You are on page 1of 15

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫كرامات الولياء‬
‫الشيخ‪ /‬ناصر بن محمد الحمد‬

‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‬
‫فل مضهل له ومهن يضلل فل هادى له‪ ،‬وأشههد أن ل إله إل ال وحده ل شريهك له‪ ،‬وأشههد أن محمدا عبده‬
‫ورسههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههوله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن العقيدة ال تي أمر نا ال ب ها‪ ،‬هي ال تي جاءت في كتا به‪ ،‬والعقيدة ال تي جاء ب ها ر سولنا ‪ -‬صلى ال عل يه‬
‫و سلم‪ -‬وال تي أمر نا بإتبا عه وإل هلك نا‪ ،‬هي ال تي نط قت ب ها أحادي ثه ال صحيحة الثاب تة ع نه ‪ -‬صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ ،-‬سواء كانت متواترة أو آحادا‪ ،‬فنحن أهل السنة والجماعة نأخذ بها كلها‪ ،‬خلفا لبعض المبتدعة الذين‬
‫ل يأخذون مسائل العتقاد من أحاديث الحاد‪.‬‬
‫ومن جمله ما أمرنا باعتباره وأخذه‪ ،‬مسألة الكرامات التي هي محل بحثنا هذا‪ .‬كرامات الصالحين وأولياء ال‬
‫‪-‬عز وجل‪ .-‬وقد عد علماء السلف هذه المسألة‪ ،‬من جمله ما يعتقده أهل السنة والجماعة‪ ،‬قال شيخ السلم‬
‫ا بن تيم يه ‪-‬رح مه ال‪ -‬تعالى في العقيدة الوا سطية‪ ،‬و من أ صول أ هل ال سنة الت صديق بكرامات الولياء و ما‬
‫يجرى ال على أيديهم من خوارق العادات" (‪.)1‬‬
‫وقال المام الطحاوي ‪-‬رحمهه ال‪ -‬تعالى فهي عقيدتهه المشهورة بالطحاويهة "ونؤمهن بمها جاء مهن كراماتههم‬
‫وصح عن الثقات من رواياتهم" (‪.)2‬‬
‫وقال السفاريني ‪-‬رحمه ال‪ -‬تعالى في منظومته ‪:‬‬
‫مههن تابههع لشرعنهها وناصههح‬ ‫هالح‬
‫هد صه‬
‫هى عنه‬
‫هل خارق أته‬
‫وكه‬
‫بههههها نقول فاقههههف للدلة‬ ‫ههي‬
‫ههن الكرامات الته‬
‫هها مه‬
‫فإنهه‬
‫ههي ذاك بالمحال‬
‫ههى فه‬
‫ههد أته‬
‫فقه‬ ‫ومههن نفاههها مههن ذوى الضلل‬
‫في كل عصر يا شقا أهل الزلل (‪)3‬‬ ‫فإنههههههههها شهيرة ولم تزل‬

