You are on page 1of 21

‫وصف الجنة من‬

‫الكتاب والسنة‬
‫و الطريق‬
‫الموصل إليها‬
‫إعداد القسم العلمي بدار ابن‬
‫خزيمة‬
‫القدمة‬

‫المد ل ‪،‬والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن واله‪.‬‬
‫عجائب اليات‪,‬مال عي رأت‪,‬ول أذن سعت‪ ,‬ول خطر على قلب بشر‪ -‬ليشمر عن‬
‫ساعد الد الؤمنون طمعا ف نعيمه وعطائه‪ ,‬ويرجع إل سبيله الغافلون رغبة ف رحته و‬
‫جنانه‪ .‬قال رسول ال قال تعال‬
‫‪‬أعددت لعبادي الصالي مال عي رأت‪ ,‬ول أذن سعت‪ ,‬ول خطر على قلب بشر‪‬‬
‫واقرؤوا إن شئتم‪:‬‬
‫يعملون [السجدة ‪]17‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬فل تعلم نفس ما أخفي لم من قرة أعي جزاء با كانوا‬
‫(البخاري ومسلم)‬
‫وتعال معي ‪,‬تعال معي‪..‬لنوقظ‪ ..‬قلباً غافلً بلمسة باردة هادئة‪ ..‬من التفكر ف آلء ال‬
‫ونعمه ف جنات عدن‪ .‬تعال معي‪ ..‬نتعرف على نساء النة‪ ..‬ونلمح شيئا ًمن جالن‬
‫وحسنهن‪ ,‬ورقتهن وحور عيونن‪ ..‬فرُبّ متفكر ف حور النة صرعه تفكيه‪..‬فلم يزل‬
‫يتقلب بي منازل التوبة والتقرب إل ال حت لقاه ال بن ف نعيمه القيم وأنعم به من‬
‫لقى‪.‬‬

‫هل عرفت نعيم النة‬


‫لقد عرفنا ال النة‪ ..‬ترغيبا فيها‪ ..‬وبي لنا بعضا من نعيمها وأخفى عنا بعضا‪ ,‬زيادة ف‬
‫الترغيب والتشويق‪ .‬لذلك فإن نعيم النة مهما وصف‪ ,‬ل تدركه العقول لن فيها من الي‬
‫مال يطر على بال ول يعرفه أحد بال‪ .‬فهل عرفت النة؟!‬
‫إنا دار خلود وبقاء‪ ..‬ل فيها بأس ول شقاء‪ ,‬ول أحزان ول بكاء‪ ..‬ل تنقضي لذاتا ول‬
‫تنتهي مسراتا‪ ..‬كل ما فيها يذهل العقل ويسحر الفكر‪ ..‬ويسكر الرشد‪ ..‬ويصرع اللب‪..‬‬
‫هي جنة طابت وطاب نعيمها‬
‫فنعيمها باق وليس بفان‬
‫هي نور يتلل‪ ,‬وريانة تتز‪.‬وقصر مشيد ونر مطرد‪..‬وفاكهة نضيجة‪ ..‬وزوجة حسناء‬
‫جيلة‪ ..‬وحلل كثية ف مقام أبدا‪ ,‬ف حبة ونضرة‪,‬ف دور عالية سليمة بية تتراءى لهلها‬
‫كما يتراءى الكوكب الدري الغائر ف الفق‪.‬‬
‫عن أب هريرة – ‪ -‬قال‪ ":‬قلت يا رسول ال مم خلق اللق؟ قال‪ :‬من الاء قلت ما بناء‬
‫النة؟ قال‪ :‬لبنة من الفضة‪ ,‬ولبنة من ذهب‪ ,‬ملطها [اللط‪ :‬الطي ]السك الذفر‪,‬‬
‫وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت‪ ,‬وتربتها‪ ,‬الزعفران‪ ,‬من دخلها ينعم ل يبأس‪ ,‬ويلد ل يوت‪,‬‬
‫ل تبلى ثيابم‪ ,‬ول يفن شبابم " (الترمذي و أحد و صححه اللبان )‬
‫نعيم‪:‬للذين اتقوا عند ربم جنات تري من تتها النار خالدين‬ ‫‪‬‬ ‫فيا لا من لذة‪ :‬وياله من‬
‫فيها وأزواج مطهرة ورضوان من ال وال بصي بالعباد‪ [ ‬آل عمران]‬
‫وجنات عدن زخرفت ث أزلفت‬
‫لقوم على التقوى دواما تبتلوا‬
‫با كل ما توى النفوس وتشتهي‬
‫وقرة عي ليـس عنها تول‬
‫أخي‪ ..‬هل يعقل أن يدرك عقل الرء هذا النعيم ث يزهد فيه ‍؟ هذا داعي الي يناديك‪..‬‬
‫والسارعة‪..‬وسارعوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها‬
‫‪‬‬ ‫ويرك فيك نشاط التنافس‬
‫السموات والرض أعدت للمتقي‪ [ ‬آل عمران ‪ ] 133‬فسارع إل الغفرة واللك‬
‫العظيم‪.‬فقد دعاك البشي‪..‬‬
‫يا طالب الدنيا الدنية إنــها‬
‫شرك الردى وقرارة القذار‬
‫دار مت ما اضحكت ف يومها‬
‫أبكــت غدا تبا ًلا من دار‬
‫تعال‪ :‬وللخرة خي من الول‪ [ ‬الضحى ‪ ]4‬والكيس‬‫‪‬‬ ‫فاللبيب من باع الدنيا بالخرة‪ .‬قال‬
‫من صنع السعادة بيده فبحث عن طريق النة فلسلكه وإنا طريقها توحيد ال واتباع رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪,‬وأداء الفرائض والواجبات والبعد عن الفواحش والكبائر والحرمات‬
‫والتقرب إل ال بالنوافل وصال الطاعات‪ ,‬والنابة والتوبة إل ال ف الظلمات واللوات‬
‫والستغفار من الطايا والزلت والتنور بنور العلم وسليم الفهم والعمل بذلك وملزمة‬
‫الخلص والصدق مع ال‪,‬فإن السالك لذا الطريق ل ييب ظنه ول يعرقل سيه ول يضيع‬
‫سعيه‪:‬قال تعال ‪:‬والعصر إن النسان لفي خسر إل الذين أمنوا وعملوا الصالات‬
‫وتواصوا بالق وتواصوا بالصب ‪ [ ‬العصر ]‬
‫قال الناظم‬
‫تدري أخي ما طريق النة‬
‫طريقه القرآن ث السنة‬
‫أبواب النة‬
‫أبوابا ‪ :‬تعال‪ -‬أخي‪ -‬نطرق أبواب النة لنسيح بفكرنا ف ملكوت ال فيها وما أودع فيها‬
‫تعال‪:‬حت إذا جاءوها وفتحت أبوابا‪[ ‬الزمر ‪] 73‬‬
‫‪‬‬ ‫من بديع السرار لعباده الخيار‪ .‬قال‬
‫قال رسول ال ‪" :‬وما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء‪,‬ث يقول‪ :‬أشهد أن‬
‫ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪ ,‬إل فتحت له أبواب النة الثمانية يدخل من‬
‫أيها شاء" ( مسلم ) ‪ ،‬وكيف ل يكون لا أبواب كثية‪ :‬وهي الت عرضها السماء‬
‫والرض قال تعال ‪:‬سابقوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء و الرض ‪[ ‬‬
‫الديد ‪] 21‬‬
‫فهي جنة عالية غالية عظيمة ذات أبواب واسعة عظيمة تليق بسعتها وتدل على علو‬
‫منلتها وقدرها‪ .‬قال رسول ال ‪":‬إن ما بي الصراعي ف النة مسية أربعي سنة‪,‬‬
‫يزاحم عليها كازدحام البل وردت لمس ظما" (السلسلة الصحيحة لللبان)‬
‫ولقد جعل ال لكل باب أهلً‪ ,‬فهناك باب للتوابي‪ ,‬وباب للمتصدقي وباب للمجاهدين‬
‫وباب للكاظمي الغيظ وباب للصائمي‪ .‬قال رسول ال ‪" :‬من أنفق زوجي ف سبيل‬
‫ال نودي ف النة‪ :‬يا عبد ال هذا خي‪.‬فمن كان من أهل الصلة دعي من باب الصلة‪,‬‬
‫ومن كان من أهل الهاد دعي من باب الهاد‪ ,‬ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب‬
‫الصدقة‪ ,‬ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان‪ ,‬فقال أبو بكر‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬ما‬
‫على أحد من هذه البواب من ضرورة‪ ,‬فهل يدعى أحد من هذه البواب؟ قال‪ :‬نعم !‬
‫وأرجو أن تكون منهم" ( البخاري و مسلم ) ‪ ،‬فهل اخترت أخي البيب‪ .‬بابا من هذه‬
‫البواب العظيمة؟ وهل نسجت مفتاحها بميل الطاعة وزاد التقوى؟‬
‫فبادر إذا ما دام ف العمر فســـــحة‬
‫وعد لك مقبــول وصرفك قيــم‬
‫وجد وسارع واغتــنم زمن الصبا‬
‫ففي زمن المكان تســـعى وتغنم‬
‫وسر مسرعا فالوت خلفك مســرع‬
‫وهيـهات ما منـــه مفر ومهزم‬
‫واعلم أن مفتاح النة إنا هو توحيد ال جل وعل وتقيق ل إله إل ال‪ ,‬فقد قال رسول‬
‫ال ‪" :‬من قال ل إله إل ال خالصا من قلبه دخل النة"‪ .‬وسئل السن البصري‪ ":‬أن‬
‫ناسا ًيقولون من قال ل إله إل ال دخل النة فقال من قالا وأدى حقها وفرضها"‪.‬‬
‫فتوحيد ال مفتاح النة‪,‬وأسنان ذلك الفتاح هي العمال الصالة كأداء الفرائض والقيام‬
‫بالواجبات والنوافل وسائر القربات‪.‬فاعمل –يا عبد ال – فمادة الفتاح بي يديك ومهارة‬
‫صناعته قد فصلت لك أيا تفصيل فإن رغبت عن ذلك فلم نفسك يوم العرض على ال‪.‬‬
‫نسأل ال لك ولنا حسن الاتة‪.‬‬

