Professional Documents
Culture Documents
جرائم بشعة
إن الحمسسد ل نحمده ونسسستعينه ونسسستغفره ونعسسسوذ بال مسسن شرور أنفسسسنا وسسسيئات
أعمالنا من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادى له وأشهد أل إله إل ال وحده ل
شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
[ آل سلِمُونَ حقّ ُتقَاتِ ِه وَلَ َتمُو ُتنّ ِإ ّل وَأَنْتُمْ ُم ْلّ َ
يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ
عمران . ] 102 :
خ َلقَ مِ ْنهَا َز ْوجَهَا وَبَثّ س وَاحِدَ ٍة َو َ خ َلقَكُمْ ِمنْ َنفْ ٍيَاأَ ّيهَا النّاسُ ا ّتقُوا رَبّ ُكمُ الّذِي َ
علَيْكُمْ
مِ ْنهُمَا ِرجَالً كَثِيرًا وَنِسَا ًء وَا ّتقُوا الَّ الّذِي تَسَا َءلُونَ ِب ِه وَالَ ْرحَامَ ِإنّ الَّ كَانَ َ
رَقِيبًا [ النساء . ] 1 :
ح لَكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وَيَ ْغفِـرْ
صلِ ْ
سدِيدًا(ُ )70ي ْ لّ وَقُولُوا َقوْلً َ يَاأَ ّيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا ا ّتقُوا ا َ
لّ وَرَسُـولَهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا [ الحزاب . ] 71-70 : لَكُمْ ذُنُوبَ ُك ْم وَ َمنْ ُيطِـعِ ا َ
أما ب عـد -:
فإن أصدق الحديث كتاب ال وخير الهدى هدى محمد وشر المور محدثاتها
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة فى النار .
أحبتى ف ى ال ..
(( جرائم بشعة )) تدق أجراس الخطسر فى آذان المسلمين جميعاً وتقرع الذان بشدة
وقوة وهى تقول :أفيقوا أيها المسلمون ،فإن ما تعيشون فيه من ضنك وشقاء إنما هو
نتيجة حتمية عادلة لعزوفكم عن منهج ربكم .
تلك الجرائم التى صدمت آذاننا وأفزعت قلوبنا فى اليام القليلة الماضية هذا الذى
دخل على أخته فوجدها بين أحضان مدرسها الخصوصى فأخذته الغيرة فقتل أخته .
وهذه المرأة الفاجرة الداعرة التى دخل عليها أبوها فرآها تمارس الفاحشة والعيساذ
بال مع شاب وهو الذى صُدِم قلبه ،وكاد بصره أن يُخطف يوم أن وصسل إلى مسامعه
همسات تؤكسد أن فلذة كبده وثمسرة فؤاده تمارس الفاحشة ،فما كان من هسذه الشقية
التعسة وشريكها الشقى التعس إل أن انقضا على هذا الوالد المسكين فقتله .
ما هذا الذى نسمع ؟! وما هذا الذى يحدث ؟! وما هذا الذى يجرى يا عباد ال ؟! إن
السلم دين الفطرة ،فالسلم ل يحارب دوافع الفطرة أبداً ول يستقذرها ،وإنمسا
ينظمها ويطهرها ويرقيها إلى أسمى المشاعر التى تليق بالنسان كإنسان .
عنْ ذِكْرِيشقَى()123وَ َمنْ َأعْ َرضَ َ ضلّ َولَ يَ ْ قال تعالى … :فَ َمنِ اتّ َب َع هُدَايَ َفلَ يَ ِ
شرْتَنِي َأعْمَى وَقَدْ
شرُهُ َيوْمَ ا ْلقِيَامَةِ َأعْمَى()124قَالَ رَبّ لِمَ حَ َ َف ِإنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَ َنحْ ُ
[ طه ] 126 -123 : كُنْتُ بَصِيرًا()125قَالَ كَ َذ ِلكَ َأتَ ْتكَ ءَايَاتُنَا فَ َنسِي َتهَا وَكَ َذ ِلكَ الْ َيوْمَ تُنْسَى
خطب الشيخ محمد حسان
58
ولن تكون جرائمنا التى نشرتها جرائدنا الغسراء فى الماضى القريب هى الخيرة
من نوعها ،ولم ولن تكن هذه الجرائم هى الخيرة بل ورب الكعبة سوف نسمع أبشع
من هسذا ما دام الناس يتلقسون تربيتهم وتعاليمهم عن العلمانيين والساقطين والراقصين
والتافهسين وقد تركوا تعاليم رب العالمين ،و َنحَوْ شريعة سيد المرسلين ،لن تكون
هذه الجرائم هى الحلقة الخيرة للمسلسل وانمسا هى لبنة عفنة فى بناء عفن ،وهى حلقة
فى مسلسل آسن ،وهى حلقة من سلسلة طويلة مُرّة مريرة لم ولن تنتهى حتى يعسود
الناس من جديد إلى قرآن ربهم وسنة نبيهم .
