You are on page 1of 78

‫مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫د ‪ .‬خالد بن عبد الكري اللحم‬


‫الستاذ الساعد بقسم القرآن وعلومه‬
‫جامعة المام ممد بن سعود السلمية‬
‫ح خالد بن عبد الكريم اللحم ‪1426 ،‬هـ‬
‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫اللحم ‪ ،‬خالد عبد الكريم محمد‬
‫مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة ‪/‬خالد بن عبد الكريم اللحم ‪ -‬الرياض ‪،‬‬
‫‪1426‬هـ‬
‫‪ 80‬ص ‪ 24 ،‬سم‬
‫ردمكـ ‪9960 _ 49 _-458 – 6‬‬
‫أ ‪ -‬العنوان‬ ‫‪ -1‬السنة النبوية‬
‫ديوي ‪1426 -5357 230‬‬

‫رقم اليداع ‪1426 - 5357 :‬‬


‫ردمكـ ‪9960 _49 _ 458 -6‬‬

‫حقوق الطبع محفوظة‬

‫الطبعة الولى ‪1426‬هـ ‪2005 -‬م‬

‫يطلب الكتاب من الناشر على العنوان ‪:‬‬


‫جوال ‪0505217570‬‬
‫فاكس ‪ ، 012312652‬بريد الكتروني ‪LAHIM@QURANLIFE.com‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫تدبر السنة ‪ ،‬لماذا ؟‬
‫هل تدبر السنة أحد أركان السلم المسة‪ ،‬أو أركان اليان الستة‪ ،‬أو‬
‫أنواع التوحيد الثلثة‪ ،‬أو أركان الصلة أو شروطها‪ ،‬أو أركان الج‪،‬‬
‫أو واجباته‪.... ،‬ال‪ ،‬ليس واحدا ما ذكر بل هو الطريق إل ذلك كله‪.‬‬
‫ففي سنن ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫‪1‬‬
‫ال صلى ال وسلم يقول‪ :‬طلب العلم فريضة على كل مسلم‪) (.‬‬

‫إن الناس قد حصل منهم تقصي فيما سبق ذكره من الركان والشروط‬
‫والواجبات وهم ف هذا على نوعي‪:‬‬
‫الول‪ :‬قوم أضاعوا الطريق من أصله فصار سيهم على غي طريق‬
‫السلم واليان‪.‬‬
‫الثان‪ :‬قوم على الطريق لكن وقودهم إما قليل أو قد نفد فتوقفوا ف‬
‫بعض الطريق وهم يتعجبون من توقفهم‪ ،‬والعجب فيهم ومنهم‪ ،‬وإل‬
‫كيف يتعجبون من هذا التوقف والوقود بانبهم فلم يأخذوا منه ما‬
‫يؤدي إل تركهم ومواصلة سيهم والوصول إل أعلى الراتب بدل‬
‫الرضى بالدون والوان‪.‬‬
‫شوْا َي ْومًا ل يَجْزِي وَالِ ٌد عَن وَلَ ِدهِ‬ ‫فـ﴿يَا َأّيهَا النّاسُ اّتقُوا َرّبكُ ْم وَاخْ َ‬
‫حيَاةُ‬
‫وَل َموْلُو ٌد ُهوَ جَا ٍز عَن وَالِ ِد ِه َشيْئًا ِإنّ َوعْدَ اللّهِ حَقّ فَل َتغُ ّرنّكُ ُم الْ َ‬
‫ال ّدنْيَا وَل َيغُ ّرنّكُم بِاللّهِ الْغَرُورُ﴾ [(‪ )33‬سورة لقمان]‪.‬‬

‫‪ )(1‬سنن ابن ماجه ‪ ، 1/82‬صحيح الجامع (‪.)3913‬‬


‫‪ 6‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫إن المـد ل نمده ونسـتعينه‪ ،‬و نسـتغفره ونعوذ بال مـن شرور‬
‫أنفسـنا وسـيئات أعمالنـا‪ ،‬مـن يهده ال فل مضـل له‪ ،‬ومـن يضلل فل‬
‫هادي له‪ ،‬وأشهـد أل إله إل ال وحده ل شريـك‪ ،‬وأشهـد أن ممدا‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬صلى ال عليه وعلى أله وأصحابه وسلم تسليما كثيا‪.‬‬

‫أما بعد‬

‫ف عن جابر بن ع بد ال ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬بلغ ن عن ر جل من‬


‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم حديث ف القصاص ل أسعه‬
‫منه فابتعت بعيا فشددت رحلي ث سرت إليه شهرا حت قدمت مصر‬
‫أو قال الشام فأتيت عبد ال بن أنيس فقلت‪ :‬حديث بلغن عنك تدث‬
‫به سعته من رسول ال صلى ال عليه وسلم ول أسعه ‪ -‬ف القصاص ‪-‬‬
‫خشيت أن أموت قبل أن أسعه‪ ،‬فقال عبد ال‪ :‬سعت رسول ال صلى‬
‫(‪)1‬‬
‫ال عل يه و سلم يقول‪ :‬يوم ي شر العباد أو قال الناس حفاة عراة غرل‬
‫()‬
‫بما ليس معهم شيء ث يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه‬ ‫‪2‬‬

‫من قرب‪ :‬أ نا اللك أ نا الديان ل ينب غي ل حد من أ هل ال نة أن يد خل‬


‫النة ولحد من أهل النار عليه مظلمة حت أقصه منه ول ينبغي لحد‬
‫من أ هل النار أن يد خل النار ول حد من أ هل ال نة عنده مظل مة ح ت‬

‫‪ )(1‬الغرل ‪ :‬جع أغرل ‪ ،‬وهو القلف أي غي الختون ‪ .‬النهاية لبن الثي ‪3/668 :‬‬
‫البهم ‪ :‬جع بيم ‪ ،‬وهو ف الصل الذي ل يالط لونه لون سواه ‪ ،‬يعن ليس فيهم شئ من العاهات‬
‫‪)(2‬‬
‫والعراض كالعمى والعور والعرج ‪ .‬النهاية لبن الثي ‪1/167‬‬
‫مـــقــــــــدمــة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪7‬‬

‫أق صه م نه ح ت اللط مة‪ ،‬قال‪ :‬قل نا‪:‬ك يف وإن ا نأ ت ال عز و جل عراة‬


‫حفاة غرل بما؟ قال‪ :‬بالسنات والسيئات( )‬
‫‪1‬‬

‫كم من الحاديث سنموت قبل أن نسمعها؟ وهي قريبة جدا منا ل‬


‫تتاج إل سفر‪ ،‬وكم هي الحاديث الت سعناها ث نسيناها؟ وكم هي‬
‫الحاد يث سعناها ون سمعها بل رب ا نفظ ها ول نع مل ب ا؟ ب سبب‬
‫ضعف تدبرنا لا وفقهنا لا تضمنته من العان العظيمة‪ ،‬أو بسبب ضعف‬
‫الدافع لتكرار قراءتا والتفكر فيها‪.‬‬

‫إن قراءتنـا للقرآن أو للسـنة ‪-‬إن وجدت‪ -‬ترـ بشـئ مـن العجلة‬
‫والرغبة ف النتهاء من واجب مفروض؛ سواء مفروض بأصل الشرع أو‬
‫فرضه الشخص على نفسه‪ ،‬ث تده يقفز إل ما تواه نفسه من برنامج‬
‫أو جريدة أو ملة يتابع ها بدف الت سلية‪ ،‬أوب جة ف قه الوا قع أو متاب عة‬
‫التخصص وهذا دأبه كل يوم فمت سينتفع مثل هذا الشخص بكتاب ال‬
‫و سنة رسوله صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬ل ست أر فض فقه الوا قع أو متابعة‬
‫التخصـص؛ لكـن هناك أولويات وهناك أصـول وقواعـد‪ ،‬فل يصـح أن‬
‫نتفقه بالواقع ما ل نفقه الصل الذي نقيس عليه‪ ،‬ونكم به على الواقع‬
‫وإل كان فهم نا قا صرا ومتل‪ ،‬في جب أول ت صيل القاي يس والواز ين‬

‫مسند أحد ‪ ،495-3‬الستدرك على الصحيحي ‪ ،618-4‬ممع الزوائد ‪ 625-10‬وقال‪ :‬وهو‬


‫‪)(1‬‬
‫عند أحد والطبان ف الوسط بإسناد حسن‪ ،‬وقال العراقي ف الغن‪ :‬رواه أحد بإسناد حسن‪ ،‬قال شعيب‬

‫الرناؤوط‪ :‬إسناده حسن‬


‫‪ 8‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫والدوات ال ت ن كم ب ا على الوا قع ث ب عد ذلك نشرع ف فه مه‪ ،‬أ ما‬


‫النغماس التام بتابعة العلم وهجر القرآن والسنة فهو منهج خاطئ‪.‬‬

‫إن ال سلمي اليوم كث ي؛ لكن هم غثاء كغثاء ال سيل‪ ،‬ح ت ب عض من‬


‫يسبون على العمل للسلم والسعي ف نصرته لو عرضتهم على بساط‬
‫المتحان لوجدت صورا من الهل ل ترضي‪ ،‬تد الهل بأوضح آيات‬
‫القرآن الكري‪ ،‬وبأهم وأع ظم الحاديث النبو ية‪ ،‬ت د القطيعة ال ستدية‬
‫لذ ين ال صدرين العظيم ي‪ ،‬وهذا من الفارقات العجي بة ك يف ير يد أن‬
‫ينتصر للسلم وهو بعيد الصلة عن مصدر انتصاره؟ تده يعد نفسه من‬
‫الدعاة الغيور ين والبارز ين الشهور ين و هو ضع يف ال صلة جدا بالقرآن‬
‫وال سنة‪ ،‬ل يقرأ القرآن إل ي سيا‪ ,‬أ ما ال سنة فل يعرف من ها إل ب عض‬
‫الحاديث الت يتاجها للستشهاد با ف كتاباته أو كلماته‪.‬‬

‫إن تفسـي وجود مثـل هذه الصـور ‪ -‬فيمـا أرى ‪ -‬هـو خلل فـ‬
‫التربية من البداية‪ ،‬وفقد للليات والطرق الت ترشد بيسر وسهولة إل‬
‫التعلق بالسنة وتدبرها‪.‬‬

‫ق بل سنوات تلق يت دعو ًة لضور إحدى النا سبات و قد صدرت‬


‫بديث وكان هذا غريبا ف مثل هذا الدعوات؛ ولا بدأت قراءة الديث‬
‫ساورن ال شك ف صحته فل ما و صلت آخره إذا بعبارة ‪ :‬رواه م سلم!‬
‫هل حقا هذا الديث ف صحيح مسلم؟ وك يف غفلت عنه طيلة هذه‬
‫مـــقــــــــدمــة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪9‬‬

‫السنوات؟ رجعت وبشئ من العناء إل موضع الديث فوجدته‪ ،‬قرأته‬


‫مرة أو مرتي ث ذهب أدراج النسيان‪.‬‬

‫وبعد إحدى الصلوات كنت أقرأ ف كتاب (التجر الرابح ف ثواب‬


‫الع مل ال صال‪ ،‬للحا فظ الدميا طي) وقرأت حدي ثا ف ب عض الدعوات‬
‫ال ستجابة‪ ،‬فجاء ن ش خص يطلب كتا بة الد يث ف ور قة ليت سن له‬
‫النتفاع بـه‪ ،‬هذا الرجـل قـد تطـى السـتي مـن عمره وهذا الديـث‬
‫موجود بي يديه منذ أن ولد فكيف مرت هذه السنوات من عمره وهو‬
‫مروم من الستفادة من هذا الديث العظيم الذي يتاجه كل مسلم ف‬
‫حياته كل يوم أشد من حاجته للهواء والطعام والشراب‪.‬‬

‫إن مثل هذه الصور هي حال كثي منا مع السنة النبوية‪ ،‬فهل يليق‬
‫بنا أن نفرط ف تلك الكنوز الت وهبنا ال إياها دون عناء أو تعب؟ وقد‬
‫صلت إلي نا مفو ظة م صونة منق حة‪ ،‬وخا صة ف هذه اليام ال ت ت سلط‬
‫فيهـا العداء على بلد السـلمي فسـرقوا أموالاـ ونبوا ثرواتاـ‪،‬‬
‫واستضعفوا أهلها؛ فتدخلوا ف أدق تفاصيل حياتم‪ :‬ماذا يأكلون؟ وماذا‬
‫يشربون؟ وماذا يــبيعون؟ وماذا يشترون؟ وماذا يعملون؟ وكيــف‬
‫يتعلمون؟ ول غرابـة فـ هذا لنمـ أدركوا أن اسـتمرار تلك السـرقات‬
‫والسـتيلء على تلك الثروات لن يدوم لمـ إل بذه الطريقـة حيـ‬
‫ينـزعون من المة مصدر قوتا ومنبع طاقتها‪.‬‬
‫‪ 10‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫إن كل م سلم لد يه أ صل الت صديق بالقرآن الكر ي وال سنة النبو ية‬
‫ولديه أصل السمع والطاعة لما مت وصل إليه النص بطريقة صحيحة‬
‫وهذه قوة هائلة لو وجدت من يستثمرها لتحقيق النصر للمسلمي‪.‬‬
‫إن القرآن الكر ي وال سنة النبو ية ه ا م صدر القوة ال ت ا ستطاع ب ا‬
‫نبينا ممد صلى ال عليه وسلم أن ينشر العدل والرحة والي بي الناس‬
‫فـ نيـف وعشريـن سـنة‪ ،‬وأن يعـل اللوك والرؤسـاء فـ ذلك الوقـت‬
‫يت ساءلون ع ما جاء به و ما مضمو نه؟ و ما سر نا حه؟ ف إقا مة الدولة‬
‫السلمية‪.‬‬
‫وفاعليـة هذا العلم ليسـت خاصـة بـه صـلى ال عليـه وسـلم‪ ،‬أو‬
‫بصحابته رضي ال عنهم بل هو متاح لكل من أجاد استعماله وتدرب‬
‫عليه‪ ،‬وصفحات التاريخ ناطقة على صحة ما أقول‪.‬‬
‫إن صـراع الضارات هـو صـراع معنوي علمـي قبـل أن يكون‬
‫صراعا ماديا‪.‬‬
‫إن أي أمـة تيـد بناء بنيتهـا السـاسية ‪-‬أعنـ بناء القوة العنويـة‬
‫النفسـية العلميـة‪ -‬لكـل أفرادهـا رجال ونسـاء‪ ،‬أطفال وشبابـا تضمـن‬
‫لنفسها القوة والثبات‪ ،‬وتضمن لنفسها العزة والكرامة وترفع عنها الذل‬
‫وتمي خياتا من لصوص الضارات‪.‬‬
‫مـــقــــــــدمــة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪11‬‬

‫ولتحق يق هذا ال مر العظ يم ف حياة ال مة هذه ب عض الفات يح ال ت‬


‫تع ي على تدبر ال سنة وتق يق القوة ب ا ف الياة‪ ،‬و هي الفات يح العشرة‬
‫الت ذكرتا ف تدبر القرآن الكري أذكرها هنا لمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن أن به على أن هذه الفات يح لي ست خا صة بالقرآن الكر ي‬
‫بل يكن تطبيقها أيضا على السنة النبوية‪ ،‬بل هي أدوات ومنهج لي‬
‫قراءة تربوية لي كتاب‪ ،‬فأي قراءة تطبق عليها هذه الفاتيح أو معظمها‬
‫تد أن استفادتك ما تقرأ تكون أعلى وأقوى‪.‬‬
‫الثانـ‪ :‬هناك بعـض الفروق فـ بيان هذه الفاتيـح فـ حـق السـنة‬
‫النبوية وهو ما أركز الديث عليه هنا وأقتصر عليه ومن أراد التفصيل‬
‫فليجع إل كتاب مفاتح تدبر القرآن‪.‬‬
‫هذا وال أ سال أن يي سر ل نا ح فظ سنة نبي نا م مد صلى ال عل يه‬
‫و سلم‪ ،‬وأن يرزق نا القتباس من نور عل مه وحكم ته ما ي قق ل نا القوة‬
‫والكرا مة والعزة‪ ،‬وي قق ل نا ال سعادة والطمأني نة والنجاح ف الياة‪ ،‬إ نه‬
‫سيع ميب وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫وكتبه ‪/‬‬
‫د ‪ .‬خالد بن عبد الكري اللحم‬
‫الستاذ الساعد بقسم القرآن وعلومه‬
‫‪ 12‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫جامعة المام ممد بن سعود السلمية‬


‫المفتاح الول‪ :‬حب السنة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪13‬‬

‫المفتاح الول‪ :‬حب السنة‪.‬‬


‫و هو الد خل للنتفاع بال سنة ف الياة‪ ،‬و هو ال سائق والدل يل إل‬
‫كنوز وخيات هذا العلم العظيم الذي لو وعته المة السلمية لسادت‬
‫العال‪.‬‬

‫ولتحصيل حب السنة طرق ثلثة‪:‬‬


‫الول‪ :‬الدعاء‪:.‬‬
‫التضرع إل ال تعال آناء الليل وآناء النهار أن يرزقك تعظيم السنة‬
‫والنتفاع با ومن ذلك الدعاء الذي جاء ف السنة نفسها‪ ،‬فعن أم سلمة‬
‫رضـي ال عنهـا أن النـب صـلى ال عليـه وسـلم كان يقول ‪-‬إذا صـلى‬
‫الصبح حي يسلم‪ :-‬اللهم إن أسألك علما نافعا‪ ،‬ورزقا طيبا‪ ،‬وعمل‬
‫( )‬
‫متقبل ‪ ، 1‬والعلم بالسـنة مـن أعلى مراتـب العلم النافـع ومـن أرفـع‬
‫درجاته‪.‬‬