‫بناء النة وتربتها‬


‫توجد على وجه هذه البسيطة أبنية فخمة وقصور مشيدة ومساكن وغرف‪..‬لكنها مهما‬
‫عل قدرها وجالا ومهما تطاول بنيانا وعلوها‪ ..‬ل تشبه ما ف النة من مساكن وبنايات‬
‫إل ف السم فقط‪.‬‬
‫ففي النة من سحر الساكن وجال القصور وتعال الغرف وتللؤ اليام‪,‬ما تقر به العي‬
‫وتسكن إليه النفس وكيف ل وخيامها من لؤلؤ‪ ,‬وقصورها من ذهب وفيها من فاخر‬
‫الثاث وكواعب النساء وطيب الشراب ولذيذ الطعام مال يطر على بال‪.‬‬
‫غرف النة‪ :‬وأما غرف النة فل تسل عن قوة بنائها وإحكام أركانا وباء منظرها وتللؤ‬
‫مظهرها‪ .‬قال رسول ال ‪":‬إن أهل النة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون‬
‫الكوكب الدري الغائر ف الفق من الشرق أو الغرب لتفاضل ما بينهم‪ ,‬قالوا‪ :‬يا رسول‬
‫ال‪ :‬تلك منازل النبياء ل يبلغها غيهم ؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬والذي نفسي بيده‪ :‬رجال آمنوا بال‬
‫وصدقوا الرسلي" (البخاري ومسلم)‬
‫فتأمل أخي الكري‪ :‬ف مكان هذه الغرف‪ ..‬إنا كالكواكب ف علوها وتللئها‪ ..‬وانسيابا‬
‫ف الفضاء‪ ,‬نعم إنا عالية شامة‪ ..‬أعدها ال للمؤمني لا استعلوا عن الكفر والفجور‬
‫والفسق‪ ..‬لا خضعوا ل ف الدنيا بفعل الوامر وترك النواهي‪ ,‬رفع ال قدرهم وأسكنهم ف‬
‫تلك الغرف التعالية‪ .‬واقرأ إن شئت‪ -‬أخي الكري‪ -‬قول ال جل وعل‪ :‬لكن الذين اتقوا‬
‫ربم لم غرف من فوقها غرف مبنية‪ [ ‬الزمر ‪] 20‬‬
‫أل يا عي ويك أسعدين‬
‫بغزر الدمع ف ظلم الليال‬
‫لعلك ف القيامة أن تفوزي‬
‫بي الدار ف تلك العلل‬
‫فشمر‪ :‬يا عبد ال فإن سلعة ال غالية‪ ,‬إن ثنها تقوى ال وطاعته‪,‬وإنا ليسية على من‬
‫يسرها ال عليه ‪ ،‬واستبق هذا الي العظيم‪ ,‬وهذا النعيم القيم‪ ,‬فإنه لمق وغرور‪ ,‬أن‬
‫يستبدل الرء هذه الدنيا وهذا الراب! با عند ال من بديع الغرف المنة النيئة قال تعال ‪:‬‬
‫فأولئك لم جزاء الضعف با عملوا وهم ف الغرفات آمنون‪‬‬
‫[سبأ ‪] 37‬‬
‫خيام النة‪ :‬والنة مساكن تتلل‪ ..‬فكما أن غرفها كالكواكب الغائرة‪ ,‬فكذلك خيامها‬
‫للئ موفة‪ ..‬قال رسول ال " إن للمؤمن ف النة ليمة من لؤلؤة واحدة موفة طولا‬
‫ف السماء ستون ميلً‪ ,‬للمؤمن فيها أهلون‪ ,‬يطوف عليهم الؤمن فل يرى بعضهم بعضا"‬
‫(البخاري و مسلم) ‪ ،‬إنا لؤلؤة واحدة طولا ستون ميلً‪.‬‬
‫فتأمل أخي‪ :‬وانظر كيف سيكون إعجابك با حي تدخلها‪ ..‬وكيف تكون نشوتك‬
‫وسعادتك وأنت ساكنها وحولك الور العي تستأنس بن وتسمع غناءهن ولنهن‬
‫الخاذ‪ ..‬وتنبه‪ -‬أخي‪ -‬إل أن ثن دخولك هو اليان الذي يستلزم النقياد ل سبحانه‬
‫بفعل اليات وترك النكرات والعبودية ل وحده‪,‬واعلم‪ -‬أخي الكري‪ -‬أن الؤمن لا زهد‬
‫ف الدنيا بقلبه‪ ,‬ول يزين له حب الشهوات من ذهب وفضة‪ ,‬أثابه ال على ذلك الورع و‬
‫الزهد بأن أسكنه جنته‪.‬‬
‫قصور النة‪ :‬أما قصور النة فهي من ذهب ولؤلؤ وزبرجد وفضة‪ ..‬فل يعلم حسنها‬
‫وباءها إل الذي خلقها وبناها سبحانه وتعال‪ .‬قال رسول ال ‪ " :‬دخلت النة فإذا أنا‬
‫بقصر من ذهب فقلت لن هذا القصر؟ قالوا‪ :‬لشاب من قريش‪ ,‬فظننت أن أنا هو‪ .‬فقلت‪:‬‬
‫ومن هو؟ قالوا عمر بن الطاب" (الترمذي و قال حسن صحيح) ‪.‬‬
‫أخي البيب‪ :‬بادر بالطاعات قبل فوات الوان‪ ..‬واطمع فيما عند ال من جنات ونعيم‪..‬‬
‫فإنا الدنيا لظات وثوان‪ ..‬وإنا أنت عابر سبيل‪.‬‬
‫تربة النة‪ :‬أما تراب النة فهو السك والزعفران والدرمكة البيضاء (الدقيق الواري‬
‫الالص البياض)‪ .‬فعن أب سعيد الدري قال‪ :‬قال رسول ال لبن صياد‪ " :‬ما تربة‬
‫النة؟ قال‪ :‬درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم‪ ,‬قال‪ :‬صدقت" (رواه مسلم) ‪ ،‬وعنه أن ابن‬
‫الصياد سأل رسول ال عن تربة النة‪ .‬فقال‪ ":‬درمكة بيضاء مسك خالص" (مسلم) ‪،‬‬
‫وقد تقدم ف الديث أن تربتها الزعفران‪.‬‬
‫أخي الكري‪ :‬إن كنت الحب لذا العيش الرغيد ولتلك الساكن الطيبة‪ ,‬فاصب نفسك على‬
‫طاعة ال‪ ,‬واجتناب مارمه وأداء الصلوات والصيام والقيام ف الظلمات‪..‬‬
‫فما هي إل ساعة ث تنقـــضي‬
‫ويدرك غب السي من هو صابر‬

