬
‫وكثيون من مؤرخي الغرب مثل بارتولد ف كتابه "تاريخ الضارة السلمية" وآدم متزف كتابه‬
‫"الضارة السلمية ف القرن الرابع الجري" وفاسيلييف ف كتابه "تاريخ المباطورية البيزنطية"‬
‫وزعزيدهونكة ف كتابا "شس ال تسطع على العرب" يعترفون بذه القائق ف احتضان السلمي‬
‫لهل الديان والطوائف‪ ,‬كما فصل لم دين السلم كتابًا وسنة‪.‬‬
‫ولكن الغربيي ل يابوا هذه السماحة من السلمي إل بالتآمر والنكران‪ ,‬فحاولوا هذه الرة أن‬
‫يعمقوا العداوة بطط خبيثة‪ ,‬فأوجدوا مؤسسات التبشي ث الستشراق‪.‬‬
‫ول يكن التبشي من أجل الدين ف القيقة‪ ,‬وإنا من أجل التمكي لوربا على بلد السلم‪.‬‬
‫وبصدد ذلك ألفوا ألوف الكتب والباث بختلف اللغات‪ ,‬تشن على السلمي عداوات ل ناية لا‬
‫بأسلوب يفتقر إل الد الدن من النصاف واللق النسان الكري‪.‬‬
‫ولترسيخ هذه الفاهيم الباطلة أمر البابا أن تدخل هذه الدراسات إل الدارس والامعات‪ ,‬وتلقى ف‬
‫الواعظ على الناس ف الكنائس والبيوت‪.‬‬
‫وبانب ذلك حرفوا القرآن الكري ف ترجات هزيلة منحرفة‪ ,‬تقق أغراضهم الشيطانية‪ .‬وبذلك‬
‫استطاعت الكنيسة أن تؤصل ف نفوس الشعوب الوربية كراهية السلم والسلمي والنفور منه‬
‫ومنهم(‪.)7‬‬
‫ولقد استمرت هذه الملة ول تتوقف حت العصر الديث‪ ,‬بل ازدادت ضراوة‪ ,‬عب استعمالا‬
‫التقنيات العاصرة‪.‬‬
‫ومن أعماق خطط التبشي ظهر الستشراق‪ ,‬بجة البحث العلمي‪ ,‬بقرار من ممع فيينا الكنسي عام‬
‫(‪1312‬م)‪ ,‬وذلك لتأسيس عدد من كراسي الستاذية ف العربية والعبية واليونانية والسوريانية ف‬
‫جامعات باريس وأكسفورد وبولونيا وأفينيون وسلمانكا(‪.)8‬‬
‫إن زرع هذه الفكار الكاذبة عن السلم والسلمي ف نفوس الوربيي جيلً بعد جيل‪ ,‬كان تهيدًا‬
‫طبيعيًا للستجابة الشاملة إل صرخة البابا بطرس الناسك تدعو السيحيي للتوجه إل الشرق‬
‫السلمي؛ لنقاذ قب السيح من السلمي الكفرة حسب تعبيه‪ ,‬فهيئت اليوش ووهبت صكوك‬

‫‪519‬‬
‫الغفران للجميع‪ ,‬وصاحب القسس والرهبان موجات هذا الغضب العارم‪ ,‬ينفخون القد السود على‬
‫السلمي ف نفوس القوم‪ .‬فلما وصلوا إل أرض السلم‪ ,‬ارتكبوا أفظع الجازر ف تلك الروب الت‬
‫سوها بالروب الصليبية‪ ,‬ف موجات متلحقة استمرت حوال قرني‪ ,‬وهي ما أجع عليه مؤرخو‬
‫الغرب والشرق‪ ,‬وغدت من التاريخ التواتر الذي ل يستطع أحد أن يشكك فيه‪.‬‬
‫يقول الؤرخ الورب ميشو‪" :‬ولا جاءوا معرة النعمان قتلوا جيع من كان فيها من السلمي اللجئي‬
‫إل الوامع الختبئي ف السراديب‪ ,‬وأهلكوا صبًا ما يزيد على مائة ألف إنسان ف أكثر الروايات"‪.‬‬
‫وعندما جاء إل كارثة القدس الشريف قال‪" :‬تعصب الصليبيون ف القدس أنواع التعصب العمى‬
‫الذي ل يسبق له نظي‪ ,‬حت شكا منهم النصفون من مؤرخيهم‪ ,‬فكانوا يكرهون العرب على إلقاء‬
‫أنفسهم من أعال البوج والبيوت‪ ,‬ويعلونم طعامًا للنار‪ ,‬ويرجونم من القبية وأعماق الرض‬
‫ويرونم ف الساحات ويقتلونم فوق جثث الدميي‪ .‬ودام الذبح ف السلمي أسبوعًا حت قتلوا‬
‫منهم على ما اتفق على روايته مؤرخو الغرب والشرق سبعي ألفًا(‪.)9‬‬
‫وظل الغرب بعد اندحاره ف بلد الشام يتعامل مع السلم بذر شديد‪ ,‬ول يكن من المكن النظر‬
‫إل السلمي إل باعتبارهم وحوشًا أو برابرة وأعداءً السيح(‪.)10‬‬
‫لقد التقت ف الروب الصليبية مصال الكام الطغاة من النبلء بصال التجار مع رجال الدين‬
‫التعصبي الاقدين الذين خلت قلوبم من النصاف والرحة والتسامح والنسانية‪ ,‬فأحدثوا هذه‬
‫الآسي الروعة ف بلد الشام ومصر‪ ,‬ودقوا إسفي العداوة بي الشعوب السيحية والسلمية‪ ,‬ول‬
‫يكتفوا بذلك‪ ,‬بل خططوا لرب جديدة منظمة على السلم والسلمي تقوم على أساس فتح الراكز‬
‫ف الامعات والوزارات الختصة‪ ,‬فأوجدوا نظام الستشراق الذي كانت الكنيسة تسيطر عليه‬
‫سيطرة كاملة‪ .‬وكان الدف الساس‪ ,‬تزييف القائق عن السلم تت مظلة البحث العلمي‬
‫والوضوعي‪ .‬قدمت هذه الدراسات الوجهة صورة مشوهة عن السلم‪ ,‬واستمدت موادها من‬
‫ل منهجيًا وإطارًا فكريًا عدّه الميع‬
‫كتابات البشرين الوائل‪ ,‬بيث رسخت ف العقل الورب شك ً‬
‫مسلمات وحقائق على الرغم من اللط والتحريف والنقائص الت كان يتسم با‪ .‬ولقد كانوا دائمًا‬
‫يأخذون من المور شكلها‪ ,‬ول يكونوا يدرسون أسبابا ونتائجها؛ لن ذكر السباب والنتائج كان‬
‫يفضحهم ويرد أكاذيبهم(‪.)11‬‬
‫ول ينج من ضغط القد التاريي الصليب الطويل‪ ,‬حت الفلسفة والدباء والفكرون‪ ,‬فأديب مشهور‬
‫على سبيل الثال "دانت اليطال" ف كتابه الكوميديا اللية عندما قسم الحيم إل طبقات‪ ،‬وضع‬
‫الرسول ممد صلى ال عليه وسلم ف طبقه الشر الحيطة بإبليس‪ ،‬ومصي هذه الطبقة يكون العقاب‬
‫السرمدي(‪.)12‬‬

‫‪520‬‬
‫وإذا علمنا أن ((الكوميديا اللية)) لدانت طبع عشرات الرات وبلغات متلفة ف أناء أوربا والغرب‬
‫عامة‪ ،‬عب قرون عدة عرفنا مدى تأثيه على الجيال‪.‬‬
‫ويأت بعده بقرني الشاعر النكليزي ((جون بوجيت)) فيؤلف قصيدة بعنوان ((ممد النب الزيف))‪,‬‬
‫وكيف أن النازير أكلته وهو سكران‪ .‬وفصّل ف أبيات كثية كل الصفات الت أطلقها العقل‬
‫الورب الدين الكنسي عب القرون(‪.)13‬‬
‫وبذا تولت آثار القد الورب قبل الروب الصليبية وبعدها إل ظاهره تاريية دينية وفكرية‪ ،‬وثقافة‬
‫اجتماعية‪ ،‬من الصعب جدًا اختراقها واللص منها‪ .‬حت أن أوربا بعد أن خرجت من التربية الدينية‬
‫إل التربية العلمانية‪ ،‬ل يتخلص كبار فلسفتها ومفكريها من الرواسب العميقة بعداوة السلم؛ فلقد‬
‫اتم مونتسكيو وفوليتر وفولن وغيهم من مفكري عصر التنوير السلم بأشنع أنواع التهم وهاجوا‬
‫الرسول والقرآن‪ ،‬كأنم رجال الكنيسة ف العصور الوسطى‪ ،‬وسرت هذه العداوة إل البشرين‬
‫والستشرقي والسياسيي ف العصور الديثة‪.‬‬
‫يقول الستشرق (موير)‪(( :‬إن سيف ممد والقرآن ها أكثر أعداء الضارة والرية))(‪ .)14‬وصدر‬
‫منهم كلم ل يتلف حول القرآن والرسول والسلمي من كل ما قالته أوروبا من سوء ف العصور‬
‫السابقة‪ .‬وبذلك استجاب الستشراق والفكر الورب العام إل الثقافة الوروبية التاريية الاقدة‬
‫الكدسة حول السلم أكثر من الستجابة إل موضوعه الزعوم(‪.)15‬‬
‫بل جوهر الستشراق هو التمييز الذي يستحيل اجتثاثه بي الفوقية الغربية والدونية الشرقية‪ ,‬بل إنه‬
‫عم هذا التمييز بيث إن السياسيي التأخرين مثل بلفور وكرومر بعد هذه القرون الطويلة ف زرع‬
‫القد ف الجتمعات الوربية انتهوا ف تعاملهم مع السلمي والشرقيي إل مقولة "فالشرقي لعقلن‪,‬‬
‫فاسق طفول متلف"‪ ,‬و"الورب عقلن متحلّ بالفضائل‪ ,‬ناضج سوي"(‪.)16‬‬
‫لقد سار كبار الستشرقي ف القرن العشرين يهودًا ونصارى على النشاء الستشراقي القدي‪,‬‬
‫فنولدكه وكولدزيهر وشاخت وبرنارد لويس وجِب وجرونباوهم وآخرون كثيون كلهم وضعوا‬
‫السم ف الدسم‪ ,‬وشوهوا التراث السلمي‪ ,‬وبنوا أباثهم على أن القرآن ليس إل مموعة من‬
‫الفكار الضطربة أخذت بدون تنظيم من التوراة والنيل‪ ,‬وأن الشريعة السلمية اقتبسها السلمون‬
‫من القانون الرومان(‪ .)17‬والوحي الحمدي تصوّر ووهم وظن وخيال وحى صرعية وأن السية‬
‫النبوية فيها شكوك كثية(‪.)18‬‬
‫إن الهود العدائية الت قادتا الكنيسة عب التاريخ الورب مازالت تؤجج الشاعر العادية ضد السلم‬
‫والسلمي؛ يثل ذلك موقف "جلدستون" عندما رفع بيده ف ملس العموم البيطان عام "‪"1882‬‬
‫فقال‪ :‬مادام هذا القرآن يتلى والكعبة تزار فنحن ل مكان لنا ف بلد السلم"‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫وموقف النرال غورو الفرنسي عندما دخل دمشق فقال ‪ -‬وهو أمام قب صلح الدين‪ :-‬قم‪ ..‬الن‬
‫انتهت الروب الصليبية‪ .‬ومواقف أخرى كثية صدرت فيما يسمى بعصر التسامح والرية‬
‫والعلمانية‪ ,‬تدل دللة قاطعة أن زخم الكنيسة التعصبة ضد السلم والسلمي ما زالت سارية ف‬
‫عروق القوم‪ .‬توجه سياستهم الظالة ف التعامل مع العال السلمي‪ ,‬ولسيما انيازهم الكامل إل‬
‫اليهود ف اغتصاب أرض فلسطي وتشريد شعبه وقتل أبنائه‪.‬‬
‫ولكن هل يعن ذلك أن الغرب برمته استسلم إل هذا التعصب القيت؟!‬
‫أقول‪ :‬ل‪ ..‬إن الفكر النسان الر بدأ يتحرك ضد هذا التيار ف القرن الخي‪ ,‬وظهر مؤرخون‬
‫ومفكرون وباحثون يدعون إل النصاف ف التعامل مع السلمي‪ ,‬ويشيدون بدور الضارة‬
‫السلمية‪ ,‬ولكنهم ما زالوا قليلي ف خضم الطوفان الكبي الرتبط بقوة الدفع التاريي إل رواسب‬
‫الاضي‪ .‬وهنا لبد من علج‪ .‬وهو بيد السلمي؛ سواء ف داخل العال السلمي أو ف خارجه بي‬
‫القليات السلمية الت تستطيع أن تعمل الكثي إذا وقفت بانبها قدرات العال السلمي الفكرية‬
‫والتخطيطية والالية‪.‬‬
‫وأرجو أن تفي هذا الؤتر البارك وغيه من الؤترات ف قابل اليام بذا الواجب التاريي الكبي‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫الوامش‪:‬‬
‫‪ .1‬الستشراق بي الوضوعية والنفعالية ‪..‬ص ‪ 54‬ط‪ 1983 -1403 /1‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .2‬الصدر السابق ص ‪.55‬‬
‫‪ .3‬الفكر العرب – الستشراق – أوربا والسلم د‪ .‬هشام جعيط ص ‪222‬‬
‫‪ .4‬الستشراق‪ -‬د‪ .‬عرفان عبد الميد ص‪ . 6‬م الرشاد – بغداد ‪1969‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬الصدر السابق ص‪1 .‬‬
‫‪ .6‬قصة الضارة م ‪13‬‬
‫‪ .7‬الفكر العرب‪ -‬الستشراق ص ‪ 122‬البشرون والستشرقون وموقفهم من السلم للدكتور‬
‫ممد البهى‪ .‬وراجع أيضًا التبشي والستعمار ف البلد العربية للدكتور مصطفى خالدي والدكتور‬
‫عمر فروج‪.‬‬
‫‪ .8‬الستشراق للدكتور إدور سعيد ص(‪ )2‬ط‪1‬‬
‫‪ .9‬على هامش الصراع الورب تيسي شيخ الرض ص ‪ 114 -113‬من كتاب الفكر العرب ج‬
‫‪.1‬‬
‫‪ .10‬الصدر السابق ‪1/152‬‬
‫‪ .11‬الستشراق والسلم ص ‪6 -5‬‬

‫‪522‬‬
‫‪ .12‬الركة الصليبية وأثرها على الستشراق الغرب – د‪.‬علي الشامي ص ‪ 165‬وما بعدها ضمن‬
‫الفكر العرب ج‪.1‬‬
‫‪ .13‬أوروبا والسلم ص ‪222‬‬
‫‪ .14‬الستشراق – إدور سعيد ‪168‬‬
‫‪ .15‬الصدر السابق ص ‪.55‬‬
‫‪ .16‬الصدر السابق ص ‪71‬‬
‫‪ .17‬راجع الشريعة السلمية والقانون الرومان للدكتور صوف عبد ال‪.‬‬
‫‪ .18‬الستشرقون والسلم – مصدر سابق ص ‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬
‫د‪ .‬مسن عبد الميد‬
‫===================‬
‫بيان علماء اليمن بشأن التطاول على سيد البشر (‪ 42‬عالا)‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫هذا بيان للناس‬
‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستهديه‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهد ال‬
‫فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬ونشهد أل إله إل ال وأن ممدا عبده ورسوله ـ صلى ال‬
‫عليه وآله وصحبه وسلم ـ أما بعد فقد اطلع العلماء الوقعون على هذا البيان على تلك الملة‬
‫الشنيعة الت شنتها بعض وسائل العلم القروءة ف الدنارك والنرويج‪ ،‬من خلل الرسوم‬
‫الكاريكاتيية‪ ،‬والتعليقات الصاحبة لا‪ ،‬الت ظهر فيها التطاول على نب الرحة‪ ،‬والت تاوزت كل‬
‫حدود القيم والبادئ والعراف‪ ،‬ف استهتار واضح بالسلم والسلمي‪ ،‬وبذا الصوص يؤكد‬
‫العلماء على ما يأت‪:‬‬
‫• أولً‪:‬‬
‫يستنكر العلماء هذه الفعلة الشنيعة الت تطاولت على الرحة الهداة الذي أرسله ال رحة للعالي‬
‫{ َومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِل رَحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِميَ} [النبياء‪ ]107 :‬مذكرين بأن ذلك يأت ف سياق الجمة‬
‫الشرسة الت تُشَن على السلم والسلمي‪ ،‬ويتول كبها أولئك الذين شرقوا بانتشار هذا الدين‬
‫العظيم الذي جاء به ممد ـ صلى ال عليه وآله وسلم ـ رحة للبشرية جعاء لتسود قيم الي‬
‫والب والتكافل‪ ،‬كما يذكرون بأنه ما كان ليجترئ أولئك على ما اجترؤوا عليه لو اتذ السلمون‬
‫الجراءات الرادعة مع سوابق مشابة‪.‬‬

‫‪523‬‬
‫إن هؤلء بفعلتهم ليومون اليلولة بي البشرية الت تتوق إل مرج من أزماتا التلحقة ف شت‬
‫مالت الياة وبي النور الذي جاء به هذا النب الكري‪ { :‬يَا َأهْلَ الْكِتَابِ قَ ْد جَاءَكُ ْم رَسُولُنَا يَُبيّنُ‬
‫ب مُِبيٌ ( ‪)15‬‬ ‫ب وََي ْعفُو عَنْ َكثِيٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الّلهِ نُو ٌر وَكِتَا ٌ‬ ‫خفُونَ مِنَ اْلكِتَا ِ‬ ‫لَكُمْ َكثِيًا مِمّا كُْنتُمْ ُت ْ‬
‫خرِ ُجهُ ْم مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِِإذِْن ِه وََيهْدِيهِمْ ِإلَى‬ ‫ضوَاَنهُ ُسبُلَ السّلَامِ وَُي ْ‬ ‫َيهْدِي ِبهِ الّلهُ مَنِ اتّبَ َع ِر ْ‬
‫ط مُسَْتقِي ٍم (‪[ })16‬الائدة] ولكن هيهات فال يقول‪ُ{ :‬يرِيدُونَ ِليُ ْطفِئُوا نُورَ الّلهِ بَِأ ْفوَا ِههِ ْم وَالّلهُ‬ ‫صرَا ٍ‬
‫ِ‬
‫مُتِمّ نُو ِر ِه وََلوْ َك ِرهَ الْكَاِفرُو َن (‪ُ )8‬هوَ الّذِي َأرْسَ َل رَسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِينِ الْحَقّ ِليُ ْظ ِه َرهُ َعلَى الدّينِ ُكّلهِ‬
‫شرِكُو َن (‪[ })9‬الصف]‪.‬‬ ‫وََلوْ َك ِرهَ الْمُ ْ‬
‫• ثانيا‪:‬‬
‫يُذَكّر العلماء جيع السلمي ف هذا البلد وغيه با يب عليهم تاه نب الرحة‪ ،‬ليس دفاعا عنه ـ‬
‫ي(‬ ‫شرِ ِك َ‬ ‫بآبائنا هو وأمهاتنا ـ فقد تول ال ذلك حيث قال‪{ :‬فَاصْدَعْ بِمَا ُت ْؤمَ ُر وََأ ْع ِرضْ عَ ِن الْمُ ْ‬
‫ي (‪[ })95‬الجر] وقال‪{ :‬يَا أَّيهَا الرّسُو ُل بَلّ ْغ مَا أُْنزِلَ إَِلْيكَ مِ ْن رَّبكَ‬ ‫‪ِ )94‬إنّا َكفَيْنَاكَ الْ ُمسَْت ْهزِِئ َ‬
‫ك مِنَ النّاسِ إِنّ الّلهَ لَا َيهْدِي اْل َق ْومَ الْكَاِفرِي َن (‪})67‬‬ ‫وَإِنْ لَمْ َت ْفعَلْ فَمَا بَّل ْغتَ ِرسَالََت ُه وَالّلهُ َي ْعصِمُ َ‬
‫[الائدة] وإنا قياما بالواجب تاه هذا النب العظيم الذي أخرجنا ال به من الظلمات إل النور {الّذِينَ‬
‫َيتِّبعُونَ الرّسُو َل النّبِيّ الُْأمّيّ الّذِي يَجِدُوَنهُ مَكْتُوبًا عِنْ َدهُمْ فِي الّت ْورَاةِ وَالِْإنْجِي ِل يَ ْأ ُم ُرهُمْ بِالْ َم ْعرُوفِ‬
‫ص َرهُمْ وَالَْأغْلَا َل الّتِي‬ ‫ث وََيضَعُ َعْنهُمْ ِإ ْ‬ ‫ح ّرمُ َعلَْيهِ ُم الْخَبَاِئ َ‬
‫ت وَيُ َ‬
‫وَيَْنهَاهُ ْم عَ ِن الْ ُمنْ َكرِ َويُحِلّ َلهُ ُم الطّيّبَا ِ‬
‫صرُو ُه وَاتَّبعُوا النّورَ الّذِي أُْنزِ َل َم َعهُ أُوَلِئكَ هُ ُم الْ ُمفْلِحُو َن (‬ ‫ت عََلْيهِمْ فَالّذِي َن َآمَنُوا ِب ِه َو َع ّزرُو ُه وََن َ‬ ‫كَاَن ْ‬
‫‪[ })157‬العراف]‪.‬‬
‫وبذا الشأن يتوجه العلماء إل كافة أبناء السلمي بأن عليهم استثمار هذا الدث استثمارًا إيابيا‬
‫يكفل رد العتدين ويزجر من خلفهم‪.‬‬
‫ويأت ف القدمة حكام السلمي الذين يتحتم عليهم القيام بواجب رد مثل هذا التطاول بشت الوسائل‬
‫والساليب‪ ،‬كما يأت ف القدمة علماء السلمي الذين ينبغي عليهم استنفار الهود ف الدعوة إل هذا‬
‫الدين‪ ،‬والتعريف به‪ ،‬وإيصال هذه الرسالة الالدة إل البشرية بشت الوسائل‪ ،‬وبيان عقيدة الولء‬
‫والباء‪ ،‬ويدعو العلماء بذا الصدد كافة النظمات السلمية إل السعي الثيث ف نشر سية النب ـ‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم ـ با فيها من مثل إنسانية عليا ف أوساط أولئك‪ ،‬وبلغاتم بيانًا للحق‪،‬‬
‫وإقامة للحجة‪ ،‬كما أن على الشتغلي بوسائل العلم الختلفة أن يتحملوا مسؤولياتم تاه هذه‬
‫القضية‪.‬‬
‫وبالملة فإن على السلمي جيعًا استنفار الطاقات‪ ،‬واستخدام كل وسائل الضغط الت تكفل ماسبة‬
‫العتدي وزجر كل من تسول له نفسه الساس بقام نبينا وديننا بعد أن استنفد إخواننا ف تلك البلد‬

‫‪524‬‬
‫متلف وسائل الوار دون أن يدوا تاوبا ومن ذلك القاطعة لنتجات تلك البلدان وبضائعهم‪ ،‬وال‬
‫غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪.‬‬
‫صادر ف‪6/1/1427 :‬هـ‬
‫العلماء والدعاة الوقعون على البيان‪:‬‬
‫أحد بن حسن العلم‬
‫عقيل بن ممد القطري‬
‫طارق عبد الواسع‬
‫عمار بن ناشر العريقي‬
‫مراد بن أحد القدسي‬
‫عارف أنور نور‬
‫صال بن ممد باكرمان‬
‫أبو الفاروق ممد بن راجح‬
‫أبو هام صال بن ممد عبد الغن‬
‫جال بن علي غندل‬
‫خالد ممد الوصاب‬
‫أمي علي عبده مرشد‬
‫يي بن عبده سال‬
‫أحد بن ممد بن منصور‬
‫د‪.‬عبده عبد ال الميدي‬
‫د‪.‬ممد أحد الزهيي‬
‫د‪ .‬يي عامر‬
‫د‪ .‬فؤاد البعدان‬
‫د‪.‬حسن ممد شبالة‬
‫رشيد منصور الصباحي‬
‫عبد الناصر الصانع‬
‫عبد السلم الديري‬
‫عبد الكري ممد البعدان‬
‫فهد ممد قاسم‬
‫عرفات بن عبد السلم شريف‬

‫‪525‬‬
‫يي مطهر الشامي‬
‫لطف عبده الزهيي‬
‫ممد سيف عبدال‬
‫حيد قاسم عقيل‬
‫علي بن يي شسان‬
‫ممد بن ممد الهدي‬
‫عبد الرحيم الشرعب‬
‫ناجي مسن البعدان‬
‫عبد ال بن غالب الميي‬
‫ممد العزي الشيخ‬
‫أمي بن علي الياط‬
‫نعمان بن عبد الكري الوتر‬
‫علي ممد عبدال عبده‬
‫عبد الرحن بن علي إساعيل‬
‫علي ممد عبده أحد الطري‬
‫ممد الداء‬
‫عبدال عبده مهدي الب‬
‫===================‬
‫بيان مكة ف الذب عن سيد البشرية صلى ال عليه وسلم‬

‫المد ل رب العالي‪ ،‬ناصر عباده الؤمني ولو بعد حي‪ ،‬ونشهد أن ل إله إل ال اللك الق البي‪،‬‬
‫ونصلي ونسلم على رسول رب العالي‪ ،‬وعلى آله وصحبه والتابعي ومن تبعهم بإحسان إل يوم‬
‫الدين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد امت ال سبحانه وتعال على الثقلي ببعثة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم رحةً منه عز وجل‬
‫للقه‪ ،‬مصداقا لقوله تعال‪َ { :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إ ّل رَ ْحمَةً ِل ْلعَالَ ِميَ} (النبياء‪ ،)107:‬فأخرج ال بذا‬
‫النب المي عليه أفضل الصلة والتسليم الناسَ من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن الضلل إل الدى‪ ،‬ومن‬
‫العذاب إل الرحة‪ ،‬بعدما اجتالتهم الشياطي عن صراط ال الستقيم‪ ،‬فأشرقت الرض بنور الرسالة‬
‫الحمدية‪ ،‬ورغمت أنوف البطلي واننس الكفر وأهله‪ ،‬مصداقا لقوله تعال‪ُ { :‬هوَ الّذِي َأرْسَلَ‬
‫شرِكُونَ} (التوبة‪ ،)33:‬وقد كان ف‬ ‫رَسُوَلهُ بِاْلهُدَى َودِينِ اْلحَقّ لُِي ْظ ِهرَ ُه عَلَى الدّينِ كُّل ِه وََلوْ َك ِرهَ الْمُ ْ‬

‫‪526‬‬
‫مقدمة ركب الشيطان من َشرِقَ بالبعثة الحمدية – على رسولا أفضل الصلة والسلم – بعضُ أهل‬
‫الكتاب من اليهود والنصارى‪ ،‬فقد امتلت قلوبم غيظا وحقدا وحسدا للسلم وأهله مصداقا لقول‬
‫سهِ ْم مِنْ‬
‫ال تعال‪َ { :‬ودّ َكثِ ٌي مِنْ َأهْلِ الْ ِكتَابِ َلوْ َي ُردّونَكُ ْم مِنْ َبعْدِ ِإيَانِكُمْ ُكفّارا حَسَدا مِ ْن عِنْدِ أَْنفُ ِ‬
‫َبعْ ِد مَا تََبيّنَ َلهُمُ الْحَقّ} (البقرة‪ :‬من الية‪ ،)109‬وقال تعال‪َ { :‬وكَذَِلكَ َجعَلْنَا لِكُلّ َنبِ ّي عَ ُدوّا مِنَ‬
‫ك هَادِيا وََنصِيا} (الفرقان‪ ،)31:‬وقال تعال‪َ { :‬ولَنْ َت ْرضَى عَْنكَ اْلَيهُودُ وَل‬ ‫ي وَ َكفَى ِبرَّب َ‬
‫ج ِرمِ َ‬
‫اْلمُ ْ‬
‫الّنصَارَى َحتّى َتتّبِ َع مِلَّتهُمْ‪ }...‬الية (البقرة‪ :‬من الية‪ ،)120‬وهؤلء الظالون العادون لدين السلم‬
‫وللبشي النذير ‪ -‬عليه أفضل الصلة والسلم‪ ،-‬هم ف حقيقة المر يقومون بأكب جرية ف تاريخ‬
‫البشرية‪ ،‬إذ إنم يولون بي الناس وبي أكب نعمة امت ال با على النسانية‪ ،‬أل وهي نعمة السلم‪،‬‬
‫كما أنم ف ذات الوقت يعرضون من سار ف ركابم واتبع ضللم لسخط البار ‪ -‬عز وجل ‪-‬‬
‫ومقته ف الدنيا والخرة‪ ،‬وإن التأمل ف الوقائع والوادث ف ماضي الزمان وحاضره ليظهر له بلء‬
‫عداوة وكيد فئا ٍم من أهل الكتاب من اليهود والنصارى للمة الحمدية ‪ -‬على صاحبها أفضل‬
‫الصلة والسلم‪.-‬‬
‫وتزداد عداوة بعض الغضوب عليهم والضالي للمسلمي ويزداد جنونم وجنوحهم عن قواعد العدل‬
‫والعقل والق كلما ازداد انتشار السلم ودخل الناس ف دين ال أفواجا‪ ،‬فعند ذلك يزداد حقدهم‬
‫وحسدهم‪ ،‬وتطيش أحلمهم وأفهامهم‪ ،‬فتتوال من ِقبَلهم الملت النونية الظالة على كل ما هو‬
‫مقدّس ومعظّم ف دين السلم‪ ،‬وكان من آخر ما حدث ف هذا الجال‪ :‬الملة الظالة الثة الت‬
‫تولّى كِبَها‪ ،‬وحَمَلَ لواءَها بعضُ وسائل العلم القروءة ف دولت (الدنارك والنرويج) عندما‬
‫أظهرت سيد البشرية – فديناه بالباء والمهات – صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف بعض الرسومات‬
‫الكاريكاتيية الساخرة السيئة‪ ،‬متجاوزةً حدود النطق والعقل‪ ،‬ومنفلتة من كل القيم والبادئ‬
‫والعراف ف استهتارٍ واضح بدين السلم الذي يدين به ما يزيد على الليار نَسَمة من البشر على‬
‫ظهر العمورة‪.‬‬
‫وإن أهل العلم والدعوة ف قبلة السلمي ومهوى أفئدة الؤمني مكة الكرمة ‪ -‬شرّفها ال تعال ‪-‬‬
‫لَيستنكرون هذه الملة الظالة الثة‪ ،‬ويتوجهون للعال بأسره بذا البيان؛ إحقاقا للحق‪ ،‬وذبا عن‬
‫عِرض سيد اللق – صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وذودا عن حياض الدين‪ ،‬ودفعا لصيال البطلي من‬
‫اليهود والنصارى‪ :‬الغضوب عليهم والضالي‪ ،‬مناشدين أهل السلم من الكام والعلماء والدعاة‬
‫ورجال العمال والعلم وعموم السلمي بأن يضطلعوا بواجبهم الشرعي ف هذا الصدد‪ ،‬إذ إن‬
‫مدافعة البطلي ومراغمة الكافرين منلةٌ عظيمة من منازل الدين‪ .‬قال العلمة ابن القيم – رحه ال‬
‫‪( :-‬مغايظة الكفار غاية مبوبة للرب مطلوبة‪ ،‬فموافقته فيها من كمال العبودية‪ ،‬فمن تعبد ال‬

‫‪527‬‬
‫براغمة عدوه‪ ،‬فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر‪ ،‬وعلى قدر مبة العبد لربه وموالته ومعاداته يكون‬
‫نصيبه من هذه الراغمة) ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫فيا حكامَ السلمي‪ :‬إن الواجب الشرعي ُيحَتّم عليكم الغضبَ لرسولكم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪،-‬‬
‫وإن أضعف اليان ما يب القيام به حيال هذه الملة الثة‪ ،‬هو سحب البعثات الدبلوماسية‬
‫احتجاجا على هذه المارسات الظالة‪ ،‬وليتذكر كل واحد منكم أن هذا العدوان الث على رسولنا‬
‫الكري ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لو كان موجها لواحد منكم لقام الدنيا ول يُقعِدها غضبا وانتقاما‪،‬‬
‫فليكن غضبكم وحَميّتكم لرسولكم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أكب من غضبكم لنفسكم ودنياكم‪،‬‬
‫وتذكروا قول الصطفى ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪" :-‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحبّ إليه من ولده‬
‫ووالده والناس أجعي"‪ ،‬وف رواية‪" :‬من أهله وماله والناس أجعي"‪ ،‬أخرجه البخاري ومسلم عن‬
‫أنس رضي ال عنه‪.‬‬
‫ويا علماءَ السلم ودعاةَ اللة‪ :‬إن الواجب الشرعي يتم علينا جيعا‪ ،‬أن نقوم بتوظيف هذا الدث‬
‫توظيفا إيابيا بتكثيف الهود ف دعوة الناس لدين السلم والتركيز على ثوابت الدين ومكماته‪،‬‬
‫وف مقدمة ذلك بيان عقيدة الولء للمؤمني والعداء للكافرين‪ ،‬وتلية سية سيد اللق ‪ -‬عليه أفضل‬
‫الصلة والتسليم‪ ،-‬إذ إن هذا هو الرد الناجع والؤل لعداء السلم‪.‬‬
‫ويا أهل السلم وعسكر اليان من رجال العمال والعلم وعموم السلمي‪ :‬انتصروا لدينكم‬
‫ولرسولكم صلى ال عليه وسلم بقاطعة بضائع هاتي الدولتي (الدنارك والنرويج) والدعوة لذلك‪،‬‬
‫وأروا ال من أنفسكم خيا‪ ،‬حت يرتدعوا عن ظلمهم‪ ،‬وينعوا عن غَيّهم ويأخذوا على أيدي‬
‫سفهائهم‪ ،‬فإنكم إن فعلتم ذلك جعلتموهم عبة لغيهم‪ ،‬وتأملوا – يا رعاكم ال – هل يرؤ أحد‬
‫ف التشكيك ف مارق اليهود – الزعومة – على يد النازيي؟!‪ ...‬فهل الغضوب عليهم أقدر على‬
‫نصر باطلهم منكم على نُصرة نبيكم صلى ال عليه وسلم؟!‬
‫وأخيا‪ ...‬فإن هذه المارسات الظالة من ِقبَل سفهاء أهل الكتاب لن تزيد السلمي إل تسكا‬
‫صرْكُ ْم وَيَُثّبتْ َأقْدَامَكُمْ‬
‫صرُوا الّلهَ يَْن ُ‬ ‫بدينهم وحية له – بإذن ال تعال‪{ :-‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا إِ ْن تَْن ُ‬
‫وَالّذِينَ َك َفرُوا فََتعْسا َلهُ ْم وََأضَلّ َأعْمَاَلهُ ْم ذَِلكَ بِأَّنهُمْ َك ِرهُوا مَا أَْنزَلَ الّلهُ فَأَ ْحَبطَ َأعْمَاَلهُمْ أََفلَمْ يَسِيُوا‬
‫فِي الَْأ ْرضِ فََينْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقَِبةُ الّذِي َن مِنْ َقبِْلهِ ْم َد ّمرَ الّل ُه عََلْيهِ ْم وَلِلْكَاِفرِينَ َأمْثَاُلهَا ذَِلكَ بِأَنّ الّلهَ‬
‫َموْلَى الّذِي َن آمَنُوا وَأَنّ اْلكَاِفرِي َن ل َموْلَى َلهُمْ} (ممد‪{ .)11-7:‬وَالّلهُ غَاِلبٌ َعلَى َأ ْمرِ ِه وَلَكِنّ أَ ْكَثرَ‬
‫النّاسِ ل َيعْلَمُونَ} (يوسف‪ :‬من الية‪.)21‬‬
‫وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا‪.‬‬
‫الوقعون على البيان‪:‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سليمان بن وائل التويري (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة – جامعة أم القرى)‪.‬‬

‫‪528‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬أحد بن عبد الرحن البعادي (قاضي التمييز بكة)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد ال بن عمر الدميجي (عميد كلية الدعوة وأصول الدين – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬خالد بن عبد ال الشمران (رئيس قسم القضاء بامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ممد بن سعيد القحطان (أستاذ العقيدة الشارك بامعة أم القرى سابقا)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ممد بن صامل السلمي (وكيل كلية الشريعة للدراسات العليا – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ناصر بن ممد الغامدي (وكيل كلية الشريعة – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد ال بن ممد الرميان (وكيل كلية الدعوة وأصول الدين للدراسات العليا – جامعة أم‬
‫القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد ال بن عبد الكري النايا (مدير مركز الدراسات السلمية السائية – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ستر بن ثواب العيد (رئيس قسم القضاء سابقا – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الرحن بن أحد الريصي (عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة – جامعة أم القرى)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬حود بن عبد العزيز التويري (من الدعاة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬عبد ال بن عبد الرحن العثيم (رئيس الحكمة الزئية بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬ممد أمي بن عبد العطي مرداد (القاضي بالحكمة الزئية بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬مانع بن علي القاطي (القاضي بالحكمة الزئية بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬علي بن عبد ال العدي (عضو هيئة التحقيق والدعاء العام بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬ممد بن عبيد القرن (عضو هيئة التحقيق والدعاء العام بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬رياض بن علي الغامدي (عضو هيئة التحقيق والدعاء العام بدة)‪.‬‬
‫‪ -‬الشيخ‪ /‬فهد بن عيظة الالكي (مدير إدارة الحكمة الزئية بدة)‪.‬‬
‫الصدر ‪ :‬موقع السلم‬
‫========================‬
‫بيان هام من علماء الدينة النورة (‪ 45‬عالا)‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫إل تنصروه فقد نصره ال بيان من علماء الدينة النورة‬
‫ص َرهُ الّلهُ ِإذْ أَ ْخرَ َجهُ الّذِينَ َك َفرُوا ثَانِيَ اثْنَْينِ ِإذْ هُمَا فِي اْلغَارِ ِإذْ َيقُولُ‬ ‫قال تعال‪{ :‬إِلّ َتْنصُرُوهُ َفقَدْ َن َ‬
‫حزَنْ إِ ّن الّلهَ َمعَنَا فََأْنزَلَ الّلهُ سَكِينََت ُه عَلَْي ِه وَأَيّ َدهُ ِبجُنُودٍ لَمْ َت َر ْوهَا وَ َجعَلَ كَلِ َمةَ الّذِينَ‬
‫ِلصَاحِِبهِ ل َت ْ‬
‫سفْلَى وَكَلِ َمةُ الّلهِ ِهيَ اْلعُ ْليَا وَالّلهُ َعزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة‪.]40:‬‬ ‫َك َفرُوا ال ّ‬

‫‪529‬‬
‫ف هذه الية الكرية بيان أن نصرة النب ممد صلى ال عليه وسلم واجبة علينا‪ ,‬فربنا عز وجل يثنا‬
‫على القيام با‪ ,‬وف الية البشارة بتحقق النصرة اللية للنب صلى ال عليه وسلم سابقا عند الجرة‪,‬‬
‫ودائما ف كل زمان ومكان والبشارة بنصرة من ينصره صلى ال عليه وسلم‪ ,‬والبشارة بظهور هذا‬
‫الدين وانتصاره وعلو شأنه‪ ,‬فكلمة ال هي العليا‪ ,‬وكلمته هي دينه‪ ,‬وأما كلمة الذين كفروا فهي‬
‫أباطيلهم ومكرهم وسعيهم للضلل والضلل‪ ,‬كل ذلك سيكون ف أسفل سافلي‪{ ,‬سَُي ْه َزمُ الْجَ ْمعُ‬
‫وَُيوَلّونَ الدُّبرَ} [القمر‪ ]45:‬وف الية التنويه بالنقبة الكبى للصديق أب بكر بإثبات الصحبة النبوية‬
‫الباركة له رضي ال عنه وأرضاه ‪ ,‬جزاء نصرته للنب صلى ال عليه وسلم دائما وف أحلك الوقات‪,‬‬
‫وقد بذل رضي ال عنه نفسه ونفيسه وماله ذبًا عن النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فعلى السلمي جيعًا أن يستجيبوا لربم ويقتدوا بالصديق رضي ال عنه فينصروا نبيهم ممدا صلى‬
‫ال عليه وسلم أبدًا ف كل زمان ومكان‪ ,‬وهذا من أوليات حقوقه صلى ال عليه وسلم فإن النة‬
‫عظيمة على الؤمني ببعثته صلى ال عليه وسلم‪َ{ :‬لقَدْ مَ ّن الّل ُه عَلَى الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإذْ َب َعثَ فِيهِ ْم رَسُو ًل مِنْ‬
‫حكْمَ َة وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَْبلُ َلفِي ضَللٍ مُِبيٍ}‬ ‫ب وَالْ ِ‬
‫سهِمْ َيتْلُو َعلَْيهِمْ آيَاِت ِه وَُيزَكّيهِ ْم وَُي َعلّ ُمهُمُ الْ ِكتَا َ‬
‫أَْنفُ ِ‬
‫[آل عمران‪.]164:‬‬
‫بل النة ببعثته عظيمة على البشرية كلها‪ ,‬فهو رحة وبركة على العالي‪َ { :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ ِإلّ َرحْمَةً‬
‫لِ ْلعَالَ ِميَ} [النبياء‪ ]107:‬فتعظيمه صلى ال عليه وسلم وإتباع ملته ونصرته واجب على الميع‪.‬‬
‫ونن السلمي ل نعظم نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم وحده‪ ,‬بل نعظم جيع إخوانه من النبياء‬
‫والرسلي؛ ونعظم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلم‪ ،‬ونؤمن بم؛ فذلك من أركان عقيدتنا‬
‫ق َوَيعْقُوبَ‬ ‫وضروريات ديننا‪{ :‬قُولُوا آمَنّا بِالّلهِ َومَا أُْنزِلَ إَِليْنَا َومَا أُْنزِلَ ِإلَى إِْبرَاهِي َم وَإِسْمَاعِي َل وَإِسْحَا َ‬
‫وَالَْأسْبَاطِ َومَا أُوِتيَ مُوسَى َوعِيسَى َومَا أُوتِيَ النّبِيّو َن مِنْ َرّبهِمْ ل ُن َفرّقُ بَيْنَ َأحَ ٍد مِْنهُ ْم وَنَحْنُ َلهُ‬
‫مُسْلِمُونَ}‪.‬‬
‫ولكن أعداء النبياء ف كل زمان ومكان دأبوا على مناوأة الق البي‪ ,‬والستهزاء بالرسلي ‪ ,‬ولقد‬
‫نال خاتهم وإمامهم نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم أوفر النصيب من ذلك‪ ,‬من مشركي قريش أولً‬
‫ث من اليهود والنصارى‪ ,‬بل إن اليهود حاولوا قتله‪ ,‬وأثاروا الروب ضده وألبوا عليه قبائل العرب‬
‫لستئصال دعوته‪.‬‬
‫ونصر ال نبيه ممدًا صلى ال عليه وسلم على أعدائه‪ ,‬وأظهره عليهم ‪ ,‬وكفاه الستهزئي‪ ,‬وجعل‬
‫شانئه هو البتر‪.‬‬
‫وف زماننا ل يأل اليهود والنصارى وأذنابم جهدا ف الطعن ف ديننا‪ ,‬والستهزاء بنبينا صلى ال عليه‬
‫وسلم وفريق منهم بالغ ف العتداء على إخواننا وف سفك دمائهم‪ ,‬وهتك حرماتم ف فلسطي وف‬
‫البوسنة والرسك‪ ,‬وف غيها من البلد الت اُبتليت بظلمهم وبطشهم ووحشيتهم‪ ,‬وذلك حرصا‬

‫‪530‬‬
‫منهم على ردّنا عن ديننا وصدّنا عن ملتنا‪َ { :‬ودّ كَثِ ٌي مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ َلوْ َي ُردّونَكُ ْم مِنْ َبعْدِ ِإيَانِكُمْ‬
‫سهِ ْم مِنْ َبعْدِ مَا تَبَيّنَ َلهُمُ اْلحَقّ} [البقرة‪ :‬من الية‪.]109‬‬ ‫ُكفّارا َحسَدا مِ ْن عِنْدِ َأْنفُ ِ‬
‫وهذا كله من أنواع البتلء الذي يبتلي به الرب عز وجل أهل السلم وأتباع نبينا مم ٍد عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ,‬لينظر هل ينصرون نبيه ومصطفاه‪ ,‬وينصرون دينه وملته أم يتخاذلون عن ذلك فإن نصروا‬
‫نبيهم ممدا صلى ال عليه وسلم ونصروا دينه وسنته وذبوا عن شريعته وما أنزل عليه من القرآن‬
‫نصرهم ال عز وجل وأعزهم وأنزل عليهم بركات من السماء والرض‪ ,‬وإن كانت الخرى عاقبهم‬
‫فأذلم وسلط عليهم أعداءهم ونزع منهم البكة والرحة‪.‬‬

‫وإن من أسوأ ما وقع من استهزاء بنبينا ممد صلى ال عليه وسلم وديننا السلمي ما نشر ف‬
‫(الدنرك) و(النرويج) من صور بشعة وتعليقات مهينة يسخرون فيها من سيد النام وخات النبياء‬
‫والرسلي عليه الصلة والسلم‪ ،‬وما صحب ذلك من استخفاف السؤولي الدنركيي بالعال‬
‫السلمي ورفضهم العتذار للمسلمي عن هذه الرية الشنيعة‪ ،‬وتبيرهم لا بأنا من حرية التعبي‪،‬‬
‫وذلك يدل على تواطؤ رسي ورضا حكومي‪.‬‬
‫ول ننسى أن ملكة (الدنرك) أصدرت كتابا قبل فترة قريبة أظهرت فيه تبمّها من تسك السلمي‬
‫بتعاليم دينهم ‪-‬خاصة السلمي ف الدنرك‪ -‬واقترحت بذل كل الوسائل لصد السلمي عن دينهم‪.‬‬
‫هذا هو ما اقترحته ملكتهم وهي مع رئيس الوزراء أعلى مسئول ف هذه الدولة التعدية‪.‬‬
‫وتدل تصرياتم التالية على استصغارهم لشأن السلمي وظننهم بأنم لن يغضبوا من أجل نبيهم وإن‬
‫غضبوا فهي غضبة وقتية‪ ،‬سرعان ما تزول كفقاعة الصابون‪ ،‬فهم آمنون من هبة قوية يكن أن تقوم‬
‫ف وجوههم فتهدد مصالهم الكبية ف العال السلمي‪ ،‬ولكن خاب ظنهم فها هي بوادر الغضبة‬
‫السلمية تب ف وجوههم‪ ،‬وهاهي شعلة اليان تكوي مصالهم وترق أخضرهم ويابسهم؛‬
‫فبدأت حامية حى الرمي حكومة الملكة العربية السعودية فسحبت سفيها‪ ،‬ويب أن تتلوها‬
‫حكومات العال العرب والسلمي‪ ،‬فإنه ل يوز شرعا أن تسكت على هذه الهانة البالغة‪ ,‬وضرب‬
‫بعض التجار السلمي أروع المثلة ف الغضب لنبيهم ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ونود أن نعلن لعموم السلمي شعوبا وحكومات ما يأت‪:‬‬
‫أولً‪ :‬إن القاطعة الشاملة‪ ،‬وعلى رأسها القاطعة القتصادية والسياسية لاتي الدولتي العتديتي‬
‫(الدانرك والنرويج) ولميع الدول الت تناصرها ف عدوانما على جناب نبينا ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬واجب شرعي وفريضة دينية‪ ،‬وكل من يتعامل معهم أو يشتري منتوجاتما أو يروجها أو‬
‫يبيعها فهو آث‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫ثانيا‪ :‬يب على السلمي أن يتخذوا ما حصل فرصة لتجديد العهد بنصرة سيدنا ونبينا ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وتكون هذه النصرة بالفعل وبالترك‪ ,‬أما الترك فهو ما ذكرنا من وجوب القاطعة‪،‬‬
‫وأما الفعل فبتجديد العهد بتطبيق سنته والقتداء بسيته صلى ال عليه وسلم ونشرها والدعوة‬
‫إليهما‪ ،‬بختلف الوسائل‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يب مطالبة هاتي الدولتي الثتي (الدنرك) و(النرويج) بالعتذار الرسي العلن للمسلمي من‬
‫أعلى مسئول (اللكة) ورئيس الوزراء‪.‬‬
‫وأن تنشر الريدة العتدية اعتذارا بجم صفحة كاملة لدة شهر على القل‪ ،‬وأن تصص قسما‬
‫مناسبا للتعريف بنبينا ممد صلى ال عليه وسلم ودينه السلم لدة عام كامل‪.‬‬
‫وأن تصص الكومة (الدنركية) ومثلها (النرويية)‪ ،‬ساعة ف التلفزيون على نفقتهما للتعريف‬
‫بالسلم ونبينا ممد صلى ال عليه وسلم وهذا على الدوام ‪ -‬أسبوعيًا‪.-‬‬
‫وأن تول الكومة (الدنركية) مشروعا تقدمه لا الهات الختصة بالملكة العربية السعودية لنشر‬
‫سية ممد صلى ال عليه وسلم بالغة الدنركية‪ ,‬وبميع اللغات الوربية‪.‬‬
‫لقد سبق أن أصدر ساحة الفت بالملكة الشيخ عبدا لعزيز بن عبد ال آل الشيخ جزاه ال خيا بيانا‬
‫يطالب فيه حكومة (الدنرك) بالعتذار للمسلمي وبعاقبة السيء‪ ،‬ونن نظم صوتنا إل صوته‪،‬‬
‫ونضيف ما ذكرنا من مطالب هي أقل ما يب أن تفعله هذه الكومة العتدية ف (الدنرك) و‬
‫(النرويج)‪.‬‬
‫هذا ونذر السلمي من ماولت التملص من السؤولية والكتفاء بالعتذارات الفارغة الوفاء‪.‬‬
‫وال غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪.‬‬
‫حرر بالدينة النورة ف غرة الحرم من عام ‪1427‬هـ‪.‬‬
‫بيان أساء العلماء والشايخ الوقعي على بيان علماء الدينة النورة‪:‬‬
‫د‪ /‬صال بن عبد الرحن الحيميد‬
‫رئيس ماكم منطقة الدينة النورة‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ‬
‫عميد كلية القرآن الكري بالامعة السلمية سابقا‬
‫أ‪.‬د‪ .‬علي بن سعيد الغامدي‬
‫أستاذ الفقه بالسجد النبوي سابقا‬
‫الشيخ‪ /‬سليمان بن صال التويري‬
‫مدير عام فرع الرئاسة العامة ليئة المر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫د‪ .‬عبد الباري بن معيض الثبيت‬

‫‪532‬‬
‫إمام السجد النبوي وخطيبه‬
‫أ‪.‬د‪ .‬حكمت بن بشي بن ياسي‬
‫أستاذ التفسي بالامعة السلمية سابقا‬
‫د يي بن إبراهيم اليحي‬
‫المي العام للهيئة العالية للتعريف بالسلم‬
‫الشيخ‪ /‬علي بن عبد العزيز السديس‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬فهد بن إبراهيم الحيميد‬
‫قاض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫الشيخ‪ /‬صال بن عبد ال الميدي‬
‫ض بالحكمة الزئية بالدينة النورة‬‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬عبد ال بن سليمان الخلف‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬صال بن عبد اللطيف السمحان‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬إبراهيم بن ناصر السحيبان‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬راشد بن ممد الرشود‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬صال بن مسن العرين‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬تركي بن فهد الفهيد‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬خالد بن مطلق الطلق‬
‫ض بالحكمة العامة بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬خالد بن ناصر الدخيل‬
‫ض بديوان الظال بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫الشيخ‪ /‬ممد بن سليمان الصقع‬
‫ض بديوان الظال بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬

‫‪533‬‬
‫الشيخ‪ /‬ممد بن إبراهيم اللحيدان‬
‫ض بديوان الظال بالدينة النورة‬
‫قا ٍ‬
‫أ‪.‬د حد بن حاد الماد‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫أ‪.‬د‪ .‬علي بن إبراهيم الزهران‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬حسي بن شريف العبدل‬
‫عميد كلية الديث الشريف بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬عبد الكري بن إبراهيم الغضية‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أنيس بن أحد طاهر‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬ممد بن حسي اليزان‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬ممد بن صال الفلح‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬جعان بن أحد الزهران‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬علي بن إبراهيم النهاري‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬ممد بن عبد الرحن الدخيل‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫د‪ .‬فايز حبيب الترجي‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫الشيخ‪ /‬سعود بن عبد الرحن التركي‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫الشيخ‪ /‬سلطان بن عمر الصي‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫الشيخ‪ /‬إياد بن أحد شكري‬

‫‪534‬‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية‬
‫الشيخ‪ /‬سليمان بن شتيوي العوف‬
‫عضو هيئة التدريس بالامعة السلمية سابقا‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد ال بن ضيف ال الرحيلي‬
‫عضو هيئة التدريس جامعة طيبة‬
‫أ‪.‬د‪ .‬سعيد بن إساعيل الصين‬
‫كلية الدعوة فرع جامعة المام سابقا‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الحسن بن معيض الرب‬
‫عضو هيئة التدريس بكلية العلمي‬
‫الشيخ‪ /‬معتز بن شحاتة الينبعاوي‬
‫الدعي العام هيئة التحقيق والدعاء العام‬
‫الشيخ‪ /‬رباح بن عبد الرحن السلمة‬
‫مدير إدارة التوعية بيئة المر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫الشيخ‪ /‬عطية بن عبد ال الارثي‬
‫إدارة التوعية بيئة المر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫الشيخ‪ /‬عبد ال بن غدير التويري‬
‫مدير التوعية الدينية بشرطة الدينة النورة‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الرحن بن سليمان السماعيل‬
‫مشرف معهد الرم النبوي‬
‫أ‪ .‬سراج بن حسي فتحي‬
‫أستاذ متقاعد‬
‫الشيخ‪ /‬ممد بن ممود وديعة‬
‫مدرس بعهد الرم‬
‫====================‬
‫‪ ..‬بي مطم الصنام‪ ،‬والباكي عليها‪..‬‬

‫عبدال الناصر‬
‫(إسرائيل ابن البكر‪ ،‬هكذا يقول الرب) آية رقم ‪ 22‬من سفر الروج‪!!..‬‬

‫‪535‬‬
‫من يستطيع أن يعترض على هذا الكلم ويعتبه تريفا أسطوريا وهرطقة‪..‬؟ ل أحد يستطيع وبالذات‬
‫ف أوروبا‪ ،‬وأمريكا‪ ،‬الت تتحدث عن حرية الفكر‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬وزمن العولة‪ .‬ل أحد يستطيع أن‬
‫يقول كيف لرب عظيم يصنع هذا الكون الائل العظيم‪ ..‬كيف له أن يتخذ ولدا اسه إسرائيل‪ ،‬وأن‬
‫بن إسرائيل من ذريته‪..‬؟ وأن أحفاده هم ابن غوريون‪ ،‬وغولدا مائي‪ ،‬وبيغن‪ ،‬وشارون‪!!..‬‬
‫? بعض مثقفينا «الحترمي»‪ !!..‬يرؤون على أن يقولوا كل شيء‪ ،‬ف كل شيء‪ ،‬وأن يادلوا‪،‬‬
‫وياوروا‪ ،‬ويَ ْكفُروا‪ ،‬ويُلحدوا‪ ،‬ويطعنوا ف دينهم‪ ..‬ولكنهم يقفون ربا بإجلل‪ ،‬أمام هذا النص‬
‫العبان القدس‪ ،‬وتونم هذه الرطقة‪!!..‬‬
‫لكن أن يشتم نب أمة كاملة فأمر أهون ف نظرهم من أن يناقش‪ ،‬أو يثار‪ ،‬لن السألة مسألة حرية‬
‫الرأي‪..‬‬
‫أنا لن أتدث هنا عن رأي الغرب فينا‪ ،‬ورأيه ف الرية‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬ول الناهة‪ ،‬ول العدالة‪ ،‬فقد‬
‫عشت ف الغرب أكثر من عشرين عاما‪ ،‬وقرأت‪ ،‬وسعت‪ ،‬وحضرت ندوات‪ ،‬ومؤترات‪ ،‬ولست‬
‫متاجا إل من يقنعن‪ ،‬أو ياول تغيي موقفي من نظرة الغرب نونا‪ ،‬ولتاه قضايانا‪ ،‬ول من مفهومه‬
‫للعدالة‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬الت تراد بنا‪ ،‬فالوقف بالنسبة إلّ واضح‪ ،‬ومسوم‪ ،‬وهذا ما كتبت‪ ،‬وأكتب‬
‫عنه بشكل مستدي‪ ،‬ل عن كراهية‪ ،‬أو بغضاء‪ ،‬ولكن عن تربة وخبة‪ ،‬فليس من طبيعة الر النيه‪،‬‬
‫أن يغلب عاطفة الكراهية على قول الق‪ ،‬ول نزعة الشر على نزعة الي‪ ،‬فأشهد أن ف الغرب من‬
‫اليابيات ما ل يعد‪ ،‬ول يصى‪ ،‬ولكن حينما يكون المر يصنا‪ ،‬ويعنينا‪ ،‬فإن المور والوازين‬
‫تتغي‪ .‬وها هو اليوم يعلنها صرية‪ ..‬يعلن عن تكتل أوروب ضد السلمي‪ ،‬وذلك بإعادة نشر الصور‬
‫ف معظم البلدان الغربية‪ ،‬ف موقف شبه موحد‪..‬‬
‫أقول لست أتدث عن هذا‪ ،‬ولكنن أناقش‪ ،‬وأنادي‪ ،‬وأسأل أصحاب البادئ‪ ،‬والعقول‪ ،‬والخلصي‬
‫من الثقفي‪ ،‬ومن أصحاب الرأي‪ ،‬والفكر‪ ،‬عن تلك الفئة الت تارس على فكرنا وصاية‪ ،‬وتكما‪ ،‬بل‬
‫وتارس اضطهادا قسريا علينا‪ ،‬وعلى أجيالنا‪ ،‬ف ماولة سجة للدفاع عن مواقف الغرب حول‬
‫قضايانا‪ ،‬وثقافتنا‪ ،‬ومعتقدنا‪..‬‬
‫أتدث عن أولئك الذين ضجوا‪ ،‬وناحوا‪ ،‬وصاحوا ف الصحافة‪ ،‬والذاعات‪ ،‬عندما ُحطّم صنم ف‬
‫أفغانستان‪ ،‬وطلبوا من الصغي‪ ،‬والكبي‪ ،‬أن يقف بضوع‪ ،‬واعتذار‪ ،‬وانناء‪ ،‬أمام تلك الادثة‪!!..‬‬
‫وعندما يهاجَم مُحطمُ الصنام الجرية‪ ،‬والبشرية‪ ،‬ومُخّلص النسان من الوثان‪ ،‬وعبادة الوثان‪،‬‬
‫الذي أخرج البدو من بيوت الشعر‪ ،‬ليعمروا الرض بالمال‪ ،‬والسلم‪ ..‬عندما يشتم نب أكثر من‬
‫مليار مسلم‪ ،‬نراهم يلوذون بالصمت‪ ،‬ويغلقون أفواههم‪ ،‬ويصمون آذانم‪ ،‬ويوارون أقلمهم‪ ،‬وهم‬
‫أكثر الناس حديثا عن الرية‪ ،‬وحقوق النسان‪ ،‬بل وحقوق اليوان‪ !!..‬ولو افترضنا جدلً‪ ،‬أن‬

‫‪536‬‬
‫هؤلء ل يؤمنون بحمد‪ ،‬ول بإله ممد‪ ،‬فل أقل من الدفاع عنه من منظور ثقاف‪ ،‬فهو رمز ثقافة هذه‬
‫المة‪ ،‬وهو معلمها الول‪..‬‬
‫أذكر أن معظم هؤلء رثوا الراهبة ماما «تريزا» وذرفوا عليها الدموع عند وفاتا‪ ،‬واعطوها من‬
‫التبجيل‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والتهويل‪ ،‬والتعظيم‪ ،‬ما ل ينطبق على بشر‪ ،‬ول غضاضة ف بكائهم‪ ،‬غي أن ل‬
‫أعتقد أن ذلك كان عن قناعة بقدر ما كان إرضاءً لشهوة التمجيد لكل ما هو غرب‪..‬‬
‫لقد مدوا سلمان رشدي‪ ،‬ودافعوا عنه باسم حرية التعبي‪ ،‬متجاهلي ما أثاره ف قلوب مليي الناس‬
‫من حرقة‪ ،‬وأل‪ ،‬وكأن أولئك السلمي ل مشاعر لم‪ ،‬ول أحاسيس لم‪ ،‬بل وكأنم كائنات نسة‬
‫يب قمعها‪ ،‬وإذللا‪ ..‬ث هللوا له عندما استقبله البيت البيض مكافأة له على قهر هذه المة‬
‫وتكبيتها‪..‬‬
‫ورجوا الفكر‪ ،‬والفيلسوف روجيه جارودي بجارة القد‪ ،‬ورموه بكل أنواع السباب‪ ،‬والشتائم‪،‬‬
‫والصقوا به أوسخ التهم‪ ،‬ووقفوا إل جانب أولئك الذين حكموا عليه‪ ،‬وقادوه إل السجن‪ ،‬وهو ف‬
‫التسعي من عمره‪ ،‬لجرد أنه تساءل عن صحة رقم مرقة «الولوكوست»‪ ،‬مستندا إل وثائق‪،‬‬
‫وكتب‪ ،‬وجرائد‪ ،‬وملت رسية‪ ،‬وإحصائيات موثقة‪ ،‬إبان الرب الثانية‪ ،‬تشي إل أن عدد اليهود ف‬
‫أوروبا كلها كان ل يتجاوز الثلثة مليي‪ ..‬فكيف يكون عدد الحروقي ستة مليي‪..‬؟‬
‫بل لقد «زغرد» أحدهم لفرنسا ف زاويته «التصهينة»‪ ،‬لنا منعت الرحوم الفكر السلم أحد‬
‫ديدات من دخولا‪ ..‬كل هؤلء ل يركوا بنت شفة عندما شتم رئيس وزراء إيطاليا السلم‪ ،‬ودعا‬
‫إل حرب صليبية تنور السلمي‪ ..‬بينما ل يندد أحد من أولئك بذابح شارون‪ ،‬ول بقتل ممد الدرة‪،‬‬
‫والشيخ أحد ياسي‪ ،‬ول الرنتيسي‪ ،‬أو ياسر عرفات‪ ..‬ل يكتب من أولئك واحد منددا بالعتقلت‬
‫المريكية ف غوانتانامو‪ ،‬ول ف أوروبا‪ ،‬أو أبو غريب‪..‬‬
‫ل يستنكر واحد منهم عملية حرق ومو الثقافة العربية‪ ،‬وتدميها‪ ،‬بكراهية‪ ،‬وحقد‪ ،‬على يد اليش‬
‫المريكي ف بغداد‪ .‬ورأيناهم ف بداية غزو العراق‪ ،‬يادلون بصفاقة حول استحالة سقوط طائرة‬
‫«أباتشي» أمريكية برصاصة بندقية «بينو» قدية‪ ،‬أطلقها فلح عراقي!! أو يتندرون ف مقالت‬
‫طويلة‪ ،‬عريضة‪ ،‬على كلمة «علوج»‪ ،‬الت استعملها الصحاف‪ ،‬بينما بغداد تعتلجها الطائرات‪،‬‬
‫والقنابل الهنمية اللعونة‪ ،‬وكانوا بذلك يارسون اتفه أنواع السفاهة‪ ،‬واحتقار عقل الثقف العرب‬
‫وكرامته‪ .‬بل ند أنم أمام تلك الشاهد‪ ،‬والرائم البشعة‪ ،‬يدعون إل الوار مع الخر‪ ،‬والتسامح‪،‬‬
‫ونبذ العنف ‪ -‬القاومة ‪ ،-‬بينما تاريخ الغرب يشهد أنه ما كان متساما معنا ولو للحظة واحدة‪.‬‬
‫فمنذ ما يقارب الائت عام ‪ -‬إذا تاوزنا ماكم التفتيش‪ ،‬والروب الصليبية ‪ -‬وأرضنا‪ ،‬وشعوبنا‪ ،‬ل‬
‫تنج يوما واحدا من احتلل‪ ،‬أو ذبح‪ ،‬ويكفي أن بلدا عربيا واحدا أبيد من شعبه قرابة الليون‬
‫ونصف الليون‪ ،‬ف سبيل ترير نفسه‪ .‬ول تزال طائرات الغرب‪ ،‬ودباباته‪ ،‬تصب حمها‪ ،‬ونيانا على‬

‫‪537‬‬
‫أطفالنا‪ ،‬وبيوتنا ف العراق‪ ،‬وفلسطي‪ ،‬ف الوقت الذي ل تزال طائرات الغرب‪ ،‬وسفنه‪ ،‬وسياراته‪،‬‬
‫وقطاراته‪ ،‬ومكائن كهربائه‪ ،‬ومدافئ بيوته‪ ،‬تعمل بالنفط العرب‪..‬‬
‫أعتقد أنه طفح الكيل‪ ،‬وآن الوان‪ ،‬لكي نواجه هذه الطغمة البذيئة الت تقف جنبا إل جنب‪ ،‬مع‬
‫أعداء هذه المة‪ ،‬كخصم لدود لطموحاتنا‪ ،‬وبناء أنفسنا‪ ،‬واستقللنا‪ ،‬بل نراها تتطاول مع التطاولي‬
‫على لغتنا‪ ،‬وقوميتنا‪ ،‬وهويتنا‪ ،‬وديننا‪ !..‬كل ذلك إرضاءً لنوة العشق‪ ،‬والظهر الشكلن للثقافة‬
‫المريكية‪ ،‬المبيالية‪ ،‬الشوفينية‪ ،‬ذات البعد الواحد‪..‬‬
‫ويح هذه المة ألف مرة‪ ،‬ليس من أعدائها ولكن من أبنائها أو من ينتمون إل ثقافتها وينسبون إل‬
‫جلدتا‪!!..‬‬
‫? وبعد‪ :‬فل بد لكل قارئ شريف‪ ،‬ومثقف شريف‪ ،‬أن يعي خطرهم‪ ،‬وأن يقف متوجسا‪ ،‬ومرتابا‪،‬‬
‫وحذرا‪ ،‬أمام كل طروحاتم الغلة‪ ،‬الكارهة‪ ..‬فوال إنه ليشفي صدورهم‪ ،‬أن تتحطم هذه المة‪،‬‬
‫وتترق هذه الوطان‪ ،‬وتنه ّد على رؤوس أهلها‪ ،‬حكاما‪ ،‬وشعوبا‪ !..‬فهل نن متنبهون‪..‬؟!‬
‫====================‬
‫ترير مفهوم حرية التعبي واحترام الديان والقدسات‬

‫إعداد الدكتور‪ /‬ممد إدريس حسن‬


‫عضو الجلس الداري للمنظمة السلمية للدعوة والغاثة وماضر بامعة اللك فيصل بتشاد‬
‫و مدير إدارة شئون الوظفي بالامعة‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫القدمة ‪..‬‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على خي رسل ال وخات النبيي والرسلي الرسول رحة‬
‫للعالي وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين وبعد ‪،،،‬‬
‫فإن النب ممد صلى ال عليه وسلم قد اوجب ال علينا مبته وجعلها أصل عظيم من أصول الدين ‪،‬‬
‫فل إيان لن ل يكن الرسول صلى ال عليه وسلم أحب إليه من والده وولده والناس أجعي يقول ال‬
‫تعال ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيتكم وأموال اقترفتموها وتارة‬
‫تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت‬
‫ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقي ) وفال صلى ال عليه وسلم ( ل يؤمن أحدكم حت أكون‬
‫أحب إليه من والده وولده والناس أجعي)‪.‬‬
‫و أوجب ال علينا عدم إيذائه والتأدب معه فقال تعال ‪ ( :‬ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النب ول‬
‫تهروا له بالقول ) وقال تعال ‪ ( :‬ل تعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) وأمرنا بالبعد‬

‫‪538‬‬
‫عن إبدائه بأي شيء وبأي قدر قال تعال ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول ال ول أن تنكحوا أزواجه‬
‫من بعده أبدا أن ذلكم كان عند ال عظيما ) ووعد ال الذين يؤذون رسول ال باللعنة والعذاب‬
‫الهي قال تعال ‪ ( :‬إن الذين يؤذون ال ورسوله لعنهم ال ف الدنيا والخرة واعد لم عذابا مهينا )‬
‫‪.‬‬
‫فمن منطلق هذه النصوص يب علينا أن ندافع عن رسولنا ممد صلى ال عليه وسلم بكل الوسائل‬
‫الشروعة فإننا ل نسمح بإيذاء رسولنا ممد خي النبياء والرسل ‪ ،‬وما دفع القائمي بذا الؤتر إل‬
‫حبهم لرسول ال وإيانم بالدفاع عنه حيا كان أو ميتا من خلل هذه الحاور وغيها ‪ ،‬وقد دعيت‬
‫للمساهة ف الدفاع واخترت موضوع الشاركة ( ترير مفهوم حرية التعبي واحترام الديان‬
‫والقدسات ) ومن هنا نقول نعم لرية التعبي الت تترم الديان والقدسات وحقوق الخرين ‪ ،‬ول‬
‫للفوضى الت يدعى أصحابا حرية التعبي وإنا هي فوضى منبعها الوى الذي يفسد السموات‬
‫والرض ومن فيهن ما يدث عدم التوازن ف موازين الياة وتقلباتا ‪ ،‬ونقول إن حرية التعبي هي‬
‫مبدأ إسلمي وسيتضح ما يلي ‪.‬‬
‫وبال التوفيق‪،،،‬‬
‫مفهوم الرية ‪..‬‬
‫إن السلم قرر الرية للنسان وجعلها حقا من حقوقه واتذ حرية الفرد دعامة لميع ما سنه للناس‬
‫من عقيدة وعبادة ونظم وتشريع وتوسع السلم ف إقرارها ول يقيد حرية احد إل فيما فيه الصال‬
‫العام واحترام الخرين بعدم التدخل ف شؤونم وإلاق الضرر بم‪ ،‬ل ف أعراضهم ول ف أموالم‬
‫ول ف أخلقهم ول ف أديانم ومقدساتم وغي ذلك‪.‬‬
‫ومفهوم الرية من النظور السلمي يتحقق من خلل القوق والواجبات باعتبارها وجهي لعملة‬
‫واحدة لن القوق من دون أن تقيد بالواجبات سيصبح الفرد غي مرتبط بالخرين وقد يعرف‬
‫حقوقه ول يعرف حقوق الخرين عليه وبذلك يصبح انفراديا ف تعامله قاصرا عن أداء واجباته‪.‬‬
‫وقد حرص السلم على تطبيق مبدأ الرية ف هذه الدود وبذه الناهج ف متلف شؤون الياة‪.‬‬
‫واخذ به ف جيع النواحي الت تقتضى كرامة الفرد وان يأخذ به ف شؤونا وهي النواحي الدنية‬
‫والدينية ونواحي التفكي والتعبي‪ ،‬ونواحي السياسة والكم حت وصل به ف كل النواحي إل شأن‬
‫رفيع ل تصل إل مثله شريعة أخرى من شرائع العال قديه وحديه‪.‬‬
‫فالسلم يرى أن إنسانية النسان هي رهن حريته إذ ليكن أن تتحقق إنسانيته بدون حريته فان‬
‫تكم الخرين عليه باستعباده بغي صورة شرعية وتدخلهم ف شؤون حياته فيه إلغاء لصائصه‬
‫كالختيار وغيه فانه من منطلق هذا يارس حياته آمنا على نفسه وأهله ول يشى عدوان حاكم‬
‫ولبطش ظال‪.‬‬

‫‪539‬‬
‫وإذا كانت الرية من منطلق القوق فقط دون الواجبات تدث عدم التوازن ف الياة ‪ .‬وقد يظن‬
‫البعض أنه مادامت الرية مكفولة وحقا مقررا شرعا فيبيح لنفسه إشباع غرائزه‪ ،‬وإن كان ذلك على‬
‫حساب الخرين ‪ ،‬وهذه هي الفوضى الت تقضي على أمن الجتمع وعلى استقراره وسلمته‪.‬‬
‫فالرية ف السلم ل تعن الفوضى وارتكاب الوبقات والنكرات باسم الرية واستباحة مارم ال‬
‫والنغماس ف الشهوات الحرمة فالرية الت تبيح هذه الحظورات هي فوضى‪ ،‬وتصور خاطئ‬
‫للحرية‪ ،‬وقد صحح السلم هذا التصور الاطئ وقرر حرية الناس منذ ولدتم ‪ ،‬وانه ل يوز‬
‫استعبادهم كما ل يوز تقييد حرياتم‪ ،‬و كل حق لم‪ ،‬يقابله واجب عليهم ليكون هناك توازن ف‬
‫الياة والتعايش مع الخرين ‪ ،‬ولذلك قال الرسول صلى ال عليه وسلم فيما رواه النعمان بن بشي‬
‫قال سعت رسول ال يقول‪ ( :‬مثل القائم على حدود ال والواقع فيها‪ ،‬كمثل قوم استهموا على‬
‫سفينة فأصاب بعضهم أعلها وأصاب بعضهم أسلفها ‪ ،‬فكان الذين ف أسفلها إذا استقوا من الاء‬
‫مروا على من فوقهم فآذوهم فقالوا ‪ :‬لو أنا خرقنا ف نصيبنا خرقا ول نؤذ من فوقنا ‪ ،‬فان تركوهم‬
‫هلكوا وهلك الناس جيعهم وإن منعوهم نو ونى الناس جيعا) ‪.‬‬
‫وهكذا حياة الناس على سطح الرض كركاب السفينة تمل هذه الرض الب والفاجر‪ ،‬والصال‬
‫والطال والحسن والسيء كالذين يسيئون الخرين با فيهم أنبياء ال ورسله بيث يرسونم ف صور‬
‫لتليق بقامهم الذي يستحق الحترام والتقدير والتقديس‪ ،‬فان ترك هؤلء السيئي يرحون ويفعلون‬
‫ما يلو لم وما يشاءون‪.‬‬
‫دون الخذ بأيديهم وكفها عن اقتراف الوبقات والثام للك الناس جيعهم نتيجة لختلل التوازن‬
‫ف مطالب الياة ‪ ،‬وان اخذ بأيديهم نو ونى الناس جيعا وحيوا حياة طيبة‪ ،‬هذا هو توجيه السلم‬
‫للحرية‪ ،‬أرشدنا إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم ونب الرحة‪.‬‬
‫إن ال سبحانه وتعال كرم النسان بيث خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملئكته‪ ،‬وسخر‬
‫له ما ف السموات والرض جيعا منه‪ ،‬وجعله خليفة عنه وزوده بالقوى والواهب ليسود الرض‬
‫وليصل إل أقصى ما قدر له من كمال مادي وارتقاء روحي‪.‬‬
‫ول يكن أن يقق النسان أهدافه ويبلغ مراميه إل إذا توفرت له جيع عناصر النمو وأخذ حقوقه‬
‫كاملة ‪ ،‬ف الياة وف التملك وف صيانة العرض‪ ،‬وف الرية وف الساواة وف التعلم‪ ،‬وهذه القوق‬
‫واجبة للنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن لوئه أو دينه أو جنسه أو وطنه أو مركزه‬
‫ح ِر َو َرزَقْنَاهُم مّنَ الطّيّبَاتِ‬
‫الجتماعي[‪ . ]1‬قال تعال ‪( :‬وََلقَدْ َك ّرمْنَا بَنِي آ َدمَ وَحَ َملْنَاهُ ْم فِي الَْب ّر وَاْلبَ ْ‬
‫وََفضّلْنَاهُ ْم عَلَى َكثِ ٍي مّمّنْ خََلقْنَا َت ْفضِيلً[‪ )]2‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬يا أيها الناس إن دماءكم‬
‫وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ‪.]3[ ) ...‬‬

‫‪540‬‬
‫وهكذا أكرم ال النسان بذه الرية من خلل هذه القوق منحه حرية العتقاد حيث قال ال تعال‬
‫سكَ‬ ‫ت وَُي ْؤمِن بِالّلهِ َفقَدِ ا ْستَمْ َ‬ ‫‪( :‬لَ إِ ْكرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْ ُد مِ َن اْلغَيّ فَمَ ْن يَ ْك ُفرْ بِالطّاغُو ِ‬
‫بِاْلعُ ْر َوةِ اْلوُْثقَىَ َل ان ِفصَامَ َلهَا وَالّلهُ سَمِي ٌع عَلِي ٌم [‪ )]4‬وقال تعال ‪( :‬وَقُ ِل الْحَ ّق مِن رّبّكُمْ فَمَن شَاء‬
‫ط ِبهِمْ ُسرَادُِقهَا وَإِن َيسَْتغِيثُوا ُيغَاثُوا بِمَاء‬ ‫َفلُْي ْؤمِن َومَن شَاء فَ ْليَ ْك ُفرْ ِإنّا َأعْتَ ْدنَا لِلظّالِ ِميَ نَارًا َأحَا َ‬
‫ب وَسَاءتْ ُمرَْت َفقًا[‪.)]5‬‬ ‫شرَا ُ‬ ‫شوِي اْلوُجُوهَ بِْئسَ ال ّ‬ ‫كَالْ ُمهْ ِل يَ ْ‬
‫فالعتقاد الصحيح ناتج عن القتناع الكامل والتصديق الثابت ‪ ،‬وأنه لقيمة لعقيدة تأت نتيجة القهر‬
‫والتسلط وطالا تزول أسباب القهر تنتهي وتزول العقيدة‪.‬‬
‫ولذا حينما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن السلمي أيرتد أحد منهم سخطا على دينه؟ قال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فقال هرقل ‪ :‬هكذا اليان حي تالط بشاشته القلوب‪.‬‬
‫فالسلم يتيح الفرصة التكافئة للناس كي ينظروا ويتاروا‪ ،‬فل يرهم على شيء ل يرغبونه ‪ ...‬ول‬
‫يدث ف تاريخ السلم أن أكره أحدا أو اجب قوما على اعتناق الدين ‪ ،‬كما حدث ف تاريخ‬
‫النصرانية [‪.]6‬‬
‫فكما كفل السلم للنسان حرية اللك وغيها ومن تلك الريات حرية التعبي‪.‬‬
‫حرية التعبي‪:‬‬
‫إن حرية التعبي من أعظم الريات الت كفلها السلم للنسان وهي من نعم ال تعال عليه حيث‬
‫جعله بذه النعمة معبا عن نفسه مبينا عما يدور ف فكره وخلده ومنحه القدرة العقلية على تصور ما‬
‫يدور حوله ث الكم عليه با يصل له من خباته وتاربه يقول ال عزوجل تأكيدا لذلك‪( :‬الرّحْمَ ُن ‪.‬‬
‫عَلّ َم اْل ُقرْآ َن ‪ .‬خَلَ َق الْإِنسَا َن ‪َ .‬علّ َمهُ اْلبَيَانَ) [‪. ]7‬‬
‫فال سبحانه وتعال خلق النسان وأكرمه وأنعمه بنعمة العقل والدراك وعلمه البيان لٌيعْمل عقله‬
‫ويفصح عن ما يدور ف عقله برية مبنية على احترام الق الفطري واستخدام نعمة الدراك والبيان ‪،‬‬
‫ودعوة إل تقيق التعاون على الب والتقوى ‪ ،‬والتطلع إل تكوين الجتمع السلم الذي يقوم على‬
‫الشاركة اليابية ف تقيق الخاء والساواة والمن والعدل ومن الدلة الت تدل على وجوب حرية‬
‫ف وَتَْن َهوْ َن عَ ِن الْمُن َك ِر وَُت ْؤمِنُونَ‬
‫س تَ ْأ ُمرُونَ بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫التعبي قوله تعال‪( :‬كُنُتمْ خَْيرَ ُأمّةٍ أُ ْخ ِر َجتْ لِلنّا ِ‬
‫بِالّل ِه وََلوْ آمَنَ َأهْلُ الْكِتَابِ لَكَا َن خَْيرًا ّلهُم مّْنهُ ُم الْ ُم ْؤمِنُو َن وَأَكَْث ُرهُمُ اْلفَا ِسقُونَ[‪ )]8‬فان المر والنهي‬
‫ل يكون إل من خلل التعبي ‪ ،‬فإذا المر والنهي تعبي وإبداء رأي وبا أن المر والنهي واجب فنقول‬
‫بوجوب حرية التعبي إذ تقرر لنا حق إبداء الرأي وتعله واجبا من واجبات المة ‪ ،‬إذ بالمر نالت‬
‫اليية على الناس وعلى أساسه وعدت بالتمكي ف الرض ‪ ،‬والصدارة على الصعيد العالي ‪ ،‬قال‬
‫ص ُرهُ إِ ّن الّلهَ َل َق ِويّ َعزِيزٌ‪ ،‬الّذِينَ إِن مّكّنّاهُ ْم فِي الَْأ ْرضِ َأقَامُوا الصّلَاةَ‬ ‫صرَنّ الّل ُه مَن يَن ُ‬ ‫ال تعال ‪( :‬وَلَيَن ُ‬
‫ف وََن َهوْا عَ ِن الْمُن َكرِ وَِلّلهِ عَاقَِبةُ الُْأمُورِ[‪.)]9‬‬ ‫وَآَتوُا الزّكَاةَ وََأ َمرُوا بِالْ َم ْعرُو ِ‬

‫‪541‬‬
‫ومن أدلة حرية التعبي أيضا قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬من رأي منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل‬
‫يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان)[‪ . ]10‬فقوله صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( فبلسانه) أمر بالتعبي التضمن للمر والنهي اللذين ها من الصائص الول للمة السلمية والشعار‬
‫الواضح من شعائر السلم ‪ .‬وهذا كله إن دل فإنا يدل على أن حرية التعبي من حقوق النسان‪،‬‬
‫وحقوق النسان هي جزء من الدين شرعها ال وبينها الرسول صلى ال عليه ويراد با حاية إنسانية‬
‫النسان وهذه الماية مصدر من مصادر الشريعة وغايتها ‪ ،‬ومن هنا جاءت لتحقيق مصال الناس‬
‫وحاية الكليات(الضرورات المس) الت منها (الدين) وحفظ الدين واجب‪.‬‬
‫ومن هنا نن نقول نعم لرية التعبي الت تراعي حقوق الخرين وتترم الديان والقدسات ‪.‬‬
‫احترام الديان والقدسات ‪..‬‬
‫إن حرية التعبي القة هي الت تافظ على حقوق الخرين ومعتقداتم الدينية ومقدساتم ‪ ،‬وأما‬
‫التصرفات الت تصدر بدون مراعاة حقوق الخرين فهو الفوضى الت تؤدي إل اختلل التوازن ف‬
‫موازين الياة وهذا التصرف هو الذي تضع له الشريعة السلمية حدا ‪.‬‬
‫واحترام الديان والقدسات ‪ ،‬واحترام حقوق الخرين ل يتأت إل من حرية التعبي الت تعتمد على‬
‫مبادئ الخلق وآداب السلم الذي يعن عدم مصادرة آراء الخرين وإيذائهم ‪ ،‬حت وإن كانت‬
‫مالفة‪ ،‬لكن غي مسيئة للخرين ومعتقداتم ‪ ،‬قال احد السلمي مرة لعمر – رضي ال عنه – اتق‬
‫ال‪ ،‬فلم بعض الاضرين قائلها‪ ،‬فقال عمر‪ ( :‬ل خي فيكم إن ل تقولوها ول خي فينا إن ل نقبلها)‬
‫وصدق عمر فإنه ل خي ف متمع ل يتقدم بآرائه ونصائحه لاكمه ولذا قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ( :‬الدين النصيحة قلنا لن؟ قال ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم) فنصيحة أئمة‬
‫السلمي وعامة السلمي هي ‪ :‬حرية التعبي بعينها ‪ ،‬وهكذا كانت حياة الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫مع أصحابه ليبيهم على حرية التعبي فيقول لم ف كثي من المور ‪ ( :‬أشيوا إل أيها الناس ) وكان‬
‫صلى ال عليه وسلم أمره شورى بينه وبي أصحابه قال ال تعال ‪( :‬فَِبمَا رَحْمَ ٍة مّ َن الّلهِ لِنتَ َلهُ ْم وََلوْ‬
‫كُنتَ فَظّا َغلِيظَ اْل َق ْلبِ لَنفَضّوْا مِنْ َحوِْلكَ فَاعْفُ َعْنهُمْ وَا ْسَتغْ ِفرْ َلهُ ْم وَشَا ِو ْرهُمْ فِي ا َل ْمرِ َفِإذَا‬
‫ي [‪ ،)]11‬وال سبحانه وتعال مدح الؤمني بسبب‬ ‫حبّ اْلمَُتوَكِّل َ‬
‫َع َزمْتَ فََتوَكّلْ َعلَى الّلهِ إِنّ الّلهَ يُ ِ‬
‫الشورى الت بينهم بقوله‪( :‬وَالّذِينَ اسْتَجَابُوا ِل َرّبهِمْ وََأقَامُوا الصّلَا َة وََأمْ ُرهُمْ شُورَى بَيَْنهُ ْم َومِمّا‬
‫َرزَقْنَاهُ ْم يُن ِفقُونَ [‪ ، ) ]12‬حرية التعبي هي حق أصيل ل يتخلى عنها السلم ‪ ،‬بل هي تعتب من‬
‫أفضل الهاد‪.‬‬
‫ف سبيل ال بدليل قوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬أفضل الهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وف ظل‬
‫هذه الرية كان اللفاء الراشدون يعرضون على السلمي سياستهم ف الكم ليبدي كل من السلمي‬
‫رأيه ف المور الت تس حياة الناس ومصالهم ‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫واحترام الديان والقدسات من الدين ويعد عند السلمي من أساس العقيدة حيث أن السلمي‬
‫يؤمنون بميع الرسل وذلك ما يعلهم يترمون جيع الديان السماوية ومقدساتا وشعائرها‬
‫واحترامها نابع من تقوى القلوب ( ومن يعظم شعائر ال فإنا من تقوى القلوب ) ‪]13[ .‬‬
‫ويترمون النبياء والرسل لنم ليتم إيانم إل باليان بميع هؤلء الرسل‪ ،‬فل يؤذوهم وليسخروا‬
‫وليستهزؤا بم لن الستهزاء بم والسخرية منهم توجب العذاب والعقاب قال تعال ‪( :‬وََلقَدِ‬
‫سَت ْه ِزؤُون [‪ ) ]14‬فال سبحانه‬ ‫خرُوا مِْنهُم مّا كَانُوا ِبهِ يَ ْ‬
‫اسُْت ْه ِزئَ ِبرُ ُس ٍل مّن قَْبِلكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَ ِ‬
‫وتعال أدار عليهم دائرة السوء بسبب إساءة النبياء والرسل ‪ ،‬فان دل هذا على شيء فإنا يدل على‬
‫احترام النبياء وتقديسهم ‪ ،‬وجعل السلم سبّ الدين كفر ‪ ،‬إذا لبد من احترام الدين واحترام من‬
‫اصطفاهم ال برسالته من النبياء والرسل‪ ،‬كما جعل السلم سبّ النبياء ردة توجب القتل‪.‬‬
‫ولتقبل توبة الساب عند بعض العلماء وتقبل عند آخرين‪ ،‬وقد قتل الرسول وأصحابه الساب ول‬
‫يستتيبوه [‪ ، ]15‬وهذا كله يدل على مدى احترام النبياء والرسل وما جاءوا به من دين فاحترام‬
‫الديان والقدسات وحقوق الخرين من الدين‪ .‬إذا احترام الديان والقدسات أمر واجب دينيا‪.‬‬
‫وقد دعت إليه اليئات الدولية فعلى سبيل الثال ما جاء ف إعلن القاهرة حول حقوق النسان‬
‫الصادر عن الؤتر السلمي التاسع عشر لوزراء الارجية ( القاهرة‪ 14 ،‬مرم ‪1411‬هـ الوافق‬
‫‪05/08/1990‬م ) ‪.‬‬
‫جاء ف هذا العلن ف مادته الثانية والعشرون ما يلي ‪-:‬‬
‫(‪ )1‬لكل إنسان الق ف التعبي برية عن رأيه بشكل ليتعارض مع البادئ الشرعية ‪.‬‬
‫(‪ )2‬لكل إنسان الق ف الدعوة إل الي والمر بالعروف والنهي عن النكر وفقا لضوابط الشريعة‬
‫السلمية‪.‬‬
‫(‪ )3‬العلم ضرورة حيوية للمجتمع ‪ ،‬ويرم استغلله وسوء استعماله والتعرض للمقدسات وكرامة‬
‫النبياء فيه ومارسة كل ما من شأنه الخلل بالقيم أو إصابة الجتمع بالتفكك أو النلل أو الضرر‬
‫أو زعزعة العتقاد‪.‬‬
‫(‪ )4‬لتوز إثارة الكراهية القومية والذهبية وكل ما يؤدي إل التحريض على التمييز العنصري بكافة‬
‫إشكاله[‪. ]16‬‬
‫وأيضا جاء ف إعلن (روما) حول حقوق النسان ف السلم الصادر عن الندوة العالية حول حقوق‬
‫النسانية ف السلم (روما‪/21 ،‬ذو الجة ‪1420‬هـ الوافق ‪/27‬فباير ‪2000/‬م) ‪.‬‬
‫جاء ف مبادئ هذا العلن ما يلي‪-:‬‬
‫البدأ الول‪ :‬أهية ربط حقوق النسان برجعية تراعي العتقدات والقيم الدينية الت أوصى با ال‬
‫سبحانه وتعال على لسان أنبيائه ورسله ‪.‬‬

‫‪543‬‬
‫البدأ الثان‪ :‬ضرورة ربط القوق بالواجبات من خلل مفهوم يرتكز على قاعدة التوازن بي وظائف‬
‫النسان واحتياجاته ف بناء السرة والجتمع وعمارة الرض ‪ ،‬على نو ليتعارض مع إرادة ال‬
‫تعال‪ .‬وف ناية هذه البادئ جاء العلن التال‪-:‬‬
‫والندوة إذ تضع هذه البادئ‪ ،‬تعلن لكومات العال ومنظماته الرسية والشعبية ‪ ،‬أن شريعة السلم‬
‫قدمت الضمانات لتحقيق التكامل والشمول والتوازن والرجعية واليات التطبيق الصحيح لقوق‬
‫النسان‪.‬‬
‫والندوة إذ تضع بي يدي الجتمع الدول عب إعلن ( روما) لتدعو ال أن يوفق الميع إل ما فيه‬
‫خي البشرية جعاء‪.‬‬
‫وهناك مبادرات تدعو إل احترام الديان والقدسات مثل ما جاء ف قول‪ :‬دريك ديفيز الذي أوردته‬
‫ملة الرابطة [‪ ، ]17‬حيث تدث عن تطور الرية الدينية كحق إنسان من حقوق النسان‬
‫القدسة ‪ ،‬شهد القرن العشرون ناحا لمثيل له ف تدوين حقوق النسان الدينية‪.‬‬
‫وكان البلان العالي للديان قد اجتمع ف شيكاغو عام ‪1893‬م وهو حدث منسي لكنه مهم ف‬
‫تاريخ الدين ف العال‪ .‬وكان احدث البادئ التأسيسية للجتماع هو وجوب عدم الضغط على أية‬
‫مموعة دينية لكي تضحى با تؤمن أنه القيقة‪.‬‬
‫ويذكر ديفيز أنه قد ت إعداد ثلث وثائق دولية ف القرن العشرين بدف تعزيز مبادئ الرية الدينية‬
‫وهي اليثاق الدول للحقوق الدنية والسياسية (‪1966‬م) ‪ .‬وإعلن المم التحدة لحو جيع أشكال‬
‫التعصب والتمييز القائم على أساس الدين أو العتقد (‪1981‬م) ‪ .‬ووثيقة فينا التامية (‪1989‬م)‬
‫وتعزز كل هذه الوثائق الرية الدينية بتأييدها حقوقا من الهية بيث بتوجب جعلها عالية‪.‬‬
‫وينع اليثاق الدول للحقوق الدنية والسياسية (‪1966‬م) والذي صدقت عليه حت الن (‪)144‬‬
‫دولة ‪ ،‬التمييز الدين كما ينص إعلن المم التحدة الذي تبنته عام (‪1981‬م) ومن ضمن ما نص‬
‫عليه هذا اليثاق إنشاء وصيانة أماكن العبادة أو التجمع لمارسة دين أو معتقد وإنشاء وصيانة أماكن‬
‫لذه الغاية‪.‬‬
‫كما تتوي الوثيقة التامية لؤتر فيينا على نصوص مشابة لا ورد ف وثائق ‪1966 ، 1948‬م ‪،‬‬
‫‪1981‬م من حيث التأكيد واللتزام باحترام الختلفات الدينية ‪ ،‬وكذلك على ضمان التطبيق‬
‫الكامل والفعلي لرية الفكر والضمي والدين والعتقد‪.‬‬
‫ولكن أين هذه النتهاكات لرمان السلمي من هذه الوثائق ‪-:‬‬
‫‪ -‬تعذيب ف السجون بسبب الدين‪.‬‬
‫‪ -‬هدم الساجد بسبب الدين‪.‬‬
‫‪ -‬تدنيس القرآن بسبب الدين‪.‬‬

‫‪544‬‬
‫‪ -‬إساءة رسول ال بسبب الدين‪.‬‬
‫‪ -‬منع الصلة ف مال العمل بسبب الدين‪.‬‬
‫كل ذلك من أجل أنم قالوا ربنا ث استقاموا ‪ ...‬أين هذه الواثيق أيها الجتمع الدول؟ كل هذه‬
‫النتهاكات تدل دللة واضحة على أن الكافر ليؤتن ف عهد ول ميثاق ول قانون ‪ ،‬ولحق ول‬
‫مصلحة‪.‬‬
‫وحرية التعبي الت تترم الديان والقدسات هي الت تنبن على ضوابط ومن تلك الضوابط ما يلي ‪-:‬‬
‫ب مِنَ اْل َقوْلِ‬ ‫(‪ )1‬أن يكون التعبي طيبا بعيدا عن الفحش والقبح يقول ال تعال ‪َ ( :‬وهُدُوا إِلَى الطّّي ِ‬
‫ط الْحَمِي ِد [‪ )]18‬ويقول جل شأنه ( ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع‬ ‫صرَا ِ‬ ‫َوهُدُوا إِلَى ِ‬
‫والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول [‪. ) ]19‬‬
‫وقال النووي رحه ال ‪ ( :‬اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يفظ لسانه عن جيع الكلم إل كلما‬
‫ظهرت فيه الصلحة ومت استوى الكلم وتركه ف الصلحة فالسنة المساك عنه؛ لنه قد ينجر‬
‫الكلم الباح إل حرام أو مكروه ‪ ،‬وذلك كثي ف العادة والسلمة لبد لا شيء) ‪.‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ ( :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر‬
‫فليقل خيا أو ليصمت) متفق عليه ‪ ،‬وعن أب موسى رضي ال عنه (قال‪ :‬قلت يا رسول ال أي‬
‫السلم أفضل؟ قال من سلم السلمون من لسانه ويده) متفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )2‬أن يكون التعبي مطابقا للحقيقة صادقا متثبتا فيه‪ ،‬بعيدا عن الظن والوهم قال تعال‪( :‬يَا َأّيهَا‬
‫الّذِي َن آمَنُواْ اّتقُواْ الّل َه وَكُونُوْا مَعَ الصّادِِقيَ‪ ) ]20[ .‬وقال تعال ‪( :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا إِن جَاءكُمْ‬
‫جهَاَلةٍ فَُتصِْبحُوا عَلَى مَا َفعَلْتُ ْم نَا ِدمِيَ[‪ . ) ]21‬وقال صلى ال عليه‬ ‫فَاسِقٌ ِبنَبَأٍ َفتََبيّنُوا أَن ُتصِيبُوا َق ْومًا بِ َ‬
‫وسلم ( كفى بالرء إثا أن يدث بكل ما سع )‪.‬‬
‫(‪ )3‬أن يتحرى التعبي الق والعدل فل ياب يقول ال تعال‪( :‬وَلَ َت ْقرَبُوْا مَالَ اْليَتِيمِ إِلّ بِالّتِي هِيَ‬
‫ف َنفْسًا إِ ّل وُ ْس َعهَا وَِإذَا قُ ْلتُمْ فَاعْ ِدلُواْ‬
‫سطِ َل نُكَلّ ُ‬‫سنُ حَتّى يَْبلُغَ أَشُ ّد ُه وََأوْفُوْا الْ َكيْ َل وَالْمِيزَانَ بِاْلقِ ْ‬‫أَحْ َ‬
‫وََلوْ كَا َن ذَا ُقرْبَى وَِب َعهْدِ الّلهِ َأوْفُوْا ذَلِكُ ْم َوصّاكُم ِبهِ َلعَلّكُمْ َتذَ ّكرُونَ[‪.) ]22‬‬
‫أن حرية التعبي الت تنطلق من هذه الضوابط لا ثار كثية منها‪-:‬‬
‫أول‪ :‬أنا تعمق الثقة بي أفراد المة فإن الوضوح يقتل اللفاء ‪ ،‬والصارحة تقضي على الدس‬
‫والوقيعة ‪ ،‬والصدق يعمر القلوب باللفة والحبة ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قوة بناء المة وتاسكها فان احتكاك الراء وتعاون الناس يولد القرب بينهم فيتشاورن‬
‫ويتناصحون ‪ ،‬وهذا يزيد من تاسكهم وتضامنهم لن الحتكاك يوري نورا والتحكك يواري‬
‫ولريب أن اجتماع الواهب وتعاضدها يؤدي إل خي كثي‪ ،‬وهذا بلف الوف والكبت فإنما‬
‫يولدان التفكك والشك والريبة‪.‬‬