‫إلى غير ذلك من أقوال السلف في هذا الباب‪ ،‬وقد خصص المام الللكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل‬
‫ال سنة والجما عة جزءا خا صا بكرامات الولياء ن قل في ها من الحاد يث والثار أمرا عجبا‪ ،‬وقبله وبعده ف من‬
‫كتب في عقيدة السلف أو في الرد على من خالفهم‪.‬‬
‫فأههل السهنة والجماعهة يؤمنون بأن الكرامات والخوارق قهد تحصهل بأمهر ال ‪-‬جهل وتعالى‪ -‬لبعهض أولياءه‬
‫ولبعهض عباده الصهالحين لحكهم جليلة سهنبينها بالتفصهيل إن شاء ال تعالى فهي هذا البحهث المتواضهع‪.‬‬
‫وبعد هذا الجمال فقد آن الشروع في التفصيل‪.‬‬
‫كرامات الولياء ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫وق بل الشروع في ذ كر تفا صيل هذه الم سألة‪ ،‬كان لزاما أن نبدأ بتعر يف كلٍ من الكرا مة ثم الول ية لتت ضح‬
‫الصورة تماما‪.‬‬
‫أولً‪ :‬الكرامة‪:‬‬
‫قال ابن منظور‪ :‬الكريم من صفات ال وأسمائه وهو الكثير الخير الجواد المعطي الذي ل ينفذ عطاؤه (‪.)4‬‬
‫أ ما الكرا مة فتعريف ها أن ها‪ :‬أ مر خارق للعادة غ ير مقرون بدعوى النبوة يظ هر على يد ع بد ظا هر ال صلح‬
‫ملتزم المتابعة لنبي كلف بشريعته مصحوبا ب صحة العتقاد والعمل ال صالح علم بها أو لم يعلم ول تدل على‬
‫غيره لجواز سلبها وأن تكون استدراجا‪.)5( .‬‬
‫وقال السفارينى " الكرامة وهى أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ول هو مقدمة يظهر على يد عبد‬
‫ظاهر الصلح علم بها ذلك العبد الصالح أم لم يعلم "(‪.)6‬‬
‫ثانيا‪ :‬الولية ‪:‬‬
‫ن * الّذِينَ‬
‫حزَنُو َ‬
‫علَ ْيهِمْ َولَ هُمْ َي ْ‬
‫خوْفٌ َ‬
‫إنه ل تعريف للولياء أحسن من قول ال تعالى‪{ :‬أَل إِنّ َأوْلِيَاء اللّهِ َل َ‬
‫ت اللّ ِه ذَلِكَ ُهوَ ا ْل َفوْزُ ا ْل َعظِيمُ}‬
‫آمَنُواْ َوكَانُواْ يَ ّتقُو نَ * َلهُمُ الْ ُبشْرَى فِي ا ْلحَياةِ الدّنْيَا وَفِي الخِرَ ِة لَ تَبْدِي َل ِلكَ ِلمَا ِ‬
‫[(‪ )64-62‬سورة يونس] " فالولية مرتبة في الدين عظيمة ل يبلغها إل من قام بالدين ظاهرا وباطنا" فالولية لها‬
‫جانبان‪:‬‬
‫‪ -‬جانب يتعلق بالعبد‪ :‬وهو القيام بالوامر واجتناب النواهي ثم التدرج في مراقي العبودية بالنوافل‪.‬‬
‫‪ -‬وجانب يتعلق بالرب ‪-‬سبحانه وتعالى‪ :-‬وهو محبة هذا العبد ونصرته وتثبيته على الستقامة‪.‬‬
‫فالولي هو ذلك العبد الذي آمن بال ‪-‬عز وجل‪ :-‬أي صدق به وبما جاء عنه سبحانه في كتابه الكريم وعلى‬
‫ل سان ر سوله ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬والتزم بشر عه ظاهرا وباطنا ثم داوم على ذلك بمراق بة ال سبحانه‬
‫وملزمة التقوى والحذر من الوقوع فيما يسخطه عليه من تقصير في واجب أو ارتكاب لمحرم هذا العبد هو‬
‫ولي ال ‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬يح به وين صره ويبشره برضوا نه وجن ته‪ .‬وع ند فرا قه للدن يا يرت فع ع نه الخوف‬
‫والحزن لما يكشف له من رحمة ال وبشارته‪.‬‬
‫وهذا المعنى يؤكده الحديث القدسي الذي أورده البخاري في صحيحه‪(( :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‬
‫وما تقرب إليّ عبدي بشيء أ حب إليّ م ما افترض ته عل يه‪ ،‬و ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوا فل ح تى أح به‪،‬‬
‫فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها وإن‬
‫سألني لعطينه ولئن استعاذني لعيذنه))‪.‬‬
‫فهذا الحديث تضمن المعاني التي في الية الكريمة‪:‬‬
‫جا نب الع بد‪ :‬و هو أداء الفرائض ثم التقرب بالنوا فل‪ ،‬وجا نب الرب ‪ -‬عز و جل‪ :-‬و هو محب ته لذلك الع بد‬
‫ونصرته وتأييده ورعايته له في كل موقف وحفظه لجوارحه فيصبح عبدا محفوظا في جميع جوارحه‪ ،‬وهذا‬
‫معنى قوله ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لبن عباس ‪-‬رضي ال عنهما‪(( ،-‬يا غلم احفظ ال يحفظك‪ ،‬احفظ ال‬
‫تجده تجاهك‪.)7())..‬‬
‫إن كرامات الولياء‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬قد تكون تأييدا وتثبيتا للشخص‪.‬‬
‫‪ -‬وقد تكون تأييدا للحق‪.‬‬
‫ولهذا كانت الكرامات في التابعيين ومن جاء بعدهم أكثر من الصحابة‪ ،‬لن الصحابة عندهم من التثبيت ما‬
‫يستغنون به عن الكرامات‪.‬‬
‫فالعاقل الذي يطلب الستقامة ل الكرامة‪.‬‬
‫قال أبو علي الجوزجانى‪" :‬كن طالبا للستقامة ل طالبا للكرامة‪ ،‬فإن نفسك منجبلة على طلب الكرامة‪ ،‬وربك‬
‫يطلب منك الستقامة"‪.‬‬
‫قال الشيخ السهروردي فى عوارفه‪" :‬وهذا الذي ذكره أصل عظيم كبير في الباب‪ ،‬وسر غفل عن حقيقته كثير‬
‫من أهل السلوك والطلب‪ ،‬وذلك أن المجتهدين والمتعبدين سمعوا عن سلف الصالحين المتقدمين وما منحوا‬
‫به من الكرامات وخوارق العادات فأبدا نفو سهم ل تزال تتطلع إلى ش يء من ذلك‪ ،‬ويحبون أن يرزقوا شيئا‬
‫من ذلك‪ ،‬ول عل أحد هم يب قى منك سر القلب متهما لنف سه في صحة عمله ح يث لم يكا شف بش يء من ذلك ولو‬
‫علموا سر ذلك لهان عليهم المر‪ ،‬فيعلم أن ال يفتح على بعض المجاهدين الصادقين من ذلك بابا‪ ،‬والحكمة‬
‫فيهه أن يزداد بمها يرى مهن خوارق العادات وآثار القدرة تفننها‪ ،‬فيقوى عزمهه على هذا الزههد فهي الدنيها‬
‫والخروج من دوا عي الهوى و قد يكون ب عض عباده يكا شف ب صدق اليق ين وير فع عن قل به الحجاب و من‬
‫كو شف ب صدق اليق ين أغنى بذلك عن رؤ ية خرق العادات‪ ،‬لن المراد من ها كان ح صول اليق ين‪ ،‬وقد حصل‬
‫اليق ين فلو كو شف هذا المرزوق صدق اليق ين بش يء من ذلك لزداد يقينا‪ ،‬فل تقت ضي الحك مة ك شف القدرة‬
‫بخوارق العادات لهذا الموضوع ا ستغناء به وتقت ضي الحك مة ك شف ذلك ال خر لمو ضع حاج ته‪ ،‬وكان هذا‬
‫الثاني يكون أتم استعدادا وأهلية من الول‪ ،‬فسبيل الصادق مطالبة النفس بالستقامة‪ ،‬فهي كل الكرامة ثم إذا‬
‫وقع في طريقه شيء خارق كان كأن لم يقع فما يبالي ول ينقص بذلك‪.‬‬
‫وإنما ينقص بالخلل بواجب حق الستقامة" (‪.)8‬‬
‫الكرامة قسمان ‪-:‬‬
‫" قال شيخ ال سلم ابن تيم ية ‪-‬رح مه ال‪ -‬تعالى في العقيدة الوا سطية‪" :‬و من أ صول أهل ال سنة والجما عة‬
‫التصهديق بكرامات الولياء ومها يجري ال على أيديههم مهن خوارق العادات فهي أنواع العلوم والمكاشفات‬
‫وأنواع القدرة والتأثيرات‪"...‬‬
‫أثبت شيخ السلم ‪-‬رحمه ال‪ -‬في هذا المقطع من عقيدته أن الكرامة قسمان‪:‬‬
‫‪ -1‬قسم يتعلق بالعلوم والمكاشفات‪.‬‬
‫‪ -2‬قسم يتعلق بالقدرة والتأثيرات‪.‬‬
‫أما القسم الول فهو أن يحصل للنسان من العلوم ما ل يحصل لغيره‪ ،‬والمكاشفات أن يكشف له من المور‬
‫مال يحصل لغيره‪.‬‬
‫مثال الول‪ :‬وهو أن يحصل للنسان من العلوم ما ل يحصل لغيره‪ :‬ما ورد عن أبي بكر الصديق ‪-‬رضي‬
‫ال عنه‪ -‬أن ال أطلعه على ما في بطن زوجته من الحمل‪ ،‬أعلمه ال بأنه أنثى‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ومثال الثاني‪ :‬وهو أن يحصل للنسان من الكشف ما ل يحصل لغيره‪ :‬ما حصل للفاروق عمر بن الخطاب‬
‫‪-‬رضي ال عنه‪ -‬في قصته المشهورة‪" :‬يا سارية الجبل"‪.‬‬
‫وما حصل للرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬من المكاشفات في غزوة مؤتة عندما أخبر وهو في المدينة بمقتل‬
‫القواد الثلثة‪ ،‬وأنه تسلم الراية بعد جعفر خالد بن الوليد‪.‬‬
‫أما القسم الثاني من أقسام الكرامات‪ ،‬وهو ما يتعلق بالقدرة والتأثيرات‪ ،‬فهو كما قال العلماء عن شيخ السلم‬
‫ابن تيمية ‪-‬رحمه ال‪ -‬تعالى رحمة واسعة‪ ،‬وما أعطي من قوة في المناظرة والتأثير على الخصم من العلوم‬
‫العقلية والنقلية‪ ،‬حتى قالوا أنه لم ينقطع ‪-‬رحمه ال‪ -‬يوما من الدهر وهو يناظر خصمه‪ .‬حتى أنه كان يخصم‬
‫الذي أمامه من أقواله ومذهبه‪ ،‬ولشك أن هذا مما فتح ال به على شيخ السلم من الكرامات‪.‬‬
‫وهذا القسهم مهن الكرامات‪ ،‬ينال شيئا منهه الواحهد منها وال المسهتعان فهي بعهض المناسهبات ونحهن الضعاف‬
‫المهازيهل فأحيانا تقوم وتتكلم فهي مناسهب ٍة مها‪ ،‬دون مها إعداد فتتكلم بكلم رصهين متيهن قوي‪ ،‬وتأتهي بالدلة‬
‫والشواهد حتى أنك أنت تستغرب من نفسك كيف خرج منك مثل هذا الكلم‪ ،‬الذي لو أعددت له ما كان بهذه‬
‫القوة والر صانة والمتا نة‪ .‬ل شك بأن هذا م ما يف تح ال به على الع بد‪ ،‬ول يس هو بحول الع بد ول بقو ته‪ .‬وإن‬
‫ح صل ش يء من هذا لحد نا في ب عض الحاي ين فأيضا ينب غي له أل يغ تر بنف سه فرب ما يكون ا ستدراجا له‪،‬‬
‫وربما يكون هذا من تأييد ال ‪-‬جل وتعالى‪ -‬للحق ل للشخص‪.‬‬
‫فوائد الكرامات‪:‬‬
‫إن الكرامات ل تحصل عبثا دون حكم وفوائد‪ ،‬وقد لخص العلمة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي فوائد‬
‫الكرامات فهي ثلث قضايها‪ ،‬ذكرهها ‪-‬رحمهه ال‪ -‬فهي تعليقهه على العقيدة الواسهطية فقال ‪-‬رحمهه ال‪:-‬‬
‫" أعظمها الدللة على كمال قدرة ال ونفوذ مشيئته وكما أن ل سننا وأسبابا تقتضى مسبباتها الموضوعة لها‬
‫شرعا وقدرا فإن ل أيضا سهننا أخرى ل يقهع عليهها علم البشهر ول تدركهها أعمالههم وأسهبابهم‪ .‬فمعجزات‬
‫النبياء وكرامات الوليات بل وأيام ال وعقوباته في أعدائه الخارقة للعادة كلها تدل دللة واضحة أن المر‬
‫كله ل والتقدير والتدبير كله ل‪ ،‬وأن ل سننا ل يعلمها بشر ول ملك‪ .‬فمن ذلك قصة أصحاب الكهف والنوم‬
‫الذي أوقعه ال بهم تلك المدة العظيمة وقيض أسبابا متنوعة لحفظ دينهم وأبدانهم كما ذكر ال في قصتهم‪.‬‬
‫خلَ عَلَ ْيهَا َزكَرِيّا ا ْل ِمحْرَا بَ َوجَدَ عِندَهَا رِزْقا قَالَ يَا َمرْيَ مُ‬
‫ومنها ما أكرم ال به مريم بنت عمران وأنه {كُّلمَا َد َ‬
‫أَنّ ى َل كِ هَذَا قَالَ تْ ُهوَ مِ نْ عِن ِد اللّ هِ إنّ اللّ هَ يَ ْرزُ قُ مَن َيشَاء ِبغَيْ ِر حِ سَابٍ} [(‪ )37‬سورة آل عمران]‪ . ،‬وكذلك‬
‫حمل ها وولدت ها بعي سى على ذلك الو صف الذي ذ كر ال‪ ،‬وكل مه في الم هد هذا ف يه كرا مة لمر يم ومعجزة‬
‫لعيسى ‪-‬عليه السلم‪ .-‬وكذلك هبته تعالى الولد لبراهيم من سارة وهى عجوز عقيم على كبره‪ ،‬كما وهب‬
‫لزكريا يحيى على كبره وعقم زوجته‪ ،‬وهذه معجزة للنبي وكرامة لزوجته‪ .‬وقد أطال شيخ السلم ‪-‬رحمه‬
‫ال‪ -‬الن فس وب سط الكلم في هذا الموضوع في كتا به ‪ -‬الفرقان ب ين أولياء الرح من وأولياء الشيطان‪ ،‬وذ كر‬
‫قصصا كثيرة متوافرة تدل على هذه القضية الثانية‪ :‬أن وقوع الكرامات للولياء في الحقيقة معجزات للنبياء‬
‫لن تلك الكرامات لم تحصل لهم إل ببركة متابعة نبيهم الذي نالوا به خيرا كثيرا من جملتها الكرامات‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن كرامات الولياء هي من البشرى المعجلة في الحياة الدنيا كما قال تعالى‪َ { :‬لهُ مُ الْ ُبشْرَى فِي ا ْلحَياةِ‬
‫الدّنْيَا} [(‪ )64‬سورة يو نس] و هى على قول ب عض المف سرين‪ :‬كل أ مر يدل على وليت هم وح سن عاقبت هم‪ ،‬و من‬
‫ذلك الكرامات‪ ،‬ولم تزل الكرامات موجودة لم تنقطع في أي وقت وفي أي زمن وقد رأى الناس منها العجائب‬
‫والمور الكثيرة"(‪.)9‬‬
‫وهناك تعل يق نف يس للش يخ‪ /‬ا بن عثيم ين على الوا سطية ذكر ها في أشرط ته تتعلق بالنق طة الثان ية و هو أن‬
‫الكرا مة للولي معجزة لل نبي‪ ،‬قال حف ظه ال‪ " :‬كل كرا مة لولي ف هي آ ية لل نبي الذي اتب عه‪ ،‬ولهذا قال ب عض‬
‫العلماء إن ما جرى من كرامات للولياء من هذه ال مة ف هي آيات للر سول ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ "-‬وقال‬
‫ب عض العلماء أ نه ما من آ ية ل نبي من ال نبياء ال سابقين إل ولر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬مثل ها‪،‬‬
‫ل لم يلق فهي النار فيخرج حيا كمها حصهل لبراهيهم ‪-‬عليهه السهلم‪ -‬فقالوا جرى ذلك لتباع‬
‫فالرسهول مث ً‬
‫الر سول ‪-‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬كذلك فلق البحر لمو سى ‪-‬عل يه ال سلم‪ -‬حصل لتباع الر سول ‪-‬صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ -‬أمور في الب حر أع ظم م ما ح صل لمو سى ‪-‬عل يه ال سلم‪ -‬و هو الم شي على الماء‪ ،‬كذلك إحياء‬
‫الموتى لعيسى ‪-‬عليه السلم‪ -‬حصل لتباع الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬مثلها‪ ،‬كذلك الرجل الذي أحيا‬
‫ال له فرسه حتى بلغ أهله‪ ،‬كذلك إبراء الكمه وإعادة البصر حصل للرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬نفسه‪.‬‬
‫ضوابط الكرامة ‪:‬‬
‫ليس كل ما يظهر على أيدي الصالحين أو غيرهم يكون كرامة‪ ،‬بل قد تكون غواية من الشيطان أو إضللً‬
‫من بعض ال جن‪ ،‬ولذا ف قد وضع الدكتور أحمد بن سعد حمدان مح قق كتاب الللكائي ‪ -‬شرح أ صول اعتقاد‬
‫أههل السهنة والجماعهة‪ -‬مقدمهة فهي الجزء التاسهع منهه خاصهة بموضوع الكرامات فوضهع حفظهه ال أربعهة‬
‫ضوابط مهمة‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون صاحبها مؤمنا متقيا‪:‬‬
‫خوْ فٌ عَلَ ْيهِ مْ َولَ هُ مْ‬
‫وهو الوصف الذي ذكره ال ‪-‬عز وجل‪ -‬في كتابه بقوله تعالى‪{ :‬أَل إِنّ َأوْلِيَاء اللّ هِ َل َ‬
‫ن * الّذِينَ آمَنُو ْا وَكَانُواْ يَ ّتقُونَ} [(‪ )63-62‬سورة يونس]‪.‬‬
‫َيحْزَنُو َ‬
‫فيؤدى ما افترضه ال ‪-‬عز وجل‪ -‬عليه من الفروض والواجبات ويجتنب ما نهاه ال ‪-‬عز وجل‪ -‬عنه من‬
‫المحرمات ثهم يترقهي فهي سهلم العبوديهة بعمهل المسهتحبات وترك المكروهات حتهى يحقهق معنهى الوليهة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪ :‬وليس ل ولي إل من اتبعه باطنا وظاهرا فصدقه فيما أخبر به من الغيوب والتزم طاعته‬
‫فيما فرض على الخلق من أداء الواجبات وترك المحرمات‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ل يدعي صاحبها الولية‪:‬‬
‫الولية هي درجة تتعلق بفعل الرب ‪-‬عز وجل‪ -‬وفعل العبد‪ ،‬والعبد كما ذكرنا يترقي في سلم العبودية بنقل‬
‫الطاعات وترك المخالفات‪ ،‬و هو ل يعلم عن ال ‪ -‬عز و جل‪ -‬و هل ق بل ال من الع بد عمله فرف عه به أم لم‬
‫يقبله منه‪.‬‬
‫فدعوى الولية هي دعوى علم الغيب أولً‪ ،‬ثم إنها تزكية للنفس ثانيا‪ ،‬وقد قال ال ‪-‬عز وجل‪{ :-‬فَلَا ُت َزكّوا‬
‫سكُمْ ُهوَ أَعْ َل ُم ِبمَنِ ا ّتقَى} [(‪ )32‬سورة النجم]‪.‬‬
‫أَن ُف َ‬

