You are on page 1of 12

‫‪ :‬خلفيات دراسات جمهور وسائل العلم‬

‫إن تحديد طبيعة الدراسات التصالية المتعلقة بجمهور وسائل العلم تتوقف على معالجة العوامل الرئيسية المحركة‬
‫لها وعلى أهداف الجهة الممولة كما نتوقف على طبيعة العلقة القائمة بين الجمهور و مقرري السياسة العلمية‬
‫للمؤسسة أو النظام الجتماعي السياسي‪ .‬تعمل وسائل العلم في إنتاج رسائل إعلمية معينة لجمهور معين لتحقيق‬
‫‪ .‬أهداف معينة‬

‫وعلى الرغم من أهمية الطار اليديولوجي و السياسي في تحديد طبيعة الجمهور إل انه ل يعتبر الطرف النهائي في‬
‫‪ :‬تحديد العملية التصالية ونقتصر على معالجة العوامل المؤثرة في هذه الدراسات و أهم نظريات تكوين الجمهور‬

‫‪1.‬‬ ‫عوامل تطوير دراسات الجمهور‪ :‬و تتمثل في أربعة عناصر متداخلة في أسبابها ووسائلها ومختلفة في أهدافها‬
‫‪:‬‬

‫‪2.‬‬

‫‪‌ :‬أ) الدعاية‬

‫احتلت الدعاية مجال واسعا عن طريق الصحافة المكتوبة والسينما المتنقلة ولسيما أثناء الحرب العالمية الولى(‬
‫‪ )1918-1914‬و الثانية (‪ )1945-1939‬لتشمل عدد اكبر من أفراد المجتمعات الجماهيرية التي تعيرها النظريات‬
‫الفلسفية و السيكولوجية على أنهم مجرد تجمعا ت بشرية إذ يتحكم فيها القادة القوياء واستمرت الدعاية كمحرك نشيط‬
‫لدراسات الجمهور إلى الوقت الراهن مع اختلف الساليب و الهداف باختلف المراحل التاريخية التي أعقبت‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬اعتمدت دراسات الجمهور على نتائج أبحاث العلماء وفلسفة السيكولوجية و السوسيولوجية و‬
‫الثنية أمثال دروس فرويد‪ ،‬ماركن‪،‬وآخرون الذين وضعوا نظريات حول الطبيعة البشرية الفردية و الجماعية‬
‫وتفاعلتها النفسية و الجتماعية محاولة لفهم الشعوب مثل ‪ :‬النازية‪،‬الفاشية ‪ ،‬الشيوعيون‪،‬والليبراليون واستمرت‬
‫‪ .‬الدعاية إلى غاية انهيار المعسكر الشيوعي في نهاية الثمانيات‬

‫ول تزال الدعاية اليديولوجية للحزاب و التيارات الفكرية واحدة من العوامل المنشطة للدراسات المنتصبة على‬
‫الجمهور سواء بالحملت النتخابية الدورية و الظرفية لستمالة الرأي العام لفرضه قضايا و أفكار معينة بأساليب‬
‫دقيقة وعالية في إعداد أو إنجاز الحملت واستفتاء في الرأي العام ونشاطات العلقات العامة الرامية إلى تحسين‬
‫‪ .‬صورة الشخص أو المؤسسة أو النظام لدى الجمهور‬

‫‪‌:‬ب) الشهار‬

‫يعتبر الشهار والعلنات التجارية المحرك البارز في إعطاء دفع قوي لدراسات الجمهور سواء نعلق المر بالمعلنين‬
‫‪.‬أو الناشرين أو موزعي الرسائل الشهارية على الجمهور‬

‫عرفت أبحاث الجمهور تطورا في و م أ بعد الحرب العالمية ‪ 2‬ليصبح ميدانا متخصصا يستجيب نموه لحتياجات‬
‫‪ .‬مجموع صناعي إلكتروني يركز على الجانب السمعي‬

‫و مع انتشار ظاهرة "كونية" (النشاطات العلمية ) و باستعماله المكثف لتكنولوجيات العلم الجديدة والتي تعمل‬
‫طابع الكونية على الجمهور (عولمة‬ ‫بالموازاة مع عالمية القتصاد والثقافة (‪ globalisation‬على‬
‫الستهلكية و الحملت التسويقية أصبح بالمكان دراسة هذا الشكل من الجمهور المتعرض للرسائل الشهارية من‬
‫‪ .‬القنوات الفضائية ومواقع شبكة الويب‬

‫إن العلقة بين الشهار والدعاية يكاد تختفي أهمية التفرقة بينهما إذ هناك ارتباط وثيق بينهما فالعلنات هي بشكل‬
‫أو آخر دعاية للبضاعة أو خدمة وهي في نفس الوقت تحمل مضامين بيولوجية و ثقافية سائدة في مجتمعات معدي‬
‫‪.‬ومرسلي الرسائل الشهارية‬

‫‪‌:‬ج) الرأي العام‬

‫يعتبر عامل من عوامل تنشيط دراسات الجمهور و الستجابة لفكرة الديمقراطية حيث تعمل الحكومات على كسب‬
‫تأييد رعاياها في القرارات و المحافظة على قبول الرعايا ومصالحهم تحسبا للنتخابات اللحقة و تعمل الحزاب‬
‫السياسية و الشخاص المتنافسة على السلطة تخصيص أموال معتبرة للحملت العلمية بتمويل الصحف و وسائل‬
‫‪.‬العلم الخرى قصد كسب الرأي العام لصالحهم‬

‫كان ظهور دراسات الرأي العام كلزمة للنظمة الديمقراطية ثم تلتها دراسات الجمهور مع انتشار وسائل العلم‬
‫كمظهر من مظاهر ممارسة الديمقراطية‪ .‬و قد تكثفت بحوث الجمهور خلل النصف الثاني من القرن ‪ 20‬ضمن‬
‫تطور الدراسات العلمية بصفة عامة حتى أصبحت صناعة قائمة بحد ذاتها متخصصة في قياس الرأي العام تعمل‬
‫‪.‬لحساب الحزاب و الحكومات و المصالح المالية و التجارية بم فيها وسائل العلم نفسها‬