‫وكذلك دعاء سنّه ال نب صلى ال عل يه و سلم ل نا خ س مرات ف‬


‫اليوم والليلة على ال قل‪ ،‬ف عن معاذ بن ج بل ر ضي ال ع نه ‪ :‬أن ر سول‬
‫ال صـلى ال عليـه وسـلم أخـذ بيده وقال‪ :‬يامعاذ وال إنـ لحبـك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أوصيك يا معاذ لتدعن ف دبر كل صلة تقول اللهم أعن على‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ، 244-5‬سنن أب داود ‪ ، 475-1 :‬الستدرك ‪307-3 ، 401-1 :‬‬


‫‪ 14‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫( )‬
‫ذكرك وشكرك وحسن عبادتك‪ 1 ،‬والعانة على الشئ تستلزم العانة‬
‫على و سيلته واللة الؤد ية إل يه و هو ه نا حب ال سنة وتذكر ها وكثرة‬
‫قراءتا‪ ،‬وماولة فهمها‪ ،‬والفرح با يقف عليه منها‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬القراءة في سيرة النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم‪:‬‬
‫ف من الجرب والشا هد أن الع يش مع أحوال ال نب صلى ال عل يه‬
‫و سلم يب عث ف ن فس ال سلم تعظي مه وتبجيله و من ذلك تعظيم كل مه‬
‫وتقديسه وهذا ينتج الرص على سنته وبذل الوقات الثمينة ف تصيلها‬
‫والعمل با‪.‬‬

‫وإن أقرب الك تب لتحق يق هذا الع ن هو القرآن الكر ي م ت قرأه‬


‫السلم قراءة تربوية يطبق فيها مفاتح التدبر كاملة فإنه مع مرور الوقت‬
‫يس أنه يعيش ف عصره‪ ،‬يسمع صوته‪ ،‬يراه وهو يصلي‪ ،‬وهو يشي‪،‬‬
‫وهو يتكلم‪ ،‬وهو يفرح‪ ،‬وهو يزن‪ ،‬وهو ياهد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فما أظن كتابا يقق هذا العن كما يققه القرآن الكري‪ ،‬قد تستفيد هذا‬
‫الع ن من قراءة ك تب ال سية أو ك تب الشمائل ل كن ما ت ستفيده من‬
‫تصوير القرآن الكري لحوال النب صلى ال عليه وسلم وأحوال آل بيته‬
‫وصحابته يكون أعظم وأكب أثرا‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ، 294-1 :‬سنن أب داود ‪ ، 1/475‬سنن ابن ماجه ‪322 ، 318 ،298-1‬‬
‫المفتاح الول‪ :‬حب السنة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪15‬‬

‫الثالث‪ :‬القراءة عن أهمية السنة‪:‬‬


‫وهذا يكون بالقراءة عن أخبار ال سلف ف تعظيم هم لد يث ال نب‬
‫صلى ال عليه وسلم واجتهادهم ف خدمته‪ ،‬والخبار والقصص ف هذا‬
‫الجال كثية مشهورة‪ ،‬وك تب ال سنة والترا جم قد حفلت بالكث ي من‬
‫الخبار والنماذج ال ية ال ت تب عث ف ن فس ال سلم ال مة لتعظ يم ال سنة‬
‫والنشاط ف كتابت ها وحفظ ها والع مل ب ا ونشر ها والدعوة إلي ها‪ ،‬و من‬
‫الكتـب الهمـة فـ هذا الجال كتاب‪( :‬سـي أعلم النبلء للحافـظ‬
‫الذهـب)‪ ،‬وكتاب‪( :‬الامـع لخلق الراوي وآداب السـامع للخطيـب‬
‫البغدادي)‪ ،‬وكتاب ( الرحلة فـ طلب الديـث للخطيـب البغدادي)‬
‫وكتاب‪( :‬جامـع بيان العلم وفضله لبـن عبـد الب)‪ ،‬فينبغـي على كـل‬
‫ناصح لنفسه أل ينقطع عن القراءة ف هذا الانب لئل يضعف تعظيمه‬
‫للسنة ‪ ،‬وتضعف قيمتها ف قلبه فيزهد فيها ويهجرها‪ ،‬فالقراءة عن أهية‬
‫الشئ مفتاح الهتام به والرص عليه‪) (.‬‬
‫‪1‬‬

‫إن نصوص سنة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم لو كانت عند أهل‬
‫حضارة أخرى لكتبو ها ف الحا فل والجا مع والياد ين العا مة‪ ،‬ولتغنوا‬
‫بذكرها ونقشوها ف بيوتم بل ف قلوبم‪ ،‬إننا نراهم يتغنون بنصوص‬
‫وح كم مفكري هم ال ت ل ت عد شيئا بالن سبة لك مة نبي نا م مد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فيا ل العجب ما أغفلنا عن هذه الطاقة الت منحنا ال إياها‬
‫فنتركهـا ونذهـب لدراسـة طرق وأسـاليب توليـد الطاقـة العنويـة عنـد‬

‫‪ )(1‬وهذا الكتاب (مفاتح تدبر السنة) قدد تضمن نصوصا مهمة تكرار قراءتها تحقق حب السنة‪.‬‬
‫‪ 16‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫َسـَتبْدِلُو َن الّذِي ُهوَ‬


‫الشرق أو الغرب فصـدق علينـا قول ال تعال‪َ ﴿:‬أت ْ‬
‫خيْرٌ ﴾ [(‪ )61‬سورة البقرة]‬
‫أَ ْدنَى بِالّذِي ُهوَ َ‬

‫إن حب ال سنة ل يس دعوى تقال بالل سان وي صرح ب ا ف ال طب‬


‫والكلمات‪ ،‬وت سطر ب ا صفحات ال صحف وموجات الث ي‪ ،‬بل هي‬
‫حقيقة لا علمات ومقاييس وموازين‪ ،‬من جاء با صُدق قوله وأقر على‬
‫دعواه‪ ،‬ومن هذه العلمات‪:‬‬

‫‪ -1‬كثرة قراءتا ومطالعة كتبها‪.‬‬

‫‪ -2‬ماولة حفظها والزن والسف على فوات ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬الفرح بجالسها ومنتدياتا ولقاءاتا‪.‬‬

‫‪ -4‬الشوق إليها إذا طالت الغيبة عنها‪.‬‬

‫‪ -5‬تطبيقها ف جيع جوانب الياة‪.‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪17‬‬

‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف قراءة السنة‪.‬‬


‫إن قراءة السنة النبوية يتمع لا القاصد نفسها الت ذكرتا لقراءة‬
‫القرآن الكر ي ففي ها العلم وعلي ها الع مل‪ ،‬وفي ها مناجاة وثواب وشفاء‪،‬‬
‫وبا إعلم ودعوة للناس كافة‪.‬‬

‫الهدف الول‪ :‬العلم‪:‬‬


‫المسألة الولى‪ :‬شدة الحاجة إلى علم السنة‪.‬‬
‫ِمـ‬
‫ّاسـ مَا نُزّلَ إَِلْيه ْ‬
‫ّنـلِلن ِ‬ ‫ْكـ الذّكْرَ ِلُتَبي َ‬
‫قال ال تعال‪َ ﴿ :‬وأَنزَلْنَا إَِلي َ‬
‫وََلعَّلهُ ْم َيَت َفكّرُو نَ ﴾ [(‪ )44‬سـورة النحـل]‪ ،‬وقال تعال‪﴿ :‬كَمَا أَرْ سَ ْلنَا فِيكُ مْ‬
‫حكْ َمةَ‬
‫رَ سُو ًل مّنكُ ْم َيتْلُو عََليْكُ ْم آيَاتِنَا َويُزَكّيكُ ْم َوُيعَلّ ُمكُ ُم الْ ِكتَا بَ وَالْ ِ‬
‫م َتكُونُواْ َتعْلَمُونَ﴾ [(‪ )151‬سورة البقرة]‬ ‫َويُعَلّ ُمكُم مّا لَ ْ‬

‫فالسنة تفسي للقرآن وهي البينة لكيفية تطبيقه والعمل به‪ ،‬وحاجة‬
‫السلم إليها كحاجته للقرآن‪.‬‬

‫إن حاجة النسان للسنة كحاجته لدقات قلبه؛ فمع كل نبضة من‬
‫نبضات القلب هناك خاطر وتفكي إما بق أو باطل؛ ول سبيل للتمييز‬
‫بي ذلك إل بالعلم‪.‬‬
‫‪ 18‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫لو تأملت أمور حياتك اليومية تد أنه ما من أمر من المور وإل‬


‫وللقرآن وال سنة في ها توج يه وتعل يم سواء كان ذلك حر كة جوارح أو‬
‫حركة مشاعر‪ ،‬وفيها يتضح الفرق بي العال والاهل‪.‬‬

‫إن حاجتك للعلم تتزامن مع كل حركة من حركاتك اليومية الت‬


‫تعد بآلف الركات‪ ،‬أنت فيها إما عال أو جاهل؛ عال مغتبط بعلمك‬
‫قريـر العيـ بنـة ال عليـك‪ ،‬أو جاهـل غافـل تشقـى ول تدري سـبب‬
‫شقائك‪ .‬قال المام أح د‪ :‬حا جة الناس إل العلم أ شد من حاجت هم إل‬
‫الطعام والشراب‪ ،‬ذلك أن الا جة للطعام والشراب تكون مرة أو مرت ي‬
‫ف اليوم بينما حاجتهم للعلم بعدد النفاس‪.‬‬

‫و صدق المام أح د رح ه ال تعال و هو من هو ف عل مه وفق هه‬


‫وكثرة قراءتـه للقرآن الكريـ ولحاديـث النـب صـلى ال عليـه وسـلم‪،‬‬
‫فياليتنا نفقه هذه القيقة وتسيطر على أفكارنا ومشاعرنا‪ ،‬إذ لو حصل‬
‫ذلك لمكن وضع ناية لشاكلنا التربوية والجتماعية ولصلحت أحوالنا‬
‫الاصة والعامة‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مفاهيم خاطئة في طلب العلم‪.‬‬
‫لعل من أهم السباب الت صرفت كثيا من الناس عن العلم بالسنة‬
‫وبذل ال هد والو قت ف ذلك هو مفهوم تر سخ لدى الب عض و هو‪ :‬أن‬
‫طلب العلم ‪ -‬ومنـه حفـظ السـنة ‪ -‬يراد بـه تريـج العلماء والفتيـ‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪19‬‬

‫والقضاة!! إ نه ح صر للعلم ف نطاق مدود‪ ،‬وح صر له ف أبواب معي نة‬


‫من العلم‪ ،‬ومالت مدودة ف الياة‪.‬‬

‫وبعضهـم ظـن أن العلم كلٌ ل يتجزأ وان تبدأه بعلوم اللة مـن‬
‫النحو وأصول الفقه والبلغة‪.‬‬

‫وبعضهم يرى أن‪ :‬حفظ السنة كل ل يتجزأ فإما أن تفظ الكتب‬


‫الستة ف عدد من الدورات الكثفة أو أن تتفرج على من يفظ وتغبطه‬
‫عليه‪ ،‬أما أن تنـزل إل اليدان وتبدأ الفظ ولو بديث واحد فهذا مال‬
‫يطر له على بال ول يعده من طلب العلم‪.‬‬

‫والب عض ير يد أن ي فظ ال سنة ف سنة وإل فل‪ ،‬أن ي فظ خ سة‬


‫آلف حديث أو ليفظ شيئا‪.‬‬

‫كـل هذه مفاهيـم خاطئة ينبغـي أن نسـتبعدها مـن تفكينـا‪ ،‬وأن‬


‫ن ستبدلا بالف هم ال صحيح‪ ،‬والن هج ال سديد و هو أن‪ :‬العلم يتكون من‬
‫آلف الزئيات وأن العلماء مراتب ومستويات‪ ،‬وان طلب العلم يراد به‬
‫النجاة والنجاح ف الياة‪ ،‬وان طريق طلب العلم طويل وهو يقطع على‬
‫مراحل ومسافات‪ ،‬الهم أن تبدأ السفر‪ ،‬وتشرع ف الرحلة ث ل يهمك‬
‫ب عد هذا م ت ت صل أوإل أ ين ت صل ما دا مت الن ية صادقة والوج هة‬
‫صحيحة والسافة القطوعة تزيد يوما بعد يوم‪.‬‬
‫‪ 20‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬الرحلة في طلب السنة‪.‬‬


‫ل قد ف قه سلفنا ال صال أه ية ال سنة‪ ،‬وأدركوا عظ يم قدر ها فكانوا‬
‫يبذلون الن فس والنف يس والغال والرخ يص ف سبيل ت صيلها ولو كان‬
‫ـور والنماذج ف ـ هذا الجال‬ ‫ذلك كلمات معدودات‪ ،‬والمثلة والصـ‬
‫كثية سطرها التاريخ بداد من نور فبقيت منارات تشرأب إليها العناق‬
‫ويقتدي با السائرون اذكر هنا بعضا منها‪:‬‬

‫‪ -1‬رحلة جابر بن عبد ال من الدينة إل الشام أو مصر ف طلب‬


‫حديث واحد وقد سبق ذكرها ف القدمة‪.‬‬
‫‪ -2‬وعن عطاء بن أب رباح رضي ال عنه قال‪ :‬خرج أبو أيوب‬
‫الن صاري ر ضي ال ع نه إل عق بة بن عا مر ر ضي ال ع نه ي سأله عن‬
‫حديث سعه من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول يبق أحد سعه من‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم غيه وغ ي عق بة‪ ،‬فل ما قدم إل منل‬
‫م سلمة بن ملد الن صاري ‪ -‬و هو أم ي م صر ‪ -‬فأ خبه فع جل عل يه‬
‫فخرج إل يه فعان قه ث قال له ما جاء بك يا أ با أيوب؟ فقال‪ :‬حد يث‬
‫سعته من رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يبق أحد سعه من رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم غيي وغي عقبة فابعث من يدلن على منله‪،‬‬
‫قال‪ :‬فبعث معه من يدله على منل عقبة‪ ،‬فأخب عقبة فعجل فخرج إليه‬
‫فعانقه‪ ،‬فقال ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال‪ :‬حديث سعته من رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ل يبق أحد سعه من رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم غيي وغيك ف ستر الؤ من‪ ،‬قال عق بة‪ :‬ن عم سعت ر سول ال‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪21‬‬

‫صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬من ستر مؤمنا ف الدنيا على خزية ستره ال‬
‫يوم القيامـة‪ ،‬فقال له أبـو أيوب‪ :‬صـدقت‪ ،‬ثـ انصـرف أبـو أيوب إل‬
‫راحلته فركبها راجعا إل الدينة‪ ،‬فما أدركته جائزة مسلمة بن ملد إل‬
‫(‪)1‬‬
‫بعريش مصر‪.‬‬
‫كان قصد أب أيوب رضي ال عنه من رحلته إل مصر أن يتأكد‬
‫ويتثبت من صحة حفظه كل ذلك حرصا على السنة وحبا لا‪ ،‬وكان‬
‫ذلك ف آ خر عمره‪ ،‬ولعله خ شي أن يوت ق بل أن يتث بت من عل مه‪،‬‬
‫بعنـ أنـه أراد أل تنتهـي فترة امتحانـه فـ الدنيـا إل وقـد حصـل على‬
‫الجابات ال صحيحة ال سديدة‪ ،‬و هو الدف نف سه الذي صرح به جابر‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬بل هو الدف الذي يب أن يسعى إليه كل مسلم‪ ،‬أما‬
‫أن ت ضي اليام ون ن ف جهل نا راضون‪ ،‬وبتق صينا ف العلم قانعون‪،‬‬
‫فهذا ما ل يليق بعاقل أبدا‪.‬‬

‫‪ -3‬و عن كث ي بن ق يس قال ‪ :‬ك نت جال سا ع ند أ ب الدرداء ف‬


‫م سجد دم شق فأتاه ر جل فقال له‪ :‬يا أ با الدرداء ! أتي تك من الدي نة‬
‫مدينة رسول ال صلى ال عليه وسلم لديث بلغن أنك تدث به عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬فما جاء بك تارة؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ول‬
‫جاء بـك غيه؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإنـ سـعت رسـول ال صـلى ال عليـه‬
‫و سلم يقول‪ :‬من سلك طريقا يلت مس فيه عل ما سهل ال له طري قا إل‬
‫ال نة‪ ،‬وإن اللئ كة ت ضع أجنحت ها ر ضا لطالب العلم‪ ،‬وإن طالب العلم‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ، 159 -4‬مصنف عبد الرزاق ‪ ، 228-10‬جامع بيان العلم وفضله ‪102-1‬‬
‫‪ 22‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫يستغفر له من ف السماء والرض حت اليتان ف الاء‪ ،‬وإن فضل العال‬


‫على العابـد كفضـل القمـر على سـائر الكواكـب‪ ،‬وإن العلماء ورثـة‬
‫النـبياء‪ ،‬وإن النـبياء ل يورثوا دينارا ول درها‪ ،‬إناـ ورثوا العلم فمـن‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫أخذه أخذ بظ وافر‪.‬‬

‫‪ -4‬و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬ل ا ق بض ر سول ال‬


‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وأنا شاب ‪ -‬قلت لشاب من النصار‪ :‬يافلن!‬
‫هلم فلن سأل أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ولنتعلم من هم‬
‫فإنم كثي‪ ،‬قال‪ :‬العجب لك يابن عباس أترى الناس يتاجون إليك وف‬
‫الرض من ترى من أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم؟ قال‪:‬‬
‫فتر كت ذلك وأقبلت على ال سألة وتت بع أ صحاب ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فإن كنت لت الرجل ف الديث يبلغن أنه سعه من رسول‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم‪ ،‬فأجده قائل‪ ،‬فأتو سد ردائي على با به ت سفي‬
‫الر يح على وج هي ح ت يرج‪ ،‬فإذا خرج قال‪ :‬يا ا بن عم ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ما لك؟ فأقول‪ :‬بلغن حديث عنك أنك تدثه عن‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فأحب بت أن أ سعه م نك‪ ،‬قال فيقول‪:‬‬
‫فهل بعثت إل حت أتيك‪ ،‬فأقول‪ :‬أنا أحق أن آتيك‪ ،‬فكان الرجل بعد‬
‫ذلك يران وقد ذهب أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم واحتاج‬
‫(‪)2‬‬
‫الناس إل فيقول كنت أعقل من‪.‬‬
‫‪ )(1‬سنن أب داود ‪ ، 2/341‬سنن الترمذي ‪ ، 5/48‬سنن ابن ماجه ‪81-1‬‬

