من المهم تفهم أسباب المقاومة حتى يمكن التعامل معها لتكون مدخلً مهما للقضاء على المقاومة أو ترويضها .وإن كان يصعب تحديد جميع السباب إل أنه بالمكان الشارة إلى أهمها وهي كما يلي : س ْلنَا مِنْ َق ْبِلكَ فِي َق ْريَةٍ مِنْ نَذِيرٍ ِإلّا .1التمسك بالعادات والتقاليد ,يقول ال تعالىَ } :وكَ َذِلكَ مَا َأرْ َ ج ْئ ُتكُمْ بِأَهْدَى ِممّا علَى ءَاثَارِهِمْ مُ ْقتَدُونَ()23قَالَ َأ َوَلوْ ِ علَى ُأمّةٍ َوِإنّا َ قَالَ ُم ْترَفُوهَا ِإنّا وَجَ ْدنَا ءَابَا َءنَا َ س ْلتُمْ بِهِ كَا ِفرُونَ(( {)24الزخرف . )24 – 23 : عَليْهِ ءَابَا َءكُمْ قَالُوا ِإنّا ِبمَا ُأرْ ِ وَجَ ْدتُمْ َ الخوف على المصالح المادية أو المعنوية ,والتوهم بأن التغيير سيكون سببا في فقد بعض .2 المتيازات أو المكاسب . .3عدم المشاركة في إعداد وتنضيج المشروع التغييري ,إذ إن المشاركة في إعداد التغيير حافز للتمسك به والدفاع عنه ,والعكس صحيح . .4الخوف من تأثير التغيير على العلقات الشخصية مع من يقع عليهم التغيير ,فمثلً قد يرفض الرئيس تغيير وظيفة أحد مرؤوسيه خوفا من أن يتسبب ذلك التغيير في تعكير صفو العلقة بينهما . لن التغيير قد ينطوي أحيانا على مخاطر حقيقية وواضحة ,ل سيما تلك المخاطر التي .5 تمس قيم الفرد ومبادئه ومعتقداته. عدم القتناع بالتغيير المراد إجراؤه أو ببعض جوانبه . .6 عدم وجود مبررات وجيهة أو حجج كافية للتغيير المراد اتخاذه . .7 عدم وضوح صورة التغيير أو الجهل بحقيقته وأهدافه وإجراءاته وجوانبه الخرى. .8 لمجرد معارضة الرؤساء وأصحاب النفوذ لهذا التغيير . .9 .10المعية والتقليد العمى للخرين . .11التكاليف البشرية والمادية الباهظة للتغيير . .12الخوف من عدم القدرة على التكيف مع متطلبات هذا التغيير ,فقد يحتاج التغيير إلى مهارات معينة أو خبرات محددة أو قدرات متميزة ل تتوفر عند بعض الفراد . .13الرتياح مع الواقع الحالي والقتناع به . .14التشبع واليأس والحباط وربما الملل من كثرة التجارب التغييرية الفاشلة . .15العناد . .16سوء العلقة مع المغير . .17تنافس القران .18حب الصدارة والزعامة. .19لن المقاوم من "الحرس الثوري القديم" ,حيث يعتبر نفسه أحد مهندسي الواقع الحالي , ويعتبر أي تغيير هو اعتداء شخصي على ذاته . .20لقلة العقل والحماقة والسفه. وسائل المقاومة العشرون : إن الذين يقامون التغيير يلجأون لطرق ماكرة ,ويعتذرون بعبارات وحجج معروفة مسبقا يمكن تلخيصها بالتالي : ل توجد أهداف واضحة لهذا التغيير . .1 هذا التغيير يخدم مصالح شخصية . .2 ل نملك الطاقات البشرية والمادية اللزمة للتغيير . .3 هذا التغيير سيخرب عملنا ,فل نحن قد حافظنا على إنجازاتنا ول نحن حققنا شيئا في .4 المستقبل . هذا التغيير مثالي وغير واقعي . .5 هذا التغيير جيد ولكن وقته ليس الن ,أو نحن بحاجة إلى وقت لدراسة هذا التغيير .6 وتحقيقه . هذا التغيير سيحدث بلبلة لدى العاملين . .7 هذا التغيير مخالف للمبادئ أو الصول التي قمنا عليها. .8 إن اذين يقودون التغيير مشكوك فيهم وبمعنى آخر القيام بمهاجمة قادة بدلً من مهاجمة .9 التغيير ذاته . .10دعونا نجرب هذا التغيير على نطاق ضيق فإن نجح عممناه . .11هذا التغيير فيه استخفاف بالنجازات والقيادات السابقة . .12هذا التغيير لم يجرب في مكان آخر ,أو جرب وفشل .