Professional Documents
Culture Documents
أوجست فون هايك .وقد فعل ذلك بأقصى فعالية في كتابه الصغير بعنوان "الطريق إلى
الرق" ،الذي نشر أول ما نشر في عام ،1944عندما كانت نهاية الحرب العالمية الثانية
تلوح بالفق .وقد اتبع ذلك بالعديد من المؤلفات ،ما بين كتب ومقالت .كان أهم تلك
المؤلفات مؤلف بعنوان "دستور الحرية" الذي نشر في عام ،1960والمجلدات الثلثة
بعناوين "القانون ،والتشريع والحرية" ،والتي نشرت ما بين سنوات 1973و.1979
وعندما كان في سن 89نشر بمساعدة من دبليو .دبليو .بارتلي ،كتابا ً ناجحا ً جدا ً بعنوان
"الغرور القاتل" والذي نشر عام .1989هذه الكتب تشكل مجموعة تتسم بتميز علمي
فائق ،كما أنها في الوقت ذاته كانت ضربات موجعة ضد النظم الشمولية الستبدادية .وقد
أسهمت كثيرا ً في سقوط حائط برلين الذي شيد في عهد خروتشوف ،وكذلك سقوط
.ستار ستالين الحديدي
بيد أن هايك لم يحصر نفسه في كتابة هذه الكتب السياسية ذات الثر القوي الذي يدعو
مميّزاً ،متحفظا ً في نمط معيشته وتفكيره إلى الدهشة .ومع أنه كان عالِما ً عظيما ً وإنسانا ً ُ
وتعليمه ،وعزوفا ً عن اتخاذ نشاطات سياسية ،فقد أنشأ بُعيد الحرب العالمية الثانية بقليل،
جمعية "مونت بيليرين" .كان الهدف من إنشائها إقامة توازن مقابل العداد التي ل حصر
لها من المفكرين ،الذين اختاروا الشتراكية .وقد شعر هايك بأن المطلوب هو أكثر من
مجرد كتابة أبحاث وكتب .لذا ،فقد أسس جمعية من المفكرين وعلماء القتصاد العمليين،
الذين كانوا معارضين للتوجه الشتراكي السائد بين غالبية من المفكرين الذين آمنوا
بمستقبل اشتراكي .وقد أسست الجمعية في سويسرا عام 1947على جبل بيليرين،
المطل على الشاطئ الجنوبي لبحيرة جنيف .وقد تشرفت بأن أكون أحد الذين دعاهم
هايك ليكونوا المؤسسين لهذه الجمعية .ومن بين المؤسسين الذين ما زالوا على قيد
الحياة ميلتون فريدمان وآرون دايركتر .ما زالت هذه الجمعية قائمة؛ وعلى امتداد سنوات
طويلة كان لها تأثير كبير داخل صفوف المفكرين ،وبالخص علماء القتصاد من بينهم .لقد
كان أول وربما أعظم إنجازاتها ،هو تشجيع أولئك الذين كانوا يحاربون نفوذ جون مينارد
كينز ،الذي كان مهيمنا ً ومدرسته القتصادية .ومع ذلك ،وحيث أنني لست عالم اقتصاد،
فإنني ربما لست مؤهل ً لتقييم التأثير التاريخي الذي كان لجميعة مونت بيليرين .هذه مهمة
–أعتقد أنها ذات أهمية -يتولى أمرها مؤرخو المستقبل فيما يتعلق بالنظريات والسياسات
القتصادية .ومع ذلك ،ومن منطلق موقعي لسنوات طويلة عضوا ً في جامعة لندن
للقتصاد ،فقد كان متاحا ً لي مشاهدة التقلص المستمر للتعاليم اليسارية ،والتي كانت في
.السنوات القليلة الولى بعد الحرب ،تتمتع بنفوذ هائل
وتستدعيني العدالة أن أوضح بأن الحركة ،التي أطلقها هايك في كتابه "الطريق إلى
الرق" ،كان لها سابقة مهمة .إنني أشير إلى أستاذ هايك لودفيغ فون ميزس ،الذي قابلته
لول مرة في فيينا في أوائل عام ،1935بسبب اهتمامه بكتابي الول .وقد قابلت هايك
بعد حوالي ستة أشهر في لندن .لقد كان ميزس هو الذي قدم أول وأعمق انتقاد عصري
للشتراكية :أن الصناعة الحديثة تقوم على قواعد السوق الحر ،وأن الشتراكية ،وبالخص
التخطيط الشتراكي يتعارض مع اقتصاد السوق الحر ،وبالتالي فإن مصيره الفشل( .كان
التخطيط الشتراكي آنئذ ،أكثر الشعارات رواجا ً واستثارة في الدوائر الفكرية) .كانت
نظرية لودفيغ فون ميزس ،كما يستطيع كل إنسان أن يرى اليوم ،ذات أهمية جوهرية.
