You are on page 1of 13

‫‪7‬‬ ‫الخ وة فى ال‬

‫الخوة في الله‬

‫إن الحمسسد ل نحسسسمده ونسسستعينه ونسسستغفره ونعوذ بال مسسن شرور أنفسسسنا وسسسيئات‬
‫أعمالنا من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادى له وأشهد أل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ‪.‬‬
‫[ آل‬ ‫سلِمُونَ‬ ‫حقّ ُتقَاتِ ِه وَلَ َتمُو ُتنّ ِإ ّل وَأَنْتُمْ ُم ْ‬‫لّ َ‬
‫يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ‬
‫عمران ‪. ] 102 :‬‬
‫خ َلقَ مِ ْنهَا َز ْوجَهَا وَبَثّ‬ ‫س وَاحِدَ ٍة َو َ‬ ‫خ َلقَكُمْ ِمنْ َنفْ ٍ‬‫يَاأَ ّيهَا النّاسُ ا ّتقُوا رَبّ ُكمُ الّذِي َ‬
‫علَيْكُمْ‬
‫مِ ْنهُمَا ِرجَالً كَثِيرًا وَنِسَا ًء وَا ّتقُوا الَّ الّذِي تَسَا َءلُونَ ِب ِه وَالَ ْرحَامَ ِإنّ الَّ كَانَ َ‬
‫رَقِيبًا [ النساء ‪. ] 1 :‬‬
‫ح لَكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وَيَ ْغفِـرْ‬
‫صلِ ْ‬
‫سدِيدًا(‪ُ )70‬ي ْ‬ ‫لّ وَقُولُوا َقوْلً َ‬ ‫يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ‬
‫لّ وَرَسُـولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا [ الحزاب ‪. ] 71-70 :‬‬ ‫لَكُمْ ذُنُوبَ ُك ْم وَ َمنْ ُيطِـعِ ا َ‬
‫أما ب عـد ‪-:‬‬
‫‪ ،‬وشر المور‬ ‫فإن أصدق الحديث كتاب ال ‪ ،‬وخسير الهدى هدى محمد‬
‫محدثاتها ‪ ،‬وكل محدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضللة ‪،‬وكل ضللة فى النار‬

‫أحبتى ف ى ال …‬
‫إننا اليوم على موعد مع موضوع من الهمية القصوى بمكان وهو بعنوان (( الخوة‬
‫فى ال )) وكما تعودنا دائماً سوف ينتظم حديثنسا مع حضراتكم تحت هذا العنوان الرقيق‬
‫فى العناصر التالية ‪-:‬‬
‫أولً ‪ :‬حقيقة الخوة فى ال ‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬حقوق الخوة ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬الطريق إلى الخوة ‪.‬‬
‫فاسسمحوا لى أن أقول ‪ :‬أعرونسى القلوب والسسماع والوجسسدان وال أسسأل أن يجعلنسا ممسن‬
‫يستمعون القسول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم ال وأولئك هم ألوا اللباب ‪.‬‬
‫أولً ‪ :‬حقيقة الخوة ‪.‬‬
‫أحبتى فى ال لقد أصبحت المسة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل لقد تمسزق‬
‫شملها وتشتت صفها ‪ ،‬وطمع فى المسة الضعيف قبل القوى ‪ ،‬والذليل قبل العزيز ‪،‬‬
‫والقاصى قبل الدانى ‪ ،‬وأصبحت المة قصعة مستباحة كما ترون لحقر وأخزى وأذل‬
‫أمم الرض من إخسوان القردة والخنازير ‪ ،‬والسبب الرئيسى أن العالم الن ل يحترم إل‬
‫القوياء ‪،‬والمة أصبحت ضعيفة ‪ ،‬لن الفرقة قرينة للضعف ‪ ،‬والخزلن ‪ ،‬والضياع ‪،‬‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪8‬‬
‫والقوة ثمرة طيبة من ثمار اللفة والوحدة والمحبة ‪ ،‬فما ضعفت المة بهذه الصورة‬
‫المهينة المخزية إل يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها آل وهو (( الخوة فى ال ))‬

‫بالمعنى الذى جاء به رسول ال فمحال محال أن تتحقق الخوة بمعناها الحقيقى إل‬
‫على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها ‪ ،‬كما حولت هذه الخوة الجماعة المسلمة‬
‫الولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والمم ‪ ،‬يوم أن تحولت هذه الخوة‬
‫التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة ‪ ،‬تجلى هذا الواقسع‬
‫ابتداءً بين الموحدين فى مكة ‪ ،‬على‬ ‫المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى‬
‫الرغم من اختسلف ألوانهم وأشكالهم ‪ ،‬وألسنتهم وأوطانهسم ‪ ،‬آخى بين حمسزة القرشى ‪،‬‬
‫وسلمان الفارسى وبلل الحبشى ‪ ،‬وصهيب الرومى ‪ ،‬وأبى ذر الغفارى ‪ ،‬وراح هؤلء‬
‫القوم يهتفون بهذه النشودة العذبة الحلوة ‪.‬‬
‫إذا افتخسروا بقيسٍ أوتميمِ‬ ‫أبى السلم ل أبَ لى سِوَا ُه‬
‫راحوا يرددون جميعاً على لسان رجل واحد قول ال عز وجل ‪:‬‬
‫[ الحجرات ‪:‬‬ ‫لّ لَ َعلّكُمْ ُت ْرحَمُونَ‬
‫خوَيْكُ ْم وَا ّتقُوا ا َ‬
‫ص ِلحُوا بَ ْينَ َأ َ‬
‫خوَةٌ َفأَ ْ‬
‫إِنّمَا الْ ُمؤْمِنُـونَ ِإ ْ‬
‫‪ . ] 10‬هذه هى المرحلة الولى من مراحل الخاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ -‬بين أهل المدينة من الوس والخزرج ‪ ،‬بعد حروب دامية‬ ‫ثم آخى النبى‬
‫طويلة ‪ ،‬وصراع مر مرير ‪ ،‬دمر فيه الخضر واليابس !!‬
‫ثم آخى رسول ال بين أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من النصار ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬تصافحت فيه القلوب ‪ ،‬وامتزجت‬ ‫حبّ لم ولن تعرف البشرية له مثي ً‬ ‫فى مهرجسان ُ‬
‫فيه الرواح ‪ ،‬حتى جسد هذا الخاء هذا المشهد الرائع الذى جساء فى الصحيحين من‬
‫حديث أنس بن مالك قال ‪ :‬قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى بينه وبين‬
‫سعد بن الربيع ‪ ،‬وكان كثير المال ‪ ،‬فقال سعد ‪ :‬قسد علمت النصار أنى من أكثرها‬
‫مالً ‪ ،‬سأقسم مالى بينى وبينك شطرين ‪ ،‬ولى امرأتان فانظسر أعجبهما إليك ‪ ،‬فأطلقها‬
‫حّلتْ تزوجْتَها ‪ .‬فقال عبد الرحمسن ‪ :‬بارك ال لك فى أهلك ‪ .‬دلونى على السوق‬ ‫حتى إذا َ‬
‫ط ‪ ،‬فلم َيلْبث إل يسيرًا حتى جاء رسول‬ ‫سمْنٍ وأق ٍ‬ ‫ضلَ شيئاً من َ‬ ‫‪ ،‬فلم يرجسع يومئ ٍذ حتى أ ْف َ‬
‫ال وعليه َوضَرٌ من صُفر ٍة فقال له رسول ال‬
‫ت امرأةً من النصار قال ‪ (( :‬ما سقت إليها ؟ )) قال ‪ :‬وزن نواة‬ ‫(( َمهْيَ ْم ؟ )) قال ‪ :‬تزوج ُ‬
‫من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال ‪ (( :‬أولم ولو بشـاة )) (‪ )1‬وقد نتحسر الن على زمن‬
‫سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذى شاطر أخاه ماله وزوجه ؟!!‬
‫والجواب ‪ :‬ضاع ‪ .‬وذهب يوم أن ذهب عبد الرحمن بن عوف ‪.‬‬