‫‪ )(2‬جامع بيان العلم وفضله ‪103-1‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪23‬‬

‫‪ -5‬وروي عن سعيد بن ال سيب قال‪ :‬إن ك نت ل سي ثل ثا ف‬


‫(‪)1‬‬
‫الديث الواحد‪.‬‬
‫‪ -6‬وقال عا مر الش عب‪ :‬لو أن رجل سافر من أق صى الشام إل‬
‫(‪)2‬‬
‫أقصى اليمن ليسمع كلمة حكمة ما رأيت أن سفره ضاع‪.‬‬
‫‪ -7‬و عن زر بن حبيش قال‪ :‬أت يت صفوان بن ع سال الرادي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬مـا جاء بـك؟ قلت‪ :‬أنبـط العلم ( أي اسـتخرجه ) ‪ ،‬قال‪ :‬فإنـ‬
‫سعت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يقول‪ :‬ما من خارج خرج من‬
‫(‪)3‬‬
‫بيته ف طلب العلم إل وضعت له اللئكة أجنحتها رضا با يصنع‪.‬‬
‫وهذه الرحلت كانت قبل تدوين السنة حي كان طلب الديث‬
‫ي صل مشاف هة‪ ،‬ث تلت ها مرحلة أخرى و هي الرحلة من أ جل ض بط‬
‫الكتـب وتصـحيحها على الشيوخ‪ ،‬ول زالت حتـ الن‪ ،‬وبعـد أن‬
‫تطورت وسـائل الكتابـة والطباعـة‪ ،‬وتطورت وسـائل التصـال تعارف‬
‫العلماء وطلب العلم على نسـخ معينـة بالضبـط والتقان تعرف باسـاء‬
‫مققيها‪ ،‬لكن يبقى ضرورة الشافهة با على الشيوخ للتأكد من صحة‬
‫ن طق الل فظ وف هم الع ن‪ ،‬وهذا وال مد ل متي سر ف كل حاضرة من‬
‫حوا ضر ال سلمي اليوم ول يتاج إل رحلة بل يتاج إل حرص وجود‬
‫وسخاء بالوقت والهد وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال ذو الفضل‬
‫العظ يم ‪ ،‬إن من يعرف قي مة ال سنة يرى أ نه لو أو ت أضعاف عمره ما‬
‫‪ )(1‬تذكرة الفاظ ‪ ، 52-1‬جامع بيان العلم وفضله‪113-1 :‬‬

‫‪ )(2‬جامع بيان العلم وفضله ‪114-1‬‬

‫‪ )(3‬سنن ابن ماجه ‪131-1‬‬


‫‪ 24‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫انق ضى عج به من بعض ها ‪ ،‬قال الم ي الن صور بن الهدي للمأمون ‪:‬‬


‫أيسـن بثلي أن يتعلم؟ فقال ‪ :‬وال لن توت طالبـا للعلم خيـ مـن أن‬
‫توت قانعا بالهل‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬السنة واضحة ميسرة‬
‫إن مع ظم كلم النب صلى ال عليه وسلم َبيّ ن واضح‪ ,‬يشترك ف‬
‫فهمـه العال والعامـي والصـغي والكـبي والرجـل والرأة عدا نسـبة قليلة‬
‫تتاج إل توضيـح مـن جهـة ارتباط بعضهـا ببعـض فتكون مصـصة أو‬
‫من سوخة أو مقيدة ‪ ،‬وأي ضا ب عض الكلمات الغري بة تتاج إل بيان لعدم‬
‫ف شو ا ستعمالا ب ي الناس‪ ،‬أ ما ا ستغلق ال سنة على الب عض فهو ب سبب‬
‫عدم التدبر‪ ،‬وضعـف الصـلة باـ‪ ،‬وقلة بـل ندرة القراءة‪ ،‬وعدم إلقاء‬
‫السمع والتركيز حي ساعها بل يسمعها بأذنه بينما قلبه ف كل واد من‬
‫أود ية الدن يا يه يم ث ب عد ذلك يقول إن ف هم ال سنة أ مر صعب فيؤ ثر‬
‫النشغال بالقيل والقال على ساع السنة وتعطي الجالس با‪.‬‬

‫وبعـض الربيـ والعلميـ أو الؤلفيـ حيـ ياول شرح السـنة‬


‫وتوضيحهـا لعامـة الناس تده يسـتطرد ويرج عنهـا إل علوم وفنون‬
‫متنوعـة مـن لغويات وبلغيات صـعبة الفهـم أو إل قصـص وحكايات‬
‫وطرائف تن سي أ صل الد يث التكلم ع نه أو ل تب قي له إل القل يل من‬
‫الو قت أو ال ساحة‪ ،‬ل ست أر فض شرح ال سنة ول أن في الا جة لذلك‬
‫وإنا أنفي الستطراد والروج عن القصود والتطويل الذي يصرف عن‬
‫ال سنة نف سها وتذ هب الوقات والعمار ف قراءة أو ساع كلم كث ي‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪25‬‬

‫لوكان مكانـه سـاع أحاديـث أخرى لكان أول وأحرى‪ ،‬فينبغـي أن‬
‫نقرب السنة للناس ونقتصر ف بيانا وشرحها على ما تدعو الاجة إليه‬
‫ولو كان الشرح قليل لن نا إذا فعل نا ذلك نر سخ ف أذهان م أن ال سنة‬
‫واضحة سهلة فيقبلوا على قراء تا وتدبرها‪ ،‬أما نعقد ونول المر ونبالغ‬
‫فـ شرح بعـض العبارات فهذا وإن كان قصـد قائله خدمـة السـنة‬
‫وحراستها فإنه قد يؤدي إل عكس مقصوده‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬العلم بالسنة يوفر الوقت ويختصر الجهد‪.‬‬
‫إن تدبر السنة والتفقه فيها يوفر الوقت ويتصر الطريق على الرب‬
‫والواعظ والطيب إذ أنه ف أي قضية يريد الديث عنها فإنه سيجد من‬
‫حكمة النب صلى ال عليه وسلم ما يوصله إل هدفه من أقرب الطرق‬
‫وأي سرها وأ سهلها وأوضح ها‪ ،‬أ ما إن كا نت صلته بال سنة ضعي فة فإ نه‬
‫سيشرق ويغرب ويه يم ف أود ية الكلم وي سلك طر قا ملتو ية وطويلة‬
‫للو صول إل الدف النشود فيط يل بذلك على ال سامعي ويث قل علي هم‪،‬‬
‫و قد ب ي هذا الع ن نبي نا م مد صلى ال عل يه و سلم ف عبارة موجزة‬
‫واضحة لن عقل وتدبر فعن عمار بن ياسر رضي ال عنه قال‪ :‬سعت‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يقول‪ :‬إن طول صلة الر جل وق صر‬
‫خطب ته مئ نة من فق هه‪ ،‬فأطيلوا ال صلة وأق صروا الط بة وإن من البيان‬
‫(‪)1‬‬
‫لسحرا‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ، 440-1‬صحيح مسلم ‪ ، 594-2‬صحيح ابن خزية ‪142-2‬‬


‫‪ 26‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫فأي خطيب عادته إطالة الطبة فاعلم أنه غي فقيه ف الطابة مهما‬
‫كا نت قوة خط به وتأثي ها الما سي الؤ قت‪ ،‬أ ما التأث ي التربوي طو يل‬
‫الجل فهي عنه بعزل‪.‬‬

‫إن بعـض الطباء يظـن الطبـة قناة تلفزيونيـة أو جريدة أو ملة أو‬
‫دار نشر‪ ،‬حت إن بعض الطباء لا ختم خطبته قال‪ :‬هذا ما تيسر جعه‬
‫ف هذه العجالة؛ و قد زادت خطب ته عن ن صف ال ساعة‪ ،‬فالط يب أو‬
‫الواعظ حينما يتكلم مدة عشرين أو ثلثي دقيقة ماهدفه؟ هل هدفه أن‬
‫يعمل الناس با يقول؟ فكيف سيحفظ الستمعون كل ما قال؟ إن إياز‬
‫الطبـة يوجـد البـ للخطيـب أو الواعـظ وبالتال النتفاع باـ يقول‪،‬‬
‫وبذا ل نتاج إل ش خص موهوب ي مع ب ي التطو يل والتشو يق ح ي‬
‫ي طب أو ي عظ‪ ،‬فال طب والوا عظ العلم ية التربو ية تتلف تا ما عن‬
‫الطب الدبية والترفيهية‪ ،‬والكلم الكثي مع السرعة ينسي بعضه بعضا‬
‫والذي يصـل أن السـتمع يشرد ذهنـه؛ خاصـة إذا كان التطويـل عادة‬
‫لذلك الط يب أو الوا عظ أو كان موضوع الط بة علم يا دقي قا‪ ،‬أ ما إذا‬
‫حولنا الطبة إل قصص وحكايات وترفيه ومسرح للحداث فصحيح‬
‫أنه سيوجد التركيز وشد الذهن والهتمام لكن بذه الطريقة نكون قد‬
‫جاري نا الناس ب ا توى أنفسـهم وي قل نف عه ل م مع مالفـة السـنة ف‬
‫التطويل‪ ،‬التطويل يصلح ويسن ف بعض الحيان وحي تكون الناسبة‬
‫مل حة‪ ،‬و قد ورد عن ال نب صلى ال عل يه و سلم شئ من ذلك أ ما أن‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪27‬‬

‫يكون التطو يل هو ال صل ‪ ،‬والياز غ ي م كن ل نه دل يل على ال عي‬


‫والقصور فهنا انتكاس ف الفاهيم وجهل واضح بالسنة‪.‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬تدبر السنة وقاية من النحراف الفكري‬
‫إن مـن يقرأ السـنة بتدبر وبنيـة صـحيحة مبتغيـا وجـه ال تعال ل‬
‫وجوه الناس فإ نه بإذن ال تعال يع صم من أي انراف فكري وخا صة‬
‫إذا ترب على هذا المر من صغره بطريقة صحيحة‪.‬‬

‫قرأت ف احد الواقع موقفا يكيه عن نفسه بعض الضلي فيقول‪:‬‬


‫ك نت يوما ف العا صمة التون سية دا خل م سجد عظ يم من م ساجدها‪،‬‬
‫وب عد أداء فري ضة ال صلة جلس المام و سط حل قة من ال صلّي وبدأ‬
‫درسه بالتّنديد والتكفي لولئك الذين يشتمون أصحاب النب (صلى ال‬
‫عل يه وآله) وا سترسل ف حدي ثه قائلً‪ :‬إيّا كم من الذ ين يتكلّمون ف‬
‫أعراض ال صّحابة بدعوى البحث العلمي والوصول لعرفة الق‪ ،‬فأولئك‬
‫عليهم لعنة ال واللئكة والنّاس أجعي‪ ،‬إنم يريدون تشكيك النّاس ف‬
‫دينهـم‪ [ ،‬ثـ اسـتشهد المام بديـث] فقاطعـه أحدُ السـتبصرين كان‬
‫يصحبن قائلً‪ :‬هذا الديث غي صحيح وهو مكذوب على رسول ال!‬
‫وثارت ثائرة المام وب عض الاضر ين والتفتوا إلي نا منكر ين مشمئزّ ين‪،‬‬
‫فتدار كت الو قف متلطّفا مع المام وقلت له‪ :‬يا سيدي الش يخ الل يل‬
‫‪ ".. ... .... ، ... ... ...‬ث بدأ هذا الضل يلقي بشبهاته وأباطيله إل‬
‫أن قال ‪" :‬ولاـ عرف المام تأثيي فـ الاضريـن مـن خلل حفظـي‬
‫للحاديث الت رويتها قال ف هدوء‪ :‬نن قرأنا على مشاينا رحهم ال‬
‫‪ 28‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫تعال بأ نّ الفت نة نائ مة فل عن ال من أيقظ ها‪ ،‬فقلت‪ :‬يا سيدي! الفت نة‬
‫عمر ها ما نا مت‪ ،‬ولك نا ن ن النّائمون‪ " ...‬إل أن قال هذا ال ضل‪" :‬‬
‫‪....‬وبعد شهر واحدٍ كتب إلّ رسالة لطيفة يمد ال فيها أن هداه إل‬
‫صراطه الستقيم " ؟‬

‫فهذا الو قف وأمثاله يتكرر يوم يا عب و سائل العلم والت صال ‪-‬‬
‫ال ت تطورت ف ع صرنا الا ضر ‪ -‬ويتاج م نا إل وق فة جادة ف طلب‬
‫العلم النافع والتفقه ف دين ال تعال‪ ،‬وأن المر جد ل يتمل التأخي أو‬
‫التهاون والتوان‪ ،‬فنحن مسؤولون أمام ال عزوجل عن تقصينا ف هذا‬
‫الواجب العظيم‪.‬‬

‫إناـ كلمـة أوجههـا إل السـؤولي عـن التربيـة والتعليـم فـ العال‬


‫ال سلمي‪ :‬إن أرد ت ال من وال سلمة من الشكلت الفكر ية والتربو ية‬
‫فليـس أمامكـم إل القرآن والسـنة بـبامج مكثفـة وبيان واضـح ينـع‬
‫النراف ف فهمها وتنيلها على غي مادلت عليه‪ ،‬إن التاريخ يشهد أن‬
‫العلقة طردية بي العلم ومنه التوحيد وبي المن وقبل شهادة التاريخ‬
‫شهادة رب العال ي إذ يقول ‪﴿ :‬الّذِي نَ آ َمنُواْ وَلَ ْم يَ ْلبِ سُواْ إِيَانَهُم بِ ُظلْ مٍ‬
‫ُأوْلَئِ كَ َل ُه ُم ا َلمْ ُن وَهُم ّم ْهتَدُو نَ﴾ [(‪ )82‬سورة النعام] فمحاولة إبعاد العلوم‬
‫الشرع ية عن منا هج التعل يم أو تقلي صها مع الغراق ف العلوم الدنيو ية‬
‫ب جة سوق الع مل فهذا سيكون على ح ساب أ من الجت مع وا ستقراره‬
‫على الدى البعيد وبوادر ونذر هذا الطر بدأنا نذوقها من أقرب الناس‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪29‬‬

‫إلي نا إن العودة ال صادقة لتدبر القرآن وال سنة بطري قة صحيحة وبآليات‬
‫كافية لو السبيل لتحقيق المن النشود والرخاء القصود‪.‬‬

‫إن تغييـب بعـض نصـوص القرآن والسـنة بجـة علج الشكلت‬


‫الفكرية هو سبب ف توليد مثل هذه الشكلت‪ ،‬فهذه النصوص إن ل‬
‫ي سمعها الناشئة من صغرهم ف مدار سهم وي سمعوا بيان ا ال صحيح ف‬
‫منا هج الترب ية والتعل يم ف سيسمعونا من ه نا او هناك مقلو بة مر فة ث‬
‫يطبقونا تطبيقا خاطئا فيجنون على أنفسهم وأمتهم‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬السنة وفرضيات البرمجة اللغوية العصبية‪.‬‬
‫يوجد ف البمة اللغوية العصبية عدد ما يسمى بالفرضيات وهي‬
‫عند هم قوا عد وأ صول سلوكية نف سية يب ن علي ها عدد من الجراءات‬
‫والتقنيات ف هذا العلم‪ ،‬وحين ما ت ستمع لدر ب البم ة و هم يشرحون‬
‫فرضياتاـ‪ ،‬أو يدافعون عنهـا وييبون عمـا أورد عليهـا مـن ملحظات‬
‫فإنـك تتعجـب وتسـتغرب كيـف ياول هؤلء التشبـث بثـل هذه‬
‫الفرضيات والدفاع عنهـا مـع أن عندهـم أضعاف أضعاف‪....‬أضعافهـا‬
‫من ح كم وقوا عد موجودة ف ال سنة النبو ية تظ هر ل ن قرأ ها وتدبر ها‬
‫وأطال الوقوف عند حكمها‪.‬‬

‫إن م ثل هذا التم سك والعتداد والفرح بذه الفرضيات يق بل من‬


‫أولئك الذين ل يعرفون القرآن ول يطلعوا على سنة نبينا ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم لن هذا منتهى علم هم و هم يسبون ب ا قرروه أن م حازوا‬
‫سبقا علميا واكتشفوا أدوات ل تكن موجودة ف هذا الوجود‪.‬‬
‫‪ 30‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫فيحسن بالشتغلي بذا العلم أن يعطوا من وقتهم القدر الكاف لتدبر‬


‫السـنة والتأمـل فـ مضموناـ إذ إنمـ لو فعلوا ذلك لوجدوا ضالتهـم‬
‫النشودة ول ستغنوا با عندهم عما عند غي هم ولعلموا أن ما ي سعون‬
‫لتحقيقه من تغيي وتطوير موجود ف السنة النبوية‪.‬‬

‫فيأيها الدربون ويأيها البمون خذوا من السنة النبوية ما تشاءون؛‬


‫من ال سلمات التربوية والقوا عد النف سية فهي مع ي ل ين ضب وك ن ل‬
‫يفن‪ ،‬خذوا واشرحوا واعقدوا الدورات لتطوير الياة‪.‬‬