كان هايك مقتنعاً ،بل ،ربما كان مؤمناً ،كما قال لي هو نفسه ،بأنه مثلي ،كان في أيام
شبابه ميال ً إلى الشتراكية ،وربما أشار إلى ذلك في بعض مؤلفاته .ومن المفيد أن نتذكر،
بأن هايك كان من أوائل من أخذوا على عاتقهم نظرية ميزس البالغة الهمية ،وتطويرها
تطويرا ً كبيراً ،والذي أضاف إليها نظرية ثانية ذات بعد مهم أل وهو الجابة على السؤال:
ماذا يحدث إذا ما حاولت حكومة قوية إدخال اقتصاد اشتراكي أي "تخطيط اشتراكي"؟
وكان الجواب هو :ل يمكن أن يتم ذلك إل بالقوة ،بالرهاب ،بالستعباد السياسي .هذه
النظرية الثانية ،التي ل تقل أهمية عن الولى هي ،في حدود علمي ،من إنتاج هايك؛ وكما
أن النظرية التي سبقتها والتي وضعها لدفيج فون ميزس ،قد قبلها هايك على الفور ،فإن
.ميزس بدوره قبل نظرية هايك في الحال
أود أن أقول مرة أخرى أنا لست عالم اقتصاد ،كما أنني لست مؤرخا ً للنظريات
القتصادية؛ والملحظات التاريخية التي أبديتها ،ربما ل تثبت صحتها عندما تتم دراسة جميع
الوثائق التاريخية ،وبالخص المراسلت .ومع ذلك ،فقد يكون من المور اللفتة للنظر ،أن
المور قد بدت على الوجه الذي ذكرته لواحد وإن لم يكن عالم اقتصاد ،فإنه ليس خارج
.الطار أيضاً
كان لودفيغ فون ميزس ،بعد هايك ،بطبيعة الحال ،أهم عضو مؤسس لجمعية مونت
بيليرين .كنت على الدوام في منتهى الدراك لمساهمة ميزس الجوهرية المطلقة ،وقد
كنت معجبا ً به إعجابا ً كبيراً .أود أن أؤكد على هذه النقطة ذلك لن كلينا ،هو وأنا ،كنا ندرك
الهوة الكبيرة التي تفصل بين وجهات نظرنا ،في ميدان نظرية المعرفة والمنهجية .أظن
أن ميزس كان يراني خصما ً خطرا ً –ربما شخصا ً سلب منه التوافق المطلق مع أعظم
تلميذه ،هايك .كانت منهجية ميزس ،بإيجاز ،نظرية ذاتية غير موضوعية ،وقادته إلى ادعاء
الحقيقة المطلقة بالنسبة لمبادئ علم القتصاد .كانت منهجيتي موضوعية ،وساقتني إلى
وجهة النظر القائلة بأن العلم غير معصوم من الخطأ ،وأنه قابل للنمو عن طريق النقد
الذاتي والتصحيح الذاتي؛ أو ،بتوضيح أعم عن طريق طرح الفكرة ومحاولة دحضها .لقد
كنت أحترم ميزس الذي يكبرني سنا ً بكثير ،بحيث لم يكن من المجدي الدخول في
مواجهة معه .لقد كان يكلمني بين الحين والحين ،ولكنه لم يذهب أبداً ،أبعد من الشارة
إلى وجود خلف في الرأي .إنه ،في الحقيقة ،لم يبدأ أبدا ً نقاشا ً حقيقيا ً ينطوي على
النتقاد المباشر .ومثلما هو أنا ،فقد كان يُقدُّر وجود أرضية مشتركة بعض الشيء ،وكان
يعرف بأنني قد قبلت أكثر نظرياته أهمية ،وأنني كنت كثير العجاب به بسبب ذلك .ولكنه
أوضح ،بالتلميحات ،بأنني شخص خطر ،على الرغم من أنني لم أنتقد آراءه أبدا ً حتى في
علقتي مع هايك؛ وأنني الن أيضاً ،ل أرغب أن أفعل ذلك ،ومع ذلك ،فقد ذكرت لعدة
أشخاص في غضون ذلك ،حقيقة اختلفي معه ،ولكن دون الدخول في حوارات نقدية.