‫بين المهاجسرين‬ ‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 3781‬فى مناقب النصار ‪ ،‬باب إخاء النبى‬
‫والنصار ‪ ،‬ومسلم رقم ( ‪ ) 1427‬فى النكاح ‪ ،‬باب الصداق ‪ ،‬وجواز كونه تعليم القرآن‬
‫وخاتم حديد ‪ ،‬والموطأ ( ‪ ) 545 /2‬فى النكاح ‪ ،‬وأبو داود رقم ( ‪ ، ) 2109‬والترمذى‬
‫رقم ( ‪ ، ) 1094‬والنسائى ( ‪. ) 120 ، 119 /6‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪9‬‬

‫فإذا كان السؤال ‪ :‬من الن الذى يعطى عطاء سعد ؟! فإن الجواب ‪ :‬وأين الن من‬
‫يتعفف بعفة عبد الرحمن بن عوف ؟!!‬
‫لقد ذهب رجل إلى أحد السلف فقال ‪ :‬أين الّذِينَ يُ ْن ِفقُونَ أَ ْموَا َلهُمْ بِاللّ ْي ِل وَال ّنهَارِ‬
‫[ البقرة ‪] 274 :‬‬ ‫علَنِيَةً‬‫سِرّا َو َ‬
‫س َألُونَ النّاسَ ِإ ْلحَافًا [ البقرة ‪. ] 273 :‬‬ ‫لَ َي ْ‬ ‫فقال له ‪ :‬ذهبوا مع من‬
‫هذا مشهد من مشاهد الخاء الحقيقى بمعتقد التوحسيد الصافى بشموله وكماله ‪ ،‬وال‬
‫لول أن الحديسث فى أعلى درجات الصحسة لقلت إن هذا المشهد من مشاهد الرؤيا‬
‫الحالمة ‪.‬‬
‫هذه هى الخوة الصادقة ‪ ،‬وهذه هى حقيقتها ‪ ،‬فإن الخوة فى ال ل تبنى إل على‬
‫أواصسر العقيدة وأواصر اليمسان وأواصر الحب فى ال ‪ ،‬تلكم الواصر التى ل تنفك‬
‫عراها أبداً ‪.‬‬
‫الخوة فى ال نعمة جمة من ال ‪ ،‬وفضسل فيض من ال يغدقهسا على المؤمنين‬
‫الصادقسين ‪،‬الخسوة شراب طهور يسقيه ال للمؤمنسين الصفياء والذكياء ‪.‬‬
‫لذا فإن الخوة فى ال قرينة اليمان ل تنفك عنه ‪ ،‬ول ينفك اليمان عنها فإن وجدت‬
‫أخوة من غير إيمسان ‪ ،‬فاعلم يقينًا أنها التقساء مصالح ‪ ،‬وتبادل منافع ‪ ،‬وإن رأيت إيمان‬
‫بدون أخوة صسادقة فاعلم يقيناً أنسه إيمان ناقسص يحتاج صساحبه إلى دواء وعلج لمرض‬
‫فيسه ‪ ،‬لذا جمسع ال بيسن اليمسسان والخوة فسى آيسة جامعسة فقال سسبحانه إِنّمَا الْ ُمؤْمِنُونَـ‬
‫[ الحجرات ‪] 10 :‬‬ ‫خوَةٌ‬
‫ِإ ْ‬
‫فالمؤمنين جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة‬
‫تنبثق كلها من دوحة واحدة ‪ ،‬بال عليكم أين هذه المعانى الن ؟!!‬
‫ولذلك لو تحدثت الن عن مشهد كهذا الذى ذكر آنفا ربما استغرب أهل السلم هذه‬
‫الكلمات ‪ ،‬وظنوها كما قلت من الخيالت الجميلة والرؤيا الحالمة لن حقيقة الخوة قد‬
‫ضاعت الن بين المسلمين ‪ ،‬وإن واقع المسلمين اليوم ليؤكد هذا الواقع الليم ‪ ،‬وإنا ل‬
‫وإنا إليه راجعسون ‪ ،‬فلم تعد الخوة إل مجرد كلمات جوفاء باهتة باردة ل حرارة فيها‬
‫إل من رحم ال ‪.‬‬
‫فإن الخوة الموصلة بحبل ال المتين نعمة امتن بها ربنا جل وعل على المسلمين‬
‫الوائل فقال سبحانه ‪:‬‬
‫سلِمُونَ(‬ ‫حقّ ُتقَاتِ ِه وَلَ َتمُو ُتنّ ِإ ّل وَأَنْتُمْ ُم ْ‬ ‫لّ َ‬
‫يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ‬
‫علَيْكُمْ إِذْ كُ ْنتُمْ َأعْدَاءً‬‫لّ َ‬ ‫لّ جَمِيعًا وَلَ َتفَرّقُوا وَاذْ ُكرُوا نِعْمَةَ ا ِ‬ ‫‪)102‬وَاعْتَصِمُوا ِبحَ ْبلِ ا ِ‬
‫حفْرَةٍ ِمنَ النّارِ َفأَ ْنقَذَكُمْ مِ ْنهَا‬ ‫شفَا ُ‬ ‫علَى َ‬ ‫خوَانًا وَكُنْتُ ْم َ‬
‫ص َبحْتُمْ بِنِ ْعمَتِهِ ِإ ْ‬
‫َف َأّلفَ بَ ْينَ ُقلُوبِكُمْ َفأَ ْ‬
‫لّ لَكُ ْم ءَايَاتِ ِه لَ َعلّ ُكمْ َتهْتَدُونَ [ آل عمران ‪. ] 103-102 :‬‬ ‫كَ َذ ِلكَ يُبَ ّينُ ا ُ‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪10‬‬
‫فالخوة نعمة من ال امتن بها ال على المؤمنين وقال تعالى ‪َ :‬ف َأّلفَ بَ ْينَ ُقلُوبِكُ ْم‬
‫ض جَمِيعًا مَا َأّلفْتَ بَ ْينَ ُقلُو ِبهِمْ‬
‫وقال تعالى ‪ :‬وََألّفَ بَ ْينَ ُقلُو ِبهِ ْم َلوْ أَ ْن َفقْتَ مَا فِي الَ ْر ِ‬
‫َولَ ِكنّ الَّ َأّلفَ بَيْ َنهُمْ إِنّ ُه عَزِي ٌز حَكِيمٌ‬
‫[ النفال ‪] 63 :‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حقوق الخوة فى ال ‪.‬‬
‫الحق الول ‪ :‬الحب فى ال والبغض فى ال ‪.‬‬
‫ففى الحديث الذى رواه أبو داود والضيساء المقدسى وصححه الشيخ اللبانى من‬
‫حديث أبى أمامة الباهلى أنه قال (( من أحبّ ل ‪ ،‬وأبغض ل وأعطى ل ومنع ل‬
‫فقد استكمل اليمان ))(‪. )2‬‬
‫وفى الصحيحين من حديث أنس أنه قال ‪ (( :‬ثلث من كن فيه وجد بهن حلوة‬
‫اليمـان ‪،‬أن يكون ال ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء ل يحبه إل ل ‪،‬‬
‫وأن يكره أن يعود فى الكـفر كما يكره أن يقذف فى النار ))(‪. )3‬‬
‫وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال ‪ (( :‬سبعة يظلهم ال فى ظله‬
‫يوم ل ظل إل ظله ‪ ،‬إمام عادل ‪ ،‬شاب نشأ فى عبادة ال ورجل قلبه معلق بالمساجد ‪،‬‬
‫ورجلن تحابا فى ال ‪ ،‬اجتمعا ‪ ،‬عليه ‪ ،‬وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ‬
‫وجمال ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنى أخاف ال ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى ل تعلم شماله ما‬
‫تنفق يمينه ورجل ذكـر ال خالياً ففاضت عينـاه ))(‪ .)4‬هل فكسرت فى هذا الحديث‬
‫النبوى الشريف ؟!! يومٍ تدنسو الشمس من الرؤوس ‪ ،‬والزحام وحده يكاد يخنق النفاس‬
‫‪ ،‬فالبشرية كلها ‪ -‬من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة ‪ -‬فى أرض المحشر ‪،‬‬
‫وجهنم تزفر و تزمجر ‪ ،‬قد أُتِىَ بها (( لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف‬
‫ملك يجرونها )) (‪ )5‬فى ظل هذه المشاهد التى تخلع القلب ‪ ،‬ينادى ال عز وجل على‬
‫سبعة ليظلهم فى ظله يوم ل ظل إل ظله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬ضمن هؤلء السبعة‬
‫السعداء رجسلن تحابا فى ال اجتمعا عليه وتفرقا عليه ‪ ،‬يالها ورب الكعبة من كرامة !!‬
‫وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أن النسبى قال ‪ (( :‬إن رجلً زار أخاً‬
‫له فى قرية أخرى ‪ ،‬فأرصد فأرض ال له على مدرجته ‪ ،‬ملكاً فلمّا أتى عليه قال ‪ :‬أين‬
‫تريد ؟ فقال ‪ :‬أريد أخاً لى فى هذه القرية ‪ .‬قال ‪ :‬هل لك عليه من نعمة َترُبّها ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫‪ )(2‬رواه أبو داود رقم ( ‪ ) 4681‬فى السنة ‪ ،‬باب الدليل على زيادة اليمان ‪ ،‬وأخرجه أيضًا أحمد‬
‫فى المسند ( ‪ ، ) 438 /3‬وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 5965‬‬
‫‪ )(3‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 16‬فى اليمان ‪ ،‬باب حلوة اليمان ‪ ،‬ومسلم رقم ( ‪ ) 43‬فى اليمان ‪،‬‬
‫باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلوة اليمان ‪.‬‬
‫‪ )(4‬رواه البخارى ( ‪ ) 1423‬فى الزكاة ‪ ،‬باب الصدقة باليمين ومسلم ( ‪ ) 1031‬فى الزكاة‬
‫باب فضل إخفاء الصدقة ‪ ،‬والموطأ ( ‪ ) 952 /2‬فى الشعر ‪ ،‬باب ما جاء فى المتحابين فى‬
‫ال ‪ ،‬والترمذى رقم ( ‪ ) 2392‬فى الزهد ‪ ،‬والنسائى ( ‪ ) 223 ، 222 /8‬فى القضاء ‪.‬‬
‫‪ )(5‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 2842‬فى صفة الجنة ‪ ،‬باب فى شدة حر نار جهنم ‪ ،‬والترمسذى رقم‬
‫( ‪ ) 2576‬فى صفة جهنم ‪ ،‬باب ما جاء فى صفة جهنم ‪.‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪11‬‬