‫إنا دعوة مفتوحة إل من آتاهم ال العلم بركنيه الف هم (الذكاء)‪،‬‬


‫والفظ (الذاكرة) أن يبينوا للناس القواعد التربوية‪ ،‬والسلمات النفسية‬
‫ويدربوا الناس عليها ويبنيوا لم تطبيقاتا ف الياة‪ ،‬إن هذه القواعد هي‬
‫الت تكن با النب صلى ال عليه وسلم من تغيي الناس وتطويرهم من‬
‫أمة بدوية بدائية إل أمة ذات حضارة قوية مكينة استمرت قرونا طويلة‬
‫ول تزال تلك تلك الطا قة ال ت تكن ها بعون ال أن تعود إل ما كا نت‬
‫عليه‪.‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬مشهد من الواقع‪.‬‬
‫ف أ حد ال ساجد النشي طة قرأت لو حة ر سم في ها خ طة لشروع‬
‫تربوي يت ضن الناشئة ف الرحلة البتدائ ية‪ ،‬وكان البنا مج يتوي على‬
‫أنشطة متنوعة للطلب منها‪ :‬حفظ القرآن‪ ،‬ومذاكرة الكتب الدرسية‪،‬‬
‫والترف يه‪ ،‬وغي ها‪ ،‬والذي ا ستوقفن ف العلن هو أن البنا مج يش مل‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪31‬‬

‫دورات يلقيها عدد من التخصصي ف التربية وعلم النفس لتعليم الباء‬


‫والمهات ك يف يربون أبناء هم ويتعاملون مع هم؟ فقلت‪ :‬هل و صلت‬
‫التبعية التربوية للغرب حت إل الساجد‪ ،‬إن كان أهل القرآن والسنة ل‬
‫يستطيعون أن يعرفوا كيف يربون أبناءهم ويتعاملون معهم إل بساعدة‬
‫الؤهلي ف تلك العلوم من جامعات شرقية أو غربية ؟ إذا ما أثر القرآن‬
‫والسنة ف حياتم ؟ أين هم من سنة الرب الول صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫الذي ا ستطاع تكو ين خ ي ج يل عر فه التار يخ‪ ،‬أ ين هم من خباته‬
‫وتاربـه ومـن قواعده وهديـه ؟ إن كان الراد أن هؤلء جعوا بيـ‬
‫التخ صص ف القرآن وال سنة وب ي العلوم التربو ية والنف سية و سيكون‬
‫طرح هم بواج هة القرآن وال سنة وت ت لوائه ما فح سن ‪ ،‬أ ما إن كا نت‬
‫الخرى وهو الواقع والشاهد فل ‪.‬‬
‫المسألة التاسعة‪ :‬الستيراد والتصدير الفكري‪.‬‬
‫إن من مظاهر النزامية والتبعية ف وقتنا الاضر هو ذلك الستياد‬
‫الثقا ف الذي ن شط ف ال سنوات الخية نشا طا ملحو ظا وات ذ قوالب‬
‫متل فة من ها ترج ة الك تب ومن ها دورات التطو ير والتغي ي كل ها ينت هي‬
‫إسنادها إل الضارة الغربية ومقطوعة السناد عن القرآن والسنة‪.‬‬

‫إن التبع ية الفكر ية للحضارات القو ية ف العال انزام ية غ ي مقبولة‬


‫مه ما كان ال بر والواج هة ال ت تغلف ب ا وال سر الذي ت عب فو قه إل‬
‫ثقافتنا وحضارتنا‪.‬‬

‫لاذا الستياد؟ والنتاج الحلي متوفر بل يفوق الستورد‪.‬‬


‫‪ 32‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫إننا لن نتحرر ماديا حت نتحرر فكريا بشكل كامل ومطلق‪.‬‬

‫والسبب ف وجود هذه الظاهرة عدم التفريق بي الستياد المنوع‬


‫وبيـ النتفاع الشروع باـ عنـد الضارات الخرى فـ أمور الياة‬
‫الادية‪ ،‬فهذه مسالة يقع اللط فيها كثيا ول يوفق للبصية ف هذا المر‬
‫إل مـن هدي إل الصـراط السـتقيم؛ الذي فرض على السـلم أن يدعـو‬
‫بالداية إليه كل يوم سبعة عشر مرة على القل‪.‬‬

‫إن لكـل حضارة جانـبي معنوي ومادي وهاـ متزجان بشكـل‬


‫ي صعب ال فك بينه ما وإن بينه ما خ يط رف يع ل يراه إل الب صرون م ن‬
‫تدبر القرآن والسنة‪.‬‬

‫إننا بذا الستياد نعمق ف نفوس الناس وخاصة اليل الديد التبعية‬
‫لتلك المـم شئنـا أم أبينـا وسـنظل نغرس الضعـف والنزاميـة دون أن‬
‫ناول الروج وتقيق النصر والعزة‪.‬‬

‫إن على الثقف ي من ال سلمي أن ينتقلوا من مرحلة ال ستياد إل‬


‫التصدير‪ ،‬أي تصدير مشروعنا الضاري إل الناس كافة خاصة أن الناخ‬
‫مناسب والنافسة مفقودة حيث تعان الضارات اليوم من فراغ نف سي‬
‫شديـد وهـي بأمـس الاجـة لن ترى حضارة السـلم بثوب عصـري‬
‫ي يب على كل ت ساؤلت الياة إجابات مقن عة وير بط القرآن وال سنة‬
‫بكل دقائق الياة ف كافة الوانب‪.‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪33‬‬

‫المسألة العاشرة‪ :‬الوقود الذي يطلق القدرات‪.‬‬


‫إن ال سنة النبو ية ل ن ف تح ال تعال له أبواب ا هي النطلق لطلق‬
‫قدرات النسـان وهـي الوقود الذي يولد الماس والنشاط والطاقـة‬
‫والبداع‪.‬‬

‫قال ابن القيم‪ :‬وما ظنك بن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة‬
‫عيـ ف سد قلبـك‪ ،‬ولكـن ل يسـ بذا إل قلب حـي و ما لرح بيـت‬
‫إيلم‪ ،‬وإذا كانت السعادة معلقة بديه صلى ال عليه وسلم فيجب على‬
‫كل من أحب ناة نفسه أن يعرف هديه وسيته وشأنه ما يرج به عن‬
‫خ طة الاهل ي‪ ،‬والناس ف هذا ب ي م ستقل وم ستكثر ومروم والف ضل‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫بيد ال يؤتيه من يشاء وال ذو الفضل العظيم‬

‫هذا الكلم يعترف به كل م سلم نظر يا ‪ ،‬أ ما من يطب قه إل وا قع‬


‫عملي مسوس فهم ف عصرنا قليل‪.‬‬

‫إن نشر السنة بي الناس وتدبرهم لا يسهم بشكل كبي ف تربية‬


‫النفوس وتذيـب الخلق ونتيجـة لذلك تقـل الشاكـل والخالفات‬
‫والرائم‪ ،‬ويو جد ال د ف الياة واللتزام ف أداء الواجبات دون حا جة‬
‫إل أجهزة مراقبة أو حراسة أو إدارات متابعة فهناك رقابة داخلية تعمل‬
‫على مدار السـاعة فإذا تقـق هذا فانظـر ماذا يترتـب عليـه مـن مصـال‬
‫عظيمة‪.‬‬

‫‪ )(1‬متصر زاد العاد ‪13 :‬‬


‫‪ 34‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫وأيضا إذا وجد تدبر السنة يكون الصول على القوي المي أمر‬
‫سهل م ا ي كن م عه تق يق الكث ي من الهداف العا مة والا صة وإناز‬
‫الكثي من الشاريع بأقل تكلفة وأقل جهد‪ ،‬ما أقوله ليس أحلم شاعر‪،‬‬
‫ول أوهام كا هن بل هي حقي قة مقررة وأثره ملموس لك نه ف نطاق‬
‫مدود‪ ،‬إننـا نلك أعظـم طاقـة معنويـة لو اسـتطعنا أن نوصـلها بشكـل‬
‫صحيح وأن نستثمرها ف تقيق الرخاء والمن للمجتمع‪ ،‬وتقيق الياة‬
‫الطيبة لكافة أفراده‪.‬‬
‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬مقاومة تغيير المناهج‪.‬‬
‫يبنغي للمسلمي أل يستسلموا لن أراد تغيي مناهجهم وتقليصها؛‬
‫لكـن ل يضيـع وقتهـم فـ الدفاع وينشغلوا بـه عـن البناء حتـ يغلبوا‬
‫وي سقطوا‪ ،‬بل علي هم أن يبحثوا عن البدائل واللول ال ت يقاومون ب ا‬
‫هذا التغييـ ويكفـل للناشئة اسـتمرار اتصـالم بالقرآن والسـنة صـلة‬
‫صحيحة قو ية مك مة‪ ،‬وبتلقائ ية و سهولة و هو ما يق قه مشروع تدبر‬
‫القرآن والسنة بإذن ال تعال‪.‬‬

‫لقد سجل التاريخ شهادات إجلل وإكبار لقليات مسلمة عاشت‬


‫متم سكة بدين ها وعقيدت ا ت سكا قو يا متي نا مع شدة ما تواج هه من‬
‫ضغوط رسـية واجتماعيـة إناـ فقـط الرغبـة الصـادقة فـ البناء وامتلك‬
‫السيولة العلمية الت تدعم هذا الشروع الكبي‪.‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪35‬‬

‫فالسرة السلمة إذا كانت مبنية على أسس تربوية سليمة وبدأت‬
‫بواجبها منذ نشأتا وتكوينها فلن تستطيع أي قوة ف الرض أن تفرض‬
‫على أفراد ها فكرا غ ي الف كر الذي رضع ته م نذ أيام ها الول‪ ،‬أ ما إن‬
‫تركت الوعاء فارغا وألقت بالتبعة على غيها فهنا مكمن الطر والثغرة‬
‫الت ينفذ منها العداء إل حصوننا‪ ،‬لقد ول عهد النوم والكسل وبدأت‬
‫مرحلة ال د والع مل‪ ،‬ف كل م نا على ثغرة من ثغور ال سلم فال ال أن‬
‫يؤتى السلم من قبله‪.‬‬
‫المسألة الثانية عشرة‪ :‬تدبر السنة اجتماع الكلمة وتوحيد الصف‪:‬‬
‫إن ب عض الناس ل يعرف ال سنة إل عند ما ير يد أن يادل أو يا صم‬
‫فتراه يفتش ف كتبها بثا عما يقوي حجته ويشهد لرأيه وما عدا ذلك‬
‫من أيام حياته فل صلة له بالسنة فل يفتش فيها بثا عن أسباب ناته‬
‫وإصلح نفسه وتزكية قلبه ‪ ،‬قد غاب عن ذهنه القتداء بالنب صلى ال‬
‫عليه وسلم والتأسي به ف شأنه كله‪.‬‬

‫فمثـل هذا النوع مـن الناس هـو الذي يزرع اللف والشقاق بيـ‬
‫السلمي ‪ ،‬وينشر الراء الشاذة والناهج النحرفة سواء كان ذلك بسن‬
‫نية أو عدمها النتيجة واحدة‪.‬‬

‫أما حي يوجد تدبر السنة عند أفراد المة‪ ،‬يبدأ الميع بتدبرها من‬
‫الصغر وبنية صادقة ومنهج صحيح فإننا بإذن ال تعال نأمن وجود هذه‬
‫البذور الفاسدة ف صفوفنا فتصفو الياة وتتمع الكلمة‪ ،‬وحت لو وجد‬
‫خلف على بعض السائل فإن القلوب صافية والنيات صادقة‪.‬‬
‫‪ 36‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫فهذه و سيلة سهلة مي سرة ف متناول الميع منحنا ال إيا ها فلم ل‬


‫نوظفها لتحقيق الي وجع الكلمة‪.‬‬

‫إن كل مت مع صغيا كان أو كبيا يأ خذ بزمام البادرة وي سعى ف‬


‫غرس هذه الشجرة الباركـة فـ أرضـه فإنـه يتفيـؤ ظللاـ عندمـا تنمـو‬
‫وت كب‪ ،‬أ ما من يفرط ويه مل فإ نه يتجرع الغ صص ويتك بد ال سائر‪،‬‬
‫ويعيش ف جحيم اللف والشقاق طول حياته‪.‬‬
‫الهدف الثاني‪ :‬العمل‪.‬‬
‫إن وجود هذا الدف عنـد كـل مسـلم مـن أقوى الدوافـع للعنايـة‬
‫بالسنة والقبال عليها والشتغال با‪ ،‬والرص عليها‪.‬‬

‫فمت علم السلم أن ف السنة ما يقق له النجاة والياة الطيبة‪ ،‬ما‬


‫ييبه على التساؤلت اليومية الت تر به‪ ،‬ما يعينه على التعايش مع الواقع‬
‫الذي يعيش به‪ ،‬ما يكشف له الواب الصحيح ف كل موقف يتعرض‬
‫له‪ ،‬ما يؤمن له الستقبل ف الياة الخرة فإنه يرص عليها أشد الرص‪،‬‬
‫ويقدرها حق قدرها ويوليها اهتماما بالغا وعناية خاصة‪.‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬حرص السلف على العمل بالسنة‪.‬‬
‫لقد فقه سلفنا الصال هذا الدف فقرنوا العلم بالعمل وتواصوا به‬
‫وأكدوا عليه دائما‪ ،‬فلم يكن حظهم من السنة الرواية‪ ،‬بل قرنوا الرواية‬
‫بالدارية والربط بشؤون الياة كلها‪.‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪37‬‬

‫وأورد هنـا بعـض النماذج لبيان هذا الانـب الشرق فـ حياة‬


‫الصحابة رضي ال عنهم شحذا للهمم للتأسي بم‪ ،‬والسي ف طريقهم‪:‬‬

‫‪ -1‬عن أ ب ب كر ال صديق ر ضي ال ع نه قال‪ :‬ل ست تار كا شيئا‬


‫كان رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم يعمـل بـه إل عملت بـه‪ ،‬وإنـ‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ‪.‬‬

‫‪ -2‬عن عمر رضي ال عنه‪ :‬أنه جاء إل الجر السود فقبله فقال‬
‫إ ن أعلم أ نك ح جر ل ت ضر ول تن فع ولول أ ن رأ يت ال نب صلى ال‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫عليه وسلم يقبلك ما قبلتك‪.‬‬

‫‪ -3‬وعن يعلى بن أمية قال‪ :‬طفت مع عمر بن الطاب رضي ال‬


‫عنه فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب ما يلي الِجْر أخذت بيده‬
‫ليستلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬أما طفت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم؟ قلت‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬ف هل رأيته ي ستلمه؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فانفذ عنك‪ ،‬فإن لك ف‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫رسول ال أسوة حسنة‪.‬‬

‫‪ -4‬و عن سعيد بن السـيب قال ‪ :‬رأ يت عثمان رضـي ال عنـه‬


‫قاعدا فـ القاعـد فدعـا بطعام ماـ مسـته النار فأكله ثـ قام إل الصـلة‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪1/167‬‬

‫‪ )(2‬صحيح البخاري ‪ ،2/579‬صحيح مسلم ‪ ، 2/925‬سنن أب داود ‪ ، 1/477‬مسند أحد ‪1/197‬‬

‫‪ )(3‬مسند أحد ‪265 /1‬‬


‫‪ 38‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫فصـلى ‪ ،‬ثـ قال عثمان‪ :‬قعدت مقعـد رسـول ال صـلى ال عليـه وآله‬
‫و سلم‪ ،‬وأكلت طعام ر سول ال‪ ،‬و صليت صلة ر سول ال صلى ال‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -5‬و عن علي ين أ ب طالب ر ضي ال ع نه‪ :‬أن فاط مة ر ضي ال‬


‫عنها أتت النب صلى ال عليه وسلم تسأله خادما فقال‪ :‬أل أخبك ما‬
‫هو خ ي لك م نه؟ ت سبحي ال ع ند منا مك ثل ثا وثلث ي وتمد ين ال‬
‫ثلثا وثلثي وتكبين ال أربعا وثلثي‪ ،‬قال علي رضي ال فما تركتها‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫بعد‪ ،‬قيل‪ :‬ول ليلة صفي؟ قال ول ليلة صفي‪.‬‬

‫‪ -6‬وعـن ميسـرة الطهوي قال‪ :‬رأيـت عليـا يشرب قائمـا‪ ،‬قال‪:‬‬


‫قلت له‪ :‬تشرب قائمـا؟ فقال‪ :‬إن أشرب قائمـا فقـد رأيـت رسـول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يشرب قائما‪ ،‬وإن أشرب قاعدا فقد رأيت رسول‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يشرب قاعدا‪.‬‬

‫‪ -7‬و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬بين ما ن ن ن صلي مع‬


‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إذ قال رجل من القوم‪ :‬ال أكب كبيا‪،‬‬
‫والمد ل كثيا ‪،‬وسبحان ال بكرة وأصيل‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ :‬من القائل كل مة كذا وكذا؟ قال ر جل من القوم‪ :‬أ نا يا‬
‫‪ )(1‬مسند أحد ‪1/378‬‬

‫‪ )(2‬صحيح البخاري‪ ، 2051 - 5 :‬صحيح مسلم‪2091 - 4 :‬‬

‫‪ )(3‬مسند أحد ‪2/179‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪39‬‬

‫ر سول ال‪ ،‬قال‪ :‬عج بت ل ا‪ ،‬فت حت ل ا أبواب ال سماء‪ ،‬قال ا بن ع مر‬


‫ر ضي ال عنه ما‪ :‬ف ما تركت هن م نذ سعت ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫وسلم يقول ذلك‪.‬‬