‫و في نفس السياق تأثير الفكار الجديدة حول الجيال الجديدة لحقوق النسان في تطور دراسات الجمهور خاصة بعد‬
‫العلن العالمي لحقوق النسان سنة ‪ 1948‬الذي أنشأ الجيل الجديد الحق في العلم و الحقوق المجاورة و المشابهة‬
‫و أصبح هذا الحق قانونيا في ‪ 1966‬بعدما كان حقا نظريا في ‪ 1948‬حيث من حق الجمهور أن يطلع على المعلومات‬
‫و الراء التي تلبي حاجاته و تستجيب لهتماماته لذا استوجب فرض دراسات لمعرفة احتياجات الجمهور العلمية‬
‫‪.‬المتغيرة بتغير ظروف المكان و الزمان بصرف النظر عن كونه مستهلكا أو ناخبا‬

‫الحتياجات العلمية‬ ‫‪‌:‬د)‬

‫برزت الحاجة إلى دراسة جمهور وسائل العلم دراسة معمقة لهداف علمية أكاديمية في النصف الثاني من القرن‬
‫العشرين بعد التقدم الهائل في الدراسات المتعلقة بنظام مصادر الرسائل العلمية و مضامينها و وسائل العلم و‬
‫الثار التي قد تحدثها في سلوكيات الجمهور‪ .‬فالكم الهائل من الدراسات التسويقية و توجهات الرأي العام وفرت جوا‬
‫للمقاربات المبريقية مما دفع بالباحثين العلميين إلى اختبار و إعادة صياغتها من أجل إثراء مشروع النظري‬
‫العلمية للعلم و التصال و قد ازداد الهتمام بهذه الدراسات و الحاجة إليها بعدما تبنت دول العالم الثالث أفكار‬
‫الحداثة و التنمية و قدرات وسائل العلم على المساهمة في عملية النتقال من المجتمعات التقليدية إلى المجتمعات‬
‫الحديثة وفقا لنظرية العلم النمائي و قد تجسد ذلك في إنشاء معاهدة متخصصة في الدراسات العلمية على‬
‫‪.‬مستوى أغلب جامعات تلك الدول تحت إشراف اليونسكو على برامجها‬

‫و كانت البداية الفعلية للهتمام العلمي بجمهور وسائل العلم مع ظهور فكرة الوظيفة التعليمية لوسائل العلم إذ‬
‫أجرى علماء النفس السلوكي بحوثا يسرت نظريات التعليم واستعمال وسائل العلم في لغراض تعليمية و تدريبية‬
‫لذلك نجد جل الباحثين في المجتمعات الحديثة العهد بالتصال يكتفون بدراسات تعليمية للحصول على درجة علمية أو‬
‫‪.‬ترقية مهنية‬
‫‪2.‬‬ ‫‪ :‬نظريات تكوين الجمهور‬

‫لزالت الدراسات الوصفية المنبثقة عن التوسع في استعمال السوسيوغرافيا تشكل الطابع الغالب لبحاث الجمهور‬
‫وجل الدراسات المهتمة باستعمال وسائل العلم وتأثيراتها على الجمهور و لكن نتائج هذه البحاث ل تكتسي أهمية‬
‫كبرى بالنسبة للتراكم المعرفي لن منطلقاتها وأهدافها الغالبة إما تجارب أو انتخابية ظرفية وتنطبق هذه الملحظة‬
‫على المجتمعات المنتجة والمصدرة للتكنولوجيات و اليديولوجيات "العلميتين" وتنعدم مثل هذه الدراسات في‬
‫‪.‬المجتمعات الهامشية لسباب حضارية سياسية و اقتصادية و ثقافية واجتماعية‬

‫وتبقى نتائج الدراسات التسويقية محدودة لقتصارها على عوامل ديمغرافية واجتماعية تستعمل لتحديد حجم و تشكيل‬
‫‪ .‬الجمهور وطبيعة أنماط سلوكياته‬

‫أن السن والطبقة والدخل ومستوى التعليم لها أهمية كبيرة في تحديد حجم (‪ )MCQUUIL 1984‬يرى مكويل‬
‫جمهور أي وسيلة إعلمية لن كل منها يتدخل في تحديد حجم الوقت و كمية المال اللزمين لستعمال وسائل العلم‬
‫فالسن يحدد مدى الستعداد و الحرية في اختيار واستعمال وسائل العلم حيث أن الطفال الصغار مثل يخضعون‬
‫لختيار العائلة و يتعرضون للتلفزة أكثر من أي وسيلة أخرى ومع تقدم السن يتغير إذ يكتسب حرية في تعامله مع‬
‫وسائل العلم فيؤدي إلى استعمال الراديو و الذهاب إلى السينما وعندما يصبح الشخص رب العائلة يعود إلى السباق‬
‫‪ .‬المنزلي ولكن باهتمامات مختلفة مثل تخصيص وقت أكبر لقراءة الصحف‬

‫أما الدخل المرتفع فيقلل من استعمال التلفزة هذه العتبارات وغيرها مثل النوع ومكان القامة تساعد على وصف‬
‫الجمهور وصفا مقبول وتساعد على التقرب من حجمه ونوعيته ولقد أسفرت الدراسات عن تأسيس مجموعة من‬
‫تهدف إلى تصنيف الجمهور وفق فئات ( ( ‪ typology‬النظريات تتكامل فيما بينها لعطاء نمطية وصفية للجمهور‬
‫وشرائح ديمغرافية وتحديد خصائصها وأساليب اتصالها ليسهل في النهاية تحليل واقعها في سياق اجتماعي ثقافي و‬
‫‪.‬تاريخي‬

‫‪:‬و يمكن تقسيم هذه النظريات إلى ثلث أنواع‬

‫‪ü‬‬ ‫النوع الول و يهتم بالعروض التي تقدمها وسائل العلم‬

‫‪ü‬‬ ‫النوع الثاني يهتم بشروط التوزيع و إمكانيات الستقبال‬

‫‪ü‬‬ ‫النوع الثالث يهتم بطلبات الجمهور‬

‫و نتطرق إلى أهم النظريات المتداولة في الدبيات العلمية النجلوسكسونية بصفة خاصة لكونها الرائدة في هذا‬
‫‪:‬الميدان‬