‫‪545‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن الشعب من أعطى الفرصة لبداء رأيه ف تقرير مصيه والشاركة ف صناعة القرار أدى ذلك‬
‫إل رقي ف المة وتقدمها‪ ،‬فإننا نن من وراء حرية التعبي الفكار النية والراء الصائبة‪ ،‬فل تقدم‬
‫المة على أمر إل وتكون قد عرفت مصاله وأدركت منافعه [‪. ]23‬‬
‫نصرة النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫كيف ننصر نبينا ممد صلى ال عليه وسلم من العداء الذين يسيئون إليه؟ وكيف ننصره من هؤلء‬
‫الذين اتبعوا أهواءهم ؟‪.‬‬
‫ض َومَن فِيهِ ّن بَلْ أََتيْنَاهُم‬‫ت وَالَْأ ْر ُ‬
‫قال ال سبحانه وتعال‪( :‬وََلوِ اتّبَعَ اْلحَقّ َأ ْهوَاءهُمْ َلفَسَ َدتِ السّمَاوَا ُ‬
‫بِذِ ْك ِرهِمْ َفهُ ْم عَن ذِ ْك ِرهِم ّمعْ ِرضُونَ) [‪. ]24‬‬
‫فنصرتنا لنبينا تقتضي صرف الناس عن الوى إل الستقامة ‪ .‬ونن ليكننا صرفهم عن الوى إل‬
‫الستقامة مال نكونوا صادقي ف نصرته صلى ال عليه وسلم وصدقتنا ونصرته يقتضي أن نكون‬
‫صادقي ف إتباعه حت يكون هوانا تبعا لا جاء به‪ ،‬فإن الدفاع عن النب صلى ال عليه وسلم ونصرته‬
‫آية عظيمة من آيات الحبة والجلل قال ال تعال ‪( :‬لِ ْل ُف َقرَاء الْ ُمهَا ِجرِينَ الّذِينَ ُأ ْخرِجُوا مِن دِيا ِرهِمْ‬
‫ك هُمُ الصّادِقُونَ[‪. ) ]25‬‬ ‫صرُونَ الّلهَ َورَسُوَلهُ ُأوْلَِئ َ‬
‫ضوَانًا وَيَن ُ‬
‫وََأ ْموَاِلهِمْ َيبَْتغُونَ َفضْلًا مّنَ الّلهِ َو ِر ْ‬
‫فالصحابة رضوان ال عليهم لا صدقوا ف إتباع النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان هواهم تبعا لا جاء‬
‫به صلى ال عليه وسلم سطروا أروع المثلة واصدق العمال ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫والدفاع عنه وفدائه بالموال والولد والنفس‪ ،‬ف النشط والكره وف العسر واليسر وكتب السي‬
‫عامرة بقصصهم وأخبارهم ومن ذلك أن أبا طلحة النصاري رضي ال عنه كان يمي الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم ف غزوة احد‪ ،‬ويرمي بي يديه ويقول‪( :‬باب أنت وأمي ‪ ،‬لتشرف‪ ،‬يصيبك سهم من‬
‫سهام القوم‪ ،‬نري دون نرك [‪.) ]26‬‬
‫وعن قيس بن أب حازم قال‪ ( :‬رأيت يد طلحة شلء ‪ ،‬وقى با النب صلى ال عليه وسلم يوم أحد [‬
‫‪. ) ]27‬‬
‫وما أجل ما قاله انس بن النضر يوم أحد عندما انكشف السلمون‪( :‬اللهم إن اعتذر إليك ما صنع‬
‫هؤلء – يعن ‪ :‬أصحابه – وأبرأ إليك ما صنع هؤلء ‪ :‬يعن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬الن يا‬
‫عمر [‪ ) ]28‬قال ابن حجر ‪ ( :‬أي ) الن عرفت فنطقت با يب ) [‪. ]29‬‬
‫هؤلء الذين نصروا ال ورسوله فنرجو أن نلص ف إتباعنا لنبينا ممد صلى ال عليه وسلم لتنكون‬
‫أهل لنصرته بكل الوسائل الشروعة وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وسحبه وسلم تسليما‬
‫كثيا‪.‬‬
‫وآخر دعونا أن المد ل رب العالي ‪،،،‬‬
‫الطالب ‪:‬‬

‫‪546‬‬
‫‪ -‬أطالب الؤتر ‪ :‬أن يول لنة الؤتر العالي إل مؤتر عالي دائم يمل اسم ‪ :‬الؤتر السلمي‬
‫العالي للدفاع عن حرمة الديان والقدسات ‪.‬‬
‫‪ -‬أطالب الؤتر بإصدار فتوى شرعية تاه السيئي للنب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الراجع ‪..‬‬
‫‪ -‬القرآن الكري ‪.‬‬
‫‪ -‬صحيح البخاري‪ ،‬للمام البخاري ‪.‬‬
‫‪ -‬صحيح مسلم ‪ ،‬للمام مسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬فقه السنة للسيد سابق ‪.‬‬
‫‪ -‬حقوق النسان بي الشريعة السلمية والقانون الوضعي – أعمال الندوة العلمية حول حقوق‬
‫النسان‪.‬‬
‫‪ -‬حقوق النسان ف التعاليم السلمية – للدكتور‪ /‬عبدالعزيز بن عثمان التويري‪.‬‬
‫‪ -‬الرابطة ‪ :‬ملة شهرية علمية تصدرها رابطة العال السلمي ‪.‬‬
‫‪ -‬حقوق النسان ف عصر النبوة – للدكتور‪ /‬ممد احد الصال ‪ ،‬ورقة بثية تقدم با ف أعمال‬
‫الندوة العلمية حول حقوق النسان‪.‬‬
‫[‪ ]1‬فقه السنة ‪ ،‬للسيد سابق‪ ،‬ج‪.6/ 3‬‬
‫[‪ ]2‬سورة السراء الية ‪. 70 :‬‬
‫[‪ ]3‬حديث نبوي‬
‫[‪ ]4‬سورة البقرة الية ‪.256 :‬‬
‫[‪ ]5‬سورة الكهف الية ‪.29 :‬‬
‫[‪ ]6‬حقوق النسان بي الشريعة السلمية والقانون الوضعي ‪،‬ج‪، 1‬ص‪ 38 :‬طباعة أكاديية نايف‬
‫العربية للعلوم التربوية‪.‬‬
‫[‪ ]7‬سورة الرحن الية ‪.4 – 1 :‬‬
‫[‪ ]8‬سورة أل عمران ‪ ،‬الية ‪.11 :‬‬
‫[‪ ]9‬سورة الج ‪ ،‬الية ‪.41-40 :‬‬
‫[‪ ]10‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫[‪ ]11‬سورة آل عمران الية ‪.159 :‬‬
‫[‪ ]12‬سورة الشورى ‪ ،‬الية ‪.38 :‬‬
‫[‪ ]13‬رواه الترمذي وأبو داود ‪.‬‬
‫[‪ ]14‬سورة النعام الية ‪.10 :‬‬

‫‪547‬‬
‫[‪ ]15‬أنظر‪ :‬الصارم السلول على شات الرسول لبن تيمية رحه اله ‪ ،‬ص‪ ، 298 :‬دار الفكر ‪.‬‬
‫[‪ ]16‬انظر حقوق النسان ف التعاليم السلمية‪ .‬للدكتور‪ /‬عبدالعزيز بن عثمان التويري ‪ ،‬ص ‪:‬‬
‫‪.37‬‬
‫[‪ ]17‬ملة الرابطة ‪ ،‬العدد ‪ 471‬شعبان ‪1426‬هـ الوافق سبتمب ‪2005‬م الكلم ورد تت‬
‫عنوان‪ :‬قانون الرية الدينية المريكي ف اليزان‬
‫[‪ ]18‬سورة الجم الية ‪.24 :‬‬
‫[‪ ]19‬سورة السراء الية ‪.36 :‬‬
‫[‪ ]20‬سورة التوبة الية ‪.119 :‬‬
‫[‪ ]21‬سورة الجرات الية ‪.6 :‬‬
‫[‪ ]22‬النعام الية ‪.152 :‬‬
‫[‪ ]23‬انظر ‪ :‬حقوق النسان ف عصر النبوي للستاذ الدكتور ممد أحد الصال ‪ ،‬ورقة مقدمة ف‬
‫الندوة العلمية حول حقوق النسان بي الشريعة السلمية والقانون الوضعي‪.‬‬
‫[‪ ]24‬سورة الؤمنون الية ‪.71 :‬‬
‫[‪ ]25‬سورة الشر الية ‪.8 :‬‬
‫[‪ ]26‬أخرجه البخاري ‪ 5/33 :‬رقم ‪.4064‬‬
‫[‪ ]27‬أخرجه البخاري ‪ ، 5/33 :‬رقم ‪.4063‬‬
‫[‪ ]28‬أخرجه البخاري ‪ ، 7/218‬رقم ‪.6632‬‬
‫[‪ ]29‬الفتح ‪.11/536 :‬‬
‫=====================‬
‫تبّا له ث َتبّ‬

‫عبد الرحن بن عبد ال السحيم‬


‫لا َب َعثَ ال نبيّه صلى ال عليه وسلم إل الناس‪ ..‬وكانت بعثه إل الناس كافة‪..‬‬
‫َحرِص رسول ال صلى ال عليه وسلم على إنقاذ البشرية من التّيه والضلل الذي ترسف فيه‪..‬‬
‫كما حرص رسول ال صلى ال عليه وسلم على إنقاذ البشرية من النار‪..‬‬
‫تثّل ذلك الرص ف دعوة الناس ليل ونارا‪ِ ..‬سرّا وجهارا‪..‬‬
‫وتثّل ذلك الرص ف دعوة كل الناس‪..‬‬
‫فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم اليهود والنصارى‪..‬‬
‫وأرسل الرّسُل واْلكُتُب إل الرؤساء والزعماء‪..‬‬

‫‪548‬‬
‫تثّل ذلك الرص أن يدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم على طفل يهودي يُصارِع الرض‪..‬‬
‫يوشك على مفارقة الياة‪..‬‬
‫يَهتم به عليه الصلة والسلم‪ ..‬يَعتن به‪ ..‬يَعرض عليه السلم‪ :‬أسْلِم‪ ..‬فََيلَْت ِفتْ الصب إل والده‪..‬‬
‫كأنه يستأذنه‪ ..‬ولا كان والده يعرف حقيقة ذلك النب صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬أطِع أبا القاسم‪..‬‬
‫فيتشهّد الطفل ويشهد شهادة الق‪ ..‬ث يوت!‬
‫فخرج النب صلى ال عليه وسلم فرحا مُستبشرا وهو يقول‪(( :‬المد ل الذي أنقذه من النار))‪ .‬كما‬
‫ف صحيح البخاري‪.‬‬
‫وكما حرص رسول ال صلى ال عليه وسلم على دعوة الباعِد فقد حرص القارب‪ ..‬فدعا قومه‬
‫ورهطه‪ ..‬فصاح بم يوما على الصفا وهو بكة‪ ،‬فجعل يُنادي‪:‬‬
‫يا بن فهر‪ ..‬يا بن عَدي ـ لبطون قريش ـ حت اجتمعوا‪ ،‬فجعل الرّجُل إذا ل يستطع أن يرج‬
‫أرسل رسول لينظر ما هو‪ ،‬فجاء أبو لب وقريش‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أرأيتكم‬
‫لو أخبتكم أن خيل بالوادي تُريد أن تغي عليكم‪ ،‬أكنتم ُمصَدّقي؟))‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬ما َجرّبنا عليك إل صدقا‪.‬‬
‫قال‪(( :‬فإن نذير لكم بي يدي عذاب شديد))‪.‬‬
‫ب (‪ )1‬مَا َأغْنَى عَْنهُ‬ ‫فقال أبو لب‪ :‬تَبّا لك سائر اليوم‪ .‬ألذا جعتنا ؟ َفَنزَلت‪{ :‬تَّبتْ يَدَا أَبِي َل َهبٍ وََت ّ‬
‫سبَ}‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫مَاُلهُ َومَا كَ َ‬
‫أبو لب هو عبد ال ُعزّى‪َ ..‬تبّ وخسِر‪ ،‬فما َع ّز !‬
‫ب وََتبّ} " الول دعاء عليه‪ ،‬والثان خب عنه " كما قال ابن كثي‪.‬‬ ‫فـ {َتّبتْ يَدَا َأبِي َل َه ٍ‬
‫فقوله تعال‪َ{ :‬تّبتْ يَدَا َأبِي َل َهبٍ} أي َخسِر وخاب‪ ،‬وضل عمله وسعيه‪{ .‬وََتبّ} أي وقد َتبّ‪:‬‬
‫تقق خسارته وهلكه‪ .‬قاله ابن كثي‪.‬‬
‫" وكان كثي الذية لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والُب ْغضَة له‪ ،‬والزدراء به‪ ،‬والتنقّص له ولدينه‬
‫"‪..‬‬
‫فما زاد ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم إل ِعزّة ورِفعة‪..‬‬
‫وما زاد (عبد العزى) إل ذ ّل ومهانة‪ ..‬فل يُذكر إل ويُذكر ذمّه !‬
‫زاد جهل أب جهل‪ ..‬وتباب أب لب‪..‬‬
‫أما رسول ال صلى ال عليه وسلم فتضوّع طِيبا‪َ ..‬كعُودٍ زاده الحراق طِيبا‬
‫سبَ}‬ ‫أبو لب‪ ..‬ظنّ أنّ ماله ينفعه‪ ،‬أو يُغن عنه شيئا‪ ..‬فقال ال‪{ :‬مَا َأغْنَى عَْن ُه مَاُلهُ َومَا كَ َ‬
‫ول يقتصر الشقاء على أب لب بل تعدّاه إل زوجِه‪..‬‬

‫‪549‬‬
‫قال ابن كثي‪ :‬وكانت زوجته من سادات نساء قريش وهي أم جيل‪ ،‬واسها أروى بنت حرب بن‬
‫أمية وهي أخت أب سفيان‪ ،‬وكانت عونا لزوجها على كفره وجحوده وعناده‪ ،‬فلهذا تكون يوم‬
‫ب (‪ )4‬فِي جِي ِدهَا َحبْ ٌل مِنْ‬ ‫القيامة عونا عليه ف عذابه ف نار جهنم‪ ،‬ولذا قال تعال‪{ :‬حَمّالَ َة الْحَ َط ِ‬
‫سَتعِدّة له‪.‬‬ ‫مَسَدٍ} يعن تمل الطب فتُ ْلقِي على زوجها ليزداد على ما هو فيه‪ ،‬وهي مهيأة لذلك مُ ْ‬
‫اهـ‪.‬‬
‫قالت أساء بنت أب بكر‪ :‬لا نزلت {َتّبتْ يَدَا َأبِي َل َهبٍ} اقبلت العوراء أم جيل بنت حرب ولا‬
‫وَْلوَلَة‪ ،‬وف يدها ِفهْر وهي تقول‪( :‬مُ َذمّما أَبيْنَا‪ ،‬ودِينه قَلينا‪ ،‬وأمْره عصينا)‬
‫ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس ف السجد ومعه أبو بكر‪ ،‬فلما رآها أبو بكر قال‪ :‬يا رسول‬
‫ال قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنا لن تران‪ ،‬وقرأ‬
‫ك وََبيْنَ الّذِينَ ل ُي ْؤمِنُو َن بِالَ ِخ َرةِ‬‫قرآنا ا ْعَتصَمَ به‪ ،‬كما قال تعال {وَِإذَا َقرَْأتَ اْل ُق ْرآَنَ َج َعلْنَا بَيَْن َ‬
‫حِجَابًا مَسْتُورًا}‪ ،‬فأقبلت حت وقفت على أب بكر‪ ،‬ول َترَ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫يا أبا بكر إن ُأخْبِرتُ أن صاحبك هجان ! قال‪ :‬ل‪ ،‬ورب هذا البيت ما هجاكِ! َف َوّلتْ وهي تقول‪:‬‬
‫قد علمت قريش أن ابنة سيدها ! رواه أبو يعلى‪ ،‬وابن أب حات ف تفسيه‪ ،‬والاكم ف الستدرك‪،‬‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث صحيح السناد ول يرجاه‪.‬‬
‫صرَف ال عن نبيّه صلى ال عليه وسلم سبّ حالة الطب !‬ ‫وقد َ‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أل تعجبون كيف يَصرف ال عَنّي شتم قريش ولعنهم ؟‬
‫يشتمون مُ َذمّما‪ ،‬ويلعنون مُ َذمّما‪ ،‬وأنا ممد))‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫حّالة الطب أنفقت مالا للصّد عن دين ال‪ ،‬فكان عليها حسرة وندامة !‬
‫وقال سعيد بن السيب‪ :‬كانت لا قلدة ف عنقها فاخرة‪ ،‬فقالت‪ُ :‬لْنفِقَنّها ف عداوة ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫قال ابن كثي‪ :‬فأعقبها ال منها حَبْلً ف جيدها من مَسَدِ النار‪.‬‬
‫صرَة له‪ ،‬والرّفعة له‪ ،‬وال ِعزّة له‪..‬‬ ‫صَبَر رسول ال صلى ال عليه وسلم على ذلك‪ ..‬فكانت الّن ْ‬
‫وكانت الذلّ والصّغار على من خالَف أمره‪..‬‬
‫عداوة أب لب لرسول ال صلى ال عليه وسلم َظهَر فيها آية من آيات النبوة‪ ،‬وعلمة من علمات‬
‫صِدق الصادق الصدوق صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫قال ابن كثي‪ :‬قال العلماء‪ :‬وف هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة‪ ،‬فإنه منذ َنزَلَ‬
‫ب (‪ )4‬فِي جِي ِدهَا حَبْ ٌل مِ ْن مَسَدٍ}‬ ‫قوله تعال‪َ { :‬سَيصْلَى نَارًا ذَاتَ َل َهبٍ (‪ )3‬وَامْرَأَُتهُ حَمّالَ َة الْحَ َط ِ‬
‫فأ ْخَبرَ عنهما بالشقاء وعدم اليان ل يُقيّض لما أن يُؤمنا‪ ،‬ول واحد منهما‪ ،‬ل باطنا ول ظاهرا‪ ،‬ل‬
‫سرّا ول ُمعْلِنا ؛ فكان هذا من أقوى الدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫مُ ِ‬

‫‪550‬‬
‫عداوة أب لب لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ..‬وحلته السعورة ضدّ دِين السلم‪ ..‬ل تَثنِ عزم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫بل كانت عداوته سببا لِنشر دِين ال!‬
‫كانت عداوة أب لب سببا للسؤال عن حَالِ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ..‬وعن دعوته‪ ..‬وعن‬
‫لفتْ النظار إليه!‬
‫ق ذي الجاز إذْ أنا بإنسان يقول‪ :‬يأيها الناس قولوا‪ :‬ل إله‬ ‫قال طارق بن عبد ال الحارب‪ :‬إن بِسُو ِ‬
‫إل ال ؛ تفلحوا‪ .‬وإذا رجل خلفه يرميه قد أ ْدمَى ساقيه وعرقوبيه‪ ،‬ويقول‪ :‬يأيها الناس إنه كذاب فل‬
‫ُتصَدّقوه‪ .‬فقلت‪ :‬من هذا ؟ فقالوا‪ :‬ممد َزعَم أنه نب‪ ،‬وهذا عمه أبو لب يَزعم أنه كذاب!‬
‫ظ َن أبو لب‪ ..‬فَخَابَ ظنّه !‬
‫ظنّ أنه يجب الشمس بالْ ُمنْخُل (الغربال)‪ ..‬فَخَابَ ظنّه!‬
‫ظنّ أن ماله يُغن عنه‪ ..‬فَخَابَ ظنّه!‬
‫ظنّ أنه يَصدّ عن دِين ال‪َ ..‬فخَابَ ظنّه!‬
‫ظنّ أنه سوف يثن عزم رسول ال صلى ال عليه وسلم أو يُفرّق الناس عنه‪ ..‬فَخَابَ ظنّه!‬
‫ولئن مات (أبو لب) وهَلَك‪ ..‬فإن لكل وارث!‬
‫وما تناقلته بعض الصحف والواقع‪ ..‬وما أثي على النابِر‪ ..‬من أخْبَا ِر َورَثَة (أب لب) الذين حاولوا‬
‫اقتفاء أَثرَه ! والسي بسيته الذمومة ! والستهزاء بِسيّد ولد آدم صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫فَخَابَ ظ ّن ال َورَثَة كما خَابَ ظنّ الورّث!‬
‫خابوا وخسروا‪..‬‬
‫ولئن ساء كل مسلم ما نُشِر ف بعض صُحُف الدانارك‪ ..‬فإن من عقيدة أهل السنة والماعة أن ال‬
‫خلُق َشرّا مَحْضا !‬ ‫ل يَ ْ‬
‫سبَ مِ َن الِثْ ِم وَالّذِي َتوَلّى كِْب َرهُ‬ ‫ئ مِْنهُ ْم مَا اكَْت َ‬
‫فـ {ل َتحْسَبُوهُ َشرّا لَكُمْ بَ ْل ُهوَ َخْيرٌ لَكُمْ لِكُ ّل ا ْمرِ ٍ‬
‫مِْنهُمْ َلهُ عَذَابٌ َعظِيمٌ}‪.‬‬
‫فقد كان تضمّن ذلك السوء خيا‪ ،‬منه‪:‬‬
‫ـ ظهر وانكشف وجه القيقة عن وجه الضارة الغربية‪{ ..‬قَ ْد بَ َدتِ الَْب ْغضَاءُ مِنْ َأ ْفوَا ِههِ ْم َومَا‬
‫خفِي صُدُو ُرهُمْ أَكَْبرُ}‪.‬‬‫تُ ْ‬
‫ـ ظهر لكل ذي َبصَر عداوة النصارى‪ ..‬وأنّ من يطلب رضاهم مُتطلّب ف الاء جذوة نار!‬
‫وقول ال أصدق وابلغ {وَلَ ْن َترْضَى عَْنكَ الَْيهُودُ وَل الّنصَارَى حَتّى تَتّبِ َع مِلَّتهُمْ}‪..‬‬
‫ـ تلّى نفاق بعض الصّحُف والكُتّاب‪ ..‬الذين التَزموا الصمت تاه هذا اْلخَطْب الْجلل!‬
‫فماذا عساهم يقولون؟‬

‫‪551‬‬
‫ماذا عسى ُأغَْيلِمة الصحافة وسفهاء قومي يقولون؟‬
‫أليسوا الذين كانوا يُل ّمعُون ال َغرْب والغُراب ! تت شِعار (الخر) سَتْرا للكافر!‬
‫ش َفتْ عن وجوه من القائق!‬ ‫إل أن القيقة الت تّلتْ‪ ..‬ك َ‬
‫وصَمَتْ من كانوا يُنادون باحترام (الخر)!‬
‫ومن كانوا يَودّون لو صَ َمتَ دُعاة السلم‪..‬‬
‫أليسوا هم من يُنادي بـ (حُريّة الفِكر) فإذا هم يُنادون بـ (حُريّة ال ُكفْر)!‬
‫إذا تكلّم (صادق) َنصَبُوا له العِداء‪..‬‬
‫وإن تَبجّح (كافر) سَكَتُوا وكأن المر ل يَعنيهم‪ ..‬وهو ل يعنيهم‪ ..‬لن انتسابم إل السلم‬
‫(دعوى) من غي بيّنَة!‬
‫هاهو (الخر) بزعمكم يتطاول على دين ال وعلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ..‬فبماذا أجبتم؟‬
‫ـ َتهَاُفتْ دعاوى (قبول الخر) الذي ل ولن يَقبلكم ! حت "يتمع الاء والنار‪ ،‬والضّب والوت"!‬
‫شأنكم ف ذلك شأن ذلك (الْمَُت َفرْنِس) الذي أمضى عمره ف التذلّل للغرب‪ ..‬ولو كان على حساب‬
‫دِين ومبدأ‪ ..‬فإذا الغرب يَرفضه ويَلفظه‪ ..‬بل وينبذه َنبْذ الذاء الرقّع !‬
‫خرَ ْطتُ منذ ثلثي‬ ‫وها هو يقول عن نفسه‪ " :‬وأصبح (ممد أركون) أصوليا متطرفا !! أنا الذي انْ َ‬
‫حتُ خارج دائرة العلمانية والداثة "‬ ‫سنة ف أكب مشروع لنقد العقل السلمي ! أصْبَ ْ‬
‫ويقول أيضا‪" :‬والثقف الوصوف بالْ ُمسْلِم يُشار إليه دائما بضمي الغائب‪ :‬فهو الجنب الزعج !‬
‫الذي ل يكن تثّله‪ ،‬أو هضمه ف الجتمعات الوروبية‪ ،‬لنه يَسَْت ْعصِي على كل تديث أو حداثة!"‪.‬‬
‫حبّوَنهُ ْم وَل‬ ‫وقد أخب ال عن ذلك الرفض‪ ،‬وعن تلك العداوة التأصّلة بقوله‪{ :‬هَا َأنْتُمْ أُولءِ تُ ِ‬
‫حبّونَكُ ْم وَُت ْؤمِنُو َن بِالْ ِكتَابِ ُكّلهِ وَِإذَا َلقُوكُمْ قَالُوا َآمَنّا وَِإذَا خََلوْا َعضّوا عََليْكُ ُم الَنَامِ َل مِنَ اْل َغْيظِ ُقلْ‬
‫يُ ِ‬
‫مُوتُوا ِبغَْيظِكُمْ إِنّ الّلهَ َعلِي ٌم بِذَاتِ الصّدُورِ}‪.‬‬
‫ـ وف هذا اْلحَدَث تيّز الطيب من البيث‪ ..‬والصادق من الكاذب‪{ ..‬مَا كَانَ الّلهُ لِيَ َذرَ الْ ُم ْؤمِِنيَ‬
‫ث مِنَ الطّّيبِ}‪.‬‬ ‫عَلَى مَا أَْنتُ ْم عََلْيهِ حَتّى َيمِيزَ اْلخَبِي َ‬
‫إذا اشتبكت دموع ف خُدود *** تَبَيّنَ من بَكى من تباكى‬
‫تبيّن الْمُحبّ الصادق لرسول ال صلى ال عليه وسلم من ال ّدعِ ّي الْمُ ّدعِي !‬
‫ـ وف الغرب (مُنصِفُون)‪ ..‬فقد تُثيهم تلك الملت الشعواء على طلب القائق‪ ..‬فيهدي ال بِتلك‬
‫الصحيفة رجا ًل ونساء كانوا ف (عَمَاء)!‬
‫ومن سُنّة ال " إن ال ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " كما ف الصحيحي‪.‬‬
‫وف ِشعْر أب تام‪:‬‬
‫ح لا لسان حسود‬ ‫وإذا أراد ال نَشْر َفضَيلة *** طُويت أتَا َ‬

‫‪552‬‬
‫ت *** ما كان ُيعْرَف طِيب عَرف العُود‬ ‫لول اشتعال النار فيما جَا َورَ ْ‬
‫ـ أن الصّدام الباشِر‪ ،‬والساس الواضِح أبلغ وأيقَظ للقلوب‪ ..‬وهذا يُبيّن مدى خطورة الغزو‬
‫الفكري‪ ،‬وأنه أخطر من الغزو العسكري ـ وإن كان مُدمّرا ـ‪.‬‬
‫ذلك أن اليهود والنصارى يقولون ف ال قولً عظيما‪ ..‬ومع ذلك وُجِد من يُحبّهم أو يتعاطَف‬
‫معهم‪ ..‬إل أن هذا الذي صَدَر من نصارى (الدانارك) أيقظ ف المة قلوبا غافلة‪ ،‬أو مُستَغفَلة!‪..‬‬
‫فالنصارى قالت قولً عظيما ف ال من َقبْل ومن بعد‪ ..‬قالوا ف ال قولً عظيما {تَكَادُ السّمَاوَاتُ‬
‫خ ّر الْجِبَا ُل هَدّا (‪ )90‬أَ ْن َد َعوْا لِلرّ ْحمَ ِن وَلَدًا (‪َ )91‬ومَا َينَْبغِي‬ ‫ض وَتَ ِ‬
‫َيَتفَ ّطرْنَ مِْن ُه وَتَْنشَقّ ا َل ْر ُ‬
‫لِلرّحْمَنِ أَنْ َيتّخِ َذ وَلَدًا}‪.‬‬
‫وما قالته النصارى ف حقّ ال أعظم وأكب‪..‬‬
‫وقد أخب ال وخبه القّ‪ ،‬وقال وقوله الصّدْق {لَتُْبَلوُنّ فِي َأ ْموَاِلكُ ْم وَأَْنفُسِكُ ْم وََلتَسْ َمعُ ّن مِنَ الّذِينَ‬
‫أُوتُوا الْ ِكتَابَ مِ ْن قَبِْلكُ ْم َومِنَ الّذِينَ أَ ْشرَكُوا َأذًى َكثِيًا وَإِ ْن َتصِْبرُوا وَتَّتقُوا فَإِ ّن ذَِلكَ مِ ْن َع ْزمِ‬
‫ا ُلمُورِ}‪.‬‬
‫وإن تلك الملت الشعواء على السلم وأهله‪ ..‬ل تُغيّر قناعات الشعوب‪..‬‬
‫يقول مُحدّثي‪ :‬سَاَف ْرتُ إل بلد أفريقي ف رِحلة عمل‪ ..‬فاقتضى المر أن أتعامل مع (أفريقي‬
‫نصران)‪ ..‬فلما انتهى تعاملنا معه‪ ..‬سألناه عن أفضل مدينة سياحية ف بلدهم‪ ..‬فأرشدنا إليها‪..‬‬
‫فسألناه عن طبيعتها وأمْنِها‪ ..‬فأخبنا أن غالبية سُكانِها من السلِمي‪..‬‬
‫يقول صاحب‪:‬‬
‫فسألته‪ :‬كيف تكون الكثر أمْنا وغالبية سُكانا من السلمي ؟‪ ..‬مع ما نسمع ف وسائل العلم عن‬
‫السلمي ؟!‬
‫فقال النصران‪ :‬هذه جعجعة إعلمية!‬
‫نن نعرف السلمي‪ ..‬فَدِينُهم يأمرهم بذلك!‬
‫يقول‪ :‬فتعجّبت من شهادة النصران وهو ف بلده‪..‬‬
‫إن ما يُقال أو يُثار ضد السلم أو ض ّد نبيّه صلى ال عليه وسلم يسوء كل مسلم‪..‬‬
‫إل أنّ هذا الشرّ ل يَخلو من خي‪..‬‬
‫هُم يُريدون أمرا‪ ..‬وال يُريد أمرا‪{ ..‬وَالّلهُ غَاِلبٌ َعلَى َأ ْم ِرهِ وَلَكِنّ أَ ْكَثرَ النّاسِ ل َيعْلَمُونَ}‬
‫دبّروا‪ ..‬ومكروا‪ ..‬وقلّبوا المور‪ ..‬فأبْطَل ال سعيهم‪ ..‬ووردّ كيدهم ف نورهم‪ ..‬وحاق بم‬
‫مكرهم‪..‬‬
‫وهذه سُنّة ال ف نصر أوليائه‪ ،‬وخُذلن أعدائه‪..‬‬

‫‪553‬‬
‫صرّفوا المور‪ ،‬وأرادوها ظهرا لبطن‪ ،‬وبَطْنا لِ َظهْر وطلبوا بكل حيلة‬ ‫لقد سَعى النافقون بكل حيلة‪َ ..‬ف َ‬
‫إفساد أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫َفَنصَرَ ال نبيّه‪ ..‬وأ ْظهَر دينه‪..‬‬
‫قال تعال‪َ{ :‬لقَدِ ابَْت َغوُا اْلفِتَْن َة مِنْ قَبْ ُل وََقلّبُوا َلكَ ا ُلمُورَ حَتّى جَاءَ الْحَ ّق وَ َظ َهرَ َأ ْمرُ الّل ِه َوهُمْ‬
‫كَا ِرهُونَ}‬
‫{وََقلّبُوا َلكَ ا ُلمُورَ} أي دَّبرُوها من كل وجه‪ ،‬فأبْطَل ال سعيهم‪ .‬كما قال ابن جُزيّ‪.‬‬
‫حرّضا لِنبيه عليه السلم على النافقي {َلقَدِ اْبَت َغوُا اْلفِتَْنةَ مِ ْن قَبْ ُل وََقلّبُوا‬ ‫قال ابن كثي‪ :‬يقول تعال مُ َ‬
‫َلكَ ا ُلمُورَ}‪ ،‬أي لقد أعْمَلُوا فكرهم‪ ،‬وأجالوا آراءهم ف كيدك وكيد أصحابك‪ ،‬وخُذلن دِينك‬
‫وإخاده مدة طويلة ؛ وذلك أول َمقْدَم النب صلى ال عليه وسلم الدينة َرمَتْه العرب عن قوس‬
‫واحدة‪ ،‬وحاربته يهود الدينة ومنافقوها‪ ،‬فلما نصره ال يوم بدر‪ ،‬وأعلى كلمته‪ ،‬قال عبد ال بن أب‬
‫وأصحابه‪ :‬هذا أ ْمرٌ قد َتوَجّه ! َفدَخَلُوا ف السلم ظاهرا‪ ،‬ث كلما أ َعزّ ال السلم وأهله غاظهم‬
‫ذلك وساءهم‪ ،‬ولذا قال تعال‪َ { :‬حتّى جَاءَ اْلحَ ّق وَ َظ َهرَ َأ ْمرُ الّلهِ َوهُمْ كَا ِرهُونَ}‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫صرَة هذا الدّين‪..‬‬ ‫وقد أقسم النب صلى ال عليه وسلم على ُن ْ‬
‫فقال عليه الصلة والسلم‪ :‬ليبلغن هذا المر ما بلغ الليل والنهار‪ ،‬ول يترك ال بيت مَ َدرٍ ول وَبَر إل‬
‫أدخله ال هذا الدين‪ِ ،‬ب ِعزّ عزيز‪ ،‬أو بِذُ ّل ذليل‪ِ ،‬عزّا يعز ال به السلم‪ ،‬وذل يذل ال به الكفر‪ .‬رواه‬
‫المام أحد‪.‬‬
‫وال ليكونن هذا وإن َرغِ َمتْ أنوف !‬
‫وال ليُتمّنّ ال نوره ولو َكرِه الكافرون‪..‬‬
‫مِن دعاء عمر رضي ال عنه ف القنوت‪:‬‬
‫اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يُكذبون رسلك‪ ،‬ويقاتلون أولياءك‪ ،‬اللهم خالف بي كلمتهم‪،‬‬
‫وزلزل أقدامهم‪ ،‬وأنزل بم بأسك الذي ل تردّه عن القوم الجرمي‪ .‬رواه ابن أب شيبة وعبد الرزاق‬
‫والبيهقي‪.‬‬
‫====================‬
‫حت ل تكون أبقاركم أعقل منكم‬

‫عزيز بن ممد الشهري‬


‫لقد مُيّز النسان عن الخلوقات اليوانية بالعقل الذي به يستطيع أن يضبط نفسه؛ فل يعلها تتجاوز‬
‫حقوق الخرين‪ ،‬والتعدي عليهم ف متلكاتم‪ ،‬وف أنفسهم‪ ،‬وفيما يعتقدونه من معتقدات دينية على‬
‫سبيل السخرية‪ ،‬بدون سبب يبيحه عقل ذلك النسان‪.‬‬

‫‪554‬‬
‫وبا أن ال خلق النسان وأكرمه بالعقل على اليوان؛ فلقد أمر ال سبحانه وتعال النسان العاقل‬
‫بعدم الفساد ف الرض‪ ،‬ومنع دواعيه بأي شكل من الشكال‪.‬‬
‫وهذا المر للنسان العاقل؛ حيث إن غي العاقل غي مكلف بذا المر‪ ،‬مثله مثل بقية الخلوقات‬
‫اليوانية غي الكلفة؛ فقد تتجاوز حدودها إل حدود غيها ف القوق والتعدي عليهم ف متلكاتم‬
‫وإفساد كل جيل‪ ،‬بجة الرية الفكرية الت ف الصل بعن (ل عقل) إذا خلت من ضوابط العقل‬
‫السليم‪.‬‬
‫فالبقرة‪ ،‬على سبيل الثال با أنكم بلد تشتهر البقار فيه‪ ،‬إذا أعطيت حقوقها بضوابط ورعاية صحية‬
‫جيدة؛ فإنا تنتج الزبد والب والقشطة اللذيذة والليب واللبان النعشة‪ ،‬أما إذا جعلتموها بريتها‪،‬‬
‫تفعل ما تشاء بدون ضوابط ف أكلها من أعلف مضرة أو غريبة عليها‪ ،‬فقد تفكر بريتها؛ فتصاب‬
‫بنون البقر‪.‬‬
‫ومن هذه القدمة الختصرة فإن على النسان العاقل أن يعيش برية وسلم مع نفسه ومع الخرين من‬
‫حوله‪ .‬برية بيث يفعل ويقول ما شاء ف حدود حريته الت ل تتعدى على حرية غيه فيما تقره‬
‫العقول السليمة بعد إقرار ال الواحد الديان بذه الرية للنسان؛ ويعيش بسلم بيث ل يتعدى عليه‬
‫أحد ف حقوقه الشروعة من أذى جسدي‪ ،‬أو نفسي‪ ،‬أو سخرية‪ ،‬به وبا يعتقده‪.‬‬
‫وهو بالثل‪ ،‬ل يتعدى على الخرين ف حقوقهم ول السخرية بم وبا يعتقدونه؛ لكي يعيش برية‬
‫وسلم فينتج بذلك التسامح بي الجناس‪.‬‬
‫وإن ما قامت به بعض الصحف الدناركية من نشر صور كريكاتورية ليست صورا لرجل سياسي‬
‫مشاغب ف العال‪ ،‬ول لقائد يكم شعبه بالنار والديد‪ ،‬ول دكتاتوري عنيد‪ .‬ولكن هذه الصور‬
‫لدين عظيم‪ ،‬أتى به أفضل النبياء ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أل وهو دين السلم الذي أرسله ال‬
‫للعالي‪ ،‬وجعله رحة وهدى ونورًا‪ ،‬وهو خات النبيي وإمامهم وأحبهم إل ال‪ ،‬وملص البشرية من‬
‫الظلم والستعباد‪ ،‬وأخرجهم من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن عبادة العباد إل عبادة رب العباد‪ ،‬وهو‬
‫الذي نشر العدل ف الرض وأقامه‪ .‬وعفا عن أعدائه وألف قلوبم بالدايا‪ ،‬ومنقذ المم يوم القيامة‬
‫بالشفاعة إل ال؛ ليحكم ال ف ذلك اليوم بينهم‪ .‬فصلى ال وسلم عليه تسليما كثيا‪.‬‬
‫فهو نب أرسله ال بالسلم للعالي كافة‪ ،‬بدون تفرقة عنصرية‪ ،‬أو جنس من الجناس‪ ،‬فنشر‬
‫الخلق الكرية من إفشاء السلم بي الناس والحبة‪ ،‬على من عرفت أو من ل تعرف‪ ،‬والصدق ف‬
‫الديث‪ ،‬وعدم الكذب‪ ،‬والوفاء بالعهد‪ ،‬وعدم الغدر‪ ،‬وبذل الال للفقراء والساكي‪ ،‬وإكرام الضيف‬
‫والار‪ ،‬ومساعدة الحتاج‪ ،‬وكفالة اليتام والرامل‪ ،‬وحرم عقوق الوالدين‪ ،‬وأمر ببها ومصاحبتهما‬
‫ف الدنيا بالعروف‪ ،‬والعناية بما عند كبها‪ ،‬وحرم الزنا واللواط‪ ،‬وحرم الفساد ف الرض‪ ،‬وترويع‬
‫المني‪ ،‬وحرم السرقة والربا‪ ،‬وحرم النميمة والغيبة والسخرية بالناس والتكب عليهم‪ ،‬وأمر بالعفو عن‬

‫‪555‬‬
‫السيئي والتسامح‪ ،‬ول يُكره أحدا على الدخول ف دين السلم‪ ،‬وأوصى بنشر السلم ف الرب؛‬
‫فل تقطع الشجر‪ ،‬ول تدم الصوامع والكنائس‪ ،‬ول تقتل الرأة أو الطفل‪ ،‬ول الشيخ الكبي‪.‬‬
‫وكرم الرأة وأعزها‪ ،‬وأوصى الرجال با‪ ،‬بالحافظة عليها وإكرامها‪ .‬وغي ذلك من الي والنور الذي‬
‫نشره ف الرض؛ لنه نب أرسله ال إل العال كافة‪ ،‬كما أرسل ال النبياء والرسل إل الناس من‬
‫قبله‪ ،‬ومنهم نوح‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى‪ ،‬عليهم الصلة والسلم‪.‬‬
‫فهل يتصور أن يكون هذا النور بالشكل الذي تيله هذا الرسام الذي رسم هذه الصور‬
‫الكاريكاتورية الت تسخر من شخصية نب ورسول ال‪ ،‬ممد صلى ال عليه وسلم؛ لكي تعل ف‬
‫كتاب مزيف مكذوب ف سية النب ممد صلى ال عليه وسلم تنبعث منه رائحة القد كما تنبعث‬
‫رائحة العفن من جبنة داناركية؟‬
‫================‬
‫حكمتيار زعيم الزب السلمي الفغان يندد بالصور السيئة للرسول‬

‫مفكرة السلم‪ :‬أدان القائد الفغان وزعيم الزب السلمي 'قلب الدين حكمتيار' الصور السيئة‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬الت نشرت ف صحيفة 'يولندس بوست' الداناركية وغيها من‬
‫الصحف الوروبية‪.‬‬
‫وف بيان صحفي أصدره 'حكمتيار' حل تاريخ ‪ 11‬فباير ‪2006‬؛ قال حكمتيار‪ :‬نشر الصور‬
‫السيئة للنب الكرم ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يثبت أن البلدان السيحية مصرة على عداوتا‬
‫للمسلمي‪.‬‬
‫وبسب وكالة النباء السلمية الفغانية‪ ،‬قال حكمتيار ف بيانه‪ :‬لقد أبدى الغرب مرة أخرى عداوته‬
‫القدية ضد السلم والسلمي بالعال‪.‬‬
‫وأشار البيان إل أن احتلل القوات الغربية للعراق وأفغانستان يدلل على سعى الغرب لحاربة السلم‬
‫والسلمي‪ ،‬بينما نشر هذه الصور السيئة يؤكد أن الغرب ل يستطيع تمل وجود السلم والسلمي‬
‫على وجه الرض‪.‬‬
‫وشكر حكمتيار كل من شارك ف الحتجاج ضد هذه الرية‪ ،‬وأكّد على الطالبة بقطع الروابط‬
‫الدبلوماسية مع الدانارك ومقاطعة النتجات الوروبية‪.‬‬
‫وأثن حكمتيار بشكل خاص على الفغان الذين تظاهروا ف عديد من الدن دفاعًا عن دينهم ونبيهم‪،‬‬
‫وطالب بطرد القوات الجنبية من أفغانستان‪.‬‬
‫واستاء حكمتيار من قيام القوات الفغانية بإطلق النار على التظاهرين‪ ،‬غي أنه ل يستغرب صدور‬
‫هذا المر من تدربوا على أيدي أعداء أفغانستان‪.‬‬

‫‪556‬‬
‫===================‬
‫( خصائص النب صلى ال عليه وسلم )‬
‫عناصر الوضوع ‪:‬‬
‫‪ .1‬بعض من ألّف ف خصائصه صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ .2‬خصائصه صلى ال عليه وسلم ف الدنيا‬
‫‪ .3‬خصائصه صلى ال عليه وسلم ف الخرة‬
‫‪ .4‬خصائصه ف أمته صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ .5‬خصائصه صلى ال عليه وسلم ف بعض المور والحكام‬
‫‪ .6‬السئلة‬
‫خصائص النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫لقد ميز ال سبحانه وتعال نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم وكرّمه‪ ،‬وخصه بأشياء دون غيه من‬
‫النبياء‪ ،‬فله صلى ال عليه وسلم خصائص لذاته ف الدنيا‪ ،‬وله خصائص لذاته ف الخرة‪ ،‬وله‬
‫خصائص ف أمته ف الدنيا والخرة‪ ،‬ومن أجل ذلك جاءت هذه الادة مبينة وموضحة لبعض هذه‬
‫الصائص‪.‬‬
‫بعض من ألّف ف خصائصه صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫المد ل رب العالي‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فحديثنا ف هذه الليلة بشيئة ال تعال عن خصائص نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وذلك أن معرفة‬
‫ما يتعلق به واجب علينا‪ ،‬وأن نعرف له حقه‪ ،‬وأن نعرف منلته وقدره‪ ،‬ومن معرفة منلته وقدره‬
‫عليه الصلة والسلم أن نعرف خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وذلك كله داخل ف إياننا بنبينا ممد‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬فخصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬ما اختصه ال با وفضله على سائر النبياء‬
‫واللق‪ .‬والصائص النبوية موضوع قد اعتن به العلماء من أهيته‪ ،‬فتناولوه بثا وتأليفا‪ ،‬وذكروا ما‬
‫انفرد به عليه الصلة والسلم عن إخوانه النبياء والرسلي‪ ،‬كما ذكروا ما انفرد به عن سائر أمته‪،‬‬
‫ومن ألف ف هذا‪ :‬المام العز بن عبد السلم رحه ال تعال ف كتابه بداية السول ف تفضيل الرسول‬
‫‪ ،‬وكذلك المام ابن اللقن رحه ال ف كتابه خصائص أفضل الخلوقي ‪ ،‬ومنهم من أدرج‬
‫الصائص ف مؤلف من الؤلفات الت كتبها‪ ،‬مثل الافظ المام أب نعيم الصفهان رحه ال ف‬
‫كتاب دلئل النبوة ‪ ،‬و الافظ البيهقي رحه ال ف كتاب دلئل النبوة ‪ ،‬والافظ القاضي عياض‬
‫رحه ال ف كتابه الشفاء ف التعريف بقوق الصطفى ‪ ،‬وكذلك ابن الوزي رحه ال ف الوفاء‬
‫لحوال الصطفى ‪ ،‬وكذلك ابن كثي رحه ال ف كتابه البداية والنهاية و الفصول ف سية الرسول ‪،‬‬
‫وكذلك النووي رحه ال ف تذيب الساء واللغات ‪ .‬كل هؤلء العلماء وغيهم قد جعلوا أبوابا ف‬

‫‪557‬‬
‫مصنفاتم عن خصائص النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هذه الصائص الت معرفتها تزيده عليه الصلة‬
‫والسلم ف أعيننا قدرا‪ ً،‬وتعلنا نبه ونعرف منلته أكثر‪ ،‬وتعلنا نزداد به إيانا‪ ،‬ونزداد له تبجيلً‪،‬‬
‫ونزداد له شوقا ويقينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لن من واجباتنا أن نعرف أحوال نبينا عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬ومن كمال اليان والتصديق به أن نعرف له من الصائص واليزات عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫إن هذه الصائص‪-‬أيها الخوة!‪ -‬منها ما اختص به عليه الصلة والسلم ف ذاته ف الدنيا‪ ،‬ومنها ما‬
‫اختص به ف ذاته ف الخرة‪ ،‬ومنها ما اختصت به أمته ف الدنيا‪ ،‬ومنها ما اختصت به أمته ف‬
‫الخرة‪.‬‬
‫خصائصه صلى ال عليه وسلم ف الدنيا‪:‬‬
‫فنريد أن نتناول شيئا ما اختص به عليه الصلة والسلم ف الدنيا والخرة‪:‬‬
‫أخذ ال العهد من النبياء والرسلي باتباع النب صلى ال عليه وسلم إذا ظهر فيهم فمن خصائصه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهي خاصية عجيبة‪ :‬أن ال عز وجل قد أخذ العهد واليثاق على جيع النبياء‬
‫والرسلي من لدن آدم عليه السلم إل عيسى عليه السلم‪ ،‬أنه إذا ظهر النب صلى ال عليه وسلم ف‬
‫عهده وبعث أنه سيؤمن به ويتبعه‪ ،‬ول تنعه نبوته من أن يتابع نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكل‬
‫نب أخذ العهد واليثاق على أمته أنه لو بعث ممد بن عبد ال فيهم أن يتابعوه عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫ل يتبعون نبيهم بل يتبعون ممدا عليه الصلة والسلم إذا ظهر فيهم‪ ،‬والدليل على ذلك قوله تعال‪:‬‬
‫ب وَحِكْ َمةٍ ثُ ّم جَاءَكُمْ َرسُو ٌل مُصَدّقٌ لِمَا َمعَكُمْ لَُت ْؤمُِننّ‬
‫ق النّبِّييَ لَمَا آتَْيتُكُ ْم مِنْ كِتَا ٍ‬
‫وَِإذْ َأخَذَ الّلهُ مِيثَا َ‬
‫ِب ِه وَلََتْنصُرُّن ُه [آل عمران‪ ]81:‬من هو هذا الرسول؟ هو ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬قال‪ :‬قَالَ‬
‫صرِي قَالُوا أَ ْق َررْنَا قَالَ فَا ْشهَدُوا وَأَنَا َمعَكُ ْم مِنْ الشّاهِدِينَ [آل عمران‪:‬‬ ‫أَأَ ْق َررْتُ ْم وََأخَذْتُ ْم عَلَى ذَلِكُمْ ِإ ْ‬
‫‪ ]81‬ميثاق مأخوذ على جيع النبياء وعلى جيع المم‪ ،‬أن ممدا عليه الصلة والسلم إذا بعث‬
‫فيهم أن يتبعوه وأن يؤمنوا به وأن ينصروه‪ ،‬وقال علي رضي ال تعال عنه‪[ :‬ما بعث ال نبيا من‬
‫النبياء إل أخذ عليه ميثاقا لئن بعث ال ممدا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه‪ ،‬وأمره أن يأخذ اليثاق‬
‫على أمته] أمر كل نب أن يأخذ اليثاق على أمته‪ ،‬لئن بُعث ممد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه‪،‬‬
‫ولذلك لا جاء عمر بن الطاب رضي ال عنه النب صلى ال عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل‬
‫الكتاب‪ ،‬فقرأه على النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فغضب وقال‪( :‬أمتهوكون فيها يا بن الطاب ‪)...‬‬
‫التهوك‪ :‬الوقوع ف المر بغي روية‪ ،‬وهو التحي أيضا‪( :‬أمتهوكون فيها يا بن الطاب ‪ ،‬والذي‬
‫نفسي بيده! لقد جئتكم با بيضاء نقية‪ ،‬ل تسألوهم عن شيء فيخبوكم بق فتكذبوا به أو بباطل‬
‫فتصدقوا به‪ ،‬والذي نفسي بيده! لو أن موسى ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬كان حيا ما وسعه إل أن‬
‫يتبعن) رواه المام أحد وحسنه اللبان ‪ .‬فإذا‪ :‬ممد عليه الصلة والسلم لو وجد ف أي عصر‬
‫لكانت طاعته مقدمة‪ ،‬واليان به مقدما‪ ،‬ومتابعته مقدمة‪.‬‬

‫‪558‬‬
‫عمومية رسالته صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ومن خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أن رسالته عامة لميع البشر‪ ،‬فقد كان النبياء والرسل يبعثون‬
‫إل أقوامهم خاصة‪ ،‬كل نب إل قومه خاصة‪ ،‬كما قال ال تعال‪ :‬إِنّا َأرْ َسلْنَا نُوحا إِلَى َق ْو ِمهِ [نوح‪]1:‬‬
‫‪ ..‬وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُ ْم هُودا [العراف‪ .. ]65:‬وَإِلَى ثَمُودَ َأخَاهُ ْم صَالِحا [العراف‪ .. ]73:‬وَلُوطا‬
‫ِإذْ قَالَ ِل َق ْو ِمهِ [العراف‪ .. ]80:‬وَإِلَى مَدَْينَ أَخَاهُمْ ُشعَيْبا [العراف‪ ]85:‬وأما النب عليه الصلة‬
‫والسلم فقد قال ال تعال ف شأنه‪َ :‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّ كَافّ ًة لِلنّاسِ بَشِيا وَنَذِيرا [سبأ‪ .. ]28:‬قُلْ يَا‬
‫أَّيهَا النّاسُ ِإنّي رَسُولُ الّلهِ إِلَْيكُمْ جَمِيعا [العراف‪ ]158:‬فإذا‪ :‬لو قال يهودي أو نصران ف هذا‬
‫الزمان ليس ممد بنبينا‪ ،‬نبينا موسى‪ ،‬نقول‪ :‬نبيك ممد رغما عنك‪ ،‬نبيك ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫الذي يب عليك أن تؤمن به‪ :‬تَبَارَكَ الّذِي َنزّلَ اْل ُفرْقَا َن عَلَى عَْب ِدهِ ِليَكُونَ ِل ْلعَالَ ِميَ نَذِيرا [الفرقان‪]1:‬‬
‫‪َ ..‬ومَا َأ ْرسَ ْلنَاكَ إِ ّل رَحْ َمةً لِ ْلعَالَ ِميَ [النبياء‪ ]107:‬قال العز بن عبد السلم رحه ال‪ :‬ومن‬
‫خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أن ال تعال أرسل كل نب إل قومه خاصة وأرسل نبينا ممدا صلى‬
‫ال عليه وسلم إل الن والنس‪ ،‬ولكل نب من النبياء ثواب تبليغه إل أمته‪ ،‬ولنبينا صلى ال عليه‬
‫وسلم ثواب التبليغ إل كل من أرسل إليه‪ ،‬فإذا النب عليه الصلة والسلم له أجر كل النس الذين‬
‫اتبعوه‪ ،‬وله أجر كل الن الذين اتبعوه إل قيام الساعة‪ ،‬ولذلك فهو أكثر النبياء أجرا‪ ،‬ول يوجد‬
‫لواحد من النبياء أتباع مثل أتباع نبينا عليه الصلة والسلم‪ ،‬فهو أكثر النبياء أتباعا على الطلق‪.‬‬
‫والدليل على أن اليهود والنصارى ف زماننا هذا ماطبون باليان بالنب عليه الصلة والسلم واتباعه‪،‬‬
‫وأن من ل يؤمن بنبينا من اليهود والنصارى وغيهم من الندوس والسيخ والجوس وسائر الكفرة أنه‬
‫ف النار‪ ،‬قوله عليه الصلة والسلم‪( :‬والذي نفس ممد بيده! ل يسمع ب أحد من هذه المة يهودي‬
‫ول نصران) والقصود بالمة أمة الدعوة‪ ،‬واليهود والنصارى داخلون ف أمة الدعوة ل أمة الجابة‬
‫الذين استجابوا له عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقوله‪( :‬والذي نفس ممد بيده! ل يسمع ب أحد من هذه‬
‫المة ‪-‬وهي أمة الدعوة يعن‪ :‬الذين أرسل إليهم‪ ،‬كل العال‪ -‬يهودي ول نصران ث يوت ول يؤمن‬
‫بالذي أرسلت به إل كان من أصحاب النار) رواه مسلم رحه ال ف صحيحه ‪ ،‬وقال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪( :‬أعطيت خسا ل يعطهن أحد قبلي‪ ،‬ومنها وكان النب يبعث إل قومه خاصة وبعثت إل‬
‫الناس عامة)‪ ،‬وف رواية‪( :‬كان كل نب يبعث إل قومه خاصة وبعثت إل كل أحر وأسود) رواها‬
‫ضرُوهُ قَالُوا‬
‫ستَ ِمعُونَ اْل ُقرْآنَ َفلَمّا َح َ‬
‫جنّ يَ ْ‬
‫صرَفْنَا إَِلْيكَ َنفَرا مِنْ الْ ِ‬
‫مسلم رحه ال‪ ،‬حت الن‪ :‬وَِإ ْذ َ‬
‫أَْنصِتُوا فَلَمّا ُقضِ َي وَّلوْا إِلَى َق ْو ِمهِمْ مُنْ ِذرِينَ [الحقاف‪ ]29 :‬ينذرونم عذاب ال‪ ،‬ويوفونم ما‬
‫سعوا‪ .‬فإذا‪ :‬الرسل من النس والن منهم دعاة إل قومهم‪ ،‬والرسل من النس‪ ،‬والن يكن أن‬
‫يسمع النسي‪ ،‬وأن يسمع كلم النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬بلف النسي فإنه ربا ل يتمكن من‬
‫ساع الن لو كان الرسول من الن؛ ولذلك كان الرسل من النس‪ ،‬والن منهم دعاة ومنذرون‪،‬‬

‫‪559‬‬
‫فهؤلء الن الذين سعوا القرآن يتلى منه عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولوا إل قومهم منذرين‪ ،‬وهذه آية ف‬
‫كتاب ال تتعلق بالوضوع‪ ،‬فيها بشارة وبيان ميزة للنب عليه الصلة والسلم‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬وََلوْ‬
‫شِْئنَا َلَبعَثْنَا فِي كُلّ َقرَْيةٍ نَذِيرا [الفرقان‪ ]51:‬فهذه منة من ال على النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬يقول‬
‫له‪ :‬لو شئنا لبعثنا ف كل قرية نذيرا لكن مننا عليك وبعثناك لكل القرى نذيرا وبشيا فصار تابعوك‬
‫من كل القرى‪ ،‬الؤمنون لك مثل أجرهم‪ ،‬وأنت رسول إليهم جيعا‪ ،‬فلم نبعث بعدك ول معك‬
‫رسلً إل القوام الخرين وإل غي العرب‪ ،‬بل بعثناك للجميع‪ :‬وََلوْ ِشئْنَا لََبعَْثنَا فِي كُ ّل َقرْيَ ٍة نَذِيرا‬
‫[الفرقان‪ ]51:‬فهذا وجه التمنن‪ ،‬أنه لو بعث ف كل قرية نذيرا لا حصل لرسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم إل أجر إنذاره لهل قريته‪ ،‬مكة ‪ ،‬أو للعرب لكنه بعثه للجميع‪ .‬وكذلك قال ابن عباس رضي‬
‫ال عنه‪[ :‬إن ال فضل ممدا صلى ال عليه وسلم على النبياء وعلى أهل السماء‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا بن‬
‫عباس ب فضله على أهل السماء؟ قال‪ :‬إن ال قال لهل السماء‪َ :‬ومَنْ َيقُ ْل مِْنهُمْ إِنّي ِإَلهٌ مِ ْن دُوِنهِ‬
‫جزِي الظّالِ ِميَ [النبياء‪ ،]29:‬وقال ال لحمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬إِنّا‬ ‫جزِيهِ َجهَنّمَ كَذَِلكَ َن ْ‬ ‫فَذَِلكَ َن ْ‬
‫ك َومَا تَأَ ّخرَ [الفتح‪ ]2-1:‬قالوا‪ :‬يا بن عباس‬ ‫َفتَحْنَا َلكَ فَتْحا مُبِينا * ِلَي ْغفِرَ َلكَ الّلهُ مَا َتقَ ّد َم مِ ْن ذَنِْب َ‬
‫فما فضله على النبياء؟ قال‪ :‬قال ال عز وجل‪َ :‬ومَا َأرْسَ ْلنَا مِ ْن رَسُولٍ إِلّ ِبلِسَا ِن َق ْومِهِ لُِيبَيّنَ َلهُمْ‬
‫[إبراهيم‪ ]4:‬وقال ال عز وجل لحمد صلى ال عليه وسلم‪َ :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إِلّ كَافّةً لِلنّاسِ [سبأ‪:‬‬
‫‪- ]28‬فأرسله إل الن والنس‪.]-‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم خات النبياء والرسلي‪:‬‬
‫من خصائصه عليه الصلة والسلم أن ال ختم به النبياء والرسلي‪ ،‬فل نب بعده فهو آخر نب‪،‬‬
‫وأكمل به الدين‪ ،‬وأنه صلى ال عليه وسلم خات الرسل‪ ،‬فمن ادعى الرسالة بعده فهو كذاب أفاك‬
‫دجال‪ :‬مَا كَا َن مُحَمّدٌ أَبَا َأحَ ٍد مِنْ رِجَالِكُ ْم وَلَكِ ْن َرسُولَ الّلهِ وَخَاتَمَ النّبِّييَ [الحزاب‪ ]40:‬فإذا‬
‫جاء غلم أحد القاديان وقال‪ :‬أنا نب‪ ،‬وإذا جاء باء ال ‪ ،‬زعيم البهائية وقال‪ :‬أنا نب‪ ،‬وإذا جاء أي‬
‫واحد دجال كذاب ف هذا الزمان أو ف غيه وقال‪ :‬أنا نب‪ ،‬فنقول‪ :‬أنت كذاب لن ال قال‪:‬‬
‫(( وَلَكِ ْن رَسُو َل الّل ِه وَخَاتَمَ النِّبّييَ [الحزاب‪ ]40:‬فليس بعده نب‪ .‬وعن أب هريرة رضي ال عنه أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪( :‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بن بيتا فأحسنه‬
‫وجله إل موضع لبنة) القطعة من الطي الت تعجن وتعد للبناء‪ ،‬ويقال لا إن ل ترق لبنةً‪ ،‬وإذا‬
‫أحرقت صارت آجرة‪ ،‬الجر‪ :‬هو اللب الحروق‪( ،‬إل موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون‬
‫به‪ -‬بذا البيت‪ -‬ويعجبون له‪ ،‬ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة) ما بقي لكمال البناء إل هذه‬
‫اللبنة‪ ،‬لو جاءت هذه اللبنة كان ما أحسن هذا البيت‪ ،‬فالبيت كامل كله إل أن اللبنة تنقصه (قال‪:‬‬
‫فأنا اللبنة‪ ،‬وأنا خات النبيي) رواه البخاري رحه ال‪ .‬ولذلك يوم القيامة لا يفزع الناس إل النبياء‪،‬‬
‫آخر واحد عيسى عليه السلم فيدهم إل ممد عليه الصلة والسلم‪ ،‬فيأت الناس إل ممد‪ ،‬يقولون‪:‬‬

‫‪560‬‬
‫يا ممد! أنت رسول ال وخات النبيي‪ ،‬وكذلك قال عليه الصلة والسلم‪( :‬فضلت على النبياء‬
‫بست‪ -‬ومنها‪ -‬وخُتم ب النبيون)‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪( :‬إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فل‬
‫رسول بعدي ول نب‪ ،‬فشق ذلك على الناس‪ ،‬قال‪ :‬ولكن البشرات) يعن‪ :‬بقي البشرات‪ ،‬صحيح أن‬
‫النبوة انتهت الن فل يأت نب‪ ،‬لكن بقي البشرات (قالوا‪ :‬وما البشرات يا رسول ال؟ قال‪ :‬رؤيا‬
‫الرجل السلم وهي جزء من أجزاء النبوة) رواه الترمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وهو ف‬
‫صحيح الامع‪ .‬وهذا يدل على أن الرؤيا الصالة الباقية الت قد يكون فيها إنذار من شيء خطي أو‬
‫تبشي ببشرى لؤمن يراها أو ترى له حق‪ ،‬حيث أن النبوة فيها وحي وإخبار عن الغيب‪ ،‬واشتركت‬
‫الرؤيا مع النبوة ف مسألة الشعار بشيء قد يدث ف الستقبل‪ ،‬ولذلك كانت الرؤيا جزءا من النبوة‪،‬‬
‫وإل فهناك فرق كبي بي الرؤيا والنبوة ل شك ف هذا‪ ،‬ولكن لاذا كانت الرؤيا جزءا من النبوة؟ ما‬
‫هو وجه الشتراك بي الرؤيا والنبوة؟ ف النبوة إخبار عن الغيبات والشياء الستقبلية‪ ،‬وكذلك‬
‫البشارات والنذارات‪ ،‬وقد يكون ف بعض الرؤى الصالة الت يراها الؤمن أو ترى له إنذار من شيء‬
‫سيحدث‪ ،‬أو بشارة لشخص‪ ،‬فلذلك كانت جزءا من النبوة‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم من أسائه‬
‫الت أخب عنها‪ ،‬قال‪( :‬وأنا العاقب ‪-‬والعاقب‪ :‬فسره‪ ،‬قال‪ -:‬الذي ليس بعده أحد) رواه البخاري ‪،‬‬
‫فليس بعده نب‪ ،‬وقال صلى ال عليه وسلم‪( :‬كانت بنو إسرائيل تسوسهم النبياء كلما هلك نب‬
‫خلفه نب‪ ،‬وأنه ل نب بعدي وسيكون بعدي خلفاء) رواه البخاري ‪ .‬والنب صلى ال عليه وسلم‬
‫رحة مهداة إل العالي‪َ :‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِ ّل رَحْ َمةً لِ ْلعَالَ ِميَ [النبياء‪ ]107:‬وهو عليه الصلة والسلم‬
‫بالؤمني رءوف رحيم‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أمنة لصحابه‪:‬‬
‫من خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أنه أمنة لصحابه‪ ،‬أمنة‪ :‬أمان لصحابه‪ ،‬أكرمه ال تعال‪ ،‬وأكرم‬
‫أصحابه بأن جعل وجوده بينهم أمانا لم من العذاب‪ ،‬بلف المم السابقة‪ ،‬فقوم نوح ماذا حصل‬
‫لم؟ عذبوا ف حياة نبيهم وأهلكوا‪ ،‬وقوم هود عذبوا ف حياة نبيهم وأهلكوا‪ ،‬وقوم صال عذبوا ف‬
‫حياة نبيهم وأهلكوا‪ ،‬وقوم شعيب عذبوا ف حياة نبيهم وأهلكوا‪ ،‬أما النب عليه الصلة والسلم من‬
‫خصائصه أن وجوده عليه الصلة والسلم ف أمته أمان لم من الفناء والعذاب‪ ،‬فل يأت عذاب عام‬
‫فيهلكهم‪ ،‬قال ال تعال‪َ :‬ومَا كَانَ الّلهُ لُِيعَذَّبهُ ْم وَأَْنتَ فِيهِمْ [النفال‪ ]33:‬مع أنم يستحقون‬
‫العذاب‪ ،‬فهم كفرة مشركون‪ ،‬كفار قريش متجبون طغاة‪ ،‬ومع ذلك قال‪َ :‬ومَا كَانَ الّلهُ ِلُيعَذَّبهُمْ‬
‫وَأَْنتَ فِيهِ ْم َومَا كَا َن الّل ُه ُمعَذَّبهُمْ َوهُ ْم يَسَْت ْغ ِفرُونَ [النفال‪ ،]33:‬وكذلك فإنه عليه الصلة والسلم‬
‫رفع رأسه مرة إل السماء بعدما صلى بالقوم الغرب‪ ،‬جلس وسألم ما الذي أجلسهم‪ ،‬قال‪ :‬ما زلتم‬
‫هاهنا‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول ال! صلينا معك الغرب‪ ،‬ث قلنا نلس حت نصلي معك العشاء ‪-‬ينتظرون‬
‫الصلة بعد الصلة رباط ف سبيل ال‪ -‬قال‪ :‬أحسنتم أو أصبتم‪ ،‬فرفع رأسه إل السماء وكان كثيا‬

‫‪561‬‬
‫ما يرفع رأسه إل السماء‪ ،‬وهذا ف غي الصلة‪ ،‬فقال‪( :‬النجوم أمنة للسماء) فما دامت النجوم باقية‬
‫فالسماوات باقية‪ ،‬يوم القيامة إذا النجوم انكدرت وتناثرت فاعلم أن السماء ستتشقق وستذهب‪،‬‬
‫وتنفطر وتزول‪ ،‬فإذا كانت النجوم موجودة فالسماء بي وموجودة‪ ،‬فإذا انكدرت النجوم وتناثرت‪،‬‬
‫فاعلم أن السماء ستذهب (وأنا أمنة لصحاب فإذا ذهبت أتى أصحاب ما يوعدون‪ ،‬وأصحاب أمنة‬
‫لمت ‪-‬من البدع‪ -‬فإذا ذهب أصحاب أتى أمت ما يوعدون ‪-‬من التفرق وانفتاح باب البدعة‪ )-‬رواه‬
‫مسلم رحه ال تعال ف صحيحه ‪.‬‬
‫ل يقسم ال بنب غيه صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫من خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أن ال أقسم به ول يقسم بنب غيه‪ ،‬فقال عز وجل‪َ :‬لعَ ْمرُكَ ِإّنهُمْ‬
‫َلفِي سَ ْكرَِتهِ ْم َيعْ َمهُونَ [الجر‪ ]72 :‬فأقسم ال بالنب عليه الصلة والسلم ف قوله لعمرك‪ ،‬ومعن‬
‫لعمر‪ :‬قسم بياته عليه الصلة والسلم‪ ،‬يقسم بعمره وحياته وبقائه‪ ،‬فكأنه يقول‪ :‬وحياتك وعمرك‬
‫وبقائك ف الدنيا‪َ ،‬لعَ ْمرُكَ ِإّنهُمْ َلفِي سَ ْكرَِتهِمْ َيعْ َمهُونَ [الجر‪.]72:‬‬
‫إقسام ال بياة النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫من خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أن ال أقسم بياته وال يقسم با يشاء من خلقه‪ ،‬ولكن‬
‫الخلوقي ل يوز أن يقسموا إل بالالق‪ ،‬ومن حلف بغي ال فقد كفر أو أشرك‪ ،‬فالقسام بياته‬
‫عليه الصلة والسلم يدل على شرف حياته وعزتا‪ ،‬ونفاستها ومنلتها عند القسم با وهو ال تعال‪.‬‬
‫ماطبة ال له بالنبوة والرسالة ل باسه صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ث لحظ أيضا من الصائص النبوية‪ :‬أن ال تعال خاطب النبياء بأسائهم‪ ،‬ول ياطب نبينا عليه‬
‫الصلة والسلم باسه‪ ،‬يناديهم بأسائهم‪ ،‬فقال‪ :‬يَا آ َدمُ اسْكُنْ َأْنتَ َو َزوْ ُجكَ الْجَنّةَ [البقرة‪..]35:‬‬
‫ك عَلَى النّاسِ [العراف‪:‬‬ ‫قِيلَ يَا نُوحُ اهِْبطْ ِبسَلمٍ مِنّا [هود‪ .. ]48:‬قَالَ يَا مُوسَى ِإنّي اصْ َطفَيُْت َ‬
‫‪ ... .. ]144‬يا إبراهيم * قَ ْد صَدّ ْقتَ ال ّرؤْيا [الصافات‪ .. ]105-104:‬يَا عِيسَى ابْ َن َمرْيَمَ‬
‫اذْ ُكرْ ِنعْمَتِي َعلَْيكَ [الائدة‪ ]110:‬ف آيات كثية‪ ،‬وأما نبينا عليه الصلة والسلم فلم يناده ربه ول‬
‫حزُْنكَ الّذِينَ‬
‫مرة‪ ( :‬يا ممد! ) لكنه ناداه وخاطبه بالنبوة والرسالة‪ ،‬فقال‪ :‬يَا َأّيهَا الرّسُولُ ل يَ ْ‬
‫ك مِنْ الْ ُم ْؤمِِنيَ [النفال‪]64:‬‬ ‫يُسَا ِرعُونَ [الائدة‪ ،]41:‬وقال‪ :‬يَا َأّيهَا النّبِيّ َحسُْبكَ الّل ُه َومَنْ اتَّب َع َ‬
‫فزيادة ف التشريف والتكري له خاطبه بالنبوة والرسالة‪ ،‬وبقية النبياء خاطبهم بأسائهم‪ ،‬ول يفى‬
‫على أحد أن السيد إذا دعا أحد عبيده بأفضل ما وجد من الوصاف العلية والخلق السمية‪ ،‬ودعا‬
‫الخرين بأسائهم العلم‪ ،‬فإن الذين دعوا بالوصف أعلى منلة من الذين دعوا بالسم‪ ،‬فلو قال مثلً‬
‫وهو ياطب أحد عبيده‪ :‬يا أيها المي‪ ،‬يا أيها الذكي‪ ،‬يا أيها البي‪ ،‬غي ما يقول مثلً‪ :‬يا مرجان‪،‬‬
‫يا فلن‪ ،‬فإذاَ ال سبحانه وتعال خاطبه بقام الرسالة‪ ،‬وخاطبه بقام النبوة‪ ،‬ولا ذكر اسه ف القرآن‬
‫قرنه بذلك‪ :‬مُحَمّ ٌد رَسُولُ الّلهِ [الفتح‪ .. ]29:‬وَآمَنُوا بِمَا ُنزّ َل عَلَى مُحَمّ ٍد [ممد‪َ .. ]2:‬ومَا مُحَمّدٌ‬

‫‪562‬‬
‫إِ ّل رَسُو ٌل [آل عمران‪ ]144:‬فهو ليس نداءً وخطابا‪ ،‬وإنا لا ذكر اسه قرنه بالنبوة والرسالة‪ .‬ث من‬
‫أمر المة لتوقيه عليه الصلة والسلم‪ :‬أن ال نى الؤمني أن ياطبوه باسه‪ ،‬قال سبحانه وتعال‪ :‬ل‬
‫ج َعلُوا ُدعَاءَ الرّسُولِ َبيْنَكُمْ كَ ُدعَاءِ َب ْعضِكُمْ َبعْضا [النور‪ ]63:‬بينما بنو إسرائيل‪ :‬قَالُوا يَا مُوسَى‬ ‫تَ ْ‬
‫حوَارِيّو َن يَا‬
‫جهَلُونَ [العراف‪ِ .. ]138:‬إذْ قَالَ الْ َ‬
‫ا ْجعَل لَنَا إِلَها كَمَا َلهُمْ آِلهَةٌ قَالَ ِإنّكُمْ َق ْومٌ َت ْ‬
‫عِيسَى اْبنَ َمرْيَ َم [الائدة‪ ]112:‬لكن الصحابة ل يكن أن ينادوا النب عليه الصلة والسلم باسه‪ ،‬إنا‬
‫يقولون‪ :‬يا رسول ال! يا نب ال!‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أوت جوامع الكلم‪:‬‬
‫وكذلك فإنه عليه الصلة والسلم قد أوت جوامع الكلم‪ ،‬وتضمن كلمه الكم البالغة‪ ،‬والعان‬
‫العظيمة ف اللفاظ القليلة‪ ،‬والعبارات اليسية‪ ،‬ولذلك عندما يقول العلماء مثلً‪( :‬إنا العمال‬
‫بالنيات) ‪( ..‬ودع ما يريبك إل مال يريبك) يقول‪ :‬هذه ربع العلم‪ ،‬هذه ثلث العلم‪ ،‬هذه عبارات‬
‫جامعة‪( ،‬اتق ال حيثما كنت‪ ،‬وأتبع السيئة السنة تحها وخالق الناس بلق حسن) عبارات جامعة‪،‬‬
‫فصاحة ل توازى‪ ،‬وبلغة ل تبارى‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ُنصَِر بالرعب‪:‬‬
‫ومن خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أنه نصر بالرعب وهو‪ :‬الفزع والوف يلقيه ال ف قلوب‬
‫أعدائه والنب عليه الصلة والسلم متجه إليهم‪ ،‬أو ينوي أن يتوجه إليهم‪ ،‬فيخافونه وهو على بعد‬
‫شهر‪ ،‬وعلى بعد شهر يلقى الرعب ف قلوبم‪ ،‬فل يلكون لنفسهم استعدادا أو منعة منه‪ ،‬وإنا تنحل‬
‫عزائمهم‪ ،‬وينفرط أمرهم‪ ،‬ويافون غاية الوف‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪( :‬أعطيت خسا ل‬
‫يعطهن أحد قبلي‪ :‬نصرت بالرعب مسية شهر ‪ ...‬الديث) رواه البخاري رحه ال‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أعطي مفاتيح خزائن الرض‪:‬‬
‫وكذلك فإنه صلى ال عليه وسلم أعطاه ال مفاتيح خزائن الرض‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم ف‬
‫خصائصه‪ ...( :‬أوتيت مفاتيح خزائن الرض فوضعت ف يدي ‪ )...‬وليست كل البلدان فتحت ف‬
‫وقته عليه الصلة والسلم‪ ،‬لكن بعد وفاته عليه الصلة والسلم أكمل الشوار وأكمل الطريق وأكمل‬
‫الستيلء على الزائن أصحابه‪ ،‬ولذلك قال أبو هريرة بعدما ذكر الديث‪ ،‬قال‪ ...( :‬وقد ذهب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنتم تتثلونا ‪-‬يعن‪ :‬تستخرجونا‪ )-‬رواه البخاري ‪ .‬وقال عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ...( :‬وأعطيت الكنين الحر والبيض ‪)...‬والكن الحر‪ :‬الذهب‪ ،‬والبيض‪:‬‬
‫الفضة‪ ،‬لن أكثر مال الروم كان فضة‪ ،‬وأكثر مال الفرس كان ذهبا‪ ،‬فقال لم‪ :‬إن بلد الفرس‬
‫والروم ستسقط‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪:‬‬

‫‪563‬‬
‫وهو عليه الصلة والسلم الوحيد الذي أخب بأن ال قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬كل‬
‫النبياء يوم القيامة يقولون‪ :‬نفسي نفسي‪ ،‬كل واحد يذكر ذنبا؛ آدم يذكر خطيئته‪ ،‬ونوح يذكر‬
‫دعوته على قومه‪ ،‬وموسى يقول‪ :‬قتلت نفسا ل أؤمر بقتلها‪ ،‬وإبراهيم يقول‪ :‬كذبت ثلث كذبات‪،‬‬
‫حنَا‬
‫أما النب عليه الصلة والسلم فل يقول شيئا لن ال قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ :‬إِنّا فَتَ ْ‬
‫َلكَ فَتْحا مُبِينا * لَِي ْغ ِفرَ َلكَ الّل ُه مَا َتقَ ّدمَ مِ ْن ذَْنِبكَ َومَا تَأَ ّخ َر [الفتح‪ ]2-1 :‬ول ينقل أن ال أخب‬
‫أحدا من أنبيائه بثل ذلك‪ ،‬بل ظاهر قولم ف الديث‪ :‬نفسي نفسي‪ ،‬أنم ليس عندهم مثلما للنب‬
‫ك ِو ْزرَكَ * الّذِي أَنقَضَ َظ ْهرَكَ [الشرح‪ ]3-2:‬فالناس يوم القيامة‬ ‫ضعْنَا عَن َ‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪َ :‬و َو َ‬
‫يذهبون إليه عليه الصلة والسلم‪ ،‬يقولون‪( :‬يا ممد! أنت رسول ال وخات النبياء وقد غفر ال لك‬
‫ما تقدم من ذنبك وما تأخر ‪ )...‬لاذا؟ لن عيسى بن مري لا حولم قال لم‪( :‬لست مناكم ولكن‬
‫اذهبوا إل ممد فهو عبد قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) والديث ف البخاري ‪.‬‬
‫حفظ الكتاب الذي أنزل عليه صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ومن خصائصه عليه الصلة والسلم وهي خصيصة مهمة جدا جدا‪ ،‬متعلقة بنا نن اليوم‪ :‬أن كتابه‬
‫مفوظ فقد أعطى ال كل نب من النبياء من اليات والعجزات حجة له على قومه وبرهانا على‬
‫صحة ما جاء به‪ ،‬وأنه نب‪ ،‬وكان معجزة نبينا صلى ال عليه وسلم الكبى هي القرآن الكري‪ ،‬فمن‬
‫خصائصه عليه الصلة والسلم أن معجزته باقية‪ ،‬وأما معجزات النبياء كلها قد تصرمت وانقرضت‬
‫وبقيت معجزة نبينا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حت التوراة والنيل ترفت وتغيت وتبدلت‪ ،‬أما كتاب‬
‫ب َعزِي ٌز * ل‬ ‫هذه المة‪ ،‬قال ال فيه‪ :‬إِنّا نَحْ ُن َنزّلْنَا الذّ ْك َر وَإِنّا َلهُ لَحَافِظُونَ [الجر‪ .. ]9:‬وَِإّنهُ لَكِتَا ٌ‬
‫يَ ْأتِيهِ اْلبَاطِ ُل مِنْ بَْينِ يَدَْي ِه وَل مِنْ خَ ْل ِفهِ تَنِي ٌل مِنْ حَكِي ٍم حَمِي ٍد [فصلت‪ ،]42-41:‬قال عليه الصلة‬
‫والسلم‪( :‬ما من النبياء نب إل أعطي من اليات ما مثله آمن عليه البشر) أعطي معجزات من أجل‬
‫أن يؤمن البشر حت ل يقولوا‪ :‬وما أدرانا أنك نب‪ ،‬أثبت لنا أنك نب‪ ،‬فيقول‪ :‬هذه ناقة ال لكم آية‪،‬‬
‫ويقول هود‪ :‬فكيدون جيعا‪ ،‬كيدون ولن تستطيعوا أن تفعلوا ل شيئا‪ ،‬وهذا موسى ألقى العصا‬
‫وأخرج يده بيضاء‪ ،‬وهذا عيسى يبئ الكمه والبرص وييي الوتى بإذن ال‪ ،‬ويبهم با يدخرون‬
‫ف بيوتم‪ ،‬يقول‪ :‬ف بيتك رز‪ ،‬ف بيتك عدس‪ ،‬ف بيتك سكر‪ ،‬ف بيتك كذا‪ ،‬يبهم با يدخرون ف‬
‫بيوتم‪ ،‬ونبينا عليه الصلة والسلم له معجزات‪ ،‬أهم معجزة‪ :‬هي القرآن الكري‪ ،‬معجزة باقية ل تغيي‬
‫ول تبديل فيها‪ .‬وهذه قصة عجيبة‪ :‬قال يي بن أكثم ‪ :‬دخل يهودي على الليفة الأمون فتكلم‬
‫فأحسن الكلم‪ ،‬فدعاه الأمون إل السلم‪ ،‬فأب اليهودي‪ ،‬فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما‪ ،‬فتكلم‬
‫ف الفقه فأحسن الكلم‪ ،‬فقال له الأمون ‪ :‬ما كان سبب إسلمك؟ قال‪ :‬انصرفت من حضرتك ‪-‬أنا‬
‫لا خرجت من عندك‪ -‬قبل سنة وأحببت أن أمتحن هذه الديان‪ ،‬فعمدت إل التوراة فكتبت ثلث‬
‫نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت من ‪-‬راجت واشتروها آل يهود‪ ،‬اشتروها‬

‫‪564‬‬
‫بسرعة‪ -‬وعمدت إل النيل فكتبت ثلث نسخ‪ ،‬فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت‬
‫من ‪-‬راجت ونفقت مع أنا مرفة‪ ،‬هو بنفسه حرفها‪ -‬وعمدت إل القرآن فعملت ثلث نسخ‬
‫فزدت فيها ونقصت وأدخلتها على الوراقي فتصفحوها فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا‬
‫با ول يشتروها‪ ،‬فعلمت أن هذا الكتاب مفوظ‪ ،‬فكان هذا سبب إسلمي‪ ،‬قال يي بن أكثم ‪:‬‬
‫فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة ف الج‪ ،‬فذكرت له القصة‪ ،‬فقال ل‪ :‬مصداق هذا ف‬
‫حفِظُوا مِنْ‬ ‫كتاب ال تعال‪ ،‬قلت‪ :‬ف أي موضع‪ ،‬قال‪ :‬ف قوله تعال ف التوراة والنيل‪ :‬بِمَا ا ْستُ ْ‬
‫كِتَابِ الّلهِ [الائدة‪ ]44:‬فجعل حفظه إليهم ‪-‬إل الحبار والرهبان‪ -‬فضاع‪ ،‬وقال‪ِ :‬إنّا َنحْنُ َنزّلْنَا‬
‫الذّ ْكرَ وَِإنّا َلهُ لَحَافِظُونَ [الجر‪ ]9:‬فجعل حفظه إليه‪ :‬فحفظه ال تعال علينا فلم يضع‪.‬‬
‫السراء والعراج‪:‬‬
‫من خصائص نبينا صلى ال عليه وسلم‪ :‬السراء والعراج‪ ،‬وتضي النبياء له ف السماوات‬
‫يستقبلونه‪ ،‬وأنه عليه الصلة والسلم َأمّهم جيعا فكانوا وراءه‪ ،‬هو المام وهم الأمومون‪ ،‬والدليل‬
‫على ذلك ما جاء ف حديث أب هريرة قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬لقد رأيتن ف حجر‪-‬‬
‫بعد ما رجع ف حجر‪ -‬وقريش تسألن عن مسراي فسألتن عن أشياء من بيت القدس ل أثبتها)‬
‫‪-‬يعن‪ :‬أنا لا كنت ف بيت القدس ما حفظت التفاصيل سألون عنها بعدما رجعت‪( -‬فكربت كربة‬
‫ما كربت مثلها‪ ،‬قال‪ :‬فرفعه ال ل أنظر إليه) ‪-‬أنقذ ال نبيه ورفع له بيت القدس أمامه وهو ف‬
‫مكة ‪ ،‬أمامه ينظر إليه وعن أي شيء يسألونه يعطيهم التفاصيل‪ ،‬فهو يراه وهم ل يرونه‪ ،‬وهم‬
‫يسألونه وهو ييب من الواقع حيا على الواء‪( -‬ما يسألون شيئا إل أنبأتم به‪ ،‬وقد رأيتن ف جاعة‬
‫من النبياء‪ ،‬فإذا موسى قائم يصلي فوصفه ث قال‪ :‬فحانت الصلة فأمتهم‪ ،‬فلما فرغت من الصلة‬
‫قال قائل‪ :‬يا ممد! هذا مالك صاحب النار ‪-‬فسلم عليه‪ -‬فالتفت إليه فبدأن بالسلم) رواه مسلم‬
‫رحه ال‪.‬‬
‫خصائصه صلى ال عليه وسلم ف الخرة‪:‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم له الوسيلة والفضيلة‪:‬‬
‫من خصائص نبينا عليه الصلة والسلم‪ :‬أن له الوسيلة والفضيلة‪ ،‬فالوسيلة الراجح أنا هي منل النب‬
‫عليه الصلة والسلم ف النة‪ ،‬وهي داره‪ ،‬وهي أقرب أمكنة النة إل العرش‪ ،‬قمة النة هي الوسيلة‪،‬‬
‫درجة ف النة ل ينالا إل واحد وهو النب صلى ال عليه وسلم ل يشاركه فيها غيه‪ ،‬من قال حي‬
‫يسمع النداء‪( :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة القائمة آتِ ممدا الوسيلة والفضيلة‪ ،‬وابعثه‬
‫مقاما ممودا الذي وعدته‪ ،‬حلت له شفاعت يوم القيامة) رواه البخاري ‪ ،‬وف حديث آخر قال‪( :‬ث‬
‫سلوا ال ل الوسيلة‪ ،‬فإنا منلة ف النة ل تنبغي إل لعبد من عباد ال وأرجو أن أكون أنا هو‪ ،‬فمن‬
‫سأل ل الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم ‪ ،‬وف رواية لحد وهي ف صحيح الامع ‪ ،‬قال‬

‫‪565‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬الوسيلة درجة عند ال ليس فوقها درجة‪ ،‬فسلوا ال أن يؤتين‬
‫الوسيلة)‪ .‬الوسيلة حاصلة للنب عليه الصلة والسلم فنحن لاذا ندعو؟ نن ندعو أن يؤتيه ال الوسيلة‬
‫حت نستفيد نن وننال الشفاعة؛ لن من سأل له الوسيلة حلت له الشفاعة‪ ،‬فإذا أردت يا عبد ال!‬
‫أن تنال شفاعة رسول ال فسل ال الوسيلة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولذلك نن نقول هذا‬
‫الذكر من الذكار بعد الذان‪( :‬آتِ ممدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما ممودا) وهذه من‬
‫خصائصه عليه الصلة والسلم الخرى‪ :‬القام الحمود‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم هو صاحب القام الحمود‪:‬‬
‫ك عَسَى أَنْ َيْبعََثكَ َرّبكَ َمقَاما مَحْمُودا‬
‫والقام الحمود‪ :‬الشفاعة‪َ :‬ومِنْ اللّيْلِ َفَتهَجّدْ ِبهِ نَافَِلةً َل َ‬
‫[السراء‪ ]79:‬قال ابن جرير الطبي رحه ال‪ :‬أكثر أهل العلم على أن ذلك هو القام الذي يقومه‬
‫صلى ال عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس‪ ،‬لييهم ربم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك‬
‫اليوم‪ ،‬لن الناس يكربون يوم القيامة كربة عظيمة حت يتمن الكفار النفكاك من الوقف ولو إل‬
‫النار‪ ،‬ولن الشمس دنت من رءوس العباد فصهروا ف عرقهم‪ ،‬وهم قيام على أرجلهم‪ ،‬وخسون‬
‫ألف سنة‪ ،‬فيتمنون الفكاك ولو إل النار‪ ،‬والناس يفزعون يريدون الفكاك‪ ،‬يطوفون على النبياء‬
‫واحدا واحدا لينفرج الوقف ولتنفك الزمة‪ ،‬كل يولم‪ ،‬حت يصلوا إل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فيقوم ويستأذن على ربه ويدخل عليه ويسجد تت العرش السجدة الطويلة الت يفتح ال عليه فيها‬
‫بحامد وأدعية ل نعرفها‪ ،‬ث يقول‪ ( :‬يا ممد! ارفع رأسك‪ ،‬وسل تعط‪ ،‬واشفع تشفع )‪ ،‬فيعطى‬
‫الشفاعة ف أهل الوقف‪ ،‬فيبدأ الساب وتنفك أزمة الوقف‪ ،‬ث تبدأ قضية أخرى وهي قضية‬
‫الساب‪ ،‬ويقضي ال تعال بي اللق‪ ،‬ويأت ال تعال بكرسيه لفصل القضاء بي اللق‪ ،‬والناس‬
‫جثي‪ ،‬كل أمة جاثية‪ ،‬كل أمة تتبع نبيها‪ ،‬فهذا القام الحمود يمده عليه كل اللق لنه سبب فك‬
‫الزمة وانفضاض الناس من الوقف للحساب‪ ،‬وله عليه الصلة والسلم ف هذا الوطن شفاعات‬
‫متعددة‪ :‬شفاعة ف استفتاح باب النة‪ ،‬وشفاعة ف تقدي من ل حساب عليه لدخول النة‪ ،‬وشفاعة‬
‫ص وذنوب‪ ،‬استحقوا دخول النار أل يدخلوها‪ ،‬وشفاعة ف ناس‬ ‫ف ناس من الوحدين عندهم معا ٍ‬
‫موحدين دخلوا النار أن يرجوا منها‪ ،‬وشفاعة ف رفع درجات ناس ف النة‪ ،‬وشفاعة ف تفيف‬
‫العذاب عن عمه أب طالب ‪ .‬فالنب عليه الصلة والسلم هو الذي يستفتح باب النة فيشفع لم عند‬
‫ال تبارك وتعال‪ ،‬فيدخل ويدخلون وراءه‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم الذي يشفع لن ل حساب‬
‫عليه من أمته كما جاء ف الديث بعد ما ينادي‪ :‬يا رب! يا رب! أمت يا رب! فيقول‪( :‬يا ممد!‬
‫أدخل من أمتك من ل حساب عليهم من الباب الين من أبواب النة‪ ،‬وهم شركاء الناس فيما‬
‫سوى ذلك من البواب) رواه البخاري ‪ .‬ث إن له ف عمه أب طالب موقفا‪ ،‬تكريا للنب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فجاء العباس عم النب صلى ال عليه وسلم أخو أب طالب ‪ ،‬فالعباس أسلم وكان قلقا‬

‫‪566‬‬
‫على مصي أخيه أب طالب ‪ ،‬فقال‪( :‬يا رسول ال! هل نفعت أبا طالب بشيء؟) أبو طالب مات‬
‫كافرا وسيدخل النار قطعا‪ ،‬فحق وعيد (هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يوطك ويغضب‬
‫لك‪-‬كان يصونك ويافظ عليك‪ ،‬ويذب عنك وينافح‪ -‬قال النب عليه الصلة والسلم‪ :‬نعم نفعته‪،‬‬
‫هو ف ضحضاح من نار‪-‬ضحضاح‪ :‬ما رق من الاء على وجه الرض فاستعي ف النار‪ ،‬فقال‪ :‬هو ف‬
‫ضحضاح من نار‪ -‬ولول أنا لكان ف الدرك السفل من النار) رواه مسلم ‪ ،‬وف رواية‪ :‬أن العباس‬
‫عم النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬قال‪( :‬يا رسول ال! إن أبا طالب كان يوطك وينصرك فهل نفعه‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬نعم وجدته ف غمرات من النار فأخرجته إل ضحضاح) ومعن الغمرات‪ :‬العظم من‬
‫الشيء الكبي‪ ،‬لكن هذا الضحضاح ليس بنعيم إطلقا‪ ،‬فإن أبا سعيد الدري رضي ال عنه‪ ،‬قال أنه‬
‫سع النب صلى ال عليه وسلم وذُكِر عنده عمه أبو طالب ‪ ،‬فقال‪( :‬لعله تنفعه شفاعت يوم القيامة‬
‫فيجعل ف ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه) رواه البخاري ‪( ،‬أهون أهل النار عذابا‬
‫أبو طالب ‪ ،‬وهو منتعل بنعلي يغلي منهما دماغه) رواه مسلم ‪ .‬فنسأل ال سبحانه وتعال أن يعيذنا‬
‫من النار‪ ،‬وأن يقينا عذاب النار‪ .‬وللنب عليه الصلة والسلم دعوة مستجابة خبأها لمته من كمال‬
‫شفقته عليهم‪ ،‬ورأفته بم‪ ،‬واعتنائه بصالهم‪ ،‬وقيل‪ :‬الدعوة هذه هي الشفاعة العطاة للنب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫خصائصه ف أمته صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫لقد كانت للنب عليه الصلة والسلم خصائص ف أمته‪ ،‬فجعلت أمته خي المم‪ ،‬وأحلت الغنائم لم‪،‬‬
‫وكانت الغنائم من قبل تأت النار من السماء فتأكلها‪ ،‬وجعلت الرض لم مسجدا وطهورا‪ ،‬ووضع‬
‫عنهم الصار والغلل‪ ،‬وهداهم ال إل يوم المعة‪ ،‬وتاوز له عن أمته الطأ والنسيان وما‬
‫استكرهوا عليه‪ ،‬وحفظهم من اللك والستئصال‪ ،‬فل يكن أن ينل بأمة ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫عذاب يفنيهم تاما‪ ،‬ول يكن أن يُسلط عليهم عدو يستبيح بيضتهم كلهم إطلقا‪ ،‬ول تتمع أمته‬
‫على ضللة‪ ،‬وهم شهداء ال ف أرضه‪ ،‬وشهداء للنبياء يوم القيامة‪ ،‬وصفوفهم كصفوف اللئكة ف‬
‫الصلة‪ ،‬وهم غر مجلون يوم القيامة؛ بياض ف جباههم ومواضع الوضوء منهم‪ ،‬وأول من يتاز على‬
‫الصراط أمة ممد صلى ال عليه وسلم وهو أمامهم‪ ،‬وأول أمة تدخل النة وهو أولم‪ ،‬وأن عملهم‬
‫قليل وأجرهم كثي؛ فأعمارنا بالنسبة لعمار بقية المم أقل‪ ،‬ولكن من يدخل النة من هذه المة‬
‫أكثر‪ ،‬ثلثا أهل النة من هذه المة‪.‬‬
‫خصائصه صلى ال عليه وسلم ف بعض المور والحكام‪:‬‬
‫لقد كان للنب عليه الصلة والسلم خصائص ف بعض الحكام‪ ،‬فمثلً‪:‬‬
‫ل يوز للنب صلى ال عليه وسلم أخذ شيء من الزكاة أو الصدقة‬