‫‪ .‬غير أنى أحببته فى ال عز وجل ‪ ،‬قال ‪ :‬فإنى رسول ال إليك بأن ال قد أحبك كما‬
‫(‪) 6‬‬
‫أحببته فيه ))‬

‫وفى موطأ مالك وأحمسد فى مسنده بسند صحيح ‪ ،‬والحاكم ‪،‬وصححه ووافقه الذهبى‬
‫أن أبا إدريس الخولنى رحمه ال قال ‪ :‬دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برّاق الثّنايا‬
‫والناس حسوله فإذا اختلفوا فى شىء أسندوه إليه ‪ ،‬وصدروا عن قوله و رأيه ‪ .‬فسألت‬
‫عنه ؟ فقيل ‪ :‬هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجّرت ‪ ،‬فوجدته قد سبقنى بالتهجير‪،‬‬
‫ووجسدته يصلى‪ ،‬فانتظرته حتى قضى صلته ثم جئته من قِبَل وجهه ‪ ،‬فسلّمت عليه ‪ .‬ثم‬
‫قلت ‪ :‬وال إنى لحسبّك فى ال ‪ ،‬فقال ‪ :‬آل ؟ فقلت ‪ :‬آل ‪ ،‬فقال ‪ :‬آل ؟ فقلت ‪ :‬آل ‪ ،‬فقال‬
‫‪ :‬آل ؟ فقلت ‪ :‬آل ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخذ بحبوة ردائى ‪ ،‬فجبذنى إليه ‪ ،‬وقال ‪ :‬أبشر ‪ ،‬فإنى سمعت‬
‫رسول يقول ‪ :‬قال ال تبارك وتعالى ‪ :‬وجبت محبتى للمتحابين فىّ ‪ ،‬والمتجالسين‬
‫(‪)7‬‬
‫فىّ ‪ ،‬والمتزاورين فىّ ‪ ،‬والمتباذلين فىّ ))‬

‫وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه قال ‪ (( :‬والـذى نفسى بيده ل‬
‫تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ول تؤمنوا حتى تحابوا أول أدلكم على‬

‫شىء إذا فعلتموه تحاببتم ‪ :‬أفشوا السلم بينكم ))(‪. )8‬‬


‫فسلم على أخيك بصدق وحرارة ‪ ،‬ل تسلم سلمًا باهتاً بارداً ل حرارة فيه‪.‬‬
‫إننا كثيراً ل نشعر بحسرارة السلم واللقاء ول بإخلص المصافحة ‪ ..‬ل نشعر أن‬
‫القلب قد صافح القلب ‪.‬‬
‫ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة قال عليه الصلة والسلم‪ (( .‬الناس‬
‫معادن كمعادن الذهب والفضة ‪ ،‬فخيارهم فى السلم خيارهم فى الجاهلية إذا فقهوا‬
‫والرواح جنود مجندة ‪ ،‬فما تعارف منها ائتلف ‪ ،‬وما تناكر منها اختلف ))(‪.)9‬‬
‫قال الخطابى ‪ :‬فالخَيّر يحنو إلى الخيار والشرير يحنو إلى الشرار هذا هو معنى‬
‫ما تعارف من الرواح ائتلف وما تنافسر وتناكر من الرواح اختلف ‪ ،‬لذا ل يحب‬
‫المؤمن إل من هو على شاكلته من أهل اليمسان والخلص ول يبغض المؤمن إل‬
‫‪ )(6‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 2567‬فى البر و الصلة ‪ ،‬باب فضل الحب فى ال ‪ ،‬وأخرجه أحمد فى =‬
‫‪ = 7‬المسند رقم ( ‪) 2 / 463 – 408‬‬
‫() أخرجة المام مالك فى الموطأ ( ‪ ) 954 ، 953 /2‬فى الشعر ‪ ،‬باب ما جاء فى المتحابين‬
‫فى ال وأحمد فى المسند ( ‪ ) 229 /5‬وإسناده صحيح وصححه الحاكم ( ‪)169 ، 168 /4‬‬
‫على شرط الشيخين ووافقه الذهبى ‪ ،‬وابن حبان فى صحيحة ( ‪ 2510‬موارد ) وقال ابن‬
‫عبد البر ‪ :‬هذا إسناد صحيح ‪.‬‬
‫‪ )(8‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 54‬فى اليمان ‪ ،‬باب بيان أنه ل يدخل الجنة إل المؤمنسين وأن محبسة‬
‫المسؤمن من اليمسان ‪ ،‬وأبو داود رقم ( ‪ ) 5193‬فى الدب ‪ ،‬باب فى إفشاء السسلم‬
‫والترمذى رقم ( ‪ ) 3689‬فى الستئذان ‪.‬‬
‫‪ )(9‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 2638‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب الرواح جنود مجندة ‪ ،‬وأبو داود رقم‬
‫( ‪ ) 4834‬فى الدب ‪ ،‬باب من يؤمر أن يجالس وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 6797‬‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪12‬‬
‫ِإنّ الّذِينَ ءَامَنُوا َوعَ ِملُوا الصّا ِلحَاتِ سَ َيجْ َع ُل َلهُمُ‬
‫منافسق خبيث القلب ‪ ،‬قال ال تعالى‬
‫ال ّرحْ َمنُ وُدّا [ مريم ‪.] 96 :‬‬
‫أى يجعل ال محبتة فى قلوب عباده المؤمنسين ‪ ،‬وهذه ل ينالها مؤمن على ظهر‬
‫الرض إل إذا أحبسه ال ابتدا ًء ‪ .‬كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال رسول‬
‫ال ‪ (( :‬إن ال إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال ‪ :‬إنى أحب فلناً ‪ ،‬فأحبه قال ‪ :‬فيحبه‬
‫جبريل ‪ ،‬ثم يُنادى فى السماء فيقول ‪ :‬إن ال يحب فلناً فأحبوه ‪ ،‬فيحبه أهل السماء ‪.‬‬
‫قال ثم يوضع له القبول فى الرض ‪ ،‬وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول ‪ :‬إنى أُبغض‬
‫فلناً فأبغضه فقال ‪ :‬فيبغضه جبريل ثم ُينَادى فى أهل السماء ‪ :‬إن ال يبغض فلناً‬
‫(‪)10‬‬
‫فأبغضوه ‪ .‬قال ‪ :‬فيبغضونه ‪ .‬ثم توضع له البغضاء فى الرض ))‬