‫‪1.‬‬ ‫‪: historical accident‬نظرية الحدث التاريخي‬

‫إن النظرية في حد ذاتها واسعة و لكنها تتضمن عنصرين رئيسيين في كل بنية لجمهور معين ويتدخلن بشكل مباشر‬
‫‪:‬في فهم بعض جوانب تكوين جمهور وسيلة إعلمية معينة من وجهة نظر تاريخية‬

‫العنصر الول‪ :‬و يتعلق بتاريخ وسيلة العلم نفسها إذ أن هذه الوسائل تطورت تاريخيا بالتدرج في توجهها لجماعات‬
‫اجتماعية معينة قبل أن تتوسع لجماعات أخرى فالجريدة مثل وجهت في أول مرة إلى قراء ذكور مدنيين (حضر أي‬
‫يقيمون في المدينة) ينتمون إلى طبقة اجتماعية متوسطة ‪ ،‬يشتغلون في حقل سياسي كما أن التلفزية وريث الفيلم و‬
‫الراديو ‪ ،‬الترفيه و التسلية و قضاء وقت الفراغ ‪ ،‬تتوجه في الغالب إلى النساء و الطفال دون سن التمدرس و العجزة‬
‫و المرضى و العاطلين عن العمل‬

‫العنصر الثاني‪ :‬يخص نجاحات بعض وسائل العلم في تكوين و تطوير هوية أو شخصية اعلمية مميزة تتجه لنوع‬
‫فهذه النظرية تعنى بتفسير نوعية ‪ le monde‬معين من الجمهور مثل هيئة الذاعة و التلفزيون بي بي سي و جريدة‬
‫‪.‬جمهور الوسيلة العلمية من خلل تحليل مضمون عرض الذي تقدمه و مرتبط بمجرى الزمن‬

‫‪2.‬‬ ‫‪: market managment theory‬نظرية إدارة السوق‬

‫تهتم هذه النظرية بالعرض الذي تقدمه وسائل العلم لنها تعتني بشكل مباشر بالسوق سواء تعلق المر بالوسيلة‬
‫العلمية كسلعة أو كناقلة لرسائل إشهارية حول سلع مادية أو خدمات موجهة لزبائن و هي تشير إلى تأثير الشهار‬
‫على السياسة العلمية للمؤسسات و مضامين الرسائل العلمية التي تنقلها إلى جمهور معين فل يمكن إقامة مشروع‬
‫‪.‬إعلمي ناجح دون دراسة دقيقة توقيعية لمستهلكي الرسائل العلمية العلنية‬

‫‪3.‬‬ ‫‪: individual differances theory‬نظرية الفروقات الفردية‬

‫ز تندرج ضمن ‪ " giving the public wat it wants‬تركز هذه النظرية على مقولة " إعطاء الجمهور ما يريد‬
‫نظريات العروض التي تقدمها وسائل العلم و جوهر هذه النظرية أن تكوين جمهور وسيلة إعلمية هو نتيجة أفعال‬
‫و خيارات عدد واسع من الفراد و يختلف كل فعل أو اختيار على اختلف الذواق و المصالح و الهتمامات و‬
‫اختلف القدرات العقلية للفراد و ترى هذه النظرية البراغماتية أن أنواع المحتوى المقدم على أساس الدراسة و‬
‫‪.‬التجريب من شأنه أن ينبئ بتوقعات معقولة حول حجم وتكوين الجمهور‬

‫‪4.‬‬ ‫‪: differential leisure resources‬نظرية اختلف مصادر الترفيه‬

‫تندرج هذه النظرية ضمن نظريات الطلب و تركز على الستعدادات و الفائدة من استقبال الرسائل العلمية اكثر من‬
‫تركيزها على المحتوى من قبل الجماعات الجتماعية كما أنها تتوفر على ثلث عناصر‪ :‬وقت الفراغ المتوفر ‪ ،‬و‬
‫المستوى التعليمي و وفرة المال حيث يمكن النظر الى استعمال وسائل العلم من قبل مختلف الفئات الجتماعية‬
‫كمركب لكل من هذه العناصر و بالتالي فان الطفال و النساء و المسنين هي فئات متوفرة لديها وقت فراغ و قلة من‬
‫المال حيث هذه الفئات غير مكلفة و تأخذ وقتا أوسع كما أن المستوى الثقافي له دور في تكوين الجمهور إلى جانب‬
‫‪.‬الدخل و توفر وسائل ترفيه وإعلم بديلة لوسائل العلم الجماهيرية‬

‫‪5.‬‬ ‫‪: functional theory‬النظرية الوظيفية‬

‫من نظريات الطلب ‪ ،‬تتمحور على حوافز تدفع الجمهور الى استعمال وسائل العلم الجماهيرية بهدف إشباع حاجاته‬
‫و حلول لمشاكله النفسية و الجتماعية و حاجته إلى العلم و الترفيه فهذا يحدد حجم الجمهور و نوعه ‪ .‬و تبدو هذه‬
‫النظرية أكثر ملءمة لدراسة تكوين الجمهور إل أنها تخلط بين المحتوى و الوظيفة في علقة واحد لواحد مع أن‬
‫‪.‬مضمونا واحد ل يمكن أن يشبع احتياجات عديدة و متنوعة و ل يمكنه أن يحل مشاكل نفسية و اجتماعية مختلفة‬

‫‪6.‬‬ ‫‪: socio-cultural explanation‬نظرية التفسير السوسيو ثقافي‬


‫إن تفسير ميكانيزمات تفسير جمهور وسائل العلم وفقا لقانون السوق (العرض و الطلب) تقدم تفسيرا مجزأ حسب‬
‫‪:‬الزاوية التي ينظر منها إلى تكوين الجمهور‬

‫من زاوية تاريخية‪ ،‬استهلكية‪ ،‬اختلفات فردية‪ ،‬وظائف وسائل العلم الجتماعية ‪...‬الخ و كل واحدة تهمل السياقات‬
‫الثقافية و الجتماعية التي يوجد فيها الجمهور و المرتبطة بفضاء الحية المحلية حيث أن الفراد أو الجماعات يميلون‬
‫إلى إعطاء الهمية للمحتوى العلمي المتعلقة بالمحيط القريب المألوف لديهم تخضع للقيم الجتماعية و الروحية‬
‫السائدة فمن هنا فان مناهج البحاث و الدراسات الموضوعية المعتمد عليها تأخذ بعين العتبار ظروف البيئة‬
‫‪.‬الجتماعية و الثقافية و القتصادية و خاصة ظروف المكان و الزمان لكل جمهور‬

