You are on page 1of 213

‫[‪]1‬‬

‫خالد وحيدر‬
‫حوار هادئ ومثمر‬
‫جمع الحوار‬
‫عبد ال عبدالرحمن الراشد‬
‫م‬ ‫‪2000‬‬ ‫هـ ‪-‬‬ ‫‪1421‬‬

‫دار المل للنشر والتوزيع القاهرة‬


‫[‪]2‬‬
‫{ سبحانك ل علم لنا إل ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم }‬
‫« اللهم يا معلم إبراهيم علمنا ويا مفهم سليمان فهمنا ما ينفعنا »‬
‫الفهرس‬
‫المقدمة‬
‫قبل طرق باب النقاش‬
‫مبحث ‪ :‬ظهور الشيعة‬
‫ابن سبأ وعلقته بظهور الشيعة‬
‫ادعاء أن الصديق اغتصب الخلفة‬
‫اهتمام الشيعة بقضية المامة‬
‫المامة منصب إلهي‬
‫هل هناك نص على خلفة علي‬
‫تنازل الحسن عن الخلفة‬
‫مبحث ‪ :‬العقيدة السليمة‬
‫معنى كلمة الشرك‬
‫تعريف الخميني لمفهوم الشرك‬
‫فتاوى تجيز فعل الشرك‬
‫مقولة مهمة لجعفر الصادق‬
‫مبحث ‪ :‬العصمة‬
‫آية الولية وإذهاب الرجس‬
‫آية الولية وتعلقها بنساء النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫المام منزه عن العيوب‬
‫الدليل على صدور الزلل من النبياء‬
‫هل جميع آل البيت معصومون ؟‬
‫الئمة ل يناقشهم أحد‬
‫ولية الفقيه‬
‫الئمة يخطئون ويذنبون‬
‫مبحث ‪ :‬التقية‬
‫التقية تستعمل في كل شيء‬
‫المرأة ترث من العقار والدار‬
‫التحريم والتحليل يكون وفق ضرورات المذهب‬
‫التقية شعار الشيعة‬
‫مبحث ‪ :‬علم الحديث والتصحيح والتضعيف‬
‫العاملي وقيوده في علم الحديث‬
‫رواة الشيعة وزياداتهم على الئمة‬
‫الحكم على كتاب « أصول الكافي »‬
‫الحكم على كتاب « تهذيب الحكام »‬
‫التيجاني وكتاب « أصول الكافي »‬
‫كتاب « رجال الكشي » ونقد الرواة‬
‫الشيعة يستدلون بأحاديث البخاري‬
‫جهل علماء الشيعة بعلم الحديث‬
‫مبحث ‪ :‬الشاذ من القوال‬
‫تناقض فتاوى أئمة الشيعة‬
‫أمثلة لبعض الفتاوى الشيعية الشاذة‬
‫سبب وجود فتاوى شاذة عند الشيعة‬
‫أئمة الشيعة يقرون بكذب الشيعة‬
‫مبحث ‪ :‬غلو في محبة الل‬
‫معنى العبودية ‪ ،‬واسم ‪ :‬عبد‬
‫الشيعة يفضلون العبودية لغير ال‬
‫أمثلة للغلو في الئمة‬
‫الخميني وتأكيده على أفضلية الئمة على النبياء‬
‫أمثلة للغلو في علي رضي ال عنه‬
‫حرص النبي صلى اللّه عليه وسلم على العقيدة السليمة‬
‫مبحث ‪ :‬الصحابة رضوان ال عليهم‬
‫تحديد معنى كلمة « صحابي »‬
‫التفريق بين العدالة ‪ ،‬والحفظ‬
‫سبب تقاتل الصحابة رضي ال عنهم‬
‫كتاب ‪ « :‬خمسون ومائة صحابي مختلق »‬
‫كيف نفرق بين المؤمن والمنافق ؟‬
‫روايات شيعية تطعن بالصحابة‬
‫الخميني وتفضيله لمجتمع إيران على الصحابة‬
‫مجتمع الصحابة كالسرة الواحدة‬
‫مبحث ‪ :‬أبو هريرة‬
‫سبب حفظ أبي هريرة للحاديث‬
‫عدد الحاديث التي رواها أبو هريرة‬
‫عدد الحاديث التي رواها رجال الشيعة‬
‫عدالة رواة الشيعة‬
‫علماء الشيعة الوائل يروون أحاديث أبي هريرة‬
‫لماذا الطعن في أبي هريرة‬
‫مبحث ‪ :‬دعاء صنمي قريش‬
‫كتب ذكرت هذا الدعاء‬
‫علماء يوافقون على صحة هذا الدعاء‬
‫دعاء صنمي قريش‬
‫مبحث ‪ :‬الحتفالت السلمية‬
‫الحتفال بعيد النيروز واستحباب صيامه‬
‫مبحث ‪ :‬عيد الغدير‬
‫الرواية الصحيحة لغدير خم‬
‫الصحابة اختاروا عليا للخلفة‬
‫معنى كلمة الولية‬
‫مبحث ‪ :‬البكاء على الحسين رضي ال عنه‬
‫صيام يوم عاشوراء‬
‫أمور منكرة يفعلها العوام في يوم عاشوراء‬
‫النياحة من أعمال الجاهلية‬
‫مبحث ‪ :‬فضائل الحج إلى قبر الحسين رضي ال عنه‬
‫الحج إلى قبر الحسين أفضل من مكة‬
‫أين قبر علي رضي ال عنه ؟‬
‫روايات تدلل على أفضلية الحج إلى قبر الحسين‬
‫لماذا لم يذكر القرآن الحج إلى قبر الحسين‬
‫مبحث ‪ :‬الحسينيات‬
‫الفرق بين الخبر والنشاء‬
‫مسمى « الحسينيات » ومن ابتدعه‬
‫عدم الحرص على الصلة الجماعية‬
‫مبحث ‪ :‬عيش ولحم في الحسينيات‬
‫عدم وجود دليل على جواز ما يفعل في الحسينيات‬
‫الحسين والثورات‬
‫مبحث ‪ :‬زيارة القبور‬
‫الخميني وفتوى ‪ :‬جواز الصلة خلف قبور الئمة‬
‫الخير الذي يناله زائر قبر الحسين‬
‫لماذا نزور المقابر ؟‬
‫مبحث ‪ :‬الحلف بآل البيت والستعانة بهم‬
‫استخدام « الواو » في اللغة العربية‬
‫الحلف بجاه النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫مبحث ‪ :‬المجتهد والمرجع الديني‬
‫شروط ينبغي أن تتوافر في المجتهد‬
‫تقليد العوام للعلماء‬
‫وكلء المهدي المنتظر‬
‫مبحث ‪ :‬مصادر الحكام الشرعية‬
‫هل كل مبلغ عن النبي يعتبر معصوما ؟‬
‫الئمة لهم قولن في المسألة الواحدة‬
‫مبحث ‪ :‬الرجعة‬
‫العتقاد الصحيح بمبدأ الرجعة‬
‫مبحث ‪ :‬التبرك‬
‫التبرك من قضايا العقيدة المهمة‬
‫مبحث ‪ :‬الشفاعة‬
‫مبحث ‪ :‬المهدي المنتظر‬
‫المهدي وسياسة القتل‬
‫المهدي ينتقم من العوام‬
‫المهدي ل وجود له‬
‫مبحث ‪ :‬أبو طالب‬
‫مبحث ‪ :‬معاوية ويزيد‬
‫تساؤلت حول معاوية‬
‫تساؤلت حول مقتل الحسين‬
‫مبحث ‪ :‬زوجات النبي صلى اللّه عليه وسلمِ‬
‫خروج عائشة رضي ال عنها ضد علي رضي ال عنه‬
‫مبحث ‪ :‬الخُمس‬
‫الخُمس فقط في الغنائم‬
‫الخُمس ووكيل المام‬
‫مبحث ‪ :‬المتعة‬
‫المتعة ؟‬
‫علي رضي ال عنه والمتعة‬
‫أحكام متعلقة بإباحة المتعة‬
‫مبحث ‪ :‬الوضوء‬
‫روايات شيعية في الوضوء‬
‫مبحث ‪ :‬علي ولي ال في الذان‬
‫مبحث ‪ :‬التكتف في الصلة‬
‫مبحث ‪ :‬الجمع بين الصلتين‬
‫جمع النبي صلى اللّه عليه وسلم بين الصلوات‬
‫مبحث ‪ :‬بناء المساجد‬
‫مبحث ‪ :‬لرؤية الهلل‬
‫متى يكون الفطر في رمضان‬
‫مبحث ‪ :‬مشاورة النساء‬
‫نصوص تمنع ترشيح المرأة‬
‫المرأة تمنع من تقديم المشورة‬
‫أمثلة لتولي المرأة السلطة‬
‫مبحث ‪ :‬توقير آل البيت‬
‫قول نفيس للمام الذهبي رحمه ال‬
‫مبحث ‪ :‬مسلم وكافر‬
‫الصحابة جميعهم كفار إل عدد يسير‬
‫مبحث ‪ :‬التاريخ والبطولت‬
‫قاعدة مهمة لبن جرير الطبري في روايات كتابه‬
‫كتب الشيعة في التاريخ‬
‫مبحث ‪ :‬ميراث النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫موقف فاطمة رضي ال عنها من الصديق رضي ال عنه‬
‫مبحث ‪ :‬السحر والتنجيم‬
‫مبحث ‪ :‬تربة السجود‬
‫من فضائل تربة الحسين‬
‫مبحث ‪ :‬القرآن المحرف ‪ ،‬ومصحف فاطمة‬
‫عدد اليات في مصحف فاطمة‬
‫مزايا مصحف فاطمة‬
‫سبب إدعاء الشيعة تحريف القرآن‬
‫مبحث ‪ :‬أنا مظلوم‬
‫مبحث ‪ :‬ميراث الجاهلية‬
‫طريقة لمعرفة الغيب‬
‫مبحث ‪ :‬مبدأ المخالفة‬
‫عوائق التقارب بين المذهبين‬
‫مبحث ‪ :‬توحيد المسلمين‬
‫مبحث ‪ :‬وسائل التقارب‬
‫معوقات التقارب بين الشيعة والسنة‬
‫فتاوى غريبة للخميني‬
‫كتب نافعة‬
‫الخاتمة‬
‫[‪]3‬‬
‫المقدمة‬
‫الحمـد ل رب العالميـن ‪ .‬والصـلة والسـلم على سـيد الوليـن والخريـن ‪ ،‬المبعوث رحمـة‬
‫للعالمين ‪ ،‬الذي بلغ الرسالة وأدى المانة ‪ ،‬وأكمل الرسالة ‪ ،‬ونصح المة ‪ ،‬وجاهد في ال‬
‫حق جهاده ‪ ،‬ح تى أتاه اليق ين من ر به ‪ ،‬ف صلوات ال عل يه وعلى اله الط يبين الطاهر ين ‪،‬‬
‫العترة الصاد قين ‪ ،‬أهل الشجرة الزكيّة ‪ ،‬والسيرة المرضية ‪.‬‬
‫وعلى صـحبه أئمـة الديـن ‪ ،‬الهداة المهدييـن ‪ ،‬حملة لواء الفتـح المـبين ‪ ،‬الناصـحين‬
‫للمسلمين ‪ ،‬الباذلين للموال والنفس لعلء كلمة رب العالمين ‪.‬‬
‫وعلى من اتبعهم بماحسان إلى يوم الدين ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪َ { :‬ومَا آتَاكُمُ ال ّرسُولُ َفخُذُو ُه َومَا َنهَاكُمْ عَ ْنهُ فَان َتهُوا } (الحشر ‪َ { )7 :‬لقَدْ كَانَ َلكُمْ‬
‫خرَ َو َذكَرَ اللّهَ كَثيرًا } ‪( .‬الحزاب ‪:‬‬
‫حسَ َنةٌ لمَن كَانَ يَ ْرجُو اللّ َه وَالْ َيوْمَ ال ِ‬
‫سوَةٌ َ‬
‫فِي َرسُولِ اللّهِ ُأ ْ‬
‫شهِيدًا }‬
‫ظ ِهرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ َوكَفَى بِاللّهِ َ‬
‫ق لِ ُي ْ‬
‫سلَ َرسَوله بِا ْلهُدَى وَدِينِ ا ْلحَ ّ‬
‫‪ { )21‬هُوَ الّذِي َأرْ َ‬
‫‪( .‬الفتح ‪َ { )28 :‬فمَاذَا َبعْدَ ا ْلحَقّ ِإلً الضّل ُل } ‪( .‬يونس ‪. )32 :‬‬
‫وقال رسـول ال صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ « :‬إن الصـدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى‬
‫الجنة ‪ ،‬ول يزال الرجل يصدق ‪ ،‬ويتحرى الصدق ‪ ،‬حتى يكتب عند ال صديقا ‪ ،‬وإن الكذب‬
‫يهدي إلى الفجور ‪ ،‬وإن الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬ول يزال الرجـل يكذب ‪ ،‬ويتحرى الكذب ‪،‬‬
‫حتى يكتب عند ال كذابا » ‪. 1‬‬

‫‪ 1‬البخاري ومسلم ‪.‬‬


‫[‪]4‬‬
‫أخى المسلم في كل مكان وزمان ‪.....‬‬
‫بعلم صـحيح ‪ ،‬وعقـل صـريح ‪ ،‬متجرد عـن العاطفـة ‪ ،‬والهوى ‪ ،‬وبفؤادٍ مليـء بالصـدق‬
‫والحب ‪ ،‬لبلوغ الحق والهداية ‪ ..‬لنتحاور حول ‪....‬‬
‫* ألسنا في بلد واحد ينعم بالخير واليمان وبطاعة ال ‪ :‬فَل َم نشق الصفوف وتمل الفئدة‬
‫ضغينة وبغضا ؟‬
‫* أليس الحق له طريق واحد ‪ ،‬والضلل ‪ .‬له سبلٌ كثيرة مليئة بالشبهات ‪ ،‬فلِم نحيد عن‬
‫جادة الصواب ؟ والطريق يسع الجميع ‪ ،‬ليسير فيه ‪.‬‬
‫* لِم نغرس في قلوب أبنائنا الضغينة والفرفة والتنافر ؟ ونحن أبناء بلد واحد ‪ ،‬ننعم فيه‬
‫بيسر أداء طاعة ال ‪ ،‬وعدم الظلم ‪.‬‬
‫* ل يزال العدو يتربص بنا الدوائر ‪ ،‬ومازال بين صفوف المسلمين ‪ ،‬من يفرق شملهم ‪،‬‬
‫ويبدد جهدهم ‪ ،‬بدلً من أن يحببهم إلى بعضهم البعض ‪.‬‬
‫* أل ترى تلك الروايات الثمة المدسوسة على ديننا الحنيف ؟ ! لقد شوهت الثوب البيض‬
‫الجميـل ‪ ،‬والذي ورثناه عـن المصـطفى صـلى اللّه عليـه وسـلم وغيّرت مـن معالم الشرع‬
‫الحنيف ‪ ،‬حينما تنادت فئة بالمكذوب السقيم ‪ ،‬وأبعدت الصحيح المنير ‪.‬‬
‫فبنداء الحق أدعوك يا أيها الخ العزيز لنتحاور على مائدة الهدى والرشاد ‪ ،‬ولنتساءل حول‬
‫ما يقرب صفوفنا ‪ -‬بإذن ال تعالى ‪ -‬ويلم شملنا ‪ ،‬ونكون يدا واحدة في بلد الخير ‪ . .‬دولة‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫[‪]5‬‬
‫قبل طرق باب النقاش ‪:‬‬
‫لنبتعد عن { إِنا َوجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى ُأ ّمةٍ وَإنّا عَلَى آثَا ِرهِم ّمقْتَدُونَ } (الزخرف ‪. )23 :‬‬
‫لنتبع { ُقلْ َهذِهِ سَبيلِي أَ ْدعُو إِلَى الِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا َو َمنِ اتبَعَنِي } (يوسف ‪. )108 :‬‬
‫ُونـ أَصـا ِب َع ُهمْ فِي‬
‫جعَل َ‬
‫َمـ عَلَى قُلُوب أَ ْقفَالُهَا } (محمـد ‪ )24 :‬والذان { َي ْ‬
‫والقلوب ل تكون { أ ْ‬
‫آذَانِهِم } (البقرة ‪ )19 :‬فإن بعُدنـا عن هذه الصـفات فإن بسـاط الحوار ي سع الجميـع إخوانـا‬
‫متحابين متآلفين ‪ ،‬أصحاب هدف واحد ‪ ،‬وسبيل واحد ‪.‬‬
‫ن } (النور ‪ )49 :‬فالحق أ حق أن يت بع ‪،‬‬
‫ولنبت عد عن { وَإن يَكُن لهُ مُ ا ْلحَقّ يَأتُوا إِلَيْه مُ ْذعِنِي َ‬
‫وحري بنا أن نعرف الحق لنعرف بعده أهله ‪ ،‬ولنبتعد عن { وَ َل ِو اتّبَ عَ ا ْلحَقّ أَ ْهوَاءَهُ مْ لَ َفسَدَتِ‬
‫) فالخلص أساس لكل خير ‪ ،‬ولنبتعد عن شماعة «‬ ‫‪71‬‬ ‫ال سّ َموَاتُ وَا َلرْ ضُ } ( المؤمنون ‪:‬‬
‫الوحدة الوطن ية ون بذ التع صب والطائف ية » ‪ ،‬و هي م صطلحات ل ها وزن ها الخاوي في وا قع‬
‫الحياة ‪ -‬إن لم توضع بالحق ‪ -‬فلم نجد من يتعلق بها ‪ ،‬ويصرح بها ‪ ،‬إل من هو بعيد كل‬
‫البعد عنها ‪ ،‬فل يصيح الكذاب حين يصرخ على أهله إل لينقذوه من ذئب ميت ‪.‬‬
‫لماذا هذا الكتاب ؟‬
‫ل مر وا ضح لخفاء ف يه ‪ ،‬ل نبين ال حق ال صريح من البا طل المز يف ‪ ،‬ولمعر فة ال صواب من‬
‫الخطأ ‪ ،‬وفي علم العالم بأن ديننا واحد ‪ ،‬وإن حاول البعض ممن يُنتسب إلى العلم ‪ ،‬التمسك‬
‫بالمختلف فيه ‪.‬‬
‫[‪]6‬‬
‫وأيضا لسد ثغرة من العلم ‪ ،‬لربما يغفل عنها البعض ‪ ،‬لن شئت قل الكثير من المسلمين ‪،‬‬
‫من عدم اعتمادهـم على المصـادر الصـيلة ال ساسية ‪ ،‬الوليـة في كل علم و فن ‪ ،‬فالمعول‬
‫والساس في الحوار ‪ ،‬وفي معرفة قول أي طائفة من طوائف العلم ‪ ،‬أن يكون دائما بالرجوع‬
‫إلى المراجـع الصـيلة ‪ ،‬والمصـادر المعتمدة ‪ ،‬ثـم نسـتأنس بعـد ذلك ‪ ،‬بمـا سـطرته أنامـل‬
‫المعاصرين ‪ ،‬من شروح وبيان لعلم الولين ‪.‬‬
‫وليُعلم أن الم سلم ف طن كيّس ‪ ،‬ل يس ب ساذج ول سفيه أمام كل ما يُل قى على م سامعه ‪ ،‬فل‬
‫يأخذ القوال عَلى علتها ‪ ،‬دون تمحيص أو دراية ‪ ،‬لن هذا دين سنُسأل عنه يوم القيامة ‪،‬‬
‫فالمؤمن يدور مع الحق ‪ ،‬أينما دار وسار ‪.‬‬
‫ولنعلم أن المؤمن عطش إلى زلل الحق ‪ ،‬ونه مٌ لمائدة الحق ‪ ،‬ويترفّع أن يتطفل على موائد‬
‫الراذل وسقطة الناس ‪ ،‬فالحقُ يَعلو ول يُعلى عليه ‪.‬‬
‫والقوال ل يُح كم على صوابها من ا سم قائل ها ‪ ،‬مه ما عل شأ نه وع ظم قدره ‪ ،‬عدا الر سول‬
‫صلى اللّه عليه وسلم بل بمعرفة السناد والتثبت من الرواية ‪ ،‬يمكننا من بعد ذلك ‪ ،‬أن نحكم‬
‫على مـا نقرأ ونسـمع بأنـه حـق فنتبعـه ‪ ،‬أو باطـل فنضرب بهـه عرض الحائط ‪ ،‬وذلك لن‬
‫السناد من الدين ‪ ،‬ولول السناد لقال من شاء في الدين ما شاء ‪ .‬وكما قال علي ‪ -‬رضي‬
‫ال عنه ‪ :‬ل تنظر إلى من قال ‪ ،‬ولكن انظر إلى ما قال ‪.‬‬
‫وال نسأل أن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق باذنه ‪ ،‬إنه ل يهدي لما اختلف فيه من الحق‬
‫إل هو سبحانه ‪.‬‬
‫ن آمَنُوا رَبّنَا‬
‫ل لِلّذي َ‬
‫غّ‬‫ج َعلْ فِي قُلُوبِنَا ِ‬
‫خوَانِنَا الّذِي نَ سَ َبقُونَا بِاليمَا نِ وَل َت ْ‬
‫غ ِفرْ لَنَا َو ِل ْ‬
‫{ رَبّنَا ا ْ‬
‫إِنّكَ َرءُوفٌ رحِيمٌ } (الحشرة ‪. )15 :‬‬
‫[‪]7‬‬
‫ظهور الشيعة‬
‫خالد ‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال ‪ ...‬أهلً بك يا حيدر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وعليكم السلم ‪ ...‬مرحبا بك يا أخ خالد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أجد أنك متضايق وكأن هناك ما يشغل فكرك ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬نعم ‪ ،‬ويا ليته أمرا هينا لهان الثر بوجود حلول له ‪ ،‬ولكنه شيء عظيم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وما ذاك يا أخ حيدر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬الخلف الحاصل بين الخوة من الشيعة والسنة ‪ ،‬أما يجدر بنا أن تضيق النفس مما‬
‫هو موجود وحاصل ؟‬
‫خالد ‪ :‬أجل ‪ ،‬فما رأيك بأن نتحاور ونتناقش في قضايا مهمة ‪ ،‬توضح أفكار ومعتقدات السنة‬
‫والشيعة ‪ ،‬لمكانية التقارب بينهما ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬نعم هذا أمر مهم أن نتحاور حول ما يقرب الصفوف ويلملم الخوة المتفرقين في دين‬
‫واحد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أر جو أن ل يضيـق صـدرك ‪ ،‬ولنتصـارح في طرحنـا لهذه القضايـا وال مر لك لتبدأ ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ما دام الحق غايتنا فلن أتضايق أبدا ‪ ،‬ولنبدأ حول ظهور الشيعة ومما ل يخفي على‬
‫كل م سلم ‪ ،‬أن الشي عة كان ابتداء ظهور هم ‪ ،‬مقتر نا بابتداء الدعوة المحمد ية ‪ ،‬وأن بذرت ها‬
‫غرسـت مـن تلك الحقبـة ‪ ،‬ولكـن خـف نورهـا ‪ ،‬بسـبب عدم تقيـد الصـحابة بمفهوم المامـة‬
‫والوصاية من بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المر في معرفة حق الئمة أقدم مما تقول وتظن به ‪ ،‬كما زعم علماء الشيعة ‪ ،‬فقد‬
‫ذكروا أن معر فة حق هم كان معلوما ع ند الر سل جميع هم ‪ ،‬م ثل ما جاء في أ صول الكا في (‬
‫) عن أبي الحسن‬ ‫‪1/437‬‬
‫[‪]8‬‬
‫قال ‪ « :‬ولية « علي » ‪ ،‬مكتوبة في جميع صحف النبياء ‪ ،‬ولن يُبعث نبي إل بنبوة محمد‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ووصية علي عليه السلم » ‪.‬‬
‫والبعض من العلماء ‪ ،‬قال مثل مقولتك وهي المشتهرة بين العوام ‪ ،‬فذكر النوبختي في فرق‬
‫) أن الشي عة ظهرت في ز من ال نبي ‪ ،‬ويقال ل هم شي عة علي ومعروفون‬ ‫‪17‬‬ ‫الشي عة ( ص‬
‫بانقطاعهم إليه ‪ ،‬والقول بإمامته ‪ ،‬منهم المقداد بن السود وسلمان الفارسي وأبو ذر وعمار‬
‫بن ياسر ‪.‬‬
‫) يذكر أن الشيعة ظهروا بعد معركة الجمل ‪،‬‬ ‫‪249‬‬ ‫وابن النديم في كتاب « الفهرست » ( ص‬
‫وسماهم علي بالصفياء الولياء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ظهورهم إذن لم يكن له علقة بذاك الرجل الذي يدعى بابن السوداء عبدال بن سبأ ‪،‬‬
‫وهذا كما قرأت خرافة ‪ ،‬ول وجود له ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الن سان عدو ما ج هل ‪ ،‬وال حق يُعلم بالتت بع والتنق يب والخلص في الق صد ‪ ،‬وهذا‬
‫الر جل جاء ذكره في ك تب الشي عة المعتمدة ‪ ،‬من ها فرق الشي عة للنوبخ تي ‪ ،‬ورجال الك شي ‪،‬‬
‫وشرح نهج البلغة وغيرها ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أفهم من كلمك ‪ ،‬أن المر في ظهور الشيعة ‪ ،‬ليس لمجرد أن أبا بكر ‪ -‬رضي ال‬
‫عنه ‪ -‬اغتصب الخلفة من أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪. -‬‬
‫خالد ‪ :‬لي ست القض ية ك ما ي سوقها أ هل العاط فة وأتباع الهوى ‪ ،‬فخل فة ال صديق ر ضي ال‬
‫ع نه ‪ ،‬جاءت بمباي عة أ هل ال حل والع قد وإجماع ال صحابة ‪ ،‬ورضوا به كل هم في ما ب عد ‪ ،‬في‬
‫السقيفة أولً ‪ ،‬ثم في المسجد ثانيا ‪ ،‬وكذلك سار المر مع عمر وعثمان ‪ -‬رضي ال عنهم‬
‫أجمعين ‪ -‬فلما قُتل عثمان رضي ال عنه ‪ ،‬يمم الناس وجوههم قبَل علي رضي ال عنه ‪،‬‬
‫ي ‪ ،‬فإننا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان‬
‫ليولوه عليهم فقال لهم ‪ « :‬دعوني والتمسوا غير َ‬
‫ل تقوم له القلوب ‪ ،‬ول تثبـت عليـه العقول ‪ ،‬وإن تركتمونـي فإنـي كأحدكـم ولعَلي أسـمَعكم‬
‫وأطوَعكم‬
‫[‪]9‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪136‬‬ ‫لمن وليتموه أمركم ‪ ،‬وأنا لكم وزيرا خير مني لكم أميرا » نهج البلغة (‬
‫وهذا أيضا موافق لما ذكره المفيد في الرشاد عن أمير المؤمنين ليدلل على أنه لم يأت نص‬
‫في أمر الخلفة ‪ ،‬لعلي ‪ -‬رضي ال عنه ‪. -‬‬
‫حيدر ‪ :‬تريد من هذا القول أن تقلل من قدر وأهمية إمامة المة ‪ ،‬وأن النبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم تركها هكذا بدون وصي وخليفة !‬
‫خالد ‪ :‬إما مة الم سلمين ‪ ،‬ووجود أم ير علي هم من القضا يا المه مة في الشري عة ال سلمية ‪،‬‬
‫ولكن ل يبلغ المر بنا أن نجعلها ركن الدين الصيل ‪ ،‬وأن اليمان بها يُدخل معتقدها الجنة ‪،‬‬
‫‪114‬‬ ‫وأنها من منصب النبوة مثل ما تفوه بهذا هادي الطَهراني في كتاب « ودايع النبوة ص‬
‫» « الما مة أ جل من النبوة ‪ ،‬فإن ها مرت بة ثال ثة شرّف ال تعالى ب ها إبراه يم ب عد النبوة‬
‫والخلة » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعل هذا رأي لهذا العالم وليس رأيا لبقية رجال الدين الشيعة !‬
‫خالد ‪ :‬بق ية الروايات ت خبرك بالجا بة على ت ساؤلك ‪ ،‬ف قد قال آل كا شف الغطاء ‪ ،‬في كتاب‬
‫) « من صب إل هي كالنبوة » أو م ثل مقولة الخمي ني في الحكو مة‬ ‫‪58‬‬ ‫أ صل الشي عة ( ص‬
‫) ح يث قال ‪ « :‬فإن للمام مقاما محمودا ‪ ،‬ودر جة سامية ‪ ،‬وخل فة‬ ‫‪52‬‬ ‫ال سلمية ( ص‬
‫تكوين ية تخ ضع لوليت ها و سيطرتها جم يع ذرات هذا الكون ‪ ،‬وإن من ضروريات مذهب نا أن‬
‫لئمتنا مقاما ل يبلغه ملك مقرب ول نبي مرسل » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬اهتمام رجال الد ين الشي عة بهذه القض ية نا بع من سيرة الم صطفى صلى اللّه عل يه‬
‫وسلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬لو كانت بتلك الهمية فلم أهمل النبي صلى اللّه عليه وسلم أمرها وجعل النص فيها‬
‫غيـر محدد لمـن بعده ‪ ،‬ول نجدَ لهـا ذكرا فـي القرآن ‪ ،‬الذي حفظـه ال تعالى مـن التغييـر‬
‫والتحريف ‪ ،‬والنبي صلى اللّه عليه وسلم لم يأت لها بذكر واضح ل عند احتضاره ‪ ،‬ول حتى‬
‫في أعظم تجمع له بالمسلمين في حجة الوداع لما قال « لعَلْي ل‬
‫[‪]10‬‬
‫ألقا كم ب عد عا مي هذا » فل قد كا نت فر صة ل تعوض في اجتماع الم سلمين من ش تى أرجاء‬
‫الجزيرة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ليبلغ على الوصي والمام من بعده ‪ ،‬فالمر إذا ليس‬
‫بتلك الصورة من الهمية حتى نقول أنه من أركان الدين ‪.‬‬
‫وللخميني تعليل مخالف لعدم ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم للمامة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وما هذا التعليل ؟ فلعل المام قدس ال سره يجلي هذا الغموض ‪.‬‬
‫) أن ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ك تم‬ ‫‪150‬‬ ‫خالد ‪ :‬يقول الخمي ني في كتاب ك شف ال سرار (‬
‫أ مر الما مة في بدا ية الدعوة في م كة ل نه كان متهيبا من الناس إن دعا هم لم ثل هذا ال مر‬
‫العظيم ‪ ،‬حتى أمره ال بقوله ‪ { :‬يَا أَ ّيهَا الرّسُولُ بَلّ غْ مَا أُن ِزلَ إلَ ْيكَ مِن رّبّكَ وَإن لّ مْ تَ ْف َعلْ َفمَا‬
‫ن } (المائدة ‪. )67 :‬‬
‫ص ُمكَ ِمنَ النّاسِ ِإنّ ال َلهَ ل َيهْدِي ا ْل َق ْو َم ا ْلكَافِرِي َ‬
‫بَّلغْتَ ِرسَالَ َتهُ وَال ّلهُ َيعْ ِ‬
‫ثم إن ال أمره بقوله ‪ { :‬إِنّ اللّ هَ يَأمُ ُركُ مْ أَن ُتؤَدّوا ا َلمَانَا تِ إِلَى أَهْ ِلهَا } (النساء ‪ )58 :‬فقال‬
‫) مبينا هذه الية ‪ « :‬فقد أمر ال الرسول صلى‬ ‫‪81‬‬ ‫الخميني في كتاب الحكومة السلمية (‬
‫اللّه عل يه و سلم برد الما نة ‪ ،‬أي الما مة إلى أهل ها و هو أم ير المؤمن ين ‪ -‬عل يه ال سلم ‪-‬‬
‫وعليه هو أن يردها إلى من هو يليه وهكذا ‪. » ...‬‬
‫أي أن عليا هو صاحب ال مر وال نبي صلى اللّه عل يه و سلم مأمور برد الما نة إل يه ‪ ،‬فك ما‬
‫ل عما في تفسير المانة بالمامة من تحريف لكلم‬
‫ترى أن هذه التفاسير ل دليل عليها ‪ ،‬فض ً‬
‫ال ‪ ،‬وتجاهل لسبب نزولها المشهور ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الخليفة الول خالف مبدأ الشورى مع المسلمين حين نص على تعيين الخليفة‬
‫من بعده ‪ ،‬وهذا يعتبر مثل الفرض على المسلمين !‬
‫خالد ‪ :‬ليس هناك من فرض على أحد ‪ ،‬والمتتبع لسيرة الصديق ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬يعلم‬
‫[‪]11‬‬
‫حق العلم حرصه على مصلحة المة ‪ ،‬وتتبع الخير لها ‪ ،‬فلم يكن المر فلتة خاطئة ولكنهم‬
‫سألوه بأن يدل هم على الجد ير بول ية هذا ال مر من بعده ‪ ،‬فأو صى على ع مر ‪ -‬ر ضي ال‬
‫ع نه ‪ -‬والمتت بع ل سيرة ع مر مع ال صحابه في خلف ته ي ستدل على صواب ما ذ هب إل يه‬
‫الصديق ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ولكن ما العمل مع المبغض الحاقد للشيخين رضي ال عنهما ‪،‬‬
‫وكما قيل ‪:‬‬
‫ولكن عين السخط تبدي المساويا‬ ‫وعين الرضا عـن كل عيب كليلة‬
‫حيدر ‪ :‬مقولة من قال ان المامة منصب إلهي ‪ ،‬وأنها امتداد للنبوة ‪ ،‬هل له من مستند في‬
‫هذا المر ؟‬
‫خالد ‪ :‬هذا التساؤل يوجه ويُلقى على مسمع من جعلها من ضروريات المذهب ‪ ،‬ثم جَعل هنا‬
‫أبوابا وسـفراء للمام المجهول ‪ ،‬ثـم تعدى المـر إلى وجود مـن يلي الفقيـه ‪ ،‬فأصـبح عندنـا‬
‫مراجع ‪ ،‬ل تُعلم أعدادهم ‪ ،‬مع كل هذا أل ينبغي على المسلم أن يسأل عن دليل لهذا التسلسل‬
‫؟ ومـا الشروط الواجـب تحقيقهـا لنيـل هذا المـر ؟ ومـا الخصـائص التـي سـتحل على هذه‬
‫النوعية من العلماء ؟ وهل هناك مستند من القرآن أو من سيرة المصطفى صلى اللّه عليه‬
‫وسلم لهذا المعتقد ؟‬
‫حيدر ‪ :‬اعذر ني في إعادة ال ستفهام على موضوع الما مة ‪ ،‬فعلى ضوء ما ذكر ته ‪ ،‬فإن ني‬
‫أفهم من قولك السابق أن عليا ‪ ،‬والئمة من بعده لم يأتِ نص عليهم من الشرع !‬
‫ي » ليكون خليفة بعده ‪ ،‬وأن‬
‫خالد ‪ :‬لنفترض أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نص على « عل ّ‬
‫الصـديق اغتصـب الخلفـة مـن بعده ‪ ،‬أمـا نرى أن دولة ال سلم كانـت في أطيـب أوقاتهـا ‪،‬‬
‫وأفضل عصورها من الفتوحات واستقرار المن وعدم وجود‬
‫[‪]12‬‬
‫الخلفات بين المسلمين في عهد الخليفتين وصدرا من خلفة « عثمان » ‪ -‬رضي ال عنهم‬
‫‪ -‬أجمعين ؟ ! فأخبرني يا أخ حيدر ‪ :‬كيف وفقهم ال تعالى في أعمالهم وفتوحاتهم وأولدهم‬
‫‪ ،‬و هم مخالفون لعظم ركن في الد ين على الطلق ‪ -‬ك ما يز عم الب عض ‪ -‬وأيضا ل نسمع‬
‫للمامة أي ذكر أو مقولة خلل هذه الفترة الطويلة ‪ ،‬من أن الخلفة قد اغتصبت من صاحبها‬
‫وهو « علي بن أبي طالب » ‪ -‬رضي ال عنه ‪! -‬‬
‫ي عليه السلم لكي‬
‫حيدر ‪ :‬لعل في كتمان هذا المر دللة على ُبعْد نظر من أمير المؤمنين عل ّ‬
‫يحفظ أمر المسلمين من التفرق والتشتت ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنفترض أن المـر كمـا ذكرت ‪ ،‬ولكـن لمـا قُتـل أميـر المؤمنيـن « علي » رضـي ال‬
‫عنه ‪ ،‬وآلت المارة إلى « الحسن » ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬نجد أنه ألقاها ‪ -‬رضي ال عنه ‪-‬‬
‫طواعية إلى « معاوية » ‪ -‬رضي ال عنه ‪.‬‬
‫ف هل ي حق ويجوز للمع صوم أن يتنازل عن هذا الر كن العظ يم ‪ ،‬ل من هو دو نه في المنزلة ‪،‬‬
‫ويعطيها إياه طواعية ل مُكرها ول مُجبرا بعد ستة أشهر من مقتل والده !! ثم نقرأ في كثير‬
‫من ك تب التار يخ بأن « معاو ية » ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪ -‬ل بث في خلف ته ب عد التنازل قرا بة‬
‫العقدين من الزمان ‪ ،‬والمسلمون في فتوحات عظيمة وانتشار لدينهم ‪ ،‬وفي خيرٍ ورغدٍ من‬
‫العيش ما ال به عليم ‪.‬‬
‫إذا المر ل لبس فيه ‪ ،‬من أن الجيل الذي نشأ مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬كانت بدايته‬
‫معلومة واضحة ‪ ،‬ومنهجه الديني بيّن ول لبس فيه ‪ ،‬لكل من اطلع على السيرة العطرة للنبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫[‪]13‬‬
‫العقيدة السليمة وتكفير المسلمين‬
‫حيدر ‪ :‬لنتحاور يـا أخـي الكريـم بصـدق ووضوح حول قضيـة مهمـه جدا وحسـاسة فـي أي‬
‫مجتمع مسلم ‪ ،‬فأرجو أن يتسع صدرك لسماعها ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لم نتحاور يـا أخ حيدر إل لبلوغ الحـق والنصـح فيمـا بيننـا ‪ ،‬ونبتعـد عـن التعصـب‬
‫العمى ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا هو العهد بك ‪ ،‬فأريد أن استوضح منك السبب في كثرة التكفير ورمي هذه الكلمة‬
‫العظيمـة جزافا على أهـل القبلة ‪ ،‬مـع أن الصـل فـي ديننـا أن نحسـن الظـن بالمسـلمين ‪،‬‬
‫ونعذرهم على اجتهادهم في التقرب إلى ال !‬
‫خالد ‪ :‬تعلم يـا أخ حيدر أن أظلم الظلم الشرك ‪ ،‬وأعدل العدل التوحيـد ‪ ،‬والنـبي صـلى اللّه‬
‫عليه وسلم مكث في مكة يدعو الناس إلى قضية واحدة وهي قوله تعالى ‪ { :‬اعْبُدُوا اللّ هَ مَا‬
‫غيْرُ ُه أَفَل تتّقُونَ } (العراف ‪. )65 :‬‬
‫لَكُم مّنْ إ َل ٍه َ‬
‫ولم يأمرهـم بالوضوء أو الزكاة أو الحـج وغيرهـا مـن المور فـي بادئ المـر ‪ ،‬إذن دعوتـه‬
‫عليه الصلة والسلم في بدايتها على هذا النحو كانت لتثبيت التوحيد في صدور الصحابة ‪،‬‬
‫وكل شيء يأتي بعد التوحيد تباعا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا معلوم ول لبس فيه ‪ ،‬ولكن لم التنفير باستخدام التكفير في وجوه المسلمين ؟‬
‫خالد ‪ :‬على ضوء الذي قرأته وتصفحته من كتب ‪ ،‬وجدت أن طائفة من علماء‬
‫[‪]14‬‬
‫الشيعـة هـم أكثـر اسـتخداما للفظـة التكفيـر بشكـل ملحوظ وخطيـر على عوام المسـلمين‬
‫) والذي يقول ؟ « والمخالف لهل‬ ‫‪6/62‬‬ ‫وعلمائهم ‪ ،‬مثل حسين النجفي في ( جواهر الكلم‬
‫الحق ( أي ‪ :‬الشيعة ) كافر بل خلف » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لندع مثل هذه القوال ولتنظر إلى سيرة المصطفى صلى ال عليه وآله في هذا الشأن‬
‫‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المتتبع لسيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم وكيفية تربيته لصحابه ‪ -‬رضي ال عنهم‬
‫‪ -‬يجد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان تنبيهه وتحذيره من أي فعل مشابه للشرك سريعا‬
‫وحاسما ‪ ،‬سدا وحماية لجناب التوحيد من الخدش أو الشرك ‪ ،‬وال سبحانه يقول ‪ { :‬إِنّ ال ّلهَ‬
‫ن ذَِل كَ ِلمَن َيشَا ُء } (النساء ‪ ، )48 :‬فكل ذنب هيّن بمقابل‬
‫ك بِ هِ وَ َيغْ ِفرُ مَا دُو َ‬
‫ل َيغْ ِفرُ أَن يُشْ َر َ‬
‫الشرك بال ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لنتفق على المعنى المقصود بكلمة الشرك التي يدور الحديث حولها ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الشرك كما هو معلوم في اللغة العربية من الشريك أي بمعنى أن يتخذ النسان مع ال‬
‫ندا أو مساويا في عمله أو جميع أمره ‪ ،‬والشرع بيّن هذا المعنى من ذكر آيات كثيرة تظهر‬
‫ف عل أ هل م كة من اتخاذ هم ال صنام ‪ ،‬يدعون ها ويعبدون ها كعبادة ال ‪ ،‬فالشرك هو صرف‬
‫الفعل أو القول أو العتقاد بوحدانية ال وجعلها لغيره ‪ ،‬أو جعل غيره مساوٍ له ‪.‬‬
‫فإذا حلف إنسان بغير ال فقد أشرك بقوله ‪ ،‬وإذا ذبح لغير ال فقد أشرك بفعله ‪ ،‬فإذا اعتقد‬
‫بأن مـا حلف بـه أو مـا ذُبـح له ندا ل سـبحانه ينفـع ويضـر مـن دون ال ‪ ،‬فقـد خرج هذا‬
‫ل ‪ ،‬فينبغي تحذيره وتعليمه إن هذا ل‬
‫الشخص من ملة السلم إلى ملة الكفر ‪ ،‬فإن كان جاه ً‬
‫يجوز وهو محرم ‪ ،‬وإنْ قصد التبرك ونواه ل ‪.‬‬
‫[‪]15‬‬
‫فالدعاء وال ستغاثة والطواف والحلف والن حر وال صلة وال حج وغير ها من العبادات ل تُع مل‬
‫إل ل ‪ ،‬وهذا ما خالف عل يه ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم طوال ع قد من الزمان ‪ ،‬أ هل م كة‬
‫وحاربهم عليه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا من المعلوم عند علماء الشيعة ‪ ،‬فما الجديد فيما قلته ؟‬
‫خالد ‪ :‬ما قل ته جد يد على م سامع ج مع من رجال الد ين الشي عة بل إن الب عض خص الشرك‬
‫) ‪ « :‬وليت شعري‬ ‫‪18/153‬‬ ‫بتعريف جديد كما يعرفه يوسف البحراني في الحدائق الناضرة (‬
‫أي فرق ب ين من ك فر بال سبحانه ور سوله وب ين من ك فر بالئ مة علي هم ال سلم مع ثبوت‬
‫كون المامة من أصول الدين » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬القوال الشاذة من ق بل ب عض رجال الد ين لي ست بحجة في ال ستدلل فلم نسمع أحدا‬
‫من العلماء لم يأمر بالتوحيد وعدم الشرك بال ‪ ،‬أو حتى تهاون في هذا الجانب ‪.‬‬
‫) وأجاب ع نه‬ ‫‪65‬‬ ‫خالد ‪ :‬المثال يو ضح المقال ‪ :‬فالخمي ني طرح سؤالً في ك شف ال سرار (‬
‫بنفسـه ليـبين معتقده بهذا الشأن فقال ‪ :‬هـل طلب الشفاء مـن التربـة شرك ؟ فأجاب ‪ « :‬إن‬
‫الجابة عن هذا السؤال تتوضح من خلل ما يحمل الشرك من معنى ‪ ،‬فقد عرفتم بأن الشرك‬
‫هـو أن يكون مـع ال أحـد أو عبادة أحـد أسـوة بعبادة ال ‪ ،‬أو طلب الحاجـة مـن أحـد على‬
‫أ ساس كو نه إلها أو شريكا ل أو له ا ستقللية في التأث ير ‪ ،‬ول كن ذلك ل ي عد شركا وكفرا ‪،‬‬
‫إذا ما تم الطلب على أ ساس أن ال قادر على أن ي ستجيب للطلب من خلل َم نْ يتفا نى من‬
‫أجل دينه ‪ ،‬وخسر روحه من أجله تعالى » فهل تعلم يا أخ حيدر ماذا فتح هذا الكلم وأباح ؟‬
‫حيدر ‪ :‬كلم المام قدس ال سره واضح عندي ‪ ،‬فماذا تريد أن تقول ؟‬
‫خالد ‪ :‬أريد أن أصل إلى أن الخميني قال شيئا لم يقله النبي صلى اللّه عليه وسلم ول الذين‬
‫من بعده في تعريف الشرك ‪ ،‬وهذا فتح بابا لمور عدة منها ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬جواز أن يستشفي المسلم بالسحر والطلسم الغريبة فيدفع عنه المرض ‪ ...‬راجع بحار‬
‫)‪.‬‬ ‫‪94/193‬‬ ‫النوار (‬
‫‪ -‬الستخارة بالرقاع أو البندق أو الحصى ‪ ،‬لفعل شيء ما يريده النسان ( الستقسام لفعل‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪1/131‬‬ ‫) والفروع من الكافي (‬ ‫‪1/306‬‬ ‫الحاجات ) ‪ ...‬راجع التهذيب (‬


‫‪ -‬العتقاد بأن للئمة الحق في فعل ما يشاؤون على الرض وأن المام هو رب الرض‬ ‫‪3‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪95‬‬ ‫كلها ‪ ...‬راجع مرآة النوار (‬


‫‪ -‬العتقاد بأن المام يتصرف بالحوادث الكونية والمناخية التي تحدث في الجو ‪ ،‬راجع‬ ‫‪4‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪27/33‬‬ ‫) وبحار النوار (‬ ‫‪327‬‬ ‫الختصاص للمفيد (‬


‫‪ -‬العتقاد بأن المام بإمكانه أن يحي الموتى ويبعثهم من قبورهم ‪ ،‬راجع أصول الكافي (‬ ‫‪5‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪76‬‬ ‫) وبصائر الدرجات (‬ ‫‪1/457‬‬