أيها المسلمون السلم دين الفطرة ،السلم دين ال الذى خلق الرجل والمسرأة على
السواء ،وهو يعلم سبحانه وتعالى ما يصلح الفرد و ما يصلح المجتمع ،وما يسعد به
الفرد وما يسعد به المجتمع ،أليس هو القائل :
هوَ ال ّلطِيفُ ا ْلخَبِيرُ )) [ الملك ] 14 : خ َلقَ َو ُ
ن َ
(( َألَ يَ ْعلَمُ َم ْ
السسلم يحرص أن يهيأ المناخ الصالح لكى يتنفس الفرد المسلم فى جو اجتماعى
طاهر نظيف ،ثم يعاقب بعد ذلك وبمنتهى الصسرامة والشدة كل فرد ترك هذا الجو
النظيف الطاهر النقى وراح يرتع فى وحل الجريمة الثم طائعًا مختاراً غير مضطر ،
فالسسلم ل يطلق لحسد العنان لكى يعيث فى الرض فساداً ،من انتهساك حرمات ،
أوالتعدى على أعسراض المؤمنات ،أوتجريح البيوت المنة المطمئنة ،فالسسلم ل
يطلق للفرد العنان ليفعل هذا كله ،ولكن إذا لم تجدى فى الفرد التربية ولم تؤثر فيه
الموعظة ولم يلتفت إلى كتاب ال وإلى سنة رسول ال وإلى كرامة أبناء المجتمع الذى
يعيش بينهم ،إذا لم يراعى الفرد كل هذا وانطلق ليعربد وينتهك العرض والحسرمة
حينئذٍ يأخذ السلم على يديه بمنتهى الصرامة والشدة ،لتعيش الجماعة كلها آمنة هادئة
مطمئنة ،وهذه هى عين الرحمة فى أسمى معانيها ،أليس ربنا هو القائل:
[ البقرة ] 179 : ب لَ َعلّكُمْ تَ ّتقُونَ
َولَكُمْ فِي ا ْلقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي ا َللْبَا ِ
فتعالى معى لنعيش مع هذا المثل المجسد لحال السلم مع العضو الفاسد وما تدعو
إليه هذه الية الكريمة :
أريتم لو أن إنسانًا من الناس أصيب بمرض خبيث -أعاذنا ال إياكم منه – بطرف
من أطرافه وقرر الطباء المتخصصون أنه لبد من بتر هذا الطرف حتى ل يسرى
المرض فى جميع أجزاء الجسم ،هل يأتى عاقل ويقول ل إنها وحشية إنها بربرية ،
إنها غلظة وقسوة ،ل تقطعوا هذا الطرف ل وال وإنما سيأتى أقسرب الناس إلى
المريض وأحب الناس إليه ويتضرع إلى الطبيب بل ويبذل له كل نصح وكل دعاء ،مع
أنه يعلم أنه ذاهب إلى غرفسة العمليات ليقطع طرف من أطراف عزيز لديه وحبيب عنده
،ولكنه يعلم أن بتر هذا الطرف سيضمن له الحياة بأمر ال جل وعل وستحيى بقية
أطرافه ،نعم إنها الرحمسة بعينها رغم أنه سيبتر طرف من أطراف الجسد ،فهذا الفسرد
الذى عاث وعربد وهتك ،ولم تؤثر فيه الموعظة ،ولم يراعى حرمة المجتمع الذى
جرائم بشعة 59
عاش وترعر فيه ،وانطلق ليعيث فى الرض فسادًا بانتهاك الحرمات وهتك
العراض ،فالسسلم بعين الرحمة يأخذ على يدى هذا الفرد العفن بمنتهى الشدة
والصرامة ليزول الفرد العفن السرطانى ولتبقى الجماعة كلها هادئة آمنة مطمئنة أليس
علّكُمْ تَ ّتقُونَ ))
ب لَ َ
ص حَيَاةٌ يَاأُولِي ا َللْبَا ِال هو القائل (( َولَكُمْ فِي ا ْلقِصَا ِ
لذلك شدد الشرع بصرامة على معاقبة جريمة الفاحشة لنها أبشع جريمة على ظهر
الرض بعد الشرك بال وقتل النفس التى حسرم ال ،فقد سجل المولى فى قرأنه فى
سياق صفسات عباد الرحمسن فقال :وَالّذِينَ لَ يَ ْدعُونَ َمعَ الِّ ِإ َلهًا ءَاخَ َر وَلَ َيقْ ُتلُونَ
ف لَهُن وَ َمنْ َيفْ َعلْ َذ ِلكَ َي ْلقَ أَثَامًا(ُ )68يضَاعَ ْ ق وَلَ يَ ْزنُو َ
ال ّنفْسَ الّتِي حَرّمَ الُّ ِإلّ بِا ْلحَ ّ
ن وَعَ ِم َل عَ َملً صَا ِلحًا َفأُولَ ِئكَ ب َوءَا َم َخلُدْ فِيهِ ُمهَانًا()69إِلّ َمنْ تَا َ الْعَذَابُ َيوْمَ ا ْلقِيَامَ ِة وَ َي ْ
ب وَعَ ِملَ صَا ِلحًا َفإِنّهُغفُورًا َرحِيمًا()70وَ َمنْ تَا َ لّ َت وَكَانَ ا ُ حسَنَا ٍ يُبَ ّدلُ الُّ سَيّئَا ِتهِ ْم َ
[ الفرقان ] 71-68 : يَتُوبُ ِإلَى الِّ مَتَابًا
فترى واضحًا جليًا فى اليات الكريمة من صفات المؤمنين عدم الشرك بال ،وعدم
قتل النفس التى حرم ال ،وبعدها مباشرة عدم ارتكاب فاحشة الزنا وقد جاءت فى
القرآن الكريم مرتبة حسب بشاعتها وخطرها وجسامتها على الفرد والمجتمع .