‫أيها الحباب الكرام ‪:‬‬


‫المرء يوم القيامسة يحشر مع من يحب ‪ ،‬فإن كنت تحب الخيار الطهار ابتداءً من‬
‫نبيك المختار وصحابته البرار والتابعين الخيار ‪ ،‬وانتهاء بإخوانك الطيبين فإنك‬
‫ستحشر معهم إذا شاء رب العالمسين وإن كنت تحب الخبث و الخبائث وأهل الفجور‬
‫واللهو واللعب كنت من الخاسرين فتحشر معهم إذا شاء رب العالمين ‪.‬‬
‫‪ :‬أن رجلً سأل النبى عن الساعة‬ ‫ففى الصحيحين من حديث أنس بن مالك‬
‫‪.‬فقال يا رسول ال متى الساعة ‪ .‬قال ‪ (( :‬وما أعددت لها ))‪ .‬قال ‪ :‬ل شىء ‪ ،‬إل أنى‬
‫أحب ال ورسوله ‪ .‬فقال ‪ (( :‬أنت مع من أحببت )) قال أنس ‪ :‬فما فرحنا بشىء فرحنا‬
‫بقول النبى ‪ (( :‬أنت مع من أحببت )) ‪.‬قال أنس فأنا أحب النبى وأبا بكر وعمر ‪،‬‬
‫وأرجو أن أكون معهم بُحبّى إياهم وإن لم أعمل بعملهم ))(‪.)11‬‬
‫ونحسن نشهسد ال أننسا نحسب رسسول ال وأبسى بكسر ‪ ،‬وعمسر ‪ ،‬وعثمان وعلىّ وجميسع‬
‫أصحاب الحبيب النبى ‪ ،‬وكل التابعين لنهجه وضربه المنير ونتضرع إلى ال بفضله ل‬
‫بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين‪.‬‬
‫ول در القائل ‪:‬‬
‫حباً له ‪ ،‬ما ذاك فى المكسان‬ ‫أتحب أعسداء الحبيب وتدعسى‬
‫أين المحسبة يا أخا الشيطان ؟!‬ ‫وكذا تعادى جاهسدًا أحبسابه‬
‫تحب على محسبته بل نقصسانِ‬ ‫إن المحسسبة أن توافسق مسن‬
‫خلف ما يحب فأنت ذو بهتان‬ ‫فلئن ادعيت له المحبسة مسع‬
‫لعاديت من بال ويحسك يكفرُ‬ ‫لو صسدقت ال فيما زعمتسه‬

‫‪ )(10‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 3209‬فى بدء الخلق ‪ ،‬باب ذكر الملئكسة صلوات ال عليهم ‪،‬‬
‫ومسلم ( ‪ ) 2637‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب إذا أحب ال عبداً حببه إلى عبادة ومالك فى أو‬
‫الموطأ ( ‪ ) 953 /2‬فى الشعر ‪ ،‬والترمذى رقم ( ‪ ) 3160‬فى التفسير ‪.‬‬
‫‪ )(11‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 3688‬فى فضائل أصحاب النبى ‪ ،‬باب مناقب عمر بن الخطاب‬
‫‪ ،‬ومسلم رقم ( ‪ ) 2639‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب المسرء مع من أحب ‪ ،‬وأبو داود رقم‬
‫( ‪ ) 5127‬فى الدب ‪ ،‬والترمذى رقم ( ‪ ) 1386‬فى الزهد ‪.‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪13‬‬

‫ولما تعاديهم وللكسفر تنصسرُ‬ ‫وواليت أهل الحق سراً وجهسرة‬


‫ولكن بأشراط هناك تذكسرُ‬ ‫فما كل من قد قال ما قلت مسلم‬
‫بنا جاءنا النص الصحيح المقرر‬ ‫مباينة الكسفار فى كسل موطن‬
‫تدعسوهم لسذاك وتجسسهر‬ ‫وتخضع بالتوحسيد بين ظهورهم‬
‫ومن السّنّة إذا أحب الرجسل أخاه أن يخسبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو‬
‫داود من حديث المقدام بن معد يكرب أن النبى قال ‪ (( :‬إذا أحب الرجل أخاه‬
‫فيخبره أنه يحبه ))(‪.)12‬‬
‫وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس ‪ :‬أن رجلً كان عند النبى فمر‬
‫به رجل فقال ‪ :‬يا رسول ال ! إنى لحب هذا ‪ .‬فقال له النبى ‪ (( :‬أعلمته ؟ )) قال ‪ :‬ل‬
‫‪ .‬قال ‪ (( :‬أعلمه )) قال ‪ :‬فلحقه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنى أحبك فى ال ‪ .‬فقال ‪ :‬أحبك الذى أحببتنى‬
‫له(‪. )13‬‬
‫وفى الحديث السذى رواه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث معاذ بن‬
‫جبل أن النبى أخذ بيده وقال (( يا معـاذ وال إنى لحبـك )) ‪.‬‬
‫فقال معاذ ‪ :‬بأبى أنت وأمى يا رسسول ال ‪ ،‬فوال إنى لحبك ‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫(( أوصيك يا معاذ فى دبر كل صلة أن تقول ‪ :‬اللهم أعنى على ذكرك وشكرك ‪ ،‬وحسن‬
‫عبادتك ))(‪.)14‬‬
‫وامتثالً لمر النبى الكريم ‪،‬فإنى أشهد ال أنى أحبكم جميعاً فى ال وأسأل ال أن‬
‫يجمعنى مع المتحابين بجلله فى ظل عرشه يوم ل ظل إل ظله ‪ ،‬إنه ولى ذلك والقادر‬
‫عليه ‪.‬‬
‫أقول قولى هذا ‪ ،‬و أستغر ال لى ولكم ‪.‬‬
‫الخطبة الثانية ‪:‬‬
‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا ‪،‬‬
‫وسيئات أعمالنا من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادى له‬
‫وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له ‪،‬وأشهد أن محمداً عبد ورسوله اللهم صل‬
‫وسلم وزد وبارك عليه ‪ ،‬وعلى آله ‪ ،‬وأصحابه ‪ ،‬وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى‬
‫بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ‪.‬‬
‫أما ب عد أيها الحبة ال كرام ‪.‬‬