‫عيون وأنار النة‬


‫ولا كانت النفس البشرية تألف الياه والبساتي والشجار وتسكن إليها فقد زين ال جل‬
‫وعل النة‪ ,‬وألبسها من باء الشجار وعلوها وبركة الثمار ونوها وجريان النار وسيولا‬
‫وعذوبة العيون ف أركانا‪,‬ما تقر به أعي عباد ال الصالي‪.‬‬
‫وعيون [ الجر ‪ ،] 45‬وقال سبحانه‪  :‬إن‬
‫‪‬‬ ‫عيون النة‪ :‬قال تعال‪ :‬إن التقي ف جنات‬
‫البرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب با عباد ال يفجرونا تفجيا‬
‫[ النسان ‪ ، ] 6-5‬قال بعض السلف‪" :‬معهم قضبان من حديد حيثما مالوا مالت‬
‫معهم" *حادي الرواح إل بلد الفراح *‬
‫أخي البيب‪ :‬ما بالك بقوم سلكوا طريق النجاة‪ ..‬وتزودوا بالطاعات واتقوا ربم حق‬
‫التقاة‪..‬فأورثهم ال تلك النات‪ ,‬تتفجر عيونا كل حي‪ ,‬تارة تزج بالكافور فتكون باردة‬
‫طيبة الرائحة‪,‬وأخرى بالزنبيل فتكون حارة طيبة الرائحة‪ ,‬قال تعال‪:‬‬
‫[ النسان ‪] 18-17‬‬ ‫عينا فيها تسمى سلسبيل ‪‬‬ ‫‪ ‬ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنبيل‬
‫وقال سبحانه‪:‬‬
‫‪‬إن التقي ف جنات وعيون ادخلوها بسلم آمني‪ [ ‬الجر ‪] 46-45‬‬
‫فأحسن –أخي الكري‪-‬يسن ال إليك‪,‬وصفّ سعيك إل النة بالصدق‬
‫والخلص والعمل الصال‪ ,‬يسقيك ال من عيونه وشراب جنته‪:‬‬
‫صفى القرب سعيه فصفا له‬
‫ذاك الشراب فتلك تصفيتان‬
‫وف النة عينان‪ :‬الول‪ :‬عي الكافور‪ :‬قال تعال‪ :‬إن البرار يشربون من كأس كان‬
‫مزاجها كافورا عينا ًيشرب با عباد ال يفجرونا تفجيا‪ [ ‬النسان ‪ ] 6-5‬وهذه‬
‫العي يشرب منها القربون الاء الالص‪.‬وأما البرار فيشربونه مزوجا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬عي التسنيم‪ :‬قال تعال ‪ :‬إن البرار لفي نعيم على الرائك ينظرون تعرف‬
‫ف وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق متوم ختامه مسك وف ذلك فليتنافس‬
‫التنافسون ومزاجه من تسنيم عينا ًيشرب با القربون‪ [ ‬الطففي ‪] 28-22‬‬
‫أنار النة‪ :‬وبي تلك القصور الذهبية‪ ,‬واليام البهية تري أنار عذبة لذة‪ ..‬أعدها ال‬
‫للمؤمني ونوّع أجناسها وشرابا‪ ,‬فمنها الاء ومنها العسل ومنها المر ومنها اللب‪ .‬قال‬
‫تعال‪ :‬مثل النة الت وعد التقون فيها أنار من ماء غي آسن وأنار من لب ل يتغي طعمه‬ ‫‪‬‬
‫[ ممد ‪] 15‬‬ ‫مصفى‬
‫‪‬‬ ‫وأنار من خر لذة للشاربي وأنار من عسل‬
‫فماء الدنيا يأسن ويأجن من طول مكثه‪ ..‬لكن مياه أنار النة ل تأسن‪ ..‬ولب الدنيا تصيبه‬
‫الموضة إذا طال مكثه لكن لب الخرة ل يتغي طعمه‪ ,‬وخر الدنيا كريهة الذاق كريهة‬
‫الرائحة أما خر النة ففيها من اللذة ما يبعث على الشرب‪ ,‬وعسل الدنيا تصيبه الخلط‬
‫فل يصفو‪ ,‬أما عسل النة فصاف لمع طري‪ .‬فأين هي الدنيا من الخرة؟ وكيف يرص‬
‫عاقل على لذة ناقصة فانية ويترك اللذة الكاملة الباقية؟ فإنا ل تعمى البصار ولكن تعمى‬
‫القلوب الت ف الصدور‪ .‬وقد أخبنا رسول ال أنه ف إسرائه ‪ ":‬رأى أربعة أنار‬
‫يرج من أصلها نران ظاهران ونران باطنان‪ ,‬فقلت‪ :‬يا جبيل‪ ,‬ما هذه النار؟ قال‪ :‬أما‬
‫النهران الباطنان فنهران ف النة‪ ,‬وأما الظاهران فالنيل والفرات" ( مسلم )‬
‫وتأمل‪ -‬أخي‪ -‬ف هذه النار وما أودع ال فيها من خيات ل تر العادة بثلها ف الدنيا‪.‬‬
‫وتأمل فيها وهي تري ف النة من غي أخدود‪ ,‬تت القصور والنازل والغرف وتت‬
‫الشجار‪ ,‬قال تعال‪:‬‬
‫النار [ البقرة ‪ ، ] 25‬وقال سبحانه‪ :‬تري تتها النهار‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬جنات تري من تتها‬
‫النار [ الكهف ] ‪ ،‬أما الكوثر فهو‬
‫‪‬‬ ‫[ التوبة ‪ ، ] 100‬وقال سبحانه ‪ :‬تري من تتهم‬
‫نر من أنار النة أعطاه ال سبحانه وتعال لرسوله ‪ :‬إنا أعطيناك الكوثر ‪ [ ‬الكوثر‬
‫‪ ، ] 1‬وعن أنس بن مالك عن النب ‪":‬بينما أنا أسي ف النة‪ ,‬إذ أنا بنهر حافتاه قباب‬
‫الدر الجوف‪ ,‬فلت‪ :‬ما هذا يا جبيل؟ قال‪ :‬هذا الكوثر الذي أعطاك ربك‪ ,‬فإذا طيبه أو‬
‫طينه مسك أذفر" ( البخاري مع الفتح ) ‪.‬‬
‫واعلم أخي الكري‪ :‬أن هذه النار تنساب متفجرة من العلى ث تنحدر ف نزول‪ ,‬فعن أب‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال ‪ ":‬إن ف النة مائة درجة أعدها ال للمجاهدين ف‬ ‫هريرة‬
‫سبيل ال ‪ ,‬ما بي الدرجتي كما بي السماء والرض‪ ,‬فإذا سألتم ال فاسألوه الفردوس‬
‫فإنه أوسط النة وأعلى النة‪ ,‬وفوقه عرش الرحن‪ ,‬ومنه تفجر أنار النة" ( البخاري )‬
‫‪ ":‬إن ف النة بر العسل‪ ,‬وبر المر‪ ,‬وبر اللب‪ ,‬وبر الاء‪,‬ث تنشق النار‬ ‫وأخب‬
‫( الترمذي وقال حسن صحيح )‬ ‫بعد"‬
‫فشمر‪ -‬أخي‪ -‬عن ساعد الد فإن المر جلل‪ ..‬إن النة حق‪ ..‬ونعيمها صدق‪..‬‬