.يكفي ما ذكرت بالنسبة لتلك اليام الخوالي
أود الن أن أذهب خطوة أخرى متجاوزا ً تلك اليام ،وأن أرسم معالم النظرية التي تقوم
.عليها هذه الدراسة؛ إنها كما يلي
إن زوال التحاد السوفييتي يمكن تفسيره في آخر المطاف بأنه نتج عن انهيار اقتصادي،
نتيجة غياب اقتصاد السوق الحر؛ أي نتيجة ما أسميته بالنظرية الولى التي وضعها ميزس.
ولكنني أعتقد بأن النظرية الثانية أل وهي نظرية العبودية التي وضعها هايك ،هي حتى أكثر
أهمية لفهم ما قد جرى ،وما زال يجري ،في المبراطورية السوفييتية السابقة .ذلك أن
:لهذه النظرية تتابع أو ملحق .ويمكن إجمالها كما يلي
الطريق إلى الرق يقود إلى اختفاء النقاش الحر والعقلني؛ أو بعبارة أخرى ،السوق الحرة
مونللفكار .ولكن ذلك يترك أشد المؤثرات المدمرة على كل إنسان ،بما في ذلك من يُس ّ
.بالقادة
إنها تؤدي إلى مجتمع تكون فيه العبارات الفارغة سيدة الموقف .تعابير تتشكل في
معظمها من أكاذيب تصدر عن قادة ل لسبب وجيه في معظم الحالت ،بل لتأكيد الذات
وتمجيدها .ولكن ذلك مؤشر على نهاية قدرتهم على التفكير .إنهم أنفسهم يصبحون عبيداً
لكاذيبهم ،مثل الخرين .إنها كذلك ،نهاية قدرتهم على الحكم .إنهم يختفون حتى وإن كانوا
.مستبدين
بطبيعة الحال ،هذه أيضا ً مسائل تعود ،إلى حد كبير ،إلى قدرات الفراد الشخصية .ولكنني
أعتقد بأنها تتوقف بالدرجة الولى على طول الفترة الزمنية للستعباد .إن القبول
.بالكاذيب كعملة فكرية عالمية تطرد الحقيقة مثلما تطرد العملة المزيفة العملة الصحيحة
غورباتشوف كان أول سكرتير عام للحزب الشيوعي في التحاد السوفييتي يقوم بعدة
زيارات شخصية إلى الغرب .أعتقد أن من غير المحتمل أن يكون قد فهم كثيرا ً في زيارته
الولى أو الثانية .ولكنه أحب الستقبال الذي قوبل به وعاد المرة تلو المرة .وبعدها لحظ
شيئاً .إنني ل أعني بأن الغرب غني وأن العامل المريكي كان أحسن حال ً بما ل يقبل
المقارنة ،مع العامل السوفييتي .أعني أنه لحظ بأن المبراطورية السوفييتية لم تكن "بلداً
طبيعياً" ،كما عبر عن ذلك هو نفسه عندما قال بأنه يأمل بأن يجعل من روسيا السوفييتية
"بلدا ً طبيعياً" .فقد لحظ بشكل ما ،وربما في عقله الباطني بأن إمبراطوريته نفسها تعاني
من نوع من المرض العقلي المكبوت ،كما كانت في الحقيقة والواقع ،وكذلك الحال مع
.جميع قادتها .لقد كان الحكم قائما ً على الكاذيب
إن فقدان الحرية نتيجة الخوف الدائم من الرهاب ،هو في الحقيقة أمر مفجع ،والذي
يفقد الذين يعيشون في ظله ،من جزء من إنسانيتهم؛ ومن مسؤوليتهم الفكرية وكذلك،