‫فم ثل هذه العتقادات هل تقود من يعتقد ها إلى العبود ية ل أم إلى شرك لم يعتقده حتى كفار‬
‫أهل مكة ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬النية هي أساس العمل ‪ ،‬من قبوله أو رفضه ‪ ،‬وهذا ما صرح به المام الخميني ‪.‬‬
‫) فقال ‪ « :‬وب عد أن‬ ‫‪42‬‬ ‫خالد ‪ :‬أز يد البيان لك توضيحا من قوله في كتاب ( ك شف ال سرار‬
‫تبين أن الشرك هو طلب الشيء من غير رب العالمين على أساس كونه إلها ؟ فإن ما دون‬
‫ذلك ليس بشرك ‪ ،‬ول فرق في ذلك بين حي وميت ‪ ،‬فطلب الحاجة من الحجر ليس شركا ‪،‬‬
‫ل باطلً » ‪.‬‬
‫وإن يكن عم ً‬
‫وال أخبرنا أن أهل مكة لم يكونوا يدعون الصنام على أساس كونها آلهةً‬
‫كما قال الخميني ‪ ،‬ولكن وسطاء إلى ال ‪ ،‬قال تعالى ‪ { :‬وَالذِي نَ ا ّتخَذًوا مِن دُونِ هِ َأوْلِيَا َء مَا‬
‫نَعْبُ ُدهُ مْ ِإلّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى اللّ ِه زُلْفَى } (الز مر ‪ )3 :‬ف هل ترك هم ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬إنهم لم يتخذوها آلهة ؟ ! فإذا المر جائز ‪ ،‬أم أنه أنكر عليهم وقاتلهم عليه ‪ ،‬وبيّن‬
‫لهم أن هذا من الشرك الكبر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هل تريد أن تقول إن المام قدس ال سره ‪ ،‬لم يفهم معنى الشرك بال ‪ ،‬أو أنه يبيحه‬
‫للعوام ؟‬
‫خالد ‪ :‬ل ست أ نا الذي أح كم بذلك ‪ ،‬ول كن ال سبحانه منح نا العقول والفئدة ال تي نم يز ب ها‬
‫الحق من الضلل ‪.‬‬
‫وينبغي أن نعلم أن الئمة رحمهم ال إنما هم أولياء ل نحبهم لمحبتنا للمصطفى صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ولتباعهم له ‪ ،‬ول ننزلهم إل المنزلة التي تليق بهم ‪ ،‬ونعوذ بال أن نرفعهم من‬
‫)‪.‬‬ ‫‪225‬‬ ‫حالهم إلى حال الربوبية واللوهية كما ذكر الكشي (‬
‫قال جع فر بن مح مد ‪ « :‬فوال ما نحن إل عب يد الذي خلق نا واصطفانا ‪ ،‬و ما نقدر على ضر‬
‫ول نفع ‪ ،‬وإن ُرحِمنا فبرحمته ‪ ،‬وإن عُذبنا فبذنوبنا ‪ ،‬وال ما ل نا على ال حجة ‪ ،‬ول معنا‬
‫من براءة ‪ ،‬وإنـا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون وموقوفون ومسـؤولون ‪ ،‬ويلهـم‬
‫مـا لهـم لعنهـم ال فقـد آذوا ال وآذوا ر سوله في قـبره وأم ير المؤمن ين وفاط مة والح سن‬
‫والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي صلوات ال عليهم ‪ ...‬أشهدكم أني امرؤ ولدني‬
‫رسول ال وما معي براءة من ال إن أطعته رحمني وإن عصيته عذبني عذابا شديدا » ‪.‬‬
‫[‪]18‬‬
‫العصمة‬
‫خالد ‪ :‬ل زلت أعجـب مـن أولئك الذيـن يفسـرون اليات بغيـر معناهـا الحـق ‪ ،‬ويسـتدلون‬
‫بالروايات الضعيفة ‪ ،‬في إثبات أمر ليس في كتاب ال سبحانه !‬
‫حيدر ‪ :‬هل بالمكان ضرب مثال على ما تقول ‪.‬‬
‫ُمـ‬
‫طهّ َرك ْ‬
‫َيتـ وَيُ َ‬
‫ْسـ َأ ْهلَ الْب ِ‬
‫ُمـ الرّج َ‬
‫ِبـ عَنك ُ‬
‫خالد ‪ :‬قوله سـبحانه وتعالى ‪ { :‬إنمَا ُيرِيدُ اللّه لِيُ ْذه َ‬
‫طهِيرًا } (الحزاب ‪ )33 :‬أين الستدلل من هذه الية ‪ ،‬على ثبوت العصمة للئمة ؟‬
‫َت ْ‬
‫حيدر ‪ :‬الستدلل هنا بالمفهوم ‪ ،‬وليس بالمنطوق ‪ ،‬فالمبلغ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫يحتاج إلى أن يكون مُ صانا عن كل ما من شأ نه أن يقدح في تبل يغ الر سالة ‪ ،‬فك ما أن ال‬
‫ع صم ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم في حال تبلي غه ‪ ،‬فكذلك و قع ال مر للئ مة ‪ ،‬الذ ين هم‬
‫الوصياء من بعده عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬العصمة للنبي صلى اللّه عليه وسلم واجبة لحفظ الرسالة ‪ ،‬لقوله تعالى { َومَا يَنطِ قُ‬
‫ي يُوحَى } (النجم ‪ )4 :‬فمن الذي أوجب وجودها على فئة معينة بعد‬
‫حٌ‬‫ن ُهوَ ِإ ّل وَ ْ‬
‫ن ا ْل َهوَى إِ ْ‬
‫عِ‬‫َ‬
‫ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ؟ وال خبر أن ُو جد و صح سيكون إذا متواترا ومعلوما ومنتشرا‬
‫أمره بين الناس ‪ ،‬فالدعاء بالعصمة إذا ل دليل عليه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الية نزلت خاصة في آل بيت « علي » عليه السلم الذين هم أو صياء ال نبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم من بعده ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬بداية لنعلم أن هذه اليات لم تنزل في آل بيت علي ‪ ،‬والدليل على ذلك ‪،‬‬
‫[‪]19‬‬
‫أن ال ل ما أنزل هذه ال ية ‪ ،‬ض من آيات أخرى تث ني بمجموع ها على ن ساء ال نبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬قام النبي صلى اللّه عليه وسلم ودعا فاطمة وعلي والحسن والحسين ‪ -‬رضي‬
‫ال عنهم ‪ -‬وشملهم بكسائه ‪ ،‬ثم قرأ هذه الية ‪ ،‬لتشملهم بركة هذه الية مع زوجات النبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ولو كان التطهير متحققا فيهم من الية فل مَ العادة والتكرار والطلب‬
‫بالدعاء لمر قد تم تحققه ووقوعه بأمر ال ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن ال ية في ها دللتان على الع صمة ‪ ،‬الولى ‪ :‬ا ستعمال الضم ير المذ كر في قوله‬
‫{ يطهركم } بدلً من نون النسوة ‪ ،‬وثانيا ‪ :‬معنى الرجس أي يعصمكم من الفواحش والذنوب‬
‫‪ ،‬فيُفهم بالتالي أن الية لل بيت «علي » وحدهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما استعمال الضمير المذكر بد ًل من نون النسوة في { يطهركم } فإن النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم كان من ضمن المطهرين في اليات لنه رب السرة والخطاب يأتي بالمذكر الذي‬
‫هو أرفع قدرا من النساء فيشمل الجميع ‪.‬‬
‫ومـن الذي قال إن معنـى التطهيـر مـن الرجـس هـو العصـمة مـن الذنوب والفواحـش ؟ فإن‬
‫ج َعلُ اللّ هُ الرّجْ سَ عَلَى الّذِي نَ ل ُي ْؤمِنُو نَ‬
‫الرجس قد يأتي بمعنى العذاب كقوله تعالى ‪ {:‬كَذَِل كَ يَ ْ‬
‫} (النعام ‪ )125 :‬أو الضلل أو السـخط أو الوثان ‪ ،‬وكـل هذا يُعرف مـن اللغـة العربيـة‬
‫بالقرائن والدللت ‪.‬‬
‫والية الكريمة والدعاء من النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬تدلن على إكرام ال لل بيت النبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم وأنه غفر لهم ذنوبهم ‪ ،‬وأبعدهم عن عذاب الخرة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬جاء في قوله تعالى ‪َ { :‬أطِيعُوا اللّ هَ وََأطِيعُوا الرّ سُولَ وَُأوْلِي ا َلمْ ِر مِنكُ مْ } (الن ساء ‪:‬‬
‫‪ )59‬ولما كان معلوما أن المامة بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم لمير المؤمنين علي رضي‬
‫ال عنه كانت الية تأمر بطاعته طاعة متضمنة لعصمته من الزلل ‪.‬‬
‫[‪]20‬‬
‫خالد ‪ :‬الم سلم ل يف سر القرآن و فق ما يم يل إل يه رأ يه ‪ ،‬بل ين ظر إلى أقوال العلماء ‪ ،‬فإن‬
‫الية واضحة المعنى ‪ ،‬أن ل طاعة منفصلة وكذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وأما ولة‬
‫ال مر فإن طاعت هم تكون تنفيذا ل ما يؤمرون به من طا عة ال ور سوله ولي ست ل هم طا عة‬
‫منفصلة إل بالمعروف من أمور الدنيا ‪.‬‬
‫وأما التنصيص على المارة من بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم « لعلي » ‪ -‬رضي ال عنه‬
‫‪ -‬فهذا مبحث آخر نتطرق إليه لحقا بإذن ال تعالى ‪.‬‬
‫وال نبي صلى اللّه عل يه و سلم قد أو صى بآل بي ته بقوله ‪ « :‬أذكر كم ال في أ هل بي تي » أي‬
‫اعرفوا لهم حقهم ‪ ،‬وأنزلوهم المنزل الذي يليق بهم ‪ ،‬من الحب والتقدير والتشريف ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن لماذا هذا التش نج والحدة في النقاش على قض ية تع تبر مكملً لشخ صية المبلغ‬
‫عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو الوصي ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المعذرة إن كان فـي حواري غلظـة أو جفاء ‪ ،‬فنحـن بإذن ال طلب حـق وصـواب ‪،‬‬
‫ولتعلم يا أخ حيدر ل يت ال مر اقت صر على التكم يل ‪ ،‬بل تجاوز ح تى بلغ إلى المشاب هة مع‬
‫النبياء والمرسلين إن لم أقل مرتبة أفضل منهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬حاشا ل أن يقول مثل هذا مسلم عاقل !‬
‫) ‪ « :‬أن أصحابنا المامية أجمعوا على عصمة الئمة‬ ‫‪25/350‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في بحار النوار (‬
‫صلوات ال عليهم ‪ ،‬من الذنوب الصغيرة والكبيرة ‪ ،‬عمدا وخطأ ونسيانا ‪ ،‬من وقت ولدتهم‬
‫إلى أن يلقوا ال عز وجل » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ينبغي أن نتأكد ونتحقق من صحة هذه الرواية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذه المقولة وغيرها لم يتطرق عالم إلى تفنيدها ‪ ،‬والترك دللة على الموافقة‬
‫[‪]21‬‬
‫والقبول في مرجع معلوم ‪ ،‬بل هي أساس متين في المعتقد ‪ ،‬ونحن نعلم أن النبياء قد تأتي‬
‫علي هم الغفلة والن سيان م ما هو معلوم من أ مر البشر ية ‪ ،‬وم ما ل يقدح في شأن الر سالة‬
‫والبلغ ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل من دليل على ما تقول ؟‬
‫عفَا اللّهُ عَن كَ لِمَ أَذِنتَ َلهُ ْم } (التوبة ‪:‬‬
‫خالد ‪ :‬قال تعالى معاتبا النبي صلى اللّه عليه وسلم { َ‬
‫‪. )43‬‬
‫‪. )2 ،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عمَى } (عبس ‪:‬‬
‫وقال تعالى ‪ { :‬عَ َبسَ وَتَولَى أَن جَاءَهُ ا َل ْ‬
‫ن‬
‫وقال تعالى معاتبا النبي صلى اللّه عليه وسلم في أخذه الفداء من أسرى بدر { َلوْل كِتَابٌ م َ‬
‫عظِي مٌ } (النفال ‪ )68 :‬والخطأ في جنب النبي صلى اللّه‬
‫عذَا بٌ َ‬
‫س ُكمْ فِيمَا َأخَذْتُ مْ َ‬
‫اللّ هِ سَبَقَ َل َم ّ‬
‫عل يه و سلم ‪ ،‬يقال ع نه أ نه مخال فة للولى ففعله صحيح ‪ ،‬ول كن ال نبي يف عل دائما الك مل‬
‫والصح ‪.‬‬
‫وليس المر مقتصرا على نبينا صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬بل قد وقع الزلل والخطأ من غيره من‬
‫ال نبياء مثل آدم صلى اللّه عليه و سلم ! لما أكل من الشجرة ‪ ،‬ونوح ! ل ما أن د عا ال بأن‬
‫ينجّي ابنـه الكافـر ‪ ،‬وكذلك موسـى صـلى اللّه عليـه وسـلم لمـا قتـل القبطـي ‪ ،‬فذكـر المولى‬
‫سبحانه الفعل الذي اقترفوه من أنه ل ينبغي حدوثه منهم ‪ ،‬لنهم صفوة الخلق وأفضلهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكـن فضائل آل بيـت النـبي عليهـم السـلم كثيرة ‪ ،‬مداد البحار ل تحصـيها كثرة ‪،‬‬
‫وكذلك بركاتهم على المة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا الكلم ل يس م حل حوار نا ‪ ،‬لن نا متفقان على أن لل ب يت ال نبي صلى اللّه عل يه‬
‫وسلم فضائل ومناقب ‪ ،‬ولكن لنتسائل حول بعض المور التي أشكلت عليّ ‪:‬‬
‫[‪]22‬‬
‫ا ‪ -‬حديث الكساء شمل خمسة أنفس من بيت « علي » ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬بالتطهير ‪ ،‬فما‬
‫الدليل من القرآن أو الحديث على إدخال غيرهم في التطهير والعصمة ؟‬
‫‪ -‬ما الدليل الذي علمنا من بعده أن علي بن الحسين « زين العابدين » هو الوصي من بعد‬ ‫‪2‬‬

‫والده ؟ مع أنه كان صغير السن لما قُتل والده ! ‪.‬‬


‫‪ -‬لماذا لم يشمل التطهير كل أبناء « الحسين » وبناته ؟‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬الحسن بن علي رضي ال عنهما ‪ ،‬لماذا أخرجنا أبناءه من مبدأ العصمة والمامة ؟‬ ‫‪4‬‬

‫‪ « -‬ز ين العابد ين » أولده كُثُر ‪ ،‬فلماذا اقت صرنا على « البا قر » ف قط دون سواه من‬ ‫‪5‬‬

‫الخوة ؟ وكذلك المر لبناء الباقر ومن بعده !‬


‫حيدر ‪ :‬الروايات الدالة على أن الئمة معصومون كثيرة تستوجب علينا القطع بصحتها ‪.‬‬
‫)‬ ‫‪160‬‬ ‫خالد ‪ :‬وكذلك الروايات الدالة على الضد ومن ذلك ذكر العلمة الصدوق في عقائده (‬
‫أن من ينفي السهو عن النبي يُعد من الغلة ‪ ،‬ومن ينفي السهو عن الئمة يُعد من المفوضة‬
‫الذين لعنهم ال ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬أن مذهبهم ‪ -‬أي الشيعة ‪ -‬أن الئمة يجوز عليهم‬ ‫‪5/205‬‬ ‫وجاء في مجمع البيان (‬
‫السهو والنسيان في غير ما يؤدونه عن ال » ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬أن نفي السهو عن الئمة أصبح‬ ‫‪3/240‬‬ ‫ثم تطور العتقاد كما جاء في تنقيح المقال (‬
‫من ضروريات المذهب الشيعي » ‪.‬‬
‫إذا التعديل في الحكام يكون حسب الحاجة والضرورة لن كان في الم سائل العقدية ‪ ،‬والتي‬
‫تخالف ما كان عليه السابقون ‪.‬‬
‫[‪]23‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل زالت ال صورة غ ير م ستبينة عندي ‪ ،‬هل هناك من خطورة على الم سلم بأن يعت قد‬
‫في إمامه الذي يتلقى عنه الحكام أنه منز ٌه من الرذائل !‬
‫خالد ‪ :‬الجواب يُعرف من خلل هذا الت ساؤل ‪ ،‬ما الفرق ب ين ال نبي وغيره إن قل نا بالع صمة‬
‫لكليه ما ؟ بل إن الئ مة بلغوا منزلة وحازوا على خ صائص لم يدرك ها ال نبي صلى اللّه عل يه‬
‫و سلم ‪ ،‬من ذلك أن الع صمة متعد ية ‪ ،‬بمع نى أن المام المع صوم ك ما أ نه ل يُ سأل عن دليله‬
‫فـي المسـألة ‪ ،‬ول يرد حكمـه وقوله ‪ ،‬فكذلك مـن ينوب عـن المام يحوز هذا الشرف ‪ ،‬فل‬
‫ينبغي للعوام أن يردوا حكمه وقوله ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬ن حن نعت قد أن المن صب الذي‬ ‫‪91‬‬ ‫لهذا يقول الخمي ني في كتاب الحكو مة ال سلمية (‬
‫منحـه الئمـة للفقهاء ل يزال محفوظا لهـم ‪ ،‬لن الئمـة الذيـن ل نتصـور فيهـم السـهو أو‬
‫الغفلة ‪ ،‬ونعتقـد فيهـم الحاطـة بكـل مـا فيـه مصـلحة للمسـلمين ‪ ،‬كانوا على علم بأن هذا‬
‫المنصب ل يزول عن الفقهاء من بعدهم بمجرد وفاتهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذه هي ولية وإنابة الفقيه عن المام المنتظر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬من يتتبع التسلسل لهذه النابة ‪ ،‬وكيف نشأت يعلم يقينا أنها إنما أنشئت ‪ ،‬لما وقعت‬
‫الحيرة بعـد الغيبـة الصـغرى والكـبرى ‪ ،‬والختلف حول الموال التـي تُقدم وهـي الخمـس ‪،‬‬
‫فأنشأت هذه القض ية لتل في هذا الرباك ‪ ،‬ولق طع كل سؤال عن الدل يل قد يُقدم من العوام‬
‫لرجال الدين الشيعة بصيغة ‪ « :‬ما دليلك على ما تقول » ؟‬
‫حيدر ‪ :‬إذا ما هو العتقاد الواجب أن نعتقده في الئمة عليهم السلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬هم من أكرم البيوت شرفا ‪ ،‬وأعلها رتبةً ‪ ،‬لتصال نسبهم إلى النبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬ول خير فيهم إن لم يسيروا وفق هدي سيد هذا البيت وهو المصطفى صلى اللّه عليه‬
‫وسلم ‪،‬‬
‫[‪]24‬‬
‫و هم ب شر كبق ية الب شر ي صيبون ويذنبون ‪ ،‬ويرجون رح مة ال ومغفر ته وعلى قدر طاعت هم‬
‫وذلهم ل ‪ ،‬تكون منزلتهم عند ال سبحانه ‪.‬‬
‫) ‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬يا علي أول نظرة لك والثانية‬ ‫‪62‬‬ ‫أخرج القمي في معاني الخبار (‬
‫عليك ‪ ،‬ل لك » ‪.‬‬
‫) مقولة أمير المؤمنين « علي » أنه قال ‪ « :‬اللهم اغفر ما أنت‬ ‫‪82‬‬ ‫وجاء في نهج البلغة (‬
‫أعلم به مني ‪ ،‬فإن عُدت فعُد علي بالمغفرة » ‪.‬‬
‫في خطبة خطبها علي بصفين فقال رضي ال‬ ‫‪216‬‬ ‫وجاء في نهج البلغة ص ‪ 335‬خطبة رقم‬
‫عنـه ‪ ... « :‬فل تكفوا عـن مقالة بحـق أو مشورة بعدل ‪ ،‬فإنـي لسـت فـي نفسـي بفوق أن‬
‫أخطئ ول آمن ذلك من فعلي » ‪.‬‬
‫و هم رحم هم ال يقرون على أنف سهم بالذ نب ويرجون المغفرة من ال تعالى ‪ ،‬ودللة ال حب‬
‫لي إنسان أن تنزل من تحب المقام الذي يليق به ‪ ،‬وتصدق معه ‪ ،‬والسعيد من المؤمنين من‬
‫تأ سى ب سيد هذا الب يت صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬ثم اقتدى بآله رضوان ال علي هم و فق هدي‬
‫الحبيب محمد صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫[‪]25‬‬
‫التقية‬
‫خالد ‪ :‬ن عم المحاور والم ستفهم أ نت ‪ ،‬ولك ني على علم من ا ستعمالكم دائما للتق ية في كل‬
‫أمر ‪ ،‬في حال الخوف وأيضا المن ‪ ،‬لنها من ضروريات المذهب ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا ف يه مجافاة لل حق ‪ ،‬واتهام للشي عة بأن هم جبناء ‪ ،‬ول ي صدعون بال حق ‪ ،‬وللعلم‬
‫فالتق ية إن ما ت ستعمل في موا طن الخوف ‪ ،‬ول ش يء غيره ‪ ،‬بل هي مشرو عة عند نا وكذلك‬
‫عند إخواننا السنة ‪ ،‬والدلة معلومة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬جاء في شرح عقائد الصدوق للعلمة المفيد أنه قال ‪ « :‬التقية كتمان الحق ‪ ،‬وستر‬
‫العتقاد فيه ‪ ،‬وكتمان المخالفين ‪ ،‬وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين والدنيا » ‪.‬‬
‫وورد عن جعفر الصادق كما ذكر العلماء في كتب عدة أنه قال ‪ « :‬التقية ديني ودين آبائي ‪،‬‬
‫ول دين لمن ل تقية له » ‪ ،‬ووِفْق ما أعلم فإن الصحابة لم يفعل أحد منهم التقية إل ما ذُكر‬
‫عن عمار بن ياسر ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬حينما ذكر آلهة الكفار بخير فقال له النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪ « :‬إن عادوا فعد » ( أي ‪ :‬إلى التقية حفاظا على حياتك ) ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لم تخالف ما ذكرته من روايات مع الذي أنا قلته ‪ ،‬وأكرر أن التقية إنما تستعمل في‬
‫بعض المواضع التي يخاف فيها المسلم على نفسه من الضرر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬اسـتعمال التقيـة تجاوز المفهوم السـابق ‪ ،‬بـل أصـبح السـتخدام عاما فـي كـل المور‬
‫والدليل على ما أقول ‪:‬‬
‫[‪]26‬‬
‫) عن المام المعصوم أنه قال ‪. . « :‬‬ ‫‪72‬‬ ‫ا ‪ -‬قال مرتضى النصاري في رسالة التقية (‬
‫فإن التقية واسعة ‪ ،‬وليس شيء من التقية إل وصاحبها مأجور عليها إن شاء ال » ‪.‬‬
‫) وصححها عن الصادق أنه قال ‪:‬‬ ‫‪4/278‬‬ ‫‪ -‬قال الخوئي في التنقيح شرح العروة الوثقى (‬ ‫‪2‬‬

‫« ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة » ‪.‬‬
‫) تحت باب بعنوان ‪ « :‬استحباب حضور الجماعة خلف‬ ‫‪5/383‬‬ ‫‪ -‬جاء في وسائل الشيعة (‬ ‫‪3‬‬

‫من ل يُقتدى به ( أي ‪ :‬المام السني ) للتقية ‪ ،‬والقيام في الصف الول معه » ‪.‬‬
‫) عن الصلة‬ ‫‪1/26‬‬ ‫وهذا أيضا ما أفتى به أبو القاسم الخوئي في كتاب « مسائل وردود » (‬
‫مع جماعة المسلمين ! فأجاب ‪ « :‬تصح إذا كانت تقية » ‪.‬‬
‫‪ -‬المرأة ترث من العقار والدور والرض ‪ ،‬وذلك لرواية أبي يعفورعن أبي عبد ال قال ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫سألته عن الر جل هل يرث من دار امرأ ته أو أرض ها من التر بة شيئا أو يكون في ذلك في‬
‫منزلة المرأة فل يرث من ذلك شيئا ؟ فقال ‪ « :‬يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت » ‪.‬‬
‫) فقال ‪ :‬نحمله على التق ية ‪،‬‬ ‫‪4/154‬‬ ‫فع قب الطو سي على الروا ية ك ما جاء في ال ستبصار (‬
‫لن جميع من خالفنا يخالف هذه المسألة ‪ ،‬وليس يوافقنا عليها أحد من العامة ( أي ‪ :‬السنة‬
‫) وما يجري هذا المجرى يجوز فيه التقية ‪.‬‬
‫فعلى هذا كأن التقية أيضا تستعمل مع الشيعي ول تختص بالسني فقط ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬التقية أمر ها مستحب ‪ ،‬ويستطيع المسلم الشيعي أن يتركها أو يفعلها ل حرج عليه‬
‫في ذلك ‪.‬‬
‫[‪]27‬‬
‫خالد ‪ :‬إذا كان الحكم كما قلت ‪ ،‬إذا ماذا نفعل أمام قول َم نْ يقول ‪ :‬تارك التقية كتارك الصلة‬
‫؟‬
‫وكقول الصادق ‪ « :‬لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلة لكنت صادقا » ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬اعتقادنا في التقية أنها واجبة ‪ ،‬من تركها‬ ‫‪104‬‬ ‫وقال ابن بابويه في العتقادات ( ص‬
‫بمنزلة من ترك الصلة » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكننا في هذا الزمان ل نسمع بل نكاد ل نجد مسلما شيعيا يتعامل مع إخواننا السنة‬
‫بالتقية ‪ ،‬لنهم يعلمون أنهم في بلد واحد يحتاج إلى الترابط والقوة أمام العداء ‪ ،‬والجساد‬
‫ل تتقارب إل بتقارب وصفاء القلوب ‪.‬‬
‫) ذكر أن العمل بالتقية يكون في كل وقت ‪.‬‬ ‫‪2/201‬‬ ‫خالد ‪ :‬الخميني في كتاب الرسائل (‬
‫فقال ‪ « :‬ثم إنه ل يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره ‪ ،‬بل‬
‫الظا هر أن الم صالح النوع ية صارت سببا ليجاب التق ية فت جب التق ية وكتمان ال سر لو كان‬
‫مأمونا وغير خائف على نفسه » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬كأنك تريد أن تقول إن التقية أصبحت شعارا للمذهب الشيعي !‬
‫خالد ‪ :‬الروايات هي ال تي تقول بذلك والوا قع يث بت ل نا هذه الحقي قة ‪ ،‬ف هل ال حق يك تم أم أن‬
‫المؤ من ‪ -‬و هو آ من ‪ -‬ل يج هر بال حق و يبينه للعا مة من الم سلمين ! ول عل الب عض يقول‬
‫كالعادة بضعـف مثـل هذه القوال والجتهادات ‪ ،‬فلذا نحتاج لتحقيـق الترابـط إلى ذلك العالم‬
‫المجت هد والذي يعلي صوته بتضع يف كل الروايات ال تي ن صت على التعا مل بالتق ية ‪ ،‬وي حث‬
‫المسلمين الشيعة على الوضوح والعمل بالحاديث المتفقة بين الطرفين ‪ ،‬وأن‬
‫[‪]28‬‬
‫نح قق الترا بط القل بي ق بل الظاهري ‪ ،‬فك يف يم كن أن يتعا يش إن سان مع آ خر و هو يعلم أ نه‬
‫يضمر له العداء والمخالفة والعتقاد بأن دينه باطل وغيرها من المور التي تفرق ول تجمّع‬
‫وتمزق ول تربط بين أفراد المجتمع الواحد ‪ .‬وينبغي علينا أن نلعن التقية التي تفرقنا ‪ ،‬كما‬
‫لعن ها الدكتور مو سى المو سوي في كتا به « الت صحيح » ‪ ،‬ول يس م ثل ما أ صّل ل ها ب عض‬
‫علماء الشيعة في كتبهم ‪.‬‬
‫[‪]29‬‬
‫علم الحديث والتصحيح والتضعيف‬
‫حيدر ‪ :‬يظن بعض الخوة السنة أن أخوانهم الشيعة ‪ ،‬لم يهتموا بتتبع الروايات المنقولة عن‬
‫ال نبي وآله علي هم ال سلم بالتحق يق والتث بت ‪ ،‬لذا نجد هم يقذفون الشي عة ‪ ،‬بأب شع العبارات‬
‫وأشنع القوال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬من المتعارف عليه عند علماء الحديث ‪ ،‬أن الحديث ينقسم إلى طرفين ‪ ،‬جانب السناد‬
‫و هو سلسلة الرواة لل خبر ‪ ،‬والجا نب ال خر هو القول الذي قاله قائل الحد يث ‪ ،‬ف ما تعر يف‬
‫الحديث الصحيح عندك ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هو ما رواه العدل الضابط للخبر عن مثله في جميع مراحل السند ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬كأ نك ن سيت كل مة مه مة ذكر ها ال حر العاملي و هي ‪ ( :‬المامي ) أي العدل المامي ‪،‬‬
‫وهذا أمر مهم ‪ ،‬وهو شرط مشكل وعسير على أحاديث الشيعة لو طُبّق ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫) ب عد أن ذ كر تعر يف الحد يث‬ ‫‪30/206‬‬ ‫خالد ‪ :‬يقول ال حر العاملي في كتاب خات مة الو سائل (‬
‫الصحيح ‪ « :‬وهذا يستلزم ضعف كل الحاديث عند التحقيق » ‪.‬‬
‫وعلل السـبب بقوله ‪ « :‬لن العلماء لم ينصـوا على عدالة أحـد مـن الرواة إل نادرا ‪ ،‬وإنمـا‬
‫نصّوا على التوثيق ‪ ،‬وهو ليستلزم العدالة قطعا » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬رجال الدين الشيعة قسّموا الحديث إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف ‪ ،‬وفق تتبعهم‬
‫للحاديث والثار الواردة عن الل عليهم السلم ‪.‬‬
‫[‪]30‬‬
‫خالد ‪ :‬التقاسـيم ل جدوى منهـا إن لم يكـن هناك مثال لمـا تقول ‪ ،‬وأيضا مـا الضابـط لحفـظ‬
‫)‪:‬‬ ‫‪30/206‬‬ ‫الرواة ونسـيانهم مع العدالة والتوثيـق ‪ ،‬وقـد قال الحـر العاملي في الوسـائل (‬
‫والثقات الجلء مـن أصـحاب الجماع وغيرهـم يروون عـن الضعفاء والكذابيـن والمجاهيـل‬
‫) ‪ :‬ومن المعلوم قطعا‬ ‫‪30/244‬‬ ‫حيث يعلمون حالهم ويشهدون بصحة حديثهم ‪ ،‬وقال أيضا (‬
‫أن الكتب التي أمروا عليهم السلم بالعمل بها ‪ ،‬كان كثير من رواتها ضعفاء ومجاهيل ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذه مجازفة خطيرة أن تستند في فتواك على قول أو رواية رجل مجهول أو ضعيف ‪،‬‬
‫فلربما تقوّل أو كذب على المام ‪ ،‬أو نَسب إليه ما لم يصدر عنه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لننظر إلى ما يقوله العلماء عن بعض الرواة المشاهير والمكثرين من الرواية عن آل‬
‫البيت رحمهم ال تعالى ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬المغيرة بن سعيد ‪ ،‬أ حد رواة الحاد يث عن الئ مة ‪ ،‬ن قل المامقا ني في كتاب تنق يح ‪-‬‬
‫) عن المغيرة بن سعيد أنه قال ‪ « :‬دسست في أخباركم أخبارا كثيرة ‪ ،‬تقرُب‬ ‫‪1/174‬‬ ‫المقال (‬
‫من مائة ألف حديث » ‪.‬‬
‫هـ ‪.‬‬ ‫‪199‬‬ ‫وللعلم يا أخ حيدر ‪ ،‬فإن المغيرة هذا موجود في سنة‬
‫) ‪ « :‬روى سبعين ألف‬ ‫‪151‬‬ ‫‪ -‬جابر بن يزيد الجعفي ‪ :‬قال فيه الحر العاملي ( الوسائل‬ ‫‪2‬‬

‫حديث عن الباقر عليه السلم ‪ ،‬وروى مائة وأربعين ألف حديث عن غيره » ‪.‬‬
‫وهنـا سـؤال يفرض نفسـه ‪ :‬كـل هذه الروايات ‪ ،‬هـل سـمعها جابر مشافهـة مـن المام ؟ أو‬
‫) عن هذا بهذه الروا ية ‪ :‬عن زرارة بن‬ ‫‪191‬‬ ‫بوا سطة راو آ خر ؟ ويج يب الك شي ( الرجال‬
‫أعين قال ‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن أحاديث جابر ؟‬
‫[‪]31‬‬
‫قال ‪ « :‬ما رأيته عند أبي قط إل مرة واحدة ‪ ،‬وما دخل علي قط » ‪ .‬فإذن من هو شيخ جابر‬
‫الذي علمه هذا الكم من أحاديث آل البيت ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن ك تب الشيعه الساسية والمعتمدة ‪ ،‬معلومة وم صانة من الل بس والدس فيها ‪،‬‬
‫وذلك لهتمام الشيعة بكتب مراجعهم الدينية من التشويه والفتراء ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬و فق ما أعلم فإن ك تب الشي عة المعتمدة ثمان ية و هي ‪ :‬الكا في ‪ ،‬ال ستبصار ‪ ،‬من ل‬
‫يحضره الفقيـه ‪ ،‬الوافـي ‪ ،‬بحار النوار ‪ ،‬ووسـائل الشيعـة ‪ ،‬ومسـتدرك الوسـائل ‪ ،‬أليـس‬
‫كذلك ؟‬
‫حيدر ‪ :‬صحيح ما تقول ‪ ،‬وهناك غيرها تشرح وتبين ما في هذه الكتب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الح مد ل ‪ ،‬فلنبدأ ولنن ظر إلى ك تب هذه المجمو عة ‪ ،‬ولنخ تر كتاب الكا في ‪ ،‬الذي يُ عد‬
‫من أصح الكتب عندكم ‪ ،‬والذي كما قيل إنه عرض على المام المنتظر فوافق على جميع ما‬
‫) ولننظر في محتواه وعن‬ ‫‪123‬‬ ‫ف يه ‪ ،‬مثل ما ذ كر محمد صادق ال صدر في كتاب الشيعة (‬
‫) ‪ « :‬إن كتاب‬ ‫‪6/114‬‬ ‫عدد ما ف يه من ك تب وأبواب ‪ ،‬فيقول الكر كي في روضات الجنات (‬
‫الكافي خمسون كتابا » ‪.‬‬
‫) هـ ‪.‬‬ ‫‪1076‬‬ ‫وللعلم يا أخ حيدر ‪ ،‬فإن الكركي هذا تُوفي في سنة (‬
‫) ‪ « :‬إن كتاب الكا في مشت مل على ثلث ين كتابا » ‪.‬‬ ‫‪165‬‬ ‫أ ما الطو سي فقال في الفهر ست (‬
‫) هـ ‪.‬‬ ‫‪460‬‬ ‫وللعلم فإن الطوسي قد تُوفي سنة (‬
‫إذا مـا الذي جرى على الكتاب الصـلي ؟ ‪ ،‬ومـن أيـن جاءت هذه الزيادة الفادحـة على أصـل‬
‫الكتاب ؟ !‬
‫[‪]32‬‬
‫) هـ ‪ ،‬فقد ذكر‬ ‫‪460‬‬ ‫ولننظر إلى كتاب آخر ‪ ،‬وهو تهذيب الحكام للطوسي المتوفى سنة (‬
‫) حديث ‪ ،‬بينما الطوسي‬ ‫‪13950‬‬ ‫) أن أحاديثه عددها (‬ ‫‪4/504‬‬ ‫أغا بزرك في كتاب الذريعة (‬
‫) حديث ‪ .‬ومعلوم أن‬ ‫‪5000‬‬ ‫) أن أحاديث التهذيب تزيد على (‬ ‫‪1/360‬‬ ‫قال في عدة الصول (‬
‫) أو دونه ‪ ،‬إذا من‬ ‫‪6000‬‬ ‫كلمة تزيد ‪ ،‬تعني الزيادة المعقولة والتي تقارب الرقم التالي وهو (‬
‫أين أتت هذه الزيادة الكبيرة على كتاب التهذيب ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن لربما أتت الزيادة من علماء آخرين استدركوا على الكتاب ما نُقص منه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ال ستدراك ينبغي أن يكون في كتاب آخر منف صل ‪ ،‬أو ي تم الت نبيه على ذلك في بدا ية‬
‫الكتاب ‪ ،‬أو توضع الزيادة في حاشية الكتاب ‪ ،‬ل أن تُدس وتُقحم في الكتاب الصلي ‪ ،‬فيظن‬
‫المطلع على الكتاب أنهـا مـن أصـل الكتاب ‪ ،‬فلذا لن أعجـب مـن قول الحسـيني فـي كتاب‬
‫) ‪ « :‬وب عد التت بع في الحاد يث المنتشرة في‬ ‫‪165‬‬ ‫الموضوعات في الثار والخبار ( ص‬
‫مجا مع الحد يث كالكا في والوا في وغيره ما ‪ ،‬ن جد أن الغلة والحاقد ين على الئ مة الهداة لم‬
‫يتركوا بابا من البواب إل ودخلوا م نه لف ساد أحاد يث الئ مة وال ساءة إلى سمعتهم ‪» ....‬‬
‫إذا هذا إقرار من الحسيني على وجود أحاديث مكذوبة في أعظم كتب الحديث عند الشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعل هذا المر كان من رجال الدين السابقين ‪ ،‬وليس من المعاصرين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ل ت ستجعل في القول ‪ ،‬فل أغ فل عن ذ كر مقولة التيجا ني في كتا به { فا سألوا أ هل‬
‫ويكف يك أن تعرف مثل أن أع ظم كتاب ع ند الشي عة ‪ ،‬و هو أ صول الكا في‬ ‫‪9‬‬ ‫)‪:‬‬ ‫‪34‬‬ ‫الذ كر } (‬
‫يقولون بأن فيه آلف الحاديث المكذوبة » ‪.‬‬
‫[‪]33‬‬
‫ونعلم من اللغة العربية أن كلمة آلف ‪ ،‬هي فوق الرقم ثلثة إلى التسعة ‪ ،‬وأحاديث أصول‬
‫) حديث ‪ ،‬إذن كم يتبقى عندنا من كتاب الكافي ‪ ،‬ويمكن أن نعده في مرتبة‬ ‫‪3783‬‬ ‫الكافي (‬
‫الصحيح المعمول به ؟ !‬
‫لذا أحيلك في تحقيق أحاديث ( الكافي ) على كتاب ( كسر الصنم ) لية ال البرقعي ‪ ،‬حيث‬
‫ذكر العاجيب في كتابه وتحقيقه لحاديث الكافي ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أنـا على ثقـة مـن أن رجال الديـن الشيعـة ‪ ،‬ومحققيهـم ‪ ،‬لم يتركوا هذه الحاديـث‬
‫ن وتفنيدِ لحال ها من ناح ية ال صحة أو الض عف ‪ ،‬وكذلك أحوال‬
‫المد سوسة وغير ها ‪ ،‬من بيا ِ‬
‫الرواة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إن من أقدم المؤلفات لدى الشي عة في بيان أحوال رواة الحد يث والخبار هو « رجال‬
‫الكشي » المتوفى في القرن الرابع الهجري ‪ ،‬وقد جاء في كتابه بأخبار متعارضة في الجرح‬
‫) ترجمة فقط ‪ ،‬ثم جاء كتاب النجاشي وهو مختصر‬ ‫‪520‬‬ ‫والتعديل ‪ ،‬وبلغ عدد التراجم فيه (‬
‫جدا في موضوعه ‪ ،‬وإلى الن ل أعرف ثمة كتاب يمكن الستناد والعتماد عليه ‪ ،‬في بيان‬
‫من يُرد حدي ثه أو يُق بل من رواة الشي عة ‪ ،‬والحال يدل نا على أن كل من جاء بروا ية تع ضد‬
‫وتدعم من قول المذهب المامي قُبلت روايته من غير تمحيص لحال هذا الراوي ‪ ،‬وهذا على‬
‫النقيض تماما عند علماء السنة !‬
‫حيدر ‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬علماء ال سنة ‪ ،‬كانوا ل يُطلقون على أي طالب علم في ال سابق وحتى في الل حق أ نه‬
‫إمام وعالم إل إذا تم كن من علم الحد يث ‪ ،‬ومعر فة الحد يث ال صحيح من الضع يف ‪ ،‬ودرس‬
‫هذا العلم الجليـل الفريـد ‪ ،‬وليـس أدل مثال على ذلك مثـل سـيرة المام أحمـد بـن حنبـل أو‬
‫الشافعي أو البخاري أو ابن تيمية وغيرهم كثير كثير جدا ‪.‬‬
‫[‪]34‬‬
‫حيدر ‪ :‬من خلل قراءاتي في الك تب الدين ية أجد تضعيفا وتصحيحا للكث ير من الحاد يث في‬
‫الكتب الفقهية والعقدية لدى علماء الشيعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ما تقوله صحيح ‪ ،‬ولكن يا أخي هل وجدت بعد ذلك ‪ ،‬السبب العلمي في التضعيف أو‬
‫التصحيح ‪ ،‬أو العلة من رد أو قبول الرواية وفق منهج حديثي واضح ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل ‪ ،‬لم أجد أحدا ذكرالسبب ‪ ،‬من ناحية التضعيف أو التصحيح ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬رد الحد يث أو قبوله ف قط ‪ ،‬ع ند فئة من علماء الشي عة ‪ ،‬يكون إن وا فق المذ هب أو‬
‫عار ضه ‪ ،‬وهذا هو المعول ‪ ،‬ول ش يء غيره ‪ ،‬فإن كان الراوي إماميا ‪ ،‬وذ كر روا ية تع ضد‬
‫وتقوي الح كم الشي عي ‪ ،‬قُبلت الروا ية ‪ ،‬وكذلك ال مر إن ح صلنا على روا ية في البخاري أو‬
‫الترمذي أو مسـلم ‪ ،‬وتؤيـد المذهـب قُبلت بصـدر رحـب ‪ ،‬وإل فإن التضعيـف ‪ ،‬يكون مـن‬
‫ن صيبها ‪ ،‬إن خال فت شيئا من المور المذهب ية ‪ ،‬والعج يب أن يكون سند الحد يث المقبول ‪،‬‬
‫موجودا في حديث آخر ‪ ،‬ولكن يُرد ويُحكم بضعفه ‪ ،‬فقط لن في الحديث ما يخالف المذهب ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل المر يحتاج إلى هذا التشدد والنقاش الكثير حول التصحيح والتضعيف ؟‬
‫خالد ‪ :‬تذ كر يا أخ حيدر ‪ ،‬أن علم الحد يث يُ عد أ ساسا وركيزة للشري عة ال سلمية والحكام‬
‫الفقهيـة ‪ ،‬واعلم أن علم الحديـث ‪ ،‬يُعـد مـن أشرف العلوم لنـه يأصـّل لك قبول الروايات أو‬
‫رد ها ‪ ،‬و فق من هج علمي وا ضح ‪ ،‬ول يس و فق حظ النفوس وهوا ها ‪ ،‬و ما من عال مٍ ‪ ،‬قلت‬
‫بضاعته في فهم علم الحديث ‪ ،‬إل ووجدت الفتاوى الغريبة المتناقضة تصدر منه دائما ‪.‬‬
‫[‪]35‬‬
‫الشاذ من القوال‬
‫خالد ‪ :‬إن مـن أخطـر المور التـي تهدم الديـن وتفرق الصـفوف وجود فتاوى متناقضـة ‪،‬‬
‫واجتهادات متباعدة في المسألة الواحدة ‪ ،‬والتي يكون الحكم فيها بيّنا واضحاص ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا يح صل في فتاوى كل ملة ومذ هب ‪ ،‬وال سباب لهذا ال مر متنو عة وكثيرة ‪ ،‬ف ما‬
‫الجديد في المسألة ؟‬
‫خالد ‪ :‬المر المفجع أن ترى اختلف الحكم في المسألة الشرعية الواحدة ناشئ من قبل إمام‬
‫مع صوم وا حد ‪ ،‬أفل يدلك م ثل هذا على نتائج محيرة تجاه الفتوى أَول ‪ ،‬وتجاه المام ثانيا ‪،‬‬
‫وأيضا تجاه الكتاب الذي حوى مثل هذه المسائل ؟ !‬
‫والخ طر من ذلك كله ما هو حال أولئك العوام الذ ين سيستمعون ‪ ،‬ثـم سيطبقون م ثل تلك‬
‫الفتاوى ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬هذا غ ير مم كن ‪ ،‬لن الئ مة ينهلون من مع ين وا حد ‪ ،‬و هم أغ صان لشجرة النبوة ‪،‬‬
‫فلن نجد تناقضا في أقوالهم أبدا ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ليت المر مقتصر على الئمة وحدهم ولكن تجاوز المر بطبيعة الحال إلى رجال الدين‬
‫والمتعالمين ‪ ،‬لن مصدر التعلم واحد ‪ ،‬والمثلة على ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬شخ صية ع بد ال بن سبأ ‪ :‬الب عض ينكر ها وين في بشدة وجود م ثل هذه الشخ صية ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫وعلى النق يض تماما هناك من يث بت وجود ها وتأثير ها على قيام المذ هب الشي عي م ثل سعد‬
‫القمي وما ورد في كتابه المقالت والفرق وكذا رجال الكشي ‪.‬‬
‫‪ -‬تحريف القرآن ‪ :‬تجد علماء الشيعة المتأخرين منهم ‪ ،‬ينفون بشكل قاطع‬ ‫‪2‬‬
‫[‪]36‬‬
‫ومؤ كد أنّ أ سلفهم قالوا بم ثل هذا الدعاء ‪ ،‬و هم يؤكدون على أن ها أكذو بة من الكاذ يب ‪،‬‬
‫وهم م صرون على قول هم هذا كأن ال مر بديهي ‪ ،‬وأ نه من القضا يا المعلومة بالضرورة في‬
‫المذ هب الشي عي من عدم وجود تحر يف في القرآن ‪ ،‬وال مر على خلف ما قالوه ‪ ،‬بل إن‬
‫شئت قل وأنت محق إنّ شبه الجماع منعقد من العلماء المتقدمين ‪ ،‬بأنّ القرآن محرف وقد‬
‫زيد وأنقص منه ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تمي يز الضع يف من ال صحيح في الروايات ‪ ،‬والشي عي الذي يحاول أن يب حث في‬ ‫‪3‬‬

‫تمييز الحاديث ‪ ،‬تجده يعتمد على أسس أهل السنة وميزانهم ليحمي معتقده ‪ ،‬وهو يعلم يقينا‬
‫أن ل ميزان للشيعة في تمييز الروايات ‪ ،‬والميزان الوحيد عند الشيعة لتصحيح الحاديث هو‬
‫ميزان « الثناء على آل البيـت أو عدمـه » ‪ ،‬ولو كان ذلك صـادرا مـن قبـل أمثال زرارة بـن‬
‫أعيـن ومحمـد بـن مسـلم والمختار ‪ ،‬وهـم أحيانا ثقاة وأحيانا ملعونيـن عنـد علماء الشيعـة‬
‫وراجع في ذلك كتاب هداية البرار ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل بالمكان ذكر مثال على الشاذ من الفتاوى ؟‬
‫خالد ‪ :‬خذ مثلً على ذلك من فتاوى الخميني ‪:‬‬
‫) قول الخميني ‪ « :‬ماء الستنجاء سواء كان من البول‬ ‫‪1/16‬‬ ‫‪ -‬جاء في تحريرالوسيلة (‬ ‫‪1‬‬

‫أو الغائط ‪ ،‬طاهر » ‪.‬‬


‫) قول الخميني ‪ « :‬مبطلت الصلة وهي أمور أحدها ‪:‬‬ ‫‪1/280‬‬ ‫‪ -‬جاء في تحرير الوسيلة (‬ ‫‪2‬‬

‫الحدث ‪ ،‬ثاني ها ‪ :‬التكف ير ‪ ،‬و هو و ضع إحدى اليد ين على الخرى ن حو ما ي صنعه غير نا ول‬
‫بأس به في حال التقية » ‪ « ...‬وتعمد قول آمين بعد إتمام الفاتحة ‪ ،‬إل مع التقية فل بأس‬
‫به » ‪.‬‬
‫[‪]37‬‬
‫) قول الخمي ني ‪ « :‬يشترط في صحة ال صلة طهارة‬ ‫‪1/119‬‬ ‫‪ -‬جاء في تحريرالوسيلة (‬ ‫‪3‬‬

‫موضع الجبهة في السجود دون المواضع الخرى ‪ ،‬فل بأس بنجاستها » ‪.‬‬
‫) قول الخمي ني ‪ « :‬والمشهور والقوى جواز و طء‬ ‫‪2/241‬‬ ‫كأ جاء في تحر ير الو سيلة (‬
‫الزوجة في الدبر ( أي ‪ :‬لواط النساء ) » ‪.‬‬
‫) قول الخميني ‪ « :‬ل يجوز نكاح بنت الخ على العمة‬ ‫‪2/279‬‬ ‫‪ -‬وجاء في تحرير الوسيلة (‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،‬وبنت الخت على الخالة إل بإذنها ‪ ،‬ويجوز نكاح العمة والخالة على بنتي الخ ‪ .‬والخت (‬
‫أي ‪ :‬يجوز الجمع بين المرأة وخالتها ) » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬اذن من أين أتت هذه الفتاوى الغريبة والمتناقضة فيما بينها ؟‬
‫خالد ‪ :‬السباب في رأي تتلخص في ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم اللتزام الحق بالكتاب والسنة الصحيحة ‪ ،‬وفق فهم الجيل الذي تنزل عليه القرآن ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫هو الذي أوجد مثل هذه المعضلت في الحكام ‪.‬‬


‫‪ -‬الصراحة في إبداء المعتقد ‪ ،‬كان موجودا في الكتب السابقة فنجد أن العالم الشيعي كان‬ ‫‪2‬‬