‫درجات النة‬
‫أخي الكري‪ :‬لقد خلق ال النة وأورثها عباده الصالي وجعلهم فيها متفاضلي متفاوتي‪,‬‬
‫ولذلك كانت النة درجات يفضل بعضها بعضاَ‪ ,‬وكل ذلك كان فضلَ من ربك وعدلَ‪..‬‬
‫ليشمر ويثابر من اشتاقت نفسه إل النة وعلت هته لعلى درجاتا‪ ,‬ف ذلك النعيم القيم‪.‬‬
‫قال تعال ‪ :‬ومن يأته مؤمناَ قد عمل الصالات فأولئك لم الدرجات العلى‪ [ ‬طه ‪. ] 75‬‬
‫فاليان والعمل الصال ها طريق الفردوس فكلما كان إيانك‪ -‬أخي الكري‪ -‬عالياَ ثابتاَ‬
‫كانت منلتك رفيعة ف تلك الدرجات‪ ,‬وإنا يتفاوت الؤمنون التقون ف ذلك بسب‬
‫إيانم وتقواهم قال تعال ‪ :‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لن نريد ث جعلنا له‬
‫جهنم يصلها مذموماَ مدحوراّ ومن أراد الخرة وسعى لا سعيها وهو مؤمن فأولئك‬
‫كان سعيهم مشكوراَ كلّ ند هؤلء وهؤلء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك مظوراّ‬
‫انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللخرة أكب درجات وأكب تفضيلّ‪ [‬السراء‬
‫‪ ]21-18‬فهنا بي ال سبحانه أن أهل الخرة يتفاضلون فيها أكثر ما يتفاضل الناس ف‬
‫الدنيا وأن درجات الخرة أكب من درجات الدنيا ‪.‬‬
‫واعلم أخي الكري‪ :‬أن تفاضل النان يشمل التفاضل بي خياتا من أبنية وعيون وأشجار‬
‫تعال‪ :‬فبأي آلء ربكما تكذبان‪ [ ‬الرحن ] ‪ ،‬وبعد وصفهما قال‬
‫‪‬‬ ‫وفواكه ونساء‪ .‬قال‬
‫سبحانه ‪ :‬ومن دونما جنتان‪[ ‬الرحن ‪ ، ] 62‬أي دون النتي الوليتي ف الي والقام‬
‫والنلة‪.‬‬
‫الوليتي‪ :‬فيهما من كل فاكهة زوجان‪[ ‬الرحن ‪ ، ] 52‬فذكر‬
‫‪‬‬ ‫فأما عن الفاكهة فقال ف‬
‫أن ف كل صنف من الفواكه شكلي‪ .‬أما ف النتي الخريتي فذكر مطلق الفاكهة من غي‬
‫ورمان [الرحن ‪ ، ] 68‬وأما عن الثاث فذكر ف‬
‫‪‬‬ ‫ذكر الزوجي فقال‪ :‬فيهما فاكهة ونل‬
‫إستبق [الرحن ‪ ، ] 54‬وقال ف الخريتي‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫الوليتي ‪ :‬متكئي على فرش بطائنها من‬
‫حسان [الرحن ‪ ] 76‬ول شك أن الفرش أفضل‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬متكئي على رفرف خضر وعبقري‬
‫من الزخرف وأن الستبق أفضل من العبقري‪.‬‬
‫وهكذا المر ف نسائهما وخضرتما كما هو ظاهر ف اليات‪ .‬وما هذا التفاضل إل تسلية‬
‫من ال لعباده الصالي الذين تملوا مشاق السفر ف رحلة الدنيا وصبوا على ما أصابم‬
‫من ضر ف سبيل ال وحده‪ ,‬وعاشوا بي أهليهم غرباء‪ ..‬لا كانوا عليه من التمسك‬
‫بالكتاب والسنة‪ .‬وما يدل على تفاضل أهل النة ما رواه الغية بن شعبة أن رسول ال‬
‫قال‪:‬‬
‫"سأل موسى ربه‪ :‬ما أدن أهل النة منلة؟ قال‪ :‬هو رجل يئ بعدما أدخل أهل النة‬
‫النة‪ .‬فيقال له‪ :‬ادخل النة ‪ 0‬فيقول‪ :‬أي رب؟ وكيف؟ وقد نزل الناس منازلم‪ ,‬وأخذوا‬
‫أخذاتم؟ فيقال له‪ :‬أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول‪ :‬رضيت‬
‫رب‪ ,‬فيقول‪ :‬لك ذلك ومثله‪ ,‬ومثله ومثله ومثله‪ ,‬فقال ف الامسة رضيت رب‪.‬فيقول‪:‬‬
‫لك هذا و عشرة أمثاله ‪ ،‬ولك ما اشتهت نفسك ‪ ،‬قال(أي موسى)‪ :‬رب فأعلهم منلة؟‬
‫قال‪ :‬أولئك الذين أردت‪ ,‬غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها‪ ,‬فلم تر عي‪ ,‬ول تسمع‬
‫أذن‪ ,‬ول يطر على بال بشر‪ .‬قال‪ :‬ومصداقه ف كتاب ال عز وجل ‪ :‬فل تعلم نفس ما‬
‫أخفي لم من قرة أعي‪‬‬
‫( مسلم ) ‪ ،‬فهذه النة وهذه درجاتا‪ ,‬قد بنيت وهيئت لن كان له قلب أو ألقى السمع‬
‫وهو شهيد‪ ,‬ففيها وال يمد التنافس بالطاعة والقربات وإليها تب السارعة باليات‬
‫والسنات فأين ذوو المم العالية‪ ,‬وقد دعوا إل السباق‪ ,‬واين طلب السمو‪ ,‬وقد قرب‬
‫اللحاق‪:‬‬
‫وإذا كانت النفوس كـــبارا‬
‫تعبت ف مرادها الجسام‬
‫فل تتصور‪ -‬أخي الكري‪ -‬أن ذلك النعيم القيم‪ ,‬ينال بالراحة والتفكه‪ ,‬بل إن طريقه وعر‬
‫طويل ودربه قد حف بالكاره والعقبات فل يسلكه إل مشمر عن ساعد الد ملص قد‬
‫باع نفسه وماله يبتغي بذلك النة‪ ,‬قال رسول ال ‪ ":‬حفت النة بالكاره وحفت النار‬
‫بالشهوات" ( البخاري ومسلم ) ‪ ،‬أما أعلى منلة ف النة فإنا الوسيلة‪ ..‬وهي بإذن ال‬
‫لنبينا ممد قال ‪:‬‬
‫"إذا سعتم الؤذن فقولوا مثل ما يقول ث صلوا علي‪ ,‬فإن من صلى علي صلة صلى ال‬
‫عليه عشرا‪ ,‬ث سلوا ال تعال ل الوسيلة فإن من سأل ال ل الوسيلة حلت له الشفاعة"‬
‫( مسلم ) وقد أخبنا رسول ال أن الشهداء ف سبيل ال من ينالون تلك الدرجات‬
‫العلى قال ‪:‬‬
‫"أفضل الشهداء الذين يقاتلون ف الصف الول‪ ,‬فل يلفتون وجوههم حت يقتلوا‪,‬وأولئك‬
‫يتلبطون ف الغرف العلى من النة‪ ,‬يضحك إليهم ربك‪ ,‬فإذا ضحك ربك إل عبد ف‬
‫موطن فل حساب عليه" ( صحيح الامع ) ولك أن تتصور نفسك يا عبد ال وقد رفع ال‬
‫درجتك ومنلتك ف النة مع النبياء والشهداء‪ ,‬وما ذلك على ال بعزيز‪ ..‬إذا صدقت ال‬
‫فأجبت داعيه إذ يقول‪:‬‬
‫‪ ‬يا قوم إنا هذه الياة الدنيا متاع وإن الخرة هي دار القرار من عمل سيئة فل يزى إل‬
‫مثلها ومن عمل صالاَ من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون النة يزقون فيها بغي‬
‫حساب [ غافر ‪. ] 40-39‬‬
‫‪‬‬