‫‪567‬‬
‫ل يوز له أن يأخذ من الزكاة ول من الصدقة؛ لن هذه أوساخ الناس‪ ،‬ول تليق بالنب عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬ولذلك لا رأى ف يد السن ترة من تر الصدقة قال له‪( :‬كخ ‪ ..‬كخ ‪ ..‬أما علمت أنا ل‬
‫نأكل الصدقة) وكان يأكل الدية عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫يرم عليه صلى ال عليه وسلم إمساك أي امرأة ل تريده‪:‬‬
‫ومن خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أنه يرم عليه إمساك أي امرأة ل تريده‪ ،‬إذا أرادت أي امرأة‬
‫فراقه يب عليه أن يكنها من الفراق‪ ،‬بينما بقية الرجال ل يلزم أحدهم إذا كرهته زوجته أن يطلقها‪،‬‬
‫لكن النب عليه الصلة والسلم ملزم‪ ،‬ولذلك جاء ف صحيح البخاري أن عائشة رضي ال تعال عنها‬
‫قالت‪( :‬إن ابنت الون ‪-‬هذه بنت من ملوك العرب كانت جيلة جدا جدا‪ -‬خطبها النب عليه‬
‫الصلة والسلم وتزوجها ولا أدخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم ودنا منها‪ ،‬قالت‪ :‬أعوذ‬
‫بال منك) الرأة نفرت ث ندمت ندما ل يوصف‪ ،‬لكن هذا الذي حصل‪ ،‬فأول ما دخل عليها قالت‪:‬‬
‫(أعوذ بال منك‪ ،‬فقال لا‪ :‬لقد عذتِ بعظيم ‪ ..‬القي بأهلك) رواه البخاري ‪ .‬فحرّم عليه نكاح كل‬
‫امرأة كرهت صحبته‪ ،‬ولشك أن الرأة هذه ليست بستوى أن تكون من أمهات الؤمني‪ ،‬ولذلك ما‬
‫أكملت الطريق وأخرجت من السبة‪.‬‬
‫ل يوز للنب صلى ال عليه وسلم التراجع عن قرار الرب‪:‬‬
‫والنب عليه الصلة والسلم إذا لبس لباس الرب ل يكن أن يلعه ول يكن أن يتراجع ف قرار‬
‫الرب‪ ،‬إذا اتذ قرار الرب ولبس اللمة لبد من إكمال الشوار‪.‬‬
‫ليس للنب صلى ال عليه وسلم خائنة العي‪:‬‬
‫إن النب صلى ال عليه وسلم ليس له خائنة العي‪ ،‬بعن أنه ل يوز له ول يليق بقامه أن يشي بعينه‬
‫إشارة خفية ولو إل شيء مباح‪ ،‬مثل قتل شخص مهدور الدم‪ ،‬ولذلك لا أهدر النب عليه الصلة‬
‫والسلم دم عبد ال بن سعد بن أب سرح ‪ ،‬لنه كان من أنشد الشعر ف سب النب عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬فأي واحد سب النب عليه الصلة والسلم يقتل مباشرة‪ ،‬وقد أهدر النب عليه الصلة‬
‫والسلم دم نفر من الشركي يوم فتح مكة ‪ ،‬ومن الناس الذين أهدر دمهم‪ :‬عبد ال بن سعد بن أب‬
‫سرح ‪ ،‬عبد ال بن سعد بن أب سرح توجه إل عثمان أخيه من الرضاعة واختفى عنده‪ ،‬فلما دعا‬
‫النب عليه الصلة والسلم الناس إل البيعة جاء عثمان بابن أب سرح حت أوقفه عند النب عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬فرفع رأسه فنظر إليه ثلث مرات‪ ،‬ابن أب سرح يطلب البيعة والنب عليه الصلة والسلم‬
‫يأب‪ ،‬ابن أب السرح يطلب البيعة والنب عليه الصلة والسلم يأب‪ ،‬ث بعد الثلث بايعه‪ ،‬ث قال النب‬
‫عليه الصلة والسلم لصحابه‪( :‬أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إل هذا حيث رآن كففت يدي‬
‫عن بيعته فيقتله) أليس فيكم واحد فهمها وقام وقتله؛ لن هذا حكمه القتل‪ ،‬أي شخص يسب النب‬
‫عليه الصلة والسلم يقتل مباشرة (فقالوا‪ :‬ما ندري يا رسول ال! ما ف نفسك ‪-‬ما أدرانا أن هذه‬

‫‪568‬‬
‫رغبتك‪ -‬أل أومأت إلينا بعينك ‪-‬يعن‪ :‬إشارة ونن نقضي عليه‪ -‬قال‪ :‬إنه ل ينبغي لنب أن تكون له‬
‫خائنة العي) رواه أبو داود وغيه‪ ،‬وقال الافظ ابن حجر رحه ال ف التلخيص ‪ :‬إسناده صال‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ل يعرف القراءة ول الكتابة ول يقول الشعر‪:‬‬
‫من خصائصه عليه الصلة والسلم‪ :‬أنه ل يعرف القراءة ول الكتابة إطلقا‪ ،‬كما أن ال سبحانه‬
‫وتعال وصفه بقوله‪َ :‬ومَا كُْنتَ تَْتلُو مِنْ قَْبِلهِ مِنْ كِتَابٍ وَل َتخُ ّطهُ بِيَمِيِنكَ [العنكبوت‪ ]48:‬ل قراءة‬
‫ول كتابة‪ ،‬لاذا؟ إِذا لرْتَابَ الْمُبْ ِطلُونَ [العنكبوت‪ ]48:‬لو أنك قارئ وكاتب لقالوا‪ :‬هذا القرآن‬
‫من الثقافات الت اطلع عليها وقرأها وتعلمها من الكتب‪ ،‬ث جاء وكتب لنا هذا القرآن‪ ،‬فقال‪ :‬أنت‬
‫معروف من أول أمرك‪ ،‬ل قراءة ول كتابة‪ ،‬فأنت أمي؛ لن هذا يكون أبلغ‪ ،‬حت القرآن ل يكن‬
‫لحد أن يقول‪ :‬تعلمه من غيه‪ ،‬وأنه كان يقرأ كتب ثقافات‪ ،‬فهو ل يعرف القراءة أصلً‪ ،‬ل يوجد‬
‫إل مصدر واحد هو‪ :‬الوحي‪ ،‬من أين تيئه هذه الخبار؟ أخبار السابقي بذه التفصيلت‪ ،‬ل يعرف‬
‫يقرأ ول يكتب‪ ،‬فهذه ليست منقصة بالنسبة للنب عليه الصلة والسلم‪ ،‬بل بالعكس هي ف حقه‬
‫كمال‪ ،‬فلو كان يعرف القراءة والكتابة‪ ،‬كان فتح بابا كبيا للفتراء عليه‪ .‬وكذلك فإنه عليه الصلة‬
‫ش ْعرَ َومَا يَْنَبغِي َلهُ [يس‪ ]69:‬فهو ل يكن عالا ل بصنوفه ول‬ ‫والسلم ل يقول الشعر‪َ :‬ومَا عَلّ ْمنَاهُ ال ّ‬
‫بأنواعه‪ ،‬ولذلك لا أراد أن يستشهد ببيت كَسّره وقدّم وأخر‪ ،‬ولا قال شيئا قال رجزا يسيا‪ ،‬وشعرا‬
‫غي مقصود‪ ،‬وشيئا أتى وجرى على اللسان من غي قصد‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬
‫أنا النب ل كذب أنا ابن عبد الطلب‬
‫هذا من بور الشعر وليس من القصائد‪ ،‬وإذا جاء ببيت أو بيتي من أبيات غيه كسرها وكسر‬
‫ش ْعرَ َومَا َينَْبغِي َلهُ [يس‪.]69:‬‬ ‫الوزن‪َ :‬ومَا َعلّمْنَاهُ ال ّ‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم الوصال ف الصيام‪:‬‬
‫النب عليه الصلة والسلم أبيح له الوصال ف الصيام‪ ،‬يوال الصيام ونن ل نوال‪ ،‬هذه من خصائصه‪،‬‬
‫يتلف عنا فيها‪.‬‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم التزوج بدون ول ول شهود‪:‬‬
‫يتزوج عليه الصلة والسلم من غي ول ول شهود‪ ،‬كما حصل أن ال سبحانه وتعال زوجه زينب‬
‫بنت جحش من غي ول ول شهود‪ ،‬نزل العقد من السماء‪ ،‬كانت زينب رضي ال عنها تفخر على‬
‫أزواج النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬تقول‪[ :‬زوجكن أهليكن وزوجن ال تعال من فوق سبع ساوات]‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫للنب صلى ال عليه وسلم أن يمع أكثر من أربع نسوة‪:‬‬
‫يوز للنب عليه الصلة والسلم أن يمع أكثر من أربع نسوة ونن ل يوز لنا أن نزيد على أربع‪،‬‬
‫وف ذلك فوائد كثية‪ ،‬منها‪ :‬أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة‪ ،‬فعنده نساء متعددات وتتشرف‬

‫‪569‬‬
‫قبائل العرب بصاهرته ويزيد ذلك ف تأليفهم‪ ،‬وتكثر عشيته من جهة نسائه فيزداد أعوانه وياربون‬
‫معه وينصرون الدين‪ ،‬وكذلك نقل الحكام الشرعية من جهة عدد أكب من النساء‪ ،‬لن بعض‬
‫الشياء ل يطلع عليها إل الزوجات‪ ،‬كبعض الشياء الداخلية ف البيوت‪ ،‬وصار عندنا عدد من‬
‫أمهات الؤمني‪ ،‬كذلك ألف ال قلوب أعدائه من بعض هذه الزواجات‪ :‬أم حبيبة أبوها كان من‬
‫أعدائه‪ ،‬و صفية ألف ال قلبها على السلم‪ ،‬وهكذا حصلت من البكة ف زواجه عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫أحل للنب صلى ال عليه وسلم القتال ف مكة ساعة من نار‪:‬‬
‫أحل له القتال ف مكة ساعة من نار فقط‪ ،‬ول يل لحد آخر غيه‪ ،‬ول يوز القتال ف مكة إطلقا‪،‬‬
‫إل النب عليه الصلة والسلم أحلت له ساعة كسر با الشرك ودمر با الوثان والصنام‪ .‬وعصمه ال‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬فل يقول الباطل وكل من استهان به عليه الصلة والسلم أو سبه فإنه يكفر مباشرة‬
‫وعقوبته القتل‪ ،‬ومن الحكام الت قد يستغربا بعض الناس‪ ،‬لكن هذا هو الراجح‪ :‬أن الذي يسب‬
‫النب عليه الصلة والسلم يقتل ولو تاب‪ ،‬بينما الذي يسب ال تعال إذا تاب انتهى‪ ،‬يعفى عنه لاذا؟‬
‫لن ال غفور رحيم‪ ،‬وال سبحانه وتعال بيّن أن من أخطأ ف حقه تعال ث تاب فإنه يغفر له‪ ،‬لكن‬
‫الذي يسب النب عليه الصلة والسلم جاءت النصوص بقتله‪ ،‬فعرفنا الن أن هناك حدا شرعيا ف‬
‫كل من يسب النب عليه الصلة والسلم وهو القتل‪ ،‬من الذي يلك إسقاط الد هذا؟ هو عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬إذا تنازل سقط الد‪ ،‬أما إذا ل يتنازل فيقام الد‪ ،‬فلو أن واحدا جاء وسب النب‬
‫عليه الصلة والسلم ف حياته عليه الصلة والسلم‪ ،‬مثل ابن أب سرح فإن النب عليه الصلة والسلم‬
‫سكت عن حقه وبايعه‪ ،‬فابن أب سرح تُرك‪ ،‬أما غيه كثي قد قتلوا‪ ،‬أرسل لم من يغتالم ف بيوتم‪،‬‬
‫وعلى فرشهم‪ ،‬وبي زوجاتم‪ ،‬وخارج حصونم‪ ،‬والعمى ف الدينة كانت له أمة تدمه وتوطه‬
‫وترعاه لكنها كانت تسب النب عليه الصلة والسلم فقتلها هذا العمى‪ ،‬وأهدر النب عليه الصلة‬
‫والسلم دمها‪ ،‬والن بعد مات النب عليه الصلة والسلم لو جاء واحد وسب النب عليه الصلة‬
‫والسلم يترتب عليه أمران‪ :‬أولً‪ :‬انتهاك حق ال تعال؛ لنه عصى ال‪ ،‬وهذا معروف‪ ،‬وهذا يكن‬
‫أن يستدرك بالتوبة‪ .‬ثانيا‪ :‬انتهاك حرمة النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهذا حده القتل‪ ،‬إل إذا تنازل‬
‫النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬وبا أنه قد مات عليه الصلة والسلم فلبد من إقامة الد‪ ،‬فالذي يسب‬
‫النب عليه الصلة والسلم ويتوب فإن توبته تنفع عند ال‪ ،‬لكن لبد من قتله‪ ،‬هذا هو الراجح ف‬
‫مسألة سابّ النب عليه الصلة والسلم‪ ،‬دمه مهدور مباشرة‪ ،‬ويرفع أمره إل الاكم الشرعي ليطبق‬
‫حد ال فيه‪ ،‬يشهد عليه ويرفع أمره‪ ،‬أي واحد يسب النب عليه الصلة والسلم يشهد عليه ويرفع‬
‫أمره ويبت ف قتله‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم كان يرى من خلفه وهو يصلي‪:‬‬

‫‪570‬‬
‫ث إنه عليه الصلة والسلم من خصائصه‪ :‬أنه كان يرى من خلفه ف الصلة مع أن وجهه إل القبلة‬
‫لكنه يرى الصفوف الت خلفه‪ ،‬ويرى لو أن واحدا متقدم أو متأخر‪ ،‬ولا غشي على أساء ف قصة‬
‫الكسوف وقامت وأكملت صلتا بدون وضوء‪ ،‬والعلماء صححوا صلة من غشي عليه وقام‪،‬‬
‫والغشيان غي الغماء‪ ،‬فهو درجة أخف‪ ،‬من غشي عليه وقام وأكمل الصلة صححوا صلته‪ ،‬بأي‬
‫شيء؟ لن أساء كانت وراء النب عليه الصلة والسلم وكان يشاهد من خلفه‪ ،‬وقامت أساء‬
‫وأكملت بعد الغشيان من غي وضوء وما أنكر عليها عليه الصلة والسلم‪ ،‬معناها أن صلة الغشي‬
‫عليه إذا غشي عليه وقام صحيحة‪ .‬وذلك لنه ليس نوما وإنا هو دوخة خفيفة يكن أن نسميها‬
‫هكذا‪.‬‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ل يورّث‪ ،‬وأزواجه ل يوز الزواج بن‪ ،‬ول يتمثل الشيطان به ف النام‪:‬‬
‫النب عليه الصلة والسلم ل يورث‪ ،‬وأي مال يتركه فهو لبيت مال السلمي‪ ،‬وأزواجه ل يوز‬
‫الزواج بن بعد موته بل هن أمهات الؤمني‪ ،‬ول يتمثل الشيطان به ف النام‪.‬‬
‫دعوة النب صلى ال عليه وسلم على شخص تنقلب رحة وبركة‪:‬‬
‫وأخيا‪ :‬أي واحد من السلمي سبه النب عليه الصلة والسلم أو شتمه أو دعا عليه فإن هذه الدعوة‬
‫تنقلب ف حق هذا الرجل الدعو عليه رحة وبركة؛ لن النب عليه الصلة والسلم قال لبعض‬
‫أصحابه أشياء‪ :‬تربت يينك‪ ،‬ل كب سنك‪ ،‬ل أشبع ال بطنه ‪ ..‬كذا ‪ ..‬كذا إل آخره‪ ،‬فمرة أودع‬
‫النب عليه الصلة والسلم عائشة أسيا فهرب منها‪ ،‬مع أنا موكلة براسته فهرب‪ ،‬فلما علم عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬قال‪( :‬قطع ال يدك ‪-‬يعن‪ :‬لاذا ل تنتبهي لذا السي‪ -‬فقعدت عائشة تنتظر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ما بالك؟ قالت‪ :‬دعوت علي أن تنقطع يدي‪ ،‬قال‪ :‬أما علمتِ السألة الت سألتها رب أو كما قال‬
‫عليه الصلة والسلم قلت‪ :‬اللهم إن أتذ عندك عهدا لن تلفنيه‪ ،‬فإنا أنا بشر ‪-‬يعن‪ :‬أغضب كما‬
‫يغضب البشر‪ -‬فأي الؤمني آذيته ‪-‬شتمته‪ ،‬أو دعوت عليه‪ ،‬أوجلدته‪ ،‬شرط أن يكون من الؤمني‪-‬‬
‫فاجعلها له صلةً وزكاة وقربة تقربه با إليك يوم القيامة) رواه البخاري و مسلم وهذا لفظ مسلم ‪،‬‬
‫يعن‪ :‬حت لو سب أحد السلمي فهو ف صاله‪ ،‬صلى ال وسلم على نبينا ممد‪ ،‬فماذا بقي من‬
‫شائل هذا النب الكري وكل شائله ‪-‬والمد ل‪ -‬وخصائصه بركة وخي ورحة لذه المة؟!! نسأل‬
‫ال سبحانه وتعال أن يرزقنا شفاعته‪ ،‬وأن يعلنا من أهل ملته وسنته‪ ،‬وأن ييينا على سنته وييتنا‬
‫عليها‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫=====================‬
‫خطورة الرسوم الكرتونية الدناركية‬

‫جريدة الوطن‬

‫‪571‬‬
‫بقلم‪ :‬روبرت فيسك‬
‫كاتب بريطان‪ ،‬خدمة الندبندنت (خاص "الوطن")‬
‫إذا لقد نشروا الن صورا كرتونية للنب ممد وعمامته على شكل قنبلة‪ .‬ت سحب السفراء من‬
‫الدنارك‪ ،‬واحتج السوريون والسعوديون‪ ،‬ودول الليج تفرغ رفوف مازنا من النتجات الدناركية‪،‬‬
‫ومسلحون ف غزة يهددون التاد الوروب والصحفيي الجانب ف الدنارك‪ .‬يقول رئيس القسم‬
‫الثقاف ف الجلة الت نشرت الرسوم فيلمينج روز إننا نشهد الن "صراع حضارات" بي الغرب‬
‫العلمان والجتمعات السلمية‪ .‬هذا يثبت على ما أعتقد أننا نشهد صبيانية الضارات‪.‬‬
‫إذا لنبدأ ف قسم القائق الداخلية‪ ،‬هذه ليست قضية العلمانية مقابل السلم‪ ،‬بالنسبة للمسلمي‪ ،‬النب‬
‫هو الرجل الذي استلم كلمات مقدسة من ال‪ ،‬نن نرى قديسينا وأنبياءنا على أنم شخصيات‬
‫تاريية ربا تتناقض مع تقدمنا التكنولوجي وحريات حقوق النسان‪ .‬لكن القيقة هي أن السلمي‬
‫يعيشون ديانتهم‪ .‬نن ل نفعل ذلك‪ .‬لقد حافظوا على ديانتهم خلل تقلبات تاريية كثية‪ ،‬نن‬
‫فقدنا ديننا منذ أن كتب ماثيو أرنولد عن "زئي البحر الطويل التراجع"‪ ،‬لذلك نن نتحدث "الغرب‬
‫مقابل السلم" بدل من "السيحية مقابل السلم" لنه ل يوجد ف أوروبا الكثي من السيحيي‪.‬‬
‫إن بإمكاننا أن نارس ثقافتنا حول الشاعر الدينية‪ ،‬إنن أتذكر كيف أنه منذ أكثر من عقد من الزمن‪،‬‬
‫ظهر السيح ف أحد الفلم "آخر إغراءات السيح" وهو ف وضع مشي مع امرأة‪ ،‬ف باريس‪ ،‬أضرم‬
‫أحدهم النار ف السينما الت كانت تعرض الفيلم‪ ،‬ما أدى إل مقتل شاب فرنسي‪ ،‬وأذكر أيضا أن‬
‫جامعة كبية ف الوليات التحدة دعتن للقاء كلمة منذ ثلث سنوات‪ ،‬وفعلت ذلك‪ .‬كان عنوان‬
‫الحاضرة "‪ 11‬سبتمب ‪ :2001‬اسألوا من فعل ذلك لكن‪ ،‬بق السماء ل تسألوا لاذا"‪ ،‬عندما‬
‫وصلت‪ ،‬وجدت أن مسؤول الامعة شطبوا عبارة "بق السماء" لنم ل يريدون أن يسيئوا إل بعض‬
‫الساسيات‪ ،‬حسنا‪ ،‬إذا لدينا بعض "الساسيات" أيضا‪.‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬فيما ندعي أن السلمي يب أن يكونوا علمانيي جيدين عندما يتعلق المر برية‬
‫التعبي ‪ -‬أو رسوم كرتونية رخيصة ‪ -‬نستطيع أن نقلق على من ينتسبون إل ديانتنا‪ ،‬استمتعت أيضا‬
‫بادعاءات بعض الساسة الوروبيي بأنم ل يستطيعون السيطرة على حرية التعبي أو الصحف‪ ،‬هذا‬
‫أيضا هراء‪ .‬لو كان ذلك الرسم للنب ممد قد أظهر أحد حاخامات اليهود الكبار وقبعته على شكل‬
‫قنبلة لكان لدينا صرخات بـ"معاداة السامية" ف آذاننا‪ ،‬تاما كما نسمع احتجاجات السرائيليي‬
‫حول الرسوم الكاريكاتورية العادية للسامية ف الصحف الصرية‪ ،‬بالضافة إل ذلك ف بعض الدول‬
‫الوروبية‪ ،‬مثل ألانيا والنمسا وفرنسا ينع قانونا إنكار الحرقة والذابح الماعية‪ .‬ف فرنسا مثل ينع‬
‫أن تقول إن الحرقة اليهودية والحرقة الرمنية ل تدث‪ .‬إذا من غي السموح ف الواقع الدلء ببعض‬
‫التصريات ف بعض الدول الوروبية‪ ،‬ما زلت غي متأكد أن هذه القواني تقق الغاية منها‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫النقطة هنا أننا ل نستطيع مارسة قوانيننا السياسية لنع الرسوم الكرتونية العادية للسامية أو لنع‬
‫تصريات الذين ينكرون حدوث الحرقة‪ ،‬وبعد ذلك نبدأ بالصراخ حول العلمانية عندما نكتشف أن‬
‫السلمي يعترضون على تصويرنا الستفزازي والهي للنب ممد‪.‬‬
‫بالنسبة للكثي من السلمي الرد السلمي على هذه القضية القذرة مرج‪ ،‬هناك سبب جيد تاما‬
‫للعتقاد بأن السلمي يرغبون ف رؤية بعض عناصر الصلح ف الدين السلمي‪ ،‬لكن هذه الرسوم‬
‫كانت استفزازية‪ ،‬وهذا ليس الوقت الناسب لعادة الياة إل مقولة صاموئيلي هنتيجدون السخيفة‬
‫حول "صراع الضارات"‪ ،‬إيران فيها حكومة دينية مرة أخرى‪ ،‬وكذلك العراق‪.‬‬
‫ف مصر‪ ،‬ربح الخوان السلمون ‪ %20‬من عدد القاعد ف النتخابات البلانية الخية‪ ،‬وحاليا‬
‫حاس فازت ف النتخابات الفلسطينية‪ ،‬هناك رسالة ف كل هذا‪ ،‬أليس كذلك؟ إن سياسات‬
‫الوليات التحدة‪ :‬تغيي النظمة‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬ف الشرق الوسط ل تقق أهدافهم‪ ،‬هؤلء الليي‬
‫من الناخبي كانوا يفضلون السلم‪.‬‬
‫وف كل الحوال‪ ،‬فإن الشكلة هي أن هذه الرسوم صورت النب ممدا وكأنه رجل عنيفا ‪ ،‬وكذلك‬
‫فقد صورت السلم وكأنه دين عنف‪ ،‬السلم ليس كذلك‪ ،‬أم إننا نريد أن نعله كذلك؟‬
‫==================‬
‫د عبد النعم البي الساءة للرسول دليل عجز أعداء السلم‬

‫حوار‪ :‬د‪ .‬ليلى بيومي ‪ /‬القاهرة ‪1/1/1427‬‬


‫‪31/01/2006‬‬
‫مازالت أصداء إساءة بعض الصحف الدانركية والنرويية لرسولنا الكري ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫تتوال‪ ،‬وأخذت المة تفوق من سباتا رويدا رويدا لتواجه هذه الملة الظالة الت استهدفت الساءة‬
‫لسيد ولد آدم وأفضل خلق ال ‪ ،‬خات النبياء وإمام الرسلي ‪-‬عليه أفضل الصلة وأت التسليم‪-‬‬
‫وذلك من خلل بيانات الشجب والدانة ‪ ،‬ومسيات التنديد والستهجان ‪ -‬الطالبة بقطع العلقات‬
‫مع كل من الدانارك والنرويج – والت عمت بلد السلمي من ماليزيا شرقا إل موريتانيا غربا‪.‬‬
‫ف هذه السطور نستضيف د‪ .‬ممد عبد النعم البي رئيس جبهة علماء الزهر والستاذ بكلية الدعوة‬
‫السلمية ليجيب عن عدة أسئلة حول هذه القضية‪.‬‬
‫ما تعليق فضيلتكم على الساءة الت تعرّض لا نبينا الكري ف وسائل العلم الدانركية والنرويية؟‬
‫الساءة الت تعرّض لا الرسول – صلى ال عليه وسلم – تس كرامة وشرف كل مؤمن يعتز بصلته‬
‫بالرسول‪ .‬ول شك أنا إساءة بالغة‪ ،‬وهي دليل على العجز والقهر الذي أصاب أعداء السلم من‬
‫ثبات قدمه وقوة حجته وشوخ رايته‪.‬‬

‫‪573‬‬
‫إن ما نسمعه اليوم ثابت ف القرآن الكري ف مثل قوله تعال مؤكّدا باللم والنون‪( :‬لَتُْبَلوُنّ فِي‬
‫َأ ْموَالِكُ ْم وََأْنفُسِكُ ْم وَلََتسْ َمعُنّ مِ َن الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ َقبْلِكُ ْم َومِنَ الّذِينَ َأ ْشرَكُوا أَذىً َكثِيا وَإِنْ‬
‫ك مِ ْن َعزْمِ الُْأمُورِ) [آل عمران‪ .]186:‬فما نسمعه اليوم من إساءات وتطاول‬ ‫َتصِْبرُوا وََتّتقُوا فَإِ ّن ذَِل َ‬
‫على رموز اللود والشرف للنسانية كلها إنا هو تفسي واقعي لذه الية الشريفة وغيها من اليات‬
‫الذي تؤكد هذا الضمون‪ ،‬وهذا العن الواقعي الؤسف‪.‬‬
‫والية الشريفة تدل على أن مواجهة الساءة تكون بالصب واللتزام وتنمية روح اليان وماهدة‬
‫النفس لقتفاء الثر الالد لن تمّل البلء قبل أن يودّع الدنيا‪.‬‬
‫وجدير بالوفياء أن يستشعروا السؤولية ف مواجهة هذه الرائم با يثبت صدق الرتباط بات النبياء‬
‫والرسلي ممد – صلى ال عليه وسلم – ول يكون الرد بثل ما قالوا‪ ،‬ونن نستشعر مثل قوله‬
‫تعال‪...( :‬قُ ْل مُوتُوا ِبغَيْ ِظكُمْ إِنّ الّلهَ َعلِي ٌم بِذَاتِ الصّدُورِ)[آل عمران‪ :‬من الية‪ .]119‬والمل‬
‫الرجو أن يكون ما نسمعه من بذاءات وإساءات أجراس اليقاظ لي أمة أُخرجت للناس‪ ،‬وال‬
‫غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪.‬‬
‫ولواجهة مثل هذه الساءات فلبد أن يكون هناك إعلم نظيف يعرف من خلله الناس من هو‬
‫الرسول‪ ،‬وما هي رسالته‪ ،‬وما دوره وكيف أنقذ المة‪.‬‬
‫مقالة شيخ الزهر‪:‬‬
‫ما رأيكم فيما قاله شيخ الزهر لسفي الدانارك دفاعا عن الرسول الكري من أننا ل يب أن ني‬
‫الموات؟‬
‫بالنسبة لشيخ الزهر فإن الشاعر الامدة ل تُكلّف فوق طاقتها‪ ،‬الدفاع غي موفق بالرة‪ ،‬ول يصح‬
‫أن يكون على هذه الصورة الريضة الباهتة الت تفتقد إل الروح والغية والماسة‪ .‬وهل ماتت المة‬
‫السلمية حت نقول‪ :‬إن الرسول ل يستطيع الدفاع عن نفسه لنه ميت؟ ث إن رسولنا الكري ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬حي ف حياتنا بصورة ل تدث ف أي أمة غينا‪ .‬إن هذا النب المي هو الرحة‬
‫الهداة للنسانية جعاء ‪ ،‬وهو حاضر بديه الكري وسنته الشريفة‪ ،‬وبأنه النموذج الخلقي الذي‬
‫يتذيه السلمون ف كل كبية وصغية ف حياتم‪.‬‬
‫حلة صليبية غاشة‪:‬‬
‫ما هو تفسيكم لتكرار هذه الملت الغربية الستمرة ضد السلم والسلمي؟‬
‫* المر هو مصلة صراع سياسي ودين كبي بدءًا بالفتوحات السلمية لكثي من الدول الت كانت‬
‫خاضعة للبيزنطيي السيحيي‪ ،‬وبلغ القد السيحي غايته بفتح السلمي للقسطنطينية عاصمة الدولة‬
‫البيزنطية‪ ،‬وكذلك فتح الندلس‪.‬‬

‫‪574‬‬
‫وحاول الغرب التنفيس عن حقده عب الروب الصليبية الت استمرت قرونا‪ ،‬ث ف الكشوف الغرافية‬
‫لللتفاف حول العال السلمي وخنقه واحتلله فيما بعد‪.‬‬
‫وآخر جولت الصراع هي زرع إسرائيل ف قلب العال العرب‪ ،‬ومساعدتا بكل الوسائل كي تتوسع‬
‫وتوقف نو وتقدم الدول العربية‪.‬‬
‫لكن و على الرغم من هذا فإن هناك شهادات عظيمة صدرت‪ ،‬ول تزال تصدر عن منصفي من‬
‫عقلء الغرب على اختلف مشاربم وثقافاتم بق نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫يقول ( كلود كاهن)‪" :‬يبدو للمؤرخ النصف أن ممدا ( صلى ال عليه وسلم ) كان ف عداد‬
‫الشخصيات النبيلة السامية الت سعت بكثي من الماس والخلص إل النهوض بالبيئة الت عاش فيها‬
‫أخلقيا وفكريا"‪.‬‬
‫ويقول المي (تشارلز)‪" :‬يكن للسلم أن يعلمنا اليوم طريقة للفهم والعيش ف عال كانت فيه‬
‫السيحية هي الاسرة عندما فقدته‪ ،‬ذلك أننا ند ف جوهر السلم مافظته على نظرة متكاملة إل‬
‫الكون‪ ،‬فهو يرفض الفصل بي النسان والطبيعة‪ ،‬وبي الدين والعلوم‪ ،‬وبي العقل والادة"‪.‬‬
‫هل تفاجأت با أقدمت عليه بعض الصحف ف الدانرك والنرويج من التطاول على شخص الرسول‬
‫الكري ؟‬
‫* إن ما حدث ليس بستبعد من قوم حرّفوا كتابم وسبوا رسلهم وأنبياءهم؛ فهم قد اتموا رسلهم‬
‫بالزنا وحب الراب والعنف‪ .‬ولكن المر الن صار كله على كاهل السلمي‪ ،‬فعليهم أن يظهروا‬
‫لؤلء ما يردعهم ويردهم على أدبارهم‪ ،‬حت يعلموا أن هناك من يغضب لرسول ال‪ .‬وعلى السلمي‬
‫أن يعلموا أن من أجلّ العمال ومن أزكى الدرجات وأعلى القربات إل ال مزيد الحبة للنب ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬ومضاعفة الحبة له صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومواجهة كل من أراد بقامه الشريف‬
‫نقصا أو انتقاصا؛ فالنتصار للنب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هو دللة اليان وبرهان الحسان‪ ،‬وهو‬
‫دليل السلم؛ إذ ل إسلم ول وإيان لعبد ل يتغي حنقا وغضبا يوم أن يُسبّ رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فإن النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬نب من عند ال‪ ،‬ومن سبّ النب ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬فإنه يستهزئ بن أرسله‪.‬‬
‫إن هذا الذي رأيناه وسعنا به يدخل ضمن الملة الصليبية العالية على السلم والسلمي‪.‬‬
‫مقاطعة التطاولي على النب‪:‬‬
‫هل القاطعة القتصادية للدول الت تنتمي إليها تلك الصحف وسيلة عملية؟‬
‫الواجب على كل مسلم ف أي مكان أن يقوم با ف وسعه للدفاع والذب عن رسول ال ‪-‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ -‬وأنسب الوسائل وأكثرها تأثيا هي القاطعة‪ ،‬والقصود بالقاطعة أن تكون على كل‬

‫‪575‬‬
‫الصعدة والوجه‪ ،‬سياسيا أو اقتصاديا‪ ،‬وك ّل با يلك‪ ،‬بالضافة إل ذلك واجب الدفاع بالقلم؛‬
‫فعلى كل مسلم يستطيع أن يهاجم هذه الدولة ويفضح أفعالا هذه أن يفعل‪ ،‬بالضافة إل فضح‬
‫هؤلء الذين يراهنون‪ ،‬أو يصوتون على سبّ رسول ال من يدّعون السلم بألسنتهم‪ ،‬ث يعدّون أن‬
‫سب رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬من المكن أن يدخل تت حرية الرأي من أي وجه من‬
‫الوجوه‪.‬‬
‫ما هو الطلوب من الكومات السلمية للدفاع عن مقدساتنا ومقام النبوة الكري؟‬
‫الصمت وابتلع الهانة أمر مرفوض‪ ،‬فالتطاول على مقام خات النبياء والرسلي‪ ،‬ليس مسألة يكن‬
‫الغضاء عنها‪ ،‬ول التساهل فيها‪ ..‬ذلك أنا قضية عقدية مبدئية كبى تنتظم منظومة من القضايا الت‬
‫تُعد كل واحدة منها‪ :‬أسبقية فكرية وثقافية ودبلوماسية وحضارية‪.‬‬
‫فعدم وجود ردع فكري ودبلوماسي وإعلمي يشجع على ارتكاب الزيد من السفاهات ضد نب‬
‫السلم وضد السلم نفسه‪.‬‬
‫والتطاولون لن يتوقفوا‪ ،‬بل سيزيدون ما ل يصل هذا الردع الذي نتحدث عنه‪ ،‬وعندما يشعر‬
‫السفهاء ودولم أنم يدفعون ثنا باهظا بسبب هذا التطاول فإنم سوف يتوقفون‪ ،‬وصدق ال العظيم‬
‫ت الَْأ ْرضُ‪[.)...‬البقرة‪ :‬من الية‪.]251‬‬‫ضهُمْ بَِبعْضٍ َلفَسَ َد ِ‬
‫الذي يقول‪...( :‬وََلوْل دَفْعُ الّلهِ النّاسَ َب ْع َ‬
‫كما أنه من حق الشعوب السلمة أن يمي حكامها وقادتا عقائدها ومقدساتا ومقام نبيها الكري –‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالطرق السلمية الستطاعة‪ ،‬أي بالردع العلمي وبالركة الدبلوماسية الادة‬
‫النشطة‪ ،‬با ف ذلك‪ :‬التصالت الكثفة‪ ،‬والحتجاج بالبيانات الواضحة الازمة عن طريق السفراء‪،‬‬
‫أو وزراء الارجية‪ ،‬وبالتحرك الماعي أو الفردي‪.‬‬
‫=======================‬
‫رسالة الدفاع عن خي النبياء‬

‫خالد آل مساعد‬
‫‪khwwwkh@hotmail.com‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ،،‬وبعد‪..‬‬
‫ففي ظل الزمة الشرسة نو الديانة الت كانت سهامها متجهة صوب رسولا عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫فقد أشرقت شس الصباح الوعود لليوم الثلثي من شهر سبتمب لعام خس وألفي من اليلد مؤذنة‬
‫بأن ذلك اليوم هو يوم الرب الكب الت شنته دولة الدانارك والنرويج برسومٍ كاريكاتورية تسخر‬
‫من أخرج العال من ظلمه إل نوره‪ ,‬وتسمه بأوصاف تز ف النفس البشرية‪ ,‬بل ل يرضى مسلم أن‬

‫‪576‬‬
‫يكون هو المثل به‪ ،‬كيف ل وقد مُثل بصاحب الشرع واليازة والجرة والريادة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫لست بديثي مدافعا‪ ,‬فالمة بأسرها قامت‪ ،‬قام العلم وأفت العلماء والعلم وخطب الطباء‬
‫ووعظ الوعاظ‪ ,‬ونادت النائر وتشرفت النابر بذكره والدفاع عنه‪ ،‬فهذا وذاك‪ ,‬وكل السهام اتهت‬
‫بالدفاع والذب عن القام الحمود والوض الورود ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫خطاب هذا أدونه وأنا بكامل السرور والحبة لن ف موقف الدفاع والودة‪ ،‬ليعلم الميع أن المة‬
‫الحمدية بعدتا وسلحها قامت تؤازر وتناضل عن نبينا وإمامنا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فهذه الهود‬
‫البذولة وهذه التضحيات العلومة ل يكن دافعها إل الحبة والودة لذالكم الرسول المد والنب‬
‫الحد وصاحب الوض الورود والقام الحمود‪.‬‬
‫وإن لشد من أزر الميع ف القيام عن الذب والناصرة عن نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإن‬
‫ليغمرن الفرح والسرور با قامت به بعض الدول باستدعاء سفيها ف الدانارك‪ ،‬وما قام به رجال‬
‫العمال بإيقاف البضائع والواطني بأسرهم هنا وهناك‪ ,‬معلني للعال أجع أننا على أُهبة الستعداد‬
‫لقامة حرب اقتصادية لن يقوم بس حرف من حروف ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإننا قائمون على‬
‫الذب عنه وعما أمرنا به ما دامت فينا عي تطرف وروح تنبض‪.‬‬
‫القاطعة قامت والرسالة نادت والشارة بانت‪ ,‬والقد وضح والذب ذاع والتأييد قام والنصر قادم‪،‬‬
‫وما تفعلوا من خي تدوه عند ال هو خيًا وأعظم أجرًا‪.‬‬
‫إن أحرف رسالت مشاركة ف الذب عن عرض الرسول ممد‪ ,‬ورسالة شكر لن أدى الواجب‪ ،‬إن‬
‫رسالت تبئة لقلمي من القد الذائع والسد الشائع على صاحب البي النور والوجه الزهر‬
‫والقول الظهر وصاحب البيان والتبيي والنور البي ممد بن عبد ال صلى وسلم عليه ال‪.‬‬
‫أخيا أدعوا ال ل ولكم بأن نكون صفًا ف الدفاع عن رسولنا وقائدنا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وال‪.‬‬
‫وال يرعانا ويرعاكم ويسدد على الي خطانا وخطاكم‪.‬‬
‫===================‬
‫رسول ال‪ ..‬عذرًا‬

‫بقلم ثامر سباعنة‬


‫مدرسة معاذ بن جبل مديرية قباطية‬
‫رسول ال‪ ..‬حبيب ال‪ ..‬أغلى خلق ال‪ ..‬عذرًا وألف عذر – وإن كان اعتذارنا ل يفيد‪.-‬‬

‫‪577‬‬
‫أعداء السلم يسيئون لشخصك الكري الطاهر بجة حرية التعبي عن الرأي!! حاربوا الجاب من‬
‫قبل وتججوا برية التعبي عن الرأي‪ ،‬دنسوا القرآن الكري‪ ,‬والسبب دواعي التحقيق مع التشددين‬
‫السلميي‪ ،‬استباحوا دم السلمي ف العراق بجة الدفاع عن الديقراطية! باعوا أرض السلم ف‬
‫فلسطي ليقيموا دولة للمشردين!!‬
‫أمة السلم‪..‬‬
‫رسولنا الكري‪..‬‬
‫نن من بدأ‪ ،‬ونن من قصّر ف حقك وحق إسلمنا الغال‪ ،‬فمن إسقاط اللفة السلمية بجة‬
‫القومية والعروبة لنسقط ف مستنقع الستعمار بجه البناء والتعمي‪ ،‬لتستمر مآسينا الت صغناها‬
‫بأيدينا‪ ,‬فتسقط أرض السراء فلسطي الغالية وتدخل مموعات الصهاينة إل السجد القصى وهم‬
‫ينشدون "ممد مات‪ ..‬خلف بنات‪ ..‬ممد مات‪ ..‬خلف بنات"‪ ،‬اللهم صلي عليك يا حبيب يا‬
‫رسول ال‪ ،‬جنود أكثر من خس دول تزمهم عصابات صغية‪ ،‬والسبب أننا هجرنا القرآن والسية‪.‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يهُن ول ينقص من قدره‪ ,‬حاشا ل‪ ,‬نن من هنّا وضعفنا‪ ،‬لننا‬
‫ابتعدنا عن قرآن ربنا العظيم وعن نج رسولنا‪ ،‬نن من رخص بيعنا على مائدة الكفار والعملء‪ ،‬نن‬
‫من خسرنا كرامتنا وقيمتنا‪ ،‬نن من أعطى التصريح للغرب ليقوموا بملتهم التشويهية علينا‪ ،‬فنحن‬
‫من نسي آيات القرآن ليحفظ الغان الابطة الساقطة‪ ،‬نن من ترك سية الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم لنبحث ف سي الغني والراقصات‪.‬‬
‫أمة السلم‪ ..‬أمة ممد‪ ..‬أمة الشفاعة‪ ،‬رسولنا يساء إليه فماذا أنتم فاعلون؟! كيف تنصرون نب‬
‫ال؟!‬
‫صرْكُ ْم وَُيثَّبتْ أَقْدَامَكُمْ}‪.‬‬
‫صرُوا الّلهَ يَْن ُ‬
‫سهِمْ} و{إِنْ تَْن ُ‬
‫{إِ ّن الّلهَ ل ُيغَّي ُر مَا ِب َق ْومٍ حَتّى ُي َغّيرُوا مَا بِأَْنفُ ِ‬
‫عودوا إل السلم الصاف النقي الواضح القوي‪ ،‬عودوا للقرآن الكري‪ ..‬اقرءوا آياته وافهموها‬
‫واحفظوها‪ ،‬علموا سية النب لبنائكم وبناتكم‪" ..‬أقيموا دولة السلم ف قلوبكم تقم على‬
‫أرضكم"‪ ,‬ارفعوا قيمة السلم ف صدوركم‪ ,‬طبقوا شعار السلم كمنهج حياة وأسلوب عيش‪،‬‬
‫كونوا خي حامل للسلم فصونوه واحفظوه‪ ،‬وترهبوا عدوا ال باقتدائكم بنب ال ممد عليه صلة‬
‫ال وسلمه‪.‬‬
‫حبيب‪ ..‬رسول ال‪..‬‬
‫أرواحنا ترخص لجلك وللذود عنك وعن دينك السلمي الغال‪ ،‬لن نتردد ف بذل الغال والرخيص‬
‫ليعلوا ديننا العظيم‪ ,‬ولتصان كرامة السلمي حيث وجدوا‪ ،‬سنستحق شفاعتك يوم القيامة – إن شاء‬
‫ال – وسنلقى وجهك الكري وقد نصرناك ونصرنا دينك‪.‬‬
‫رسول ال عذرًا‪.‬‬

‫‪578‬‬
‫ارسل تعليقك‬
‫عزة ناح ‪ ...‬مصر ‪... PM 6:05:47 6/7/2006 ...‬‬
‫(ما أرسلنك إل رحه للعالي) أمه السلم ‪:‬لقد تاذلنا عن نصره نبينا ممد صلي ال عليه وسلم‬
‫لقد سطر التاريخ صور رائعة ؛ومواقف باهرة ؛لنساء دافعن عن رسول ال صلي ال عليه وسلم ييا‬
‫وشال وترد عنه سيوف العداء ونبال اللداء حت أصيبت بعده جروح فأين رجال المه !!! الذين‬
‫هم أول بالدفاع عن رسول ال صلي ال عليه وسلم فيا النساء تقاتل عن رسول ال ورجال‬
‫يتخاذلون عن نصرته ‪ 0‬نساء تقاتل ف سبيل نصره رسول ال ورجال يتنعون عن مقاطعه بضائع‬
‫العدو!!‪ 1‬ويا ل العتصم يرك جيشا من اجل مسلمه ضربت علي وجهها ورسول ال صلي ال عليه‬
‫وسلم يسب جهارا نارا ول نتحرك من اجله !!! فاعذرا يا رسول ال ‪00‬ان تاذلنا عن الدفاع‬
‫عنك ؛فان بعضنا مشغول بالسهم الالية!!! عذرا يا رسول ال ‪00‬فان الال أحب إل قلوبنا‬
‫منك !!! عذريا رسول ال‪00‬فان الجبان الدناركيه أحب إل بعضنا من الدفاع عنك!!! عذرا يا‬
‫رسول ال ‪00‬فان مصالنا الدنيويه مقدمه عند بعضنا البعض!!‪ 1‬عذرا يا رسول ال ‪00‬فاننا‬
‫نغضب اشد الغضب إذا اغتصبت أموالنا ؛ول يغضب بعضنا لك!!! وأنت يساء أليك علنا بل حياء‬
‫ول خوف ول وجل ‪0‬ايها السلمون ‪:‬إن تاذلنا عن نصره رسول ال صلي ال عليه صلي ال عليه‬
‫وسلم فان ال ناصر نبيه ؛رافع ذكره _رافع شانه معذب الذين يؤذنه ف الدنيا والخره وف الصحيح‬
‫عن رسول ال صلي ال عليه وسلم قال‪ :‬ال تعال (من عاد ل وليا فقد آذنته بالرب)‪0‬فكيف من‬
‫عاد النبياء ؟يقول ال تعال (َوالذين يؤذن رسوَل ال لُهم َعَذابٌ اَِليمٌ )أتعجزون عن مقاطعه منتجاتم‬
‫غيه لنبيكم صلي ال عليه وسلم ؟!حت يعلم أولئك الوغاد إن لرسول ال صلي عليه وسلم أنصارا‬
‫ول يرضون إن يدنس مقامه ؛أو أن يس عرضه يسؤ ول يصمتون حي يهان آل تقدرون أن تدعوا‬
‫عليهم وذالك اضعف اليان آفل تقدرون أن تعلموا أولدكم أن رسول ال تعب كثيا وعان كثيا‬
‫لكي توصل الدعوة لنا إل تقدرون إن تفعلوا شيء ايابيا خدمه للحبيب فداك مال وأهلي يا حبيب يا‬
‫شفعي يوم ل ينفع مال ول ولد يا من بعثت رحه لنا اللهم ما انصر السلم والسلمي‪0‬فيل أمه‬
‫السلم ‪:‬من ينتصر لرسول ال ‪.‬؟!فكم أوذي من اجلنا ؟كم بصق علي وجهه الكري من اجلنا ؟ كم‬
‫طرد الضه من اجلنا ؟أنعجز بعد هذا الهد ‪0‬وذالك التعب ‪00‬ان نقاطع النتجات الدناركيه؟!‪0‬‬
‫نعم أيها السلمون إن نقف وقفه واحده جادة ‪0‬ونفجر غضبنا عليهم بالفعال الت ل يكن تاهلها ؛‬
‫تعالوا نطعنهم ف شريانم الرئيسي وف سر قوتم ؛ تعالوا نطعنهم ف اقتصادهم ؛ دون أن نسر‬
‫شيئا ؛ ونكون بذلك قد حطمنا جزئا من كبيائهم ؛ ول يقل قائل كم سيكون حجم مقاطعت ؛ فان‬
‫الطلوب منك إن تبا ذمتكم أمام ال تعال ؛ يقول النب عليه السلم (وجاهد الشركي بأموالكم‬
‫وأيديكم والسنتكم ) اللهم ما انصر رسولك الكري علي أعداء الدين ‪00‬امي ‪... ... ...‬‬

‫‪579‬‬
‫=======================‬
‫( صب الرسول على الذى )‬

‫عناصر الوضوع ‪:‬‬


‫‪ .1‬أهية دراسة شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ .2‬صب النب صلى ال عليه وسلم على أذى الكفار‬
‫‪ .3‬صور أخرى من صب النب على الذى يقتدى به فيها‬
‫صب الرسول على الذى‪:‬‬
‫ل تقم دعوة السلم‪ ،‬ول تبلغ ما بلغت إل بعد تضحيات جسيمة‪ ،‬وتمل صنوف من الذى‪ ،‬وأول‬
‫من واجه ذلك وصب عليه هو إمام هذه الدعوة صلى ال عليه وآله وسلم‪ ،‬وف ذلك للمسلم أسوة ف‬
‫مواجهة الشاكل والذى الذي يعترضه خلل الدعوة إل دينه‪.‬‬
‫أهية دراسة شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫إن المد ل‪ ،‬نمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده‬
‫ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله‪ .‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّلهَ حَقّ ُتقَاِتهِ وَل تَمُوتُنّ إِلّا وَأَْنتُ ْم مُسْلِمُو َن [آل‬
‫عمران‪ .]102:‬يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا رَبّكُ ُم الّذِي خََلقَكُ ْم مِنْ َن ْفسٍ وَاحِ َد ٍة وَخََل َق مِْنهَا َزوْ َجهَا َوَبثّ‬
‫مِْنهُمَا رِجَالً َكثِيا وَِنسَاءً وَاّتقُوا الّلهَ الّذِي تَسَاءَلُونَ ِب ِه وَالَْأرْحَامَ إِ ّن الّلهَ كَا َن عََليْكُ ْم رَقِيبا [النساء‪:‬‬
‫‪ .]1‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّل َه وَقُولُوا َقوْلً سَدِيدا * ُيصِْلحْ لَكُمْ َأعْمَاَلكُ ْم وََي ْغفِرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُ ْم َومَنْ‬
‫يُطِ ِع الّلهَ َورَسُوَلهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزا عَظِيما [الحزاب‪ .]71-70:‬أما بعد‪ :‬فإن أصدق الديث كتاب‬
‫ال‪ ،‬وخي الدي هدي ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وشر المور مدثاتا‪ ،‬وكل مدثة بدعة‪ ،‬وكل‬
‫بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة ف النار‪ .‬عباد ال‪ :‬إن دراسة شخصية رسول ال صلى ال عليه وسلم من‬
‫المور الهمة للمسلم الذي يريد أن يطبق قول ال عز وجل‪ :‬قُ ْل هَ ِذهِ سَبِيلِي َأ ْدعُو إِلَى الّل ِه عَلَى‬
‫َبصِ َيةٍ أَنَا َومَنِ اتَّبعَنِي [يوسف‪ ]108:‬ويريد أن يسي على تأث ٍر من نور هذه الية‪َ :‬لقَدْ كَانَ لَ ُكمْ فِي‬
‫سنَةٌ [الحزاب‪ .]21:‬وشخصية رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها جوانب‬ ‫رَسُولِ الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫كثية من العظمة؛ تلك الوانب الت ل بد للداعية إل ال‪ ،‬ومن يريد أن يترب على طريق السلم أن‬
‫يدرسها دراسة متأنية‪.‬‬
‫عظمة رسول ال صلى ال عليه وسلم وصبه على الستهزاء‪:‬‬

‫‪580‬‬
‫ونن نستعرض ف هذا القام جانبا من جوانب عظمة شخصية رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو إل ال على نو ٍر من ربه‪ ،‬ويصب على الذى ف سبيل هذه‬
‫الدعوة‪ ،‬وصبه صلى ال عليه وسلم على الذى يتمثل ف أحداث كثية تّت ف حياته صلى ال عليه‬
‫وسلم؛ من مواجهته للكفار والشركي والنافقي‪ ،‬وف عامٍ واحد وهو العام العاشر من البعثة يتوف‬
‫ال تعال خدية رضي ال عنها ويوت أبو طالب ‪ ،‬فيطمع كفار قريش ف أذية رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ما ل يكونوا يطمعون قبل ذلك‪ ،‬وأذية الكفار لرسول ال صلى ال عليه وسلم تتمثل ف‬
‫جوانب كثية‪ :‬أولً‪ :‬الستهزاء برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يقول ال عز وجل‪ :‬وَِإذَا رَآكَ الّذِينَ‬
‫َك َفرُوا إِنْ يَتّخِذُوَنكَ إِلّا ُهزُوا َأهَذَا الّذِي يَذْ ُكرُ آِلهَتَكُ ْم َوهُمْ بِذِ ْك ِر الرّحْمَ ِن هُمْ كَاِفرُونَ [النبياء‪:‬‬
‫‪ ]36‬أن يهزأ البطل بالحق‪ ،‬وأن يسخر السفيه بالعاقل‪ ،‬تلك وال أذية كبية تقع كالصخر على‬
‫صدر الذي يتعرض لذا النوع من الذى‪ ،‬رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلم أنه على الق وهم‬
‫يستهزئون به‪ :‬وَِإذَا رََأوْكَ إِنْ َيتّخِذُوَنكَ إِلّا ُهزُوا َأهَذَا الّذِي َبعَثَ الّل ُه رَسُولً [الفرقان‪]41:‬‬
‫يستهزئون بشخصيته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولكنه يصب على هذا الذى وهو يتفكر ف قول ال تعال‬
‫خرُوا مِْنهُمْ‬ ‫يسري عن شخصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬وََلقَدِ ا ْسُت ْهزِئَ ِبرُسُ ٍل مِ ْن قَبِْلكَ َفحَاقَ بِالّذِي َن سَ ِ‬
‫مَا كَانُوا ِبهِ يَسَْت ْهزِئُو َن [النعام‪ .]10:‬لقد دارت دائرة السوء عليهم‪ ،‬وهذا الستهزاء الذي استهزءوا‬
‫به قد أصبح وبا ًل عليهم‪.‬‬
‫للدعاة ف النب صلى ال عليه وسلم أسوة ف الصب على الستهزاء‪:‬‬
‫واليوم يقف الداعية إل ال سبحانه وتعال‪ ،‬المر بالعروف والناهي عن النكر موقفا حرجا أمام‬
‫السهام الت توجه إليه من الستهزئي وهم يستهزئون بشخصيته‪ ،‬أو يستهزئون بظهره‪ ،‬أو يستهزئون‬
‫بالفكار الت يملها‪ ،‬إنه يتأسى بوقف رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الصب على هذا الستهزاء‪.‬‬
‫ولقد صب رسول ال صلى ال عليه وسلم على شت التامات؛ فقد اتموه بأنه يقول الشعر‪ ،‬وأن هذا‬
‫القرآن إنا هو شعر‪ ،‬وأنم أيضا شعراء ولو شاءوا أن يأتوا بثل شعره لتوا‪ ،‬يريدون أن يولوا هذا‬
‫القرآن عن الجرى العظيم والقالب الذي نزل به؛ لكي يقولوا للناس‪ :‬نن نستطيع أن نصنع مثله قال‬
‫ضغَاثُ أَحْلمٍ بَ ِل افَْترَاهُ بَ ْل ُهوَ شَا ِعرٌ [النبياء‪ ]5:‬وقالوا‪َ :‬أإِنّا َلتَارِكُو آِلهَتِنَا ِلشَا ِعرٍ‬ ‫تعال‪ :‬بَ ْل قَالُوا َأ ْ‬
‫ب الْمَنُو ِن [الطور‪ ]30:‬إنم‬ ‫ص ِبهِ رَْي َ‬
‫مَجْنُونٍ [الصافات‪ ]36:‬وقال ال عنهم‪َ :‬أمْ َيقُولُونَ شَا ِعرٌ َنَترَبّ ُ‬
‫ينتظرون نايته‪ ،‬وينتظرون موته حت تدفن دعوته ف مهدها‪ ،‬ول تقوم لا قائمة‪ ،‬ولكن ال سبحانه‬
‫صرُونَ‬ ‫صرُو َن * َومَا ل تُْب ِ‬ ‫وتعال تول الرد عليهم‪ ،‬وتثبيت نبيه صلى ال عليه وسلم‪ :‬فَل أُقْسِ ُم بِمَا ُتْب ِ‬
‫ل مَا ُت ْؤمِنُونَ [الاقة‪ ،]41-38:‬وقال عز وجل‪:‬‬ ‫* إِّنهُ َل َقوْلُ رَسُولٍ َكرِ ٍي * َومَا ُه َو ِب َقوْلِ شَا ِعرٍ قَلِي ً‬
‫ش ْعرَ َومَا َينَْبغِي َل ُه [يس‪ .]69:‬وكل عارف باللغة العربية؛ بنثرها وشعرها يعرف أن هذا‬ ‫َومَا َعلّمْنَا ُه ال ّ‬
‫القرآن ليس على وزن الشعر‪ ،‬وليس شعرا كالذي يقوله الشعراء‪ .‬واليوم يقف الدعاة إل ال عزوجل‬

‫‪581‬‬
‫أمام الستهزئي وهم يرمونم بتهم مثل هذه‪ ،‬فليس لم وال إل الصب عليها‪ ،‬والرد على هذه‬
‫الشبهات الت تطلق على الشريعة وأفكار الدين‪ ،‬منتهجي نج القرآن ف الرد عليها‪ .‬وأوذي عليه‬
‫شرِ‬ ‫س وَبَ ّ‬ ‫س عَجَبا أَنْ َأوْحَْينَا إِلَى رَ ُجلٍ ِمْنهُمْ أَنْ َأنْ ِذرِ النّا َ‬ ‫السلم باتامه بالسحر‪ ،‬قال تعال‪ :‬أَكَانَ لِلنّا ِ‬
‫ي [يونس‪ ..]2:‬وَقَالَ‬ ‫ق عِنْ َد رَّبهِ ْم قَالَ الْكَاِفرُونَ إِ ّن هَذَا لَسَا ِح ٌر مُِب ٌ‬ ‫الّذِي َن آمَنُوا أَنّ َلهُمْ َق َدمَ صِدْ ٍ‬
‫سحُورا [الفرقان‪]8:‬‬ ‫اْلكَاِفرُو َن هَذَا سَا ِحرٌ كَذّابٌ [ص‪ ..]4:‬وَقَا َل الظّالِمُونَ إِ ْن تَتِّبعُونَ إِلّا رَ ُجلً مَ ْ‬
‫ك مَا أَتَى الّذِينَ مِ ْن قَْبِلهِمْ مِ ْن رَسُولٍ ِإلّا قَالُوا سَا ِحرٌ َأ ْو مَجْنُونٌ‬ ‫ولكن ال رد عليهم فقال‪ :‬كَذَِل َ‬
‫[الذاريات‪ ]52:‬لاذا يريد الاهليون أن يصموا شخصية رسول ال صلى ال عليه وسلم بالسحر؟‬
‫لنم رأوا أن لذا القرآن الذي يتلوه صلى ال عليه وسلم أثرا عظيما على نفوس الناس؛ إنه يذب‬
‫النظار‪ ،‬ويأخذ بجاميع القلوب ( إن عليه لطلوة‪ ،‬وإن له للوة ) فهم يريدون أن يصرفوا أذهان‬
‫الناس عن سبب هذا التأثي؛ وسبب هذا التأثي أن القرآن كلم ال‪ ،‬سبب هذا التأثي أنه نزل من عند‬
‫ال الذي خلق النفس‪ ،‬ويعلم ما يؤثر بذه النفس‪ ،‬وما تتأثر به هذه النفس‪ ،‬إنم يريدون أن يصرفوا‬
‫سبب التأثي إل السحر الذي يؤثر ‪-‬كذلك‪ -‬ف الناس؛ إنا وال دعاية إعلمية يريدون أن يلبسوا با‬
‫على الناس الذين يتأثرون بكلم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ويقف الدعاة إل ال عزوجل اليوم‬
‫أمام أولئك الشاتي الذين يريدون أن يلبسوا الق بالباطل‪ ،‬ويريدون أن يصرفوا الناس عن تأثي‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬إنم يستخدمون وسائل شت من التهويس والتهويل‪ ،‬وصرف أنظار الناس عن هذا‬
‫القرآن‪ ،‬وعن الوحي‪ ،‬وعن التأثر بالشريعة‪ ،‬فيستخدمون لذلك وسائل شت‪ .‬إن على دعاة السلم أن‬
‫يابوا هذه الواقف‪ ،‬وأن ُيجَلّوا للناس أثر القرآن والسنة‪ ،‬وأن يُروا الناس بأبصار قلوبم قبل أبصار‬
‫عيونم أن هذا القرآن وهذه السنة ذات أثر على الناس‪ ،‬ماطبة الناس بالقرآن والسنة‪ ،‬وربطهم با‬
‫مباشرة من الواجبات اليوم‪ ،‬حت يصل ذلك التأثي‪ .‬وصب صلى ال عليه وسلم على اتامه بالنون‪:‬‬
‫وَقَالُوا يَا َأّيهَا الّذِي ُنزّ َل عََلْيهِ الذّ ْكرُ إِّنكَ لَ َمجْنُونٌ [الجر‪ ]6:‬وقالوا‪ :‬أَإِنّا لَتَارِكُو آِلهَِتنَا لِشَا ِعرٍ‬
‫جنُونٌ [الدخان‪ .]14:‬ليس أصعب على‬ ‫مَجْنُونٍ [الصافات‪ ..]36:‬ثُمّ َتوَّلوْا عَْن ُه وَقَالُوا ُمعَلّ ٌم مَ ْ‬
‫صاحب اليان‪ ،‬والعقل الراجح‪ ،‬والرأي السديد‪ ،‬والفكر الصائب‪ ،‬من أن يتهم ف عقله‪ ،‬وأن‬
‫يوصف بالنون‪ .‬وتول ال الرد على هذه الفرية مثبتا رسوله صلى ال عليه وسلم‪ :‬قُلْ إِنّمَا َأعِظُكُمْ‬
‫ِبوَاحِ َدةٍ أَنْ َتقُومُوا لِّل ِه مَثْنَى وَُفرَادَى ثُ ّم تََتفَ ّكرُوا مَا ِبصَا ِحبِكُ ْم مِنْ جِنّةٍ إِ ْن ُهوَ ِإلّا نَذِيرٌ لَكُمْ َبيْنَ يَ َديْ‬
‫جنُونٍ [التكوير‪ ،]22:‬وقال سبحانه‬ ‫عَذَابٍ شَدِيدٍ [سبأ‪ ]46:‬وقال عز وجل‪َ :‬ومَا صَاحُِبكُمْ بِمَ ْ‬
‫جنُونٍ [القلم‪ .]2-1:‬واليوم عندما ياول‬ ‫وتعال‪ :‬نْ وَاْلقَلَ ِم َومَا َيسْ ُطرُونَ * مَا أَْنتَ ِبِنعْمَ ِة رَّبكَ بِمَ ْ‬
‫الداعية إل ال أن يبي للناس الق‪ ،‬ويرجعهم إليه‪ ،‬وأن يبي لم اليزان الصحيح‪ ،‬ويزيل عنهم‬
‫الغشاوة الت رانت على قلوبم‪ ،‬والجاب الذي غطى أبصارهم‪ ،‬ويريد أن يرجعهم إل الشريعة وإل‬
‫الدين‪ ،‬يقولون له‪ :‬أأنت منون؟!! كيف تريدنا أن نرجع إل ذلك الواقع وأنت ترى الغرب والشرق‪،‬‬

‫‪582‬‬
‫وترى القوى العظمى‪ ،‬والواقع الستحكم‪ ،‬ث تريد أن تنقلنا إل عصر يطبق فيه السلم (‪)%100‬؟‬
‫هذا مستحيل! كن واقعيا‪ ،‬دع هذه اليالت جانبا‪ ،‬إنك تلم! وعند ذلك يب أن يابه الداعية إل‬
‫ال هذه السهام بواقعية السلم‪ ،‬وأن يثبت للناس أنه يكن أن يطبق السلم‪ ،‬وأن أفكار السلم‬
‫ليست جنونا ول هوسا‪ ،‬رغم تلك التامات الباطلة الت يتهم با أعداء السلم التمسكي بشرع‬
‫ال‪ ،‬إنم يرمونم كما رمى الكفار رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪-‬قدوة هذا الداعية‪ -‬رموه أول‬
‫مرة بالنون والوس واختلل العقل‪ ،‬إنم كذلك اليوم يرمون من تسك بالدين بالسفه‪ ،‬والنون‪،‬‬
‫والوس‪ ،‬والوسوسة‪ ...‬إل آخر تلك التهم‪ ،‬إنم يتصورون أن تكيم ال ف الشرع والواقع يؤدي إل‬
‫جنوح النسان عن طريقة التفكي الصحيحة‪ ،‬وعن الواقعية‪ ،‬إن واقعهم فاسد‪ ،‬ولذلك يتصورون أنه‬
‫واقع صحيح من شدة ضغطه عليهم‪ ،‬ومن تشبعهم بأفكار هذا الواقع‪ ،‬ويتصورون أن تكيم السلم‬
‫ف القواني والظاهر‪ ،‬والعبادات والعقائد؛ أنه جنون وهوس؛ لنم ل يعقلون‪ ،‬فعقولم ل تتحمل‬
‫عظمة تلك التكاليف‪ ،‬ول يتصورون كيف يكن أن تطبق هذه التكاليف ف ظل الظلمات الاهلية‬
‫الت يرزحون اليوم تت نيها؛ ولنم ل يستطيعون أن يتصوروا الواقع كيف يكون إسلميا؛ يتهمون‬
‫من ينادي بالعودة إل الواقع السلمي الصحيح بالنون‪ ،‬ول يكن أن تتصور عقولم كيف يكن أن‬
‫يطبق السلم (‪)%100‬؟ وهذه نقطة خطية أيها الخوة‪.‬‬
‫صب النب صلى ال عليه وسلم على أذى الكفار‪:‬‬
‫صبه على أنواع التهم ف عقله وعرضه‪:‬‬
‫وقد صب رسول ال صلى ال عليه وسلم على اتام كفار قريش له بالتكذيب‪َ :‬وقَالَ الْكَاِفرُو َن هَذَا‬
‫سَا ِحرٌ كَذّابٌ [ص‪ ..]4:‬إِ ْن هَذَا إِلّا إِ ْفكٌ افَْترَاهُ وََأعَاَنهُ َعلَْيهِ َق ْومٌ آ َخرُونَ [الفرقان‪َ ..]4:‬أمْ َيقُولُونَ‬
‫افَْترَى َعلَى الّلهِ كَذِبا [الشورى‪ ]24:‬يقولون هذا من جهة ف مناسبات كثية‪ ،‬ومواقف متعددة‪،‬‬
‫وهم ف مناسبة أخرى وف موقف آخر يعلمون ويعترفون بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم ليس‬
‫بكذاب‪ .‬وف صحيح البخاري لا سأل هرقل أبا سفيان ف بداية مقابلته له‪ ،‬قال‪ :‬هل كنتم تتهمونه‬
‫بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فهذا هرقل جاءته لظات من التجرد والنصاف‪ ،‬ولقد هم أن يدخل‬
‫هذا الدين لول جشع اللك وحب الرئاسة‪ ،‬وخوفه من زوال سلطانه‪ ،‬فرجع إل الكفر‪ ،‬ولكنه قد‬
‫رأى الق بأم عينيه‪ .‬قال أبو سفيان ‪ :‬ل‪ .‬ث قال له ف آخر مقابلته‪ :‬وسألتك هل كنتم تتهمونه‬
‫بالكذب قبل أن يقول ما قال‪ ،‬فذكرت أن ل‪ ،‬وأعرف أنه ل يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب‬
‫على ال؛ أي‪ :‬أنت تقول أن ممدا صلى ال عليه وسلم ما عهدت منه الكذب على الناس قبل البعثة‪،‬‬
‫فعلمتُ أنه ل يكن ليذر الكذب على الناس ث يكذب على ال‪ ،‬والكذب على ال أصعب وأشد من‬
‫الكذب على الناس‪ ،‬فعلم أنه صادق‪ .‬ولقد تول القرآن الرد على هذه الزاعم فقال‪َ :‬أمْ َيقُولُونَ ا ْفَترَاهُ‬
‫ت [هود‪ ]13:‬أي‪ :‬إذا زعمتم أنه كذاب فهاتوا عشر سور مثل سور‬ ‫شرِ ُس َورٍ مِْثِلهِ ُمفَْترَيَا ٍ‬
‫قُ ْل فَأْتُوا ِبعَ ْ‬

‫‪583‬‬
‫القرآن‪ :‬وَا ْدعُوا مَنِ اسْتَ َطعُْتمْ مِ ْن دُونِ الّلهِ [هود‪ ]13:‬لكي تألفوا هذه السور؛ من سائر عظماء‬
‫الشعراء وأهل النثر والبلغة‪ :‬وَا ْدعُوا مَنِ ا ْستَ َطعْتُ ْم مِ ْن دُونِ الّلهِ إِنْ كُْنتُ ْم صَادِِقيَ [هود‪ .]13:‬ث تنل‬
‫القرآن ف الرد عليهم إل ما هو أدن من ذلك‪ ،‬فقال ال عزوجل‪َ :‬أمْ َيقُولُونَ افَْترَاهُ قُلْ فَ ْأتُوا ِبسُو َرةٍ‬
‫مِثِْل ِه [يونس‪ ]38:‬عظم التحدي ونقص القدار‪ ،‬فظهر التحدي أعظم‪َ :‬أمْ َيقُولُونَ ا ْفَترَاهُ قُلْ فَ ْأتُوا‬
‫بِسُو َر ٍة مِثْلِه [يونس‪ ]38:‬فعجزوا‪ ،‬ولا حاول الكذابون أن يأتوا بسورة واحدة مثل سور القرآن؛‬
‫أتوا بأشياء مضحكة ليس هذا مال سردها‪َ :‬أمْ َيقُولُونَ ا ْفَترَاهُ قُلْ إِنِ افَْترَْيُتهُ َفعَلَيّ إِ ْجرَامِي وََأنَا َبرِيءٌ‬
‫حقّ [السجدة‪ .]3:‬ويسري القرآن عن نفس‬ ‫ج ِرمُونَ [هود‪َ ،]35:‬أمْ َيقُولُونَ افَْترَاهُ بَ ْل ُهوَ الْ َ‬ ‫مِمّا تُ ْ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويثبت ال به قلب رسول ال صلى ال عليه وسلم فيقول‪ :‬وََلقَدْ‬
‫صرُنَا وَل مُبَدّلَ لِ َكلِمَاتِ الّلهِ وََلقَدْ‬ ‫ت رُسُ ٌل مِنْ َقبِْلكَ َفصََبرُوا َعلَى مَا كُذّبُوا وَأُوذُوا َحتّى أَتَاهُمْ َن ْ‬ ‫كُذَّب ْ‬
‫جَاءَ َك مِنْ نَبَِأ الْ ُمرْ َسِليَ [النعام‪ .]34:‬واليوم عندما يقف المر بالعروف والناهي عن النكر أمام‬
‫الناس‪ ،‬ويدعوهم إل ال‪ ،‬ويبي لم أحكام الدين؛ ويبي لم اللل والرام‪ ،‬يقولون له‪ :‬أنت كذاب‪،‬‬
‫ل يكن أن يكون ف القرآن كذا‪ ،‬ل يكن أن يكون ف السنة كذا‪ ،‬ل يكن أن يأمر الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم بكذا‪ ،‬هذا الذي تدعون إليه ليس بدين‪ ،‬أنت تكذب على الدين‪ ،‬أنت جئت بدين‬
‫جديد‪ ،‬ليس هذا الدين الذي نعرفه‪ ،‬لقد رأينا الدين من آبائنا وأجدادنا‪ ،‬ولقد رأينا الدين سني‬
‫عديدة ما رأينا فيه مثل هذا الذي تدعو إليه‪ ،‬فيتهمونه بالكذب على الشريعة‪ ،‬وهم قد أتوا من قبل‬
‫جهلهم؛ فلجهلهم رموه بالكذب‪ ،‬وأتوا من قبل تقليدهم لبائهم وأجدادهم‪ ،‬وعدم اتباع الق‪ ،‬وأتوا‬
‫من اتباع أهوائهم؛ لنك عندما تبهم بالق الذي يالف أهوائهم؛ إذا كان الق واضحا يقولون‪:‬‬
‫أنت كذاب ‪ ..‬فعليك أن تصب كما صب رسل ال صلوات ال وسلمه عليهم‪.‬‬
‫صب النب صلى ال عليه وسلم على تلقي الذى ف جسده‪:‬‬
‫ولقد صب عليه الصلة والسلم على أذى الشركي ف جسده صبا عظيما‪ ،‬روى البخاري رحه ال‬
‫عن عروة بن الزبي قال‪ :‬قلت لعبد ال بن عمرو بن العاص ‪ :‬أخبن بأشد شيءٍ صنعه الشركون‬
‫برسول ال صلى ال عليه وسلم؟ قال‪( :‬بينا رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة؛ إذ‬
‫أقبل عقبة بن أب معيط وهو من الكفار‪ ،‬فأخذ بنكب رسول ال صلى ال عليه وسلم ولوى ثوبه ف‬
‫عنقه فخنقه خنقا شديدا)‪ .‬عقبة بن أب معيط يلوي الثوب حول رقبة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم يصلي‪( :‬ولوى ثوبه ف عنقه فخنقه خنقا شديدا‪ ،‬فأقبل أبو‬
‫بكر رضي ال عنه‪ ،‬فأخذ بنكبه ودفع عن النب صلى ال عليه وسلم ث قال‪َ :‬أَتقْتُلُو َن رَجُلً أَنْ َيقُولَ‬
‫ت مِ ْن رَبّكُمْ [غافر‪ .)]28:‬آذوه ف بدنه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولذا‬ ‫رَبّ َي الّل ُه وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالَْبيّنَا ِ‬
‫أمثلة سنذكرها إن شاء ال‪ .‬ف معركة أحد ماذا حصل للنب صلى ال عليه وسلم؟ الذي حصل له‬
‫أيها الخوة‪ :‬أنه أُدمي حت سال الدم من وجهه‪ ،‬وقد أخرج البخاري رحه ال ف صحيحه ‪( :‬أن‬

‫‪584‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لا أصيب ف أحد فسال الدم على وجهه‪ ،‬رجع إل الدينة ول زال‬
‫النف ف وجهه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فقام علي رضي ال عنه على رأسه‪ ،‬و فاطمة تأخذ من الناء‬
‫ف يد علي فتغسل وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم بالاء‪ ،‬ولكن الرح ل يرق‪ ،‬فأخذت حصيا‬
‫ل حت وقف‬ ‫فأحرقته ووضعت رماده على جرح رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فتماسك الرح قلي ً‬
‫الدم)‪.‬‬
‫للدعاة ف رسول ال أسوة ف الصب على الذى‪:‬‬
‫فهذا رسول ال صلى ال عليه وسلم يؤذى ف جسده‪ ،‬واليوم يعان التمسكون بشرع ال عز وجل‬
‫أصناف العذاب‪ ،‬وألوان الذى ف سبيل ال‪ ،‬فيضربون بالسياط‪ ،‬ويسحلون بالشوارع‪ ،‬ويرون على‬
‫جلودهم فوق الجارة والشوك‪ ،‬كما وقع بالنفر الول من الصابرين الصادقي‪ ،‬وأدن من ذلك تقع‬
‫صور من العذاب ف داخل البيوت‪ ،‬هل رأيتم أبا تصل به الدناءة والسة أن يضرب ولده؛ لنه امتنع‬
‫عن النكرات؟! هل رأيتم أبا تصل به السة والدناءة أن يقفل الباب على ابنه حت ل يذهب لصلة‬
‫الفجر؟! يقفل باب البيت بالفتاح ويأخذ معه الفاتيح حت ل يرج الولد إل صلة الفجر‪ .‬هل رأيتم‬
‫خسة ودناءةً مثل أن يأت أحد الباء بزيل للشعر فيضعه على لية ولده وهو نائم حت تسقط ليته‬
‫عداءً لسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم؟! إن ألوان اليذاء أيها الخوة تتعاقب‪ ،‬ويتفنن أعداء ال‬
‫ف إذاقة عباد ال العذاب أصنافا وألوانا‪ ،‬فليس الل ف ذلك إل الصب على هذا الذى ف سبيل ال‪،‬‬
‫ولقد سعى أعداء ال لخراج رسول ال صلى ال عليه وسلم من بلده‪ ،‬فقال ال عزوجل‪ :‬وَإِنْ كَادُوا‬
‫ل [السراء‪ ]76:‬تآمروا على‬ ‫خرِجُو َك مِْنهَا وَإِذا ل يَ ْلبَثُونَ خِلَفكَ إِلّا َقلِي ً‬
‫لََيسَْت ِفزّوَنكَ مِ َن الَْأ ْرضِ لِيُ ْ‬
‫إخراج رسول ال صلى ال عليه وسلم من بلده‪ ،‬وخططوا لذلك حت اضطر رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم إل الروج‪ ،‬فتهددهم ال بذه الية‪ :‬وَإِذا ل َيلَْبثُونَ خِلَفكَ إِلّا قَلِيلً وفعلً ما لبثوا ف‬
‫مكة بعد إخراج الرسول صلى ال عليه وسلم منها إل قليلً‪ ،‬فأذاقهم ال العذاب ف معركة بدر‬
‫وغيها من الواقع حت فتح ال مكة ‪ ،‬ودخلها رسول ال صلى ال عليه وسلم منصورا‪ .‬اللهم يا‬
‫مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك‪ ،‬اللهم واجعلنا من الصابرين ف البأساء والضراء وحي البأس‪،‬‬
‫اللهم ثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‪ .‬أقول قول هذا وأستغفر ال ل ولكم‪.‬‬
‫صور أخرى من صب النب على الذى يقتدى به فيها‪:‬‬
‫المد ل الذي ل إله إل هو وحده ل شريك له‪ ،‬له اللك وله المد وهو على كل شيء قدير‪،‬‬
‫وأشهد أن ممدا عبده ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خات الرسل‪ ،‬وأحب خلق ال إل ال‪ ،‬وخليل‬
‫ال الذي اصطفاه ال على العالي‪ ،‬أدى الرسالة‪ ،‬وبلغ المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬وصب على الذى ف‬
‫سبيل ال حت كان مثالً حيا بسيته بي أظهرنا اليوم؛ كأنا نرى تلك السية‪ ،‬وتلك الحداث الت‬
‫عاشها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬عن عائشة رضي ال عنها أنا قالت للنب صلى ال عليه‬

‫‪585‬‬
‫وسلم‪( :‬هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد‪ ،‬قال‪ :‬لقد لقيت من قومك ما لقيت‪ ،‬وكان أشد ما‬
‫لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلل فلم يبن إل ما أردت)‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ما وجد وليا ول نصيا‪ ،‬يريد من كفار قريش أن ييبوه وينصروه فل‬
‫يد‪( .‬فلم يبن إل ما أردت‪ ،‬فانطلقت وأنا مهموم على وجهي)‪ .‬هذه اللفاظ أيها الخوة تصور‬
‫منة الداعية الت يعيشها حينما يعرض الناس عنه‪ ،‬منة الداعية الت يعيشها حينما يرفضه كل الناس‪،‬‬
‫حي يطرده جيع الناس‪ ،‬عندما يوصدون البواب ف وجهه‪ ،‬ول يرضون بالق الذي يقول به‪،‬‬
‫ويعرضون عنه‪( .‬فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إل وأنا بقرن الثعالب) وهو موضع‬
‫قريب من مكة‪ .‬الرسول صلى ال عليه وسلم هام على وجهه من الغم‪ ،‬وما أفاق إل نفسه ليعرف‬
‫إل أين يسي إل ف قرن الثعالب ‪ ،‬وليس ذلك لجل إفلس‪ ،‬ول لذهاب تارة‪ ،‬ول لسارة ف‬
‫صفقة‪ ،‬ول لفقد وظيفة‪ ،‬كل‪( .‬فلم أستفق إل وأنا بقرن الثعالب ‪ ،‬فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد‬
‫أظلتن‪ ،‬فنظرت فإذا فيها جبيل فنادان فقال‪ :‬إن ال قد سع قول قومك لك وما ردوا عليك‪ ،‬وقد‬
‫بعث ال إليك ملك البال لتأمره با شئت فيهم‪ ،‬فنادان ملك البال فسلم عليّ‪ ،‬ث قال‪ :‬يا ممد! إن‬
‫شئت أن أطبق عليهم الخشبي ‪-‬أي‪ :‬البلي العظيمي اللذين تقع بينهما مكة ‪ -‬فقال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬بل أرجو أن يرج ال من أصلبم من يعبد ال ل يشرك به شيئا)‪ .‬وعندما يكون الظلم‬
‫من القرباء يكون وقعه شديدا على النفس‪.‬‬
‫وظلم ذوي القرب أشد مضاضة على النفس من وقع السام الهند‬
‫روى البخاري عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬لا نزلت‪ :‬وَأَْن ِذرْ َعشِيََتكَ الَْأ ْقرَِبيَ [الشعراء‪:‬‬
‫‪ ]214‬صعد النب صلى ال عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي بطون قريش‪( :‬يا بن عدي ‪ ...‬حت‬
‫اجتمعوا‪ ،‬فجعل الرجل إذا ل يستطع أن يرج أرسل رسولً لينظر ف المر‪ ،‬فجاء أبو لب وقريش‬
‫فاجتمعوا ‪-‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم على الصفا‪ -‬فقال عليه السلم‪ :‬أرأيتكم لو أخبتكم أن‬
‫خيلً ببطن الوادي تريد أن تغي عليكم ‪-‬جيش قريب من مكة يريد أن يغي عليكم‪ -‬أكنتم مصدقي؟‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ .‬ما جربنا عليك كذبا‪ ،‬قال‪ :‬إن نذير لكم بي يدي عذاب شديد‪ ،‬فقال أبو لب ‪ :‬تبا لك‬
‫سائر اليوم‪ ..‬ألذا جعتنا)‪ .‬و أبو لب عم الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬داعية إل ال يقوم يمع‬
‫الناس يأتون إليه‪ ،‬يهددهم بعذاب ال عز وجل ويدعوهم إل ال‪ ،‬فيقوم له واحد من الاضرين فيقول‬
‫له‪ :‬تبا لك سائر اليوم! ألذا جعتنا؟ واليوم تعقد متمعات للدعوة إل ال‪ ،‬وقد يمع داعية إل ال‬
‫الناس ف بيته‪ ،‬أو يذهب إليهم ف بيوتم فينصحهم وينذرهم عذاب ال ‪ ،‬فتنطلق ألسنة الستهزئي به‪،‬‬
‫إنه يتذكر والوقف هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ولقد وصل المر إل أن ادعوا أنم أحق من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بالق وصلة الرحم‪ ،‬فهذا أبو جهل لعنه ال وقف يوم بدر يبتهل إل‬
‫ال ويقول‪ :‬اللهم أقطعنا للرحم ‪-‬يعن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأتانا با ل نعرف فأحنه‬

‫‪586‬‬
‫الغداة‪ .‬يوم بدر يقف أبو جهل لعنه ال يدعو ال أن يهزم رسول ال صلى ال عليه وسلم لنه قطع‬
‫الرحم‪ ،‬وأتاهم با ل يعرفوا‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪ :‬إِ ْن تَسَْت ْفتِحُوا َفقَدْ جَاءَكُمُ اْلفَتْ ُح [النفال‪]19:‬‬
‫كما ف الصحيح السند من أسباب النول ‪ .‬ولقد اتموا رسول ال صلى ال عليه وسلم حت ف‬
‫إنابه‪ ،‬فعن ابن عباس قال‪( :‬لا قدم كعب بن الشرف مكة ‪-‬وكان كعب بن الشرف يهوديا‪-‬‬
‫قالت له قريش‪ :‬أنت خي أهل الدينة وسيدهم ‪-‬وكان هذا قبل الجرة‪ -‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قالوا أل ترى إل‬
‫هذا الصنبور ‪ .)..‬يقصدون رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فاستخدام اللفاظ الشينة؛ ألفاظ السب‪،‬‬
‫وانتقائها من قاموس السباب والشتائم للصاقها بالدعاة إل ال قضية قدية؛ ليست حديثةً ول وليدة‬
‫هذا العصر‪ .‬والصنبور ف لغة العرب‪ :‬هو الرجل الفرد الضعيف الذليل الذي ل أهل له ول عقب‪ ،‬ول‬
‫ناصر ينصره‪ ،‬قالوا‪( :‬أل ترى إل هذا الصنبور النبتر من قومه‪ ،‬يزعم أنه خي منا‪ ،‬ونن أهل الجيج‪،‬‬
‫وأهل السدانة‪ ،‬وأهل السقاية‪ ،‬قال‪ :‬أنتم خي منه‪ .‬فأنزل ال عز وجل‪ :‬إِ ّن شَاِنَئكَ ُهوَ الْأَْبَترُ [الكوثر‪:‬‬
‫‪ )]3‬أي‪ :‬إن شانئك وسابك يا ممد هو البتر الذي ل عقب له‪ .‬وأخيا هذا الوقف الذي تكيه لنا‬
‫خرِجُوكَ [النفال‪ ]30:‬إن عقد‬ ‫آية النفال‪ :‬وَِإذْ يَمْ ُكرُ ِبكَ الّذِينَ َك َفرُوا لُِيثِْبتُوكَ َأوْ َيقْتُلُوكَ َأوْ ُي ْ‬
‫الؤترات لجهاض الدعوة‪ ،‬والؤامرات على دعاة السلم‪ ،‬وإلاق الذى بم قضية قدية‪ .‬وَِإذْ يَ ْم ُكرُ‬
‫ِبكَ الّذِينَ َك َفرُوا [النفال‪ ]30:‬لقد اجتمعوا ف حجر إساعيل بانب الكعبة ف مكة ؛ يدبرون‬
‫ويططون لثلثة أشياء‪ :‬وَِإذْ يَ ْم ُكرُ ِبكَ الّذِينَ َك َفرُوا لِيُْثبِتُو َك ومعن‪ :‬يثبتوك‪ :‬يقيدوك ويبسوك حت ل‬
‫خرِجُو َك من مكة ويطردوك حت ل تكون‬ ‫تقوم بالدعوة‪َ .‬أوْ َيقُْتلُوكَ ويضيع دمك بي القبائل‪َ .‬أوْ ُي ْ‬
‫بينهم‪ .‬روى ابن حبان ف صحيحه و الاكم ف مستدركه من حديث عبد ال بن عثمان بن خيثم‬
‫عن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال‪( :‬دخلت فاطمة على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي‬
‫تبكي‪ ،‬فقال‪ :‬ما يبكيك يا بنيه؟ قالت‪ :‬يا أبت! ما ل ل أبكي وهؤلء الل من قريش ف الجر‬
‫يتعاقدون باللت والعزى‪ ،‬ومناة الثالثة الخرى‪ ،‬لو قد رأوك لقاموا إليك ليقتلوك‪ ،‬وليس منهم إل‬
‫من قد عرف نصيبه من دمك‪ ،‬فقال‪ :‬يا بنيه! ائتين بوضوئي‪ ،‬فتوضأ رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ث خرج إل السجد‪ ،‬فلما رأوه قالوا‪ :‬إنا هو ذا‪ ،‬فطأطئوا رءوسهم‪ ،‬وسقطت أذقانم من بي أيديهم‬
‫فلم يرفعوا أبصارهم ‪-‬أعماهم ال‪ -‬فتناول رسول ال صلى ال عليه وسلم قبضة من تراب فحصبهم‬
‫با وقال‪ :‬شاهت الوجوه‪ ،‬فما أصاب رجلً منهم حصاة من حصياته إل قتل يوم بدر كافرا)‪ .‬قال‬
‫ابن كثي رحه ال‪ :‬قال الاكم ‪ :‬صحيح على شرط مسلم ول يرجاه ول أعرف له علة‪ .‬ولو‬
‫استطردنا أيها الخوة ف ذكر ألوان الذى الت صب عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم لطالت بنا‬
‫الجالس والوقات‪ ،‬ولكن إنا هي تذكرة نذكر با أنفسنا ونسليها ونن نواجه اليوم أعداء ال‪،‬‬
‫ونواجه مططاتم‪ ،‬واتاماتم‪ ،‬وسبابم‪ ،‬وفسوقهم‪ ،‬وأذاهم‪ ،‬وحلتم علينا‪ .‬إن النسان ليزداد مبة‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإكبارا له عليه الصلة والسلم وإجللً؛ حي يرى ف سيته صلى‬

‫‪587‬‬
‫ال عليه وسلم من صبه على الذى‪ ،‬ومن تمله ذلك ف سبيل ال لجل شيء واحد‪ :‬أن يبلغ رسالة‬
‫ال إل الناس‪ ،‬أن يبلغ الناس دين السلم؛ هذا هو الدف‪ ،‬هذا هو الغرض من الياة‪ ،‬وإل فإن الياة‬
‫بغي هذا الغرض حياة بيمية‪ .‬اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وطاعتك‪ ،‬اللهم واجعلنا‬
‫من دعاتك وجندك‪ ،‬اللهم وانصرنا على القوم الكافرين‪ ،‬اللهم وآتنا الجة على من عادانا‪ ،‬اللهم‬
‫وانصرنا على من بغى علينا‪ ،‬اللهم أرنا الق حقا وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأرنا الباطل باطلً وارزقنا اجتنابه‪.‬‬
‫اللهم وصلّ على نبيك ممد صلى ال عليه وسلم صلةً تامّة ما بدا الليل والنهار‪ ،‬اللهم صلّ عليه‬
‫صلة تامة ما غربت شس وما شرقت‪ .‬اللهم اجعلنا من أهل شفاعته‪ ،‬اللهم أوردنا حوضه‪ ،‬اللهم‬
‫وارزقنا مرافقته ف النة‪.‬‬
‫صورة النب صلى ال عليه وسلم ف عيون الشعراء غي السلمي‬
‫الكاتب‪ :‬الندوة العالية للشباب السلمي‬
‫ليس عجيبا أن تكون شخصية النب صلى ال عليه وسلم مل إعجاب وتقدير من السلمي‪ ,‬لن هذا‬
‫أمر طبيعي‪ .‬ولكن العجيب حقا أن ند هذا التعظيم والتبجيل لشخص النب لدى النصفي من غي‬
‫السلمي وعقلئهم وأفذاذهم‪ .‬ولسنا الن بصدد أقوال بعض الستشرقي والكتاب والفلسفة‬
‫والسياسيي‪ ,‬من الذين أخذهم الذهول بذه الشخصية الفريدة سواء أكان ذلك ف فعله أو قوله أو‬
‫حروبه أو حياته بصفة عامة‪ ,‬وإنا نقتصر على بعض الشعراء العرب ف العصر الديث من غي‬
‫السلمي لن الشعراء معبون عن ضمائر المم وألسنتها الناطقة وليكن دليلنا من الشعر العرب‬
‫لسهولة تناوله ووضوح بيانه بالنسبة إلينا‪ ,‬ولنا ف أشعارهم شاهد صدق ومعي صاف‪.‬‬
‫ولا كان العظيم عظيما بنفسه ل يتاج إل إنصاف منصف أو شهادة شاهد له بالعظمة‪ ,‬فإن هذه‬
‫الشعار الت سوف نذكرها تعد شهادة لصحابا قبل أن تكون شهادة بعظمة النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫جورج صديح‬
‫أحد شعراء الهجر النوب‪ ,‬ذو ثقافة عالية وحس مرهف فياض‪ ,‬له قصيدة رائعة ف مدح النب بأسم‬
‫" حراء يثرب " يقول فيها‪:‬‬
‫يا من سريت على الباق وجزت أشواط العنان‬
‫آن الوان لن تدّد ليلة العراج‪ ..‬آن عرّج على القدس الشريف ففيه أقداس تان‬
‫ماذا دهاهم ؟ هل عصوك فأصبح الغازي جبان ؟‬
‫أنت الذي علمتهم دفع الهانة بالسنان‬
‫ونذرت للشهداء جنات وخيات حسان‬
‫يا صاحبّ بأي آلء النب تكذبان ؟!‬

‫‪588‬‬
‫مارون عبود‬
‫شاعر لبنان‪ ،‬له علم واسع باللغة والدب‪ ،‬له مطولة كبية ف مدح النب صلى ال عليه وسلم يقول‬
‫فيها‪:‬‬
‫لول كتابك ما رأينا معجزا ف أمة مرصوصة البنيان‬
‫حلت إل القطار من صحرائها قبس الدى ومطارف العمران‬
‫هاد يُصوّر ل كأن قوامه متجسد من عنصر اليان‬
‫مبوب الوري الشرتون‬
‫من شعراء الهجر الشمال‪ ,‬يتميز شعره بموح اليال ورقة العاطفة‪ ,‬له قصيدة " قالوا تب العرب ؟‬
‫" يقول فيها‪:‬‬
‫قالوا تب العرب ؟ قلت‪ :‬أحبهم يقضي الوار عليّ والرحام‬
‫قالوا لقد بلوا عليك أجبتهم‪ :‬أهلي وإن بلوا عليّ كرام‬
‫قالوا الديانة‪ ,‬قلت‪ :‬جيل زائل وتزول معه حزازة وخصام‬
‫وممد بطل البية كلها هو للعارب أجعي إمام‬
‫إلياس فرحات‬
‫أحد شعراء الهجر النوب وله تارب قاسية مع الياة جعلته يكثر من شعر الكمة والمثال‪ ,‬شأنه‬
‫شأن أب الطيب التنب‪ ,‬له قصيدة تشي بعاطفة جياشة‪ ,‬ونظرة سامية بعيدة عن التعصب الطائفي‪,‬‬
‫يقول فيها‪:‬‬
‫غمر الرض بأنوار النبوة كوكب ل تدرك الشمس علوّه‬
‫ل يكد يلمع حت أصبحت ترقب الدنيا ومن فيها دنوّه‬
‫ث يتحدث عن فتح مكة وكيف تبدلت ظلمات العرب نورا على يد النب صلى ال عليه وسلم‬
‫وكيف ساد العرب حضارات العال‪ ..‬إل أن يقول وكأن به ينظر إل واقعنا العاصر‪:‬‬
‫يا رسول ال إنا أمة زجها التضليل ف أعمق ه ّوةِ‬
‫ذلك الهل الذي حاربته ل يزل يظهر للشرق عتوّه‬
‫قل لتباعك‪ :‬صلوا وادرسوا إنا الدين هدى والعلم قوّة‬
‫الشاعر القروي رشيد سليم الوري‬
‫أحد شعراء الهجر النوب كابد أهوال اليأس والفقر‪ ,‬كان شعره مزيا‪ ,‬من العروبة والوطنية‪ ,‬له‬
‫قصيدة " عيد البية " يستحث فيها السلمي لستعادة مدهم القدي منها‪:‬‬
‫يا فاتح الرض ميدانا لدولته صارت بلدك ميدانا لكل قوي‬
‫يا قو ُم هذا مسيح ّي يذكّركم ل يُنهض الشرق إل حبنا الخوي‬

‫‪589‬‬
‫فإن ذكرت رسول ال تكرمة فبلّغوه سلم الشاعر القروي‬
‫مطران خليل مطران‬
‫شاعر لبنان عاش ف مصر ولقب بشاعر القطرين ؛ له قصيدة رائعة تسمى رأس السنة الجرية يقول‬
‫فيها‪:‬‬
‫عان ممد ما عان بجرته لأرب ف سبيل ال ممود‬
‫وكم غزاة وكم حرب تشمها حت يعود بتمكي وتأييد‬
‫صعبان راضهما‪ :‬توحيد معشرهم وأخذهم بعد إشراك بتوحيد‬
‫وبدؤه الكم بالشورى يتم به ما شاءه ال من عدل ومن جود‬
‫أما هذه الشذور الضيئة والزهور العاطرة الت اجتمعت بي أيدينا فهي خي دللة على مدى إعجاب‬
‫ذوي الحساس الرهف عامة والعباقرة خاصة بذه الشخصية الالدة الفريدة‪ ,‬والت توقف التاريخ‬
‫أمامها كثيا‪ ,‬ول يزل يبحث ف فروعها وخلجانا ولكنها كانت عميقة كالبحر‪ ,‬سخية كالسحاب‪,‬‬
‫رفيعة كالنجم‪ ,‬مضيئة كالشمس‪ ,‬ومازال التاريخ مبهورا ل يفارق موضعه‪.‬‬
‫====================‬
‫عذرًا رسولَ ال ل يعرفوا قدرَك‪!!...‬‬