‫يذ كر كل الروايات ال تي بلغ ته ويرا ها ويعتقد ها ‪ ،‬ول يب تر من ها شيئا ‪ ،‬وان خالفت معتقده ‪،‬‬
‫وعلى النقيض تماما في هذا الزمان نجد التدليس ‪ ،‬والمراوغة والنتصار العمى للمذهب في‬
‫جملة مـن المعاصـرين وكذلك الكذب السـمج المكشوف ‪ ،‬لنكار مـا قاله السـابقون ولو كان‬
‫بتحر يف الكلم عن مواضعه ومثال ذلك ما فعله صاحب كتاب « السجود على التربة والجمع‬
‫بين الصلتين » فقد ساق‬
‫[‪]38‬‬
‫روا ية ال صادق ‪ « :‬ال سجود على الرض فري ضة وعلى غ ير ذلك سنة » ‪ ،‬ثم نجده أ خذ ما‬
‫يد عم رأ يه بحذف جملة « وعلى غ ير ذلك سنة » ليب طل القول بأن هناك دل يل يجوّز ال سجود‬
‫على غير الرض ‪.‬‬
‫وارجـع إلى كتاب « كشـف الجانـي » للشيـخ عثمان الخميـس لتطلع بنفسـك على التناقضات‬
‫والشذوذ والتدليس في أقوال التيجاني ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم كشف وفضح الكذابين من رواة السند ‪ ،‬مع أننا لو تفحصنا ما ترويه الشيعة عن‬ ‫‪3‬‬

‫آل البيت لوجدنا الدعوة بتصفية الصفوف وتنقيتها من هؤلء ‪.‬‬


‫) عن الصادق ‪ « :‬لو قام قائمنا بدأ بكذابي شيعتنا فقتلهم » ‪.‬‬ ‫‪253‬‬ ‫مثل ما جاء في الكشي (‬
‫) ‪ « :‬لو ميزت شيعتي لم أجدهم إل واقفة ‪،‬‬ ‫‪8/228‬‬ ‫ومثال ذلك ما قاله الكاظم في الكافي (‬
‫ولو امتحنت هم ل ما وجدت هم إل مرتد ين ‪ ،‬ولو تمح صتهم ل ما خلُص من ألف وا حد » ‪ .‬وعلى‬
‫النقيض من هذا كله عند علماء الحديث من السنة ‪ ،‬لربما يتركون رواية العابد الزاهد الورع‬
‫‪ ،‬وذلك لنه غير متقن في حفظه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬العامي معذورفي تخبطه ‪ ،‬ولكن المتعلم والمطلع من أين ينهل علمه ‪ ،‬ويتعلم دينه ؟‬
‫خالد ‪ :‬لم ل نأ خذ من الذ ين خالطوا ال نبي صلى اللّه عليه و سلم ‪ ،‬فإن لم نأخذ من أ بي ب كر‬
‫وع مر ‪ -‬ر ضي ال عنه ما ‪ -‬فلنأ خذ من علي ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪ -‬والذي يُقال أ نه قد ج مع‬
‫العلوم كلها ‪ ،‬فلو محصنا ودققنا في كل ما ثبت عن أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪-‬‬
‫لحصلنا على خير كثير ‪ ،‬ولعلمنا أنه كان‬
‫[‪]39‬‬
‫مرتبطا بإخوانه الصحابه ‪ -‬رضوان ال عليهم ‪ -‬ك ٌل يتعلم من الخر ‪ ،‬وكل ينقل عن أخيه‬
‫العلم ‪ ،‬ولعلمنا أن العلم ل يدركه ويحوزه شخص بمفرده من بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫‪.‬‬
‫[‪]40‬‬
‫غلو في محبة الل‬
‫خالد ‪ :‬ل زلت أرى سوء الفهم في جانب محبة آل بيت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حتى‬
‫أوصلوهم إلى درجة العبودية ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل نع تب على الم حبين حب هم ‪ ،‬لكرم ب يت ُو جد على الرض ؟ و قد أ مر ال عباده‬
‫َسـأَُلكُ ْم عَلَي ْه َأجْرًا إل ا ْل َموَدّةَ فِي ا ْلقُرْبَى }‬
‫المؤمنيـن بهذا الشأن بقوله سـبحانه ‪ { :‬قُل ل أ ْ‬
‫(الشورى ‪. )23 :‬‬
‫خالد ‪ :‬لنعلم المراد بهذه الية ‪ ،‬وهو كما فسره ابن عباس ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬بقوله ‪ « :‬إن‬
‫بطنـ مـن قريـش إل كان له فيهـم قرابـة فقال ‪ :‬إل أن‬
‫ٌ‬ ‫النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم لم يكـن‬
‫ت صلوا ما بيني وبينكم من القرابة ‪ .‬أي كفوا عني شركم يا أهل قريش ‪ ،‬فإن لم تنصروني‬
‫فل تؤذوني ‪ ،‬لما بيني وبينكم من القرابة » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬حب ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم من أع ظم المور ال تي ي سعى الم سلم لغر سها في‬
‫نفسه ‪ ،‬ويتمنى المرء أن يكون عبدا مطيعا للنبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ومن الذي ينكر هذا الشيء ‪ ،‬ولكن وفق ما أمرنا به النبي صلى اللّه عليه وسلم من‬
‫عمل وقول ينبغي له ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا كان المسلم من شدة حبه للنبي وآله تسمى بأسماء أحد منهم أننكر عليه من بعد‬
‫ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬التسمي باسم النبي صلى اللّه عليه وسلم أو أحد من آله شيء ‪ ،‬وأن يكون النسان‬
‫عبدا لهم شيء آخر ! ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وضح ما تعنيه يا أخ خالد ؟‬
‫[‪]41‬‬
‫خالد ‪ :‬نقرأ أسـماء لبعـض الشيعـة فنجـد فئة منهـم تسـموا بأسـماء لم تعهـد فـي القرون‬
‫الماضية ‪ ،‬وخاصة في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وآله من بعده ‪ ،‬فنقرأ الن اسم ‪:‬‬
‫عبـد الرضـا ‪ ،‬وعبـد المام ‪ ،‬وعبـد الحسـين ‪ ،‬وعبـد الزهرة ‪ ،‬وعبـد الصـاحب ‪ ،‬وهذه كلهـا‬
‫أسماء معارضة للعبودية التي ينبغي أن يكون عليها العبد ‪ ،‬وهي العبودية التامة ل وحده ‪،‬‬
‫ظاهرا وباطنا ‪ ،‬حتى في السماء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن مع نى العبود ية في الل غة العرب ية وا سع ويحت مل مترادفات ومعان كثيرة ‪ ،‬فلم‬
‫القتصار على جانب واحد ؟‬
‫خالد ‪ :‬أمـا ال ستدلل على مع نى العبوديـة من الل غة وأن الكلمات في ها ترادف ‪ ،‬فهذا معلوم‬
‫ويحدد من القرائن التي تأتي في الكلم ‪ ،‬وهذا المر ل يكون مسوغا للتسمية بعبد النبي أو‬
‫بع بد الر سول أو ع بد الر ضا و ما شابه ها من ال سماء ‪ ،‬فهذا ل ينب غي الت سمي به لحد يث‬
‫المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬أحب السماء إلى ال عبد ال وعبد الرحمن » ‪ .‬وذكره‬
‫)‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ص‬ ‫‪6‬‬ ‫الكليني في الكافي ( ج‬
‫حيدر ‪ :‬التسمي بأسماء الصالحين ‪ ،‬أو التي تسبق بعبد ( فلن ) ‪ ،‬يفعله الكثير من طوائف‬
‫المسلمين ‪ ،‬وليس الشيعة وحدهم ‪ ،‬فلم النكار علينا وحدنا ؟‬
‫خالد ‪ :‬يجيب عن هذا التساؤل الدكتور الموسوي في كتاب « الشيعة والتصحيح » في ( ص‬
‫) بقوله ‪ « :‬هذه الظاهرة ل نجدها عند أية فرقة أخرى ‪ :‬من الفرق السلمية ‪ ،‬وحتى‬ ‫‪154‬‬

‫غير السلمية ‪ ،‬والشيعة هي الطائفة الوحيدة التي تسلك مسلك العبودية لغير ال حتى في‬
‫تسمية أولدها » ‪.‬‬
‫والصحابه والعراب وأهل المدينة أعلم منا باللغة العربية ‪ ،‬وأكثر حبا للنبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فهل ثبت عن واحد منهم أنه تسمى بعبد النبي أو عبد محمد ‪ ،‬بل ولن تجد مثل هذه‬
‫السـماء فـي الجيـل الذي جاء بعدهـم ‪ ،‬لنهـم علموا أن العبوديـة ل تسـتعمل مطلقـة إل ل‬
‫سبحانه ‪ ،‬وت ستعمل مقيدة للخادم ‪ ،‬لن له عبود ية مقيدة بز من محدود ول سبب مخ صوص ‪،‬‬
‫وليس على إطلقه ‪.‬‬
‫[‪]42‬‬
‫حيدر ‪ :‬أتعني أن مَن تسمى بهذه السماء يكون قد دخل في دائرة الشرك ‪ ،‬مع أنه يشهد في‬
‫كل صلة بالشهادتين ‪ ،‬ويقر بعبوديته ل سبحانه ؟‬
‫خالد ‪ :‬ينب غي أن نفرق ب ين الخ طأ في العمال والخ طأ في العتقاد ‪ ،‬فخ طأ العمال ل يُخرج‬
‫صـاحبه عـن دائرة السـلم ‪ ،‬ولكـن هذا ل يمنعنـا أن نـبين له زلتـه ‪ ،‬وننصـحه ونرشده إلى‬
‫الصواب وإل انتقل بإصراره وباستحلله إلى أمر أشنع ‪ ،‬يقع في قلبه الذي هو محل العتقاد‬
‫‪ ،‬فإن كان في القلب الت صديق ‪ ،‬مع القرار ب صحة هذا المن كر ‪ ،‬م ثل الت سمي بع بد ال نبي ‪،‬‬
‫وأنّ هذا الم سلم ي ظن أ نه يم كن أن يكون عبدا للمخلوق ‪ ،‬ف هو ه نا في خ طر شن يع ‪ ،‬يبلغ‬
‫بصاحبه إلى الشرك ‪ ،‬والعياذ بال ‪.‬‬
‫والمخطئ ل حرج عليه بعد التوبه ‪ ،‬والبتعاد عن الزلة ‪ ،‬ول ننسى قوله تعالى مادحا خليله‬
‫حرَا مِ إلَى‬
‫سجِدِ ا ْل َ‬
‫الم صطفى صلى اللّه عل يه و سلم ‪ { :‬سُ ْبحَانَ الذِي أَ سْرَى ِبعَبْدِ هِ لَ ْيلً مّ نَ ا ْل َم ْ‬
‫ا ْل َمسْجد الَقْصَا الذي بَاركْنَا حَوْ َلهُ لِ ُنرِ َي ُه ِمنْ آيَاتنَا إ ّن ُه هُو السّمِيعُ الْبَصِي ُر } (السراء ‪. )1 :‬‬
‫فهذا الم صطفى صلى اللّه عل يه و سلم يتوا ضع ل ليكون عبدا له ‪ ،‬ولتعلم يا أخ حيدر دللة‬
‫الحب ليست بالسماء ‪ ،‬بل بالقوال والفعال الصحيحة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬التسمي بمثل هذه السماء ‪ ،‬أيقودنا إلى مثل ما تقول من شرك وزلل ؟‬
‫خالد ‪ :‬باب الشرك مت سع ‪ ،‬قد يد خل ف يه القوال أو الفعال بل وح تى الما كن أو الزم نة ‪،‬‬
‫فلهذا يحذر المسلم أشد الحذر من دخوله من هذا الباب بمواقعته لهذا الضلل ‪ ،‬والتساهل في‬
‫هذا الباب وعدم النصـح والرشاد الصـحيح ‪ ،‬سـيجرنا إلى أن العوام وغيرهـم سـيظهر منهـم‬
‫الغلو في آل البيت !‬
‫حيدر ‪ :‬هل لك من دليل يثبت ما تحذر من خوف ؟‬
‫[‪]43‬‬
‫خالد ‪ :‬الخوف ليس من العوام فقط ‪ ،‬ولكن من مثل هذه الروايات التي تنص على ‪:‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪26/193‬‬ ‫ن الئمة أعلم من النبياء عليهم السلم ‪ -‬بحار النوار (‬
‫‪-‬أّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬تفضيل هم للئ مة على ال نبياء ‪ ،‬وأن أولي العزم من الر سل إن ما صاروا أولي عزم ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪26/267‬‬ ‫بمحبتهم للئمة ‪ -‬انظر بحار النوار (‬


‫ن دعاء النبياء استُجيب بالتوسل والستشفاع بالئمة ‪.‬‬
‫‪-‬أّ‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أنّ الئ مة ل يُح جب عن هم علم ال سماء والرض والج نة والنار ‪ ،‬وأ نه عرض علي هم‬ ‫‪4‬‬

‫ملكوت السـموات والرض ويعلمون مـا كان ومـا يكون إلى يوم القيامـة ‪ -‬أصـول الكافـي (‬
‫)‪.‬‬ ‫‪1/316‬‬

‫‪ -‬أنّ الئمة يعلمون متى يموتون ‪ ،‬وأنهم ل يموتون إل باختيار منهم ‪ -‬أصول الكافي (‬ ‫‪5‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪1/313‬‬

‫حيدر ‪ :‬معاذ ال ‪ ،‬فماذا بقي للخالق سبحانه من صفات ووحدانية !‬


‫خالد ‪ :‬ويا ليت المر كان في الكتب الماضية ‪ ،‬ولكن العهد بالغلو تجدد في كتب المعاصرين‬
‫) وذلك ح ين ق يل ‪ « :‬فإن للئ مة مقاما‬ ‫‪52‬‬ ‫م ثل كتاب ( الحكو مة ال سلمية للخمي ني ص‬
‫محمودا ‪ ،‬ودرجـة سـامية ‪ ،‬وخلفـة تكوينيـة ‪ ،‬تخضـع لوليتهـا وسـيطرتها جميـع ذرات هذا‬
‫الكون ‪ ،‬وإن من ضروريات مذهبنا أنّ لئمتنا مقاما ل يبلغه ملك مقرب ول نبي مرسل » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعل المؤلف تراجع عن هذا القول قبل وفاته ‪ ،‬أو بدله في موضع آخر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا ل يت ما تتم نى وا قع ‪ ،‬وإل فماذا سنفعل في مقول ته ال تي ذكرت في كتاب « زبدة‬
‫» ‪ « :‬اعلم أي ها ال حبيب ‪ ،‬أنّ أ هل بيـت الع صمة علي هم ال سلم ‪،‬‬ ‫‪232‬‬ ‫الربع ين حدي ثا ص‬
‫يشاركون النبي صلى اللّه عليه وسلم في مقامه الروحاني الغيبي قبل خلق العالم ‪ ،‬وأنوارهم‬
‫كا نت ت سبح وتقدس م نذ ذلك الح ين ‪ ،‬وهذا يفوق قدرة ا ستيعاب الن سان ح تى من الناح ية‬
‫العلمية » ؟ !‬
‫[‪]44‬‬
‫) ‪ « :‬إننا بكل اعتزاز‬ ‫‪103‬‬ ‫والمر العجيب الخر حين تقرأ قول المؤلف في كشف السرار (‬
‫وثقـة نقول إنـه ل يوجـد فـي الشعوب ال سلمية مـن يقدس ال ‪ ،‬وينزهـه مثـل الشيعـة ‪ ،‬أو‬
‫يبرئه من أية نقيصة » ‪.‬‬
‫فك يف بال عل يك يكون التنز يه والعتزاز والم سلم الشي عي العا مي يقرأ م ثل تلك الروايات ‪،‬‬
‫وغيرها الكثير ‪ ،‬التي تنص على بعض كرامات أبي الحسن رضي ال عنه ؟‬
‫حيدر ‪ :‬تقصد مناقب المام علي رضي عليه السلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬بل أقصد التي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬أنّ ال أحيا أهل الكهف لعلي رضي ال عنه وأحيا له سام بن نوح ‪.‬‬
‫ن عليًا رضي ال عنه سلمت عليه الحيتان وجعله ال إمام النس والجن ‪.‬‬
‫‪-‬أّ‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أن ال تعالى ج عل الج نة والنار ب يد علي ر ضي ال ع نه وج عل ح صى م سجد الكو فة‬ ‫‪3‬‬

‫ياقوتا ‪.‬‬
‫ن عليًا رضي ال عنه بمنزلة { ُقلْ ُه َو َأحَدٌ } ‪.‬‬
‫‪-‬أّ‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬أن عليَا رضي ال عنه بإمكانه أن يُحي الموتى ليقروا له بالولية ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬أن نهر الفرات ضربه علي رضي ال عنه فتشهد وأقر بالولية لعلي ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫وهذه الروايات وغيرها كثيرة موجودة في كتاب زين الدين البياضي ( الصراط المستقيم ) ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أعوذ بال من الزلل ‪ ،‬هذا المر لم يقع لحب الخلق إلى ال سبحانه وهو المصطفى‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فكيف يتجرأ مسلم عاقل في نسبته لمن هو أقل من النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ول يقارن معه إطلقا ؟‬
‫[‪]45‬‬
‫خالد ‪ :‬نعم يا أخي الكريم ‪ ،‬وكنت أتمنى أن أحصل على رسالة أو كتاب يبين كاتبها إلى أي‬
‫شيـء كان النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم يدعـو أهـل مكـة ؟ وعـن أي شيـء كان ينهاهـم‬
‫ويحذرهم ؟‬
‫فهذه الفترة اسـتمرت قرابـة ثلث عشرة سنة مكث ها النـبي صـلى اللّه عل يه وسـلم في م كة‬
‫للدعوة والرشاد ‪.‬‬
‫الخ طأ يبدأ صغيرا ل يُأ به له ‪ ،‬ثم ينت شر أمره من ب عد الت ساهل و مع وجود علماء ال سوء‬
‫وجهلة المسلمين ‪ ،‬حتى نجده قد أصبح من أساسيات وضرورات السلم ‪ ،‬وهو ل يعدو كونه‬
‫ش َر كَ بِ هِ‬
‫شركا وغلوا في الد ين والعياذ بال ‪ ،‬وال يقول سبحانه ‪ { :‬إِنّ اللّ هَ ل يغ فر أَن ُي ْ‬
‫ويغ فر مَا دُو نَ ذَلِ كَ لِمَن َيشَاءُ } (الن ساء ‪ ، )48 :‬ف من ب عد ذلك ‪ ،‬هل يمكن نا أن نقتل عه من‬
‫قلوب الجهلة ؟ ول حول ول قوة إل بال ‪.‬‬
‫[‪]46‬‬
‫الصحابة رضي ال عنهم‬
‫خالد ‪ :‬الحديث في الغلو في محبة الل يقودنا إلى الكلم عن الصحابة وعدالتهم وحفظهم في‬
‫تبليغ الشرع الحنيف ‪ ،‬وأيضا في كيفية التأدب معهم وتوقيرهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬من ال ُم سَلَم به أنه ليس كل من عاش مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في المدينة أو‬
‫م كة ‪ ،‬نطلق عل يه أ نه صحابي ‪ ،‬عدلٌ مقبول الروا ية ‪ ،‬ويُأ خذ قوله في الحكام الشرع ية ‪،‬‬
‫ذلك لن مجت مع المدي نة ك ما أ خبر ال سبحانه ممتلئ بالمنافق ين ‪ ،‬والحاقد ين على الد ين ‪،‬‬
‫وكان التقا تل على الدن يا من دأب فئة من الذ ين كانوا حول ال نبي عليه السلم ‪ ،‬لذا فكلمة «‬
‫الصحابي » لفظ ل نطلقه على مَن فيه مثل هذه الصفات ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما عن المنافقين ‪ ،‬فحالهم معروف ويمكن إن يُستدل عليهم ‪ ،‬من تخلفهم عن صلة‬
‫الجما عة ‪ ،‬وعدم حر صهم على الخروج إلى الجهاد في سبيل ال ‪ ،‬وال نبي صلى اللّه عل يه‬
‫وسـلم كان يعلم أسـماءهم ‪ ،‬ولكـن المفسـدة المترتبـة عـن كشـف أسـمائهم كانـت أعظـم مـن‬
‫الم صلحة المفضية إلى التصريح عنهم ‪ ،‬بل إنّ حالهم وأفعالهم الظاهرة دالة على باطنهم ‪،‬‬
‫وال صحابة ‪ -‬رضوان ال علي هم ‪ -‬كانوا على ات صال وث يق ومعر فة تا مة ببعض هم ‪ ،‬بح كم‬
‫معايشتهم لبعضهم البعض ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أتريـد أن تفرق بيـن أهـل النفاق والصـحابة وتقول أن الصـحابة كلهـم عدول ل‬
‫يخطئون ‪ ،‬ويعُتمد عليهم في تبليغ الحكام الشرعية ؟‬
‫خالد ‪ :‬لنفرق بين العدالة والحفظ ‪ ،‬والعلم واليمان ‪ ،‬فهذه أمور متفرقة تجتمع في‬
‫[‪]47‬‬
‫قلب أحد هم وتتفاوت ع ند ال خر ‪ ،‬أ ما قول نا بأنّ ال صحابة جميع هم عدول ‪ ،‬بمع نى أن هم ل‬
‫يكذبون ‪ ،‬فهذا ممـا ل شك فيـه ‪ ،‬والدليـل على ذلك قوله تعالى ‪ { :‬وَالسـّابِقُونَ الَولُونَـ مِنَـ‬
‫ي اللّ هُ عَ ْنهُ ْم وَرَضُوا عَ ْن هُ وََأعَ ّد َلهُ مْ جَنّا تٍ‬
‫ض َ‬
‫ن وَالَن صَا ِر وَالَذِي نَ اتّبَعُوهُم بِإحْ سَانٍ ر ِ‬
‫جرِي َ‬
‫ا ْل ُمهَا ِ‬
‫جرِي َتحْ َتهَا الَ ْنهَا ُر خَالِدِي نَ فِيهَا أَبَدًا ذَِل كَ الْ َف ْوزُ } (التوبة ‪ ، )100 :‬ورضوان ال سبحانه ل‬
‫َت ْ‬
‫ينزل على الكذابين ‪ ،‬والدين كما هو معلوم مبني على صدق التباع ظاهرا وباطنا ‪.‬‬
‫أ ما الح فظ ‪ ،‬ف هم يتفاوتون في ذلك ‪ ،‬للطبي عة البشر ية ‪ ، ،‬وللفروق الفرد ية ب ين كل وا حد‬
‫منهـم ‪ ،‬وهذا ممـا ل جدال فيـه ‪ ،‬وكذلك العلم ‪ ،‬فنجـد أن الخلفاء الربعـة ‪ ،‬يُعدون مـن أعلم‬
‫الصحابة ‪ ،‬وكذلك زيد بن ثابت وأُبي بن كعب ومعاذ بن جبل رضي ال عنهم ‪ ،‬وغيرهم كثير‬
‫‪ ،‬وهذا من فضل ال عليهم أولً ‪ ،‬ثم لقدرة المرء الطبيعية في تلقي وتحصيل العلوم ‪.‬‬
‫وأمـا اليمان ‪ ،‬فمعلوم أنـه يزيـد وينقـص ‪ ،‬وال سـبحانه وتعالى قـد مدح الصـحابة بقوله ‪:‬‬
‫حقّا‬
‫ك ا ْل ُم ْؤمِنُو نَ َ‬
‫سبِيلِ اللّه وَالذِي نَ آوَوْا وّنَ صَرُوا ُأوْلَ ِئ َ‬
‫ن آمَنُوا َوهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي َ‬
‫{ وَالَذِي َ‬
‫ّلهُم م ْغ ِفرَ ٌة وَرِزْق َكرِيم } (النفال ‪. )74 :‬‬
‫حيدر ‪ :‬إن كان المـر كمـا تقول ‪ ،‬فكيـف يتقاتـل المسـلمون بعـد وفاة النـبي صـلى اللّه عليـه‬
‫وسلم ‪ ،‬ويقوم أناس ضد خليفة المسلمين علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ليغتصبوا‬
‫المارة منه ؟‬
‫خالد ‪ :‬بداية لنعلم أن الخطأ يقع من الصحابة ‪ -‬رضي ال عنهم ‪ -‬مثل ما حصل في غزوة‬
‫ن بِ َبعْ ضِ‬
‫ج ْمعَانِ إ ّنمَا اسْ َتزَّل ُه ُم الشّ ْيطَا ُ‬
‫أحد كما قال تعالى ‪ { :‬إنّ الّذِينَ َتوَ َلوْا مِنكُمْ َيوْ َم الْتَقَى ا ْل َ‬
‫) ‪ ،‬وال صحابة ير يد‬ ‫‪155‬‬ ‫غفُورٌ حَلِي مٌ } (آل عمران ‪:‬‬
‫مَا كَ سَبُوا وَ َلقَدْ عَفَا اللّ هُ عَ ْنهُ مْ إن الَ َ‬
‫البعض من الكتّاب المعاصرين أن يجعلوهم‬
‫[‪]48‬‬
‫أنا سا مثالي ين ‪ ،‬ل يبدر من هم الخ طأ إطلقا ‪ ،‬ولكن هم في الحقي قة ب شر يجتهدون وي صيبون‬
‫ويخطئون ‪ ،‬وال يغ فر ل هم زلت هم ويق بل توبت هم ‪ ،‬و ما و قع بين هم ‪ ،‬إن ما كان باجتهاد من‬
‫البعض ‪ ،‬أخطأوا فيما ذهبوا إليه ‪ ،‬وال سبحانه غفور رحيم ‪.‬‬
‫واما اغتصاب الخلفة من أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬فهذه مقولة لم يقلها أحد‬
‫من العلماء المع تبرين ‪ ،‬إن ما كان خلف هم ل مر آ خر ‪ ،‬و هو إمكان ية إنفاذ الح كم والق صاص‬
‫مباشرة في قتلة عثمان رضي ال عنه أو تأخيره ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم أ خبر بك فر الفئة ال تي تق تل عمار بن يا سر ر ضي ال‬
‫عنه ‪ ،‬وقد كان هو في صف علي عليه السلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم لم ي قل بك فر الفئة ال تي تق تل عمارا إن ما قال ‪ « :‬تقتله‬
‫الفئة الباغ ية » ‪ ،‬ولنر جع إلى مع نى كل مة الباغ ية في الل غة العرب ية وال تي تع ني الظال مة أو‬
‫المتجاوزة الحـد ‪ ،‬فأيـن الكفـر فـي المسـألة ؟ وينبغـي علينـا دائما أن نفهـم المعنـى اللغوي‬
‫المستخدم في القرآن أو الحديث لنفهم المعنى المقصود ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬كل من خرج على أمير المؤمنين فقد ظلم نفسه ‪ ،‬وأخطأ خطأ فادحا ‪ ،‬وينبغي علينا‬
‫أن نبين للناس سوء ما فعل ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬كأ نك تر يد التشه ير بالخارج ين ضد أم ير المؤمن ين علي ر ضي ال ع نه ‪ ،‬و من خلل‬
‫الطلع على ك تب التار يخ لم أقرأ أن عليًا شهّر بحال هم وتكلم علي هم ‪ ،‬أفل ي سعنا ما و سع‬
‫أم ير المؤمن ين ‪ ،‬من أ نه لم يكفر هم ولم يأ مر بلعن هم ‪ ،‬فنقتدي بفعله ‪ ،‬ونكِل أمر هم إلى ال‬
‫سبحانه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ذكر العلمة السيد مرتضى العسكري ‪ ،‬في كتاب « خمسون ومائة صحابي مختلق »‬
‫أن هناك أسماء دُست بين الصحابة ‪ ،‬ومن أمثلة ذلك عبد ال بن سبأ ‪.‬‬
‫[‪]49‬‬
‫خالد ‪ :‬لل سف ‪ ،‬ل زلت أسـمع النكار على وجود مثـل هذه الشخصـية مع أنهـا مذكورة في‬
‫) وفرق الشي عة‬ ‫‪108‬‬ ‫ك تب الشي عة ‪ ،‬وخا صة ك تب الرجال والفرق م ثل رجال الك شي ( ص‬
‫) ‪ ،‬وحوارنا تحديدا إنما‬ ‫‪22‬‬ ‫) ‪ ،‬وكذلك القمي في المقالت والفرق ( ص‬ ‫‪22‬‬ ‫للنوبختي ( ص‬
‫هو عن صحابة يعرفهم القاصي والداني ‪ ،‬وروايات أحاديثهم منتشرة ومستفيضة ‪ ،‬فإن كان‬
‫هناك مثـل مـا تزعـم ‪ ،‬عدد مـن الصـحابة مختلقـة أسـماؤهم ‪ ،‬فماذا نصـنع بروايات آلف‬
‫غير هم ‪ ،‬في المدي نة وم كة و ما جاوره ما ؟ و قد جاءت الك تب الموض حة ل سماء ال صحابة‬
‫و سيرتهم ‪ ،‬م ثل كتاب أُ سْد الغا بة وكتاب ال ستيعاب وال صابة في تمي يز ال صحابة ‪ ،‬وك تب‬
‫الحديث جمعت مرويات الصحابة ‪ ،‬والمنصف َمنْ يجمع الموضوع من جميع جوانبه ثم يحكم‬
‫بعد ذلك ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أعود إلى سؤال طرحته آنفا ‪ ،‬كيف نفرق بين المؤمنين والمنافقين من الصحابة ؟‬
‫خالد ‪ :‬لنصـحح السـؤال « المنافقيـن والمؤمنيـن فـي زمـن النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم »‬
‫فالصحبة شرف ل ينالها إل المؤمنون ‪ ،‬ويمكن أن نعرفهم من المور التية ‪:‬‬
‫‪ -‬سيرتهم في حياة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبعد وفاته ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حبهم لهل اليمان مثل حب علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬وحب النصار كما قال صلى اللّه‬ ‫‪2‬‬

‫عليه وسلم ‪ « :‬النصار ل يحبهم إل مؤمن ول يبغضهم إل منافق » ‪.‬‬


‫‪ -‬حب من أحبه النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬كأبي بكر وعائشة وفاطمة رضي ال عنهم‬ ‫‪3‬‬

‫وغيرهم كثير ‪.‬‬


‫‪ -‬حب آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم جميعهم ‪ ،‬ول يفرق بين أحد منهم مات على‬ ‫‪4‬‬

‫اليمان ‪.‬‬
‫وسبب التركيز على جانب الحب فقط ‪ ،‬راجع إلى أن ديننا مبني على الحب والبغض في ال ‪.‬‬
‫[‪]50‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا الكلم جميـل ول غبارعليـه ‪ ،‬ولكـن أمـا ينبغـي علينـا أن نذكـر كـل صـحابي بمـا‬
‫يستحقه ؟‬
‫خالد ‪ :‬أ نا وأ نت نعلم يقينا أن ال تعالى إن ما أمر نا بطاع ته ‪ ،‬وطا عة نبيه صلى اللّه عل يه‬
‫و سلم ‪ ،‬ولم يأمر نا أو يتعبد نا بذ كر النقائص في فلن وفلن وو ضع منا سبات لهذا الف عل ‪،‬‬
‫ن َبعْ ِدهِ مْ يَقُولُو نَ رَبّنَا‬
‫ن جَاءُوا ِم ْ‬
‫وأ ما عن أخطاء ال صحابة ف قد أمر نا ال بال تي ‪ { :‬وَالذِي َ‬
‫ِينـ آمَنُوا رَبّنَا إِنّكَـ‬
‫غلّ لَلّذ َ‬
‫ج َعلْ فِي قُلُوبِنَا ِ‬
‫َانـ وَل َت ْ‬
‫سـبَقُونَا بِاليم ِ‬
‫ِينـ َ‬
‫خوَانِنَا الَذ َ‬
‫غ ِف ْر لَنَا َو ِل ْ‬
‫اْ‬
‫َرءُوف ّرحِ يم } (الحشر ‪ ، )10 :‬فهذا ما أُمر نا بفعله تجاه ال صحابة ‪ ،‬ول يس النقيصة وتجدد‬
‫السباب واللعن على أناس قد أفضوا إلى خالقهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬كأنك تُلمّح إلى ما يفعله الدهماء من عوام الشيعة من أقوال شاذة ل تعبّر بالضرورة‬
‫عن معتقد المذهب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬العوام ل ينقادون بأنف سهم ‪ ،‬ولكن هم يتبعون وي سمعون العلماء ‪ ،‬ف سبابهم لم يأ تِ من‬
‫فراغ ‪ ،‬بل جاء من قبل روايات تأمر بالسب واللعن ‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫) أن‬ ‫‪63‬‬ ‫ص‬ ‫‪1‬‬ ‫* علمة الشيعة نعمة ال الجزائري يزعم في كتابه النوار النعمانية ( ج ا‪/‬ب‬
‫عمر ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬مصاب بداء في دبره ل يهدأ إل بماء الرجال ‪.‬‬
‫* المف سر الق مي يف سر قوله تعالى ‪ { :‬فخانتاه ما } من سورة التحر يم أي ارتكاب عائ شة‬
‫وحفصة ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬الفاحشة ‪ ،‬والعياذ بال ‪.‬‬
‫) أن عمر كان خبيث الصل ‪،‬‬ ‫‪3/28‬‬ ‫* زين الدين البياضي يزعم في كتابه الصراط المستقيم (‬
‫وجدته زانية ‪.‬‬
‫[‪]51‬‬
‫) أيضا يزعم أن عثمان جامع امرأة زانية‬ ‫‪3/30‬‬ ‫وزين الدين البياضي في الصراط المستقيم (‬
‫قبل أن يرجمها ‪ ،‬وأن عثمان كان مخنثا ‪.‬‬
‫) تكفيـر الصـديق والفاروق تحـت‬ ‫‪1/511‬‬ ‫) والصـافي (‬ ‫‪1/307‬‬ ‫‪ ،‬وجاء فـي تفسـيرالعياشي (‬
‫تف سير قوله تعالى ‪ { :‬إنّ الذِي نَ آمَنُوا ثُمّ كَ َفرُوا ثُمّ آمَنُوا ثُمّ َكفَرُوا ثُمّ ازْدَادُوا كُ ْفرًا لَ مْ َيكُ نٍ‬
‫الّلهُ لِ َيغْ ِف َر َل ُهمْ وَل لِ َيهْدِ َي ُهمْ سَبِيلً } ‪( .‬النساء ‪. )137 :‬‬
‫ع نِ الْ َفحْشَاءِ وَا ْلمُنكَرِ‬
‫" ت سمية أ بي ب كر بالفحشاء وع مر بالب غي في قوله تعالى ‪ { :‬وَينهَى َ‬
‫)‬ ‫‪2/381‬‬ ‫) والبرهان (‬ ‫‪2/289‬‬ ‫) ‪ ،‬وهذا مذكور فـي تفسـير العياشـي (‬ ‫‪95‬‬ ‫وَالْبَغ ْي } (النحـل ‪:‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪3/151‬‬ ‫والصافي (‬
‫) يزعم أن أشرف المكنة والوقات‬ ‫‪4/92‬‬ ‫* محمد نبي التوسيركاني في كتابه لئالي الخبار (‬
‫لل عن ال صحابة هو المبال ( أما كن قضاء الحا جة ) ح تى الخمي ني غ مز في مجت مع ال صحابة‬
‫رضوان ال عليهم وطعن بهم !‬
‫حيدر ‪ :‬هذا غير ممكن صدوره من المام الخميني قدس ال سره !‬
‫خالد ‪ :‬ينبغي أن تقرأ وصية الخميني حيث قال ‪ « :‬إنني أدعى بجرأة أن الوضع الذي يتميز‬
‫به الشعب اليراني وجماهيره المليونية ‪ ،‬في العصر الحاضر أفضل من أهل الحجاز في عهد‬
‫النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫وغيرهـا الكثيـر مـن الروايات التـي يتألم المسـلم المحـب للنـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم مـن‬
‫وجودها ‪ ،‬على زمرة صاحبها النبي صلى اللّه عليه وسلم طوال حياته الطيبة ولم يُعْلَ مْ عنها‬
‫إل كل خير يحبه ال ‪ -‬تعالى ‪. -‬‬
‫[‪]52‬‬
‫وإذا كان أم ير المؤمن ين ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪ -‬يكره أن يكون الناس سبّابين ‪ ،‬فلم نجدد الع هد‬
‫بالحقاد في كل سنة ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬تغي ير عادات الناس من أع سر المور وأ صعبها ‪ ،‬ف من تطبّع على ش يء ‪ ،‬نجده قد‬
‫أصبح طابعا وملصقا لصاحبه ‪ ،‬فل يستطيع تغييره أو البتعاد عنه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وا جب العلماء أن تكون مجال سهم ‪ ،‬مجالس علم وترب ية وتزك ية للنفوس ‪ ،‬ل مجالس‬
‫زرع للحقاد ‪ ،‬وبـث مـا يفرق ويهدم الوحدة الوطنيـة فـي صـفوف المجتمـع الواحـد ‪ ،‬وبيـن‬
‫أفراده ‪ ،‬ولنتذكـر كيـف أن الصـحابة ومـن جاء مـن بعدهـم ‪ ،‬ممـن سـار على الحـق ‪ ،‬يحـب‬
‫بعض هم بعضا ح تى ت سموا بأ سماء مشاه ير ال صحابة وتداخلوا بين هم كال سرة الواحدة و من‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬أبوبكر وعثمان وعمر أبناء علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي ال عنه ‪. -‬‬
‫‪ -‬عمر وطلحة أبناء الحسن بن علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي ال عنهما ‪. -‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوجها هو عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي ال عنهم أجمعين‬ ‫‪3‬‬

‫‪.-‬‬
‫‪ -‬فاطمة بنت الحسين بن علي زوجها هو عبدال بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي ال‬ ‫‪4‬‬

‫عنه ‪ ،‬وسكينة بنت الحسين زوجها هو مصعب بن الزبير ‪.‬‬


‫‪ -‬عمر بن علي زين العابدين ‪ -‬رحمهم ال ‪. -‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬عائشة بنت علي الرضا ‪ -‬رحمهم ال ‪. -‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬عائشة بنت جعفر الصادق ‪ -‬رحمهم ال ‪. -‬‬ ‫‪7‬‬


‫[‪]53‬‬
‫‪ -‬عائشة بنت علي الهادي ‪ -‬رحمهم ال ‪. -‬‬ ‫‪8‬‬

‫فلم ل نقتدي بهم ‪ ،‬ونحفظ ألسنتنا من السوء ‪ ،‬لن هذا سبب متين لترابط القلوب والمجتمع‬
‫بإذن ال تعالى ‪ ،‬واختلف الرأي ل يفسد للود والحب بين القلوب من مكان أبدا ‪.‬‬
‫[‪]54‬‬
‫أبو هريرة‬
‫حيدر ‪ :‬أردت في المب حث ال سابق أن تبيّن عدالة ال صاحبة جميع هم ‪ ،‬وأن هم ل يكذبون في‬
‫أخبارهم ‪ ...‬إذا ما قولك فيمن روى أحاديث تفوق قدرة البشر ؟‬
‫خالد ‪ :‬كأنك تريد أن نتكلم عن رواية بعض الصحابة لحاديث النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لنتناقش حول بعض المحدثين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما ترى أنه يجدر بنا إذا أن نتكلم حول أشهر المحدثين في زمن الصحابة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ومن تقصد بهذا ؟‬
‫خالد ‪ :‬أق صد عبدالرح من بن صخر الدو سي ‪ ،‬ذاك ال صحابي الذي نذر نف سه لروا ية حد يث‬
‫النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ولم يحرص إل على العلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذه أول مرة أسمع بهذا الصحابي ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ل ع تب عل يك ‪ ،‬فهذا ال صحابي اشت هر بكني ته ولق به أك ثر من ا سمه ‪ ،‬وأع ني به أ با‬
‫هريرة رضي ال عنه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬نعم تذكرته الن ‪ ،‬فهو قد تكلم حوله العلمة حسين شرف الدين الموسوي في كتابه‬
‫القيّم « أبوهريرة » وي ين ض عف روايات هذا الر جل ‪ ،‬بل إنّ هذا الر جل أُ ثر عل يه الجنون ‪،‬‬
‫مما أثرعلى رواياته للحديث ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬قبل أن أعلق على نقلك هذا ‪ ،‬هل قرأت من كتب السنة شيئا من سيرة هذا الصحابي‬
‫الجليل ؟‬
‫حيدر ‪ :‬للحق والمانة أقول ل ‪ ،‬بل سمعت الكثير من رجال الدين عندما كانوا يخوضون في‬
‫هذا الصحابي ‪ ،‬ويذكرون أن جميع أحاديثه ل تصح ‪.‬‬
‫[‪]55‬‬
‫خالد ‪ :‬لنناقش المر بروية وهدوء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬نعم ما تقول ‪ ،‬فمتى أسلم هذا الرجل ؟‬
‫خالد ‪ :‬المشهور عن أ بي هريرة ‪ -‬رضي ال ع نه ‪ -‬أ نه أ سلم سنة سبع من الهجرة ‪ ،‬ب ين‬
‫الحديبية وخيبر ‪ ،‬وكان عمره حينذاك نحو ثلئين سنة ‪ ،‬ثم قدم المدينة مع النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم حين رجوعه من خيبر ‪ ،‬وسكن « الصفّة » ولزم الرسول صلى اللّه عليه وسلم‬
‫ملزمة تامة ‪ ،‬يدور معه حيثما دار ‪ ،‬ويأكل عنده في أغلب الحيان إلى أن توفي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن المر المستغرب ‪ ،‬هو قوة حافظته وذاكرته عن بقية الصحابة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا من بر كة دعاء ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬ل ما أن ش كا إلى ال نبي صلى اللّه‬
‫عليه و سلم من سوء حفظه فقال له ‪ :‬اف تح ك ساءك ‪ ،‬فبسطه ثم قال له ‪ :‬ضمه إلي صدرك‬
‫فضمه ‪ ،‬فما نسي حديثا قط بعده أبدا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذه الرواية غريبة في سردها ‪ ،‬هل تحققت منها يا أخ خالد !‬
‫خالد ‪ :‬هذه الروايـة رواهـا البخاري وغيره ‪ ،‬فهـي صـحيحة ول الحمـد ‪ ،‬وهـي ليسـت عنـد‬
‫علماء ال سّنة وكتب هم ف قط ‪ ،‬ولكن ها أيضا موجودة في ك تب الشي عة ‪ ،‬ف قد جاء في الخرائج (‬
‫) في باب معجزاته صلى اللّه عليه وسلم واستجابة‬ ‫‪18/913‬‬ ‫) وفي كتاب بحار النوار (‬ ‫‪1/75‬‬