‫‪ -8‬وعن سال بن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال‬


‫صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ل تنعوا إماء ال أن يصلي ف السجد‪ ،‬فقال‬
‫ا بن له‪ :‬إ نا لنمنع هن‪ ،‬فقال‪ :‬فغ ضب غض با شديدا وقال‪ :‬أحد ثك عن‬
‫ر سول ال وتقول إ نا لنمنع هن‪ ،‬و ف روا ية‪ :‬فانتهره ع بد ال‪ ،‬قال‪ :‬أ فٍ‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫لك‪ ،‬أقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتقول‪ :‬ل أفعل‪.‬‬

‫‪ -9‬و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬أو صان خليلي بثلث ل‬


‫أدع هن ح ت أموت‪ :‬صوم ثل ثة أيام من كل ش هر‪ ،‬و صلة الض حى‪،‬‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫ونوم على وتر‪.‬‬

‫والنصوص ف هذا الباب عن الصحابة والتابع ي وأئ مة الفقه كثية‬


‫كلها تؤكد هذا العن وتيج النفوس إليه ‪ ،‬وتبز هذا الانب الهم من‬
‫حياة السلم ف تعامله مع سنة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد‪ ،14-2 :‬صحيح مسلم‪ ،420-1 :‬سنن أب داود‪ ،502-1 :‬سنن النسائي‪364-3 :‬‬

‫‪ )(2‬صحيح البخاري ‪ ، 1/305‬صحيح مسلم ‪ ، 1/326‬مسند أحد‪6/132 ، 8/290 :‬‬


‫صحيح البخاري ‪ ، 699-2 ، 395-1‬صحيح مسلم ‪ ، 499-1‬سنن أب داود ‪ ، 455-1‬سنن‬
‫‪)(3‬‬
‫النسائي ‪229-3‬‬
‫‪ 40‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المسألة الثانية‪ :‬مراتب اتباع السنة‪.‬‬


‫مراتب اتباع السنة أربع‪:‬‬

‫الول‪ :‬ساع الديث أو قراءته والتأكد من صحته‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬حفظ لفظ الديث‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬فقه الديث وحفظ معانيه‪.‬‬

‫الرابعة‪ :‬العمل والتنفيذ‪.‬‬

‫هذه مراتب اتباع السنة‪ ،‬فأول تسمع الديث أو تقرأه‪ ،‬ث تفظه‪،‬‬
‫ث تتف كر ف معانيه وتتدبره وتتأ كد من فقهك له ب سؤال أ هل العلم أو‬
‫بالسماع أو بالقراءة‪ ،‬ث تنطلق للعمل مباشرة با سعته عن الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم دون تأخي أو توان‪.‬‬

‫لقد كان تعامل الصحابة رضي ال عن هم مع السنة تعامل مباشرا‬


‫وسهل‪ ،‬يأت أحدهم النب صلى ال عليه وسلم فيسأله‪ ،‬ث يستمع إل‬
‫الجابة ويفظها ث ينطلق للعمل با‪ ،‬أما كثي من الناس اليوم فإما أن‬
‫يرموا أنفسهم ساع السنة والعلم با‪ ،‬أو يرموا أنفسهم فورية التطبيق‬
‫والتنف يذ بجج واهية وأعذار وهية‪ ،‬فتنق ضي أيام حيات م و ف كل يوم‬
‫يفوتم خي عظيم‪.‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪41‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬التربية والتدريب على العمل بالسنة‪.‬‬

‫إن العمل بالسنة وتطبيقها يتاج إل التدرج ف التطبيق شيئا فشيئا‪،‬‬


‫وينب غي أن يبدأ ذلك ف و قت مب كر م نذ سنوات الطفولة الول ب يث‬
‫يتسع الوقت للبناء‪ ،‬وتوجد مساحة كافية للتدريب والتكرار حت ترسخ‬
‫العادات التربوية اليدة‪.‬‬

‫عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬حافظوا على أبنائكم ف‬


‫( )‬
‫‪1‬‬
‫الصلة وعودوهم الي فإن الي عادة‪.‬‬

‫و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬تعودوا ال ي عادة‪ ،‬و إيا كم و‬


‫( )‬
‫‪2‬‬
‫عادة السواف من سوف إل سوف‪.‬‬

‫و عن معاو ية بن أ ب سفيان ر ضي ال ع نه قال‪ :‬عودوا أنف سكم‬


‫ال ي؛ فإ ن سعت ر سول ال صلى ال عليه و سلم يقول‪ :‬ال ي عادة ‪،‬‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫والشر لاجة‪ ،‬ومن يرد ال به خيا يفقهه ف الدين‪.‬‬

‫إن كل عمل دلنا عليه نبينا ممد صلى ال عليه وسلم حري بنا أن‬
‫نعود أنفسنا عليه‪ ،‬وكل عمل من هذه العمال له مستويات ودرجات‬
‫و يؤ خذ بالتدر يج يو ما ب عد يوم‪ ،‬ولن يشاد الد ين أ حد إل غل به‪ ،‬ول‬

‫‪ )(1‬شعب اليان‪236 - 9 :‬‬

‫‪ )(2‬العجم الكبي‪ ، 386 - 7:‬شعب اليان‪386 - 7 :‬‬

‫‪ )(3‬مسند الشاميي‪250 - 3:‬‬


‫‪ 42‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫نظن أن ما نسمع عن السلف من اجتهاد ف العمال الصالة جاء طفرة‬


‫وفجأة إنا جاء بالتدريج والتربية والتعويد سواء كان ف تربية النسان‬
‫لنف سه أو ترب ية الر ب لغيه‪ ،‬فل ي كن أن ي صِّل الش خص كل أبواب‬
‫الي وبأعلى درجة ف يوم أو ف سنة وأيضا ليس مطلوبا منه ذلك إنا‬
‫البناء يكون بالجاهدة والصـابرة وبالرياضـة‪ .‬وأن يبدأ رحلة الجاهدة‬
‫و ف ني ته إتام ها‪ ،‬ولو مات ق بل إكمال ا فإ نه يك تب له ثواب ما نوى‪،‬‬
‫وأن يكون خـط سـي الرحلة على الحاديـث‪ ،‬نبدأ باـ حديثـا حديثـا‪،‬‬
‫و كل حد يث أي ضا نأخذه بالتق سيط فمثل حد يث أ ب هريرة أو صان‬
‫خليلي بثلث‪ :‬نبدأ أول بأن نتعود أن نوتـر قبـل أن ننام‪ ،‬ثـ بصـلة‬
‫الض حى‪ ،‬ث بصيام ثل ثة أيام من كل ش هر‪ ،‬فإذا أتقناه ذهب نا للحد يث‬
‫الذي بعده‪ ،‬فت كب وتن مو ح صيلتنا التربو ية يو ما ب عد يوم فتض في على‬
‫حيات نا النور والبه جة وال سرور‪ ،‬وت سهم بش كل سريع وقوي ف علج‬
‫مشاكلنا الوجودة ووقايتنا ما ل يوجد‪.‬‬

‫الن سان مر كب ومكون من آلف العادات ال صغية ال ت تتش كل‬


‫وتتر كب مع بعض ها لتكون عادات أ كب ث تش كل الشخ صية الكل ية‬
‫للنسان‪.‬‬

‫ومن العلوم أن ف بداية تركيب وتثبيت العادة وبنائها يصل شئ‬


‫من الهتزاز والتأرجح حت تثبت وتصلب‪.‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪43‬‬

‫أما من يريد أن يأخذ العمال والدين جلة فإنه يذهب عنه جلة‪،‬‬
‫وتنقضي حياته ول يترق أو يصعد ف سلم الي‪.‬‬

‫وأذكّرـ هنـا باـ قلتـه فـ كتاب (مفاتـح تدبر القرآن) ‪ :‬أن مفتاح‬
‫الشعال والنطلق ف بناء الذات وتكوين الهارات هو القيام بالقرآن فهو‬
‫الذي يهيئ النفس لتكون أرضا صالة للزراعة وتربة خصبة تنمو فيها‬
‫خصال الي بقوة وحيوية‪.‬‬

‫إن التربـ بالضافـة إل عمله وتطـبيقه لذه الحاديـث يتعلم أمرا‬


‫مه ما بل ف غا ية اله ية إ نه يتعلم ك يف يع مل بال سنة ك يف يتعا مل‬
‫معها‪ ،‬وكيف يطبقها خطوة بطوة وبشكل مباشر‪.‬‬

‫إننا بنبغي أن نترب على الفورية والباشرة مع السنة وأل يكون بيننا‬
‫وبين ها و سطاء ننت ظر من هم أن يقدمو ها ل نا ح ت إذا و صلتنا ل نذوق‬
‫طعم ها وحلوت ا‪ ،‬ونته يب أن ناول قراءة أو ت طبيق أ مر آ خر غ ي ما‬
‫قدموه لنا‪.‬‬

‫الهدف الثالث‪ :‬الثواب‪.‬‬


‫كل نص من القرآن والسنة ورد فيه فضل العلم والث عليه فإن‬
‫ح فظ ال سنة وقرائت ها وتدبر ها يد خل ف يه دخول أول يا وهناك ن صوص‬
‫خا صة ف ال ث على ح فظ ال سنة وتبليغ ها إل الناس ‪ ،‬وهذا طرف م ا‬
‫ورد ف هذا الباب من النوعي‪:‬‬
‫‪ 44‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫ِينـأُوتُوا‬
‫ُمـ وَالّذ َ‬
‫ِينـ آ َمنُوا مِنك ْ‬
‫ّهـ الّذ َ‬
‫َعـ الل ُ‬
‫‪ -1‬قال ال تعال‪ ﴿ :‬يَرْف ِ‬
‫ت وَاللّ ُه بِمَا َتعْمَلُونَ َخبِيٌ﴾ [(‪ )11‬سورة الجادلة]‪.‬‬
‫الْعِ ْلمَ َدرَجَا ٍ‬

‫ِينـ ل‬
‫ُونـ وَالّذ َ‬
‫ِينـ يَعَْلم َ‬
‫َسـَتوِي الّذ َ‬‫‪ -2‬قال ال تعال‪ ﴿ :‬قُ ْل هَ ْل ي ْ‬
‫َيعْلَمُونَ ِإنّمَا َيتَذَكّرُ ُأوْلُوا الَْلبَابِ﴾[ (‪ )9‬سورة الزمر]‪.‬‬

‫‪ -3‬قال ال تعال‪﴿ :‬قُ ْل هَذِ هِ َسبِيلِي أَ ْدعُو إِلَى اللّ ِه عَلَى بَ صِيَةٍ َأنَاْ‬
‫شرِكِيَ﴾[ (‪ )108‬سورة يوسف]‪.‬‬ ‫َومَنِ اّتَبعَنِي َوسُبْحَانَ اللّ ِه َومَا َأنَاْ مِ َن الْمُ ْ‬

‫‪ -4‬و عن معاو ية ر ضي ال ع نه قال‪ :‬سعت ال نب صلى ال عل يه‬


‫( )‬
‫‪1‬‬
‫وسلم يقول‪ :‬من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين‪.‬‬

‫‪ -5‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال‬


‫عل يه و سلم يقول ‪ :‬الدن يا ملعو نة ملعون ما في ها إل ذ كر ال و ما واله‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫وعالا ومتعلما‪.‬‬

‫‪ -6‬وعن ابن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬سعت رسول ال صلى‬


‫ال عليه وسلم يقول‪ :‬نضر ال امرءً سع منا شيئا فبلغه كما سعه فرب‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫مبلغ أوعى من سامع‪.‬‬
‫صحيح البخاري ‪ ، 2667-6 ، 1134-3‬صحيح مسلم ‪ ، 718-2‬سنن الترمذي ‪، 28-5‬‬
‫‪)(1‬‬
‫سنن ابن ماجه ‪80-1‬‬

‫‪ )(2‬سنن الترمذي ‪ ، 561-4‬سنن ابن ماجه ‪ ، 1377-2‬مسند البزار ‪144-5‬‬

‫‪ )(3‬سنن أب داود ‪ ، 346-2‬سنن الترمذي ‪ 23-5‬سنن ابن ماجه ‪84-1‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪45‬‬

‫‪ -7‬وعن صفوان بن عسال الرادي رضي ال عنه قال‪ :‬أتيت النب‬


‫صلى ال عليه وسلم وهو متكئ على برد له أحر فقلت له‪ :‬يارسول ال‬
‫إن جئت أطلب العلم ‪ ،‬فقال‪ :‬مرحبا بطالب العلم إن طالب العلم تفه‬
‫اللئكة بأجنحتها ث يركب بعضهم بعضا حت يبلغوا السماء الدنيا من‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫مبتهم لا يطلب‪.‬‬

‫‪ -8‬و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال‬


‫عليه وسلم‪ :‬إن ما يلحق الؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه‬
‫ونشره وولدا صالا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لبن‬
‫ال سبيل بناه أو نرا أجراه أو صدقه أخرج ها من ماله ف صحته وحيا ته‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫تلحقه بعد موته‪.‬‬

‫‪ -9‬وعن أب أمامة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم‬


‫قال‪ :‬مـن غدا إل السـجد ل يريـد إل أن يتعلم خيا أو يعلمـه كان له‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫كأجر حاج تاما حجته‪.‬‬

‫‪ -10‬وعن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال‬


‫( )‬
‫‪4‬‬
‫صلى ال عليه وسلم بلغوا عن ولو آية‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ، 239-4‬ومعجم الطبان الكبي ‪54-8‬‬

‫‪ )(2‬سنن ابن ماجه ‪ ، 88-1‬وسنن البيهقي ‪ ، 247-3‬وصحيح ابن خزية ‪121-4‬‬

‫‪ )(3‬العجم الكبي للطبان ‪ ،154 ،94-8‬الستدرك ‪ ، 169-1‬صحيح الترغيب والترهيب ‪38-1‬‬

‫‪ )(4‬مسند أحد ‪ ، 159-2‬صحيح البخاري ‪ ، 1275-3‬سنن الترمذي ‪40-5‬‬


‫‪ 46‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫‪ -11‬و عن علي بن أ ب طالب ر ضي ال ع نه قال‪ :‬القلوب أوع ية‬


‫فخي ها أوعا ها ‪ ،‬الناس ثل ثة فعال ربا ن ومتعلم على سبيل ناة وه ج‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫رعاع ل خي فيهم‪.‬‬

‫‪ -12‬وعـن أبـ قتادة رضـي ال عنـه قال‪ :‬باب مـن العلم يفظـه‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫الرجل لصلح نفسه وصلح من بعده أفضل من عبادة حول‪.‬‬

‫‪ -13‬و عن أ ب هريرة وأ ب ذر ر ضي ال عنه ما قال ‪ :‬باب من‬


‫العلم نتعل مه أ حب إلي نا من ألف رك عة تطوع وباب من العلم تعل مه‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫عمل به أو ل يعمل به أحب إلينا من ألف ركعة تطوع‪.‬‬

‫‪ -14‬و عن معاذ بن جبل ل ا حضرته الوفاة قال‪ :‬الل هم إنك تعلم‬


‫أن ل أكن أحب البقاء ف الدنيا لري النار ول لغرس الشجار ولكن‬
‫كنت أحب البقاء لكابدة الليل الطويل ولظمأ الواجر ف الر الشديد‬
‫( )‬
‫‪4‬‬
‫ولزاحة العلماء بالركب ف حلق الذكر‪.‬‬

‫‪ )(1‬الفقيه والتفقه ‪1/182:‬‬

‫‪ )(2‬جامع بيان العلم وفضله ‪26-1‬‬

‫‪ )(3‬تذكرة السامع والتكلم ‪10‬‬

‫‪ )(4‬جامع بيان العلم وفضله ‪61-1‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪47‬‬

‫‪ -15‬وقال الشافعـي‪ :‬ليـس شـئ بعـد الفرائض أفضـل مـن طلب‬


‫( )‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫العلم‪.‬‬

‫‪ -16‬وقال سفيان الثوري‪ :‬ما من عمل أفضل من طلب العلم إذا‬


‫( )‬
‫‪2‬‬
‫صحت النية‪.‬‬

‫‪ -17‬وقال الشاف عي‪ :‬طلب العلم أف ضل من صلة النافلة‪ ،‬وقال‪:‬‬


‫من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الخرة فعل يه بالعلم‪ ،‬وقال‪ :‬من ل‬
‫يب العلم فل خي فيه فل يكن بينك وبينه معرفة ول صداقة‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬
‫ل يكن الفقهاء العاملون أولياء ال فليس ل ول‪ ،‬وقال‪ :‬من تعلم القرآن‬
‫عظ مت قيم ته‪ ،‬و من ن ظر ف الف قه ن بل قدره‪ ،‬و من ن ظر ف الل غة رق‬
‫طب عه‪ ،‬و من ن ظر ف ال ساب جزل رأ يه‪ ،‬و من ك تب الد يث قو يت‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫حجته ومن ل يصن نفسه ل ينفعه علمه‪.‬‬

‫والنصوص ف هذا الباب كثية كلها تث وترغب ف التوجه لطلب‬


‫العلم النافع ونشره وتبليغه للناس‪.‬‬

‫‪ )(1‬مفتاح دار السعادة ‪119-1‬‬

‫‪ )(2‬مفتاح دار السعادة ‪119-1‬‬

‫‪ )(3‬الجموع شرح الهذب ‪43-1‬‬


‫‪ 48‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫الهدف الرابع‪ :‬المناجاة‪.‬‬


‫تضمنت السنة عددا من الدعية والذكار الت يناجي با العبد ربه‪،‬‬
‫وهي ألفاظ عظيمة حلت معان جليلة من حفظها وذكر ال با أو دعا‬
‫با عظمت منلته وارتفعت مكانته وقضيت حاجته وصار من أولياء ال‬
‫ح َزنُوا َوَأبْشِرُوا‬
‫ِمـ الْمَلِئكَةُ أَل تَخَافُوا وَلتَ ْ‬ ‫التقيـ الذيـن ﴿ َتتَنَزّ ُل عََلْيه ُ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا وَفِي الخِ َرةِ‬
‫جّنةِ الّتِي كُنتُ ْم تُوعَدُونَ* نَحْنُ َأوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْ َ‬ ‫بِالْ َ‬
‫شَتهِي أَنفُسُكُ ْم وََلكُمْ فِيهَا مَا تَ ّدعُونَ﴾[(‪ )30،31‬سورة فصلت]‪.‬‬ ‫وََلكُمْ فِيهَا مَا تَ ْ‬