فإن المرأة إذا وقعت فى الفاحشة والعياذ بال وضعت رأس زوجهسا بل رؤوس
أهلها فى الوحسل والطسين والتراب ،فإذا خافت الفضيحة والعار و الشنار وكانت
متزوجة أو بكرًا قتلت ما فى أحشائها وبذا وقعت فى كبيرتين كبيرة الزنا وكبيرة القتل
– فإذا كانت متزوجة وخانت زوجها الذى انطلق بعيداً بعيدًا ليأتها بالطعام والشراب ،
ولينفق عليها من المال الحلل الطيب ،ووقعت فى الفاحشة وحملت من الزنا وأبقت
على ولدها من الزنا ،ونسب هذا الولد لزوجها المخدوع المسكين ،حينئذ تكون قد
أدخلت هذه الزوجة الخائنة على بيت زوجها ولدًا أجنبياً عنهم عاش بينهم وهو أجنسبى
عنهم ،وخلى ببناتهم ول يحسق له ذلك ،بل وورث أموالهم بعد مسوت المورث ،وليس
له أدنى حق فى ذلك .
وهكذا تهدم البيوت ،وتدفن الفضيلة ،وتنهسار المجتمعات ،وإذا زنى الرجل
اختلطت النساب وتأججت نار الحقاد فى الصدور .
أيها المسلمون ،أيها الباء ،أيتها المهات ،أيها الشباب ،أيتها البنات أيتها
الخسوات الفاضلت ،وال الذى ل إله غيره ماشرع السسلم هذه الحكسام إل لتبقى
المرأة المسلمة دُرّةً مصونة ولؤلسؤة مكنونة ل يمسها إل زوجها ،ول تنظر إليها عين
زانية ،وإنما حفظ السسلم كرامتها ،فأمرها بالحجاب وأمر الرجل بغض البصسر ،
وأمر الرجال والنساء بتخفيف مؤنة الزواج ووضع الضمانات الوقائية التى تضمن أن
يعيش الرجل والمرأة فى ظل مجتمع نظيف ..طاهر ..نقى ،ثم يعاقب بعد ذلك من
ترك هذه الضمانات الوقائية وذهب ليتمرغ فى أوحال المعصية طائعاً مختاراً غير
مضطر .
خطب الشيخ محمد حسان
60
قال عكرمسسة قلت لبسسن عباس كيسسف يُنسسسزع منسسه اليمسسسان ؟! فقسسسال ابسسن عباس هكذا
وشبسسك ابسسن عباس بيسسن أصسسابعه ،ثسسم قال فإن زنسسى أو شرب الخمسسر نزع منسسه اليمان
هكذا ،فإن تاب وعاد إلى ال عاد إليه اليمان مرة أخرى .
قال الحافسظ بن حجر فى الفتح ورواه أبو داود والحساكم مرفوعاً من حديث أبى
هريرة أنه قال (( :إذا زنى الرجل خرج منه اليمان ،وكان عليه كالظّلة فإذا خرج
()2
من ذلك العمل عاد إليه اليمان ))
فإن تاب إلى ال عاد إليه اليمسان قبل ال منه التوبسة وهذا هو المحك الحقيقى بين
أهل السنة وفرق الضلل الخسرى التى كفّرت مرتكبى الكبيرة ول حول ول قوة إل بال
العلى العظيم .
وفى صحيح مسلم وسنن النسائى من حديث أبى هريرة أنه قال :
(( ثلثة ل ينظر ال إليهم ول يزكيهم ول يكلمهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم )) قالوا:
() 3
ن ،وملك كذاب ،وعائل مستكبر )) من هم يا رسول ال ؟ قال (( :شيخ زا ٍ
يقول الرسسول ثلثة ل ينظسر إليهم ال ول يزكيهم ول يكلمهم يوم القيامة ياترى من
هم خابوا وخسروا ورب الكعبة ؟! قال :الول شيخ زانى َ ،قلّت عنده الشهوة وضعفت
عنده الرغبة وبالرغم من ذلك ذهب ليتمرغ فى أوحال الفاحشة العفنة ،ويرتع فى
مستنقع الرذيلة القذر !! والثانى :ملك كذاب ،هذا ملك ليس به حاجة للكذب فهو المر
الناهى يستطيع بيسر أن يأمر هذا ليفعل كذا ،ويأمر ذاك ليفعل كسذا فليس هناك شىء
يدعوه إلى الكذب ومع ذلك يكسذب !! والثالث عائل مستكبر ..أى فقسير متعالى مستكبر
..سبحان ال رغم أنه فقير ومع هذا يتكبر على خلق ال !! فهؤلء الثلثة -أعاذنا ال
وإياكم منهم -خابوا وخسروا الخسران المبين
قال (( :ل يحـل دم امرىء مسلم وفى الصحيحين من حديث ابن مسعود أنسه
يشهد أن ل إله إل ال وأنى رسول ال إل بإحدى ثلث :الثيب الزانى ،والنفس
()4
بالنفس ،والتارك لدينه المفارق للجماعة ))
)(1رواه البخارى رقم ( ) 2475فى المظالم ،باب النّهبى بغير اذن صاحبه ،ومسلم رقم ( ) 57
فى اليمان باب بيان نقصان اليمان بالمعاصى ونفيه عن المتلبس بالمعصية ،وأبو داود ( ) 4689
فى السنة ،والترمذى رقم ( ) 2627فى اليمان ،والنسائى ( ) 64 /8فى السارق .