‫‪ )(12‬رواه أبو داود ( ‪ ) 5124‬فى الدب ‪ ،‬باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إليه ‪ ،‬والترمذى رقم‬
‫( ‪ ) 2393‬فى الزهد ‪ ،‬باب ما جاء فى إعلم الحب وصححه اللبانى فى صحيح الجامع ( ‪) 279‬‬
‫‪ )(13‬رواه أبو داود رقم ( ‪ ) 5125‬فى الدب ‪ ،‬باب إخبار الرجل بمحبته إليه ‪ ،‬وحسنه اللبانى‬
‫فى صحيح سنن أبى داود ( ‪. ) 4274‬‬
‫‪ )13(14‬رواه أبو داود رقم (‪ )1522‬فى الصلة ‪ ،‬باب الستغفار ‪ ،‬والنسائى ( ‪ )3/53‬فى السهو‬
‫باب نوع آخر من الدعاء ‪ ،‬والحاكم فى المستدرك ( ‪ ، ) 274-273 /3‬وقال صحيح‬
‫السناد ولم يخرجاه ‪ ،‬ووفقه الذهبى وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 7969‬‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪14‬‬
‫الحق الثانى ‪ :‬أن ل يحمل الخ لخيه غلً ول حسداً ول حقداً ‪.‬‬
‫أحبتى فى ال ‪:‬‬
‫المؤمن سليم الصدر ‪ ،‬طاهر النفس ‪ ،‬نقى ‪ ،‬تقى القلب ‪ ،‬رقيق المشاعر رقراق‬
‫العواطف ‪ ،‬فالمؤمن ينام على فراشه آخر الليل ‪ -‬شهد ال فى عليائه ‪ -‬أنه ل يحمل ذرة‬
‫حقد ‪ ،‬أوغل ‪ ،‬أو حسد لمسلم البتسة على وجه الرض ‪ ،‬والنبى يقول كما فى‬
‫الصحيحين من حديث أنس بن مالك ‪.‬‬
‫(( ل تباغضوا ‪ ،‬ول تدابروا ‪ ،‬ول تنافسوا ‪ ،‬وكونوا عباد ال إخوانا ))(‪.)15‬‬
‫إن الحقد والحسد من أخطسر أمراض القلوب والعياذ بال ‪ ،‬فيرى الخ أخاه فى نعمة‬
‫‪ ،‬فيحقد عليه ويحسده ‪ ،‬ونسى هذا الجاهل ابتداءً أنه لم يرض عن ال الذى قسم الرزاق‬
‫‪ ،‬فليتق ال وليعد إلى ال سبحانه وتعالى وليسأل ال الذى وهب وأعطسى أن يهبه‬
‫غفِرْ لَنَا‬
‫ويعطيه من فضله ‪ ،‬وعظيم عطائه ‪ ،‬ويردد مع هؤلء الصادقين ‪ :‬رَبّنَا ا ْ‬
‫غلً ِللّذِينَ ءَامَنُوا رَبّنَا ِإ ّنكَ َرءُوفٌ‬ ‫خوَانِنَا الّذِينَ سَ َبقُونَا بِالِيمَانِ وَلَ َتجْ َعلْ فِي ُقلُوبِنَا ِ‬
‫وَ ِل ْ‬
‫َرحِيمٌ [ الحشر ‪. ] 10 :‬‬
‫وردد مع هؤلء بصفاء ‪ ،‬وصدق ‪ ،‬وعمل ‪ ،‬فقد قال ال فيهم ‪ :‬وَالّذِينَ تَ َب ّوءُوا الدّارَ‬
‫وَالِيمَانَ ِمنْ قَ ْب ِلهِمْ ُيحِبّونَ َمنْ هَاجَرَ ِإلَ ْيهِمْ َولَ َيجِدُونَ فِي صُدُو ِرهِ ْم حَاجَةً مِمّا أُوتُوا‬
‫سهِ ْم َو َلوْ كَانَ ِبهِ ْم خَصَاصَ ٌة وَ َمنْ يُوقَ شُحّ َنفْسِهِ َفأُولَ ِئكَ هُمُ‬
‫علَى أَ ْنفُ ِ‬
‫وَ ُيؤْثِرُونَ َ‬
‫الْ ُم ْف ِلحُونَ [ الحشر ‪.] 9 :‬‬
‫ففى مسند أحمد بسند جيد من حديث أنس قال كنا جلوساً عند النبى فقال‬
‫المصطفى ‪ (( :‬يطلع عليكم الن رجل من أهل الجنة )) فطلع رجل من النصار ‪ ،‬تنطف‬
‫لحيته من وضوئه ‪ ،‬قد تعلق نعليه فى يده الشمال ‪ ،‬فلما كان الغد قال النبى مثل‬
‫ذلك ‪ ،‬فطلع ذلك الرجل مثل المرة الولى ‪ ،‬فلما كان اليوم الثالث ‪ ،‬قال النبى مثل‬
‫‪ ،‬تبعه عبد‬ ‫مقالته أيضاً ‪ ،‬فطلع ذلك الرجسل على مثل حالسه الولى ‪ ،‬فلما قام النبى‬
‫ال بن عمسرو بن العاص فقال ‪ :‬إنى ل حَ ْيتُ أبى فأقسمت أن ل أدخل عليه ثلثا فإن‬
‫رأيت أن تؤينى إليك حتى تمضى فعلت ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال أنس ‪ :‬وكان عبد ال يحدث‬
‫أنه بات معه تلك الليالى الثلث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار( أى انتبه‬
‫فى الليل ) وتقلب على فراشه ذكر ال عز وجل وكبر حتى يقوم لصلة الفجر ‪ ،‬قال عبد‬
‫ال غسير أنى لم أسمعه يقول إل خيراً ‪ ،‬فلما مضت الثلث ليالٍ وكسدت أن أحتقر عمله ‪،‬‬
‫قلت يا عبد ال إنى لم يكسن بينى وبين أبى غضب ول هجر ثَمّ ولكن سمعت رسول ال‬
‫يقول لك ثلث مرات ‪ (( :‬يطلع عليكم الن رجل من أهل الجنـة )) فطلعت أنت‬
‫الثسلث مرار ‪ ،‬فأردت أن آوى إليك لنظر ما عملك فأقتدى بك‪،‬فلم أرك تعمل كثير‬
‫‪ )(15‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 6065‬فى الدب ‪ ،‬باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ‪ ،‬ومسلم‬
‫( ‪ ) 2563‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب تحريم الظن والتحسس والتنافس ‪ ،‬و مالك فى الموطسأ‬
‫( ‪ ) 908 ، 907 /2‬فى حسن الخلق وأبو داود ( ‪ ) 4917 ، 4882‬فى الدب ‪ ،‬باب‬
‫فى الغيبة ‪ ،‬والترمذى ( ‪ ) 1928‬فى البر والصلة ‪ ،‬باب ما جاء فى شفق المسلم على المسلم ‪.‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪15‬‬