‫‪5‬‬
‫‪ -3‬أن ل تكون سببا في ترك شيء من الواجبات‪:‬‬
‫الكرامة يحصل عليها الولي بسبب طاعته ل ‪-‬عز وجل‪ -‬بإيمانه وتقواه‪ ،‬ويلزم من ذلك أن ل تخالف ما كان‬
‫سببا في حصولها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ل تخالف أمرا من أمور الدين‪:‬‬
‫فلو رأى في المنام أو في اليقظة أن شخصا في صورة نبي أو ملك أو صالح يقول له‪ :‬قد أبحت لك الحرام‪،‬‬
‫أو حرمهت عليهك الحلل‪ ،‬أو أسهقطت عنهك التكاليهف‪ ،‬أو نحهو ذلك لم يصهدقه‪ .‬فإن ذلك مهن الشيطان إذ أن‬
‫شريعهة ال ‪-‬عهز وجهل‪ -‬باقيهة إلى يوم القيامهة مهن غيهر نسهخ فمها رأى النسهان يقظةً أو مناما يخالف ذلك‬
‫فينبغي أن يعرف أنه من الشيطان (‪.)10‬‬
‫الشخاص الذين تظهر على أيديهم الخوارق‪.)11( :‬‬
‫ليس كل من ظهر على يديه أمر خارق للعادة كان وليا‪ ،‬ولذا فيمكن تصنيف أصحاب الخوارق إلى عدة أقسام‬
‫على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬أناس صالحون ملتزمون بالشريعة السلمية ظاهرا وباطنا قد آمنوا بال ‪ -‬عز وجل‪ -‬وبما أمر هم أن‬
‫يؤمنوا بهه وعملوا بمها أمروا أن يعملوه ويعبدون ال ‪-‬عهز وجهل‪ -‬على وجهل وخشيهة أن ل يتقبهل منههم‪.‬‬
‫قد اتخذوا من حياة رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬قدوة يسيرون على منهاجها‪ ،‬ول يدعون لنفسهم مكانة‬
‫زائدة على أفراد ال مة ول يزكون أنف سهم‪ ،‬فهؤلء هم أ هل كرا مة ال ‪ -‬عز و جل‪ -‬وأ هل توفي قه ول يس فوق‬
‫هداية العبد لطاعة ال ‪-‬عز وجل‪ -‬منزلة يتطلع إليها النسان المسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬قسم فاسق استخدموا الشياطين واستخدمتهم الشياطين إما عن طريق السحر أو ما شابه ذلك من الوسائل‬
‫المحرمة‪ .‬فهؤلء قد اتخذوا الشياطين أولياء من دون ال ‪-‬عز وجل‪ -‬وباعوا دينهم بما تقدمه لهم الشياطين‬
‫مخاريق وبما تعينهم عليه من أعمال‪.‬‬
‫وهذا الصنف قد يظهر على حقيقته أمام الناس ويهمل الواجبات الشرعية ويرتكب المحذورات المحرمة وهذا‬
‫ل للكرامة ول للولية لمخالفة سلوكه لسلوك أولياء ال ‪-‬عز وجل‪.-‬‬
‫كاف في بيان حاله وأنه ليس أه ً‬
‫‪ -3‬قسم كفار‪ ،‬استعملوا وسائل متعددة كالقسم السابق إل أن هؤلء يعملون ما يعملون لفساد عقائد المسلمين‬
‫فيظهرون ل هم في مظ هر الزهاد ال صالحين ويظهرون ل هم من ال سحر والشعوذة‪ ،‬ما يخدعون هم به ثم يبثون‬
‫في هم عقائد الشرك والضلل ت حت ستار "الول ية" والناس ينخدعون ب ما يرو نه يظ هر على يد يه من العمال‬
‫الغريبة والمخاريق العجيبة‪.‬‬
‫‪ -4‬وقسم عباد جهلة‪ ،‬أغواهم الشيطان‪ ،‬وهؤلء ليس لديهم من العلم الشيء الذي يجعلهم يميزون فهؤلء ل‬
‫يفرقون بين ما هو كرامة‪ ،‬وما هو من خداع الشيطان‪.‬‬
‫فإذا رأوا أمرا غريبا أو سهمعوا صهوتا ظنوا أن هذا ملك يخاطبههم‪ ،‬ومها علموا بأن الشيطان قهد يتمثهل فهي‬
‫صورة دابة‪ ،‬وكل هذا من مكر الشيطان بعباد الكرامات والذين ليس لديهم من العلم الشرعي ما يفرقون به‬
‫بين الحق والباطل‪.‬‬
‫بين المعجزة والكرامة‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫اسم المعجزة يعم كل خارق للعادة في اللغة وأيضا في عرف الئمة المتقدمين كالمام أحمد وغيره‪ ،‬ويسمونها‬
‫اليات ل كن كثيرا من المتأخر ين يفرق في الل فظ بينه ما‪ ،‬فيج عل المعجزة لل نبي والكرا مة للولي‪ .‬وجماعه ما‬
‫المر الخارق للعادة‪.‬‬
‫فالمعجزة‪ ،‬أمهر خارق للعادة مقرون بالتحدي سهالم مهن المعارضهة والمعجزة تكون حسهية وتكون معنويهة‪.‬‬
‫فالحسية هي المشاهدة بالبصر‪ ،‬كخروج الناقة‪ ،‬وانقلب عصى موسى حية‪.‬‬
‫أما المعنوية‪ ،‬كمعجزة القرآن‪.‬‬
‫وقد أوتي نبينا ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬من كل ذلك‪ ،‬فمن المح سوسات‪ :‬انشقاق الق مر‪ ،‬وحن ين الجذع‪ ،‬ونبع‬
‫الماء من بين أصابعه‪ ،‬وتسبيح الطعام‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ومن المعنويات‪ .‬المعجزة الباقية الخالدة وهو القرآن‪.‬‬
‫أ ما الكرامات‪ ،‬ف هي لل نبياء وللولياء‪ ،‬وثبوت ها للولياء حق‪ ،‬و هو ظهور ال مر الخارق للعادة على أيدي هم‪،‬‬
‫وإن لم يعلموا كقصهة أصهحاب الكههف وأصهحاب الصهخرة‪ ،‬وكلهها معجزات لنهبيائهم وكنداء عمهر لسهارية‬
‫وككتابته إلى نيل مصر‪ ،‬وكخيل العلء بن الحضرمي‪ ،‬وسيأتي تفصيل هذه بعد قليل بزيادة إيضاح وأمثله‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪-‬رحمه ال تعالى‪" -‬فما كان من الخوارق من باب العلم‪ ،‬فتارة بأن يسمع العبد ما‬
‫ل يسمعه غيره وتارة بأن يرى ما ل يراه غيره يقظة ومناما‪ ،‬وتارة بأن يعلم ما ل يعلم غيره وحيا وإلهاما أو‬
‫إنزال علم ضروري أو فراسهة صهادقه‪ ،‬ويسهمى كشفا ومشاهدات ومكاشفات ومخاطبات‪ ،‬فالسهماع مخاطبات‬
‫والرؤية مشاهدات والعلم مكاشفة‪ ،‬وما كان من باب القدرة فهو التأثير‪ ،‬وقد يكون همة وصدقا ودعوة مجابة‪،‬‬
‫وقد يكون من فعل ال الذي ل تأثير له فيه بحال‪ ،‬مثل هلك عدوه بغير أثر فيه كقوله‪(( :‬من عادى لي وليا‬
‫فقد بارزني بالمحاربة)) (‪ .)12‬ومثل تذليل النفوس له ومحبتها إياه ونحو ذلك‪ .‬وكذلك ما كان من باب العلم‬
‫والكشف قد يكشف لغيره من حاله بعض أمور‪ ،‬كما قال النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬في المبشرات‪(( :‬هي‬
‫الرؤ يا ال صالحة يرا ها الر جل ال صالح أو ترى له)) (‪ .)13‬وك ما قال ال نبي ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪(( :-‬أن تم‬
‫شهداء ال في الرض))(‪.)14‬‬
‫وقد جمع لنبينا ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬جميع أنواع المعجزات والخوارق أما العلم والخبار الغيبية والسماع‬
‫والرؤ ية فم ثل إخبار نبي نا ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬عن ال نبياء المتقدم ين وأمم هم ومخاطبا ته ل هم وأحواله‬
‫معهم‪ ،‬وكذلك إخباره عن أمور الربوبية والملئكة والجنة والنار بما يوافق النبياء قبله من غير تعلم منهم‪،‬‬
‫فإخباره عن المور الغائبة ماضيها وحاضرها هو من باب العلم الخارق‪ ،‬وكذلك إخباره عن المور المستقبلة‬
‫مثل‪ :‬مملكة أمته وزوال مملكة فارس والروم‪ ،‬وقتال الترك وألوف مؤلفة من الخبار التي أخبر بها مذكور‬
‫بعضها في كتب دلئل النبوة لبي نعيم والبيهقي" انتهى(‪.)15‬‬
‫وقال سماحة الش يخ ع بد العز يز بن باز حف ظه ال تعالى وأطال في عمره‪ " :‬الفرق ب ين المعجزة والكرا مة‬
‫والحوال الشيطان ية الخار قة للعادة على يد ال سحرة والمشعوذ ين‪ :‬أن المعجزة هي ما يجري ال على أيدي‬
‫الرسل والنبياء من خوارق العادات التي يتحدّون بها العباد ويختبرون بها ويخبرون بها عن ال لتصديق ما‬