)(2رواه أبو داود رقم ( ) 4690فى السنة ،باب الدليل على زيادة اليمان ونقصانه والترمذى
رقم ( ) 2625فى اليمسان ،باب ما جاء ل يزنى الزانى وهو مؤمن والحاكم فى المستدرك
( ) 22 /1وصححه ووافقه الذهبى وهو فى صحيح الجامع ( ) 587
ن بالعطية ، )(3رواه مسلم رقم ( ) 107فى اليمان ،باب بيان غلظ تحريم إسبال الزار وال َم ّ
والنسائى ( ) 86 /6فى الزكاة ،باب الفقير المختال .
س بِالنّفْسِ وَا ْل َعيْنَ
ن النّفْ َ
َأ ّ )(4رواه البخارى ( ) 6878فى الديات ،باب قول ال تعالى :
جرائم بشعة 61
انتبه جيداً أيها المسلم وتدبر يقول الرسسول :ل يحل دم امرىء مسلم يشهد أن ل إله
إل ال وأن محمداً رسول ال إل بإحدى ثلثة ،يعنى ل يجوز أن يقتل مسلم يشهد أن ل
إله إل ال وأن محمداً رسول ال إل إذا كان واحسداً من ثلثة :الثيب الزانى والثيب هو
المحصن والمحصن هو الذى وطىء فى نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقسل .والنفس
بالنفس أى :إذا قتل نفس فالقاتل يقتل من ولى المر المسلم ،والتارك لدينه أى المرتد
عن دينه .
وفى الصحيحين أيضاً فى الحديث الطويل أن النبى :أخبر أن جبريل ومكائيل
عليهما السسلم قد جاءه فى يوم من اليام فقال النبى (( :فى الرؤيا انطلق فانطلقنا
فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات ،قال :فاطلعنا فيه فإذا فيه رجـال ونساء
ضوْضَـــوْا … )) .ثم
عراه وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم ،فإذا أتاهم ذلك اللهب َ
المر .… (( :وأما الرجال والنساء العراة الذين هم فى مثل بين الملكان للنبى
()5
بناء التنور ،فانهم الزناة والزوانى … ))
فانظر أيها المسلم ومحص جيداً فسوف ترى أن البعد عن جريمة الزنا من أعظم
أسباب تفريج الكربات فى الدنيا والخسرة ،ولذا شدد القرآن غاية التشديد فى جريمة
بِا ْل َعيْنِ ومسلم رقم ( ) 1676فى القسامة ،باب ما يباح به دم المسلم ،وأبو داود رقم
( ) 4352فى الحدود ،والترمذى رقم ( ) 1402فى الديات ،والنسائى ( ) 91-90 /7
)(5رواه البخارى رقم ( ) 7047فى التعبير ،باب تعبير الرؤيا بعد صلة الصبح ،ومسلم رقم
( ) 2275فى الرؤيا ،باب رؤيا النبى ،والترمذى رقم ( ) 2295فى الرؤيا .
)(6رواه البخارى رقم ( ) 660فى الذان ،باب من جلس فى المسجد ينتظر الصلة وفضل المساجد ومسلم (
) 1031فى الزكاة ،باب فضل إخفاء الصدقة ،والموطأ ( ) 903 ، 952 /2فى الشعر ،والترمذى رقم (
) 2392فى الزهد ،والنسائى ( ) 223 ، 222 /8فى القضاء .
)(7رواه البخارى رقم ( ) 5974فى الدب ،باب إجابة دعساء من بر والديه ،ومسلم رقم
( ) 2743فى الذكر ،باب قصة أصحاب الغار الثلثة ،وأبو داود رقم ( ) 3387فى
البيوع ،باب فى الرجل يتجر فى مال الرجل بغير إذنه .
خطب الشيخ محمد حسان
62
جلْدَ ٍة وَ َلالزنا فقال ال جل وعل :الزّانِيَ ُة وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ُك ّل وَاحِدٍ مِ ْنهُمَا مِائَ َة َ
ش َه ْد عَذَا َبهُمَا
لخِرِ َولْيَ ْلّ وَالْ َيوْ ِم ا ْ
َت ْأخُذْكُمْ ِبهِمَا رَ ْأفَةٌ فِي دِينِ الِّ ِإنْ ُكنْتُمْ ُتؤْمِنُونَ بِا ِ
طَا ِئفَةٌ ِمنَ ا ْل ُمؤْمِنِينَ
[ النور ] 4 :
ويزيد القرآن فى تفظيع وتبشيع هذه الجريمة فيقول جل وعل :الزّانِي لَ يَنْكِحُ إلّ
علَى ا ْل ُمؤْمِنِينَ
ك َ
ش ِركٌ َوحُرّمَ َذ ِل َ
حهَا إِلّ زَانٍ َأوْ مُ ْ
زَانِ َيةً َأوْ مُشْرِ َك ًة وَالزّانِيَةُ لَ يَنْ ِك ُ
[ النور ] 3 :
وللعلماء فى حد الزانى تفصيل ونزاع إما أن يكون بكراً أو يكون محصناً والبكر هو
الشاب الذى لم يتزوج ،وقد بينا المحصن قبل قليل .