‫د‪ .‬جال نصار ‪13/1/1427‬‬


‫‪12/02/2006‬‬
‫المة السلمية تعيش منذ فترة موجة عداء ضد عقيدتا ومقدساتا وقيمها‪ ،‬بدأت منذ بداية الدعوة‬
‫السلمية‪ ،‬حيث وصَمَ الشركون النب الكري ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بعبارات كثية منها‪ :‬أنه‬
‫ساحر وكاهن وشاعر ومنون‪ ،‬ودائمًا كان القرآن الكري يرد عنه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪( -‬فَذَ ّكرْ‬
‫ل مَا ُت ْؤمِنُونَ)‬
‫ت رَّبكَ بِكَاهِ ٍن وَل مَجْنُونٍ) (الطور‪َ ( .)29:‬ومَا ُه َو ِب َقوْلِ شَا ِعرٍ قَلِي ً‬
‫فَمَا َأْنتَ بِِنعْ َم ِ‬
‫(الاقة‪ .)41:‬وهذا يدل على مكانة النب الكري ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عند ربه‪ ،‬وقد أوجب ال‬
‫على الؤمني مبته وتعظيمه‪ ،‬وهذا من معال كمال اليان "ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من‬
‫ماله وولده والناس أجعي"‪.‬‬
‫وتعظيم نبينا ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من صُلب إيان السلم‪ ،‬فهو خليل ال الصطفى من‬
‫خلقه‪ ،‬وخات النبياء الذي بانتهاء رسالته انقطع وحي السماء‪ ،‬ول يغفل السلمون – منذ جيل‬
‫الصحابة الكرام – عن قدر رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وعن مبته وتعظيمه‪.‬‬
‫وعظمة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف نفوسنا أعلى من قُبة الفلك‪ ،‬ولن ينال منها أي أفّاك‬
‫أو جاحد ‪ ،‬فلوله ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لكنا حيارى ف دياجي الظلم‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫وما قام به البعض من الساءة لرسولنا الكري – صلى ال عليه وسلم – من خلل رسومات ف‬
‫صحف دنركية ونرويية وغيها‪ ،‬إنا هي سلسلة وحلقة من الساءة للسلم ف شخصه الكري‪،‬‬
‫وهذا يدل على حقدهم الدفي على هذا الدين العظيم‪ ،‬وسيُرد هذا العبث إل نورهم وستبوء‬
‫ماولتم بالفشل بذا التفكي العبثي الذي أرادوا به النيل الشي من نب السلم ممد ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وبعيدًا عن كل التسويغات الت حاول مسؤولو الصحيفة تقديها‪ ،‬وف مقدمتها أنم‬
‫أرادوا أن يستشعروا مدى تقديس السلمي لنبيهم‪ ،‬وبدعوى حرية الرأي والتعبي الت يعدونا واجبًا‬
‫يفوق بقداسته قداسة الديان وحرمتها‪ ،‬ف الوقت الذي أقاموا الدنيا‪ ،‬ول يقعدوها حينما نشر الفكر‬
‫الفرنسي "روجيه جارودي" كتابه "الساطي الُؤسسة للدولة السرائيلية"؛ فحاكموه وصادروا كتابه‬
‫بتهمة معاداة السامية‪ ،‬وكذلك عندما قامت مموعة من حركة طالبان ف أفغانستان بتدمي تثال‬
‫"بوذا" فتحرك العال الغرب ضدهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنم ياربون الديان من يالفونم ف العقيدة‪.‬‬
‫ونن من جانبنا نعلم أنه ل شيء أشرف من كرامة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وأنه آخر‬
‫الصون الت بقيت ملذنا‪ ،‬بعد أن سقطت كل حصوننا ف معارك الشرف والناهة والعرفة ‪ ..‬وأنه‬
‫إن مسّ اسه بسوء‪ ،‬وهو الطاهر الُطهر‪ ،‬فإن العال بأسره سيشهد ما ستسفر عنه هذه الرب القذرة؛‬
‫وعلينا أن نعي أن الناب النبوي أعظم وأشرف من أن تناله حفنة من التائهي ف ميدان الياة بسوء‪.‬‬
‫سكْ‬‫عذرا رسو َل ال ل يعرفوا قدرَك حي نادَوا باسِك وشوهوا ر َ‬
‫هم ل يفعلوا ما فعلوا إل بهلٍ ولو علموا القيقةَ لقبّلوا قد َمكْ‬
‫لو علموا أنّك الصباحُ النيُ لا قبلوا الستضاءةَ إل بضوئك‬
‫وليقرأ هؤلء الذين ل يعرفون قدر النب الكري – صلى ال عليه وسلم – ما سطّره بعض الغربيي‬
‫النصفي‪:‬‬
‫يقول "سيوليام موير" ف كتابه "سية ممد" صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"امتاز ممد بوضوح كلمه‪ ،‬ويُسر دينه‪ ،‬وأنه أت من العمال ما يدهش اللباب‪ ،‬فلم يشهد التاريخ‬
‫مصلحًا أيقظ النفوس‪ ،‬وأحيا الخلق‪ ،‬ورفع شأن الفضيلة ف زمن قصي‪ ،‬كما فعل ممد"‪.‬‬
‫ويقول "توماس كارليل" الفيلسوف النليزي ف "كتابه البطال"‪:‬‬
‫"قوم يضربون ف الصحراء عدة قرون ل يُؤبه لم‪ ،‬فلما جاءهم النب العرب أصبحوا قبلة النظار ف‬
‫العلوم والعرفان‪ ،‬وكثروا بعد قلة‪ ،‬وعزوا بعد ذلة‪ ،‬ول يض قرن حت استضاءت أطراف الرض‬
‫بعقولم وعلومهم"‪.‬‬
‫وعلينا كمسلمي شعوبًا وحكومات أن نتحرك لرد هذه الجمة الشرسة عن السلم ورسوله بشت‬
‫السبل والوسائل ومن ذلك‪:‬‬

‫‪591‬‬
‫‪ -‬قيام الكومات العربية والسلمية بالضغط على اليئات الدولية لسن قواني تمي القدسات‬
‫والنبياء ومقاطعة حكومات الدول الت تصدر با تلك الصحف سياسيًا واقتصاديًا؛ إذ كان رد فعل‬
‫أغلبها سلبيًا تاه الزمة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن واجبات المة حيال هذا المر أن يقوموا بقاطعة بضائع كل من ترّأ على سب رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬وواجب الكومات القاطعة السياسية بسحب السفراء لدى تلك الدول‬
‫وإغلق سفاراتا لديهم‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة الؤترات والندوات ف أوروبا وأمريكا لعالة هذه القضية‪ ،‬وعرض نصاعة السية الشرفة‬
‫وعظمة الرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫=======================‬
‫عظماء دافعوا عن الرسول‪ ..‬صلى ال عليه وسلم‬

‫فوزية الليوي‬
‫ل تزال اليدي اليهودية الثة تكم سيطرتا على وسائل العلم الكبى‪ ،‬ول تألوا جهدا ف‬
‫استغللا ف السخرية من الرسول‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتشويه صورة السلم‪ .‬فابتداءً من كبيات‬
‫الصحف العالية‪ :‬كالتايز البيطانية‪ ،‬الت أصبحت صحيفة صهيونية خالصة بعد أن اشتراها الليوني‬
‫اليهودي "روبرت مردوخ"‪ ،‬وكذلك شقيقتها الصنداي تايز‪ ,‬بالضافة إل الجلة السبوعية "ويك‬
‫أند"‪ ،‬الت تصصت بالرسومات الكاريكاتيية الت تتهكم بالعرب ف لندن وتظهرهم ف أبشع صورة‪.‬‬
‫وتعتب النيويورك تايز من أشهر الصحف المريكية وقد اشتراها اليهودي أودلف أوش‪ ,‬وتأت‬
‫الواشنطن بوست ف الرتبة الثانية من الضوع للصهيونية! ونيوز ويك الت بلغ حجم توزيعها ‪4,5‬‬
‫مليون نسخة عام ‪1981‬م‬
‫وقد بلغ من تفاقم السيطرة الصهيونية على دور النشر الفرنسية‪ ,‬أن الفكر الشهي "رجاء جارودي"‬
‫الذي كانت دور النشر الفرنسية تتسابق لنشر كتبه‪ ,‬ل يد دار نشر واحدة تتبن كتابه "بي‬
‫السطورة الصهيونية والسياسة السرائيلية" الذي كتبه بعد إسلمه!! (النفوذ اليهودي ف الجهزة‬
‫العلمية لفؤاد الرفاعي)‬
‫ونظرا لذا النفوذ الذي يبعث السى والل ف نفس كل مؤمن يبتغي العزة ل ولرسوله‪ ،‬كان‬
‫التصدي لذا الكيد من القامات العظيمة الت انبى لا عددٌ من العظماء‪ ,‬وبذا امتدح ال عز وجل‬
‫الهاجرين بقوله { لِ ْل ُف َقرَاء الْ ُمهَا ِجرِينَ الّذِينَ أُ ْخ ِرجُوا مِن دِيا ِرهِ ْم وََأ ْموَاِلهِمْ يَْبَتغُونَ َفضْلًا مّنَ الّلهِ‬
‫َو ِرضْوَانًا وَيَنصُرُونَ الّلهَ َورَسُوَلهُ ُأوَْلِئكَ هُ ُم الصّادِقُونَ } [الشر‪ ،]8:‬ونصر رسول ال‪ ،‬عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬باللسان والسنان والقول والفعل نصرا له ف ذات نفسه‪ ,‬حاية لعرضه‪ ,‬وصونا لرمته‪,‬‬

‫‪592‬‬
‫وإرغاما لعدائه ومبغضيه‪ ,‬وإحل ًل لقام النبوة من أي قدح‪ .‬وقد أجع العلماء على وجوب قتل من‬
‫سبّ النب‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو عابه أو ألق به نقصا ف نسبه أو دينه‪ ...‬فحكم من أتى بذلك‬
‫أن يقتل بل استتابة؛ لنه آذى رسول ال با يستوجب إهدار دمه أن كان مسلما ونقض عهده إن‬
‫كان ذميًا‪ ( .‬الدليل الشاف لبن تغري بردي ‪) 45_1‬‬
‫ولقد أخذ السلطي على عواتقهم نصرة رسول ال‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ .‬منه أن صلح الدين‬
‫اليوب نذر أن يقتل أرناط صاحب الكرك‪ ,‬فأسره؛ وكان سببه أنه مرّ به قوم من مصر ف حال‬
‫الدنة‪ ,‬فغدر بم فناشدوه الصلح‪ ,‬فقال ما فيه استخفاف بالنب‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقتلهم؛ فجمع‬
‫صلح الدين اللوك فلما حضر أرناط‪ ,‬قال‪ :‬أنا أنتصر لحمد منك!!‬
‫ث عرض عليه السلم فأب‪ ،‬فحلّ كتفيه بنجر‪.‬‬
‫أما اللك الكامل ملك مصر‪ ,‬لا وقع الصار على مدينة دمياط اتفق أن أحد الكفار قد ألج لسانه‬
‫ب النب‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬معلنا به على خنادقهم‪ ،‬وكان أمره قد استفحل وقد جعل هذا‬ ‫بس ّ‬
‫المر ديدنه‪ ,‬فلما وقعت الوقعة وانتصر السلمون وكان هذا الكافر من ضمن السرى فأخب اللك‬
‫بشأنه‪ ,‬فصمم اللك الكامل على إرساله إل الدينة النبوية‪ ,‬وأن يباشر قتله بذاك الحل الشريف‪ ,‬فلما‬
‫وصل أقيم ونودي على فعلته بي الناس فتهادته السيوف!!‬
‫أما هارون الرشيد فقد حكى عنه العال أبو معاوية الضرير‪ :‬كنت أقرأ على أمي الؤمني الديث‪,‬‬
‫وكنت كلما قلت قال رسول ال قال‪ :‬صلى ال على سيدي ومولي‪ .‬حت ذكرت حديث "التقى‬
‫آدم وموسى"‬
‫فقال عمه ‪ :‬أين التقيا؟‬
‫قال‪ :‬فغضب هارون‪ ،‬وقال‪ :‬من طرح إليك هذا؟ وأمر به فحبس‪.‬‬
‫قال‪ :‬فدخلت عليه ف البس‪ ,‬فحلف ل بغلظات اليان‪ ,‬ما سعت من أحد ول جرى بين وبي‬
‫أحد ف هذا كلم‪.‬‬
‫فرجعت إل أمي الؤمني وأخبته؛ فأمر به فأطلق من البس!!‬
‫وقال ل هارون‪ :‬توهّمت أنه طرح إليه بعض اللحدين هذا الكلم الذي خرج منه؛ فيدلن عليهم‬
‫فأستبيحهم‪.‬‬
‫ما ذكره الشيخ أحد شاكر ‪ -‬رحه ال ‪ -‬عن أحد خطباء مصر‪ ،‬وكان فصيحا متكلما مقتدرا‪،‬‬
‫وأراد هذا الطيب أن يدح أحد أمراء مصر عندما أكرم طه حسي‪ ،‬فقال ف خطبته‪" :‬جاءه العمى‬
‫فما عبس بوجهه وما تول! فما كان من الشيخ ممد شاكر ‪ -‬والد الشيخ أحد شاكر ‪ -‬إل أن قام‬
‫بعد الصلة يعلن للناس أن صلتم باطلة‪ ،‬وعليهم إعادتا لن الطيب كفر با شتم رسول ال‪ ،‬صلى‬
‫ع لذا الجرم جرمه ف الدنيا‪ ،‬قبل‬
‫ال عليه وسلم‪ .‬يقول أحد شاكر ف كلمة حق‪" :‬ولكن ال ل يد ْ‬

‫‪593‬‬
‫أن يزيه جزاءه ف الخرى‪ ،‬فأقس ُم بال لقد رأيته بعين رأسي ‪ -‬بعد بضع سني‪ ،‬وبعد أن كان عاليا‬
‫منتفخا‪ ،‬مستعزّا بَن لذ بم من العظماء والكباء ‪ -‬رأيته مهينا ذليلً‪ ،‬خادما على باب مسجد من‬
‫مساجد القاهرة‪ ،‬يتلقى نعال الصلي يفظها ف ذلة وصغار‪ ،‬حت لقد خجلت أن يران‪ ،‬وأنا أعرفه‬
‫وهو يعرفن‪ ،‬ل شفقة عليه؛ فما كان موضعا للشفقة‪ ،‬ول شاتة فيه؛ فالرجل النبيل يسمو على‬
‫الشماتة‪ ،‬ولكن لا رأيت من عبة وعظة"‪.‬‬
‫ومن مناقب اللك فيصل رحه ال ف نصرة رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ ونصرة الشريعة‪,‬‬
‫ودفع كيد الكائدين بر ّد شبههم‪ ,‬ودحض مفترياتم ما حكاة الدكتور تقي الدين اللل‪ ,‬قال‪ :‬قبل‬
‫بضع سني كنت مقيما ف باريس عند أحد الخوان‪ ،‬وكنت قد سعت بأن الطبيب الشهور الراح‬
‫موريس بوكاي‪ ,‬ألّف كتابا بيّن فيه أن القرآن العظيم هو الكتاب الوحيد الذي يستطيع الثقف ثقافة‬
‫علمية عصرية أن يعتقد أنه حق منل من ال ليس فيه حرف زائد ول ناقص!!‬
‫وأردْتُ أن أزور الدكتور موريس لعرف سبب نصرته لكتاب ال ولرسوله‪ ،‬فدعوناه فحضر فورا!!!‬
‫فقلت له‪ :‬من فضلك أرجو أن تدثنا عن سبب تأليفك لكتابك "التوراة والنيل والقرآن ف نظر‬
‫العلم العصري"؛ فقال ل أنه كان من أشد أعداء القرآن والرسول ممد‪ ،‬وكان كلما جاء مريض‬
‫مسلم متاج إل علج جراحي يعاله‪ ,‬فأت علجه وشُفي! يقول له‪ :‬ماذا تقول ف القرآن‪ ،‬هل هو‬
‫من عند ال أنزله على ممد؟ أم هو من كلم ممد نسبه إل ال افتراءً عليه؟‬
‫فيجيبن‪ :‬هو من عند ال وممد صادق!‬
‫قال‪ :‬فأقول له‪ :‬أنا أعتقد أنه ليس من ال‪ ،‬وأن ممدا ليس صادقا!!‪ ..‬فيسكت‬
‫قال‪ :‬ومضيت على ذلك زمانا حت جاءن اللك فيصل بن عبد العزيز ملك الملكة السعودية‪ ,‬فعالته‬
‫جراحيا حت شُفي‪ ,‬فألقيت عليه السؤال التقدم الذكر!!‬
‫فأجابن‪ :‬إن القرآن حق وان ممدا رسول ال صادق!!‬
‫قال‪ :‬فقلت‪ :‬أنا ل أعتقد صدقه!!‬
‫فقال اللك فيصل‪ :‬هل قرأت القرآن؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم مرارا!!‬
‫فقال‪ :‬هل قرأته بلغته أم بغي لغته؟ (أي بالترجة)‬
‫فقلت‪ :‬أنا ما قرأته بلغته بل بالترجة فقط !‬
‫فقال ل‪ :‬إذا أنت تقلّد الترجم‪ ،‬والقلّد ل علم له إذا ل يطّلع على القيقة‪ ,‬لكنه أُخب بشيء فصدقه‪,‬‬
‫والترجم ليس معصوما من الطأ والتحريف عمدا !! فعاهدن أن تتعلم اللغة العربية‪ ,‬وتقرأه وأنا‬
‫أرجو أن يتبدل اعتقادك هذا الاطئ !‬

‫‪594‬‬
‫قال‪ :‬فتعجبت من جوابه! فقلت له‪ :‬سألت كثيا من قبلك من السلمي فلم أجد الواب إل عندك‪,‬‬
‫ووضعت يدي ف يده‪ ،‬وعاهدته على أن ل أتكلم ف القرآن ول ف ممد‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬إل‬
‫إذا تعلمت اللغة العربية وقرأت القرآن بلغته‪ ,‬وأمعنت النظر فيه حت تظهر النتيجة بالتصديق أو‬
‫التكذيب !!‬
‫فذهبت من يومي ذلك إل الامعة الكبى بباريس (قسم اللغة العربية)‪ ،‬واتفقت مع أستاذ بالجرة‬
‫أن يأتين كل يوم إل بيت‪ ,‬ويعلّمن اللغة العربية ساعة واحدة كل يوم إل يوم الحد الذي هو يوم‬
‫راحت‪ ,‬ومضيت على ذلك سنتي كاملتي ل تفتن ساعة واحدة‪ ,‬فتلقيت منه سبعمائة وثلثي درسا‪,‬‬
‫وقرأت القرآن بإمعان‪ ,‬ووجدته هو الكتاب الوحيد الذي يضطر الثقف بالعلوم العصرية أن يؤمن بأنه‬
‫من ال ل يزيد حرف ول ينقص‪ ,‬أما التوراة والناجيل الربعة‪ ,‬ففيها كذب كثي‪ ,‬ل يستطيع عال‬
‫عصري أن يصدقها!‬
‫فلله درّهم من سلطي‪ ,‬كانوا بق كما قال ابن البارك‪:‬‬
‫ال يدفع بالسلطان معضلة *** عن ديننا رحة منه ورضوانا‬
‫لول الئمة ل تأمن لنا سبل *** وكان أضعفنا نبا لقوانا‬
‫================‬
‫عمرو خالد‬

‫بسم ال الرحن الرحيم والمد ل رب العالي والصلة والسلم على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫هذه رسالة من للمة السلمية والشباب السلم‪ ،‬للحضارة الغربية وللعال أجع‪.‬‬
‫هذه رسالة أنشرها من خلل عمرو خالد دوت نت وبوصلها لشباب صناع الياة وبوصلها لشباب‬
‫النتدى وبطلب منهم إن ها يوصلوها زي ما قلت للمة السلمية‪ ،‬للشباب السلم والعرب‪ ،‬للغرب‬
‫ومن يعرفون ف الغرب بل وللعال أجع‪.‬‬
‫أما رسالت الول‪ :‬رسالة للمة السلمية وللشباب السلم‪..‬‬
‫يقول ال تبارك وتعال ((قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وََأبْنَاؤُكُ ْم وَِإ ْخوَانُ ُكمْ وََأ ْزوَاجُكُ ْم َوعَشِ َيتُكُ ْم وََأ ْموَالٌ‬
‫ضوَْنهَا أَ َحبّ إَِليْكُ ْم مِنَ الّلهِ َورَسُوِل ِه وَ ِجهَادٍ فِي‬ ‫شوْنَ كَسَا َدهَا َومَسَاكِنُ َت ْر َ‬ ‫خَ‬ ‫اقَْترَ ْفتُمُوهَا وَتِجَا َرةٌ تَ ْ‬
‫سَبِيِلهِ َفَترَّبصُوا حَتّى يَأِْتيَ الّلهُ بَِأ ْمرِ ِه وَالّلهُ لَا َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلفَا ِس ِقيَ)) سورة التوبة‬
‫لو ولدك أغلى عليك من رسول ال‪ ،‬لو فلوسك أغلى عليك من رسول ال‪ ،‬لو وطنك أغلى عليك‬
‫من رسول ال‪ ،‬لو مراتك أغلى عليك من رسول ال‪...‬فتربصوا‪..‬غضب شديد من ال تبارك وتعال‪.‬‬

‫‪595‬‬
‫أقول للمة السلمية والشباب السلمي ولشباب المة أن توقي رسول ال وحب رسول ال فريضة‬
‫من فرائض ديننا ((قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُ ْم وَأَْبنَاؤُكُ ْم وَإِ ْخوَانُكُ ْم وََأ ْزوَاجُ ُكمْ َو َعشِيَتُكُ ْم وََأ ْموَا ٌل ا ْقَترَفْتُمُوهَا‬
‫ضوَْنهَا َأ َحبّ إَِليْكُ ْم مِنَ الّل ِه َورَسُوِلهِ وَ ِجهَادٍ فِي سَبِيِلهِ فََت َرّبصُوا‬ ‫شوْنَ كَسَا َدهَا َومَسَاكِ ُن َترْ َ‬ ‫وَتِجَا َرةٌ َتخْ َ‬
‫حَتّى يَأِْتيَ الّلهُ بَِأ ْمرِ ِه وَالّلهُ لَا َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلفَا ِس ِقيَ))‬
‫انظر لقام حب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ليه كل هذا الب ؟؟ علشان ف آية ثانية ف القرآن‬
‫ف رَحِيمٌ))‬ ‫ي َرءُو ٌ‬ ‫ص َعلَيْكُ ْم بِالْ ُم ْؤمِِن َ‬
‫بتقول ((َلقَدْ جَاءَكُمْ َرسُولٌ مِنْ َأْنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز عَلَْي ِه مَا عَنِتّمْ َحرِي ٌ‬
‫سورة التوبة‪ ..‬وعلشان هو كده إحنا بنحبه كده فأصبحت العلقة بيننا وبينه زي ما بتقول الية‬
‫((مُحَمّ ٌد رَسُولُ الّل ِه وَالّذِي َن َمعَهُ أَشِدّاءُ َعلَى اْل ُكفّارِ رُحَمَاءُ بَيَْنهُ ْم َترَاهُ ْم رُ ّكعًا سُجّدًا)) سورة الفتح‪..‬‬
‫وعلشان تفضل العلقة متصلة كده على طول‪..‬لزم ربنا يفكرنا بذه الية الت تقرع آذننا عندما‬
‫نسمعها‪..‬تقول الية ((وَا ْعلَمُوا أَنّ فِيكُ ْم رَسُو َل الّلهِ))‪..‬‬
‫هذه الية ماضية ف كل زمان ومكان‪...‬اعلموا يا شباب‪ ،‬اعلموا يا أمهات‪ ،‬يا سيدات‪ ،‬ف سنة‬
‫‪ 2006‬ف سنة ‪ 2010‬ف القرن القادم‪ ،‬ف القرن الاضي‪..‬اعلموا أن فيكم رسول ال‪..‬فيكم‬
‫بشريعته‪ ،‬فيكم بسنته‪..‬فيكم برحته‪..‬فيكم بطاه‪ ،‬فيكم بطريقه‪ ،‬فيكم بالنور الذي تركه لكم‪..‬فيكم‬
‫ببه ليكم ‪..‬فيكم بأن كل شخص يصلى ويسلم عليه يرد ال عليه روحه ويرد علينا السلم‪..‬فينا أن‬
‫أعمالنا بتعرض عليه كل يوم خيس فما كان فيها من خي "حدت لكم ال وما كان فيها من شر‬
‫استغفرت لكم ال "‪...‬‬
‫اليات الربعه الت ذكرتم‪..‬مأمورين فيهم ببه‪..‬علشان ايه؟ علشان حريص عليكم بالؤمني رؤوف‬
‫رحيم فبقت العلقة بيننا وبينه "ممد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحاء بينهم"‪..‬‬
‫ويذكرنا ال دائما بذه العلقة بالية الت تقول "واعلموا أن فيكم رسول ال"‪...‬صلى ال علي ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫رسالت للمة السلمية والشباب السلم حب رسول ال‪ ،‬توقي رسول ال‪ ،‬الدفاع عن رسول ال‪،‬‬
‫العيش على خطى رسول ال‪..‬واجب وأمانة سنسأل عليها يوم القيامة‪..‬ف أمانة ف رقبتنا يا شباب‪،‬‬
‫ف أمانة ف رقبتنا يا صناع الياة‪ ،‬ف أمانة ف رقبتنا يا سيدات أن توقي رسول ال أمانة سنؤديها له‬
‫يوم القيامة عندما نلقاه على الوض‪ ،‬نذهب إليه يوم القيامة ونقول له نن أمتك يا رسول ال أدينا‬
‫المانة‪ ،‬احنا يكن كنا وحشي ويكن كان عندنا ذنوب ويكن ل نعمل جيدا ف نضة وإصلح‬
‫أمتك‪ ،‬لكن مش مكن كنا نسيب غي أن نوقرك ونمل العال على توقيك‪ ،‬أمانة يا رسول ال‬
‫بنؤديها لك ويكن ديه اللي تشفع لنا با يوم القيامة وتشربنا من حوضك وتفرح بينا وتقول لنا‪..‬كان‬
‫عندكم أخطاء بس توقيي كان غال عليكم أوي فتشربنا من حوضك‪..‬صلى ال على ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪...‬‬

‫‪596‬‬
‫رسالت للمه أن علينا أمانة‪...‬ل يكن التفريط ف هذه المانة‪..‬أمانة توقي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وحل العال على توقيه فضل عن حبه والعيش على سنته وطريقه هذه هي رسالت للمة‬
‫السلمية‪ ،‬لن نفرط أبدا ف توقي رسولنا وحبيبنا وقدوتنا ‪.‬‬
‫أما رسالت للغرب فهناك إشكالية حضارية ف العال الغرب‪ ،‬هذه الشكالية ناتة من أن هناك‬
‫مفهومي‪ ،‬مفهوم عند الغرب عظيم نترمه ونتاجه اسه حرية التعبي‪ ،‬مفهوم عظيم حضاري‬
‫وإنسان‪ ،‬وهناك مفهوم آخر عند السلمي عظيم جدا اسه توقي الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫والشكلة أن الضارتي‪ ،‬الضارة الغربية وحضارة السلمي تتاج أن تلتقى على هذا الفهوم‪ ،‬غي‬
‫السلمي مش قادرين يقدروا قد إيه قيمة توقي الرسول صلى ال عليه وسلم والسلمي فكرة حرية‬
‫التعبي نتيجة تطبيق معي ل يصل إل درجة معينة من الودة ول يصل علي درجة حقيقة من التصديق‬
‫فبقت فكرة احترام حرية التعبي عند السلمي مش واضحة الوضوح الكاف والطلوب أننا ل نريد أن‬
‫نرفض حرية التعبي ولكن نريد أن تُعدل حرية التعبي حت ل تتصادم مع قيمة عظيمة عند السلمي‬
‫اسها توقي النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫هذه هي الشكالية‪ ،‬يا غرب إنك ل تفهم قيمة عظيمة اسها توقي رسول ال عند السلمي‪،‬‬
‫مقدسات السلمي‪ ،‬قضية عظيمة الغرب لبد أن يُعدل مفهوم حرية التعبي حت ل يصطدم مع قيمة‬
‫عظيمة اسها توقي النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هذه هي الشكلة الضارية عند الغرب‪ ،‬وأنا أقول‬
‫للغرب‪ :‬بوضوح أنت يا غرب عندك مشكلة أنك ل تفهم‪..‬كم يب السلمون النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ولو فهمتها ما قبلت الذي يدث الن‪ ،‬الغرب عموما حكومة وشعوبا مش فاهي أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم أعز علينا من آبائنا وأمهاتنا‪..‬رسول ال أعز علي من أبوي‪ ،‬واعملوا‬
‫استقصاءات واسألوا السلمي‪..‬اسألوا اي بنت متدينة أو غي متدينة ما ذا يعن لكي رسول‬
‫ال‪..‬اسألوا أي شاب لهي أو غي لهي مقبل على ال أو غي مقبل على ال‪ ،‬اسألوا أي مسلم ف‬
‫بنجلديش ف بكستان‪..‬ف اليمن ف مصر ف قرية من القرى‪ ،‬متدين أو غي متدين‪..‬مقبل على ال أو‬
‫غافل‪ ،‬يشرب مدرات أو مقبل على الطاعة‪ ،‬ناجح أو غي ناجح‪..‬كبي أو صغي‪ ،‬اسألوهم ماذا يعن‬
‫لك رسول ال‪ ،‬أنا أستطيع أن أجزم بدون ما نتاج إل إحصائيات أن رسول ال يا غرب عند‬
‫السلمي أغلى من آبائهم وأمهاتم‪..‬‬
‫يا غرب‪ :‬رسول ال عند السلمي أغلى من أولدنا‪..‬‬
‫يا غرب‪ :‬رسول ال عند السلمي أغلى من فلوسنا وأحفادنا‪..‬أغلي من أنفسنا‪ ،‬أغلى من أوطاننا‪،‬‬
‫مصر ول رسول ال‪ ،‬السعودية ول رسول ال‪..‬مي أغلى عليك يا مصري‪ ،‬مي أغلى عليك يا‬
‫سعودي‪ ،‬مي أغلى عليك يا ين‪ ،‬مي أغلى عليك يا مغرب‪ ،‬يا جزائري‪...‬‬

‫‪597‬‬
‫يا غرب‪ :‬افهم هذا العن‪..‬رسول ال غال على السلمي أغلى من ولدهم وأنفسهم‪ ،‬لن ننسَ أبدا‬
‫الديث الذي كررته كثيا ف برنامج (على خطى البيب)‪ ،‬يا غرب‪ :‬اسع هذا الديث لنه جزء‬
‫من التكوين الوجدان للمسلمي‪ ،‬النب يشي مع عمر بن الطاب وهو مسك بيده‪ ،‬فينظر إليه النب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيجد عمر نفسه من حبه للنب يقسم ويقول "وال يا رسول ال لنت أحب‬
‫إل من أهلي وولدي ومال والناس أجعي " ما الذي دفعك أن تقول ذلك يا سيدنا عمر؟ الب‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال له النب "يا عمر تبن أكثر من أهلك ؟ قال نعم يا رسول ال‪ ،‬أكثر من ولدك ؟ نعم يا رسول‬
‫ال‪ ،‬أكثر من مالك ؟ نعم يا رسول ال‪ ،‬أكثر من نفسك ؟ ل يا رسول ال فيقول له النب ل يا عمر‬
‫ل يكتمل إيانك حت أكون أحب إليك من نفسك وأهلك وولدك والناس أجعي " فيذهب عمر‬
‫ل من نفسي وأهلي وولدي والناس أجعي‪،‬‬ ‫ويعود ويقول وال يا رسول ال لنت الن أحب إ ّ‬
‫فيقول له "الن يا عمر‪..‬الن يا عمر اكتمل إيانك"‬
‫أنا أعرف أن الغرب يقاوم العنصرية لنه َفهِم يعن إيه عنصرية‪ ،‬أعرف أن الغرب أي حد يعادي‬
‫السامية يرفضه وياربه لنه يفهم معن خطورة ماربة السامية‪ ،‬فكيف احترم الغرب السامية وقاوم‬
‫العنصرية ول يترم أعظم قيمة عند السلمي "رسول ال صلى ال عليه وسلم" ‪..‬الغرب ل يفهم ذلك‬
‫هناك صحفي ف بريطانيا‪ ،‬هذا الصحفي شتم العرب من حوال ‪ 6‬أشهر وقال‪ :‬إن العرب أمة ل‬
‫تساوي شيئا‪ ،‬وهذا الصحفي مشهور يعمل ف الـ ‪ BBC‬ومن مشاهي مقدمي البامج ف‬
‫التليفزيون البيطان‪ ،‬وكانت النتيجة أنه رُفض لنه عنصري من وجهة نظر بريطانيا‪ ،‬وهذا الصحفي‬
‫له مقالت عن السرة جيدة وأنا أعد برنامج عن السرة فقلت أستفيد وأشوف كتب إيه ف‬
‫السرة ؟ فذهبت لخذ شرائط الفيديو والقالت الصحفية الت يتكلم فيها عن السرة فلم أجد مقالة‬
‫ول شريطا‪...‬ليه ؟ لن منتجاته سحبت من السواق لنه معادي للعرب وهذا يعتب عنصرية‪ ،‬فكيف‬
‫برسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫رسالت للغرب‪ ،‬يب أن تُعدل قيمة الرية الت نترمها ونقدرها ونتاجها‪ ،‬يب أن تُعدل حت ل‬
‫تتصادم مع قيمة احترام وتوقي السلمي لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يا غرب كما تترم اللوك‬
‫ف أوربا وكما تترم السامية وكما تقاوم العنصرية وتترم العراق فلبد أن يُحترم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وتُحترم مقدسات السلمي‪..‬‬
‫فرسالتِي للمة السلمية لن نفرط أبدا ف توقي رسول ال ورسالتِي للغرب يب أن تُعدل قيمة حرية‬
‫التعبي حت ل تصطدم مع مقدسات السلمي‪..‬‬

‫‪598‬‬
‫أما رسالتِي الخية فللعال أجع‪..‬أقول للعال أجع هذه الهانة ل تكن موجهة لشخص النب صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬كانت موجهة لليار و‪ 200‬ألف مسلم ف العال‪..‬ل مش للمليار و ‪ 200‬ألف بس‬
‫هذه إهانة للنسانية كلها‪ ،‬لن ممدا صلى ال عليه وسلم من أعظم البشر‪.‬‬
‫‪-‬أنا ف عقيدت وف رؤيت وف دين وف تصوري – اللق‪ ،‬نوذج ناح ونوذج نضة‪ ،‬أعظم نوذج‪،‬‬
‫أعظم شخصية ف النسانية ف تاريخ البشرية مش علشان أنا مسلم بس‪ ،‬من أعظم شخصيات ومن‬
‫أعظم رموز إصلحات هذا العال ومن يقول غي ذلك يكون جاحد‪ ،‬الهانة ديه إهانة للبشرية‪ ،‬إهانة‬
‫للنسان ف الرض‪ ،‬انظر إليه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أن العظماء يتميزوا ف نوع واحد من العظمة‪،‬‬
‫فغاندي عظيم ف السياسة وشكسبي عظيم ف الكتابة وفولتيي عظيم ف الفكر ونابليون عظيم ف فن‬
‫الرب‪ ،‬لكن كل منهم عظيم ف لون من ألوان العظمة‪ ،‬أما النب صلى ال عليه وسلم فعظيم ف كل‬
‫أنواع العظمة‪..‬‬
‫انظر إليه ف حياته‪...‬‬
‫عظيم ف أخلقه "ما ضرب رسول ال صلى ال عليه وسلم أحدا قط‪ ،‬ما شتم رسول ال أحدا قط‪،‬‬
‫ما ضرب امرأة قط‪ ،‬ما غدر رسول ال قط‪ ،‬ما كذب رسول ال قط‪ ،‬ما أخلف رسول ال وعدا‬
‫قط‪ ،‬ما انتقم رسول ال لنفسه قط‪" ،‬‬
‫قبل البعثة الصادق المي وبعد البعثة كان خلقه القرآن‪..‬‬
‫عظيم ف رؤيته السياسية يوم ما يقول بعد غزوة الندق "اليوم نغزوهم ول يغزوننا"‬
‫عظيم ف روحانيته عندما تده راكعا يقول ل "خشع لك سعي وبصري وعظمي ومي وسعي " أنا‬
‫كلي خاشع لك يا ال‪ ،‬عندما يقف بي يدي ال فتنفطر قدماه فيقال له "أفل تستريح " فيقول "أفل‬
‫أكون عبدا شكورا" فأعبده وأعبده وأعبده‬
‫عظيم ف حرية الرأي عندما يغي العركة ف يوم بدر علشان رأي جندي‪ ،‬لا يفر الندق من أجل‬
‫رأي سلمان‪ ،‬لا يغي خطة العركة ف أُحد من أجل تشاور أصحابه‪،‬‬
‫عظيم ف حرية الرأي يا رسول ال‪ ،‬انظر يا غرب إل حرية رأي النب من ‪ 1400‬سنة‪.‬‬
‫عظيم ف عفوه عن أعداءه‪..‬يدخل الصحابة يوم فتح مكة يقول الصحابة "اليوم يوم اللحمة يوم يذل‬
‫ال قريش " فيفع النب صوته ويقول "اليوم يوم الرحة‪..‬اليوم يعز ال قريش "‬
‫ويقف أمام قريش ويقول لم "اذهبوا فأنتم الطلقاء"‬
‫عظيم ف زهده عندما يقول "مال ومال الدنيا ومال الدنيا ومال " وكان يقدر أن يكون من أغن‬
‫وأعظم الناس ويعيش ف القصور ول يكن كذلك‬
‫عظيم ف تعامله مع الشباب‪ ،‬يقسم الشباب فريقي ويقول لم علشان يطلع طاقتهم الرياضية‬
‫والنشاطية ويلعب معاهم ‪...‬ويقول فرقة ترمي بالسهام وفرقة تصد بالدروع ويذهب ف الفرقة الت‬

‫‪599‬‬
‫تصد بالدروع فيفضوا الذين يرمون بالسهام‪ ،‬كيف نضربم وأنت معهم‪ ،‬فيقول اضربوا وأنا معهم‬
‫جيعا‪ ،‬فيأخذ الشباب ف أحضانه صلى ال عليه وسلم‬
‫عظيم صلى ال عليه وسلم حت ف عيون أعداءه‪ ،‬عاش قبل البعثة ف مكة ‪ 40‬سنة معاهم وعاش بعد‬
‫أن أصبح نبيا ف مكة ‪ 13‬سنة معاهم ل يقدروا أن يطلعوا فيه عيبا ول كلمة وحشة ف قدراته‬
‫وتيزه‪..‬وقالوا "ما جربنا عليك كذبا قط "‬
‫عظيم يا إنسانية‪ ،‬ولذا السبب الهانة الت حدثت له إهانة لكل أمريكي لكل هندي لكل بكستان‬
‫مش للمسلمي فقط‪ ،‬إهانة للبشرية أن يكون عظيم البشرية يقال عنه ذلك‬
‫عظيم صلى ال عليه وسلم ف رحته‪ ،‬انظروا يوم الطائف وقد ضربوه بالجارة حت أُدميت قدماه‬
‫وكل أرجله دماء وسّنهُ ‪ 50‬سنة‪ ،‬فيأت له ملك البال ويقول له "لو شئت أطبق عليهم الخشبي"‬
‫فيد ويقول "ل‪ ...‬عسى ال أن يُخرج من أصلبم مَنْ يعبد ال "‬
‫انظر إليه يوم أحد يوم أن تكالب عليه الكفار ويسقط ف حفرة وتُكسر رباعيته ويتلئ فمه بالدماء‬
‫ويُجرح وجه وينل الدم من وجه الكري فيقولوا له‪ :‬ادعوا عليهم يا رسول ال‪..‬‬
‫فيقول لم‪" :‬إن ل أُبعث لعّانا ولكنّى بُعثت رحة للعالي " للعالي يا بشرية‬
‫ويرفع يديه للسماء ويقول "اللهم اهدي قومي فإنم ل يعلمون " يعن كمان بيشفع لم عند ال‬
‫تبارك وتعال !! انظر إل رحته صلى ال عليه وسلم‬
‫عظيم ف رحته حت مع اليوانات‪.....‬أن رجلً دخل النة ف كلب وأن امرأة دخلت النار ف‬
‫قطة‪...‬هذا هو نبينا‪..‬عظيم من عظماء البشرية‪ ،‬انظر إل عظمته ف كل اليادين وانظر إل امتداد‬
‫عظمته لليوم‪ ،‬نابليون وشكسبي وغيهم في آثارهم‪ ،‬أفلطون في أثره ف البشرية الن وانظر إل‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم أين أثره ف البشرية الن‪.‬‬
‫عظيم ف وفائه‪ ،‬عظيم ف أخلقه‪ ،‬عظيم عظيم ف كل ميدان هتذهب إليه‪..‬‬
‫عظيم ف التعايش مع الخر يوم ما يستأمن اليهود ويقيمهم ف الدينة ويقبل لم كل حقوق الواطنة‬
‫ويسكنهم ف الدينة ول يقبل أن يتعرض أحد لم ول يأخذ مليم من نقودهم أو أن يغيوا شيئا من‬
‫ديانتهم أو يفرض عليهم أي شيء يول دون حرية تعبدهم‪ ،‬عظيم ف تعايشه مع الخر‪..‬‬
‫عظيم ف تعايشه مع الخر لّا رفض إنه يستخدم مسلمي مكة أنم يعملوا قلئل داخل مكة رغم أنم‬
‫يدينوا له بالولء‪..‬ورغم وجود معركة بي الدينة ومكة رفض يستخدم مسلمي مكة وقال لم ابقوا‬
‫ف مكة لنه يترم حق الواطنة داخل مكة والتعايش‪.‬‬
‫هذا هو نبينا‪ ،‬نبينا اللي طلع صلح الديبية وكان يقدر يارب قريش ولكنه طلع يبحث عن السلم‬
‫وأجب قريش على السلم وكان يقدر ياربم ويعلها حّام دماء ينتصر هو فيه‪.‬لكن أراد السلم صلى‬
‫ال علي ممد‬

‫‪600‬‬
‫يا بشرية افتخري أنه بي البشرية كان هناك ممد صلى ال عليه وسلم سواء أسلمتم أم ل تسلموا‬
‫سواء كنتم هندوس أو غي مسلمي‪ ،‬سواء كنتم يهود أو مسيحيي‪ ،‬تعتقدوا أو ل تعتقدوا‪..‬هو عظيم‬
‫هو عظيم‪...‬التاريخ قبله شيء والتاريخ بعده شيء‪...‬هذا هو ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫رسالت للعال‪..‬أنت ملم يا عال با حدث والق أن العال كله يطالب بتشريع دول لحترام هذا النب‬
‫العظيم‪..‬‬
‫بقيت كلمة أخية‪..‬ل نريد كلما وأنا تأخرت ف بداية هذه الكلمة‪ ،‬تأخرت ف أن أقول كلمت‪ ،‬من‬
‫أجل أننا ل نريد كلما نظريا‪ ،‬ول نريد اعتذارا رمزيا‪ ،‬نن نريد أفعالً من الغرب تدل على توقي‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ولن نسكت حت يعود ف هذه القضية التوقي لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ولن تنتهي هذه القضية إل بفعل التوقي صلى ال عليه وسلم رمز من رموز البشرية والناس‬
‫جيعا والعظيم القائد العظيم والنب العظيم ف عيون السلمي‪...‬هذا هو ما نريده ول يكفي العتذار‬
‫الرمزي‪ ،‬يب أفعال من الغرب تدل على التوقي وحت يتم ذلك‪..‬فنريد من الشباب نشر هذه الكلمة‬
‫لتصل إل مسامع آبائنا وأمهاتنا‪ ،‬الشباب على الوقع‪..‬هذه الكلمة تأخذوها مرئية ومكتوبة وتوزع‬
‫وتترجم ودار الترجة تترجها وتصل إل الغرب جيعا‪ ،‬نريد رسائل قصية من الشباب عن هذه‬
‫الكلمة‪ ،‬وهذه الكلمة ستنل على اقرأ‪..‬‬
‫نريد التعريف بالنب صلى ال عليه وسلم فورا ف كل مكان ف العال‪..‬خطى البيب بيعاد الن على‬
‫اقرأ‪ ،‬الدكتور طارق سويدان له شرائط عن السية النبوية‪ ،‬الشيخ عائض القرن له كلمات عن السية‬
‫النبوية‪ ،‬البيب على الفري له كلمات عن السية النبوية‪ ،‬الدكتور البوطي له كتب عن السية‬
‫النبوية‪ ،‬خطى البيب نزل شرائط‪ ،‬يأخذ هذا الكلم ويعم ف العال والسلمي والغرب‪..‬إل أن تل‬
‫القضية وتاب مطالب المة السلمية بأفعال وليس بكلمات‪،‬هذا هو الواجب الطلوب من الشباب‬
‫الن نشر هذه الكلمة وإيصالا إل مسامع العال أجع وتترجم والواجب الثان هو مطلوب من كل‬
‫الشباب أن يعرفوا ويبذلوا الهد بالتعريف بالنب صلى ال عليه وسلم سواء بشرائط أو حلقات أو‬
‫كتب أو بشاهدة على خطى البيب وهو يذاع كل يوم ثلثاء أو جعة ف مواعيدنا الثابتة‪..‬إحياء‬
‫التعريف بالنب جوه السلمي وخارجهم‪..‬والميل أن على خطي البيب الن يذاع مترجم‬
‫بالنليزية‪..‬فأرجوكم يا شباب هذا هو الواجب الطلوب الن إل أن نصل إل حل‬
‫وللحديث بقية‪..‬ولن ينتهي حديثي عند هذه الكلمات فمازال المر له بقية‪...‬‬
‫أشكركم والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫عمرو خالد‪.‬‬
‫ارسل تعليقك‬
‫اين حسن احد ‪ ...‬مصر ‪... AM 1:20:08 5/30/2006 ...‬‬

‫‪601‬‬
‫يأستاذ عمرو طبعا جزاك ال كل خي على اللى بتعملة بس احنا العرب اللى ها السلمي متاجي‬
‫واحد يصرخ بصوت عال يوحد السلمي من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب زى صلح الدين‬
‫ساعتها حيكون للعرب كلمة ومكانة وحنسحق اسرائيل ويكون مفيش حدود بي الدول دولة‬
‫اسلمية عربية واحدة دينها السلم ربا ال سيدنا ممد نبيها ورسولا امة موحدة ف قلبها الب‬
‫قوتا اليان وعزيتها الصب مكن يتحقق اللم دة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ارجو الرد لن فية شباب‬
‫كتي يأس ومبط وانا ف مال عملى بس بدة من الشباب الصغار وبفضل اقويهم لكن عايز اقولم‬
‫ان ف ناس حاسة بيهم وبيحاولو ودة حيكون من خلل ردكم عليا عشان ارسلهم الرد واعرفهم ان‬
‫المل موجود وشكرا ‪... ... ...‬‬
‫ميسون قصاص ‪ ...‬سوريا ‪... PM 7:23:47 5/20/2006 ...‬‬
‫السّلم عليكم ‪ :‬ليس معن اختلفنا ف الراء أن يظ ّن واحدنا أنّه هو الصيب والخرون مطئون ‪..‬‬
‫وليس معن اختلفنا أن نتربّص ببعضنا البعض على الفوات واللّمم بينما يتربّص بنا العداء من كلّ‬
‫جانب ‪ .‬وليس معن اختلفنا أن نفقد لغة الحترام فيما بيننا ‪ .‬أجل الستاذ عمرو غي ملتح وكذلك‬
‫شأن الدكتور النابلسي والشّيخ البوطي حفظهم ال جيعا وغيهم من علماء ودعاة كان وما زال لم‬
‫أثرهم الطّيّب ف نفوس المّة وأظنّ أ ّن كثيين من دعاة وعلماء اللتحي لن يعفهيم إعفاء لاهم أمام‬
‫ال عن تقصيهم ف تبليغ رسالة ربّهم ونبيّهم ‪ .‬وأرى أنّ ترك سنّة ظاهرة خي من ترك سنن خفيّة‬
‫كثية لدى بعض من ينتقدون من ل يلتحي ‪ ..‬وأوّل هذه السّنن الواجبة التروكة لديهم هي أدب‬
‫النّصيحة والوار ‪ .‬فلنتّق ال ف أنفسنا ولن أقول ف بعضنا لنّنا ينبغي أن نكون جسدا واحدا كما‬
‫أراد لنا رسولنا وحبيبنا ممّد صلّى ال عليه وسلّم ‪ .‬والسّلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪... .‬‬
‫ابيهى عبد البار ‪ ...‬الغرب ‪... PM 1:05:57 2/27/2006 ...‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم ‪ :‬والصلة والسلم على حبيبنا وقدوتنا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫يقول ال تعال ‪(:‬لتسبوه شرا لكم بل هو خي لكم ‪)...‬من هدا الدث ان شاء ال ستقوم الؤمة‬
‫السلمية فابمد ال سيقوم مؤتر ف الدنارك للدعة منهم الستاد البببببيب عمرو خالد حفضه ال‬
‫فمن وجبنا نصرة النب صلى ال عليه وسلم تصور هدا الذث با وقع لنب صلى ال عليه وسلم‬
‫عندما خرج ال الطائف يبحث عن من يميه ليانشر رسالته ‪,‬فلذلك يب علي حية النب صلى ال‬
‫عليه وسلم وتعريف الدناركي والغرب اجع بداالصدق المي من طرف ارسال رسالة تعرف با‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم من طرف موقع الستاد عمرو خالد ‪ www.am:‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ khal‬صلى ال عليه وسلم ‪ d.n‬صلى ال عليه وسلم ‪ t‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫اخوكم ابيهى عبد البار من الغرب ‪... ... ...‬‬
‫أخوكم ف ال (شادي) ‪ ...‬مصر ‪... PM 10:20:30 2/20/2006 ...‬‬

‫‪602‬‬
‫نن السبب ف سب الرسول (ص) فلو كنا ملتزمي بسنته ص لل حدث ما حدث فصدق الرسول‬
‫الكري حي قال تتداعى عليكم المم ‪... ... ... ..................‬‬
‫ممد الصرى ‪ ...‬صلى ال عليه وسلم ‪... gypt ... 2/17/2006 9:05:19 PM‬‬
‫ان نصرة النب بنصرة سنته وماجاءبه م عند ربه والتشبه به ف افعاله واقواله وحله وترحاله وزيه‬
‫ولباسه لو ارادعمرو نصرته فليتح كما مان النب ‪...‬‬
‫أم أروى ‪ Saudi A ...‬صلى ال عليه وسلم ‪abia ... 2/12/2006 9:26:20 PM‬‬
‫‪...‬‬
‫المد ل أن أيقظ قلوب المة بذه الزمة ولكننا ننتظر تقيق النصرة القيقية لبيبنا صلى ال عليه‬
‫وسلم وذلك بإحياء سنته وسيته ف كل منح ًى ف حياتناوهذا أعظم دليل على الب اليان وليس‬
‫الكتفاء بالشجب والستنكار بل وأشد ما يسوءنا مايلحقه بعض السلمي من أضرار وتريب‬
‫للشخاص والبان فليس ذاك من ديننا ف شيء ‪ .‬فالواجب أن نستثمر مثل هذه الفرص لنشر السلم‬
‫وبيانه بيانا شافيا كافيا وماأروع أن ياطب العال أجع بذلك بميع اللغات وف متلف القنوات‬
‫الفضائية (إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم )‪ .‬وف التام أدعوا ال أن يفظ علماءنا ودعاتنا‬
‫وأخص بذلك الشيخ عمرو خالد ‪-‬حفظه ال ورعاه ‪-‬متمنية أن ينفعنا بعلمه وفهمه ويرزقنا كهمته‬
‫للدين إنه ول ذلك والقادر عليه وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه وسلم ‪... ... ... .‬‬
‫جيلل العابد ‪ Alg ...‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ia ... 2/12/2006‬‬
‫‪... 3:33:54 PM‬‬
‫جيل جدا أن نثور لن الغرب أساء للرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬والجل من ذلك أن نأخذ أول‬
‫على أيدي سفهائنا الذين يتطاولون عليه من حيث إدعاؤهم أن شريعته غي صالة لكل زمان ومكان‬
‫‪،‬وما أمر تغيي مناهج التربية والتعليم عنا ببعيد‪- .‬ول يزالون يقاتلونكم حت يردونكم عن دينكم إن‬
‫استطاعوا‪ .‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ .‬اليلل ‪ WANOUS ... Unit ... ...‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪... d Kingdom ... 2/10/2006 5:43:09 PM‬‬
‫أرى أن شعوب الغرب وبعض شعوب الشرق أيضا مغلوب على أمرها فهي وأن ظهر أنا تتمتع‬
‫بشيء من حرية التعبي أل أنا قد حشرت مثلنا (الن) ف زحة البحث التلهف للقمة العيش فلم يعد‬
‫لدى تلك الشعوب (مثلنا) أي وقت للنظر من حولا والتبصر ف شئون حياتا وأل أين اتاهها‪.‬‬
‫وعلى القادرين منا فكرا وعلما ومال العمل بصورة جاده ومنظمة ومنسقه على نشر مباديء السلم‬
‫النيف بلغات تلك الشعوب ف هيئة بسيطه وسهله دون مقارنته بأي من الديان الخرى حت ترسخ‬
‫قيم السلم الصافيه ف أذهانم ول يعتبوه مرد فكر يريد أن يطغى على معتقداتم ‪ ،‬بل لرفع‬
‫الغشاوة عن أعينهم بالكلمة اللينة والقدوة السنه على أن تستمر هذه الهود سنوات وعقود أل ما‬

‫‪603‬‬
‫ل نايه وتتوسع لتصل الدينة والقرية والسهل والبل ولترسل الدعاة العدين أعدادا جيدا أل كل‬
‫بقاع الرض ليكونوا قدوة حسنه ول يكونوا مادلي ل يسنون الدل‪ ...‬وال ول التوفيق ‪... ...‬‬
‫================‬
‫عناصر القوة اليابيّة ف مواقف السلمي لنصرة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫خباب بن مروان المد‬


‫المد ل الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله وكفى بال شهيدا ‪ ،‬وأشهد‬
‫ألّ إله إلّ ال إقرارا به وتوحيدا ‪ ،‬وأشهد أنّ ممدا عبده ورسوله ‪ ،‬صلّى ال عليه وعلى آله ‪،‬‬
‫وصحبه وسلّم تسليما مزيدا أمّا بعد‪:‬‬
‫إنّ حديثي سينصبّ حول استخلص عناصر القوة واليابية ف مواقف السلمي ف النصرة لرسول‬
‫ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ والت رأيت أنّها ـ ول المد ـ كان لا ظهور ساطع ‪ ،‬وبارق لمع‬
‫‪ ،‬نتج إثر ما اقترفته الصحيفة الدناركيّة سيئة الذكر ‪ ،‬والت تخّض من جرّاء فعلها ‪ ،‬منافع كثية ‪،‬‬
‫فربّ ضارة نافعة ‪ ،‬وعلى نفسها جنت براقش ‪ ،‬وظهر أنّ ف المّة السلمية خيا كثيا ‪ ،‬ما زال‬
‫يتنامى ويتصاعد يوما بعد يوم‪.‬‬
‫إنّ حدث الرسوم السيئة للنب صلى ال عليه وسلم سيُنسى يوما ما ‪ ،‬ويبقى الثر الستثمر منه‬
‫والتمثل؛ ف جامعة عتيدة ‪ ،‬وقناة فضائية‪ ،‬ومقرر مدرسي‪ ،‬ومؤلف علمي‪ ،‬ومؤتر سنوي‪ ،‬ومؤسسة‬
‫عريقة ‪،‬كنتيجة طيبة للغضبة اليابية الت عمت العال السلمي‪.‬‬
‫ولذا فإنّه يب أل تغلق الساءة أعيننا عن اغتنام الفرصة‪ ،‬ويكفي أصحاب الرأي أن يتذكروا ما قاله‬
‫_عليه الصلة والسلم_ حينما هجاه بعض الكفار وقالوا عنه "مذمم" بدلً عن "ممد" زيادة ف‬
‫الذم‪ ،‬فكان قوله _صلى ال عليه وسلم_ لصحابته الذين ساءتم مقالة الكفار‪ " :‬أل تعجبون كيف‬
‫يصرف ال عن أذى قريش وسبهم‪ ،‬هم يشتمون مذما وأنا ممد"‪ .‬أخرجه البخاري‪ .‬فهم رسوا‬
‫رسومات وهية ف أذهانم ‪ ،‬وهي ليست ‪-‬بل شك‪ -‬رسومات للنب _ عليه الصلة والسلم ـ‬
‫ولذا قال ال تعال لحمد صلّى ال عليه وسلّم ‪(:‬إنّا كفيناك الستهزئي) فلن يضرّ رسول ال ـ‬
‫صلّى ال عليه وسلّم ـ ما اقترفته أيدي الرسّامي ‪ ،‬ولكنّنا نقول ‪ :‬إ ّن ما وراء ذلك الدث كان‬
‫للمسلمي فيه دور كبي ف نصرة الصطفى ـ صلى ال عليه وسلم ـ ومن ذلك‪:‬‬
‫‪1‬ـ القاطعة القتصادية من الشعوب السلميّة للدول الت أساءت لرسول الدى ـ صلّى ال عليه‬
‫وسلّم ـ وقد قيل ف القولة المريكية ‪:‬الذي ف يده السلح هو الذي يسن القواني ‪ ،‬ومن هنا فقد‬
‫استشعر السلمون أنّ بيدهم سلحا ل يستطيع أهل الكفر أن ينعوه منهم لنّه متعلق بإرادتم ‪ ،‬بل‬
‫جعلت أوروبا (الرسية) تقف على قدمها وتاول معالة القضية ‪ ،‬وبذا صار للمسلمي موقف‬

‫‪604‬‬
‫يسب له أهل الكفر حسابا ‪ ،‬وأدّت هذه القاطعة إل انتصار كبي نفسي للمسلمي ‪ ،‬وكسر لاجز‬
‫الوف الذي زرعه الغرب فينا‪.‬‬
‫‪2‬ـ طباعة الكتب العرفة بشخصه ـ صلى ال عليه وسلم ـ ومنها قيام ملة البيان بشروع سّته‬
‫‪(:‬مشروع الحبة ) حيث سيطبع منه مليون نسخة ‪ ،‬من كتاب (مبة النب وتعظيمه) للشيخي‬
‫الفاضلي‪ :‬عبدال بن صال الضيي ‪ ،‬وعبداللطيف بن ممد السن ‪.‬‬
‫‪3‬ـ إنشاء الواقع العرفة بشخصه ‪ ،‬وإطلق كثي منها ‪ ،‬إثر تلك الجمة الشرسة على رسول ال ـ‬
‫صلّى ال عليه وسلّم ـ مرافقة لكثي من الصفحات العديدة الت كانت مصاحبة لكثي من الواقع‬
‫الخبارية ‪ ،‬أو العلمية ‪ ،‬بل حتّى ف النتديات كانت هناك صفحات عديدة تتحدّث عنه ـ صلّى ال‬
‫عليه وسلّم ـ‬
‫‪4‬ـ هبّات الشعوب السلمية هبّة واحدة لنصرته ـ صلى ال عليه وسلم ـ وكان ف ذلك خي‬
‫كثي ‪ ،‬ولذا فإنّي أقول لنخبنا العلميّة والفكريةّ ‪ :‬ينبغي ألّ نتقر الشعوب فهي القلب النابض‬
‫بالسلم ‪ ،‬بل هي مستودع السلم ‪ ،‬فقد بان أنّ ف المّة السلميّة خيا كثيا ‪ ،‬وأنّه ل يزال‬
‫فيها ‪ ،‬من يتنفض لرمات ال ‪ ،‬ويغار على دينه ‪ ،‬ويذبّ عن حرمة السلم ‪ ،‬وصدق القائل‪:‬‬
‫إذا كان قلب ل يغار لدينه***فما هو ل قلب ول أنا صاحبه‬
‫‪5‬ـ كثرة الحاضرات والطب ‪ ،‬والبدء بدروس علميّة تشرح شائل النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وجيل خلقه ‪ ،‬وسيته ‪ ،‬متزامنة مع ما كان يُشرح من قبل‪.‬‬
‫‪6‬ـ شعور كثي من السلمي بالعزة ‪ ،‬وأنّهم يستطيعون أن يصنعوا قرارا ‪ ،‬يستجديهم بعده الشرق‬
‫والغرب ‪ ،‬بأن يفّفوا من غلواء غضبهم ‪ ،‬ويتركوا مقاطعة الدول الت أساءت لرسول ال‪.‬‬
‫‪7‬ـ هذه الجمة الشرسة أشعرت السلمي وخصوصا أهل العلم بأهيّة تفعيل قضية إنشاء رابطة‬
‫عالية للعلماء والفكرين ‪ ،‬خالية من الثالوث الطي الذي ينبغي عليهم أن يذروا منه وهو ‪(:‬البعد‬
‫عن الزبية ـ ترك التعصب للقليمية ـ أل يكون تابعا لهة رسية) وتكون بدورها هذه الرابطة‬
‫تدرس مستجدات السلمي الراهنة ‪ ،‬وتردها لنهاج ال ‪ ،‬ولعلّ هذا الؤتر يكون بداية تفعيل هذه‬
‫القضيّة‪.‬‬
‫‪8‬ـ ماولة كثي من السلمي النتهاج بنهج خي الرسلي ‪ ،‬واتباع سنته وتطبيقها ‪ ،‬وتوصية بعضهم‬
‫لبعض بالث على ملزمة ذلك‪.‬‬
‫‪9‬ـ الضغط السلمي على هذه القضية جعلها رأس القضايا ف الذاعات ‪ ،‬والوكالت الخبارية‪.‬‬
‫‪10‬ـ عودة الكثي من السلمي للهداية بفضل ال ‪ ،‬حي شعروا بقيمة دينهم ‪ ،‬وعلو نبيهم ‪،‬‬
‫‪11‬ـ إسلم بعض الكفار ‪ ،‬ف بعض الدول الكافرة‪.‬‬

‫‪605‬‬
‫‪12‬ـ عرف كثي من السلمي حقيقة عداوة الكفّار لم ‪ ،‬وحقدهم على دينهم ورسولم ‪ ،‬وإرادة‬
‫الشر والكيد بم ‪ ،‬فازدادت قناعة كثي من السلمي ببغض الكفار لم ‪ ،‬ول ننسى أنّه تعال قد‬
‫قال‪(:‬إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا)‬
‫‪13‬ـ تصدي الكثي من السلمي لبعض دعوات العلمانيي ‪ ،‬والرد عليها ‪ ،‬من قبيل قول بعضهم إنّ‬
‫هذه الرسوم من قبيل حرية الرأي فل داعي لعارضتها ‪ ،‬ومعارضة بعضهم للمقاطعة ‪ ،‬وقول بعضهم‬
‫أن القضية أكب من حجمها‪.‬‬
‫‪14‬ـ كانت تلك الساءة لرسولنا ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ منحة للتعريف بدين السلم ‪،‬‬
‫والسؤال عنه من قبل الكفّار فقد أوردت وكالت النباء شراء كثي من الفرنسيي للقرآن الكري بعد‬
‫الزمة الدناركيّة ‪ ،‬ولكم أن تعرفوا أنّه خلل أسبوع واحد كانت نسخ القرآن الت اشتريت من قبل‬
‫الفرنسيي ‪ 60‬ألف نسخة ‪ ،‬ولعلّ ذلك يكون سببا ف هدايتهم إل هذا الدين السلمي العظيم ‪،‬‬
‫وحينها نقول‪ :‬على نفسها جنت براقش‪.‬‬
‫‪15‬ـ قيام بعض الؤسسات السلميّة بطباعة كثي من الكتب العرّفة بفضل السلم وبرسول ال ـ‬
‫صلّى ال عليه وسلّم ـ وترجتها لعديد من اللغات كالنليزية والفرنسية والدناركية وغيها‪.‬‬
‫‪16‬ـ مواقف بعض حكومات الدول السلميّة ؛ بسحب سفرائهم من الدنارك ‪ ،‬واستدعاء سفراء‬
‫الدنارك ‪ ،‬وتبنّي تبيي فضل رسول ال ‪ ،‬وسيته ‪.‬‬
‫‪17‬ـ الطالبة بحاكمة جيع الجرمي با فيهم رئيس ترير تلك الصحيفة ماكمة عادلة ‪ ،‬وإيقاع‬
‫العقوبة الرادعة بم ‪ ،‬وفصل رئيس التحرير من تلك الصحيفة ‪ ،‬تنكيلً به وإزراء عليه وعقوبة له‪.‬‬
‫‪18‬ـ الظاهرات العارمة الت عمّت البلد السلمية ‪ ،‬وكانت شعلة وهّاجة ضدّ من سبّ رسول‬
‫ال ـ صلّى ال عليه وسلم ـ‬
‫‪19‬ـ هذا الدث بيّن أنّ السلمي إذا اختاروا رأيا واتفقوا عليه فإنّه بقدورهم بإذن ال أن يكون‬
‫لم موقف سديد تاه أعداء الدين ‪ ،‬ل يستطيعون زحزحتهم عنه ‪ ،‬أو ثنيهم عنه‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ بدء كثي من أصحاب الفكر والعلم بتبيي سية الصطفى ـ صلى ال عليه وسلم ـ‬
‫وخصوصا أن كثيا من الوروبيي قد بيّن لم إعلمهم بأن رسول ال رجل إرهاب ودموي ‪ ،‬وقد‬
‫أوصدت تلك النظمة الاكمة على شعوبا ف بلدهم وأقفلت عليهم بإعلمهم الذي يضلّل هذه‬
‫الشعوب‪ ،‬ويصف السلمي بأنّهم هجيون ‪ ،‬وليسوا ذوي أخلق ومعرفة وعلم ‪.‬‬
‫‪21‬ـ رسائل الحتجاج الت وصلت للدنارك وسفاراتا‪.‬‬
‫‪22‬ـ بدء بعض النشدين السلميي ‪ ،‬بإخراج أشرطة ف فضائل النب ‪ ،‬وتدحه بالدح الباح الذي‬
‫ل يوجد فيه غلو ول إجحاف‪.‬‬

‫‪606‬‬
‫‪23‬ـ الوارات ف الفضائيات ‪ ،‬والقالت ف الصحف ‪ ،‬الت انتشرت عقب الجمة الشرسة على‬
‫رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ بتبيي سيته ‪ ،‬وشائل أخلقه ‪.‬‬
‫‪24‬ـ استقبال بعض الدعاة والثرياء للجانب الذي يرغبون ف التعرف على السلم‪.‬‬
‫‪25‬ـ ضغط بعض الختصّي على الدول السيئة لرسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ الت اشعلت‬
‫الزمة لسن قواني ترم إهانة العقائد السماوية ‪ ،‬لنّ هذه العقائد تستحق معاملة أفضل من القداسة‬
‫الت يضيفها الغربيون على "السامية" اليهودية‪.‬‬
‫‪26‬ـ انكباب كثي من الشباب والفتيات على دراسة سية رسول ال ‪ ،‬وكتابة بوث حول مقاطع‬
‫من هديه ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ‬
‫‪27‬ـ كثي من مستخدمي النترنت يرسلون رسائل بريدية ف الدفاع والذب عن رسول ال ـ‬
‫صلّى ال عليه وسلّم ـ وتبيي سيته سواء للمسلمي أو لغيهم ‪.‬‬
‫‪28‬ـ هناك اللف اليوم ف أوروبا بالذات يقبلون على شراء الكتب الت تتحدث عن شخص النب‬
‫الكري‪ ،‬وهذه طريقة قوية لذبم للسلم‪.‬‬
‫‪29‬ـ أنّ أي إنسان مسلم اليوم يشعر بأن نبيه أهمّ إليه من حبل الوريد ‪ ،‬وإن مس بسوء ‪ ،‬فما نفع‬
‫الياة بعد ذلك ؟‬
‫‪30‬ـ فتح الباب أيضا لناقشة جدوى ما يسمى " حوار الضارات" إذا كانت الضارة الوروبية‬
‫تعتب أن من حقها إهانة سيد البشر لن ف ذلك حرية للتعبي عن رأيها ‪،‬وطرح الوضوع من خلل‬
‫وجهات النظر العاصرة ‪ ،‬والصطلحات التداولة دوليا‪ ،‬مثل‪ :‬حوار الضارات‪ ،‬واحترام الديان‬
‫والقدسات وإدراجها ضمن منظومة حقوق النسان‪.‬‬
‫‪31‬ـ هذا الدث بيّن التآزر الفي بي أهل الكفر ‪ ،‬حيث كان من نتائجه الت أعتبها إيابيّة أنّه‬
‫كشف حقد الكافرين على السلمي (أتواصوا به بل هم قوم طاغون) وأنّهم ل يتجاوزوا ما قاله ـ‬
‫عزّ وج ّل ـ ‪ ":‬بعضهم أولياء بعض" ففي فلسطي مثلً بعد حادثة الدنارك تكررت حوادث الساءة‬
‫لشخص الرسول الكري‪ ،‬وقام اليهود بكتابة شعارات مهينة ضد النب ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ‬
‫والسلم‪ ،‬وقبل عدّة أيام من تاريخ كتابة هذه الوراق ‪ ،‬وقف النود على حاجز عسكري قرب‬
‫القدس وقاموا بتوجيه الشتائم ضد شخص الرسول الكري عليه الصلة والسلم أمام الواطني‬
‫الحتجزين وأمام نواب ف الجلس التشريعي‪.‬‬
‫‪32‬ـ هناك من ظن أن سية الرسول أصبحت مرد مقررات تدرس ومعلومات تعيش رهينة‬
‫الكتب ‪ ،‬وأن حبه أمر نتوارثه ونعايشه بكم العادة ‪ ،‬وهذا أمر ثبت خطؤه‪.‬‬
‫‪33‬ـ الطفال الصغار كان لكثي منهم أدوار إيابية حت ف رفض أكل أي منتج دناركي لسبهم‬
‫لرسول ال‪.‬‬

‫‪607‬‬
‫‪34‬ـ أشعرت السلمي بوجوب الرجوع للقرآن ‪ ،‬ودراسة آيات الولء والباء‪ ،‬وأن الكفار بعضهم‬
‫أولياء بعض ‪ ،‬وتذكر مواقفهم تاه سبّ رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ‬
‫‪35‬ـ مناداة الكثي من أبناء السلمي ألّ يكون هذا الفعل منهم مرد رد أفعال بل منازلة وفعال‪،‬‬
‫وأنّ السلمي بإمكانم أن يصنعوا الدث‪.‬‬
‫‪36‬ـ أ ّن السلمي ل ينخدعوا با يسمّى اعتذارات وهية صدرت عن الريدة أو عن الجلة‬
‫الدناركية الت أساءت لرسول ال ‪ ،‬بل كان لديهم من الوعي الشيء الكبي‪.‬‬
‫‪37‬ـ ظهر استطلع بيّن أنّ أكثر من ثلثة أرباع الردنيي يؤيدون استخدام سلح النفط ف حال‬
‫تكرار الساءة ‪ ،‬كما ف استطلع لركز عال العرفة الردن لستطلعات الرأي‪.‬‬
‫‪38‬ـ استغلل الدعاة والفكرين والعلماء هذه الجمة بتبيي فضل رسول ال ‪ ،‬وشيء من سيته‬
‫العطرة ‪ ،‬بل بدأ كثي منهم بدروس تصه عليه السلم‪.‬‬
‫‪39‬ـ بعض الواقع الباحية كان لا دور بالث على القاطعة ‪ ،‬ونصرة رسول ال ‪ ،‬وتاب كثي‬
‫منهم إثر تلك الجمة وأعلن ذلك ف منتديات النترنت‪.‬‬
‫‪40‬ـ كثي من السلمي أحسّوا بالترابط ‪ ،‬والشعور بالسد الواحد ‪ ،‬والوحدة فيما بينهم ‪ ،‬وتناسي‬
‫اللفات والزبيات ومن ذلك هذا الؤتر الرائع الذي ينم عن وحدة المة السلمية‪.‬‬
‫‪41‬ـ أن أمة السلم مهما يفعل لا أعداء السلم من الغزو الفكري إلّ أنّهم ل ولن يصلوا إل‬
‫أساسها وفطرتا بالسوء لن ال ناصرٌ دينه وحافظٌ لذا القرآن والدين إل يوم الدين‪.‬‬
‫‪42‬ـ شعر التجّار بدورهم ف هذه القاطعة ‪ ،‬ولذا فينبغي علينا إشعارهم بأنّه كان لم دور كبي‬
‫وكبي جدا ف بثّ روح الوالة لرسول ال ‪ ،‬وأنّهم سيّروا الشعوب السلمة لقاطعة الدول السيئة‬
‫لرسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ ‪.‬‬
‫‪43‬ـ إعلن بعض الواقع عن مسابقات للتأليف عن سية رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ‬
‫والكتابة ف ذلك ‪ ،‬من قبيل القالت ‪ ،‬أو البحوث والدراسات‪.‬‬
‫‪44‬ـ كانت هناك مواقف رائعة للغاية من بعض الصحافيي السلمي ‪ ،‬حي دافع عن شخصيّة‬
‫رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ ‪ ،‬حي كان يتحادث مع رئيس ترير تلك الصحيفة‬
‫الدناركيّة‪ ،‬وعارضه بادعائه أ ّن تلك كانت من قبيل حريّة الرأي ‪ ،‬ولذا فينبغي علينا أن نثمّر مواقف‬
‫أولئك الصحافيي ‪ ،‬ونثمّنها لم ‪ ،‬ونشكرهم عليها‪.‬‬
‫‪45‬ـ أ ّن القاطعة القتصادية للدنارك والدول السيئة للرسول ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ ‪،‬‬
‫أوجدت فكرة البديل ف النتج العرب الحلي ‪ ،‬بالعتماد على الذات وتقيق الكتفاء الذات ‪ ،‬ومناداة‬
‫الكثي من السلمي بقولم‪(:‬نأكل مّا نزرع ‪ ،‬ونلبس مّا نصنع) ‪ ،‬بل هذه القاطعة أوضحت أهية‬

‫‪608‬‬
‫الستقلل القتصادي لسيما بعد تصريات السفي الدناركي بالزائر‪ ،‬والت يهزأ با على السلمي‬
‫قائلً‪" :‬كيف يقاطعون وهم ل ينتجون ! "‪.‬‬
‫‪46‬ـ توحد الصف باختلف أطيافه التنوعة ‪ ،‬وإن كان ـ ف رأيي ـ توحدا وقتيا يتاج إل‬
‫آليات لستمراره ‪ ،‬والقيقة أنّ هذا التوحد الشعب بي السلمي ‪ ،‬ما كان له أن يظهر بذه القوّة إلّ‬
‫لنّ من ورائه أثر العقيدة السلميّة ‪ ،‬وأنّها هي الت تمع السلمي وتوحد صفوفهم‪.‬‬
‫‪47‬ـ التحرر من الستعباد الداخلي والارجي‪.‬‬
‫‪48‬ـ تنمية روح البداع والبتكار ‪ ،‬لدى الشعوب السلمة ف الوسائل العمليّة ف نصرة رسول ال‬
‫ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ‪.‬‬
‫‪49‬ـ أظهر هذا الدث مكامن القوة ف المة الت يب أن تستغل وتستثمر‪.‬‬
‫‪50‬ـ أطلّ السلم من خلل هذه القضية على كثي من البقع الكونية الت كانت تهل السلم‬
‫وحقيقته‪.‬‬
‫‪51‬ـ وضع خطوط حراء للمجتمع الغرب تاه السلمي ومعتقداتم‪.‬‬
‫‪52‬ـ شعر السلمون بشيء من الطمأنينة على رموزهم السلمية من خلل وقفتهم القويّة والشرّفة‪.‬‬

‫‪53‬ـ تفكي الكثي من العلميي ورجال العمال ‪ ،‬للبدء بإطلق قناة فضائية ‪ ،‬تصّ الديث عن‬
‫رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ وجيع ما يدور حوله‪.‬‬
‫‪54‬ـ مناداة بعض الشراف الذين هم من ذريّة نبينا ممد ـ صلى ال عليه وسلم ـ بقاضاة‬
‫الصحيفة ‪ ،‬ورفع دعواهم للمحامي ليبدؤوا با‪.‬‬
‫‪ 55‬ـ تفكي كثي من النخب العلميّة وأصحاب الال بإنشاء وتويل أقسام للدراسات السلمية ف‬
‫الامعات الغربية ‪ ،‬الت ترحب بكل مول‪ ،‬وتنحه الرية بتصرف أمواله‪.‬‬
‫‪56‬ـ إنشاء مواقع الكترونية باللغات الغربية للتعريف بسية النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ وتعاليم‬
‫رسالته‪.‬‬
‫‪57‬ـ إياد وسائل إعلمية ناطقة بلغات الغرب تكون قوية حت توضح صورة السلم‪.‬‬
‫‪58‬ـ بدء بعض السلميي بدعم حلت تعريفية بالنب ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ ف الغرب‪ ،‬على‬
‫أن توّلا جهات ف الدول السلمية ‪ ،‬لكن تتول تنفيذها الراكز واليئات السلمية الغربية‪.‬‬
‫‪59‬ـ التبع بوائز علمية للكُتاب الذين يكتبون مؤلفات وبوثا عن النب ـ صلى ال عليه وسلّم‬
‫ـ باللغات الغربية ‪ ،‬يتنافس فيها الكتاب السلمون الغربيون‪ ،‬ويتم نشرها على نطاق واسع‪.‬‬
‫‪60‬ـ تواصي كثي من الشعوب السلميّة بالدعاء على أولئك الظلمة الذين أساؤوا لرسول ال ـ‬
‫صلّى ال عليه وسلّم ـ‬

‫‪609‬‬
‫‪61‬ـ الفطرة النقيّة الت ظهر من خللا غضبة الناس حت من غي اللتزمي على رسول ال ـ صلى‬
‫ال عليه وسلم ـ بالرغم من الجمة الفكرية الشرسة على المة والغزو العلمي الصليب والذي يبث‬
‫على قنواتنا العربية‪.‬‬
‫‪62‬ـ القيام بالانب الياب باتاه الخر وهو تنظيم مؤترات وورش عمل ‪ ،‬لغي السلمي للتعريف‬
‫بالرسول ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ ‪.‬‬
‫‪63‬ـ رب ضارة نافعة ‪ ،‬فبعض الواقع العرّفة للنب ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ باللغة النليزية ‪ ،‬ل‬
‫تظهر إلّ بعد هذه الزمة‪.‬‬
‫‪64‬ـ ظهور أصوات جديدة من الدعاة صغار السن ‪ ،‬وكتّاب جدد ل يظهروا إلّ من خلل تلك‬
‫الزمة‪.‬‬
‫‪65‬ـ وضوح الثر الياب لوسائل العلم عند استخدامها ف الجالت الهمة والقضايا الوهرية‬
‫ف حياة المة‪.‬‬
‫‪66‬ـ كثرة الصلة والسلم على رسول ال ‪ ،‬فالشعوب كلّها تتواصى بذلك ‪ ،‬وأظنّ أنّ أكثر فترة‬
‫مرّت على البشريّة بالصلة على رسول ال ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ هي هذه الفترة ‪ ،‬الت سبّ‬
‫فيها رسول الدى ـ صلّى ال عليه وسلّم ـ فضجّ السلمون بالصلة والسلم عليه ـ عليه صلة‬
‫ال وسلمه ‪ ،‬ما تعاقب الليل والنهار ‪ ،‬وجرت النار ‪ ،‬وصدحت الطيور مغنية فوق الشجار‪.‬‬
‫========================‬
‫حيّ‬
‫عَ ْب ِد ال َعزِْيزِ بْن ِ فَ ْيصَل الرّاجِ ِ‬

‫بيانٌ ف الواجب على السلمي تاه ما نشرته بعض الصحف الدناركية والوروبية ف حق النب صلى‬
‫ال عليه وسلم‬
‫الشّْيخِ َعبْدِ ال َعزِْيزِ بْن ِ فَْيصَل الرّا ِجحِيّ‬
‫المد ل رب العالي‪ ،‬والصلة والسلم على خات النبياء والرسلي‪ ،‬وخية اللق أجعي‪ ،‬نبينا‬
‫وسيد ولد آدم‪ ،‬ممد وعلى آله وصحبه الطيبي الطاهرين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن أعظمَ نعمة أنعمها ال على العالي‪ ،‬بعثتُه الرسلي لبيان حَ ّق َربّ العباد أجعي‪( ،‬فََب َعثَ الُ‬
‫شرِيْ َن َومُنْ ِذرِيْ َن وََأْنزَلَ َم َعهُمُ ال ِكتَابَ بِالَحقّ لَِيحْكُمَ َبيْنَ النّاسِ ِفيْمَا اخَْتَل ُفوْا فِْي ِه مِنَ الَحقّ‬
‫النِّبيّيْ َن مَُب ّ‬
‫س عَلَى الِ‬ ‫شرِيْ َن َومُنْ ِذرِيْ َن لَِئلّا يَ ُكوْنَ لِلنّا ِ‬
‫ط مُسَْتقِْيمٍ)‪( ،‬رُسُلً مَُب ّ‬
‫صرَا ٍ‬
‫بِِإذِْن ِه وَالُ َيهْدِي مَنْ َيشَاءُ ِإلَى ِ‬
‫حُجّةٌ َبعْدَ الرّسُلِ)‪.‬‬
‫فكان أعظم الناس حَظّا‪ ،‬وأتّهم سعاد ًة مَ ْن آمن بم ونصرهم وعزّرهم‪ ،‬وكان أشقى الناس وأتعسهم‬
‫مَنْ كفر بم‪ ،‬وقاتلهم‪ ،‬وأستهزأ بم وبا جاءوا به‪ .‬قال سبحانه‪( :‬وََلقَدِ ا ْسُت ْهزِئَ ِبرُسُ ٍل مِنْ َقبِْلكَ‬

‫‪610‬‬
‫شرِيْ َن‬‫فََأمَْلْيتُ لِلّ ِذيْنَ َك َفرُوْا ثُمّ أَخَ ْذُتهُمْ فَ َكيْفَ كَا َن ِعقَابِ)‪ .‬وقال‪َ ( :‬ومَا ُنرْسِلُ الُمرْسَِليْنَ إِلّا مَُب ّ‬
‫سهُمُ العَذَابُ‬ ‫حزَُنوْنَ‪ .‬وَالّذِيْنَ َكذُّبوْا بِآيَاتِنَا يَمَ ّ‬ ‫َومُنْ ِذرِيْنَ َفمَ ْن آمَ َن وََأصْلَ َح فَلَا َخوْفٌ َعلَْيهِ ْم وَلَا هُمْ َي ْ‬
‫س ُقوْنَ)‪.‬‬ ‫بِمَا كَاُنوْا َيفْ ُ‬
‫وأوجب سبحانه وتعال لنبيائه ورسله الكرام حقوقا عظيمة على ُأمَمِهم‪ ،‬مِنَ التّباع والسمع‬
‫والطاعة والحبة فوق مبة النفس والال والوالد والولد‪ ،‬والنصرة والتعزير والتوقي والتصديق والتعظيم‪.‬‬
‫ث جعل أعظمهم َحقّا‪ ،‬وأتّهم قَ ْدرًا‪ ،‬سيد الثقلي‪ ،‬وخية الولي والخرين‪ ،‬خليله وكليمه‪ ،‬ممد بن‬
‫عبد ال صلى ال عليه وعلى آله أت صلة وأت سلم‪.‬‬
‫وأخب عباده الؤمني بأن نبيه ممدا له عنده القام الحمود الُعظّم‪ ،‬وأنه خليله الُكرّم‪ ،‬وصفيه الُمكلّم‪،‬‬
‫أُعرج به إليه‪ ،‬وسع من ربه كلمه وما أُوح َي عليه‪ ،‬وأنه شفيع العباد يوم العاد‪ ،‬وأنه شفيعهم يومئذ‬
‫عند امتناع النبياء والرسل عن الشفاعات‪ ،‬واعتذارهم ببعض المور والزّلّات‪ ،‬فيقوم بي يدي ربه‬
‫داعيا متضرعا ذليل‪َ ،‬فيُ ْك ِرمُ رَّب ُه مقامَهُ عنده‪ ،‬ويقول له أمام أنبيائه وسائر خلقه « ا ْرفَ ْع رَأْ َسكَ‪ ،‬وَسَلْ‬
‫شفّ ْع »‪.‬‬ ‫ُت ْعطَ‪ ،‬وَا ْشفَ ْع تُ َ‬
‫وأخب سبحانه عبا َدهُ مُمَْتنّا عليهم ببعثتِه إيّاه لم‪ :‬أنه على خلق عظيم‪ ،‬وأنه رؤوف بم ورحيم‪ُ ،‬يعْنُِتهُ‬
‫س ّرهُمْ‪ ،‬فما دعى لم إل بالداية والرشاد‪ ،‬وإنْ تادوا عليه بالتكذيب والعناد‪.‬‬ ‫س ّرهُ ما يَ ُ‬ ‫ما ُيعْنُِتهُمْ‪ ،‬ويَ ُ‬
‫وأخب أنه صلى ال عليه وسلم أول من الؤمني بأنفسهم‪ ،‬فَمِ ْن َحقّهِ أَنْ يُوقى بالنفس والموال‪ ،‬وأَنْ‬
‫ُيقَ ّدمَ على كُ ّل حال‪ ،‬كما قال سبحانه‪( :‬مَا كَا َن لَِأهْلِ الَمدِيَْن ِة َومَنْ َحوَْلهُ ْم مِنَ ا َل ْعرَابِ أَنْ َيتَخَّل ُفوْا‬
‫سهِ)‪.‬‬
‫سهِ ْم عَنْ َنفْ ِ‬‫عَ ْن رَ ُسوْلِ الِ َولَا َي ْرغَُبوْا بِأَْنفُ ِ‬
‫َفعُلِمَ أَ ّن رغبة النسان بنفسه أَنْ يصيَبهُ ما يصيب رسولَ ال صلى ال عليه وسلم من الشقة معه‬
‫حرام‪.‬‬
‫ومِنْ َحقّهِ صلى ال عليه وسلم‪ :‬أن يكون أحبّ إل الؤمن من نفسه وولده وجيع اللق‪ ،‬كما دَلّ‬
‫على ذلك قوله تعال‪( :‬قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُ ْم وَأَْبنَآؤُكُ ْم وَإِ ْخوَانُكُ ْم وََأ ْزوَاجُكُ ْم َوعَشِيَتُ ُكمْ وََأ ْموَالٌ‬
‫ضوَْنهَا أَ َحبّ إَِليْكُم مّنَ الّلهِ َورَسُوِل ِه وَ ِجهَادٍ فِي‬ ‫شوْنَ كَسَا َدهَا َومَسَاكِنُ َت ْر َ‬ ‫خَ‬ ‫اقَْترَ ْفتُمُوهَا وَتِجَا َرةٌ تَ ْ‬
‫سَبِيِلهِ َفَترَّبصُواْ حَتّى يَأِْتيَ الّلهُ بَِأ ْمرِ ِه وَالّلهُ َل َيهْدِي اْل َقوْمَ اْلفَا ِس ِقيَ)‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪«:‬ل ُي ْؤمِنُ أَحَدُكُ ْم حَتّى أَ ُكوْنَ أَ َحبّ إَِلْيهِ مِ ْن وَلَ ِد ِه َووَالِ ِد ِه وَالنّاسِ‬
‫أَجْ َمعِيْنَ» أخرجاه ف«الصحيحي»‪.‬‬
‫فصلى ال عليه صلة دائمة ما دامت السموات والرض‪ ،‬وسَلّمَ عليه سلمًا ما تعبّد الَ الؤمنون بنفل‬
‫أو َفرْض‪.‬‬
‫َفصْلٌ‬

‫‪611‬‬
‫ث إن قد اطلعتُ قبل أيام على ما نشرته صحيفة « يولند بوست » (‪ Jyllands-Post‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ )n‬الدناركية‪ ،‬يوم المعة (‪26/8/1426‬هـ ‪30/9/2005-‬م) من طعن ف‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬واستهزاء به وإلاد‪ ،‬بنشرهم اثن عشر رسا كاريكوتيا ساخرا بالنب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬واستمرت ف نشره أسبوعا بعد ذلك ! ث أعادت عدة صحف أوروبية نشر‬
‫هذه الرسوم هذا الشهر والذي قبله مرّة أخرى‪.‬‬
‫وف هذا ما ّدةٌ ل ورسولِه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وماربةٌ وإيذاءٌ‪ ،‬وقد قال جَلّ وعل ف الؤذين له‬
‫ولرسله‪( :‬إِ ّن الّذِي َن ُي ْؤذُونَ الّل َه َورَسُوَلهُ َلعََنهُمُ الّلهُ فِي الدّْنيَا وَالْآ ِخ َرةِ وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابا ّمهِينا)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬إِنّ الّذِينَ يُحَادّونَ الّل َه َورَسُوَلهُ ُأ ْولَِئكَ فِي ا َلذَّليَ‪ .‬كََتبَ الّلهُ لََأغِْلبَنّ أَنَا َورُ ُسلِي إِنّ الّلهَ َق ِويّ‬
‫َعزِيزٌ)‪ ،‬وقال‪( :‬إِنّ الّذِينَ يُحَادّونَ الّل َه َورَسُوَلهُ ُكبِتُوا كَمَا كُِبتَ الّذِي َن مِن َقبِْلهِ ْم وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ‬
‫ت وَلِلْكَاِفرِي َن عَذَابٌ ّم ِهيٌ)‪.‬‬ ‫َبيّنَا ٍ‬
‫خ ْزيُ‬‫ك الْ ِ‬
‫وقال تعال‪( :‬أَلَ ْم َيعْلَمُواْ َأّنهُ مَن يُحَا ِددِ الّل َه َورَسُوَلهُ فَأَنّ َلهُ نَارَ َجهَنّ َم خَالِدا فِيهَا ذَِل َ‬
‫اْلعَظِيمُ)‪.‬‬
‫وقد أوجب ال جَلّ وعل على السلمي كافّة حقوقا وواجبات ف شأن الُمعادين له ولرسله صلى ال‬
‫عليهم وسلم‪ ،‬من إيذانم بالرب والعداوة والبغضاء‪.‬‬
‫وجعل حكم سَابّ رسوله صلى ال عليه وسلم القتل‪ ،‬سواء كان مسلما أو كافرا‪ ،‬تاب من سَّبهِ أم‬
‫استمر ف غَّيهِ‪ ،‬بل حت لو كان السّاب كافرا فأسلم ل يعصم ذلك دمَهُ‪ ،‬وإنْ ُقبِلَ منه إسلمُه‪ ،‬لذلك‬
‫يُقتل دون استتابة‪.‬‬
‫وقد َق ّررَ هذا ُكّلهُ شي ُخ السلم أبو العباس أحد ابن تيمية رضي ال عنه أتّ تقرير ف كتابه العظيم‬
‫الكبي «الصارم السلول‪ ،‬على شات الرسول صلى ال عليه وسلم »‪ ،‬واستدلّ عليه بأدلة كثية من‬
‫الكتاب والسنة والجاع‪ ،‬وساق فيها ما ل يستطاع دفعه‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ف أوله (ص‪( :)3‬السألة الول‪ :‬أن مَنْ َسبّ النب صلى ال عليه وسلم من مسلم‬
‫أو كافر‪ :‬فإنه يب قتله‪ .‬هذا مذهب عليه عامة أهل العلم‪ ،‬قال ابن النذر‪«:‬أجع عوام أهل العلم على‬
‫أن حَ ّد مَنْ َسبّ النب صلى ال عليه وسلم القتل»)‪.‬‬
‫وقد حكى الجاع غي واحد من الئمة‪ ،‬منهم أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي‪ ،‬وإسحاق بن‬
‫راهوية‪ ،‬والطاب‪ ،‬وممد بن سحنون‪.‬‬
‫وقال (ص‪( :)253‬السألة الثانية‪ :‬أنه يتعي قتلُه‪ ،‬وليوز استرقاقُه‪ ،‬ول ا َلنّ عليه ول فداؤه)‪.‬‬
‫وقال (ص‪( :)300‬السألة الثالثة‪ :‬أنه يُقتل ول يُستتاب‪ ،‬سواء كان مسلما أو كافرا‪ .‬قال المام‬
‫أحد ف رواية حنبل‪«:‬كل مَ ْن شتم النب صلى ال عليه وسلم وتنقّصه مسلما كان أو كافرا‪ :‬فعليه‬
‫القتل‪ ،‬وأرى أَ ْن يُقتل ول يُستتاب »)‪.‬‬

‫‪612‬‬
‫ث قال‪( :‬وقال عبد ال‪ :‬سألت أب عَمّ ْن شتم النب صلى ال عليه وسلم يستتاب ؟ قال‪«:‬قد وجب‬
‫عليه القتل ول يستتاب‪ ،‬خالد بن الوليد قتل رجل شتم النب صلى ال عليه وسلم ول يستتبه »)‪.‬‬
‫ث قال (ص‪( :)301‬وقال القاضي ف«خلفه» وابنُه أبو السي‪« :‬إذا َسبّ النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قُتل‪ ،‬ول تقبل توبتُه‪ ،‬مسلما كان أو كافرا‪ ،‬ويعله ناقضا للعهد‪َ ،‬نصّ عليه أحد»)‪.‬‬
‫ث قال (ص‪( :)303‬وقد صرح بذلك جاعة غيهم‪ ،‬فقال القاضي الشريف أبو علي بن أب موسى‬
‫ف«الرشاد» وهو من يُعتمد نقلُه‪«:‬ومَنْ َسبّ رسول ال صلى ال عليه وسلم قُتل‪ ،‬ول يُستتب‪ ،‬ومَنْ‬
‫سَّبهُ من أهل الذمة قُتل‪ ،‬وإِنْ أَ ْسلَمَ»‪.‬‬
‫وقال أبو علي بن البَنّاء ف«الصال والقسام» له‪« :‬ومَنْ َسبّ النب صلى ال عليه وسلم وَ َجبَ قتلُه‪،‬‬
‫ول تُقبل توبتُه‪ ،‬وإن كان كافرا فأسلم فالصحيح من الذهب أنه يُقتل أيضا‪ ،‬ول يستتاب » قال‪« :‬‬
‫ومذهب مالك كمذهبنا »)‪.‬‬
‫َفصْلٌ‬
‫ولا كان هذا متعذرا اليوم على السلمي لضعفهم وتفرقهم أَنْ ينالوا من أعدائه والستهزئي برسله‪،‬‬
‫ولتسلط أعدائهم عليهم بذنوبم‪ :‬كان الواجب على كُ ّل مسلم ف هذا بقدره وبسبه‪ ،‬إعذارا إل ال‬
‫ل مَا ا ْستَ َطعْتُمْ)‪ ،‬وقال‬ ‫وبراءةً منهم إليه‪ .‬قال سبحانه (لَا يُ َكلّفُ الُ َنفْسًا إِلّا ُو ْس َعهَا)‪ ،‬وقال‪( :‬فَاّت ُقوْا ا َ‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪ِ « :‬إذَا َأ َمرْتُكُمْ بَِأ ْمرٍ فَأُْتوْا ِمْنهُ مَا اسْتَ َطعْتُ ْم »‪.‬‬
‫لذا فالواجب اللزم على السلمي اليوم‪ :‬إنكارُ هذا النكر العظيم‪ ،‬كُلّ با َخوَّلهُ ال وولّاهُ‪ ،‬فالواجب‬
‫صلَتِهم بذه الدولة الُمحادّة‪ .‬والواجب على عموم السلمي تارا‬ ‫على ولة أمور السلمي قَطْ ُع ِ‬
‫وغيهم مقاطعة سلعهم وبضائعهم‪ .‬ليذوقوا وبال أمرهم‪ ،‬وليحصل بي شركاتم وتارهم وعموم‬
‫ع بسبب جنايتهم عليهم‪ ،‬قال تعال‪( :‬لَا تَجِدُ‬ ‫شرَ شقاقٌ ونزا ٌ‬ ‫شعبهم وبي حكومتهم الراضية با نُ ِ‬
‫َقوْما ُي ْؤمِنُونَ بِالّل ِه وَاْلَي ْومِ الْآ ِخرِ ُيوَادّونَ مَنْ حَا ّد الّل َه َورَسُوَلهُ َوَلوْ كَانُوا آبَاءهُمْ َأوْ أَْبنَاءهُمْ َأوْ ِإ ْخوَاَنهُمْ‬
‫حِتهَا‬
‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫ح مّْن ُه وَيُدْ ِخُلهُمْ جَنّاتٍ تَ ْ‬ ‫َأ ْو عَشِيََتهُمْ ُأوَْلِئكَ َكَتبَ فِي ُقلُوِبهِمُ الِْإيَا َن وَأَيّ َدهُم ِبرُو ٍ‬
‫الَْأْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا َرضِيَ الّلهُ عَْنهُ ْم َو َرضُوا عَْنهُ ُأوْلَِئكَ ِح ْزبُ الّلهِ َألَا إِنّ ِح ْزبَ الّلهِ هُمُ الْ ُمفْلِحُونَ)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬يا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا لَا َتتّخِذُوا عَ ُدوّي َوعَ ُدوّكُمْ َأوِْليَاء تُ ْلقُونَ إَِلْيهِم بِالْ َم َو ّد ِة وَقَدْ َك َفرُوا بِمَا‬
‫جَاءكُم مّنَ اْلحَقّ)‪.‬‬
‫وليس لذه القاطعة غاية تنتهي إليها‪ ،‬إل بحاسبة تلك الصحيفة ومسؤوليها‪ ،‬ورسّامي الرسوم وكُلّ‬
‫ذي صلة با‪ ،‬ومعاقبتهم عقوبة حاسة رادعة‪.‬‬
‫َأمّا ما ينادي به َبعْضُ الُجهّال‪ ،‬من أن تكون غايةُ القاطعة اعتذارَ الكومة الدناركية أو الصحيفة‪:‬‬
‫فليس من الق ول العقل ف شيء ! وحكمٌ ل يشرعه ال ول رسوله صلى ال عليه وسلم‪ .‬وهذه‬
‫الناية حَ ّق عظيم ل عزّ وجلّ‪ ،‬ليس لحد أَنْ يتنازل عنه‪ ،‬أو يُعلن السامة‪.‬‬