‫تطور مقاربات الجمهور ‪2‬‬

‫لقد تبين من خلل عرض بعض الجوانب النظرية و المفاهيمية المتعلقة بجمهور وسائل العلم و الدراسات الخاصة‬
‫به أن الباحثين المهتمين بهذا الميدان ل يتعاملون مع أنموذج واحد أو مقاربة واحدة للتصال الجماهيري ولكنهم‬
‫‪.‬يعالجون شيئا أكثر بقليل من مجموعة من التطلعات البديلة‬

‫إن الدراسات العلمية لم تتوصل بعد إلى اعتماد أدبيات موحدة فهناك مثل مصطلحات من مثل "دراسات التصال‬
‫الجماهيري" ‪" ،‬علوم العلم و التصال" مجودة في الدبيات الغربية و قد يعود تنوع مصطلحات العلم و‬
‫التصال إلى عدم التوصل بعد إلى صياغة نظريات تعيد بلورة مبدأ تداخل العلوم الذي تم التخلي عنه منذ انفصال‬
‫العلوم الخرى عن الفلسفة واعتماد فلسفة التخصص و النماذج المتبعة في البحث العلمي العلمي و واقعه حتى في‬
‫الدول المتقدمة لم تتوصل بعد إلى صياغة "كيان نظري متكامل لعلم التصال" باعتباره أحد العلوم المستقبلية غير أن‬
‫هذا المر لم يوجد له مثيل في الدول النتقالية و في مقدمتها الدول العربية و الراجح أن هناك عديد من المحاولت‬
‫النادرة التي قام بها بعض الباحثين العرب في ميدان الدراسات العلمية لم تنشر على نطاق واسع لسباب عدة لعل‬
‫أن في مقدمتها أن الحقائق المتعلقة بالواقع الجتماعي و لو أنها نسبية و ل تنتمي للعلوم الصحيحة المر الذي يلغي‬
‫‪.‬الحرية العلمية المتمثلة في حرية الفكر و حرية البحث العلمي و التعبير عن النتائج و النشر‬

‫و من هنا يبقى المصدر الوحيد للدراسات النظرية و المبريقية ذات المصداقية و الدللة العلمية هو المجتمعات‬
‫المتطورة التي جعلت من العلم و المعرفة و التكنولوجيات الروافد الساسية و المنة لنهضتها و استمرارها في‬
‫‪ .‬النهوض و التطور الدائم في الزمن و المكان‬

‫لكن عند محاولة توظيف هذه المعارف العلمية فيما يتعلق بالعلوم النسانية و الجتماعية تطرح أمام الباحثين تحديات‬
‫ابستيمولوجية كبرى من نوع آخر ‪ ،‬و تواجه محاولت تأصيل و توظيف مناهج بحث نشأت في بيئات ثقافية و‬
‫اجتماعية و نفسية معينة من أجل تحقيق أهداف مغايرة و تعدد النماذج و النظريات و المقاربات و الساليب المنهجية‬
‫‪.‬مكن من تراكم تراث نظري و منهجي متطور تطورا تصاعديا‬

‫‪ :‬خلفية التاريخ الطبيعي لبحاث التأثير*‬

‫تجدر الثارة في هذا التذكير التاريخي إلى هذا التقسيم الذي يبدو مساير للتسلسل الزمني إذ هو محاولة قراءة التطور‬
‫الذي مهدته أبحاث الجمهور عبر مختلف المراحل التاريخية انطلقا من وقائع الوضع الراهن و تدخلت عوامل‬
‫محيطية لعبت دورا بارزا في رسم معالم مميزة لتاريخ نظريات التأثير وهيكلة فعل التلقي و تفكيك البيئة الجتماعية‬
‫بتصور نموذج اتصالي جزئي لجمهور مجزأ ومحاولة تخطي الوجود المادي للجمهور و تبني السلوك المعبر عن هذا‬
‫‪ .‬الوجود اللمادي في العالم اللكتروني إذ يعتبر هذا الجمهور له قدرة التواجد في كل مكان وفي نفس الزمان‬

‫ومن أبرز تلك العوامل المساعدة‪ ،‬مصالح الحكومات والمشرعين واحتياجات الصناعات ونشاطات الجماعات‬
‫الضاغطة واهتمامات مروجي الدعاية السياسية والتجارية وتنامي دور الرأي العام في الحياة السياسية و الجتماعية و‬
‫‪ .‬موطنة العلوم الجتماعية التي تضفي نوعا من الطابع العلمي يخرجها قليل من الدائرة اليديولوجية‬

‫‪:‬وقبل القيام بتصنيف تراث أبحاث الجمهور من المفيد إبراز أهم المحطات في هذا التاريخ الطبيعي لبحاث الجمهور‬

‫‪1.‬‬ ‫‪:‬ما قبل التحريات العلمية‬

‫تمتد هذه المرحلة من بداية القرن العشرين إلى أواخر الثلثينات منه ويمكن أن يطلق عليها مرحلة ما قبل التحريات أو‬
‫التحقيقات العلمية حيث كانت المحاولت التي تتناول العلقة بين ما تبثه وسائل العلم والجمهور المتلقي عبارة عن‬
‫‪ .‬انطباعات أراء ونظريات ذاتية أكثر منها استنتاجات لتحليل وقائع موضوعية‬