أما حد الزانى إذا كان بكسراً عند ال جل وعل أن يجلد مائة جلدة وأن يغرب عن
بلده عام – أى أن ينفى عاماً عن بلده ،وذلك بسجنه فى مكان بعيداً عن بلده لمدة عام
كامل .
وهذا هو رأى جمهور العلماء وخالف الجمهور فى ذلك المام أبوحنيفة فقال أبو
حنيفة يجلد فقط ويبقى التغريب للمام فإن شاء المام – أى ولى المر – غَرّب وإن
شاء لم يُغَرّب ،ولكن الراجح هو ما ذهب إليه جمهور أهسل العلم .برواية فى
الصحيحين من حديث أبى هسريرة وزيد بن خالد الجهنى قال كنا عند النبى فقام
رجسل فقال :أنشدك ال إل ما قضيت بيننا بكتاب ال ،فقام خصمه وكان أفقه منه فقسال
:اقض بيننا بكتاب ال وائذن لى .قال (( :قل )) قال :إن ابنى كان عسيفاً ( أى أجيراً )
ل من أهل العلم عند هذا فزنى بأمرأته ،فافتديتُ منه بمائة شاة وخادم ،ثم سألت رجا ً
فأخبرونى أن على ابنى جلد مائة وتغريب عام ،وعلى امرأته الرجم ،فقال النبى
والذى نفسى بيده لقضين بينكما بكتاب ال جل ذكره ،المائة شاة والخادم تُرَ ّد وعلى
ابنك جلد مائةٍ وتغريب عام ،واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا
()8
عليها فاعترفت فرجمها ))
)(8رواه البخارى رقم ( ) 6828 ، 6827فى الحدود ،باب العتراف بالزنا ،ومسلم رقم
( ) 1697فى الحدود ،باب من اعترف على نفسه بالزنى .
جرائم بشعة 63
ال .والرجم فى كتاب ال حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ،إذا قامت
()9
البينة ،أوكان الحَ َبلُ ،أو العتراف … ))
وفى لفظ المام مالك قال عمر :ووال لول أنى أخشى أن يقول الناس زاد عمر بن
الخطاب فى كتاب ال ،لكتبتها الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة فإنا قد قرأناهسا .قال
مالك :الشيخ والشيخة يعنى الثيب والثيبة فارجموهما ألبته – أى المحصن والمحصنة .
ويقول وآية الرجم نُسخت تلوتهسا وبقى حكمها لم ينسخ ،فهى آية منسوخة التلوة
باقية الحكم لم تنسخ .
هذا هو حد الزانى المحصن الذى ترك هذا اللحم الطيب الذى أحله ال وذهب وذهب
ليأكل اللحم النيىء الخبيث الذى حرمه ال تعالى عليه .
وقد خالف المام أحمد بن حنبل جمهور أهل العلم ،وقال بل إن الزانى المحصن
يجلد ويرجم واستدل على ذلك بحسديث فى الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت
ولكن الراجسح أن حديث عبادة كان فى أول المر فقد نسخ وبقى حكم الرجم فقط للزانى
المحصن ،واستدل جمهور أهل العلم على ذلك بأن النبى رجسم الزانى المحصن فقط
ولم يجلده قبل الرجم كما فى الحديث الذى رواه مسلم من حديث بريده عن أبيه قال :جاء
ماعز بن مالك جاء إلى المصطفى وقال يا رسول ال طهرنى ،قال (( :ويحك
ارجع فاستغفر ال وتب إليه )) قال :فرجع غير بعيد ،ثم جاء فقال :يا رسول ال
طهرنى ،فقال رسول ال (( :ويحك ارجع استغفر ال وتب إليه )) قال :فرجسع غير
بعيد ،ثم جاء فقال :يا رسول ال طهرنى ،فقال النبى مثل ذلك ،حتى إذا كانت
الرابعة قال له رسول ال (( :فيم أطهرك ؟ )) فقال :من الزنى .فسأل رسسول ال
(( :أبه جنون )) فأخسبر أنه ليس بمجنون .فقال :من الزنى فسأل رسول ال (( أبه
جنون ؟ )) فأُخسبر أنه ليس بمجنون .فقال (( :أشرب خمرًا ؟ )) فقام رجل فاستنكهه فلم
يجد منه ريح خمر .قال :فقال رسول ال (( :أزنيت ؟ )) فقال :نعم .فأمر به فرجم .
فكان الناس فيه فرقتين :قائل يقول :لقد هلك ،لقد أحاطت به خطيئته .
وقائل يقول :ما توب ٌة أفضل من توبة ماعز أنه جاء إلى النبي فوضسع يده في يده ،ثم
قال :اقتلني بالحجارة .