‫‪613‬‬
‫قال شيخ السلم ف «الصارم السلول» (ص‪( :)226‬إن النب صلى ال عليه وسلم كان له أَ ْن يعفو‬
‫عَمّن شتمه و َسّبهُ ف حياته‪ ،‬وليس للمة أَنْ يعفوا عن ذلك)‪.‬‬
‫ث قال (ص‪( :)293‬وما يوضح ذلك‪ :‬أنّ َسبّ النب صلى ال عليه وسلم تعلّق به عدة حقوق‪ :‬حَقّ‬
‫ال سبحانه من حيث َك َفرَ برسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعادى أفضل أوليائه‪ ،‬وبارزه بالحاربة‪،‬‬
‫ومن حيث طعن ف كتابه ودينه‪ ،‬فإن صحتهما موقوفة على صحة الرسالة‪.‬‬
‫ومن حيث طعن ف ألوهيته‪ ،‬فإ ّن الطعن ف الرسول َطعْنٌ ف الُمرْسِل‪ ،‬وتكذيبَه تكذيبٌ ل تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬وإنكارٌ لكلمه وأمرِه وخبِه وكثيٍ من صفاته‪.‬‬
‫وتعلّق به َحقّ جيع الؤمني من هذه المة ومن غيها من الُمم‪ ،‬فإنّ جيع الؤمني مؤمنون به‪،‬‬
‫خصوصا أمته‪ ،‬فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتم به‪ ،‬بل عامة الي الذي يصيبهم ف الدنيا‬
‫سبّ له أعظم عندهم من َسبّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم و َسبّ‬ ‫والخرة بوساطته وسفارته‪ ،‬فال ّ‬
‫جيعهم‪ ،‬كما أنه أحبّ إليهم من أنفسهم وأولدهم وآبائهم والناس أجعي‪ .‬وتعلّق به حَقّ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم من حيث خصوص نفسه) اهـ‪.‬‬
‫فل َحقّ لحدٍ قط أَنْ يتنازل عن َحقّ ليس له‪ ،‬ومَنْ تنازل عن شيء من ذلك‪ ،‬فإنا تنازل عن حَقّ‬
‫غيه‪ ،‬فل َيصِحّ تنازلُه ول يوز‪.‬‬
‫كما أَنّ الواجب على السلمي أيضا‪ :‬مُناصرةُ كُ ّل تاجر كري‪ ،‬غضب لحادة أولئك العلوج ل‬
‫ورسوله صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فقطع وارداتم ‪ -‬بالشّراءِ منه‪ ،‬تأييدا له ومناصرة‪ ،‬وتشجيعا لغيه أَنْ‬
‫يسلك مسل َكهُ‪ ،‬وينه َج نجه‪.‬‬
‫َفصْلٌ‬
‫وف هذه القاطعة أربعة أمور عظيمة مُتحقّقة‪ ،‬إِنْ تلّفَ أحدُها ل تتخلّفْ بقيتُها‪:‬‬
‫‪ - 1‬أحدها‪ :‬العذار إل ال عزّ وجلّ‪ ،‬وبَذْ ُل ما بالوسع والطاقة ف نُصرة شرعه ودينه‪ ،‬فَإِنّ هذا‬
‫ب لزمٌ‪ ،‬وليس ف أيدينا إل هذا‪.‬‬ ‫واج ٌ‬
‫‪ - 2‬والثّان‪ :‬احتساب الُقاطِعِ الج َر من ال جَ ّل وعل ف ذلك‪ ،‬وتعبّده بجر مُحادّيه وأعدائه‪،‬‬
‫والجاهرين بذلك والعلني‪.‬‬
‫ض وبا ِل أمرهم‪ ،‬بيث يكون لم عقوبة مؤلة‪ ،‬ويكون‬ ‫‪ - 3‬والثّالث‪ :‬التنكيل بأعداء ال‪ ،‬وإذاقتهم َبعْ َ‬
‫لغيهم رادعا‪ ،‬حاميا لياض السلمي ودينهم وعرض نبيهم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ب ونوه‪ ،‬انتهك حرمة الرسول صلى ال عليه‬ ‫قال شيخ السلم (ص‪( :)385‬وأيضا‪ :‬فإن السّا ّ‬
‫وسلم‪ ،‬ونقّص قدرَه‪ ،‬وآذى ال ورسوله صلى ال عليه وسلم وعباده الؤمني‪ ،‬وأجرأ النفوس الكافرة‬
‫والنافقة على اصطلم أمر السلم‪ ،‬وطلب إذلل النفوس الؤمنة‪ ،‬وإزالة ِعزّ الدين‪ ،‬وإسفال كلمة‬
‫ال‪ ،‬وهذا من أبلغ السعي فسادا)‪.‬‬

‫‪614‬‬
‫‪ - 4‬والرّابع‪ :‬إظهاره ِع ّزةَ الؤمني وقوّتم‪ ،‬ونَْيَلهُ ْم من أعدائهم ومُتنقّصي رسولم الكري صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإِ ْن ضعفتْ حيلتهم عن مقاتلته‪.‬‬
‫فهذه أربع مصال عظيمة من مقاطعة أولئك الُحادّين‪.‬‬
‫فمَ ْن َزعَ َم مِنْ أهل النفاق أَنّ القاطعة غي نافعة‪ ،‬أو أَنّ نفعَها قليل‪ُ :‬أجِْيبَ بذا‪.‬‬
‫وقد ظهر ‪ -‬بمد ال وفضله ‪ -‬ف أيام قلئل‪ ،‬عظيمُ أثر ما حصل من مقاطعتِهم‪ ،‬وتألهم الشّديد من‬
‫ذلك‪ ،‬وانشقاق صفوفهم‪ ،‬وخوف حكومتهم من العواقب‪ ،‬وخسارتم الليي الكثية حت الن‪.‬‬
‫لذا تكالب أعداء ال ‪ -‬عليهم لعائن ال ‪ -‬بنشر تلك الصور ف صحف أوروبية كثية‪ ،‬ماولة منهم‬
‫َفكّ هذه القاطعة‪ ،‬وإضعاف عزم السلمي وتشتيت أمرهم‪ ،‬بإلزامهم أنفسهم بقاطعة الدول‬
‫الوروبية متمعة أو تركها كلها ! حِْيلَ ٌة خبيث ٌة كان قد َسّنهَا لسلفهم إبليسُ ف ليلة مُهاجَر النب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حي أشار على كبار كفار قريش‪ ،‬اشتراك رجل من كل قبيلة ف قتل النب‬
‫ب!‬‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ليضي َع َدمُهُ ف القبائل كُّلهَا فل يُطَْل ُ‬
‫لذا فإن أرى أَنْ يُعاقبَ هؤلء بنقيض قصدهم‪ ،‬فتستمرّ مقاطعة الدناركيي وهذا واجب ل مالة‪،‬‬
‫فإنم هم الذي سَنّوا هذا المر‪ .‬أما بقيّة الدول الوروبية‪ :‬فقد عَلِمَ السلمون ما تُ ِكّنهُ نفوسُهم البيثة‬
‫لنبيّهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيحرص كُلّ مسلم أل يشتري من بضائعهم إل ما تدعوه الاجةُ إليه إِنْ‬
‫ل يدْ بديل من صناعة غيهم‪.‬‬
‫كما أغاظتْ هذه القاطعة كثيا من النافقي‪ ،‬فحاولوا تارة التبير‪ ،‬وتارة التهوين‪ ،‬وتارة بزعم‬
‫الصلح وإرادة الي !‬
‫‪ - 1‬فمن زاعم أَنّ القاطعة ستقطع الوار معهم !‬
‫وهذه كذب ٌة بلقاء‪ ،‬وحيلةٌ بلهاء‪ ،‬فإ ّن ال عز وجل ل يَ ْأذَنْ بالوار مع الكفار إل ببنائه على أصلَيْنِ‬
‫اثنَْينِ‪ ،‬ها‪:‬‬
‫(أ) دعوتم إل عبادة ال وحده ل شريك له‪ ،‬واليان بنبيه ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫(ب) وبيان بُطْلن دينهم وفساده‪ ،‬وأَنْ الَ ل يقبله منهم‪ ،‬ول يقبل غيَ السلم‪.‬‬
‫شرِكَ‬‫لذا قال سبحانه‪ُ( :‬قلْ يَا َأهْ َل الْكِتَابِ َتعَاَلوْاْ إِلَى َكلَمَ ٍة َسوَاء بَْينَنَا َوبَيَْنكُمْ أَلّ َنعْبُدَ إِ ّل الّل َه وَلَ ُن ْ‬
‫سلِمُونَ)‪.‬‬ ‫ِبهِ شَيْئا وَلَ َيتّخِذَ َب ْعضُنَا َبعْضا َأرْبَابا مّن دُونِ الّلهِ فَإِن َتوَّلوْاْ َفقُولُوْا ا ْشهَدُوْا بِأَنّا مُ ْ‬
‫ستُمْ‬
‫وكانتْ حوارات النب صلى ال عليه وسلم على هذا‪ ،‬لذا قال سبحانه‪( :‬قُلْ يَا َأ ْهلَ الْ ِكتَابِ لَ ْ‬
‫عَلَى شَ ْيءٍ حَتّىَ ُتقِيمُواْ الّت ْورَا َة وَالِنِي َل َومَا أُنزِلَ إَِليْكُم مّن رّبّكُ ْم وَلََيزِيدَنّ كَثِيا مّْنهُم مّا أُنزِلَ إِلَْيكَ‬
‫ل تَ ْأسَ َعلَى اْل َقوْمِ الْكَاِفرِينَ)‪ ،‬ولو أقاموها لمنوا بالنب صلى ال عليه وسلم‬ ‫مِن رّّبكَ ُطغْيَانا وَ ُكفْرا فَ َ‬
‫وأسلموا‪ ،‬كما قال عيسى عليه السلم لم‪( :‬وَِإذْ قَا َل عِيسَى ابْ ُن َمرْيَمَ يَا بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ إِنّي رَسُولُ الّلهِ‬
‫ي مِنَ الّت ْورَاةِ َومَُبشّرا ِبرَسُو ٍل يَأْتِي مِن َبعْدِي ا ْس ُمهُ أَ ْحمَدُ)‪.‬‬ ‫إِلَْيكُم مّصَدّقا لّمَا َبيْنَ يَ َد ّ‬

‫‪615‬‬
‫ب وَا ُلمّّييَ أَأَ ْسلَمْتُمْ‬‫وقال‪( :‬فَإنْ حَآجّوكَ َفقُلْ أَ ْسلَ ْمتُ َو ْجهِيَ لِّل ِه َومَنِ اتَّبعَنِ َوقُل لّلّذِينَ ُأوْتُواْ اْلكِتَا َ‬
‫غ وَالّلهُ َبصِيٌ بِاْلعِبَادِ)‪.‬‬‫فَإِنْ َأسْلَمُواْ َفقَدِ اهْتَدَوْا وّإِن َتوَّلوْْا فَإِنّمَا َعلَْيكَ الْبَلَ ُ‬
‫فهل هذه الواراتُ الزعومةُ‪ ،‬شرعيةٌ مبنيّ ٌة على هذَيْ ِن الصلَيْنِ‪ ،‬أو أنّها غطاء لدم الدين‪ ،‬وموالة‬
‫الكفار والشركي ؟!‬
‫‪ - 2‬ومن منافق زاعم‪ :‬أَنّ سبب جناية تلك الصحيفة هو تقصي السلمي أنفسهم ف تعريفهم‬
‫بالسلم ! فمرادُه تبئة هؤلء الحادّين من جنايتهم‪ ،‬أو تبيرها لم‪ ،‬وإناطة ُج ْرمِها بالسلمي !‬
‫ب صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مع شهادة ال التامة له بإبلغ الرسالة وإتام‬ ‫ول يعلم هذا النافق أَنّ الن ّ‬
‫الدين ‪ -‬ل يسلم من الستهزئي والساخرين‪ ،‬قال سبحانه لنبيّه ممد صلى ال عليه وسلم‪( :‬فَاصْدَعْ‬
‫سَت ْهزِئِيْنَ)‪.‬‬
‫شرِ ِكيْنَ إِنّا َكفَْينَا َك الُم ْ‬‫بِمَا ُت ْؤمَ ُر وََأ ْع ِرضْ عَ ِن الُم ْ‬
‫خرُوْا مِْنهُم مّا‬ ‫بل كُ ّل أنبياء ال كذلك‪ ،‬قال تعال‪( :‬وََلقَدِ ا ْسُت ْهزِئَ ِبرُ ُسلٍ مّن قَْبِلكَ فَحَاقَ بِالّذِي َن سَ ِ‬
‫سَت ْهزِئُونَ)‪ ،‬وقال‪( :‬وََلقَدِ اسُْت ْه ِزئَ ِبرُسُ ٍل مّن قَْبِلكَ فََأمَْلْيتُ ِللّذِينَ َكفَرُوْا ثُمّ أَخَ ْذُتهُمْ فَكَيْفَ‬ ‫كَانُواْ ِبهِ يَ ْ‬
‫كَا َن ِعقَابِ)‪.‬‬
‫خ ُر مِنكُمْ‬ ‫خرُوْا مِنّا فَإِنّا نَسْ َ‬
‫خرُوْا مِْنهُ قَالَ إِن َتسْ َ‬ ‫ل مّن َق ْو ِمهِ سَ ِ‬ ‫وقال‪( :‬وََيصْنَعُ اْل ُف ْلكَ وَ ُكلّمَا َمرّ عََلْيهِ مَ ٌ‬
‫خرُونَ)‪.‬‬ ‫كَمَا َتسْ َ‬
‫خ ُروْنَ)‪.‬‬‫ت وََيسْ َ‬ ‫وقال لنبيّه صلى ال عليه وسلم‪( :‬بَ ْل عَجِْب َ‬
‫‪ - 3‬ومِنْ منافق زاعم‪ :‬أنّه يعارض القاطعةَ إِنْ كان با إضرار بصال السلمي !‬
‫ول أدري ما هذا الضرر الفائق لحادّتِهم ل واستهزائهم برسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وغي ذلك مّا‬
‫قدّمنا‪ .‬أم أن ضرره الترقّب ما يشاه من فضل مطعم ومشرب ! فل أشبع ال إذن بطنَه‪.‬‬
‫ولو قُ ّد َر حصول ضرر ‪ -‬وهو غي مسلم ‪ :-‬فالواجب احتساب الجر والصب‪ ،‬فإنّ النة ل ُتحَفّ‬
‫بالشهوات‪ ،‬وإنا ُح ّفتْ بالكاره‪ ،‬وإنا جهنم هي الحفوفة برغبات النفوس وأهوائها‪.‬‬
‫ومع هذا‪ :‬ل يصل بمد ال ضرر‪ ،‬بل حصل مِ ْن نصرة الدّين وخُذْلن الكفار والنافقي ما َت َقرّ به‬
‫أعي الؤمني‪ .‬ول ينفرد علوج الدنارك بمد ال ببضائعهم‪ ،‬بل قد عَ ّمتِ الياتُ بلدَنا وبلد‬
‫السلمي من كل دولة وكل بلد‪ ،‬غي ما ف بلد السلمي من خيات ُتغِْنيْهم عمّا ف بلد أولئك‬
‫الجرمي‪.‬‬
‫س ّر ُه وما‬ ‫سرّ الؤمني ل يَ ُ‬ ‫وإنا هذا التكلم قد أعمى ال بص َرهُ وبصيَتهُ‪ ،‬ومُلِ َئ قلبُه نفاقا و َحَنقًا‪ ،‬فما يَ ُ‬
‫ضرّهم‪ .‬فَلَْي ُمتْ بغيظه فليس‬ ‫سرّ أعداء الدين وفيما َي ُ‬ ‫ُي ْؤذِي الكفّارَ ل ُيؤْذيه‪ ،‬وإنا سروره وضرّه فيما يَ ُ‬
‫ف الؤمني الُمْتلئة قلوبُهم ببّ ال و ُحبّ رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وال ّذبّ عن حاها وشريعته‬
‫صغِي إليه أذنا‪ .‬غي َأّنهُ أراد إلباس نفاقه لبوس الشية على السلمي ومصالهم ! فاستتر بثوب‬ ‫مَنْ ُي ْ‬
‫َخلِقٍ بَالٍ‪ ،‬ل يسترْ عورَتهُ ! فقد َنبّأَنَا الُ من أخبارهم ما أظهرَ لنا َج ْه َرةً عوارَهم !‬

‫‪616‬‬
‫َفصْ ٌل‬
‫شرَاتٌ وتنبيهاتٌ‪:‬‬ ‫وبقي هنا أُمورٌ‪ ،‬مُبَ ّ‬
‫إحداها‪ :‬قال شيخ السلم ف«الصارم السلول» (ص‪( :)117‬وإِنّ ال منتقم لرسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم من طعن عليه وسَّبهُ‪ ،‬ومظهرٌ لدينه ولكذب الكاذب‪ ،‬إذ ل يُمْكِ ِن النّاسُ أَنْ يُقيموا عليه الدّ‪.‬‬
‫ت مُتعدّدةٍ ف‬ ‫ونظي هذا‪ :‬ما حدّثناه أعدادٌ من السلمي العدول‪ ،‬أهل الفقه والبة عمّا جرّبوه مَرّا ٍ‬
‫حصر الصون والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لا حصر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫س منه‪،‬‬ ‫« كنا نن نصر الصن‪ ،‬أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر‪ ،‬وهو متنعٌ علينا‪ ،‬حت نكادَ نيأ ُ‬
‫سرَ ول‬ ‫حهُ‪ ،‬وَتيَ ّ‬
‫سبّ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والوقيعة ف عرضه‪َ ،‬فعُجّ ْلنَا َفتْ َ‬ ‫ِإذْ تع ّرضَ أهلُه ل َ‬
‫يَكَ ْد يتأخرْ إل يوما أو يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث ُيفْتَحُ الكانُ َعْن َوةً‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة عظيمة»‪.‬‬
‫قالوا‪« :‬حت إِنْ كُنّا لنتباشرُ بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مع امتلء‬
‫القلوب غيظا عليهم با قالوه فيه»‪.‬‬
‫وهكذا حدّثن َبعْضُ أصحابنا الثقات‪ :‬أَنّ السلمي من أهل الغرب حالم مع النصارى كذلك‪.‬‬
‫ومِنْ سُنّةِ ال‪ :‬أَنْ ُيعَ ّذبَ أعداءَه تارةً بعذاب من عنده‪ ،‬وتارةً بأيدي عباده الؤمني)‪.‬‬
‫قال (ص‪( :)164‬ومِنْ سُنّةِ ال‪ :‬أَ ّن مَنْ ل يُمْ ِكنِ الؤمنون أَ ْن يُعذّبوه من الذين يؤذون ال ورسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإن ال سبحانه ينتقم منه لرسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويكفيه إيّاه‪ .‬كما قدّمنا‬
‫شرِكِيْنَ‬
‫ض عَنِ الُم ْ‬ ‫ع بِمَا ُت ْؤ َمرُ وََأ ْع ِر ْ‬
‫َبعْضَ ذلك ف قصة الكاتب الفتري‪ ،‬وكما قال سبحانه (فَاصْدَ ْ‬
‫سَت ْهزِئِيْنَ)‪.‬‬
‫إِنّا َكفَْينَا َك الُم ْ‬
‫وال ِقصّةُ ف إهلك ال واحدا واحدا من هؤلء الستهزئي معروفة‪ ،‬قد ذكرها أه ُل السَّيرِ والتفسي)‬
‫اهـ‪.‬‬
‫الثّانية‪ :‬أَ ّن مع ما ف طعن هؤلء الحادّين من َشرّ وإغاظة للمؤمني‪ ،‬إل أَنّ فيه خيا عظيما‪ ،‬فقد أظهر‬
‫ب رَبّهم جلّ وعل‪.‬‬ ‫هذا أمورًا خافيةً على كثي من الناس لعدم تدّبرِهم كتا َ‬
‫ومِنْ تلك المور السنة‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنم عرفوا حقيقة دعاوى كثي من الدعياء لحبّة ال ورسولِه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الواقفي‬
‫مواقف الرّيبة من هذه الرية‪ ،‬إمّا بالسّكوت‪ ،‬أو التّبير‪ ،‬أو التّهوين‪.‬‬
‫‪ - 2‬وعرفوا عداءَ أولئك الصليبي للسلم وأهله ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بعد أَنْ عَ ِمَيتْ أعيُ‬
‫كثيٍ من الناس عن ذلك‪ ،‬بتزيي أهل الهواء والنفاق لولئك‪ .‬وإل فإ ّن ال قد أخب ف كتابه مُح ّذرًا‬
‫شرِ ِكيَ أَن ُيَنزّلَ َعلَيْكُم مّنْ‬ ‫عبادَه الؤمني منهم فقال‪( :‬مّا َي َودّ الّذِينَ َك َفرُواْ مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ وَ َل الْمُ ْ‬
‫ص ِبرَحْمَِت ِه مَن يَشَا ُء وَالّل ُه ذُو اْل َفضْلِ اْلعَظِيمِ)‪.‬‬
‫خَْي ٍر مّن رّبّكُ ْم وَالّلهُ َيخْتَ ّ‬

‫‪617‬‬
‫سهِم مّن َبعْدِ‬ ‫وقال‪( :‬وَدّ كَثِ ٌي مّنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ َلوْ َي ُردّونَكُم مّن َبعْدِ ِإيَانِكُمْ ُكفّارا حَسَدا مّنْ عِندِ أَنفُ ِ‬
‫مَا تََبيّنَ َلهُمُ الْحَقّ)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬وَلَن َت ْرضَى عَنكَ اْلَيهُو ُد وَلَ الّنصَارَى َحتّى َتتّبِ َع مِلَّتهُمْ)‪.‬‬
‫وقال‪( :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ لَ تَتّخِذُواْ ِبطَاَن ًة مّن دُونِ ُكمْ لَ يَأْلُوَنكُمْ خَبَالً َودّوْا مَا عَِنتّمْ قَ ْد بَ َدتِ‬
‫خفِي صُدُو ُرهُمْ أَكَْبرُ قَ ْد بَيّنّا لَكُمُ اليَاتِ إِن كُنتُمْ َت ْعقِلُونَ)‪.‬‬ ‫اْلَب ْغضَاء مِنْ أَ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫‪ - 3‬وعرفوا قوّتم‪ ،‬وكيف استطاعوا النيلَ من أعدائهم وإذللم‪ ،‬وتشتيتَ كلمتهم وتفريق أمرهم‪.‬‬
‫الثّالثة‪ :‬أَنّ كُ ّل مُتكلّمٍ بلسان الدّين أو أهله‪ ،‬بسامة أولئك الناة الحادّين‪ ،‬أو مسامة دولتِهم إِن‬
‫اعتذرتْ أو اعتذرتْ صحيفتُها‪ ،‬ونشرتْ ذلك ف كبى الصحف أو ف غيها من وسائل العلم‪:‬‬
‫فهو ِإمّا منافق‪ ،‬وإمّا جاه ٌل مُركّب‪.‬‬
‫فالول‪ :‬معروفٌ ِسرّ سعيِه بالسامة !‬
‫والثان‪ :‬تنازلَ وسامحَ ف شيء ليس من َح ّقهِ‪ ،‬وليس المر فيه إليه‪ ،‬وقد قدّمنا ذلك‪ ،‬فالقاطعة ماضية‬
‫ل غاية لا ول ناية‪.‬‬
‫ضبَ الؤمني لنبيّهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬واغتياظَهم‬ ‫الرّابعة‪ :‬قد سَمّى َبعْضُ أهل البدع والهواء‪َ ،‬غ َ‬
‫شرَ ف َحقّ ِه « تقاليد تفرض على أولئك التقدّم باعتذار صريح ينشر ف كبيات الصحف العربية‬ ‫مّا نُ ِ‬
‫»!‬
‫وهذا باط ٌل من وجهَيْنِ‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أَنّ هذا َشرْعٌ من عند ال‪ ،‬دَلّ عليه الكتاب والسّنّة والجاع‪ ،‬ومَنْ ل تُحْ ِدثْ عنده تلك‬
‫الفعالُ غضبا ول غيظا فليس بؤمن‪ .‬وليستْ تقالي َد وأعرافًا إِنْ ُفعَِلتْ أو ُترِ َكتْ فالمرُ فيها سيان !‬
‫سقِطًا لقّ ال جَ ّل وعل‪ ،‬ول حَ ّق نبيّه صلى ال‬ ‫الخر‪ :‬أَنّ العتذار من الكومة أو الصحيفة ليس مُ ْ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ول َحقّ السلمي أجعي‪ .‬وليس حُكما من ال تبارك وتعال ف شاتي رسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم والنائلي من جنابه الشّريف‪ .‬وإنا هو َشرْعٌ َش َر َعهُ ذلك الفاسدُ‪ ،‬مُضاهيًا به َشرْعَ ال‬
‫و َشرْعَ رسولِه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مُنلً حُكْ َم ُه هو مكا َن حُكْمِهما !‬
‫سهُ لم َأّنهُ‬ ‫ومُحاولةٌ منه فاشلةٌ‪ :‬أَ ْن يُ ْظ ِهرَ لعداء ال مَخْرجًا ما وضعوا أنفسَهم فيه‪ ،‬وأَنْ يُ ْظ ِهرَ نف َ‬
‫الدّالّ إليه والدّليل عليه !‬
‫الامسة‪ :‬أَنّ المّة متمعةً فيها ُق ّوةٌ وخيٌ‪ ،‬وأنّها إذا اجتمعتْ على القّ عجز فيها عدوّها أَنْ ينال منها‬
‫أو ييفَها‪ ،‬فإظهار هؤلء الكفار ف صحفهم الوروبية الطعنَ والستهزاءَ بالنب صلى ال عليه وسلم‬
‫عََلنًا‪َ ،‬جعَلَ السلمي مُتّحدين ف عدائهم‪ ،‬مُستشعرين خطرَهم وكيدَهم‪ ،‬وجعل أعداءَهم مُتذبذبي‬
‫خائفي مِنْ عواقب ذلك وتبعاتِه عليهم‪ .‬فكُ ّل ما كان عداء أعداء ال للمسلمي ظاهرا‪ :‬كان تعاونم‬
‫على مدافعتِه عظيما‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫وكُ ّل ما كان عداؤهم للمسلمي مُستترا تت أغطيةٍ يصنعونا تلبيسا‪ ،‬أو يصنعُها لم النافقون من‬
‫علمانيي وليباليي وغيهم‪ :‬كان ذلك مُشَتّتًا لكلمة السلمي مُفرّقًا لتّحادِهم وتعاونم لدافعة‬
‫عدوّهم‪َ ،‬حتّى ُيؤْ َخذُوا َدوْلَ ًة َدوْلَ ًة !‬
‫السّادسة‪ :‬أَنّ إطلق ال َغ ْربِ مُسمّى «الرهاب» ل يُريدون به العن الذي نريده نن عند إطلقنا له‬
‫ف الملكة‪ ،‬وإنّما يُريدون به السلمَ ونبيّه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يَ ْظ َهرُ ذلك من رسومِهم للنب صلى‬
‫ص َورٍ تَدُلّ على مُرادِهم !‬‫ال عليه وسلم‪ ،‬حي صوّروه ِب ُ‬
‫لذا فالواجب ف هذا َأحَدُ َأ ْمرَيْنِ‪:‬‬
‫‪ِ - 1‬إمّا القتصارُ على اللفاظ الشرعية‪ ،‬الدّالة على العن الُراد‪ ،‬كالرابة‪ ،‬والحادّة‪ ،‬ونوها‪ ،‬وَترْكُ‬
‫لفظ «الرهاب»‪ .‬لعرفة مدلول تلك اللفاظ‪ ،‬وجهالة مدلول الخي‪ ،‬وتنازع النّاس فيه دولً وأفرادًا‪.‬‬
‫‪ - 2‬وِإمّا حَ ّدهُ عاليًا بِحَ ّد مُْنضَِبطٍ‪ ،‬وتعريفه بتعريف بَيّنٍ‪ ،‬ث إطلقُه عليه‪ ،‬إِنْ كان ذلك ال ّد مُسلّمًا‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫السّابعة‪ :‬أَنّ أعداء ال الحادّين له ل يدوا عُ ْذرًا يعتذرون به على قبيح َفعْلَتِهم وعظيم ُج ْرمِهم‪ ،‬إل‬
‫ساح قوانينهم برّيّة التعبي وحرّيّة الصحافة ! ومع أَنّ هذه ُحجّةٌ مدحوضةٌ‪ ،‬فليس ُك ّل مَنْ أراد شيئا‬
‫ف ال َغ ْربِ قاله ! كما أنم ل يسمحون لغيهم بقول ما يريد إذا كان مالفا لم‪.‬‬
‫فَمَ َع هَذَا كُّلهِ‪ :‬فيجب على السلمي أَ ْن يتنبّهوا إل ما ُيرَادُ بم مِنْ َسعْيٍ إل فتح ُحرّيّة التعبي الُطلقة‬
‫عندهم وف وسائل إعلمِهم‪ ،‬الت يُراد منها ترير الكفر والحادّة ل ولرسوله صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫والذن به‪ ،‬ول يظنون أنم با يستطيعون قول ما يريدون ما يافون قوَلهُ ويشون عاقبتَه‪ .‬وإنّما‬
‫يُسلّطون أعداءَهم عليهم‪ ،‬وهم ل يستفيدون مِنْ ذلك شيئا !‬
‫صرَ ديَنهُ‪ ،‬وأعل كلمَتهُ‪ ،‬وأعزّ جُنْ َدهُ‪ ،‬وأهلكَ أعداءَه‪ ،‬ول العزة‬ ‫وَفّ َق الُ السلمي لا يُحِّبهُ ويرضاه‪ ،‬وَن َ‬
‫ولرسوله وللمؤمني‪ ،‬ولكنّ النافقي ل يعلمون‪ ،‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‪.‬‬
‫كتبه‬
‫عبد العزيز بن فيصل الرّاجحي‬
‫الرياض‬
‫المعة ‪1/1427/ 4‬هـ‬
‫=======================‬
‫كلمة الشيخ أحد بن عبد العزيز المدان‬

‫المد ل ميب من سأله‪ ،‬ومثيب من علّق به رجاه وأمله‪ ،‬الكري الذي من أقبل عليه قبله‪ ،‬ومن‬
‫أعرض عنه أرداه وخذله‪.‬‬

‫‪619‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ف ربوبيته وألوهيته وأسائه وصفاته‪ ،‬خلقنا من عدم‪،‬‬
‫وأسبغ علينا وافر النعم‪ ،‬كبّرنا من صغر‪ ،‬وكسانا بعد عُري‪ ،‬وعلمنا بعد جهالة‪ ،‬وآتانا من كل ما‬
‫سألناه‪ ،‬اختص برحته من شاء من عباده‪ ،‬وفضّل بعضهم على بعض بكمته وعدله‪ ،‬فجعلهم فريقا‬
‫إل النة وفريقا إل السعي‪ ،‬وهو الرؤوف الرحيم‪.‬‬
‫وأشهد أنّ ممّدا عبده ورسوله‪ ،‬صفيه وخليله‪ ،‬وسفيه بينه وبي خلقه‪ ،‬أرسله ربّه بي يدي الساعة‬
‫بشيا ونذيرا وداعيا إل ال بإذنه وسراجا منيا‪ ،‬فهدى به من الضللة‪ ،‬وبصّر به من العمى‪ ،‬وأرشد‬
‫به من الغواية‪ ،‬فتح به أعينا عميا‪ ،‬وآذانا صمّا‪ ،‬وقلوبا غلفا‪ ،‬حيث بلّغ الرسالة‪ ،‬وأدى المانة‪،‬‬
‫ونصح المة‪ ،‬وكشف ال به الغمّة‪ ،‬وجاهد ف ال حق جهاده حت أتاه اليقي من ربّه‪ ،‬فجزاه ال عن‬
‫أمّته أفضل الزاء‪ ،‬وصلى عليه صلة تل أقطار الرض والسماء‪ ،‬وسلّم تسليما كثيا مزيدا إل يوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫أمّا بعد‪..‬‬
‫فقد خلق ال تعال اللق لغاية عظيمة؛ هي إفراده سبحانه وتعال بالعبادة‪ ،‬قال ال تعال‪َ ( :‬ومَا خََل ْقتُ‬
‫ق ذُو‬ ‫ل ُهوَ ال ّرزّا ُ‬‫ق َومَا ُأرِيدُ أَن يُ ْطعِمُو ِن ‪ ،‬إِ ّن ا َ‬ ‫اْلجِ ّن وَالِنسَ إِلّ ِلَيعْبُدُو ِن ‪ ،‬مَا ُأرِي ُد مِْنهُم مّن ّرزْ ٍ‬
‫اْل ُق ّوةِ الْ َمِتيُ) [سورة الذاريات‪ ،‬اليات ‪.]58-56‬‬
‫وبعث ال تعال الرسل عليهم الصلة والسلم مبشرين ومنذرين‪ ،‬داعي اللق إل إفراد الالق سبحانه‬
‫وتعال بالعبادة‪ ،‬فكانت دعواتم صادقة‪ ،‬ورسالتم واحدة‪.‬‬
‫شرِي َن َومُن ِذرِي َن وَأَنزَ َل َم َعهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ‬
‫ي مُبَ ّ‬‫ل النّبِّي َ‬
‫قال ال تعال‪( :‬كَانَ النّاسُ ُأمّ ًة وَاحِ َدةً فََب َعثَ ا ُ‬
‫لَِيحْكُمَ َبيْنَ النّاسِ فِيمَا اخَْتَلفُواْ فِي ِه َومَا ا ْختَلَفَ فِيهِ إِ ّل الّذِينَ أُوتُو ُه مِن َبعْدِ مَا جَاءْتهُمُ اْلبَيّنَاتُ َبغْيا‬
‫ط مّسَْتقِيمٍ)‬‫صرَا ٍ‬ ‫ل الّذِي َن آمَنُواْ لِمَا اخَْتَلفُواْ فِي ِه مِنَ اْلحَقّ بِِإذِْن ِه وَالُ َيهْدِي مَن َيشَاءُ ِإلَى ِ‬ ‫َبيَْنهُمْ َفهَدَى ا ُ‬
‫[سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.]213‬‬
‫ل َعزِيزا‬ ‫ل حُجّ ٌة َبعْدَ الرّسُ ِل وَكَا َن ا ُ‬ ‫س عَلَى ا ِ‬ ‫شرِي َن َومُن ِذرِينَ ِلئَلّ يَكُونَ لِلنّا ِ‬ ‫ل مّبَ ّ‬‫وقال تعال‪( :‬رّسُ ً‬
‫حَكِيما) [سورة النساء‪ ،‬الية ‪.]165‬‬
‫وقال تعال‪َ ( :‬ومَا َأ ْرسَ ْلنَا مِن قَْبِلكَ مِن رّسُولٍ إِ ّل نُوحِي إَِلْيهِ َأّنهُ لَ إَِلهَ إِلّ َأنَا فَا ْعبُدُونِ) [سورة‬
‫النبياء‪ ،‬الية ‪.]25‬‬
‫ل وَاجَْتنِبُواْ الطّاغُوتَ فَ ِمْنهُم مّنْ هَدَى الُ‬ ‫وقال تعال‪(:‬وََلقَدْ َبعَْثنَا فِي كُلّ ُأمّةٍ رّسُولً أَنِ اعْبُدُواْ ا َ‬
‫ت عََلْيهِ الضّللَ ُة فَسِيُوْا فِي ا َل ْرضِ فَان ُظرُواْ َكيْفَ كَا َن عَاِقبَةُ الْمُكَذِّبيَ) [سورة‬ ‫َومِْنهُم مّ ْن َحقّ ْ‬
‫النحل‪ ،‬الية ‪.]36‬‬
‫فهذه دعوة جيع الرسل عليهم الصلة السلم‪ :‬دعوة اللق إل إفراد الالق ج ّل وعزّ بالعبادة‪.‬‬

‫‪620‬‬
‫والرسل هم صفوة خلق ال تعال‪ ،‬وعلى رأسهم أولو العزم منهم؛ وهم‪ :‬نوح وإبراهيم وموسى‬
‫وعيسى وممّد صلوات ال وسلمه عليهم أجعي‪.‬‬
‫قال ال تعال‪(:‬فَاصِْبرْ كَمَا صََبرَ ُأوْلُوا اْل َع ْزمِ مِنَ الرّسُلِ) الية‪[ .‬سورة الحقاف‪ ،‬من الية ‪.]35‬‬
‫وسيّدهم‪ ،‬وقائدهم‪ ،‬وإمامهم‪ :‬ممّد بن عبد ال صلوات رب وسلمه عليه كلما ذكره الذاكرون‬
‫وغفل عن ذكره الغافلون‪.‬‬
‫ت وَآتَيْنَا‬ ‫ضهُمْ َدرَجَا ٍ‬ ‫ض مّْنهُم مّن َكلّمَ الُ َو َرفَعَ َب ْع َ‬ ‫ضهُ ْم عَلَى َبعْ ٍ‬ ‫قال ال تعال‪ِ(:‬ت ْلكَ الرّسُ ُل َفضّلْنَا َبعْ َ‬
‫ل مَا ا ْقتَتَ َل الّذِي َن مِن َبعْ ِدهِم مّن َبعْدِ مَا‬ ‫ت وَأَيّ ْدنَاهُ ِبرُوحِ اْلقُ ُدسِ وََلوْ شَاء ا ُ‬ ‫عِيسَى اْبنَ َمرْيَ َم الَْبيّنَا ِ‬
‫ل َي ْفعَلُ‬ ‫ل مَا اقَْتتَلُوْا وََلكِنّ ا َ‬ ‫ت وَلَكِ ِن اخَْتَلفُواْ فَ ِمْنهُم مّنْ آمَ َن َومِْنهُم مّن َك َف َر وََلوْ شَاء ا ُ‬ ‫جَاءْتهُ ُم الَْبيّنَا ُ‬
‫مَا ُيرِيدُ) [سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.]253‬‬
‫ورسول ال ممد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم اختصه ربّه بصائص عظيمة‪ ،‬ومنن جسيمة‪ ،‬ل‬
‫يشاركه فيها غيه من النبياء والرسل؛ لذلك كان سيدهم؛‬
‫*فمنها‪ :‬أنّ ال تعال أخذ العهد على جيع أنبيائه ورسله عليهم الصلة والسلم أنه سبحانه إذا بعث‬
‫ممدا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فواجب عليهم أن يؤمنوا به ويتبعوه وينصروه‪.‬‬
‫ب وَحِكْ َمةٍ ثُمّ جَاءكُمْ رَسُو ٌل ّمصَدّقٌ‬ ‫ل مِيثَاقَ النّبِيّْينَ لَمَا آتَْيتُكُم مّن كِتَا ٍ‬ ‫قال ال تعال‪( :‬وَِإذْ َأخَذَ ا ُ‬
‫صرِي قَالُواْ َأ ْق َررْنَا قَا َل فَا ْشهَدُوْا وََأنَاْ‬ ‫صرُّنهُ قَالَ أََأ ْق َررْتُ ْم وَأَخَذْتُ ْم َعلَى ذَلِكُمْ ِإ ْ‬
‫لّمَا َمعَكُمْ لَُت ْؤمِنُ ّن ِبهِ وََلتَن ُ‬
‫َمعَكُم مّنَ الشّاهِدِينَ) [سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.]81‬‬
‫*ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنّه خات النبيي عليه من ربّه أزكى صلة وأعظم تسليم‪.‬‬
‫ل وَخَاتَمَ النِّبّييَ وَكَا َن الُ ِبكُلّ‬ ‫قال ال تعال‪( :‬مّا كَا َن مُحَمّدٌ أَبَا َأحَ ٍد مّن رّجَالِكُ ْم وَلَكِن رّسُولَ ا ِ‬
‫شَ ْي ٍء عَلِيما) [سورة الحزاب‪ ،‬الية‪.]40‬‬
‫*ومنها‪ :‬أنّ النبياء عليهم الصلة والسلم كانوا يبعثون إل أقوامهم خاصة‪ ،‬وبُعث ممد بن عبدال‬
‫صلى ال عليه وسلم إل الناس كافة‪.‬‬
‫قال ال تعال‪َ ( :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إِلّ كَافّةً لّلنّاسِ َبشِيا وََنذِيرا وَلَ ِكنّ أَكَْثرَ النّاسِ لَ َيعَْلمُونَ) [سورة سبأ‪،‬‬
‫الية ‪.]28‬‬
‫وقال تعال‪( :‬قُ ْل يَا أَّيهَا النّاسُ ِإنّي رَسُولُ الِ إِلَْيكُمْ جَمِيعا الّذِي َلهُ مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَا َل ْرضِ ل إَِلهَ‬
‫ل وَ َكلِمَاِت ِه وَاتِّبعُوهُ َل َعلّكُمْ‬
‫ل َورَسُوِلهِ النّبِيّ ا ُلمّ ّي الّذِي ُي ْؤمِنُ بِا ِ‬ ‫حيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِا ِ‬ ‫إِ ّل ُهوَ يُ ْ‬
‫َتهْتَدُونَ) [سورة العراف‪ ،‬الية ‪.]158‬‬
‫*ومن خصائصه‪ :‬أن ال تعال بعثه رحة للعالي‪.‬‬
‫قال ال تعال‪َ ( :‬ومَا َأرْ َسلْنَاكَ إِ ّل رَحْمَ ًة لّ ْلعَالَ ِميَ) [سورة النبياء‪ ،‬الية ‪.]107‬‬

‫‪621‬‬
‫ص عََليْكُم بِالْ ُم ْؤمِِنيَ َرؤُوفٌ‬ ‫وقال تعال‪َ( :‬لقَدْ جَاءكُ ْم رَسُو ٌل مّنْ أَنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز َعلَْيهِ مَا َعنِتّمْ َحرِي ٌ‬
‫رّحِيمٌ) [سورة التوبة‪ ،‬الية ‪.]128‬‬
‫*ومنها‪ :‬أ ّن دينه الذي جاءنا به من عند ربّه‪ ،‬هو دين السلم الذي ل يقبل ال تعال من العباد دينا‬
‫سواه‪ ،‬ومن لقي ال بغيه فهو خاسر‪.‬‬
‫ل ِم دِينا َفلَن ُيقْبَ َل مِْن ُه َو ُهوَ فِي ال ِخ َرةِ مِنَ الْخَا ِسرِينَ) [سورة آل‬ ‫قال ال تعال‪َ ( :‬ومَن يَبَْتغِ َغْيرَ الِسْ َ‬
‫عمران‪ ،‬الية ‪. ]85‬‬
‫*ومنها‪ :‬أن ال تعال تكفّل بفظ دينه‪.‬‬
‫شوْنِ الَْي ْومَ أَكْمَ ْلتُ لَكُ ْم دِينَكُمْ‬ ‫ش ْوهُ ْم وَاخْ َ‬ ‫قال ال تعال‪( :‬اْلَي ْومَ يَِئسَ الّذِينَ َك َفرُوْا مِن دِينِكُمْ َفلَ تَخْ َ‬
‫ل َم دِينا) الية‪[ .‬سورة الائدة‪ ،‬من الية ‪.]3‬‬ ‫ت عََليْكُمْ ِنعْمَتِي َو َرضِيتُ لَكُ ُم الِسْ َ‬ ‫وَأَتْمَ ْم ُ‬
‫وقال تعال‪( :‬إِنّا نَحْ ُن َنزّلْنَا الذّ ْك َر وَإِنّا َلهُ لَحَافِظُونَ) [سورة الجر‪ ،‬الية ‪.]9‬‬
‫*ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أ ّن ال تعال تكفل بفظه من كل من أراده بسوء ف حياته‬
‫وبعد ماته‪.‬‬
‫قال ال تعال‪( :‬وَاصِْبرْ لِحُكْ ِم َرّبكَ فَإِّنكَ بَِأ ْعيُنِنَا َوسَبّ ْح بِحَمْ ِد رَّبكَ ِحيَ َتقُومُ) [سورة الطور‪ ،‬الية‬
‫‪.]48‬‬
‫ل َومَنِ اتَّب َعكَ مِنَ اْل ُم ْؤمِِنيَ) [سورة النفال‪ ،‬الية ‪.]64‬‬ ‫سُبكَ ا ُ‬ ‫وقال تعال‪(:‬يَا َأّيهَا النِّبيّ حَ ْ‬
‫ص ِرهِ َوبِالْ ُم ْؤمِِنيَ) [سورة‬ ‫ل ُهوَ الّ ِذيَ أَيّ َدكَ بَِن ْ‬
‫سَبكَ ا ُ‬‫وقال تعال‪( :‬وَإِن ُيرِيدُواْ أَن يَخْ َدعُو َك فَإِنّ حَ ْ‬
‫النفال‪ ،‬الية ‪.]62‬‬
‫ك مِن رّّبكَ وَإِن لّمْ َت ْفعَلْ فَمَا َبّل ْغتَ رِسَالََت ُه وَالُ َي ْعصِ ُمكَ‬ ‫وقال تعال‪( :‬يَا َأّيهَا الرّسُولُ بَلّ ْغ مَا أُنزِلَ إِلَْي َ‬
‫مِنَ النّاسِ إِنّ الَ َل َيهْدِي اْل َقوْمَ الْكَاِفرِينَ) [سورة الائدة‪ ،‬الية ‪.]67‬‬
‫سَت ْهزِِئيَ) [سورة الجر‪ ،‬الية ‪.]95‬‬ ‫قال ال تعال‪( :‬إِنّا َكفَْينَا َك الْمُ ْ‬
‫*ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أ ّن ال تعال غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪.‬‬
‫ك َومَا تَأَ ّخ َر وَُيتِمّ ِنعْمََتهُ‬
‫حنَا َلكَ فَتْحا مّبِينا ‪ ،‬لَِي ْغ ِفرَ َلكَ الُ مَا َتقَ ّدمَ مِن ذَنِب َ‬ ‫قال ال تعال‪( :‬إِنّا فَتَ ْ‬
‫سَتقِيما) [سورة الفتح‪ ،‬اليتان ‪1‬و‪.]2‬‬ ‫صرَاطا مّ ْ‬ ‫عََلْيكَ وََيهْ ِدَيكَ ِ‬
‫*ومن خصائصه‪ :‬أ ّن ال تعال جعله شهيدا على من سبقه من النبياء عليهم الصلة والسلم‪:‬‬
‫قال ال تعال‪( :‬يَا َأّيهَا النّبِيّ ِإنّا َأرْ َسلْنَا َك شَاهِدا َومُبَشّرا وَنَذِيرا) [سورة الحزاب‪ ،‬الية ‪.]45‬‬
‫شهِي ٍد وَ ِجئْنَا ِبكَ َعلَى َهؤُلء َشهِيدا) [سورة النساء‪ ،‬الية‬ ‫وقال تعال‪(:‬فَ َكيْفَ ِإذَا ِجئْنَا مِن كُلّ أمّ ٍة بِ َ‬
‫‪.]41‬‬
‫*ومن خصائصه بأب هو وأمي‪ :‬أنه أول من تنشق عنه الرض يوم القيامة‪ ،‬وأنه أول شافع‪ ،‬وأول‬
‫مشفع‪.‬‬

‫‪622‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪((:‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة‪ ،‬وأول من ينشق عنه القب‪ ،‬وأول‬
‫شافع‪ ،‬وأول مشفع)) رواه مسلم‪.‬‬
‫*ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أن ال تعال أعطاه الشفاعة العظمى‪ ،‬وهو صاحب لواء المد‪،‬‬
‫والقام الحمود‪ ،‬ونر الكوثر‪ ،‬والوض‪ ،‬وهو صاحب الوسيلة والفضيلة‪.‬‬
‫قال ال تعال‪(:‬إِنّا َأعْ َطيْنَاكَ الْ َك ْوَثرَ) [سورة الكوثر‪ ،‬الية ‪.]1‬‬
‫ت َومَا فِي ا َل ْرضِ‬‫وقال تعال‪( :‬الُ لَ إَِلهَ إِ ّل ُه َو الْحَ ّي اْلقَيّومُ َل تَأْخُ ُذهُ ِسنَ ٌة وَلَ َن ْومٌ ّلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫شفَعُ ِعنْ َدهُ ِإلّ بِِإذِْنهِ) الية‪[ .‬سورة البقرة‪ ،‬من الية ‪.]255‬‬ ‫مَن ذَا الّذِي َي ْ‬
‫ك رَّبكَ َمقَاما مّحْمُودا) [سورة السراء‪،‬‬ ‫ك عَسَى أَن َيْبعََث َ‬ ‫وقال تعال‪َ ( :‬ومِنَ اللّيْ ِل فََتهَجّدْ ِبهِ نَافَِلةً ّل َ‬
‫الية ‪.]79‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪((:‬أعطيت الشفاعة)) متفق عليه‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪((:‬أنا سيد ولد آدم ول فخر‪ .‬ما من أحد إل هو تت لوائي يوم القيامة‬
‫ينتظر الفرج)) رواه الاكم وصححه‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪((:‬حوضي مسية شهر‪ ،‬ماؤه أبيض من اللب‪ ،‬وريه أطيب من السك‪،‬‬
‫وكيزانه كنجوم السماء‪ ،‬من شرب منها فل يظمأ أبدا)) رواه البخاري‪.‬‬
‫وقال رسول الدى عليه الصلة والسلم‪((:‬من قال حي يسمع النداء‪ :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة‪،‬‬
‫والصلة القائمة‪ ،‬آت ممدا الوسيلة والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما ممودا الذي وعدته‪ ،‬حلت له شفاعت‬
‫يوم القيامة)) رواه البخاري‪.‬‬
‫*ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنه أكثر النبياء تبعا يوم القيامة‪.‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪((:‬عُرضت علي المم‪ ،‬فرأيت النب ومعه الرهيط‪ ،‬والنب ومعه‬
‫الرجل والرجلن‪ ،‬والنب ليس معه أحد‪ ،‬إذ رفع ل سواد عظيم‪ ،‬فظننت أنم أمت‪ ،‬فقيل ل‪ :‬هذا‬
‫موسى صلى ال عليه وسلم وقومه‪ ،‬ولكن انظر إل الفق‪ ،‬فنظرت‪ ،‬فإذا سواد عظيم‪ ،‬فقيل ل‪ :‬انظر‬
‫إل الفق الخر‪ ،‬فإذا سواد عظيم‪ ،‬فقيل ل‪ :‬هذه أمتك‪ ،‬ومعهم سبعون ألفا يدخلون النة بغي‬
‫حساب ول عذاب)) متفق عليه‪.‬‬
‫وهذا غيض من فيض خصائصه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وخصائصه جانب من جوانب شخصه عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولو شئنا الستطراد ف الديث لذكرنا‬
‫فضله على أمته خاصة وعلى الناس عامة‪ ،‬وشفقته ورحته بالناس أجعي‪.‬‬
‫ومعلوم أنّ النفوس مبولة على حبّ الكمال‪ ،‬وقد كمّل ال نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم بأنواع‬
‫الكمال الت ل تتمع ف غيه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فكيف إذا اجتمع مع ذلك ما حباه ال به من‬
‫حبّه لداية اللق وصلحهم‪ ،‬وناتم وفلحهم‪ ،‬وما كان يعانيه من أل إذا رآهم ضلوا‪.‬‬

‫‪623‬‬
‫لذلك كان حبّه صلى ال عليه وسلم ف قلب كل مؤمن‪ ،‬بل ف قلب كل منصف من غي الؤمني من‬
‫عرفوه على حقيقته‪ ،‬ل يلكون إل تقديره واحترامه‪ ،‬وحبّه لا أسداه للناس عامة من خي عظيم‪.‬‬
‫وقد كان فضله عليه الصلة والسلم وإحسانه على أهل اللل الخرى عظيما‪ ،‬فقد بيّن لم الق‬
‫بأدلته الت عرفوها ووجدوها ف كتبهم‪ ،‬وكان من دينه‪ :‬أنّه ل يصح اليان إل باليان بميع أنبياء‬
‫ال ورسله‪ ،‬ووجه جلّ دعوته إل أهل الكتاب‪ ،‬وجادلم بالسن‪.‬‬
‫وكان حظ النصارى من فضله صلى ال عليه وسلم أعظم من غيهم‪ ،‬فقد أنصفهم بعد ما ظلمهم‬
‫اليهود والوثنيون‪ ،‬حيث بُعث صلى ال عليه وسلم وأهل اللل يتهمون مري بالزنا‪ ،‬ويتهمون عيسى‬
‫عليه السلم بأنه ابن زنا‪ ،‬ووجد النصارى يتشبهون باليهود والوثنيي فيدعون أن عيسى عليه السلم‬
‫ابن ال‪ ،‬أو ثالث ثلثة‪ ،‬أو هو ال‪ ،‬فجاء ممد صلى ال عليه وسلم فوضع المور ف نصابا‪ ،‬وبي أن‬
‫مري بنت عمران عذراء عفيفة‪ ،‬وأن الذي جاءها أمر من ال تعال‪ ،‬وأن مثل عيسى عند ال كمثل‬
‫آدم‪ ،‬قال ال تعال‪( :‬إِنّ مَثَ َل عِيسَى عِن َد الِ كَ َمثَ ِل آدَمَ خََل َق ُه مِن ُترَابٍ ثِمّ قَالَ َلهُ كُن فََيكُونُ) [سورة‬
‫آل عمران‪ ،‬الية ‪.]59‬‬
‫فاعترف النصفون منهم بأن ما جاء به النب ممد صلى ال عليه وسلم هو الق‪ ،‬وهو بشارة عيسى‬
‫عليه السلم لمته‪ ،‬وأن ما جاء به هو الق الذي ل يزيد عما جاء به عيسى بقشة‪ ،‬ول ينقص بقشة‪.‬‬
‫وهذا حال النصف‪ ،‬صاحب النفس الطيبة؛ يب الق‪ ،‬ويبحث عن الق‪ ،‬وإذا وجد الق أخذ به‪،‬‬
‫أما منكر الميل فهو دنء النفس خبيثها‪ ،‬ونكرانه للجميل دليل سوء طويته وسوئها‪.‬‬
‫ولقد عبّر أكثر نصارى اليوم عن نكرانم الميل‪ ،‬وعن رفضهم الق الذي جاءهم به رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بأسوأ تعبي‪ ،‬حيث رفضوه‪ ،‬وكذبوه‪ ،‬وسعوا جاهدين ف تشويهه‪ ،‬وصرف‬
‫الناس عنه‪ ،‬وإغواء أمة ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإغراقهم ف الشهوات واللذات والوبقات‪،‬‬
‫وتشكيكهم ف دينهم‪ ،‬ول يكفهم هذا حت صرحوا بشتم السلم‪ ،‬ونب السلم‪ ،‬وأمعنوا ف‬
‫الستهزاء به‪.‬‬
‫وما زلنا منذ سنوات‪ ،‬ونن نسمع ونرى كما هائلً من ذلك‪ ،‬حت ألت بنا فتنة عجيبة‪ ،‬ومنة كئيبة‪،‬‬
‫تول كبها زمرة سفيهة‪ ،‬وجدت من يدعمها باسم الرية‪ ،‬ويشجعها باسم الديوقراطية‪ ،‬ويميها‬
‫باسم حق التعبي وإبداء الرأي‪.‬‬
‫فقامت صحيفة((بولند بوست)) الدناركية بنشر رسوم ساخرة‪ ،‬ف أواخر شهر شعبان من عام ض‬
‫‪426‬هـ‪ .‬زعم صانعوها أنم يثلون رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث ف يوم عيد الضحى من‬
‫عام نفسه تبعتها((ماجزين)) النرويية فنشرت الرسومات نفسها‪ ،‬فجرحت السلمي ف عقيدتم الت‬
‫ل يتلفون فيها‪ ،‬ودينهم الذي ل يرضون عنه بديلً‪.‬‬

‫‪624‬‬
‫وقد كان يكن أن تر هذه الرية النكراء دون كبي ضجة‪ ،‬وأن تعامل على أنه تصرف فردي‬
‫يستحق فاعله العقوبة‪ ،‬لول أنّ هذه الرية سبقت بذكرات ملكة الدنارك((مارجريت الثانية))‬
‫رئيسة الكنيسة اليفانليكانية اللوثرية‪ ،‬الت يتبعها أكثر من ‪ %85‬من الشعب الدنركي‪ ،‬حيث‬
‫أظهرت ف مذكراتا كرهها للسلم‪ ،‬ولسيد الولي والخرين‪ ،‬واتمته با ليس فيه‪ ،‬ث دافعت عن‬
‫الرسومات الساخرة‪ ،‬وصرحت بأنا تعبي عن رأي‪ ،‬ودليل حرية‪ ،‬وزاد الطي بلة‪ ،‬أن رئيس الوزراء‬
‫رفض مقابلة السفراء السلمي الذي طلبوا مقابلته؛ ليظهروا احتجاجهم‪ ،‬والثار السيئة لتلك الصور‪،‬‬
‫وتغطرس وتكب‪ ،‬ضاربا بعرض الائض الدساتي الدبلوماسية‪ ،‬ورفض وزير الثقافة التراجع عن هذا‬
‫السوء‪ ،‬والحكمة رفضت الدعوى‪ ،‬فأظهروا تعصبا وموافقة للصحيفة على فعلها‪ ،‬متذرعي برية‬
‫الرأي‪.‬‬
‫فكانت ردود الفعل أكب ما تصوروا‪ ،‬والغضبة السلمية أشد ما توقعوا‪ ،‬وما زال الغضب الذي شل‬
‫سحب بعض السفراء‪ ،‬ومقاطعة النتجات‪ ،‬يتنامى يوما فيوما‪.‬‬
‫ول شك أن هذه منة‪ ،‬إذا أحسنا استغللا‪ ،‬فسيعي ال تعال وتكون منحة‪ ،‬وهذا ظاهر من أمور‬
‫كثية‪ ،‬تتاج إل وقفات كثية‪ ،‬وحسبنا ف هذه القدمة أن نذكر بعضها؛‬
‫*فمنها‪:‬‬
‫ظهور القد الصليب ف صورة بشعة من قبل من يدّعون التسامح والرية والديوقراطية‪ ،‬قال ال‬
‫تعال‪( :‬وَلَ َيزَالُونَ ُيقَاِتلُونَكُ ْم حَتّ َى َي ُردّوكُ ْم عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.]217‬‬
‫وقال تعال‪( :‬وَلَن َت ْرضَى عَنكَ الَْيهُودُ وَ َل الّنصَارَى حَتّى تَتّبِ َع ِملَّتهُمْ) [سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.]120‬‬
‫وقال تعال‪َ (:‬ودّواْ َلوْ تَ ْك ُفرُونَ كَمَا َك َفرُواْ فَتَكُونُونَ َسوَاء) [سورة النساء‪ ،‬الية ‪.]89‬‬
‫*ومنها‪ :‬ظهور كيل النصارى بكيالي‪ ،‬مكيال مع السلمي‪ ،‬فيذمونم‪ ،‬ويتهمونم‪ ،‬ويظهرون كفرهم‬
‫وسبهم ل ولكتابه ولرسوله‪ ،‬واستهزائهم بعقيدة الؤمني‪ ،‬ف الوقت الذي يكيلون لليهود بكيال‬
‫آخر‪ ،‬فل يذمونم‪ ،‬ول يكذبونم‪ ،‬بل الويل لن يرؤ على تكذيب اليهود فيما يقولون‪ ،‬وها هي ذي‪:‬‬
‫أكذوبتهم الكبى‪((:‬الولكوست‪/‬مرقة اليهود))‪ ،‬أو((العداء للسامية))‪ ،‬من يرؤ منهم على الساس‬
‫بذا؟ ل أحد منهم‪ .‬ومن ترأ ومس جناب اليهود فيا ويله! وعند الدود اليهودية تتوقف الريات‪،‬‬
‫وتنع التجاوزات‪ ،‬بل وتنع ف هذا الباب الناقشات‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ظهور معجزة من معجزات رسول ال صلى ال عليه وسلم حي صرف ال عز وجل ذم‬
‫واستهزاء الذامي والستهزئي عن رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد أرادوا ذم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ف عقيدته‪ ،‬وف عباداته‪ ،‬وف أخلقه‪ ،‬وف صورته‪ ،‬فصرف ال تعال كل ذلك عن نبيه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬فذكروا من عقيدته ما ليست منها‪ ،‬وذكروا من عباداته ما ليس منها‪ ،‬وذكروا‬
‫من أخلقه ما ليس منها‪ ،‬وصوروه بلف صورته الت خلقه ال تعال عليها‪.‬‬

‫‪625‬‬
‫سَت ْهزِِئيَ) [سورة‬
‫وتقق موعود ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم ف الدنيا حيث قال(إِنّا َكفَيْنَا َك الْمُ ْ‬
‫الجر‪ ،‬الية ‪ .]95‬ونن ننتظر الخرى(إِنّ شَاِنَئكَ ُهوَ ا َلبَْترُ) [ سورة الكوثر‪ ،‬الية ‪.]3‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪((:‬أل تعجبون كيف يصرف ال عن شتم قريش ولعنهم؟‬
‫يشتمون مذما‪ ،‬ويلعنون مذما‪ ،‬وأنا ممد)) رواه البخاري‪.‬‬
‫*ومنها‪ :‬ما وقع من تريك السلمي‪ ،‬وزيادة إيانم‪ ،‬وتناسيهم للفاتم الت ضربت بأطنابا‪،‬‬
‫وحرص أكثرهم على معرفة الكم الشرعي ف مثل هذه التصرفات‪ ،‬وظهور حال النصارى لم‪ ،‬بعد‬
‫أن اندع كثي منهم با تبثه وسائل العلم من تزيي لصورتم‪.‬‬
‫*ومنها‪ :‬حرص كثي من النصارى على معرفة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والتحقق من حقيقة‬
‫رسالته‪ ،‬وخُلقه وخَلقه‪ ،‬وهي فرصة سانة للمسلمي عليهم استغللا لدعوتم إل الق‪.‬‬
‫وال نسأل التوفيق والسداد‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫كتبه‬
‫أحد بن عبد العزيز المدان‬
‫===================‬
‫كيف نواجه تيز وسائل العلم الغربية ضد السلم؟‬

‫د‪ .‬سليمان صال أستاذ الصحافة الساعد بكلية العلم – جامعة القاهرة‬
‫مقدمة‬
‫ظهر مفهوم التحيز ‪ Bias‬ف الدراسات العلمية خلل السبعينيات ليمثل تديا للكثي من‬
‫السلمات ف الفلسفة الغربية لوسائل العلم‪ ،‬ولحدى أهم أطروحات هذه الفلسفة حول‬
‫الوضوعية‪ ،‬وقدرة السوق الرة للعلم على إدارة الناقشات الرة بي التاهات السياسية الختلفة‬
‫ف الجتمع ونقلها إل الماهي‪.‬‬
‫وقد مثل مفهوم الوضوعية ‪ Obj‬صلى ال عليه وسلم ‪ ctivity‬وسيلة للدفاع عن الحتكار الغرب‬
‫لوسائل العلم‪ ،‬واحتكار الرأسالية الغربية ف أعلى صورها "الشركات متعددة النسية"‪ ،‬داخل‬
‫الجتمعات الغربية لذه الوسائل‪ ،‬وقد ت الترويج لفهوم الوضوعية بشكل واسع‪ ،‬واعتبه العلميون‬
‫من طقوس العمل العلمي‪ ،‬واعتبوا أنم مايدون أو موضوعيون ف تغطيتهم للحداث‪ ،‬كما‬
‫استخدمه الدافعون عن الوضاع الراهنة ف العلم الدول للدفاع عن هذه الوضاع‪ ،‬وللرد على‬
‫الدراسات الت توضح خطوات ظاهرة التركيز والحتكار ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬والحتكار‬
‫الغرب لوسائل العلم‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫وجاء مفهوم التحيز ليمثل تديا لسطورة الوضوعية والياد الت تستخدمها اليديولوجية الغربية‬
‫لوسائل العلم ف الدفاع عن نفسها‪ ،‬ولذلك ل يكن غريبا أن تتم مقاومة استخدام هذا الفهوم‬
‫الديد ف الامعات الغربية‪ ،‬وأن يقاومه رجال العلم ف الغرب‪ ،‬باعتباره يثل تديا لهم وسائل‬
‫دفاعهم عن أدائهم الهن‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فقد استخدم كثي من الباحثي الغربيي هذا الفهوم‪ ،‬وأجروا العديد من‬
‫الدراسات الت أثبتت تيز وسائل العلم الغربية لطرف أو أطراف معينة ف الصراعات الداخلية‬
‫والدولية‪ ،‬وتشويه صورة اتاهات سياسية أو فكرية أو دول أو حركات ترير‪ ،‬أو أقليات دينية أو‬
‫عرقية‪ ،‬وهو ما يعن انعدام العدالة ف تغطية وسائل العلم للحداث الداخلية والارجية‪ ،‬وانعدام‬
‫الوضوعية ف تغطيتها لذه الحداث‪ ،‬وضرورة البحث عن وسائل لماية العدالة‪ ،‬وضمان حق‬
‫الطراف الختلفة ف عرض آرائها والدفاع عن نفسها‪.‬‬
‫كما أن الدراسات الت استخدمت هذا الفهوم قد أوضحت أن حرية العلم ف العال العاصر تر‬
‫بأزمة تتمثل أهم مظاهرها ف احتكار دول الغرب لوسائل العلم ولصادر النباء‪ ،‬وسيطرتا على‬
‫تدفق النباء ف العال من ناحية‪ ،‬وسيطرة الرأسالية (الشركات متعددة النسيات أو عابرة القارات)‪،‬‬
‫على وسائل العلم داخل هذه الدول‪ ،‬وأن هذا الحتكار يؤدي إل انعدام العدالة ف ظل النظام‬
‫العلمي الدول‪ ،‬وعدم القدرة على إدارة الناقشة الرة بي التاهات السياسية والفكرية والدينية‬
‫والماعات العرقية داخل الجتمعات الغربية‪ ،‬أو بي الشعوب والضارات والثقافات على مستوى‬
‫العال‪.‬‬
‫كما توضح هذه الدراسات أن ضيق نطاق التعددية والتنوع ف وسائل العلم ‪ -‬نتيجة للحتكار‬
‫الغرب لذه الوسائل‪ ،‬والحتكار الرأسال (الشركات متعددة النسيات) على مستوى الجتمعات‬
‫الغربية –يؤدي إل عدم قدرة الشعوب والضارات على الوار الر على مستوى العال‪ ،‬وعدم قدرة‬
‫التاهات السياسية والفكرية على الوار داخل الجتمعات الغربية‪ ،‬وإجراء الناقشة الرة‪ ،‬وهو ما‬
‫يقلل من كفاءة العملية الديوقراطية ف الجتمع‪ ،‬ويقلل من قدرة الماهي على الختيار الر بي‬
‫الحزاب والتاهات السياسية والفكرية‪.‬‬
‫ولكن ما دللة هذا الصطلح؟‪ ،‬وما تعريف التحيز؟ حت الن فإن هذا الفهوم ل يزال مل جدل‪ ،‬ول‬
‫يتم التوصل إل تعريف يكن التفاق عليه على الرغم من كثرة التعريفات الت قدمها الكثي من‬
‫الباحثي‪ ،‬ويكن أن نستعرض هنا عينة من هذه التعريفات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف هاكيت‪ :‬الذي يعرف التحيز بأنه قيام العلمي أو الؤسسة العلمية بوضع رأي ذات‬
‫داخل ما يعتب أنه تقرير يقوم على القائق‪.‬‬
‫ويضيف هاكيت‪ :‬إن التحيز يتضمن أيضا ستي آخرين‪:‬‬

‫‪627‬‬
‫أولها‪ :‬نقص التوازن بي وجهات النظر التعارضة ف تغطية وسائل العلم‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬تشويه الواقع بشكل مقصود نتيجة لتأييد العلمي أو الؤسسة العلمية الت يعمل با‬
‫لطرف معي‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف ستيفنسون وجرين‪ :‬الذي يقوم على أن التحيز يعن الفشل ف معاملة كل الصوات ف‬
‫السوق الرة بشكل متساوٍ‪.‬‬
‫‪ -3‬تعريف ماكويل‪ :‬الذي يعرف التحيز بأنه اليل إل تفضيل أحد جانب الصراع‪ ،‬ث يستعرض عددا‬
‫من أشكال التغطية العلمية الت يظهر فيها التحيز على النحو التال‪:‬‬
‫أ‪ -‬تفضيل وجهة نظر معينة مع عرض الدلة على صحتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬عرض القائق والتعليقات بشكل مقصود‪ ،‬ولكن بدون بيان يوضح تفضيل وجهة نظر على‬
‫أخرى‪.‬‬
‫جـ‪ -‬استخدام اللغة بشكل يؤدي إل تلوين القائق‪ ،‬وإصدار حكم معي على أحد أطراف الناقشة‬
‫أو الصراع‪.‬‬
‫وهذه الشكال من التحيز لبد أن يتوفر فيها عنصر النية أو الوعي من جانب الكاتب أو الحرر‪،‬‬
‫لكن هناك نوع آخر من التحيز هو التحيز غي القصود‪ ،‬وهو ينتج من خلل القيم الت يتم من خللا‬
‫اختيار النباء وأساليب صياغتها‪.‬‬
‫ويرى رالف نرين أن الخبار يتم تلوينها‪ ،‬ولذلك فإن هناك تيزا ل يكن تنبه ف اختيار النباء‬
‫ونشرها‪ ،‬وتلعب عدد من العوامل دورها ف تشكيل ظاهرة تيز النباء‪ ،‬منها‪ :‬روتي الؤسسات‬
‫العلمية‪ ،‬والقيود الفروضة على عملية إنتاج الواد العلمية‪ ،‬بالضافة إل القيم البية‪.‬‬
‫ويضيف نرين‪ :‬إن بعض التحيز ل يكن تنبه إذ إن الصحفيي مثل أي شخص يملون قدرا من‬
‫الفكار اليديولوجية‪ ،‬ولذلك فإنم ل يستطيعون أن ينقلوا ويصفوا الحداث بشكل يعتمد على‬
‫القائق فقط (‪. )1‬‬
‫وعلى الرغم من أن هناك الكثي من التعريفات والناقشات حول مفهوم التحيز وأشكاله‪ ،‬إل أن هذا‬
‫الفهوم ل يزال يتاج إل الزيد من الناقشة لزيادة وضوحه‪ ،‬ولكن يكننا أن ندد ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إننا نعرف التحيز بأنه يعن‪ :‬عدم القدرة على تقيق الوضوعية والعدالة والياد‪ ،‬ومعاملة الطرفي‬
‫ف قضية مل جدل أو صراع بشكل يتسم بالساواة‪ ،‬ويرتبط هذا الفهوم ارتباطا وثيقا بفاهيم‬
‫أخرى‪ ،‬هي استخدام معايي مزدوجة ‪ Dichotmy‬أو ‪ Doubl‬صلى ال عليه وسلم ‪Stan‬‬
‫‪ da‬صلى ال عليه وسلم ‪ ds‬واستخدام الصورة النمطية ‪ St‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه‬
‫وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ otyp‬صلى ال عليه وسلم ‪ ، s‬أو إنتاج هذه الصورة بالضافة إل‬

‫‪628‬‬
‫تريف العلومات أو تشويهها ‪ Disto‬صلى ال عليه وسلم ‪ tion‬واستخدام اللغة بشكل يؤدي إل‬
‫إصدار أحكام معينة بإدانة أطراف معينة ف صراع أو جدل‪.‬‬
‫‪ -2‬هناك نوعان من التحيز‪:‬‬
‫أ‪ -‬التحيز القصود‪ :‬وينتج عن تأييد الؤسسة العلمية لحد جانب الصراع أو الناقشة‪ ،‬ولذلك فإنا‬
‫تعطى بشكل مقصود مساحة أكب على صفحة الصحيفة الت تصدرها‪ ،‬أو وقتا أطول من إرسالا ف‬
‫مطات الذاعة وقنوات التليفزيون لذا الانب‪ ،‬أو أن تقوم الؤسسة العلمية بالتركيز على الخبار‬
‫السيئة عن أحد طرف الصراع بدف تشويه صورته‪.‬‬
‫ب‪ -‬التحيز غي القصود‪ :‬وينتج عن تبن وسائل العلم القيم البية الت تطورت ف الغرب‪ ،‬وهو ما‬
‫يعل هذه الؤسسات تركز على نشر وإذاعة أخبار دول النخبة‪ ،‬وهي الوليات التحدة المريكية‪،‬‬
‫وأوروبا الغربية بالضافة إل إسرائيل‪ ،‬كما تركز على نشر أخبار الفراد النخبة ف الجتمع‪ ،‬من‬
‫الرأساليي‪ .‬كما أن هذه القيم البية الغربية تعل الؤسسات العلمية تركز على الخبار السيئة‪،‬‬
‫خاصة عن الدول الت ل تنتمي للنخبة الدولية‪ ،‬وهي دول النوب‪.‬‬
‫كما أن هذا النوع من التحيز يكن أن ينتج عن العتماد الكثف على مصادر الخبار الت تنتمي إل‬
‫أحد جانب الصراع‪ ،‬كما أنه ينتج أيضا عن روتي الؤسسات العلمية‪.‬‬
‫‪ -3‬يكننا أيضا أن نيز بي التحيز ف مال الخبار‪ ،‬والتحيز ف مواد الرأي مثل الفتتاحيات‬
‫والقالت والعمدة‪ ...‬إل‪ ،‬ففي مال الخبار من الحتمل أن يكون التحيز أحيانا غي مقصود‪،‬‬
‫ولكن ذلك ل ينفي إمكانية أن يرتب الحرر القائق‪ ،‬أو يستخدم مصطلحات يكن أن تلون القائق‬
‫لكي تعطي تأثيا معينا لصال أحد أطراف الدل أو الصراع‪.‬‬
‫أما ف مال مواد الرأي فإن التحيز يكون مقصودا‪ ،‬فالكاتب أو الحرر يقدم رأيه‪ ،‬ومن حقه أن‬
‫ينحاز إل أي طرف من أطراف الصراع أو الدل‪ ،‬وإن كانت العدالة قيمة عليا من الضروري‬
‫الرص عليها‪.‬‬
‫‪ -4‬ينتج عن التحيز ظاهرتان ها‪ :‬نقص العلومات الت تقدم للجماهي ‪ Disinfo‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ mation‬عن الحداث والقضايا والصراعات الداخلية والدولية‪ ،‬وهو المر الذي يزيد من‬
‫حدة تأثي الصور النمطية الت تقدمها وسائل العلم إل الماهي‪ ...‬ويؤدي هذا بالضرورة إل‬
‫الظاهرة الثانية وهي إساءة تقدي العلومات أو التضليل العلمي ‪ Misinfo‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ mation‬والذي ينتج عنه اتاذ الواطني لقراراتم بناء على ما تدده الؤسسات العلمية‪ ،‬وما‬
‫تقدمه للجماهي من معلومات‪ ،‬وأساليبها ف تقدي هذه العلومات‪ ،‬هذا بالضافة إل التأثي على‬
‫صناع القرار لتأت قراراتم متوافقة مع مصال أطراف معينة ف الصراع أو الدل‪ ،‬كما تقوم‬
‫الؤسسات العلمية بتبير هذه القرارات والترويج لا‪.‬‬

‫‪629‬‬
‫‪ -5‬إنه من الصعب قياس التحيز بشكل دقيق‪ ،‬فالتحيز مفهوم نسب‪ ،‬وما يكن أن يعتب تيزا من‬
‫وجهة نظر معينة‪ ،‬يكن أن يعتب موضوعيا ومايدا من وجهة نظر أخرى‪ ،‬لكن هذا الوعي بنسبية‬
‫الفهوم ل يعن عدم صلحيته للستخدام ف مال الدراسات الكاديية‪ ،‬بل إن الوعي بذه النسبية‬
‫يسهم ف ترشيد استخدامه ف هذه الدراسات‪ ،‬والنسبية على أية حال من سات العلوم النسانية‬
‫جيعها‪.‬‬
‫‪ -6‬إن التحيز يكن أن يوجد على مستوى الجتمع‪ ،‬حيث تتحيز وسائل العلم للوضع الراهن ضد‬
‫التغيي‪ ،‬أو لزب ضد أحزاب أو اتاهات سياسية أخرى‪ ،‬أو للسلطة ضد قوى العارضة‪ ،‬كما أن‬
‫هذا التحيز يكن أن يكون ضد جاعات إثنية أو دينية‪.‬‬
‫ويكن أن يظهر هذا التحيز ضد دول أو شعوب أخرى على الستوى الدول خاصة عندما يكون‬
‫هناك قدر من العداء بي هذه الدولة والدولة الت تنتمي إليها الؤسسة العلمية‪ ،‬وف هذا النوع يتم‬
‫تشويه صور الدول والشعوب الت تعتب معادية بشكل مقصود‪ ،‬ويتم تريف القائق واستخدام‬
‫الكلمات الت تمل إياءات ودللت تؤدي إل إثارة الكراهية لذه الدول‪ ،‬أو الشعوب أو حت‬
‫الديانات كما يدث بالنسبة للسلم ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‬
‫لذلك فإن هذه الدراسة تسعى إل‪:‬‬
‫‪ -1‬دراسة ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬وتطور هذه الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسة الرتباط بي ظاهرة التحيز والصورة النمطية الت تروجها وسائل العلم الغربية للسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬تفسي ظاهرة تيز وسائل العلم الغربية ضد السلم والسلمي‪.‬‬
‫‪ -4‬رسم استراتيجية لواجهة ظاهرة تيز وسائل العلم الغربية ضد السلم‪.‬‬
‫من خلل هذه الهداف يكن تديد التساؤلت الت تسعى الدراسة للجابة عليها كما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬كيف تطورت ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫‪ -2‬ما مدى تأثي ظاهرة التحيز على صورة السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫‪ -3‬ما العوامل الت تشكل ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫‪ -4‬كيف نواجه ظاهرة تيز وسائل العلم الغربية ضد السلم؟‪.‬‬
‫مناهج الدراسة‬
‫ت الستفادة من عدد من الناهج بشكل تكاملي لرصد ظاهرة التحيز بشكل عام ضد السلم‬
‫والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬ومن أهها‪ :‬منهج السح العلمي الذي استخدم لتوصيف‬
‫الظاهرة من خلل الدراسات السابقة‪ ،‬وهذه الدراسات ركزت بشكل أساسي على توصيف صورة‬
‫العرب‪ ،‬والعلقة بي هذه الصورة والصراع العرب السرائيلي دون استخدام مدخل التحيز‪.‬‬

‫‪630‬‬
‫كما استفادت الدراسة من منهج تليل النظم لدراسة العوامل الت شكلت ظاهرة التحيز ضد السلم‬
‫والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫وانطلقت الدراسة من ذلك إل ماولة تفسي ظاهرة التحيز‪.‬‬
‫وف بعض جوانب هذه الدراسة ت استخدام النهج التاريي بغرض رصد تطور الظاهرة‪ ،‬والصورة‬
‫النمطية الناتة عنها‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫هناك الكثي من الدراسات السابقة الت ركزت على دراسة صورة العرب ف وسائل العلم الغربية‪،‬‬
‫وربطت ذلك بالصراع العرب السرائيلي‪ ،‬وهي دراسات ركزت بشكل أساسي على توصيف‬
‫الصورة العربية النمطية ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬ولكن دون ربط هذه الصورة بصورة السلم‬
‫والسلمي‪ ،‬وذلك فيما عدا دراسة إدوارد سعيد‪ :‬تغطية وسائل العلم الغربية للسلم‪.‬‬
‫‪ -Said‬صلى ال عليه وسلم ‪ Cov ,‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ing Islam,‬‬
‫‪ :(London‬صلى ال عليه وسلم ‪ outl‬صلى ال عليه وسلم ‪ dg‬صلى ال عليه وسلم ‪and‬‬
‫‪ k‬صلى ال عليه وسلم ‪.gan Paul, 1981‬‬
‫وهذه الدراسات ركزت على الوصف دون التفسي‪ ،‬ولذلك فإن هذه الدراسة تنطلق من التراث‬
‫العلمي التراكم‪ ،‬لكنها تتجاوزه ف استخدام ظاهرة التحيز ف دراسة صورة السلم والسلمي‪ ،‬ث‬
‫تقدم ماولة للتفسي‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه الدراسة هي جزء من دراسة أكب يقوم الباحث بإنازها‬
‫الن‪ ،‬ولذلك فإنه لبد من النظر إليها ف هذا الطار‪ ،‬إذ أنا ل تعدو أن تكون مرد اختصار لعمل‬
‫أكب وأشل‪.‬‬
‫تقسيم الدراسة‬
‫ت تقسيم هذه الدراسة كما يلي‪:‬‬
‫القدمة‪:‬‬
‫وتشمل تعريف ظاهرة التحيز ف وسائل العلم الغربية وأشكال التحيز‪ ،‬والوانب الجرائية النهجية‬
‫للدراسة‪.‬‬
‫البحث الول‪:‬‬
‫تطور ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫البحث الثان‪:‬‬
‫ماولة التفسي ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫الاتة‪ :‬وتتضمن أهم النتائج ‪ ...‬واستراتيجية الواجهة‪.‬‬
‫البحث الول‬

‫‪631‬‬
‫تطور ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‬
‫أوضحت الكثي من الدراسات أن القساوسة ورجال الدين السيحي قد قاموا بالدور الرئيسي ف تعبئة‬
‫شعوب أوروبا خلل الروب الصليبية لشن حرب على السلم والسلمي‪ ،‬وركز خطابم ف هذه‬
‫الرحلة على إثارة الشاعر الدينية للشعوب الوروبية‪ ،‬ولذلك ت التركيز ف هذا الطاب الدعائي على‬
‫أن السلمي كفار ‪ Infid‬صلى ال عليه وسلم ‪ ls‬وروجوا للكثي من الكاذيب الت كان مورها أن‬
‫السلمي يقتلون الجاج السيحيي‪ ،‬وينعونم من الج إل الماكن القدسة‪ ..‬إل‪ ،‬ونح القساوسة‬
‫ف حلتهم حت استطاعوا التأثي ف مراكز صنع القرار التمثلة ف تلك القبة ف اللوك والقطاعيي‪،‬‬
‫وإشعال الروب الصليبية‪.‬‬
‫إن دراسة هذه التجربة التاريية تثبت حقيقة أن الرب تبدأ أو ًل ف عقول البشر عن طريق خلق‬
‫صورة سلبية شريرة للعدو‪ ،‬تلق لدى الناس قناعة بأهية الرب وضرورتا ونبل أهدافها‪ ،‬وتتيح‬
‫للمحارب قدرا من راحة الضمي وهو يرى دماء بشر مثله تتدفق أمام عينيه‪ ،‬وف الوقت نفسه خلق‬
‫صورة إيابية عن الذات تقوم على أنه يارب من أجل الق‪ ،‬ولتحقيق أهداف نبيلة‪ .‬وعندما تتحقق‬
‫هاتان الصورتان ف ذهن النسان فإنه يكون على استعداد لوض الرب‪ ،‬ولقتل من يعتقد أنم‬
‫أعداؤه‪.‬‬
‫ولقد أنتج القساوسة ف أوروبا ف هذه الفترة‪ ،‬بالضافة إل مموعات من الكتّاب والدباء والشعراء‬
‫تراثا تضمن الكثي من الصور السلبية للمسلمي وللسلم‪ ،‬ظلت حت الن تؤثر على العقلية‬
‫الوروبية‪ ،‬وتدفعها ف اتاه العداء للسلم‪ ،‬ول يزال هذا التراث يدرّس ف الدارس والامعات‬
‫المريكية‪.‬‬
‫كما أثارت الفتوحات العثمانية ف أوروبا الوف الشديد من السلم‪ ،‬وأدت إل إنتاج تراث شكّله‬
‫أيضا القساوسة‪ ،‬يقوم على رسم صورة ميفة للمسلمي من أهم ساتا أنم متعطشون للدم‪،‬‬
‫ويشكّلون تديدا لوروبا‪ ،‬وأن السلم يفرض عقوبات قاسية على بعض الرائم مثل السرقة‪)2(.‬‬
‫ويلحظ على الطاب الدين والدب الذي أنتج خلل فترات الروب الصليبية أو الفتوحات‬
‫العثمانية‪ ،‬أنه كان خطابا دعائيا تبيريا يهدف بشكل أساسي إل إقناع الواطني الوروبيي بالرب‬
‫ضد السلمي‪ ،‬وباستخدام الثارة الدينية‪ ،‬وإثارة الوف والكراهية‪.‬‬
‫ولكن إذا كان رجال الدين هم القائمون بالتصال خلل فترة الروب الصليبية‪ ،‬فإن الصحفيي‬
‫أصبحوا هم القائمون بالتصال بشكل أساسي خلل الوجة الستعمارية الوروبية الت بدأت بالملة‬
‫الفرنسية على مصر عام ‪ ،1798‬والت تزايدت حدتا خلل القرن التاسع عشر‪ ،‬وقام الصحفيون‬
‫والصحف الوروبية بملة إعلمية ضخمة‪ ،‬استهدفت تيئة العقل الوروب وتعبئة الشعوب الوروبية‬
‫لشن هذه الجمة الستعمارية على العال السلمي‪.‬‬

‫‪632‬‬
‫وكان البر الدعائي الذي قدمته الصحافة الوروبية للعقل الوروب كي يقتنع بضرورة استعمار‬
‫أوروبا لسيا وأفريقيا‪ ،‬هو رسالة الرجل البيض ف تدين البشرية أو الشعوب التخلفة‪ ،‬وكان هذا‬
‫نتاجا طبيعيا لتحول أوروبا إل العلمانية‪ .‬ولتكريس هذا البر ف الذهن الوروب‪ ،‬قامت الصحافة‬
‫بتقدي صورة نطية لشعوب آسيا وأفريقيا على أنا شعوب متخلفة‪ ،‬يعيشون كالوحوش وعرايا‪ ،‬وت‬
‫التركيز ف بعض الحيان على قضية الرق ‪ Slav‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪،y‬‬
‫بشكل أساسي لقناع النسان الوروب بأنه يقوم بهمة نبيلة لتحرير البشرية‪.‬‬
‫ولذلك فإن خطاب القرن التاسع عشر‪ ،‬والذي ظل سائدا حت منتصف القرن العشرين قد ركّز‬
‫بشكل أساسي على عنصرين أساسيي ها‪ :‬إثارة الحتقار بالنسبة لشعوب آسيا وأفريقيا بشكل عام‪،‬‬
‫وللمسلمي بشكل خاص‪ ،‬ورسم صورة الذات بالنسبة للمستعمر الوروب بشكل يقوم على‬
‫الستعلء العرقي‪ ،‬حيث يوضّح كتاب لورد كرومر "مصر الديثة" العناصر الساسية لطاب‬
‫الستعمار الغرب‪ ،‬حيث عكس هذا الطاب صورة نطية للمسلم تقوم على أنه إنسان عاجز‪ ،‬أدن‬
‫من النسان الغرب‪ ،‬مسجون داخل شخصيته الامدة وتقاليده غي القابلة للتطور‪ ،‬وأن العارضة‬
‫العربية للسيطرة الغربية تأت من عقدة الدونية للثقافة العربية‪)3(.‬‬
‫كما يوضّح هذا الطاب الغطرسة الستعمارية الغربية والشعور بالتفوق والستعلء العرقي الذي ساد‬
‫خطاب الستعمر صاحب القوة ف تلك الفترة‪.‬‬
‫وجاء اختراع السينما ث تولا إل صناعة ضخمة ليقوم بدور أساسي ف تقدي صورة نطية‬
‫للمسلمي‪ ،‬وتثبيت هذه الصور ف الذهن الغرب‪ ،‬ومن خلل الكثي من الفلم ت استدعاء الخزون‬
‫التاريي ف العقل الغرب خلل الروب الصليبية‪ ،‬والفتوحات العثمانية بالضافة إل الطاب‬
‫الستعماري‪ ،‬وإعادة تقديه واللاح على التذكي به‪ ،‬ولذلك يكن أن نرصد الكثي من الفلم الت‬
‫تركّز على إثارة الوف باستخدام الروب الصليبية بشكل أساسي‪ ،‬وأيضا الكثي من الفلم الت‬
‫تدف إل إثارة الحتقار‪ ،‬وف بعض الحيان ت المع بي عناصر الطابي ف أفلم الروب الصليبية‪،‬‬
‫على الرغم من أن بعض القصص الصلية ل تتضمن هذه الصورة الشوّهة‪ ،‬ومع ذلك ت إعادة إنتاجها‬
‫مع تريفها‪ ،‬وتويل صورة الفرسان السلمي ف الروب الصليبية إل صورة القراصنة الذين ل‬
‫ياربون من أجل هدف‪ ،‬ويصحبون الري والراقصات ف معسكراتم‪ ،‬وأن صلح الدين كان الدف‬
‫الساسي لروبه هو عشقه لفتاة غربية بيضاء‪ ...‬ال‪.‬‬
‫إن دراسة تطور السينما الغربية يكشف بوضوح أنا قد قامت بدور أساسي ف تشكيل الصورة‬
‫النمطية للمسلمي‪ ،‬والترويج لذه الصورة‪ ،‬وتغيي بعض ساتا طبقا لتغيي الظروف‪ ،‬والترويج‬
‫لسمات جديدة بشكل يرتبط بتطور الحداث السياسية والقتصادية‪ ،‬وبالتال فإن تصوير بعض‬
‫الدراسات لذا النهج الذي اتبعته السينما الغربية بأنه يأت لتحقيق أهداف تارية‪ ،‬والبحث عن عناصر‬

‫‪633‬‬
‫التشويق والتسلية – هو تصوير ل يكن قبوله أو التسليم به‪ ،‬ذلك أن الصورة النمطية الت تشكلها‬
‫السينما الغربية وتروجها تؤثر بشكل كبي على عملية صنع القرار ف الدوائر السياسية والقتصادية‪،‬‬
‫وأن تأثياتا السياسية والقتصادية والثقافية تتجاوز بشكل كبي تلك الهداف التجارية‪ .‬فهذه‬
‫الصورة النمطية قد أصبحت جزءا من الثقافة المريكية والوروبية‪ ،‬ولا تأثيها على السياسات‬
‫المريكية‪)4( .‬‬
‫وجاء اختراع التليفزيون بإمكانياته الائلة؛ ليؤدي إل مزيد من التكريس والتثبيت للصورة النمطية الت‬
‫سبق أن روّجت لا الصحافة والسينما للسلم والسلمي‪ ،‬كما قام التليفزيون بدور كبي ف تشويه‬
‫هذه الصورة وتنميطها بيث أصبحت تُستدعى تلقائيا عند ذكر السلم والسلمي‪ ،‬وتثي الكثي من‬
‫مشاعر العداء نوها‪.‬‬
‫يضاف إل ذلك أن التعليم ف الدارس قد قام بدور ف عملية تكريس الصورة النمطية للمسلمي‪،‬‬
‫وعلى سبيل الثال‪ ،‬فقد قام عياد القزاز بدراسة للكتب الدرسية ف الوليات التحدة المريكية‪،‬‬
‫استخدم فيها أسلوب تليل الضمون‪ ،‬وأثبتت هذه الدراسة أن هذه الكتب الدرسية تتضمن الكثي‬
‫من البيانات الاطئة والضللة عن السلم‪ ،‬وأنا أسهمت ف ترويج صورة نطية مشوّهة عن‬
‫السلم‪)5(.‬‬
‫إن دراسة صورة السلم ف الوليات التحدة المريكية وأوروبا‪ ،‬توضّح أيضا أن سات هذه الصورة‬
‫ليست ثابتة‪ ،‬ولكن يتم الضافة إليها طبقا للحداث السياسية‪ ،‬ومن أهم هذه الحداث‪:‬‬
‫الصراع العرب السرائيلي‪ :‬ارتبط التحيز المريكي والغرب بشكل عام لسرائيل بتحيز وسائل العلم‬
‫الغربية لسرائيل ضد العرب‪ ،‬وبالتال ت إضافة سات جديدة للصورة النمطية بدف إقناع الواطني‬
‫الغربيي بالتأييد الطلق لسرائيل‪ ،‬وإثارة الوف والكراهية والعداء والحتقار للعرب والسلمي‪.‬‬
‫كما حل الطاب الغرب ف هذه القضية – الذي ت الترويج له عب وسائل العلم – الكثي من‬
‫البرات للسياسات الغربية الؤيدة لسرائيل‪.‬‬
‫وف القابل ت الترويج لصورة إيابية لسرائيل‪ ،‬ومن الواضح أنه كان هناك ارتباط وتلزم بعد عام‬
‫‪ ،1948‬بي صورة سلبية مشوّهة للسلم‪ ،‬وبي صورة إيابية للسرائيليي كان من أهم سات‬
‫الصورتي التناقضتي للعرب والسرائيليي ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إسرائيل هي الطرف الضعيف ف الشرق الوسط‪ ،‬ومع ذلك فقد استطاعت أن تنتصر على‬
‫العرب الشواذ كثيي العدد‪ ،‬وذلك بسبب شجاعة السرائيليي وذكائهم وكفاحهم‪ ...‬وت الترويج‬
‫لذه السمة بشكل واسع عقب ‪ 5‬يونيو ‪.1967‬‬
‫‪ -2‬إن الفلسطينيي ل يتم طردهم من أرضهم عام ‪ ،1948‬وأن اليهود قد حثوهم على البقاء‪،‬‬
‫ولكنهم تركوا أرضهم بإرادتم الرة‪ ،‬وبناءً على نصيحة العرب الخرين لم‪.‬‬

‫‪634‬‬
‫‪ -3‬إن السرائيليي قد جعلوا الصحراء تزدهر‪ ،‬بينما ترك العرب فلسطي قاحلة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الصهيونية فلسفة تررية ليبالية‪ ،‬لذلك فهي تستحق الساعدة من هؤلء الذين يبون الرية‬
‫ف كل أناء العال‪.‬‬
‫‪ -5‬العرب معادون للسامية‪ ،‬ولذلك يكرهون اليهود‪)6(.‬‬
‫وقد أنتجت الصورتان التناقضتان للعرب والسرائيليي تأثيها على الماهي‪ ،‬ففي استطلع أجرته‬
‫جامعة كمبدج على عينة من المريكيي‪ ،‬طلبت فيه من أفراد العينة تديد ما إذا كانت الكلمة‬
‫تنطبق بشكل أكثر على السرائيليي أو العرب‪ ،‬جاءت النتائج تؤكد أن أغلبية أفراد العينة ألصقت‬
‫الصفات السلبية بالعرب مثل‪( :‬جبان – متخلف – جاهل – جشع – فقي – بربري)‪ ،‬وف الوقت‬
‫نفسه نسبت جيع الصفات اليابية للسرائيليي مثل‪( :‬مسال – أمي – ذكي – ودود – يشبه‬
‫المريكيي – معتدل – متطور)‪ .‬بالضافة إل ذلك‪ ،‬فقد أثبتت الكثي من الدراسات تيز وسائل‬
‫العلم الغربية بشكل عام لسرائيل ضد العرب‪ ،‬وأن العلومات الت تقدمها هذه الوسائل للمواطن‬
‫الغرب هي معلومات ناقصة‪ ،‬وأنه يتم حذف الكثي من العلومات الت يكن أن تسيء إل إسرائيل‪،‬‬
‫بالضافة إل العتماد الكثّف على الصادر السرائيلية‪ ،‬وف إطار هذه العمليات تدث أكب عملية‬
‫تضليل إعلمي تستخدم فيها الصور النمطية‪ ،‬ويتم من خللا تكريس هذه الصور وتثبيتها‪.‬‬
‫ومن هنا كان للصراع العرب السرائيلي عامل مهم ف تشكيل صورة السلمي بشكل عام‪ ،‬مع إضافة‬
‫سات جديدة لذه الصورة‪.‬‬
‫كان أيضا لستخدام العرب للبترول بشكل ناجح خلل حرب عام ‪ ،1973‬دور مهم ف إضافة‬
‫سات أخرى لصورة استهدفت إثارة الوف من السيطرة العربية على الصادر البترولية‪ ،‬والتحكم ف‬
‫إمدادات البترول للدول الغربية‪ ،‬وأنم يستخدمون البترول كوسيلة لبتزاز الغرب‪ ،‬وعلى سبيل الثال‬
‫فقد أذاعت مطات التلفزيون المريكية ف صيف عام ‪ ،1980‬إعلنا يصوّر مموعة من‬
‫الشخصيات الت ترتدي الزي العرب التقليدي (اللباب والعباءة)‪ ،‬على رأسهم يان والقذاف وعرفات‬
‫وحافظ السد‪ ،‬وأضيف إليهم الومين‪ ،‬ول يذكر التلفزيون أساء هذه الشخصيات‪ ،‬لكن قال إن‬
‫هؤلء يتحكمون ف الصادر المريكية من البترول‪ ،‬وكان يكفي أن يظهر هؤلء بزيهم ليتعرف‬
‫عليهم التلقي وليثي مظهرهم مشاعر الغضب والوف والكراهية‪)7(.‬‬
‫وعندما جاءت الثورة اليرانية زاد تركيز خطاب وسائل العلم على عناصر إثارة الوف‪،‬‬
‫والكراهية‪ ،‬والتأكيد على أن السلم يثل تديدا للمصال الغربية‪ ،‬وقد أثر هذا الطاب بشكل كبي‬
‫على مراكز صنع القرار ف الوليات التحدة المريكية وأوروبا الغربية‪ ،‬وأدى ذلك إل طرح فكرة‬
‫إعادة احتلل الدول السلمية‪ ،‬وظهرت الكثي من الكتب الت طالبت بذلك‪ ،‬وتبر هذه الدعوة‬
‫بالشارة إل بربرية السلم‪ ،‬وأنه يثل تديدا للحضارة الغربية‪ ،‬وكان من هؤلء جـ‪ .‬ب‪ .‬كيلي –‬

