You are on page 1of 33

‫الطب التشريحي في السنة النبوية‬

‫أ‪.‬د‪ /‬عبد الباســط محمد سيد‬

‫أستاذ ورئيس قسم الكيمياء الحيوية‪ -‬المركز القومي‬


‫للبحوث‬
‫عضو المجلس العلى للشئون السلمية‬
‫إن علم ال ـهو العلم الشامل المحيط الذي ل يعتريه خطأ ول يشوبه‬ ‫‪‬‬

‫نقص ‪ ،‬وعلم النسان محدود ويقبل الزدياد ومعرض للخطأ ؛ كما أن‬
‫نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة ؛ فقد قال ‪ -‬صلى ال ـعليه‬
‫وسلم ‪ " : -‬بعثت بجوامع الكلم " ‪ ..‬البخاري ومسلم (‪، )5423‬‬
‫والعجاز ـالعلمـي ـللقران ـو ـالسـنة ـهـو ـإخبارهمـا ـبحقائـق ـأثبتهـا ـالعلم‬
‫التجريـبي ـ‪ ،‬ـوثبـت ـعدم ـإمكانيـة ـإدراكهـا ـبالوسـائل ـالبشريـة ـفـى ـ ـزمن‬
‫الرسول الكريم صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬مما يظهر صدقه صلى ال‬
‫عليه وسلم فيما بلغ عن ربه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وفى القران حقائق ل تتجلى إل بعد حين ( ولتعلمن نباه بعد حين)‬ ‫‪‬‬

‫[ص ‪ ، ]88 :‬وشاء ال أن يجعل لكل منا زمنا خاصا يتحقق فيه(‬
‫لك ل نب ا مس تقر وس وف تعلمون) [النعام ـ‪ ]67 :‬؛ ـلذلك ـفان‬
‫الحقائق القرآنية ‪ ،‬وتلك الموجودة فى السنة المعيارية التى يجب ان‬
‫يحتكم إليها العلم ‪ ،‬ومنها يستطيع المسلمون ان يتقدموا لتصحيح سيرة‬
‫العلم وجعله طريقا إلى اليمان بال‪.‬‬
‫ولم يكن رسول صلى ال عليه وسلم طبيباً متخصصاً‪ ،‬و إنما النبياء‬ ‫‪‬‬

‫يعلمهم ال ـمن علمه المحيط لقوله سبحانه وتعالى ‪ ( :‬هو الذي بعث‬
‫في الميين رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب‬
‫والحكمة وان كانوا من قبل لفى ضلل مبين) [الجمعة ‪ ]2:‬أي ‪ :‬أن‬
‫هناك الكثير والكثير من العلم اللهي الذي يفيض ال به على من يشاء‬
‫من عباده‪ ،‬خصوصاً النبياء والمرسلين؛ فنحن أوتينا علم المعاملت‬
‫(الظاهــر) ‪ ،‬ــلكــن ــهناك ــعلــم ــالمكاشفــة ـ(الباطــن) ‪ ،‬ــوهذا ــالعلم‬
‫(المكاشفة) ل توجد كتب لتعليمه ولكن يعلمه ال ( وعلمك ما لم تكن‬
‫تعلم وكان فضل ال علك عظيماً) [ النساء ‪ ، ]113:‬واتقوا ال‬
‫ويعلمك م ال [البقرة ـ‪ .]282 :‬فالتقوى ـهـي ـالطريـق ـالممهد‬
‫للحصول على هذا العلم اللهي‪ ،‬والنبياء والرسل اتقى الناس لنهم‬
‫عباد ال المخلصين ‪ ،‬اى ‪ :‬الذين أخلصهم ال لنفسه ‪.‬‬
‫وقد انقسم العلم الطبي الذي آتاه ال لرسوله ومصطفاه صلى ال عليه‬ ‫‪‬‬

‫وسلم إلى أربعة أقسام ‪ :‬الول ‪:‬علج المراض عن طريق استخدام‬


‫بعض العشاب ‪ ،‬الثاني ‪ :‬الطب الوقائي عند رسول ال‪ ، ،‬والثالث‬
‫‪:‬الطب النفسى ‪ ،‬والرابع ‪ :‬الطب التشريحي عند النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقد ذكرت لنا كتب السنة أربعة أحاديث شريفة في مجال الطب‬
‫التشريحي‪ ،‬أهمها من وجهة نظرنا حديث النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫الذي يقول فيه ‪ ":‬إن في الجسد ستين مفصلً بعد الثلثمائة‪ ،‬فمن‬
‫استطاع أن يعتق كل يوم مفصلً عن النار فليفعل‪ ،‬قيل ‪ :‬كيف يا‬
‫رسول ال؟ قال ‪ :‬يكبر تكبيرة ويسبح تسبيحة‪ ،‬أو يميط الذى عن‬
‫الطريق ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر" ‪.‬‬
‫الحديث في ظاهره عظة لنا كي نتقى النار ونحمي أعضاءنا من لهيب جهنم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ولك نه في ثناياه ع لم كبير‪ ،‬و هي سمة أ ساسية من سمات العجاز العلمي‬
‫للقرآن والسنة؛ فقد ظل العلم الحديث حتى عام ‪1996‬م رغم تقدم وسائل‬
‫التشخيص والشعة والتصوير وتعددها‪ ،‬يؤكد أن عدد مفاصل النسان ‪340‬‬
‫مفصلً وأن هناك بعض المفاصل المركبة‪ ،‬لكن بعض علماء التشريح قاموا‬
‫بدراسة المفاصل المركبة وتفكيكها فاكتشفوا انها ‪ 360‬مفصلً ل تزيد ول‬
‫تنقص كما ورد في حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -..‬النبي المي‬
‫الذي شهد له ربه ‪ -‬وما كنت تتلو من قبله من كتاب ول تخطه بيمينك إذا‬
‫لرتاب المبطلون [العنكبوت ‪ .. ]48 :‬وال سؤال ه نا ‪ ..‬هذا الحد يث علم‬
‫تشريحي أم ل؟ ‪ ..‬من الذي علم النبي صلى ال عليه وسلم هذا العلم الذي‬
‫سبق به كل وسائل التشخيص الحديثة؟ إنه حديث شريف ينطق بصدق الرسالة‬
‫وبت صديق صاحب الر سالة صلى ال عل يه و سلم ‪ ،‬ول عل قة له بعاطفتنا‬
‫الدينية‪ ،‬والحديث ورد في البخاري ومسلم‪ ،‬واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه‬
‫الشيخان‪ ،‬و قد ق يل هذا الحد يث في و قت كان العا لم ك له غارقا في البدائية‬
‫الكاملة‪ ،‬ولم ينتبه إليه أحد إل بعد اكتشاف العلم الحديث في القرن العشرين‬
‫للعجاز النبوي فيه‪.‬‬
‫ولقد تطرق الحديث النبوي في مجال التشريح إلى العظمة الولى‬ ‫‪‬‬
‫وهي عظمة الذنب أو ما تسمى "بالعصعصة" ولول حديث "عجب‬
‫الذنب" ما عرف النسان كيف سيعيد ال إحياء الموتى يوم القيامة ؛‬
‫فيقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن ال فرض على الرض‬
‫أكل أجساد العباد إل عظماً واحداً هو عجب الذنب" الحديث ‪ ..‬وقد‬
‫شبهها رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬هي مثل حبة الخردل في‬
‫العصعص – حجم حبة الخردل مثل السمسمة – أي ‪ :‬في العظمة‬
‫الخيرة‪ ،‬وعجب الذنب ل يحرق ول يكسر ول يذوب في الماء أو في‬
‫شئ أخر‪ ،‬ول تهضم في معدة أي حيوان‪ ،‬وتمشي فوقه الطائرات‬
‫والسيارات ول تستطيع أن تحطمها ولذلك قال ابو العلء المعري ‪:‬‬
‫(خفف الوطء فما أظن أديم ‪ ...‬الرض إل من هذه الجساد)‪،‬‬
‫ويقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬كل النسان يبلي إل عظما واحدا‬ ‫‪‬‬