‫في هذه المرحلة كانت النضرة لوسائل العلم أنها مصدر لقوى خفية خارقة تعمل على صقل الرأي و العتقادات‬
‫وفقا لرادة أولئك الذين يملكون سلطة الرقابة على هذه الوسائل و توجبه نشاطاتها نحو مواضيع معينة ويمتلكون قوة‬
‫الـتأثير و لم تكن هذه الفكار قائمة على أساس تحريات علمية بل مجرد أراء مستوحاة من الملحظة الشعبية التي‬
‫تكتسبها الصحافة و الوسائط الجديدة و ما زاد في ترسيخ فكرة التأثير تدعيم المعلن و الحكومات المبراطورية في‬
‫أوربا خلل الحربين العالميتين الولى والثانية‪ .‬خاصة النطاق الواسع الذي شهده الراديو و التلفزيون إذ أن أول نوع‬
‫من التآلف مع هذه الوسائل تتضمنه "نظرية المعنى العام" التي تشير إلى الفكار التي يكونها عامة الناس حول‬
‫موضوع معين و المستمدة أساسا من التجربة المباشرة و الستعمال الشخصي لهذه الوسائل و النطباعات التي تولدها‬
‫هذه التجربة و يثير هذا الستعمال‪ ،‬و قد أثارت مؤشرات فضاء التصال و العلم الجديد فضول الباحثين المهتمين‬
‫بمتابعة ظواهر الحياة الجتماعية و ملحظة التغيرات المتتالية وخاصة التأثيرات الحاصلة في سلوك الناس فجاءت‬
‫البدايات الولى للتحريات الموضوعية في مجال البحث العلمي تحاول توظيف خلصات التأملت النظرية و‬
‫التجارب المنهجية التي كانت قد توصلت إليها مختلف فروع المعرفة الجتماعية و النفسية ل سيما السوسيولوجيا‬
‫العامة والسيكولوجية الفردية والجتماعية في تفسير الظواهر الجديدة و العلقات القائمة و الممكن قيامها بين مختلف‬
‫‪.‬التغيرات التي أسندت لوسائل العلم‬

‫فقد تميزت الدراسات العلمية منذ انطلقتها الولى بالتوجه السوسيولوجي و السيكولوجي الجتماعي بالدرجة‬
‫‪ .‬الولى‪،‬هذا التوجه الذي يلزمها عبر تاريخها الطبيعي‬
‫و الحداث الكبرى التي شهدتها تلك المرحلة الولى عجلت إيجاد مناهج وتقنيات جديدة لفهم و تفسير مكانة دور‬
‫وسائل العلم أسست لبروز اتجاه امبريقي سيسمح بتجاوز قصور انطباعات المعرفة العلمية و الفكار التأملية و‬
‫‪ .‬النمطية النظرية على تفسير الظاهرة التصالية الجديدة‬

‫‪2.‬‬ ‫‪ :‬مرحلة التحريات العلمية‬

‫ظهر في سياق العتقادات و التفكير مع بداية العشرية الرابعة من القرن الماضي نوع جديد من التحريات أسس‬
‫لدخول البحث العلمي في مجال الجمهور استنادا إلى منهج المسح و التجربة الخبرية ويعتمد على خلصات علم النفس‬
‫‪.‬الجتماعي و الرياضيات و الحصاء و السير ينقيا‬

‫وقد أجريت دراسات امبريقية متفرقة على تأثير أنواع من المحتوى خاصة الفلم وبرامج الحملت النتخابية و‬
‫الشهارية وهذا ما قام به ""لزارسفالد"" حول دور الصحافة في الحملة النتخابية لرئاسيات ‪ 1940‬وتأثير الفيلم‬
‫‪.‬السينمائي على الجنود المريكيين‬

‫وقد أسندت تلك الدراسات ابتداء من دراسة "لزارسفالد" و "كاتز" دورا متواضعا لوسائل العلم في إحداث‬
‫التأثيرات المتوقعة أو غير المنتظرة وغير المرغوب فيها لخصت في دراسة حول أبحاث الجمهور للباحث "جوزاف‬
‫كلبر" سنة ‪ 1962‬وفيه العبارة "إن وسائل التصال ل تعمل عادة كسبب ضروري وكاف للتأثير في الجمهور ولكن‬
‫"‪ ".‬بالحرى تعمل ضمن جملة من عوامل التبليغ" الوسيطة المترابطة‬

‫ولم يكن سهل أن تتغير الراء خارج المجتمع العلمي الجتماعي وكان من الصعب أيضا قبول هذه الفكار الجديدة‬
‫(إن وسائل العلم يحدث في كل الظروف نفس التأثيرات البالغة) بالنسبة لولئك الذين تعودوا على تصميم الحملت‬
‫الشهارية و الدعائية على أساس الفكار السابقة ومحترفي العلم الذين كانوا يؤمنون بالقوى السحرية لوسائل‬
‫مهنتهم وقد سلم العديد من الباحثين ابتداء من الستينات بممارسة وسائل العلم لنوع من التأثير يحدث غالبا على‬
‫المدى البعيد وقد اتسع هذا التفكير بانتشار التلفزيون كوسيلة تكنولوجية منزلية وحيدة وهي تعتبر ميزة القرن الماضي‬
‫إلى أن ظهر الحاسوب الشبكات العالمية " النترنت " في عملية تفاعلية متمايزة لم يسبق لها مثيل في تاريخ دراسات‬
‫تأثير تكنولوجيات التصال الحديثة و أدخلت أبعاد جديدة التعرض التزامني و اللتزامني وأنماط السلوك التصالي‬
‫و تكلم حول الجيل الثالث من دراسات التلقي إلى "‪""Morley‬وقد استمرت هذه المرحلة من التنظير إلى أن جاء‬
‫جانب "دانيال ميلر" و "دون سليتز" تتعلق بالمقاربة الثنوغرافية لتحليل استعمال النترنت في بيئات سوسيوثقافية‬
‫‪".‬مختلفة‬

‫وقد طرح التساؤلت حول كيف أن ثقافة معينة تحاول أن تستمر في "منزلها" في المحيط التصالي السريع التحول‬
‫(غير المستقر) و كيف يمكن لهذه الثقافة أن تكيف وتدمج هذا الوسيط في خصوصياتها المحلية و تطوعه لخدمة‬
‫عملية التعولم و معرفة الثار (التأثيرات المتبادلة )بين تلك العناصر المدمجة واستمر التفكير في وجود "تأثير " و‬
‫"تأثير قوي " الذي يطبع بين رسائل العلم و الجمهور وخاصة درجة التعرض لها وقياس التغيير (نوع التغيير ) أو‬
‫‪.‬نقل نوع التنوع أي تغير المواقف و الراء و الفكار‬