‫أشجار‪ -‬ثار‪ -‬النة‬


‫ومن نعيم النة الالد‪ ,‬كثرة الشجار‪ ,‬ووفرة طيب الثمار‪ ,‬وغرائب الطيار‪ ,‬فأشجارها ل‬
‫يقدر قدرها إل الذي خلقها ‪ ،‬من كثرة أغصانا وطول عمودها وانسياب أركانا‬
‫وأعوادها‪ ,‬ولقد أودع ال فيها من جال الشكل وحسن النظر وباء اللون ورونق الظهر‬
‫وامتداد الظل وطيب الثمار مال يطر على بال ول رأته عي ول سعته أذن‪.‬‬
‫فتصور نفسك أخي الكري‪ :‬وأنت تلك واحدة من تلك الشجار‪ ,‬كيف ستكون نشوتك‬
‫وكيف سيكون سرورك وفرحتك‪ ,‬وكيف وهي أشجار كثية‪ ,‬عديدة ومتنوعة‪ ,‬فمنها‬
‫أشجار الرمان ومنها أشجار العنب ومنها أشجار السدر ومنها أشجار الطلح‪ ,‬ول تظن‬
‫أخي البيب‪ ,‬أن هذه الفاكهة هي نفسها الت نراها ف الدنيا‪ ,‬بل إن فواكه الخرة ل تشبه‬
‫فواكه الدنيا سوى ف السم فقط كما صح ذلك عن ابن عباس رضي ال عنه ‪.‬‬
‫أما شكلها ولونا و مذاقها فل يعلم قدره و مقداره إل الذي خلقها و أبدعها ‪.‬‬
‫حدائق و أعنابا ‪ [ ‬النبأ ‪ ] 32-31‬و قال سبحانه ‪:‬‬ ‫قال تعال ‪ :‬إن للمتقي مفازا‬
‫‪‬فبأي آلء ربكما تكذبان ‪ [ ‬الرحن ] ‪ ،‬و قال عز وجل ‪  :‬وأصحاب اليمي ما أصحاب‬
‫اليمي ف سدر مضود وطلح منضود وظل مدود وماء مسكوب وفاكهة‬
‫كثية ‪ [ ‬الواقعة ‪. ] 32-27‬‬
‫فسدر النة مضود ‪،‬منوع الشوك ‪ ،‬و طلحها منضود معد للتناول دون كد أو عناء ‪.‬‬
‫يا طيب هاتيك الثمار وغرسها‬
‫ف السك ذاك الترب للبستان‬
‫و كذلك الاء الذي يسقى به‬
‫يا طيب ذاك الورد للظمآن‬
‫فأي نعيم بعد هذا النعيم ‪ ..‬وأي تارة رابة بعد هذه التجارة ‪.‬‬