‫‪7‬‬
‫ل على‬
‫بعثههم بهه ويؤيدههم بهها سهبحانه كانشقاق القمهر ونزول القرآن فإن القرآن ههو أعظهم معجزة لرسهو ٍ‬
‫الطلق ولحنين الجذع ونبوع الماء من بين أصابعه وغير ذلك من المعجزات الكثيرة‪.‬‬
‫وأمها الكرامهة فههي مها يجري ال على أيدي أوليائه المؤمنيهن مهن خوارق العادات كالعلم والقدرة وغيهر ذلك‬
‫كالظلة التي وقعت على أسيد بن الحضير حين قراءته القرآن وكإضاءة النور لعباد بن بشر وأسيد بن حضير‬
‫حين انصرفا من عند النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف سوطه‪ ،‬وشرط‬
‫كونها كرامة أن يكون من جرت على يده هذه الكرامة مستقيما على اليمان ومتابعة الشريعة فإن كان خلف‬
‫ذلك فالجاري على يده مهن الخوارق يكون مهن الحوال الشيطانيهة ثهم ليعلم أن عدم حصهول الكرامهة لبعهض‬
‫المسلمين ل يدل على نقص إيمانهم لن الكرامة إنما تقع لسباب‪:‬‬
‫منها‪ :‬تقوية إيمان العبد وتثبيته ولهذا لم ير كثير من الصحابة شيئا من الكرامات لقوة إيمانهم وكمال يقينهم‪.‬‬
‫ومن ها‪ :‬إقا مة الح جة على العدو ك ما ح صل لخالد ل ما أ كل ال سم وكان قد حا صر ح صنا فامتنعوا عل يه ح تى‬
‫يأكله‪ ،‬فأكله وفتح الحصن‪ ،‬ومثل ذلك ما جرى لبي مسلم الخراسانى لما ألقاه السود العنسي في النار فأنجاه‬
‫ال من ذلك لحاجته إلى تلك الكرامة‪ ،‬وكقصة أم أيمن لما خرجت مهاجرة واشتد بها العطش سمعت حسا من‬
‫فوقها فرفعت رأسها فإذا هي بدلو من ماء فشربت منها ثم رفعت‪.‬‬
‫و قد تكون الكرا مة ابتلء في سعد ب ها قوم ويش قى ب ها آخرون‪ ،‬و قد ي سعد ب ها صاحبها إن ش كر‪ ،‬و قد يهلك إن‬
‫أعجب ولم يستقم" (‪ .)16‬انتهى كلمه حفظه ال‪.‬‬
‫وقال الشيهخ‪ /‬عبهد العزيهز السهلمان‪" :‬ويفرق بينهها وبيهن المعجزة بأن المعجزة تكون مقرونهة بدعوى النبوة‬
‫بخلف الكرامة"‪.)17( .‬‬
‫صور من المعجزات والكرامات‪:‬‬
‫فأولً هذه بعض معجزات رسولنا ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪:-‬‬
‫‪ -‬روى م سلم في صحيحه من حد يث جابر ‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬قال‪ :‬سرنا مع ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ -‬حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء‬
‫فن ظر ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬فلم ير شيئا ي ستتر فإذا شجرتان بشا طئ الوادي فانطلق ر سول ال‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬إلى إحداهما‪ ،‬فأخذ بغصنين من أغصانها فقال‪(( :‬انقادي عليّ بإذن ال)) فانقادت معه‬
‫كالبع ير المخشوم الذى ي صانع قائده ح تى أ تى الشجرة الخرى‪ ،‬فأ خذ ب عض أغ صانها‪ ،‬فقال‪(( :‬انقادي عليّ‬
‫بإذن ال)) فانقادت كذلك حتى إذا كان بالمنتصف فيما بينهما لَم بينهما حتى جمع بينهما‪ ،‬فقال‪(( :‬التئما عليّ‬
‫بإذن ال)) فالتأمتا عليه فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بقربى فتباعدت‬
‫فجل ست أحدث ن فس فحا نت م ني لف تة فإذا أ نا بر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬مقبلً وإذا الشجرتان قد‬
‫افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق"‪.‬‬