من جزء من مسؤوليتهم الخلقية .أولً ،إنهم ل يستطيعون الحتجاج عندما يتطلب الموقف
منهم ذلك؛ ثم إنهم ل يستطيعون المساعدة حيث يتوجب أن يساعدوا ،ول حتى
لصدقائهم .فإبان حكم ستالين كان هذا الحال ينطبق على كل إنسان ،حتى أولئك الذين
كانوا في قمة هرم السلطة .فجميع التفكير الواقعي والحقيقي ،وجميع التفكير الذي ل
مَركّزا ً على ضمان البقاء
ينطوي على الكذب ،على القل ضمن هيكل السلطة ،كان ُ
الشخصي .وقد تبدت صورة عن ذلك الوضع –وإن لم تكن تكشف الحقيقة كاملة -في
خطاب خروتشوف الجامع (الذي نشرته وزارة الخارجية المريكية) في 4حزيران 1954
والذي ينتهي بمقولة "فلنعش الراية المتصورة لحزبنا – اللينينية"( .تصفيق صاخب متواصل
(.انتهى بالهتاف وقوفاً
ولكن ،وكما يعرف جميعنا ،تم النقلب سريعا ً على خروتشوف من قبل بيروقراطية
جل خروجه في التراجع الفكري لهرم السلطة في الحزب الشيوعي ،داخل الحزب ،وقد ع َّ
المبراطورية وخارجها .وعلى الرغم من التعليم الجباري لليديولوجية الماركسية–اللينينية
المعقدة ،بما في ذلك فلسفة يطلق عليها الديالكتيكية (الجدلية) المادية ،فكل ما بقي من
")" :إن تلك النظرية هو التي من تلك العقيدة( ،وأنا هنا أنقل عن "
".تصفية النظام الرأسمالي هو المسألة الرئيسية في تطور المجتمع
من الواضح تماما ً أن مثل هذه "الرأسمالية" لم تتواجد أبداً .لقد كانت خداعا ً في الرؤية –ل
أكثر ول أقل .ومع ذلك ،فمثل ذلك الخداع في الرؤية ،قد ترك آثاره على الجنس البشري
.على امتداد التاريخ
لقد كانت مهمة الحزب الماركسي العظمى ،مهمة السياسة الماركسية ،قتل أو تصفية هذا
النظام الجتماعي الموهوم .تهيأت الفرصة لدى خروتشوف لعمل ذلك .وكان الخط هو
قنبلة أندريه ساكاروف الكبيرة .كان ساكاروف وقتها 39سنة ،وكان قد أمضى سنوات
عديدة ،وواجه العديد من أنصاف الفشل ،في بناء قنبلة ذرية تكون أقوى بمراحل من
القنبلة المريكية .وفي خريف عام 1961نجح :فقد جاءت نتيجة تجربة قنبلته الكبيرة،
إيجابية .لقد كانت القنبلة كما كتب "أقوى عدة آلف المرات من القنبلة التي ألقيت على
هيروشيما" .فقط فكِّر بما يعني هذا :كانت هيروشيما قبل ضربها مدينة يقطنها أكثر من
340000نسمة .فهل يعني عدة آلف مرات أقوى ،أن منطقة كثيفة السكان يقطنها
340مليون نسمة أو أكثر ،يمكن تدميرها بقنبلة واحدة؟ أكثر كثيرا ً من عدد سكان
الوليات المتحدة؟ ربما ل :ل يوجد في العالم مثل هذه الكثافة السكانية .وفي جميع
الحوال ،فإن أية منطقة كثيفة السكان في العالم يمكن تدميرها كليا ً بمثل تلك القنبلة
.الواحدة
ويبدو أن خروتشوف كان في بلغاريا عندما سمع بنجاح تجربة قنبلة ساكاروف الكبيرة.
" لعام 1971ما يلي" :لقد كان خلل زيارتي وقد كتب في مذكراته "
إلى بلغاريا أن تكونت لدي فكرة وضع صواريخ ذات رؤوس نووية في كوبا ،دون إفساح
المجال أمام الوليات المتحدة لمعرفة أنها وضعت هناك إل بعد فوات الوان لعمل أي
شيء إزاء ذلك" .لقد كانت فكرة جنونية .ففي الوقت الذي كان عليه إعادة نقلها ،كان قد
سبق نقل 38صاروخا ً نووياً ،كل واحد منه يعادل عدة آلف المرات ،القنبلة التي ألقيت
على هيروشيما .وإذا افترضنا أن "عدة" تعني مجرد ثلثة صواريخ :فإن ذلك يعني
114000قنبلة من قنابل هيروشيما .لحسن الحظ ،لم تكن تلك القنابل قد اكتمل تأهيلها
بعد .ويقول خروتشوف ،بطبيعة الحال" ،عندما وضعنا صواريخنا البالستية في كوبا ،لم
تكن لدينا رغبة في إشعال حرب" .إنني أصدقه :فلم تكن رغبته إشعال حرب ،بل إلغاء
150000ألف قنبلة هيروشيمية في ضربة واحدة؛ ذلك أن 12أو أكثر من الصواريخ
والقنابل البالستية كانت في طريقها إلى كوبا .وقد كتب يقول" :ل أظن أن أمريكا قد
واجهت أبدا ً مثل هذا التهديد الحقيقي في الدمار ،كما واجهت في تلك اللحظة" .أنا أوافق.
وفي الحقيقة ،فقد كانت أخطر تهديد للبشرية في تاريخها حتى ذلك الحين .كان باستطاعة
خروتشوف تدمير أمريكا بضربة واحدة .ولكن ،وعلى الرغم من الجراح القاتلة التي تكون
قد نزلت ،فإن صواريخ الوليات المتحدة كانت ستنطلق أيضاً ،وكانت ستدمر روسيا أيضاً،
.والنتائج ،وبالخص الشعاعات ،كانت ستدمر البشرية جمعاء
بيد أن خروتشوف خسر .ولما كانت الوليات المتحدة كاملة التسلح ،فقد خسر التحاد
السوفييتي السباق ،ورفع شيفرنادزيه العلم البيض .وفي تلك الحالة ،سمحت هنغاريا
بخروج الشباب من ألمانيا الشرقية .واضح أن الوضع جعل من المستحيل على
.غورباتشوف أن يتدخل وهكذا جاء انهيار ألمانيا الشرقية ،وكل شيء تبع ذلك
كل ذلك بسبب أن مهمة الماركسية كانت تصفية جحيم رأسمالي لم يكن موجودا ً أصلً.
ويمكن للمرء أن يقول بأن الماركسية قد سقطت في حفرة فكرية سوداء عميقة –في
.صفر تام من الخيال
يجب أن نأخذ العبرة مما حدث ،كإنذار لما يمكن ليديولوجية أن تحقق .ومن الواضح أن
.الخطر لم يزل بعد .تحتاج المسألة إلى مسؤولية فكرية لنقاذنا من ذلك
حكم القانون
بالنسبة لجمهوريات التحاد السوفييتي السابقة ،ل يمكن لي تخطيط اقتصادي تقوم به
الدولة أن يساعد .المساعدة التي تحتاج إليها لن تأتي من علماء القتصاد ،ول حتى من
.هايك ،عالم القتصاد .وإنما يمكن أن تأتي فقط من هايك ،الفيلسوف السياسي
ل يتوجب على أية دولة أن تبني نظاما ً اقتصاديا ً ناجحاً .ولكن ،يتوجب على كل دولة واجب
إقامة حكم القانون .نستطيع أن نتعلم هذا من هايك .لم يكن هنالك حكم قانون في التحاد
السوفييتي ،ول يوجد مثل هذا القانون حتى الن؛ ول توجد قوانين مقبولة وصالحة
للتطبيق ،كما ل يوجد قضاة مقبولون؛ هنالك فقط رواسب من حكم الحزب ،وهنالك قضاة
ارتباطاتهم بالحزب .وما دام الوضع على ما هو عليه ،فليس هنالك فرق بين الشرعية
والجرام .يتوجب الن بناء حكم القانون من نقطة الصفر .ففي غياب حكم القانون،
الحرية تصبح مستحيلة ،وبدون حكم القانون يصبح اقتصاد السوق الحر أمرا ً مستحيلً .إن
.هذا الجانب من أعمال هايك ،هو أكثر المور إلحاحا ً وحاجة في التحاد السوفييتي السابق