‫فيا أيها القلب الذي ملك الوى‬


‫أزمته حت مت ذا التلــوم‬
‫وحتام ل تصحو و قد قرب الدى‬
‫ودانت كؤس السي و الناس نوم‬
‫أهذا هو الربح الذي قد كسـبته!‬
‫لعمرك ل ربح و ل الصل يسلم‬
‫فانتهز أخي الكري ‪ :‬هذه اللحظات الباقيات ف صال العمال وطيب القربات ‪ 00‬ول‬
‫تغرنك الدنيا فإنا هي سحابة صيف عما قريب تنقشع واسلك سبيل التقي لتنهم من‬
‫فواكه النة الكثية ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬يدعون فيها بفاكهة كثية وشراب ‪ [ ‬ص ‪ ، ] 5‬وقال‬
‫تعال ‪:‬‬
‫‪‬وفاكهة ما يتخيون ‪ [ ‬الواقعة ‪ ] 20‬وقال جل وعل ‪ :‬إن التقي ف ظلل وعيون‬
‫وفواكه ما يشتهون‪ [ ‬الرسلت ‪ ، ] 42-41‬إنا فواكه كثية طيبة ل تنقطع ‪00‬‬
‫فأشجارها دائمة العطاء وافرة الضرة ‪ 00‬متدة الظلل ‪ 00‬ف كل حال ‪ .‬قد تشابت‬
‫أشكال ثارها‪ ,‬بيد أن كنهها ومذاقها يتلف‪ .‬وهذا من لطائف نضجها وعجائب قدرة ال‬
‫ف إبداعها‪ ,‬قال تعال ‪ :‬كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا‬
‫به متشابا ‪ [ ‬البقرة ‪ ] 25‬ومن تلك الشجار ما إن ظلها ليسي فيه الراكب مائة عام وما‬
‫يقطعه‪ .‬قال رسول ال ‪":‬إن ف النة لشجرة يسي الراكب الواد الضمر السريع مائة‬
‫( البخاري م مسلم ) ‪ ،‬وقال تعال ‪ :‬وظل مدود‪ [ ‬الواقعة ‪] 30‬‬ ‫عام وما يقطعها"‬
‫تعال‪ :‬ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة النتهى‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫ومن تلك الشجار سدرة النتهى‪ :‬قال‬
‫[ النجم ‪ ] 14-13‬قال ف حديث السراء ‪":‬ث انطلق ب‪-‬أي‪ :‬جبيل‪ -‬حت انتهى‬
‫إل سدرة النتهى ونبقها فلل هجر‪ ,‬وورقها مثل آذان الفيلة‪ ,‬تكاد الورقة تغطي هذه المة‬
‫فغشيها ألوان ل أدري ما هي‪ ,‬ث أدخلت النة‪ ,‬فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابا السك" (‬
‫صحيح الامع و الديث ف الصحيحي )‬
‫ومن تلك الشجار ما يرج منها ثياب أهل النة قال رسول ال ‪":‬طوب شجرة ف‬
‫النة‪,‬مسية مائة عام‪ ,‬ثياب أهل النة ترج من أكمامها" (السلسلة الصحيحة ) وما يزيد‬
‫أشجار النة باء وجالً‪ ,‬أن سيقانا من الذهب قال رسول ال ‪":‬ما ف النة شجرة إل‬
‫وساقها من ذهب" ( صحيح الامع ) ‪ ،‬ال أكب‪ ..‬ما ألذ ثارها وما أبى أشجارها فطوب‬
‫لن أحسن غراسها‪,‬ف الدنيا بذكر ال وتليله تسبيحه وحده وتكبيه‪ .‬فقد قال رسول ال‬
‫‪":‬لقيت إبراهيم ليلة أسري ب فقال‪ :‬يا ممد‪ ,‬أقرئ أمتك من السلم وأخبهم أن النة‬
‫طيبة التربة عذبة الاء‪ ,‬وأنا قيعان‪ ,‬غراسها‪ :‬سبحان ال‪..‬والمد ل‪ ,‬ول إله إل ال‪ ,‬وال‬
‫أكب"‬
‫( الصحيحة ) ‪ ،‬فاغرس‪ ..‬أيها الخ الكري‪ :‬بساتي الشجار بأسهل الذكار فهي‬
‫كلمات خفيفة سهلة‪ ,‬وما أكثر الغافلي عنها‪ ,‬الشتغلي بلغو الكلم وربا الذر الرام‪.‬‬
‫مساكي هؤلء الغافلون شغلهم غراس الدنيا‪ ,‬فاشتغلوا به ونسوا حظهم ف الخرة‪,‬ول يزل‬
‫يلهيهم طول المل وحب الدنيا‪ ,‬حت باغتهم الوت‪.‬‬

‫بلت بشيء ل يضـــــرك بذله‬


‫وجدت بشيء مثله ل يقـــــــوم‬
‫بلت بذا الظ الســيس دناءة‬
‫وجدت بدار اللد لو كنت تفهم‬
‫وبعت نعيما ل انقضـــاء له ول‬
‫نظي ببخس عن قريب سـيعدم‬
‫ومع كثرة أشجار النة وثارها‪ ,‬فإن أهل النة يرغبون ف الزرع‪ ,‬فعن رسول ال ‪:‬‬
‫"أنه كان يوما يدث وعنده رجل من أهل البادية‪ :‬أن رجلً من أهل النة استأذن ربه ف‬
‫الزرع فقال له‪ :‬أولست فيما شئت قال‪ :‬بلى! ولكن أحب ان أزرع‪ .‬فأسرع وبذر فبادر‬
‫الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال البال‪ ,‬فيقول ال‪ :‬دونك يا ابن آدم‬
‫فإنه ل يشبعك شيء‪ .‬فقال العراب يا رسول ال‪ .‬ل تد هذا إل قرشيا أو أنصاريا‪ .‬فإنم‬
‫أصحاب زرع‪ .‬فأما نن فلسنا بأصحاب زرع فضحك رسول ال " ( البخاري )‬