‫‪ -‬ولما انكسرت رجل عبد ال بن عتيك ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬بعد ما قتل أبا رافع الذي يؤذي النبي ‪-‬صلى ال‬

‫‪8‬‬
‫عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬فانتهيت إلى النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فحدثته فقال لي‪(( :‬أبسط رجلك)) فبسطت رجلي‬
‫فمسحها فكأنها لم أشتكها قط‪.‬‬
‫‪ -‬وفى الترمذى عن علي ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬كنت مع رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بمكة فخرجنا‬
‫في بعض نواحيها فما استقبله شجر ول جبل إل وهو يقول السلم عليك يا رسول ال‪.‬‬

‫‪ -‬وجاء أعرابي إلى النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬بم أعرف أنك نبي؟ قال‪(( :‬إن دعوت هذا العذق من‬
‫هذه النخلة أتش هد أ ني ر سول ال؟)) قال ن عم‪ ،‬فدعا ها ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬فج عل ينزل من‬
‫النخلة حتهى سهقط إلى النهبي ‪-‬صهلى ال عليهه وسهلم‪ -‬ثهم قال‪(( :‬ارجهع)) فعاد‪ ،‬فأسهلم العرابهي‪.‬‬
‫‪ -‬وق صة ارتجاف أ حد‪ :‬وذلك أن ال نبي ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬صعد أحدا وم عه أ بو ب كر وع مر وعثمان‬
‫فرجف بهم فقال رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪(( :-‬أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان))‪.‬‬
‫‪ -‬وقصة ماء الركوة‪ :‬وهى ما ورد عن جابر بن عبد ال ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬قال‪ :‬عطش الناس يوم الحديبية‬
‫والنبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بين يديه ركوة فتوضأ فجهش الناس نحوه فقال‪(( :‬ما لكم؟)) قالوا‪ :‬ليس عندنا‬
‫ماء نتوضأ ول نشرب إل ما بين يديك‪ ،‬قال جابر‪ :‬فوضع النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يده في الركوة فجعل‬
‫الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون‪ ،‬فشربنا وتوضأنا‪ ،‬قال سالم‪ :‬قلت لجابر‪ :‬كم كنتم قال‪ :‬لو كنا مائة ألف‬
‫لكفانا‪ ،‬كنا خمس عشرة مائة‪.‬‬
‫‪ -‬وقصة عكاشة بن محصن بن حرشان السدي حينما اندفع يقاتل المشركين يوم بدر ويحصد فيهم حصدا‬
‫حتى انكسر سيفه فلم يثنه ذلك عن خوض المعركة ولم يتخذ من كسر سيفه فلم يثنه ذلك عن خوض المعركة‬
‫ولم يتخذ من كسر سيفه معذرة عند القتال فجاء إلى النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬يخبره بكسر سيفه وإرادة‬
‫غيره فد فع ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬جذلً من ح طب فقال له‪(( :‬قا تل بهذا يا عكا شة)) فل ما أخذه عكا شة من‬
‫رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هزه فعاد في يده سيفا صارما طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل‬
‫به ‪-‬ر ضي ال ع نه‪ -‬ح تى ف تح ال تعالى على الم سلمين ولم يزل عنده ذلك ال سيف يش هد به المشا هد مع‬
‫ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬ح تى ا ستشهد في قتال الردة في خل فة أ بى ب كر ال صديق ‪-‬ر ضي ال‬
‫عنه‪.-‬‬
‫‪ -‬وقصة حنين الجذع‪ :‬ما ورد عن جابر بن عبد ال ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬أن امرأة من النصار قالت لرسول‬
‫ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ :-‬أل أج عل لك شيئا تق عد عل يه فإن لي غلما نجارا قال‪(( :‬إن شئت)) قال فعملت‬
‫له المنبر‪ ،‬فلما كان يوم الجمعة وقف النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬على المنبر الذي صنع‪ ،‬فصاحت النخلة‬
‫ال تي كان يخ طب عند ها ح تى كادت أن تن شق فنزل ال نبي ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬ح تى أخذ ها فضم ها إل يه‬
‫فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت‪.‬‬
‫‪ -‬وق صة قتادة بن النعمان‪ :‬ف عن أ بى سعيد الخدري أن ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬خرج ذاك ليلة‬
‫ل صلة العشاء وها جت الظلماء من ال سماء وبر قت بر قة فرأى ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬قتادة بن‬
‫النعمان فقال رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪(( :-‬قتادة؟)) قال‪ :‬نعم يا رسول ال‪ ،‬علمت أن شاهد الصلة‬