‫عمل فما الذى بلغ بك ما قال رسول ال ؟! قال ‪ :‬ما هى إل ما رأيت ‪ .‬قال فلما وليت‬
‫وعانى فقال ‪ :‬بما هو إل ما رأيت غير أنى ل أجد فى نفسى لحد من المسلمين غشاً ول‬
‫أحسد أحداً على خير أعطاه ال إياه ‪ .‬فقال عبد ال ‪ :‬هذه التى بلغت بك ‪ ،‬وهى التى ل‬
‫(‪)16‬‬
‫نطيق ‪.‬‬
‫إن سلمة الصدر من الغل والحسد بلغت بهذا الرجل أن يشهد له رسول ال‬
‫بالجنة وهو فى الدنيا ‪ ..‬يا لها من كرامة ‪.‬‬
‫الحق الثالث ‪ :‬طهارة القلب والنفس ‪.‬‬
‫إن من حقوق الخسوة فى ال أنك إن لم تستطع أن تنفع أخاك بمالك فلتكف عنه‬
‫لسانك ‪ ،‬وهذا أضعف اليمسان ‪ ،‬فإن تركنا اللسنة تُلقى التهم جزافاً دون بينة أو دليل ‪،‬‬
‫وتركنا المجال فسيحاً لكل إنسان أن يقول ما شاء فى أى وقت شاء ‪ ،‬فإنما ينتشر بذلك‬
‫الفساد والحسد‪ ،‬والبغضاء ‪ ،‬فإن اللسان من أخطر جوارح هذا الجسم ‪ ،‬قال ال جل‬
‫وعل ‪:‬‬
‫ب عَتِيدٌ [ ق ‪. ] 18 :‬‬ ‫مَا َي ْل ِفظُ ِمنْ َق ْولٍ إِ ّل َلدَيْهِ رَقِي ٌ‬
‫ن ءَامَنُوا َلهُ ْم عَذَابٌ‬ ‫وقال تعالى ‪ِ :‬إنّ الّذِينَ ُيحِبّـونَ َأنْ تَشِيعَ ا ْلفَاحِشَةُ فِي الّذِي َ‬
‫لخِرَةِ [ النور ‪. ] 19 :‬‬ ‫َألِيمٌ فِي الدّ ْنيَا وَا ْ‬
‫ت لُعِنُوا فِي‬ ‫وقال جسل فى عله ‪ِ :‬إنّ الّذِينَ َيرْمُونَ الْ ُمحْصَنَـاتِ الْغَافِـلَتِ الْ ُمؤْمِنَا ِ‬
‫جُلهُمْ بِمَا‬
‫سنَ ُتهُ ْم وَأَيْدِيهِ ْم وَأَ ْر ُ‬
‫علَيْهِمْ َألْ ِ‬
‫شهَ ُد َ‬
‫عظِيمٌ(‪َ )23‬يوْمَ َت ْ‬ ‫ب َ‬‫لخِرَ ِة َولَهُ ْم عَذَا ٌ‬ ‫الدّنْيَا وَا ْ‬
‫حقّ الْ ُمبِينُ‬ ‫لّ هُوَ ا ْل َ‬ ‫حقّ وَيَ ْعلَمُونَ َأنّ ا َ‬ ‫كَانُوا يَعْ َملُونَ(‪َ )24‬يوْمَ ِئذٍ ُيوَفّيهِمُ الُّ دِي َنهُمُ ا ْل َ‬
‫النور ‪. ] 23،25 [ :‬‬
‫تورع عن إخوانك ‪ ،‬أمسك عليك لسانك ‪ ،‬واتقى ال فوال ما من كلمة إل وهى‬
‫مسطرة عليك فى كتاب عند ال ل يضل ربى ول ينسى ‪.‬‬
‫ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال ‪ (( :‬من كان يؤمن بال واليوم‬
‫الخر فليقل خيراً أو ليصمت ))(‪.)17‬‬
‫وفى الصحيحين من حديث أبى موسى قلت يا رسسول ال أى المسلمين أفضل ؟ قال ‪:‬‬
‫(( من سلم المسلمون من لسانه ويديه ))(‪. )18‬‬

‫‪ )(16‬رواه أحمد فى المسند ( ‪ ) 166 /3‬رقم ( ‪ ) 12633‬وقال محققه إسناده صحيسح ‪ ،‬ووراه‬
‫أيضًا الترمذى رقم ( ‪ ) 694‬والطبرانى فى الكبير ( ‪ ، ) 206 /10‬والحاكم فى المستدرك‬
‫وصححه ووافقه الذهبى ‪.‬‬
‫‪ )(17‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 6138‬فى الدب ‪ ،‬باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه ‪ ،‬ومسلم‬
‫رقم ( ‪ ) 48‬فى اليمان ‪ ،‬باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إل عن الخير‬
‫وكون ذلك كله من اليمان ‪ ،‬والموطأ ( ‪ ) 929 /2‬فى صفة النبى ‪.‬‬
‫‪ )(18‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 11‬فى اليمان ‪ ،‬باب من سلم المسلمون من لسانه ويده ‪ ،‬ومسلم‬
‫رقم ( ‪ ) 42‬فى اليمان ‪ ،‬باب بيان تفاضل السلم ‪ ،‬والترمسذى رقم ( ‪ ) 2506‬فى‬
‫صفة القيامة ‪ ،‬والنسائى ( ‪ ) 107 ،106 /8‬فى اليمان ‪.‬‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪16‬‬
‫قال ‪ (( :‬إن العبد‬ ‫وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة واللفظ للبخسارى أنه‬
‫ليتكلم بالكلمة من رضـوان ال ‪ ،‬ل يلقى لها بال ‪ ،‬فيرفعه ال بها فى الجنة ‪ ،‬وإن العبد‬
‫ليتكلم بالكلمة من سخط ال ‪ ،‬ل يلقى لها بال ‪ ،‬فيهوى بها فى جهنم ))(‪. )19‬‬
‫وفى حديث ابن عمر أن النبى قال ‪ (( :‬الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان‬
‫الرجل أمه وإن أربا الربا استطالة الرجل فى عِ ْرضِ أخيه ))(‪.)20‬‬
‫وأختم هذه الطائفسة النبوية الكريمة بهذا الحديث الذى يكاد يخلع القلب والحديث رواه‬
‫المام أحمد فى مسنده ‪،‬وأبو داود فى سننه من حديث يحيى بن راشد قال ‪ … (( :‬من‬
‫قال فى مؤمن ما ليس فيه اسكنه ال ردغة الخبال حتى يخـرج مما قال ))(‪ . )21‬وردغة‬
‫الخبسال ‪ :‬عصارة أهسل النار ‪ ،‬والرّدغة – بفتح الدال وسكونها‪ -‬الماء والطين ‪.‬‬
‫وال لو نحمل فى قلوبنسا ذرة إيمان ونسمع حديث من هذه الحاديث‬
‫للجم النسان لسانه بألف لجام قبل أن يتكلم كلمة ولكن ل أقسول ضعف‬
‫إيمان ‪ ،‬بل إن ل وإن إليه راجعون ‪.‬‬
‫الحق الرابع ‪ :‬العانه على قضاء حوائج الدنيا على قدر استطاعتك ‪.‬‬
‫واسمع إلى هذا الحديث الذى تتلل منه أنوار النبوة ‪:‬‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول ! أى‬ ‫ل جاء إلى النسبى‬ ‫عن ابن عمر رضى ال عنهما قال ‪ :‬أن رج ً‬
‫الناس أحب إلى ال ؟ وأى العمال أحب إلى ال ؟ فقال رسول ال ‪ (( :‬أحب الناس‬
‫إلى ال تعالى أنفعهم للناس ‪ ،‬وأحب العمال إلى ال عز وجل ‪ ،‬سرور يدخله على‬
‫مسلم ‪ ،‬أو يكشف عنه كربه ‪ ،‬أو يقضى عنه دينا ‪ ،‬أو يطرد عنه جوعاً ‪ ،‬ولن أمشى‬
‫ى من أن اعتكف فى المسجد شهراً ( يعنى ‪ :‬مسجد‬ ‫فى حاجة أخى المسلم أحب إل ّ‬
‫المدينة ) ‪ ،‬ومن كف غضبه ستر ال عورته ‪ ،‬ومن كظم غيظه – ولو شاء أن يمضيه‬
‫أمضاه – مل ال قلبه رضى يوم القيامة ‪ ،‬ومن مشى مع أخيه المسلم فى حاجته حتى‬
‫يثبتها له ‪ ،‬أثبت ال قدمه يوم تَ ِزلّ القـدام ‪ ،‬وإن سوء الخلق ليفسد العمـل كما يفسد‬
‫الخـل العسل ))(‪.)22‬‬