‫منه يخلق في بطن أمه ‪ ،‬ومنه يركب يوم القيامة" ‪ ،‬فنحن نولد مرتين ‪ ،‬مرة‬
‫من رحم أمهاتنا ومرة من أمنا الرض ‪ ،‬فهذه العظمة هي الصندوق أو الشريط‬
‫الذي يحتوي على النسيج الخاص بكل صفات النسان ‪ ،‬ولقد أوضح علم الجنة‬
‫الحديث أن عجب الذنب هو الشريط الولى ‪، Primitive Streak‬‬
‫وهو الذي يحفز الخليا على النقسام والتخصص وعلى أثره مباشرة يظهر‬
‫الجهاز العصبي فى صورته الولية (الميزاب العصبى ثم النبوب العصبى ثم‬
‫الجهاز العصبى بأكمله) ويندثر هذا الشريط بعد ذلك إل جزء يسير منه يبقى‬
‫فى المنطقة العصعصية والذي يعاد منه تركيب النسان يوم القيامة ‪ ،‬وبما أن‬
‫علم الجنة الحديث أثبت صحة الحديث فى الشطر الول (منه يخلق فى بطن‬
‫أمه ) فان الشطر الثانى من الحديث ل بد وان يكون صحيحا بالستدلل‪ ..‬ورغم‬
‫أهمية هذه العظمة ‪ ..‬للسف لم يلتفت أحد إليها‪ ،‬وتضيع مع النسان ‪ ..‬كما‬
‫أنها تبدو مثل بقية مكونات النسان بحيث ل يمكن التفريق بينها وبين بقية‬
‫أعضاء الن سان‪ ،‬والهنود يحرقون موتا هم ويض يع ع جب الذ نب أو عظمة‬
‫العصعصة مع الرماد‪.‬‬
‫ويعود ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ليك مل هذا الحديث "فإذا كان يوم‬ ‫‪‬‬
‫القيامة ‪ :‬أنزل ال من السماء مطرا لزجا مثل منى الرجال فينبت الناس من‬
‫عجب أذنابهم" الحديث ‪ ..‬فهذا هو الستنساخ الحقيقي حيث يعود النسان‬
‫بنسخة منه – خلياه وأنسجته وأعضاؤه ؛ فعجب الذنب مسجل فيه كل ما‬
‫ووجدوا ما عملوا‬ ‫فعل ته أعضاء الن سان في حيا ته بال صوت وال صورة‬
‫حاضرا ول يظ لم ر بك أحدا [الك هف‪ ، ]49:‬اليوم نخ تم ع لى أفواههم‬
‫وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون [يس‪ ، ]65:‬وكل إنسان‬
‫ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشور [السراء‬
‫‪ ، ]13:‬والطائر هو المنطقة المجاورة للمخيخ فالنسان له عقلن ‪ :‬عقل‬
‫يخزن وع قل يف كر‪ ،‬والمنط قة المجاورة للمخ يخ هي ال تي تقوم بالتخزين ‪،‬‬
‫والهم أن المنطقة المجاورة للمخيخ تشريحيا تشبه الطائر كما وصفها القرآن‬
‫الكريم ‪ ،‬والحقيقة أن القرآن له أوصافه التشريحية المهمة والمعجزة أيضا ً؛‬
‫حيث يقول رب العزة تبارك وتعالى ‪ :‬وهو الذي أنشأ لكم السمع والبصار‬
‫والفئدة قليلً ما تشكرون [المؤمنون ‪ ، ]78 :‬ويقول ‪ :‬صم بكم عمي‬
‫فهم ل يرجعون [البقرة‪ ]18:‬وال سبحانه قدم السمع وجعله مفردا‪ ،‬فهل‬
‫هذا يعني أن السمع أفضل أو أهم من الحواس الخرى؟ ‪..‬‬
‫‪ ‬إن ال تعالي يقول لنا ‪ :‬وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس‬
‫والعين بالعين والنف بالنف والذن بالذن والسن بالسن و الجروح‬
‫قصاص [المائدة ‪ ]45 :‬؛ فقد أخر الذن أي ‪ :‬السمع عن بقية‬
‫الحواس إذن ليست العملية تقديما أو تأخيرا لثبات أهمية حاسة عن‬
‫حاسة أخرى ؛ وانما هي ترتيب طبيعي لتشريح مخ النسان‪ ،‬فمنطقة‬
‫السمع تأتي الولى في الترتيب التشريحي لمخ النسان؛ حيث يبدأ‬
‫المخ بالناصية‪ .. ،‬وهذه نتوقف عندها قليلً – وبعدها مباشرة منطقة‬
‫السمع ثم منطقة البصار عند المخيخ مباشرة‪ ،‬أما منطقة الختيار‬
‫والدراك والعاطفة فهي منطقة الفئدة‪ ،‬فيقول سبحانه ‪ :‬فاجعل‬
‫أفئدة من الناس تهوى إليهم [ابراهيم ‪ ، ]37:‬وهي منطقة‬
‫الحساس والعاطفة في النسان؛ حيث يقول ال سبحانه ‪ :‬نار‬
‫ال ‪ ،‬الموقدة التي تطلع على الفئدة [الهمزة ‪،. ]67:‬‬
‫وهناك حديث نسمعه كثيرا ونردده في الذاعة والتليفزيون وهو قوله صلى‬ ‫•‬
‫ال عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا‬
‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر العضاء بالسهر والحمي" فقد اثبت العلم‬
‫الحديث ان أي تدمير أو شكوى في عضو يصدر هذا العضو إشارة استغاثة‬
‫لجميع العضاء‪ ،‬وعند كسر عظمة أو شرخها تصدر استغاثة لجميع العضاء‪،‬‬
‫فترسل إليها كل ما تختزنه من كالسيوم لتعود أقوى مما كانت‪ ،‬وبعد التجبير‬
‫بالكالسيوم تقوم أنزيمات "بصنفرتها" لقد عبر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بقوله "تداعى له سائر العضاء بالسهر والحمى" أي أن كل العضاء‬
‫تؤجل استخدام مخزونها واستهلكه‪ ،‬وترسل به "كمعونة" للعضو المصاب‪.‬‬
‫إن الحديث يمر علينا كثيرا لكن إعجازه يظهر بمجرد أن نعمل فيه العقل‪ ،‬وأن‬
‫نضعه تحت المجهر لنعرف ابعاده وإعجازه‪ .‬وقد وضع العلم الحديث يده على‬
‫استغاثة العضو المصاب‪ ،‬وتم تسجيل صيحات استغاثة العضو المصاب‪ ،‬وتم‬
‫تسجيل صيحات استغاثة من هذا العضو وهي ذاهبة إلى المخ‪ ،‬وعندئذ يصدر‬
‫المخ أوامره لكل العضاء بأن تساعد هذا العضو‪ ،‬وأن تتداعى له بكل ما تملك‬
‫من مخزون وأن تسانده في محنته‪ .‬فالجسم وحدة واحدة والتمثيل هنا رائع‪،‬‬
‫لنه شبه المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم بأعضاء جسد واحد‪،‬‬
‫والمعروف أن الجسد النساني ل يضحي بأي عضو من أعضائه ‪ ..‬ويتعامل‬
‫مع إصابة أي عضو على انها اصابة للجسد كله‪ ،‬وعليه – أي على الجسد‪-‬‬
‫تقع مسئولية تخليص هذا العضو من آلمه‪.‬‬
‫والملحظ أن رسول ال صلى ال عليه وسلم يربط القضايا اليمانية بأمثلة‬ ‫‪‬‬
‫مادية في أحاديثه الشريفة حيث يقول ال تعالى ‪ :‬إن هو إل ذكر للعالمين‬
‫ولتعلمن نبأه بعد حين [ص ‪ ،، ]8788:‬لقد علم ال رسوله علما الهيا ل‬
‫تستوعبه عقول الجيل على عهد النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وانما جعله‬
‫حجة لثبات صدق رسالة محمد صلى ال عليه وسلم إلى يوم القيامة‪ ،‬فقد‬
‫أوحى ال إلى نبيه بعلم غزير‪ ،‬ونقله الينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫لنتعلم من المعلم الول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ولنسجد ل شكرا وطاعة‪.‬‬
‫فقد جاءت القضية العلمية في حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫سبيل التمثيل‪ ،‬موضحة أنه وما أوتيتم من العلم إل قليلً [ السراء ‪85:‬‬
‫] وبالتالي فليس أمامنا إل اللجوء إلى ربنا ليعلمنا‪.‬‬