‫دعائه ‪ :‬أن أبا هريرة قال لرسول ال صلى اللّه عليه وسلم ‪ :‬إني أسمع منك الحديث الكثير‬
‫أنساه ‪ .‬قال ‪ :‬ابسط رداك كله ‪ ،‬وقال ‪ :‬فبسطته ‪ ،‬فوضع يده فيه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬ضمه ‪ .‬فضممته‬
‫‪ ،‬فما نسيت حديثا بعده » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن أبا هريرة يميزه أنه في وقت قصير روى الحاديث الكثيرة التي ل تتناسب مع‬
‫زمن إسلمه !‬
‫[‪]56‬‬
‫خالد ‪ :‬ابتدا ًء أ سألك يا أخ حيدر ‪ ،‬كم عدد الحاد يث ال تي روا ها أ بو هريرة عن ال نبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬اللف الكثيرة من الحاديث ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنكن دقيق ين في المر ‪ ،‬فأصحاب الك تب الستة ‪ ،‬والمام مالك في موطئه رووا ل بي‬
‫) أي قرا به الل في حد يث م ما اتفقوا عل يه ‪ ،‬وله في‬ ‫‪2218‬‬ ‫هريرة ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪( -‬‬
‫) ستمائة وتسعة أحاد يث ‪ ،‬اتفق البخاري‬ ‫‪609‬‬ ‫الصحيحين ‪ ،‬البخاري ومسلم رحمه ما ال (‬
‫) ثلثمائة وسـتة وعشريـن حديثا منهـا ‪ ،‬فأيـن اللف المؤلفـة فـي‬ ‫‪326‬‬ ‫ومسـلم على (‬
‫الرواية ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هذا ما سمعته من الكثير من الئمة ورجال الدين حول رواية هذا الرجل ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أغلب الصحابة والعلماء أثنوا على أبي هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬وعلى علمه كقول‬
‫أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬أبو هريرة‬
‫وعاء من العلم » ‪.‬‬
‫وكقول الشاف عي ‪ -‬رح مه ال ‪ « : -‬أ بو هريرة ر ضي ال ع نه أح فظ من روى الحد يث في‬
‫دهره » ‪.‬‬
‫وقال البخاري ‪ -‬رحمه ال تعالى ‪ « : -‬روى عنه نحو ثمانمائة من أهل العلم ‪ ،‬وكان أحفظ‬
‫من روى الحديث في عصره » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكـن الذي ينتقـد بـه أبوهريرة أنـه ليـس هناك رجـل روى هذا الكـم الهائل مـن‬
‫الحاديث لوحده ‪ ،‬بل إن طاقة النسان الذهنية ل تتحمل مثل هذا الشيء الخارق ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أولً ‪ :‬هذا القدر من التذكر وعدم النسيان حاصل ومتحقق لبركة دعاء النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم لبي هريرة رضي ال عنه ‪.‬‬
‫[‪]57‬‬
‫ثانيا ‪ :‬رجل نذر نفسه لطلب العلم وسماع أحاديث النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬أل يستطيع‬
‫أن يلم من بعد ذلك بروايات أكثر من غيره ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬كان له طلبة علم كثيرون يتلقون عنه هذه الحاديث ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬الحاديث المروية عن أبي هريرة فيها القولية والفعلية والتقريرية ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬منها ما رواه عن غيره من الصحابة رضوان ال عليهم عن النبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬من الحاديث المذكورة عن أبي هريرة رضي ال عنه أحاديث ل تصح في السند ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬تفرغ رضي ال عنه للعلم فقط ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬تقول طا قة الن سان ل تتح مل ول ت ستطيع ‪ ،‬هل بض عة آلف من الحاد يث تبلغ على‬
‫أكثر حد خمسة آلف ‪ ،‬ويسمعها النسان خلل أربع سنوات ‪ ،‬أمرها معجز أم ذاك الذي سمع‬
‫أكثر مما تلقاه أبو هريرة طوال عمره ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لعلك تعني أحد المعصومين من الئمة !‬
‫خالد ‪ :‬ل ‪ ،‬بـل هـم رجال حالهـم كحال بقيـة الرجال ‪ ،‬بـل ل يبلغون مـن فضـل أبـي هريرة ‪-‬‬
‫ر ضي ال عن هم ‪ -‬شيئا ‪ ،‬و من هؤلء ( أبان بن تغلب ) قال ف يه ال صادق ‪ « :‬إن أبان بن‬
‫تغلب روى عني ثلثين ألف حديث ‪ ،‬فاروها عني » ‪.‬‬
‫) « أن محمدا سأل‬ ‫‪163‬‬ ‫وهذا مح مد بن م سلم بن رباح ‪ ،‬ذ كر النجاشي في كتابه الرجال (‬
‫الباقر عن ثلثين ألف حديث ‪ ،‬وسأل الصادق عن ستة عشر ألف حديث » ‪.‬‬
‫وهذا جابر بن يزيد الجعفي ‪ ،‬من المكثرين في الرواية عن آل البيت ‪ ،‬فنقل‬
‫[‪]58‬‬
‫) هذه الرواية وهي ‪ « :‬رويت خمسين ألف حديث ما سمعه‬ ‫‪194‬‬ ‫عنه الكشي في ترجمته (‬
‫أحد مني » ‪.‬‬
‫) عن جابر ‪ « :‬أنه روى سبعين ألف حديث‬ ‫‪20/151‬‬ ‫وقال الحر العاملي في خاتمة الوسائل (‬
‫عن الباقر ‪ ،‬وروى مائة وأربعين ألف حديث » ‪.‬‬
‫فهل أبوهريرة رضي ال عنه بلغ في عدد أحاديثه ما بلغه هذا الرجل ؟‬
‫وللعلم فإن عبدالحسـين هذا له كتاب باسـم « المراجعات » ذكـر أمثال هؤلء المفرطيـن فـي‬
‫روايـة الخبار الشيعيـة ودافـع عنهـم ‪ ،‬فلم لم يلتمـس ولو بشيـء مـن النصـاف العذر لبـي‬
‫هريرة رضي ال عنه علىَ كثرة روايته للحديث ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن رواة الشيعة رحمهم ال تشهد لهم الكتب الحديثية بحسن السيرة والعدالة وقوة‬
‫الحفظ ‪ ،‬فلم النكار عليهم يا أخ خالد !‬
‫خالد ‪ :‬أمـا الحفـظ فهذا ل يحتاج إلى مناقشـة ‪ ،‬وذلك لتناقـض الروايات الشيعيـة فـي الكتـب‬
‫الصلية ‪ ،‬أما العدالة وحسن السيرة ‪ ،‬فلو تجشمت العناء شيئا قليلً ‪ ،‬وتصفحت بعض كتب‬
‫الشيعة مثل رجال الكشي وغيره ‪ ،‬لعلمت كيف كانت سيرة بعض رواة الشيعة المكثرين في‬
‫الرواية ومن ذلك ‪:‬‬
‫) عن الفرات بن أحنف قال ‪ :‬العقيلي كان‬ ‫‪95‬‬ ‫‪ -‬عوف العقيلي ‪ ،‬روى الكشي في رجاله (‬
‫من أصحاب أمير المؤمنين ‪ ،‬وكان خمارا ‪ ،‬ولكنه يؤدي الحديث كما سمع !!‬
‫)‬ ‫‪76‬‬ ‫‪ -‬أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار كان خمارا ‪ ،‬مثل ما جاء في كتاب رجال الكشي (‬
‫)‪.‬‬ ‫‪1/191‬‬ ‫وتنقيح المقال للمامقاني (‬
‫‪ -‬علي بن حمزة البطائني ‪ ،‬كان يسرق أموال المعصوم وخمس الشيعة ‪،‬‬
‫[‪]59‬‬
‫‪1/418‬‬ ‫وقالوا عنه أنه من الواقفة الملعونين الكذابين ‪ ،‬راجع كتاب « الواقفية دراسة تحليلية‬
‫»‪.‬‬
‫وغيرهـم كثيـر ‪ ،‬فل يشترط مبدأ العدالة وحسـن السـيرة عنـد الشيعـة ‪ ،‬ولكـن يشفـع لرواة‬
‫الشيعة كثرة رواياتهم وقبولها مناصرتهم لل البيت رحمهم ال ‪ ،‬ولو كانت من أفواه الفساق‬
‫!‬
‫حيدر ‪ :‬مع كل ما ذكر ته يا أخ خالد من روايات ‪ ،‬ول كن روا ية أ بي هريرة قد نبذ ها رجال‬
‫العلم الشيعة دللة منهم على عدم الرضا بها ‪ ،‬لذا لن تجد أي مؤلف شيعي في الحديث ذكر‬
‫شيئا من رواية هذا الرجل ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذه من الملحظات الوجيهة يا أخ حيدر ‪ ،‬ولعلي أختم بها هذا النقاش الممتع ‪.‬‬
‫الشيعة الولون كانوا يعملون بأحاديث أبوهريرة رضي ال عنه وكذلك أقواله وفتاويه ‪ ،‬ومن‬
‫ذلك الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي في كتابه مستدرك الوسائل ذكر جملة من أحاديث‬
‫) بـل الشيـخ المفيـد روى جملة من‬ ‫‪14/28‬‬ ‫أ بي هريرة ر ضي ال عنـه في كتاب الجارة (‬
‫‪317‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪111‬‬ ‫الروايات في كتاب المالي ‪ ،‬وهي من أبي هريرة مثل ما جاء في صفحة (‬
‫)‪.‬‬
‫) ‪ .‬وكذلك‬ ‫‪90‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪80‬‬ ‫والشيخ الصدوق روى كذلك في كتاب « معاني الخبار » في صفحة (‬
‫) و في كتاب الخ صال وثواب العمال ‪ .‬أيضا ‪،‬‬ ‫‪136‬‬ ‫في كتاب إكمال الد ين في صفحة (‬
‫وغيرهـا كثيـر جدا ‪ ،‬فلم الدعاء قبـل النظـر والطلع ‪ ،‬ودائما أقول وأكرر يـا أخ حيدر إن‬
‫مشكلة الشباب الشيعي الحريص على الخير عدم اطلعه على أمهات الكتب الشيعية‬
‫[‪]60‬‬
‫الصلية ‪ ،‬وعدم استفساره وتأكده من الدلة التي يسوقها الكثير من القصاصين الذين اعتلوا‬
‫منبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا المر ليس كما يدعيه بعض رجال الدين حول أبي هريرة !‬
‫خالد ‪ :‬ن عم يا أخ حيدر ‪ ،‬فهذا الر جل المبارك ر ضي ال ع نه أج مع على قبول رواي ته علماء‬
‫السنة وكذلك القدمون من رجال الدين الشيعة ‪ ،‬ولن تجد أحدا يبغضه أو يرد روايته إل ذلك‬
‫الجاهل الذي لم يشرح ال صدره لحب العلم الشرعي الصحيح ‪.‬‬
‫ولو أ نك سألت كل من يش تم أو ينت قص من قدر أ بي هريرة ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪ -‬لماذا هذا‬
‫الحط من قدر هذا الصحابي الكريم ؟‬
‫وماذا قرأت عن سيرته ‪ ،‬وما الخطأ الذي اقترفه هذا النسان في حق السلم ؟‬
‫ل ما وجدت جوابا شافيا ‪ ،‬ول كن كل هذا التحق ير نا بع من فئة من المتعالم ين الذ ين لم يقرأوا‬
‫ولم يطلعوا على كتب السُنة والشيعة ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن من انتقد أحاديث أبي هريرة إنما كان يريد الخير وبيان الهدي النبوى الصحيح‬
‫‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬من ينتقص أبا هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ل ينتقصه إل لسبب واحد ذلك أنه يريد أن‬
‫يطعن بال سّنة الصحيحة ‪ ،‬فلم يجد له من سبيل إل بالطعن بمن نقل الحاديث ‪ ،‬وكان أشهر‬
‫هؤلء النقلة أبو هريرة ‪ ،‬وهو أكثرهم رواية للحاديث ‪.‬‬
‫ولنعلم أن أبـا هريرة وأمثاله مـن الصـحابة رضوان ال عليهـم اختصـهم ال بعلمـه سـبحانه‬
‫لينقلوا سنة نبيّه صلى اللّه عليه وسلم والتي فيها ما يحبه ال من شرع وهدي نبوي ‪ ،‬فلذا‬
‫نحبهم لهذا المر ولغيره من المور ‪.‬‬
‫[‪]61‬‬
‫دعاء صنمي قريش‬
‫حيدر ‪ :‬بما أننا تحاورنا حول عدالة الصحابة ‪ ،‬واتهام بعض السنة لخوانهم الشيعة بأنهم ل‬
‫فلمـ نجـد البعـض مـن السـنة يفتري على‬
‫ينُزلون الصـحابة العدول منازلهـم اللئقـة بهـم ‪ِ ،‬‬
‫الشيعة ‪ ،‬فيزعم أنهم يدعون في صلتهم على الصحابة ؟‬
‫خالد ‪ :‬الصلة وما فيها من أدعية يجتهد فيها العبد لربه ‪ ،‬إنما هي سر بين العبد وربه ل‬
‫يعلمه أحد من الخلق ‪ ،‬ولكن ما تقوله إنما جاء لن هناك أدعية شنيعة قبيحة يحض عليها‬
‫فئة من العلماء ‪ ،‬وينشرونها في كتبهم !‬
‫حيدر ‪ :‬دعاء بهذا الوصف وموجود في كتب العلماء ‪ ،‬بال عليك وما هو ؟‬
‫خالد ‪ :‬يطلق على هذا الدعاء « دعاء صنمي قر يش » والمراد بال صنمين ه ما الخلي فة الول‬
‫الصديق وعمر الفاروق ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬وأيضا ابنتيهما عائشة وحفصة ‪ -‬رضي ال‬
‫عنهما ‪ -‬وهذا الدعاء جاء ذكره عند ‪:‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪552‬‬ ‫ا ‪ -‬إبراهيم بن علي العاملي المعروف بالكفعمي في كتاب المصباح (‬
‫)‪.‬‬ ‫‪85/337‬‬ ‫‪ -‬المل محمد باقر المجلسي في بحار النوار (‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪1/337‬‬ ‫‪ -‬القاضي السيد نور ال الحسيني التستري في إحقاق الحق (‬ ‫‪3‬‬

‫حيدر ‪ :‬مثل هذه الدعية والقوال يعُلم بداهة أنها مدسوسة في كتب العلماء ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬سبحان ال ! إذا أُلقي علينا الذي نكرهه ‪ ،‬قلنا إما أنه مدسوس أو ضعيف ‪ ،‬أو قاله‬
‫المام تقية ‪ ،‬و ِلمَ نسمع هذه العذار في وقت المناقشة فقط ‪ ،‬ول نقرأها‬
‫[‪]62‬‬
‫في كتب لرجال الدين الشيعة فنجد فيها دحضا وإبطالً لمثل هذه القوال والمؤلفات الشاذة ؟‬
‫بل ل قد جاء هذا الدعاء في كتاب ألف بالرد ية ( الهند يه ) للمؤلف منظور ح سين بعنوان «‬
‫تحفة العوام مقبول جديد » وذكر مؤلفه أنه مطابق لفتاوى تسعة من كبار المراجع ومنهم ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬السيد محسن الحكيم ‪.‬‬
‫‪ -‬السيد أبوالقاسم الخوئي ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬السيد روح ال الخميني ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬الحاج السيد محمود الحسيني الشاهرودي ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬الحاج سيد محمد كاظم شريعتمداري ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬السيد أبو الحسن الصفهاني ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫حيدر ‪ :‬ومن هو اللذي نص على أن المقصود بالصنمين أبو بكر وعمر !‬


‫خالد ‪ :‬نص على ذلك جمع من العلماء الشيعة منهم ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬أبوالسعادات أسعد بن عبدالقاهر على ما في المصباح للكفعمي هامش (‪. )552‬‬
‫‪ -‬مح مد مح سن الشه ير بأغابزرك الطهرا ني في كتاب الذري عة إلى ت صانيف الشي عة (‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪10/9‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪85/263‬‬ ‫‪ -‬المجلسي في بحار النوار (‬ ‫‪3‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪326‬‬ ‫‪ -‬محمد الكاشاني في قرة العيون (‬ ‫‪4‬‬

‫ولم يُعلم أن أحدا من هؤلء أنكر هذا الدعاء ‪ ،‬أو حتى انتقد وجوده‬
‫[‪]63‬‬
‫وكتاب ته ‪ ،‬بل إن آ ية ال العظ مى ال سيد شهاب الح سيني المرع شي في حاشي ته على إحقاق‬
‫هامش ) يقول ‪ « :‬ثم اعلم أن لصحابنا شروحا‬ ‫‪1/337‬‬ ‫الحق لنور ال الحسيني المرعشي (‬
‫على هذا الدعاء منهـا الشرح المذكور ( أي ‪ :‬كتاب شهاب المرعشـي ) ومنهـا كتاب ضياء‬
‫الخافق ين لب عض العلماء من تلم يذ الفا ضل القزوي ني صاحب ل سان الخواص ‪ ،‬ومن ها شرح‬
‫مشحون بالفوائد للمولى عيسى بن علي الردبيلي ‪ ،‬وكان من علماء زمان الصفوية ‪،‬‬
‫وكل ها مخطو طة ‪ ،‬وبالجملة صدور هذا الدعاء م ما يطمئن به لن قل العا ظم إياه في كتب هم‬
‫واعتمادهم عليه » ‪.‬‬
‫فمثل هذا الكم من الشروح ما هوإل دللة على أهمية هذا الدعاء في قلوب علماء الشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل بالمكان ذكر شيء من الدعاء ؟‬
‫خالد ‪ :‬الدعاء طو يل قرا بة الورقت ين وم ما جاء في هذا الدعاء الشن يع « الل هم ال عن صنمي‬
‫قر يش ‪ ،‬جبتي ها وطاغوتي ها وافكي ها وابنتيه ما ‪ ،‬اللذ ين خال فا أمرك ‪ ،‬وأنكرا وح يك وجحدا‬
‫إنعا مك وع صيا ر سولك وعاد يا أولياءك وحر فا كتا بك وعطل أحكا مك وأف سدا عبادك ‪ ،‬الل هم‬
‫العنهما وأنصارهما ‪. » ...‬‬
‫فهـل مثـل هذا يصـدر مـن مسـلم عاقـل يريـد أن يوحـد صـفوف المسـلمين ‪ ،‬ويؤلف بيـن‬
‫قلوبهم ؟ !‬
‫فل حول ول قوة إل بال العلي العظيم ‪.‬‬
‫[‪]64‬‬
‫الحتفالت السلمية‬
‫حيدر ‪ :‬ل زلت أعجب من إخوان نا السنة ‪ ،‬ومن نفور هم واستهجان البعض منهم ‪ ،‬على ما‬
‫يقوم به الشي عة من احتفالت دالة على تعظيم هم للل الب يت ‪ ،‬و من تخ صيص أيام تدل على‬
‫فضلهم وعلو شأنهم ‪ ،‬وتجدد العهد بهم ‪ ،‬ويستلهمون من بعدها العظات والعبر في سيرتهم‬
‫الزكية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إنزال الناس منازلهم أمر مطلوب شرعا ‪ ،‬بما ل يتعارض مع الشرع وينبغي علينا أن‬
‫نتذكر قوله تعالى ‪َ { :‬ومَا آتَاكُمُ الرسُولُ َفخُذُوهُ َومَا َنهَاكُمْ عَنْه فَان َتهُوا } (الحشر ‪ )7 :‬وقوله‬
‫ح سَنَة } (الحزاب ‪ ، )21 :‬والنبي ‪ -‬صلى اللّه‬
‫تعالى ‪َ { :‬لقَدْ كَا نَ َلكُ مْ فِي َر سُو ِل اللّ هِ أُ سْوَ ٌة َ‬
‫) سنة وهو يشرع ويأمر وينهى ‪ ،‬فلَم نعلم أنه خصص يوما‬ ‫‪23‬‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬عاش قرابة (‬
‫للحتفال ‪ ،‬بسبب حادثة معينه كغزوة بدر أو فتح مكة أو حتى لسلم حمزة أو العباس رضي‬
‫ال عن هم ‪ -‬أو لرب ما في حال ولدة الح سن أو الح سين ر ضي ال عنه ما بغ ية أ خذ ال عبرة‬
‫والعظة منها ‪ ،‬فضلً عن المناسبات الحزينة كمقتل حمزة وما حدث في غزوة أحد أو وفاة أم‬
‫المؤمنيـن خديجـة وغيرهـا كثيـر ‪ ،‬فهـل غاب عـن أذهانهـم هذا المـر وعلمناه نحـن مـن‬
‫بعدهم ؟ !‬
‫أو هل نحن أشد حرصا على الخير من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ومن كان معه !!‬
‫حيدر ‪ :‬ومـا قولك فـي بعـض أفعال الحـج كالصـلة عنـد مقام إبراهيـم والسـعي بيـن الصـفا‬
‫والمروة بسبب هاجر أم اسماعيل ‪ ،‬أو رجم الشيطان تأسيا بفعل الخليل إبراهيم !‬
‫خالد ‪ :‬مَن الذي أمر نا بف عل هذه العمال ؟ ‪ ،‬أل يس هو ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬ولو‬
‫سألت الكثير‬
‫[‪]65‬‬
‫من العامة لِمَ ترمي في الحج ؟ لجابك ‪ :‬لن النبي فعل هذا الشيء ‪ ،‬ولو سألته لم تسعى بين‬
‫الصفا والمروة ؟ لرد عليك وقال ‪ :‬أليس النبي صلى اللّه عليه وسلم فعل وأمر بهذا الفعل ‪.‬‬
‫عفوية الرد فيها دللة على الفطرة السليمة والتباع الشديد لمر حبيبنا محمد صلى اللّه عليه‬
‫وسـلم ‪ ،‬ووال لربمـا غاب عـن البعـض الحكمـة مـن العمـل ‪ ،‬والمسـلم يـا أخ حيدر مطالب‬
‫بالتباع دون إلزامه بمعرفة الحكمة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن العوام ما فعلوا مثل هذه الحتفالت إل من باب الحب للخير ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬سبحان ال ما استحسن جاهل عبادة مخصوصة ‪ ،‬بل دليل أو نص إل وتجد أن البدع‬
‫تترى على فعله ‪ ،‬ونجد في المقابل متعالما يزيد من نفسه بعض العبادات الباطلة مما يزين‬
‫للعوام أنها من الشرع ‪ ،‬ومثال ذلك عيد النيروز !‬
‫حيدر ‪ :‬عيد النيروز ! وما دخله بالدين وبحديثنا !‬
‫خالد ‪ :‬الذي أعل مه أن هذا الع يد متعلق بال سنة الفار سية ‪ ،‬ول شأن له بالشري عة ال سلمية‬
‫بتاتا ‪ ،‬إذا فما دليل ذلك العالم الذي أفتى باستحباب الغسل والصيام لهذا اليوم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لَم يفتِ أيّ عال ٍم معتبر بأي شيء لهذا اليوم الفارسي ‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪1/98‬‬ ‫خالد ‪ :‬إذا ماذا نفعـل لتلك الفتوى الموجودة فـي كتاب تحريـر الوسـيلة للخمينـي ( ج‬
‫) حيث جاء ‪ « :‬ومنها يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة ‪ -‬يعني مندوبات‬ ‫‪352‬‬

‫ال صيام ‪ -‬ومن ها يوم النيروز » ‪ ،‬وذ كر أيضا أن من الغ سال المندو بة غ سل يوم العيد ين‬
‫ومنهـا يوم النيروز ‪ ،‬ونحـن نعلم أن المندوب ( أي المسـتحب ) معناه أن لك الجـر إذا فعلت‬
‫وليس عليك إثم إذا لم تفعل ‪ ،‬فأين الدليل الشرعي لهذه الفتوى ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هـل تريـد أن تطلق على هذه العمال أنهـا بدعـة ‪ ،‬مـع أن الثـر كله مبنـي على أخـذ‬
‫العبرة والعظة ؟‬
‫[‪]66‬‬
‫خالد ‪ :‬البدعة تنشأ كما يلي ‪ ،‬بادعاء أخذ العبرة أو ًل في يوم مخصوص لمر ما ‪ ،‬ومن ثم‬
‫يوضـع دعاء مخصـوص بكيفيـة مخصـوصة ‪ ،‬ثـم نجـد المجلدات المؤلفـة لهذا الفعـل والكـل‬
‫والشرب وتعط يل م صالح وأعمال الم سلمين ‪ ،‬و هل لهذا الف عل من سند أو دل يل من الهدي‬
‫النبوي ‪ ،‬ل بل اللهم إل الهوى والبعد عن جادة الحق ‪.‬‬
‫ومع تكاثر البدع ‪ ،‬التي هي سبل الضلل ‪ ،‬سيكثر معها الفساد وارتكاب المخالفات ‪ ،‬وما كان‬
‫أصله فاسدا فل يُجنى منه إل الثمر الفاسد ‪.‬‬
‫[‪]67‬‬
‫عيد الغدير‬
‫خالد ‪ :‬وبعد أن عرجنا على الحوار حول حكم الحتفالت التي تقيمها الشيعة خلل أيام ال سّنة‬
‫‪ ،‬لنسلط الضوء حول أحدها ونسوقه كمثال حول حوارنا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل الح مد والم نة ‪ ،‬فالشي عة ل هم ال ستدلل ال صحيح والروا ية المعتمدة أمام كل ع مل‬
‫يفعلونه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنتحاور حول عيد الغدير ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذه من المنا سبات العزيزة على النفـس ‪ ،‬الحبيبـة إلى القلب ‪ ،‬لدى الشي عة جميعا ‪،‬‬
‫وهذه الحادثة ثابتة في كتب الحديث ‪ ،‬لدى السنة والشيعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أل ترى أن إعطاء هذا اليوم مسـمى العيـد نحتاج فيـه إلى دليـل شرعـي ‪ ،‬وإل لكثرت‬
‫علي نا المنا سبات ‪ ،‬مفر حة كا نت أو محز نة ‪ ،‬فالعا مي مع م ضى اليام قد يزول من ذه نه‬
‫المقصد من معنى كلمة عيد ‪ ،‬ولربما يساويها بالعيد الشرعي وهو الفطر والضحى ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل يذهب بك الفهم كل هذا البعد والتشدد ‪ ،‬فالجاهل العامي ل يعُولُ عليه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬العوام هم مقلدة للعلماء ‪ ،‬فإن أحسن العلماء ونصحوا وبينوا انقاد العوام إلى الحق ‪،‬‬
‫وانصلح حالهم ‪ ،‬وإن أساءوا فلن ترى إل العجائب ‪ ،‬وكما قال الخميني في كشف السرار (‬
‫) ‪ « :‬إن طهران يوجد فيها مشتر لكل متاع ‪ ،‬وإن أحدا لو ادعى اللوهية فإنه سيجد من‬ ‫‪99‬‬

‫يتبعه » ‪.‬‬
‫أما ترى يا أخ حيدر أن المفهوم الخاطئ قد جر العوام إلى صيام هذا اليوم‬
‫[‪]68‬‬
‫واعتقاد الجر فيه ‪ ،‬والجر كما نعلم جميعا أمر غيبي ل يعلمه إل ال ‪ ،‬فأين الدليل ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬هل تريد أن تضعف من روايه الغدير وتزعم أنها غير صحيحة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لن سلط الضوء على الروا ية ال صحيحة للغد ير و هي كالل تي ‪ :‬أخرج المام م سلم في‬
‫صحيحه ب سنده عن يز يد بن حيان عن ز يد بن أر قم قال ‪ :‬قام ر سول ال صلى اللّه عل يه‬
‫وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُمّا بين مكة والمدينة ‪ ،‬فحمد ال وأثنى عليه ووعظ وذكّر‬
‫‪ ،‬ثم قال ‪ « :‬أما بعد ‪ ،‬أل أيها الناس ‪ ،‬فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ‪،‬‬
‫وأنا تارك فيكم ثَقَلَيْن أولهما كتاب ال ‪ ،‬فيه الهدى والنور ‪ ،‬فخذوا بكتاب ال واستمسكوا به‬
‫» ‪ ،‬فحث على كتاب ال ورغّب فيه ‪ ،‬ثم قال ‪ « :‬وأهل بيتي ‪ .‬أذكركم ال في أهل بيتي ثلثا‬
‫حرِم‬
‫» فسُئل زيد عن المقصود من أهل بيته فقال ‪ :‬نساؤه من أهل بيته ‪ ،‬ولكن أهل بيته من ُ‬
‫الصدقة بعده ‪ ،‬فسُئل ‪ :‬ومن هم ؟ قال ‪ :‬آل علي ‪ ،‬وآل عقيل ‪ ،‬وآل جعفر ‪ ،‬وآل عباس ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن هناك زيادات أخرى تدل على أن ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم قد قال ‪ « :‬من‬
‫كنت موله فعلي موله ‪ ، » ...‬وعلى ضوء هذه الرواية فأنت تتفق معي من أن النبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم قد أخذ العهد من الصحابة في هذا اليوم العظيم ‪ ،‬وهو يوم الغدير ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬حسنا ما قلت ‪ ،‬وهو الستدلل بالنصوص على الحكام وليس بالكلم النشائي فلنأخذ‬
‫) وهذا‬ ‫‪3/7‬‬ ‫أحد النصوص الهامة من أحد الك تب الشيعية المع تبرة وهو « نهج البلغة » (‬
‫النص كما يلي من قول علي رضي ال عنه ‪ « :‬إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر‬
‫وعثمان على ما بايعوهم عليه ‪ ،‬فلم يكن للشاهد أن يختار ول للغائب أن يرد وإنما الشورى‬
‫للمهاجرين والنصار ‪ ،‬فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك ل رضى ‪ ،‬فإن‬
‫[‪]69‬‬
‫خرج عن أمر هم خارج بط عن أو بد عة ردوه إلى ما خرج م نه فإن أ بى قاتلوه على اتبا عه‬
‫غير سبيل المؤمنين ووله ال ما تولى » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬مقولة النبي صلى اللّه عليه وسلم للصحابة إن وليهم هو علي رضي ال عنه ‪ ،‬أي‬
‫أنه من يتولى المر من بعده ‪ ،‬دليل واضح في قضية المامة ؟‬
‫خالد ‪ :‬اْين الدللة على الخلفة والمارة ‪ ،‬والنبي صلى اللّه عليه وسلم يقول « ولي » وليس‬
‫« متول » وشتان ما بينهما في المعنى ‪ ،‬قال الفيروزآبادي صاحب القاموس ‪ ( :‬وأ ما مَا‬
‫يظنه الشيعة أن في الية { إنما وليكم ال ‪ } ...‬أو في الحديث « من كنت موله » دللة على‬
‫أن عليا رضي ال عنه هو الخليفة بعد ال نبي صلى اللّه عليه و سلم ‪ ،‬فمن الجهل المقطوع‬
‫بخطأ صاحبه ‪ ،‬فإن الوَلية بالفتح ضد العداوة ‪ ،‬والسم منها مولى وولي ‪ ،‬والوِلية بالكسر‬
‫هي المارة ‪ ،‬ومنها والي ومتولي ) ‪.‬‬
‫وأمير المؤمنين فضائله أكثر من أن تحصى ‪ ،‬وهو من أزهد الناس بالدنيا حتى أنه ‪ -‬رضي‬
‫ال عنه ‪ -‬قال عن الخلفة لما أتته ‪ « :‬وال ما كانت لي في الخلفة رغبة ول في الولية‬
‫)‪.‬‬ ‫‪2/184‬‬ ‫إربة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها » ‪ ( .‬نهج البلغة‬
‫والسؤال ‪ :‬ل َم الحتفال والبهجة ‪ ،‬وعلي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬لم يُخصص له إل الدعاء بالَخير‬
‫‪ ،‬وهذا المر ‪ -‬أي الدعاء ‪ -‬ثبت لكثير من الصحابه ‪ ،‬فلم نحتفل بمثل هذا ؟‬
‫وعدم الحتفال بالغديـر وغيره مـن المناسـبات مثـل عيـد ميلد علي ‪ -‬رضـي ال ‪ -‬وزفـة‬
‫القاسـم وغيرهـا مـن المحدثات التـي ظهرت فـي التاريـخ السـلمي ‪ ،‬ليـس فيـه إنقاص لقدر‬
‫أحد ‪ ،‬بقدر ما هو اتباع لهدي المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فيما شرع وأمر ‪.‬‬
‫ولو كان الحتفالً جائزا لحتفلنا بيوم عام الجماعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬عام الجماعة ومتى تم هذا المر ‪.‬‬
‫[‪]70‬‬
‫خالد ‪ :‬العام الذي تنازل فيه السيد الحسن بن علي رضي ال عنهما عن المرة والمامة إلى‬
‫معاوية رضي ال عنه حفظا لدماء المسلمين ‪ ،‬فلو كانت الحتفالت مشروعة لكان هذا اليوم‬
‫من أفضل اليام ‪.‬‬
‫ولكننا نلتزم بما ثبت ونبتعد عما لم يثبت ‪.‬‬
‫[‪]71‬‬
‫البكاء على الحسين رضي ال عنه‬
‫خالد ‪ :‬لحظت أنك بعد ذهابك إلى الحسينية قد تغير لونك ‪ ،‬ورأيت الكآبة على محياك ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬من يتذكر الفاجعة التي حلت بالمام الحسين عليه السلم ‪ ،‬لبد وأن ينفطر قلبه كمدا‬
‫وحزنا على ما حدث ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ولكن هذه الحادثة قد مضى عليها قرونا من الزمان ‪ ،‬ول زال العهد يتجدد بها ‪ ،‬فما‬
‫السبب ؟‬
‫حيدر ‪ :‬الحزن أمره مشروع ‪ ،‬وكذلك البكاء ‪ ،‬فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد ذرف الدمع‬
‫حزنا على وفاة اب نه وعلى حمزة وغير هم من ال صحابة في وفات هم ‪ ،‬ف هل هناك أع ظم من‬
‫مصابنا في أبي عبد ال عليه السلم ؟ !‬
‫خالد ‪ :‬الحزن والبكاء ‪ -‬ع ند المسلم ‪ -‬أمرهما ل يس بخا ضع لقانون العاطفة والهوى فقط ‪،‬‬
‫ولكن يُحكمان بهدي النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬الحزن والعزاء على القريـب مدتـه ثلثـة أيام ‪ ،‬والزوجـة لهـا عدة معلومـة ‪ ،‬والبكاء‬
‫بينّه لنا المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كيف يكون ؟ بقوله عليه الصلة والسلم لما مات‬
‫ابنه إبراهيم ‪ « :‬إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ول نقول إل ما يُرضي ال ‪ ،‬وإنا لفراقك‬
‫يا إبراهيم لمحزونون » ‪.‬‬
‫ولم ن سمع أبدا أو نقرأ أن ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم جدد الع هد بالحزان على ع مه الذي‬
‫نصره أو زوجته خديجة أو على حمزة ‪ ،‬وغيرهم كثير من الصحابة !‬
‫[‪]72‬‬
‫حيدر ‪ :‬وما الشيء الذى تستنكره مني في بكائي على الحسين عليه السلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬يوم عاشوراء معلوم أمره من أن ال نجى موسى من فرعون ‪ ،‬فأمر النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم بصيامه شكرا ل وزاد معه التاسع ليخالف اليهود ‪ ،‬ومن قَدَر ال أن يكون مقتل‬
‫الحسين رضي ال عنه في هذا اليوم وهذه موافقة قدرية ليس فيها حكم شرعي ‪ ،‬والمسلم‬
‫يتبع القدر الشرعي وليس القدر الكوني الذي ليس فيه أمر أو نهي ‪ ،‬فمن الذي أمرنا بتجديد‬
‫العهد مع الحسين رضي ال عنه في كل سنة ؟‬
‫وقد ثبت بالنص الصيام في هذا اليوم ‪ ،‬من الدلة التالية من كتب الشيعة ‪:‬‬
‫) عن أبي‬ ‫‪7/337‬‬ ‫) والحر العاملي في وسائل الشيعة (‬ ‫‪2/134‬‬ ‫أخرج الطوسي في الستبصار (‬
‫ع بد ال عليـه ال سلم عن أبيـه أن عليا عليـه ال سلم قال ‪ « :‬صـوموا العاشوراء ‪ ،‬التا سع‬
‫والعاشر ‪ ،‬فإنه يكفر ذنوب سنة » ‪.‬‬
‫وعن أبي الحسن عليه السلم قال ‪ « :‬صام رسول ال صلى اللّه عليه وسلم يوم عاشوراء‬
‫»‪.‬‬
‫وجاء عن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال ‪ « :‬صيام عاشوراء كفارة سنة » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ومَن الذي أخبرك بأن الشيعة ل يصومون هذا اليوم ول يتقربون فيه إلى ال بالطاعة‬
‫؟‬
‫خالد ‪ :‬ال صيام معلوم وق ته من طلوع الف جر إلى مغ يب الشمس بن ية العبادة ‪ ،‬ول يس ال صيام‬
‫الذي يكون إلى الظهر ‪ ،‬ثم يأكل النسان أطايب الطعام ويقول ‪ :‬أنا حزين في هذا اليوم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لمَ التشدد في هذه المسألة ؟ وأنا أعلم أنها ل تجُر إلى أمر منكر ؟‬
‫خالد ‪ :‬المـر ليـس بخاف على العقلء ممـا يحدث فـي هذا اليوم مـن مخالفات شرعيـة ثبـت‬
‫النهي عنها ومنها ‪:‬‬
‫[‪]73‬‬
‫ا ‪ -‬الصياح والنياحة ‪.‬‬
‫‪ -‬شق الجيوب واللطم على الوجه ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ضرب الجسد بالسلسل والسيوف وإنزال الدم ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬القوال التي فيها مبالغة بمدح الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬في هذا اليوم ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬اللعن والشتم الذي يصل إلى تكفير الصحابة ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬إبطال سنة الصيام في هذا اليوم ‪ ،‬وحث العوام على الفطر والكل ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬تقديم النذور من لحم وأرز وغيره كلها باسم الحسين رضي ال عنه ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬عدم المر بالمعروف وكف العوام عن المخالفات ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ -‬غرس البغضاء والحقاد في قلوب العوام مما يؤدي إلى تفريق الوحدة الدينية والوطنية‬ ‫‪9‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ -‬تحريم الزواج في هذا اليوم ‪ ،‬وكذلك المعاشرة بين الزواج ‪ .‬وغيرها كثير ‪ ،‬وكل هذه‬ ‫‪10‬‬

‫المور معلومة ومشاهدة وليس ثمة من ينكر ‪.‬‬


‫حيدر ‪ :‬ولكن الذي وقع على الحسين عليه السلم يتقطع له القلب حسرةَ وكمدا ‪ ،‬وهو أعظم‬
‫بلء حل بالمسلمين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أعظم مصاب نزل بالمسلمين هو فقدهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم كما جاء في حديث‬
‫ابـن عباس أن النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم قال ‪ « :‬إذا أصـيب أحدكـم بمصـيبة ؟ فليذكـر‬
‫مصيبته بي ؟ فإنها أعظم المصائب » رواه الدارمي ومالك ‪ ،‬وكما قال الشاعر ‪:‬‬
‫[‪]74‬‬
‫واعلم بأن المرء غير مخلد‬ ‫اصبر لكل مصيبة وتجلــد‬
‫فاذكر مصابك بالنبي محـمد‬ ‫فإذا ذكرت مصيبة تسلو بها‬
‫حيدر ‪ :‬أخ شى أن يفُ هم من كل مك أن وفاة الح سين عل يه ال سلم ‪ ،‬لم ي كن ل ها أي أ ثر في‬
‫نفوسنا !‬
‫خالد ‪ :‬الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬هو ريحانة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وسيد شباب‬
‫أ هل الج نة ‪ ،‬وقُ تل مظلوما شهيدا ومثواه الفردوس العلي بإذن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ول يس هذا‬
‫محـل حوارنـا ‪ ،‬ولكـن أسـاس الحوار هـو مَن الذي أفتـى وجَوّز مـا يُفعـل فـي هذا اليوم مـن‬
‫منكرات ‪ ،‬وقد ثبت النهي عنها في كتب الشيعة ؟ ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫) ‪ « :‬النياحة عمل الجاهلية » ‪.‬‬ ‫‪82/103‬‬ ‫* « ذكر المجلسي في بحار النوار (‬
‫) قال ‪ :‬من ألفاظ رسول ال‬ ‫‪2/271‬‬ ‫* وذكر ابن بابويه القمي في من ل يحضره الفقيه (‬
‫صلى اللّه عليه و سلم الموجزة ال تي لم يُسبق إلي ها ‪ « :‬النياحة من عمل الجاهلية » وحتى‬
‫مَن يحضر ول يفعل هذه الفعال يكون عليه الوزر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬مَن لم يلطم ولم ينح ولم يرفع صوته بالعويل عليه إثم !‬
‫خالد ‪ :‬إذا حضـر إلى مثـل هذه المجالس ‪ ،‬ولم ينصـح ولم يدل العوام على الصـواب ‪ ،‬فإنـه‬
‫آ ثم ‪ ،‬إن جلس مع هم وشارك هم في مجل سهم ‪ ،‬ف قد روى المحدث ال حر العاملي في و سائل‬
‫) عن المام ال صادق عن أب يه علي هم ال سلم قال ‪ « :‬ن هى ر سول ال صلى‬ ‫‪2/915‬‬ ‫الشي عة (‬
‫اللّه عليه وسلم عن الرنة عند المصيبة ‪ ،‬ونهى عن النياحة والستماع إليها » ‪.‬‬
‫[‪]75‬‬
‫ن هذا الذي تطوّع له نف سه بأن يتش به بأ هل الجاهل ية من اقتدائه بأعمال هم ‪ ،‬ويترك هدي‬
‫ف َم ْ‬
‫ال حبيب مح مد صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬بل إن م ثل هذه المآ تم ل تغرس في قلوب البناء إل‬
‫الح قد والتفر يق ‪ ،‬والتنف ير وتمز يق المجت مع في كل سنة ول يلتئم الجرح إل جُدد بالتذكار‬
‫جُرح ‪ ،‬فهل نتقي ال ونتبع خير الهدي ‪ ،‬أم نترك بعض السفهاء ليغرقوا سفينة الوطن بمثل‬
‫هذه المخالفات ؟ !‬
‫[‪]76‬‬
‫فضائل الحج إلى قبر الحسين رضي ال عنه‬
‫خالد ‪ :‬أل تل حظ يا أخ حيدر أن قض ية تعظ يم مق تل الح سين ‪ -‬ر ضي ال ع نه ‪ -‬تولّد عن ها‬
‫مفاهيم خطيرة شنيعة ل يتصورها مسلم عاقل !‬
‫حيدر ‪ :‬هلّ بينت هذا القول ‪ ،‬بمزيد من المثال ؟‬
‫خالد ‪ :‬حُسن النية والعاطفة المحبة للخير ‪ ،‬إن لم يقدها صاحبها وفق ما أراد ال سبحانه ‪،‬‬
‫َعـ ا ْلحَقّ‬
‫ل إلى كـل تخبـط فـي العقلنيـة كمـا قال تعالى ‪ { :‬وَلَو اتّب َ‬
‫لوجدت منهـا انقيادا سـه ً‬
‫ْضـ } (المؤمنون ‪ )71 :‬وهذا مـا فعله بالضبـط فئة مـن‬
‫ت وَالَر ُ‬
‫السـ َموَا ُ‬
‫ّ‬ ‫ت‬
‫َسـدَ ِ‬
‫ُمـ َلف َ‬
‫َأ ْهوَا َءه ْ‬
‫المتعالمين والمنتفعين ‪ ،‬الذين قادوا العوام من المسلمين الشيعة إلى وضع الحسين ‪ -‬رضي‬
‫ال عنه ‪ -‬وقبره في مقام ل يليق به ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا قول شنيع ‪ ،‬ولبد لكلمك من بينه ودليل ‪ ،‬وإل فإنك مُتقول على العلماء ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬كثيرا ما ك نت أ سمع من عوام ال سّنة ‪ ،‬أن الخوة الشي عة يق صدون قبر الح سين ‪-‬‬
‫رضي ال عنه ‪ -‬ويجعلون له المكانة الجليلة والتي لربما تفوق في الحب بيت ال ويعتقدون‬
‫أن ال قبر ف يه من البر كة الش يء العظ يم وال تي ل توجد في أي مكان آخر ‪ ،‬وقلت في نفسي‬
‫كأن هؤلء الفئة قد بالغوا في المر على عوام الشيعة ‪ ،‬ونسبوهم وقادوهم إلى باطل عظيم ‪،‬‬
‫لعلهم منه براء ومنزهون ‪.‬‬
‫فعقدت العزم على التثبـت والقراءة ‪ ،‬فوجدت أن مـا قاله عوام السـنة مـن خلل تجربتهـم‬
‫بالمحيط ين ب هم من الخوة الشي عة قل يل من كث ير ‪ ،‬وذ كر لحال حا صل متح قق ‪ ،‬غافلٌ ع نه‬
‫البعض ‪.‬‬
‫[‪]77‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا وال القذف الصريح في أناس يشهدون أن ل إله ال ال وأن محمدا رسول ال !‬
‫) وكامل الزيارات‬ ‫‪52‬‬ ‫) وثواب العمال ( لبن بابويه‬ ‫‪1/324‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في فروع الكافي (‬
‫) ‪ « :‬أن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين‬ ‫‪10/348‬‬ ‫) ووسائل الشيعة (‬ ‫‪161‬‬ ‫لبن قولويه (‬
‫حجة ‪ ،‬وأفضل من عشرين حجة وعمرة » ‪.‬‬
‫) ‪ :‬أن أحد الشيعة قال‬ ‫‪10/348‬‬ ‫) ووسائل الشيعة (‬ ‫‪2/16‬‬ ‫وجاء في تهذيب الحكام للطوسي (‬
‫ج ح جة‬
‫ح ّ‬
‫لما مه « إ ني حج جت ت سع عشرة ح جة ‪ ،‬وت سع عشرة عمرة ‪ ،‬فأجا به إما مه ‪ُ :‬‬
‫أخرى واعتمـر عُمرة أخرى ‪ ،‬تكتـب لك زيارة قـبر الحسـين » أي كأن مـن حـج وقصـد قـبرَ‬
‫الحسـين أراح نفسـه مـن عشريـن حجـة إلى بيـت ال ‪ ،‬وهذا فيـه دللة على ترغيـب العوام‬
‫بالحج إلى قبر الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬دون بيت ال المحرم !‬
‫حيدر ‪ :‬لعل المقصود عدم هجر قبر الحسين عليه السلم والدعاء له ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وهل قبر الحسين معلوم مكانه ؟ بل حتى قبر أمير المؤمنين على رضي ال عنهما ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ماذا تقول يا أخ خالد ‪ ،‬هل تريد أن تلغي الحقائق التاريخية !‬
‫خالد ‪ :‬تعلم أني ل أحب الكلم النشائي متى ما وُجدت الحقائق ‪ ،‬أما عن موضع قبر علي ‪-‬‬
‫) عن أبي جعفر الصادق ‪ « :‬أن قبر‬ ‫‪13/305‬‬ ‫رضي ال عنه ‪ -‬فقد جاء في تهذيب الكمال (‬
‫علي جهل موضعه » ‪.‬‬
‫) عن مطين قوله ‪ « :‬لو علمت الشيعة قبر من هذا الذي يُزار‬ ‫‪1/138‬‬ ‫وجاء في تاريخ بغداد (‬
‫بظاهر الكوفة لرجمتهُ ! هذا قبر المغيرة بن شعبة » ‪.‬‬
‫وكذلك ال مر ل ما ا ستشهد الح سين ر ضي ال ع نه ‪ ،‬ل يعلم أ حد بدل يل صحيح أ ين المو ضع‬
‫الذي تم دفن الحسين رضي ال عنه فيه !‬
‫[‪]78‬‬
‫حيدر ‪ :‬مع هذا الذي قلته تاريخيا ‪ ،‬ولكن المر لم يصل إلى تعظيم زيارة قبر الحسين عليه‬
‫السلم ‪ ،‬ولكن فيه الترغيب وعدم هجر سبط النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬نرجع في حديثنا إلى أجر زيارة قبر الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬فياليت المر اقتصر‬
‫) وإلى مائة حجة مع‬ ‫‪52‬‬ ‫على عشرين حجة ‪ ،‬بل بلغ المر إلى ثمانين حجة ( ثواب العمال‬
‫) ‪ ،‬وبلغ ال جر إلى ألف ح جة‬ ‫‪10/350‬‬ ‫ر سول ال صلى اللّه عل يه و سلم ( و سائل الشي عة‬
‫متقبلة ‪ ،‬وألف عمرة مبرورة ‪ ،‬وأجر ألف شهيد من شهداء بدر ‪ ،‬وأجر ألف صائم ‪ ،‬وثواب‬
‫ألف صـدقة مقبولة ‪ ،‬وثواب ألف نسـمة أريـد بهـا وجـه ال ‪ ....‬وهذا كله جاء فـي وسـائل‬
‫)‪.‬‬ ‫‪101/18‬‬ ‫) وبحار النوار (‬ ‫‪143‬‬ ‫) وكامل الزيارات (‬ ‫‪1/353‬‬ ‫الشيعة (‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن هذا فيه تقليل من شأن قصد بيت ال والحج إليه !‬
‫خالد ‪ :‬كمـا قلت يـا أخ حيدر ‪ ،‬فن حن نعلم مقدار ال جر إن ق صدنا وحجج نا لب يت ال وأقمنـا‬
‫الصلة في المسجد الحرام ‪ ،‬ولكن ها بأي حال من الحوال ل تبلغ لجر زيارة واحدة إلى قبر‬
‫)‬ ‫‪1/324‬‬ ‫الحسـين ‪ ،‬وقـد تـم تفضيله على الحـج مثـل مـا ذكـر الكلينـي فـي فروع الكافـي (‬
‫) وغيرهم برواية ‪ « :‬من أتى قبر الحسين عارفا بحقه ‪ ،‬في‬ ‫‪2/16‬‬ ‫والطوسي في التهذيب (‬
‫غير يوم عيد ‪ ،‬كتب ال له عشرين حجة مبرورات مقبولت ‪ ...‬ومن أتاه في يوم عيد كتب‬
‫ال له مائة حجة ومائة عمرة ‪ ...‬ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقه ‪ ،‬كتب ال له ألف حجة ‪،‬‬
‫وألف عمرة مبرورات متقبلت ‪ ،‬وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ومع هذا كله فإن لبيت ال سبحانه من المكانة في القلوب الشيء الذي ل يقارن !‬
‫[‪]79‬‬
‫خالد ‪ :‬ول كن ب عض الن صوص تؤ كد أن كربلء أف ضل من الكع بة وم كة ‪ ،‬و من ذلك ما ذكره‬
‫) عن أبي عبدال أ نه قال ‪ « :‬إن ال أوحى إلى‬ ‫‪101/107‬‬ ‫المجلسي في بحار النوار ( ج‬
‫الكعبة ‪ ،‬لول تربة كربلء ما فضلتك ‪ ،‬ولول من تضمه أرض كربلء ما خلقتك ‪ ،‬ول خلقت‬
‫الب يت الذي به افتخرت ‪ ،‬فقري وا ستقري ‪ ،‬وكو ني ذَنَبا متواضعا ذليلً مهينا غ ير م ستنكف‬
‫ول مستكَبر لرض كربلء ‪ ،‬وإل سُخت بك وهويت بك في نار جهنم » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا وال الشيء العجيب ‪ ،‬اللذي أسمعه لول مرة !!‬
‫خالد ‪ :‬هذه النصوص صحيحة ومباركة ولها التأييد عند الكثير من رجال العلم المعتبرين عند‬
‫الشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬مع كل هذا الفضل والجر لماذا لم يأتِ لهذه الزيارة من ذكر في كتاب ال ؟‬
‫) فقال السائل ‪ « :‬قد فرض ال على‬ ‫‪101/290‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء الجواب في كتاب بحار النوار (‬
‫الناس حج الب يت ‪ ،‬ولم يذ كر زيارة قبر الح سين عل يه ال سلم » ‪ ،‬فأجاب المام بجواب يبدو‬
‫فيه الضطراب ‪ ،‬حيث قال ‪ « :‬وإن كان المر كذلك ‪ ،‬فإن هذا شيء جعله ال هكذا » ‪ ،‬فهل‬
‫هناك من اعتراف أوضح من هذا ‪ ،‬على تناقض هذه الروايات ‪ ،‬وأنها ل سند لها من الصحة‬
‫!‬
‫حيدر ‪ :‬مع هذا الذي ذكرته ‪ ،‬ولكني أعتقد أن العوام من الشيعة وحتى المنصفين علموا قدر‬
‫بيت ال ‪ ،‬وأن فيه الجر العظيم من ال ‪ ،‬وأن قلوبهم تشتاق إلى بيته سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذه الفضائل والمزا يا لحجاج قبر الح سين ‪ ،‬أوجدت طائ فة تتم نى زيارة قبر الح سين‬
‫) ‪ « :‬وال لقـد‬ ‫‪10/321‬‬ ‫ول تحـج إلى بيـت ال ‪ ،‬مثـل مـا جاء فـي كتاب وسـائل الشيعـة (‬
‫تمنيت أني زرته ولم أحج ‪. » ...‬‬
‫[‪]80‬‬
‫وتزايد الفضل لرض كربلء حتى أوجدوا روايات تدل على أنها فيها الشفاء ويجوز الكل من‬
‫)‪.‬‬ ‫‪62‬‬ ‫طينها مثل ما أفتى بذلك الخميني في كشف السرار ( ص‬
‫حيدر ‪ :‬ماذا نفعل أمام هذا الكم من الروايات التي تلقفها العوام من الشيعة المحبين للخير‬
‫والمشتاقين إلى آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬الم سلم الم حب لل نبي ‪ -‬صلى اللّه عل يه و سلم ل يت بع الهوى ‪ ،‬بل ين ظر بش يء من‬
‫الع قل المتجرد عن العاط فة إلى ما يُل قى عل يه من ن صوص ‪ ،‬وأن يتت بع الحد يث ال صحيح‬
‫الثابت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وإن أحب المتثال لل البيت ‪ -‬رضي ال عنهم ‪-‬‬
‫فعليه بما ثبت نقله عن أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬لنه القرب عهدا من الهدي‬
‫النبوي ‪ ،‬ولنه أعلم بفعل وقول النبي ‪ -‬صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فإن فعل هذا الشيعي العامي‬
‫لوجد خيرا عظيما ‪ ،‬ودربا سالكا إلى الخير بإذن ال ‪.‬‬
‫واعلم يا أخ حيدر ‪ ،‬أن هذه الروايات لم تظهر إل بعد أن بَعُد العهد من العهد النبوي الشريف‬
‫‪ ،‬وتزايد الكذب من المتعالمين في دين ال ‪ ،‬ولم يكن ثمة مدافع عن دين ال سبحانه ‪.‬‬
‫[‪]81‬‬
‫الحسينيات‬
‫‪2‬‬
‫خالد ‪ :‬الحديث حول البكاء على مقتل الحسين رضي ال عنه ‪ ،‬والنياحة واللطم ‪ ،‬والتطبير‬
‫وإسـالة الدماء ‪ ،‬يقودنـا إلى الحوار حول المكان الذي تحدث فيـه مثـل هذه العمال ‪ ،‬وهـي‬
‫الحسينيات ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا المكان ليس وليد الزمنة المتأخرة ‪ ،‬وإن كانت التسمية كذلك ‪ ،‬فمنذ زمن النبي‬
‫عليه الصلة والسلم كان المر معلوما بشأن ما سيحدث للحسين عليه السلم ‪ ،‬لما أن أخبر‬
‫النبي ابنته الزهراء بمقتل ابنها وأراها من تربة الرض التي سيقتل فيها ‪ ،‬وكذلك علي بن‬
‫الحسـين عنـد وصـوله للمدينـة ‪ ،‬ضرب فسـطاطا ‪ ،‬وأنزل النسـاء فيـه ‪ ،‬وأمـر شاعرا ينعـي‬
‫الحسين وأقام العزاء قرابة أربعا وثلتين سنة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لننظر إلى المر بتؤدة ‪ ،‬فمنذ أن أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بما سيجري على‬
‫حفيده من كرب ‪ ،‬هل كان هذا منه من باب الخبار لمر معين ‪ ،‬أو طلب لحكم ما في الشريعة‬
‫؟‬
‫حيدر ‪ :‬وما الفرق بينهما ؟‬
‫خالد ‪ :‬الخبار ل يؤ خذ م نه ح كم شر عي ‪ ،‬م ثل أن نعلم أن يوم القيا مة مقداره خم سين ألف‬
‫سنة ‪ ،‬فهذا ل يُبنى عليه حكم شرعي مثل الوجوب أو التحريم ‪ ،‬ولكن فيه التصديق والتكذيب‬
‫‪ ،‬بعكس الطلب الذي فيه المر بالفعل أو النهي أو الستفسار ‪.‬‬