‫‪3.‬‬ ‫‪ :‬ما بعد التحريات العلمية‬

‫بعد عرض حول دراسات تأثير وسائل العلم في الجمهور ولكن الجدر قوله أن وسائل العلم ل تتوفر في ذاتها‬
‫على قوة تأثير ولكن يتوقف المر على اعتقاد الناس في قدرتها على التغيير مجرى الحداث و الفكار و التجاهات‬
‫و كان كاري (‪ )1978‬قد حاول تفسير إشكالية التأثير و درجاته و اللتأثير و حدوده بتغيير العتقاد في قدرة وسائل‬
‫‪ .‬العلم‬
‫فقد ناد العتقاد في قدرة وسائل العلم الجماهيري على التأثير البالغ في فترة الثلثينيات تحت ظل ضغوطات نفسية‬
‫و تيارات السياسية وفرت أجواء الحرب و خلقت الرضية خصبة لنتاج بعض أنواع التأثير فحين نهاية الستينيات‬
‫وبداية السبعينيات شهدت توترات دولية نتيجة الحروب العربية السرائيلية (‪ )1967/1973‬و أزمتي البترول سنتي (‬
‫‪ )1985 -1973‬و زيادة الصراع اليديولوجي (إ‪.‬س ‪ /‬و‪.‬م‪.‬أ) إضافة إلى سقوط جدار برلين (‪ )1989‬و غيرها من‬
‫الزمات التي عرضت البنيات الجتماعية للهتزازات و جعلتها أكثر حساسية لوسائل التصال الجماهيري خاصة و‬
‫أن هذه الوسائل تكاد تحتكر الحقائق و الراء حول الوقائع ل سيما القنوات التلفزيونية الفضائية النية و المواقع‬
‫‪ .‬اللكترونية المتخصصة على النترنت‬

‫غير أن بعض الباحثين يعتقدون أن المر ل يتعلق بقدرة وسائل العلم على التأثير بقدر ما يتعلق باجتماع أسباب قد‬
‫‪.‬تكون مصادفة زمنية جعلت وسائل العلم تبدو بتلك القوة في مرحلة تاريخية معينة‬

‫مما يزيد في تلك الفتراضية لوسائل العلم الجماهيري أن الحكومات و أصحاب الماليستعملون وسائل العلم في‬
‫محاولة التأثير على الناس و مراقبة و توجيه سلوكهم هذا يعني أن وسائل العلم يمكن أن تكون في ظروف‬
‫تاريخية ‪،‬نفسية ‪،‬اجتماعية ‪،‬اقتصادية ذات قوة بالغة بالنظر الى الستجابات الفورية أو المتوسطة التي يبديها الناس‬
‫‪.‬ازاء الدعوات الهادفة الى تغيير المواقف و الراء في اتجاه يخدم مصالح هذه الطراف‬

‫تطور مقاربات الجمهور ‪1‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬يمكن تمييز التوجهات الحديثة الكبرى لبحاث الجمهور التي تبلورت منذ السبعينيات ضمن‬
‫نوعين من التيارات البحثية‪ ،‬النوع الول الذي يمكن أن نطلق عليه‪ :‬أنموذج التأثير ‪ ،‬الذي أحدث قطيعة مع النموذج‬
‫السائدة منذ الربعينيات‪ ،‬حيث تخلى عن تحليل التأثير قصير المدى ‪ ،‬حجر الزاوية في نظرية لزارسفيلد ليهتم‬
‫على المدى البعيد لمجموع أنظمة وسائل العلم (مؤسسات اجتماعية)‪ ،‬خاصة(‪ )COGNITIVE‬بالتأثير الدراكي‬
‫‪.‬البحاث المتعلقة بتكوين الرأي العام‬

‫وظهر النوع الثاني الذي يمكن أن نسميه أنموذج التلقي‪ ،‬في بداية الثمانينات ليهتم بالكيفية التي "يؤول بها الملتقى‬
‫الرسائل العلمية" أي التركيز على عملية التلقي في حد ذاتها باعتبارها ممارسة لها أسسها اجتماعيا وثقافيا ‪،‬‬
‫وباعتبارها عملية بناء اجتماعي للمعاني التي يضيفها المتلقي على الرسائل العلمية‬

‫‪1.‬‬ ‫‪:Effect paradigms‬أنــــــمــوذج الـــتأثــيــر‬

‫ويشمل هذا الصنف عموما‪ ،‬مجموعة النظريات والمقاربات التي تناولت التأثير البالغ والمباشر والتأثير المحدود‬
‫‪.‬الفوري الطويل المدى ثم المزيد من التأثير‬
‫وهي تهتم بالتغير أو التحول الذي قد يلحظ في سلوكيات الجمهور ومواقفه وحالته النفعالية الذهنية الدراكية‬
‫‪.‬والمعرفية أثناء وبعد التعرض لوسائل العلم وعلقة هذا التغيير مقارنة بالوضع السابق للتعرض‬

‫وتوصف هذه النماذج بكونها تشاؤمية لنظرتها السلبية لقدرة الجمهور على مقاومة القوة الخارقة لوسائل العلم‬
‫‪.‬التي تحدث تأثيرا في اتجاه خطي شاقولي‬

‫ونموذج الوخز البري ‪ )power ful media( ،‬ونشير هنا إلى نموذج القوى البالغة لوسائل العلم‬
‫‪ .‬والقذيفة السحرية (‪)hypodermie paradigm‬‬

‫وفي المرحلة اللحقة ظهرت نظرية أقل تشاؤما مثل تأثير وسائل العلم غير المباشر عبر قادة الرأي أو التدفق‬
‫العلمي عبر خطوتين والتدفق عبر خطوة واحدة ثمة التدفق عبر خطوات متعددة ‪ ،‬ثم العودة إلى مزيد من التأثير‬
‫المعمم على عدد متزايد من الناس مع تزايد الزمات‪ ،‬والتوترات وتزايد تحكم وسائل التصال الحديثة في النشر التي‬
‫للمعلومات عبر وسائل أقل تكلفة وأقل جهدا وسهلة الولوج إليها وأكثر قابلية للستعمال‪ ،‬إذ تعتبر أسرع تكيفا مع‬
‫‪ .‬حاجيات الناس المتمايزة وأكثر جاذبية وفي متناول جماعة من الناس غير محدودة عدديا‬