‫‪9‬‬
‫الليلة قليهل فأحببهت أن أشهدهها‪ ،‬فقال له رسهول ال ‪-‬صهلى ال عليهه وسهلم‪(( :-‬إذا انصهرفت فأتنهي)) فلمها‬
‫انصهرف أعطاه رسهول ال ‪-‬صهلى ال عليهه وسهلم‪ -‬عرجونا وقال‪(( :‬خذه فسهيضيء أمامهك عشرا وخلفهك‬
‫عشرا))‪.‬‬
‫‪ -‬وقصة أبى جابر‪ :‬وهى ما ورد عند جابر بن عبد ال ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬قال‪ :‬توفى أبي شهيدا في أحد‬
‫وعليه دين فاستعنت النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬على غرمائه أن يضعوا من دينه فطلب النبي ‪-‬صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ -‬فلم يفعلوا فقال لي ال نبي ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪(( :-‬اذ هب ف صنف تمرك أ صنافا‪ ،‬العجوة على‬
‫حدة وعذق زيد على حدة ‪-‬أنواع التمر‪ -‬ثم أرسل إلي)) قال جابر‪ :‬ففعلت ثم أرسلت إلى رسول ال ‪-‬صلى‬
‫ل للقوم)) قال جابر‪ :‬فكلت هم ح تى أوفيت هم الذي‬
‫ال عل يه و سلم‪ -‬فجلس على أعله أو في و سطه ثم قال‪(( :‬كِ ْ‬
‫لهم وبقي تمري كأن لم ينقص منه شيء‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك مجيء المطر في مسيره ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأصحابه إلى بدر وكان للمسلمين نعمة وقوة‬
‫وعلى الكفار بلء ونقمه‪.‬‬
‫‪ -‬ورميه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬المشركين بالحصى والتراب حتى عمت رميته الجمع وتقليل المشركين في‬
‫أعين المؤمنين‪ ،‬وإشارة النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬إلى مصارع المشركين بقوله‪(( :‬هذا مصرع فلن هذا‬
‫مصرع فلن)) فرأى المسلمون ذلك على ما أشار إليه وذكره‪.‬‬
‫‪ -‬وق صه ل بن أ هل ال صفة‪ ،‬وذلك أن أ با هريرة ق عد يوما على الطر يق ف مر به ر سول ال ‪ -‬صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ -‬فتبسم حين رآه وعرف ما في نفسه وما في وجهه ثم قال‪(( :‬يا أبا هريرة)) قلت‪ :‬لبيك يا رسول ال‬
‫قال‪(( :‬الح قْ)) ومضى فتبعته فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبنا في قدح‪ ،‬فقال‪(( :‬من أين هذا اللبن؟)) قالوا‪:‬‬
‫من فلن أو فلنة قال‪(( :‬أبا هر)) قلت‪ :‬لبيك يا رسول ال‪ ،‬قال‪(( :‬الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي)) قال أبو‬
‫هريرة‪ :‬فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى‬
‫ب ها‪ ،‬فإذا جاؤوا أمر ني فك نت أ نا أعطي هم و ما ع سى أن يبلغ ني من هذا الل بن قال فأتيت هم فدعوت هم فأقبلوا‬
‫فا ستأذنوا فأذن ل هم وأخذوا مجال سهم من الب يت فقال‪ (( :‬يا أ با هريرة)) قلت‪ :‬لب يك يا ر سول ال قال‪ (( :‬خذ‬
‫فأعط هم)) قال فأخذت القدح‪ ،‬فجعلت أعط يه الر جل فيشرب حتى يروى ثم يرد على القدح‪ ،‬حتى انته يت إلى‬
‫النبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال‪(( :‬يا أبا‬
‫هر)) قلت‪ :‬لب يك يا ر سول ال‪ ،‬قال‪(( :‬بق يت أ نا وأ نت)) قلت‪ :‬صدقت يا ر سول ال‪ ،‬قال‪(( :‬أق عد فاشرب))‬
‫فقعدت فشر بت‪ ،‬فقال‪(( :‬اشرب)) فشر بت‪ .‬ف ما زال يقول اشرب ح تى قلت ل والذي بع ثك بال حق ما أ جد له‬
‫مسلكا‪ ،‬قال‪(( :‬فأرني)) فأعطيته القدح فحمد ال وسمى وشرب الفضلة ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪.-‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك رد عين قتادة بن النعمان فقد أصيبت عينه في غزوة أحد حتى وقعت على وجنته فردها النبي‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬فكانت أحسن عينيه وأحدّهما نظرا وفى ذلك يقول ابنه‪:‬‬
‫فردت ب كف الم صطفى أح سن الردِّ‬ ‫أ نا ا بن الذي سالت على ال خد عي نه‬
‫ف يا ح سن ما ع ين و يا ح سن ما خد‬ ‫ها‬
‫هت لول أمرهه‬
‫ها كانه‬
‫فعادت كمه‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬وقال رفاعة بن رافع رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني فبصق فيها رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫ودعا لي فما آذاني منها شيء بعد‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك استسقاؤه واستصحاؤه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪.-‬‬
‫ففي الصحيحين عن أنس أنه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬رفع يديه ثم قال‪(( :‬اللهم أغثنا اللهم أغثنا)) قال أنس‪:‬‬
‫وال ما نرى في السماء من سحاب ول من قزعة وإن السماء مثل الزجاجة وما بيننا وبين سلع من دار‪ ،‬فو‬
‫الذي نفسي بيده ما وضع يديه حتى ثار السحاب أمثال الجبال‪ ،‬ثم لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحدر‬
‫عن لحيته‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك ما في غزوة خيبر من أنه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أرسل إلى علي وهو أرمد فبصق في عينيه‬
‫فبرئ كأن لم يكن به وجع‪.‬‬
‫‪ -‬وقصة طعام جابر ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬معروفه مشهورة‪.‬‬
‫ولقد صدق من قال‪:‬‬
‫يشيهد مها أوههى الضلل ويصهلحُ‬ ‫ههة‬
‫ههد المبعوث للناس رحمه‬
‫محمه‬
‫ههفحُ‬
‫ههد المصه‬
‫لداود أو لن الحديه‬ ‫هة‬
‫همّ الجبال مجيبه‬
‫لئن س هبّحت صه‬
‫وإن الحصهها فههي كفههه ليسههبحُ‬ ‫فإن الصهخور الصهمّ لنهت لكفهه‬
‫يطفحه‬
‫ُ‬ ‫فمهن كفهه قهد أصهبح الماء‬ ‫وإن كان موسهى أنبهع الماء بالعصها‬
‫سههليمان ل تألو تروح وتسههرحُ‬ ‫وإن كانهت الريهح الرخاء مطيعهة‬
‫ب على شهرٍ به الخ صم يكد حُ‬
‫برع ٍ‬ ‫ها‬
‫هر نبينه‬
‫هت لنصه‬
‫هبا كانه‬
‫فإن الصه‬
‫ه‬
‫له الجهن تشفهي مارضيهه وتلدح ُ‬ ‫وإن أوتهي الملك العظيهم وسهخرت‬
‫ه‬
‫وموسهى بتكليهم على الطور يمنح ُ‬ ‫ههي خلة‬
‫ههم أعطه‬
‫وإن كان إبراهيه‬
‫أشرحه‬
‫ُ‬ ‫وخصهص بالرؤيها وبالحهق‬ ‫فهذا حههبيب بههل خليههل مكلم‬
‫ويشفههع للعاصههين والنار تلفحههُ‬ ‫وخصهص بالحوض العظيهم وباللوا‬
‫عطاء ببشراه أقهههر وأفرحهههُ‬ ‫وبالمقعههههد العلى المقرب عنده‬
‫مراتههب أرباب المواهههب تلمحههُ‬ ‫ها‬
‫هيلة دونهه‬
‫ها السه‬
‫هة العليه‬
‫وبالرتبه‬
‫له سههائر البواب بالخار تفتحههُ‬ ‫وفههى جنههة الفردوس أول داخلٍ‬