‫إن هذا الحديث جعل عالم الجنة الكندي وصاحب أفضل كتاب في علم الجنة‬ ‫‪‬‬
‫ل خاصا بعنوان "علم الجنة والسلم" وقد‬ ‫وهو العالم "كيث مور" يفرد فص ً‬
‫طبع هذا الكتاب ‪ 10‬طبعات‪ ،‬يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم "ما جاء‬
‫الرجل غليظ أبيض وماء المرأة أصفر رقيق‪ ،‬ايهما سبق وعل فيكون منه‬
‫الشبه" إن هذا الحديث يتحدث عن الوراثة بشكل واضح‪ ،‬فالنسان إما أن‬
‫يكون لبيه وإما أن يكون لمه‪ ،‬وإما السيادة الكاملة‪ ،‬وإما السيادة المتنحية‪،‬‬
‫أو الوسطية‪.‬‬
‫لقد جاء حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم إجابة عن سؤال حبر‬ ‫‪‬‬

‫من أحبار اليهود ‪ ..‬وقد أخذ "كيث مور" الية القرآنية قتل‬
‫النسان ما أكفره من أي شئ خلقه من نطفة خلقه فقدره‬
‫[عبس ‪ ]17:‬واكتشف أن "قدره" تحمل كل الصفات الوراثية التي‬
‫ستظهر في الجيال التالية ويحملها الجنين‪ ،‬وربط كيث مور بين هذه‬
‫الية وقول رسول ال صلى ال عليه وسلم "إذا بلغت النطفة اثنتين‬
‫وأربعين ليله في بطن أمها بعث ال إليها ملكاً فخلق جلدها وسمعها‬
‫وبصرها ثم يقرر ال أيكون ذكراً أم أنثى" ‪ ..‬لقد أخذ "كيث مور"‬
‫عينات من نطفة لم تبلغ ‪ 42‬ليلة‪ ،‬وحاول معرفة جنسها "ذكر أم‬
‫أنثى‪ ،‬واستخدم كل وسائل التكبير والشعة المتاحة فلم يستطع أبدأ‬
‫تحديد جنس النطفة‪ ،‬وظل يراقب النطفة طوال الـ ‪ 42‬ليلة حيث ظهر‬
‫كروموسومي جنس الجنين فى اللحظات الخيرة من الـ ‪42‬ليلة ‪،‬‬
‫وعرف إن كان ذكراً أم أنثى‪ ،‬وربط "كيث مور" هذا الحديث بحيث‬
‫شبه الباء والمهات‪ ،‬وعندئذ نطق بالشهادتين وأشهر إسلمه وإيمانه‪.‬‬
‫• "كيث مور" أثبت أن القرآن عبر عن مراحل الحمل الخمس بالشكل‬
‫والصورة‬
‫ولقد خلقنا النسان من سللة من طين ‪ ،‬ثم جعلناه نطفة في قرار‬
‫مكين‪ .‬ثم خلقنا النطفة علقة‪ ،‬فخلقنا العلقة مضغة‪ ،‬فخلقنا المضغة‬
‫عظاماً‪ ،‬فكسوناً العظام لحماً ثم انشأناه خلقا آخر [ المؤمنون ‪-12 :‬‬
‫‪ ،]14‬والعالم الكندي رأى شكل العلقة وصورها في جسم المرأة‪ ،‬ثم‬
‫نظر إلى الماء الراكد ورأي ما يعلق فيه‪ ،‬والتقط آلف الصور للعلقة‬
‫في الرحم وفي الماء الراكد‪ ،‬وقارن هذه بهذه‪ ،‬فاكتشف أن شكل العلقة‬
‫التي وصفها القرآن ل تختلف عن العلقة كما هي في الماء الراكد‬
‫وصفا وصورة كاملة‪.‬‬
‫• أما المضغة – وهي حجم قطعة اللحم التي تمضغ – فقد جاء "كيث‬
‫مور" بصلصال واعطاه لعدد من الشخاص لكي يمضغوه‪ ،‬ثم صوره‬
‫المضغة في رحم المهات‪ ،‬فوجد أنها كما وصفها القرآن بالضبط‪ .‬لقد‬
‫وصف القرآن المضغة في أية أخرى بقوله مخلقة وغير مخلقة‬
‫[الحج ‪ ]5 :‬وكان البعض يعتقد أن المضغة الغير مخلقة هي المشيمة‪،‬‬
‫لكن "كيث مور" قال ل ‪ :‬فالمضغة جزء يتخلق فيها وهو العينين‬
‫والذنين وغيرهم‪ ،‬وجزء لم يتخلق بعد‪.‬‬
‫‪ ‬ايضا عندما يتحد ماء المراة مع ماء الرجل نصفه باسم "الجسم الجرثومي"‬
‫أو "الزيجوت" لكن القرآن يصف هذا التحاد بقوله سبحانه هل أتى على‬
‫النسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ‪،‬إنا خلقنا النسان من نطفة‬
‫أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا [النسان ‪، ]12:‬فالمشاج هي‬
‫"أخلط"‪ .‬وقد جاء حبر من أحبار اليهود ليسال النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬مم يخلق الولد فأجاب النبي‪" :‬من ماء الرجل ومن ماء النثى" فقال الحبر‬
‫‪ :‬أمن كل؟ فرد النبي" "ليس من كل ماء الرجل لكن من كل ماء المرأة" أي‬
‫من بويضة النثى‪ ،‬والحيوان المنوي للرجل‪.‬‬
‫‪ ‬و لقد استوقفتني المسألة كما وردت في حديث رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬إذا أنها تشير إلى عملية انتخاب طبيعي للحيوان المنوي وللبويضة‬
‫القوى والصلح‪ ،‬وبالتالي فإن عملية ما يسمى بأطفال النابيب تفتقد هذا‬
‫النتخاب‪ ،‬وقد ثبت هذا بالفعل " فالنسان بعد ولدته ب ‪ 6‬أشهر إلى سنة‪،‬‬
‫ينطفئ جين معين فيختفي ما يسمى بالدم الجنيني ويضيء جين آخر فيظهر دم‬
‫البالغين‪ ،‬ول يتبقى من الدم الجنيني في جسم النسان إل نسبة تبلغ ‪،%0.1‬‬
‫لكن وجد عند أطفال النابيب النسبة مختلفة‪ ،‬حيث بلغت نسبة الدم الجنيني عند‬
‫شابة عمرها ‪ 20‬سنة ولدت بأسلوب طفل النابيب‪ %0.76 ،‬وهذا نتيجة‬
‫لنها قضت ساعة أو أقل أثناء عملية التلقيح‪ ،‬خارج الرحم‪ .‬والمعروف أن‬
‫الدم الجيني عند البالغين ليس له وظيفة‪ ،‬إضافة إلى أن التلوث يرفع من نسبة‬
‫الدم الجيني في جسم النسان أي أنه يؤثر على الجينات ويغير من مظهرها‪.‬‬
‫"كيث مور" توقف عند قوله تعالى أقرأ باسم ربك الذي خلق ‪ ،‬خلق‬ ‫‪‬‬