‫ومن الناجاة بالسنة أن تتذكر وأنت تكتب السنة أو تفظها أن ال‬


‫يراك ويسمعك ويبارك عملك ويب ذلك منك‪ ،‬وأنه يدحك ويعطيك‬
‫فاجتهد ف قراءة السنة‪ ،‬وكن سخيا ف بذل الوقت والهد ف حفظها‬
‫والعمل با ونشرها بي الناس ما استطعت إل ذلك سبيل فإنك بأعلى‬
‫الراتب وأفضل النازل‪.‬‬

‫الهدف الخامس‪ :‬الشفاء‪.‬‬


‫إن العيش مع السنة يول حياتك إل روضة من رياض النة تس‬
‫خللا بالرضى والطمأنينة والسكينة‪ ،‬وتس بوضوح الرؤية لمور الياة‬
‫فتن جو من جح يم التردد والتذبذب وال شك وت سلم من النراف عن‬
‫الصراط الستقيم‪.‬‬

‫والشفاء بال سنة نوعان‪ :‬شفاء عل مي معنوي نف سي‪ ،‬وشفاء ح سي‬


‫بدن‪ ،‬وتصيل هذين الشفاءين يكون بأمرين‪:‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪49‬‬

‫الول‪ :‬بتدبر السنة على أسس صحيحة‪.‬‬

‫الثان‪ :‬الدعاء بالسنة أوالرقية با‪.‬‬

‫أما الول‪ :‬فهو موضوع الكتاب‪ ،‬ومن أهم الفاتيح العملية الحققة‬
‫للشفاء بالسنة الفتاح السادس وهو الفظ التربوي للسنة ‪ ،‬وبدونه فإن‬
‫الشفاء بالسنة يكون مدودا وأثره ضعيف‪.‬‬

‫وأما الثان وهو الدعاء بالسنة والرقية با فقد جاء بيانه ف عدد من‬
‫الحاديث وهي معروفة معلومة منها‪:‬‬

‫‪ -1‬عن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم كان‬


‫يعوذ بعض أهله يسح بيده اليمن ويقول‪ :‬اللهم رب الناس أذهب الباس‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫اشفه وأنت الشاف ل شفاء إل شفاؤك شفاء ل يغادر سقما‪.‬‬

‫‪ -2‬عن عثمان بن أ ب العاص أ نه ش كا إل ر سول ال صلى ال‬


‫عليه وسلم وجعا يده ف جسده منذ أ سلم‪ ،‬فقال له رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ضع يدك على الذي تأل من جسدك وقل باسم ال ثلثا‬
‫وقل سبع مرات أعوذ بال وقدرته من شر ما أجد وأحاذر‪) (.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان النب صلى ال عليه‬
‫و سلم يعوذ ال سن وال سي ويقول‪ :‬إن أباك ما كان يعوذ ب ا إ ساعيل‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪2168 -5‬‬


‫‪ )(2‬صحيح مسلم ‪. 4/1728‬‬
‫‪ 50‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫وإسحاق أعوذ بكلمات ال التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عي‬


‫( )‬
‫‪1‬‬
‫لمة‪.‬‬

‫وغيها من الرقى النبوية الت يوقن السلم بأثرها العظيم ف تقيق‬


‫الشفاء ود فع البلء‪ ،‬ك ما يؤ من بقضاء ال وتدبيه وبكم ته وعل مه إن‬
‫تأخر الشفاء وأن ما قضاه ال وقدره لعبده هو خي له على كل حال‪.‬‬

‫والمثلة والنماذج على حصول الشفاء بالسنة ‪ -‬على مر العصور‪-‬‬


‫ل ح صر ل ا وإن ا أذ كر ه نا أرب عة ناذج ف الشفاء العل مي من أ جل‬
‫التوضيح وتأكيد هذا العن وتقريبه للنفوس‪:‬‬

‫الثال الول‪:‬‬
‫عن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال‪ :‬دخل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ذات يوم السجد فإذا هو برجل من النصار يقال له‪ :‬أبو‬
‫أما مة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أ با أما مة ما ل أراك جال سا ف ال سجد ف غ ي و قت‬
‫الصلة؟ قال هوم لزمت ن وديون يار سول ال‪ ،‬قال‪ :‬أفل أعل مك كل ما‬
‫إذا أنت قلته أذهب ال هك وقضى عنك دينك؟ قال بلى يارسول ال‪،‬‬
‫قال‪ :‬قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إن أعوذ بك من الم والزن‬
‫وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الب والبخل وأعوذ بك‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪1233-3‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪51‬‬

‫من غلبة الدين وقهر الرجال‪ ،‬قال‪ :‬ففعلت ذلك فأذهب ال هي وقضى‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫عن دين‪.‬‬

‫الثال الثان‪:‬‬
‫عن أب سلمة رضي ال عنه قال‪ :‬لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضن‬
‫ح ت سعت أ با قتادة يقول وأ نا ك نت أرى الرؤ يا ترض ن ح ت سعت‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬الرؤيا السنة من ال فإذا رأى أحدكم‬
‫ما يب فل يدث به إل من يب‪ ،‬وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بال من‬
‫شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلثا ول يدث با أحدا فإنا لن تضره‪.‬‬
‫( )‬
‫‪2‬‬

‫الثال الثالث‪:‬‬
‫قال عبد ال بن وهب صاحب مالك‪ :‬وكان أول أمري ف العبادة‬
‫قبل طلب العلم فولع من الشيطان ف ذكر عيسى بن مري كيف خلقه‬
‫ال عزو جل ون و هذا‪ ،‬فشكوت إل ش يخ فقال ل‪ :‬ا بن و هب؟ قلت‪:‬‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬اطلب العلم فكان سبب طلب العلم‬

‫الثال الرابع‪:‬‬

‫‪ )(1‬سنن أب داود ‪484-1‬‬

‫‪ )(2‬صحيح البخاري ‪ ، 2582-6‬صحيح مسلم ‪1771-4‬‬

‫‪ )(3‬جامع بيان العلم وفضله ‪83-1‬‬


‫‪ 52‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫وكانت بعض الصالات يضيق صدرها وتزن كلما جاءها اليض‬


‫أسفا على فوات العمال الصالة الت كانت تواظب عليها وخاصة ف‬
‫رمضان فلما سعت بقول النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬إذا مرض العبد أو‬
‫( )‬
‫سافر ك تب له ما كان يع مل صحيحا مقي ما عل مت أ نه يك تب ل ا‬
‫‪1‬‬

‫ثواب نيتها الصادقة حال العذر ففرحت بذلك وزال عنها ضيق الصدر‬
‫والم‪ ،‬وسكنت نفسها واطمأن قلبها إل رحة ال تعال وسعة فضله‪.‬‬

‫الهدف السادس‪ :‬العلم والدعوة‪.‬‬


‫هذا الدف من أهم القاصد الت ينبغي للمسلم أن يمل هها وأن‬
‫يرص على تقيق ها في من حوله‪ ،‬فيح صل التوا صي ب ي الم يع باتباع‬
‫السنة والعمل با لتصلح النفوس وتي القلوب فتصلح الحوال وتصفو‬
‫الياة‪.‬‬

‫ل قد حرص ال نب صلى ال عل يه و سلم على غرس هذا الع ن ف‬


‫النفوس وأكد عليه ف كل مناسبة‪ ،‬فمن ذلك قوله صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ :‬نضر ال امْ َرأً سع منا حديثا فحفظه حت يبلغه فرب حامل فقه إل من‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫هو أفقه منه‪ ،‬ورب حامل فقه ليس بفقيه‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪1092-3‬‬

‫‪ )(2‬سنن أب داود ‪ ، 346-2‬سنن الترمذي ‪ ، 33-5‬سنن ابن ماجه ‪84-1‬‬


‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــ ‪53‬‬

‫ومـن ذلك قوله صـلى ال عليـه وسـلم ‪ :‬ليبلغ الشاهـد الغائب فإن‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه‪.‬‬

‫وأيضـا فإن كـل نـص مـن القرآن والسـنة جاء فيـه ذكـر الدعوة‬
‫والتبل يغ والو عظ والبيان فإ نه يش مل أقوال ال نب صلى ال عل يه و سلم‬
‫وأحواله ف جيع أمور الياة‪.‬‬

‫و من المور اله مة ال ت ينب غي الت نبيه علي ها ف هذا القام أن يكون‬


‫تبليـغ السـنة مسـندا إل النـب صـلى ال عليـه وسـلم معزوا إليـه قدر‬
‫ال ستطاعة لن هذا أبلغ ف التأث ي وأقوى ف ال جة‪ ،‬فهناك فرق كبي‬
‫بيـ أن تقول‪ :‬ل تشرب بشمالك‪ ،‬أو أن تقول له‪ :‬هـل سـعت بقول‬
‫النب صلى ال عليه و سلم ‪ ، .....‬فقط خبا ل أمرا ول زجرا‪ ،‬فالناس‬
‫بأمس الاجة لن يسمعوا كلم ال‪ ،‬وأن يسمعوا كلم رسول ال صلى‬
‫ال عليـه وسـلم وليـس كلم فلن أو علن‪ ،‬فأنـت بذه الطريقـة تعله‬
‫ي سلم ويذ عن احترا ما لل نب صلى ال عل يه و سلم ل نك بذه الطري قة‬
‫أر سلت له ر سالة خف ية مفاد ها أن الذي ير يد ذلك م نك هوال تعال‬
‫ور سوله صلى ال عل يه و سلم ول يس أ نت فيف هم ق صدك ومرادك وأن ا‬
‫ليست مسألة شخصية او انتقاص له‪.‬‬

‫فكلما وجد ف المة حفظ السنة ووجد إذاعتها ونشرها بي الناس‬


‫ف كل موقف يتاج إليها فيه فإن هذا من أقوى السباب ف الصلح‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ‪ ، 51 ، 37-1‬صحيح مسلم ‪1305-3 ، 287-2‬‬


‫‪ 54‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫والتغي ي‪ ،‬فمـا وجدت النقائص وك ثر التفر يط والتقصـي إل لاـ غابـت‬


‫السـنة عـن واقـع الياة وإل لو ملئت مالسـنا وملتقياتنـا ومسـاجدنا‬
‫ومدارسنا بنصوص القرآن والسنة وبآلية تامة لكان لواقعنا شأن آخر غي‬
‫الذي نعيشه اليوم‪.‬‬
‫المفتاح الثالث‪ :‬التركيز حين القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪55‬‬

‫المفتاح الثالث‪ :‬التركيز‪.‬‬


‫كان الفتاح الثالث بالنسـبة لقراءة القرآن هـو قراءتـه فـ صـلة ‪،‬‬
‫والقرآن هـو الكلم الوحيـد الذي يشرع له هذا الكـم ومـا عداه مـن‬
‫الكلم فلم تشرع قراء ته ف صلة‪ ،‬إل أ نه ي كن ال ستفادة من تقنيات‬
‫التركيز الت تققها القراءة ف صلة‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬تركيز القلب‪:‬‬
‫أي تركيز التفكي على الدف الذي تريد وهو فهم نصوص السنة‬
‫وا ستحضارها بع مق‪ ،‬بع ن أن تكون واع يا ل ا تقرأ؟ فتتذ كر أ نك تقرأ‬
‫كلما مقدسا مترما ملزما بفقهه والعمل با فيه فتكون ف كامل وعيك‬
‫حي القراءة‪.‬‬

‫‪ -2‬تركيز العي‪:‬‬
‫أي تثبيت الن ظر إل الكتاب الذي تقرأ فيه‪ ،‬وإن كنت تقرأ حف ظا‬
‫فتركيـز العيـ على نقطـة معينـة أو تغميـض العينيـ ليكون أقوى فـ‬
‫التركيز‪.‬‬

‫‪ -3‬تركيز اللسان‪:‬‬
‫بعنـ أن تنـع نفسـك عـن الكلم بغيـ السـنة أثناء القراءة إل أن‬
‫ينت هي الو قت الخ صص ل ا فل ت سمح ل حد أن يقاط عك ول ت يب‬
‫سائل ول تتدخل فيما حولك‪.‬‬
‫‪ 56‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫‪ -4‬تركيز الوجه‪:‬‬
‫أي تثبيته إل جهة مددة وف هذا إعانة على التركيز على ما يقرأ‪.‬‬

‫‪ -5‬تركيز اليدين‪:‬‬
‫أي كفه ما عن الر كة فل ت سمح لنف سك أن تتحرك بأي حر كة‬
‫خارج ما أنت فيه من قراءة السنة فل تيب جوال ول تف تح درجا أو‬
‫بابا إل ما دعت الاجة إليه‪.‬‬

‫‪ -6‬الوقوف‪:‬‬
‫من العلوم العل قة ب ي القوة البدن ية والقوة الذهن ية للن سان يدل‬
‫على ذلك ماجاء عن أب ذر رضي ال عنه أنه كان يسقى على حوض‬
‫له فجاء قوم فقال‪ :‬أي كم يورد على أ ب ذر ويت سب شعرات من رأ سه‬
‫فقال رجل أنا فجاء الرجل فأورد عليه الوض فدقه وكان أبو ذر قائما‬
‫فجلس ث اضطجع فقيل له يا أبا ذر ل جلست ث اضطجعت؟ فقال‪ :‬إن‬
‫ر سول ال صلى ال عليه و سلم قال ل نا‪ :‬إذا غ ضب أحد كم و هو قائم‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫فليجلس فان ذهب عنه الغضب وإل فليضطجع‪.‬‬

‫فالقصـود إضعاف القوة الذهنيـة حتـ يزول الؤثـر ومـن مفهوم‬


‫القابلة لذا الديـث فإن اللوس أعون على الفهـم مـن الضطجاع ‪،‬‬
‫والوقوف أعون من اللوس‪.‬‬

‫‪ )(1‬مسند أحد ‪ ،152-5‬سنن أب داود ‪664-2‬‬


‫المفتاح الثالث‪ :‬التركيز حين القراءة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪57‬‬

‫فهذه ستة أمور تف يد ف تق يق م ستوى أعلى من الترك يز وبالتال‬


‫الف قه والف هم فتطبيق ها مع بق ية الفات يح الخرى ي ساعد جدا على تدبر‬
‫السنة والغوص ف معانيها والوقوف على أسرارها وخفاياها‪.‬‬
‫‪ 58‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المفتاح الرابع‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‪.‬‬


‫لن الصل ف الليل أن يكون وقت الدوء والصفاء‪ ،‬وخاصة حي‬
‫يطول‪ ،‬وعبارات ال سلف تؤ كد على أن الل يل هو أول الوقات ل ا يراد‬
‫حفظه أو فقهه من العلم‪.‬‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫‪ -1‬قال الشافعي رحه ال‪ :‬الظلمة أضوء للقلب‪.‬‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫‪ -2‬وسئل رجل أبا حنيفة عما يورث الفظ فقال ‪ :‬البزر البزر‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال الط يب البغدادي‪ :‬واعلم أن للح فظ ساعات ينب غي ل ن‬


‫أراد التح فظ أن يراعي ها ‪ ..‬فأجود الوقات‪ :‬ال سحار‪ ،‬ث بعد ها و قت‬
‫انت صاف النهار‪ ،‬وبعد ها الغدوات دون العشيات‪ ،‬وح فظ الل يل أ صلح‬
‫مـن حفـظ النهار‪ ،‬قيـل لبعضهـم‪ :‬بـ أدركـت العلم؟ قال‪ :‬بالصـباح‬
‫واللوس إل الصـباح‪ ،‬وقال آخـر‪ :‬بالسـفر والسـهر والبكور فـ‬
‫( )‬
‫‪3‬‬
‫السحر‪.‬‬

‫‪ )(1‬الث على طلب العلم للعسكري ‪73‬‬


‫الث على طلب العلم للعسكري ‪ 73‬والبزر ‪ :‬هو دهن يستخرج من البذور ‪ ،‬والراد أن يكون‬
‫‪)(2‬‬
‫الفظ ف الليل حي يتاج للسراج‬

‫‪ )(3‬الفقيه والتفقه ‪2/207 :‬‬


‫المفتاح الرابع‪ :‬أن تكون القراءة في ليل ــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪59‬‬

‫‪ -4‬وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬جزأت الليل ثلثة أجزاء‪:‬‬


‫ثلثا أصلي‪ ،‬وثلثا أنام‪ ،‬وثلثا أذكر فيه حديث رسول ال صلى ال عليه‬
‫(‪)1‬‬
‫وسلم‪ ،‬وروي مثله عن عمرو بن دينار وسفيان الثوري‪.‬‬
‫‪ -5‬وقال النذر لب نه النعمان‪ :‬ياب ن ‪ ،‬أ حب لك الن ظر ف الدب‬
‫بالليل فإن القلب بالنهار طائر ‪ ،‬وبالليل ساكن ‪ ،‬فكلما أوعيت فيه شيئا‬
‫(‪)2‬‬
‫عقله‪.‬‬
‫‪ -6‬وقال أحد بن الفرات‪ :‬ل نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء‬
‫ف الفظ فأجعوا أنه ليس شئ أبلغ فيه إل كثرة النظر ‪ ،‬وحفظ الليل‬
‫غالب على حفظ النهار‪ ,‬وقال‪ :‬سعت إساعيل بن أب اويس يقول‪ :‬إذا‬
‫همت أن تفظ شيئا فنم وقم عند السحر فأسرج‪ ،‬وانظر فيه فإنك ل‬
‫(‪)3‬‬
‫تنساه بعد إن شاء ال‪.‬‬