وهسم جلوس فسلم ثم جلس فقال (( : قال :فلبسوا بذلك يومين أو ثلثة ،ثم جاء النبي
استغفروا لماعز بن مالك )) ،قال :فقالوا :غفر ال لماعز بن مالك قال :فقال رسول
()10
(( :ولقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم )) ال
)(9رواه البخارى رقم ( ) 6830فى الحدود ،باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت ،ومسلم
( )1691فى الحدود ،باب رجم الثيب فى الزنى ،والموطأ ( ) 823 /2فى الحدود ،باب
ما جاء فى الرجم ،والترمذى ( ) 1431فى الحدود ،وأبو داود رقم ( ) 4418فى الحدود
والدارمى فى السنة ( ) 179 /2وأحمد فى المسند ( ) 23،29،36،40،43،47،50،55 /1
)(10رواه البخاري مختصراً رقم ( ) 6825 ، 6824في الحدود ،باب سؤال المام المقر :هل
أحصنت؟ ومسلم واللفظ له رقم ( )1695في الحدود ،باب من اعترف على نفسه بالزنى
خطب الشيخ محمد حسان
64
وقال له طهسرني ،جاء بمفسرده ،لم لقد جاء ماعسز بن مالك إلى رسول ال
يأت به بوليس الداب ،وإنمسا جاء يسعى على قدميه للحبيب المصطفى قائسلً :يا
رسول ال طهرني ،يا سبحان ال !! يا ترى ما الذي جاء بك يا ماعسز ؟! لِم يا ماعز لم
تفر من الرجم ؟! وتفر من الحسد وهو الرجم ؟!!
إنها المراقبة … إنها مراقبة ال في السر والعلن .
هذا هو الحد الفاصل بين من يراقب ال ويخافه ،وبين من يراقب الناس هذا هو
الحد الفاصل بين أنى نربى أبناءنا على مراقبة القانون الوضفى ومراقبة الحى الذى ل
ينام علم الغيوب .
(( إن ال ل ينام ول ينبغـي له أن ينام يخفـض القسـط ،ويرفعـه ،يُرفـع إليـه عمـل الليـل
قبــل عمــل النهار ،وعمــل النهار قبــل عمــل الليــل ،حجابــه النور لو كشفــه لحرقــت
()11
سُبحات وجهه ما انتهى بصره من خلقه ))
فيا أبها الخوة الكرام :نريد أن نربى أبناءنا على مراقبة علم الغيوب ،وتعالى
معى نتجول فى هذا الدرس الذى أراد أحد الساتذة الكرام أن يعلمه لطلبه ،وأراد أن
يربى طلب علمه على مراقبة ال جل وعل تربية عملية على أرض الواقع ،وها هو
يدفسع لكل تلميذ من تلميذه دجاجة أو طائر وهو يقول فيذهب كل تلميذ وليذبح هذا
الطائر فى مكان ل يراه فيه أحد ،فذهب كل تلميذ بطائسره فى مكان يغيب فيه عن أعسين
الناس حتى يذبح طائره ويعود به إلى أستاذه ،ونظر الستاذ فوجد تلميذًا نجيباً جاء
بطائره ولم يذبحه فقال له ،لماذا لم تذبح طائرك ؟! فقال :يا أستاذى لقد طلبت منا أن
نبحث عن مكان ل يرانا فيه أحد ،وما من مكان ذهبت إليه إل ورأيت أن ال يرانى ،
فأين أذبحه ؟!
ى رقيب تقل خلوت ولكن قل عل ّ إذا خلوت الدهر يومساً فل
ول أن مسا عليسسه يغسسيب ول تحسبن ال يغفسل ساعة
أليس هو القائل جل جلله تقدست أسماءه َ (( :ألَمْ َترَ َأنّ الَّ يَ ْعلَمُ مَا فِي السّ َموَاتِ
سهُ ْم وَلَجوَى َثلَثَةٍ إِ ّل ُهوَ رَابِ ُعهُ ْم وَلَ خَ ْمسَةٍ ِإ ّل هُوَ سَادِ ُ وَمَا فِي ا َل ْرضِ مَا يَكُونُ ِمنْ َن ْ
أَدْنَى ِمنْ َذ ِلكَ وَلَ َأكْثَرَ إِ ّل ُهوَ مَ َعهُمْ أَ ْينَ مَا كَانُوا ثُمّ ُينَبّ ُئهُمْ بِمَا عَ ِملُوا َيوْمَ ا ْلقِيَامَـةِ ِإنّ
علِيمٌ
يءٍ َالَّ بِ ُكلّ شَ ْ
[ المجادلة ] 7 :
أمسك أعرابى بامرأة فى الصحراء ،وأراد أن يفعل بها الفاحشة ،فأرادت هذه
المرأة التقية الورعة أن تلقنة درساً من دروس المراقبة ،ترى ماذا قالت له المرأة ؟!
قالت له :إذهب وانظر هل نام الناس جميعساً فى الخيام ؟! فانطلق سعيداً سريعاً لينقب
وليبحث ،ثم عاد إليها قائلً :اطمئنى نام الناس جميعساً ول يرانا إل الكواكب ! فقالت
المرأة :وأين مكوكبها ؟! أين الذى ل يغفل ول ينام ؟! أين الحى القيوم الذى ل تأخذه
سِ َنةٌ ول نوم ؟!
)(11رواه مسلم رقم ( ) 179فى اليمان ،باب فى قوله عليه السلم :إن ال ل ينام .