‫رواه البخارى رقم ( ‪ ) 6478‬فى الرقاق ‪ ،‬باب حفظ اللسان ‪ ،‬ومسلم رقم ( ‪) 2988‬‬ ‫‪)(19‬‬
‫فى الزهد ‪ ،‬باب التكلم بالكلمة يهسوى بها فى النار ‪ ،‬والموطسأ ( ‪ ) 985 /2‬فى الكلم‬
‫‪ ،‬والترمذى فى الزهد ‪ ،‬باب فيمن تكلم بكلمة ليضحك بها الناس ‪.‬‬
‫رواه الطبرانى فى الوسط ( ‪ ) 143 /1‬وقال اللبانى فى الصحيحة ( ‪ : ) 1871‬والحديث‬ ‫‪)(20‬‬
‫بمجموع طرقه صحيح ثابت ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 3537‬‬
‫أخرجه أحمد فى المسند ( ‪ ) 70 /2‬وقال الشيخ شاكر ‪ :‬إسناده صحيح ‪ ،‬وأبو داود رقم‬ ‫‪)(21‬‬
‫( ‪ ) 3597‬فى القضية ‪ ،‬باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها وصححه‬
‫اللبانى فى الصحيحة ( ‪. ) 437‬‬
‫رواه ابن أبى الدنيسا فى قضاء الحوائج ص ‪ 80‬رقم ‪ 36‬وحسنه اللبانسى فى الصحيحة‬ ‫‪)(22‬‬
‫( ‪ ) 906‬وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 176‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪17‬‬

‫فمن حق المسلم على المسلم إن استطاع أن يعينه فى أمر من أمور الدنيا أن ل يبخل‬
‫عليه فأنت يا مسلم لئن مشيت فى حاجة أخيك المسلم أفضل عند ال تعالسى من أن‬
‫تعتكف فى المسجد شهراً واثبت ال قدمك يوم تزل القدام ‪.‬‬
‫وفى صحيح مسلم من حديث أبى هسريرة يقول المصطفى ‪ (( :‬من نفث عن‬
‫مؤمن كربة من كرب الدنيا نفث ال عنه كربة من كرب يوم القيامة ‪ ،‬ومن يسر على‬
‫معسر يسر ال عليه فى الدنيا والخرة ‪ ،‬ومن ستر مسلماً ستره ال فى الدنيا والخرة‬
‫‪ ،‬وال فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه … ))(‪.)23‬‬
‫ن ال عليك بمنصبٍ أو جاه ‪ .‬إن استطعت أن تنفع إخوانك‬ ‫فيا أخى المسلم ‪ ،‬يا منْ م ّ‬
‫فافعل ول تبخل وبالمقابل يجب على المسلمسين ‪ ،‬أن ل يكلفوا إخوانهم بما ل يطيقون‬
‫وإن كلفوهم فعجزوا فليعذروهم قال تعالى ‪:‬‬
‫لَ ُي َكلّفُ الُّ َنفْسًا إِ ّل وُسْ َعهَا [ البقرة ‪.] 286 :‬‬
‫وما أجمل أن يقول الخ لخسيه ‪ :‬أسأل ال أن يجعلك مفتساح خير ‪ ،‬وهذه حاجتى‬
‫إليك ‪ ،‬فإن قضيتها حمدت ال ‪،‬ثم شكرتك ‪ ،‬وإن لم تقضها لى حمدت ال ثم عذرتك ‪ ،‬ها‬
‫هى الخوة ‪.‬‬
‫الحق الخامس ‪ :‬بذل النصيحة بصدق وأمانة ‪.‬‬
‫قال (( الدين‬ ‫ففى صحيح مسلم من حديث تميم الدارى أن رسول ال‬
‫النصيحة )) قلنا ‪ :‬لمن يا رسول ال ؟ قال ‪ (( :‬ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين‬
‫وعامتهم ))(‪.)24‬‬
‫لكن أتمن من ال أن يع إخوانى الضوابط الشرعية للنصيحة ‪.‬‬
‫قال الشافعى ‪ :‬من نصح أخساه بين الناس فقد شانه ‪ ،‬ومن نصح أخاه فيما بينه وبينه‬
‫فقد ستره وزانه ‪.‬‬
‫والناصح الصسادق ‪ :‬رقيق القلب ‪ ،‬نقى السريرة ‪ ،‬مخلص النية ‪ ،‬يحب لخيه ما‬
‫يحب لنفسه ‪ ،‬فإن رأى أخاه فى عيب دنى منه بحنان ‪ ،‬وتمسنى أن لو ستره بجسوارحه ل‬
‫بملبسه ‪ ،‬ثم قال له حبيبى فى ال ‪ .‬ثم يبسين له النصيحة بأدب ورحمة ‪،‬وتواضع ‪،‬‬
‫فلتُشْعِر أخاك وأنت تنصحه ‪ :‬بحبك له ‪ ،‬وبتواضعك وخفض جناحك له ‪ ،‬فقد سطر ال‬
‫[ الفتح‬ ‫علَى الْ ُكفّارِ ُرحَمَاءُ بَيْ َنهُمْ …‬
‫لّ وَالّذِينَ مَعَهُ َأشِدّاءُ َ‬
‫فى كتابه ُمحَمّدٌ َرسُولُ ا ِ‬
‫‪. ] 29 :‬‬