‫ثانيا‪ :‬نماذج من كرامات الولياء‪:‬‬


‫‪ -‬قصة سفينة مولى رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬ركبنا البحر في سفينة فانكسرت السفينة فركبت‬
‫لوحا من ألواح ها فطرح ني في أج مة في ها أ سد‪ ،‬فلم يرع ني إل به فقلت‪ :‬يا أ با الحارث أ نا مولى ر سول ال‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬فطأطأ رأسه وغمز بمنكبه شقي‪ ،‬فما زال يغمزني ويهديني الطريق حتى وضعني‬
‫على الطريق وهمهم فظننت أنه يودعني‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬ومنها قصة أبي مسلم الخولني فإنه لما قال له السود العنسي المتنبي‪ :‬أتشهد أني رسول ال‪ ،‬قال‪" :‬ما‬
‫أ سمع"‪ ،‬قال أتش هد أن محمدا ر سول ال‪ ،‬قال‪" :‬ن عم"‪ ،‬فأ مر بنار فأوقدت له‪ ،‬وأل قي في ها فجاؤوا إل يه فوجدوه‬
‫ي صلي في ها‪ ،‬وقد صارت عل يه بردا و سلما‪ ،‬فقدم المدينة ب عد موت النبي ‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ ،-‬وأجل سه‬
‫ع مر بي نه وب ين أ بي ب كر‪ ،‬وقال‪" :‬الح مد ل الذي لم يمت ني ح تى أرا ني في أ مة مح مد من ف عل به ك ما ف عل‬
‫بإبراهيههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههم"‪.‬‬
‫‪ -‬والعلء بن الحضرمي كان عامل رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬على البحرين‪ ،‬وكان يقول في دعائه‬
‫"يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم فيستجاب له‪ ،‬ودعا ال بأن يسقوا ويتوضئوا لما عدموا الماء والسقاء فأجيب‪،‬‬
‫ودعها ال لمها اعترضههم البحهر ولم يقدروا على المرور بخيولههم فمروا كلههم على الماء مها ابتلت سهروج‬
‫خيولهم‪ ،‬ودعا ال أن ل يروا جسمه إذا مات فلم يجدوه في اللحد‪.‬‬
‫‪ -‬ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه أكفانا لم تكن معه من قبل ووجدوا له قبرا محفورا في لحد من‬
‫صخر فدفنوه فيه وكفنوه في تلك الثواب‪.‬‬
‫‪ -‬وأسيد بن حضير كان يقرأ سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج وهي الملئكة نزلت‬
‫ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه‪.‬‬
‫لقراءته‬
‫‪ -‬وكانت الملئكة تسلم على عمران بن حصين‪.‬‬
‫‪ -‬وعباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬في ليلة مظلمة فأضاء‬
‫لهما نور مثل طرف السوط فلما افترقا افترق الضوء معهما‪ .‬رواه البخاري وغيره‪.‬‬
‫‪ -‬وق صه ال صديق في ال صحيحين ل ما ذ هب بثل ثة أضياف م عه إلى بي ته وج عل ل يأ كل لق مة إل ر بى من‬
‫أسفلها أكثر منها فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬وخبيب بن عدى كان أسيرا عند المشركين بمكة‪ ،‬وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة‪.‬‬
‫‪ -‬وعامر بن فهيرة قتل شهيدا فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه‪ ،‬وكان لما قتل رفع فرآه عامر بن الطفيل وقد‬
‫رفع‪ .‬وقال عروة فيرون الملئكة رفعته‪.‬‬
‫‪ -‬وخر جت أم أي من مهاجرة ول يس مع ها زاد ول ماء فكادت تموت عطشا فل ما كان و قت الف طر وكا نت‬
‫صائمة سمعت حسا على رأسها فرفعته فإذا دلو معلق فشربت منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها‪.‬‬
‫‪ -‬والبراء بن مالك كان إذا أقسم على ال أبر قسمه‪ ،‬وكانت الحرب إذا اشتد على المسلمين في الجهاد يقولون‬
‫يا براء اق سم على ر بك فيقول‪ :‬يا رب أق سمت عل يك ل ما منحت نا أكتاف هم ينهزم العدو‪ ،‬فل ما كان يوم القاد سية‬
‫قال‪ :‬أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول شهيد‪ ،‬فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا‪.‬‬
‫‪ -‬وخالد بن الوليد حاصر حصنا منيعا فقالوا‪ :‬ل نسلم حتى تشرب السم فشربه فلم يضره‪.‬‬
‫‪ -‬وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة ما دعا قط إل استجيب له وهو الذي هزم كسرى وفتح العراق‬
‫وذلك أنه لما وقف أمام المدائن ولم يجد شيئا من السفن وتعذر عليه تحصيل شيء منها بالكلية‪ ،‬وقد ازدادت‬
‫دجلة زيادة عظيمة واسود ماؤها ورمت بالزبد من كثرة مائها فخطب سعد الناس على الشاطئ وقال "أل إني‬
‫قد عز مت على ق طع هذا الب حر إلي هم" فقالوا جميعا‪" :‬عزم ال ل نا ولك على الر شد‪ ،‬فاف عل" ثم اقت حم بفر سه‬