جرائم بشعة 65
أيها المسلمون :إن السلم الذى ندين به هو دين الرحمة ،لقد أخبرنا نبى الرحمة
أن بغياً من بغايا بنى اسرائيل دخلت الجنة ،رأت كلباً فى يوم حارٍ قد أدلسع لسانه من
العطش فنسزعت له موبقها ( أى خفها ) فاستقت له( )12وأخبرنا أيضًا أن ال أدخل الجنة
()13
رجلً لنه رحم كلباً فسقاه الماء
وأخسبرنا أيضاً أن امرأة دخلت النار فى هسرة سجنتها حستى ماتت ل هى أطعمتها
وسقتها ول هى تركتها تأكل من خشاش الرض (.)14
أيها المسلمون الموحدون :اعلموا علم اليقين أن السلم دين الرحمة ..دين الرأفة
..دين الشفقة حتى بالكلب والقطط.
وها هو مشهد آخر من مشاهد الرحمة كما جاء فى حديث ماعز السابق ذكره ثم
جاءت الغامسدية فقالت :يا رسول ال طهرنى فقال (( :ويحك ارجعى فاستغفرى ال
وتوبى إليه )) فقسالت :أراك تريسد أن تردنى كما رددت ماعز بن مالك .قال :وما ذاك
قالت :إنها حبلى من الزنا فقال :آنت ؟ قالت :نعم .فقال لها (( :حتى تضعى ما فى
بطنك )) قال :فكفلها رجل من النصسار حتى وضعت .قال :فأتى النبى فقال :قد
وضعت الغامدية .فقال (( :إذاً ل نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه ))
وفى رواية فلما ولدته أتته بالصبى فى خرقة .قالت :هذا قد ولدت .قال (( :أما ل ،
فاذهبى حتى تلدى )) فلما فطمته أتته بالصبى وفى يده كسرة خبز فقالت :هذا يا نبى ال
قد فطمته ،وقد أكل الطعام .فدفع الصبى إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها
إلى صدرها ،وأمر الناس فرجموها ،ف ُيقْبل خالد بن الوليد بحجسر فرمى رأسها فتنضح
الدم على وجه خسالد .فسبها فسمع نبى ال سبه إياها فقال (( :مهلً يا خالد ! فوالذى
نفسى بيده لقد تابت توبة ،لو تابها صاحب مكس لغفر له )) ثم أمر بها فصلى عليها
()15
ودفنت
يا لها من كرامة منقبة فازت بها الغامدية لصرارها إقامة حد ال عليها!! فيا له من
سعادة من يصلى عليه النبى ويدعو له نهر الرحمسة ،وينبوع الحنان بأبى هو وأمى
عليه الصلة والسلم .
وهذا هو حد الزانى إذا كان بكراً أو محصناً كما بينّا أيها الحبة الكرام
نداء إلى كل من ارتكب جريمة الزنا النكراء .
رواه البخارى رقم ( ) 3467فى أحاديث النبياء باب ( ، ) 54ومسلم رقم ( ) 2245 )(12
فى السلم ،باب فضل ساقى البهائم المحترمة وإطعامها .
رواه البخارى رقم ( ) 6009فى الدب باب رحمسة الناس والبهائم ،ومسلم رقسم )(13
( ) 2244فى السلم ،باب تحريم قتل الهرة ،وأبو داود رقم ( ) 2550فى الجهاد ،باب
ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم .
رواه البخارى رقم ( ) 3318فى بدء الخلق ،باب إذا وقع الذباب فى شراب أحدكسم . )(14
ومسلم رقم ( ) 2242فى السلم ،باب فضل ساقى البهائم المحترمة وإطعامها .
رواه مسلم رقم ( ) 1695فى الحدود ،باب من اعترف على نفسه بالزنى . )(15
خطب الشيخ محمد حسان
66
يا كل من ارتكب هذه الجريمة النكراء أذكرك بهذا النداء الندى الرضى وبهذا النداء
العلوى الربانى الذى يسكب المل فى القلوب سكباً ،الذى يرد البسمة إلى الشفاة رداً
ويرد المل إلى القلوب ،ويرد الدمعة الحزينة الدائبة إلى العيون ،هذا النسداء من ربك
الذى خلقك ،وهو السذى يعلم ضعفك ويعلم عجزك ،وبالرغم من ذلك ينادى عليك من
سمائه وعليائه جل وعل :
سهِمْ لَ َتقْ َنطُوا ِمنْ َرحْمَةِ الِّ ِإنّ الَّ يَ ْغفِرُ الذّنُوبَ علَى أَ ْنفُ ُِقلْ يَاعِبَادِيَ الّذِينَ َأسْرَفُوا َ
[ الزمر ] 53 : جَمِيعًا إِنّ ُه ُهوَ الْ َغفُورُ ال ّرحِيمُ
أيها العاصى ..أيها المذنب بادر بالتسوبة والوبسة والعودة إلى خالقك واعلم بأن
الصل فى الكبائر هو التوبة مالم يرفع أمرك إلى ولى المر المسلم .
إذاً نفهم من ذلك ما دام أمرك لم يرفع لولى المر المسلم ،فما عليك إل أن تتسوب
إلى ال عز وجل وأن تلجأ إلى ال ،وأن تقلع عن الكبيرة وعن الصغيرة بكل سبيل ،
وأن تندم كل الندم على فعلها ،وأن تكسثر من العمل الصالح وأن تتذلل لخالقك بحب
وإخلص وأن تبكى بين يدى العزيز الغفار فإن قبل منك ال التوبة ونرجوا أن يقبلها
سعدت فى الدنيا والخرة .