‫‪ )(23‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 2699‬فى الذكر والدعاء ‪ ،‬باب فضل الجتماع على تلوة القرآن‬
‫وعلى الذكر وأبو داود رقم ( ‪ ) 4946‬فى الدب ‪ ،‬باب من المعونه للمسلم ‪،‬والترمذى‬
‫( ‪ ) 1425‬فى الحدود ‪ ،‬باب ما جاء فى الستر على المسلم ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع ( ‪. ) 6577‬‬
‫‪ )(24‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 55‬فى اليمسان ‪ ،‬باب بيسان أن الدين النصيحة ‪ ،‬والترمسذى رقم‬
‫( ‪ ) 1927‬فى البر والصلة من حديث أبى هريرة ‪.‬‬
‫شيخ محمد حسان‬ ‫خطب ال‬
‫‪18‬‬
‫جلس رجل فى مجلس عبد ال بن المبارك فاغتاب أحد المسلمين ‪ ،‬فقال له عبد ال‬
‫بن المبارك ‪ :‬يا أخى هل غزوت الروم ؟! قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬هل غزوت فارس ؟! قال ‪ :‬ل‬
‫‪ .‬فقال عبد ال بن المبارك ‪ :‬سلم منك الروم وسلم منك فارس ‪ ،‬ولم يسلم منك أخوك !!‬
‫والذى بُ ِذلَ له النصيحة عليه أن يحسن الظن بأخيه الناصسح ول تأخذه العزة بالثم ‪،‬‬
‫وأن يتقبلها منه بلطف ‪ ،‬وأدب ‪ ،‬وتواضع ‪ ،‬وحب ‪ ،‬ويشكره عليها ويدعو له بظاهر‬
‫الغيب ‪.‬‬
‫ورحم ال من قال ‪ :‬رحم ال من أهدى إليّ عيوبى ‪.‬‬
‫الحق السادس ‪ :‬التناصر‬
‫‪ (( :‬انصر أخاك ظالم ًا أو مظلوماً ‪،‬‬ ‫عن أنس بن مالك قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول ال أنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالمًا ؟ فقال ‪ (( :‬تأخذ فوق‬
‫يديه ))(‪. )25‬‬
‫انصر أخاك فى كل الحوال‪ ،‬إن كان ظالماً خذ بيده عن الظلم‪ ،‬وإن كان مظلوماً‬
‫وأنت تملك أن تنصره انصره ‪ ،‬ولو بكلمة وإن عجزت فبقلبك وهذا أضعف اليمان ‪.‬‬
‫الحق السابع ‪ :‬أن تستر عيب أخيك المسلم وتغفر له ذلته ‪:‬‬
‫وهذا من أعظم الحقوق ‪ :‬فالخ ليس َملَكاً مقرباً ‪ ،‬ول نبياً مرسلً ‪ ،‬فإن ذل الخ فى‬
‫هفوة فهو بشر ‪ ،‬استر عليه ‪.‬‬
‫قال العلماء ‪ :‬الناس صنفان ‪ .‬صنف اشتهر بين الناس بالصلح والبعد عن‬
‫المعاصسى ‪ ،‬فإن ذل ووقع وسقط فى هفوة من الهفسوات على المسلمين أن‬
‫يستروا عليه ‪ ،‬ول يتبعوا عوراته ‪.‬‬
‫ففى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى برزة السلمى‬
‫أنه قال ‪ (( :‬يا معشر من آمن بلسانه ‪ ،‬ولما يدخل اليمان قلبه ل تغتابوا المسلمين‬
‫ول تتبعوا عوراتهم ‪ ،‬فإنه من تتبع عوراتهم ‪ ،‬تتبع ال عورته ‪ ،‬ومن تتبع ال عورته‬
‫‪ ،‬يفضحه فى بيته ))(‪. )26‬‬
‫نسأل ال أن يسترنا وأياكم بستره الجميل ‪.‬‬
‫والصنف الثانى من الناس ‪ :‬يبارز ال بالمعاصى ويجهر بها ‪ ،‬ول يستحى من الخالق ‪،‬‬
‫ول من الخلق ‪ ،‬فهذا فاجر ‪ ،‬فاسق ‪ ،‬ل غيبة له ‪.‬‬
‫وأخيراً ‪ :‬الطريق إلى الخوة ‪.‬‬
‫وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً أن الطريق قد وضع فى ثنايا المحاضرة ولكننى أجمل هذا‬
‫الطريق فى خطوتين اثنتين ل ثالث لهما ‪.‬‬
‫أما الخطوة الولى ‪ :‬العودة الصادقة إلى أخلق هذا الدين ‪.‬‬
‫‪ )(25‬رواه البخارى رقم ( ‪ ) 2444‬فى المظالم ‪ ،‬باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً ‪ ،‬والترمسذى‬
‫رقم ( ‪ ) 2256‬فى الفتن ‪.‬‬
‫( ‪) 421 /4‬‬ ‫‪ )(26‬رواه أبو رقم ( ‪ ) 4880‬فى الدب ‪ ،‬باب فى الغيبة ‪ ،‬ورواه أيضًا أحمد فى المسند‬
‫وصححه اللبانى فى صحيح سنن أبى داود ( ‪. ) 4083‬‬
‫الخ وة فى ال‬
‫‪19‬‬

‫فإن ذهبت أخلقهم ذهبوا‬ ‫إنما المم الخلق ما بقيت‬


‫فلنعد إلى هذه الخلق السامية التى ينفرد بها الدين السلمى لتعود لنا الخوة‬
‫الصادقة فى ال ‪ ،‬تعود الخوة الحقيقة ‪ ..‬فلتلتئم الصفوف ‪ ،‬وتضمد الجراح ‪ ،‬وتلتقى‬
‫المة على قلب رجل واحد ‪.‬‬
‫فوال ثم وال ل ألفة ‪ ،‬ول عزة ‪ ،‬ول نصرة ‪ ،‬ول تمكسين ‪ ،‬إل بالعودة الصادقة إلى‬
‫أخلق هذا الدين وإن شئت فقل العودة الصادقة إلى أخلق سيد المرسلين ‪ ،‬فلقد لخصت‬
‫عائشة رضى ال عنها أخلق النبى فى كلمات قليلة ولكنها عظيمة فقالت (( كان خلقه‬
‫القـرآن ))(‪ )27‬نعم وال إنه كان قرآن يمشى على الرض فى دنيا الناس ‪.‬‬
‫أيها الحبة ‪ :‬قد يكون من اليسير جداً –كما أقرر دائماً – تقديم منهج نظرى فى‬
‫التربية والخلق ‪ ،‬بل إن المنهج هذا موجود بالفعل وسُطّر فى بطون الكتب والمجلت‬
‫ولكن هذا المنهج ل يساوى قيمة الحبر الذى كتب به إن لم يتحول فى حياة المة مرة‬
‫أخرى إلى واقع عملى وإلى منهج حياة فإن البون شاسعاً بين منهجنا المنير المضىء‬
‫ووقعنا المر المرير الليم ‪.‬‬
‫الخطوة الثانية ‪ :‬نتحرك لدعوة المسلمين إلى هذه الخلق بالحكمة والموعظة الحسنة ‪.‬‬
‫بعسد أن نحوّل هذه الخلق النظريسة إلى واقسع عملى منيسر مضىء فسى حياتنسا يجسب‬
‫علينسا بعسد ذلك أن نتحرك لدعوة المسسلمين إلى هذه الخسسلق بالحكمسة البالغسة والموعظسة‬
‫الحسسنة ‪ ،‬والكلمسة الرقيقسة الرقراقسة ‪ ،‬والرفسق والحلم ‪ ،‬فهذا هسو مقام دعوة الناس إلى ال‬
‫فى كل زمان ومكان قال ال تعالى ‪:‬‬
‫[ النحل ‪:‬‬ ‫سنُ‬‫عظَةِ ا ْلحَسَ َن ِة َوجَا ِد ْلهُمْ بِالّتِي هِيَ َأحْ َ‬
‫ا ْدعُ ِإلَى سَبِيلِ َر ّبكَ بِا ْلحِكْ َم ِة وَالْ َموْ ِ‬
‫‪. ] 125‬‬
‫عفُ عَ ْنهُمْ‬ ‫ح ْو ِلكَ فَا ْ‬
‫غلِيظَ ا ْلقَلْبِ َل ْنفَضّوا ِمنْ َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ :‬و َلوْ كُنْتَ َفظّا َ‬
‫[ آل عمران ‪] 159 :‬‬ ‫علَى الِّ‬‫وَاسْتَ ْغفِ ْر َلهُ ْم وَشَاوِ ْرهُمْ فِي ا َلمْرِ َفإِذَا عَزَمْتَ فَ َتوَ ّكلْ َ‬
‫أسأل ال أن يربط قلوبنا برباط وثيق رباط الحب فى ال ‪ ،‬حتى نعود مرة أخرى إلى‬
‫عزتنسا وكرامتنسا وسسيادتنا وتتحقسق السسنن الربانيسة فينسا بحوله ومدده إنسه ولى ذلك والقادر‬
‫عليه ‪.‬‬

‫…‪ ..‬الدعـاء‬

‫‪ )(27‬رواه مسلم رقم ( ‪ ) 746‬فى صلة المسافرين ‪ ،‬باب جامع صلة الليل ‪ ،‬ومن نام عنه أو‬
‫مرض ‪.‬‬

You might also like