‫النسان من علق [العلق ‪، ]12:‬وسأوضح ‪ :‬نحن في الكيمياء‬


‫نقول عن بعض المحاليل انها محاليل حقيقية مثل ذوبان السكر في‬
‫الماء‪ ،‬حيث تختفي جزئيات السكر في جزئيات الماء‪ ،‬أما اذا وضعت‬
‫بعض الطين في الماء وأذبتها ‪ ،‬فستترسب بعض الجزئيات ‪ ،‬ويبقى‬
‫الخر معلقاً وهو ما نسميه في الكيمياء بالمعلقات أو "المحاليل‬
‫المعلقة" وهي التي تنشأ نتيجة التنافر الكهربائي بين أجزائها‪،‬وقد أثبت‬
‫"كيث مور" أن كل السوائل في جسم النسان "علق" فلو أخذت‬
‫"قليل من الدم" ثم ترك ساكنا فان كرات الدم الحمراء والبيضاء‬
‫تترسب ‪ ،‬ويظهر مصل الدم الصفرأى ان الدم علق ‪،‬ولو أخذت‬
‫سائل الركبة والمفاصل وماء المرأة وماء الرجل ستجد أنها كلها‬
‫معلقات اى‪:‬محاليل معلقة كما وصفها ال خلق النسان من علق‬
‫[العلق ‪.]2 :‬‬
‫‪ ‬وهناك حديث نبوي ايضاً يتحدث عن شكل المعدة وهو حديث مهم في‬
‫عملية التشريح حيث يقول ‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم "أن‬
‫المعدة حوض البدن‪ ،‬والعروق تأتي إليها ورادة‪ ،‬فإذا صحت المعدة‬
‫صدرت عنها العروق بالصحة‪ ،‬وإذا سقمت المعدة صدرت عنها‬
‫العروق بالسقم" هل شاهد رسولنا صلى ال عليه وسلم شكل المعدة‬
‫تحت المجهر أو الميكروسكوب اللكتروني أو منظار حديث؟ فهذا‬
‫الوصف التشريحي دقيق جداً والتعبير عنه بهذا الوضوح منذ أكثر من‬
‫‪ 1420‬سنة إعجاز حقيقي ورآه نبينا الكريم بعين علم ال الخالق‪.‬‬
‫فأنت عندما تفطر بعد صيام تشعر باسترخاء لن كل الدم توارد إلى‬
‫المعدة‪ ،‬فالمعدة كما وصفها الرسول صلى ال عليه وسلم بيت الداء‬
‫فإذا صحت انتقلت الصحة إلى بقية الجسد عن طريق الوردة والعكس‬
‫صحيح‪.‬‬
‫• وهناك استفاضات تشريحية كثيرة في أحاديث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ولكني سأوجزها يقول رسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬ان‬
‫أحدكم ليجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة‪ ،‬ثم يكون مثل ذلك‬
‫علقة ‪ ،‬ثم يكون مثل ذلك مضغة ثم يرسل إليه الملك‪ ،‬الموكل بالرحام‬
‫؛ فينفخ فيه الروح ‪ ،‬ويكتب يوم مولده ويوم وفاته ورزقه ‪ ،‬وشقى هو‬
‫أم سعيد " ‪ ..‬الحديث ‪ ..‬ويقصد بالشقاء والسعادة هل سيكون هذا‬
‫الشخص من الموحدين أم من الكافرين؛ فالشقاء أو السعادة ل تكتب‬
‫على أحد ولكن علم ال القديم في خلقه سبق كل فعل‪.‬‬
‫• ولقد وجد العلماء أن مراحل الخلق هذه قد تتداخل بسبب سرعة‬
‫التطور خصوصاً في الطفال الذين يولدون ابناء سبعة اشهر‪ ،‬وتوقف‬
‫العالم "كيث مور" عند هذه الجزئية وتساءل ‪ :‬اذا كان الطب يحرم‬
‫عملية الجهاض بعد الـ ‪ 120‬يوماً الولى على اساس ان الحياة تدب‬
‫في الجنين بعد هذه المدة فهل كان الجنين حياً أم ميتاً قبل الـ ‪120‬‬
‫يوماً هذه؟ ‪ ..‬وأجاب "كيث مور" كان الجنين حياً قبل الـ ‪ 120‬يوم‬
‫الولى لكنه كان يعتمد في حياته على روح أمه ثم تجئ إليه الروح‬
‫فيدرك‪ ،‬وأول ما يعيه صوت فيبكى لبكائها ويفرح لفرحها‪.‬‬
‫إن الحديث القدسي يقول ‪" :‬يا أبن أدم جعلت لك قراراً مكيناً في بطن‬ ‫‪‬‬
‫أمك وغشيتك بغشاء حتى ل تتأذى من الرحم‪ ،‬وجعلت وجهك في‬
‫ظهر أمك حتى ل تؤذيك رائحة الطعام‪ ،‬وجعلت لك متكأ عن يمين‬
‫ومتكأ عن يسار؛ فأما الذي عن يمينك فالكبد‪ ،‬وأما الذي عن يسارك‬
‫فالطحال‪ ،‬وعلمتك القيام والقعود في بطن امك فهل يقدر على ذلك‬
‫غيري !؟‪ ،‬فلما أتممت عمرك الرحمى ارسلت اليك الملك الموكل‬
‫بالرحام فأخرجك على ريشة من جناحه ل لك سن يقضم ول يد‬
‫تبطش ول رجل تمشي ‪ ،‬وانبت لك عرقين رقيقين في صدر امك‬
‫يجريان لك لبناً دافئاً في الشتاء بارداً في الصيف‪ ،‬والقيت محبتك في‬
‫قلب امك وقلب ابيك‪ ،‬فل ينامان حتى تنام ول يشبعان حتى تشبع فلما‬
‫اشتد عودك وقوي ظهرك بادرتني بالمعاصي في خلوتك‪ ،‬ومع ذلك ان‬
‫عدت الي قبلتك وان استغفرتني غفرت لك"‪ ..‬الحديث‪.‬‬
‫هذا ولم تكن هذه المعلومات معروفة في أى أمة من المم الموجودة على عهد‬ ‫‪‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ول جالينوس أو غيره‪ ،‬ولو كان البعض قد‬
‫عرفها أو توصل إليها قبل ذلك التطور فى تاريخ الطب كله في العالم‪ ،‬لكن هذه‬
‫المعلومات الطبية والتشريحية التي ذكرتها السنة النبوية لم يتوصل إليها العلم‬
‫ال حديثاً‪ ،‬وحتى عام ‪ 1996‬كان الطب يؤكد ان المفاصل ‪ 340‬مفصلً في‬
‫حين ان رسول ال صلى ال عليه وسلم يؤكد في حديثه انها ‪ 360‬مفصلً‪،‬‬
‫وكان الطب قديماً يعتمد على الفلسفة أكثر ؛ في حين كان القرآن يؤكد فلينظر‬
‫النسان مما خلق ‪ ،‬خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب‬
‫[الطارق ‪ ، ]7-5:‬وصلب الرجل هي عظام ظهره ‪ ،‬والترائب هي عظام صدر‬
‫المرأة‪ ،‬والدافق أي ماء فيه حركة ‪ ،‬وقد أكد الطب الحديث ان الشريان الساسي‬
‫"البهر" يأخذ من ال ‪ 31‬فقرة ويذهب بها إلى الخصيتين اللتين تقومان‬
‫بانتاج الحيوانات المنوية من هذا التكوين القادم من عظام ظهر الرجل ‪ ..‬أين‬
‫كان أطباء اليونان وغيرهم من هذا العجاز القرآني والنبوي !؟ ‪ ،‬أما عن‬
‫ترائب المرأة أي عظام صدرها؛ فقد اثبت العالم "كيث مور" أن هذه العظام‬
‫تصل للمبيض الذي تنتج فيه البويضات‪ ،‬وهنا خر العالم الكندي ساجداً ل الذي‬
‫خاطب البشر في المعجزات منذ أكثر من ‪ 1420‬سنة ‪ ..‬فأين هذا من أطباء‬
‫فارس وغيرهم ليتحدثوا عن المادة التي تتكون من الماء والنار والهواء‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من الكلم المطلق الذي ل سند له علمياً !؟‪ ،‬حتى الطب الحديث كان يصور‬
‫مراحل الخلق على انها ثلثة مراحل إل أن "كيث مور" اثبت انها خمس مراحل‬
‫حسب الوصف القرآني‪.‬‬
‫أطوار خلق النسان من هدى القرآن والسنة‬
‫النبوية المطهرة‬
‫• قد سألني بعض الخوان أن أذكر له شيئا من التشريح وكيف يصل‬
‫الغذاء إلى العضاء فأجبت سؤاله رجاء من عند ال‪.‬‬
‫• قال ال سبحانه وتعالى‪:‬‬