‫‪ 2‬وهو ضرب الرأس بالسيف ‪.‬‬


‫[‪]82‬‬
‫ومقتل الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ليس فيه إل الخبار وأن علينا أن نصدق بما أخبر النبي‬
‫صلى اللّه عل يه و سلم ول نؤ سس أو نبتدع حكما شرعيا على ما جرى ‪ ،‬وإل لمر نا ال نبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم بذلك ‪ ،‬مع إخباره عن الذي سيجري لسبطه من قتل ‪.‬‬
‫ورواية أن علي بن الحسين اتخذ مأتما ينعي فيه والده من قبل الشعراء ‪ ،‬هل هذا مما ثبت‬
‫لنا بسند صحيح ‪ ،‬أو أنه من شرع جده أبي القاسم صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لو نظرت إلى م صاب الح سين عل يه ال سلم ‪ ،‬بع ين التأ مل والعتبار لعل مت أ نه ف عل‬
‫شيئا لم يفعله أ حد من الب شر فإ نه خرج تأثرا على الظلم الذى كان في زم نه ‪ ،‬فأ صبح رمزا‬
‫يحُتذى به ‪ ،‬لخل ذلك سميت بعض الماكن باسمه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا أخ حيدر ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬لم تطلق هذه التسميات « الحسينيات » إل في السنين المتأخرة من عصور السلم ‪،‬‬
‫كالدولة البويهية ‪ ،‬ولم تكن في زمن الحسين رضي ال عنه ‪ ،‬ول أبناء الحسين رحمهم ال‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أل يس في مثل هذه التسميات دللة على تعظ يم الح سين رضي ال عنه دون سائر آل‬
‫البيت ‪ ،‬فل مَ ل ْم نس ِم هذه الماكن بالعلويات أو المحمديات ‪ ،‬فإنهما أفضل م نَ الحسين رضي‬
‫ال عنه ول يشك عاقل بهذا المر ‪ ،‬فلم الحسين رضي ال عنه فقط ؟‬
‫ثالثا ‪ :‬النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬قـد ناله مـن العذاب مـن قبـل الكفار الشيـء الكثيـر ‪،‬‬
‫وأُخرج من مكة وضُرب في الطائف وكاد أن يُقتل صلى اللّه عليه وسلم في أكثر من مرة ‪،‬‬
‫ولم نسمع عنه أنه حثّ على الثورة والمظاهرة ‪ ،‬اللهم إل لما شرع ال لهم الجهاد تحت راية‬
‫الحاكم وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫[‪]83‬‬
‫رابعا ‪ :‬السلم لم يأمر نا في يوم ما أن نغرس في قلوب البناء حب الثورات والخروج على‬
‫نظام الدولة مهما ظُلِم المسلم ‪ ،‬ما لم يأتِ ولي المر بالكفر الصريح ‪.‬‬
‫ه ـ ) ‪ ،‬فلم ل نع مل العبادة ال تي كان يفعل ها‬ ‫‪61‬‬ ‫خام سا ‪ :‬الح سين ا ستشهد في سنة (‬
‫المسلمون في هذا اليوم قبل مقتل الحسين رضي ال عنه ؟‬
‫سادسا ‪ِ :‬ل َم لم يخرج الحسين على معاوية مع أنه حكم قرابة عشرين سنة ؟‬
‫سابعا ‪ :‬الحسين لم يخرج إل بعد أن جاءته الكتب من العراق ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ِ :‬لمَ لم يخرج الحسن على معاوية بعد أن تنازل له عن الخلفة ؟‬
‫تاسعا ‪ :‬هل خرج أحَد من الئمة الثنى عشر من بعد الحسين على أحد من الخلفاء ؟‬
‫حيدر ‪ :‬إذا تجمعت فئة من المسلمين في مكان خصص للدعاء والوعظ ولخذ العبرة من أيام‬
‫آل البيت عليهم السلم ‪ ،‬هل نعيب عليهم ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬ليس هناك أفضل من سيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم في دعوته ومعيشته وجهاده‬
‫حسَ َنةٌ }‬
‫سوَة َ‬
‫نتأسى بها ونأخذ العبرة منها دائما لقوله تعالى ‪ { :‬لَقَدْ كَانَ َلكُمْ فِي َرسُو ِل الِ أُ ْ‬
‫(الحزاب ‪ )21 :‬فهل هذا يحصل في مجال سنا ؟ وأيضا يقول ال تعالى ‪ { :‬إنّمَا يَ ْع ُمرُ َم سَاجِدَ‬
‫خرِ } (التو بة ‪ )18 :‬فال سبحانه يث ني على من يع مر بيو ته‬
‫ن بِاللّ ِه وَالْ َيوْم ال ِ‬
‫ن آ َم َ‬
‫اللّ هِ َم ْ‬
‫بالذ كر والطا عة ‪ ،‬ول ن جد في من يحرص على حضور الح سينيات والمواظ بة علي ها ‪ ،‬حر صا‬
‫مشابها على حضور بيوت ال وخاصة في شهر‬
‫[‪]84‬‬
‫) عن سماعة‬ ‫‪5/185‬‬ ‫رمضان وهذا أمر حث عليه الئمة مثل ما أخرج العاملي في وسائله (‬
‫بن مهران أنه سأل إمامه المعصوم عن رمضان كم يصلي فيه فقال ‪:‬‬
‫« كما يُصلي في غيره إل أن لرمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد‬
‫في تطو عه فإن أ حب وقوي على ذلك أن يز يد من أول الش هر عشر ين رك عة سوى ما كان‬
‫يصلي قبل ذلك » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الحسـينيات دورهـا عطيـم وملحـظ فـي تعليـم البناء أحكام دينهـم وتنشئتهـم التنشئة‬
‫الطيبة المباركة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا ليت ما قلت متحقق كما ذكرت حرفيا ‪ ،‬ووفق نهج سيد آل بيت النبوة وهو النبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فالحسينيات لم يقتصر دورها على الوعظ والنصيحة ‪ ،‬فلقد آل المر‬
‫في ها إلى ال سب والل عن وغرس الحقاد في نفوس الشي عة ضد إخوان هم ال سّنة ‪ ،‬ول يت ال مر‬
‫كان مـن الدهماء ‪ ،‬لو كان كذلك لهان المـر ‪ ،‬بـل نسـمعه مـن العلماء الذيـن يُقتدى بقولهـم‬
‫وفعلهم !‬
‫[‪]85‬‬
‫عيش ولحم في الحسينيات‬
‫خالد ‪ :‬لعلك ستحضر لي شيئا من الطعام في يوم عاشوراء ؟‬
‫حيدر ‪ :‬بالطبع نعم ‪ ،‬وأنا حريص على ذلك لصداقتنا ‪ ،‬ولما بيننا من زمالة وعشره وجيرة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أل توافقنـي أن تخصـيص هذا اليوم بمثـل هذا الفعـل ‪ ،‬والدعوة إليـه والمحاضرات ‪-‬‬
‫التي تُعقد ‪ ،‬وتوقيت الصيام إلى منتصف النهار ‪ ،‬أل يحتاج كل هذا ‪ ،‬إلى دليل وسند شرعي‬
‫ليؤكد مشروعية الفعل فيه ‪ ،‬لنه من العبادات ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هل تع يب على الخوة الشي عة تقديم هم للطعام الط يب ‪ ،‬والذي قدموه للح سين عل يه‬
‫السلم وتطوعا ل لنيل الجر منه سبحانه ؟‬
‫خالد ‪ :‬الكـل ل يعيبـه المسـلم أبدا ‪ ،‬إن اشتاه أكله وإل تركـه ‪ ،‬ولكـن قضيتنـا تدور حول مـا‬
‫يسبق تقديم الطعام أل وهو الذبح في هذا اليوم ‪ ،‬والعمال التي يتعب الكثير نفسه لجلها ‪.‬‬
‫فالع بد إن لم يذ بح ل فإن عل يه الوزر وال ثم ‪ ،‬وكذلك لو قال الت سمية وكا نت ني ته متوج هه‬
‫لحد من الخلق ‪ ،‬فهذا منه فعل خاطئ ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وهل بمقدورك أن تطلع على النيات ؟‬
‫خالد ‪ :‬ينبغـي على المسـلم أن يكون ظاهره موافقا لباطنـه ‪ ،‬فإذا أتـى مسـلم ونحـر فـي يوم‬
‫كربلء ‪ ،‬ولم نع تد م نه الذ بح إل في هذا اليوم ‪ ،‬فإن نا نعلم يقينا أن هذا الذ بح إن ما قدم لهذه‬
‫المناسبة ‪ ،‬وما بُني على باطل فهو باطل ‪ ،‬لنه لم يأت في الشريعة أن المسلم يجب عليه أن‬
‫يقدم الطعام في اليوم الذي قُتل فيه أي‬
‫[‪]86‬‬
‫إنسان ‪ ،‬ويخصص دائما هذا اليوم بهذا العمل وهو النحر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬كأنك نسيت ما قلته لك ‪ ،‬من أن هذا الطعام وما يعمل في هذا اليوم إنما هو لولئك‬
‫النفـر الذ ين حضروا إلى الحسـينيات ل خذ العـبرة من اسـتشهاد سيد الشهداء أبـي عبـد ال‬
‫الحسين عليه السلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إذا المـر كله يرجـع إلى تجميـع المسـلمين لهذا اليوم يوم كربلء ‪ ،‬ومقتـل الحسـين‬
‫( رضي ال عنه ) ‪ ،‬فهل لي أن أسأل سؤالً محددا ؟‬
‫حيدر ‪ :‬تفضل وبكل سرور ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هل ثبت من هدي أبي القاسم صلى اللّه عليه وسلم عبادة مخصوصة ليوم عاشوراء ؟‬
‫حيدر ‪ :‬و فق ما أعلم ‪ ،‬ل يس في هذا اليوم ش يء إل ما ذكر ته لي من ا ستحباب صيام هذا‬
‫اليوم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ونعلم ‪ ،‬أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد أخبر بمقتل سبطه الحسين ( رضي ال عنه‬
‫) ‪ ،‬فهل شرع لنا عملً مخصوصا ‪ -‬من بعد إخباره ‪ -‬لهذا اليوم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬كل ‪ ،‬لم يخبر إل باستشهاد حفيده عليه السلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إذا ‪ ،‬مَن هذا الذي تجرأ وأفتى الم سلمين بشرعية أكل بعد الظهر في هذا اليوم ؟ بل‬
‫بجواز ضرب الصدور وشق الجيوب وتجديد الحزن دائما ‪ ،‬وتعطيل مصالح المسلمين في هذا‬
‫اليوم ‪ ،‬مَن هو العاقل الذي يفتي به ؟ !‬
‫وتطور الحال إلى النذر لهذا اليوم بتقديـم الخراف والرز وكـل شيـء يخدم هذه المناسـبة ‪،‬‬
‫والبعض يبذل من المجهود في هذا اليوم ما ل يبذله لل صلة أو الحج أو أي طا عة أخرى ل‬
‫سبحانه !!‬
‫حيدر ‪ :‬لعل أحدا من الصحابة أو آل البيت فعل مثل هذه العمال !‬
‫[‪]87‬‬
‫هـ ) والصحابة كانوا متواجدين في تلك الفترة ‪ ،‬فلِم لم‬ ‫‪61‬‬ ‫خالد ‪ :‬مقتل الحسين وقع عام (‬
‫نسمع فتوى من أحدهم بتخصيص وتمييز هذا اليوم بفعل ما ؟‬
‫وما رأيك يا أخ حيدر لو وافق قدرا استشهاد الحسين رضي ال عنه يوم عيد الفطر ‪ ،‬فهل‬
‫سنلبس السواد ونلطم الخدود ونشق الجيوب في يوم الفرح ؟‬
‫حيدر ‪ :‬كأنك تهون من هذا المصاب الجلل ؟‬
‫خالد ‪ :‬ومن هذا الذي يقول أن مقتل الحسين رضي ال عنه شأن يسير ‪ ،‬بل هو مصاب جلل‬
‫وخ طب ج سيم وظلم عظ يم ‪ ،‬و من اشترك في قتله عل يه من ال ما ي ستحق ‪ ، 3‬ول كن أيه ما‬
‫أشد فاجعة ‪ ،‬فقد النبي صلى اللّه عليه وسلم أم الحسين أو حتى عليا رضي ال عنهما ‪ ،‬فلم‬
‫نعمل لهما شيئا من بعد فقدهم إل أخذ العبرة من فقدانهما ‪ ،‬بما ل يتعارض مع الشرع ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الحسين عليه السلم علمنا كيف نقف في وجه الطغاة !‬
‫خالد ‪ :‬أخي العزيز ‪ ،‬أتريد مني أن آخذ هذه الفائدة في كيفية الثورة على النظمة الحالية ‪،‬‬
‫وأن أنازع الولة ؟ وهل الصحابة الذين كانوا في زمنه ( رضي ال عنه ) ‪ ،‬وافقوه على ما‬
‫صنع ‪ ،‬كابن عباس وغيره ؟ ول يخفى على المطلع على التاريخ أن نظام بني أمية أنما ثبّت‬
‫قدمه بعد أن تنازل الحسن رضي ال عنه لمعاوية رضي ال عنه ‪.‬‬
‫فهـل الثورات والقيام على النظمـة منهـج نربـي أبناءنـا عليـه ‪ ،‬والثورات ل تُصـدّر بـل هـي‬
‫ليست من دين النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬إنما هناك الصبر والنصيحة بالحسنى ‪ ،‬والدعاء‬
‫‪.‬‬

‫) ‪ ( :‬من قتل الحسين أو أعان على قتله أو‬ ‫‪4/487‬‬ ‫‪ 3‬قال ابن تيمية رحمه ال ( في الفتاوى ج‬
‫رضي بذلك ‪ ،‬فعليه لعنة ال والملئكة والناس أجمعين ل تقبل منهم صرفا ول عدلً ) ‪.‬‬
‫[‪]88‬‬
‫وأيضا لِمَ كل هذا التخصيص بذات الحسين رضي ال عنه ‪ ،‬دون غيره ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل تخ صيص لذات الح سين رضوان ال عل يه ‪ ،‬ول كن نحرص على إقا مة المأ تم ل كل‬
‫الصالحين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إذا كان المر كما قلت يا أخ حيدر ‪ ،‬فسنحيا حياتنا كلها بالمآسي والمآتم ‪ ،‬أو حفلت‬
‫الميلد أيضا لل البيت وغيرهم ‪ ،‬فلو جمعنا وعددنا المقاتل والمصائب التي نزلت بالصالحين‬
‫‪ ،‬من يوم خُلق آدم عليه السلم إلى يوم نا هذا ‪ ،‬لكانوا أكثر من عدد أيام ال سّنة ‪ ،‬بل لعلهم‬
‫أكثر من ساعاتها ‪ ،‬فهل خُلقنا لهذا الفعل ؟ ! وهل أمرنا ال بهذا ؟‬
‫ويا ليت العقل السليم والفطرة النقية يقبلن مثل هذه المور ‪.‬‬
‫[‪]89‬‬
‫زيارة القبور‬
‫خالد ‪ :‬اختلطـت على الكثيـر مـن العوام ‪ ،‬بعـض المفاهيـم والحكام فـي زيارة المقابر ‪ ،‬ومـا‬
‫الذي يجوز فعله فيها ؟ وما المحرم عليهم فعله ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هذا المر ول الحمد واضح ‪ ،‬وتم فعله في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم والمثلة‬
‫كثيرة كزيارته لقبر والدته ‪ ،‬وكما أخبر ال سبحانه عن أصحاب الكهف ‪ ،‬والنية لبناء بنيان‬
‫حول قبورهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ذهاب الم صطفى صلى اللّه عل يه و سلم للمقابر أمره معلوم ‪ ،‬وثا بت ع نه صلى اللّه‬
‫عل يه و سلم ‪ ،‬ول كن الت ساؤل الذي يجدر ب نا أن نتحاور حوله ‪ ،‬هو هذا التعظ يم الخارج عن‬
‫المألوف لبعض القبور ‪ ،‬وكذلك لم هذا البنيان على القبور ؟‬
‫حيدر ‪ :‬أما التعطيم فقد ورد من قوله تعالى ‪ { :‬وَا ّتخِذُوا مِن ّمقَام إ ْبرَاهِي مَ مُصلى } (البقرة ‪:‬‬
‫‪ )125‬وكذلك الحِجر ‪ ،‬قد دُفِن فيه إسماعيل وأمه ‪ ،‬والعديد من النبياء وهو مكان معظم ‪ ،‬ول‬
‫يخفى عليك ما جاء في سورة الكهف من جواز البنيان حول القبور ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬تذكر يا أخ حيدر أن الصلة عند المقام ليس تعظيما لموطئ قدم إبراهيم ‪ ،‬وليس لذات‬
‫المقام ‪ ،‬ولكـن تنفيذا لمـر ال سـبحانه فقـط ‪ ،‬وأخـبرني مـا الدليـل على أن قـبر إسـماعيل‬
‫ووالدته أو جمع من النبياء قد تم دفنهم في الحِجر عند الكعبة ؟‬
‫ولتعلم يـا أخ حيدر أن الطواف حول البيـت ليـس لهذه القبور المزعومـة ولكـن تنفيذا لقوله‬
‫ق } (الحج ‪ ، )29 :‬ولو فرضنا وجود‬
‫تعالى ‪ { :‬وَلْ َيطّوفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِي ِ‬
‫[‪]90‬‬
‫ما تظن من مثل هذه القبور ‪ ،‬فهل ثبت أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكر ذلك في فتح مكة‬
‫أو أثناء حجة الوداع ؟‬
‫و مع ما يز عم بعض هم فإن نا مأمورون باتباع شرع نا ‪ ،‬ول يس شرع اليهود أو الن صارى من‬
‫تعظيمهم لمواتهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكـن الذيـن يأتون إلى المقابر ويدعون عنـد القبور إنمـا يدعون للموات بالمغفرة‬
‫والرحمة ‪ ،‬وواجب علينا أن نظن بهم الظن الحسن من أنهم إنما قصدوا فعل وقول الخير في‬
‫المقبرة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الخ طأ والزلل في الشري عة ‪ ،‬قد يأ تي من ذلك الجا هل الم حب للخ ير والذي لم يظ فر‬
‫بعالم يفتيـه الفتوى الصـحيحة ‪ ،‬فقبور الصـحابة مثـل حمزة وبنات النـبي وأسـباطه أغلبهـا‬
‫موجودة في المدي نه ف هل أ مر ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم بالطواف حول ها ‪ ،‬أو الدعاء أو‬
‫البنيان علي ها ‪ ،‬ول يس ث مة دولة ظال مة أو غير ها في ز من النبوة تم نع البنيان أو الطواف‬
‫والصلة حول القبور في ذلك الزمان ‪ ،‬إن كان مشروعا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لم نعلم أن أحدا مـن محـبي آل البيـت ‪ ،‬يعتقـد بأن الطواف أو الصـلة حول القبور‬
‫واجب أو مشروع ‪ ،‬ولكن لربما صدر مثل هذا المر عن بعض الجهال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وردت روايات في ك تب شيع ية متعددة ت حث على ال صلة تجاه القـبر وإن كان خلف‬
‫القبلة مثل ما ورد في بحار النوار ‪ « :‬أن ركعتي الزيارة ل بد منها عند كل قبر » ‪ ،‬وك ما‬
‫) أن ا ستقبال ال قبر أ مر لزم ‪ ،‬وإن لم ي كن موافقا للقبلة‬ ‫‪151/369‬‬ ‫قال المجلسي في البحار (‬
‫‪ ...‬وا ستقبال ال قبر للزائر بمنزلة ا ستقبال القبلة ‪ ،‬و هو و جه ال أي جه ته ال تي أ مر الناس‬
‫باستقبالها في تلك الحالة ‪.‬‬
‫[‪]91‬‬
‫) بقوله ‪ « :‬ول بأس بالصلة‬ ‫‪1/165‬‬ ‫وهذا المر وافق عليه الخميني في تحرير الوسيلة (‬
‫خلف قبور الئمة ‪ ،‬وعن يمينها وشمالها ‪ ،‬وإن كان الولى الصلة عند الرأس على وجه ل‬
‫يساوي المام عليه السلم » ‪.‬‬
‫وهذا أيضا ما أف تى به المر جع الشي عي الميرزا ح سن الحائري في كتاب الد ين ب ين ال سائل‬
‫) عندما سُئل عن حكم التقدم على ضريح المعصوم ( ع ) في الصلة ‪ ،‬أي‬ ‫‪2/219‬‬ ‫والمجيب (‬
‫يكون الضريـح خلف المصـلي فـي داخـل الحرم الشريـف ؟ ومـا رأيكـم بالنسـبة إلى الشهداء‬
‫والصالحين من أبناء المعصومين ‪ ،‬وما الحكم إذا صلى جنب الضريح المقدس ؟‬
‫فأجاب الحائري ‪ « :‬ل يجوز التقدم على ضر يح المع صوم في ال صلة ‪ ،‬وال صلة باطلة أمام‬
‫ضري حه ‪ ،‬عل يه ال سلم ‪ ،‬باتفاق من علماء المام ية ‪ ،‬لن الح كم ب عد وفات هم ك ما كان حال‬
‫حياتهم ‪ ،‬وأما الصلة أمام ضريح أبي الفضل العباس ( ع ) مثلً خلف احترامه ‪ ،‬وجسارة‬
‫بمقامه ‪ ،‬ول بأس بالصلة في جانبي ضريح المعصوم ‪ ،‬ما لم يتقدم على قبره المطهر الذي‬
‫في دا خل الضر يح ‪ ،‬وفق نا ال وإيا كم ل ما ي حب وير ضى ‪ ،‬آم ين ب حق مح مد وآله الطاهر ين‬
‫صلوات ال عليهم أجمعين » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الذي ك نت أعر فه أن الئ مه علي هم ال سلم مقام هم سامي ‪ ،‬ول كن ل يبلغ أن ال صلة‬
‫تبطل بالتقدم على قبورهم !‬
‫خالد ‪ :‬ال مر ك ما عل مت الن ‪ ،‬وزيادة على ذلك فإن نا ن جد الن البنيان العظ يم حول القبور ‪،‬‬
‫بل ويُطاف بها مثل الطواف حول الكعبة ‪ ،‬وكذلك النذور لها والقربان والموال المدفوعة في‬
‫سبيل حب آل البيت ‪ ،‬ول يُعلم عن مصيرها ‪ ،‬فهل هناك من دليل في هذا ‪ ،‬ونجد أن من هذه‬
‫الموال التي‬
‫[‪]92‬‬
‫يقدم ها العوام حبا في آل الب يت ( ر ضي ال عن هم ) قد تط بع من ها ك تب في ها تعظ يم القبور‬
‫والطواف حولها مثل كتاب « كامل الزيارات لبي قاسم بن قولويه » وكتاب « نور العين في‬
‫الم شي إلى زيارة قبر الح سين ‪ ...‬لمح مد ال صطهبناتي » وغير ها من الك تب ‪ ،‬ولنأ خذ مثلً‬
‫لما في كتاب كامل الزيارات من أبواب ‪:‬‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم أفضل ما يكون من العمال ‪.‬‬ ‫‪58‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬من زار قبر الحسين عليه السلم كان كمن زار ال في عرشه ‪.‬‬ ‫‪59‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين والئمة عليهم السلم تعدل زيارة قبر رسول ال صلى اللّه‬ ‫‪60‬‬ ‫الباب (‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم تزيد في العمر والرزق ‪ ،‬وتركها ينقصهما ‪.‬‬ ‫‪61‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم تحط الذنوب ‪.‬‬ ‫‪62‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم تعدل عمرة ‪.‬‬ ‫‪63‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم تعدل حجة ‪.‬‬ ‫‪64‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زيارة الحسين عليه السلم تعدل عتق رقبة ‪.‬‬ ‫‪67‬‬ ‫الباب (‬
‫) ‪ :‬إن زائري الح سين عل يه ال سلم يدخلون الج نة ق بل الناس ‪ .‬وغير ها من‬ ‫‪53‬‬ ‫الباب (‬
‫البواب ال تي تذ كر فضل ال كل من ط ين الح سين ر ضي ال ع نه وأن ها شفاء وأمان وهذا قد‬
‫) بقوله ‪ « :‬ول يلحق به طين غير قبره‬ ‫‪2/164‬‬ ‫أفتى به الخميني في كتاب تحرير الوسيلة (‬
‫حتى قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم والئمة عليهم السلم » ‪.‬‬
‫ف هل أ مر الشرع بم ثل هذه المور ال تي لم يقل ها أ حد من العلماء المع تبرين في ع هد الخلفاء‬
‫الراشدين ولم يذكروها في قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬لنهم كانوا يسيرون‬
‫[‪]93‬‬
‫وفق ما أمرهم به النبي صلى اللّه عليه وسلم فالمسلم إن لم يبتعد عن مثل هذه القوال وإل‬
‫فليحذر على نفسه أن تقوده إلى خطر عظيم والعياذ بال ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل بالمكان نُصحي بالمستحب فعله في المقابر ؟‬
‫خالد ‪ :‬ل يس هناك من أ مر جد يد ‪ ،‬فالم سلم يد عو ل هل الم قبرة بالمغفرة والرح مة وإن كان‬
‫عند قبر أحد من الصحابة أو آل الب يت وك ما قال العلمة ابن باز رحمه ال ‪ -‬تعالى ‪« : -‬‬
‫ول يس للناس حا جة في أن يعرفوا أ ين د فن وأ ين كان ‪ -‬أي قبر الح سين ر ضي ال ع نه ‪-‬‬
‫وإنما المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة » ‪ ،‬وقال رحمه ال ‪ -‬تعالى ‪ « : -‬ومن عرف‬
‫قبره وسلم عليه فل بأس ‪ ،‬كما تزار القبور الخرى » ‪.‬‬
‫وإن كان هناك جنازة ل حد الم سلمين يحرص بال صلة علي ها ‪ ،‬والدعاء للم يت ‪ ،‬ول يس هناك‬
‫مـن أيام تُخصـص أو يسـتحب الزيارة فيهـا ‪ ،‬مثـل العياد أو الجُمـع أو الربعينيات وغيرهـا‬
‫فالزيارة مستحبة طوال السنة ‪ ،‬وهذه الحكام ‪ ،‬هي فقط للرجال وليس للنساء ‪.‬‬
‫والغا ية من هذه الزيارات إيقاظ القلب من غفلته وتعل قه بالدن يا الفان ية ‪ ،‬ولنعلم أن الم يت ل‬
‫يُنجي نفسه من نار ال ‪ ،‬فكيف يمنح هذا المر لغيره ؟ !‬
‫وكل الخير في اتباع الحق الواضح اليسير في التطبيق ول الحمد والمنة ‪.‬‬
‫[‪]94‬‬
‫الحلف بآل البيت والستعانة بهم‬
‫خالد ‪ :‬بعـد أن وضـح المـر فـي مسـألة التسـمي بعبـد الرسـول ‪ ،‬أو غيره مـن الخلق ‪ ،‬لم ل‬
‫نتحاور حول مقولة البعض ‪ :‬والنبي والعباس ‪ ...‬وغيرها من اللفاظ المستخدمة في الحلف‬
‫والقسم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لِم نشدد على المسـلمين فـي أمـر نعلم أنهـم ل يقصـدون مـن ورائه إل الخيـر ‪ ،‬ول‬
‫نتصور كما يدّعي البعض ‪ ،‬أن هذا من باب الشرك والكفر ؟‬
‫خالد ‪ :‬نعلم يقينا أن الهتمام بالل غة العرب ية ‪ ،‬يع صمنا من الوقوع في زلت كثيرة ‪ ،‬والج هل‬
‫بها ‪ ،‬يجعل المسلم مهما بلغت رتبته يتخبط في أقواله ‪ ،‬فـ ( الواو ) قد تستخدم في الكلم‬
‫ضحَاهَا } ( الش مس ‪:‬‬
‫ش ْم سِ وَ ُ‬
‫بمع نى الق سم كقول نا ‪ :‬وال ‪ ،‬وكقول المولى سبحانه ‪ { :‬وَال ّ‬
‫ل يقول ‪ ( :‬وأبي ) نهاه عن هذا المر ‪ ،‬وقال‬
‫) ولما سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم رج ً‬ ‫‪1‬‬

‫له ‪ « :‬إن ال ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ‪ ،‬من كان حالفا فليحلف بال أو ليصمت » ‪.‬‬
‫ومعلوم أن « الواو » تأتي أيضا في اللغة العربيه للقسم أو للعطف أو للندبة ‪ ،‬ولم يقل أحد‬
‫أن ‪ « :‬الواو » تُستخدم للدللة على الستعانة بالموات ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن جاء في القرآن الحلف بالمخلوقات ‪ ،‬أل يدل ذلك على الجواز ؟‬
‫خالد ‪ :‬لنعلم ابتداءً أن الرحمن سبحانه وتعالى يُقسم بما شاء من مخلوقاته ‪ ،‬وأما نحن فإننا‬
‫مأمورون باتباع ما أَمرنا به حبيبنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل تريد أن تخُطّئ من اعتاد لسانه على ذكر آل البيت ‪ ،‬وفاض حبهم على لسانه ‪،‬‬
‫فيذكرهم عند قضاء حوائجه الدنيوية !‬
‫[‪]95‬‬
‫خالد ‪ :‬دائما نقول فـي الفاتحـة ‪ { :‬إياك نعبـد وإياك نسـتعين } وأيضا نتذكـر قوله تعالى ‪:‬‬
‫{ وقَالَ مُو سَى لِ َق ْومِهِـ اس ْـتَعِينُوا بِاللّهِـ وَاص ْـبِرُوا ‪( } ...‬العراف ‪ ، )128 :‬والمسـلم يسـتعين‬
‫بالحياء فيما يقدرون عليه ‪ ،‬مثل ما جرى لنبي ال موسى مع الذي استغاثه ‪ ،‬فهذه استعانة‬
‫حي ب حي في ما يقدر عل يه ‪ ،‬وكقول ال عن ذي القرن ين ‪ { :‬فََأعِينُونِي ِب ُقوّة ‪( } ...‬الك هف ‪:‬‬
‫‪ )95‬وليس بأمر خارج عن قدرتهم ‪ ،‬مثل دخول الجنة أو الخراج من النار أو مغفرة السيئات‬
‫‪.‬‬
‫وجرّ هذا العتقاد أن اعتاد لسـان بعـض الناس على ذكـر الخلق دون الخالق ‪ ،‬ولنتذكـر بأن‬
‫من تعلق بشيء وكّل به ‪.‬‬
‫ع يَ اللّ ِه وَآمِنُوا بِ هِ َيغْ ِفرْ لَكُم مّ ن‬
‫حيدر ‪ :‬و ما قولك عن قوله تعالى ‪ { :‬يَا َق ْومَنَا َأجِيبُوا دَا ِ‬
‫ذُنُو ِبكُمْ وَ ُيجِ ْركُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيم } (الحقاف ‪ )31 :‬فالداعي هو النبي حيا أو ميتا ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬و َمنْ هذا الذي يقول أن داعي ال هو فقط النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فالمر يحتمل‬
‫السلم والقرآن ‪ ،‬بل وكل داع إلى الخير ‪ ،‬وهذا الختلف من باب التنوع في التفسير وليس‬
‫من التضاد ‪.‬‬
‫و َمنْ قال إن الداعي هو فقط النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬يلزمه التيان بالدليل على ما يزعم‬
‫ويقول لنه يريد من بعد هذا ‪َ ،‬منْ يقوم مقام النبي وهو المام ‪ ...‬وهذا قول يحتاج إلى دليل‬
‫آخر ‪ ،‬وليس ثمة دليل له ‪.‬‬
‫جوّز السـتعانة بآل البيـت عليهـم السـلم لمقامهـم وجاههـم‬
‫حيدر ‪ :‬ولكـن وردت آثار كثيرة ت ُ‬
‫الرفيع عند ال تعالى ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬نحتاج إلى بيان صحة هذه الثار أولً ‪.‬‬
‫[‪]96‬‬
‫َنـ الذي أعلمنـا بأن نقسـم بـه على ال تعالى ؟ وأمـا‬
‫وأيضا فالجاه إنمـا يختـص بالعبـد ‪ ،‬فم ْ‬
‫الدعاء بالحـب والتعظيـم ‪ ،‬فدللة الحـب والتعظيـم للنـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم إنمـا يكون‬
‫بالتباع الصحيح له ‪ُ { :‬قلْ إِن كُنتُمْ ُتحِبّونَ الّلهَ فَاتّبِعُونِي يُحببْ ُكمُ ال ّلهُ } ( آل عمران ‪. )31 :‬‬
‫حيدر ‪ :‬ينبغي أن ل نتشدد في هذا المر كثيرا ‪ ،‬لنه ل يمس إيمان المسلمين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ال ستعانة وال ستغاثة من صلب العقيدة و من أ ساسياتها ‪ ،‬والتهاون ب ها قد يقود إلى‬
‫)‪«:‬‬ ‫‪26/319‬‬ ‫خطر عظيم لم يقله أحد من الفرق السلمية ‪ ،‬مثل ما جاء في بحار النوار (‬
‫أن دعاء النبياء استجيب بالتوسل والستشفاع بهم ( أي الئمة ) صلوات ال عليهم أجمعين‬
‫»‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬على كل حال ‪ ،‬ال مر لم تفرد له مؤلفات مخصوصة تحث عليه ‪ ،‬لذا أكثر العوام في‬
‫جهل وغفلة عن المر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هناك ك تب كثيرة ‪ ،‬ت حث العباد للعتقاد والع مل بم ثل هذا ‪ ،‬م ثل كتاب مفات يح الجنان‬
‫وعمدة الزائرين ‪ ،‬وغيرها من الكتب التي تتكلم عن زيارة القبور والمشاهد ‪.‬‬
‫لذا تذّ كر يا أخ حيدر أن الم سلم يتعلق بال وحده في كل أمره ‪ ،‬ول يتعلق بالموات الذ ين ل‬
‫يملكون لنفسهم نفعا ول ضرا ‪.‬‬
‫[‪]97‬‬
‫المجتهد والمرجح الديني‬
‫حيدر ‪ :‬أجد لك مفهوما مغايرا للذي عندي حول العلماء المجتهدين ورجال الدين اللذين يمكن‬
‫الرجوع إليهم في الفتوى ‪ ،‬وييان أحكام الشربعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الجتهاد والتعلم في الشريعة السلمية ‪ ،‬مطلبان وهدفان مرغوب فيهما ‪ ،‬وخاصة مع‬
‫وجود ذلك العالم المجتهد ‪ ،‬الذي يفتي لنا في ما يستجد من حوادث ونوازل بين المسلمين ‪،‬‬
‫وباب الجتهاد لم يُقفل ‪ ،‬ول الحمد ‪ ،‬ومن أغلقه في زمن ‪ ،‬فذلك لجهل منه ‪ ،‬وتحجير منه‬
‫على العلم والمسلمين ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وهل هناك من شروط معينه ينبغي توافرها في المجتهد ‪ ،‬أو المرجع الديني ‪ ،‬والتي‬
‫تؤهله لن يفتي لعوام المسلمين ؟‬
‫خالد ‪ :‬لنعلم بداية أن هذه الرتبة هي فضل من ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ومن يرد ال به خيرا يفقهه‬
‫في الدين ‪ ،‬فهي ليست حكرا على طائفة دون غيرها ‪ ،‬ومن هذه الشروط ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬حفظ كتاب ال سبحانه ومعرفة تفسيره وعلومه كمعرفة الناسخ والمنسوخ ‪.‬‬
‫‪ -‬العلم بسنة النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬صحيحها من ضعيفها ‪ ،‬وما يختص بال سّنة‬ ‫‪2‬‬

‫النبوية من علوم ‪.‬‬


‫‪ -‬العلم باللغة العربية ‪ ،‬وقواعدها وعلومها ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬الخلص ل تعالى ‪ ،‬فإن العالم مؤتمن على ما يقول ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬الستفادة من فتاوى العلماء السابقين ‪ ،‬والنظر في أدلتهم ‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫[‪]98‬‬
‫وبتوا فر م ثل هذه الشروط يم كن ل نا أن نفرق ب ين ذلك العالم المجت هد ‪ ،‬وب ين ذلك القَ صّاص‬
‫الواعظ المنشد في المناسبات ‪ ،‬والذي ل يفقه من الدين إل الحكايات والمبكيات في المواسم‬
‫‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬من خلل هذه الشروط ‪ ،‬ن جد أن القلة من الم سلمين يم كن أن تتوا فر في هم م ثل هذه‬
‫الوصاف ‪ ،‬فبالتالي يستحسن أن يقلد المسلم أحد رجال الدين ‪ ،‬فيرجع إليه بالفتوى دائما ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬التقّل يد من ق بل العا مي أ مر متو قع حدو ثه ‪ ،‬ول كن ل ينب غي أن يكون من ذلك الر جل‬
‫العا قل الذي له اطلع وقراءة في الك تب ‪ ،‬فنجده يأ تي وي سأل العالم ول ي ستبين م نه الدل يل‬
‫والحجة ‪ ،‬والعالم ب شر ‪ ،‬ي صيب ويخ طأ ‪ ،‬فل ينغ ني علي نا أن نقلده في كل ما يقول ويأمر ‪،‬‬
‫فلربما يزل أو يهفو ‪ ،‬فليس من معصوم إل النبي صلى اللّه عليه وسلم لقوله تعالى ‪َ { :‬ومَا‬
‫‪. )4 -‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ن ا ْل َهوَى إنْ هُو إل َوحْي يُوحَى } (النجم ‪:‬‬
‫عِ‬‫ق َ‬
‫يَنطِ ُ‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن هناك رجال د ين هم وكلء عن المام المهدي ( عج ) ‪ ، 4‬و هم ل يخطئون لن‬
‫علمهم متلقى من المام المعصوم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الطمئنان إلى العلم والفتوى شيـء ‪ ،‬والتسـليم للعالم وعدم المناقشـة أمـر آخـر ‪،‬‬
‫وقضية ولية الفقيه ‪ ،‬لم تظهر إل في العصور المتأخرة بعد الغيبة الكبرى من قبل السفراء‬
‫الرب عة ‪ ،‬والغرض من ها إيجاد ش خص ل يناق شه أ حد فَي ما يُف تي ويقول ‪ ،‬ل نه ‪ -‬ك ما ق يل ‪-‬‬
‫مُبلغ عـن المعصـوم ‪ ،‬فأمام مثـل هذه الوليـة والنابـة والرئاسـة فـي أمور الديـن والدنيـا‬
‫والوكالة عن المعصومين ‪ ،‬لنسأل أنفسا من هذا الذي يمنح‬

‫‪ 4‬عجل ال فرجه ‪.‬‬


‫[‪]99‬‬
‫الوكالة عن المعصوم ؟ ومن هذا الذي يحق له أن ينصح الوكيل إن أخطأ أو زل ؟‬
‫ولو كان المصدر واحدا ‪ ،‬فلِمَ إذن نجد فتاوى متناقضة صادرة ومنسوبة إلى المنتظر ؟‬
‫والعلم يا أخ حيدر ‪ ،‬ل نحتاج فيه إلى معصوم أو منتظر ‪ ،‬بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪،‬‬
‫بل إلى ح فظ لكلم رب العالم ين ‪ ،‬وح فظ للحاد يث ال صحيحة وبذلك سنجد الح كم ل ما يُش كل‬
‫علينا إن شاء ال ‪.‬‬
‫[‪]100‬‬
‫مصادرالحكام الشرعية‬
‫خالد ‪ :‬ن حن في حوار نا المم تع هذا ‪ ،‬أ ما يجدر ب نا أن ن ضع أ سسا نر جع إلي ها إن شط ب نا‬
‫الحوار ‪ ،‬أو اختلفنا في قضية ما ‪ ،‬لتكون لنا مثل المرجع المحكم ‪ ،‬لبيان الصواب من الخطأ‬
‫‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬نعِم الرأي هذا ‪ ،‬وإل فإن الحوار قد يتش عب ب نا يم نة وي سرة ‪ ،‬ول يس ث مة زمام يزم‬
‫المر أو الرأي أو القول ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنبدأ معـك يـا أخ حيدر ‪ ،‬لتذكـر لي شيئا مـن المراجـع التـي يرجـع إليهـا رجال الديـن‬
‫الشيعة في استنباطهم للحكام الشرعية ‪ ،‬وتستدل بها أنت على ما تقول ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل يخفى عليك ‪ ،‬من أن الشيعة حالهم كحال كل المسلمين ‪ ،‬يعتمدون بصورة رئيسية‬
‫في استنباط الحكام على القرآن والسنة الثابتة عن المصطفى ‪ ،‬وعن آله المعصومين عليهم‬
‫السلم ‪ ،‬باعتبارهم أوصياء الرسول صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فالسنة عند الشيعة عبارة عن‬
‫قول المعصوم نبيا كان أو وصيا ‪.‬‬
‫لذا نجـد ول الحمـد ‪ ،‬أقوال الئمـة متشابهـة فـي الحكـم ‪ ،‬وأكـد هذا المـر المام جعفرعليـه‬
‫السلم بقوله ‪ « :‬حديثي حديث أبي ( أي الباقر ) ‪ ،‬وحديث أبي حديث جدي ‪ ،‬وحديث جدي‬
‫حديث رسول ال ‪ ،‬وحديث رسول ال قول ال تعالى » ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما عن مبدأ العصمة ‪ ،‬فلنا حوار آخر مستفيض حولها يا أخ حيدر ‪.‬‬
‫إذ أن المر غير مُ سَلّمٍ به أن نقول لكل من كان مبلغا لقول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‬
‫إنه‬
‫[‪]101‬‬
‫مع صوم لمجرد نقله وتبلي غه قول المع صوم ‪ ،‬فلو سلمنا بهذا ‪ ،‬لقل نا عن معاذ بن ج بل إ نه‬
‫معصوم ‪ ،‬لذهابه إلى اليمن داعيا لهم ‪ ،‬ولكان مصعب بن عمير معصوما أيضا ‪ ،‬لذهابه إلى‬
‫يثرب قبل الهجرة ‪ ،‬ولصبح كل سفراء النبي معصومين لنقلهم كلم المعصوم ‪ -‬صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫وهذا المر قاد الشيعة إلى أمر ل تُحمد عقباه من تعدد الفتاوى حول قضية واحدة من الئمة‬
‫‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الئمة عليهم السلم معصومون من الزلل ‪ ،‬فهات ما لديك من دليل على ما تقول ‪.‬‬
‫) بسنده عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلم قال‬ ‫‪1/65‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في الكافي (‬
‫( أي زرارة ) ‪ :‬سألته عن مسألة فأجابني ‪ ،‬ثم جاء رجل فسأله عنها ‪ ،‬فأجابه بخلف ما‬
‫أجاب ني ‪ ،‬ثم جاء ر جل ف سأله عن ها فأجا به بخلف ما أجاب ني ‪ ،‬وأجاب صاحبي فل ما خرج‬
‫الرجلن قلت ‪ :‬يـا ابـن رسـول ال ‪ ،‬رجلن مـن أهـل العراق ‪ ،‬مـن شيعتكـم ‪ ،‬قدمـا يسـألن‬
‫فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت صاحبه ؟ فقال ‪ - :‬أي أبَوجعفر الباقر ‪ « : -‬يا زرارة‬
‫هذا خير لنا ولكم » ‪.‬‬
‫) بسنده عن منصور بن حازم قال ‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬ ‫‪1/65‬‬ ‫وذكر الكليني في الكافي (‬
‫السلم ‪ :‬ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني منها بالجواب ‪ ،‬ثم يجيئك غيري فتجيبه عنها‬
‫بجواب آخر ؟ فقال ‪ « :‬إنما نجيب الناس على الزيادة والنقصان » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا كان المر كما تقول ‪ ،‬فمعنى هذا أن لكل مسألة حكمين من إمام واحد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬العالم كمـا نعلم مسـتأمن على قوله للناس ‪ ،‬وفتواه مثـل التوقيـع عـن رب العالميـن ‪،‬‬
‫ينبغي عليه أن يتقي ال فيها ويتأكد منها ‪.‬‬
‫[‪]102‬‬
‫) ‪ « :‬إن الحاد يث المأثورة عن الئ مة‬ ‫‪51‬‬ ‫ويقول اللكهنوي الشي عي في أ ساس ال صول (‬
‫مختل فة جدا ‪ ،‬ل يكاد يو جد حد يث إل و في مقابله ما يناف يه ‪ ،‬ول يت فق خبر إل وبإزائه ما‬
‫يضاده ‪ ،‬حتى صار ذلك سببا لرجوع بعض الناقصين عن اعتقاد الحق » ‪.‬‬
‫فيا أخ حيدر ‪ ،‬ما قولك الن ‪ ،‬هل الحق يتعدد أو يختلف شكله وقوله ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن المسلمين جميعهم متفقون على كتاب ال سبحانه ‪ ،‬ل ينكر أحد منهم أن القرآن‬
‫الكريم هو الصل المتين للشريعة السلمية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما قولك بأن القرآن الكريم متفق عليه بأنه أصل في التشريع ‪ ،‬فهذه مقولة صحيحة‬
‫لمن اعتقد بكماله وبأنه كير ناقص ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل تشير إلى أن هناك من المسلمين من يظن غير ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬نعم وللسف العظيم ‪ ،‬هناك تواتر لجمع من كبار مراجع الشيعة قد قالوا بهذه المقولة‬
‫‪ ،‬وأحبذ تأجيل الحوار حول هذه القضية إلى مبحث التحريف والنقصان في القرآن ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا كان المر كما تقول ‪ ،‬من أن القرآن ثبت القول بعدم كماله ‪ ،‬والسنة النبوية غير‬
‫مت فق على ث قة روات ها ‪ ،‬فعلى ضوء هذا أف هم أ نك تر يد أن تقود ني إلى القول بعدم وضوح‬
‫مصادر التشريع لدينا !‬
‫خالد ‪ :‬الواقع والتاريخ ‪ ،‬هما اللذان يقودانك يا أخ حيدر إلى مثل هذه النتيجة المؤسفة ‪ ،‬فإن‬
‫اعتقدت طائفة من الشيعة أن القرآن قد ز يد فيه وأنقص ‪ ،‬وبأن السنة النبوية هي فقط ما‬
‫جاء عـن طريـق آل البيـت ‪ ،‬وأن الصـحابة رضـي ال عنهـم كلهـم منافقون ‪ ،‬مـا عدا علي‬
‫والحسن والحسين وفاطمة رضوان ال عليهم ‪ ،‬وثلثة أو خمسة من الصحابة هم المبرؤون‬
‫من النفاق ‪ ،‬فكيف بعد‬
‫[‪]103‬‬
‫ذلك تريد ني أن أقول بأن ال صول واض حة ل ل بس في ها ول تنا قض ‪ ،‬وعلوة على ذلك ل يس‬
‫هناك من تحق يق للسناد من تصحيح وتضع يف ‪ ،‬فك يف سيكون هناك من أصل يعت مد عليه‬
‫الخ الشيعي في أخذه للحكام الشرعية ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولكـن هناك علماء أفذاذ ل يخافون أن يجهروا بالحـق ‪ ،‬وعلى مسـتوى مـن الجتهاد‬
‫عظيم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الوجوه تتغ ير ‪ ،‬والشرع والد ين يب قى ‪ ،‬و ما ن فع ال سماء أمام أقوال ل أرض تقل ها ‪،‬‬
‫ول سند يثبتها ‪ ،‬بل هي كسراب بقيعة ‪ ،‬يحسبه الظمآن ماء ‪ ،‬حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ‪،‬‬
‫وهذا الحوار له تتمة معنا يا أخ حيدر إن اتسع صدرك للحوار ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ما جلسنا مع بعضنا البعض إل لدراك الحق ‪ ،‬والحق مطلبي بإذن ال سبحانه ‪...‬‬
‫خالد ‪ :‬على بركة ال سبحانه ‪.‬‬
‫[‪]104‬‬
‫الرجعة‬
‫خالد ‪ :‬راج عت ق صة ذلك الر جل الذي أما ته ال مائة عام ثم بع ثه مرة أخرى ‪ ،‬و هي ق صة‬
‫فيها العبر والفوائد الشيء الكثير ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أفهم ما تلمح إليه ‪ ...‬كانك تريد أن نتحاور حول موضوع الرجعة !‬
‫خالد ‪ :‬هو ذاك ما عني ته ‪ ،‬ف من خلل اطل عي على ب عض الك تب ‪ ،‬وجدت أن هذا ال مر من‬
‫الصول المهمة ‪ ،‬وليس من الفروع التي يُعذر الجاهل بها ‪ ،‬مثل ما ذكر ابن بابويه في كتاب‬
‫) ‪ « :‬ل يس م نا من لم يؤ من بكرت نا » ‪ .‬وبيّن أن ها من‬ ‫‪3/291‬‬ ‫من ل يحضره الفق يه (‬
‫ضروريات المذهب ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لكني وفق ما سمعت من أحد رجال الدين أن هذه القضية تُعد من الفروع ول شيء‬
‫على المؤمن إن لم يعتقد بها ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المـر فيـه لبـس وخفاء ‪ ،‬فإن اليمان بهذا المـر يسـتلزم مـن بعده اليمان بالمهدي‬
‫المنت ظر ‪ ،‬وهذا ال مر له تعلق كبير بمبدأ اليمان في الما مة ك ما قال الزنجا ني في أ صول‬
‫) ‪ « :‬هي من مفردات المام ية » ‪ ،‬وفي ها بيان من ب عد ذلك لحال‬ ‫‪35‬‬ ‫الشيعة وأ صولها (‬
‫المخالفين وتميز للمؤمنين بهذا الجانب من غيرهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لسلم معك بأنها من ضروريات المذهب ‪ ،‬ما المر المترتب على حدوث الرجعة ؟ ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الرج عة ينتظر ها َم نْ يؤ من ب ها لت صفية الح سابات ‪ ،‬أي يق تص المظلوم من الظالم ‪،‬‬
‫وفيها أن الحسين رضي ال عنه يحاسب الناس قبل يوم القيامة ‪ ،‬كما جاء في بحار النوار‬
‫) ‪ ،‬والمنتظر سيهدم الحجرة ( بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم وموضع‬ ‫‪155‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪53/154‬‬ ‫(ج‬
‫[‪]105‬‬
‫قبره ) ويخرج من بها ( أي الخليفتين الول والثاني ) ليصلبهما ويعاقبهما ‪ ،‬وهذا مذكور في‬
‫بحار النوار أيضا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ينبغي عليك التأكد من هذه الروايات ‪ ،‬فلعلها ضعيفة ‪ ،‬أو قيلت من باب التقية ‪ ،‬قبل‬
‫أن تستشهد بها !‬
‫خالد ‪ :‬لم أ جد من ح قق هذه الروايات ‪ ،‬وتركُهـا من غ ير تعليـق في كتاب ي عد من الكتـب‬
‫الصـيلة ‪ ،‬دللة واضحـة على القبول والتسـليم بمـا جاء فيهـا ‪ ،‬ومـن المعلوم فـي الشريعـة‬
‫السلمية أن الم يت إذا قُبر فلن يخرج من قبره إل بإذن ال ‪ ،‬وذلك ليوم القيا مة و كل نفس‬
‫بما كسبت رهينه ‪ ،‬واذا كان سيد الولين والخرين محمد صلى اللّه عليه وسلم ل يملك من‬
‫هذا المر شيئا ‪ ،‬فكيف ندّعيه لغيره ؟‬
‫وللعلم فإن هذه الروايات التي في الرجعة إنما جاءت في الزمنة المتأخرة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن ال مر متح قق وقو عه ومم كن حدو ثه ‪ ،‬وهذا م سّل ٌم به في شرع نا ‪ ،‬من أن‬
‫عيسى صلى اللّه عليه وسلم سيعود إلى الرض مرة أخرى ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا ثابـت لنـبي ال عيسـى صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬فمـا الدليـل على جوازه لغيره ؟‬
‫ول سلم م عك جدلً بأن هذا ال مر مم كن وقو عه ‪ ،‬فلم ل نثب ته ل حب الناس إلى قلوب نا و هو‬
‫النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬لينقذ المة من الضلل والفساد ! ولكن أخشى أن المر هذا قد‬
‫يتشا به مع الفل سفات اليهود ية من اعتقاد هم وانتظار هم للمخلص ال حي الغائب ‪ ،‬ليخرج في‬
‫آخر الزمان ‪ ،‬مثل ما قال ر ضا المظ فر من تأ ثر الشيعة بالديانة اليهودية والن صرانية ‪ ،‬لذا‬
‫من نظر إلى اعتقادات الكثير من فرق الشيعة ‪ ،‬سيجد أن كل فرقة تعتقد برجعة إمامها في‬
‫آخر الزمان ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل تريد أن تلغي مبدأ خروج المهدي المنتظر في آخر الزمان !‬
‫خالد ‪ :‬شتان بين هذا وبين ما قلته لك سالفا ‪ ،‬فالمهدي الذي أخبر عنه النبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم من‬
‫[‪]106‬‬
‫خلل الحاديث الصحيحة ‪ ،‬معلوم أمره وحاله ‪ ،‬والمعتقدُ الواجب العتقاد حوله ‪ ،‬ولكن مبدأ‬
‫الرجعـة فيـه كلم آخـر ‪ ،‬كالقول برجوع الحسـين إلى الدنيـا مثـل مـا جاء فـي بحارالنوار (‬
‫) ‪ « :‬أول من تنشق الرض عنه ‪ ،‬ويرجع إلى الدنيا ‪ ،‬الحسين بن علي عليه السلم‬ ‫‪53/39‬‬