ومن هنا أقول :هيا بنا جميعاً نتسوب من ذنوبنا صغيرة كانت أو كبيرة عسى ال أن
ن ءَامَنُوا تُوبُوا ِإلَى الِّ َتوْبَةً نَصُوحًا يتقبل ،أليس هو القائل وقوله الحق يَاأَ ّيهَا الّذِي َ
خلَكُ ْم جَنّاتٍ َتجْرِي ِمنْ َتحْ ِتهَا الَ ْنهَارُ َيوْمَ لَ عَسَى رَبّكُمْ َأنْ ُي َكفّرَ عَنْ ُكمْ سَيّئَا ِتكُ ْم وَيُ ْد ِ
ي وَالّذِينَ ءَامَنُوا مَ َعهُ نُو ُرهُمْ يَسْعَى بَ ْينَ أَيْدِيهِ ْم وَ ِبأَيْمَا ِنهِمْ َيقُولُونَ رَبّنَا ُيخْزِي الُّ النّبِ ّ
[ التحريم ] 8 : يءٍ قَدِيرٌ علَى ُكلّ شَ ْ ك َ غفِرْ لَنَا إِ ّن َ
أَتْمِ ْم لَنَا نُورَنَا وَا ْ
أخسى الحبيب :تب إلى ال عز وجسل فهسا أنذا أذكسر نفسسى وإياكم بالتوبة والوبة إلى
ال فإن التسسوبة يؤمسر بهسا العاصسى والمسسؤمن ،واعلم يقيناً أن ال سسيفرح بتوبتسك ،وإن
كنت قد ارتكبت جريمسة الزنا ،نعم وإن كنت قد ارتكبت جريمة الزنا ،عد إلى ال وتب
إليه وسيفرح ال بتوبتك وأوبتك إليه وهو الغنى عن العالمين الذى ل تنفعه الطاعة ول
تضره المعصية .
(( يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى
فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك إل كما ينقص ال ِمخْيطُ إذا أُدخل البحر )) .
فل تقنط من رحمة ال ول تيأس ،وتب إلى ال جل وعل ،واعلم بأن ال تواب ،
واعلم بأن ال غفور كريم يغفر الذنوب ويقبل التوبة .
ففى صحيح مسلم من حديث أنس قال :قال رسول ال ((:ل أشد فرحاً بتوبة
عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلةٍ فانفلتت منه وعليها
جرائم بشعة 67
طعامه وشرابه فأيس منها ،فأتى شجرة فاضجع فى ظلهـا قد أيس من راحلته –
فبينما هو كـذلك ،إذا هو بها قائمة عنده ))(.)16
يقول المصطفى (( :أما وال ل أشد فرحاً بتوبة عبده من الرجل براحلته ))(.)17
فيا من أذنبت فى حق ال بالنهار تب إلى ال ،ويا من أذنبت فى حق ال بالليل تب
إلى ال ،ففى الحديث الصحيح من كسلم سيد الخلق (( إن ال تعالى يبسط يده بالليل
ليتوب مسيىء النهار ،ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيىء الليل حتى تطلع الشمس من
مغربها ))(. )18
وطلوع الشمس من مغربها علمة من علمات الساعة الكبرى حينها ل تقبل التوبة
ول الوبة .
فل تيأس ول تقنط من رحمة ال ما دامت لم تطلسع الشمس من مغربها ول تقنط من
عفوه واعترف إلى ال بالذنب وقل .
بالسذى قسد كسان مسنى إلهى ل تعذبسنى فإن مقسر
وأنت على ذو فضسل ومنّ فكم من زلة لى فى البريسا
لشر الناس إن لم تعفو عنى يظن الناس بى خسيراً وإن
فتوبوا إلى ال جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون .
يا من تصر على الزنا ،على انتهاك الحرمات والعراض اعلم علم اليقين أن الزنا
دين حتماً ستدفعه .
الفساد فأنت غير مكسرم يا هاتكًا الرجال وتابع طرق
فى بيته يزنى بربع الدرهسم من يزنى فى قوم بألفى درهم
الوفاء من أهل بيتك فاعلم إن الزنا دين إذا استقرضتسه
فيا أيها المسلم الحريص على عفة نساءك عف تعف نساءك وتذكر دائمًا أمك وأختك
وبنتك وزوجك ،فإن رأيت امرأة مسكينة ضعفت فأعنها على طاعة ال ،وأنت أيها
النثى أى كنت أماً أو زوجة أو بنتاً ،تذكرى دائماً وضع نصب أعينك مراقبة ال عز
وجل فى الكبيرة والصغيرة وتذكرى النيران المتأججة والجنة المزخرفة ،وتذكرى
دائماً حسال أسرتك جمعاء لو ارتكبت هذه الجريمسة النكراء كيف يكون حالهم ؟!
فاتقى ال ،اتقى ال فى نفسك وأسرتك …
… .الدعسساء
)(16رواه البخارى رقم ( ) 6308فى الدعوات ،باب التوبة ،ومسلم رقم ( ) 2748فى التوبة ،باب الحض
على التوبة .
)(17رواه مسلم رقم ( ) 2746فى التوبة ،باب الحض على التوبة .
)(18رواه مسلم رقم ( ) 2760فى التوبة ،باب غيرة ال تعالى .