‫ولن آخر الليل يفترض فيه أن السم يكون ف حالة النشاط وذروة‬
‫القوة وهذا يساعد جدا على الصفاء والتركيز ومن ث سرعة الفظ‬
‫والفهم‪ ،‬أما إذا حولنا أول الليل إل لو ولعب وآخره إل إعياء وتعب‬
‫فمت سنرب أنفسنا ونطور قدراتنا الذهنية ونزيد حصيلتنا العلمية الت‬
‫يتوقف عليها ناحنا ف الدنيا والخرة‪.‬‬

‫‪ )(1‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪264-2‬‬

‫‪ )(2‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪265-2‬‬

‫‪ )(3‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪265-2‬‬


‫‪ 60‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي‪.‬‬


‫وهـو الطريقـة التـ يكـن باـ حفـظ السـنة لفظـا ومعنـ بسـهولة‬
‫وانسيابية دون تسويف أو استعجال بل أدومه وإن قل‪ ،‬بعن أن يكون‬
‫لك حزب يومي تافظ عليه بيث تتم ما تفظه كل أسبوع‪ ،‬بعن أن‬
‫تقسم ما يتم حفظه من السنة إل سبعة أقسام ف كل ليلة قسم فتختمه‬
‫كـل أسـبوع‪ ،‬وكلمـا زاد الفـظ أعدت التقسـيم ليتناسـب مـع القدار‬
‫الديد‪.‬‬

‫ك ما ي كن أن يكون التحز يب على أ سبوعي أو ش هر‪ ،‬ل كن اعلم‬


‫أ نه كل ما طالت مدة الدورة كل ما ض عف أثره التربوي واخ تل ال فظ‬
‫وأنت الكم‪.‬‬

‫والبداية تكون بسبعة أحاديث بيث يكون لكل يوم حديث ابتداء‬
‫من يوم المعة‪ ،‬ث تكون الزيادة بالطريقة نفسها الت وصفتها ف الفظ‬
‫التربوي للقرآن‪.‬‬

‫هذا الفتاح وظيف ته ت ثبيت ح فظ اللفاظ والعا ن‪ ،‬و هو يقوم على‬


‫أسس منها‪:‬‬

‫‪ -1‬الناة وعدم الستعجال ويتمثل ذلك بتقليل القدار‪.‬‬

‫‪ -2‬مراعاة الفروق الفردية فكل شخص له طاقته وقدرته‪.‬‬


‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪61‬‬

‫‪ -3‬الحافظة على الهد والوقت‪.‬‬

‫‪ -4‬الزم والبادرة‪.‬‬

‫‪ -5‬ضبط الحفوظ مقدم على حفظ الديد عند التعارض‪.‬‬

‫‪ -6‬الستمرار وعدم التوقف‪.‬‬

‫‪ -7‬التركيزعلى القليل حت التقان‪.‬‬

‫وهذه العان أكد عليها علماء الديث قديا وطبقوها على أنفسهم‬
‫وطلبم وأقوالم ف هذا مشهورة من ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬عن علي بن أب طالب رضي ال عنه قال‪ :‬تزاوروا وتدارسوا‬


‫( )‬
‫‪1‬‬
‫الديث ول تتركوه يدرس‪.‬‬

‫‪ -2‬وعن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬كنا نكون عند النب‬
‫صلى ال عل يه فن سمع م نه الد يث فإذا قم نا تذاكرناه في ما بين نا ح ت‬
‫(‪)2‬‬
‫نفظه‪.‬‬
‫‪ -3‬و عن عطاء قال‪ :‬ك نا نكون ع ند جابر بن ع بد ال فيحدث نا‬
‫(‪)3‬‬
‫فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه‪.‬‬

‫‪ )(1‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪236-1‬‬

‫‪ )(2‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪236-1‬‬

‫‪ )(3‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪237-1‬‬


‫‪ 62‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -4‬وعن ابن عباس قال‪ :‬إذا سعتم من حديثا فتذاكروه بينكم‪.‬‬
‫‪ -5‬وعن سعيد بن جبي أن ابن عباس ر ضي ال ع نه كان يقول‬
‫له‪ :‬يا سعيد اخرج بنا إل النخل ويقول‪ :‬ياسعيد حدّث‪ ،‬قلت‪ :‬أحدث‬
‫(‪)2‬‬
‫ت فتحتُ عليك‪.‬‬
‫وأنت شاهد؟ قال إن أخطأ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -6‬عن علقمة قال‪ :‬أطيلوا ذكر الديث ل يدرس‪.‬‬
‫‪ -7‬عـن سـفيان الثوري قال‪ :‬اجعلوا الديـث حديـث أنفسـكم‬
‫(‪)4‬‬
‫وفكر قلوبكم تفظوه‪.‬‬
‫‪ -8‬وعن ابن خلد قال‪ :‬قيل‪ :‬الحتفاظ با ف صدر الرجل أول‬
‫من درس دفتره‪ ،‬وحرف تف ظه بقل بك ان فع لك من ألف حد يث ف‬
‫(‪)5‬‬
‫دفاترك‪.‬‬
‫‪ -9‬وقيـل للصـمعي‪ :‬كيـف حفظـت ونسـي أصـحابك؟ قال‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫درست وتركوا‪.‬‬
‫‪ - 10‬وعـن أبـ حازم قال‪ :‬كان الناس فيمـا مضـى مـن الزمان‬
‫الول إذا لقي الرجل من هو أعلم منه قال‪ :‬اليوم يوم غنمي فيتعلم منه‪،‬‬

‫‪ )(1‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪237-1‬‬

‫‪ )(2‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪269-2‬‬

‫‪ )(3‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪238-1‬‬

‫‪ )(4‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪266-2‬‬

‫‪ )(5‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪267-2‬‬

‫‪ )(6‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪267-2‬‬


‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪63‬‬

‫وإذا لقي من هو مثله قال‪ :‬اليوم يوم مذاكرت فيذاكره‪ ،‬وإذا لقي من هو‬
‫دونه علّمه ول َيزْه عليه‪ ،‬قال‪ :‬حت صار هذا الزمان فصار الرجل يعيب‬
‫من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حت ل يرى الناس أن له إليه حاجة‪ ،‬وإذا‬
‫(‪)1‬‬
‫لقي من هو مثله ل يذاكره فهلك الناس عند ذلك‪.‬‬
‫‪ -11‬وقال جعفــر الصــادق‪ :‬القلوب ترب والعلم غراســها‬
‫(‪)2‬‬
‫والذاكرة ماؤها فإذا انقطع عن الترب ماؤها جف غرسها‪.‬‬
‫‪ -12‬وقال ع بد الرح ن بن مهدي‪ :‬إن ا م ثل صاحب الد يث‬
‫(‪)3‬‬
‫بنلة السمسار إذا غاب عن السوق خسة أيام تغي بصره‪.‬‬
‫‪ -13‬وقال أبـو هلل العسـكري‪ :‬وإذا كان مـا جعتـه مـن العلم‬
‫قليل وكان حفظـا كثرت النفعـة بـه‪ ،‬وإذا كان كثيا غيـ مفوظ قلت‬
‫(‪)4‬‬
‫منفعته‪.‬‬
‫‪ -14‬وقال الل يل بن أح د‪ :‬تع هد ما ف صدرك أول بك من‬
‫(‪)5‬‬
‫تفظ ما ف كتبك‪.‬‬
‫‪ -15‬وقال الطيـب البغدادي‪ :‬ول يأخـذ الطالب نفسـه باـ ل‬
‫( )‬
‫‪6‬‬
‫يطيقه بل يقتصر على اليسي الذي يضبطه ويكم حفظه ويتقنه‪.‬‬
‫‪ )(1‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪276-2‬‬

‫‪ )(2‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪278-2‬‬

‫‪ )(3‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪278-2‬‬

‫‪ )(4‬الث على طلب العلم ‪74‬‬

‫‪ )(5‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪ ،14-2‬الث على حفظ العلم للعسكري ‪7‬‬

‫‪ )(6‬من رقم ‪ 15‬إل رقم ‪ 21‬ف الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪231-1‬‬
‫‪ 64‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫‪ -16‬وقال ابن علية‪ :‬وكنت أسع من أيوب خسة‪ ،‬ولو حدثن‬


‫بأكثر من ذلك ما أردت‪.‬‬

‫‪ -17‬وقال عبـد الرحنـبـن مهدي‪ :‬قال سـفيان‪ :‬كنـت آتـ‬


‫الع مش ومنصورا فأ سع أرب عة أحاد يث‪ ،‬خ سة ث أن صرف كراهة أن‬
‫تكثر وتفلت‪.‬‬

‫‪ -18‬وقال شعبة‪ :‬كنت آت قتادة فأسأله عن حديثي فيحدثن ث‬


‫يقول أزيدك؟ فأقول ل حت أحفظهما وأتقنهما‪.‬‬

‫‪ -19‬وقال الزهري‪ :‬من طلب العلم جلة فاته جلة‪ ،‬وإنا يدرك‬
‫العلم حديث وحديثان‪.‬‬

‫‪ -20‬وقال معمر‪ :‬من طلب الديث جلة ذهب عنه جلة وإنا‬
‫كنا نطلب حديثا وحديثي‪.‬‬

‫‪ -21‬وقال الزهري‪ :‬إن هذا العلم إن أخذته بالكابرة له غلبك‬


‫ولكن خذه مع اليام والليال أخذا رفيقا تظفر به‪.‬‬

‫‪ -22‬وقال الطيـب البغدادي‪ :‬ينبغـي له أن يتثبـت فـ ال خذ ول‬


‫يكثر بل يأخذ قليل حسب ما يتمله حفظه ويقرب من فهمه فإن ال‬
‫ْآنـ ُجمَْل ًة وَاحِ َدةً‬
‫ْهـ اْلقُر ُ‬
‫ِينـ َكفَرُوا َلوْلَا نُزّ َل عََلي ِ‬
‫تعال يقول‪﴿ :‬وَقَا َل الّذ َ‬
‫كَذَلِ كَ ِلُنَثبّ تَ بِ هِ ُفؤَادَ َك وَ َرتّ ْلنَا ُه تَ ْرتِيلًا﴾ [(‪ )32‬سـورة الفرقان ] ف قد روي أن‬
‫حاد بن أب سليمان قال لتلميذ له‪ :‬تعلم كل يوم ثلث مسائل ول تزد‬
‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪65‬‬

‫علي ها شيئا‪ ،‬واعلم أن القلب جار حة من الوارح تت مل أشياء وتع جز‬


‫عـن أشياء كالسـم الذي يتمـل بعـض الناس أن يمـل مائتـ رطـل‪،‬‬
‫ومنهم من يعجز عن عشرين رطل‪ ،‬وكذلك منهم من يشي فرسخا ف‬
‫يوم ل يعجزه‪ ،‬ومنهـم مـن يشـي بعـض ميـل فيضـر ذلك بـه فكذلك‬
‫القلب؛ من الناس من يفظ عشر ورقات ف ساعة‪ ،‬ومنهم من ل يفظ‬
‫نصف صفحة ف أيام فإذا ذهب الذي مقدار حفظه نصف صفحة يروم‬
‫أن يفظ عشر ورقات تشبها بغيه لقه اللل وأدركه الضجر ونسي ما‬
‫حفظ ول ينتفع باسع‪ ،‬فليقتصر كل امرئ من نفسه على مقدار َيبْقى‬
‫فيه ما ل يستفرغ كل نشاطه فإن ذلك أعون له على التعليم من الذهن‬
‫اليد والعلم الاذق‪ ،‬ول ينبغي له أن يزج نفسه فيما يستفرغ مهوده‪،‬‬
‫ضعْف ما يتمل أضر به ف العاقبة لنه‬ ‫وليعلم أنه إن فعل ذلك ف يوم ِ‬
‫إذا تعلم الكثيـ فإنـه إذا عاد مـن غـد وتعلم نسـي مـا كان تعلمـه أولً‬
‫وثقلت عل يه إعاد ته‪ ،‬وكان بنلة ر جل ح ل ف يو مه ما ل يطي قه فأ ثر‬
‫ذلك ف جسمه وكذلك إذا فعل ف اليوم الثالث ويصيبه الرض وهو ل‬
‫يشعر‪ ،‬ويدل على ماذكرته أن الرجل يأكل الطعام ما يرى أنه يتمله ف‬
‫ضعْفا ف معدته فإذا أكل‬
‫يومه ما يزيد فيه على قدر عادته فيعقبه ذلك َ‬
‫ف اليوم الثا ن قدر ما كان يأكله أعق به لبا قي الطعام التقدم ف معد ته‬
‫تمـة‪ ،‬فينبغـي للمتعلم أن يشفـق على نفسـه مـن تميلهـا فوق طاقتهـا‬
‫ويقتصر من التعليم على ما يبقى عليه حفظه ويثبت ف قلبه‪.‬‬
‫‪ 66‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫و قد قال ال نب صلى ال عل يه و سلم لع بد ال بن عمرو ر ضي ال‬


‫عنهما‪ :‬أل أخب أنك تقوم من الليل وتصوم النهار؟ إنك إن فعلت ذلك‬
‫هجمت عينك ونقهت نفسك‪ :‬لعينك عليك حق ولنفسك عليك حق‬
‫فصم وأفطر وصل ون‪.‬‬

‫وينبغي أن يعل لنفسه مقدارا كلما بلغه وقف وقفته أياما ل يزيد‬
‫تعل ما فإن ذلك بنلة البنيان؛ أل ترى أن من أراد أن ي ستجيد البناء ب ن‬
‫أذرعا يسية ث ترك حت يستقر ث يبن فوقه ولو بن البناء كله ف يوم‬
‫واحـد ل ي كن بالذي يسـتجاد ورباـ اندم بسـرعة وإن بقـي كان غيـ‬
‫( )‬
‫مكم ‪ 1‬فكذلك التعلم يبنغي أن يعل لنفسه حدا كلما انتهى إليه وقف‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫عنده حت يستقر ما ف قلبه ويريح بتلك الوقفة نفسه"اهـ‬

‫إن التكرار السـبوعي النظـم مـن أنفـع الفاتيـح فـ البناء العلمـي‬


‫وت ثبيت ح فظ ال سنة لف ظا ومع ن‪ ،‬فالحاد يث ال ت تط بق علي ها هذا‬
‫الفتاح ت د أن ا دخلت ف أعماق حيا تك وملت عل يك تفكيك بأمور‬

‫هذه القاعدة من أنفع القواعد ف حفظ العلم حفظا متقنا نافعا‪ ،‬ومن التجارب العاصرة ف تطبيق هذه‬
‫‪)(1‬‬
‫القاعدة ما حدثن به الزميل الدكتور إبراهيم الدوسري حيث ذكر أنه لا حفظ ثلثي القرآن توقف سنة‬

‫كاملة عن الفظ لياجع ما حفظ ويثبته فلما استقام له ذلك واصل الشوار إل أن أت حفظ القرآن كامل‬

‫فانتفع به ونفع‪ ،‬فالستعجال وعدم مراعاة الفروق الفردية من أكب السباب ف تساقط طلب العلم واليأس‬

‫من الفظ ومن ث الرضى بالهل بقية الياة‬

‫‪ )(2‬الفقيه والتفقه للخطيب البغدادي ‪2/215 :‬‬


‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪67‬‬

‫إيابيـة بعـد أن كان مرتعـا للفكار السـيئة ولوسـاوس شياطيـ النـس‬


‫والن‪.‬‬

‫إن هذا أي سر علج لع ظم المراض النف سية ل ن قدر عل يه وأ حس‬


‫بأهيته‪ ،‬بل هو وقاية منها قبل وقوعها فحينما يرص عليها النسان ف‬
‫حال الرخاء أوال صحة والنشاط ينت فع ب ا حال الشدة أوالرض والفتور‪،‬‬
‫وحينما نرب عليها أطفالنا منذ الصغر فإن ألفاظ السنة ومعانيها ترسخ‬
‫ف قلوبم تنمو مع نو أجسامهم وتقوى مع قوة عظامهم‪.‬‬

‫فمـا كثرت فـ متمعنـا المراض النفسـية‪ ،‬وكثرت النرافات‬


‫اللق ية إل حين ما أهل نا هذا الغذاء النا فع الف يد وشغل نا حيات نا بالل هو‬
‫سواء الباح منه أو الحرم‪.‬‬

‫إن تطور تقنيات العلم والعلومات فـ عصـرنا الاضـر بدل أن‬


‫يكون نع مة ن ستغلها ف ال ي صارت وبال على الكث ي من أفراد ال مة‬
‫السلمية حيث اتمت بكم هائل من العلومات تنل بساحتها صباح‬
‫مساء فانشغلت به عن العلم الذي فيه بناؤها وقوتا وتاسكها ما أدى‬
‫إل ترهلهـا وإصـابتها بأمراض معنويـة كثية تامـا كمـا حصـل لاـ فـ‬
‫أسلوب تغذيتها حيث صارت الصانع تزج بآلف الطعمة الت طليت‬
‫بكث ي من الحسنات والشهيات فنتج عنه إصابتها بأمراض ف بدن ا ل‬
‫تكن معروفة من قبل‪.‬‬
‫‪ 68‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫(‪)1‬‬
‫المفتاح السادس‪ :‬الحفظ‬
‫المسألة الولى‪ :‬حفظ السنة أمنية كل مسلم‪:‬‬
‫ح فظ ال سنة مطلب وأمنية ل كل م سلم ل لذات ال فظ ول ليقال‪:‬‬
‫حافـظ وإناـ لجـل النجاة والنجاح فـ الياة ‪ ،‬لجـل أن تكون السـنة‬
‫حاضرة ف القلب ت سعفك بالواب ف كل خطوة تطو ها ف حيا تك‬
‫كل ما أ صبحت أو أم سيت ب يث يكون العلم بال سنة حاضرا على مدار‬
‫الساعة ف قلبك يسعفك باتاذ القرار الصحيح‪ ،‬ويدك بالواب ف كل‬
‫نازلة‪ ،‬فمتـ كان أفراد المـة بثـل هذا الضور وتلك القوة العلميـة‬
‫فلتبشر بالنصر والتمكي ورفع الذل والصغار عنها‪ ،‬أما إن كان ل هم‬
‫لفرادهـا إل قراءة الجلت والرائد ومتابعـة القنوات والبامـج ومالس‬
‫الترفية والتسلية فأن لمة هذا حالا أن تقق نصرا أو ترفع ذل وصغارا‪.‬‬