‫‪635‬‬
‫أستاذ تاريخ الستعمار بامعة وسكونسن الذي يطالب بغزو العال السلمي من جديد‪ ،‬ويعلن‬
‫الحتقار للثقافة السلمية‪)8(.‬‬
‫كما جاء انيار الشيوعية الت مثّلت خلل فترة الرب الباردة العدو الرئيس للرأسالية الغربية؛ ليفرض‬
‫على الدول الغربية بشكل عام والوليات التحدة بشكل خاص ضرورة البحث عن عدو‪ ،‬لذلك فقد‬
‫عمدت دوائر صنع القرار ف الغرب‪ ،‬وتبعتها ف ذلك وسائل العلم إل استخراج العدو السلمي‬
‫من الخزون التاريي الثقاف الغرب‪ ،‬وتقديه إل الشعوب باعتباره يثل الطر الذي يهددها‪ ،‬ويهدد‬
‫الضارة الغربية‪.‬‬
‫لكن مع ذلك فإن هناك الكثي من الدلة على أن فكرة تقدي العدو السلمي ل يكن نتيجة لنيار‬
‫الشيوعية‪ ،‬بل إنه خلل عام ‪ ،1979‬كان مستشار الرئيس المريكي للسياسة الداخلية ستيوارت‬
‫ايزنستات قد حث الرئيس المريكي على العمل بطوات قوية على تعبئة المة المريكية حول أزمة‬
‫حقيقية وضد عدو واضح‪.‬‬
‫يضاف إل ذلك أن السينما المريكية قد سبقت التفكي الغرب ف تقدي السلم على أنه العدو‪ ،‬ومن‬
‫المثلة على ذلك أنه ف عام ‪1985‬م‪ ،‬ظهر الزء الول من فيلم (النسر الديدي ‪ I‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ on‬صلى ال عليه وسلم ‪ agl‬صلى ال عليه وسلم )‪ ،‬والذي حظى بدعم الكومة‬
‫السرائيلية الت أمدت القائمي عليه بطائرات فانتوم إف ‪ ،16‬ث ظهر الزء الثان من هذا الفيلم عام‬
‫‪1988‬م‪ ،‬والذي اعتب ظهوره بداية التغيي ف علقة دعم أمريكا للعراق خلل الرب مع إيران‪،‬‬
‫واتاهها لضرب العراق‪.‬‬
‫كما شهدت الثمانينات الكثي من الفلم الت تسد صورة العدو العرب الارق‪ ،‬الذي يتلك أسلحة‬
‫دمار شامل (نووية)‪ ،‬ولذلك يتدخل المريكي الطيب لماية البشرية منه‪ ،‬وهذا يعن أن الواجهة بي‬
‫المريكي الطيب والشيوعي الشرير‪ ،‬قد تولت إل مواجهة مع العرب الشرير منذ بداية الثمانينيات‪.‬‬
‫هذا بالضافة إل أن وسائل العلم الغربية قد ظلت تثي الخاوف من السلم بشكل عام‪ ،‬ما يؤكد‬
‫أنا استراتيجية ثابتة لذه الوسائل‪ ،‬ومن ث فإن انيار الشيوعية ل يؤد إل تقدي السلم والسلمي‬
‫كعدو‪ ،‬ولكنه أدى إل تركيز وسائل العلم على تقديه كعدو وحيد‪.‬‬
‫إن وجود عدو أو خطر خارجي عادة ما يقوم بدور أساسي ف زيادة تاسك الجتمعات‪ ،‬واتاهها‬
‫إل تقيق الزيد من النتاج والبداع ف ماولة للدفاع عن ذاتا‪ ،‬وعندما ل يوجد هذا العدو‪ ،‬فإن‬
‫هذه الجتمعات غالبا ما تتجه إل الزيد من طلب الرفاهية‪ ،‬والتمتع بالياة‪ ،‬كما تظهر الكثي من‬
‫التناقضات الادة الناتة عن القضايا الؤجلة ف فترات وجود العدو الارجي‪.‬‬
‫يضاف إل ذلك أن الغرب ير بالة من عدم اليقي تاه الستقبل‪ ،‬وهناك شعور قوي بأن الضارة‬
‫الغربية تتعرض للكثي من الشكلت الت يكن أن تؤدي إل ضعفها أو إل انيارها ف الستقبل‪ ،‬لذلك‬

‫‪636‬‬
‫فإنه يظل ف حاجة لعملية تعبئة مستمرة للرأي العام ضد عدو خارجي‪ ..‬ومن هنا ظهرت فكرة‬
‫صراع الضارات الت تت صياغتها ف الوليات التحدة المريكية‪ ،‬منذرة بأن الرب العالية الثالثة‬
‫يكن أن تقع بي الضارة الغربية من جانب‪ ،‬والضارة السلمية من جانب آخر‪.‬‬
‫ومن هنا فإن فكرة العدو الارجي تدف بشكل أساسي لل مشكلت داخلية ف الغرب لكن مع‬
‫ذلك فإن من يتابع وسائل العلم الغربية يلحظ بوضوح أن هذه الوسائل تهد وتيء العقل الغرب‪،‬‬
‫وتعبئ الشعوب الغربية لوجة استعمارية غربية جديدة للعال السلمي‪.‬‬
‫وإذا كان البر الذي قدمته الصحافة ف القرن التاسع عشر للموجة الستعمارية الغربية ف ذلك‬
‫الوقت هو رسالة الرجل البيض ف تدين البشرية فإن البرات الديدة الت تقدمها وسائل العلم‬
‫الغربية هي حاية حقوق النسان‪ ،‬وحاية الديوقراطية وحاية العال من الرهاب‪ ،‬وحاية العال من‬
‫الصولية السلمية‪ ،‬وحاية مصادر البترول‪.‬‬
‫لذلك فإن الستراتيجية الديدة تقوم على تقدي صورة نطية أكثر تقدما‪ ،‬وهي تمع كل تلك‬
‫السمات السلبية الت تطورت عب التاريخ إل جانب سات جديدة تدف بشكل أساسي إل إثارة‬
‫الوف والرعب‪ ،‬وبالتال إثارة الكراهية والرغبة ف النتقام‪.‬‬
‫وتستخدم وسائل العلم الغربية التركيز على بعض الحداث مع البالغة ف تصويرها مثل حادت‬
‫تفجي مرز التجارة العالي ف الوليات التحدة المريكية‪ ،‬لتكرس مشاعر الوف والعداء والكراهية‪.‬‬
‫وف الوقت نفسه يستمر التأكيد على السمات القدية للصورة والت تستهدف بشكل أساسي إثارة‬
‫الحتقار للشخصية السلمية مع التركيز على الحداث السيئة الت تتم داخل الدول السلمية‪،‬‬
‫خاصة أحداث الجاعات والروب الهلية‪ .‬ومظاهر النفاق السفيه وغي ذلك‪.‬‬
‫بالضافة إل ذلك فإننا نلحظ بوضوح أن الطاب الغرب العلمان قد اجتمع مع الطاب الدين‬
‫الذي يعمل على إثارة الشاعر الدينية للمسيحيي ف أوروبا وأمريكا‪ ..‬وف ذلك يقول إدوارد‬
‫مورتيمر‪ :‬أدى انيار الشيوعية إل حدوث نتيجتي‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن الغرب حرم من تعريف نفسه بجرد تايزه عن الخر الشيوعي‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أن الغرب اكتشف ما هو مشترك بينه وبي دول أوروبا الشرقية متمثلً ف الياث الدين‬
‫والضاري‪ ،‬حيث أصبحت السيحية عنصرا أساسيا ف تعريف الوضع الوروب الستجد‪ ،‬فالعقل‬
‫الوروب اته تلقائيا إل تعريف نفسه من خلل التمايز عن غي السيحيي‪ ،‬وما دام التعريف يتم‬
‫أحيانا من خلل النقيض‪ ،‬وإزاء زوال التهديد السوفييت‪ ،‬فقد وجد الغرب نفسه يتعامل مع نقيض‬
‫بديل تثل ف الطر السلمي‪ ،‬فهو القرب جغرافيا‪ ،‬ث إن الذاكرة الشعبية والتاريية للوروبيي‬
‫مسكونة بصورة عديدة من العارك والشتباك مع السلمي‪.‬‬

‫‪637‬‬
‫لذلك فإن الصورة الديثة الت تقدم للسلم والسلمي ف الوقت الراهن تمع بي كل السمات الت‬
‫ت إنتاجها عب الفترات التاريية‪ ،‬سواء تلك السمات ذات الطابع الدين الت ت إنتاجها ف عصر‬
‫الروب الصليبية‪ ،‬أو الفتوحات التركية‪ ،‬أو تلك الت ت إنتاجها خلل الوجة الستعمارية الغربية‬
‫خلل القرن التاسع عشر وحت منتصف القرن العشرين‪ ..‬مع إضافة سات جديدة هي نتاج‬
‫للحداث التاريية الختلفة كان من أهها الرهاب والتعصب الدين والصولية‪ ،‬والعداء للديوقراطية‬
‫وحقوق النسان والعداء للمرأة‪ ،‬وتديد الضارة الغربية والسيطرة على منابع البترول‪.‬‬
‫دعونا نتعرف على بعض سات هذه الصورة من خلل ما كتبه رئيس الوليات التحدة المريكية‬
‫السبق (ريتشارد نيكسون)‪ ،‬ف كتابه "انتهزوا الفرصة"‪.‬‬
‫يقول نيكسون‪" :‬ييل كثي من المريكيي إل وصف السلمي بأنم غي متحضرين‪ ،‬ل يغتسلون‪،‬‬
‫بربريون‪ ،‬هجيون‪ ،‬وغي عقلء‪ ،‬يذبون اهتمامنا فقط لن بعض قادتم لديهم ثروة كبية‪ ،‬تكم‬
‫منطقة توي ما يزيد على ثلثي احتياطي النفط‪ ،‬وهم يتذكرون الروب الثلثة الت شنتها الدول‬
‫العربية ف ماولة لبادة إسرائيل‪ ،‬واحتجاز الرهائن المريكيي على يد الغتصب آية ال الومين‪،‬‬
‫والجوم الرهاب أثناء اللعاب الولبية ف ميونيخ من قبل فدائيي فلسطينيي‪ ،‬والقتل الذي ل ينتهي‬
‫وغي العقول من قبل ميلشيات إسلمية متنافسة ف لبنان‪ ،‬ونسف وتفجي طائرة ركاب مدنية على يد‬
‫سوريا وليبيا‪ ،‬وماولة ضم الكويت على يد شبيه هتلر صدام حسي‪ ،‬ول توجد دولة ول حت الصي‬
‫الشيوعية‪ ،‬تظى بصورة سلبية ف الضمي المريكي كما هو الال بالنسبة للعال السلمي‪.‬‬
‫هذه هي بعض سات الصورة‪ ،‬يكن أن نراها بوضوح عب ما تبثه اللة العلمية الغربية‪ ،‬وهذه‬
‫الصورة تقدم البرات ف أي وقت لضرب أية دولة إسلمية أو حت إعادة احتللا‪ ،‬دون وجود أي‬
‫نوع من التعاطف معها‪ ،‬وهو ما يكن أن يشهده الستقبل القريب‪.‬‬
‫أما الخطر من ذلك فهو تأثي هذه الصورة النمطية السلبية على النسان السلم نفسه‪ ،‬ذلك أن النظام‬
‫العلمي الدول الذي تسيطر عليه دول الشمال (أمريكا وأوروبا)‪ ،‬أصبح يتحكم فيما يتلقاه النسان‬
‫ف كل مكان‪ ،‬ومن الطبيعي أن تؤثر هذه الصورة على عقلية النسان السلم نفسه وتفكيه وقراراته‪،‬‬
‫فهي يكن أن تشكل عقدة الدونية والشعور بالنقص والضعف أمام قوة الغرب‪ ،‬ويكن أن يؤدي‬
‫ذلك إل إضعاف النتماء والولء للسلم وللوطن وسيادة الشعور بالنبهار بالغرب‪ ،‬وهذه الشاعر‬
‫يكن أن تؤثر بشكل كبي على مستقبل الدول السلمية‪.‬‬
‫البحث الثان‬
‫ماولة لتفسي ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي ف وسائل العلم الغربية‬
‫هناك الكثي من العوامل الت تشكل ظاهرة التحيز بشكل عام ف النظام العلمي الدول‪ ،‬وهناك‬
‫عوامل تؤدي إل تزايد ظاهرة التحيز بشكل خاص ضد السلم والسلمي‪ ،‬وهذه العوامل لبد من‬

‫‪638‬‬
‫دراستها بشكل كامل‪ ،‬بيث يكن أن تعطي تفسيا متكاملً‪ ،‬وسوف نقسم هذه العوامل كما‬
‫يلي‪-:‬‬
‫أولً‪ :‬العوامل الت تشكل ظاهرة التحيز بشكل عام‪:‬‬
‫‪ -1‬سيطرة دول الشمال على النظام العلمي الدول‪:‬‬
‫أدت سيطرة دول الشمال على النظام العالي الدول إل اختلل تدفق النباء على مستوى العال‪،‬‬
‫وتكم دول الشمال على عملية التدفق‪ ،‬وهو ما أدى إل زيادة سيطرة دول الشمال الغنية على دول‬
‫النوب الفقية‪ ،‬كما تعرضت دول النوب الفقية بشكل عام لتشويه صورتا ف وسائل العلم‬
‫الغربية‪ ،‬كما تعرضت ذاتيتها الثقافية للتشويه أيضا‪.‬‬
‫ول شك أن هذا الوضع الحتكاري الغرب كان تعبيا عن الكثي من الظال الت تعرضت لا دول‬
‫النوب‪ ،‬وعن الستغلل والنهب النظم لثرواتا خلل الفترة الستعمارية‪ ،‬وحت الن‪ ،‬وهو ما خلق‬
‫الفجوة القائمة الن بي دول الشمال والنوب‪ ،‬وأدى إل تبعية دول النوب لدول الشمال تبعية‬
‫اقتصادية وثقافية وسياسية‪.‬‬
‫إن اختلل تدفق النباء ف العال العاصر هو اختلل كمي نشأ عن التفاوت بي حجم النباء‬
‫والعلومات الصادرة عن العال التقدم‪ ،‬وحجم التدفق ف التاه العاكس‪ ،‬حيث يصدر ما يقرب من‬
‫‪ %80‬من تدفق النباء عن وكالت النباء الربع الكبى‪ ،‬غي أن هذه الوكالت ل تعطي لنباء‬
‫دول النوب إل نسبة تتراوح بي ‪ 20‬و ‪ %30‬من تغطيتها العلمية‪ ،‬على الرغم من أن دول‬
‫النوب تشكل ما يقرب من ثلثة أرباع البشرية‪.‬‬
‫وف الوقت نفسه فإن اختلل تدفق النباء ف العال العاصر هو اختلل نوعي‪ ،‬حيث أن دول الشمال‬
‫تتل بشكل دائم مركز الهتمام العالي‪ ،‬ف حي يتلشى الهتمام بأية قضايا تتعلق بشعوب العال‬
‫الخرى‪.‬‬
‫ويكن أن نرصد النتائج الكيفية التالية لختلل تدفق النباء‪.‬‬
‫أ‪ -‬فرض التصورات الغربية للقضايا العالية على جيع الشعوب‪ ،‬وهو ما يؤدي إل تزايد الظلم الواقع‬
‫على هذه الشعوب‪ ،‬واستمرارية إدارة الدول الغربية للصراعات العالية با تمله هذه الستمرارية من‬
‫تكريس ليمنة الغرب وسيطرته واستغلله للبشر‪.‬‬
‫ب‪ -‬فرض التصورات الغربية للشعوب على العال كله‪ ،‬وهذه التصورات تنتج من خلل خبة الغرب‬
‫التاريية مع هذه الشعوب وصراعاته معها‪ ،‬وهو ما يعل هذه الشعوب ضحية لصورة نطية ت صكها‬
‫ف الغرب‪ ،‬وتمل الكثي من التشويه لصورة شعوب آسيا وأفريقيا‪ ،‬وبالخص الشعوب العربية‬
‫والسلمية‪.‬‬

‫‪639‬‬
‫جـ‪ -‬فرض القيم الثقافية واليديولوجية لدول الشمال الغنية على دول النوب الفقية‪ ،‬ومن الؤكّد‬
‫أن هذه القيم الثقافية واليديولوجية الغربية تتناقض مع طموحات الشعوب‪ ،‬وحقها ف الياة الكرية‬
‫وحقها ف الستقلل والرية‪.‬‬
‫د‪ -‬إن الضمون الخباري القادم من دول الشمال يعكس دائما استعلء عرقيا غربيا يعمل على‬
‫تكريس تصوّر يقوم على سيادة وتفوّق وقوة الوليات التحدة المريكية وشرعية سيطرتا على‬
‫العال‪)9(.‬‬
‫ومن هنا‪ ،‬فإن النظام العلمي الدول هو بذاته نظام متحيز‪ ،‬ومن الطبيعي أن يتزايد ف ظله التحيز‬
‫ضد شعوب دول النوب بشكل عام‪ ،‬والتحيز لدول الشمال الغنية الت تسيطر على هذا النظام‪.‬‬
‫‪ -2‬النظام الغرب لوسائل العلم‪:‬‬
‫ويأت داخل هذا النظام اقتصاديات وسائل العلم الت أدت إل تزايد ظاهرة التركيز والحتكار ف‬
‫ملكية وسائل العلم الغربية‪ ،‬وتناقص التعددية والتنوّع ف وسائل العلم‪ ،‬وقد أوضحت الكثي من‬
‫الدراسات تزايد ظاهرة التحيز ف وسائل العلم الغربية خلل السبعينيات والثمانينيات‪ ،‬وهو ما‬
‫تواكب مع تزايد سيطرة الشركات متعددة النسية على وسائل العلم‪ ،‬فقد دفعت هذه الشركات‬
‫ما تسيطر عليه من وسائل إعلمية لتأييد الفلسفة الرأسالية الغربية‪ ،‬والفاظ على الوضع القائم‪،‬‬
‫والتحيز ضد جيع التاهات العارضة لستمرارية الوضاع الراهنة‪.‬‬
‫كما عملت هذه المباطوريات العلمية على تصوير جيع الشاكل الت تواجه الجتمع الرأسال‬
‫على أنا تأت نتيجة لنشطة غي مشروعة‪ ،‬يقوم با الارجون عن النظام مثل السود والسلمي ف‬
‫الجتمعات الغربية‪.‬‬
‫وعلى الستوى الدول تعمل هذه الشركات متعددة النسية على ضمان أن تأت قرارات السياسيي‬
‫لصال استغللا للشعوب الخرى‪ ،‬وذلك من خلل تثبيت نظرة الستعلء العرقي والثقاف لدى‬
‫شعوب الغرب‪ ،‬وتيئة العقل الوروب والمريكي لتقبل أي عمل عدوان على شعوب الدول الفقية‬
‫ف آسيا وأفريقيا‪)10(.‬‬
‫‪ -3‬الفلسفة العلمية الغربية‪:‬‬
‫وف هذا الطار تأت القيم البية‪ ،‬وهي العايي الت تطورت ف الغرب‪ ،‬والت تعتمد عليها وسائل‬
‫العلم ف انتقاء ونشرا لخبار‪ ،‬وقد اعتمد الكثي من الباحثي على هذه القيم ف تفسي ظاهرة‬
‫التحيز‪ ،‬حيث يقول جولدنج واليوت‪" :‬إن الفهوم الذي نشأ وتطور ف وسائل العلم الغربية للقيم‬
‫البية قد جعل التركيز ينصب أساسا على النخبة فيما يتعلق بالخبار الداخلية‪ ،‬كما جعل معظم‬
‫الخبار الارجية تدور حول الوليات التحدة المريكية ودول أوروبا الغربية الت تشكّل النخبة من‬
‫الناحية الدولية"‪)11(.‬‬

‫‪640‬‬
‫هذا بالضافة إل تركيز وسائل العلم على الخبار السلبية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بدول النوب‪ .‬كما‬
‫أن هذه القيم البية مسؤولة إل حد كبي عن ظاهرة تشابه الخبار وتنميطها على مستوى العال‪،‬‬
‫والتركيز على الصادر الرسية‪ ،‬واليل إل إضفاء الشرعية على النظام القائم‪.‬‬
‫ولشك أن منظومة القيم البية الغربية مسؤولة إل حد كبي عن تزايد ظاهرة التحيز‪ ،‬ولكن ل يكن‬
‫الكتفاء با ف تفسي الظاهرة‪ ،‬كما فعل بعض الباحثي‪ ،‬كما أن هذه القيم البية لبد من النظر‬
‫إليها على أنا إنتاج رأسال غرب‪ ،‬ومن ث فإنا تشكّل جزءا من نظام متكامل كان لبد أن يؤدي إل‬
‫تيز وسائل العلم‪.‬‬
‫‪ -4‬إن السلطات الغربية تلعب دورا واضحا ف تشكيل ظاهرة التحيز‪:‬‬
‫فبالرغم من كل ما يتردد حول حرية وسائل العلم ف الدول الغربية‪ ،‬إل أن هناك الكثي من‬
‫الدراسات الت أوضحت أن ملكية الشركات متعددة النسيات لوسائل العلم ف الدول الغربية قد‬
‫أدت إل التقليل من استقللية هذه الوسائل عن السلطات‪ ،‬وأن علقات الصال التبادلة بي هذه‬
‫الشركات والسلطات قد أدت إل بناء استراتيجيات لتغطية وسائل العلم للكثي من الحداث با‬
‫يقق الهداف الشتركة‪ ،‬ولشك أن تغطية وسائل العلم لرب الليج توضح ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬الثقافة السائدة‪:‬‬
‫هناك الكثي من العوامل الثقافية الت لعبت دورا مهما ف تشكيل ظاهرة التحيز الغرب بشكل عام‬
‫ضد الشعوب الخرى‪ ،‬كما أسهمت ف تشكيل ظاهرة الستعلء العرقي والثقاف الغرب‪ ،‬كما قدمت‬
‫الثقافة الغربية مبرات لعمليات الستعمار‪ ،‬الت تارسها الدول الغربية ضد الشعوب الفقية‪ ،‬ولشك‬
‫أن ممل الثقافة الغربية ل تأت ف صال الشعوب الضعيفة أو القوى الضعيفة ف الجتمعات الغربية‬
‫مثل العمال والسود‪ ..‬وغيهم‪.‬‬
‫ثانيا – العوامل الت تشكّل ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي بشكل خاص‬
‫إن العوامل السابقة تشكّل ظاهرة التحيز بشكل عام ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬ولكن مع ذلك فإن‬
‫هناك عوامل أخرى تشكّل ظاهرة التحيز ضد السلم والسلمي بشكل خاص هي‪:‬‬
‫‪ -1‬البة التاريية‪:‬‬
‫إن حالة الشتباك بي الغرب والسلم ل تتوقف منذ الروب الصليبية حت الن‪ ،‬وقد شهدت هذه‬
‫الالة لظات انتصار وهزائم مريرة لكل الانبي‪ ،‬وقد أنتجت هذه الالة مزونا تارييا يصعب‬
‫تاوزه‪ ،‬ولبد من التسليم بأنه سيظل ينتج تناقضات حادة‪ ،‬وحالة عداء مستمر بي الغرب‬
‫والسلمي‪ ،‬فلشك أن هناك الكثي من الدماء قد سالت‪ ..‬ث إن الغرب يدرك بشكل – ربا أكثر من‬
‫السلمي أنفسهم – مصادر القوة ف السلم‪ ،‬وأن السلم قد صنع وحدة المة الول ونضتها‪،‬‬

‫‪641‬‬
‫وأقام حضارة شامة‪ ،‬وأنه قادر على أن يصنع وحدة المة مرة أخرى‪ ،‬وأن يقود خطاها إل صنع‬
‫مرحلة تاريية جديدة من الضارة والتقدم‪.‬‬
‫إننا نظلم السلم إذا ل نعترف بأن هناك تناقضات كبية بينه وبي ممل الثقافة والضارة الغربية‪،‬‬
‫وأن هذه التناقضات ل يكن التوفيق بينها أو التوصل إل حلول وسط بشأنا‪ ،‬فالسلم يقدّم بناءً‬
‫شاملً للحياة والثقافة والضارة‪ ،‬وهو يثل الشروع البديل الوحيد للحضارة الغربية‪ ..‬والقضية ليست‬
‫قضية منجزات مادية أو تقنية‪ ،‬أو تقدم مادي‪ ،‬فهذا كله مع أهيته إل أنه يكن تقيقه وف فترات‬
‫قصية نسبيا‪ ،‬لكن القضية هي قضية عقيدة وثقافة بالساس‪ ،‬وهي قضايا أكثر أهية من كل أشكال‬
‫التقدم الادي‪.‬‬
‫يضاف إل ذلك أن السلم يكن أن يكون – وسوف يكون – هو القائد القيقي لركة كفاح‬
‫الشعوب الستضعفة ضد أشكال اليمنة والسيطرة والتفوق الغرب‪ ،‬واستغلل الشعوب الضعيفة‪.‬‬
‫ث إن السلمي يتلكون الكثي من مصادر القوة أهها‪ :‬البشر الذين تاوز عددهم الليار نسمة‪،‬‬
‫ويتزايد عددهم بشكل مستمر‪ ،‬وهم يشكّلون قوة ضخمة إذا ت تعبئتها وتوحيدها‪ ،‬وأن حدوث‬
‫ذلك أمر مكن مهما تصوّر النهزمون استحالته‪ ،‬يضاف إل ذلك مصادر البترول والكثي من الثروات‬
‫الطبيعية‪ ،‬والساحات الشاسعة من الراضي‪.‬‬
‫وقبل ذلك وبعده عقيدة يكن أن تشكّل الساس لعملية التوحيد‪ ،‬وكتاب ساوي هو كما نزل من‬
‫السماء ل يستطع أحد – ولن يستطيع – أن ينقص منه حرفا أو يزيد عليه حرفا‪ ،‬وهو يشكّل‬
‫الثوابت الت تقوم عليها الثقافة والضارة والوقف من الياة والكون‪.‬‬
‫إذن لبد أن نسلم بأن الغرب لبد أن ياف‪ ،‬وأن ينعكس ذلك ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬فتعمل‬
‫على زيادة مشاعر الوف‪ ،‬وعلى أية حال فذلك اتاه إياب‪ ،‬فالوف بالتأكيد أفضل كثيا من‬
‫الحتقار‪.‬‬
‫‪ -2‬البة العاصرة‪:‬‬
‫إن وسائل العلم الغربية تعتمد ف كثيٍ من الحيان على أحداث حقيقية ل يكن إنكارها‪ ،‬وهذه‬
‫الوسائل تبالغ بالتأكيد ف تضخيم هذه الحداث‪ ،‬ولكننا لبد أن نتحلى بالشجاعة ف نقد أنفسنا‪،‬‬
‫ليس بدف جلد الذات وتعذيب النفس‪ ،‬ولن بدف التقوي والصلح‪.‬‬
‫علينا أن نعترف أن جزءا كبيا من السؤولية ف تشويه صورة السلمي يقع عليهم هم أنفسهم‪،‬‬
‫فالمة بشكل عام تعيش حالة هزية مروّعة‪ ،‬وتلف شديد‪ ،‬ول تستطع حت الن أن تستثمر ما بيدها‬
‫من عناصر القوة‪ ..‬وأخطر من ذلك‪ ،‬فإن الكثي من النخب تعيش حالة انبهار مرضى بالغرب‪ ،‬كما‬
‫تدث الكثي من النتهاكات لقوق النسان‪ ،‬بالضافة إل تزايد الفجوة بي الغنياء والفقراء‪.‬‬

‫‪642‬‬
‫ومن الؤكّد أن الغرب ل يعجب إل بالنجاح والقوة‪ ،‬والقوة مهما بدت ميفة بالنسبة له إل أنه ل‬
‫يستطيع احتقارها‪ ،‬ومن هنا فإنه من الؤكّد أن الطريق الصحيح لقاومة تيز الغرب ووسائل إعلمه‬
‫ضد المة السلمية‪ ،‬وتصحيح الصورة النمطية الشوّهة هو إقامة مشروع حضاري جديد تستعيد ف‬
‫ظله المة عافيتها وقوتا ووحدتا وقدرتا على تقيق النهضة والتقدم‪ ،‬وف إطار هذا الشروع يتم‬
‫إقامة صناعة إسلمية قوية للعلم والعلومات تواجه الصورة الشوّهة داخل المة قبل أن تواجهها ف‬
‫الارج‪.‬‬
‫ل يكن الدف إذا ما عرضت ف هذه الدراسة هو زيادة ما نعانيه من أحزان أو الستسلم للهزية‪،‬‬
‫ولكن الدف هو رصد الواقع‪ ،‬تهيدا للتفكي ف الستقبل والتخطيط الستراتيجي لتصحيح الصورة‬
‫السلبية ومواجهتها‪ ،‬وتقيق النتصار العلمي‪.‬‬
‫إن الصورة مهما كانت سلبية يكن تصحيحها‪ ،‬وتويلها إل صورة إيابية‪ ،‬ولقد نح اليهود ف‬
‫ذلك‪ ،‬والتجربة يكن أن تتكرر باستغلل كل ما ف العصر من منجزات تقنية ف مال العلم‬
‫والعلومات‪.‬‬
‫الاتة أوضحت هذه الدراسة تطور ظاهرة التحيز ف وسائل العلم الغربية‪ ،‬وأن السلمي ضحية‬
‫لذه الظاهرة‪ ،‬حيث أدت إل تشكيل صورة نطية سلبية للمسلمي‪ ،‬كما أن هذه الوسائل قد شكّلت‬
‫صورة إيابية للذات الغربية بشكل يكرّس الشعور بالتفوق والستعلء العرقي‪.‬‬
‫أما التطور الذي شهدته التسعينيات فهو زيادة التركيز على تقدي السلم والسلمي كعدو‪ ،‬وأنه يثّل‬
‫خطرا يهدد الضارة الغربية‪ ،‬وأن خطاب وسائل العلم الغربية ف التسعينيات قد شهد المع بي‬
‫الطاب الدين‪ ،‬الذي استخدم خلل الروب الصليبية‪ ،‬والطاب العلمان الذي استخدم خلل‬
‫الوجة الستعمارية الوروبية ف القرني التاسع عشر والعشرين‪.‬‬
‫كما قدّمت هذه الدراسة ماولة لتفسي ظاهرة التحيز بشكل عام‪ ،‬ث التحيز ضد السلمي بشكل‬
‫خاص‪.‬‬
‫ولشك أن هذه الصورة النمطية السلبية الت يقدمها النظام العلمي الدول‪ ،‬الذي تسيطر عليه الدول‬
‫الغربية تثل إحدى أخطر التحديات الت تواجه العال السلمي ف العصر الديث‪ ،‬وأن هذا التحدي‬
‫يفرض على الدول السلمية ضرورة العمل لرسم استراتيجية لواجهة هذه الصورة وتصحيحها‪.‬‬
‫لكن قبل العمل على تصحيح الصورة ف العال الغرب‪ ،‬فإنه لبد من مواجهة تأثي الصورة على‬
‫النسان السلم ذاته‪ ،‬فهذه الثار قد تكون أخطر بكثي من تأثي الصورة على الستوى العالي‪ ،‬وهذه‬
‫الواجهة لبد أن تقوم على رسم صورة للذات تعيد للنسان السلم الثقة ف ذاته‪ ،‬والعتزاز بضارته‬
‫وثقافته‪ ،‬وزيادة ولئه للمة وانتمائه لا‪.‬‬

‫‪643‬‬
‫وعلى الستوى العالي‪ ،‬فإنه على الرغم من العتراف بصعوبة تصحيح الصورة‪ ،‬إل أنه مع ذلك فإن‬
‫عملية التصحيح ليست مستحيلة‪ ،‬بل إن هناك إمكانية كبية لتحقيق ذلك على الدى الطويل‪ ،‬لكن‬
‫ذلك يعتمد على استراتيجية طويلة الدى‪ ،‬يكن أن ندد أهم ملمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬العمل على إقامة الشروع الضاري السلمي‪ ،‬الذي تستعيد ف ظله المة السلمية وحدتا‬
‫وقوتا ونضتها‪ ،‬وهذا الشروع لبد أن يهدف إل تقيق التقدم على جيع الستويات السياسية‬
‫والقتصادية والجتماعية والفكرية والثقافية‪ ،‬وتقدي هذا الشروع إل العال كأداة لتحرير كل‬
‫الستضعفي من السيطرة والستغلل الغرب‪ ،‬ف ظل هذا الشروع يكن أن تكون المة السلمية ف‬
‫الستقبل مساها ف صنع الضارة النسانية‪ ،‬وفاعلً أصيلً ف السياسات العالية‪ ،‬وهذا الشروع‬
‫بالتأكيد هو أهم التحديات الت يب أن يشارك ف مواجهتها كل مفكري المة ومثقفيها‪.‬‬
‫‪ -2‬ف إطار هذا الشروع لبد من العمل على إقامة صناعة إسلمية للعلم والعلومات‪ ،‬ومن‬
‫الؤكّد أن هناك إمكانيات كبية لقامة هذه الصناعة حت مع الوعي بسيطرة الغرب على النظام‬
‫العلمي الدول‪ ،‬وهذه الصناعة السلمية القوية هي الت يكن أن تكسر السيطرة الغربية على تدفق‬
‫النباء ف العال‪ ،‬وهذه الصناعة السلمية للعلم والعلومات لبد أن تقوم أولً على إعداد الكوادر‬
‫العلمية الؤهلة علميا وثقافيا ومهنيا على إنتاج مضمون بديل لا يقدمه العلم الغرب‪ ،‬فالضمون‬
‫هو أهم أركان هذه الصناعة‪ ،‬ث تأت البن العلمية‪ ،‬ومن الؤكّد أن هناك إمكانية لتقوية البن‬
‫العلمية الوجودة ف الدول السلمية‪ ،‬وزيادة فاعليتها لتصبح مصدرا مهما للثقافة والعلم‬
‫والعلومات‪ ،‬ث تأت إمكانية إنشاء بن جديدة تزيد من فعالية الصناعة العلمية السلمية‪ ..‬وف إطار‬
‫ذلك فإنه يكن البدء بالشروعات التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬العمل على إنشاء وكالة أنباء إسلمية قوية تكون بعيدة عن سيطرة الكومات حت يكن أن‬
‫يتحقق لا قدر أكب من الصداقية والثقة فيما تبثه من أنباء‪.‬‬
‫ب‪ -‬العمل على زيادة التعاون بي وكالت النباء ف الدول السلمية‪ ،‬عن طريق تبادل النباء‬
‫والعلومات‪ ،‬وتسهيل الصول عليها‪.‬‬
‫جـ‪ -‬زيادة التعاون بي الدول السلمية ف مال تبادل النتجات الثقافية والعلمية‪ ،‬والتقليل من‬
‫العتماد على النتجات العلمية الغربية‪.‬‬
‫‪ -3‬إنشاء رابطة لعلماء العلم السلمي‪ ،‬تعمل على تفعيل دور الباحثي العلميي السلميي ف‬
‫دراسة واقع العلم ف الدول السلمية‪ ،‬وذلك بالقارنة بواقع العلم ف الدول الغربية‪ ،‬وذلك‬
‫لنتاج نظريات جديدة مستقلة تقوم عليها الصناعة السلمية للعلم والعلومات‪ ،‬وترر هذه‬
‫الصناعة من التبعية الفكرية للغرب‪ ،‬بالضافة إل العمل على تطوير الدراسات العلمية ف الدول‬
‫السلمية وإنشاء كلية للعلم السلمي‪.‬‬

‫‪644‬‬
‫‪ -4‬العمل على إنشاء رابطة للعلميي السلميي كتنظيم مهن‪ ،‬يهدف إل زيادة القدرات‬
‫العلمية للعلميي السلميي عن طريق التدريب‪ ،‬كما تعمل هذه الربطة كتنظيم مهن يصدر‬
‫ميثاق شرف للعلميي السلميي‪ ،‬ويتابع تنفيذه‪ ،‬بالضافة إل العمل على حاية حقوق العلميي‬
‫السلميي‪.‬‬
‫‪ -5‬العمل على زيادة القدرات العلمية للمسلمي ف أوروبا والوليات التحدة المريكية‪ ،‬خاصة‬
‫ف مال التصال الواجهي (الباشر)‪ ،‬وهذا النوع من التصال له تأثي أكب من التصال الماهيي‪،‬‬
‫ولذلك ل بد من العمل على تأهيل أكب عدد مكن من السلمي القيمي ف الدول الغربية ليكونوا‬
‫قادت رأي ينقلون رسائل صحيحة عن السلم إل الواطني الغربيي عن طريق التصال الباشر‪.‬‬
‫كما يكن تدريب السلمي القيمي ف الغرب على كتابة خطابات إل أية صحيفة أ وسيلة إعلمية‬
‫تاجم السلم‪ ،‬فقد أشار الكثي من الصحفيي الغربيي إل أنم يتلقون الكثي من الطابات من‬
‫اليهود ف حالة كتابة أية معلومات يكن أن تس إسرائيل بشكل أو بآخر‪ ،‬كما يكن الستفادة من‬
‫المكانيات التاحة ف الغرب لصدار صحف وإنشاء مطات تلفزيونية كابلية ‪ Cabl‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،T.V‬بالضافة إل زيادة قدراتم على استخدام الشبكة الدولية للمعلومات ‪ Int‬صلى ال‬
‫عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ n‬صلى ال عليه وسلم ‪ t‬لبث رسائل عن السلم‪ ،‬وإنشاء مواقع‬
‫على هذه الشبكة تدف إل تقدي العلومات الصحيحة عن السلم‪ ،‬وإصدار صحف إسلمية‪.‬‬
‫‪ -6‬إنشاء قمر صناعي إسلمي يمل مموعة من القنوات التلفزيونية السلمية التخصصة‪ ،‬ويمل‬
‫قنوات تبث برامج جامعة إسلمية عالية مفتوحة توفر العرفة الصحيحة عن السلم لكل من يرغب‬
‫ف دراسته‪.‬‬
‫وبعد فإن إقامة صناعة إسلمية للعلم والعلومات هو مشروع كبي ويتاج إل الكثي من‬
‫المكانيات الادية والبشرية لكن إقامة هذه الصناعة هي عملية دفاع عن هوية المة السلمية‬
‫وذاتيتها الثقافية والضارية وحقها الشروع ف الياة‪.‬‬
‫ـــــــــــ‬
‫هوامش الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1‬لزيد من التفاصيل حول تعريف التحيز وأنواعه‪ ،‬أنظر على سبيل الثال‪.‬‬
‫‪ Mcquail. D, Analysis of n wspap -‬صلى ال عليه وسلم ‪Cont nt,‬‬
‫‪ (London: H‬صلى ال عليه وسلم ‪ Maj sty’s Station‬صلى ال عليه وسلم ‪y‬‬
‫‪.offic , 1977), PP 15 – 17‬‬

‫‪645‬‬
‫‪ N g -‬صلى ال عليه وسلم ‪ . in‬صلى ال عليه وسلم ‪Politics and mass m ,‬‬
‫‪ dia in B‬صلى ال عليه وسلم ‪ :itain, (London‬صلى ال عليه وسلم ‪out L dg ,‬‬
‫‪.1989) PP 78 – 93‬‬
‫‪ Baistow. T, Daily P -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ss: Fau‬صلى ال عليه وسلم ‪th‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ at stat (London: Com dia Fuhlishing g‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪. oup, 1985, P. 3‬‬
‫‪ -2‬انظر ف ذلك على سبيل الثال‪:‬‬
‫‪ Oxtoby. G. W, W st -‬صلى ال عليه وسلم ‪ n P‬صلى ال عليه وسلم ‪c ptions‬‬
‫‪ of islam and th A‬صلى ال عليه وسلم ‪.abs, in: Hudson. M and Wolf‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ Th Am ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ ican m dia and Th A‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ abs, G o‬صلى ال عليه وسلم ‪ g Town univ‬صلى ال عليه وسلم ‪sity,‬‬
‫‪ C nt‬صلى ال عليه وسلم ‪ fo‬صلى ال عليه وسلم ‪ Cont A‬صلى ال عليه وسلم ‪abic‬‬
‫‪.Studi s, 1980, PP 3 – 7‬‬
‫‪ -3‬انظر دراسة مقارنة بي الطاب الستخدم ف كتاب لورد كرومر "مصر الديثة"‪ ،‬والكتابات‬
‫الغربية الديثة ف‪:‬‬
‫‪ P t -‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ udolph, Th Myst‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ i s of Th o‬صلى ال عليه وسلم ‪i ntal mind, in l Sh ikh. I ( t. al),‬‬
‫‪ Th chall ng of Th Middl ast, Univ‬صلى ال عليه وسلم ‪sity of‬‬
‫‪ Amst‬صلى ال عليه وسلم ‪.dam, 1982, PP 73 – 89‬‬
‫‪ -4‬انظر ف ذلك‪:‬‬
‫‪ Shah n. J, Th T.V A -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ab, (ohio: Bawling g‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ n stat univ‬صلى ال عليه وسلم ‪.sity, 1984) P. 12‬‬
‫‪ Shah n. J, Am -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ican T l vision: A‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ abs in d humanizing‬صلى ال عليه وسلم ‪ol , Jn Hudson. M and‬‬
‫‪ . Wolf‬صلى ال عليه وسلم ‪ ds), Am ( ,‬صلى ال عليه وسلم ‪ican m dia and‬‬
‫‪ A‬صلى ال عليه وسلم ‪.abs, OP. Cit, P. 40‬‬
‫‪ -5‬انظر نتائج هذه الدراسة القيمة ف‪:‬‬
‫‪ Al – Qazzaz. A, Jmag fo -‬صلى ال عليه وسلم ‪mation and t‬‬
‫‪ xthooks, Jn Gha‬صلى ال عليه وسلم ‪b. , Split Vision,‬‬

‫‪646‬‬
‫‪ (Washington: Am‬صلى ال عليه وسلم ‪ ican – A‬صلى ال عليه وسلم ‪ab affai‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.s council, 1983), PP 369 – 380‬‬
‫‪ -6‬انظر ف ذلك على سبيل الثال‪:‬‬
‫‪ Suli man. M, National St -‬صلى ال عليه وسلم ‪atyp s as W apons‬‬
‫‪ in Th A‬صلى ال عليه وسلم ‪ ab – Is‬صلى ال عليه وسلم ‪ a li conflict, jou‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ nal of Pal stin studi s, sp‬صلى ال عليه وسلم ‪ing 1974,‬‬
‫‪.Vol 3, PP 109 – 121‬‬
‫‪ Said. dwa -7‬صلى ال عليه وسلم ‪ d, Cov‬صلى ال عليه وسلم ‪ing Jslam,‬‬
‫‪ :London‬صلى ال عليه وسلم ‪.autl dg & K gan paul, 1981, P. 3‬‬
‫‪.Jbid, P. XII -8‬‬
‫‪ -9‬لزيد من التفاصيل حول صور الختلل ف النظام العلمي الدول وتأثياته انظر‪:‬‬
‫‪ -‬سليمان صال‪ ،‬مقدمة ف علم الصحافة‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النشر للجامعات الصرية‪،)1994 ،‬‬
‫وصناعة الخبار ف العال العاصر‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النشر للجامعات الصرية‪.)1998 ،‬‬
‫‪ -‬سليمان صال‪ ،‬أزمة حرية الصحافة ف النظم الرأسالية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار النشر للجامعات الصرية‪،‬‬
‫‪.)1995‬‬
‫‪ -10‬انظر ف ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬سليمان صال‪ ،‬العلم الدول وسيطرة الشركات متعددة النسية‪ ،‬ملة الدراسات العلمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،67‬أبريل – يونيه ‪.1992‬‬
‫سليمان صال‪ ،‬أزمة حرية الصحافة ف النظم الرأسالية‪ ،‬م‪ .‬س‪ .‬ذ‪.‬‬
‫‪Golding. P and lliot. P, Making Th n ws, London: -11‬‬
‫‪.)Longman, 1974‬‬
‫=================‬
‫للحرية قيود وللصب حدود !‬

‫أ‪.‬د‪ .‬حسن بن علي الزهران‬


‫أستاذ جراحة الوعية الدموية‬
‫جريدة الوطن‬
‫صدق من قال‪ " :‬الرية روح الياة ولكن القيود هيكلها "‪ ،‬و أول تلك القيود هو احترام حرية‬
‫الخرين الت تتوقف عندها حرية أي فرد أو متمع‪ ،‬فل يوجد عاقل –ف أي متمع كان‪ -‬يارس‬

‫‪647‬‬
‫الرية الطلقة‪ ،‬ول يدعو ذو بصية –بصرف النظر عن معتقده أو موروثه الضاري‪ -‬إل التحلل من‬
‫كل القيود لمارسة حريته الاصة أو حرية متمعه‪ ،‬ففي الرية الطلقة ‪-‬بإجاع ذوي اللباب من بن‬
‫النسان‪ -‬فساد ذريع‪ ،‬ولو ترك لكل أحد أن يارس حريته الطلقة كيفما أتفق ودون مراعاة لقوق‬
‫ومشاعر الخرين لقضى أقوام حوائجهم الطبيعية من إخراج وتناسل وتكاثر على أبواب البيوت وعند‬
‫نواصي الطرق كما تفعل البهائم!‪.‬‬
‫ليست هناك حرية مطلقة ف الاضي والاضر بل ول حت الستقبل‪ ،‬ويكذب ويعلم أنه يكذب من‬
‫زعم بأن هناك حرية مطلقة لفرد أو متمع تبيح له أن يارس ما يراه دون مراعاة لصال و أنظمة و‬
‫أعراف وتقاليد متمعه الت ارتضاها لنفسه‪ ،‬فلكل حرية قيود تدد سقفها‪ ،‬قيود –معلنة أو مضمرة!‪-‬‬
‫تددها معتقدات وحضارة ذلك الجتمع وف مقدمتها إرثه الدين وعقده الجتماعي ومدى احترامه‬
‫لنفسه واحترامه للغي‪ ،‬بل إن للذوق العام دور هام ف تديد ملمها‪.‬‬
‫ل شك بأن الضارات والثقافات تتفاوت ف الدى السموح به من الرية‪ ،‬إل أنا تتفق جيعا على‬
‫عدم التسامح مع الهانة القصودة لشاعر الغي‪ ،‬ولو يعطى الناس بدعواهم لعطيت الضارة الغربية‬
‫الركز الول ف التشدق بإعطاء القدر الكب من الريات لواطنيها‪ ،‬و لكن الق بأن هناك بونا‬
‫شاسعا بي النظرية والتطبيق‪ ،‬خاصة إن كان التطبيق على غي أرضها ولغي شعوبا‪ ،‬وتأمل ما حدث‬
‫ويدث منذ الادي عشر من سبتمب وحت تاريه لترى مكيال الزور الت يكتال الغرب با‪ ،‬تأمل‬
‫الفرق بي مكيال يكيل به لنفسه –ومن أحب‪ -‬ومكيال حشف وسوء كيلة يكيل به للمسلمي ومن‬
‫أحبوا‪ ،‬فيحرم معاداة السامية ومناقشة الولوكوست من جهة‪ ،‬ويتسامح ويتغاضى بالقابل عن نشر‬
‫رسومات ساخرة لعظم رمز (رسول ال صلى ال عليه وسلم) لمة يزيد عددها عن الليار والنصف‬
‫بدعوى تقاليد حرية النشر السموح با ف دولة كالدنارك وغيها من دول الغرب السيحي‪ ،‬تلك‬
‫الدولة الت ل يزيد عدد سكانا متمعي على نصف عدد سكان عاصمة إسلمية واحدة كالقاهرة أو‬
‫اسطنبول‪ ،‬ليس هذا فحسب بل يطالب مليار ونصف مسلم بتقبل تلك الهانة لنبيهم الكري بصدر‬
‫رحب‪ ،‬ويثوا على التحلي بروح رياضية مع هذه المارسة الفجة‪ ،‬فالواجب عليهم أن يتفوا بذه‬
‫الهانة باعتبارها درسا مانيا ف مارسة الرية الت تأخروا ف اعتناق مبادئها‪ ،‬بل و يذهب بعيدا‬
‫فيحدد البعض للمسلمي ‪ -‬وبكل صفاقة وعنجهية‪ -‬سقف حرياتم فينهاهم عن التعبي عن سخطهم‬
‫ويذرهم من التصرف ف أموالم ‪-‬بمجية وبربرية!‪ ،-‬فيقاطعوا منتجات الدولة أو الدول الت‬
‫أساءت لنبيهم ورفضت العتذار لم‪.‬‬
‫لقد تفاجأ العلم العالي عامة والغرب خاصة بجم الغضب الذي تفجر ف نفوس السلمي ف‬
‫مشارق الرض ومغاربا‪ ،‬وردة الفعل القوية الت عبت با الشعوب السلمة نصرة لنبيها والتمثلة ف‬
‫القاطعة القتصادية‪ ،‬وحق لم أن يندهشوا! فلقد تعودوا من السلمي الصب الميل على الهانات‬

‫‪648‬‬
‫التواصلة بق أنفسهم وبق دينهم و حضارتم‪ ،‬عودهم السلمون على التسامح والصفح والتماس‬
‫العذر وقبول العتذار‪ ،‬عودوهم على إدارة الد الين بعد صفع اليسر‪ ،‬قبلت الشعوب السلمة‬
‫سلسلة من الهانات التلحقة منذ أن ُأخذ مليار ونصف مسلم بريرة بضع مئات منهم‪ ،‬فوصم‬
‫دينهم بالرهاب تصريا وتلميحا‪ ،‬ووصم كتابم القدس بالتحريض على الكراهية‪ ،‬وعومل الكثي‬
‫منهم على أنم متهمون بالرهاب بناء على لون بشرتم أو ارتداء نسائهم للحجاب‪ ،‬فالتمسوا العذر‬
‫لنتهكي حقوقهم! بل وتسابقوا لعطاء كل ما يستطيعون من تنازلت لثبات حسن سلوكهم‬
‫وسلمة طويتهم‪ ،‬ومع ذلك فلم يشفع لم ذلك عند شانئهم ول يغن عنهم شيئا‪ ،‬وأستمر مسلسل‬
‫إذكاء الكراهية والقد تاه السلم‪ ،‬فتم تزيق و تدنيس الصحف ف العتقلت المريكية وهدمت‬
‫الساجد وانتهكت حرمات وأعراض‪ ،‬واستمرت الصفعات من كبار القوم‪ ،‬ث فعلوا بنبينا الكرم كما‬
‫فعل به رؤوس الكفر عند دعوته لهل الطائف فأغروا به سفهاءهم‪ ،‬فتول كب الساءة سفهاء تلك‬
‫الصحيفة الدناركية‪ ،‬ث تبعهم ف ذلك سفهاء آخرين ف أوروبا‪ ،‬وهنا طفح الكيل وبلغ السيل الزب‬
‫وأعلنها السلمون صرية " إل رسول ال!" وهو شعار معب ل يفهمه إل من تأدب بالوحي النل‬
‫القائل ((النب أول بالؤمني من أنفسهم))‪ ،‬فجاء العذر متأخرا وقبيحا !‪ ،‬فالشكلة ف السلمي –‬
‫التخلفي‪ -‬الذين ل يتفهمون تقاليد بلدهم الت تبيح لم السخرية من كل أحد –زعموا!‪ ،-‬وعلى‬
‫الرغم من متابعت لعشرات القالت والتصريات –وما سي بالعتذارات‪ -‬من السئولي الدنركيي‬
‫إل أنن لحظت الراوغة والتهرب البي من إعطاء إجابة مباشرة حول حرية التعبي عند مناقشة‬
‫موضوع حدوث الحرقة النازية لليهود أو السماح بالديث عن السامية أو التشهي بأحبار اليهود‪،‬‬
‫فكل أولئك يعلو سقف الرية الزعومة‪.‬‬
‫للغربيي أن يددوا لشعوبم سقف حريتهم كيفما أرادوا طالا تعلقت تلك الرية بأفرادهم‬
‫ومتمعاتم‪ ،‬للوروب الق ف مارسة ما يشاء من سخرية برموزه وزعمائه‪ ،‬بدء برجال –ونساء‬
‫البلط اللكي!‪ -‬مرورا برجال الكنيسة وانتهاء بشاهي الفن والرياضة‪ ،‬وله كل الق ف سن ما شاء‬
‫من قواني تسعى لتحطيم قيم السرة فيبيح زواج الثليي والشواذ‪ ،‬ويغض الطرف عن زنا الحارم‪،‬‬
‫وينح التراخيص الرسية لبيوت الدعارة ونوادي التعري(الستربتيز)‪ ،‬ويبيح تعاطي الشيش‪ ،‬فذلك‬
‫شأنه وتلك مشكلته‪ ،‬كما أن له أن يقرر احترام مشاعر اليهود فل يرحها بتصويرهم كنصابي أو‬
‫مرابي أو جواسيس أو حت بلء انتهازيي!‪ ،‬وله أن يدد لجتمعه قواعد الذوق أو ما يسمونه‬
‫بالتيكيت فيى بأن الفضل ف تية الرأة هو تقبيلها على خديها بينما يستهجن تقبيل الرجل للرجل‬
‫عند اللقاء‪ ،‬وله أن ل يرى ف تعدد العشاق والعشيقات بأسا ث ينتقد تعدد الزوجات‪ ،‬بل إن الغرب‬
‫يشترط التهذيب ف التلفظ فيتوقع من ماطبه أن يسبق أي طلب بكلمة"‪ Pl‬صلى ال عليه وسلم ‪as‬‬
‫صلى ال عليه وسلم " أي من فضلك و أن يتم حديثه بالشكر ولكنه ل يرى بالقابل أن ف السخرية‬

‫‪649‬‬
‫من مقام نب مرسل أي دليل على عدم التهذيب بق ذلك النب و بق أتباعه‪ ،‬لن منظري التيكيت‬
‫قد طبقوا قواعد الذوق –فقط‪ -‬على وضعية الشوكة واللعقة على مائدة الطعام وعلى استهجان‬
‫التجشؤ أو فتح الفم أثناء الكل وهو ملؤ بالطعام‪ ،‬وما عدا ذلك من إساءات يدخل ضمن الريات‬
‫الشخصية وحرية التعبي ول علقة له بالتحضر!‪.‬‬
‫ومن هنا فل بد من أن نسعى جيعا شعوبا و حكومات إل التنادي إل ميثاق أو معاهدة "ذوق" يدد‬
‫لقليلي الذوق وعديي الخلق سقفا لرياتم الشخصية ف عال أنكمش حجمه وتشابكت مصاله‪،‬‬
‫ميثاق يرم الساءة لكافة أنبياء ال و كل الديان السماوية الثابتة ‪-‬ل اليهودية فقط!‪ ،-‬إن ميثاقا من‬
‫هذا النوع قد يكون أكثر أهية من معاهدات كثية يتحدث عنها العال اليوم‪.‬‬
‫لكم آل أمة ممد تطاول وسائل العلم الغربية على أنبياء بن إسرائيل حي صوروا بصور مقيتة‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن السلمي قد سكتوا عن تلك الهانات –اجتهادا من بعضهم‪ -‬حت ل يتهموا بدس‬
‫أنوفهم فيما ل يعنيهم‪ ،‬أما وقد وصل المر إل نبيهم الات فل يسع مسلم أن يسكت‪ ،‬لقد طفح‬
‫الكيل وبلغ السيل الزب‪ ،‬ووجب على قادة العال السلمي التحرك ليقاف هذه الملة الائرة و‬
‫النظمة ضد السلم ونبيه وأتباعه‪ ،‬فالسلم دين لكثر من ربع سكان الرض وهو بذلك يستحق‬
‫نفس العاملة الت نالتها اليهودية من لدن ما يسمى بالشرعية الدولية الت منعت التحريض على معاداة‬
‫السامية‪ ،‬وحادثة الصحيفة الدناركية قد طرحت سؤال طالا رواد الكثي من السلمي‪ ،‬و هو السؤال‬
‫الذي عنون به الستاذ فهمي هويدي مقالة له مؤخرا " من يكره من؟!"‪ ،‬فيا ليت بعض قومي ييبون‬
‫أو ليتهم "يتشون" فيصمتون!‬
‫======================‬
‫( لاذا نب الرسول؟ )‬

‫عناصر الوضوع‪:‬‬
‫‪ .1‬أحوال الناس تاه رسول ال وسنته وهديه‬
‫‪ .2‬فضل الصلة والسلم على النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ .3‬الواطن الت يشرع فيها الصلة على النب صلى ال عليه وسلم‬
‫لاذا نب الرسول؟‪:‬‬
‫إن الناس تاه مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم واتباع هديه وسنته قد انقسموا إل أقسام عدة؛‬
‫فمنهم الستهزئ بسنة الصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومنهم التبع لبعض هديه التارك للهدي‬
‫الخر‪ ...‬وهلم جرا‪ ،‬وإن من علمة حب الرسول صلى ال عليه وسلم ذكره بالصلة عليه ف‬
‫الواطن الستحب ذكره فيها‪.‬‬

‫‪650‬‬
‫أحوال الناس تاه رسول ال وسنته وهديه‪:‬‬
‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‬
‫فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن ممدا‬
‫عبده ورسوله يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا اّتقُوا الّلهَ َحقّ ُتقَاِت ِه وَل تَمُوتُنّ ِإلّا وَأَْنتُ ْم مُسْلِمُو َن [آل عمران‪:‬‬
‫ث مِْنهُمَا‬
‫‪ ..]102‬يَا َأّيهَا النّاسُ اّتقُوا َربّكُمُ الّذِي َخَلقَكُ ْم مِنْ َن ْفسٍ وَاحِ َدةٍ َوخَلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ‬
‫رِجَالً َكثِيا وَِنسَاءً وَاّتقُوا الّلهَ الّذِي َتسَاءَلُونَ ِبهِ وَالَْأرْحَامَ إِنّ الّلهَ كَا َن عََليْكُ ْم رَقِيبا [النساء‪ ..]1:‬يَا‬
‫أَّيهَا الّذِينَ آمَنُوا اّتقُوا الّل َه وَقُولُوا َقوْلً سَدِيدا * ُيصِْلحْ لَكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وََي ْغ ِفرْ لَ ُكمْ ُذنُوبَكُ ْم َومَنْ يُطِعِ‬
‫الّلهَ َورَسُوَلهُ َفقَ ْد فَازَ َفوْزا عَظِيما [الحزاب‪ .]71-70:‬أما بعد‪ :‬فإن أصدق الديث كتاب ال‪،‬‬
‫وخي الدي هدي ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وشر المور مدثاتا‪ ،‬وكل مدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة‬
‫ضللة‪ ،‬وكل ضللة ف النار‪ .‬أيها الخوة! إن لرسول ال صلى ال عليه وسلم حقا عظيما علينا‪،‬‬
‫رسول الدى الذي أرسله ال رحة للعالي‪ ،‬فبلغ رسالة ال للناس‪ ،‬وأدى المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬وأقام‬
‫اللة العوجاء بأن يقولوا‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬فاعتدلت اللة على الصراط الستقيم بعد أن كانت عوجاء‪،‬‬
‫فتح ال به قلوبا غلفا‪ ،‬وآذانا صما‪ ،‬وأعينا عميا‪ ،‬ما ترك خيا إل ودلنا عليه‪ ،‬وما ترك شرا إل‬
‫وحذرنا منه‪ ،‬وكان صلى ال عليه وسلم أعظم المة أجرا؛ لن الدال على الي كفاعله‪ ،‬ول يعمل‬
‫منا أح ٌد اليوم عملً صالا إل ولرسول ال صلى ال عليه وسلم أجر الثل‪ ،‬بالضافة لجره هو صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ .‬هذا الرسول ‪-‬أيها الخوة‪ -‬كما ذكرنا ف مناسبة سابقة‪ ،‬لبد أن نبه حبا عظيما‪،‬‬
‫وطريقة أهل السنة والماعة ف مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم حقٌ بي باطلي‪ ،‬طريقة الوسط‬
‫بي الغلو ورفعه فوق النلة الت أنزله ال إياها‪ ،‬وبي الفاء وهو‪ :‬قسوة القلب وعدم مبته صلى ال‬
‫عليه وسلم الحبة الكافية‪ ،‬فضلً عن كرهه أو سبه كما يفعل اليوم كثي من الناس‪ ،‬ول حول ول قوة‬
‫إل بال‪ .‬لقد كافأ الناس ‪-‬أيها الخوة‪ -‬رسول ال صلى ال عليه وسلم مكافأة شنيعة‪ ،‬فمنهم من‬
‫يستهزئ به أو بشخصه‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال‪ ،‬ومنهم من يستهزئ بظهره أو لباسه صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فأنت تذكر للناس صفة مظهره أو ليته أو ثوبه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فتجد ألسنة‬
‫الستهزئي قد انطلقت بل عنان‪ ،‬تكيل الشتائم والسباب بشكل مباشر أو غي مباشر لصفة هذا النب‬
‫الكري‪ ،‬وبعض الناس بلغ من تقصيهم أنم أخذوا أطرافا من سننه وتركوا الباقي‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذه سنن‬
‫أساسية‪ ،‬وهذه لبابٌ يب أن نأخذ با‪ ،‬وتركوا أشياء كثية ما سوى ذلك‪ ،‬وزعموا أنا قشور ل‬
‫سنَةٌ‬
‫يب على السلم أن يأخذ با‪ ،‬خالفوا قول ال تعال‪َ :‬لقَدْ كَانَ لَ ُكمْ فِي رَسُو ِل الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫[الحزاب‪ .]21:‬مظهر السلم اليوم يتلف اختلفا كبيا عن مظهر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫أخلق السلمي اليوم‪ ،‬وعقائد السلمي اليوم‪ ،‬وسي السلمي اليوم تتلف اختلفا كليا عن سية‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وأخلقه وشائله‪ ،‬وقع التقصي ‪-‬أيها الخوة‪ -‬بشكل يدعو إل‬

‫‪651‬‬
‫السى والسف‪ ،‬هل هذه هي الكافأة الت يكافئ با السلمون نبيهم صلى ال عليه وسلم على تلك‬
‫الدمات الليلة الت أداها عليه السلم لم ولدينهم؟!‬
‫فضل الصلة والسلم على النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫إننا ‪-‬أيها الخوة‪ -‬نتاج إل مراجعة حساباتنا وتصرفاتنا تاهه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ونن قد ذكرنا‬
‫ف درس ماض مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم والطريق إليها‪ ،‬ونصص هذه الطبة إن شاء ال‬
‫لبيان حق واحد من حقوقه عليه السلم وهو‪ :‬الصلة على النب صلى ال عليه وسلم فضلها وأهيتها‬
‫ومواطنها‪ ،‬وقبل أن نبدأ ‪-‬أيها الخوة‪ -‬أذكركم بأن من آداب خطبة المعة‪ ،‬النصات للمام‪،‬‬
‫وعدم رفع الصوت من قبل الأمومي حت ولو كان الرفع بالصلة عليه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإنا‬
‫تكون الصلة عليه إذا ذكر ف النفس‪ ،‬سرا كما قال العلماء‪ .‬قال ال تعال‪ :‬إِ ّن الّلهَ َومَلئِ َكَتهُ ُيصَلّونَ‬
‫عَلَى النّبِيّ يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا َعلَْي ِه وَسَلّمُوا َتسْلِيما [الحزاب‪ ،]56:‬فأمر ال سبحانه وتعال‬
‫بالصلة والسلم‪ ،‬ولذا قال النووي رحه ال‪ :‬والشروع المع بي الصلة والسلم معا‪ ،‬وعدم إفراد‬
‫كلٌ منهما لوحده‪ ،‬هذا هو الستحب مصداقا لا جاء ف الية‪ ،‬إل ما ورد الدليل بتخصيص أحدها‪،‬‬
‫وصلة ال تعال على نبيه عليه الصلة والسلم‪ ،‬كما قال أبو العالية فيما جاء عنه بإسناد حسن‪ :‬هو‬
‫ثناؤه عليه عز وجل‪ ،‬الصلة من ال‪ :‬ثناء ال تعال على نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن اللئكة ومن‬
‫الؤمني الدعاء له عليه الصلة والسلم‪ .‬وقد عد رسولنا صلى ال عليه وسلم الذي يترك الصلة عليه‬
‫بيلً‪ ،‬فقال‪( :‬البخيل من ذكرت عنده فلم يص ّل علي)‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬ولذلك‬
‫قال العلماء‪ :‬بأن الصلة عليه صلى ال عليه وسلم واجبة لبد منها‪ ،‬وأتى جبيل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال‪( :‬يا ممد! أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول‪ :‬إنه ل يصلي عليك من أمتك أحد‬
‫صلة‪ ،‬إل صليت عليه با عشرا‪ ،‬ول يسلم عليك أحد من أمتك تسليمة إل سلمت عليه با عشرا‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬بلى أي رب) رواه أحد وهو حديث صحيح‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬أتان‬
‫آت من عند رب عز وجل‪ ،‬فقال‪ :‬من صلى عليك من أمتك صلة‪ ،‬كتب ال له با عشر حسنات‪،‬‬
‫وما عنه عشر سيئات‪ ،‬ورفع له عشر درجات‪ ،‬ورد عليه مثلها) أربع مكافآات لن يصلي على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬عشر حسنات تكتب‪ ،‬وعشر سيئات تحى‪ ،‬وعشر درجات ترفع‪،‬‬
‫ويرد عليه بثل ما صلى على رسوله صلى ال عليه وسلم‪ .‬رواه أحد وهو حديث صحيح‪ .‬ولجل‬
‫هذه النعمة الت أنعم ال با على نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد سجد عليه السلم شكرا لربه على‬
‫هذه النعمة كما جاء ف الديث الصحيح‪ ،‬وأخب عليه السلم أيضا‪ ،‬بقوله‪( :‬ما من عبدٍ يصلي عليّ‬
‫إل صلت عليه اللئكة‪ ،‬مادام يصلي علي‪ ،‬فليقِل العبد من ذلك أو ليكثِر) ولبد من الكثار‪ ،‬وهذا‬
‫حديث حسن‪ .‬بل إن ال قد خص ملئكة معيني وظيفتهم السياحة ف الرض لتبليغ الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم سلم أمته عليه‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم ف الديث الصحيح الذي يرويه المام‬

‫‪652‬‬
‫أحد وغيه‪( :‬إن ل تعال ملئكة سياحي ف الرض يبلغون من أمت السلم) بل إنه أكثر من ذلك‪،‬‬
‫يقول عليه الصلة والسلم ف الديث السن الذي رواه الطبان عن عمار بن ياسر مرفوعا‪( :‬إن ل‬
‫تعال ملكا معينا أعطاه ال سع العباد‪ ،‬فليس من أحد يصلي عليّ إل أبلغنيها‪ ،‬وإن سألت رب أل‬
‫يصلي عليّ عبد صلة إل صلى ال عليه عشر أمثالا)‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم موضحا أكثر‪:‬‬
‫(أكثروا الصلة عليّ‪ ،‬فإن ال وكل ب ملكا عند قبي‪ ،‬فإذا صلى علي رجل من أمت قال ل ذلك‬
‫اللك‪ :‬يا ممد! إن فلن بن فلن صلى عليك الساعة) ملك أعطاه ال أساء العباد يبلغ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم سلم كل واحد باسه‪ ،‬وهذا حديث حسن‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم‪( :‬ما من‬
‫واحد يسلم علي إل رد ال علي روحي‪ ،‬حت أرد عليه السلم) حديث حسن‪ ،‬رواه أبو داود رحه‬
‫ال تعال‪ .‬فترد الروح إليه صلى ال عليه وسلم لكي يرد على الصلي منا عليه صلته وسلمه‪ ،‬فأي‬
‫أجر وأي فضل أعظم من هذه الشياء‪ .‬ولقد بلغ من فضل ال علينا أنه جعل صلتنا على رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم تبلغ الرسول صلى ال عليه وسلم أينما كان الصلي عليه ف أي مكان من أقطار‬
‫الرض‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪( :‬حيث ما كنتم فصلوا علي‪ ،‬فإن صلتكم تبلغن) سواء كنت‬
‫عند قبه أو كنت ف هذا الكان‪ ،‬أو كنت ف أقصى الرض‪ ،‬فإذا صليت على رسول ال بلّغ ال‬
‫تعال صلتك لرسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الواطن الت يشرع فيها الصلة على النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫إننا ‪-‬أيها الخوة‪ -‬نتاج إل مراجعة حساباتنا وتصرفاتنا تاهه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ونن قد ذكرنا‬
‫ف درس ماض مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم والطريق إليها‪ ،‬ونصص هذه الطبة إن شاء ال‬
‫لبيان حق واحد من حقوقه عليه السلم وهو‪ :‬الصلة على النب صلى ال عليه وسلم فضلها وأهيتها‬
‫ومواطنها‪ ،‬وقبل أن نبدأ ‪-‬أيها الخوة‪ -‬أذكركم بأن من آداب خطبة المعة‪ ،‬النصات للمام‪،‬‬
‫وعدم رفع الصوت من قبل الأمومي حت ولو كان الرفع بالصلة عليه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإنا‬
‫تكون الصلة عليه إذا ذكر ف النفس‪ ،‬سرا كما قال العلماء‪ .‬قال ال تعال‪ :‬إِ ّن الّلهَ َومَلئِ َكَتهُ ُيصَلّونَ‬
‫عَلَى النّبِيّ يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا َعلَْي ِه وَسَلّمُوا َتسْلِيما [الحزاب‪ ،]56:‬فأمر ال سبحانه وتعال‬
‫بالصلة والسلم‪ ،‬ولذا قال النووي رحه ال‪ :‬والشروع المع بي الصلة والسلم معا‪ ،‬وعدم إفراد‬
‫كلٌ منهما لوحده‪ ،‬هذا هو الستحب مصداقا لا جاء ف الية‪ ،‬إل ما ورد الدليل بتخصيص أحدها‪،‬‬
‫وصلة ال تعال على نبيه عليه الصلة والسلم‪ ،‬كما قال أبو العالية فيما جاء عنه بإسناد حسن‪ :‬هو‬
‫ثناؤه عليه عز وجل‪ ،‬الصلة من ال‪ :‬ثناء ال تعال على نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن اللئكة ومن‬
‫الؤمني الدعاء له عليه الصلة والسلم‪ .‬وقد عد رسولنا صلى ال عليه وسلم الذي يترك الصلة عليه‬
‫بيلً‪ ،‬فقال‪( :‬البخيل من ذكرت عنده فلم يص ّل علي)‪ .‬رواه أحد ‪ ،‬وهو حديث صحيح‪ ،‬ولذلك‬
‫قال العلماء‪ :‬بأن الصلة عليه صلى ال عليه وسلم واجبة لبد منها‪ ،‬وأتى جبيل النب صلى ال عليه‬

‫‪653‬‬
‫وسلم فقال‪( :‬يا ممد! أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول‪ :‬إنه ل يصلي عليك من أمتك أحد‬
‫صلة‪ ،‬إل صليت عليه با عشرا‪ ،‬ول يسلم عليك أحد من أمتك تسليمة إل سلمت عليه با عشرا‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬بلى أي رب) رواه أحد وهو حديث صحيح‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬أتان‬
‫آت من عند رب عز وجل‪ ،‬فقال‪ :‬من صلى عليك من أمتك صلة‪ ،‬كتب ال له با عشر حسنات‪،‬‬
‫وما عنه عشر سيئات‪ ،‬ورفع له عشر درجات‪ ،‬ورد عليه مثلها) أربع مكافآات لن يصلي على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬عشر حسنات تكتب‪ ،‬وعشر سيئات تحى‪ ،‬وعشر درجات ترفع‪،‬‬
‫ويرد عليه بثل ما صلى على رسوله صلى ال عليه وسلم‪ .‬رواه أحد وهو حديث صحيح‪ .‬ولجل‬
‫هذه النعمة الت أنعم ال با على نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد سجد عليه السلم شكرا لربه على‬
‫هذه النعمة كما جاء ف الديث الصحيح‪ ،‬وأخب عليه السلم أيضا‪ ،‬بقوله‪( :‬ما من عبدٍ يصلي عليّ‬
‫إل صلت عليه اللئكة‪ ،‬مادام يصلي علي‪ ،‬فليقِل العبد من ذلك أو ليكثِر) ولبد من الكثار‪ ،‬وهذا‬
‫حديث حسن‪ .‬بل إن ال قد خص ملئكة معيني وظيفتهم السياحة ف الرض لتبليغ الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم سلم أمته عليه‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم ف الديث الصحيح الذي يرويه المام‬
‫أحد وغيه‪( :‬إن ل تعال ملئكة سياحي ف الرض يبلغون من أمت السلم) بل إنه أكثر من ذلك‪،‬‬
‫يقول عليه الصلة والسلم ف الديث السن الذي رواه الطبان عن عمار بن ياسر مرفوعا‪( :‬إن ل‬
‫تعال ملكا معينا أعطاه ال سع العباد‪ ،‬فليس من أحد يصلي عليّ إل أبلغنيها‪ ،‬وإن سألت رب أل‬
‫يصلي عليّ عبد صلة إل صلى ال عليه عشر أمثالا)‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم موضحا أكثر‪:‬‬
‫(أكثروا الصلة عليّ‪ ،‬فإن ال وكل ب ملكا عند قبي‪ ،‬فإذا صلى علي رجل من أمت قال ل ذلك‬
‫اللك‪ :‬يا ممد! إن فلن بن فلن صلى عليك الساعة) ملك أعطاه ال أساء العباد يبلغ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم سلم كل واحد باسه‪ ،‬وهذا حديث حسن‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم‪( :‬ما من‬
‫واحد يسلم علي إل رد ال علي روحي‪ ،‬حت أرد عليه السلم) حديث حسن‪ ،‬رواه أبو داود رحه‬
‫ال تعال‪ .‬فترد الروح إليه صلى ال عليه وسلم لكي يرد على الصلي منا عليه صلته وسلمه‪ ،‬فأي‬
‫أجر وأي فضل أعظم من هذه الشياء‪ .‬ولقد بلغ من فضل ال علينا أنه جعل صلتنا على رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم تبلغ الرسول صلى ال عليه وسلم أينما كان الصلي عليه ف أي مكان من أقطار‬
‫الرض‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪( :‬حيث ما كنتم فصلوا علي‪ ،‬فإن صلتكم تبلغن) سواء كنت‬
‫عند قبه أو كنت ف هذا الكان‪ ،‬أو كنت ف أقصى الرض‪ ،‬فإذا صليت على رسول ال بلّغ ال‬
‫تعال صلتك لرسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم آخر التشهد ف كل صلة‪:‬‬
‫ومن الواضع الت يشرع فيها الصلة عليه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الوضع الول‪ :‬وهو أهها وآكدها ف‬
‫الصلة عليه ف آخر التشهد‪ ،‬وهي الصلة البراهيمية العروفة‪ :‬اللهم صل على ممد وعلى آل‬

‫‪654‬‬
‫ممد ‪ ،‬كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حيد ميد‪ ،‬وبارك على ممد وعلى آل‬
‫ممد‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ف العالي إنك حيد ميد‪ ،‬ولذه الصلة صيغ‬
‫كثية‪ ،‬يستحب للنسان السلم أن ينوع ف ذكرها ف صلته‪ ،‬فمن هذه الصيغ قوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪( :‬صلوا عل ّي واجتهدوا ف الدعاء‪ ،‬وقولوا‪ :‬اللهم صل على ممد وعلى آل وممد‪ ،‬وبارك‬
‫على ممد وآل ممد‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حيد ميد) ومن هذه الصيغ‬
‫قولوا‪( :‬اللهم صل على ممد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم‪ ،‬وبارك على ممد وعلى‬
‫أزواجه وذريته‪ ،‬كما باركت على إبراهيم إنك حيد ميد) والصيغ كثية ذكرها أهل العلم ف‬
‫موضعها‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف التشهد الول من كل صلة‪:‬‬
‫والوضع الثان أيها الخوة‪ :‬الصلة على رسول ال صلى ال عليه وسلم ف التشهد الول من الصلة‪،‬‬
‫بعد التشهد الول من الصلة يسن الصلة على رسول ال كذلك‪ ،‬ليس فقط ف التشهد الخي كما‬
‫يعلمه عامة الناس‪ ،‬وإنا حت ف التشهد الول للحديث الوارد عند أب عوانة والنسائي‪ :‬أنه عليه‬
‫الصلة والسلم كان يصلي على نفسه ف التشهد الول وغيه‪ ،‬الفرق بينهما أن الصلة على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ف التشهد الخي واجبة‪ ،‬أما الصلة عليه صلى ال عليه وسلم بعد التشهد‬
‫الول فهي سنة‪ ،‬إن تركها النسان فل حرج‪ ،‬ولكن يسن له أن يصلي على رسول ال عليه الصلة‬
‫والسلم حت بعد التشهد الول قبل أن يقوم إل الركعة الثالثة‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف دعاء القنوت‪:‬‬
‫وكذلك من الواضع‪ :‬الصلة عليه ف آخر دعاء القنوت ف صلة الوتر أو غيه إذا قنت النسان‪ ،‬لا‬
‫جاء ف حديث عبد الرحن بن عبد القاري ‪ ،‬أنم كانوا على عهد عمر يلعنون الكفرة ف النصف من‬
‫شعبان‪ ،‬ث يصلي على النب صلى ال عليه وسلم المام‪ ،‬ويدعو للمسلمي با استطاع من خي‪ ،‬ث‬
‫يستغفر للمؤمني‪ ،‬وذكر بعض العلماء أن هذه الصلة مقيدة بقول الراوي أو بقوله أحيانا‪ ،‬أي‪ :‬قوله‬
‫ف النصف الثان من هذا الشهر‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف صلة النازة‪:‬‬
‫وكذلك يستحب الصلة على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو قل‪ :‬هي جزء من صلة النازة‪،‬‬
‫وهو الوضع الخر‪ ،‬فإنه قد قال الزهري رحه ال‪ :‬سعت أبا أمامة سهل بن حنيف يدث سعيد بن‬
‫السيب ‪-‬وأبو أمامة صحاب صغي‪ -‬إن السنة ف صلة النازة أن يقرأ بفاتة الكتاب‪ ،‬ويصلي على‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث يلص الدعاء للميت‪ .‬ففي التكبية الثانية من صلة النازة يصلى على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإسناده صحيح‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم بعد إجابة الؤذن‪:‬‬

‫‪655‬‬
‫والوطن الامس أيها الخوة‪ :‬بعد إجابة الؤذن‪ ،‬فقد روى مسلم ف صحيحه من حديث عبد ال بن‬
‫عمرو عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪( :‬إذا سعتم الؤذن فقولوا مثلما يقول‪ ،‬ث صلوا عليّ‪،‬‬
‫فإنه من صلى علي صلة صلى ال عليه با عشرا‪ ،‬ث سلوا ال ل الوسيلة ‪ ...‬الديث) بعد النتهاء‬
‫من الترديد مع الؤذن يصلى على النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم عند الدعاء‪:‬‬
‫ومن الماكن والواطن كذلك‪ :‬الصلة عليه صلى ال عليه وسلم عند الدعاء‪ ،‬وقد بلغ من خطورة‬
‫هذه السألة أنه عليه الصلة والسلم قال ف الديث السن الروي عن أنس مرفوعا‪( :‬كل دعاء‬
‫مجوب‪-‬ل يقبل‪ -‬حت يصلى على النب صلى ال عليه وسلم) يجب الدعاء‪ ،‬يعلق بي السماء‬
‫والرض‪ ،‬كما ذكر ابن القيم رحه ال ف جلء الفهام ‪ ،‬حت يصلي الداعي الذي يدعو ربه على‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم‪ .‬ولذلك كان للصلة عليه ف الدعاء مراتب‪ ،‬فمنها‪ :‬الصلة عليه قبل‬
‫الدعاء‪ ،‬وبعد حد ال‪ ،‬بعدما تمد ال وتدعوه بأسائه السن‪ ،‬وقبل أن تسأل حاجتك تصلي على‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم ف الديث الصحيح‪( :‬إذا صلى أحدكم‬
‫فليبدأ بتحميد ال تعال والثناء عليه‪ ،‬ث ليصل على النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث ليدع بعد ما شاء)‪.‬‬
‫والرتبة الثانية‪ :‬أن يصلي عليه ف أول الدعاء وأوسطه وآخره‪ ،‬والرتبة الثالثة‪ :‬أن يصلي عليه ف أول‬
‫الدعاء وآخره‪ ،‬ويعل حاجته متوسطة بينهما‪ ،‬الهم أنه لبد من قرن الدعاء بالصلة عليه صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم عند الم والشدائد‪:‬‬
‫ومن الواطن كذلك‪ :‬الصلة عليه عند الم والشدائد وعند طلب الغفرة‪ ،‬فعن أب بن كعب قال‪:‬‬
‫(قلت‪ :‬يا رسول ال! إن أكثر الصلة عليك‪ ،‬فكم أجعل لك من صلت؟) قال ابن القيم رحه ال‪:‬‬
‫وقد سئل شيخنا أبو العباس ابن تيمية رحه ال عن هذا الديث‪ ،‬فقال‪ :‬كان لب دعاء يدعو به‪،‬‬
‫دعاء خاص‪ ،‬فقال لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬يا رسول ال! أنا أدعو وأثناء دعائي أصلي‬
‫عليك‪ ،‬فكم النسبة الت أخصص لك الصلة عليك فيها ف دعائي؟ فكم أجعل لك من صلت؟‬
‫فقال‪ :‬ما شئت‪ ،‬فقلت‪ :‬الربع؟ قال‪ :‬ما شئت‪ ،‬فإن زدت فهو خي‪ ،‬قلت‪ :‬النصف؟ قال‪ :‬ما شئت‪،‬‬
‫فإن زدت فهو خي لك‪ ،‬قلت‪ :‬فالثلثي؟ قال‪ :‬ما شئت‪ ،‬فإن زدت فهو خي لك‪ ،‬قلت‪ :‬أجعل لك‬
‫صلت كلها‪ ،‬قال‪ :‬إذا يكفى هك ويغفر لك ذنبك)‪ .‬فإذا‪ :‬هذا الصحاب أب بن كعب صار دعاؤه‬
‫كله لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم له‪ :‬أنه إذا فعل هذا يكفى الم‪،‬‬
‫ويغفر له ذنبه‪ ،‬فصار إذا نزل بالنسان هم يستحب له الكثار من الصلة على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم عند دخول السجد والروج منه‪:‬‬

‫‪656‬‬
‫ومن الواطن العروفة كذلك‪ :‬عند دخول السجد والروج منه‪ ،‬فقد كان صلى ال عليه وسلم إذا‬
‫دخل السجد قال‪( :‬بسم ال‪ ،‬اللهم صل على ممد‪-‬ويضيف إليها‪ -‬اللهم افتح ل أبواب رحتك)‪،‬‬
‫وإذا خرج قال‪( :‬بسم ال‪ ،‬اللهم صل على ممد‪-‬ويضيف إليها‪ -‬اللهم إن أسألك من فضلك)‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم عند اجتماع القوم وقبل تفرقهم‪:‬‬
‫وعند اجتماع القوم وقبل تفرقهم‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ما اجتمع قوم ث تفرقوا عن غي ذكر‬
‫ل‪ ،‬وصلة على النب صلى ال عليه وسلم إل قاموا على أنت جيفة) خذ أكثر جيفة نتنا وأشدها‬
‫تعفنا‪ ،‬ث تصور أنك إذا جلست ف أي ملس‪ ،‬وقمت من ذلك الجلس بغي ذكر ال وصلة على‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإنك تقوم على هذا النت الصادر من هذه اليفة‪ ،‬وقال عليه الصلة‬
‫والسلم ف الديث الصحيح أيضا‪( :‬أيا قوم جلسوا فأطالوا اللوس‪ ،‬ث تفرقوا قبل أن يذكروا ال‬
‫تعال أو يصلوا على نبيه‪ ،‬كانت عليهم ترة من ال ‪-‬حسرة‪ -‬إن شاء عذبم وإن شاء غفر لم)‬
‫عذاب من ال‪ ،‬إن شاء عذبم وإن شاء غفر لم‪ .‬أيها الخوة! فكروا ف مالسنا اليوم الت نلس‬
‫فيها‪ ،‬كم من الجالس الت نلس فيها ونقوم من غي ذكر ل ول صلة على رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وإنا تكون مالسنا غيبة ونيمة‪ ،‬وتفكها ف أعراض الناس‪ ،‬والهر بالسوء من القول‪ ،‬والنكت‬
‫والضحك‪ ،‬والستهزاء بعباد ال الصالي‪ ،‬والكلم ف أخبار فلن وفلن من الناس‪ ،‬أو الكلم ف‬
‫عروض التجارة وأنواعها‪ ،‬ولكننا قلما نقوم من ملس فنذكر ال تعال ونصلي على رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ .‬لو ل نرج من هذه الطبة أيها الخوة إل بذه الفائدة لكانت فائدة عظيمة‪ ،‬نتواصى‬
‫فيما بيننا يا إخوان‪ ،‬أننا إذا جلسنا ف أي ملس كان‪ ،‬جلس النسان مع أهله‪ ،‬أو أصدقائه‪ ،‬أو‬
‫مسئول‪ ،‬أو موظف‪ ،‬أو فصل دراسي‪ ،‬أو ف دكانه‪ ،‬أل يقوم من ذلك الجلس إل وقد ذكر ال‬
‫وصلى على نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولو مرة على القل‪ ،‬هذه سنة لبد أن تيا‪ ،‬ولبد أن يذكر با‬
‫بعضنا بعضا‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم مبينا خطورة ترك الصلة عليه‪( :‬من ذكرت عنده ‪-‬ف‬
‫ملس‪ ،‬أو حت ولو قراءة‪ -‬فخطئ الصلة عليّ‪ ،‬خطئ طريق النة) حديث صحيح رواه الطبان عن‬
‫السي رضي ال عنه‪ .‬ولذلك جاء ف حديث جبيل لا قال لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪( :‬ومن‬
‫ذكرت عنده يا ممد! ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فلم يصل عليك‪ ،‬فمات فدخل النار فأبعده ال‪ ،‬قل‪:‬‬
‫آمي‪ ،‬فقلت‪ :‬آمي)‪ .‬ولذلك قال أبو جعفر الطحاوي رحه ال‪ :‬تب الصلة عليه صلى ال عليه‬
‫وسلم كلما ذكر اسه‪ ،‬شفهيا أو تريريا‪ ،‬وهذه مسألة وقع فيها تقصي عند كثي من السلمي‪ ،‬فإنم‬
‫إذا جاءوا يكتبون اسم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإنم ل يصلون عليه عند الكتابة‪ ،‬ول‬
‫يكتبون الصلة عليه‪ ،‬وبعضهم يكتب بي قوسي صاد‪ ،‬وبعضهم يكتب صلعم‪ ،‬هذه ل تغن شيئا‬
‫مطلقا‪ ،‬كأنا غي موجودة‪ ،‬لبد كما ذكر العلماء أنك عندما تكتب اسم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أن تصلي عليه عند كتابتك فتكتب‪ :‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو عليه الصلة والسلم ونو ذلك‬

‫‪657‬‬
‫من اللفاظ‪ .‬بل لقد بلغ من دقة بعض العلماء‪ ،‬وهو عبد الرحن بن مهدي من الحدثي أنه قال‪ :‬كنا‬
‫ف عجلة من أمرنا ونن نكتب الديث‪ ،‬ول يكن عندنا وقت لكتابة صلى ال عليه وسلم لننا‬
‫نكتب عن الشيخ‪ ،‬والشيخ يسرع ف الديث فتركنا فراغا بيضنا له‪ ،‬فإذا انتهى ملس الملء ذهبنا‬
‫فملنا الفراغات كلها صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقال سفيان الثوري رحه ال تعال‪ :‬بسب أهل‬
‫الديث خيا أنم كلما كتبوا حديث رسول ال صلوا عليه وسلموا‪ .‬فكان أهل الديث ‪-‬أيها‬
‫الخوة‪ -‬الشتغلي بديث رسول ال صلى ال عليه وسلم تقع لم هذه الفائدة أكثر ما تقع لغيهم‪،‬‬
‫جعلنا ال وإياكم من أهل الديث وأتباع السنة‪ ،‬وصلى ال على نبينا ممد‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف الصباح والساء‪:‬‬
‫المد ل رب العالي الرحن الرحيم مالك يوم الدين‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال رب الولي‬
‫والخرين‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله الصادق المي‪ .‬فإكمالً لا كنا نتكلم عنه‪ ،‬فإن من أذكار‬
‫الصباح والساء ‪-‬أيها الخوة‪ -‬الصلة على رسولكم صلى ال عليه وسلم؛ لنه عليه الصلة والسلم‬
‫قال ف الديث السن الذي يرويه الطبان عن أب الدرداء مرفوعا‪( :‬من صلى علي حي يصبح‬
‫عشرا‪ ،‬وحي يسي عشرا‪ ،‬أدركته شفاعت يوم القيامة)‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف كل اجتماع‪:‬‬
‫ومن الواطن كذلك‪ :‬كل اجتماع فيه ذكر ل‪ ،‬سواء كان تفسيا أو حديثا أو فقها وما شابه ذلك‪،‬‬
‫لبد أن يقرن بالصلة عليه صلى ال عليه وسلم كغيه من الجالس‪ ،‬بل إنه ف هذا الجلس يكون‬
‫التكرار فيه أكثر‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ف تكبيات صلة العيدك‬
‫ومن الواطن الت يصلى فيها عليه صلى ال عليه وسلم‪ :‬الصلة عليه ف تكبيات صلة العيد‪ ،‬لا روي‬
‫عن عبد ال بن مسعود ف صفة صلة العيد‪ ،‬لا جاء يعلمها للوليد بن عقبة ‪ ،‬وكان عنده صحابيان‬
‫جليلن‪ ،‬قال ابن مسعود وهو يعلم هذا الرجل ‪-‬وكان أميا على بلده‪ :-‬كيف يؤم الناس ف صلة‬
‫العيد؟ يقول له‪ :‬تبدأ فتكب تكبية تفتتح ف الصلة وتمد ربك‪ ،‬وتصلي على النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ث تدعو وتفعل مثل ذلك‪ ،‬ث تكب وتفعل مثل ذلك‪ ،‬إل آخر الديث‪ ،‬فقال حذيفة وأبو‬
‫موسى رضي ال عنهما‪ :‬صدق أبو عبد الرحن ‪ ،‬الكلم كما قال أبو عبد الرحن ابن مسعود ‪ ،‬قال‬
‫الخرّج لكتاب فضل الصلة على النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬الهضمي ‪ :‬إسناده حسن‪ .‬فإذا أيها‬
‫الخوة! إذا صففنا ف صلة العيد الت فيها تكبيات‪ ،‬فإذا كبنا الول والثانية والثالثة‪ ،‬بي كل‬
‫تكبية وتكبية يصلون على النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويدعون ما شاءوا‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم على الصفا والروة‪:‬‬

‫‪658‬‬
‫ومن الواطن كذلك‪ :‬الصلة عليه فوق الصفا والروة؛ لن عمر بن الطاب رضي ال عنه قال‪[ :‬إذا‬
‫قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا‪ ،‬وصلوا عند القام ركعتي‪ ،‬ث أتوا الصفا‪ ،‬فقولوا‪ :‬من حيث ترون البيت‬
‫‪-‬تقف وأنت تنظر إل البيت‪ -‬فكبوا سبع تكبيات بي كل تكبيتي حد ل وثناء عليه‪ ،‬وصلة‬
‫على النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومسألة لنفسك‪ ،‬وعلى الروة مثل ذلك]‪ .‬قال الخرّج ف الصدر‬
‫السابق‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫الصلة على النب صلى ال عليه وسلم عند قبه‪:‬‬
‫ومنها كذلك أيها الخوة‪ :‬الصلة والسلم عليه عند قبه‪ ،‬إذا جاء النسان ليزور القب إذا كان ف‬
‫الدينة دون شد الرحال والسفر من أجل القب‪ ،‬نذهب للصلة ف السجد‪ ،‬ونية السفر الذهاب‬
‫للصلة ف السجد‪ ،‬فإذا وصلنا إل هناك‪ ،‬وكنا على مقربة من قب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فإنه يستحب لك يا أخي السلم أن تأت قب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فتقف أمامه وتفعل كما‬
‫فعل ابن عمر ‪ ،‬عن عبد ال بن دينار قال‪[ :‬رأيت عبد ال بن عمر يقف على قب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فيصلي على النب صلى ال عليه وسلم وأب بكر وعمر]‪ ،‬أخرجه ف الوطأ ‪ ،‬قال ف الصدر‬
‫السابق‪ :‬إسناده صحيح‪ .‬وعن عبد ال بن دينار قال‪[ :‬رأيت ابن عمر إذا قدم من سفر دخل السجد‬
‫فقال‪ :‬السلم عليك يا رسول ال‪ ،‬السلم عليك يا أبا بكر ‪ ،‬السلم عليك يا أبتاه] هذا الديث قال‬
‫عنه ف الصدر السابق‪ :‬إسناده صحيح‪ .‬هذه من الواطن الت ورد فيها الصلة على نب ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فكثرة الصلة وتعددها وتنوعها واختلفها يدل على دخولا أي‪ :‬الصلة على الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ف أمور كثية من الدين‪ ،‬نظرا لهيتها وعظمها وفضلها‪ .‬فنسأل ال سبحانه‬
‫وتعال بأسائه السن وصفاته العلى أن يعلنا وإياكم من أهل الصلة عليه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن‬
‫يرزقنا وإياكم شفاعته‪ ،‬واتباع سنته ظاهرا وباطنا ف الصغية والكبية‪ .‬اللهم يا مقلب القلوب ثبت‬
‫قلوبنا على دينك‪ ،‬اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك‪ ،‬اللهم واجعلنا من السلمي‬
‫لك الخبتي لك‪ ،‬الوابي الواهي التوابي‪ ،‬وارزقنا ذكرك آناء الليل وأطراف النهار‪ ،‬اللهم آمنا ف‬
‫أوطاننا‪ ،‬وأصلح ذات بيننا‪ ،‬اللهم واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاءً رخاءً وسائر بلد السلمي‪.‬‬
‫===================‬
‫لِمَن يا حبيبُ تِ ّن القلوبُ ؟!‬

‫د‪.‬عبد العطي الدالت‬


‫لن يا حبيبُ تنّ القلوبُ وتفو العقولُ‪ ،‬لن يا حبيبُ؟!‬
‫ومَن ذا سباها فصارتْ مُناها ت ّن اشتياقا‪ ..‬تلوبُ‪ ،‬تذوبُ!‬
‫**‬

‫‪659‬‬
‫لن يا حبيبُ العان الميلةْ تُصاغ؟ وتُهدى القواف الكحيلةْ‬
‫فنشدو وتشدو طيورُ الميلةْ ناوى اشتياقٍ‪ ،‬فأنت البيبُ‬
‫**‬
‫ومليا ُر روحٍ ببكَ تسعَ ْد ومليارُ قلبٍ يقول‪ :‬ممدْ‬
‫فهم يشهدون‪ ..‬وقلبَ يشهدْ بأنك أنت الرسو ُل البيبُ‬
‫**‬
‫ك صِرنا‬
‫رسولَ النام بب َ‬
‫كمث ِل المام لّيكَ طِرنا‬
‫رسولَ السلم بدربكَ سِرنا‬
‫ودربُ البيبِ حبيبٌ حبيبُ‬
‫* * *ت ّن اشتياقا‪ ..‬تلوبُ‪ ،‬تذوبُ!‬
‫**‬
‫لن يا حبيبُ العان الميلةْ‬
‫تُصاغ؟ وتُهدى القواف الكحيلةْ‬
‫فنشدو وتشدو طيورُ الميلةْ‬
‫ناوى اشتياقٍ‪ ،‬فأنت البيبُ‬
‫**‬
‫ومليا ُر روحٍ ببكَ تسعَدْ‬
‫ومليا ُر قلبٍ يقول‪ :‬ممدْ‬
‫فهم يشهدون‪ ..‬وقلبَ يشهدْ‬
‫بأنك أنت الرسولُ البيبُ‬
‫**‬
‫ك صِرنا‬
‫رسولَ النام بب َ‬
‫كمث ِل المام لّيكَ طِرنا‬
‫رسولَ السلم بدربكَ سِرنا‬
‫ودربُ البيبِ حبيبٌ حبيبُ‬
‫=================‬
‫مؤتر البحرين ف مصلحة من؟!!‬