‫فبالرغم من اتساع اعتقاد أن هذا الصنف له قدرة في إحداث تأثير إل أنه فقد العديد من النماذج خاصة‬
‫النموذجين التقليدين الولين‪ :‬القوى الخفية والقذيفة السحرية‪ ،‬الذين سادا في البدايات في محاولت تفسير إقبال الناس‬
‫‪ .‬على مشاهدة الفيلم الجذاب أو قراءة القصة المشوقة‬

‫كما كاد يختفي أنموذج العلم اللنهائي الذي يزعم أن لوسائل العلم دور كبير وفعال في حث الناس وتهيئتهم‬
‫‪.‬النمانية لمجتمعاتهم ‪ ،‬وانتقالها من الحالة التقليدية إلى الحداثة (‪ )tamauff‬للنطلقة‬

‫وهناك نماذج لم يعد لها أهمية مثل أنموذج المبربالية الثقافية ‪ ،‬والغزو الثقافي الذي ازدهر خلل العقدين السادس‬
‫والسابع من القرن الماضي ‪ ،‬وهناك نماذج أخرى تتجدد تبعا للمستحدثات التكنولوجية وتلح على البقاء والستمرار‬
‫ونموذج تحديد (‪ )use and grati ficatior‬لرتباطها بتيارات اليديولوجية مثل ‪ :‬نموذج الستعمال والشباع‬
‫‪.‬مواضيع الهتمام ونموذج لولب الصمت‬

‫‪2.‬‬ ‫‪: Reception paradigms‬أنموذج التلقي‬

‫يقصد بها النظرية العامة والنظرات الفرعية والمقاربات التي حولت محور الدراسة من محتوى الرسالة‬
‫وعلقاته بالتأثير الذي قد يحدث في سلوك الجمهور أي علقة الرسالة بالتأثير الناجم عن محاولة الجابة عن التساؤل‬
‫‪.‬الولي ماذا تفعل وسائل العلم في الجمهور‬

‫في نموذج لزويل التركيز على مصير الرسالة بعدما يتلقاها الجمهور النتقائي القوي والفعال الذي أعيد له‬
‫‪.‬العتبار نتيجة تغيير إستراتيجية البحث إلى ماذا يفعل الجمهور بوسائل العلم؟‬

‫وأحدثت هذه المقاربة إشكالية جديدة بأنموذج الستعمال والشباع لـ‪ :‬كاتز وأنموذج التفاعل والتأويلت لـ‪ :‬مورلي نقل‬
‫‪ .‬نوعية في أبحاث الجمهور إذ أصبح التركيز على العلقة بين الرسالة والمتلقي‬

‫وتعتبر هذه النظرية امتدادا لنظرية التأثير والتقبل اللمانية التي ظهرت في أوساط الستينيات من القرن الماضي‬
‫موازاة مع التيارات الماركيسية والواقعية الجدلية والمناهج البيوغرافية التي تركز اهتماماتها على المبدع حياته‬
‫‪ .‬ظروفه أو القائم بالتصال أو المرسل‬
‫كما جاءت موازية للتيارات النقدية التقليدية التي كان ينصب اهتمامها على المعنى وكذا التيارات البنيوية دون‬
‫‪.‬مراعاة القارئ‬

‫وترى نظرية التلقي أن أهم شيء في عملية التواصل الدبي هي تلك المشاركة الفعالة بين المشارك والقارئ أي‬
‫الفهم الحقيقي للدب ينطلق من وضع القارئ في مكانه الحقيقي وإعادة العتبار له باعتباره هو المرسل إليه والمستقبل‬
‫‪.‬للنص ومستهلكه لن المؤلف ما هو إل قارئ للعمال السابقة‬

‫ويركز المنظرون العلميون على الدور الذي يلعبه الجمهور في فك رموز الرسائل وإضفاء معاني عليها أي‬
‫‪ .‬المعنى الذي يقصده القائم بالتصال‬

‫وتعتبر نظرية التلقي واحدة من أبرز النظريات المعاصرة التي أعادت العتبار لفعل التلقي كأساس لعملية‬
‫تواصلية من المرسل والمستقبل إذ تهتم بتفسير آليات فهم النصوص والصور العلمية فالمعنى يولد لدى المشاهد‬
‫‪ .‬والنص‬

‫ويرى أصحاب هذه النظرية أن العوامل السياقية لها تأثير أكثر من العوامل النصية على الطريقة التي يشاهد بها‬
‫‪.‬المتلقي الفلم أو البرنامج التلفزيوني‬

‫يعتقد الباحث مخلوف بوكروح أن الفضاء الكثر ملئمة لدراسة عملية تلقي الرسالة هو المسرح إذ فيه تتجلى‬
‫‪ .‬استجابة الجمهور بصورة مباشرة‬

‫يحلل الباحثون الثقافيون الثقافة الجماهيرية على أنها تعبير عن العلقات بين الفراد والطبقات الجتماعية في‬
‫السياق الجتماعي والسياسي الخاص بالمجتمعات الرأسمالية وينظرون لوسائل العلم كجزء ل يتجزأ من نظام‬
‫‪.‬التفاعلت الرمزية‬

‫يساهم في انتاج فضاء رمزي أكثر مما هي أدوات في خدمة طبقة مهيمنة‪ ،‬وهنا يلتقي منظور الدراسات الثقافية‬
‫‪".‬مع منظور الستعمال والشباع في القول " أنّ الناس هم الذين يفعلون شيئا بوسائل العلم وليس العكس‬

‫ولفهم تأويل مشاهدة معين لمنتوج تلفزيوني ما‪ ،‬يلجأ الباحثون لمنظور أكثر نفعية حيث يستعملون بكثافة المناهج‬
‫‪.‬النثوغرافية لجمع المعطيات‪ :‬الستجوابات العميقة والملحظة المباشرة والملحظة بالمشاركة‬