‫هيئة نساء أهل النة‬


‫هيئة أهل النة‪:‬وقد جعل ال أهل النة ف أكمل صورة خلق عليها البشر‪ ,‬وهي صورة آدم‬
‫عليه السلم‪,‬وما ذلك إل لتكمل سعادتم وغبطتهم ف ذلك النعيم الالد‪ .‬وكما جل ال‬
‫صورهم فقد جل أخلقهم فكان أهل النة على خلق رجل واحد‪ :‬قال رسول ال ‪:‬‬
‫"أخلقهم على خلق رجل واحد‪ ,‬على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا ف السماء"‬
‫( مسلم ) فما أعذب تلك الياة‪ ..‬وما ألذ عيشها‪ ..‬حياة كلها مودة وصفاء وألفة وإخاء‪..‬‬
‫ومبة وصدق ووفاء‪ ,‬قال تعال ‪ :‬وهدوا إل الطيب من القول‪ [ ‬الج ‪ ] 24‬وقال سبحانه ‪:‬‬
‫لغية [ الغاشية ‪ ] 11‬وقال سبحانه ‪ :‬ونزعنا ما ف صدورهم من غل إخوانا‬
‫‪‬‬ ‫ل تسمع فيها‬
‫على سرر متقابلي‪ [ ‬الجر ‪ ] 47‬فل نكد ول شقاء‪ .‬ول بغض ول حسد ول تشاجر‬
‫ول حروب‪ ,‬وإنا هو متمع يسوده الدوء والسكينة واللفة والرحة‪.‬‬
‫وقد ذكر رسول ال أن أهل النة كلهم شباب أبناء ثلث و ثلثي‪ .‬قال رسول ال‬
‫‪":‬يدخل أهل النة جردا مردا‪ ,‬كأنم مكحلون‪ ,‬أبناء ثلث وثلثي" ( صحيح الامع ) ‪،‬‬
‫كما أنم ل يبصقون ول يتمخطون ول يتغوطون ول ينامون فقد قال رسول ال ‪":‬‬
‫النوم أخو الوت ول ينام أهل النة" ( السلسلة الصحيحة ) ‪ ،‬فما أغرب أهل اليان ف‬
‫الدنيا‪ .‬فهم يتطلعون بقلوبم إل هذا النعيم ولسان حالم يقول‪:‬‬
‫ل خي ف العيش ما دامت منغصة‬
‫لذاته باذكار الــوت والرم‬
‫وإنا عيشهم ف دار القام‪ ,‬حيث ل ينغص الرم شبابم ول يزيل الوت نعيمهم‪.‬‬
‫فتبصر يا عبد ال ول يلهينك طول المل‪ ,‬ول ينينك الشباب‪ ,‬فإن النايا ل تاب وإنه بعد‬
‫الشباب كهولة فهرم‪ ,‬وبعد الرم موت فقب فحساب‪ ,‬فإما إل نعيم وإما إل جحيم‪.‬‬
‫نسأل ال العفو والعافية وحسن التام‪.‬‬
‫نساء النة‬
‫حسنهن‪ :‬أما نساء النة فأعظم بمالن‪,‬فإنن مورات العيون مللت الدود‪,‬تكسوهن‬
‫النضرة‪ ,‬ويلؤهن المال‪,‬أخاذات بنظراتن‪ ,‬ساحرات بسنهن‪ ,‬قاصرات بطرفهن‪.‬‬
‫سبحانه‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫كأمثال اللؤلؤ الكنون‪ [ ‬الواقعة ‪ ] 23– 22‬وقال‬ ‫قال تعال ‪:‬وحور عي‬
‫مكنون [ الصافات‬
‫‪‬‬ ‫كأنن الياقوت والرجان‪ [ ‬الرحن ‪ ] 58‬وقال تعال ‪ :‬كأنن بيض‬
‫‪ ] 49‬قد تازج بياض عيونن بالسواد‪ ,‬وبياض أبدانن بالنعومة‪ ,‬فقد جاء ف الديث‬
‫"ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من السن" ( البخاري مع‬
‫الفتح ) وقال رسول ال ‪":‬لو اطلعت امرأة من نساء أهل النة إل الرض للت ما‬
‫بينهما ريا أي(الشرق والغرب) ولضاءت ما بينهما ولنصيفها على رأسها خي من الدنيا‬
‫وما فيها" ( مسلم و انظر الترغيب )‪.‬‬
‫واعلم أخي الكري‪:‬أن هذا النعيم ل ينال إل بالد ف طاعة ال‪ ,‬وتقدي مراده على مراد‬
‫النفس‪ ,‬بأداء الصلوات والذكر ف اللوات‪ ,‬والقيام ف الظلمات‪ .‬قال مالك بن دينار‪ :‬كان‬
‫ل أحزاب أقرؤها كل ليلة‪ ,‬فنمت ذات ليلة‪ ,‬فإذا أنا ف النام بارية ذات حسن وجال‬
‫وبيدها رقعة فقالت أتسن أن تقرأ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ .‬فدفعت إل الرقعة‪ ,‬فإذا مكتوب هذه‬
‫البيات‪:‬‬
‫لاك النوم عن طلب المان‬
‫وعن تلك الوانس ف النان‬
‫تعيش ملدا ل موت فيهـــــا‬
‫وتلهو ف اليام مع الســـان‬
‫تنبه ف منامك إن خيا‬
‫من النوم التهجــــــــد بالقرآن‬
‫ونساء النة كلهن أبكار ل يسهن أحد من النس أو الن قال تعال ‪ :‬إنا أنشأناهن إنشاء‬
‫فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ‪ [ ‬الواقعة ‪ ] 37– 35‬و(عربا) جع عروب وهن‬
‫التحببات إل أزواجهن‪ ,‬وقال أبو عبيدة ‪ :‬العروب‪ :‬السنة التبعل أي الت تسن مواقعتها و‬
‫ملطفتها لزوجها عند الماع وقال البد هي العاشقة لزوجها‪.‬‬
‫أخلقهن‪ :‬أما أخلقهن فإنا رفيعة عالية‪ ,‬جعت طلوة الياء والشمة وحلوة التودد‬
‫والبسمة وقصر الطرف وحسن القبال وجال الوجه ولطافة الهلل‪ .‬قال تعال‪:‬‬
‫حسان [ الرحن ‪ ] 70‬فاليات جع خية وحسان جع حسنة‪ ,‬فهن‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬فيهن خيات‬
‫خيات الصفات والخلق والشيم‪ ,‬حسان الوجوه‪ .‬وقال تعال ‪  :‬حور مقصورات ف‬
‫اليام [ الرحن ‪ ] 72‬فهن مبوسات على أزواجهن ل يرين غيهم ف اليام‪ ,‬ول يردن‬
‫‪‬‬
‫غيهم ول يطمعن إل من سواهم‪ ,‬با وهبهن ال من صدق العشرة وصفاء الب والودة‬
‫والخلص لزواجهن‪ .‬وقال تعال ‪ :‬وعندهم قاصرات الطرف عي‪ [ ‬الصافات ‪] 48‬‬
‫والطرف بتسكي الراء هو البصر‪ .‬أي أنن يقصرن أبصارهن على أزواجهن إعجابا بم‬
‫وحبا‪.‬‬
‫غناءهن‪:‬ونساء النة‪ ,‬مع زهو جالن ورقة أبدانن ونعومة شكلهن وسحرهن وحسنهن‬
‫ومع ما تلي به من دماثه الخلق وحسن العشرة‪ ,‬قد وهب من الصوات أحسنها و من‬
‫الغان أعذبا وأطربا‪ ,‬قال تعال ‪ :‬ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا‬
‫يبون [ الروم ‪ ] 15-14‬قال يي بن أب كثي‪ :‬البة‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫وعملوا الصالات فهم ف روضة‬
‫اللذة والسماع‪.‬‬
‫أو ما سعت ساعهم فيها غناء‬
‫الور بالصــــــــوات واللان‬
‫واها لذياك الســـــــــماع فكم به‬
‫للقلب من طرب ومن أشجان‬
‫واها لذياك الســــــــماع وطيبه‬
‫من مثل أقمار على أغصان‬