وإن كان قد نجح فيتم التركيز على الفرق بين واقعنا والواقع الخر . .13إن المقصود من هذا التعبير هو التخلص من بعض القيادات السابقة . .14أنتم تريدون التجريب ,ونحن لسنا محطة تجارب . .15دعونا ندرس المر من جديد ,ثم دعونا نتشاور . .16لنؤجل المر حتى الدورة أو السنة القادمة . .17استعمال أساليب أقل نظافة (الكذب ,النميمة ,الشاعات ..إلخ). .18اللجوء للضرابات أو القرارات المقيدة أو نشر البلبلة . .19النقلبات أو العزل . .20التصفيات الجسدية أو المعنوية . أنماط المقاومين الخمسة عشر : يحسن بالمغير أن يتعرف على أنماط المقاومين وأساليب تعاملهم مع التغيير حتى ل يخدع من قبلهم ,وهم خمسة عشر نمطا كما يلي : المتجارب : )1 وهو الذي يدعي أن عنده تجربة وخبرة طويلة ,وأن تجربته أثبتت فشل هذه الفكرة التغييرية . المتسائل : )2 وهو الذي يوجه السئلة الكثيرة بطريقة ملتوية خبيثة ,مع التركيز على السئلة التي تتناول أمورا هامشية جزئية ,حتى يبين فشل المشروع التغييري . المتسلق : )3 وهو الذي يحاول التسلق إلى القيادات العليا والوصول إلى متخذي القرار ,ثم يقيم معهم العلقات الجتماعية المتميزة ,وعندها يستغل هذه المكانة والحظوة في التآمر على الفكرة التغييرية ومقاومتها ,وذلك عن طريق إقناع القيادات العليا بعدم قبول هذه الفكرة لعدم صلحيتها . ال ُم َعمّم : )4 وهو الذي يجعل من الحادثة الفردية ظاهرة عامة ,حيث يضخم الخطاء الصغيرة والقليلة ويوهم الخرين بأن المشروع بأكمله فاشل. الثرثار : )5 وهو الذي يكثر الكلم والحوار والتعليق دون أن يترك للمغير فرصة للحديث . الملتقط : )6 وهو الذي يحسن الستماع إلى المغير ,ويحاول أن يلتقط بعض الكلمات أو العبارات التي يتلفظ بها هذا المغير والتي تخدم مقاومته ومعارضته للتغيير المطلوب ,ثم يكتفي بهذه الكلمات ليثبت أن المشروع غير كامل وفيه ثغرات كثيرة بدليل ما تلفظ به المغير . ال ُم َركّب : )7 وهو الذي يحاول الستفادة من جميع الكلمات والعبارات والراء والمواقف والمشاهد ,ويُركّب بعضها على بعض ليثبت أن المشروع فاشل . المسوّف : )8 وهو من أخطر أنواع المقاومين إن لم يكن أخطرهم ,وهو الذي ربما يمدح المشروع التغييري , ويثني على صاحبه ,ولكنه يعقب فيقول :إن وقت المشروع ليس الن ,أو ينبغي تأجيله إلى السنة القادمة . الثعلب : )9 أي الماكر الذي يتلعب على كل الحبال ,ويتآمر بخبث ودهاء ,وبتلون مع كل حال ,ويتعامل بوجوه عدة ,ويظهر غير ما يبطن . المشاجر : )10 وهو الذي يقاوم العملية التغييرية ويقضي عليها عن طريق المشاجرة والعراك . المنسحب : )11 وهو الذي يعبر عن مقاومته بالنسحاب والخروج من المكان الذي يناقش فيه المشروع التغييري ,مما يسبب توترا لدى الخرين ,أو يفض الجتماع لعدم اكتمال النصاب . الذاتي : )12 وهو الذي ل يفكر إل في ذاته ,ول يريد إل ما يخدم مصلحته الشخصية ,ومن ثم فقبوله للفكرة التغييرية أو رفضه لها يعتمد أولً وأخيرا على مدى تحقيقها لمصالحه ,ليس إل . العقرب : )13 وهوالذي يلدغ مباشرة صاحب الفكرة التغييرية ,ويشوه صورته عند الجميع ,وذلك لن زعزعة الثقة بصاحب التغيير هو في الحقيقة زعزعة الثقة في التغيير نفسه . المساوم : )14 وهو الذي يتفاوض مع المغير ويساومه في تغييره بحيث يصلن إلى حل وسط أو حل يشوه التغيير ويخرجه عن جوهره . التآمري : )15 وهو صاحب النفسية التآمرية التي ل تنظر إل بمنظار التآمر ,فيظن أن الخرين يتآمرون عليه في مشاريعهم التغييرية ,لذا فهو يتآمر عليهم كما (يظن أنهم) يتآمرون عليه ,وشعاره "إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب" . ثانيا مقاومة المقاومة : مقاومة المقاومة : كما هو معروف أن لكل تغيير مقاومة ؛ ظاهرة تارة وخفية تارة أخرى ,قوية تارة وضعيفة تارة أخرى .