‫) ‪ « :‬عندما تمتزج‬ ‫‪144‬‬ ‫» وأتذكر قول الدكتور الموسوي في رسالته الشيعة والتصحيح (‬
‫السطورة بالعقيدة والوهام بالحقائق تظهر البدع التي تُضحك وتُبكي في آن واحد » ‪.‬‬
‫لذا يـا أخ حيدر حذار مـن اتباع معتقدات محدثـة فـي ديننـا أو ل أصـل لهـا إل ديانات باطلة‬
‫محر فة ‪ ،‬لن تقود الم سلم المو حد إل إلى هوة تأخ ير الحكام الشرع ية ‪ ،‬وإلى تقد يس لفراد‬
‫ينوبون عن المنتظر ‪ ،‬ويكون العوام في دينهم في خداع وسراب من التباع الزائف ‪.‬‬
‫[‪]107‬‬
‫التبرك‬
‫خالد ‪ :‬هناك أمور ثبتـت للنـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم فيهـا البركـة والخيـر وذلك لبركـة‬
‫المصـطفى صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬وتعـد خصـوصية له ‪ ...‬أسـتغرب مـن ذلك الذي يأتـي‬
‫ويعممها على جميع نسله !‬
‫حيدر ‪ :‬هل تريد أن تمنع وجود البركة والتبرك بآل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم !‬
‫خالد ‪ :‬الجواز والمنع في مثل هذه المور لبد فيها من الدليل ونحن نعلم أن النبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم مبارك في جميع شأنه ! كدعائه وريقه وشعره وملبسه وكل أمره وهذا ثابت ل‬
‫جدال فيه ‪ ،‬ولكن ما الدليل على تعميم هذا المر على كثير من الشياء بعد مماته ! ؟‬
‫حيدر ‪ :‬أتريد أن تقول أن بركة النبي مقصورة على حياته دون مماته !‬
‫خالد ‪ :‬لنو ضح هذا ال مر بمز يد من البيان لي تبين المق صود ‪ ،‬كان ال صحابة ر ضي ال عن هم‬
‫يحر صون على ن يل ما تعلق بال نبي صلى اللّه عل يه و سلم من شعره وظفره وري قه وح تى‬
‫ملبسه ‪ ،‬لينالوا بركتها بإذن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وهذا له دليله من سيرة النبي صلى اللّه عليه‬
‫وسلم وجوازه لهم بفعله ‪ ،‬ولكن ما الدليل على أن تراب قبره وسيلة للستشفاء وطلب الخير‬
‫ودفـع الضـر ؟ ولو كان هذا المـر معلوما لمـا كان خافيا على الصـحابة ‪ ،‬والذيـن كانوا على‬
‫مقربة من قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم وليس ثمة مانع يمنعهم من الدخول ولمس القبر‬
‫ورؤي ته ‪ ،‬بل لجاوزوا هذا المفهوم إلى قبور أولده ! و هي في البق يع ‪ ،‬ومعلو مة حدود كل‬
‫قبر في زمنهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬و ما قولك في حرص الخليفت ين ( ر ضي ال عنه ما ) على أن يُدف نا بقرب قبر ال نبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫[‪]108‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا الحرص نا بع من اللت صاق الخوي الدي ني الذي كان بين هم في الدن يا ‪ ،‬وتقارب هم‬
‫مع بعضهم الب عض ‪ ،‬وأنهما كا نا دائما مترافق ين وهذا معلوم في ال سيرة ‪ ،‬فأح با أن يتقار با‬
‫ح تى في قبوره ما ‪ ،‬والذي يدلك على ف هم ال صحابة لقض ية ال تبرك والتو سل ما فعله ع مر‬
‫رضي ال عنه بمح ضر من الصحابة جميعهم من طلبه من العباس بأن يستسقي ال بإنزال‬
‫الغيث عليهم ‪ ،‬فلماذا لم يذهبوا إلى قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم ويتبركوا به لنزال الغيث‬
‫؟‬
‫حيدر ‪ :‬لعلك غفلت عن قوله تعالى ‪ { :‬وَقَالَ َلهُ مْ نَبِ ّيهُ ْم إِنّ آ َيةَ مُ ْلكِ هِ ‪( } ...‬البقرة ‪)248 : :‬‬
‫فهذه الية صريحة في الستدلل على التبرك ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ق بل أن أو ضح ما في ال ية الكري مة من مع نى ‪ ،‬أو جه لك هذا الت ساؤل لماذا دائما‬
‫نستدل بأخبار بني إسرائيل وغيرهم خاصة في أمور العقيدة ؟ أليس لنا في أفعال النبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم كفاية لنا في توحيدنا لربنا ؟‬
‫ولن سأل أنف سنا ‪ ،‬أ ين الدل يل من ال ية على وجود البر كة ؟ وبفرض وجود ها لنت ساءل هذه‬
‫البركة كانت لمن ‪ ،‬وبأمر من ‪ ،‬وفي أي زمن كانت ؟‬
‫وللعلم هذه الحادثة كانت في بني إسرائيل وأمرهم بذلك نبيهم ‪ ،‬من بعد أن أوحى ال إليه ‪،‬‬
‫ولنسـأل أنفسـنا ‪ :‬هـل شرع مـن كان قبلنـا شرع لنـا نحـن المسـلمين ؟ والجابـة بكـل يسـر‬
‫ووضوح ‪ ...‬ما أمرنا ودلنا عليه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم هو الذي ينبغي أن نأخذه ‪،‬‬
‫مثل بيانه لنا في الحجر السود والركن اليماني ‪ ،‬فعلينا التسليم دون المعارضة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولم هذا الحوار العريض حول هذه القضية التي تُعد من فروع الدين ؟‬
‫خالد ‪ :‬بل هي من صميم العقيدة أن يعلم المسلم من بيده النفع والضر ‪ ،‬فإننا سوف‬
‫[‪]109‬‬
‫نجـد ذلك العامـي الذي يعتقـد بقـبر هذا المام ‪ ،‬أنـه يشفـي مـن المراض ويحقـق الحاجات‬
‫فيقصده من دون ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وهذا مشاهد معلوم ل ينكره أحد ‪ ،‬والخشية ممن سيأتي‬
‫ب عد الباء ويكونون على ج هل فيقعون في الشرك ال كبر ودعاء غ ير ال ‪ ،‬و هم يظنون أن هم‬
‫يُحسنون صنعا ‪ ،‬فالخطأ يجب أن يُبتر من أوله ‪ ،‬وهذا واجب العلماء الربانيين أن يفعلوه ‪،‬‬
‫وأيضا ممن يحب الخير للمسلمين ‪.‬‬
‫[‪]110‬‬
‫الشفاعة‬
‫خالد ‪ :‬بعد النقاش حول موضوع ال تبرك ‪ ،‬الحوار يقود نا إلى مراجعة مفهوم اليمان بما في‬
‫اليوم الخر من الشفاعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وما الجديد في هذا المر ؟‬
‫خالد ‪ :‬ما من جديد في هذا المر ‪ ،‬ولكن تأكيدا على هذا الجانب حتى يتضح لنا جميعا بإذن‬
‫ال ‪ ،‬فهل تأذن لي ؟‬
‫حيدر ‪ :‬بكل سرور ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الشفاعة لها شروط لحدوثها وهي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬رضى ال عن المشفوع له ‪.‬‬
‫‪ -‬رضى ال عن الشافع ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬إذن ال تعالى للشافع أن يشفع ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫شفَاعَ ُتهُ مْ شَيْئًا‬


‫وهذه المور استنباطا من قوله تعالى ‪َ { :‬وكَم مّن مَل كٍ فِي الس َموَاتِ ل تُغْنِي َ‬
‫ن‬
‫ش َفعُو َ‬
‫إل ِم نْ َبعْدِ أَن يَأذَ نَ اللّ ُه ِلمَن يَشاءُ وَيرْضَى } (النجم ‪ )26 :‬وقوله عز وجل ‪ { :‬وَل َي ْ‬
‫ن ارْتَضَى } (النبياء ‪. )28 :‬‬
‫إل ِل َم ِ‬
‫حيدر ‪ :‬وهذا الثر ل لبس فيه ‪ ،‬بل هو من أساس العتقاد الذي ينبغي اليمان به ‪ ،‬وإضافة‬
‫إلى ما ذكرت ‪ ،‬هناك أعمال وأمور جُعل لها إمكانية الشفاعة ‪.‬‬
‫[‪]111‬‬
‫خالد ‪ :‬ن عم ‪ ،‬م ثل ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم والملئ كة وال صيام والقرآن وغير هم ‪ ،‬ول كن‬
‫ينبغي علينا التريث أولً قبل قبول أي حديث في هذا الموضوع حتى نتأكد من صحته ‪ ،‬ومن‬
‫ثمّ نعتقد ونعمل به ‪ ،‬ولنعلم أن ليس بمقدور أي مخلوق الشفاعة إل بعد إذن ال سبحانه له‬
‫‪.‬‬
‫ولن ينفع المسلم يوم القيامة إل صدق اتباعه للنبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وما قَ ّدمَ من عملٍ‬
‫ص ل سبحانه ‪.‬‬
‫صالحٍ خال ٍ‬
‫حيدر ‪ :‬وهل هذه المفاهيم أخطأ بها أحد من أهل السلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬التذكير ل يعني أن هناك خطأ ‪ ،‬بقدر ما هو حذر من أن يقع السوء وخاصة في جانب‬
‫العقيدة ‪ ،‬فالمسلم يخشى من أل يفهم أحد كيف تتحقق الشفاعة ‪ ،‬فلربما يدعو وليا أو إماما‬
‫عند قبر ما ليرزقه الشفاعة ‪ ،‬أو يأتي متعالم فيفتي العوام بأن من زار قبر كذا في يوم كذا‬
‫نالته الشفاعة يوم القيامة ‪ ،‬أو من كان محبّا للمام الفلني فهو من المشفعين ‪ ...‬وغيرها‬
‫من القاو يل ال تي نخ شى من نزول ها في رأس ب عض المتعالم ين الجهلة ‪ ،‬فيبثون ها للعوام‬
‫الذين يتبعون كل ناعق من غير سؤال أو استفسار ‪.‬‬
‫[‪]112‬‬
‫المهدي المنتظر ( عج )‬
‫خالد ‪ :‬أرى أن هناك اهتماما متزايدا من الكثير من الخوة الشيعة بالمهدي المنتظر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬ازدياد أعداد الملصـقات الدائريـة الخضراء التـي توضـع على السـيارات فـي الزجاج‬
‫الخلفي ‪ ،‬والحديث بكثرة عن المهدي المنتظر في المجالس العامة والخاصة ‪ ،‬وفي المؤلفات‬
‫‪ .‬أليس هذا دللة على زيادة بالهتمام هذا المعتقد ؟‬
‫حيدر ‪ :‬في المقا بل أل حظ تقا عس وعدم اهتمام بقض ية المهدي المنت ظر ( عج ) من ب عض‬
‫إخواننـا السـّنة ‪ ،‬وهذه القضيـة تعـد كمـا تعلم مـن القضايـا التـي ل خلف فيهـا بيـن السـنة‬
‫والشيعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ثبتـت النصـوص الصـحيحة حول هذا المـر مـن جميـع الجهات ‪ ،‬ولكـن المـر فيـه‬
‫اختلفات جوهرية ينبغي الشارة إليها ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل بالمكان توضيح ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬أهل ال سّنة يؤمنون بأن المهدي المنتظر رجل من نسل الرسول صلى اللّه عليه وسلم‬
‫واسمه محمد بن عبدال ‪ ،‬وهو إلى الن لم يُولد ‪ ،‬وفي آخر الزمان في زمن وجوده وحياته‬
‫سيهديه ال إلى الخ ير و سيقود ال مة مع نبي ال عي سى بن مر يم ضد الم سيح الدجال ‪،‬‬
‫ويح كم الم سلمين ‪ ،‬و سيفتح ال على يده الخ ير الكث ير ‪ ،‬و سيحكم بشري عة ال نبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫أ ما المهدي الذي ع ند الخوة الشي عة فإ نه من ن سل الر سول صلى اللّه عل يه و سلم وا سمه‬
‫هـ ‪.‬‬ ‫‪260‬‬ ‫محمد بن الحسن وأمه من الجواري ‪ ،‬ويقولون إنه تمت ولدته قبل سنة‬
‫[‪]113‬‬
‫سرّ من رأى ) في العراق وقيل في جبل رضوى في المدينة ‪،‬‬
‫وقالوا إنه غاب في سرداب ( ُ‬
‫ولما اختفى كان عمره قرابة الخمس أو ست سنوات ‪ ،‬ولم يحرم شيعته من علمه وفتواه ‪،‬‬
‫فجعلوا له سفراء أربعة يتصلون به ويتلقون منه ما يحتاجونه من علم ‪.‬‬
‫ثم تطور المر في الوقت الحاضر إلى وجود ولية الفقيه أو النائب عن المنتظر ‪.‬‬
‫ولن يظ هر المهدي إل في آ خر الزمان ب عد أن تمتل الرض ف سادا لين شر العدل ‪ -‬و هو ق تل‬
‫المسلمين من غير شيعته وإبادتهم ‪ -‬لتستقر الرض والحكم لشيعته فقط ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬و فق ما ذكرت فإن ال مر اختلف كل ية ‪ ،‬مع أن الن صوص في ك تب الئ مة قد بي نت‬
‫وأفاضت في ذكرعلمات المهدي وسيرته العطرة ‪ ،‬والسبب من اختفائه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ال سيرة العطرة ‪ ،‬تكون لذاك الن سان الذي يُرت جى م نه الخ ير والر فق والعدل من ب عد‬
‫الظلم ‪ ،‬وأي خير نرتجيه من إنسان سوف يكون همه سفك الدماء ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬ل عل ال مر الت بس عل يك في سيرة المام المهدي مع غيره م من ت سمّى بهذا ال سم‬
‫المبارك من حكام الدولة العباسية أو ممن جاء بعدهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬روايات صـحيحة فـي كتـب علماء الشيعـة ل تقصـد إل محمـد بـن الحسـن العسـكري‬
‫الموصوف بالمنتظر ‪ ،‬تبين أفعاله ‪ ،‬وليس غيره وخذ هذه الروايات ‪:‬‬
‫) للنعماني عن زرارة عن أبي جعفر‬ ‫‪231‬‬ ‫جاء في ( الغيبة للنعماني ص‬
‫]‬ ‫[‪114‬‬

‫عليه السلم قال ‪ :‬قلت له سمّه لي أريد القائم عليه السلم ‪ .‬فقال ‪ « :‬اسمه اسمي ‪ . 5‬قلت ‪:‬‬
‫أيسير بسيرة محمد صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال زرارة ‪ :‬هيهات هيهات يا زرارة ‪ ،‬ما يسير‬
‫ب سيرته قلت ‪ :‬جعلت فداك ولم ؟ قال ‪ :‬إن ر سول ال صلى اللّه عل يه و سلم سار في أم ته‬
‫بالم نّ ‪ ،‬كان يتألف الناس ‪ ،‬والقائم ي سير بالق تل ‪ ،‬بذاك أ مر في الكتاب الذي م عه أن ي سير‬
‫بالقتل ‪ ،‬ول يستتيب أحدا ‪ ،‬بل ويل لمن ناوأه » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الدين مبناه على الخير وتألف قلوب الناس على حب الل عليهم السلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا ليت ما تقول نجد له مسلكا مع هذا المهدي المنتظر ‪ ،‬وإل فإن المنتظر هذا سيُخرج‬
‫الحقاد الدفينـة فـي صـدور الشيعـة كمـا قالت الروايـة التـي ذُكرت عنـد العاملي فـي وسـائل‬
‫) بنص ‪ . ... « :‬ولول أن نخاف عليكم‬ ‫‪18/155‬‬ ‫) والبحراني في الحدائق (‬ ‫‪11/60‬‬ ‫الشيعة (‬
‫أن يُقتل رجل منكم برجل منهم ‪ ،‬ورجل منكم خير من ألف رجل منهم ‪ ،‬ومائة ألف منهم ‪،‬‬
‫لمرناكم بالقتل لهم ‪ ،‬ولكن ذلك إلى القائم » ‪.‬‬
‫ِمـ‬
‫وواضحـ ويجّلون العال َ‬
‫ٌ‬ ‫ّنـ‬
‫حيدر ‪ :‬تعلم يـا أخ خالد أن الشيعـة إخوة للسـّنة ‪ ،‬والحترام بي ٌ‬
‫والعامي ‪ ،‬والصغير والكبير ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا ل يت ال مر يتو قف ع ند الحترام المتبادل ب ين العلماء ‪ ،‬ول كن الروايات تك شف ل نا‬
‫كأن هناك انتقاما منتظرا سيحل على العلماء المخالفين للشيعة ‪ ،‬كما جاء في رواية الزنجاني‬
‫) عن أمير المؤمنين أنه قال ‪ « :‬وفقهاؤهم يفتون بما يشتهون ‪،‬‬ ‫‪104‬‬ ‫في حدائق النس (‬
‫وقضات هم يقولون ما ل يعلمون ‪ ،‬وأكثر هم بالزور يشهدون ‪ ،‬إذا خرج القائم ينت قم من أ هل‬
‫الفتوى » ‪.‬‬

‫‪ 5‬لحظ ‪ :‬لم يذكر محمد الباقر اسم المهدي ‪ ،‬لن في عقيدة الشيعة ل يجوز ذكر اسم المهدي‬
‫صراحة وقد يصل الحكم إلى التكفير ‪.‬‬
‫[‪]115‬‬
‫حيدر ‪ :‬يا أخ خالد مع كل ما تقول ‪ ،‬لعل المبغضين لل البيت عليهم السلم كذبوا ودسوا مثل‬
‫هذه الروايات الباطلة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا أخ حيدر ‪ ،‬إلى متى نحتج بالظنون ؟ فالعلم سنده العلم البيّن المتحقق منه ‪ ،‬وهذه‬
‫الروايات وغيرها كثير متناثرة في كتب الشيعة المعتمدة ‪ ،‬وتركها هكذا من غير تفنيد وبيان‬
‫لحال سندها ‪ ،‬يجعل نا نجزم بمواف قة العلماء علي ها ‪ ،‬ووال ل يس هناك م ثل سيرة الم صطفى‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ورفقه وحبه لمته ‪ ،‬حتى للعصاة منهم ‪ ،‬أما هذا المنتظر الموجود في‬
‫)‬ ‫‪233‬‬ ‫كتب الشيعة ‪ .‬فلن يحب أحد اللتقاء به خوفا منه كما قال النعماني في كتاب الغيبة (‬
‫عن محمد بن مسلم قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول ‪ « :‬لو يعلم الناس ماذا يصنع‬
‫القائم إذا خرج ‪ ،‬لحب أكثر هم أل يروه ‪ ،‬م ما يقتل من الناس ‪ ،‬أما إ نه ل يبدأ إل بقر يش ‪،‬‬
‫فل يأ خذ من ها إل ال سيف ول يعطي ها إل ال سيف ح تى يقول كث ير من الناس ل يس هذا من آل‬
‫محمد ‪ ،‬ولو كان من آل محمد لرحم » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لو اتفقت معك على فداحة ما قلت ‪ ،‬أظن أنك توافق على الروايات الدالة على وجود‬
‫المهدي ( عجل ال فرجه ) ‪ ،‬وأن في خروجه الخير للمسلمين بإذن ال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الوا قع يش هد ب ما ذكره العلماء المعتمدون ‪ :‬أ نه ل يس له ع ين ول أ ثر ‪ ،‬ول يعرف له‬
‫حس ول خبر ‪ ،‬لم ينت فع به أ حد ل في الد ين ول في الدن يا ‪ ،‬بل ح صل باعتقاد وجوده من‬
‫الشر والفساد ما ل يحصيه إل رب العباد ‪ ،‬مثل ما ذكرت لك من روايات علماء الشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أتريد أن تقول بان المام المنتظرل وجود له ‪ ،‬وأنه لم يولد بعد ؟‬
‫)‬ ‫‪102‬‬ ‫) والمقالت والفرق (‬ ‫‪93‬‬ ‫) وإكمال الديـن (‬ ‫‪1/553‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء فـي أصـول الكافـي (‬
‫) أن الحسن بن علي بن‬ ‫‪13/26‬‬ ‫) وتاريخ الطبري (‬ ‫‪96‬‬ ‫وفرق الشيعة (‬
‫[‪]116‬‬
‫محمـد لمـا مات لم يكـن لديـه عقـب ‪ ،‬ولم تكـن لديـه زوجـة أو جاريـة حملت وذكروا القصـة‬
‫بالتفصيل ‪ ،‬التي ثبت من بعدها أن المام الحسن العسكري لم يكن عنده ابن يسمى بمحمد أو‬
‫المهدي المنتظر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا المر بهذه الرواية يوقف حوارنا حول المهدي المنتظر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬والغرب من هذا وذاك ‪ ،‬أن كتاب الكا في للكلي ني ك ما جاءت الروايات قد تم عر ضه‬
‫على المهدي المنتظر وهو بالسرداب فوافق على ما فيه وأنه كما قال ‪ « :‬كا فٍ لشيعته » ‪،‬‬
‫مع أن في الكافي الرواية التي تطعن في وجوده !!‬
‫وكذلك الخلف في مكان اختفائه يدل على التناقض ‪ ،‬فرواية تنص على سامراء وأخرى طيبة‬
‫( المدينه المنورة ) ‪ ،‬وثالثة على جبل رضوى قرب المدينة ‪ ،‬وليس هناك من تحقيق حول‬
‫الصحيح من الضعيف في المر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وماذا عن دعاء ( عج ) بمعنى عجل ال فرجه ؟‬
‫خالد ‪ :‬نحن مأمورون بالعمل والقول الذي ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ .‬والذي قد‬
‫تم الشرع وك مل بوفا ته صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬فماذا سوف يزيد نا المهدي في دين نا ؟ !‬
‫وماذا سيُتم من ناقص ؟‬
‫ولنتسـاءل هل نريـد ذلك المهدي الذي سـيقتل النواصـب الذيـن ل يؤمنون بالوليـة والمامـة‬
‫لمير المؤمنين علي رضي ال عنه ‪ ،‬وحتى يمل الرض عدلً لنها امتلت ظلما وجورا من‬
‫قِبَل النواصـب وعوام المسـلمين على حـد زعـم بعـض المتعالميـن ؟ ! أم أنـه سـينشر العدل‬
‫والخير بين الناس جميعهم !‬
‫وهل نعطل الشرع ومصالح المسلمين لمر غيبي موهوم ‪ ،‬أم أن المسلم يجدّ‬
‫[‪]117‬‬
‫في الطاعة التي عُلمت عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬والذي أكمل لنا الدين بشهادة‬
‫الحق سبحانه ‪ { :‬الْ َيوْ َم أَ ْكمَلْ تُ لَكُ مْ دِي َنكُ مْ وَأَ ْت َممْ تُ عَلَ ْيكُ مْ ِن ْعمَتِي َورَضِي تُ لَكُ مُ الِ سْلمَ دِينًا }‬
‫(المائدة ‪ )3 :‬ويدعو ال أن يصلح أحوال المسلمين إن كان هناك ثمّة خطأ ‪.‬‬
‫[‪]118‬‬
‫أبو طالب‬
‫حيدر ‪ :‬أعجب من أولئك الذين يذكرون آل بيت ال نبي صلى اللّه عليه وسلم في مجالسهم ‪،‬‬
‫ول يعرجون في حديث هم على أ سرة ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم من ج هة أعما مه وعما ته‬
‫وأخواله وخدمه ‪ ،‬والمحيطين به عليهم الصلة والسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ك تب التار يخ وكذلك الحاد يث ‪ ،‬لو فتشناه ما لوجد نا فيه ما كما كبيرا في بيان ذلك ‪،‬‬
‫وذ كر وا ضح لعل قة أ سرة ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم به ق بل الهجرة وبعد ها ‪ ،‬و َم نْ الذي‬
‫نصر النبي صلى اللّه عليه وسلم و َمنْ الذي كفر ولم يتبع النبي صلى اللّه عليه وسلم كعميه‬
‫أبي طالب وأبي لهب ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ماذا تقول ؟ هل ل زلت على حيرتك في شأن الذي نصر النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫وحماه وذاد ع نه ود فع أذى الكفار عن ا بن أخ يه ‪ ،‬وف عل أمورا ع جز عن ها الكثيرون ‪ ،‬ف هل‬
‫تتجرأ أن تقول عليـه هذه المقولة الشنيعـة ‪ ،‬مـع العلم أنـه كان على ديـن الحنيفيـة ‪ ،‬ديـن‬
‫إبراهيم ! وقال في حقه النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬وال ما نالت مني قريش ما أكرهه‬
‫حتى مات أبوطالب » ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أعمال أ بي طالب مذكورة ومعلو مة في التار يخ ‪ ،‬والر جل ل يُ عد من أ هل ال سلم إل‬
‫بن طق الشهادت ين للدللة على ما في القلب من إقرار وت صديق ‪ ،‬وك ما أن نا ن ستدل بب عض‬
‫أحاديث البخاري رحمه ال لتدعيم ما نحب ‪ ،‬فل َم ل نعدل ونذكر كل الحق وليس أنصافه ؟‬
‫حيدر ‪ :‬وما تعني بقولك هذا ؟‬
‫خالد ‪ :‬جاء في روا ية البخاري ت حت باب أبوطالب حد يث العباس ل ما سأل ال نبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم‬
‫[‪]119‬‬
‫عن ع مه فقال ‪ « :‬هو في ضحضاح من النار ‪ ،‬ولول شفاع تي لكان في الدرك ال سفل من‬
‫النار » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أبو طالب أقر بنفسه أنه مؤمن بقوله ‪:‬‬
‫حتى أوسد في التراب دفينا‬ ‫وال لن يصلوا إليك بجمعهم‬
‫من خـير أديان البرية دينا‬ ‫ولقد علمت بأن ديـن محمد‬
‫خالد ‪ :‬وتكملة البيات ‪:‬‬
‫لوجدتني سمحا بذاك مبينا‬ ‫لول الملمة أو حَذاري سُبّة‬
‫وجاء أنه أيضا قال ‪:‬‬
‫تجر على أشياخنا فـي المحافل‬ ‫فوال لول أن أجيء بسبة‬
‫من الدهر جَدا غير قول التهازل‬ ‫لكنّا تبعناه علـى كـل حالة‬
‫حيدر ‪ :‬إذا أنت تقر بأن عم النبي صلى اللّه عليه وسلم كان على اليمان بدللة علمه بنبوة‬
‫ابن أخيه ؟‬
‫خالد ‪ :‬الشاهد قوله « ولقد علمت ‪ ، » ...‬والعلم بالشيء ل يعني أن صاحبه مُصَدق به ‪ ،‬أي‬
‫مؤم نٌ به متب ٌع له ‪ ،‬ولو قل نا بم ثل ما ت ظن يا أخ حيدر ‪ ،‬لكان إبلي سَ و هو رأس الك فر ‪،‬‬
‫والذي هو من أعلم الخلق بال تعالى ‪ ،‬لوجب علي نا أن نح كم بإيما نه ‪ ،‬ولك نه مع هذا كله ‪،‬‬
‫فهو خارج عن دائرة السلم بالكلية ‪،‬‬
‫[‪]120‬‬
‫فاليمان يحتاج إلى العلم ‪ ،‬ولن الت صديق الجازم بالقلب ثم الن طق به و هو القرار ‪ ،‬ي تم به‬
‫صحة اليمان ‪ ،‬وكذلك العمل ‪.‬‬
‫فالمر واضح ل لبس فيه ‪.‬‬
‫وماذا يضـر المرء إن كفـر أهله أو أحـد أبنائه أو إحدى زوجاتـه ‪ ،‬وال يقول ‪ { :‬وَل َتزِرُ‬
‫خرَى } (القصص ‪ ، )56 :‬وهؤلء النبياء وهم صفوة الخلق حصل لهم مثل هذه‬
‫وَا ِزرَةٌ ِوزْ َر ُأ ْ‬
‫كل‬
‫المور ‪ ،‬ولم يقدح ذلك في سيرتهمِ ‪ ،‬أو أن ي حط من قدر هم وال سبحانه يقول ‪ { :‬إِنّ َ‬
‫ن ال ّلهَ َيهْدِي مَن َيشَاءُ } (فاطر ‪. )18 :‬‬
‫ت وَلَ ِك ّ‬
‫َتهْدِي َمنْ َأحْببْ َ‬
‫حيدر ‪ :‬المر يبدو لي غريبا من أن نقول أن من كان يحمي النبي صلى اللّه عليه وسلم كان‬
‫على الكفر وهو كان حبيبا له وقريبا من قلبه !‬
‫خالد ‪ :‬هذا المر ينبغي علينا أن ل نستنكر وقوعه ‪ ،‬لنه قد وقع للنبياء السابقين فنوح أحد‬
‫أبنائه وأيضا زوج ته في النار لكفره ما ‪ ،‬وهذا إبراه يم والده كا فر ‪ ،‬وامرأة لوط في النار ‪،‬‬
‫و عم الم صطفى صلى اللّه عل يه و سلم أنزلت ب سببه سورة ند عو عل يه ب ها وأ نه في النار ‪،‬‬
‫فالمر بيد ال سبحانه يهدي َمنْ يشاء ويضل مَن يشاء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن هناك العديد من المؤلفات تبين وتوضح هذا الموضوع ‪ ،‬أعني إسلم عم النبي‬
‫أبي طالب !‬
‫خالد ‪ :‬ديننا ‪ -‬ول الحمد والمنة ‪ -‬مؤسس على الدليل والنقل الصحيح ‪ ،‬وليس على حشو‬
‫الكلم وتأجيج العاطفة ‪ ،‬فمهما كُتب حول هذا الموضوع من مؤلفات ‪ ،‬و سُطرت من كلمات ‪،‬‬
‫يتبقى لدى المسلم الحريص على دينه سؤال واحد ‪ ،‬ما الدليل على ما نذكر ونقول ؟‬
‫[‪]121‬‬
‫وليس الدليل في نصوص الشريعة من بيت شعر من أيام الجاهلية قاله رجل ل يُعلم حاله ‪،‬‬
‫ونتشبث به ‪ ،‬ولكن الدليل قال ال أو قال الرسول صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬أو ث بت نقله عن‬
‫أحد من الصحابة رضوان ال عليهم ‪ ،‬ولم يُنكر عليه أحد ‪ ،‬وما سوى ذلك فترهات ‪ ،‬وجمع‬
‫حطـب بليـل ‪ ،‬وتذكـر يـا حيدر أن نصـا واحدا صـحيحا سـيحرق ‪ -‬بإذن ال ‪ -‬آلف الكتـب‬
‫الباطلة ‪ ،‬ول الحمد ‪.‬‬
‫[‪]122‬‬
‫معاوية ويزيد‬
‫خالد ‪ :‬الحد يث عن عدالة ال صحابة يقود نا إلى الحوار حول تجرأ ن سبة ملح ظة من الشي عة‬
‫تعلق لسانهم بالشتم والنقيصة للصحابة ( رضي ال عنهم ) ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لكن الخوة الشيعة ل يذكرون ول يتبرؤون إل ممن استحق اللعن والشتم ‪ ،‬وبالخص‬
‫ممن اعتدى وتجرأ على الل الكرام عليهم السلم ‪ ،‬كيزيد ووالده ‪.‬‬
‫وقد جاء في فتح الباري عن أحمد بن حنبل أنه سئُل عن علي ومعاوية ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن عليّا كان‬
‫كث ير العداء ‪ ،‬فف تش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا ‪ ،‬فعمدوا إلى ر جل قد حار به ‪ ،‬فأطروه كيدا‬
‫منهم لعلي ‪.‬‬
‫فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاو ية من الفضائل م ما ل أ صل له ‪ .‬أي كأن ال مر نكا ية من‬
‫أعداء علي رضي ال عنه ‪ ،‬وأن معاويه ل شأن له بالمر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬معوقات أي حوار ‪ ،‬هو تغلغل العواطف في القضايا الشرعية ‪ ،‬وإل فإن هذه الرواية‬
‫ذكرها العلمة ابن حجر العسقلني شارح البخاري ليبطل دليل مَن يقول ‪ ،‬أن معاوية لم تذكر‬
‫له أية فضائل فقال بعد هذا مباشرة ‪:‬‬
‫« عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله ( باب ‪ :‬ذكر معاوية رضي ال عنه ) ولم يقل ‪.‬‬
‫فضيلة ول منق بة لكون الفضيلة لم تأ خذ من حد يث الباب ‪ ،‬لن ظا هر شهادة ا بن عباس له‬
‫بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير ( حديث إن معاوية كان يوتر بركعة واحدة فقال عنه‬
‫ابن عباس ‪ :‬إنه فقيه ) » ( ‪. )7/131‬‬
‫إذن شارح البخاري ل يؤيـد المقولة ال سابقة ال تي ذكرتهـا ‪ ،‬بدل يل ذ كر الحاد يث ال صحيحة‬
‫الواردة في شأن أمير المؤمنين معاوية رضي ال عنه ‪.‬‬
‫[‪]123‬‬
‫حيدر ‪ :‬الروايات المبينة لما اقترفه معاوية وابنه ‪ ،‬تجاه أمير المؤمنين علي وابنه الحسين‬
‫عليهما السلم ‪ ،‬ل تخفى على مسلم لبيب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنأ خذ ال مر برو ية ‪ ،‬وبتمح يص للمور الشني عة ال تي اقترفا ها ك ما يُذ كر عنه ما و فق‬
‫التي ‪:‬‬
‫‪ -‬معاوية كان أميرا على الشام منذ عهد أمير المؤمنين عمر رضي ال عنه ‪ ،‬ولم يُعزل‬ ‫‪1‬‬

‫من منصبه حتى خلفة علي رضي ال عنه ‪.‬‬


‫‪ -‬هل ثبت بنقل صحيح أن معاوية كانت له مواقف سيئة أو اُنتقد عليها ‪ -‬قبل خلفة علي‬ ‫‪2‬‬

‫رضي ال عنه ‪ -‬وتطعن في إيمانه ؟‬


‫‪ -‬ما سبب الخلف بين أمير المؤمنين علي ومعاوية ( رضي ال عنهما ) ‪ ،‬أهو في ركن‬ ‫‪3‬‬

‫من أركان السلم أم في مسائل اجتهادية ؟‬


‫‪ -‬لو كان الخلف بينهما في قضية ل يمكن لمير المؤمنين التنازل ول التراجع عنها ‪ ،‬فلِم‬ ‫‪4‬‬

‫فعل الحسن بن علي أمرا آخر غير ما صمم وقاتل عليه والده ؟‬
‫ويكون الحسن بهذا قد ترك أمرا عظيما طواعيةً منه ‪.‬‬
‫‪ -‬ل َم عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى معاوية كتابة الوحي ( القرآن ) الذي هو أعظم‬ ‫‪5‬‬

‫أمانة يؤتمن عليها ؟‬


‫حيدر ‪ :‬النسان يتغير ولربما يبُطن غير الذي يظهر إذا أحب الدنيا وركن إليها ‪ ،‬وهذا نجده‬
‫واضحا من قبل ابنه يزيد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لندع الكلم الذي ل سند له غير الزعم ‪ ،‬فيجرنا من بعده إلى الفهم السيء ‪ ،‬فمعاوية‬
‫رضي ال عنه قد لبث في حكم الشام فترة تزيد عن الثلثين سنة ‪،‬‬
‫[‪]124‬‬
‫وأهل الشام كانوا أهل استقرار وحكمة وروية كحال أميرهم ‪ ،‬وليس مثل أهل الكوفة الذين‬
‫) ‪ « :‬أرى وال أن معاوية خير لي من‬ ‫‪2/290‬‬ ‫قال فيهم الحسن بن علي ( الحتجاج للطبرسي‬
‫هؤلء ‪ ،‬يزعمون أنهـم لي شيعـة ‪ ،‬ابتغوا قتلي ‪ ،‬وانتهبوا ثقلي ( متاعـي ) ‪ ،‬وال لئن آخـذ‬
‫من معاوية عهدا أحقن به دمي وأمن به أهلي ‪ ،‬خير من أن يقتلوني ‪ ،‬فتضيع به أهل بيتي‬
‫وأهلي » ‪.‬‬
‫والخلف يطرأ بين الخوة في البيت الواحد ‪ ،‬والبلد الواحد ‪ ،‬فكيف إذا كان في مواجهة فتنة‬
‫لم يعهد لها الصحابة مثيلً ‪ ،‬وهي مقتل أمير المؤمنين عثمان ‪ ،‬واختلفت الفهام في كيفية‬
‫معالجة هذه الطامة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ومـا قولك فـي الذي أمـر بقتـل سـيد شباب أهـل الجنـة ‪ ،‬وأهان آل بيـت النـبي فـي‬
‫كربلء ‪ ،‬و قد أ خبر ال نبي بمقتله ‪ ،‬ك ما ث بت ذلك بالروايات ال صحيحة في هذا الشأن ‪ ،‬ف هل‬
‫نسكت عن هذا الفعل الشنيع !‬
‫خالد ‪ :‬ما حدث في زمن يزيد ‪ ،‬ل يعفيه من اللوم والخطأ الذي وقع من جنده وقد ثبت أنه لم‬
‫يعاقب أحدا ‪ ،‬ولكن السؤال الذي يَرِدُ على الذهان ‪:‬‬
‫‪ -‬ال نبي صلى اللّه عليه وسلم أخبر بمقتل سبطه الحسين وأخبر بمقتل علي وكذلك عن‬ ‫‪1‬‬

‫الصلح الذي سيعمله الحسن بين المسلمين ‪ ،‬هذه كلها أمور خبرية ‪ ،‬فما الدليل على وجوب‬
‫اللعن في كل سنة على جميع بني أمية ‪ ،‬وفيهم من لم يرتكب جرما ‪ ،‬في حق علي رضي ال‬
‫عنه ؟‬
‫‪ -‬أين الرواية الصحيحة الدالة على أن جيش يزيد ‪ ،‬كان مرسلً لقتل الحسين رضي ال‬ ‫‪2‬‬

‫عنه ؟ و هل هناك َم نْ يعترض على حما ية الدولة من الف تن والقل قل ‪ ،‬خا صة إن جاءت من‬
‫قبل أهل الكوفة في العراق ؟‬
‫‪ -‬لِ َم لم يأمرنا النبي صلى اللّه عليه وسلم بفعل أمر معين ‪ ،‬إذا وقعت مقتلة الحسين ‪ ،‬مع‬ ‫‪3‬‬

‫أنه‬
‫[‪]125‬‬
‫أخبر بوقوعها ؟ ‪ ،‬فهل نحن نحب الحسين أكثر من النبي ‪ -‬صلى اللّه عليه وسلم ؟ أم نحن‬
‫أعلم بما ينبغي فعله أمام هذه الحوادث ؟‬
‫‪ -‬الحسين رضي ال عنه من أهل الجنة كما أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك ‪ ،‬إذن‬ ‫‪3‬‬

‫لِمَ نُجدد الحزن عليه وقد شُهد له بالجنة ‪ ،‬ول نشاهد مثل هذا الحزن علىَ من هو أفضل منه‬
‫‪ ،‬كعلي والحسن رضي ال عنهما ‪ ،‬ومن قبلهما سيد ولد آدم صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫‪َ -‬م نْ الذي ق تل الح سين ر ضي ال ع نه ؟ هذا سؤال م هم يج يب ع نه آ ية ال العظ مى‬ ‫‪4‬‬

‫) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر وهو‬ ‫‪1/26‬‬ ‫محسن المين كما يروي في أعيان الشيعة (‬
‫يذ كر الم سئول عن دم سبط ر سول ال صلى اللّه عل يه و سلم فيقول ‪ « :‬فبو يع الح سن اب نه‬
‫فعو هد ثم غُ ِدرَ به وُأ سْلِم وو ثب عل يه أ هل العراق ح تى طُعِن بخن جر في جن به ‪ ،‬وانت هب‬
‫عسـكره فوادع معاويـة ‪ ،‬وحقـن دمـه ودم أهـل بيتـه ‪ ...‬ثـم بايـع الحسـين مـن أهـل العراق‬
‫عشرون ألفا غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم فقتلوه » ‪.‬‬
‫فالنصـوص واضحةٌ فـي حال معاويـة رضـي ال عنـه وكذلك ابنـه يزيـد ‪ ،‬والمرء ل تجره‬
‫عاطفته فيغمض عينه عن الحق ويتغافل عنه ليأخذ ما يحب ويهوى لذا روى الكشي ( ص‬
‫) عن المام الصادق أنه قال ‪ « :‬لو قام قائمنا بدأ بكذابي شيعتنا فقتلهم » ‪.‬‬ ‫‪253‬‬