‫ل قد كان ال سلف يافظون على حزب م من ال سنة ك ما يافظون‬


‫على حزبمـ مـن القرآن‪ ،‬وكان الدف مـن ذلك حياة القلب وصـحة‬
‫النفس والنجاح ف الياة‪.‬‬

‫تنبيه‪ :‬كان الفظ التربوي أحد مسائل هذا الفتاح لكن رأيت أن أفرده برسالة مستقلة؛ لن تفصيل‬
‫‪)(1‬‬
‫الكلم فيه خروج عن مضمون هذا الفتاح ولن الفظ التربوي ليس خاصا بالقرآن والسنة بل هو أداة‬

‫يكن تطبيقها على مالت تربوية متعددة من ذلك تعلم اللغات‪ ،‬وحفظ التون العلمية من منظوم ومنثور‪،‬‬

‫وكذلك ف الدارة والقتصاد‪ .‬علما بأن خلصة الانب العملي منه هو الذكور ف مفاتح تدبر القرآن‪،‬‬

‫ومضمون بقية الرسالة ف بيان أهيته وشدة الاجة إليه‪ ،‬وقواعده وتطبيقاته‪.‬‬
‫المفتاح السادس‪ :‬الحفظ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪69‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬حفظ السنة وتطوير الذات‪:‬‬


‫إ نه بقدر ما ت فظ من سنة ال نب صلى ال عل يه و سلم بقدر ما‬
‫يصـل فـ حياتـك مـن تغييـ وتطويـر فابدأ الرحلة مـن الن‪ ،‬احفـظ‬
‫الد يث الول ث الثا ن ث الثالث ‪ ...‬وب عد مدة را قب ك يف تؤ ثر ف‬
‫حياتـك كيـف يتغيـ تفكيك ومنطقـك وكلمـك كيـف يدخـل النور‬
‫والدى إل قلبك‪ ،‬إن الحساس بذا الشعور سيدفعك إل النطلق ف‬
‫الفظ والنشاط فيه لكن عليك بالتأن واستحضار أهداف قراءة وحفظ‬
‫السنة وقواعد الفظ التربوي ليكون سيك متزنا وخطواتك ثابتة ونتائج‬
‫عملك سريعة‪.‬‬

‫إن حفـظ السـنة هـو النهـج والطريـق الصـحيح لتغييـ النسـان‬


‫وتطويره على أسس قوية‪ ،‬وقواعد راسخة ل تزها الصعاب ول توهنها‬
‫الشدائد ولكن أكثر الناس عنها غافلون‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬مشروع‪( :‬حفظ وفقه السنة‬
‫للجميع) ‪:‬‬
‫من أ جل تي سي ح فظ وف قه ال سنة وتقري به ل كل ال سلمي مه ما‬
‫اختل فت أعمار هم أو ت صصاتم أو اهتمامات م أو قدرات م ف قد ر ست‬
‫طريقا يسلكه كل من أراد الدخول ف هذا الشروع العظيم من مشاريع‬
‫الياة وسـيته ‪ ( :‬مشروع حفـظ وفقـه السـنة للجميـع) وهذا عنوان‬
‫لكتاب مسـتقل للتعر يف بذا الشروع وبيان أهدا فه وأ سسه وفرو عه‪،‬‬
‫والانـب الذي يصـ ح فظ السـنة يتم ثل ف (معجـم ال سنة التربوي)‬
‫والذي يسـتطيع الميـع ابتداء السـي فيـه ثـ بعـد ذلك تتفاوت المـم‬
‫‪ 70‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫والقدرات فكل يصل ف يه إل ما تي سر له وهو ينوي السي ح ت النهاية‬


‫فإن أمكنه ذلك فالمد ل على منته وفضله‪ ،‬وإل فهو مأجور على نيته‬
‫الصادقة وله من الجر والثواب م ثل أ جر من و صل الغاية وبلغ النهاية‬
‫ح ت وإن كا نت هذه الن ية ل تأت إل ف سنوات الع مر الخية فف ضل‬
‫ال عزوجل عظيم ورحته واسعة‪.‬‬
‫المفتاح الثامن‪ :‬الربط ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪71‬‬

‫المفتاح السابع‪ :‬تكرار قراءة الحديث‪.‬‬


‫فل تك في القراءة ال سريعة للحد يث بل قف عنده وتأ مل ما وراء‬
‫اللفاظ من العان العظيمة الت تول حياتك إل جنة ف الدنيا قبل جنة‬
‫الخرة‪ ،‬فكم يشقى النسان ويتنكد سنوات من عمره ث يئ حديث‬
‫واحد فقط لينتشله من الم والقلق والضيق الذي هو فيه وعندها يقول‬
‫ما أجهلن إذ فرطت ف هذا الكن الذي ف متناول يدي‪.‬‬

‫كرر قر اءة الديث ومتع جيع حواسك بقراءته‪ ،‬قلّبه على جيع‬
‫الوجوه لتكتشف ما فيه من جواهر ونفائس‪.‬‬

‫وإن ماـ يسـاعدك على تطـبيق هذا الفتاح فهمـك واسـتيعابك‬


‫للمفات يح الخرى وخا صة الفتاح الا مس الذي يض بط ال سي ف قراءة‬
‫السنة وحفظها‪ ،‬أما حي يضيع منك هذا الفتاح فستكون قراءتك للسنة‬
‫تر بشئ من العجلة والرغبة ف النتهاء ما ل تس معه بالتعة والرغبة ف‬
‫تكرار الديث‪.‬‬
‫‪ 72‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المفتاح الثامن‪ :‬ربط اللفاظ بالمعاني وربطها‬


‫بالواقع‪.‬‬
‫اللفاظ هـي الشـئ الادي الحسـوس الذي يكـن أن نشاهده أن‬
‫نسمعه وهو البل الذي نربط به العان لكي تثبت وتستقر‪ ،‬واعلم أن‬
‫كل لفظ يتلف عن ال خر ف العا ن الت يتويها ويتضمن ها‪ ،‬وكذلك‬
‫يتفاوت الشخاص فـ عدد العانـ التـ يفهموناـ مـن اللفـظ الواحـد‪،‬‬
‫وأي ضا يتفاوت الش خص نف سه من و قت ل خر ف مقدار ع مق فه مه‬
‫للفظ من اللفاظ فيفتح له ف وقت ويغلق عنه ف وقت آخر‪ ،‬ول وسيلة‬
‫لعلج مثـل هذه الالت والصـور إل الربـط‪ ،‬وهـو يصـل بالتكرار‬
‫السـبوعي والتكرار النـ مـع تطـبيق الفاتيـح الخرى التـ تسـهم فـ‬
‫التنقيب عن العان داخل اللفاظ فتستخرجها وعليك أن تقوم بفظ ما‬
‫تستخرجه منها سواء كان هذا الستخراج مض هداية من ال وفتح منه‬
‫أو تكون سعت به من عال أو قرأ ته ف كتاب‪ ،‬عل يك ب صيد العا ن‬
‫واقتناصها بواسطة اللفاظ وحبسها فيها لئل تطي‪.‬‬

‫وه نا سؤال‪ :‬هل ن ن ن عي ونف قه ألفاظ ال سنة ك ما وعا ها ال نب‬


‫صلى ال عليه وسلم أو وعاها الصحابة رضي ال عنهم؟ لو كنا كذلك‬
‫فكيف تكون حالنا؟‬

‫إن الصطلحات تتبدل‪ ،‬والحوال تتغي‪ ،‬والسميات تتلف بشكل‬


‫سريع ول بد من ملح قة هذا الت سارع وأن نبي ل كل ما ن صادفه ف‬
‫المفتاح الثامن‪ :‬الربط ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪73‬‬

‫الياة موقعـه مـن السـنة وأن يكون الربـط بيـ الصـطلحات السـتجدة‬
‫وألفاظ السنة ربطا صحيحا دقيقا ل يرف القائق ول يبدل العان‪.‬‬
‫‪ 74‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‪.‬‬


‫إن كلما بذه العظمة وبتلك الهية ل يكن أن نعامله كغيه من‬
‫الكلم فنطبق عليها مبادئ القراءة السريعة أو القراءة التصويرية أو غيها‬
‫من موديلت وموضات القراءة الت غزت قاعات التطوير وبناء الذات ‪،‬‬
‫بل ينبغي أن نطبق عليه قواعد القراءة التربوية والت من أهم مفاتيحها‬
‫الترتيل ويراد به التمهل والتأن كمن يسي ف منطقة ذات طبيعة خلبة‬
‫مليئة بالنا ظر والثمار وبالوا هر والكنوز البا حة ل ن مر ب ا يأ خذ من ها‬
‫ماشاء ويقطف منها ما تشتهيه نفسه وتلذ به عينه فهل ترى من يسي ف‬
‫أرض هذا شأنا يسي بسرعةعالية أم أنه يتمهل ف السي وربا يقف بل‬
‫ويط يل الوقوف ف كل نق طة من ها لي ستمتع غا ية ال ستمتاع وي ستثمر‬
‫غاية الستثمار ‪.‬‬
‫المفتاح العاشر‪ :‬الجهر والتغني بالقراءة ــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪75‬‬

‫المفتاح العاشر‪ :‬الجهر والتغني‪.‬‬


‫وهذا الفتاح هـو أشبـه باللوة التـ توضـع فـ أدويـة الطفال‬
‫لتذهـب مرارة الدواء‪ ،‬وأشبـه الداء للبـل لتنشـط فـ السـي‪ ،‬فالتغنـ‬
‫بالكلم مع ال هر وماولة التطر يب ي ساعد على موا صلة ال سي‪ ،‬وهذا‬
‫أمـر مشاهـد فـ واقـع الناس فـ كـل كلم يسـتحسنونه ويتلذذون بـه‬
‫وللناس فـ هذا فنون وفنون بـل لمـ فيـه علوم وفهوم‪ ،‬فأهـل اللهـو‬
‫والطرب‪ ،‬وأهـل الوراد والوالت ‪ ،‬والناشيـد‪ ،‬كـل هؤلء يسـعون‬
‫للفـت النظار لكلمهـم وتوصـيله إل قلوب السـتمعي له بذه الطرق‬
‫وتلك الو سائل ول يس ف الدن يا كلم ي ستحق م ثل هذه الرعا ية وتلك‬
‫العنا ية سوى كلم ال تعال وكلم ر سوله صلى ال عل يه و سلم ف هو‬
‫الكلم الذي ل يليق بعاقل أن يتغن بغيه ول أن يتع نفسه بسواه على‬
‫أن يكون ف ذلك متب عا ل مبتد عا فيكون تغن يه ح سبما ورد ع من أمره‬
‫بالتغن والهر به كما تناقله السلمون جيل عن جيل وحفظه القراء لنا‬
‫تاما مضبوطا بركاته وسكناته هذا ف حق القرآن‪ ،‬ويكن التغن بقراءة‬
‫السنة بطريقة خاصة با ل لعتقاد مشروعيته كما هو ف حق القرآن إنا‬
‫لعانة النفس على قراءة السنة وطول الوقوف مع أحاديثها والتأ مل ف‬
‫معانيها‪.‬‬

‫قال أبو هلل العسكري‪ :‬وينبغي للدارس أن يرفع صوته ف درسه‬


‫حت يسمع نفسه فإن ما سعته الذن رسخ ف القلب ولذا كان النسان‬
‫‪ 76‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫أوعى لا يسمعه منه لا يقرأه ‪ ...‬وقال ‪ :‬وحكي عن أب حامد أنه كان‬


‫يقول لصحابه‪ :‬إذا درستم فارفعوا أصواتكم فإنه أثبت للحفظ وأذهب‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫للنوم‪.‬‬

‫و عن الزب ي بن بكار قال‪ :‬د خل علي أ ب وأ نا أروي ف دف تر ول‬


‫أجهر‪ ،‬أروي فيما بين وبي نفسي‪ ،‬فقال ل‪ :‬إنا لك من روايتك هذه‬
‫ما أدى بصرك إل قلبك فإذا أردت الرواية فانظر إليها واجهر با فإنه‬
‫يكون لك ما أدى بصرك إل قلبك وما أدى سعك إل قلبك‪) (.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ )(1‬الث على طلب العلم ‪72‬‬

‫الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪266-2‬‬


‫‪)(2‬‬
‫المفتاح العاشر‪ :‬الجهر والتغني بالقراءة ــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪77‬‬

‫الخاتمة‬
‫أخي القارئ ها قد انتهيت من قراءة هذه الرسالة‪ ،‬فماذا فهمت؟‬
‫وماذا تنوي أن تفعل؟‬
‫هل ستضع الكتاب ف مكانه من مكتبك ث تنسى ما فيه من العلم‬
‫إل البد؟ إن كان هذا قرارك فأعد النظر فيه‪.‬‬
‫لست بذا الكلم أدعو إل تكرار قراءة كتاب أو كلمي‪ ،‬بل أدعو‬
‫ـ تضمنـه مـن نصـوص القرآن الكريـ والسـنة النبويـة‬‫إل تكرار قراءة م ا‬
‫وأقوال السلف ف هذه القضية الكبى ف حياتنا‪.‬‬
‫إن كان هذا قرارك فأنت تكرر معاناة الكثي ين الذين يقولون‪ :‬نقرأ‬
‫ول نتغي ول نترقى !‬
‫إن القراءة الجردة العابرة ل تقق تغييا ول تأثيا‪.‬‬
‫إن أردت الطر يق للتغي ي والتطو ير فأ سأل نف سك‪ :‬كم سيبقى ما‬
‫تعلمته من هذا الكتاب حاضرا ف قلبك يوم؟ شهر؟ سنة؟‬
‫إنه بقدر حضور هذا العلم ف قلبك بقدر ما تصل من تقدم ورقي‬
‫وأنت الكم‪.‬‬
‫ن سأل ال ب نه وفضله أن يهدي نا لل صراط ال ستقيم‪ ،‬وي عل مآل نا‬
‫جنات النعيم ‪ ،‬إنه قريب ميب ‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وعلى‬
‫آله وصحبه‪.‬‬
‫‪ 78‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفاتح تدبر السنة والقوة في الحياة‬

‫المفتاح الول‪ :‬حب السنة‪13............................................................................‬‬


‫الول‪ :‬الدعاء‪13..................................................................................:.‬‬
‫الثاني‪ :‬القراءة في سيرة النبي صلى ال عليه وسلم‪14.......................................:‬‬
‫الثالث‪ :‬القراءة عن أهمية السنة‪15..............................................................:‬‬
‫المفتاح الثاني‪ :‬استحضار أهداف قراءة السنة‪17...................................................‬‬
‫الهدف الول‪ :‬العلم‪17.............................................................................:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬شدة الحاجة إلى علم السنة‪17..............................................‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مفاهيم خاطئة في طلب العلم‪18.............................................‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬الرحلة في طلب السنة‪20.....................................................‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬السنة واضحة ميسرة‪24....................................................‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬العلم بالسنة يوفر الوقت ويختصر الجهد‪25............................‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬تدبر السنة وقاية من النحراف الفكري‪27.............................‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬السنة وفرضيات البرمجة اللغوية العصبية‪29..........................‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬مشهد من الواقع‪30...........................................................‬‬
‫المسألة التاسعة‪ :‬الستيراد والتصدير الفكري‪31............................................‬‬
‫المسألة العاشرة‪ :‬الوقود الذي يطلق القدرات‪33.............................................‬‬
‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬مقاومة تغيير المناهج‪34............................................‬‬
‫المسألة الثانية عشرة‪ :‬تدبر السنة اجتماع الكلمة وتوحيد الصف‪35.....................:‬‬
‫الهدف الثاني‪ :‬العمل‪36.............................................................................‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬حرص السلف على العمل بالسنة‪36.......................................‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مراتب اتباع السنة‪40.........................................................‬‬
‫الهدف الثالث‪ :‬الثواب‪43............................................................................‬‬
‫الهدف الرابع‪ :‬المناجاة‪48...........................................................................‬‬
‫الهدف الخامس‪ :‬الشفاء‪48..........................................................................‬‬
‫الهدف السادس‪ :‬العلم والدعوة‪52..............................................................‬‬
‫المفتاح الثالث‪ :‬التركيز‪55..............................................................................‬‬
‫المفتاح الرابع‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‪58..........................................................‬‬
‫المفتاح الخامس‪ :‬التكرار السبوعي‪60...............................................................‬‬
‫المفتاح السادس‪ :‬الحفظ () ‪68.........................................................................‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬حفظ السنة أمنية كل مسلم‪68..................................................:‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬حفظ السنة وتطوير الذات‪69...................................................:‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬مشروع‪( :‬حفظ وفقه السنة للجميع) ‪69.......................................:‬‬
‫المفتاح السابع‪ :‬تكرار قراءة الحديث‪71..............................................................‬‬
‫المفتاح الثامن‪ :‬ربط اللفاظ بالمعاني وربطها بالواقع‪72..........................................‬‬
‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‪74.............................................................................‬‬
‫المفتاح العاشر‪ :‬الجهر والتغني‪75.....................................................................‬‬
‫الخاتمة‪77.................................................................................................‬‬

You might also like