‫ضغَة عِظَامَا فَكَسَ ْونَا‬


‫ضغَة فَخَلقْنَا المُ ْ‬
‫ثُمّ خَلَ ْقنَا النّطْفَةَ عَلَقةً َفخَلَ ْقنَا العَلَق َة مُ ْ‬
‫العِظَامَ َلحْما ثُ ّم أنْشَأنَاهُ خَلْقا آخَرَ َف َتبَا َركَ الُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ‪ ‬المؤمنون‪:‬‬
‫‪.14-12‬‬
‫• قوله‪ :‬وَلَقَدْ خَلَقْنَا النْسَانَ‪ ‬يعني‪ :‬ولد آدم‪ ,‬والنسان اسم جنس يقع‬
‫على الواحد‪ ,‬والجمع من سللة‪.‬‬
‫• قال ابن عباس‪ :‬السللة صفوة الماء‪ ,‬وقال مجاهد‪ :‬يعني من بني‬
‫وقال عكرمة‪ :‬هو الماء يسيل من الظاهر‪.‬‬ ‫آدم‪.‬‬
‫والعرب تسمي النطفة سللة‪ ,‬والولد سليلً وسللة لنهما مسلولن منه‬
‫من طين‪ ,‬يعني طين آدم؛ والسللة تولد من طين؛ خلق آدم منه‪ ,‬وقيل‬
‫المراد بالنسان هو آدم‪.‬‬

‫وقوله‪ :‬سُللة‪ ‬أي سل من كل تربة‪.‬‬

‫قال الكلبي‪ :‬من نطفة سلت من طين أو لطين آدم عليه السلم ثم جعلناه‬
‫نطفة يعني الذي هو النسان جعلناه نطفة في قرار مكين حريز وهو‬
‫الرحم مكين أي هيئ لستقرارها فيه إلى بـلوغ أمدها‪,‬ثُمّ خَلَ ْقنَا النّطْفَةَ‬
‫عَلَقةً ‪‬قيل بين كل خلقين أربعون يوماً‪.‬‬
‫روى ابن مسعود حديثاً عن رسول ال وهو الصادق الصدوق‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫"إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة‬
‫مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل بذلك ثم يرسل ال الملك فينفخ فيه‬
‫الروح ويؤمر بأربع كلمات تكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد"‬
‫البخاري‪ ,)4/135( :‬و (‪ ,)8/152‬ومسـلم (‪ ,)16/190‬وأحمد‬
‫(‪ ,)1/382‬الترمذي (‪ ,)2220‬والحلية (‪ ,)9/249‬و(‪.)8/244‬‬
‫أتفق الطباء على أن خلق الجنين في الرحم يكون في نحو الربعين‬ ‫‪‬‬
‫وفيها تنمو أعضاء الذكر دون النثى بحرارة مزاجه وقوله ثم يكون‬
‫علقة مثل ذلك‪ .‬والعلقـة قطعة دم جامد ثم يكون مضغة مثل ذلك أي‬
‫لحمة صغيرة وهي الربعون الثالثة‪ :‬فيتحرك‪ .‬كما قال عليه السلم‬
‫"فينفخ فيه الروح"‪.‬‬
‫وأتفق العلماء على أن نفخ الروح ل يكون إل بعد أربعة أشهر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وأعلم أن المني يصير أولً زبدياً مثل التفاحة ثم يصير دموياً ثم لحمياً‬ ‫‪‬‬
‫ثم يقبل الصورة ثم يتحرك‪ ,‬وأقل مدة حمد يعيش منه الولد مائة واثنان‬
‫وثمانون يوماً وأكملها مائتان وثمانون يوماً‪.‬‬
‫وعن أنس مرفوعاً‪" :‬ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما‬ ‫‪‬‬
‫عل أو سبق يكون منه الشبه" رواه مسلم (‪.)3/222‬‬
‫ومن ماء الرجل يخلق العضاء الصلية والعظام‪ ,‬ومن ماء المرأة يخلق اللحم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وروى أنس‪" :‬أن عبد ال بن سلم سأل رسول ال من أين يشبه الولد أباه‬ ‫‪‬‬
‫وأمه؟ فقال‪ :‬إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع إليه‪ ,‬وإذا سبق ماء المرأة‬
‫ماء الرجل نزع إليها" البخاري (‪.)6/23( ,)5/88‬‬
‫ماء الرجل أحر وأقوى فلذلك غلظ وأبيض‪ ,‬ومني المرأة أرق وأضعف فلذلك‬ ‫‪‬‬
‫كان أصفر‪ ,‬والشبه يكون لقربهما إنزا ًل وأكثرهما منياً‪ ,‬وأصدقهما شهوة‪.‬‬

‫قال أبقراط‪ :‬المني يسيل من جميع العضاء فيكون من الصحيح صحيحاً ومن‬ ‫‪‬‬
‫السقيم سقيماً‪.‬‬

‫وقال رسول ال عليه السلم‪ " :‬تحت كل شعرة جنابة" أبو داود (‪,)248‬‬ ‫‪‬‬
‫الترمذي (‪ ,)106‬ابن ماجه (‪ ,)597‬البيهقي (‪ )1/175‬في السنن‪,‬‬
‫البغوى (‪ )2/18‬شرح السنة‪ ,‬وقال البيهقي‪ :‬أنكره أهل العلم بالحديث‬
‫البخاري وأبو داود وغيرها‪ ,‬وفي إسناد هذا الحديث الحارث بن وجيه وهو‬
‫ضعيف‪ .‬يشير إلى أن المني يسيل من كل عضو‬
‫وقوله سبحانه وتعالى‪  :‬ثُمّ أ ْنشَأنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ‪‬قال ب ن عب اس‬ ‫‪‬‬

‫ومجاهد وعكرمة والشعبي والضحاك وأبو العالية‪ :‬هو نفخ الروح‬


‫فيه‪.‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬نبات السنان والشعر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال مجاهد‪ :‬استواء الشباب‪ ,‬وعن الحسن ذكراً أو أنثى‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وروى العوفي عن بن عباس‪ :‬أن ذلك تصريف أحواله بعد الولدة‬ ‫‪‬‬