‫حيدر ‪ :‬إن أظ هر الم سلمون لش يء من حزن هم على َم نْ يحبون ‪ ،‬هل يُلمون على ذلك ؟ أم‬
‫أفهم في قولك تقليل لحادثة استشهاد الحسين رضي ال عنه !‬
‫خالد ‪ :‬حاشا ل أن تصدر مني كلمة أقلل فيها من قدر َم نْ نحب من آل بيت المصطفى صلى‬
‫اللّه عليه وسلم وهذا أمر علينا أن نسير عليه دائما مع َمنْ نحب ‪ ،‬وأيضا مع َمنْ‬
‫[‪]126‬‬
‫نب غض ‪ ،‬فإن ال سموات والرض لم تقو ما إل بميزان العدل والق سط ‪ ،‬وآل ب يت ال نبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم نحبهم لحبنا لرسول ال صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ونسأل ال أن يحشرنا مع‬
‫هذه الزمرة الطيبة المباركة في الفردوس العلى برفقة حبيبنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫[‪]127‬‬
‫زوجات النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫حيدر ‪ :‬ما دمنا قد تحاورنا حول موضوع معاوية وابنه وكذلك الصحابة فل مِ ل نعرج حول ما‬
‫اعترى قضية زوجات النبي ‪ -‬صلى اللّه عليه وسلم من لبس ‪ ،‬وسوء تحديد في القدر ؟‬
‫خالد ‪ :‬شأنهن وقدرهن معلومٌ في قلوب المؤمنين ‪ ،‬فأين اللبس ؟‬
‫حيدر ‪ :‬جنوح البعض منهن بعد وفاة النبي عليه السلم إلى الدنيا ‪ ،‬والتشجيع والتأليب على‬
‫أمير المومنين علي عليه السلم ‪ ،‬ومع حقيقة هذا المبدأ نجد من بعض الخوة السنة إنكارا‬
‫وطمسا للحقائق ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬قبل أن نتحاور حول ما تقول لنتذكر قاعدةً عظيمةً ‪ ،‬وهي أننا نتكلم عن زوجات النبي‬
‫صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬واختيار هن تم بمواف قة من ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وأ مر م نه بالتحد يد‬
‫للبعض منهن ‪ ،‬وأيضا لنتذكر أن ال سبحانه نزه نبيه في حياته من أن يُطعن في عرضه أو‬
‫بعـد وفاتـه ‪ ،‬وال ‪ -‬سـبحانه ‪ -‬وصـف زوجات النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم بأن هن أمهات‬
‫س ِه ْم وََأ ْزوَاجه ُأ ّمهَا ُتهُ مْ } (الحزاب ‪:‬‬
‫للمؤمنين بقوله تعالى ‪ { :‬النّ ِبيّ َأوْلَى بِا ْل ُم ْؤمِنِي نَ ِم نْ أَنفُ ِ‬
‫‪. )6‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا مما ل جدال فيه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬على ضوء هذا أقول لك يا أخي إن المرء يلتمس جميع العذارالممكنة إن أخطأت أمه‬
‫من النسب ‪ ،‬فما هو حالنا تجاه أمهاتنا بالدين ‪ ،‬وهن ( رضي ال عنهن ) زوجات نبينا صلى‬
‫اللّه عليه وسلم ؟‬
‫[‪]128‬‬
‫خالد ‪ :‬لنتذ كر ق صة ال فك ‪ ،‬واتهام المنافق ين لم المؤمن ين عائ شة ( ر ضي ال عن ها ) أن ها‬
‫وق عت في الفاح شة ‪ ،‬ثم برأ ها ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬و مع ذلك يعلم ال أن ها بعيدة كل الب عد عن‬
‫م ثل هذه القاذورات ‪ ،‬وحذر نا سبحانه وتعالى من ب عد هذه الحاد ثة المفتراة أن يأ تي م سلم‬
‫ظكُ مُ اللّ هُ أَن تَعُودُوا ِلمِثْلِ هِ أَبَدًا إِن كُنتُم‬
‫ويطعن في عرضها في المستقبل كما قال تعالى ‪ { :‬يَ ِع ُ‬
‫ِينـ } (التوبـة ‪ )17 :‬فغيـر المؤمنيـن ‪ ،‬قـد تسـول لهـم أنفسـهم بالخوض فـي عرض أم‬
‫مّ ْؤمِن َ‬
‫المؤمنين مرة أخرى ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا بعيدٌ جدا أن يقع من أحد من أهل اليمان ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إذن ماذا نقول في من ذكر في كتابه ‪ ،‬أن عائشة رضي ال عنها كا نت تر يد الزواج‬
‫من ع بد الرح من بن عوف ؟ أو يأ تي من يف سر اليات ويقول إن المق صود من امرأة نوح‬
‫وامرأة لوط ه ما عائ شة وحف صة ‪ ،‬أو ذاك الذي يد عو على أم المؤمن ين ( ر ضي ال عن ها )‬
‫من خلل دعاء صنمي قريش الشنيع !‬
‫أليس هذا قد خالف قول ال سبحانه من توقير أمهات المؤمنين ؟‬
‫وقذف أم المؤمنين ( رضي ال عنها ) والفتراء عليها ل يزال قذره موجودا في بعض الكتب‬
‫) ‪ ،‬و في بيان ال سعادة‬ ‫‪4/358‬‬ ‫م ثل تف سير الق مي ( سورة التحر يم ) والبرهان للبحرا ني (‬
‫)‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫) وفي بحار النوار للمجلسي ( ج ‪/40‬ص‬ ‫‪3/253‬‬ ‫لسلطان الجنابذي (‬
‫حيدر ‪ :‬معـك الحـق فيمـا ذكرت ‪ ،‬ولكـن لماذا خرجـت أم المومنيـن مـن منزلهـا وذهبـت مـع‬
‫الجيش ضد أمير المؤمنين علي عليه السلم !‬
‫خالد ‪ :‬هذا سؤال وجيه ‪ ،‬ولنرجع بالذاكرة إلى ذاك الزمان العصيب ولنتساءل‬
‫[‪]129‬‬
‫أليس المر في حينه لما وقع قد اختلط فيه الحق بالباطل عند مجموعة من المسلمين ‪ ،‬أما‬
‫كان ينبغي توح يد الكل مة ‪ ،‬وجمع ال صفوف ؟ خاصة ب عد مق تل أم ير المؤمن ين عثمان ر ضي‬
‫ال عنه ‪ ،‬لجل هذا اجتهدت ( رضي ال عنها ) في الخروج ‪ ،‬وعلي رضي ال عنه كان في‬
‫المدينـة ولكـن كمـا قلت لك سـابقا ‪ :‬هـل هذا السـبب مدعاة إلى أن نلعنهـا ونسـبها وهـي أم‬
‫المؤمنين كما أخبر ال بذلك ؟‬
‫حيدر ‪ :‬يقال أن لها يدا في مقتل عثمان رضي ال عنه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ومـن هذا الذي بمقدوره التيان بالبرهان على صـحة هذا الفتراء فـي فترة عصـيبة‬
‫مُلئت بالف تن من قبل أ هل العراق وم صر ؟ ولو كان ما قيل صحيحا هل كان هذا يخفى على‬
‫معاوية رضي ال عنه وهو الذي كان يطالب بدم عثمان رضي ال عنه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا ما المر الواجب أن نتخذه في مثل هذه المواقف والقضايا ؟‬
‫خالد ‪ :‬ينب غي علينـا ابتداءً أن نتذ كر ع من نتكلم ‪ ،‬قال تعالى ‪ { :‬النّبِيّ َأوْلَى بِا ْل ُم ْؤمِنِي نَ ِم نْ‬
‫ج هُ ُأ ّمهَا ُتهُ ْم } (الحزاب ‪ )6 :‬فهل يرضى أي مسلم أن يُنتقص من والدته من‬
‫س ِهمْ وََأزْوَا ُ‬
‫أَن ُف ِ‬
‫الولدة أو من الدين ‪ ،‬ول ننسى أنها زوجة خليل رب العالمين محمد صلى اللّه عليه وسلم ‪،‬‬
‫والرجل من عامة المسلمين يدافع عن عرضه بكل شيء ‪ ،‬فهل يهون علينا أن ننتقص من‬
‫قدر زوجة نبينا صلى اللّه عليه وسلم وهي كما حكم ال أمّ لكل مؤمن بال ‪ ،‬والمقولة بأن أم‬
‫المؤمنيـن ألَبـت الناس على أمراء المؤمنيـن يحتاج الى دليـل والكتـب المبغضـة للصـحابة‬
‫رضوان ال عليهم تحتاج إلى تصحيح ‪ ،‬قبل رمي الكلم جزافا ‪.‬‬
‫[‪]130‬‬
‫حيدر ‪ :‬أفهم من كلمك أنك تريد إذا أن نغض الطرف عن جميع أخطاء أم المؤمنين عائشة‬
‫وغيرها ‪ ،‬ول نخوض فيها ؟‬
‫خالد ‪ :‬التار يخ ال صحيح ل ي ستطيع أ حد أن يطم سه ‪ ،‬ول كن العا قل يأ خذ ال عبرة والفائدة مع‬
‫إعطاء مَن سبقوه المكا نة اللئ قة ب هم ‪ ،‬وخ طأ الكرام ينب غي أن يقذف في بحار ح سناتهم ‪،‬‬
‫ليتلشى بإذن ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وليعلم المؤمن أنه ل يبتدأ الكلم في أخطاء من سبقه وانتهى‬
‫أمره إلى ال إل لبيان حـق أو دفـع باطـل ‪ ،‬وماذا سـيجني ذاك السـفيه إن خاض فـي أمهات‬
‫المؤمنيـن ونبـش حياتهـن الطاهرة ‪ ،‬كأن لسـان حاله يقول ‪ :‬انظروا إلى زوجات نـبيكم ماذا‬
‫اقترفت أيديهن ‪.‬‬
‫ومثل هذه المور أيضا ل تُذكر عند العوام ول تُذاع في المحاضرات أو الندوات أو الشرطة ‪،‬‬
‫فال قد عصم أيدينا من هذه الفتنة العصيبة ‪ ،‬فلنحفظ ألسنتنا منها أيضا ‪.‬‬
‫فال نسأل أن يغفر لمن سبقنا بالسلم وأن يعصم ألسنتنا عن ذكرهم بسوء ‪.‬‬
‫[‪]131‬‬
‫الخُمس‬
‫خالد ‪ :‬وجدت أ حد الخوة الشي عة ير هق نف سه بد فع مبلغ من المال و سماه الخ مس ‪ ،‬وذ كر‬
‫لي أنه كالزكاة ‪ ،‬وهو غير الصدقة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ن عم ‪ ،‬وبارك ال ف يه ‪ ،‬وأذكّرك بال ية الكري مة الدالة على ما ف عل ‪ { :‬وَاعْ َلمُوا أَنمَا‬
‫سهُ وَلِلرسُولِ وَلِذِي ا ْلقًرْبَى } (النفال ‪. )41 :‬‬
‫خمُ َ‬
‫شيْء فَأَن لِّلهِ ُ‬
‫غَ ِنمْتُم مِن َ‬
‫خالد ‪ :‬لكـن اليـة الكريمـة ل تفيـد أخـذ نسـبة محددة مـن كـل مـا يكسـبه المسـلم فـي حياتـه‬
‫العتيادية ‪ ،‬ونطلق على ما يدفعه « خمسا » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الية جاءت في سياق النكرة الدالة على العموم في كل ما يحوزه المسلم ‪.‬‬
‫ن الَنفَالِ ُقلِ‬
‫ع ِ‬
‫خالد ‪ :‬جاءت ال ية ال سابقة في سورة النفال وال تي في بدايت ها { يَ سْأَلُونَكَ َ‬
‫) ‪ ،‬ثـم جاء التفصـيل عـن النفال التـي غنمهـا‬ ‫‪1‬‬ ‫الَنفَالُ لِله وَالرّسـُولِ ‪( } ...‬النفال ‪:‬‬
‫المسـلمون مـن غزوة بدر ‪ ،‬إذا فالمـر لسـبب خاص وليـس فيـه عموم ‪ ،‬فأيـن النـص على‬
‫التعميم ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن الل غة جاءت لخد مة المع نى الذي أخذه علماء الشي عة ‪ ،‬من أن المغ نم ل يكون‬
‫في ساحة الحرب فقط ‪ ،‬ولكن في كل ما يغنمه المسلم في حياته ‪ ،‬والقرآن جاء بلغة العرب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لو راجعت قواميس اللغة مثل القاموس المحيط ومختار الصحاح لوجدت أنها تذكر أن‬
‫الخُ مس يكون في الحرب والغنائم ول يس في أمور الحياة العتياد ية ولم ي قل م سلم بأن ما‬
‫يكسبه المرء في حياته ‪ ،‬وخاصة من التجارة ‪ ،‬يسمى غنيمة ‪ ،‬بل هو ربح وتجارة وتكسب ‪.‬‬
‫[‪]132‬‬
‫خالد ‪ :‬السنة النبوية تبين ما أجمل وأبهم في القرآن ‪ ،‬ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم‬
‫عن أبي هريرة قال ‪ :‬خرجنا مع رسول ال صلى اللّه عليه وسلم إلى خيبر ‪ ،‬فلم نغنم ذهبا‬
‫ول ورقا ( فضة ) ‪ ،‬غنمنا المتاع والطعام والثياب ‪ ،‬ثم انطلقنا إلى الوادي ‪ ،‬ومع رسول ال‬
‫صلى اللّه عليه وسلم عبدٌ له وهبه له رجل من جٌذام ‪ ،‬فلما نزلنا قام عبدُ رسول ال ‪ -‬صلى‬
‫اللّه عليه وسلم يحل رحله ‪ ،‬فرُمي بسهم فكان فيه حتفه ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬هنيئا له الشهادة يا رسول‬
‫ال فقال ‪ « :‬كل ‪ ،‬والذي نفس محمد بيده ‪ ،‬إن الشملة لتلتهب عليه نارا ‪ ،‬أخذها من الغنائم‬
‫يوم خ يبر ‪ ،‬لم تُ صبها المقا سم » ‪ ،‬قال أبوهريرة ‪ :‬ففزع الناس ‪ ،‬فجاء بشراك أو شراك ين ‪،‬‬
‫فقال الرسول صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬شراك أو شراكين من نار » ‪.‬‬
‫)‬ ‫‪2/56‬‬ ‫) والستبصار (‬ ‫‪1/348‬‬ ‫) والطوسي في التهذيب (‬ ‫‪1/13‬‬ ‫وروى الصدوق في الفقيه (‬
‫عن عبدال بن سنان قال ‪ :‬سمعت أبا عبدال يقول ‪ « :‬ليس الخمس إل في الغنائم خاصة »‬
‫) باب وجوب الخمس في غنائم الحرب ‪.‬‬ ‫‪6/338‬‬ ‫‪ .‬وأخرجه العاملي في الوسائل (‬
‫حيدر ‪ :‬بذل المسلم من ماله بمقدار الخمس إلى الفقراء والمساكين وإلى آل بيت النبي عليهم‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬هل نعتبره خط ًأ ويعاب عليه الباذل ؟‬
‫فلِ مَ نحرم هم من الخ ير وف عل المعروف وبذل ال صدقات للمحتاج ين ‪ ،‬و هم لم يقدمو ها إل حبا‬
‫في النبي وآله عليهم السلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬الوجوب شيء والتطوع أمر آخر ‪ ،‬فل يأتي رجل ويفرض على المسلمين إخراج جزء‬
‫محدد مما جنوه طوال السنة ‪ ،‬ونأتي ونقول عنه ‪ :‬هذا تطوع وبذل للخير ‪.‬‬
‫[‪]133‬‬
‫ن أخرج زكاة ماله ‪ ،‬ل نلزمه بإنفاق مال آخر ‪ ،‬إل ما يهبه عن طيب نفسه للمحتاجين ‪.‬‬
‫ف َم ْ‬
‫حيدر ‪ :‬لتعلم يـا أخ خالد أن الخمـس أو المال الذي نتصـدق بـه ‪ ،‬نقدمـه إلى وكيـل المرجـع‬
‫الدي ني الذي يجوز له الت صرف بالمال في غي بة المام المنت ظر و هو ر جل بمنأى عن ال ظن‬
‫السيء ‪ ،‬وذو أمانة وعلم ‪ ،‬ليصرفها فيما بعد في مصارفها المحددة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬مقام الوكيل عن المام قضية ليست موضوع نقاشنا هنا ‪ ،‬لن المهدي المنتظر ‪ -‬كما‬
‫عرف نا في مب حث سابق ‪ -‬شخ صية ل وجود ل ها في زمن نا الحا ضر وال سابق ‪ ،‬فك يف ينوب‬
‫عنه أحد ‪.‬‬
‫وأيضا قضيـة الوكالة عن المام ‪ ،‬فإنـه ل يجيزهـا كـل علماء الشيعـة ‪ ،‬فهذا الردبيلي أفتـى‬
‫بعدم جواز التصرف بالخمس في عهد الغيبة ‪ ،‬والعلمة الموسوي في كتابه التصحيح ذكر ما‬
‫آل إليـه الفهـم السـيء لهذه القضيـة ‪ .‬والتـي انطلت على العوام مـن جهـة الوسـطاء الذيـن‬
‫يأخذون الموال ويصرفونها وفق ما يرون ‪ ،‬ول يُسألون عما يفعلون ‪.‬‬
‫وبال عليك يا أخ حيدر ‪ :‬هل قدم لك مندوب المنتظر ‪ -‬كما تقول عنه ‪ -‬ورقة تفيد وتشرح‬
‫المصارف التي آلت إليها زكاتك والموال التي قدمها أهلك ‪ ،‬طوال هذه السنين ؟‬
‫حيدر ‪ :‬معاذ ال أن أسأل المام عن هذا ‪ ،‬لن فيه طعنا في ذمته !‬
‫خالد ‪ :‬سبحان ال ‪ ،‬الموال ال تي يبذلها أ هل السنة يسألون عن كل صغيرة و كبيرة عن ها ‪،‬‬
‫وتتابع الجهات الرسمية هذا المر دائما ‪ ،‬حتى ل يشوبه أية شائبة ‪ ،‬فهل المتابعة والتدقيق‬
‫والستفسار مظنة لوجود شك أو ارتياب في‬
‫[‪]134‬‬
‫الذمم ‪ ،‬بل هو يا أخ حيدر احتياط وت نبيه ‪ ،‬حتى ل تسول النفس لح ٍد بأخذ ما ليس له فيه‬
‫حق ‪.‬‬
‫والموال التي أمر ال رسوله صلى اللّه عليه وسلم بأخذها من المسلمين ل يحتاج فيها إلى‬
‫واسطة لدفعها إلى الفقراء والمساكين ومن شملته الية في بيان مصارف الزكاة ‪ ،‬فيستطيع‬
‫المزكي أن يدفعها لمَن شاء ‪ ،‬وبأي كيفية شاء ‪ ،‬حتى ل نعطي المال من ل يعمل ول يسعى‬
‫في رَزقه وتأتيه الموال الوفيرة بحجة أنه ل يُسأل عن ذمته !‬
‫[‪]135‬‬
‫المتعة‬
‫خالد ‪ :‬لعل النقاش قد طال فيما بيننا ‪ ،‬وحصل الملل منك يا أخ حيدر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬أبدا ‪ ،‬بل هو ممتع ومفيد ‪ ،‬خاصة مع حوار يتسم بالدليل والعقلنية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬بارك ال فيك ‪ ،‬وماذا تريد أن نتناقش حوله ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لنتحاور حول موضوع دائما يثار بيــن الســنة والشيعــة ‪ ،‬وإذا جرى نقاش بيــن‬
‫الطائفتين ل بد وأن ينُاقش ويثار هذا الموضوع ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وما هذا الموضوع الذي دائما يثار عند النقاشات ؟‬
‫حيدر ‪ :‬قضية زواج المتعة ‪ ،‬وسوء الفهم الذي لحق بهذا الحكم ‪ ،‬من قبل إخواننا السنّة ‪،‬‬
‫من الفتاء بحرمة هذا المر المشروع ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الزواج المؤقت أو الصيغة أو المتعة ‪ ،‬الحكم بيّن ‪ ،‬ول لبس فيه وهو المنع بل قل إن‬
‫شئت التحريم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬سبحان ال ! أمر جاء الجواز فيه من المصطفى ‪ -‬صلى اللّه عليه وسلم ثم تقول إنه‬
‫محرم ‪ ،‬والروايات جميع ها تدلل على ما أقول ‪ ،‬ولم نعلم التحر يم إل من قِ بل الخلي فة الثا ني‬
‫ع مر ر ضي ال ع نه ‪ ،‬والقرآن الكر يم يبين الجواز كقوله تعالى ‪ { :‬فَمَا ا سْ َتمْتَعْتم بِ هِ مِنْهُن‬
‫ضةً } (النساء ‪. )24 :‬‬
‫فَآتُوهُن ًأجُو َر ُهنّ فَرِي َ‬
‫وللحديث الصحيح عند مسلم عن جابر رضي ال عنه أنه قال ‪ :‬خرج علينا منادي رسول ال‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال ‪ :‬ان رسول ال صلى اللّه عليه وسلم أذن لكم أن تستمتعوا ( أي‬
‫متعة النساء ) ‪.‬‬
‫[‪]136‬‬
‫خالد ‪ :‬لنتحاور حول الدلة التي سقتها ومن ذلك ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬قوله تعالى ‪َ { :‬فمَا اسْ َتمْ َتعْتُم ِبهِ مِ ْن ُهنّ فآتُو ُهنّ ُأجُو َر ُهنّ َفرِيضةً } (النساء ‪. )24 :‬‬
‫هذه ال ية لو قرأ نا الذي قبل ها ‪ ،‬لعلم نا أن ها إن ما جاءت في الزواج الدائم من الن ساء اللئي‬
‫ِنـ‬
‫تم َ‬‫ْصـنَا ُ‬
‫يسـتطيع الرجـل أن يتزوج بهـن ‪ ،‬واللواتـي يحللن له ‪ ،‬فال تعالى قال ‪ { :‬وَا ْلمُح َ‬
‫حلّ لَكُم مّ ا َورَاءَ ذَلكُ مْ أَن تَبْ َتغُوا بِ َأ ْموَالِكُم‬
‫ب اللّ هِ عَلَيْكُ مْ َوُأ َ‬
‫ت أَ ْيمَانُك مْ كِتَا َ‬
‫النّ سَا ِء ِإلّ مَا مَ َلكَ ْ‬
‫ن ُأجُورَهُنّ َفرِيضةً } (الن ساء ‪)24 :‬‬
‫مّحْ صِنِينَ غَيْرَ ُم سَا ِفحِينَ فَمَا ا سْ َتمْتَعْتُم بِ هِ مِ ْنهُنّ فَآتُو ُه ّ‬
‫ومن المعلوم في المذهب الشيعي أن زواج المتعة ل يحصن الفاعل ( كأنه لم يتزوج ) ‪ ،‬كما‬
‫قال إسحاق بن عمار سألت أبا إبراهيم ( موسى الكاظم ) عليه السلم عن الرجل إذا هو زنى‬
‫وعنده المة يطؤها تحصنه المة ( الجارية ) ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فإن كانت عنده امرأة متعة‬
‫)‪.‬‬ ‫‪28/68‬‬ ‫أتحصنه ؟ قال ‪ « :‬ل ‪ ،‬إنما هو على الشيء الدائم » ‪ .‬الوسائل (‬
‫إذا فال ية ل يس في ها بيان لزواج المت عة ‪ ،‬إن ما هو ال ستمتاع في الزواج الدائم ‪ ،‬والذي ف يه‬
‫أيضا تمتع بين الزوجين ولذة ‪ .‬وأما الجر المقصود بالية إن ما هو المهر مثل ما جاء في‬
‫ن وَآتُو ُهنّ ُأجُو َر ُهنّ } (النساء ‪ )25 :‬والمتعة ل يشترط‬
‫قوله تعالى ‪ { :‬فَان ِكحُو ُهنّ بِإ ْذ نِ َأهِْل ِه ّ‬
‫فيها إذن الهل ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا كان ال مر ك ما تقول ‪ ،‬ف ما التوض يح لمَن علم بأن الخلي فة ع مر ر ضي ال ع نه‬
‫حرمها بمحضر من الصحابة ‪ ،‬بعد أن كانت مباحة !‬
‫خالد ‪ :‬هذه شب هة انطلت على الكث ير من الم سلمين ‪ ،‬وع مر ر ضي ال ع نه ل يجرأ على أن‬
‫يُحرّم أو يحلل في دين ال ‪ ،‬وإنما حرم بما رواه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫[‪]137‬‬
‫و سمعه ال صحابة ومن هم علي ر ضي ال ع نه م ثل ما جاء في ك تب الشي عة المعتمدة م ثل ‪:‬‬
‫) عن علي عليه السلم أنه‬ ‫‪21/512‬‬ ‫) والوسائل (‬ ‫‪7/251‬‬ ‫) والتهذيب (‬ ‫‪3/142‬‬ ‫الستبصار (‬
‫قال ‪ « :‬حرم رسول ال صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الهلية ‪ ،‬ونكاح المتعة‬
‫»‪.‬‬
‫ولكـن بعـض علماء الشيعـة لم يرتضوا هذا الحكـم فقال الحـر العاملي ‪ « :‬حمله الشيـخ‬
‫( الطوسي ) وغيره على التقية ‪ ،‬لن إباحة المتعة من ضروريات مذهب المامية » ‪.‬‬
‫وأين التقية في خبر لعلي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟ فهل علي رضي ال عنه يتقول‬
‫على ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم في أ مر لم ين طق به ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم وهذه‬
‫ن يخالفه ‪ ،‬فيتقيه بهذه الفتوى ‪.‬‬
‫الرواية فيها إخبار وليس فتوى يقولها المام ِل َم ْ‬
‫وعلي رضي ال عنه قد ثبت عنه أنه عارض في متعة الحج ( أي ‪ :‬حج التمتع ) ولم يعمل‬
‫بالتقية ‪ ،‬فلِمَ لم يصرح بالقول هنا كما فعل هناك ؟ والمتعة رخّص فيها النبي صلى اللّه عليه‬
‫و سلم ‪ ،‬ثم حرّم ها ‪ ،‬ثم رخّص في ها مرة أخرى ثم حرّم ها على التأب يد ‪ ،‬والخيرة كا نت في‬
‫عام الف تح وي سمى بأوطاس ‪ ،‬و من المعلوم أن الحاد يث ل تبلغ جم يع ال صحابة رضوان ال‬
‫عليهم ‪ ،‬وزمن الصديق رضي ال عنه كان زمن حروب الردة ‪ ،‬والتثبيت للجزيرة وهي فترة‬
‫قرابة السنتين فلما استقر المر لعمر رضي ال عنه ‪ ،‬بيّن لهم هذا الحكم لظهوره بين الناس‬
‫‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬في خلفة أمير المؤمنين علي عليه السلم ‪ ،‬ألم يبين للمسلمين هذا المر ؟‬
‫خالد ‪ :‬ثبت في كتب التاريخ أن خلفة علي رضي ال عنه امتدت قرابة أربع سنوات ‪ ،‬وقد‬
‫قاتل فيها جيوش الشام وكذلك الخوارج ‪ ،‬واستقر له المر‬
‫[‪]138‬‬
‫( رضي ال عنه ) في مكة والمدينة والعراق وما جاورهما من أمصار عدا الشام فلم يثبت‬
‫عنه ( رضي ال عنه ) أنه قام وألغى ما أمر به عمر رضي ال عنه من المتعة ‪ ،‬ويُعلم من‬
‫المذهب الشيعي أن عمل المام حجة ‪ ،‬ل سيما عندما يكون مبسوط اليد ‪ ،‬ظاهر السلطان ‪،‬‬
‫يستطيع إظهار الرأي وبيان أوامر ال ونواهيه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لم يأتِ الترخيص من الئمة عليهم السلم في هذا المر إل لعلمهم بمدى حاجة الناس‬
‫لهذا المر في كثير من الوقات والمكنة ‪.‬‬
‫) عن علي بن يقطين قال ‪ :‬سألت أبا الحسن عن المتعة فقال‬ ‫‪5/452‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في الكافي (‬
‫‪ « :‬وما أنت وذاك ‪ ،‬فقد أغناك ال عنها » ‪.‬‬
‫) عن عبدال بن سنان قال ‪ :‬سألت أبا عبدال عن المتعة فقال ‪« :‬‬ ‫‪14/455‬‬ ‫وفي المستدرك (‬
‫) وهو‬ ‫‪285‬‬ ‫ل تدنّس نفسك بها » ‪ ،‬وللخميني قول جميل ذكره في كتاب كشف السرار ( ص‬
‫‪ « :‬لو تم ضرب الزاني والزانية بالسياط ما شاعت المراض التناسلية » ‪.‬‬
‫فأين الحاجة في أمر لم يجر علينا إل الفهم الخاطئ والتوسع المفرط فيه ؟!‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن المتعة قد وُضع لها شروط وضوابط تحكمها ‪ ،‬حتى ل تؤدي إلى الفساد ‪ ،‬وهي‬
‫رخصة للمضطر والمسافر ومَن في حكمهما ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ل يس هناك من شروط في المت عة ‪ ،‬بل هناك تنا قض غر يب في هذه القض ية ‪ ،‬وال تي‬
‫) عن أبي عبدال قال ‪ « :‬ما من‬ ‫‪21/16‬‬ ‫وُضع لها أجر كبير فمن ذلك ما جاء في الوسائل (‬
‫رجل تمتع ثم اغتسل إل خلق ال من كل قطرة تقطر منه سبعين مَلكا يستغفرون له إلى يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة » ‪.‬‬
‫[‪]139‬‬
‫ومن المور التي نعلم من بعدها خطورة هذا المر ما يلي ‪:‬‬
‫) عن فضل مولى محمد بن راشد‬ ‫‪7/253‬‬ ‫‪ -‬جواز التمتع بزوجة الغير ‪ :‬جاء في التهذيب (‬ ‫‪1‬‬

‫قال ‪ :‬قلت ل بي عبدال ‪ :‬إ ني تزو جت امرأة مت عة ‪ ،‬فو قع في نف سي أن ل ها زوجا ؟ ففت شت‬
‫عن ذلك فوجدت أن لها زوجا ؟ قال ‪ « :‬ولم فتشت » ؟‬
‫) قول المؤلف ‪:‬‬ ‫‪12‬‬ ‫) مسألة رقم (‬ ‫‪2/241‬‬ ‫‪ -‬سن المتمتع بها ‪ :‬جاء في تحرير الوسيلة (‬ ‫‪2‬‬

‫« ل يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ‪ ،‬دواما كان النكاح أو منقطعا ‪ ،‬وأما سائر‬
‫الستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فل بأس بها حتى في الرضيعة » !!‬
‫) عن أ بي عبدال قال ‪ :‬ل بأس‬ ‫‪3/144‬‬ ‫‪ -‬التم تع بالمجو سية ‪ :‬جاء في ال ستبصار (‬ ‫‪3‬‬

‫بالرجل أن يتمتع بالمجوسية ( والمجوس ليسوا من أهل الكتاب ) ‪.‬‬


‫) عن إسحاق بن جرير‬ ‫‪21/29‬‬ ‫) والوسائل (‬ ‫‪7/485‬‬ ‫‪ -‬التمتع بالزانية ‪ :‬جاء في التهذيب (‬ ‫‪4‬‬

‫قال ‪ :‬قلت لبي عبدال ‪ :‬إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور ‪ ،‬أيحل أن أتزوجها متعة ؟‬
‫قال ‪ :‬رفعـت رايـة ( أي ‪ :‬دللة على المجاهرة بالبغاء ) قلت ‪ :‬ل ‪ ،‬لو رفعـت رايـة لخذهـا‬
‫السـلطان قال ‪ :‬نعـم تزوجهـا متعـة ‪ .‬قال ( أي إسـحاق ) ‪ :‬ثـم أصـغى ( أي أبوعبدال ) إلى‬
‫ب عض موال يه فأ س ّر إل يه شيئا ‪ ،‬فلق يت موله فقلت له ‪ :‬ما قال لك ؟ قال ‪ :‬إن ما قال لي ‪« :‬‬
‫ولو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شيء إنما يُخرجُها من حرام إلى حلل » ‪.‬‬
‫) من جواز التمتع‬ ‫‪2/292‬‬ ‫وهذا ما أفتى به الخميني في تحرير الوسيلة (‬
‫[‪]140‬‬
‫بالزان ية على كرا هة ‪ ،‬فقال ‪ « :‬يجوز التم تع بالزان ية على كرا هة ‪ ،‬خ صوصا لو كا نت من‬
‫العواهر المشهورات بالزنا » !!‬
‫وكيف يعقل عن مسلم فعل مثل هذا وال تعالى يقول ‪ { :‬وَالزّانِ َيةُ ل يَن ِكحُها ِإلّ زَان َأوْ مُشْ ِركٌ‬
‫ح ّرمَ ذَلِكَ عَلَى ا ْل ُم ْؤمِنِينَ } (التوبة ‪. )3 :‬‬
‫َو ُ‬
‫‪ -‬الوقت المحدد للمتعة ‪ :‬ليس هناك من حد للتمتع بهذا المر وكما ذكر الخميني في كتاب‬ ‫‪5‬‬

‫) ‪ « :‬يجوز أن تحدد للمتعة مدة قليلة مثلً كليلة أو يوما ‪ ،‬كما يمكن‬ ‫‪2/295‬‬ ‫تحرير الوسيلة (‬
‫أن يحدد وقت أقل كساعة أو ساعتين » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن هذا هو الف ساد بعي نه ‪ ،‬وينب غي أن تعلم يا أخ خالد أن تحل يل المت عة ‪ ،‬لم ي شذ‬
‫فيه الشيعة بالجواز فيه لوحدهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬بل هو الشذوذ ‪ ،‬فلم يقل أحد من المذاهب الشيعية بالجواز إل الشيعة المامية الثنى‬
‫ض لنا إل كل طيب ‪.‬‬
‫عشرية ‪ ،‬وال سبحانه لم ير َ‬
‫ف َم نْ هذا الذي يكون سليم العقل ‪ ،‬ويرفض الطيّب من كل شيء ! وهو الزواج الدائم ول مَ ل‬
‫نأ مر الشباب بأ خذ الط يب ؟ والذي ف يه ك ما أ خبر ال المودة وال سكن وَالذر ية ال صالحة ال تي‬
‫ترث من أبويها خيري الدنيا والخرة ‪ ،‬فالطيب يحب الطيب ‪ ،‬جعلنا ال منهم أجمعين ‪.‬‬
‫[‪]141‬‬
‫الوضوء‬
‫خالد ‪ :‬ل زلت أراك تمسح على قدميك في الوضوء ‪ ،‬في حال نزع الجوربين ‪ ،‬وأنت تعلم أن‬
‫هذا المر مخالف لية الوضوء !‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن القراءة الصحيحة للية بينت أن المسح للقدام هو الصحيح في الوضوء ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لنفصـل القول فـي هذه القضيـة ‪ ،‬إذ إن صـحة الوضوء فيـه صـحة لصـلتنا ‪ ،‬واليـة‬
‫ُمـ‬
‫ْسـلُوا ُوجُو َهك ْ‬
‫ُمـ إلَى الصـلةِ فَاغ ِ‬
‫ِينـ آمَنُوا إِذَا ُقمْت ْ‬
‫الكريمـة مـن قوله تعالى ‪ { :‬يَا أَيّهَا الَذ َ‬
‫سكُمْ وََأرْجُلَ ُك ْم إلَى ا ْلكَعْبَيْنِ } (المائد ة ‪)6 :‬‬
‫َوأَيْدِيَ ُك ْم إِلَى ا ْل َمرَافِقِ وَا ْمسَحُوا ِبرُءُو ِ‬
‫فيها قراءتان لكلمة « أرجلكم » بالكسر لحرف اللم عطفا على المسح ‪ ،‬وبالفتح عطفا على‬
‫الغسل ‪ ،‬وكَلهما تأكد من فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬أنه صلى اللّه عليه وسلم كان‬
‫يغسل رجليه بالماء إلى الكعبين ‪ ،‬ويأمر أصحابه بذلك ‪.‬‬
‫والمسح قد ثبت في البخاري ومسلم من حديث المغيرة بن شعبة لما أراد أن ينزع خفي النبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم فقال له ‪ « :‬دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين » ‪ ،‬ومسح على خفيه ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا عن المسح ‪ ،‬ولكن الحاديث الواردة في غسل الرجلين كما نص عليها مراجعنا‬
‫الفاضل جميعا لم تثبت وغير صحيحة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الت صحيح والتضعيـف ل يثبـت بدون أن يُب حث بحال الرواة وم تن الحديـث ‪ ،‬وإل ف قد‬
‫ل توضأ وترك على قدمه موضع الظفر‬
‫جاء في مسند أحمد عن أنس رضي ال عنه ‪ :‬أن رج ً‬
‫لم يُصبه الماء فأمره صلى اللّه عليه وسلم أن يُحسن الوضوء ‪.‬‬
‫[‪]142‬‬
‫وأحاد يث بيان كيف ية وضوء ال نبي صلى اللّه عليه و سلم منتشرة ومتواترة في ك تب الحد يث‬
‫والفقه المعتمدة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعل هذه الروايات ضعيفة ‪ ،‬وخالف فيها الخوة السّنة الصحيح في المذهب الشيعي ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إن كانت الروايات ضعيفة لنها وردت في كتب أهل ال سّنة ‪ ،‬فاعلم أن المر ثابت في‬
‫ك تب الشي عة أيضا ‪ ،‬وموا فق للح كم الذي جاء ع ند أ هل ال سّنة ‪ ،‬فل قد جاء في كتاب الغارات‬
‫) ‪ :‬أن عليّا كتب إلى محمد بن أبي بكر وأهل‬ ‫‪1/44‬‬ ‫) ومستدرك الوسائل (‬ ‫‪1/244‬‬ ‫للثقفي (‬
‫م صر ‪ « ...‬ثم الوضوء فإ نه من تمام ال صلة ‪ ،‬اغ سل كف يك ثلث مرات وتمض مض ثلث‬
‫مرات واستنشق ثلث مرات واغسل وجهك ثلث مرات إلى المرفق ثم امسح رأسك ثم اغسل‬
‫رجلك اليم نى ثلث مرات ثم اغ سل رجلك الي سرى ثلث مرات ‪ ،‬فإ ني رأ يت ال نبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم هكذا يتوضأ ‪ ،‬فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬الوضوء نصف الدين » ‪.‬‬
‫) ب سنده عن ز يد بن علي عن آبائه عن علي‬ ‫‪1/65‬‬ ‫وجاء في كتاب ال ستبصار للطو سي (‬
‫عل يه ال سلم قال ‪ :‬جل ست أتو ضأ فأق بل ر سول ال صلى اللّه عل يه و سلم ح ين ابتدأت في‬
‫الوضوء فقال لي ‪ « :‬تمضمض واستنشق واسنن ثم اغسل ثلثا ‪ ،‬فقال ‪ :‬قد يجزيك من ذلك‬
‫المرتان ‪ ،‬فغسلت ذراعي ومسحت رأسي مرتين ‪ ،‬فقال ‪ :‬قد يجزيك من ذلك المرة ‪ ،‬وغسلت‬
‫قدمي ‪ ،‬فقال لي ‪ « :‬يا علي خلل بين الصابع ل تخلل بالنار » ‪.‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪1/296‬‬ ‫) ووسائل الشيعة للحر العاملي (‬ ‫‪1/93‬‬ ‫وهذا الثر ذُكر أيضا في تهذيب الحكام (‬
‫[‪]143‬‬
‫حيدر ‪ :‬الذى بلغ ني عن العلماء الثقات والئ مة العدول أن جم يع الحاد يث الواردة في غ سل‬
‫الرجلين باطلة ‪ ،‬ول يلتفت اليها ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الكتـب السـابقة هـي الكتـب التـي ينبغـي الرجوع إليهـا فـي الخلف وليسـت الكتـب‬
‫المعا صرة ال تي غالب أهل ها قليلوا البضاعة في العلم ‪ ،‬والغسل للرجلين جاء في أصح ك تب‬
‫) فجاء عن أ بي عبدال عل يه ال سلم قال ‪ « :‬إذا ن سيت‬ ‫‪3/35‬‬ ‫الشي عة و هو فروع الكا في (‬
‫فغسلت ذراعك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم ذراعك بعد الوجه ‪ ،‬فإن أنت بدأت بذراعك‬
‫اليسرى قبل اليمن فأعد غسل اليمن ثم اغسل اليسار ‪ ،‬وإن أنت نسيت مسح رأسك حتى‬
‫تغ سل رجل يك فام سح رأ سك ثم اغ سل رجل يك » ‪ ،‬وهذه الروا ية ذكر ها الطو سي في تهذ يب‬
‫)‪.‬‬ ‫‪1/99‬‬ ‫الحكام (‬
‫فالمر واضح جلي ل لبس فيه لمن سعى خلف الحق وأخلص النية ‪ ،‬ولم يتبع قول ذلك الذي‬
‫ينكر كل شيء وينقاد فقط خلف هواه ومعتقده وإن جانب الصواب ‪.‬‬
‫[‪]144‬‬
‫علي ولي ال‬
‫حيدر ‪ :‬أجـد من بعـض الخوة السـنة امتعاضا وعبوسـا في وجوههـم ‪ ،‬كلمـا رفـع إخوانهـم‬
‫الشيعة النداء بالصلة ‪ ،‬دللة منهم على استنكارهم لمقولة صادقة في الذان وهي ‪ « :‬أشهد‬
‫أن عليا ولي ال » ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إليك أخي الكريم بعضا من الحقائق التي لبد أن تؤصّل في النفوس ‪:‬‬
‫‪ -‬الذان عبادة توقيفية ‪ ،‬وهو دعاء مخصوص ‪ ،‬في وقت مخصوص ‪ ،‬لسبب مخصوص ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫بكيفيـة مخصـوصة ‪ ،‬فل زيادة ول نقصـان فيـه ‪ ،‬ول شأن للنيات الطيبـة فـي اسـتحسان أو‬
‫وضع ما تشاء في هذا الذكر المبارك ‪.‬‬
‫‪ -‬الوَلية هي محبة من ال تعالى لحد عباده بسبب طاعته ل ولرسوله ‪ ،‬والوَلية ليست‬ ‫‪2‬‬

‫حصـرا على فرد دون غيره ‪ ،‬لننـا نحتاج إلى سـند شرعـي على التخصـيص ‪ ،‬ول يكون‬
‫التحديد وفق هوى عاطفي ‪.‬‬
‫والصحابة مرضي عنهم بنص القرآن ‪ ،‬فهل نقحم أسماءهم في الذان ؟‬
‫‪ -‬البعض يضع اسم أمير المؤمنين علي رضي ال عنه في الذان ‪ ،‬بسبب الظلم الذي وقع‬ ‫‪3‬‬

‫عليه ‪ ،‬وأن الخلفة قد اغتصبت منه ‪ ،‬ومنذ متى كان الظلم سببا مقنعا للزيادة في النصوص‬
‫الشرعيـة الثابتـة ؟ وإل لكان أدنـى ظلم ‪ ،‬دافعا لصـاحبه إلى قول مـا يشاء على ال ‪ ،‬وال‬
‫)‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ن ال ّلهَ فَاتّ ِبعُونِي يُحْبِ ْبكُمُ الّلهُ } ( آل عمران ‪:‬‬
‫يقول ‪ُ { :‬قلْ إنْ كُن ُتمْ ُتحِبّو َ‬
‫[‪]145‬‬
‫) ما‬ ‫‪5/437‬‬ ‫‪ -‬جاء في كتاب مستمسك العروة الوثقى لعلمة الشيعة السيد محسن الحكيم (‬ ‫‪4‬‬

‫يلي ‪ « :‬هذا هـو الذان الصـحيح ‪ ،‬ل يُزاد فيـه ول يُنقـص منـه ‪ ،‬والمفوضـة لعنهـم ال قـد‬
‫وض عو أخبارا زادوا ب ها في الذان « مح مد وآل مح مد خ ير البر ية » مرت ين ‪ ،‬و في ب عض‬
‫رواياتهم بعد « أشهد أن محمدا رسول ال » « أشهد أن عليا ولي ال » مرتين ‪.‬‬
‫ومنهم من روى بدل ذلك « أشهد أن عليَا أمير المؤمنين حقا » مرتين ‪ ،‬ولشك أن عليًا ولي‬
‫ال وأمير المؤمنين حقا ‪ ،‬وأن محمدا وآله صلى ال عليهم خير البرية ‪ ،‬ولكن ليس ذلك في‬
‫أصل الذان » ‪ ،‬وهذا القول أيضا مذكور في كتاب من ل يحضره الفقيه لبن بابويه القمي (‬
‫)‪.‬‬ ‫‪1/188‬‬

‫‪ -‬لو أن كل م سلم أعلن في الذان المبادئ ال تي ير يد الف صاح عن ها ‪ ،‬لكان الذان ب عد‬ ‫‪5‬‬

‫سنين عديدة يمل مجلدا أو عدة كتب ‪ ،‬ول يوافق على ذلك عاقل !‬
‫فعلى ضوء هذا ‪ ،‬ينبغي علي نا التق يد بما ورد ‪ ،‬وكما نعلم فإن الذان والصلة والوضوء من‬
‫أشهر العبادات التي وقعت في زمن النبوة ‪ ،‬وعلمها الصحابة رضي ال عنهم أجمعين ‪ ،‬فما‬
‫ل عنهم فعلمه الذين من بعدهم ؟‬
‫الذي خفي عليهم رضي ا َ‬
‫حيدر ‪ :‬الخلفاء الثلثة الول ‪ ،‬لم يُظهروا هذا المئرعلى المل من المسلمين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬جاء من بعدهم أمير المؤمنين علي رضي ال عنه وحكم قرابة أربع سنوات فما الذي‬
‫منعه من أن يُظهر هذا المر ‪ ،‬وهو رضي ال عنه في الكوفة بين مناصريه ومؤيديه !!‬
‫ولكنه رضي ال عنه تمسك بالحق ‪ ،‬وهو ما كان عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وسار‬
‫عليه من بعده الخلفاء الثلثة رضي ال عنهم أجمعين ‪.‬‬
‫[‪]146‬‬
‫التكتف في الصلة‬
‫حيدر ‪ :‬ل أعلم لماذا تتكتفون في الصلة ‪ ،‬وتضعون أيديكم اليمنى على اليسرى ‪ ،‬وهذا المر‬
‫لم تأتِ به الشريعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المسـلم يعلم يقينا بأن خيـر الهدي هدي محمـد صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬ويتذكـر فـي‬
‫الصلة الحديث الصحيح المشهور ‪ « :‬صلوا كما رأيتموني أصلي » ‪ ،‬ومن المعلوم بداهة في‬
‫الد ين ال سلمي أن أش هر عبادة فعل ها ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم هي ال صلة ‪ ،‬و قد ن قل‬
‫ال صحابة رضوان ال علي هم هذا ال مر مثل ما ذ كر البخاري في صحيحه ت حت باب « و ضع‬
‫اليم نى على الي سرى » عن سهل بن سعد ر ضي ال ع نه قال ‪ « :‬كان الناس يُؤمرون أن‬
‫يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلة » ‪.‬‬
‫وجاء أيضا فـي سـنن أبـي داود حديـث ‪ « :‬إن النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم كان يضـع يده‬
‫اليمنى على يده اليسرى ثم يشدّ بهما على صدره وهو في الصلة » وأخرج المام أحمد بن‬
‫حن بل من حد يث قبي صة عن أب يه قال ‪ « :‬رأ يت ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ين صرف عن‬
‫ف ي حي ( راوي الحد يث ) اليم نى‬
‫ص ّ‬
‫يمي نه و عن ي ساره ‪ ،‬ورأي ته ي ضع هذه على صدره ‪ ،‬و َ‬
‫على اليسرى فوق المفصل » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وماذا نقول للذى ل يفعل هذا المر !‬
‫خالد ‪ :‬المـر ل يبلغ إلى حـد اللوم أو الجهالة على المسـلمين كمـا جاء فـي كتاب تحريـر‬
‫) ‪ « :‬التكف ير هو و ضع إحدى اليد ين على الخرى نحو ما يضعه‬ ‫‪1/186‬‬ ‫الو سيلة للخمي ني (‬
‫غيرنا ( أهل السّنة ) ‪ ،‬ول بأس به حال التقية » ‪.‬‬
‫[‪]147‬‬
‫بل نعذره لن وضع اليمنى على اليسرى في الصلة من المستحبات وليس من الواجبات أو‬
‫الركان ‪ ،‬ولكن يحذر المسلم أن ل يط بق شيء من هدي ال نبي صلى اللّه عليه وسلم وفعله‬
‫فقط لجل مخالفة مَن يكره ‪ ،‬من غير مذهبه ‪ ،‬فالحق أحق أن يُتبع ‪.‬‬
‫[‪]148‬‬
‫الجمع بين الصلتين‬
‫خالد ‪ :‬ل زلت أراك حريصا على الجمع بين الصلوات ‪ ،‬وإن لم يكن هناك من عذر أو حاجة‬
‫ضرورية تدعوك إلى الجمع !‬
‫ص الشيعة على الجمع بين ال صلوات في الوقات المفروضة ‪ ،‬نابع من تحريهم‬
‫حيدر ‪ :‬حِر ُ‬
‫للحق الثابت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فل مَ نجده يقُابَل بالستنكار من بعض السنة ؟‬
‫َسـقِ اللّ ْيلِ‬
‫ْسـ إِلَى غ َ‬
‫شم ِ‬‫ُوكـ ال ّ‬
‫والشيعـة فعلهـم موافـق تماما لقوله تعالى ‪ { :‬أَقِم الصـّلةَ لِدُل ِ‬
‫وَقُرآ نَ الْ َفجْرِ إِنّ قُرآ نَ الْ َفجْرِ كَا نَ مَشْهُودا } (ال سراء ‪ ). 78 :‬وموا فق للحد يث الذي رواه‬
‫مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال ‪ « :‬جمع رسول ال صلى اللّه عليه وسلم بين الظهر‬
‫والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ول مطر » ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الحكام الشرعية نرجع فيها إلى المصادر الصلية ‪ ،‬وإلى فهم العلماء ‪ ،‬فقد جاء في‬
‫) ما يلي ‪ ( « :‬أ قم ال صلة‬ ‫‪2/450‬‬ ‫تف سير بيان ال سعادة للحاج سلطان الجنابذي الشي عي (‬
‫لدلوك الش مس ) اللم بمع نى في ‪ ،‬أي في و قت دلوك الش مس وزوال ها ( إلى غ سق الل يل )‬
‫إلى شدة ظلم ته ‪ ،‬وف سر في الخبار بانت صاف الل يل ‪ ،‬و قد ب ين ال ية في الخبار بال صلوات‬
‫الر بع ‪ ،‬الظ هر والع صر والمغرب والعشاء ( وقرآن الف جر ) و قت اجتماع الف جر باعترا ضه‬
‫في الفق إشارة إلى صلة الصبح » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن هذا ل يم نع أن تكون هناك خ مس صلوات ‪ ،‬اثنتان تؤديان في و قت متشا بك ‪،‬‬
‫واثنتان في وقت متشابك آخر ويتبقى لدينا الصبح تؤدى في وقت منفرد ‪.‬‬
‫[‪]149‬‬
‫خالد ‪ :‬مـا ذكرتـه قـد يقوله مَن ْـ لم ينظـر إلى بقيـة أقوال العلماء ‪ ،‬فقـد جاء في تفسـير كنـز‬
‫) بيان لتفصيل الصلوات في أوقاتها فمن ذلك‬ ‫‪5/584‬‬ ‫الدقائق للميرزا محمد المشهدي القمي (‬
‫‪ « :‬وفي مَن ل يحضره الفقيه ‪ :‬وروى بكر بن محمد عن أبي عبدال ( عليه السلم ) أنه‬
‫قال ‪ :‬وأول و قت العشاء الخرة ذهاب الحمرة ‪ ،‬وآ خر وقت ها إلي غ سق الل يل ‪ ،‬يع ني ن صف‬
‫الليل » ‪.‬‬
‫ثم قال المشهدي ‪ « :‬و في الكا في ‪ ... :‬عن يز يد بن خلي فة قال ‪ :‬قلت ل بي عبدال ( عل يه‬
‫السلم ) إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ‪ ،‬فقال أبوعبدال ( عليه السلم ) ‪ :‬إذا ل يكذب‬
‫علي نا ‪ ،‬قلت ‪ :‬ذ كر أ نك قلت إن أول صلة افترض ها ال على نبيه ( صلى ال عل يه وآله )‬
‫الظ هر ‪ ،‬و هو قول ال ( عز و جل ) ‪ { :‬أ قم ال صلة لدلوك الش مس إلى غ سق الل يل وقرآن‬
‫الف جر } فإذا زالت الش مس لم يمن عك إل سبحتك ‪ ،‬ثم ل تزال في و قت إلى أن ي صير ال ظل‬
‫قامة ‪ ،‬وهو آخر الوقت ‪ ،‬فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر ‪ ،‬فلم يزل في وقت العصر‬
‫حتى يصير الظل قامتين ‪ ،‬وذلك المساء ‪ ،‬فقال ‪ :‬صدق » ‪.‬‬
‫) لتقرأ حديث الحسن بن عبدال عن آبائه إلى علي بن‬ ‫‪5/486‬‬ ‫وراجع تفسير كنز الدقائق (‬
‫أبي طالب رضي ال عنهم أجمعين عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وحين أجاب اليهود عن‬
‫الحكمة في أن ال سبحانه وتعالى جعل للصلوات خمس مواقيت ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وما قولك في حديث ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد جمع بين الصلوات‬
‫من غير عذر ؟‬
‫خالد ‪ :‬ما ذكرت من الدلة صحيح ‪ ،‬ولكن ما شأنها مع الصلوات الخمس اليومية ؟ لذا ينبغي‬
‫علينا أن نتذكر التي ‪:‬‬
‫[‪]150‬‬
‫ا ‪ -‬ال صلة من أش هر العبادات ال تي فعل ها ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬لهذا لم ن جد لب سا‬
‫فيها عند الصحابة في شروطها وأركانها وواجباتها ‪...‬‬
‫‪ -‬فعل النبي عليه الصلة والسلم يوضح أو يخصص المجمل أو العام الذي في القرآن ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫والوقات المذكورة في ال ية هي الوقات ال ساسية من ح يث إن هناك صلة للنهار و صلة‬