هذه المقاومة هي التي تتسبب في إفشال العملية التغييرية ,ولذا فلبد أن يتم التعامل معها بحذر وذكاء وحكمة من أجل تحجيمها أو ترويضها أو القضاء عليها . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو :كيف يتم ترويض هذه المقاومة أو التخلص منها ؟ وبمعنى آخر :كيف يتم مقاومة المقاومة ؟ والواقع أن هناك طرقا عديدة وأساليب متنوعة لمقاومة المقاومة ,وقبل الخوض في هذه الساليب نود الشارة إلى الملحظات التالية : -1يمكن للمغير أن يستخدم أكثر من طريقة لمقاومة المقاومة ,فقد ل تجدي طريقة واحدة فيضطر إلى ممارسة طريقة ثانية وثالثة ورابعة ..إلخ . -2يعتمد تبني أي طريقة من الطرق التالية على معايير عدة ,من أهمها ما يلي : أ -طبيعة المغيرين وإمكاناتهم . ب -طبيعة المقاومة ومدى قوتها وهل هي فردية أم جماعية . ج -المكانات البشرية والمادية المتاحة د -الظروف والحوال الداخلية والخارجية للمنظمة والفراد . هـ -الزمان والمكان . -3الغاية ل تبرر الوسيلة ,ومقاومة المقاومة ينبغي أن تكون بأسلوب نظيف وشريف . -4رغم أننا سنذكر بعض الطرق التي ل نظن أنها تتفق والخلق السلمي القويم إل أن ذكرنا لها ل يعني الدعوة إلى تبنيها والتساهل في ممارستها إل وفق ضوابط عدة من أهمها ما يلي : أ -أن يتم ممارستها عند الضرورة القصوى . ب -أن ل يتم استخدامها مع الصالحين المستقيمين . ج_أن يتم استعمالها بأدنى قدر ممكن . د-الحذر من التساهل في الكذب والنميمة . هـ -أن يخلص النسان نيته ل تعالى عند استخدام هذه الطرق في حالة الضرورة . و -أن ل يفرح النسان ويفتخر باستخدام هذه الطرق . ى -أن يكثر النسان من الستغفار والتوبة . -1كن طبيبا : يقوم الطبيب عادة بتشخيص الداء والتعرف على أسبابه ومن ثم يحدد له الدواء المناسب ,وهذا ما ينبغي للمغير أن يقوم به ابتداءً عند مقاومة المقاومة . إن للمقاومة أسبابا ودوافع لبد أن يتعرف عليها المغير حتى يستطيع التعامل معها ,إذ ربما ل يحتاج المغير إل إلى كلمات قليلة يمكن بها ترويض المقاومة . لذا ,فإن أول سؤال ينبغي أن يسأله المغير للمقاومين هو :لماذا تقاومون هذا التغيير ؟ . فإن كان السبب الحقيقي هو الجهل بحقيقة التغيير؛ كان العلج هو توضيح جوانب وأبعاد وماهية وإيجابيات هذا التغيير . وإن كان السبب هو الخوف على المصالح الشخصية؛ فإن العلج هو تطمينهم بعدم تأثير التغيير على امتيازاتهم ومكاسبههم الشخصية. وإن كان السبب هو التكاليف المادية للتغيير؛ فإن علج ذلك يكون بتبيان الرباح الكبيرة الجلة التي يمكن أن حققها هذا التغيير ,وهكذا الحال بالنسبة لباقي أسباب ومبررات المقاومة . -2ادع للمقاومة : الدعاء هو السلح الفتاك الذي يؤمن به المؤمنين ,كما أنه علقة العبد بربه ,وقد أبان الرسول r عنْهُ مِنْ السّوءِ صرَفَ َ ع َوةٍ ِإلّا آتَا ُه اللّهُ ِإيّاهَا َأوْ َ سلِمٌ يَدْعُو اللّهَ بِدَ ْ علَى الَْأرْضِ مُ ْ أهميته فقال" :مَا َ ِم ْثَلهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِِإثْمٍ َأوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْ َقوْمِ إِذًا ُن ْك ِثرُ قَالَ اللّهُ َأ ْك َثرُ" رواه الترمذي . إن على المسلم أن ل يقلل من أهمية وتأثير الدعاء ,لسيما ذلك الدعاء الذي يخرج من قلب نقي خاشع ناصح ل إثم فيه ول معصية ,وصدق القائل إذ يقول : سهام الليل صائبـة المرامي ...إذا وُترت بأوتـار الخشوع إننا في تعاملنا مع إخواننا المسلمين ,حتى لو كانوا مخالفين ومقاومين لما نريد من تغيير ,ينبغي أن ل ننسى أن لهم حقوقا علينا ,ومن حقوقهم علينا النصيحة والدعاء وإرادة الخير لهم . وما يدري النسان ,فلعل دعاءً صادقا يخرج من قلب محب للخير ,يرفعه ال تعالى إليه , فيستجيب له ,ويجعل نار المقاومين بردا وسلما على المغيرين والمتغيرين ,وما ذلك على ال بعزيز .وفي التاريخ السلمي عبر كثيرة تؤكد ما نقول ,وتثبت أهمية الدعاء وتأثيره في نفوس المقاومين والمناوئين والغاضبين والمتربصين. -3كن فطنا ذكيا : إن مقاومة التغيير قد ل تكون مقاومة أخلقية شريفة ,إذ ربما تحتوي على العديد من التكتيكات والحيل والتمويه ,لذا ينبغي أن يكون المغير ذكيا فطنا سريع البديهة . والذكاء وسرعة البديهة هي موهبة فطرية يهبها ال لمن يشاء ,ولكن يمكن اكتسابها أو يمكن القول إنها موجودة لدى كثير من الناس إل أنها ضامرة تحتاج إلى صقل وإظهار . ولعل مما ينمي الذكاء وسرعة البديهة هو الستعانة بال ,والعلم ,ومرافقة الذكياء ,والطلع على مواقفهم . لقد كان رسول ال rأذكى الناس وأفطنهم ,روى ابن قتيبة أنه لما خرج رسول ال rإلى بدر , مر حتى وقف على شيخ من العرب ,فسأله عن محمد وقريش ,وما بلغه من خبر الفريقين , فقال الشيخ :ل أخبركم حتى تخبروني ممن أنتم ,فقال رسول ال " rإذا أخبرتنا أخبرناك" فقال الشيخ :خبرت أن قريشا خرجت من مكة وقت كذا ,فإن كان الذي أخبرني صدق ,فهي اليوم بمكان كذا ,للموضع الذي به قريش وخبرت أن محمدا خرج من المدينة وقت كذا ,فإن كان الذي خبرني صدق ,فهو اليوم بمكان كذا ,للموضع الذي به رسول ال .ثم قال :من أنتم ؟ فقال رسول ال " : rنحن من ماء" ثم انصرف ,فجعل الشيخ يقول :نحن من ماء ! ماء العراق أو ماء كذا أو ماء كذا . وأمثلة الذكاء والفطنة وسرعة البديهة كثيرة ومتنوعة ولعل من المهم ذكر بعضها حتى تتسع المدارك وتتضح الصورة . يروي ابن خلكان في "وفيات العيان" ( )95/ 4أن الحجاج قال لخي قطري ابن الفجاءة : لقتلنك ,فقال :لمَ ذلك ؟ قال لخروج أخيك ,فقال :فإن معي كتاب أمير المؤمنين أن ل تأخذني بذنب أخي ,قال :هاته ,فقال معي ما هو أوكد منه ,قال :ما هو ؟ فقال :كتاب ال عز وجل خرَى{ ,فعجب منه وخلى سبيله . حيث يقول َ } :ولَا َت ِزرُ وَازِ َرةٌ ِو ْزرَ أُ ْ وروي أن غلما لقي الشاعر أبا العلء المعري ,فقال الغلم لبي العلء :من أنت يا شيخ ؟ فقال أبو العلء :شاعركم ,فقال الغلم :أنت القائل في شعرك : وإني إن كنت الخير زمانه ...لت بما لم تستطع الوائل فقال أبو العلء :نعم ,فقال الغلم :يا عماه ,إن الوائل قد وضعوا ثمانية وعشرين حرفا للهجاء ,فهل لك أن تزيد حرفا واحدا ؟ فصمت أبو العلء وأفحم ولم يستطع الجابة .