‫من الستهلل إلى الرتضاع إلى القعود إلى القيام إلى المش ي إلى‬
‫الفطام إلى أن يأكل ويشرب إلى أن يبلغ الحلم ويتقلب في البلد إلى‬
‫ما بعدها كما هو مذكور في كتب التفسير "فتبارك ال" أي استحق‬
‫التعظيم والثناء بأنه لم يزل ول يزال أحسن الخالقين‪ ..‬المصورين‬
‫القادرين‪.‬‬
‫والخلق في اللغة التصوير‪ ,‬يقال‪ :‬رجل خالق أي صانع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وقال مجاهد‪ :‬يصنعون ويصنع ال وال خير الصانعين‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال قال‪" :‬إنه خلق كل إنسان من‬
‫بني آدم على ستين وثلثمائة مفصل‪ ,‬فمن َكبّر ال عز وجل وهلل ال وسبح ال‬
‫وأستغفر ال‪ ,‬وعزل حجرا عن الطريق أو شوكة أو عظما‪ ,‬وأمر بمعروف ونهى‬
‫عن المنكر عدد الستين والثلثمائة السلمى فإنه يمشي يومئذ وقد زُحْزِحَ عن‬
‫النار" رواه مسلم‪ .‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪ ‬وفي رواية ‪" :‬فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه صدقة"‪.‬‬
‫‪ ‬وفي رواية‪" :‬فعليه لكل عظم منها في كل يوم صدقة"‪.‬‬
‫‪ ‬وقال الرسول عليه السلم‪" :‬إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‬
‫وإذا فسدت فسد الجسد كله أل وهي القلب"‪ .‬الجامع الكبير (‪ )1/447‬وعزاه‬
‫للطبراني في الوسط‪ ,‬والعقيلي وابن السني‪ ,‬وأبي نعيم في الطب‪ ,‬و البيهقي في‬
‫الشعب‪ ,‬وضعفه عن أبي هريرة‪ ,‬وقال العقيلي‪ :‬باطل‪ ,‬وقال الذهبي منكر‪,‬‬
‫وأورده ابن الجوزي في الموضوعات‪.‬‬
‫‪ ‬وعن أبي هريرة ‪ :‬قال رسول ال ‪ " :‬المعدة حوض البدن والعروق إليها‬
‫واردة فإذا صحت المعدة وصدرت العروق بالصحة وإذا سقمت المعدة صدرت‬
‫العروق بالسقم"‪ .‬ذكره أبو نعيم‪.‬‬
‫‪ ‬وعن ابن عمر مرفوعا ‪" :‬المؤمن يأكل في مَعِيّ واحد والكافر يأكل في سبعة‬
‫أمعاء" رواه البخاري (‪ ,)7/92‬مس لم (‪، ,)2313/24‬وأحمد (‪,2/21‬‬
‫‪ .)375 ,257 ,145 ,74 ,43‬الترم ذي (‪ ,)1878‬اب ن م اجه‬
‫(‪.)3257( ,)3256‬‬
‫‪ ‬والمعدة عضو عصبي مجوف كقرعة طويلة العنق‪ ,‬رأسها العلى‬
‫يسمى المرئ الذي فيه ينحدر الطعام والشراب‪ ,‬والسفل منها يسمى‬
‫البواب ومنه ينحدر التفل في المعاء‪ ,‬وفم المعدة يسمى الفؤاد‪ ,‬وفي‬
‫باطنها خمل وهي وسط البطن هي بيت الداء إذا كانت محل الهضم‬
‫الول فإن فيها ينطبخ الغذاء وينحدر إلى الكبد‪ ,‬وجعلت عصبية كي‬
‫تقبل التمدد عند كثرة الغذاء ول تنقطع‪ ,‬ويليها ثلثة أمعاء دقاق‪ ,‬الول‪:‬‬
‫يسمى الثنا عشرى طوله اثنا عشرة اصبعا‪ ,‬والثاني‪ :‬يُسم الصائم لنه‬
‫في أكثر الوقات يكون خاليا‪ ,‬والثالث‪ :‬طويل ملتف دقيق يسمى‬
‫اللفائفي‪ ,‬ثم بعد هذه الثلثة ثلثة غلظ الول‪ :‬يسمى العور وهو واسع‬
‫ليس فيه منفذ في الجانب الخر وفيه ينتن البراز‪ ,‬والثاني‪ :‬يسمى‬
‫قولون‪ ,‬والثالث‪ :‬يسمى المستقيم ورفه السر فهذه ستة أمعاء والمعدة فيها‬
‫سبعة أمعاء التي عدها رسول ال ‪.‬‬
‫‪ ‬قال ابن سينا‪ :‬إن ال تعالى لعنايته بالنسان خلق أمعائه ذات عدد‬
‫وتلفيف ليكون للطعام المنحدر من المعدة مكث فيها‪ ,‬والمعدة أصل كل‬
‫داء وقد قال عليه السلم‪" :‬المعدة بيت الداء"‪ .‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك قال ‪":‬وإذا سقمت المعدة صدرت العروق بالسقم" وقد تقدم‬
‫الكلم عليه‪.‬‬
‫‪ ‬وأعلم أن ال سبحانه وتعالى وله الحمد ركب أبدان الحيوان من‬
‫أعضاء كثيرة وجعل العظام عمد البدن ولم يجعل ما في البدن عظماً‬
‫واحداً بل عظاماً كثيرة للحاجة إلى اختلف الحركة فلو كان البدن عظماً‬
‫واحداً لمتنع من الحركة المختلفة وأوصل سبحانه وله الحمد كل عظمين‬
‫بجسم يسمى الرباط‪ ,‬وجعل سبحانه في آخر طرف العظم زائدة ناتئة‬
‫وهي الطرف الخرة نقرة موافقة لدخول تلك الزائدة فالتأمت بذلك هيئة‬
‫الخلقة وتسهلت الحركات‪ ,‬وجعل سبحانه وتعالى الدماغ مبدأ الحس‬
‫والحركة وأنبت منه العصاب لتؤدي على كل عضو الحس والحركة‪,‬‬
‫وبعث سبحانه وله الحمد من هذه العصاب قسماً إلى العين يسمى‬