‫الطريق إل النة‬

‫واعلم يا عبد ال‪ .‬أن النة ل تنال بالعمل‪ ..‬وإنا هي فضل من ال ورحة قال رسول ال‬
‫‪":‬لن يدخل أحدا منكم عمله النة قالوا‪ :‬ول أنت يا رسول ال؟ قال‪ :‬ول أنا إل أن‬
‫يتغمدن ال منه بفضل ورحة" ( مسلم ) وأما قول ال جل وعل ‪ :‬فل تعلم نفس ما أخفي‬
‫لم من قرة أعي جزاء با كانوا يعملون" [ السجدة ‪ ] 17‬فإن الباء ف قوله (با كانوا‬
‫يعملون) سببية‪ .‬أي بسبب أعمالم فال سبحانه جعل أعمالم سببا لفضله ورحته حيث‬
‫أدخلهم جنته‪.‬‬
‫فإذا عرفت –أخي الكري‪ -‬أن النة هي مض فضل ال ورحته‪ ,‬وان رحته وفضله إنا‬
‫ينالن بفعل ما يرضاه ويريده فبادر إلىخي العمال وصال الفعال‪ .‬واحفظ ال‪ ,‬واسلك‬
‫سبيله القوي يفض عليك من الرحات ما يدخلك به أعال النات ف تلك الغرفات‪.‬‬
‫فاسلك سبيل التـــــقي‬
‫وظن خيا بالكــــــري‬
‫واذكر وقوفك خائــــــفا‬
‫والناس ف أمر عظيــــم‬
‫إما إل دار الشـــــــــقا‬
‫وة أوإل العز القـــــــيم‬
‫فاغنم حياتك واجــتهد‬
‫وتب إل الرب الرحـــيم‬
‫وأما طريق النة‪ :‬فهو كل ما يقربك من ال سبحانه من القربات والطاعات فقد ذكر ال‬
‫جل وعل طاعات وعبادات ف كتابه العزيز جازى عليها بالنة من عمل با ملصا فمن‬
‫ذلك‬
‫اليان والعمل الصال‪ :‬فقد ذكر ال سبحانه ف سورة العصر أن النسان خاسر إل من أمن‬
‫إل الذين أمنوا وعملوا‬ ‫إن النسان لفي خسر‬ ‫وعمل صالا فقال سبحانه ‪ :‬والعصر‬
‫الصالات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب‪ [ ‬العصر ] وقال سبحانه‪  :‬وبشر الذين آمنوا‬
‫النار [ البقرة ‪ ] 25‬ونظي هذا ف‬
‫‪‬‬ ‫وعملوا الصالات أن لم جنات تري من تتها‬
‫القرآن كثي‪.‬‬
‫وذلك لن اليان يوجب معرفة ال وخشيته ومراقبته وتوقيه ومتابعة رسول ال والعمل‬
‫الصال يوجب فعل ما أمر ال واجتناب ما نى عنه من كبائر الث والفواحش‪.‬‬
‫الصلة‪ :‬قال تعال ‪ :‬إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر‪ [ ‬العنكبوت ‪ ] 45‬فالصلة‬
‫ناهية عن الث والنكر الوجب للحرمان من النة‪ .‬وهي الاحية للذنوب والطايا كما قال‬
‫رسول ال ‪":‬أرأيتم لو أن نرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خس مرات‪ ,‬هل يبقى‬
‫من درنه شيء؟ قالوا ل يبقى من درنه شيء‪ .‬قال‪ :‬فذلك مثل الصلوات المس‪ ,‬يحو ال‬
‫بن الطايا" ( البخاري و مسلم ) وقال رسول ال ‪ ":‬ما من امرئ مسلم تضره‬
‫صلة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها‪ ,‬وركوعها‪ ,‬إل كانت كفارة لا قبلها من‬
‫الذنوب ما ل تؤت كبية‪ ,‬وذلك الدهر كله" ( مسلم )‬
‫فبادر –أخي الكري‪ -‬بالفاظ على الصلة فإنا نور الؤمن وعهده وفصل ما بينه وبي‬
‫الكفر‪ .‬قال رسول ال ‪":‬إن بي الرجل وبي الشرك والكفر ترك الصلة" ( مسلم )‬
‫وقال ‪" :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر" ( الترمذي و قال حسن‬
‫صحيح )‬
‫أداء النوافل‪ :‬فهي تقرب إل ال بعد الفرائض‪ ,‬وتكسبك –أخي الكري‪ -‬حلة الولية ل‬
‫سبحانه لنا موجبة لبه وحفظه‪ ,‬وهي علمة حبك ل وطاعتك وإخلصك‪ .‬قال رسول‬
‫ال ‪":‬ما من عبد يصلي ل تعال كل يوم اثنت عشرة ركعة تطوعا غي الفريضة إل بن‬
‫ال له بيتا ف النة –أو‪ -‬إل بن له بيت ف النة" ( مسلم )‬
‫فدونك فاصنع ما تب فإنــما‬
‫غدا تصد الزرع الذي أنت زارع‬
‫ومن بي العمال الوجبة للجنة‪ :‬بر الوالدين‪ ,‬قال رسول ال ‪":‬رغم أنف‪ ,‬ث رغم أنف‬
‫ث رغم أنف من أدرك أبويه عند الكب أو أحدها أو كليهما‪ ,‬فلم يدخل النة" ( مسلم )‬
‫فاحرص –أخي‪ -‬على بر الوالدين وأطعهما ف ما أمرا إذا ل يكن أمرها معصية ل وأحسن‬
‫إليهما ف الدنيا يسن ال إليك بنته وفضله وجوده‪ ,‬واعلم أن عقوقهما من أكب الكبائر‬
‫‪‬‬ ‫فقد قرن ال طاعتهما بالتحذير من الشرك والمر بتوحيده‪ .‬قال سبحانه وتعال ‪:‬‬
‫واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا‪ [ ‬النساء ‪] 36‬‬
‫واعلم –أخي‪ -‬أن التوبة من أجل القربات والعبادات وهي منلة ل يفارقها الصالون ف‬
‫رحلتهم ف هذه الياة الدنيا‪ ,‬بل ول النبياء والرسلون‪ .‬ذلك لن ال تعال أمر با ف كل‬
‫وقت وحي وعلق الفلح عليها‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫تفلحون‬ ‫فكل ابن آدم خطاء‪ ..‬قال تعال ‪ :‬وتوبوا إل ال جيعا أيها الؤمنون لعلكم‬
‫[ النور ‪ ] 31‬فتأمل حفظك ال كيف وصفهم ال باليان ث دعاهم إل التوبة ليعلم كل‬
‫مسلم أن التوبة لزمة للعبد ف سائر منازله الت يسلكها ف طريقه إل ال‪ .‬وتذكر دائما أن‬
‫النة قد حفت بالكاره وأن النار قد حفت بالشهوات وإل كيف سيكون الختبار و كيف‬
‫ييز الصابر من الضاجر والطيع من العاصي‪ .‬قال رسول ال ‪":‬لا خلق ال النة أرسل‬
‫جبيل إل النة فقال‪ :‬أنظر إليها‪ ,‬وإل ما أعددت لهلها فيها‪ ,‬قال‪ :‬فجاءها ونظر إليها‬
‫وإل ما أعد ال لهلها فيها‪ .‬قال فرجع إليه وقال‪ :‬وعزتك ل يسمع با أحد إل دخلها‪.‬‬
‫قال‪ :‬فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالكاره فرجع إليه فقال‪ :‬وعزتك لقد خفت أن ل‬
‫يدخلها أحد‪ ..‬الديث" ( الترمذي وأحد وقال حسن صحيح وحسن إسناده اللبان ف‬
‫تريج مشكاة الصابيح )‬
‫اللهم إنا نسألك النة وما قرب إليها من قول أو عمل وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي ‪.‬‬

You might also like