‫ويرجع الفضل في تطوير المنهج النثروبولولجي في دراسات التصال الجماهيري عامة‪ ،‬و دراسات الجمهور‬
‫بصفة خاصة إلى تيار البحاث المتعلقة بالسر والتكنولوجيات الحديثة المتولدة عن الستعمال العائلي التنامي‬
‫للمبتكرات التكنولوجية الجديدة (التلفزيون‪ ،‬مسجل‪ ،‬قارئ الفيديو‪ ،‬الحاسوب)‪ ،‬إذ يركز على تحليل البرامج العلمية‬
‫العامة والمجالت السياسية‪ .‬وقد طرحت تساؤلت في هذا السياق حول الحصص المسماة التصال السياسي الموجه‬
‫لجمهور عريض غير منسجم قبل أن تشمل جميع النواع المسماة شعبية(رياضية‪ ،‬منوعات‪ ،‬أوبرات‪.)...‬كما طرحت‬
‫القضايا المتعلقة بالعينة التمثيلية مثل النوع (ذكر‪ .‬أنثى) و النتماء الطبقي‪ .‬وكان هدف هذا التيار الوصول إلى‬
‫‪.‬مؤشرات تأويل الجمهور للرسائل العلمية انطلقا من متغيرات النوع والنتماء الطبقي الجتماعي‬

‫إذ أظهرت هذه الدراسة درجات التعقيد وأنماط فك الرموز واستحالة فهم القراءات الممكنة انطلقا من النتماء‬
‫‪.‬الطبقي الجتماعي وحده‬

‫‪:‬وقد وجهت لهذه النظرية عدة انتقادات منها‬

‫إهمالها لمكانية التقاطع بين مدونات المتلقين من مختلف الطبقات الجتماعية‬


‫إهمال التفاعل الجتماعي بين البحاث المتعلقة بالثقافة الشعبية المركزة أكثر بالترفيه والتسلية فمن هنا فإن مختلف‬
‫‪ .‬القياسات مفهوم معنى لم تكن لتسير عملية التنظيم للعلقة بين النص والجمهور وتوضيح مضامينها‬

‫لقد بدأ الهتمام ينصب حول الستعمالت الثرية في منتصف الثمانينات حيث كان قد تم العتراف للمتلقي بدور‬
‫فعّال في بناء معاني الرسائل العلمية و بأهمية السيّاقة الذي تتم فيه عملية التلقى حيث استبدل مفهوم " فك الترميز"‬
‫‪.‬بمفهوم " سياق " وتحول مركز الهتمام إلى عملية "المشاهدة" وفهم هذا النشاط بحد ذاته‬

‫وقد اهتم مورلي في هذه الدراسة التي استعمل فيها المنهج النثوغرافي بالتفاعلت بين مختلف أفراد العائلة‬
‫أمام الشاشة الصغيرة و قد اهتم بالختلفات بين عائلة ما و أخرى وبين أفراد العائلة الواحدة من جهة ثانية مركزا‬
‫على علقة السلطة بين الجنسين و بين البالغين و القصر دون إهمال إطار التحليل وبنية الجمهور من منظور النتماء‬
‫الطبقي والتربية اليديولوجية التي تحدد السياق الجتماعي و الثقافي الذي تحلل فيه تركيبة الجمهور و واقعه وأنماط‬
‫‪.‬تفاعله‬

‫تميز التطور الولي لنموذج التلقي بانتقال اهتمامات البحث من قضايا اليديولوجية و تحليل الرسائل المتلفزة‬
‫من خلل التساؤلت حول البنية الطبقية وعملية فك الرموز إلى التمايز في ممارسة المشاهدة من منظور النوع داخل‬
‫‪.‬العائلة‬

‫وهكذا أثارت مسألة فضول العديد من الباحثين الذين اهتموا كل حسب النموذج الذي ينطلق منه وحسب طبيعة‬
‫أهداف البحث لمختلف جوانب عملية التلقي سواء تعلق بالمتلقي أو بالنص أو بطبيعة العلقة بينهما أو بالتأويل (فك‬
‫‪(.‬الرموز‬

‫‪3.‬‬ ‫‪:‬مؤشرات أنموذج جديد‬

‫تستمد المفاهيم الجديدة المتعلقة بجمهور وسائل العلم وسلوكياته وأبحاثه ومقوماتها أساسا من الدبيات التي‬
‫أوجدتها تيارات ما بعد الحداثة ابتداء من القرن العشرين‪ ،‬ومن الجواء التي خلقتها تكنولوجيات العلم والتصال‬
‫‪.‬المستجدة في المحيط التصالي المتحرك‬

‫تكثف استعماله منذ العقد الثامن للقرن العشرين‪ ،‬للدللة على تشكيلة (‪)post-modernitsm‬إن مفهوم ما بعد الحداثة‬
‫واسعة من التغيير في أنماط التفكير‪ ،‬مشيرا على العموم إلى التيارات النقدية للحقائق المطلقة والهويات ‪ ،‬في الفلسفة ‪،‬‬
‫الفن الموسيقي ‪ ،‬الهندسة المعمارية ‪ ،‬الدب ‪،‬الشعر‪ ،‬التاريخ في هذه المجالت بالذات مواقف إيديولوجية أكثر من‬
‫‪ .‬كونه يعبر عن حقبة زمنية في تاريخ الحضارة النسانية ‪ ،‬كما يشير إلى البعد التكنولوجي‬

‫قد شاع استعمال مصطلح ما بعد الحداثة بعد دخوله ‪ ،‬أول المجال الفلسفي سنة ‪ 1979‬جون فرانسوا ليوطار ‪،‬‬
‫‪".‬الذي نشر "شرط ما بعد الحداثة‬

‫وقد تتجلى أفكار ما بعد الحداثة في جوانب التلقي المختلفة وفي نشر المستحدثات‪.‬ومن خلل دراسة ابستمولوجية‬
‫للباحث "جاب نيكول يزن" والنقاشات التي كانت قد حامت من قبل حول العناصر الكثر تداول في أبحاث الجمهور‬
‫‪ .‬على يد كل من مورلي ‪ ،‬كاران ‪ ،‬فيسك و سلتير ‪ ،‬وغيرهم‬

‫‪1.‬‬ ‫(‪ )domestic context‬مفهوم السياق المنزلي‬


‫تعتبر التجاهات المشاهدة التلفزيونية كنشاط يومي معقد يجرى في السياق المنزلي ويمارس أساسا ضمن العائلة‬
‫فالتلفزة تستقبل في سياق بالغ التعقيد والقوة غير أن الطابع السياقي للتلقي يطرح تساؤلت مؤرقة حول الكيفية التي‬
‫تستعمل بها التلفزة في المنزل وحول سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار ا‬

You might also like