‫‪12‬‬
‫دجلة واقت حم الناس لم يتخلف ع نه أ حد‪ ،‬ف ساروا في ها كأن ما ي سيرون على و جه الرض ح تى ملؤوا ما ب ين‬
‫الجا نبين فل يرى و جه الماء من الفر سان والرجال وج عل الناس يتحدثون على و جه الماء ك ما يتحدثون على‬
‫وجه الرض‪.‬‬
‫‪ -‬ولما عذبت الزنيرة على السلم في ال فأبت إل السلم وذهب بصرها‪ ،‬قال المشركون‪ :‬أصاب بصرها‬
‫اللت والعزى قالت‪" :‬كل وال" فرد ال بصرها‪.‬‬
‫‪ -‬ودعا سعيد بن زيد على أروى بنت الحكم فأعمى ال بصرها لما كذبت عليه فقال‪" :‬اللهم إن كانت كاذبة‬
‫فاعم بصرها واقتلها في أرضها" فعميت ووقعت فى حفرة من أرضها فماتت‪.‬‬
‫‪ -‬وتغيب الحسن البصري عن الحجاج الظالم المشهور فدخلوا عليه ست مرات فدعا ال ‪-‬عز وجل‪ -‬فلم‬
‫يروه‪ ،‬ودعا على بعض الخوارج كان يؤذيه فخر ميتا‪.‬‬
‫‪ -‬وصلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو فقال‪" :‬اللهم ل تجعل لمخلوق عليّ منة"‪ ،‬ودعا ال ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫فأحيا فرسه‪ ،‬فلما وصل إلى بيته قال‪ :‬يا بني خذ سرجه فإنه عارية فأخذ سرجه فمات الفرس‪.‬‬
‫إلى غ ير ذلك كث ير من الكرامات ال تي ح صلت ل صالحي هذه ال مة‪ ،‬و قد ذ كر أضعاف هذا بكث ير المام أ بو‬
‫القا سم الللكائي في كتا به شرح أ صول اعتقاد أ هل ال سنة والجما عة‪ ،‬الجزء التا سع م نه‪ ،‬ف قد خ صه بكرامات‬
‫الولياء‪ ،‬فمن أراد المزيد رجع إلى ذلك السفر العظيم‪.‬‬
‫آراء الفرق المخالفة لهل السنة والرد عليها‪:‬‬
‫تبين ل نا م ما سبق أن قول أ هل ال سنة والجما عة في باب الكرامات هو جواز وقوع ها على أيدي ال صالحين‬
‫وأنها أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة‪ ،‬وأنها ل تصل إلى الخوارق التي أظهرها ال ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫على أيدي أنبيائه ورسله‪.‬‬
‫فظهر هناك بعض الفرق المخالفة لمعتقد أهل السنة في هذا الباب‪ ،‬من هذه الفرق الشاعرة والمعتزلة‪ ،‬وكل‬
‫فرقه من هاتين الفرقتين غلت في جانب كما سيظهر بعد قليل من عرض آرائهم ثم الرد عليها‪.‬‬
‫مذهب الشاعرة‪:‬‬
‫تعتقد الشاعرة جواز الكرامات بدون حد‪ ،‬وما جاز وقوعه لنبي جاز وقوعه لولي‪ ،‬بل الخارق للعادة يقع من‬
‫النبي والولي والساحر‪ ،‬ول فرق إل دعوى النبوة من النبي والصلح من الولي‪.‬‬
‫يقول الجويني في كتاب الرشاد صه ‪" :269‬فإن قيل فما الفرق بين الكرامة والمعجزة قلنا‪ :‬ل يفترقان في‬
‫جواز العقل إل بوقوع المعجزة على حسب دعوى النبوة "‪.‬‬
‫وكما نلحظ من هذا المذهب أنه ل يخص النبياء بمعجزات زائدة على ما يحدث على أيدي الولياء‪.‬‬
‫فيرد عليهم‪:‬‬
‫بأن الخوارق التي ت قع على أيدي ال نبياء أظهر ها ال ‪ -‬عز وجل‪ -‬لتأي يد دعوى النبوة لقناع جماعات كافرة‬
‫جاحدة‪ ،‬أما ما يظهر على أيدي الولياء فإنه خاص بالولي نفسه جزاء له على عبادته أو لتقوية إيمانه أو نحو‬
‫ذلك‪ .‬ول ي ستوي ما كان الغرض م نه القناع لجماعات متعددة متنو عة الثقا فة ومختل فة العقول تعانهد ال حق‬
‫وتحاربه وما كان الغرض منه فرديا لشخص مؤمن في الصل‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيميه ‪-‬رحمه ال‪" :-‬ثم هؤلء جوزوا كرامات الصالحين ولم يذكروا بين جنسها وجنس‬
‫كرامات ال نبياء فرقا‪ ،‬بل صرح أئمت هم أن كل ما خرق ل نبي يجوز أن يخرق للولياء ح تى معراج مح مد‬
‫‪ -‬صلى ال عل يه و سلم‪ -‬وفرق الب حر لمو سى ‪-‬عل يه ال سلم‪ -‬ونا قة صالح ‪-‬عل يه ال سلم‪ -‬وغ ير ذلك‪ ،‬ولم‬
‫ل بل قد يجوزون أن يأتي الساحر بمثل ذلك لكن بينهما فرق دعوى‬
‫يذكروا بين المعجزة والسحر فرقا معقو ً‬
‫النبوة وبيهن الصهالح والسهاحر والبر والفجور‪ ...‬إلى أن قال ‪-‬رحمهه ال‪ :-‬ومهع هذا فالولياء دون النهبياء‬
‫والمرسلين فل تبلغ كرامات أحد قط إلى مثل معجزات المرسلين كما أنهم ل يبلغون في الفضيلة والثواب إلى‬
‫درجاتهم ولكن قد يشاركونهم في بعضها كما قد يشاركونهم في بعض أعمالهم"(‪.)18‬‬
‫مذهب المعتزلة‪:‬‬
‫يرى المعتزلة أن خوارق العادات ل يمكهن أن تقهع لغيهر النهبياء‪ ،‬ولذا فقهد ذهبوا إلى منهع وقوع الكرامات‬
‫للولياء وال صالحين‪ ،‬و قد قال بهذا القول أيضا المام مح مد بن حزم ‪-‬رح مه ال‪ -‬تعالى‪ .‬قال ش يخ ال سلم‪:‬‬
‫"فقالت طائفهة ل تخرق العادة إل لنهبي وكذبوا بمها يذكهر مهن خوارق السهحرة والكهان وبكرامات الصهالحين‬
‫وهذه طريقة أكثر المعتزلة وغيرهم كأبي محمد بن حزم وغيره" (‪.)19‬‬
‫وحجهة المعتزلة فيمها ذهبوا إليهه أنهه بالقول بالكرامات يشتبهه النهبي بالولي والنهبي بالسهحر وغيره‪.‬‬
‫ول شك بأن هذه الحجة كما هي واضحة حجة عقليه فالمعتزلة كعادتهم يردون مسائل العتقاد إلى عقولهم فما‬
‫وافقهم آخذوا به‪ ،‬وما خالف ردوه‪.‬‬
‫الرد عليهم‪:‬‬
‫يكفي في نقض كلم المعتزلة هذه النصوص الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة والتي سقنا طرفا منها في‬
‫ثنا يا هذا الب حث والتي تثبت الكرا مة لولياء ال ‪ -‬جل وتعالى‪ .-‬ول شك أن نتاج الع قل يجب أن يضرب به‬
‫عرض الحائط إذا خالف نصا من كتاب أو سنه‪.‬‬
‫وقد أورد شيخ السلم ‪-‬رحمه ال‪ -‬تعالى قول المعتزلة ثم رد عليهم بأن هذه الخوارق قد تواترت وشاهدها‬
‫الناس وهذا كاف في الرد عليهم فقال‪" :‬والمنازع لهم ‪-‬أي للمعتزلة‪ -‬يقول هي أي الخوارق موجودة مشهودة‬
‫لمن شهدها متواترة عند كثير من الناس أعظم مما تواترت عندهم بعض معجزات النبياء وقد شهدها خلق‬
‫كثيهر لم يشهدوا معجزات النهبياء فكيهف يكذبون بمها شهدوه ويصهدقون بمها غاب عنههم ويكذبون بمها تواتهر‬
‫عندهم أعظم مما تواتر غيره"(‪.)20‬‬
‫وقال الش يخ ال سعدي ‪-‬رح مه ال‪" :-‬و قد أنكر ها أيضا طائ فة من أ هل الكلم ظنا من هم أن في إثبات ها إبطالً‬
‫لمعجزات النبياء وهذا وهم باطل أبطله المؤلف ‪-‬يعنى شيخ السلم ‪ -‬في كتابه النبوات وغيره من كتبه" (‬
‫‪.)21‬‬
‫__________________________‬
‫(‪ -)1‬شرح العقيدة الواسطية لشيخ السلم ‪ -‬لمحمد خليل هراس صه ‪ - 176‬طبعة دار الفتاء ‪1402‬هه‪.‬‬
‫(‪ -)2‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ -‬طبعة المكتب السلمي صه ‪.558‬‬
‫(‪ -)3‬لوامع النوار البهية ‪ -‬للعلمة السفاريني جه ‪ 2‬صه ‪.392‬‬

‫‪14‬‬
‫(‪ -)4‬لسان العرب‪12/510 :‬‬
‫(‪ -)5‬الكواشف الجلية عن معاني الواسطية ‪ -‬عبد العزيز السلمان صه ‪.717‬‬
‫(‪ -)6‬لوامع النوار البهية ‪.2/392‬‬
‫(‪ -)7‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ -‬كرامات أولياء ال عز وجل لللكائي ‪.9/7‬‬
‫(‪ -)8‬المعجزات والكرامات ‪ -‬ابن تيمية صه ‪.17‬‬
‫(‪ -)9‬التنبيهات اللطيفة ‪ -‬للشيخ العلمة عبد الرحمن السعدي صه ‪.99‬‬
‫(‪ -)10‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ -‬الللكائي ‪.9/34‬‬
‫(‪ -)11‬من بحث الدكتور أحمد حمدان في مقدمة كتاب الللكائي صه ‪.23‬‬
‫(‪ -)12‬أصله في البخاري بلفظ‪( :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) كتاب الرقاق ‪ -‬باب التواضع‪.‬‬
‫(‪ -)13‬رواه المام أحمد من حديث عبادة بن الصامت‪ ،‬ورواه أبو داود‪.‬‬
‫(‪ -)14‬رواه ابن ماجه والمام أحمد في مسنده عن ابن عمر‪.‬‬
‫(‪ -)15‬بتصرف من رسالة شيخ السلم ‪ -‬المعجزات والكرامات وأنواع خوارق العادات صه ‪.11‬‬
‫(‪ -)16‬الت نبيهات اللطي فة على ما احتوت عل يه العقيدة الوا سطية من المبا حث المني فة تأل يف العل مة الش يخ‪ /‬ع بد الرح من بن‬
‫ناصر السعدي‪ .‬علق عليها العلمة الشيخ‪ /‬عبد العزيز بن باز صه ‪.97‬‬
‫(‪ -)17‬الكواشف الجلية عن معاني الواسطية صه ‪.717‬‬
‫(‪ -)18‬النبوات ‪ -‬شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال صه ‪. 3‬‬
‫(‪ -)19‬النبوات صه ‪. 2‬‬
‫(‪ -)20‬النبوات صه ‪. 2‬‬
‫(‪ -)21‬التنبيهات اللطيفة ‪ -‬للسعدى صه ‪. 100‬‬

‫الفهرس‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫تعاريف‬
‫‪3‬‬ ‫أقسام الكرامة‬
‫‪4‬‬ ‫فوائد الكرامات‬
‫‪5‬‬ ‫ضوابط الكرامات‬
‫‪6‬‬ ‫الشخاص الذين تظهر على أيديهم الخوارق‬
‫‪7‬‬ ‫بين المعجزة والكرامة‬
‫‪8‬‬ ‫صور من المعجزات والكرامات‬
‫‪13‬‬ ‫آراء الفرق المخالفة لهل السنة والرد عليها‪.‬‬

‫‪15‬‬

You might also like