‫العصب النووي به يتم البصر‪ ,‬وقسماً آخر إلى الذنين به يتم السمع‪,‬‬
‫وقسم آخر إلى المنخرين به يتم الشم‪ ,‬وقسماً آخر إلى اللسان به يتم‬
‫التذوق‪ ,‬وجعل سبحانه وتعالى حركات العضاء بآلت تسمى العضل‬
‫وزاد سبحانه وتعالى وثاق العضاء بآلت تسمى الوتر‪ ,‬ولما كان أسافل‬
‫البدن فيه بعد ما عن الدماغ جعل الخالق سبحانه وتعالى في مؤخرة عظم‬
‫قحف الدماغ ثقباً يخرج منه النخاع يمتد في خرز الظهر يعطى أسافل‬
‫البدن الحس والحركة‪ ,‬وحصن سبحانه وتعالى الدماغ بعظم القحف‬
‫والنخاع بخرز الظهر كما حصن القلب والكبد بعظام الصدر فإن هذه‬
‫العضاء شريفة فحصنت بالعظام لتكون أبعد عن قبول الفات‪.‬‬
‫‪ ‬وجعل سبحانه وتعالى الدماغ ثلث بطون‪ :‬البطن المقدم الول‬
‫للتخيل‪ ,‬والثاني‪ :‬المتوسط للفكر‪ ,‬والمؤخر الثالث‪ :‬للذكر‪ ,‬وكذلك جعل‬
‫الحق سبحانه وتعالى القلب معدن الحيوان ومنبعا للحار الغريزي‪ ,‬وكما‬
‫يخرج من الدماغ أعصاب توصل للعضاء الحس والحركة كذلك يخرج‬
‫من القلب شريانات نابضة توصل للعضاء مادة الحياة ولما كان القلب‬
‫مستوقد الحار الغريزي‪ ,‬والحرارة إن لم تتروح انطفأت جعل سبحانه‬
‫وتعالى آلت النفس الفم والنف والمنخرين وفي الفم مجريان الواحد‬
‫لدخول الهواء للرئة والخر لدخول الغذاء والماء في المرئ إلى المعدة‬
‫وجعل سبحانه وله الحمد الرئة بمنزلة المروحة تروح على القلب لئل‬
‫تنطفئ الحرارة‪ ,‬وأما النف فينقسم قسمين الواحد يكون به الشم والخر‬
‫يتأدى فيه الهواء إلى القلب عند انطباق الفم عند النوم وعند الكل‬
‫والشرب ولول النف لكان النسان يختنق عند النوم‪ ,‬ولذلك كان النف‬
‫داهم النفتاح وعند الكل والشرب ينسد مجرى الهواء سدا محكما فإذا‬
‫أكثر النسان الحديث انفتح مجرى الهواء‪ ,‬وعن ذلك يكون الشرق لنه‬
‫قد يقع في مجرى الهواء شئ من الطعام أو الشراب‪.‬‬
‫• وكما جعل الحق سبحانه وتعالى الدماغ والقلب يؤديان الحس‬
‫والحركة إلى سائر البدن كذلك جعل الكبد يؤدى الغذاء إلى سائر‬
‫العضاء بعروق ساكنة فإن النسان إذا تناول الطعام قطعته الثنايا‬
‫وكسرته النياب وطحنته الضراس وقلبه اللسان وبعد ذلك ينحدر‬
‫إلى المعدة فإذا استقر في المعدة انجمعت عليه وانسد بابها من أسفل‬
‫سدا وثيقا وانطبخ فيها فإذا لبث وانطبخ احتاج إلى الماء فعند ذلك‬
‫يحصل العطش لتتمكن المعدة من تقليبه وترطيبه لئل يحترق‪ ,‬فإذا‬
‫كمل انطباخه بالماء بقى مثل الحسو الرقيق وبين المعدة والكبد‬
‫عروق فيها يصل الغذاء من المعدة إليها وهذا هو قوله عليه السلم‪:‬‬
‫"المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة"‪. .‬‬
‫• فيمتص الكبد أجود ما في الغذاء بتلك العروق فتطبخه طبخا آخر‬
‫حتى يصير دما فإذا صار دما أرسلت إلى كل عضو منه ما يكفيه‬
‫وما يقتضيه مزاجه والذي يتأخر من الغذاء يندفع إلى المعاء بأجوده‬
‫ويندفع الباقي نحوه‪ ,‬ثم إن الكبد ترسل إلى القلب أجود الغذاء‬
‫وأصلحه وإلى الرئة أرقه وأحده وإلى الدماغ أرطبه وإلى العظام‬
‫أغلظه وأيبسه وتبقى فضلته فيها فتدفع قسطا منها إلى المرارة‬
‫ويسمى المرة الصفراء وقسطا إلى الطحال ويسمى المرة السوداء‬
‫ويندفع قسط من المرارة إلى المعاء فتعين على خروج الثقل ويندفع‬
‫قسط من الطحال إلى فم المعدة فينبه شهوة الطعام ويصحب الدم من‬
‫الماء قسطا ليرققه وينفذه إلى المسالك الضيقة ثم ذلك الماء يرجع‬
‫قهقرى إلى الكبد‪ ,‬ثم إن الكبد يدفعه إلى الكلى والمثانة وهو البول‬
‫ويصحب ذلك قليل من الدم لتغذية الكلى والمثانة‪ ,‬والدليل على أن‬
‫الماء يصل إلى أطراف العضاء ويرجع قهقرى أمر المخضوبة فإنه‬
‫يصبح ماؤه عقيب الحناء أحمر لنصباغ الماء من الحناء وينبت من‬
‫الكبد عرقان عظيمان أحدهما‪ :‬من مقعرها يسمى الباب يتصل بالمعدة‬
‫ويأخذ ما فيها من الغذاء كما تقدم‪ ,‬والثاني‪ :‬ينبت من محدبها يسمى‬
‫الجوف يتصل بجميع البدن ومر قسم منه إلى الصلب يسمى الوتين‬
‫ومعلق القلب لنه معلق بالقلب يسقي كل عضو في النسان ويسمى‬
‫أيضا النياط‪.‬‬
‫‪ ‬قال ابن عباس‪ :‬فإذا انقطع مات صاحبه‪ ,‬وهذا معنى قوله عزوجل‪:‬‬