‫‪660‬‬
‫ممد جلل القصاص‬
‫‪mgalkassas@hotmail.com‬‬
‫تميع عدد من العلماء ف مؤتر عالي‪ ،‬والروج بتوصيات خطوة رائدة تُحسب لن قام با‪.‬‬
‫فمن شأنا أن تنع قيادة المة من النظمات الكومية الرسية‪ ،‬ومن شأنا أن تعطي صفة رسية‬
‫لشيوخ الصحوة السلمية‪ ،‬الذين ل تعترف بم النظمة العلمانية إل اليوم مع أن كثيًا منهم يمل‬
‫شهادات رسية‪.‬‬
‫ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن‪ ،‬لاذا سُمح لؤتر مثل هذا أن ينعقد بذه الوجوه الت ل نشك ف‬
‫إخلصها لدينها وأمتها؟‬
‫ول ل تعارض الكومات‪ ،‬وتطلب انعقاد الؤتر من الهات الرسية المثل (الشرعي) للشعوب؟‬
‫إن هناك قراءة أخرى لا يدث يب أن ننتبه إليها؟‬
‫الشعوب غاضبة من سلسلة الهانات الستمرة الت تتعرض لا المة على يد (الخر) بدءًا بأحداث‬
‫النتفاضة ووقوف المريكان ف صف اليهود وسكوت الكومات على ما يدث‪ ،‬ومرورًا با حدث‬
‫ف (أبو غريب) وجوانتنامو وما حدث للمصحف الشريف وانتهاء با حدث لشخص نبينا صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ول تعد الماهي تثق ف كل ما هو (رسي) ف معظم البلد السلمية‪ ،‬وهي اليوم ف أشد حالت‬
‫غضبها ونفرتا من حكّامها‪ ،‬ولبد من تصدير قيادات (معتدلة) ولو نسبيًا‪ ،‬كهؤلء الؤترين ف‬
‫البحرين للخروج بتوصيات (مدنية) ف إطار (الشرعية) الالية‪ ،‬وكبح جاح الزمة قبل أن تتطور‪.‬‬
‫الماهي حاليًا لن تستجيب لعلماء الدولة الرسيي الساقطي ف نظر الماهي‪ ،‬وبقاء الزمة على ما‬
‫هي عليه من إصرار من الطرف الدينماركي على عدم العتذار وضغط (الخر) من أجل إناء الزمة‬
‫من شأنه أن يرج النظمة‪ ،‬ومن شأنه أن ينح قبولً لطاب (القاعدة) وأمثالا بي الشعوب‪ ،‬وتكون‬
‫دَفعة معنوية جديدة لَ َملِة السلح الارجي على النظمة‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬فإن مؤتر البحرين يأت ف إطار كبح جاح الماهي والوقوف بالزمة عند حد معي يول دون‬
‫تطورها‪ .‬ث بعد ذلك تتعامل النظمة مع توصيات الؤتر بطريقتها‪ ،‬أو تفتعل خصومات مع‬
‫الشخصيات التنفذة ف الؤتر وتساومها‪ ،‬وهي قضية قدية تتكرر ول تفى على أحد‪ .‬وبذا تكون‬
‫مكتسبات الماهي من الزمة قد صودرت بيد علماء المة ودعاتا‪.‬‬
‫والؤترون يرونا فرصة لخذ قيادة المة ولو مرحليًا‪ ،‬ويرون ف هذا المر تقيق مكاسب ولو قليلة‬
‫ما كان لم أن يققوها لو ل يأتروا‪ .‬وأن الصدام مع النظمة أو مع الغرب ليس ف مصلحة أحد‬
‫اليوم على القل‪.‬‬
‫فمن أقرب لتحقيق هدفه؟‬

‫‪661‬‬
‫للجابة على هذا السؤال ل بد من فهم مورين أساسيي مرتبطي بالزمة؛‬
‫ب النب صلى ال عليه وسلم أمر أبعد ما حدث ف الدينمارك والنرويج وما تناولته وسائل‬ ‫أولما‪ :‬س ّ‬
‫العلم‪ ،‬وإنا هو منهج يتبعه النصّرون الن ف صدّ الناس عن دين ال‪ ،‬وما حدث ف الدينمارك‪ ،‬ما‬
‫هو إل نوع من النعكاس لذا النوع من الثقافة (التبشيية) النتشرة الن بي القوم‪.‬‬
‫ومن أراد أن يتأكد فعليه أن يزور غرف البالتوك الت (تبشر) بالنصرانية ويستمع لا يقال فيها بكل‬
‫اللغات‪ ،‬لتعلم أن القوم قد استقاموا على هذا الطريق‪.‬‬
‫وعامة الناس ف الغرب ل يسمعون كلمنا ـ نن أبناء الشرق ـ وإنا لم مصادرهم الاصة الت‬
‫تكذب عليهم‪ ،‬وهي تتكلم عن السلم ونب السلم صلى ال عليه وسلم جلة وتفصيلً‪ ،‬وصورة‬
‫السلم ـ وخاصة العرب ابن الزيرة ـ والسلم أقبح ما يكون ف ذهن هؤلء‪ ،‬وهي من قبل‬
‫أحداث سبتمب‪ ،‬ولعل استخفاف الدينمارك ـ وهم من أضعف الشعوب الغربية ـ يعكس لك هذا‪.‬‬
‫فنصرة النب صلى ال عليه وسلم وتسي صورته ف الغرب ل تأت من هنا‪ ،‬ولن تصلوا لعامة‬
‫النصارى من الوروبيي وغيهم بسهولة‪ ،‬فمؤسسات التنصي قوية لديها وفرة ف العدد ووفرة ف‬
‫العتاد‪ ،‬وتستطيع أن تشوش تاما على أي عمل دعوي يقوم به السلمون‪ ،‬فكان الحرى أن تظل‬
‫القاطعة‪ ،‬وأن تشتد حت تلفح نارها عامة الناس من الغربيي‪ ،‬ويتساءلون عما يدث فنحدثهم عن‬
‫نبينا وقرآننا وشريعة ربنا‪.‬‬
‫أما توقف القاطعة اليوم‪ ،‬فلن يضار منها أحد ولن يستفيد با أحد‪ .‬فاليوم ظهرت الثمار ولكنها بعد‬
‫ل ين وقت جنيها‪ ،‬وقد تعجل قومنا إن هم فعلوا ونادوا بوقف القاطعة‪.‬‬
‫لِمَ لَمْ نقف للشركات الزوع الت ل تتجلد وتصب للمقاطعة‪ ،‬ونطالبها هي بتنفيذ مطالبنا نن من‬
‫القاطعة ف أرضها أو ف أي بلد أورب ليس شرطًا الدينمارك ـ كلهم سواء ـ‪ ،‬والقصود هو أن‬
‫يعرف الناس النب صلى ال عليه وسلم؟‬
‫بعن تقيم هي با تنفقه على العلنات بإنشاء مركز إسلمي للتعريف بالنب صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وتوجه هي بيان لعامة الناس من الدينماركيي والوربيي تتكلم فيه عن شخص نبينا صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ونن نتكفل لا بوقف القاطعة؟!‬
‫أما اعتذار هنا وكلم آخر معاكس قد يتسرب هناك‪ ،‬فهذا أمر ل أدري با أصفه ولكنه يلف حسرة‬
‫ف القلب‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬وهو أمر مهم جدًا وف غاية الطورة لن يفهمه ويستغله‪ ،‬وهو أن الطاب الصحوي ـ إن‬
‫صح التعبي ـ أوجد جيلً من أنصاف طلبة العلم ـ وأرجو العذرة ف استعمال هذا التعبيـ وهم‬
‫الن منتشرون بي الناس وهم الفعَل القيقي للزمة بي الماهي‪ ،‬ول بد من مد يد العون لؤلء‪،‬‬
‫وترشيدهم‪.‬‬

‫‪662‬‬
‫أو قل ل بد من الهتمام بالطاب العلمي الرزين الذي يتحدث عن فقه الواقع‪ ،‬ول بد من تكثي‬
‫هؤلء فهم كالقنوات الفرعية بي الشعوب‪ ،‬ينصتون جيدا لشيوخ الصحوة ث ينقلون الطاب على ما‬
‫هو عليه للجماهي من خلل النتديات أو العمل‪ ،‬وهؤلء أذكى من اللتفاف عليهم‪ ،‬فلينتبه كل لا‬
‫يقول‪.‬‬
‫ويرتبط بذا‪ ،‬أن َتجَمع هذا المع الغفي من علماء المة ل بد من تفعيله ف إذابة الواجز الفكرية‬
‫والركية‪ ،‬أو قل إنشاء آليات عمل مشترك ف كافة اليادين بي علماء المة‪ ،‬أي أنه يكن الستفادة‬
‫من الؤتر با يعرف بـ (على هامش الؤتر) هذه هي أرجى الثمار‪.‬‬
‫فمن يسبق من لتحقيق هدفه‪ :‬النظمة أم شيوخ الصحوة؟‬
‫====================‬
‫مبة الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫الشيخ‪ /‬سفر الوال‬


‫‪ - 1‬معن الحبة وتعريفها‪:‬‬
‫المد ل رب العالي‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫معن الحبة ف اللغة معروف‪ ،‬وهي ف الشرع‪ :‬أمر زائد على مرد اليل الطبيعي للمحبوب؛ فمحبة‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬ومبة الؤمني‪ ،‬ومبة ما شرع ال من الدين‪ ،‬هي أمر‬ ‫ال تعال‪ ،‬ومبة رسوله صَلّى ا ُ‬
‫زائد على مرد اليل الطبيعي إل شيء من ذلك؛ إذ ل بد فيها من جانب اختياري تكليفي‪.‬‬
‫وباصطلحاتنا العاصرة أقول‪ :‬إن الحبة الشرعية ليست مرد عاطفة متعلقة بالوجدان وحده‪ ،‬وإنا‬
‫هي متعلقة بالوجدان والعاطفة‪ ،‬والعقل والرادة‪ ،‬والعمل‪ :‬عمل القلب‪ ،‬وعمل الوارح؛ إذ أنا جزء‬
‫مهم من اليان‪.‬‬
‫واليان عند أهل السنة والماعة كما هو معلوم للجميع قول وعمل‪ ،‬أي‪ :‬قول القلب واللسان‬
‫وعمل القلب والوارح‪ ،‬كما هو مبي ف مواضعه‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ هي مرد اليل الطبيعي والوجدان له‬ ‫وعلى هذا فمن ظن أن مبة رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬فهو غالط غلطًا بينًا؛ لن هذا الظن هو الذي أوقع طوائف من المة ف التفريط‬ ‫صَلّى ا ُ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬وترك سنته‪ ،‬ونبذ شريعته‪ ،‬وترك تكيمه‪ ،‬وترك التأدب معه‪ ،‬وأوقعهم‬ ‫ف اتباعه صَلّى ا ُ‬
‫ف التقدي بي يدي هديه وحكمه‪ ،‬هذا مع تعلقهم العاطفي بذاته‪ ،‬وتغنيهم بشمائله‪ ،‬وإعجابم‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪.‬‬
‫بكماله‪ ،‬وربا بكائهم لتذكره‪ ،‬ولجهم بالصلة والسلم عليه صَلّى ا ُ‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ هي طاعته‪ ،‬وامتثال أمره‪ ،‬والتمسك بسنته‪،‬‬ ‫وكذلك من قال‪ :‬إن معن مبة النب صَلّى ا ُ‬
‫فهو مقصر عن إصابة كبد القيقة ف هذا‪ ،‬إذ أن هذا هو تفسي لا باللزم والقتضى‪.‬‬

‫‪663‬‬
‫فالطاعة والمتثال هو لزم الحبة ومقتضاها ل حقيقتها‪ ،‬ومعناها والتحقيق ف ذلك‪ :‬أنا أمر زائد‬
‫على ذلك يمع ويشمل ما ذكرنا آنفًا‪ ،‬فالحبة بذا العتبار أمر عظيم من أمور اليان‪.‬‬
‫وقد بي ذلك شَيْخ الِسْل ِم ابن تيمية رحه ال تعال‪ ،‬يقول‪" :‬إذا كان الب أصل كل عمل من حقٍ‬
‫أو باطل‪ ،‬وهو أصل العمال الدينية وغيها‪ ،‬وأصل العمال الدينية حب ال ورسوله كما أن أصل‬
‫القوال الدينية تصديق ال ورسوله‪ ،‬فالعملن القلبيان العظيمان إذًا ها الحبة والتصديق‪ ،‬الحبة هي‬
‫أصل جيع العمال والتصديق هو أصل جيع القوال اليانية"‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ‬‫ويقول رحه ال ف موضع آخر‪" :‬أصل اليان العملي هو حب ال تعال ورسوله صَلّى ا ُ‬
‫وَسَلّمَ‪ ،‬وحب ال هو أصل التوحيد العملي وهو أصل التأليه الذي هو عبادة ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫فإن العبادة أصلها أكمل أنواع الحبة مع أكمل أنواع الضوع وهذا هو السلم"‪.‬‬
‫خذُ مِنْ‬ ‫س مَنْ يَتّ ِ‬
‫وقال‪" :‬أصل الشراك العملي ف ال الشراك ف الحبة‪ ،‬كما قال تعال‪َ { :‬ومِنَ النّا ِ‬
‫حبّ الّلهِ وَالّذِي َن آمَنُوا َأشَدّ حُبّا لِّلهِ} [البقرة‪.]165:‬‬
‫دُونِ الّلهِ أَْندَادًا يُحِبّوَنهُمْ َك ُ‬
‫وكما هو معلوم أن تأليه ال تبارك وتعال أو الشهادة بأنه ل إله إل ال‪ ،‬قيل‪ :‬إنا مشتقة من الله أو‬
‫من الوله‪ ،‬فالله هو‪ :‬العبادة‪ ،‬كما ف الية‪{ :‬وَيَ َذرَ َك وَآِلهََتكَ} [العراف‪ ]127:‬وأما إن كان من‬
‫الوله فالقصود بالوله هو‪ :‬درجة عليا من درجات الحبة‪ ،‬وهي تعلق القلب بذا الألوه الذي هو ال‬
‫سُْبحَاَن ُه وََتعَالَى‪ ،‬العبود وحده ل شريك له‪.‬‬
‫ومن هنا وقع شرك الشركي حي أحبوا غي ال‪ ،‬وتعلقت قلوبم به‪ ،‬ونتج عن ذلك أن دعوهم‬
‫واستغاثوا بم وعبدوهم من دون ال سبحانه‪ ،‬وصرفوا لم الق الالص ل عز وجل‪ ،‬وهذا العن‬
‫الواسع العميق للمحبة عند أهل السنة والماعة هو الذي ييز مبتهم عن الحبة العاطفية الائمة‪ ،‬الت‬
‫يدّعيها الصوفية دون أي أساس من الشرع‪.‬‬
‫وهذه الحبة الت يدعونا هي شحنه عاطفية يكن أن تفرغ بقصيدة من الشعر أو حفلة أو ذكر أو‬
‫حضرة‪ ،‬أو بأي نوع من أنواع التفرغات العاطفية وينتهي مفعولا‪ ،‬بلفها عند أهل السنة والماعة؛‬
‫حيث تشمل عمل القلب وعمل الوارح الت ترتبط بعمل القلب‪ ،‬فيكون الحب ف هذه الالة مطيعًا‬
‫وذاكرًا ومتعلق القلب بالحبوب‪.‬‬
‫وأما الحبة الصوفية أو الحبة البدعية الائمة‪ ،‬فهي تلك الحبة الت عبّر عنها السلف الصال بأنا‬
‫زندقة‪ ،‬حيث قالوا‪' :‬من عبد ال بالب وحده فهو زنديق‪ ،‬ومن عبد ال بالوف وحده فهو‬
‫حروري‪ ،‬ومن عبد ال بالرجاء وحده فهو مرجئ‪ ،‬ومن عبد ال بالب والوف والرجاء فهو الؤمن'‬
‫وهذا هو القول الصحيح‪ ،‬وقد عبّر عن هذه الحبة الزنديقية تصديقًا لذا القول القدي الأثور الشاعر‬
‫الصوف الشهور ابن عرب حي قال قاتله ال‪:‬‬
‫لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحب إذا ل يكن دين إل دينه دان‬

‫‪664‬‬
‫ل كل صورة فمرعىً لغزلن‪ ،‬وديرًا لرهبان‬ ‫لقد صار قلب قاب ً‬
‫ح توراةٍ‪ ،‬ومصحفَ قرآن‬ ‫وبيتًا لوثان‪ ،‬وكعبةَ طائف وألوا َ‬
‫لبّ دين وإيان‬ ‫أدي ُن بدي ِن البّ َأنّى َتوَ َجهَت رَكَاِئبُه فَا ُ‬
‫ل عََلْيهِ َوسَلّمَ هي هذا‬ ‫فلما أصبحت الحبة بذا العن‪ ،‬وأصبحت مبة ال ومبة رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫اليام العاطفي الذي ل يده ضابط ول قيد؛ وقعت المة أو الطوائف الت اعتنقت هذه الحبة ف الغلو‬
‫العظيم‪ ،‬على ما سوف نوضحه ـ إن شاء ال ـ ف الفقرة الناسبة له‪ ،‬وخرج بذلك عن حد الحبة‬
‫الشرعية‪ ،‬وحقيقتها‪ ،‬وما ذلك إل لهلهم لذه الحبة الت شرعها ال والت ل يقبل ال تبارك وتعال‬
‫إل هي‪.‬‬
‫‪ - 2‬مقتضيات مبة الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّ َم كثية جدًا‪ ،‬نرجو ال تعال أن يوفقنا لنظم أشتات‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫لوازم ومقتضيات مبته َ‬
‫الديث فيها‪:‬‬
‫(‪ )1‬تقيق الشهادة له صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّ َم بأنه رسول ال‪ ،‬هذه الشهادة الت هي ركن‬ ‫صلّى ا ُ‬‫وأعظم ذلك هو تقيق الشهادة له َ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ ف كل ما‬ ‫ل عََلْيهِ َوسَلّ َم بالرسالة الت تعن طاعته صَلّى ا ُ‬ ‫التوحيد‪ ،‬والشهادة له صَلّى ا ُ‬
‫أمر‪ ،‬وتعن كذلك اجتناب كل ما نى عنه وزجر‪ ،‬وتعن تصديقه ف كل ما أخب به‪ ،‬وتعن ألّ يعبد‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ؛ ولذا قال ال تبارك وتعال‪{ :‬قُلْ إِنْ كُْنتُمْ ُتحِبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫ال إل با شرع َ‬
‫حبِبْكُ ُم الّلهُ وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُ ْم وَالّل ُه َغفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران‪{ ]31:‬قُلْ أَطِيعُوا الّلهَ وَالرّسُولَ َفإِنْ‬ ‫يُ ْ‬
‫حبّ الْكَاِفرِينَ} [آل عمران‪.]32:‬‬ ‫َتوَّلوْا فَإِنّ الّلهَ ل يُ ِ‬
‫ل َعلَْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬ول بد من طاعته؛ وهذا التباع والطاعة يرث العبد بما مبة‬ ‫فل بد من اتباعه صَلّى ا ُ‬
‫ال فتورث مبة ال تبارك وتعال بذلك‪ ،‬وهذه هي الغاية العظمى الت يسعى إليها كل الؤمني‪ ،‬كما‬
‫حبّ"‪.‬‬ ‫حبْ‪ ،‬ولكن العبة بأن تُ َ‬ ‫قال بعض السلف‪" :‬ليست العبة بأن تُ ِ‬
‫فمن أحبه ال تبارك وتعال‪ ،‬فقد وفقه لكل خي‪ ،‬وتقق مبة ال سُبْحَاَنهُ َوَتعَالَى للعبد ل يكون إل‬
‫حبِبْكُ ُم الّلهُ‬
‫حبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي يُ ْ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ {قُلْ إِنْ كُْنتُمْ تُ ِ‬
‫بأن يقق العبد اتباع رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ُذنُوبَكُ ْم وَالّل ُه َغفُو ٌر رَحِيمٌ} [آل عمران‪ ]31:‬وبالطبع اتباع ال واتباع دين ال وشرعه‪.‬‬
‫(‪ )2‬القتداء به صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬والتأسي به‪ ،‬كما قال عز وجل‪َ{ :‬لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي‬ ‫ومن ذلك القتداء به صَلّى ا ُ‬
‫سنَةٌ لِمَنْ كَانَ َيرْجُو الّل َه وَاْلَي ْومَ ال ِخ َر َوذَكَرَ الّلهَ كَثِيًا} [الحزاب‪ ]21:‬فلبد‬ ‫رَسُولِ الّلهِ أُ ْس َوةٌ حَ َ‬
‫من القتداء به والتأسي به ف هديه وخلقه ومعاملته وكل أحواله ف البيت‪ ،‬والسجد‪ ،‬وف الطريق‪ ،‬ف‬

‫‪665‬‬
‫السّلْم‪ ،‬والرب‪ ،‬وف كل الحوال‪ ،‬وهذا القتداء هو حقيقة أو هو علمة ولزم تلك الحبة‪ ،‬الت‬
‫يب أن تكون كما أشرنا‪.‬‬
‫وقد ورد حديث عن عبد الرحن بن أب قراد رضي ال عنه حسنه الشيخ اللبان بل ذكره ف سلسلة‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّ َم توضأ يومًا‬ ‫الحاديث الصحيحة ف الزء الذي ل يرج‪ ،‬قال‪" :‬أن رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬فقال لم رسول‬ ‫فجعل الصحابة يتمسحون بوضوئه وذلك تبكًا منهم بوضوئه صَلّى ا ُ‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪" :‬ما يملكم على هذا؟" ـ أي‪ :‬ل تفعلون ذلك؟ ـ قالوا‪ :‬حب ال‬ ‫صلّى ا ُ‬ ‫ال َ‬
‫ورسوله‪ ،‬فقال النب صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪" :‬من سره أن يب ال ورسوله أو يبه ال ورسوله‪،‬‬
‫فليصدق حديثه إذا حدّث‪ ،‬وليؤد أمانته إذا اؤتن‪ ،‬وليحسن جوار من جاوره""‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ لوجدنا أنه أصدق الناس لجة‪ ،‬وأنه أعظم الناس أمانةً‪ ،‬وأنه‬ ‫ولو تأملنا خلق النب صَلّى ا ُ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ أحسن الناس جوارًا‪ ،‬فهذا نوع وجزء من شائله العظمى صَلّى ا ُ‬ ‫صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬ولزمها ومقتضاها‪.‬‬ ‫يب القتداء به فيها‪ ،‬وهذا هو تقيق مبته صَلّى ا ُ‬
‫(‪ )3‬تكيمه ف كل موضع نزاع‪:‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ تكيمه ف كل موضع نزاع‪ ،‬فل يقدم قول أحد ول رأيه‬ ‫ومن أعظم لوازم مبته صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ وحكمه‪ ،‬يقول ال تبارك‬ ‫ول اجتهاده ول نظره‪ ،‬ول حكمه على قول النب صَلّى ا ُ‬
‫سهِمْ‬
‫جرَ بَْيَنهُمْ ثُمّ ل َيجِدُوا فِي أَْنفُ ِ‬
‫وتعال ف هذا‪{ :‬فَل َورَّبكَ ل ُي ْؤمِنُونَ حَتّى يُحَكّمُو َك فِيمَا شَ َ‬
‫سلِيمًا} [النساء‪.]65:‬‬ ‫ت وَُيسَلّمُوا تَ ْ‬
‫َحرَجًا مِمّا َقضَْي َ‬
‫وهذه الية كما ذكر ابن القيم رحه ال ف شرح النازل‪ ،‬هذه الية شلت مراتب الدين الثلثة‪ ،‬ففيها‬
‫القامات الثلثة‪ :‬مقام السلم ومقام اليان ومقام الحسان‪ ،‬فالتحكيم ف مقام السلم {فَل َورَّبكَ‬
‫ل ُي ْؤمِنُونَ َحتّى يُحَكّمُوكَ} [النساء‪.]65:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّ َم فإنه ل يكون مسلمًا‪ ،‬واليان ف مقام نفي الرج {فِيمَا‬ ‫صلّى ا ُ‬‫فمن ل يكم الرسول َ‬
‫سهِ ْم َحرَجًا مِمّا َقضَْيتَ} [النساء‪ ]65:‬فمن انتفى عنه الرج فهو‬ ‫جرَ َبيَْنهُمْ ُثمّ ل يَجِدُوا فِي أَْنفُ ِ‬
‫شَ َ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّ َم ـ وانتفى عنه الرج با حكم به النب صَلّى الُ‬ ‫مؤمن ـ أي‪ :‬حكم رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬فهذا هو الؤمن‪.‬‬
‫سلِيمًا} [النساء‪:‬‬ ‫وأعلى من ذلك وأجل هو تقيق مرتبة الحسان وهي التسليم الطلق { َويُسَلّمُوا تَ ْ‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬ولا أمر ولا أخب به‬ ‫‪ ]65‬فيسلم الؤمن تسليمًا مطلقًا لا حكم به رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫من خب فل يعرضه ل على عقله ول على رأيه ول على مذهبه ول على قول شيخه‪ ،‬ول على أي‬
‫ملوق أو أي فكر بشري‪.‬‬
‫وإنّ ما يب أن ننبه عليه ف هذا القام‪ ،‬هو ذلك النكر العظيم الذي وقعت فيه المة السلمية أو‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ ومع إظهار بعض الشكليات الت يظنون‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫طوائف كبية منها مع دعوى مبة النب َ‬

‫‪666‬‬
‫با أنم قد أدوا حقه وأظهروا مبته وزعموها‪ ،‬وذلك هو‪ :‬تكيم القواني الوضعية ف شئون حياتم‪،‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وهديه وحكمه وشريعته بتلك الحكام‪.‬‬ ‫صلّى ا ُ‬ ‫ومعارضة سنة النب َ‬
‫فهذه جرأة على ال‪ ،‬وجرأة على مقام النبوة‪ ،‬بل هي إهدار وحط من مقام الرسالة؛ لن معن‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ هو أن يشهد العبد أن ال سُْبحَاَن ُه وََتعَالَى قد‬ ‫الشهادة بأن ممدًا رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫أرسل هذا الرسول إلينا لنطيعه ونتبع أوامره‪ ،‬ونلتزم بكل ما يأمرنا به فيما هو إل رسول مبلغ من عند‬
‫ال سُبْحَاَنهُ َوَتعَالَى‪.‬‬
‫فالذين يرفضون حكم ال ورسوله ول يقيمون شرع ال ودينه ف أنفسهم ول ف متمعاتم ول ف‬
‫شئون السياسة أو الكم أو القتصاد أو الجتماع أو مناهج التعليم‪ ،‬أو أي ناحية من نواحي الياة‬
‫فل ينفعهم أنم يقيمون له الوالد أو ينشدون له الناشيد‪ ،‬أو ييون ذكريات بدعية ف ليلة السراء‬
‫ل عََلْيهِ‬
‫والعراج وما أشبهها‪ ،‬ويزعمون بعد ذلك أنم مؤمنون وأنم يعظمون رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫وَسَلّمَ‪.‬‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‬
‫وربا ذهب بم الشيطان إل أبعد من هذا َفعَادوا من يُطبّق سنة رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫ل عََلْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬بجة أنه مبغض للرسول‪ ،‬أو أنه خارج عن هديه‪،‬‬ ‫ويتمسك با ويقتدي بديه صَلّى ا ُ‬
‫وينبزونه بأشنع التهم‪ ،‬واللقاب‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬فل‬ ‫فهذا من أعظم النكرات الدالة على أن هؤلء الناس تركوا مبة رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫يقيمون له وزنًا‪ ،‬ول لرسالته ول لقام نبوته ول لنلته عند ال سُبْحَاَن ُه وََتعَالَى الذي فضله ال تعال‬
‫با على العالي أجعي‪.‬‬
‫ول شك أن هذا مالف لال الؤمني من السلف الكرام والصحابة رضوان ال تعال عليهم الذين‬
‫حالم كما قال ال تبارك وتعال‪{ :‬إِنّمَا كَانَ َقوْلَ الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإذَا ُدعُوا ِإلَى الّلهِ َورَسُوِلهِ ِليَحْكُ َم بَيَْنهُمْ‬
‫أَنْ َيقُولُوا َس ِمعْنَا وَأَ َطعْنَا} [النور‪ ]51:‬فل اعتراض‪ ،‬ول منازعة‪ ،‬ول مدافعة‪ ،‬ول تردد‪ ،‬ولذا قال‪:‬‬
‫ك هُمُ الْ ُمفْلِحُونَ} [النور‪.]51:‬‬ ‫{وَأُولَِئ َ‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ ف جيع أعمالم وحركاتم ول‬ ‫فل يكون الفلح إل لؤلء الذين حكّموا سنته صَلّى ا ُ‬
‫ل َعلَْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬كما قال تعال‪َ { :‬ومَا كَانَ لِ ُم ْؤمِ ٍن وَل ُم ْؤمَِنةٍ ِإذَا‬ ‫تكن لم الية فيما يقضي به صَلّى ا ُ‬
‫خَي َرةُ مِنْ َأ ْم ِرهِمْ} [الحزاب‪.]36:‬‬ ‫َقضَى الّل ُه َورَسُوُلهُ َأ ْمرًا أَنْ َيكُونَ َلهُمُ الْ ِ‬
‫فل اختيار مع أمره صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ بل التنفيذ والمتثال‪ ،‬هذه هي لوازم مبته وهذا هو تقيقها‪،‬‬
‫ل َعلَْيهِ َوسَلّمَ حي قال‪{ :‬فَإِنْ َتنَا َزعْتُمْ‬ ‫وقد أمر ال تبارك وتعال تبعًا لذلك بالرد إل الرسول صَلّى ا ُ‬
‫فِي شَ ْيءٍ َف ُردّوهُ إِلَى الّل ِه وَالرّسُولِ إِنْ ُكنْتُ ْم ُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ وَالَْي ْومِ ال ِخرِ} [النساء‪ ]59:‬والرد إل ال‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬هو‪:‬‬ ‫صلّى ا ُ‬‫هو‪ :‬الرد إل كتابه عز وجل‪ ،‬إل هذا الذكر الكيم‪ ،‬والرد إل الرسول َ‬

‫‪667‬‬
‫الرد إل سنته‪ ،‬بأن يُسأل ف حياته ويرجع إليه ف المور‪ ،‬وبعد ماته يرجع إل دينه وسنته‪ ،‬وهديه‪،‬‬
‫فل يكون لحدٍ إيانًا إل بذلك‪ ،‬كما قال‪{ :‬إِنْ ُكنْتُ ْم ُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ وَالَْي ْومِ ال ِخرِ} [النساء‪.]59:‬‬
‫فمن ادّعى اليان والحبة مع عدم الرد إل ال ورسوله ف مواضع الناع والشتباه ف أي حال من‬
‫الحوال فقد نقض تلك الحبة وهو كاذب ف دعواها‪ ،‬ول يأتِ بلوازمها‪ ،‬ومقتضياتا‪.‬‬
‫وكما هو معلوم عنه صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ ف الديث الثابت‪" :‬من عمل عملً ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد"‪ ،‬وقد أشار الشراح رحهم ال إل أن هذه اللفظة "عليه أمرنا" فيها الار والجرور متعلق‬
‫ل ليس أمرنا حاكمًا عليه أو قاضيًا عليه أو خاتًا‬ ‫بحذوف يقدر بـ"حاكمًا أو قاضيًا"‪ ،‬من عمل عم ً‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪،‬‬
‫صلّى ا ُ‬
‫عليه فهو رد‪ ،‬فمعن ذلك‪ :‬أن أعمال العباد يب أن تكون تت أمر رسول ال َ‬
‫وتت سنته وهديه وشرعه‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ ف الديث الصحيح‪" :‬فمن رغب عن سنت‬ ‫وكذلك ف الديث الخر يقول صَلّى ا ُ‬
‫فليس من" فمهما ادّعى من مدعي مبته صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ وهو راغب عن سنته فليس منه‪.‬‬
‫وأما صحابته الكرام الذين أحبوه ذلك الب العظيم فإنم رضي ال عنهم كانوا متمسكي بسنته‪،‬‬
‫صلّى الُ‬ ‫ل عََلْيهِ َوسَلّمَ‪ ،‬والقتداء به والهتداء بديه‪ ،‬والتأدب معه َ‬ ‫حريصي على التأدب معه صَلّى ا ُ‬
‫عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬وعدم التقدي بي يديه‪.‬‬
‫(‪ )4‬عدم التقدي بي يديه وغضّ الصوت‪:‬‬
‫وأيضًا ما يب لتحقيق هذه الحبة وهو لزم عظيم من لوازمها‪:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وغض الصوت عنده يكون ف حياته كما هو معلوم‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫عدم التقدي بي يديه َ‬
‫بالنسبة لشخصه ولذاته‪ ،‬وبعد ماته يكون بالتأدب مع سنته وغض الصوت‪ ،‬فل يرتفع صوت رأي‪،‬‬
‫ول فكرة‪ ،‬ول مذهب‪ ،‬ول قياس فوق سنة رسول ال صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪.‬‬
‫وقد كان الصحابة الكرام‪ ،‬يدركون هذا العن غاية الدراك كما ورد ف صحيح مسلم عن أب قتادة‬
‫رضي ال عنه قال‪" :‬كنا عند عمران بن حصي ف رهط منا‪ ،‬وفينا بشي بن كعب‪ ،‬فحدثنا عمران‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ "الياء خي كله" ـ قال‪:‬ـ أو قال‪" :‬الياء كله‬ ‫يومئذٍ‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫خي"‪.‬‬
‫الديث الشهور العروف "والياء شعبة من اليان" والنب صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ قال‪" :‬الياء خي‬
‫كله" أو "الياء كله خي" هذا بلفظ عام ل يصص بشيء‪ ،‬فقال بشي بن كعب‪" :‬إنا لنجد ف بعض‬
‫الكتب‪ ،‬أو الكمة أن منه سكينة ووقارًا ل ومنه ضعف" يقول‪ :‬ند ف بعض الكتب أو ف بعض‬
‫موروثات كتب الولي أن من الياء سكينةً ووقارًا ولكن أيضًا‪ ،‬أن منه ضعف‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ‬‫قال أبو قتادة‪ :‬فغضب عمران حت احرتا عيناه‪ ،‬وقال‪ :‬أل أران أحدثك عن رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫وَسَلّ َم وتعارض فيه‪ ،‬ث يقول أبو قتادة‪ :‬فأعاد عمران الديث‪ ،‬فأعاد بشي‪ ،‬فغضب عمران‪.‬‬

‫‪668‬‬
‫ول شك أن الغضب الثان أشد من الغضب الول‪ ،‬فلما رأى أولئك الرهط ثورة عمران‪ ،‬أخذوا‬
‫يهدئونه قال أبو قتادة‪" :‬فما زلنا نقول فيه‪ :‬إنه منا يا أبا نيد إنه ل بأس به"‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬يا أبا نيد‪ ،‬إن بشيًا هذا منا‪ ،‬إنه ليس من أهل البدع ول من أهل النفاق ول من أهل الزيغ‬
‫والضلل‪ ،‬فما حصل منه هو عمل أهل الزيغ وأهل الضلل وأهل النفاق الذين إذا قيل لم‪ :‬قال‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬قالوا‪ :‬إن المر كذا‪ ،‬ولكن فلنًا قال كذا‪ ،‬ولكن العلماء قالوا كذا‪،‬‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫رسول ال َ‬
‫ولكن الذهب فيه كذا‪ ،‬ولكن الشيخ الفلن أفت بكذا‪ ،‬إل آخر ذلك‪.‬‬
‫ولذلك المام الشافعي رحة ال عليه‪ ،‬عبّر عن ذلك تعبيًا عظيمًا حي جاءه رجل يسأله عن أمر من‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ كذا" ـ وتل عليه حديثًا ـ فقال له الرجل‪ :‬فما‬ ‫المور‪ ،‬فقال‪" :‬قال رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫رأيك أنت؟ فغضب المام الشافعي رضي ال عنه غضبًا شديدًا‪ ،‬وقال‪" :‬أتران ف كنيسة؟! أترى‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وتقول ما رأيك أنت"‪ .‬فكانوا يعلمون‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫عل ّي زنارًا؟! أقول لك‪ :‬قال رسول ال َ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬ومع هديه‪ ،‬ومع سنته‪.‬‬ ‫ويدركون أنه ل رأي لحد مع كلم رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫(‪ )5‬الصلة والسلم عليه صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ ،‬وهو الصلة والسلم عليه‬ ‫يب أو ينبغي أن ننبه إل أمر عظيم من لوازم مبته صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ‪ ،‬وهذا المر العظيم قد جاء تفصيله ف الشرع؛ فهناك مواضع تب فيها الصلة‬ ‫صَلّى ا ُ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ بالصيغة أو بالصيغ الشرعية الواردة ف الحاديث الصحيحة‪،‬‬ ‫والسلم عليه صَلّى ا ُ‬
‫وهناك مواضع تستحب فيها هذه الصلة وتتأكد‪ ،‬وهناك أحوال بل نقول‪ :‬إنا ف كل حال‪ ،‬وف كل‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ هي قربة وذكر ونافلة وعبادة من أعظم‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫وقت الصلة والسلم على رسول ال َ‬
‫العبادات وأجلّها‪.‬‬
‫(‪ )6‬عدم أذيته صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ عدم أذيته‪ ،‬كما تفضل الشيخ عبد ال ف‬ ‫ما يب أن يعلم أن من لوازم مبته صَلّى ا ُ‬
‫مسألة الستهزاء؛ بل إن ال سبحانه بيّن أن أذيته هي شأن النافقي { َومِْنهُمُ الّذِي َن ُي ْؤذُونَ النّبِيّ‬
‫وََيقُولُونَ ُهوَ ُأذُنٌ} [التوبة‪.]61:‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬أو الط من قيمته‪ ،‬أو الذية له‬ ‫فأي قول فيه نوع من التحقي‪ ،‬أو التقليل للنب صَلّى ا ُ‬
‫أو لسنته فإنه من عمل النافقي وهذا النفاق هو نفاق أكب ـ نسأل ال العفو والعافية ـ وما من‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ أو كراهيته ويكون صاحبه مؤمنًا قط‪.‬‬ ‫صلّى ا ُ‬
‫قلب ينعقد على شيء من بغض النب َ‬
‫نعم‪ ،‬الناس يتفاوتون ف مبة النب صَلّى الُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ تفاوتًا عظيمًا‪ ،‬ولكن الؤمن السلم ل يلو قلبه‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ وإن قل‪ ،‬أما أن يشتمل قلب أح ٍد من البشر بشيء من‬ ‫أبدًا من شيء من مبته صَلّى ا ُ‬
‫ل َعلَْي ِه وَسَلّمَ فهذا هو الكفر عياذًا بال‪ ،‬ول يتمع اليان مع بغضه صَلّى الُ َعلَْيهِ‬ ‫كراهيته صَلّى ا ُ‬

‫‪669‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‬
‫ل عَلَْي ِه وَ َسلّمَ ف زوجاته‪ ،‬وعدم إيذائه صَلّى ا ُ‬
‫وَسَلّ َم أبدًا‪ ،‬ومن ذلك عدم إيذائه صَلّى ا ُ‬
‫ف صحابته الكرام‪.‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪ ،‬الواحد‬‫فإن من آذاه ف زوجاته أو ف صحابته فكأنا آذاه ف نفسه وف شخصه صَلّى ا ُ‬
‫من الناس أو الواحد من البشر من آذاه ف زوجته أو ف صديقه‪ ،‬أو ف حبيبه فل شك أنه آذاه هو‪،‬‬
‫ل عََلْيهِ وَ َسلّمَ بشيء من ذلك؟! وهذا ما هو معلوم من جيع‬ ‫فكيف بن آذى رسول ال صَلّى ا ُ‬
‫السلمي ـ ول المد ـ وإنا أحببنا أن ننبه فيه لهيته‪.‬‬
‫وصلى اللهم وسلم على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫========================‬
‫ممد ولد أباه عن الرسوم السيئة‬

‫نبأٌَ عليه تواترتْ أنبا ُء ومن البل ضحكٌ ومنه ‪ii‬بكا ُء‬
‫يا أيها الرسام قل ل وافتن هل بالقريض يُخاطب البناءُ‬
‫قد جئت تبغي شهرة قد نالا إبليس فاهنأ أنتما ‪ii‬شركاءُ‬
‫كانت لك الصفحات مرآة فل تسخر فذلك وجهك الجّاءُ‬
‫أصبحت مشهورًا بفضل ممد وبضدها قد تعرف الشياءُ‬
‫سبقتك أه ُل الاهلية بالجا ومن الجاء مدائحٌ وثناءُ‬
‫ذهب الجاء وهُمْ‪ ,‬وأحد بيننا بالعلم تعرف فضله الفضلءُ‬
‫وهدى جيع الناس إل زمرة يدوهمُ نو الشقاء شقاءُ‬
‫ماذا يضي الشمس ف عليائها إن قال جاح ُد نورها َظلْماءُ؟!‬
‫وال قد أثن عليه وخ ْلقِه ماذا يقول الشعرُ والشعراءُ؟!‬
‫وإذا هجاك من البية حاقدٌ فالدح منهُ والجاء ‪ii‬سواءُ‬
‫ما زال يهديك الحيمَ و ُطرْقَها قدرٌ عليك مسلطٌ وقضاءُ‬
‫ت ُمقَلٌ فماذا تنصح ‪ii‬النصحاءُ؟!‬ ‫وإذا عن الشمس النية أُعمي ْ‬
‫شكرا‪ ,‬فقد أيقظتَ كل موحد والك ّي منه مناف ٌع وشفاءُ‬
‫ولربّ ُمعْضلة أتتك حسِبتها دا ًء من الدواء وهْي دواءُ‬
‫هبّوا فقد بلغ الزّب سيلُ العِدى واستفحل الضعفاء والهلءُ‬
‫وإذا البيارق والحافل أُسكتت ماذا تقول قصيدةٌ عصماءُ؟!! ‪... ...‬‬
‫===================‬
‫مشروع التعريف بات الرسل وبرسالته صلى ال عليه وسلم‬

‫‪670‬‬
‫كََتَبهُ د‪ .‬وجيه بن حد بن عبد الرحن‬
‫د‪ .‬عبد ال بن ضيف ال الرحيلي‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫فكرة الشروع وأعماله المد ل‪ ،‬والصلة والسلم على البعوث رحة للعالي وعلى آله وصحبه‬
‫ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذه جلةٌ من الحاور القترحة ليصال نور السلم إل العالي‪ ،‬وتصحيح الصورة الختلقة‬
‫عليه‪ ،‬ودفْع التطاول عليه‪ ،‬وعلى رسوله صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫أولً‪ :‬ماطبة قادة العال لتبليغ رسالة السلم اقتداءً بسنة الصطفى صلى ال عليه وسلم حت إذا‬
‫استشهدنا يوم العرض على ال شهدنا بأننا بلغنا النعمة الت منّ ال با على الثقلي‪ .‬ونرى أن يتم‬
‫ذلك بالساليب التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬عب قادة العال السلمي ومنظماته وهيئاته وسلكه الدبلوماسي‪.‬‬
‫‪ -2‬عب وفود من الدعاة وأساتذة الامعات والفكرين ورجال العلم والعمال الختارين للقيام‬
‫بذه الهمة‪.‬‬
‫‪ -3‬عقد مؤتر دول ف إحدى العواصم العالية أو ف الدينة النورة أو جدّة أو غيها من الدن يدعى‬
‫لضوره قادة الدول والمي العام للمم التحدة وشخصيات دولية مرموقة‪ ،‬من أسلم من الغربيي‬
‫ومَن ل يسلم بعنوان‪( :‬ممد صلى ال عليه وسلم ف كتب الوحي اللي)‪.‬‬
‫وهو المر الذي يقطع الطريق على النصّرين والستشرقي الذين يشككون ف كون السلم دينا‬
‫ساويا [وربا دُعي للمؤتر البابا أو مثل عن الفاتيكان]‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إنشاء أقسام للدراسات العليا تنح الاجستي والدكتوراه للطلبة من متلف أناء العال‪ ،‬يشرف‬
‫عليها علماء مسلمون‪ ،‬بدلً من ابتعاث أبنائنا ليشرف عليهم أساتذة قد يفتقرون إل الهلية من حيث‬
‫الدين والنهج والناهة العلمية‪ .‬ونرى أن يفتح القبول فيها للمسلمي وغي السلمي‪ .‬وأن يكوّن‬
‫ملس علمي إسلمي عالي للشراف عليها‪ ،‬ويكن أن تقام تلك القسام ف دول العال السلمي أو‬
‫خارجه‪ ،‬وترحب كثي من الامعات بافتتاح مثل تلك القسام وتويلها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إجراء أباث علمية مشتركة مع بعض علماء العال‪ ،‬حت من غي السلمي حول جوانب من‬
‫العجاز العلمي ف القرآن الكري والسنة الطهرة‪ ،‬والستفادة من رصيدنا العلمي والهود العظيمة‬
‫الت تبذلا هيئة العجاز العلمي بكة الكرمة‪ ،‬ويكون لنا بذلك قصب السبق وحقوق الباءة العلمية‪،‬‬
‫ومِن شأن هذا أن يكون بثابة دعوةٍ غي مباشرة لدين الق‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تأليف موسوعة عالية تُترجَم إل اللغات الرئيسة بعنوان‪:‬‬

‫‪671‬‬
‫(موسوعة خات النبياء والرسلي)‪.‬‬
‫أو‪( :‬موسوعة الرسول الرحة الهداة)‪.‬‬
‫أو‪( :‬موسوعة ممد الرسول إل البشرية كلها)‪.‬‬
‫تتناول الوسوعة ماور‪ ،‬منها‪ :‬متلف نواحي حياته صلى ال عليه وسلم وتضحياته ف سبيل إسعاد‬
‫البشرية‪ ،‬ودوره ف تاريخ النسانية‪ .‬ونرى أن تُستكتب أقلم إسلمية وغي إسلمية منصفة‪ ،‬وتُكتب‬
‫الوسوعة بطريقة الوسوعات الناسبة الشائعة عاليا‪ ،‬ث ُيعْمَل على توزيعها ونشرها بالطرق الدروسة‬
‫الناسِبة؛ ليصالا إل الكتبات والراكز العالية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إهداء الكتبات العالية‪ ،‬الامعية منها والركزية‪ ،‬مموعة من الكتب السلمية النتقاة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬تأليف (موسوعة الوامر والنواهي السلمية وأهّيتها ف تقيق الرفاه العالي)‪ .‬ونرى أن‬
‫تتضمن الوسوعة أباثا علمية ميدانية مدعمة بالرقام والحصاءات لتُقيم الجة على مَن يقفون ف‬
‫وجه نشْر الوحي اللي‪ .‬ونرى أن تتضمن الوسوعة الشكلت العالية بكافة أنواعها ودراستها‬
‫بأسلوب موجّه إل العال‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬عقد دورات مكثفة للراغبي مِن الكتّاب والفكرين غي السلمي ف التعمق ف الدراسات‬
‫السلمية واللغة العربية بدف تلية صورة السلم ف أذهانم ودعوتم إل دين ال‪ ،‬بالسلوب‬
‫والنهج الناسب للتعامل معهم‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬التوسع ف افتتاح العاهد والدارس السلمية والعربية ف الارج؛ فاللغة وعاء العقيدة والثقافة‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬افتتاح مركز دول للتأليف والترجة يتول التأليف والترجة والتواصل مع الشخصيات العالية‬
‫ف الجالت كافة‪ .‬ويزوّد الركز بأحدث الوسائل الدعوية‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬إنشاء قناة فضائية تُعن بتبليغ الدعوة بكافة السبل التاحة‪ ،‬تبث بأكثر مِن لغة عالية‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬إنشاء رابطة عالية لصدقاء السلم‪ ،‬كخطوة أول لدعوتم‪ ،‬والستفادة منهم ف الذود‬
‫عن السلم والسلمي‪.‬‬
‫ثان عشر‪ :‬تبادل الزيارات بي أساتذة الامعات ومالس الشورى والبلانات الغربية وإقامة‬
‫الحاضرات والندوات والباث الشتركة‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬إقامة معرض عالي متنقل للحضارة السلمية والكتاب السلمي‪ ،‬يرافقهما برامج‬
‫متعددة متنوعة تعريفية بالسلم وحضارته‪.‬‬
‫رابع عشر‪ :‬تأسيس مكمة إسلمية عالية تُعن بالدفاع عن السلم ومقدساته‪.‬‬
‫خامس عشر‪ :‬عقد مؤتر إعلمي عالي لتجلية صورة السلم وحضارته وثقافته‪.‬‬

‫‪672‬‬
‫سادس عشر‪ :‬تأسيسُ مشروعٍ علمي عملي لمع المكانات البشرية العلمية والعملية القادرة على‬
‫إيصال الصورة الصحيحة عن رسالة السلم وعن رسول ال ممد صلى ال عليه وسلم للعالي‪،‬‬
‫واستثمار هذه المكانات ف إناز الشروعات القترحة هذه‪.‬‬
‫إضافةً إل السعي ف تأهيل أعدادٍ كبيةٍ من الناس لمتلك الكفاءة العلمية والعملية للقيام بذه الهمة‪.‬‬
‫سابع عشر‪ :‬يكون ف ضمن هذه الشروعات السعي إل مُراجَعة كتابات الستشرقي والنصّرين عن‬
‫السلم وعن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وَنقْد ما فيها من زيف‪ ،‬واتاذ الطوات اللزمة‬
‫لتصحيح تلك الصور‪ ،‬والطالبة بالقوق الت أُهدرت بسبب تلك الكتابات وذلك التشويه‪.‬‬
‫ويُمكن تصيص إدارة أو مركزٍ متخصصٍ لتحقيق هذا الغرض‪.‬‬
‫ثامن عشر‪ :‬إجراء دراسات وحوارات وماضرات وندوات متعددة ف متلف أناء العال‪ ،‬لثبات أن‬
‫طبيعة العلقة بي جيع الديان اللية هي علقة توافقٍ‪ ،‬ووِحدةٍ ف الصول‪ ،‬وف الهداف والقاصد‪،‬‬
‫ل علقةَ خلفٍ أو عداء‪ ،‬على ما يص ّورُه كثيٌ من الكُتّابِ والتحدّثي الغرضي أو الاهلي بالقيقة‪.‬‬
‫ويؤمّن لذا الشروع متلف المكانات اللزمة‪ :‬العلمية والالية ومتلف الوسائل‪.‬‬
‫والمد ل أو ًل وأخيا وصلى ال على رسول ال ممد الرحة الهداة‪.‬‬
‫آليّة تنفيذ الشروع يُقترَح لتنفيذ الشروع اتّخاذ الجراءات والوسائل التية‪:‬‬
‫أوّلً‪ :‬يُسْنَد كلّ فئ ٍة مِن تصصات الشروع إل جهةٍ تتخصص به‪ ،‬وتكون مسؤولةً عنه‪ ،‬وتكون هذه‬
‫الهة إما لنةً أو إدارةً‪ ،‬وتَ ّطرِد هذه التسمية ف جيع التخصصات‪ ،‬بيث تُسمى كلّ منه "إدارة" أو‬
‫"لنة" أو نو ذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم العمل بسب تصصاته وبسب مراحله‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يُراعى ف أعمال الشروع النهجية السديدة الؤثرة والضوابط ا ُل َوجّهة لعماله‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم العمل بسب تصصاته وبسب مراحله‪:‬‬
‫ت مصورة لضْبطِ العمل ومالته‪ ،‬ومِن ذلك أن يكون‬ ‫ويُقتَرح أن يكون التنفيذ مِن خلل تقسيما ٍ‬
‫العمل‪ ،‬مثلً‪ ،‬موزّعا على التخصصات التية‪:‬‬
‫‪ -1‬الجال العلميّ فيما يتعلق بالكتابة والتأليف وما ف معناها‪ ،‬وإعداد البامج والتصور‪ ،‬والفلم‪،‬‬
‫وإعداد الناهج الدراسية‪ ،‬وسائر العمال العلمية الندرِجة تت إنشاء العمال العلمية‪ ،‬أو اختيارها‬
‫ت جاهزةً والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫وترشيحها‪ ،‬إ ْن وُجِد ْ‬
‫‪ -2‬الجال العلميّ التعليميّ‪ ،‬وما يتعلق بذا المر‪ ،‬وتنفيذ برامه الاهزة‪ ،‬ومناهجه الاهزة‪،‬‬
‫والشراف الباشر عليها‪ ،‬دون الدخول ف إنشاء تلك العمال العلمية مِن مراجع وسِواها؛ لكون‬
‫ذلك مِن مهامّ العاملي ف الجال الول (الجال العلميّ)‪.‬‬

‫‪673‬‬
‫‪ -3‬الجال العلميّ‪ ،‬وما يتعلق به مِن إعداد تصوّرات للمشروعات والهام العلمية‪ ،‬وإعداد‬
‫الكفاءات اللزمة‪ ،‬واختيار التوافر ف هذا الجال َوفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح الجهزة‬
‫والراكز اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫ويقوم هذا الجال بالتعامل مع وسائل العلم السلمية وغي السلمية والتعريف بالسلم عب‬
‫الوسائل العلمية بكافة السبل التاحة‪ ،‬ومنها على سبيل الثال ل الصر‪:‬‬
‫‪ -‬تنفيذ برامج إعلمية وثائقية عن السلم ثقافة وحضارة وتاريا‪.‬‬
‫‪ -‬افتتاح قناة أو قنوات فضائية تبث بعدة لغات‪.‬‬
‫‪ -‬استئجار ساعات معينة ف بعض مطات التلفاز الجنبية والفضائيات‪ ،‬با فيها غي السلمية‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء مقابلت مع بعض الشخصيات السياسية والعلمية والدينية لتجلية صورة السلم بأسلوب‬
‫الوار والقناع؛ لقامة الجة على العال‪ .‬والتركيز ف كل ذلك على عالية رسالة السلم‪.‬‬
‫‪ -‬تلية الوانب الت يظن البعض أنا تدّ من حرية النسان وتُضيّق عليه‪ ،‬وإثبات أن الشريعة‬
‫السلمية هي وِجاء للحفاظ على الروح والعرض والال والنفس والعقل‪.‬‬
‫‪ -4‬الجال الدعويّ‪ ،‬وما يتعلق به مِن إعداد تصوّرات للمشروعات والهام الدعوية‪ ،‬وإعداد‬
‫الكفاءات اللزمة‪ ،‬واختيار التوافر ف هذا الجال َوفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪،‬‬
‫والضوابط‪ ،‬والشروعات‪ ،‬والراكز اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -5‬مال العلقات والزيارات والوارات والؤترات‪ ،‬والندوات‪ ،‬وما يتعلق بذا مِن إعداد تصوّرات‬
‫للمشروعات والهام تاه هذا الجال‪ ،‬وإعداد الكفاءات اللزمة‪ ،‬واختيار التوافر ف هذا الجال وَفْق‬
‫الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪ ،‬والضوابط‪ ،‬والشروعات‪ ،‬والراكز اللزمة‪ ،‬والجهزة‬
‫والوسائل اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -6‬مال إعداد الوسوعات العلمية والثقافية‪ ،‬بختلف اللغات‪ ،‬وف متلف الجالت‪ ،‬وما يتعلق بذا‬
‫مِن إعداد تصوّرات للمشروعات والهام تاه هذا الجال‪ ،‬وإعداد الكفاءات اللزمة‪ ،‬واختيار التوافر‬
‫ف هذا الجال وَفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪ ،‬والضوابط‪ ،‬والشروعات‪ ،‬والراكز‬
‫اللزمة‪ ،‬والجهزة والوسائل اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -7‬مال تفنيد الشبهات‪ ،‬والرد على التهجم على السلم وعلى ما يتعلق به‪ ،‬وإقامة الدعاوى‬
‫القضائية‪ ،‬ونقْد النقْد ف هذا الجال بختلف اللغات‪ ،‬وما يتعلق بالتصدي للشبهات‪ ،‬وإقامة الدعاوى‬
‫على الصوم‪ ،‬مِن إعداد تصوّرات للمشروعات والهام تاه هذا الجال‪ ،‬وإعداد الكفاءات اللزمة‪،‬‬
‫واختيار التوافر ف هذا الجال وَفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪ ،‬والضوابط‪،‬‬
‫والشروعات‪ ،‬والراكز اللزمة‪ ،‬والجهزة والوسائل اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬

‫‪674‬‬
‫‪ -8‬مال نشْر السية والشمائل النبوية‪ ،‬ومفاهيم السلم ورسالته‪ ،‬وما يتعلق بذا مِن إعداد‬
‫تصوّرات للمشروعات والهام تاه هذا الجال‪ ،‬وإعداد الكفاءات اللزمة‪ ،‬واختيار التوافر ف هذا‬
‫الجال َوفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪ ،‬والضوابط‪ ،‬والشروعات‪ ،‬والراكز اللزمة‪،‬‬
‫والجهزة والوسائل اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫‪ -9‬الجال القتصادي‪:‬‬
‫ويقوم بتوفي الال لتمويل الشروع‪ ،‬وإنائه‪ ،‬والنظر فيمن يستحق تطبيق قانون القاطعة بقه‪ ،‬وذلك‬
‫على مستوى العال السلمي برمته‪ .‬وكذلك إقامة علقات اقتصادية مع أنصار السلم وتشجع‬
‫الستثمار التبادل معهم‪ .‬وكذلك إياد مشروعات وفرَصٍ استثمارية؛ للعمال اليية‪ ،‬ومسانِدة‬
‫الشروع الساس‪ .‬وما تقام فيه هذه الشاريع اليية البلدان غي السلمية‪ ،‬وهذه الشاريع مثل‪:‬‬
‫كفالة اليتيم‪ ،‬والرامل‪ ،‬والحتاجي حت من غي السلمي؛ توطئة لستمالتهم لدين الق‪ ،‬كما يكن‬
‫إنشاء مستشفيات أو مدارس يلتحق با غي السلمي‪ ،‬ويدرسون السلم ولغته‪.‬‬
‫‪ -10‬الجال القانون‪:‬‬
‫ومهمته الضطلع بالانب القانوي ف الوضوع‪ ،‬على كافة الستويات والصعدة‪ ،‬وإقامة الدعاوى‬
‫القضائية‪ ،‬وفقا للقواني العمول با ف كل دولة على حدة‪ ،‬ويكن الستفادة من الحامي النصفي‬
‫من غي السلمي أو من السلمي الاملي لنسيات تلك الدول ‪ ...‬إل‪.‬‬
‫ويَدْخل ف هذا مراجعة الكتابات والعمال الفنية والعلمية السابقة‪ ،‬الت قام با بعض الناس أو‬
‫الهات ف تلك الشعوب ف فترات سابقة‪ ،‬كما هو الشأن ف الكتابات الستشراقية والتنصيية‬
‫الجحفة ف حق السلم‪ ،‬وحوار الشخاص والهات العنية با عندهم‪ ،‬وانتزاع اعترافات منهم‬
‫بإدانة تلك الكتابات والساءات إل السلم‪ ،‬ومِن ثَمّ نشْر هذه العترافات والدانة إل جانب نشْر‬
‫الصورة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -11‬مال التأليف‪:‬‬
‫وهي من الهات الرئيسة الت تزوّد بقية الهات الخرى بالكتابات العلمية الت تص كل فئة مدعوة‬
‫على حدة‪ .‬ويؤخذ ف العتبار عند التأليف خلفية القاريء الدينية والثقافية‪ ،‬فهناك فئةُ أهل الكتاب‪،‬‬
‫وفئة اللحدين ومنهم العلماء بل كبار العلماء ف تصصاتم‪ ،‬وهناك السلم الذي التبس عليه المر‬
‫وأصبح معاديا للسلم بوصفه دينا نتيجةَ تأثره بالنهج الغرب ونظرته إل الدين وإقصائه عن الياة‬
‫والعلم‪.‬‬
‫ويكن لذه الهة القائمة على هذا الجال أن تقيم جسورَ تعاون مع متلف اليئات العالية‪ ،‬وإجراء‬
‫البحوث الشتركة لبراز أهية السلم ف وضع اللول الناجعة لشكلت العال التعددة‪.‬‬
‫‪ -12‬مال الترجة‪:‬‬

‫‪675‬‬
‫ومهمة الهة القائمة على هذا‪ :‬الترجة إل متلف اللغات‪ ،‬وكذلك ترجة ما ينبغي ترجته مِن متلف‬
‫اللغات إل اللغة العربية‪.‬‬
‫وما يتعلق بذا مِن إعداد تصوّرات للمشروعات والهام تاه هذا الجال‪ ،‬وإعداد الكفاءات اللزمة‪،‬‬
‫واختيار التوافر ف هذا الجال وَفْق الضوابط الناسبة أو اللزمة‪ ،‬واقتراح البامج‪ ،‬والضوابط‪،‬‬
‫والشروعات‪ ،‬والراكز اللزمة‪ ،‬والجهزة والوسائل اللزمة‪ ،‬والشراف الباشر عليها‪ ،‬وتنفيذها‪.‬‬
‫وذلك وفق معايي وضوابط ُيتّفق عليها أوّلً‪.‬‬
‫‪ -13‬الجال الدعوي‪:‬‬
‫الدف من هذا الجال تبليغ رسالة السلم إل القادة والفكرين وأساتذة الامعات والفاتيكان‬
‫والقساوسة بكافة السبل التاحة‪ ،‬وكذلك إهداء الكتب إل الكتبات الامعية والركزية‪ .‬وتنشأ قاعدة‬
‫للمعلومات بالشخصيات والؤسسات الت ستوجه لا الدعوة‪ ،‬وحبذا لو خصص لكل قارة لنة أو‬
‫جهة فرعية متخصصة فأهل مكة أدرى بشعابا‪ ،‬وتقوم الهة القائمة على هذا الجال بتنظيم الندوات‬
‫واللقات الدراسية‪ ،‬والحاضرات‪.‬‬
‫‪ -14‬إدارة التنسيق والشراف العامّ‪:‬‬
‫وتتول مهمة الشراف العلمي والنهجيّ‪ ،‬والتنسيق بي أعمال تلك الهات الو ّزعَة بسب‬
‫التخصصات‪ ،‬وتتول الجازة النهائية للعمال والشروعات‪ ،‬بعد التأكد مِن تطبيق النهجية والضوابط‬
‫العتمدة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ضوابط الشروع ومنهجيته يُراعى ف تنفيذ الشروع مموع ٌة مِن الضوابط والنهجية‪ ،‬الت مِن‬
‫شأنا أن توصِل إل ناح العمل‪.‬‬
‫ومِن هذه الضوابط الت‪:‬‬
‫‪ -2‬مراعاة توافر السباب الؤثرة تأثيا إيابيا ف العمل ونتائجه‪ ،‬والبتعاد عن ما هو بعكس ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬مراعاة الطاب العالي ف ماطبة متلف الشعوب‪ ،‬ل الطاب الاص الؤثر تأثيا سلبيا‪.‬‬
‫‪ -4‬التنسيق بي العمال والشروعات‪ ،‬وتاشي التكرار‪ ،‬وإحاطة كلّ جهةٍ ف واح ٍد مِن هذه‬
‫التخصصات التعددة بأعمال ومشروعات بقيةِ جهات التخصصات الخرى‪.‬‬
‫‪ -5‬تطبيق الصفات الخلقية والساليب الخلقية النبيلة الت يَدعو إليها السلم ف أيّ مشروعٍ أو‬
‫عملٍ‪.‬‬
‫‪ -6‬تديد الدة الزمنية للمشروع‪ ،‬بيث تكون ف ذلك إنازيةً‪ ،‬ل تراخي ول تأخي‪.‬‬
‫‪ -7‬إل غي ذلك مِن الضوابط الت ينبغي تديدها‪ ،‬وتتول إدارة التنسيق والشراف العامّ هذا العمل‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وصلى ال وسلم على ممدٍ خات النبياء والرسلي‪ ،‬والمد ل رب العالي‪.‬‬
‫=======================‬

‫‪676‬‬
‫مقام نب السلم بي الدانارك والامعة الميكية‬

‫عبد الصبور شاهي‬


‫جريدة الشرق الوسط ‪ -‬العدد ‪9909‬‬
‫منذ أن أذاعت النباء خب ما جرى ف الدانارك‪ ،‬من جرأة وقحة على مقام رسول ال ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وماولة تشويه صورته‪ ،‬والتشنيع على سيته‪ ،‬وذلك من دون مقدمات‪ ،‬ـ كان هنالك‬
‫سؤال يلح على ذهن إلاحا شديدا‪ ،‬وهو‪ :‬ما الذي يدعو العلم ف دولة شديدة البعد عن العال‬
‫السلمي ـ إل أن يسيء إل شخصية فريدة‪ ،‬يقدسها ربع البشرية‪ ،‬ويؤمنون با؟ رغم أنه ل توجد‬
‫علقة جغرافية بي الدانارك والعال السلمي‪ ،‬ورغم أنه ل يسبق أن اشتعلت مشكلة‪ ،‬من أي نوع‪،‬‬
‫بي الدانارك وأية دولة عربية أو إسلمية؟‬
‫ل يطل ب وضع الذهول أمام هذه الشكلة‪ ،‬فمن الؤكد أن ما حدث هو جزء من مطط يستهدف‬
‫الساءة إل السلم‪ ،‬وتعكي جو العلقات الصافية بي العرب والسلمي من ناحية‪ ،‬ودول شال‬
‫أوروبا من ناحية أخرى‪ ،‬وهو مطط ل يبعد كثيا عما يدث ف أجزاء كثية من العال‪ ،‬وباصة ف‬
‫الوليات التحدة‪ ،‬وف جنوب ووسط أوروبا‪ ،‬حيث تاول القوى الصهيونية العادية للسلم أن‬
‫تشوه سعة السلمي‪ ،‬وتدمغ الدين السلمي بتهمة الرهاب‪ ،‬استمرارا للسلوب الميكي الذي‬
‫جعل من هذه التهمة الكاذبة ذريعة إل شن الرب الظالة الراهنة ضد العراق‪ ،‬با يترتب على ذلك‬
‫من تديد لياة الليي من العرب والسلمي‪ ،‬ف دول أخرى مثل‪ :‬سوريا‪ ،‬وإيران‪ ..‬وذلك لسباب‬
‫واهية‪ ،‬متلقة!‬
‫والسبب الواضح لشن هذه الروب هو ـ من دون شك ـ خدمة الكيان الصهيون‪ ،‬بإغراق الدول‬
‫العربية والسلمية ف حروب مفروضة عليها‪ ،‬تعمل على تريب الكيان السياسي والقتصادي لتلك‬
‫الدول‪ ،‬ف حي تزدهر دولة إسرائيل‪ ،‬فكل ما يشغل القوى الغربية الن هو العمل على تدعيم الوجود‬
‫الصهيون ف فلسطي‪ ،‬تهيدا لحكام قبضة ذلكم الوجود على مصي العرب والسلمي ف النطقة‪.‬‬
‫ول بد أن نعترف هنا بأن جهود أعدائنا تعمل دائما على اختراق حياتنا الجتماعية والقتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬وأخيا الدينية‪ ،‬بزرع التناقضات الت ينمو با جو القلق والضطرابات‪ ،‬وبيث ل تكاد‬
‫دول النطقة تلتقط أنفاسها‪ ،‬أو تعيد ترتيب أوضاعها‪ ،‬فنحن دائما غرقى ف مشكلت فرعية‪،‬‬
‫انفصالية أو اتصالية‪ ،‬وهي حال ل ينشأ فيها حوار بي الخوة واليان‪.‬‬
‫ولننظر ما جرى أخيا من وقائع مشكلة الهاجرين السودانيي إل مصر‪ ،‬وكيف خططت لا هيئات‬
‫دولية‪ ،‬بيث تدث مواجهة أمنية تؤدي إل ما حدث من وقوع ضحايا‪ ،‬كان من أثرها تعكي‬
‫العلقات بي الصريي والسودانيي!‬

‫‪677‬‬
‫مع أن مصر كانت ولزالت حريصة على الصال السودانية!‬
‫فإذا أضفنا إل ذلك أن رد الفعل عندنا تاه الحداث الت يقصد با إثارتنا وتعويق مسيتنا ـ يتسم‬
‫دائما بالبطء والبلدة‪ ،‬وإذا ما قورن با يبديه العدو من نشاط وتد ـ تضاعف إحساسنا بالذنب‪،‬‬
‫وتزايدت حيتنا من الصمت البليد الذي تارسه مؤسساتنا الت يفترض أن تب للدفاع عن مقدساتنا‪.‬‬
‫وما حكاية الساءة الداناركية إل مثال لكايات كثية‪ ،‬تر بنا من دون مبالة أو نوض للدفاع عن‬
‫مقدساتنا‪.‬‬
‫وقد كان الفروض أن تنهض مؤسساتنا الدينية للرد على وقاحة العلم الداناركي‪ ،‬وأن يشتعل جو‬
‫العلقات بي الزهر وممع البحوث السلمية‪ ،‬وبقية اليئات العامة الت تمل أمانة الدعوة‬
‫السلمية!‬
‫ولكن إعلمنا ل يتحرك إل على مستوى استفتاء بعض الشخصيات العامة ف ما يتعلق بإبداء رأيها ف‬
‫إساءة بعض الصحف الداناركية إل شخص النب ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتشويه سيته‪.‬‬
‫وتساءلت ف نفسي‪ :‬ما قيمة أن يبدي شخص ما رأيه ف هذا الدث الغريب؟ ونن أمام وقاحة ل‬
‫يفى تأثيها‪ ،‬أو الدف منها‪ ،‬طعنا ف السلم‪ ،‬وإهانة لنب من أكرم النبياء‪ ،‬بل هو أكرمهم‬
‫بإطلق‪.‬‬
‫إن الدف الذي ترمى إليه تلك الحاولت الدنيئة هو مواجهة زحف الدعوة السلمية على أرض‬
‫الواقع ف دول الشمال الوروب! ولقد أبلغن أحد الناشطي السلميي ف تلك النطقة‪ ،‬وباصة‬
‫السويد ـ أن السلم يتمتع هنالك بسمعة طيبة‪ ،‬واحترام عميق‪ ،‬وذكرن أن كثيين من أبناء السويد‬
‫يعتنقون السلم‪ ،‬باعتباره الدين الوحيد الذي يترم عقل النسان‪ ،‬ويصون كرامته‪.‬‬
‫وذكر ل أحد السلمي اللان أنه دخل ف السلم بعد أن قرأ الية القرآنية الت تقول‪« :‬ل إكراه ف‬
‫الدين»‪ ،‬فأيقن أن نفي الكراه ف الدين ل يكن معروفا قبل أن يعلن القرآن الكري هذا البدأ‪ ،‬الذي‬
‫يترم عقل النسان‪ ،‬ويصون كرامته‪ ،‬وأنه ـ لن ير القرن الال حت ينتشر السلم ف أوروبا كلها‪،‬‬
‫بفضل تقدم دعاة أوروبيي‪ ،‬يملون لواءه‪ ،‬ويوقدون شعلته‪.‬‬
‫لقد كنا نتوقع أن تتحرك كل اليئات السلمية ف العال السلمي‪ ،‬الذي يزيد على ستي دولة‪،‬‬
‫احتجاجا على تلك الساءة إل نب السلم‪ ،‬وأن تستدعي وزارات الارجية ف كل الدول سفراء‬
‫الدانارك ليتسلموا احتجاجات على ما بدر من إساءة إل النب الكري‪ ..‬وكنا ننتظر إدانة الفاتيكان‬
‫لذا السلوك الغوغائي الوقح! ولكن شيئا من ذلك ل يدث‪ ،‬وكأننا نواجه بعض ما يدث خارج‬
‫عالنا ـ ف الريخ مثلً! إل أن ترك السؤولون ف جامعة الدول العربية‪ ،‬بقيادة الدبلوماسي المتاز‬
‫السيد عمرو موسى‪ ،‬المي العام للجامعة العربية‪ ،‬واتذ تلك الطوة الت تعتب سابقة رائعة ف تاريخ‬
‫الامعة العربية‪ ،‬وهي أعلى اليئات ف العال العرب‪.‬‬

‫‪678‬‬
‫عندئذ شعرت حكومة الدانارك أن المر جد‪ ،‬ل يصلح فيه الصمت أو التجاهل‪ ،‬وأنه ل بد من‬
‫التدخل لتصحيح جو العلقات الدبلوماسية بينها وبي العالي العرب والسلمي‪ ،‬وخرج التحدث‬
‫باسم الكومة الداناركية ليقول‪ :‬إن الذي حدث هو خطأ إعلمي غي مترم‪ ،‬وهو من تصرف بعض‬
‫الفراد غي السؤولي‪ ،‬وإن حكومة الدانارك تترم الدين السلمي‪ ،‬ول تسيء إل نب السلم‪،‬‬
‫وبذلك هدأت الزوبعة‪ ،‬وتلشت الزمة بقتضى ذلك التصرف الكيم من الامعة العربية‪ ،‬الت نابت‬
‫ف موقفها الشامخ عن الدول الستي السلمية‪ ،‬ومثلت بذلك ضمي المة‪ ،‬ودافعت عن عقيدتا‪.‬‬
‫إن ما حدث ف الدانارك ليس حدثا فريدا‪ ،‬ولكنا نتوقف أمامه لنرصد وقائعه الت حسمت المر‪،‬‬
‫وقطعت الطريق على عصابات التآمرين ضد السلم‪.‬‬
‫ول شك أن ف عالنا كثيا من جاعات التآمر‪ ،‬ل يكف أفرادها عن العمل ضد السلم‪ ،‬من خلل‬
‫الفضائيات‪ ،‬وهم يعلنون عن أنفسهم ليل نار‪ ،‬ومع ذلك ل ند من يتصدى لذا النشاط العادي‬
‫للسلم‪ ،‬من بعض رجال الدين النصارى‪ ،‬وهم ينشرون ف الجتمع كثيا من أسباب القلق‪ ،‬كما‬
‫يؤسسون لنتشار كثي من الفت‪ ،‬ويربون بناء الوحدة الوطنية والنسانية من دون أن يدوا من‬
‫يتصدى لم‪ ،‬دفاعا عن الق‪ ،‬وعن الياة الجتماعية الشتركة‪.‬‬
‫وقد سعت أن أحد السؤولي أجاب‪ ،‬عندما سئل عن القائمي بذا العمل القبيح‪ ،‬بأن هؤلء مبعدون‬
‫عن الكنيسة الرثوذكسية‪ .‬وهل يكفي أن يعلن أنم مبعدون‪ ،‬لتظل أصواتم تنعق‪ ،‬من دون توقف‪،‬‬
‫وبدون وازع من دين أو ضمي؟‬
‫إن القضية تتاج إل ترك الامعة العربية لذه الواجهة‪ ،‬ما دمنا قد عدمنا هيئاتنا الدينية‪ ،‬ومؤسساتنا‬
‫الت يب أن تتحرك دفاعا عن مستقبل هذه المة ضد العملء‪ ،‬وأحلس الصهيونية‪ ،‬الذين يعملون‬
‫بكل إخلص لتخريب حياتنا الجتماعية الشتركة‪ ،‬الت قام بناؤها على الحبة والخوة والسلم‬
‫من دروس الملة الوروبية على نب السلم‬
‫ل أستطيع أن أخفي عدم ارتياحي للعنف الذي استخدم ضد بعض السفارات الدناركية والنرويية‬
‫ف الارج‪ ،‬لكن غضب لكرامة نب السلم الذي أهي ف البلدين أكب‪ ،‬فضل عن أنن أزعم أن‬
‫موقف حكومة الدنارك بوجه أخص يتحمل جانبا كبيا من السؤولية عن الذي جرى لسفاراتا‪،‬‬
‫ولنن أحسب أنن لست باجة لن أشرح لاذا كان الغضب كبيا لكرامة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عندي وعند غيي‪ ،‬فإنن سأتوقف قليلً أمام النقطتي الخريي‪.‬‬
‫ذاك أنن على ثقة من أن مهاجة السفارات الدناركية والنرويية ل تدم قضيتنا‪ ،‬وربا أساءت إليها‪،‬‬
‫ولن أستغرب إذا تاهل العلم الغرب خلفيات الوضوع‪ ،‬وركز على ما جرى للسفارات‪ ،‬وأعتبه‬
‫من دلئل هجية السلمي وتلفهم‪ ،‬وربا كانت النتيجة أفضل كثيا لو أن الماهي توجهت إل‬
‫مقار السفارتي ف عواصم العال السلمي‪ ،‬حاملة لفتات التنديد والحتجاج‪ ،‬وقدم مسؤولون عنها‬

‫‪679‬‬
‫رسائل مكتوبة إل الدبلوماسيي ف البلدين‪ ،‬عبوا فيها عن مشاعر الستياء والغضب‪ ،‬وطالبوا‬
‫بالعتذار الصريح للمسلمي عما جرى‪ ،‬ث انصرفوا بعد ذلك ف هدوء‪.‬‬
‫ذلك ل يدث للسف‪ ،‬المر الذي ينبهنا إل ان الثقافة السائدة ل تستوعب ل فقه انكار النكر كما‬
‫تعلمناه ف السلم‪ ،‬ول أساليب النضال الدن وفنونه الت تقدمت كثيا ف عالنا العاصر‪ ،‬فقد تعلمنا‬
‫أن للنكار درجات‪ ،‬كما أن له أصولً وقواعد‪ ،‬منها مثل أن يؤدي النكار إل تقيق الراد‪ ،‬وأنه ل‬
‫يتسبب ف وقوع منكر أشد منه وأكب‪ ،‬وهو ما ل يدث ف الالة الت نن بصددها‪ ،‬حيث تناقلت‬
‫وسائل العلم العالية صور السفارات الدناركية وهي تترق‪ ،‬ف حي تاهلت الصور الت أهانت‬
‫نب السلم وأثارت ثورة السلمي‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فإن جوهر النضال الدن يقوم على فكرة استخدام الساليب السلمية الت تترم‬
‫القانون ف إيصال رسالة الحتجاج والغضب‪ ،‬وقد أشرت توا إل مسألة التظاهر السلمي‪ ،‬الت هي‬
‫أبسط تلك الساليب‪ ،‬الت سبقتنا إليها المارسة ف الديقراطيات الديثة‪ ،‬لكننا تلفنا ف هذا الباب‪،‬‬
‫لنه ليست لدينا ديقراطيات تفرزها!‬
‫أما لاذا قلت إن حكومة الدنارك تتحمل جانبا من السؤولية عن العنف الذي حدث ضد بعض‬
‫سفاراتا‪ ،‬فردي على ذلك إن انفعال الماهي وغضبها‪ ،‬ومن ث هجومها على السفارات‪ ،‬ذلك كله‬
‫ل يدث إل بعد أكثر من أربعة أشهر على نشر الرسوم البذيئة‪ ،‬وخلل تلك الشهر ل تاول‬
‫الكومة الدناركية احتواء الوضوع‪ ،‬واليلولة دون ارتفاع وتية الغضب وانفلت العصاب‪ ،‬ولكن‬
‫تلك الهود كلها ذهبت سدى‪ ،‬أكثر من ذلك فإن رئيس وزراء الدنارك رفض مرد مقابلة وفد‬
‫الدبلوماسيي العرب والسلمي ف كوبنهاجن‪ ،‬وهو موقف افتقد إل اللياقة والس السليم‪ ،‬لن‬
‫الرجل ل يقبل بجرد الستماع إل وجهة نظر أولئك الدبلوماسيي‪ ،‬وكان ذلك الرفض معبا عن‬
‫الستهانة والزدراء‪ ،‬فضل عن أنه كان مشجعا لسؤول صحيفة «يولندر بوسطن» على أن يتعنتوا‬
‫ف موقفهم‪ ،‬ويتعاملوا مع الشاعر السلمية بذات القدر من الستهانة والزدراء‪.‬‬
‫إزاء الفشل الذي منيت به جهود المي العام لنظمة الؤتر السلمي الدكتور أكمل الدين احسان‬
‫أوغلو‪ ،‬ف تغيي موقف الكومة الدناركية‪ ،‬ورغم أن السعودية استدعت سفيها ف كوبنهاجن‬
‫للتشاور‪ ،‬ف إشارة ل تفى دللتها‪ ،‬وليبيا أغلقت سفارتا‪ ،‬وكذلك سوريا‪ ،‬رغم هذه الهود كلها‪،‬‬
‫ظل الوقف الدناركي جامدا ورافضا أي تاوب يل الشكلة سياسيا ودبلوماسيا‪ ،‬ومن ث يتص‬
‫غضب الشارع السلمي ويداوي جرحه‪ ،‬وخلل الشهر الربعة الت خلت كان الغضب يتراكم‪،‬‬
‫وازدادت وتيته بعد إعادة نشر الرسوم الهينة ف أكثر من عاصمة أوروبية‪ ،‬ف إصرار مستغرب على‬
‫إيذاء مشاعر السلمي واستفزازهم‪.‬‬

‫‪680‬‬
‫ف هذه الثناء أطلقت الدعوة إل مقاطعة البضائع الدناركية‪ ،‬وهي الدعوة الت حققت ناحا نسبيا‬
‫ف العال العرب على القل‪ ،‬المر الذي أزعج السلطات ف كوبنهاجن‪ ،‬الت تعرضت لضغوط قوية من‬
‫الؤسسات القتصادية صاحبة الصال الكبى ف النطقة‪ ،‬فنشرت الصحيفة الت أثارت الفتنة اعتذارا‬
‫خجو ًل باللغة العربية على إحدى صفحاتا‪ ،‬ف حي تسكت بوقفها الذي زعمت أنه يارس «حرية‬
‫التعبي»‪ ،‬فيما نشرته باللغة الدناركية ف نفس العدد‪ ،‬وف الوقت ذاته صدرت عن السؤولي ف‬
‫الكومة الدناركية تصريات تدثت بشكل عام عن أهية احترام أديان الخرين‪ ،‬ول تتضمن أي‬
‫حديث صريح عن العتذار للمسلمي عما أقدمت عليه الصحيفة‪ ،‬الت وفرت لا الكومة الغطاء‬
‫الدب والسياسي‪.‬‬
‫هذه الهود الت تواصلت خلل الشهر الربعة الاضية‪ ،‬ل تسفر عن شيء يرعى مشاعر السلمي‬
‫ويفظ بعضا من كرامة نبيهم‪ ،‬ول يكن مستغربا بعد ذلك أن تنفجر مشاعر البعض‪ ،‬بيث يندفعون‬
‫إل بعض السفارات الدناركية مطمي واجهاتا ومشعلي فيها الرائق‪.‬‬
‫بطبيعة الال‪ ،‬لست هنا ف موقف الدفاع عن سلوك الماهي الغاضبة‪ ،‬الذي أكرر أنن ل أقره من‬
‫حيث البدأ‪ ،‬ولكنن فقط أنبه إل ملبسات ما جرى‪ ،‬متمنيا أن نستخلص من ذلك الذي جرى‬
‫درسا خلصته أنه ف أحيان كثية‪ ،‬فإن العنف ل يظهر على السطح إل حي تنسد أبواب اللول‬
‫وأساليب التغيي السلمية‪ ،‬وهي الفكرة الت عب عنها بعض أهل الفقه حي قالوا بأن أفضل وأنع‬
‫وسيلة لتحري الرام وقطع دابره‪ ،‬هو أن يفتح الباب واسعا لمارسة اللل‪ ،‬بالتال فلو أن حكومة‬
‫الدنارك تاوبت بصورة واضحة ومقنعة مع مشاعر مليي السلمي الغاضبي‪ ،‬بيث قدمت اعتذارا‬
‫صريا لم عما جرى‪ ،‬لختلف المر كثيا‪ ،‬ولا حدث ذلك العنف الذي تعرضت له سفاراتا‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤيد ادعائي بأنا تتحمل جانبا من السؤولية عن تردي الوقف على النحو الذي شهدناه‪.‬‬
‫ل أحد يستطيع أن يتكهن بصي هذه الواجهة‪ ،‬الت تتسع دائرتا ف أوروبا‪ ،‬ربا تعبيا عن التضأمن‬
‫مع الصحيفة الدناركية‪ ،‬وربا كان ذلك أيضا إحياء لشاعر بغض كأمنة‪ ،‬رسختها ثقافة ما بعد‬
‫الروب الصليبية‪ ،‬الت ما زالت بصماتا قائمة ف مناهج التعليم والرجعيات الثقافية الختلفة‪ ،‬لكن‬
‫الذي ل شك فيه أن من شأن ما جرى تعميق هوة الفاء والساسية بي السلمي والوروبي‪ ،‬المر‬
‫الذي ل يدم بأي حال دعوات الوار والتعايش‪ ،‬ناهيك عن احترام الخر‪ ،‬وهو ما دفع البعض إل‬
‫القول بأن ثة أصابع صهيونية وأميكية ماكرة ف الشهد أرادت أن تشعل نار الفتنة والوقيعة بي‬
‫السلمي والوروبيي‪ ،‬لتخفيف حدة العداء للميكيي‪ ،‬ولشغال السلمي بـ»معركتهم« مع‬
‫أوروبا‪ ،‬وصرف انتباههم عن المارسات الميكية ف العراق‪.‬‬
‫بقيت بعد ذلك عدة ملحظات على الشهد ألصها فيما يلي‪:‬‬

‫‪681‬‬
‫* إن سلح القاطعة الشعبية أثبت جدارته‪ ،‬باعتباره يس الصال الغربية ف اقتصادها (الذي هو أعز‬
‫ما تلك)‪ ،‬وهو سلح ينبغي الحتفاظ بفعاليته‪ ،‬لهيته البالغة من ناحية‪ ،‬ولنه يعد من أقوى أساليب‬
‫النضال الدن تأثيا‪ ،‬ويسب لزمة الرسوم الكاريكاتورية أنا دفعت البعض إل التنادي لستحضار‬
‫ذلك السلح العطل‪ ،‬الذي نن أشد ما نكون حاجة لستخدامه على جبهات أخرى‪ ،‬خصوصا ف‬
‫مواجهتنا للضغوط ومظاهر العدوان الغرب الكثية على أمتنا‪.‬‬
‫* إن الوقف الشعب من الزمة أسبق وأقوى كثيا من الوقف الرسي ف العال العرب والسلمي‪ ،‬وإذ‬
‫نقدر الهود والواقف الت عبت عنها منظمة الؤتر السلمي وعدد من الكومات العربية ل‬
‫يتجاوز أصابع اليد الواحدة‪ ،‬إل أننا يب أن نعترف بأن النتائج ستصبح أفضل كثيا لو تضأمنت‬
‫أغلب أو كل الكومات السلمية ف اتاذ موقف حازم من حكومة الدنارك‪ ،‬وهو الد الدن‪ ،‬لو‬
‫أن وزراء الوقاف والشؤون السلمية ف العال العرب على القل‪ ،‬عقدوا اجتماعا طارئا وأصدروا‬
‫بيانا مشتركا أعلنوا فيه موقفهم الرافض لهانة نب السلمي‪ ،‬وهم الذين ل يقصروا ـ فرادى‬
‫ومتمعي ـ بل وتنافسوا ف الملة ضد الرهاب وأهله‪.‬‬
‫* إن موقف شيخ الزهر كان بكثي دون الستوى الطلوب‪ ،‬إذ ف حي تصورنا أنه سيكون ف‬
‫مقدمة الغاضبي لكرامة نب السلم‪ ،‬فإننا وجدنا تعبيه عن الحتجاج فاترا للغاية‪ ،‬حي كان‬
‫اعتراضه على ما جرى مبنيا على أن النب عليه الصلة والسلم ميت ول يستطيع الدفاع عن نفسه‪،‬‬
‫وهي حجة ل تطر على بال أي مسلم عادي‪ ،‬يعيش النب ف قلبه ووجدانه طول الوقت‪ ،‬ويصلي‬
‫عليه ويسلم ثلثي مرة على القل ف اليوم الواحد‪ ،‬ث أنه اعتب الوضوع منتهيا بعدما استقبل سفي‬
‫الدنارك ف القاهرة‪ ،‬الذي نقل إليه مضمون العتذار الغامض والجول الذي أشار إليه بيان رئيس‬
‫وزراء الدنارك ف مستهل العام الديد‪ ،‬وكان حريا بشيخ الزهر أن يتحفظ ف هذا الصدد‪ ،‬على‬
‫القل حت يتحقق من أن العتذار الفترض يقق مراده ف الفاظ على كرامة نب السلم‪ ،‬وهو المر‬
‫الذي أتصور أنه يتل أهية خاصة لدى مشيخة الزهر الت عهدناها ـ فيما مضى ـ منارة يهتدي‬
‫با السلمون ف كل مكان‪ ،‬ورأس الربة ف الدفاع عن كرامة السلم والسلمي‪.‬‬
‫إن أهم حقيقة أسفرت عنها الواجهة الت نن بصددها هي أننا نلك الكثي من الوراق الفاعلة‬
‫لكسب أي معركة‪ ،‬بالتال فنحن لسنا مفلسي أو عديي اليلة كما يصور البعض‪ ،‬لكننا فقط مغلولو‬
‫اليد ومهزومون‪ :‬سياسيا وحضاريا!‬
‫===================‬
‫من يَحْ ِم ْل معي؟!‬

‫ممد جلل القصاص‬

‫‪682‬‬
‫‪mgalkassas@hotmail.com‬‬
‫رسالة إل طلبة العلم والدعاة بعد سب البيب صلى ال عليه وسلم وإهانة الصحف الشريف‪..‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ما ل يفى على متابع أن حلت التنصي تنتشر ف جيع بقاع العال السلمي من إندونيسيا إل‬
‫الغرب العرب‪ ,‬مرورًا بالزيرة العربية‪ .‬وكلنا نشتكي التنصي‪.‬‬
‫جُ ّل الهود البذولة ف التصدي للتنصي ـ على قلتها ـ تنصرف للحديث عن المور الركية‪ ،‬مثل‬
‫الكلم عن عدد الماعات أو المعيات الت تعمل ف مال التنصي‪ ،‬والماكن الت ينتشرون فيها‪..‬‬
‫برامهم‪ ..‬ميزانيتهم‪ ..‬من يدعمهم وعدد من تنصروا‪ ..‬ومن عادوا‪ ...‬إل‪.‬‬
‫وكذا التصدي لا يصدر من النصارى من حي لخر من بذاءة يَُنفّثُون با عما ف قلوبم من حقد‬
‫يكون غالبًا حركيًا أيضًا‪ ..‬نتنادى للمقاطعة‪ ..‬والكتابة للمسئولي‪ ..‬وناكم القوم إل أعرافهم‪,‬‬
‫فيخاطبهم كثي من "الثقفي" باسم "الرية" الت تكفلت با "الديقراطية" و"التسامح" مع الديان‬
‫الذي ينادي به دينهم‪ ...‬إل‪ .‬ودينهم ليس فيه تسامح مع الخر‪ ,‬ودونكم كتابم [القدس]‪ ،‬والواقع‬
‫شاهد ثرثار ل يكف الديث ولكن من يسمع ويعقل؟! والبعد العلمي ف التصدي لذه الملت‬
‫السعورة ينحصر ف بيان كذب القوم ف دعواهم حول القرآن‪ ،‬أو حول النب ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ول يتطرق إل منطلقات القوم وعقائدهم الفاسدة إل من طرف خفي وبإشارات يفهمها‬
‫التخصصون فضلً عن العلمانيي‪.‬‬
‫نثور قليلً ث ندأ‪ ..‬كنار السعفة‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬هناك جهد أكاديي ل يكن إنكاره يتجه نو نقد دين النصارى‪ ..‬نقد كتابم "القدس"‬
‫وشرائعهم‪ ..‬إل أنه حبيس الدرجات وياطب به طلبة درجات التخصص العليا "الاجستي أو‬
‫الدكتوراه"‪.‬‬
‫وقليل من هؤلء التخصصي من يُستفاد بعلمه ف التصدي لذه الملة السعورة‪.‬‬
‫إخوان وشيوخي الكرام!‬
‫ل يفى على حضراتكم أن النصرين يتيممون الطبقة الت تهل دينها‪ ،‬وهم الذين يفتعلون الشبهات‬
‫حول السلم ونب السلم صلى ال عليه وسلم مستغلي جهالة التلقي‪ ،‬ول يفى على حضراتكم‬
‫أن دين النصارى يمل من الفضائح ما لو علمها الناس لنصرفوا عنه من فورهم‪ ،‬كاتامهم لعدد غي‬
‫قليل من أنبياء ال بالزنا‪ ,‬بل والكفر بال‪ ،‬وتشبيههم ربم بالدودة واللبؤة‪ ,‬وأن رب الرباب‬
‫خروف‪ ..‬تعال ال عما يقول الكافرون علوًا عظيمًا‪ ،‬وفيه تشريع الرّق‪ ،‬وفيه أمر بقتل وحرق ونو‬
‫ذلك ما يرمون به السلم‪ .‬وكلم "الكتاب القدس" بعهديه على الرأة ما يضحك منه الصبية‬
‫ويصلح للفكاهة ف مالس السمر‪ .‬إل أن النصرين أخذاهم ال يتزئون من الكتاب ما يلو لم ما‬

‫‪683‬‬
‫يسن صورة باطلهم‪ ،‬ويتزئون من الدين السلم ما يلو لم ما يقبح دين ال عز وجل ف أعي‬
‫الستهدفي بملت التنصي‪.‬‬
‫والال هكذا‪ :‬فلم ل تتبنون دراسة نقدية ـ ف شكل مقالت أو رسائل ـ تتناول دين النصارى‬
‫وتقارن بينه وبي السلم؟! ما يصلح أن ياطب به عوام الناس‪ .‬والدف هو نشر ثقافة مضادة‬
‫للتنصي بي الناس‪ .‬هذا طريق قصي وجيد للتصدي للتنصي‪.‬‬
‫الستهدفون من هذا الطرح هم عوام الناس من السلمي‪ ،‬وكذا عوام الناس من النصارى‪ .‬فالصورة‬
‫الن أن "البشرين" ـ وكذا دعاة العلمانية والتغريب ـ وصلوا إل عدد غي قليل من عوام السلمي‬
‫وخاطبوهم بباطلهم‪ ،‬والصورة الن أننا ل نستطيع الوصول لعوام النصارى بعد أن جلسنا ول‬
‫ناطبهم بالسلم وانصر خطابنا‪ ..‬ول ناطبهم بقيقة دينهم الذي لبّسه عليهم النصارى‪.‬‬
‫نتكلم عن الوار مع "الخر"‪ ،‬فهيا‪ ..‬هاهو الخر اليوم ينظر باذا سندافع عن نبينا ـ صلى ال عليه‬
‫وسلم ـ وماذا سنقول؟!‬
‫وهاهو "الخر" يلس معنا على الشبكة العنكبوتية‪ ،‬ونستطيع أن ناطبه من خلل أشرطة الكاسيت‬
‫وبعض الحطات الفضائية‪.‬‬
‫إخوان وشيوخي الكرام!‬
‫نزل الكفر بساحتنا الفكرية واستباح حصوننا العقدية‪ ،‬حت وصل إل مناهجنا التربوية‪ ،‬ورست‬
‫اليدي الثة مفاهيم المة وتصوراتا كما يلو لا‪.‬‬
‫فأين التوحيد الصحيح ف أذهان عوام الناس؟! وأين مفهوم الجاب الشرعي الصحيح من عوام‬
‫الناس؟! وأين الولء؟! ومن الباء؟! وفيما سعي الناس اليوم جلةً؟!‬
‫وهاهم اليوم يتعدون على أقدس ما عندنا‪ ..‬قرآن ربنا بالمس وشخص نبينا صلى ال عليه وسلم‬
‫اليوم‪ .‬فمن يمل معي على القوم لنردهم عن حصوننا الفكرية‪ ..‬عن ديننا وعرض أمهاتنا ـ أمهات‬
‫الؤمني ـ ونسائنا وأطفالنا وشبابنا؟!!‬
‫==========================‬
‫موقع السلم ياور اللجنة الوربية لنصرة خي البية‬

‫‪23/12/1426‬‬
‫أجرى الوار‪ :‬فارس نادر‬
‫لقاء مع أحد الخوة أعضاء اللجنة الوروبية لنصرة خي البية ف الدنارك حول الوضوع الثار‬
‫حديثا‪ ،‬وهو السخرية والستهزاء بالنب ممد _صلى ال عليه وسلم_ من قبل الهات الصحفية‬
‫والعلمية هناك‪.‬‬