‫أي العرق الذي يسمى الوتين‪ ,‬ويطلع قسم إلى الحلق يسمى الوريد ومنه‬
‫قوله عز وجل‪-:‬‬

‫‪ ‬ويسمى الودج أيضا وهو الذي يقطع عند ذبح الحيوان ويمر قسم‬
‫منه في تجويف القلب اليمن يسمى البهر وقيل البهر عرق منشؤه من‬
‫الرأس والول أصح‪ ,‬ومنه قوله عليه السلم في مرضه الذي مات‬
‫فيه‪-:‬‬
‫"هذا أوان انقطاع أبهري من تلك الكلة التي أكلتها بخيبر" البخاري‬
‫(‪ ,)6/11‬أحمد (‪.)6/18‬‬
‫وقال الصعمي‪ :‬البهر هو عرق باطني الصلب يتصل بالقلب فإذا‬ ‫‪‬‬
‫انقطع لم يكن معه حياة‪ ,‬والكلة كانت من كتف شاه مسمومة سمتها‬
‫زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودية الملعونة وكان ذلك السم‬
‫يتحرك عليه كل عام في مثل ذلك الوقت‪ ,‬وباقي عرق الوريد يطاع‬
‫إلى الرأس يسمى النامة ومنه قولهم أسكت ال نامته أي أماته‪ ,‬ويمر‬
‫قسم منه إلى اليدين فيتفرغ فيهما فيسمى قسم منه القيفال يفصد في‬
‫أمراض الرأس‪ ,‬ويسمى قسم منه الباسليق ويتشعب منهما فروع‬
‫تجمع وتسمى الكحل وهو الذي حسمه النبي لسعد بن معاذ لما رمى‬
‫في أكحله‪ ,‬ويسمى قسم منه حبل الذراع وقسم منه يسمى الكتفي‬
‫والسليم‪.‬‬
‫وسلم من ال عليكم ورحمة منه وبركاته‬

You might also like