‫‪684‬‬
‫· ف البداية نرحب بكم ف موقع السلم‪ ،‬ونود أن نصل منكم على بعض العلومات وتعريف بسيط‬
‫عن اللجنة الت تملت عبء الدفاع عن الرسول _صلى ال عليه وسلم_ نيابة عن المة _جزاكم‬
‫ال خيا_‪.‬‬
‫بداية أحد ال حدا كثيا طيبا مباركا فيه‪ ،‬وأثن عليه با هو أهله‪ ،‬وأسأله _سبحانه وتعال_ أن‬
‫يلهمنا الصواب ف أمورنا ويتجاوز عن سيئات أعمالنا‪ ،‬كما أنن أشكر موقع السلم على استضافت‬
‫لقوم وأتشرف بنصرة النب _صلى ال عليه وسلم_ من هذا الوقع البارك العروف بديته وانتصاره‬
‫لقضايا السلم‪.‬‬
‫اللجنة الوروبية لنصرة خي البية النب _صلى ال عليه وسلم_ ف الدنارك تتكون من إخواننا‬
‫وزملئنا ً من جنسيات متلفة خرجوا إل الدنارك؛ بعضهم لبنانيون وبعضهم فلسطينيون وبعضهم‬
‫من جنسيات غي عربية أقاموا ف الدنارك وعملوا هناك‪ ،‬إما بالتجارة وإما بالدعوة وإما بأمور شت‬
‫يطلبون المان والسلم ويفرون بدينهم من الظلم الذي لق بم ف بلدانم‪ ،‬وعلى أن تلك البلد ل‬
‫يُظلم فيها أحد! هكذا كانوا يتوقعون‪( .‬رئيس اللجنة) الشيخ رائد حليحل من خريي الامعة‬
‫السلمية ف الدينة النورة من كلية الشريعة‪ ،‬وبقية أعضاء اللجنة مكونة من شخصيات تثل جعيات‬
‫إسلمية رسية ف الدنارك عددها سبع عشرة جعية‪ ،‬إضافة إل إخوة آخرين‪.‬‬
‫· هل هناك جهات رسية حكومية من أي دولة من دول العال السلمي أو شخصيات ذات صفة‬
‫رسية مشاركة معكم ف هذه اللجنة؟‬
‫ل يوجد‪ ،‬كلها جهات شعبية فقط‪.‬‬
‫· نرغب منكم الن أن تعطونا فكرة عن بدايات هذه القصة ونوايا من بدؤوا به؟ هل كانت بتخطيط‬
‫وبقصد أم بدون قصد؟و مت كانت وكيف صارت؟‬
‫ف بداية المر توحي الحداث أن المر غي مطط له‪ ،‬ولكن تفاعلت المر وحيثياته وتداعياته دلت‬
‫على أن هناك شيئا كان يطط ف خفاء ويراد له‪ .‬بداية المر كانت أن كاتبا دناركيا كتب كتابا‬
‫عن السلم وعلى طريقة الغربيي أراد الترويج لذا الكتاب بطريقة لفتة وجذابة‪ ،‬فأسعفته قريته أنه‬
‫لو وضع على الغلف صورة للرسول ممد _صلى ال عليه وسلم_ ربا راج الكتاب وازدادت‬
‫مبيعاته‪ ،‬فخاطب أحد الرسامي يطلب منه أن يتخيل له ممدا ويرسم له صورة لتكون غلفا‪،‬‬
‫والفاجأة أن أكثر من رسام من أهل الدنارك امتنعوا خوفا من غضبة السلمي‪ ،‬إذ إنه قبل مدة قُتل‬
‫مرج سينمائي ف هولندا أخرج فيلما يسيء للسلم‪ ،‬فربا خشوا على أنفسهم من هذه العاقبة‪،‬‬
‫وانتشر المر أن هناك رسامي خافوا أن يعبوا عن آرائهم‪.‬‬
‫وصل الب إل مدير ترير صحيفة يولند بوست‪ ،‬الذي أزعجه المر وعدّه كتما للحريات‪،‬‬
‫وبالناسبة صحيفة يولند بوست هي صحيفة الزب الاكم ف الدنارك‪ ،‬وتنطق باسم رئاسة الوزارة‪،‬‬

‫‪685‬‬
‫وهي صحيفة موثوقة عند الدناركيي وواسعة النتشار تضاهي الجازين ونيويورك تايز‪ ،‬ومبيعاتا ف‬
‫اليوم أكثر من مليون نسخة‪ ،‬والدناركيون بالذات والدول السكندنافية يصدقون العلم بشكل‬
‫جدي وقوي‪،‬يعن ل يفكرون أبدا مع وجود العلم ويصدقونه ف كل ما يبلغهم به‪ .‬فانبى هذا‬
‫الرجل _كما يقول_ غية على الديقراطية وعلى الرية‪ ،‬انبى لكيل تصاب الرية ف مهدها‬
‫وتضرب الديقراطية ف أرضها‪ ،‬وأنه ل ينبغي أبدا لحد أن يشى من أن يعب عن رأيه ف أرض‬
‫الريات وف أرض الديقراطية‪ ،‬فقام هو وتول كب مسألة الدفاع عن هذه التصورات الاطئة‪ ،‬وأنه‬
‫يق لن شاء أن يفعل ما يشاء دون حدود! فخاطب ‪ 40‬رساما ف الدنارك يطالبهم‪ ،‬وربا عب‬
‫مسابقة ووضع حوافز برسم صورة متخيلة لحمد _صلى ال عليه وسلم_ على الطريقة الت يشتهون‬
‫وبأي طريقة يشاؤون وضمن لم أنه سينلا ف الصحيفة من غي تفظ‪ ،‬فأجابه ‪ 12‬رساما‪ ،‬وأرسلوا‬
‫له صورا – موجودة لدينا – وهي صور شنيعة تدل على رداءة ف التفكي وعلى انطاط حقيقة ف‬
‫الستوى‪ .‬أحيانا صور ل تدل على شيء أبدا وغي مفهومة ‪ ,‬وبعضها ل تدري ما يراد منها‪ ،‬وأحيانا‬
‫بابا نويل للمسلمي‪ ،‬وأحيانا رسوم تشكيلية غي مفهومة وأخرى قبيحة (راجع شرح الصور ف موقع‬
‫السلم)‪ ،‬وهي صور مقذعة مقرفة‪ ،‬ولول ضرورة تعريف السلمي بذا الستوى الساقط من التعابي ما‬
‫كان ينبغي لا أن تنشر أصلً أو يتكلم عنها‪.‬‬
‫نشرت الصور قبل رمضان بمسة أيام كلها‪ ،‬وبقيت الصور تنشر على مدى سبعة أيام متوالية إل‬
‫بداية رمضان‪ ،‬أي يكرر كل يوم نشر نفس الصور‪ ،‬ث دعمت الصور بقال لرئيس التحرير مترجم‬
‫لدى الوقع‪ ،‬وكلما جاء مشاركة جديدة من رسام جديد كان يلحقها ف اليوم التال وهكذا‪ ،‬وبيّن‬
‫أن السبب الذي دفعه إل نشر الصور بقال دبه ذكر فيه أنه يريد أن يكسر ويطم كبياء السلمي‪،‬‬
‫وأنه ل ينبغي أن يكون هناك شيء غي قابل للنقد‪ ،‬وأنم مثلهم مثل غيهم من المم‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يقبلوا النقد سواء بطريقة مرسومة أو بطريقة مكتوبة‪ ،‬وزعم أن السلمي أو عوام السلمي أكثر من‬
‫يقبل النقد لكن الشكلة ف قساوسة السلمي _على حد تعبيه_ ويقصد العلماء والشيوخ الذين‬
‫يتكرون موضوع قدسية القرآن الكري _كما يزعم_‪.‬‬
‫· ث ماذا حدث بعد ذلك‪ ..‬هل نُشرت الصور؟‬
‫نشروا الصور وكانت الطريقة تبدو كأنا غي مبمة‪ ،‬لكن اكتشفنا أنا كانت مبيتة أو كان هناك‬
‫مطط مبيت من خلل بعض الرسوم الت تكي ردة فعل السلمي وكيفية الرد عليها‪ ،‬وهذا يدل على‬
‫أن السألة كان مططا لا وهي تدرس ردات الفعل ويضر للجواب عنها‪ ،‬وكانت ردة فعلنا الول‬
‫من الدنارك‪ ،‬الخوة ف الراكز السلمية والوقاف السلمية والنتديات والساجد والمعيات تنادوا‬
‫وبدؤوا يتدارسون كيفية الرد على هذه الملة السعورة‪ ،‬وذلك ف اليوم التال للنشر مباشرة‪،‬‬

‫‪686‬‬
‫وشكلت لنة لنصرة النب _صلى ال عليه وسلم_ وتشكلت هذه اللجنة من غالب الؤسسات‬
‫السلمية العاملة ف الدنارك‪.‬‬
‫· لاذا الدنارك؟ معروف أن الدنارك دولة صغية‪ ،‬وأنا مسالة‪ ،‬فما هو ف تصوركم السبب ف أنا‬
‫قامت بذا الفعل ول تكن دولة أخرى من الدول الكثر جفاء للسلم‪ ،‬ماهو تفسيكم لذلك؟‬
‫الدنارك ف سياستها تبع لمريكا‪ ،‬ولا قوة ف العراق وهي تنفذ ما يلى عليها ف السياسة المريكية‬
‫الارجية والداخلية مباشرة‪ ،‬وينعكس على الدنارك كل ما يطبق ف المن المريكي ويطبق مباشرة‬
‫على الالية السلمة – خاصة أنا أقلية‪ -‬فالتأثر بالجمة المريكية شديد وقوي ومشترك‪.‬‬
‫· هل تتوقع أن هناك صلت أو ترتيبات خارج الدنارك شاركت ف هذه الملة من بعض الدول أو‬
‫الهات؟ أم أن المر كان داخليا بتا؟‬
‫نتوقع أنً هناك تدخل‪ ،‬ولكن هل كان ذلك منذ البداية أم جاء فيما بعد؟ ل نعلم ‪ ،‬فقد زارت النائبة‬
‫ف البلان الولندي ف نفس الوقت الدنارك واجتمعت برئيس ملس الوزراء ف الوقت الذي رفض‬
‫فيه أن يستقبل رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول العربية والسلمية وعددهم ‪ 13‬سفيا ‪ .‬رفض‬
‫مقابلتهم وإعطاءهم موعدا‪ ،‬وادعى النشغال بينما قابل النائبة الولندية‪ ،‬وكانت التصريات الت‬
‫صدرت عن اللقاء تدل على أنما كانا يبحثان ف نفس الوضوع‪ ،‬حيث قالت النائبة‪ :‬إنا منذ (‬
‫‪ 11 )22/6/1422‬سبتمب غيت رأيها ف السلم‪ ،‬وأن النب ممد _صلى ال عليه وسلم_ هو‬
‫مرد ديكتاتوري مثل صدام حسي‪ ،‬وإنا تريد أن تثل فيلما ف الدنارك لتستفيد من أجواء الرية‬
‫فيها عن النب _صلى ال عليه وسلم_ وتعرف به ‪-‬على طريقتها طبعا‪ ،-‬هذه الرأة من أصل صومال‬
‫وارتدّت عن السلم‪ ،‬وعلى إثر ذلك ُكرّمت وصارت سياسية ف هولندا‪ ،‬وهي الت كتبت الفيلم‬
‫الذي مُثّل ف هولندا‪ ،‬وقُتل مرجه (فان جوخ)‪ ،‬وأصبحت بعد ذلك تشي براسة مشددة وأمن من‬
‫الوف النفسي‪.‬‬
‫ل أدري كيف يستقبلها ‪-‬و ف نفس الوقت يرفض رئيس الوزراء استقبال رؤساء البعثات‬
‫الدبلوماسية السلمية والعربية‪ -‬ويكرّمها ويقلّدها وساما ويعبّر عن إعجابه بريتها وتقدميتها وهي‬
‫ف نفس الوقت عبّرت عن سرورها بالجواء الديقراطية والرية ف الدنارك‪ ،‬وقررت أن تصنع فيلما‬
‫ساخرا عن شخصية الرسول _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬هذا يدل على أن هناك جهات أخرى تشارك‬
‫ف الوضوع‪.‬‬
‫· أخي هل للحزب للحاكم سيطرة على هذه الصحيفة‪ ،‬حيث إن الصحيفة تابعة للحزب‪ ،‬فهل له‬
‫ل يتبعون الساليب القضائية‬ ‫سيطرة بعن أنه يستطيع أن يغيّر أو يقدّم اعتذارا أو يرشدها أم أنم فع ً‬
‫والقانونية ف بلدهم‪ ،‬أي أن الزب كيان سياسي والصحيفة كيان إعلمي‪ ،‬وإذا أردنا أن نتعامل مع‬
‫الصحيفة فعلينا أن نلجأ للقضاء؟‬

‫‪687‬‬
‫هذا ما قاله رئيس الوزراء‪ :‬عندكم الحاكم قدّموا دعوى‪ ،‬نن ل نستطيع أن ننع حرية الرأي‪ .‬هكذا‬
‫زعموا‪ ،‬لكن أنتم تعلمون جيدا يا إخوان أن الساسة ف كل البلدان يستطيعون ولم طرقهم ف التأثي‬
‫على الصحافة‪ ،‬ولسيما إذا كانت صحافة مسيسة وتتبع لهة سياسية وهي البوق للحزب‪ ،‬وتتكلم‬
‫بلسان حاله وتنشر أفكاره ومبادئه ف الدنارك‪ ،‬وهي الناطقة باسه‪ ،‬ومقربة جدا جدا للحزب‪.‬‬
‫· هل للصحيفة وللحزب سوابق ف الدنارك ف حالت ماثلة؟‬
‫على حد علمي أن ليس لم سوابق‪ ،‬خاصة أن هذا الزب وصل للحكم حديثا وليس قديا‪ ،‬وقد‬
‫انتقده رئيس الوزراء السابق الذي كان له موقف قوي ومشرف من رئيس الوزراء الال‪ ،‬واتمه‬
‫بالمق والسذاجة‪ ،‬وكيف يتبن مثل هذه الماقات‪ ،‬وكيف يرفض مقابلة رؤساء بعثات دبلوماسية‬
‫للدنارك مصال كبى اقتصادية عندها‪ ،‬وأيضا انتقده دبلوماسيون دناركيون عملوا ف البلدان العربية‬
‫السلمية فخاطبوه بلهجة قاسية هو والكومة الالية‪ ،‬واتموها بعدم النكة وعدم العرفة‪.‬‬
‫· هل رئيس التحرير والكاتب والرسامون من نسميهم بالنصارى التديني أم أنم ل دينيي؟ بعن إن‬
‫بعض الغربيي ل يعترف بنصرانية ول بغيها‪ ،‬والقانون عنده فوق كل شيء‪ ،‬فهل هم من هذه الفئة‬
‫أم من يلتزمون بالنصرانية الحرفة الالية؟‬
‫هم ل دينيون‪ ،‬ما علمنا عنهم أنم كذلك‪ .‬عموما التدين ف الدول السكندنافية ضعيف جدا جدا‪،‬‬
‫حت الكنائس عندهم مهجورة‪ ،‬وهم ل يتورعون حت عن الستهزاء بعيسى _عليه الصلة والسلم_‬
‫بل إنم أنتجوا فيلما فيه إساءة لعيسى _عليه السلم_‪.‬‬
‫· تردد أن الحكمة والدعي العام رفضا قبول القضية بجة أن القواني ف الدنارك ل تتعامل مع هذه‬
‫القضية‪ ،‬هل هذا الدث صحيح؟‬
‫نعم ت رفض الدعوى الت رفعها الخوة السلمون ف الدنارك على هذه الصحيفة‪،‬كما حثنا رئيس‬
‫الوزراء!!! حيث قال‪ :‬ارفعوا قضية على الصحيفة وعندكم القضاء‪ ،‬ولكن رفضها الدعي العام‬
‫وردّها‪ ،‬ولكننا الن نستأنف القضية‪ ،‬وقد وكّلنا مامي من الدنارك ومن أمريكا‪ ،‬حيث إن قانون‬
‫بعض الوليات ماثل لقانون الدنارك‪ ،‬وكأن أحدها استنسخ من الخر‪ ،‬فهناك مامون خباء من‬
‫أمريكا قبلوا أن يدخلوا ف هذه الدعوى وعلى علم ببعض الثغرات الت تكنهم من الوصول _إن شاء‬
‫ال عز وجل_‪.‬‬
‫· هل ستكون القضية ف الدنارك أم ف الدنارك وأمريكا؟‬
‫ل‪ ،‬القضية ف الدنارك‪.‬‬
‫· لاذا ل ترفع القضية ف الدول العربية‪ ،‬إذا رفضت ماكمهم فما الشكال ف أن ترفع ف ماكمنا؟‬
‫ول نتوقع أن يوجد دولة مسلمة ترفض مثل هذه القضية‪ ،‬حيث إن المر يتعلق بالرسول الكري ممد‬

‫‪688‬‬
‫_صلى ال عليه وسلم_ الذي ل يتلف عليه أحد من السلمي مهما كانت ثقافته‪ ،‬ث بعد ذلك‬
‫نلحق من تثبت عليه التهمة والكم عن طريق الشرطة الدولية؟‬
‫الذي علمته الن أن اللجنة العالية للنصرة خات النبياء _عليه الصلة والسلم_ والمعيات ف‬
‫الدنارك يبحثون هذه السألة بدية‪ ،‬ونشكركم على هذا القتراح والتحرك الن سيكون بشكل‬
‫دول‪.‬‬
‫· ماذا كانت ردة فعل الصحيفة؟ هل طلبت المعيات لقاء رئيس التحرير أو مسؤولي ف الصحيفة‪،‬‬
‫وماذا كان ردهم؟‬
‫خاطبناهم وطالبناهم بالعتذار‪ ،‬ولكن ل نطلب مقابلة رئيس التحرير‪ ،‬لكن الصحيفة حاولت مقابلة‬
‫(رئيس اللجنة الوروبية لنصرة خي البية) الشيخ‪ /‬رائد حليحل لتناقش معه الوضوع ف مقابلة‪،‬‬
‫فرفض إل أن تنشر اعتذارا أو أن تنل له مقالً كاملً من غي تشويه‪ ،‬ث بعدها يقابلهم‪ ،‬وكتب مقالً‬
‫ف الرد عليهم فنشروه مشوها‪ ،‬وفسّروه ودبوه بطريقتهم بيث ل يؤدي الغرض الراد منه‪ ،‬ونشروا‬
‫الحتجاجات الت أرسلت إليهم مقتضبة ومتصرة ل تؤدي الغرض‪.‬‬
‫· هل ‪ -‬حسب علمكم ‪ -‬وصلت لم استنكارات وردود فعل ورسائل من متلف أناء العال‬
‫للصحيفة؟‬
‫كثيا جدا جدا‪ ،‬وللسفارات الدناركية ف مصر وف لبنان باللف‪ ،‬حت إن السفي الدناركي ف‬
‫مصر خاطب الارجية الدناركية مستغيثا ومستجيا‪ ،‬وكان للمفت الشيخ علي جعة وممع البحوث‬
‫السلمية التابع للزهر وحت الارجية الصرية نشاط كبي ف القضية‪ ،‬بل والشعب السلم ف مصر‪،‬‬
‫هذا الشعب البارك الي الغيور على دينه انتقد‪ ،‬حيث أرسل رسائل احتجاج على فاكس السفارة‬
‫الدنركية وأرسل مراسيل الكترونية ورسائل استنكار ونشط ف الدعوة إل القاطعة القتصادية وف‬
‫النتصار للرسول _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬فكانت هناك استغاثة من سفي الدنارك ف مصر أنم‬
‫متورطون ول يستطيعون مواجه الحتجاج والضغط‪ ،‬وعلى إثرها ترك التاد الوروب وأرسل إل‬
‫رئاسة الوزارة الدناركية مستنكرا هذا العمل‪ ،‬وتركت المم التحدة‪ ،‬حيث نشطت الامعة العربية‬
‫وناقشت القضية مع كوف عنان‪ ،‬وبُحث اللف أيضا ف قمة الؤتر السلمي الستثنائية ف مكة‬
‫وأشي إليه وإن كان إشارة باقتضاب‪ .‬والن بدأ المر يتفاعل أكثر وأكثر‪ ،‬حيث علمنا عن الوقف‬
‫اليد جدا للستاذ عبد ال بن عبد الحسن التركي‪ ،‬الذي استنكر فيه فعل الدنارك والنرويج‬
‫والساءة لرسول ال _صلى ال عليه وسلم_ من خلل نشر هذه الرسوم وإعادة نشرها ف صحف‬
‫دولة بعد أخرى ‪.‬‬

‫‪689‬‬
‫· نعود إل ردة فعل الصحيفة‪ ،‬قلتم‪ :‬إنم هم طلبوا لقاء رئيس اللجنة‪ ،‬ولكنه رفض إل بعد أن ينشروا‬
‫ل دون تشويه ولكنهم شوّهوه‪ ،‬ماذا حدث بعد ذلك بي المعيات السلمية‬ ‫اعتذارا أو مقالً كام ً‬
‫ف الدنارك وبي الصحيفة؟‬
‫ف ملفنا الذي معنا وثائق وبيانات من أكثر من هيئة إسلمية ف الدنارك‪،‬بعضها خاص وبعضها‬
‫مشترك مثل الوقف السكندناف ف العاصمة كوبنهاجن ومن الوقف السلمي ف أودنسي ومن‬
‫غيهم كلها تاطب الصحيفة وتاطب رئاسة الوزراء وسفراء الدول السلمية العاملي ف الدنارك‬
‫بأن الطلوب من الصحيفة أن تسحب الرسوم وتنتهي القضية‪ ،‬ولكن رفضت الصحيفة وقابلت هذا‬
‫الوضوع بزيد من الرسوم ومزيد من القالت التهجمة حت أنا – وهذا ما يثي العجب – نشرت‬
‫مقالً باللغة العربية ف صفحاتا‪،‬علما أن الدول السكندنافية متعصبة للغتها‪ ،‬ولكن تلت عن تعصبها‬
‫وأنزلت مقا ًل تتحدى فيه السلمي باللغة العربية نشرتا صحيفتها على صفحتها ف النترنت بعنوان‬
‫"الكلمة حرة" أكد فيه رئيس التحرير أنه يرفض العتذار وأنه ماض ف هذا المر؛ لنه يدعم الرية‪.‬‬
‫· من وجهة نظري فإن العتذار ل يكفي‪ ،‬كنت أسألكم ماذا تريدون؟ فقلتم‪ :‬نريد العتذار‪ ،‬لكن‬
‫العتذار حت لو كان ف البداية فإنه ل يكفي‪ ،‬فماذا تريدون الن من الصحيفة بعد تاديهم؟‬
‫ل متعمدا‪ ،‬وبالعتذار وسحب هذه‬ ‫كان مطلوبا ف البداية أن تعتذر الصحيفة وأل يظهر أن هناك عم ً‬
‫الرسوم تطييب مشاعر السلمي داخل الدنارك‪ ،‬وكان مطلوبا أن يبقى المر ف إطار الدنارك‬
‫كقضية داخلية تم السلمي ف الدنارك‪ ،‬وحيث إنم مواطنون ولم حق أل يساء إل مقدساتم‪.‬‬
‫كان ذلك مطلبا داخليا من السلمي ف الدنارك فقط قبل أن يرج للعال السلم‪ ،‬أما الن وقد‬
‫خرج إل العال السلمي‪ ،‬فل شك أن الوضوع يتاج إل أكثر من اعتذار‪ ،‬وستقرر المعيات‬
‫السلمية ف العال ما هو العتذار القابل‪.‬‬
‫· كان هناك ف السابق بعض الساءات للجالية السلمة ف أمريكا من قبل شركة ‪ nik‬صلى ال عليه‬
‫وسلم الت تصنع العدات والتجهيزات الرياضية‪ ،‬وكانت الشركة حقيقة كرية ف ردها واعتذارها ما‬
‫بن ألفة بينها وبي السلمي‪ ،‬فتبنت إنشاء ملعب وصالت رياضية للجالية السلمة ف أمريكا بقيمة‬
‫‪ 150‬مليون دولر أمريكي كنوع من العتذار الادي‪ ،‬وتعهّد بعدم تكرار ما حدث حينها من قبل‬
‫الشركة مرة أخرى‪ .،‬لاذا ل نطالب الصحيفة بامتيازات وفوائد لصلحة الالية السلمة ف الدنارك‬
‫كنوع من العتذار؟‬
‫لنة الناصرة ف الدنارك تدرس المر‪ ،‬وهي ف اجتماع مفتوح يناقش كل الحتمالت وكل‬
‫اليارات وتضع كل ما يكن أن يُطلب طبعا بالتشاور الن بعد ما خرج الوضوع عن الدنارك‬
‫التشاور مع كل العنيي ف العال السلمي‪ ،‬ومنهم موقع السلم الذي يطالب بالتعويض الادي‬
‫والصلحيات والمتيازات الضافية للجالية كنوع من العتذار ول نقبل بأقل من ذلك _إن شاء‬

‫‪690‬‬
‫ال_ وبإذن ال هذا ما نتمناه‪ ،‬لكننا نريد أن يكون الطلب من خلل بيان رسي تقوم به اللجنة بعد‬
‫دراسة كل الحتمالت الت تعيد العتبار إل كرامة المة وإل كرامة النب _صلى ال عليه وسلم_‪.‬‬
‫· هل يكن أن تعطينا فكرة عن قصة الفيلم الذي صوّره الخرج الولندي فان جوخ‪ ،‬والذي قُتل بعد‬
‫ذلك؟‬
‫باختصار فيلم يراد منه الساءة إل السلم بشكل سفيه‪ ،‬أحد الشاهد يدلك على ما يمله هذا الفيلم‬
‫من سوء وانطاط‪ ،‬امرأة عارية تكشف أكثر ما تستر مكتوب على جسدها العاري آيات من القرآن‬
‫الكري!! وصورة لمرأة تصلي كُتب على جسدها العاري أيضا "الزانية والزان فاجلدوا كل واحد‬
‫منهما مائة جلدة‪ "...‬إل آخر الية‪ ،‬طبعا هذا مشهد من الشاهد‪ ،‬فتصور ما الستوى الذي يمله‬
‫هذا الفيلم‪ ،‬ما القيمة الت يملها هذا الفيلم؟!!‬
‫· بدأت القضية بريدة مشهورة‪ ،‬ث بعد ذلك استمرأت الصحف الغمورة المر ونشرت رسوما‬
‫أخرى غي الـ‪ 12‬رسا حت تزيد ف مبيعاتا‪ ،‬فاستخدموا الرسوم لزيادة البيعات‪ ،‬هل هذا صحيح؟‬
‫صحيح تاما وهناك رسوم ل تنشر ف الصحف أرسلت إل بيوت السلمي تمل بعضها إما التهديد‬
‫بالقتل أو صور أكثر قباحة كصورة وجه متلط بي وجه إنسان ووجه خنير‪ ،‬يزعمون أنه وجه‬
‫الرسول الكري المي‪.‬‬
‫· من أرسلت؟‬
‫من مهول‪.‬‬
‫· هل تدخلت الشرطة الدناركية ف المر‪ ،‬وبدأت ف التحقيق لكتشاف من هم الجهولون الذين‬
‫فعلوا ذلك؟‬
‫ل يفعلوا ذلك ‪.‬‬
‫· هل تعرف أحدا من السلمي طلب تقيقا؛ لن هذا يهدد حياتم؟‬
‫نعم؛ لن بعض الرسوم تمل تديدا بالقتل وتأمر السلمي بالروج من الدنارك‪ ،‬وهو تديد يناف‬
‫الرية الت ينادون با وتطرف يشبه النازية‪ ،‬هناك حزب ومموعات تشبه الجموعات النازية التعصبة‬
‫للقومية الدناركية‪ ،‬وترى أن كل غريب غي دناركي ف الصل هو أجنب يب أن يغادر على غي‬
‫رجعه‪.‬‬
‫====================‬
‫نب السلم هل هناك من يغار عليك ؟‬

‫ممد الرف‬
‫صحيفة الوفاق اللكترونية‬

‫‪691‬‬
‫أصبح السلمون اليوم كاليتام على مأدبة اللئام‪ ،‬الكل يسخر منهم‪ ،‬الكل يتجرأ عليهم‪ ،‬ديارهم‬
‫مستباحة‪ ،‬ودماؤهم مباحة‪ ،‬وثرواتم منهوبة‪ ،‬وإرادتم مسلوبة‪.‬‬
‫ولو اقتصر المر عند هذا الد لان ـ على سوئه الذي ل يتمل ـ لكنه تعداه إل السخرية بدينهم‬
‫ونبيهم ومعتقداتم‪.‬‬
‫هذا الستهزاء ليس وليد اليوم ـ وأنا أتدث عن عصرنا الاضر ـ فقد كان له سوابق كثية مرت‬
‫كلها بسلم ـ إل من احتجاجات ضعيفة من هنا وهناك ـ ولا رأى هؤلء الستهزئون هوان‬
‫السلمي وضعفهم تادوا ف غيهم لنم أمنوا العقاب‪ ،‬بل أمنوا حت العتاب فمضوا إل أبعد من ذلك‬
‫بكثي‪ .‬صحيفة "مغازينات" النرويية ومثلها صحيفة "جيلندر بوستر" الدناركية ومنذ حوال ثلثة‬
‫أشهر تقريبا وها تنشران صورا كاريكاتورية تسخر بالرسول عليه الصلة والسلم كما تتحدثان عنه‬
‫بصورة مشوهة وسيئة ل تليق حت بأهون الناس فضلً عن النبياء عامة وأفضلهم عند ال خاصة‪.‬‬
‫هاتان الصحيفتان اتذتا الرية الصحفية مطية لا تقومان به‪ ،‬وهذه الرية ـ كما يدعون ـ متاحة‬
‫للغربيي عامة وهي جزء من ثقافتهم وسلوكهم ـ هكذا يقولون ـ وقد نقلت صحيفة "الرياض"‬
‫نقل عن أحد كبار الكتاب ف الدنارك بعد أن اعترف بكل الساءات الت وجهت للرسول قوله عن‬
‫هذه الساءات إنا "لون من ألوان الدب وهو متقبل ف الجتمعات الغربية فالرسومات النقدية‬
‫الكاريكاتورية والكلمات الساخرة الت تتناول شت الواضيع وكافة الفئات والفكار هي عبارة عن‬
‫نقد وسخرية هادفة وذكية أيضا وإن هذا مقبول ومتعارف عليه ف العال بأسره"‪ .‬إذن وكما قال فإن‬
‫السخرية بالرسول عمل هادف وذكي‪ ،‬وهو أيضا أمر متعارف ومألوف ف العال أيضا‪.‬‬
‫هذه القوال الت يرددها البعض مليئة بالكاذيب فدعوى الرية ل تعل البعض يستهزئ بالقدسات‬
‫الدينية لصحاب الديان الخرى فالمعية العامة للمم التحدة رفضت مبدأ تشويه الديان وطالبت‬
‫ف جلستها العامة النعقدة ف ‪11/11/2004‬م بناهضة تشويه الديان ودعت إل الوار بي‬
‫الديان بدلً من الساءة إليها‪.‬‬
‫وبعيدا عن المم التحدة وقراراتا الت ل تطبق غالبا إل على المم الضعيفة لاذا ل يعد هذا الكاتب‬
‫وسواه ـ وهم كثر ـ انتقاد بعض مزاعم اليهود من الريات الصحفية؟ لاذا يكون الديث عن‬
‫الحرقة اليهودية وبيان التهويل الذي يقال عنها أمرا مرما؟ لاذا يكون الديث عن السامية الزعومة‬
‫لليهود ـ بصورة ناقدة أمرا مرما أيضا؟ بل إن هذه الدول الت تبيح السخرية برسولنا الكري‬
‫بدعوى الفاظ على الريات العامة تعاقب وترم من ينتقد الصهاينة بدعوى الساءة للسامية‪ ،‬وهذا‬
‫النقد مهما كانت درجته فهو ل يصل بأي حال إل درجة الساءة للرسول الكري فلماذا تغيب‬
‫الرية هنا وتظهر هناك؟ هذه الرية الت تتشدق با حكومتا الدنارك والنرويج هل تسمحان با لو‬
‫أن أحدا مد الرهاب وشجع عليه بدعوى الرية؟ لاذا ياكم أبو حزة الصري وهو ل يقم بأي‬

‫‪692‬‬
‫عمل إرهاب بل اكتفى ـ كما يقول قاضيه ـ بالتشجيع على الرهاب؟ لاذا ل تترك له الرية‬
‫ليقول ما يشاء ما دامت هذه الرية يقبلها العال كله؟ أعتقد أن السألة ليست كما يزعمون بل إن‬
‫حقيقة السألة أن هؤلء حاقدون على السلم وحكوماتم تشجعهم على هذه العمال الدنيئة‪ ،‬وفوق‬
‫هذا وذاك فإن ضعف السلمي وضعف حكوماتم يشجع هؤلء وسواهم على الستمرار ف هذه‬
‫البذاءات لنم ل يشاهدوا موقفا قويا يردعهم ويوقفهم عند حدودهم‪.‬‬
‫العال السلمي وهيئاته كلها كانت مواقفها ضعيفة ومجلة أيضا‪ ،‬فمنظمة الؤتر السلمي وعلى‬
‫لسان رئيسها الدكتور إحسان أوغلي اكتفت بالستنكار وطالبت العالي السيحي واليهودي بإعلن‬
‫موقفهما بصراحة من هذه القضية‪ .‬أما أمي عام ممع الفقه السلمي ف جدة فقد اكتفى‬
‫بالستهجان والستغراب ما فعلته تلك الصحف‪ ،‬ودعا الكومة الدناركية إل وجوب تدارك المر‬
‫حفاظا على التعاون مع الدول العربية‪ ،‬أما المانة العامة لجلس التعاون الليجي فقد أدانت "هذا‬
‫العمل الشي" لنه ـ كما نقول ـ يدش مشاعر السلمي!! ـ مرد خدش ول شيء أكثر من هذا‬
‫ـ ودعت المانة السرة الدولية إل وضع حد لذه المارسات الشينة‪.‬‬
‫إذن منظماتنا ‪ -‬بارك ال فيها ‪ -‬استنكرت وأدانت وشجبت‪ ،‬وهي بذا استنفدت كل طاقاتا‬
‫الخزونة‪ ،‬خاصة وأن النسان الستهدف هو رسولنا الكري ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬فالذي فعلته‬
‫يتناسب مع مكانته ف نفوس السلمي كلهم!‪ .‬ل أسع شيئا عن ردة الفعل العربية عدا أن وزارة‬
‫الارجية الصرية ‪ -‬وبسب بعض الصحف الصرية ‪ -‬نقلت سفيتا ف الدنارك ‪ -‬عقابا لا ‪ -‬لنا‬
‫تبنت مسألة الدفاع عن الرسول الكري صلى ال عليه وسلم إزاء تلك الصحف السيئة‪.‬‬
‫الواضح أن النظمات السلمية كلها ل تتب موقفا مشرفا يعتب الد الدن من واجباتا تاه كل‬
‫مسلم وتاه الرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هذا التخاذل هو الذي شجع وسوف يشجع من‬
‫يتمادى ف الساءة للرسول الكري صلى ال عليه وسلم لن هؤلء يشاهدون الوان السلمي والعرب‬
‫ف أسوأ حالته‪ ،‬ومن يهن يسهل الوان عليه‪.‬‬
‫ل ألوم كثيا أولئك الذين يسيئون للمسلمي بكل الصور ابتداء من احتلل أراضيهم وانتهاء‬
‫بالسخرية من مقدساتم لن كل هؤلء حاقدون على السلمي ومقدساتم لكنن أضع اللوم كله على‬
‫البلدان السلمية والعربية والنظمات السلمية كلها‪ ،‬كما أضع اللوم بعد ذلك على كل مسلم على‬
‫وجه الرض‪.‬‬
‫كان من واجب الكومات السلمية ومنها العربية أل تكتفي بالشجب فقد مللنا هذه اللغة الت ل‬
‫تفيد بشيء‪ ،‬كان الجدر با أن تقطع علقاتا باتي الدولتي‪ ،‬أو على أقل تقدير أن توقف كل‬
‫علقاتا التجارية معهما لن هذه هي اللغة الوحيدة الت يترمها هؤلء‪ ،‬أما ما عداها فل قيمة له على‬
‫الطلق‪.‬‬

‫‪693‬‬
‫ومع أنن أكره الصهاينة وأفعالم إل أن هؤلء يبون الخرين على احترامهم لنم جادون وعمليون‬
‫ف كل قضاياهم مهما كانت صغية‪ ،‬ليت الكومات السلمية تنظر إليهم كيف يعملون عندما‬
‫يعتقدون أن هناك عمل ‪ -‬مهما كان ‪ -‬يسيء إل معتقداتم‪ ،‬السفي الصهيون ف السويد حطم‬
‫عمل فنيا ف متحف لنه يجد فلسطي‪ ،‬هل يرؤ سفي عرب على القيام بثل هذا العمل؟ الكومة‬
‫الصهيونية أقامت الدنيا ضد الرئيس اليران لنه تدث عن الحرقة اليهودية با ل يعجبهم فلماذا‬
‫تسكت الكومات السلمية عن إهانة نبيهم ومعتقداتم؟ لاذا ل يكونون مثل الصهاينة؟ هل نبيهم‬
‫ل يستحق منهم أي عمل جاد؟‪ ،‬من العار أن نطالب حكومات السلمي بأن تكون مثل الصهاينة‬
‫وحكومتهم ولكن ماذا نفعل ونن نشاهد كل هذا الوان الذي يقودوننا إليه؟‬
‫وإذا كانت تلك الكومات قد اكتفت بالشجب والستنكار فما هو دور السلمي؟ أعتقد أن أقل‬
‫شيء هو أن يقاطع كل مسلم أي منتج لاتي الدولتي‪ ،‬وهناك بدائل كثية لكل منتج دناركي أو‬
‫نرويي وحت لو ل يكن هناك بدائل فكرامة رسولنا تستحق منا أن نقدم لا أرواحنا فضل عن بعض‬
‫النتوجات الت ل تثل لنا شيئا يذكر‪ ،‬وعلى الغرف التجارية ف العال السلمي كله أن يكون لا‬
‫موقف مشرف ف هذا الشأن أقله التعريف بالنتجات الت تصدرها هاتان الدولتان وكذلك تشجيع‬
‫التجار على مقاطعتهما مهما كانت النتائج‪.‬‬
‫إن التهاون ف الشيء القليل سيقود حتما إل التهاون فيما هو أكب منه بكثي‪ ،‬والشواهد واضحة‪،‬‬
‫أمامنا ضاعت بعض بلدنا‪ ،‬واستهزئ برسولنا وديننا والقادم أسوأ إن ل يتحرك كل منا وبقوة‪.‬‬
‫ومع كل هذا الظلم فإنن أعتقد جازما بقوله تعال‪( :‬كتب ال لغلب أنا ورسلي)‪ ،‬وأعتقد أن‬
‫السلم سينتصر ل مالة بنا أو بغينا لن دين ال سيبقى عاليا ل مالة‪.‬‬
‫وما زلت متفائل أن يتحرك السلمون بدية ليقاف هذا السلسل البذيء هم وحكوماتم لن‬
‫سكوتم يعن أن مسلسل الوان لن يقف عند حد ويومها سيضيع الميع‪.‬‬
‫===========================‬
‫هل عاد العرب لسباتم؟!‬

‫ممد الربيعه‬
‫‪ mh‬صلى ال عليه وسلم ‪hotmail.com@7733‬‬
‫ل أصدق تلك الثورة العربية السلمية والستنكار الشعب الضخم بالقول والفعل تاه الرسوم السيئة‬
‫لرسول صلى ال علية وسلم ومن ساندها‪ ,‬ذلك الستنكار الذي هز أوروبا فضلً عن إقصاء الدنرك‬
‫عن العال السلمي ونبذها وأعمالا الاكرة ضد السلم والسلمي لتكون عبة لن ل يعتب‪.‬‬

‫‪694‬‬
‫قلنا وبصوت واحد‪ :‬إن السلم ل يتجزأ وإن السلم ف أقصى بقاع الرض كالسلم الذي بوار‬
‫الكعبة الشرفة مهما اختلفت اللغات أو النسيات أو الثقافات تبقى ثوابت السلم ل تتغي ونصرته‬
‫لدينه ومقدساته هه الول‪...‬‬
‫كل هذا مثلج للصدر يشعر كل مسلم بالسعادة الت طال انتظارها حت كدنا نفقد المل ف‬
‫السلمي‪ ,‬ولكن حب الرسول صلى ال عليه وسلم نصرنا قبل أن ننصره ول المد‪..‬‬
‫ولكن ما ساءن هو هذا البود الذي أراه قد غزا كثيًا من أول المم العالية الذين قادوا هذه السية‬
‫الباركة‪ ,‬فهذا البود سيؤدي لنتيحه عكسية لا بدءوا به‪ ,‬فالتابع للمواقع اللكترونية ل يعد يد ذلك‬
‫الماس وتلك الروح العالية‪ ..‬ل يعد يرى سوى مقالت ومواضيع قدية‪ ..‬ل يعد يرى تديدًا ول‬
‫جديدًا ول أفكارًا تكون امتدادًا لا بدأنا به‪ ,‬فالتابعة للتطورات والتصدي لا هي ما نرجوه الن‪..‬‬
‫الن نريد نتائج للمقاطعة‪ ..‬وإل أين وصلت‪ ..‬وماذا جنينا منها‪ ..‬وكيف نطور أساليب أكثر جدوى‬
‫وفق التطورات من قبل الدنرك‪ ..‬على سبيل الثال الواد الساسية الدنركية ل تتأثر بالقاطعة‪ ,‬كذلك‬
‫تغيي "صنع ف الدنرك" إل "صنع ف التاد الورب"‪.‬‬
‫نريد أن نعرف ماذا يصل لخوتنا ف الدنرك وما يراد بم وكيف نساندهم‪ ,‬فالتهديد والوعيد‬
‫يتلقونه من أبرز السئولي ف الدنرك للنيل منهم‪..‬‬
‫ردود الفعل الوروبية والعالية وكيف استغللا لصلحة قضيتنا‪ ,‬وإفشال ما هو ضدنا من مكرهم‪,‬‬
‫وشحذ هم السلمي‪ ,‬وإبراز دور رجال العمال ودور الدول الت تصدت للرسوم السيئة والشد‬
‫على أيديها ودعمها شعبيًا حت تقوى بشعوبا السلمة‪.‬‬
‫أريد الواصلة بروح جديدة وآليات جديدة وأفكار جديدة ومتابعة لكل الستجدات والتعامل معها‬
‫كما يب‪..‬‬
‫فنحن ننتظر الكثي من أول العزم‪...‬‬
‫أخيًا إن أصبت فمن ال عز وجل‪ ,‬وإن أخطأت فمن ومن الشيطان‪..‬‬
‫وال الوفق‪..‬‬
‫=================‬
‫هلع ف الدينمارك‬

‫جال سلطان‬
‫والقيقة أن هذه الالة تعيد العتبار إل الفعل‪ ،‬وليس إل الكلم‪ ،‬هؤلء قوم ل يدي معهم الدل‬
‫والطب والنطق‪ ،‬وإنا يدي لغة الصال‪ ،‬وعندما تعرف الكومة أن تضامنها مع مواطن بذيء‬

‫‪695‬‬
‫يارس العنصرية ف أبشع صورها سيدفع ضريبته مليي من مواطنيها من قوت أولدهم ومصالهم‬
‫اليوية‪ ،‬سيكون لقرارها وجهة أخرى‪.‬‬
‫بقلم‪ :‬جال سلطان‬
‫حالة من الفزع تتاح الصحافة الدينماركية منذ عدة أيام بعد تصاعد الوجة الشعبية العربية لقاطعة‬
‫كل منتج يمل إشارة الدينمارك‪ ،‬وذلك ردا على حلة التطاول على النب الكري ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬الشكلة ل تكن فقط ف إقدام صحيفة دينماركية على نشر عشر رسوم كاريكاتي فاجرة‬
‫تصف الرسول بأخس الصفات وتصوره كإرهاب يقف ف صف الشتبه بم ونو ذلك‪ ،‬وإنا أيضا ف‬
‫الوقف الرسي الدينماركي الذي دافع ف البداية عن الصحيفة واعتب أنا تارس حرية الرأي الكفولة‪،‬‬
‫وهو كلم سخيف يكفي لعرفة مدى سخفه لو أن صحيفة دينماركية نشرت رسا مشابا ويكون‬
‫مكان النب إنسان يهودي‪ ،‬ل نب ول رسول‪ ،‬فقط إنسان يهودي‪ ،‬ولسوف نرى كيف يكون رد‬
‫فعل الكومة الدناركية‪ ،‬وكيف سيختفي كل كلم عن الرية وحرية الرأي والتعبي‪ ،‬لتظهر‬
‫التامات بعاداة السامية والتحريض على الكراهية إل آخر التامات‪ ،‬فقط الستباحة تكون مع‬
‫السلم ورموزه‪.‬‬
‫كذلك ل يكن أن تكون حرية التعبي تتمثل ف أن تشتم إنسانا‪ ،‬بينك وبينه ألف وأربعمائة عام‪،‬‬
‫وتقول إن هذا تعبي‪ ،‬هذه مض بذاءة وسباب وتريض سافر على الكراهية‪ ،‬ومارسة البصق على‬
‫وجوه الخرين وحرماتم‪ ،‬بدون أي معن ول مبر سوى الكراهية والعنصرية الشديدة‪ ،‬لكن الكثر‬
‫فداحة أن رئيس الوزراء الدينماركي عندما قال كلمة ماملة للجالية السلمة هناك‪ ،‬وسأله البعض هل‬
‫نعتب ذلك اعتذارا للمسلمي‪ ،‬نفى ذلك‪ ،‬وقال نن ل نعتذر عما نشر‪ ،‬ولذلك كان ضروريا أن‬
‫يكون هناك موقف حضاري وأخلقي ما حدث‪ ،‬وأن نارس حقنا النسان ف مقاطعة من أهان النب‬
‫ومن حرضه ومن دافع عنه ومن أيده‪ ،‬هذا حق تكلفه العراف والواثيق وتارسه الدول والفراد‬
‫كأحد الساليب الضارية ف مارسة حق الدفاع عن النفس أو الصال اليوية‪.‬‬
‫الكومة الدينماركية أصيبت بالة من اللع‪ ،‬والسفراء الدينماريكيي خاصة ف منطقة الليج أرسلوا‬
‫رسائل‪ ،‬نشر بعضها ف الصحف‪ ،‬تذر من أن المور تتجه إل كارثة‪ ،‬الصحف أشارت إل أن حلة‬
‫القاطعة الناشطة ف الليج وحده ستصل بالسائر الدينماركية خلل عام واحد إل أكثر من أربعي‬
‫مليار كراون‪ ،‬وهذا يعن خراب قطاع كبي من الصناعة الدينماركية‪ ،‬وتويل عشرات اللف من‬
‫الواطني إل شس العاطلي عن العمل‪ ،‬وإغلق آلف الصانع‪ .‬وأما إذا نحت الملة ف مصر وبقية‬
‫العال العرب‪ ،‬وهي تنشط الن بالفعل‪ ،‬فإن الدينمارك ستكون بسبيلها إل كارثة اقتصادية‪.‬‬
‫مانشيتات الصحف الدينماركية بالكامل أمس واليوم‪ ،‬وبعضها وصلن على البيد اللكترون‬
‫وبالترجة‪ ،‬تشعرك أن البلد على شفا حرب‪ ،‬وكانت مموعة كبية من الحلت الكبية والايب‬

‫‪696‬‬
‫ماركتات ف الليج قد سحبوا بالفعل كل النتجات الدينماركية من السواق‪ ،‬تضامنا مع الملة‬
‫الشعبية للدفاع عن نب السلم‪ ،‬وقد اتهت غرفة الصناعة الدينماريكة إل دعوة كافة موزعي‬
‫النتجات الدينماركية ووكلئها إل توجيه رسائل إل العال العرب والسلمي من أجل توضيح‬
‫الوقف والعلن عن استنكارهم لا حدث‪.‬‬
‫والقيقة أن هذه الالة تعيد العتبار إل الفعل‪ ،‬وليس إل الكلم‪ ،‬هؤلء قوم ل يدي معهم الدل‬
‫والطب والنطق‪ ،‬وإنا يدي لغة الصال‪ ،‬وعندما تعرف الكومة أن تضامنها مع مواطن بذيء‬
‫يارس العنصرية ف أبشع صورها سيدفع ضريبته مليي من مواطنيها من قوت أولدهم ومصالهم‬
‫اليوية‪ ،‬سيكون لقرارها وجهة أخرى‪ ،‬وأنا أعلن تضامن مع هذه الملة‪ ،‬وأدعو كل غيور لكي‬
‫يتضامن معها‪ ،‬قطعا للطريق على تار الكراهية‪ ،‬وحاية لرمات النسان ومقدساته من الستباحة‬
‫والعبث‪.‬‬
‫الصدر‪ :‬موقع الصريون‬
‫===============‬
‫وإن اعتذرت صحف الدنرك فهذا ل يكفي !‬

‫د‪ .‬فايز بن عبد ال الشهري‬


‫جريدة الرياض ‪ -‬العد ‪13726‬‬
‫ل يكن تبير تسهيل الساءة للخرين بدواعي حرية التعبي‪ ،‬ول يكفي العتذار بعسول الكلم حي‬
‫تكون الهانة متعمدة‪ ،‬والشد إيلما من كل هذا حي تُستهدف شخصية نب النسانية ث تُساق‬
‫التبيرات فتأت أوقح من فعل الساءة نفسه‪ .‬هذا بالضبط ما ينطبق على مريات قصة نشر صحيفة‬
‫«يولند بوست» ‪ Jyllands-Post‬صلى ال عليه وسلم ‪ n‬الدنركية لبعض الرسومات‬
‫الكارتونية الت تعمّد رساموها إظهار شخصية نبينا ممد صلى ال عليه وسلم بشكل ل يليق‪.‬‬
‫ومع توال الحتجاجات من قبل أعضاء السلك الدبلوماسي السلمي ف الدنرك وعشرات النظمات‬
‫والتادات السلمية إل أن الصحيفة (أمعنت) ف غيها واكتفت بنشر بيان توضيحي يؤكد سوء‬
‫النوايا‪ .‬وما جاء ف البيان قول الصحيفة‪« :‬إننا ل نعتذر عن عمل نعده جزءا طبيعيا من العمل‬
‫العلمي‪ ....‬ولذا فلن يكون هناك اعتذار أو سحب للرسومات»‪.‬‬
‫وأصل القصة أن مؤلفا يدعى ‪ Kaa‬صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم ‪ Bluitg‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ n‬أراد أن يزين كتابا وضعه للطفال عن خات النبياء بصور لشخصية بطل كتابه‪ ،‬ولكن‬
‫الؤلف ل يد بي الرسامي من قبل الفكرة‪ ،‬فكان أن أقيمت مسابقة شارك فيها ‪ 12‬رساما تبنت‬
‫الصحيفة نشر رسوماتم الت كانت ف مملها غي مترمة و ترسّخ الصور السلبية عن السلمي‬

‫‪697‬‬
‫ورموزهم‪ .‬وكان أن ثارت ضجة كبى خاصة حي تسربت الصور إل منتديات النترنت وظهر من‬
‫ضمنها رسا لوجه غي مبب للنب الكري وعلى رأسه عمامة مزخرفة بالشهادة وتظهر قنبلة يدوية‬
‫مغروسة ف ثنايا هذه العمامة‪.‬‬
‫وتبعا لذلك اجتاح النترنت ما يشبه العصار من الرسائل والطروحات الت تاول أن تقترح أو‬
‫«تفعل شيئا» للذب عن رسول ال‪ .‬و قد تمّس بعض كتاب الصحف و منظمي حلت النترنت‬
‫لفكرة تنظيم حلت احتجاج واسعة تغرق وسائل اتصال الصحيفة ورئيس تريرها وفق القناعة‬
‫القائلة بأن هذه الصحيفة أساءت للمسلمي وآذت مشاعرهم‪ .‬وحيث إن هذا قد يعد جانبا من‬
‫القيقة إل أن كثيين غفلوا عن أثر ونتيجة التغيات الكبى الت أحاطت بالياة السياسية‬
‫والجتماعية والثقافية ف العال وف أوروبا بشكل خاص‪ .‬ومن أهم هذه التغيات مشكلت الجرة و‬
‫التطرف الدين والتمييز العنصري الت باتت سة الياة اليومية ف كثي من الدن الوروبية بل‬
‫وأصبحت وقود نشاطها السياسي ما أثر عن نشوء وسيطرة الزيد من أحزاب اليمي على مقاليد‬
‫الكم والياة ف كثي من الدول الوروبية‪ ،‬خاصة وان قيادات بعض هذه الحزاب عرفت كيف‬
‫تداعب مشاعر القوميي بتكرار الديث عن الوية الوطنية ومشكلة الهاجرين والبطالة‪.‬‬
‫أما موضوع الساءة للسلم ف الدنرك فقد بدأت انطلقته القيقية ف أبريل من عام ‪2005‬م حي‬
‫تسربت مقاطع من كتاب جديد يروي سية ومشوار حياة «مارغريت الثانية» ملكة الدنرك الالية‪.‬‬
‫وما أُخذ على اللكة قولا ف ذلك الكتاب‪« :‬يب التصدي للسلم ويب من حي لخر أن نواجه‬
‫ماطر أن نوصف بأننا اقل ماملة‪ ,‬لن هناك بعض المور الت ل يكن التسامح حيالا»‪.‬‬
‫و تركز كثي من الطالبات العربية والسلمية على ضرورة اعتذار الكومة الدنركية والصحيفة عما‬
‫نشر وهو مطلب ل يد صدى حت عند رئيس الوزراء الدنركي «اندرس فوغ راسوسن» الذي‬
‫رفض استقبال رؤساء البعثات الدبلوماسية الحتجي مصرّا على أن مسائل النشر يب أن ينظر إليها‬
‫وفق الق ف التعبي‪ ،‬وأن القضية كلها تدخل تت مظلة حرية التعبي‪.‬‬
‫الكيد أنه كان مكنا أن تطوى تلك الرسومات السيئة مع مغيب شس يوم النشر‪ ،‬ولكن مقام‬
‫الشخصية الستهدفة ووقاحة الناشرين والسؤولي عن تصعيد القضية دفع السلمي والنصفي إل‬
‫الشكوى وإعلن الضيق والحتجاج بكل الوسائل‪ .‬السؤال الن‪ ...‬كيف يكن أن نستفيد من هذه‬
‫التجربة؟‪ ..‬إذ ل يعد مديا الكتفاء بلغة الحتجاجات والراسلت‪ ....‬فهل يكن مثل تنظيم حلة‬
‫دبلوماسية شعبية دولية لستصدار قانون يرّم ازدراء الرسل والديان السماوية على غرار قانون‬
‫«معاداة السامية» الطبّق ف اغلب دول غرب العال‪ .‬هل يكن ذلك؟‬
‫ورقة عمل مقدمة من الندوة العالية للشباب السلمي – مكتب جدة‬
‫للمؤتر العالي لنصرة النب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪698‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الوهاب بن عبد الرحن نور ول‬
‫مور‪ :‬استراتيجية نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫‪ .1‬استخلص عناصر القوة واليابية ف مواقف السلمي ف النصرة‪:‬‬
‫* توحد السلمي ف شت بقاع العال لنصرة النب صلى ال عليه وسلم بالرغم من اختلف‬
‫التاهات‪.‬‬
‫* التواؤم بي الطاب الشعب والطاب الرسي‪.‬‬
‫* اتاه السلمي إل التعبي العملي‪.‬‬
‫* القاطعة القتصادية وتفاعل السلمي معها‪.‬‬
‫* ترك الاليات السلمية ف الغرب‪.‬‬
‫* رفض الكثي من منظمات حقوق النسان لرية التعبي الطلق‪.‬‬
‫* اجتماع السلمي بميع طبقاتم ف القطر الواحد على النصرة مع اختلف فئاتم (التدين وغي‬
‫التدين)‪.‬‬
‫* تفاعل عوام السلمي مع نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* تصدي الفكرين وأصحاب الرأي إل هذا الطب من خلل الرأي والناقشة والوار وطرح‬
‫الفكار‪.‬‬
‫‪ .2‬استخراج عناصر الضعف والساءة ف مواقف السلمي ف النصرة واستبعادها‪:‬‬
‫* ردة الفعل الت تعكس الصورة السلبية للمسلمي (إحراق السفارات والبان‪ ،‬أعمال الشغب)‪.‬‬
‫* ضعف السلمي ف القتداء بسنة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* ضعف القاطعة القتصادية‪.‬‬
‫* الطاب السلمي غي التجانس مع طبيعة وساحة السلم‪.‬‬
‫* ضعف وسائل العلم ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* غياب دور مراكز البحوث والدراسات عن أداء دورها الأمول ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* تقاعس الؤسسات الرسية الدينية ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* غياب الرجعية السلمية‪.‬‬
‫* عدم وجود وسائل إعلمية داخل الدول الغربية تاطبهم بلغتهم للتعريف بسماحة السلم‪.‬‬
‫* عدم نشر مزايا القيم السلمية ف دول الغرب بلسانم وعقلهم‪.‬‬
‫* الستسلم لكل ما يقوله الغرب وتصور صحته وعدم التصدي له من خلل عمل مؤسسي‬
‫مدروس‪.‬‬
‫‪ .3‬النظومة القانونية للنصرة‪:‬‬

‫‪699‬‬
‫* عدم وجود مؤسسات قانونية للدفاع عن قضايا السلمي ف الحافل الدولية‪.‬‬
‫* قصور دور الامعات (كليات القوق) ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* ضعف دور اتاد الحامي العرب واتاد الحامي السلمي ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* غياب دور أساتذة القانون الدول ف نصرة النب‪.‬‬
‫* غياب دور السلطة القضائية ف غالبية الدول السلمية‪.‬‬
‫‪ .4‬التشريعات الطلوبة لضمان حقوق الاليات السلمة‪:‬‬
‫* إنشاء تشريع من خلل المم التحدة يضمن حقوق الاليات السلمة الوجودة ف الغرب‪.‬‬
‫* على الدول العربية والسلمية عدم التوقيع على العاهدات الدولية الت يكون فيها بنود تالف‬
‫السلم صراحة‪.‬‬
‫* عقد مؤترات تناقش مثالب البنود الت تالف السلم صراحة (مؤترات‪ :‬اقتصادية – طبية –‬
‫اجتماعية – ثقافية – حقوقية)‪ ،‬ونشر بوثها ونتاج أعمالا العلمية ف مواجهة هذه الثالب وأثر ذلك‬
‫على الجتمعات الغربية‪.‬‬
‫* الطالبة بوجود تشريعات لقوق الجرة والنسية تمي الوجود السلمي ف الغرب‪.‬‬
‫‪ .5‬التنسيق والتكامل بي الؤسسات السلمية‪:‬‬
‫* غياب الؤسسات السلمية الفكرية‪.‬‬
‫* غياب التخصص بي الؤسسات السلمية‪.‬‬
‫* عدم التكامل بي الؤسسات السلمية‪.‬‬
‫* تعرض الؤسسات السلمية للتكبيل الال والجرائي‪.‬‬
‫* ضعف الوارد الالية للمؤسسات السلمية‪.‬‬
‫* ضعف الدعم الال من الكومات للمؤسسات السلمية‪.‬‬
‫‪ .6‬وضع ضوابط النصرة‪:‬‬
‫* عدم اللجوء إل العنف وتطيم السفارات وأعمال الشغب لجل نصرة النب ‪.‬‬
‫* مارسة الحتجاجات ف دول الغرب وفق قواني هذه الدول‪.‬‬
‫* عرض ساحة السلم ف وسائل العلم الغربية وفق أسس وضوابط منظّمة من خلل مراكز‬
‫البحوث ومؤسسات الجتمع الدن والامعات‪.‬‬
‫* عرض ساحة السلم على مستوى العمل الدبلوماسي‪.‬‬
‫* مطالبة الكومات باتاذ مواقف سياسية مؤثرة ف مثل هذه القضايا‪.‬‬
‫* تفعيل القاطعة القتصادية الرسية والشعبية‪.‬‬

‫‪700‬‬
‫* نشر مطويات وملت وبرامج إذاعية وتلفزيونية بلغات متلفة وعالية تتحدث عن السلم وحقوق‬
‫الناس ف السلم‪.‬‬
‫* استخراج ما ف قواني الغرب من مثالب اقتصادية واجتماعية وحقوق إنسان‪ ،‬ووضع حلول لا من‬
‫خلل الشريعة السلمية‪.‬‬
‫* عقد مالت حوار مستمرة ومنتظمة بي مراكز البحوث السلمية ومراكز البحوث الغربية‪.‬‬
‫* تربية الناس والشباب خاصة على تصديق النب صلى ال عليه وسلم وطاعته والرضا بكمه والتسليم‬
‫والنقياد لسنته ومبته فوق مبة النفس والال والهل والولد‪.‬‬
‫* إخراج سية النب صلى ال عليه وسلم من دور القصص التاريي إل الواقع العملي التطبيقي‪.‬‬
‫* إبراز دوره صلى ال عليه وسلم حِيال العداء ف العفو والصفح وبي الناس ف لِي الانب وبي‬
‫الهل ف حسن العِشرة وبي الدوابّ ف حسن الرحة ومع ال ف كمال العبادة‪.‬‬
‫* إقامة مسابقات عالية ف سية النب صلى ال عليه وسلم وفضائله والتعريف به‪.‬‬
‫* استكتاب النصفي من الغربيي وعقد لقاءات حوارية صحفية وتلفزيونية معهم وطرح موضوعات‬
‫تبي خصائص وفضائله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* إنشاء معارض تبي دور المة ف نصرة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* تربية النشء على مثل وقيادات السلم وليس تربيتهم على أنه تاريخ‪.‬‬
‫* التبيي بأن النب صلى ال عليه وسلم ليس رجلً عاديا وإنا بشرا يوحى إليه‪.‬‬
‫* التعريف بالسلم وساحته وليس الحتجاجات‪.‬‬
‫* تغيي لغة الطاب للغرب‪.‬‬
‫==================‬
‫يا أمّة الليار ماذا قدّمتِ لنصرةِ الصطفى البيب‬

‫الطبة الول‬
‫أما بعد‪ :‬فيا أيها الناس اتّقوا ال عز وجل ح ّق التقوى‪ ،‬فمن اتّقاه أفلح ف دنياه وسلِم‪ ،‬واستبشر ف‬
‫أخراه وغنِم‪ ،‬ومن أعلى مراتب تقواه الت نبلغ با القِمَم النتصارُ لسيّد العرَب والعجَم والذبّ عن‬
‫صفوة هذه المّة وخيار المم‪ ،‬فبذلك تُنال غاياتُ الُن وَنعِم‪ ،‬وِنعِمّا ذلك ِنعِمّ‪.‬‬
‫حقَب الضَارات يُلفي التأمّلُ أمًا لفّها ظلمٌ من‬ ‫صرًا ف أغوارِ التأريخ واستِكناءً لِ ِ‬
‫أيّها السلِمون‪ ،‬تب ّ‬
‫ش ُهبَ‪ .‬فها هي‬‫الستبدادِ مطب ٌق مُريع‪ ،‬بي َد أنه يمل ف طيّاتِه نورًا يُرتقَب وأمّة ف سوّها تُزاحِم ال ّ‬
‫الرسال ُة الحمّدية العاليّة ‪-‬على صاحبِها أفضلُ الصلة وأزكى التّسليمات‪ -‬تترَى بُكرةً وعشِيّا‪ ،‬يُصيخ‬
‫ف لا الزمان‪ ،‬وها هو فجرُ المّة السلمية يشرِق ف كلّ مكان‪ ،‬وتتفتّح لا ِغلَق الَذهان‪ ،‬ويرِفّ‬ ‫بله ٍ‬

‫‪701‬‬
‫جعَه والعَد َل‬ ‫ببكتِها وعظمتها كلّ جَنان‪ ،‬قد حَلت هذه الرسالةُ اليَ كلّه وال ّب دِقّه و ِجلّه والدى أ َ‬
‫أكَتعَه؛ فبِالسلم أشرَق التأريخ‪ ،‬وبديِ سيّد النام عرفتِ النسانيّة معن وجودِها‪ ،‬وعلى هدي مُثُلنا‬
‫ت صدعَها ولّت ش َعثَها‪َ ،‬لقَدْ مَ ّن الّل ُه عَلَى الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإذْ َب َعثَ فِيهِ ْم رَسُو ًل مِنْ‬ ‫وقِيَمنا رتقَت الضارا ُ‬
‫سهِمْ َيتْلُوا عَلَْيهِمْ آيَاِتهِ َوُيزَكّيهِ ْم وَُيعَلّ ُمهُ ْم الْكِتَابَ وَالْحِكْ َم َة وَإِنْ كَانُوا مِ ْن قَبْلُ َلفِي ضَل ٍل مُِبيٍ‬ ‫أَْنفُ ِ‬
‫[آل عمران‪.]164:‬‬
‫ول يزا ُل هذا الغيثُ الصيّب النهمِر يفتح الجاهِ َل بل هَادٍ‪ ،‬ويعبُر القارّات دونَ اتّئاد‪ ،‬ولقد اقَتضَت‬
‫حكمتُه سبحانَه أن يكونَ البلّغ المي عن ربّ العالي الرح ُة التامّة والنّعمَة العامّة ممّدَ ب َن عبد ال‬
‫صلوات رب وسلمه عليه‪ ،‬الّنبّ الرؤوفَ الرحيم الوَصول‪ ،‬زاكيَ الفروع وسام َي الصول‪ ،‬وكان‬
‫ق حِسّه ‪-‬يا أمّة السلم‪ -‬انتشالَ البشريّة مِن مَومَات البغيِ والعنصريّة‬ ‫الَ ّم الذي بَع نفسَه استر ّ‬
‫والوثان إل مَغان العدل والرحة والحسان‪َ ،‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِ ّل رَحْ َمةً ِل ْلعَالَ ِميَ [النبياء‪.]107:‬‬
‫ول تَزال عظم ُة رِسالته وخَصائص نبوّتِه ميدانًا فسيحًا للمتأمّلي ومَنهلً رويّا للبَاحثي النصفي‪ ،‬كما‬
‫هي نديّةٌ نضِرة على الدوام‪ ،‬بل كلّما تكّن الصّراع بي القّ والبَاطل ‪-‬وها أنتم تعايِشونه‪ -‬ازدادت‬
‫عَبقًا واخضِرارًا‪.‬‬
‫شرٌ بصفاتِه البلجاء‬ ‫ب المّيّ الزّك ّي الرّضيّ مب ّ‬ ‫ب سيّد الرسلي‪ ،‬وهَذا الن ّ‬ ‫معاشر السلمي‪ ،‬أحبا َ‬
‫وشريعته ال َغرّاء من قِبَل إخوانه النبياء والرسَلي‪ ،‬يقول سبحانه‪ :‬الّذِي َن يَتِّبعُونَ الرّسُولَ النِّبيّ ا ُلمّيّ‬
‫ف وَيَْنهَاهُ ْم عَ ْن الْمُن َكرِ َويُحِلّ َلهُمْ‬
‫الّذِي َيجِدُوَنهُ مَ ْكتُوبًا عِنْ َدهُ ْم فِي الّت ْورَا ِة وَالِنِيلِ يَ ْأ ُم ُرهُمْ بِاْل َمعْرُو ِ‬
‫ت عََلْيهِمْ فَالّذِي َن آمَنُوا ِبهِ‬
‫ص َرهُ ْم وَا َلغْل َل الّتِي كَاَن ْ‬ ‫ح ّرمُ عََلْيهِمْ اْلخَبَاِئثَ َوَيضَعُ عَْنهُمْ ِإ ْ‬ ‫الطّيّبَاتِ وَُي َ‬
‫ك هُمْ الْ ُمفْلِحُونَ [العراف‪.]157:‬‬ ‫صرُو ُه وَاتَّبعُوا النّورَ الّذِي أُنزِ َل َمعَهُ ُأوْلَِئ َ‬ ‫َو َع ّزرُو ُه وََن َ‬
‫فَيا عَجبًا! كيف يحَد ذلك الاحِدون ويَلغ فيه الستَهزِئون؟! وليس ذلك فحَسب‪ ،‬بل إ ّن هَديَه عليه‬
‫الصلة والسلم هو الامِع لا تفرّق فيهم من الفَضائل والحامِد‪ ،‬وشريعتُه ناسِخَة وخاتةٌ لميع اللل‬
‫والشرائع‪ ،‬وقد توعّد سبحانه مِن خدشِ قدسيّة رسالتِ ال ف أشخاص حلَتها ومُبلّغيها منَ النبياء‬
‫والرسلي بالعذاب الليم‪ ،‬وهو مادّ كلّ الحا ّدةِ للل ال وعظمَته‪ ،‬كيف وهم عليهم الصلة‬
‫والسلم موضعُ حفاوته واصطفائه لبلغ وحيه ج ّل وعل؟!‬
‫إخوةَ اليان‪ ،‬ومن تام منّة الكري الوهّاب أن سوّر هذا النبّ الوّاب بكرام الصحابة ذوي النخوة‬
‫والنجابة والفضلِ والصابَة‪ ،‬أصفياء أَخيارٌ‪ ،‬كُماةٌ أَبرار‪ ،‬على عظمة كلّ فردٍ منهم تقوم دولة وتنهض‬
‫أمّة‪ ،‬وحبّهم لِنبيّهم أمرٌ ترِض بِه اللّهاةُ‪ ،‬وتت َقصّف دونه السَلت‪ ،‬سَأل أبو سفيا َن زيدَ بنَ الدِّثنّة‬
‫ل يا زيد‪ ،‬أتبّ أنّ م ّمدًا النَ عندنا ف مكانك تُضربُ عُنقُه وأنت ف‬ ‫وهو ف السرِ قائل‪ :‬أنشدكَ ا َ‬
‫أهلك ومالك؟ فَرجف زيد قائلً‪ :‬وال‪ ،‬ما أحبّ أنّ ممّدًا النَ ف مكانِه الذي هو فيه تصيبُه شوكةٌ‬

‫‪702‬‬
‫س أحدًا يبّه‬ ‫تؤذيه وأنا جالسٌ ف أهلي ومال‪ ،‬فصَاح أبو سفيانَ دهِشَا وقال‪ :‬والِ‪ ،‬ما رأيتُ من النا ِ‬
‫ب وذبّ‪.‬‬ ‫أصحابُه كما يبّ أصحاب ممّد ممّدًا‪ .‬ال أكب‪ ،‬زيدٌ أَحبّ‪ ،‬ففَدّى البي َ‬
‫تزِن الْجبالَ رزانةً أحلمُهم *** وأكفّهم خَلَفٌ من المطارِ‬
‫والباذلي نفوسَهم لنبيّهم *** يو َم اْلهِياج وسَطوةِ الْجبّار‬
‫س غَنِيَت بالرّحة والسّلم والبّ والِلم‪ ،‬وخلصت إل أعلَى مراتب الصدقِ‬ ‫وما ذاك إلّ كِفاءَ نف ٍ‬
‫والطهر والعلم‪ ،‬فِللّه ما أعظ َم هذا الدّين‪ ،‬وما أقوى إياءَه‪ ،‬ول ما أكرمَ هذا النبّ الليل وأبرَ باءَه‪،‬‬
‫وما أجلَى هديَه وسناءَه‪.‬‬
‫لو أطلق الكو ُن الفسيح لِسانَه *** لسرَت إليك بدحِه الشعارُ‬
‫لو قيل‪ :‬من خ ُي العباد؟ لردّدت *** أصواتُ من سِعوا‪ :‬هو الختارُ‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫معاشرَ السلمي ف ك ّل الصقاع‪ ،‬إخوة العقيدة ف ك ّل البقاع‪ ،‬يُ َذكّر بذلك ‪-‬أيها الحبون‪ -‬ف هذه‬
‫ت مكدودٌ عَليل‪ ،‬وتصدّع فجر السلِمي عن‬ ‫الونة الخيةِ الت غشّى الكونَ فيها لَيلٌ ثقيل‪ ،‬ولفّه صَم ٌ‬
‫فاجعةٍ تأرييّة سَفعاء‪ ،‬حيث ن َعبَت أصوات بالفكِ والبهتان‪ ،‬وجرت أقلمٌ ف أودية الزّور والضلل‬
‫والعصيان برسوماتٍ حاقدةٍ ماكرة‪ ،‬تنهدّ لا القَامة‪ ،‬وتتزلزل لا الامَة‪ ،‬لقد استطالوا ويَا ويهم‪،‬‬
‫وتعَجرفوا ويا ويلهم‪ ،‬فسخِروا من أعظم جَناب وأكر ِم من وط َئ الترابَ نبيّنا ممّد‪ ،‬استهزأ عَثكَلٌ‬
‫عُمروط برسول َربّ العالي ورحةِ ال للخلئق أَجعي‪ ،‬إمامِ النبياءِ ف الرض وف السماء‪ ،‬أبرّ‬
‫المم على الطلق‪ ،‬وأعظمهم بإطباق‪ ،‬صاحِب العجزات الظاهرات والياتِ الباهرات‪.‬‬
‫سقطت مكان ُة شاتٍ وجزاؤه إن ل يتُب ما جنَاه النارُ‬
‫ربّاه ربّاه‪ ،‬أيَهزَؤون برسول ربّ الرض والسماوات؟! أيَهزؤون بسيّد البيّات؟! أيتطاوَلون على‬
‫الرحة الهداةِ؟! أيَنتقِصون النعمة السداةَ؟! إِنّ الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّل َه َورَسُوَلهُ َلعََنهُ ْم الّلهُ فِي الدّنْيَا وَال ِخ َرةِ‬
‫وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابًا ُمهِينًا [الحزاب‪.]57:‬‬
‫صوّر الرّجس والَبثُ كِيانًا لا تَعدّاها‪ ،‬لقد جاءَت شيئًا إدّا‪،‬‬ ‫لَقد جاءَت تلك النفوسُ الباغيَة الت لَو ُ‬
‫يرّ له الكون هدّا‪ ،‬تبّت لم يدًا‪ ،‬و ُخفِئوا أبدًا‪ ،‬يَستهزئون ويشتَفون‪ ،‬ويشهّرون ول يكتفون‪،‬‬
‫ويتبجّحون با ائُتفِك ول يتفون‪ ،‬قال سبحانه‪ :‬وَالّذِي َن ُي ْؤذُونَ رَسُو َل الّلهِ َلهُ ْم عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة‪:‬‬
‫ك ُهوَ ا َلبَْترُ [الكوثر‪.]3:‬‬
‫‪ ،]61‬إِنّ شَانَِئ َ‬
‫بأب وأمّي أنتَ دونَك مُهجت *** ف صد ِر من سلقوك أغرِسها مُدَى‬
‫ما أنقصوك فأنت أنت أج ّل *** خَلقِ ال منلةً وأكمل سؤددًا‬
‫هيهاتَ أن تطيبَ لنا حَياةٌ‪ ،‬وأنّى نؤمّل نصرًا أو ناةً ول نتقحّم لنصرةِ الادي البيب لّةً ول فَلة؟!‬
‫يا لَلبهيسَة وعظيم الفِرية! أين العراف الدوليّة؟! أين العالَم بيئاتِه ومنظّماته حِيال هذه الري ِة النكراء‬

‫‪703‬‬
‫والفعلةِ الشنعاء؟! أين عقلءُ العال ومنصفو النسانيّة حِيال هذا الستهزاء؟! أين الواثيق العاليّة الت‬
‫تصدّ هذا البهتان والفتراء؟!‬
‫فيا أمّة الِليار‪ ،‬ماذا قدّمتِ لنصرةِ الصطفى البيب الختار؟!‬
‫إنّا ليؤلِمُنا تطاوُ ُل فاج ٍر *** ملت مشاربَ نفسه القذارُ‬
‫ويزيدنا ألًا تَخاذلُ أ ّمةٍ *** يشكو اندِحارَ غثائها الْمليارُ‬
‫إ ّن ُدوَل السلمِ وما فوقَها وما دونا أطرافَها وحُصونا والغباءَ سهولَها وحُزونَها يرّمون هذا الفعلَ‬
‫الثيم‪ ،‬ويستفظعونَ هذا الرمَ اللئيم‪ .‬وإنّنا نوجّه ألبَ النداء من منب السجد الرام من منشَأ رسول‬
‫السلم ومبعثِه ومَرباه‪ ،‬ونَستَصرخ باس ِم السلمي جيعًا مُطالبي بإيقاعِ العقوبات الغلّظ ِة دونَ هوادةٍ‬
‫على الستهزئي بالناب الحمّديّ والقام الصطفويّ‪ ،‬بُؤب ِؤ العيون‪ ،‬ال ّنهِ عن ك ّل وصمة ودون‪ ،‬وكلّ‬
‫من واطأ الباغي وأعاد نشر تلك الرسوم؛ كي تُصانَ شرائع السّماء وتعظّم مقاماتُ النبياء ف كلّ‬
‫زمان ومكان‪ ،‬مع الطالبة بتفعيل القراراتِ الدولية الت تَدين وتازي تلك الرائمَ والخازي‪ .‬ل بدّ‬
‫من تطبيق الواثيق العاليّة والقرارات الدولية الت تاكم ك ّل مَن يتجرّأ على ال ورسلِه وأنبيَائه‬
‫ومُقدّساته‪ ،‬وتقاضي كلّ من يتطاول على الشرائع والرسل والقدّسات‪.‬‬
‫إنّ هذا الزءَ والدقاعَ ع َب الشبكات والصّفحات ‪-‬وأيُ ال‪ -‬لو قوبِل به غيُ نبيّنا لراق فيهِ أحبابُه‬
‫أنارًا من الدّماء‪ ،‬ولكان لم مُنّةٌ من برهان وحجّة من سُلطان‪ ،‬فما بالُنا بأعظم النبياء قدرًا وأفضلِهم‬
‫فضلً وأعلَمهم بال وأكرمهم على ال ممّ ٍد خيِ النام عليه من ربّه أفضل صلة وأزكى سلم‪ ،‬النبّ‬
‫الكرم والصطفى العظم‪ ،‬صاحِب القام الطهر والسّن الغرّ؟!‬
‫هَجوتَ مُباركًا َبرّا حنيفًا *** أَميَ ال شيمتُه الوفاءُ‬
‫فإ ّن أب وَوالدَه وعِرضي *** لعِرض ممّد مِنكم وِقاءُ‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمي َة رحه ال‪" :‬ول ريبَ أنّ من أظهر سبّ الرسول وشتْمَه فإنّه يغِيظ‬
‫الؤمني ويؤلهم أكثرَ مّا لو سفَك دما َء بعضهم وأخَذَ أموالم‪ ،‬فإن هذا يثي الغضبَ ل والميّةَ له‬
‫ولرسولِه "‪ ،‬ويقول رحه ال‪" :‬مِن سنّة ال أن من ل يتمكّن الؤمنون أن يعذّبوه منَ الذين يؤذون ال‬
‫ورسوله فإنّ ال سبحانه ينتقِم منه لرسوله ويكفِيه إيّاه‪ ،‬وكلّ من شانَأه وأبغضه وعاداه فإنّ ال يقطَع‬
‫دابرَه ويحَق عينَه وأثرَه"‪.‬‬
‫أل فلتعل ِم المة جعاء والعال بأسرِه أن ال عزّ وج ّل ناصرٌ حبيبَه ومصطفاه وخليلَه ومتباه‪ ،‬إِلّ‬
‫صرَهُ الّلهُ [التوبة‪ ،]40:‬إِنّا َكفَيْنَا َك الْ ُمسَْت ْهزِِئيَ [الجر‪.]95:‬‬
‫تَنصُرُوهُ َفقَدْ َن َ‬
‫ما نا َل منك مُنافق أو كافِر *** بل منه نالت ذلّ ٌة صَغارُ‬
‫حلّقتَ ف الف ِق البعيد فل ي ٌد *** وصلَت إليك ول ف ٌم مهذَار‬
‫أعلك ربّك هّةً ومكان ًة *** فلَك السموّ وللحسود بَوار‬

‫‪704‬‬
‫أيّها الؤمنون‪ ،‬وإنّ هذا الدث الذي أرجف العا َل لُيعَجّب الغُيُر ويمِلهم على الصطراخ والنداء‪:‬‬
‫خبّرونا ‪-‬يا هؤلء‪ -‬عن حريّة التعبي وضوابطها؛ فإنّا ف زعمكم نسيناها‪ ،‬ولتُنبّئونا عن مواثيق قدسيّة‬
‫ب مقدّسات‬ ‫س ّ‬ ‫الرسل والرسالت؛ فإنّا ف ظنّكم أغفَلناها‪ ،‬أفل تكون حرّيةُ التعبي إل حينما تُ َ‬
‫السلمي ويُنال من عظمائهم ويوقَع ف أنبيائهم؟! لكنّها العايي الز َدوَجة والكاييل الضطرِبة‪.‬‬
‫عجبًا لذا الِقد يرِي مثلما *** يري صديدٌ ف القلوب وقارُ‬
‫وإذا سُخِر من عظيم الدّنيا برمّتها بي من يزعمون اللتئامَ على البادِئ والقوق والرِّقيّ والشرف‬
‫فهيهات أن ل تُخفَر بينهم العهود وتيس ال ّذمَم‪.‬‬
‫ف واقبوه؛ تأمنوا البوائقَ الت‬ ‫ق وانشروه‪ ،‬وأميتوا الصّلَف والزّي َ‬ ‫ويكم يا هؤلء! أحيُوا العدلَ والصد َ‬
‫يُخشَى اندِلعُها‪.‬‬
‫وإنّه ل يفى على النّصفَةِ والعقلء أنّ هذه الف َة الُلُقيّة الدنِسةَ الت انتهكت باستهزائها بالنبّ حرمةَ‬
‫مليارٍ ونصف من السلمي وتكّمت بشاعِرهم لتهوي بالمَل ف النهوض بدَعاوى احترام الخر‬
‫ودعاوى التسامُح وحوارِ الضارات ودعاوى نش ِر السلم والوئام وما إليها من شناشِنَ أخزميّة‪ ،‬نعم‬
‫توِي بذلك كلّه إل يَهماءَ َقرِق‪ ،‬ل بَاطلً تردّ‪ ،‬ول زورًا تَقي‪.‬‬
‫ولقد استبان لك ّل ذي بَصية من الذي يغذّي التطرّفَ والرهَاب‪ ،‬ويُذكي العنصريّة والعنفَ‬
‫والكراهِية بي الشعوب‪ ،‬ويؤجّج القصاءَ وصِراع الضارات‪ .‬وأمّا الذين استناموا وأصمّوا آذانم عن‬
‫نِداءات الستفظاع لذا الِقد الدين واستدبَروا صرخاتِ التجري واستنجازِ التحكيم فقد خانوا‬
‫أماناتم ودياناتِهم‪ ،‬ولن يضرّ السلم وسيدّ النام شيئا‪َ ،‬كَتبَ الّلهُ َل ْغلِبَنّ َأنَا َورُسُلِي [الجادلة‪:‬‬
‫‪.]21‬‬
‫أمّةَ السلم‪ ،‬وإنّ تِلكم البّات الصارمة والغضبات العارِمة لنصرة خ ِي العباد ف أقصى البِقاع وشت‬
‫البلد بتنوّع الوسائل والطّرائق ل سيّما موقف بلد الرمي الشريفي الرسيّ الازِم والشعبّ الاسِم‬
‫وسائر البلد السلميّة وأحباب رَسول ال ف ك ّل مَكان لش ّد ما أبجتِ الغيور‪ ،‬وشَرحت بالبِشر‬
‫الصدور‪ ،‬وكذا ما خطّته السَلت‪ ،‬فقد نوّرت من الحبّ ا ُلقَل‪ ،‬وآ َستِ الكَل َم وحّلتِ ال ُعقَل‪.‬‬
‫ال أكب‪ ،‬بصوتٍ واحد مليي السلميَ ف الرض ترفع الشعار التأرييّ‪" :‬إلّ رسولَ ال"‪ ،‬وترفُض‬
‫العتذارَ‪ ،‬وتطالِب بالحاكمةِ‪ .‬يا لا من مَواقفَ مؤثّرةٍ‪ ،‬تُذكي ع ّزةَ السلمي ووَحدتم‪ ،‬وتعزّز‬
‫مكاَنتَهم دوليّا وهيبتهم عاليّا‪ ،‬ولقد قال ال عز وجل ف إفك أسلفهم‪ :‬ل َتحْسَبُوهُ َشرّا لَكُمْ بَ ْل ُهوَ‬
‫خَْيرٌ َلكُمْ [النّور‪.]11:‬‬
‫وَلعَمرُ الق‪ ،‬لقد َزفّت لنا تلكُم الباتُ والغضبات موقفَ القاطَعةِ السياسيّة والقتصاديّة الصامِد‬
‫منظومَ الكاليل‪ ،‬وهذا القرا ُر الاسم وسواه سيتلّ هؤلء إل قُضبان الذلّة والحاكَمة تلّ‪ ،‬وأمّا الذين‬
‫اثّاقَلوا عن نُصرة الجتب والتّنديد ول يُبالوا بالَه فليتّقوا ال عزّ وجلّ‪ ،‬وليفيئوا إل هذا السعى الميد‪.‬‬

‫‪705‬‬
‫أل فلتشلّ اليدي وترَس اللسن وتتقصّف القلم وليجفّ الداد ولينأ العلم إن ل َينّد ف الدفاع‬
‫عن سيّد النام رسول الدى والرحة عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫وليكن منكم بسبَان ‪-‬يا رعاكم ال‪ -‬أنّ التهاب العواطف دون أنا ٍة ورَويّة هو الُوجُ القواصف الت‬
‫تُسلِم الج َج السائغة للعد ّو الكمي التربّص على أنّنا أمّة ‪-‬بزعمهم‪ -‬ل تَنِي‪ ،‬تصطَخِب وتضطرب‬
‫ل ف ضبطِ العواطف وترشيد النفعالت وعدم السترسال وراءَ أحلمٍ‬ ‫دون ضابط أو رابط‪ .‬فال ا َ‬
‫ومنامات ورسائل هواتِف ممولت وما إليها وتفعيل نُصرة الصطفى تفعيلً منهجيّا وتأصِيل إيابيّا‪،‬‬
‫ينطَلِق من عقيدةٍ راسخة ونصرةٍ دائمة‪ ،‬ل تليها ردودُ أفعال طارِئة‪ ،‬فلتلجِموا ‪-‬يا أحباب رسول‬
‫ف بلِجام التعقّل والِكمة والتحرّك اليابّ العمليّ ف نصرةِ النبّ الاشيّ بأب هو وأمي‪.‬‬ ‫ال‪ -‬العواط َ‬
‫إنّي أقول وللدّموع حِكاية *** عَن مثلها تتحدّث المطار‬
‫إنّا لنعلم أن قدرَ نبيّنا أسى *** وأنّ الشانئي صِغار‬
‫لكنّه ألَم الحبّ يزيده شرفًا *** وفيه لِمن يُحبّ فَخار‬
‫ع مِن الساءة لنبيّنا تترق‪ ،‬ودموعٍ هامِيَة تستبِق‪ .‬نعم‬ ‫ع عَلى ضُلو ٍ‬ ‫فإنّا ل وإنّا إليه راجعون‪ .‬استرجا ٌ‬
‫ع سنّة وثقةٍ وبَأس‪ ،‬ل قنوطٍ ويَأس‪ ،‬فاللسن الغضاب تفري فَريَ الصوارم العضاب‪ ،‬فال‬ ‫استرجا ُ‬
‫الستعان‪ ،‬وإليه الشتكى‪ ،‬ول حول ول ق ّوةَ إل بال العلي العظيم‪.‬‬
‫نفعن ال وإياكم بالقرآن العظيم‪ ،‬وبدي سيّد الرسلي‪ ،‬وجعلنا من أنصاره الغالبي‪ ،‬الذّابّي عن‬
‫سنّته‪ ،‬الفدّين لا بالنفس والموال والبني‪ ،‬إنه خي مسؤول وأكرم مأمول‪ .‬أقول ما سعتم‪ ،‬وأستغفر‬
‫ال العظيم الليل ل ولكم ولكافّة السلمي من كلّ ذنب‪ ،‬فاستغفروه وتوبوا إليه‪ ،‬إنّه كان غفورا‬
‫رحيمًا‪.‬‬
‫الطبة الثانية‬
‫المد ل الذي أسبغ علينا نِعمًا عِدادًا‪ ،‬وبعث فينا سراجًا وقّادًا‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له توعّد الفّاكي لظى مِهادًا‪ ،‬فقد رضّوا لنا أكبادًا‪ ،‬وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا ممّدًا عبد ال‬
‫ورسوله أعظم البيّة قدرًا وشرفًا‪ ،‬وأرأفهم فؤادًا‪ ،‬صلى ال وسلّم وبارك عليه‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫الذين عزّروه ووقّروه وأمضوا ف مبّته أرواحًا وأجسادًا‪ ،‬وكانوا ف نصرته ضَراغ َم وآسادًا‪ ،‬والتابعي‬
‫ومن تبعهم بإحسان إل يوم الدين‪.‬‬
‫أمّا بعد‪ :‬فاتقوا ال عبادَ ال‪ ،‬وأطيعوه‪ ،‬وتوبوا إليه واستَغفروه‪ ،‬ونافِحوا عن حياض البيب الجتب‪،‬‬
‫وكونوا خيَ من شفى ف ذلك وكفَى‪ ،‬وحقّقوا النصرةَ والوفا ف الذبّ عن جناب النب الصطفى‪.‬‬
‫أيها الخوة الحبة ف ال‪ ،‬وما توضه المّةُ من قمع الساءةِ لنبيّها فلِما أوجبه ال عز وجل من‬
‫تعزيره وحبّه وتوقيه وحايته من ك ّل مؤ ٍذ وشان‪ ،‬ومِن التقرّر أنّ الول ال ّق سبحانه قد أغناه عن‬
‫ص ُرهُ َورُ ُسَلهُ بِاْلغَْيبِ [الديد‪.]25:‬‬
‫نصرةِ اللق‪ ،‬ولكن وَِلَيعْلَمَ الّل ُه مَنْ يَْن ُ‬

‫‪706‬‬
‫ولتدرِكوا ‪-‬يا أحباب رسول ال رعاكم ال‪ -‬أن نصرةَ رسول ال ليست ف زعومٍ ودعاوى تُنشر‪،‬‬
‫ول عواطفَ وانفعالت تُّبثّ وتُنثر فحسب‪ ،‬كلّ‪ ،‬فلن يغنِيَنا صَفّ الروف إذا ل ننكِر بسنّته النكرَ‬
‫ونعرف العروف‪ .‬إنّ نصرته القيقيّة ف اتّباع هديه وسنته عليه الصلة والسلم واقتفاء سَنَنه ومجّته‬
‫وعَدم مالفته‪.‬‬
‫ودعوةٌ ملَتهِبة حرّاء أن يا قادةَ السلمي ف كلّ مكان ائتلفوا على نصرةِ نبيكم حقّا‪ ،‬وهبّوا لتجري‬
‫هذه الفِرى النّكرا بك ّل ِثقَلكم السياسي والقتصاديّ‪ ،‬حكّموا شرعَ ال عز وجل وسنّ َة نبيّه ‪ ،‬وارمُقوا‬
‫أحبابَه بقلةِ الوِداد والخاء‪ ،‬وعلى مبّته وطاعتِه فليكن الولء والباء‪.‬‬
‫لن تتدي أمّة ف غي منهجه *** مهما ارتضَت من بديع الرأي والنّظُم‬
‫خاطِبوا بعزم عقلء العال وشرفاءَه للتحرّك الا ّد ف صدّ هذ ِه التطاولت وردّ هذه التجاوزات‬
‫والستفزازات‪.‬‬
‫أيّها العلماءُ والدعاة‪ ،‬طلّب العل ِم الكفاة‪ ،‬ذبّوا عن جناب الصطفى الكري‪ ،‬وانشروا سنّتَه خفّاقةً ف‬
‫ف العال بشمائله وفضائِله‪ ،‬وجّهوا المّةَ إل‬ ‫العالي‪ ،‬اعقدوا الدروس والحاضرات والندوات لتعري ِ‬
‫حقيقة الئتساء به ومبّته‪.‬‬
‫أيّها الؤتنون على وسائل العلم‪ ،‬أيّها الفكّرون وحلة القلم‪ ،‬اغتنموا هذه النّه َزةَ السانة لنشر‬
‫سيته الع ِطرَة بختلف اللغات والترجات؛ لتعبَ العالَم والقارّات‪ ،‬خبّروهم أنه رسولُ السلم والسّلم‬
‫وأمي وحيِ اللك العلّم‪ ،‬وأنه ـ بأب هو وأمّي ـ جاوز ف الشرفِ والقدر الوزاء‪ ،‬وف العظمةِ‬
‫والسناء ُبَلعًا ف السماء‪ ،‬وَشّعوا ف بركاتِ رسالته وهديِه الؤلّفات والنشرات والقنوات والشّبكات‪،‬‬
‫انبُوا خفافًا وثِقال لبيان ماسن الدين‪ ،‬أشهِدوا الدنيا والتأريخَ أن سية البيب دونا الشمسُ إشراقًا‪،‬‬
‫ودونا السّماك سوّا وائتلقا‪ .‬وعسى ال أن يُقرّ العي ويشفِيَ الصدور بقنواتٍ إسلمية فضائيّة‬
‫عالية تبثّ بلغةِ القوم‪ ،‬تقول للعال‪ :‬هذا دينُنا الوضّاء‪ ،‬وهذا نبيّنا ذو الشمائل القعساء‪ ،‬ودون هذه‬
‫ه ُم ذوي اليسار والثراء‪.‬‬
‫فيا رجال الال والعمال‪ ،‬أنفِقوا ما آتاكم ال ف نصرة سيّد الرسلي ودَعم الطَط الت تنسف مكائد‬
‫الستهزئي بي ِة الِيَر وسيّد البشر عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫أيّتها الخوات السلمات الفُضليات‪ ،‬انصرن نبيّك ّن وسنّتَه بالتمسّك بالجاب والِشمة والعفاف‬
‫والَذر من التبج والسفور والختلط الحرّم ومكائد التغريب ودعاوى السفاف‪ ،‬نشّئن الجيال‬
‫أحلفَ مبّته وطاعتِه‪ ،‬وروّوهم من معيِ منهجه وسيتِه ‪ ،‬وبِذلك تتحقّق نصرة المّة بكافة أطيافها‬
‫وشرائِحِها لنبيّها وحبيبِها ممّد ‪.‬‬
‫سدّد ال الطى‪ ،‬وبارك ف الهود‪ ،‬وأعان العاملي الخلصي لنصرة دينهم والذبّ عن سنة نبيّهم ‪،‬‬
‫إنه جواد كري‪.‬‬

‫‪707‬‬
‫أل وصلّوا وسلّموا ‪-‬رحكم ال‪ -‬على سيّد اللق ُطرّا‪ ،‬وأجلّهم متِدًا وقدرًا الذي أرسله ربّه‬
‫للمدلي بدرًا‪.‬‬
‫واعلموا ‪-‬رحكم ال‪ -‬أن من أزكى أعمالكم عند مليككم وأرجاها عند بارئكم ذبّكم عن جناب‬
‫حبيبكم بكثرة صلتكم وسلمكم على نبيكم ممد ‪ ،‬كما أمركم بذلك ربكم جل وعل‪ ،‬فقال‬
‫تعال قول كريا‪ :‬إِنّ الّلهَ َومَلِئكََتهُ ُيصَلّو َن عَلَى النّبِيّ يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا َعلَْي ِه وَسَلّمُوا َتسْلِيمًا‬
‫[الحزاب‪.]56:‬‬
‫اللهم إنّا نشهدك على حبّك وحبّ نبيّك ممد‪ ،‬ونشهدك أنه أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا ووالدينا‬
‫وأموالنا وذرارينا‪ ،‬اللهم إنا نبأ إليك ما فعل الشانئون بناب نبيك وصفيّك‪ ،‬اللهم إنم قد آذونا ف‬
‫نبينا وحبيبنا وقدوتنا وأسوتنا عليه لصلة والسلم‪ ،‬فاللهم إن كان ف سابق علمك أنم ل يهتدون‬
‫ول يرعوون فاكفِ السلمي شرورَهم‪ ،‬وانتقِم لم منهم يا جبّار يا عزيز‪.‬‬
‫إَلهَنا‪ ،‬انقطع المل إل منك وخاب الرجاء إل فيك وضعف العتماد إل عليك‪ ،‬فاللهم انصر دينك‬
‫وكتابك وسنة نبيك ممد وعبادَك الؤمني‪ ،‬اللهم إنا أحببناك وأحببنا رسولك حبّا صادقًا‪ ،‬اللهم‬
‫فاغفر به ذنوبَنا‪ ،‬وأسعد به قلوبنا‪ ،‬وتقبّل هذه الكلمات‪ ،‬وجعلها لوجهك خالصات‪ ،‬وثقّل با ميزان‬
‫السنات ذبّا عن سيّد البيّات‪ ،‬بأب هو وأمي عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫اللهم أعزّ السلم والسلمي‪...‬‬
‫***************************‬

‫الفهرس العام ‪:‬‬

‫‪708‬‬

You might also like