‫لليل ‪ ،‬وصلة ‪ ،‬بينهما وهي الفجر ‪.‬‬
‫والتفصيل أتى من النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬مثل ما ف صّل في نصاب الزكاة وكيفية الحج‬
‫والعمرة ‪ ،‬وعدد ركعات الصلة وغيرها من العبادات ‪.‬‬
‫‪ -‬حديث ابن عباس رضي ال عنه واضح في أنه ذكر الحالت التي يُباح الجمع فيها من‬ ‫‪3‬‬

‫فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم ومنها الخوف والمطر ‪ ،‬فلمّا فعل صلى اللّه عليه وسلم أمرا‬
‫جديدا ‪ ،‬بينّ ابن عباس السبب بقوله ‪ « :‬لئل يُحرّج ( يشق ) على أمته » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬يفُ هم من هذا ال مر أ نه ل حرج ول لوم على من أ خذ برخ صة الج مع في ال صلوات‬
‫المفروضة اقتداء بفعل النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الرخصة تُأخذ بقدرها ‪ ،‬والجمع من غير سبب مسوغ على الدوام عليه ‪ ،‬مخالف لما‬
‫) أن‬ ‫‪5/227‬‬ ‫واظب عليه النبي عليه الصلة والسلم ‪ ،‬والدليل على ذلك ما جاء في الوسائل (‬
‫أمير المؤمنين علي رضي ال عنه كتب لمحمد بن أبي بكر عندما وله على مصر ‪ « :‬وانظر‬
‫إلى صلتك كيف هي ‪ ،‬فإنك إمام لقومك ‪ ،‬ثم ارتقب وقت الصلة فصلها لوقتها ‪ ،‬ول تعجل‬
‫ب ها قبله لفراغ ‪ ،‬ول تؤخر ها ع نه لش غل ‪ ،‬فإن رجلً سأل ر سول ال صلى اللّه عل يه و سلم‬
‫عن أوقات الصلة فقال ‪ « :‬أتاني جبريل ( ع ) فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت‬
‫على حاجبه اليمن ‪ ،‬ثم أراني وقت العصر وكان ظل كل شيء مثله ‪ ،‬ثم صلى المغرب حين‬
‫غربت الشمس ‪ ،‬ثم صلى العشاء الخرة حين غاب‬
‫[‪]151‬‬
‫الشفـق ‪ ،‬ثـم صـلى الصـبح فأغلس بهـا والنجوم مشتبكـة ‪ ،‬فصـلِ لهذه الوقات والزم السـّنة‬
‫المعروفة والطريق الواضح » ‪.‬‬
‫فإذا كانـت هذه الثار دال ًة على الفعـل الصـحيح ‪ ،‬فعلى أي أسـاس إذن يقوم الشيعـة دائما‬
‫بالجمع بين الصلتين ؟ !‬
‫وهناك من يزعم أن عليا رضي ال عنه قد رد الشمس من مغربها لداء صلة العصر ‪ ،‬فهو‬
‫إذا يصليها لوحدها وليست جمعا مع الظهر ‪.‬‬
‫أليس من مظاهر توحد القلوب توحد الفعال الظاهرة وتشابهها ؟‬
‫[‪]152‬‬
‫بناء المساجد‬
‫حيدر ‪ :‬ل زلت أع جب لحال الب عض من إخوان نا ال سّنة ‪ ،‬على معارضت هم الدائ مة لخوان هم‬
‫الشيعة ‪ ،‬من السماح لهم ببناء مساجد لهم في مناطق الكويت ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وأنا أيضا أخي الكريم ‪ ،‬أعجب من إخواننا الشيعة في استمرار مطالبتهم للحكومة في‬
‫بناء مساجد لهم !‬
‫حيدر ‪ :‬سبحان ال ‪ ،‬و هل تر يد أن تم نع م ساجد ال من أن يذُ كر في ها ا سم ال وأن يعُ بد‬
‫فيها ؟‬
‫خالد ‪ :‬من خلل الحوار الذي يجري بيننا ‪ ،‬هل تشعر أن هناك من اختلفا بين الشيعة والسّنة‬
‫يا أخ حيدر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬وفق ما ذكرت من دلئل ‪ ،‬فليس هناك فرق ‪ ،‬ول الحمد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إذن ‪ ،‬لم الحا جة في تخ صيص م سجد لل سّنة وآ خر للشي عة ‪ ،‬وأ نت قد عل مت على‬
‫ضوء ما تم نقاشه ‪ ،‬كيف أن الدين واحد ‪ ،‬والهدي النبوي واحد ‪ ،‬ف ِل َم التفرق ؟‬
‫حيدر ‪ :‬وهـل تظـن أن الخوة الشيعـة ‪ ،‬لو دخلوا مسـجدا مـن مسـاجد السـنة ‪ ،‬فسـيجدون‬
‫الترحاب وعدم النكار ؟‬
‫خالد ‪ :‬أقسم بال ‪ ،‬إنهم سيجدون كل محبة وتوقير ‪ ،‬لكل من يدخل بيت ال طائعا ل ‪ ،‬يريد‬
‫عبادة ال والصلة له سبحانه ‪ ،‬وفق هدي المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ووفق ما نقله‬
‫إلينا أحبابه الصحابة رضي ال عنهم أجمعين ‪.‬‬
‫[‪]153‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الواقع يخبرنا بأن صلة الشيعة ووضوءهم يختلف عن إخواننا السنة !‬
‫خالد ‪ :‬من خلل هذا الحوار الذي ن ستمتع به ‪ ،‬هل أجدك مقتنعا بهذا الوا قع المخالف للدلة‬
‫من كتب العلماء المعتمدة ‪ ،‬أم أنك تعتمد على تلك الروايات التي تفرّق بين المسلمين ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل وال ‪ ،‬أ نا على اقتناع ب ما نقله إلي نا العلماء في ك تب الحد يث المعتمدة ‪ ،‬كالكا في‬
‫ومن ل يحضره الفقيه وغيرها ‪ ،‬بل إن جمع شمل أهل السلم هو أقصى ما أتمناه في هذه‬
‫الساعة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وعلى هذا تعلم يا أ خي حيدر ‪ ،‬أن من يعارض إقا مة م ساجد منف صلة للشي عة ‪ ،‬إن ما‬
‫يعارض هذا التنا فر في ج عل أ هل القبلة الواحدة يتفرقون في أع ظم العبادات و هي ال صلة ‪،‬‬
‫ويتم كن من ب عد ذلك الشقاق والتنا فر ب ين الجيران من الشي عة وال سّنة ‪ ،‬ول يس الق صد من‬
‫المعارضة الوقوف في وجه إخوة لهم في المنطقة الواحدة ‪ ،‬وهل قرأت عن مسجد تم بناؤه‬
‫من قبل الحكومة أنه خصص لطائفة معينة دون غيرها ؟‬
‫وأيضا أل يس دللة التحاد والتما سك في القلوب يتم ثل باتحاد نا في باطن نا ‪ ،‬والذي يتح قق‬
‫بالصلة والدعاء في بيت واحد يجمع أهل الحي الواحد ‪ ،‬وفق ما ثبت لنا بالنص الصحيح‬
‫عن كيفية صلة النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ونقله إلينا الصحابة رضي ال عنهم ‪.‬‬
‫[‪]154‬‬
‫رؤية الهلل‬
‫حيدر ‪ :‬أرى من بعض الخوة ال سّنة تساهلً واضحا في قضية تعُد عند جمع من العلماء من‬
‫أهم الحكام الفقهية ‪ ،‬أل وهي قضية وقت الصيام والفطار في رمضان ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬وكيف يقع مثل هذا التساهل إن التزم المسلم بالحاد يث الواردة عن المصطفى صلى‬
‫اللّه عليه وسلم كحديث ‪ « :‬صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ن جد أن هناك مَن ي ستعجل بالفطار ق بل أن يد خل الل يل ‪ ،‬ف ما أن تغ يب الش مس نجده‬
‫الصـيَامَ إِلَى الل ْي ِل }‬
‫ّ‬ ‫يبادر فورا إلى الكـل والشرب ‪ ،‬وهذا مخالف لقوله تعالى ‪ { :‬ثم ّ أَ ِتمّوا‬
‫(البقرة ‪ )187 :‬ومعلوم أن الليل إنما يتبين إذا غاب في السماء ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا القول من أع جب ما سمعت ‪ ،‬وللعلم فإ نه مخالف ل ما ذ هب إل يه علماء الشي عة‬
‫والسّنه في كتبهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لم أقل هذه المقولة إل نقلً عن الئمة المعتبرين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أنت لم تنقل هذه الفتوى مباشرة من الكتب أليس كذلك يا أخ حيدر ؟ حيدر ‪ :‬المر كما‬
‫تقول ‪ ،‬فلقد سمعتها من أحد علماء الدين في الحسينية قبل رمضان ‪ ،‬ونقلتها إليك كما حدثنا‬
‫الشيخ ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا لي تك رج عت وبح ثت هذه القض ية من أ حد الك تب المعتمدة ‪ ،‬وال مر ال صحيح ك ما‬
‫) عن الصادق قال ‪ « :‬إذا غابت الشمس ‪ ،‬فقد‬ ‫‪7/90‬‬ ‫سأخبرك ‪ ،‬جاء في وسائل الشيعة (‬
‫حل الفطار ووجبت الصلة » ‪.‬‬
‫[‪]155‬‬
‫) عن زرارة قال ‪ :‬قال أبوجعفر عليه السلم ‪:‬‬ ‫‪7/87‬‬ ‫وروى الحر العاملي في الوسائل أيضا (‬
‫« وقت المغرب إذا غاب القرص » ‪.‬‬
‫) عن أ بي عبدال عليه السلم قال ‪« :‬‬ ‫‪1/142‬‬ ‫وجاء في كتاب فقيه من ل يحضره الفق يه (‬
‫كان ر سول ال ! صلى اللّه عل يه و سلم ي صلي المغرب ‪ ،‬وي صلي م عه حي من الن صار يُقال‬
‫ل هم ب نو سلمه ‪ ،‬منازل هم على ن صف م يل ‪ ،‬في صلون م عه ‪ ،‬ثم ين صرفون إلى منازل هم و هم‬
‫يرون مواضع سهامهم » ‪.‬‬
‫) عن صاحب الدعائم قوله ‪:‬‬ ‫‪9/165‬‬ ‫ونقل عن الشيخ البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (‬
‫« روينا عن أهل البيت صلوات ال عليهم أجمعين بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم ‪ ،‬أن‬
‫دخول الليـل الذي يحـل الفطـر للصـائم هـو غياب الشمـس فـي أفـق المغرب بل حائل دونهـا‬
‫ي سترها من ج بل أو حائط ول غ ير ذلك ‪ ،‬فإذا غاب القرص في ال فق ف قد د خل الل يل و حل‬
‫الفطر » ‪.‬‬
‫بل أفعال الئمة تشهد على حرصهم على هدي أبي القاسم صلى اللّه عليه وسلم مثل ما جاء‬
‫) عن حسين ابن أبي العرندس‬ ‫‪9/166‬‬ ‫) وجامع أحاديث الشيعة (‬ ‫‪7/91‬‬ ‫في وسائل الشيعة (‬
‫قال ‪ :‬رأيت أبا الحسن موسى عليه السلم في المسجد الحرام في شهر رمضان ‪ ،‬وأتاه غلم‬
‫له أسود بين ثوبين أبيضين ومعه قلة وقدح ‪ ،‬فحين قال المؤذن ‪ :‬ال أكبر ‪ ،‬صب له وناوله‬
‫وشرب ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذن ال سراع في الف طر هو ال صل في هذه العبادة ‪ ،‬والحتياط على ضوء ما ذكرت‬
‫تكلفٌ في غير محله ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الحتياط من العبد في دينه دليل على ورعه ‪ ،‬وخوفه من ال ‪ ،‬ول يكون هذا الحتياط‬
‫بتأخير المواقيت أو تقديمها ‪ ،‬كالفطار والصلة وغيرها ‪ ،‬ولكن‬
‫[‪]156‬‬
‫بالتأكـد مـن سـماع المؤذن وهـو يعلن دخول المغرب ‪ ،‬وبالتأكـد مـن أن الفجـر دخـل بسـماع‬
‫الذان والمسلم مأمور باتباع ما ثبت عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم و َنقَله إلينا الئمة‬
‫العلم ‪ ،‬وليس هناك أجمل من توحد المسلمين في صلتهم وصيامهم وفرحهم في العياد ‪،‬‬
‫ليكونوا جسدا واحدا ‪ ،‬يسير وفق مرضاة ال ‪ ،‬وعلى نور من ال ‪ ،‬لينالوا حب ال سبحانه‬
‫‪.‬‬
‫[‪]157‬‬
‫مشاورة النساء‬
‫حيدر ‪ :‬الحياة يـا أخـي أصـبحت معقدة ‪ ،‬وتحتاج إلى مزيـد مـن التعاون والبذل بيـن الرجـل‬
‫والمرأة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬التعاون والتفاهم والمشاركة في أعباء الحياة ‪ ،‬هدف نبيل ومقصد مبارك ‪ ،‬ينبغي أن‬
‫يتحلى به الزوج مع الزوجة ‪ ،‬لمجابهة الحياة ومشاقها ‪ ،‬ولتأسيس بيت يحبه ال تعالى ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ليس هذا ما عنيته ‪ ،‬ولكن التعاون والتفاهم في تحمل المسئولية السياسية ‪ ،‬وصنع‬
‫القرار المناسب في البلد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هل بالمكان توضيح المقصد ؟‬
‫حيدر ‪ :‬أعنـي أن المرأة قـد أثبتـت كفاءتهـا فـي تحمـل المسـئولية ‪ ،‬ونالت مـن العلم أفضـل‬
‫المرا تب والشهادات ‪ ،‬و كل هذه المور دالة على جودة عقل ها ‪ ،‬وأن ها جديرة بأ خذ رأي ها في‬
‫تشريع القوانين النافعة لبلدنا الحبيب الكويت ‪ ،‬ووفق ما أعلم ‪ ،‬فليس هناك من مانع شرعي‬
‫حيال هذا المر !‬
‫خالد ‪ :‬يا أخ حيدر ‪ ،‬لنأ خذ ال مر برو ية ‪ ،‬قبل أن تجرف نا العاط فة ‪ ،‬هل هذه القض ية ‪ ،‬و هي‬
‫مشاركة المرأة للرجل في تشريع القوانين ‪ ،‬والتي نصطلح عليه باختصار في الكويت بـ «‬
‫المجلس البرلمانـي » ‪ ،‬هـل كانـت وليدة الزمـن الحاضـر ‪ ،‬أو لهـا جذور وارتباط بشريعتنـا‬
‫السمحاء ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هي وليدة الزمن الحاضر منذ أن تم وضع الدستور في الكويت ‪ ،‬ولم يعهد لها سابق‬
‫أمر في الدين السلمي ‪.‬‬
‫[‪]158‬‬
‫خالد ‪ :‬لنراجع التاريخ قليلً ‪ ،‬ولنتذكر كيف وصل الصديق ( رضي ال عنه ) إلى الخلفة ‪،‬‬
‫أل يس بانتخاب ال صحابة ( ر ضي ال عن هم ) ومبايعت هم له ‪ ،‬ألي ست هذه صورة من صور‬
‫النتخاب ؟ كيف بلغ عثمان رضي ال عنه إلى سُدة الحكم ‪ ،‬أليس بترشيح من أمير المؤمنين‬
‫ع مر ر ضي ال ع نه ؟ ثم باختيار أ هل المدي نة له من ب ين ال ستة ن فر من المرشح ين ‪ ،‬فإذا‬
‫قضية النتخاب والترشيح ليست بدعة جديدة طارئة علينا ‪ ،‬نحتاج فيها إلى رؤية جديدة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن في ضوء تلك الممارسات ‪ ،‬أما كان للمرأة من مساهمة وتفاعل !‬
‫خالد ‪ :‬الصحابة رضوان عليهم علموا حق العلم ‪ ،‬دور المرأة الصحيح في المجتمع ‪ ،‬وكذلك‬
‫الصحابيات رضي ال عنهن علمن ما هو دورهن في مسألة انتخاب خليفة المسلمين ‪ ،‬فعلمن‬
‫أنهن غير مأمورات بمزاحمة الرجال في هذا المجال ‪ ،‬والواجب عليهن هو ملزمة البيوت ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا المر ليس فيه نص شرعي قاطع بعدم ترشيح المرأة أو انتخابها أو مشاورتها في‬
‫تشريع القوانين !‬
‫خالد ‪ :‬أما عن النصوص الشرعية الدالة على عدم الجواز ‪ ،‬فمن ذلك ما ذكره المام البخاري‬
‫( رحمه ال ) في صحيحه من قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬ما أفلح قوم ولوا أمرهم‬
‫امرأة » ‪ ،‬وذلك بمقابل ما فعله الفرس من تولي زمام الحكم عندهم لمرأة ‪.‬‬
‫) قال‬ ‫‪14/263‬‬ ‫ونص مشابه لهذا النص ذكره الحاج حسين الطبرسي في مستدرك الوسائل (‬
‫‪ :‬دخل الغاضري على الحسن عليه السلم فقال ‪ « :‬إني عصيت رسول ال صلى اللّه عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬بئس ما عملت ‪ ،‬كيف ؟ قال ‪ :‬قال رسول ال صلى اللّه عليه وسلم ‪ :‬ل يفلح‬
‫قوم مُل كت علي هم امرأة ‪ ،‬و قد مل كت عل يّ امرأ تي ‪ ،‬وأمرت ني أن أشتري عبدا ‪ ،‬فاشتري ته‬
‫فأبق مني ‪. » .....‬‬
‫[‪]159‬‬
‫فإذا كان هذا الرجل ظن أنه عصى النبي صلى اللّه عليه وسلم لستماعه إلى رأي زوجته في‬
‫أمر المنزل ‪ ،‬فماذا نقول للذي يملّكها زمام حياته كلها لتشرع له جميع القوانين ؟ !‬
‫بل لقد بلغ الترهيب من مشاورة النساء في المذهب الشيعي إلى اللعن !‬
‫حيدر ‪ :‬سبحان ال ‪ ،‬إلى هذا الحد من المنع !‬
‫) قول أم ير المؤمن ين عل يه ال سلم ‪ « :‬كلّ‬ ‫‪5/517‬‬ ‫خالد ‪ :‬ن عم ‪ ،‬ف قد جاء في فروع الكا في (‬
‫امرئ تدبره امرأة ‪ ،‬فهو ملعون » ‪.‬‬
‫) عن أمير المؤمنين عليه‬ ‫‪1/223 53‬‬ ‫) وبحار النوار (‬ ‫‪1/261 4‬‬ ‫وجاء في مستدرك الوسائل (‬
‫ال سلم أ نه قال ‪ « :‬ل تطيعوا الن ساء على حال ‪ ،‬ول تأمنو هن على مال ‪ ،‬ول تثقوا ب هن في‬
‫الفعال ‪ ،‬فإنهن ل عهد لهن عند عاهدهن ‪ ،‬ول ورع لهن عند حاجتهن » ‪.‬‬
‫) قول ال نبي صلى اللّه عليه و سلم ‪ « :‬طا عة المرأة‬ ‫‪5/516‬‬ ‫وجاء أيضا في فروع الكا في (‬
‫ندامة » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعل المر ل يصل إلى حد منع المشاورة مع النساء !‬
‫خالد ‪ :‬حتى المشاورة جاء المنع فيها في المذهب الشيعي ‪ ،‬وهذا المنع ثابت في كتاب فروع‬
‫الكافي عن أبي جعفر رحمه ال تعالى بقوله ‪ « :‬ل تشاوروهن في النجوى ‪ ،‬ول تطيعوهن‬
‫في ذي قرا بة » ‪ ،‬وجاء في حاش ية الكتاب مع نى النجوى ‪ :‬أي ال مر الذي ينب غي إخفاؤه ‪،‬‬
‫فإنهن يفشين ذلك ‪.‬‬
‫وجاء عن أبي عبدال قوله ‪ « :‬إياكم ومشاورة النساء ‪ ،‬فإن فيهن الضعف والوهن والعجز‬
‫» ‪ ،‬أو مقولة ‪ :‬شاوروهن وخالفوهن ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬المرأة قد حازت في زمننا الحاضر ‪ ،‬أعلى المناصب في الوظيفة ‪ ،‬وكان لها‬
‫[‪]160‬‬
‫الدور الفعال في مجريات الحداث ‪ ،‬فك يف نغ فل من دور ها في المجت مع ‪ ،‬ونمنع ها من أن‬
‫تتولى أمور الولية !‬
‫خالد ‪ :‬ما يميز أهل السلم تقيدهم الوثيق بدينهم وشرعهم ‪ ،‬وإن خالف هواهم أو ما عليه‬
‫الكثير من الناس ‪ ،‬وخاصة أ هل الباطل ‪ ،‬و قد جاء ال نص صريحا في ك تب الشيعة المعتمدة‬
‫من عدم جواز تولي المرأة أي شيء يتعلق بالولية العامة ‪ ،‬مثل القضاء والوزارة والحكم ‪،‬‬
‫) من وصية النبي صلى اللّه عليه وسلم لعلي عليه السلم‬ ‫(‪103/254‬‬ ‫ففي كتاب بحار النوار‬
‫‪ « :‬يا علي ليس للنساء جمعة ول جماعة ‪ ....‬ثم قال ‪ :‬ول تولى القضاء ول تستشار » ‪.‬‬
‫وهذه النصيحة وصى بها الصادق رحمه ال كما جاء في بحار النوار بقوله ‪ « :‬ليس على‬
‫النساء أذان ول إقامة ول جمعة ول جماعة ‪ ....‬ثم قال ‪ :‬ول تولى القضاء ول تولى المارة‬
‫ول تستشار ‪. » ...‬‬
‫فأظن أنه ليس بعد هذا الوضوح من توضيح يا أخ حيدر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل أفهم أن المرأة ل دور لها في المجتمع ؟‬
‫خالد ‪ :‬لم ي قل هذا أ حد من الم سملين ‪ ،‬فالمرأة ن صف المجت مع ‪ ،‬ول ها دور م هم وعظ يم في‬
‫بناء المجتمع ‪ ،‬مثل تنشئة الولد وحفظ البيت ورعاية الزوج ‪ ،‬ولقد جاء في بحار النوار (‬
‫) ‪ « :‬إن جهاد المرأة حسن التبعل » ‪ ،‬فلهذا لم يكن أمر ال سبحانه للنساء عامة‬ ‫‪103/245‬‬

‫ولنساء النبي صلى اللّه عليه وسلم خاصة بالستقرار في البيت إل لمر عظيم ومقصد كبير‬
‫ن تفكر فيه ‪.‬‬
‫واضح ل َم ْ‬
‫حيدر ‪ :‬الب عض من الناس ‪ ،‬ي ظن أن عدم إعطاء المرأة حق ها ال سياسي بالنتخاب والترش يح‬
‫يعد احتقارا لها ونقصا في كرامتها ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا من التنا قض العج يب ‪ ،‬ومن هو الذي منح ها مثل هذا ال حق ‪ ،‬حتى نقول إن لها‬
‫حقا سياسيا ‪ ،‬سلبه منها ‪ ،‬فيحاول البعض إرجاعه إليها !‬
‫[‪]161‬‬
‫وأيضا هل إبعاد المرأة عن معارك الكلم والتجريح النتخابي ‪ ،‬يعد تحقيرا لها ! بل هو تكريم‬
‫وتشريف لها ‪ ،‬وصيانة لها عن مواقع الشبهة ‪ ،‬فإننا نعلم جميعا أن أيام النتخابات ‪ ،‬في أي‬
‫بقعة من العالم ‪ ،‬قلما تخلو من تجريح أو قذف أو إشاعة مغرضة تمس العراض أو النوايا‬
‫للمرشحين ‪ ،‬وهذا حاصل بين الرجال ‪ ،‬فما الظن إن نزل مثل هذا الشرر على كريمات السر‬
‫العفيفة ‪ ،‬فهل هناك مَن يرضى بأن تتعرض إحدى نسائه لمثل هذا الكلم الجارح ؟ !‬
‫حيدر ‪ :‬أخوات نا الن ساء ‪ ،‬وخا صة المثقفات ‪ ،‬يردن أن يدُل ين بآرائ هن الم ستنيرة ال تي تن فع‬
‫البلد والعباد ‪ ،‬وخاصة في ظل الوضاع الراهنة المتقلبة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الرأي لم يُحجر على أحد ‪ ،‬وكما قيل المرء كثير بإخوانه ‪ ،‬فما علقة نصح المرأة ‪،‬‬
‫ـح وإبداء‬
‫ـى النصـ‬
‫ـح ؟ وللعلم حتـ‬
‫ـا ‪ ،‬بالنتخاب والترشيـ‬
‫ـا أو اقتراحاتهـ‬
‫ـا برأيهـ‬
‫وإدلئهـ‬
‫القتراحات ‪ ،‬ينبغي أل يخالف الشرع ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وكيف ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬جاءت ن صوص واضحة في ك تب الشيعة ت نص على أن المرأة ينبغي عليها أل تخرج‬
‫من منزل ها إل للضرورة ‪ ،‬ول تتكلم مع الجا نب إل في حال الضرورة ‪ ،‬فم ما جاء في هذا‬
‫) ‪ « :‬أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى أن تتكلم‬ ‫‪103/242‬‬ ‫المر في كتاب بحار النوار (‬
‫المرأة عند غير زوجها ‪ ،‬وغير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لبد لها منه » ‪.‬‬
‫ومما أوصى به أمير المؤمنين ابنه الحسن ‪ « :‬أياك ومشاورة النساء ‪ ،‬فإن رأيهن إلى أفن ‪،‬‬
‫وعزم هن إلى و هن ‪ ،‬فاك فف علي هن من أب صارهن بحجا بك إيا هن ‪ ،‬فإن شدة الحجاب أب قى‬
‫عليهن ‪ ،‬وليس خروجك بأشد من إدخالك َمنْ ل يوثق وإن استطعت أن ل يعرفن غيرك فافعل‬
‫»‪.‬‬
‫فهذه نصوص ل تُجوّز للمرأة محادثة الجانب ‪ ،‬وفي المجلس البرلماني حوار ونقاش وكثرة‬
‫كلم ‪ ،‬فهل هناك من نصوص شرعية تجوّز لها هذا المر ؟‬
‫) يقول ‪ « :‬النساء‬ ‫‪103/250‬‬ ‫بل إن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما ثبت في بحار النوار (‬
‫عي ( أي جاهلت ) حمقاوات وعورة ‪ ،‬فداووا عيهن بالسكوت ‪ ،‬وعوراتهن بالبيوت » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هناك نماذج وأمثلة باهرة تدل على جواز تولي المرأة للمنا صب القياد ية أو ما يطلق‬
‫عليه بالولية العامة ‪.‬‬
‫َنـ تولى زمام رئاسـة الوزراء مـن نسـاء‬
‫خالد ‪ :‬لعلك تعنـي ملكـة سـبأ وشجرة الدر ‪ ،‬وم ْ‬
‫مشركات أو مسلمات في زمننا الحاضر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا ما أردت أن أذكره ‪ ،‬ف هل نح جب التار يخ ‪ ،‬ون غض الطرف عن م ثل هذه النماذج‬
‫الرائعة وأيضا مثل مشاركة خولة بنت الزور للرجال في القتال ؟‬
‫خالد ‪ :‬هناك حقائق تاريخيـة ل ينكرهـا إل المكابر ‪ ،‬ولكـن لنسـأل أنفسـنا ‪ ،‬مـا علقـة هذه‬
‫المثلة بما ذكرته لك آنفا من نصوص شرعية من كتب أهل السنة أو الشيعة ‪ ،‬والدالة على‬
‫تجنيب المرأة الخوض في غمار الترشيح والنتخاب ؟‬
‫فهل نحن مأمورون بشرع ملكة سبأ الكافرة في اليمن ؟ والتي لما تبين لها الحق دخلت في‬
‫السلم مع نبي ال سليمان ‪ ،‬وكانت بعد ذلك تحت أمره وحكمه ‪ ،‬وهل نحن مأمورون بأن‬
‫تقتدي نساؤنا بشجرة الدر ‪ ،‬والتي حاولت أن تخفي موت الملك ليستمر لها تنفيذ ما تريد في‬
‫الحكم ‪ ،‬فهل تمت مبايعتها على الحكم من الشعب ‪ ،‬أم أن المر حازته لفترة قصيرة بالكذب‬
‫والخداع ‪ ،‬ثم عوقبت من جراء ما فعلته من خديعة ‪.‬‬
‫[‪]163‬‬
‫وهل بلغ بنا الحد من الجهل حتى نستدل بشخصيات وهمية وأسماء ل وجود لها في التاريخ‬
‫مثل اسم خولة بنت الزور في تنظيم حياتنا ؟‬
‫وما شأننا بأحوال الكفار في الغرب أو الشرق أليس لنا دين يعصم أمرنا ويقود حياتنا أم أننا‬
‫نتبع كل ناعق بما يقول ؟‬
‫حيدر ‪ :‬على ضوء ما ذكرت ‪ ،‬يتبين لي أن المذاهب السلمية جميعها تُبعد المرأة من الولية‬
‫العامة ‪ ،‬والمتمثةا بتشريع القوانن أو القضاء وما شابهه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ل أقول جميـع المذاهـب ‪ ،‬ولكـن أهـل السـّنة وكذلك الشيعـة الماميـة لديهـم الدلة‬
‫الواضحـة على أن المرأة ل يجوز لهـا أن ترشـح نفسـها فـي مجلس المـة أو المجالس‬
‫التشريعية التي تحمل صفة الولية العامة للمة ‪ ،‬وهذا المر مناط بالرجل وحده ‪ ،‬وذلك لحكم‬
‫ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم على المرأة بأن ها ضعي فة ‪ ،‬وك ما قال علي ر ضي ال ع نه ‪« :‬‬
‫جمال الرجال في عقولهم » ‪ ،‬فل مَ ل نصون هذه الجوهرة ونحفظها في مملكتها ‪ ،‬والتي تهتم‬
‫فيها ببيتها وزَوجها وأولدها ‪ ،‬الذين هم أس المجتمع وعماده ؟ ولنعلم أن حق الزوج عليها‬
‫) قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ « :‬لو أمرت‬ ‫‪103/247‬‬ ‫كبير كما جاء في بحار النوار (‬
‫أحدا أن يسجد لحد ‪ ،‬لمرت المرأة أن تسجد لزوجها » ‪.‬‬
‫فلنت قِ ال ول نُخرج المرأة الضعي فة من بيت ها ‪ ،‬الذي هو سترها وحياؤ ها وجمال ها ‪ ،‬إلى‬
‫وحل السياسة ‪ ،‬والذي زلت فيه أقدام فرسان وشجعان ‪.‬‬
‫[‪]164‬‬
‫توقير آل البيت رضوان ال عليهم‬
‫حيدر ‪ :‬آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬حبهم وتوقيرهم ونصرتهم ‪ ،‬ودفع السوء عنهم‬
‫أمر واجب مفترض على كل مسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا ال مر مج مع عل يه ب ين الم سلمين من وجوب ن صر آل ب يت الم صطفى صلى اللّه‬
‫عل يه و سلم من ن سل علي أو جع فر أو عق يل أو كل ب ني ها شم وق يل مع هم ب نو المطلب بن‬
‫عبدمناف ‪ ،‬مـع زوجات النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬ول نلتفـت إلى أقوال الشواذ ممـن‬
‫أنقصوا من قدر آل البيت أو قللوا من شأنهم ‪ ،‬وننبذ الروايات التي تحط من منزلتهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬مثـل هذه الروايات السـقيمة فـي فحواهـا لن تجدهـا إل فـي كتـب شاذة ل يلتفـت‬
‫لمؤلفيها ‪ ،‬بل هم مغمورون ل يأبه بهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أبدا ! بل هم من أوثق الرواة وأجل العلماء عند أصحابهم ‪ ،‬ولضرب لك بعض المثلة‬
‫‪:‬‬
‫* جاء في « رجال الكشي » وفي معجم رجال الحديث للخوئي عن زياد بن أبي الحلل قال ‪:‬‬
‫قلت لبـي عبـد ال عليـه السـلم ‪ :‬إن زرارة روى عنـك فـي السـتطاعة شيئا فقبلناه منـه‬
‫وصدقناه ‪ ،‬وقد أحببت أن أعرضه عليك فقال ‪:‬‬
‫س حِجّ الْبَيْ تِ‬
‫هاته ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يزعم أ نه سألك عن قول ال ‪ -‬عز وجل ‪ { : -‬وَلِلّ هِ عَلَى النّا ِ‬
‫ل } ( آل عمران ‪ ، )97 :‬فقلت ‪ :‬من زاد وراحلة ‪ ،‬فقال ( أي زرارة )‬
‫َم نِ ا سْ َتطَاعَ إِلَيْ هِ سَبِي ً‬
‫‪ :‬كل من ملك زادا أو راحلة فهو مستطيع للحج وإن لم يحج ؟‬
‫[‪]165‬‬
‫فقلت له ‪ :‬نعـم ‪ .‬فقال أبـو عبدال ‪ « :‬ليـس هكذا سـألني ول هكذا قلت ‪ ،‬كذب علي وال ‪،‬‬
‫كذب علي وال ‪ ،‬كذب علي وال ‪ ،‬لعـن ال زرارة ‪ ،‬لعـن ال زرارة ‪ ،‬لعـن ال زرارة ‪ ،‬إنمـا‬
‫قال لي ‪ :‬مـن كان له زاد وراحلة فهـو مسـتطيع للحـج ؟ قلت ‪ :‬قـد وجـب عليـه ‪ .‬قال ( أي‬
‫زرارة ) ‪ :‬فمسـتطيع هـو ؟ فقلت ‪ :‬ل ‪ ،‬حتـى يؤذن له » ‪ .‬قلت ( أي زياد ) ‪ :‬فَأخ ْبر زرارة‬
‫بذلك ؟ قال ‪ :‬نعـم ‪ .‬قال زياد ‪ :‬فقدمـت الكوفـة فلقيـت زرارة فأخـبرته بمـا قال أبوعبـد ال ‪،‬‬
‫وسكتّ عن لعنه قال ( أي زرارة ) ‪ :‬أما إنه أعطاني الستطاعة من حيث ل يعلم ‪ ،‬وصاحبكم‬
‫هذا ( أي أبـا عبدال ) ليـس له بُعـد ( بصـر ) بكلم الرجال ‪ .‬وجاء أيضا فـي كتاب تنقيـح‬
‫المقال أن زرارة قال عن البا قر وال صادق ‪ :‬ر حم ال أ با جع فر ‪ ،‬وأ ما جع فر فإن في قل بي‬
‫عليـه لفتـة ‪ ،‬فقلت له ( أي راوي الحديـث ) ‪ :‬ومـا حمـل زرارة على هذا ؟ قال ‪ :‬حمله على‬
‫هذا أن أبا عبدال أخرج مخازيه ‪.‬‬
‫وللعلم فـ ( زرارة ) هذا يعد أكثر الرجال رواية لحاديث آل البيت وأوثقهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل حكم أحد من العلماء على مثل هذه الروايات بعدم القبول ؟‬
‫خالد ‪ :‬لم أعهـد أن هناك كتبا فندت مثـل هذه الروايات ‪ ،‬وللعلم فإن هذه الروايات ل تحتمـل‬
‫التقية ‪ ،‬لن السؤال خرج من أحد شيعة المذهب ‪ ،‬وليس من رجل عامي ‪ ،‬يُتقى من أمره ‪.‬‬
‫وحب الل واجب على كل مسلم كما قال الصديق ( رضي ال عنه ) ‪ « :‬فوال لن أصل آل‬
‫بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم أحب اليّ من أن أصل قرابتي » ‪.‬‬
‫وكما قال المام الذهبي في كتابه المنصف القيم « سير أعلم النبلء »‬
‫[‪]166‬‬
‫) مبينا اعتقاد أهل السّنة في أئمة آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم‬ ‫‪121‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪13/120‬‬ ‫في ( ج‬
‫فقال رح مه ال تعالى ‪ « :‬فمول نا علي من الخلفاء الراشد ين ‪ ،‬المشهود ل هم بالج نة ر ضي‬
‫ال عنهم ‪ ،‬نحبه أشد الحب ‪ ،‬ول ندعي عصمته ول عصمة أبي بكر الصديق ‪ ،‬وابناه الحسن‬
‫والحسين ‪ ،‬سبطا رسول ال صلى اللّه عليه وسلم وسيدا شباب أهل الجنة ‪ ،‬لو استُخلفا لكانا‬
‫أهلً لذلك ‪.‬‬
‫وز ين العابد ين ‪ :‬كبير القدر ‪ ،‬من سادة العلماء العامل ين ‪ ،‬ي صلح للما مة ‪ ،‬وله نظراء ‪،‬‬
‫وغيره أكثر فتوى منه ‪ ،‬وأكثر رواية ‪.‬‬
‫وكذلك ابنه أبوجعفر الباقر ‪ :‬سيدٌ ‪ ،‬إمام ‪ ،‬فقيه ‪ ،‬يصلح للخلفة ‪.‬‬
‫وكذا ولده جع فر ال صادق ‪ :‬كبير الشأن ‪ ،‬من أئ مة العلم ‪ ،‬كان أولى بال مر من أ بي جع فر‬
‫المنصور ‪.‬‬
‫وكان ولده موسـى ‪ :‬كـبير القدر ‪ ،‬جيـد العلم ‪ ،‬أولى بالخلفـة مـن هارون ‪ ،‬وله نظراء فـي‬
‫الشرف والفضل ‪.‬‬
‫وابنـه علي بـن موسـى الرضـا ‪ :‬كـبير الشأن ‪ ،‬له علم وبيان ‪ ،‬ووقـع فـي النفوس ‪ ،‬صـيره‬
‫المأمون ولي عهده لجللته ‪ ،‬فتُوفي سنة ثلث ومائتين ‪.‬‬
‫وابنـه محمـد الجواد ‪ :‬مـن سـادة قومـه ‪ ،‬لم يبلغ رتبـة آبائه فـي العلم والفقـه ‪ .‬وكذا ولده‬
‫الملقب بالهادي ‪ :‬شريف جليل ‪.‬‬
‫وكذلك اب نه الح سن بن علي الع سكري ( رحم هم ال تعالى ) فأ ما مح مد بن الح سن ‪ ،‬خات مة‬
‫الثنى عشر سيد ‪ ،‬الذي تدعي المامية عصمتهم ‪ -‬ول عصمة إل لنبي ‪ -‬الذين يزعمون أنه‬
‫الخلف ‪ ،‬الحجة ‪،‬‬
‫[‪]167‬‬
‫وأنه صاحب الزمان ‪ ،‬وأنه صاحب السرداب بسامراء ‪ ،‬وأنه حي ل يموت حتى يخرج فيمل‬
‫الرض عدلً وقِسـطا كمـا مُلئت ظلما وجورا ‪ ،‬فوددنـا ذلك ‪ -‬وال ‪ -‬وهـم بانتظاره مـن‬
‫أربعمائة سنة ( و قت المام الذ هبي ) و من أحالك على غائب لم ين صفك ‪ ،‬فك يف ب من أحالك‬
‫على مستحيل ؟ والنصاف عزيز ‪ ،‬فنعوذ بال من الجهل والهوى » ‪.‬‬
‫وال نسأل أن يوفقنا إلى الحق والنصاف دائما ‪.‬‬
‫[‪]168‬‬
‫مسلم وكافر‬
‫خالد ‪ :‬من أق سى المور وقعا على ن فس المسـلم ‪ ،‬أن يجـد النسـان أناسـا من المسـلمين ‪،‬‬
‫يقذفون بالكلم الشنيع على عوام المسلمين !‬
‫حيدر ‪ :‬هذا أمر خطير والواجب على المسلم أن يحُب لخيه ما يحب لنفسه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إطلق كلمة الكفر والضلل ‪ ،‬على عباد ال أمر كبير وخطير ‪ ،‬ينبغي على المسلم أن‬
‫يتثبت من هذه الكلمة ‪ ،‬قبل أن يرسلها على أحد من الخلق ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬قلوب الشيعـة ول الحمـد ‪ ،‬تمتلئ بالحـب والتسـامح مـع بقيـة الخلق ‪ ،‬وحتـى مـع‬
‫المخالفين ‪ ،‬وكما يقال ‪ :‬الختلف في الرأي ل يفسد للود قضية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا المر واقعيا غير متحقق يا أخ حيدر ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬بيّن ما ترمي إليه ‪ ،‬فالمثال يفسر المقال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬حسـب مـا أقرأ ‪ ،‬فإن علماء الشيعـة قـد كفّروا ُكلّ مَن لم يدخـل فـي مذهـب الشيعـة‬
‫المامية الثنى عشرية ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إن كان ما تقول صوابا ‪ ،‬فوال إن هذا لهو الفتراء الشنيع الذي لم يسُبق إليه أحد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬جاء في كتاب « رجال الك شي (‪ » )6‬ب سنده عن « ‪ ...‬حنان بن سدير عن أب يه عن‬
‫أبـي جعفـر عليـه السـلم قال ‪ « :‬كان الناس أهـل ردة بعـد النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم إل‬
‫ثلثة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ومن الثلثة ؟ فقال ‪ :‬المقداد بن السود ‪ ،‬وأبو ذر الغفاري ‪،‬‬
‫[‪]169‬‬
‫و سلمان الفار سي ‪ ،‬ثم عرف الناس ب عد ي سير ‪ ،‬وقال ‪ :‬هؤلء الذ ين دارت علي هم الر حا ‪،‬‬
‫وأبوا أن يبايعوا لبي بكر ‪ ،‬حتى جاءوا بأمير المؤمنين ‪ ،‬مكرها فبايع » ‪.‬‬
‫ولربمـا زاد العدد فـي بعـض الروايات فبلغ السـبعة ‪ ،‬وأمـا البقيـة مـن الصـحابة ‪ ،‬فتقول‬
‫الروايات أنهم قد هلكوا !‬
‫حيدر ‪ :‬ول كن الذ ين كانوا مع ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم في ح جة الوداع قد ناهزعدد هم‬
‫المائة ألف مسلم ‪ ،‬فأين هم ؟‬
‫خالد ‪ :‬سؤالك سديد ‪ ،‬والروايات الشيع ية تج يب عل يه ‪ ،‬م ثل الروا ية ال سابقة ‪ ،‬ولم يقت صر‬
‫الح كم بالتكف ير على ال صحابة ف قط ‪ ،‬بل تجاوزه إلى تكف ير ول عن أ هل ال سلم في كل زمان‬
‫ومكان !‬
‫حيدر ‪ :‬المسلمون كما أخبر ال إخوة متحابون ‪ ،‬فكيف يأتي إنسان ويكفرهم ؟‬
‫خالد ‪ :‬التكفير واقع لشك فيه على كل َم نْ لم يعتقد إمامة الئمة مثل ما ذكر البحراني في‬
‫) ‪ « :‬ول يت شعري أي فرق ب ين مَن‬ ‫‪18/153‬‬ ‫الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة (‬
‫ك فر بال سبحانه وتعالى ور سوله ‪ ،‬وب ين من ك فر بالئ مة علي هم ال سلم ‪ ،‬مع ثبوت كون‬
‫المامة من أصول الدين » ‪.‬‬
‫) نتيجة تكفير منكر المامة فقال ‪« :‬‬ ‫‪23/390‬‬ ‫وبيّن المل محمد المجلسي في بحار النوار (‬
‫اعلم أن إطلق ل فظ الشرك والك فر على مَن لم يعت قد إما مة أم ير المؤمن ين والئ مة من ولده‬
‫عليهم السلم وفضّل عليهم غيرهم ‪ ،‬يدل أنهم مخلدون في النار » ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬فمـن ادعـى المامـة وليـس بإمام فهـو الظالم‬ ‫‪112‬‬ ‫وقال ابـن بابويـه فـي العتقادات (‬
‫الملعون ‪ ،‬ومن وضع المامة في غير أهلها ‪ ،‬فهو ظالم ملعون » ‪.‬‬
‫[‪]170‬‬
‫فهذا تكفير للحاكم والمحكوم ‪ ،‬من قِبل رجل ظلم أهل السلم ‪.‬‬
‫ولم يقتصر المر على عوام المسلمين بل تعداه إلى تكفير آل البيت !‬
‫حيدر ‪ :‬سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم !!‬
‫خالد ‪ :‬المسلم العاقل يسمع ثم يحكم ول يلقي الكلم جزافا ‪ ،‬من المعلوم يا أخ حيدر أن ابن‬
‫عباس من آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم لنه ابن عمه ‪ ،‬فماذا تقول فيمن يدعو عليه‬
‫باللعنة ‪ ،‬وأن يعمي ال بصره وبصيرته هو ووالده ‪ ،‬وأنه سخيف العقل وجاهل ؟‬
‫حيدر ‪ :‬أحكم عليه بالجهل وسوء القول ‪.‬‬
‫)‬ ‫‪1/319‬‬ ‫) وكتاب البرهان (‬ ‫‪1/99‬‬ ‫خالد ‪ :‬إذا فهذه المقولة موجودة في كتاب تفسير العياشي (‬
‫) ‪ ،‬ولم يتوقف التكفير عند حد معين بل اتسعت دائرته لتشمل كل‬ ‫‪1/389‬‬ ‫وتفسير الصافي (‬
‫) في رواياته على أن‬ ‫‪1/372‬‬ ‫آل البيت إن لم يتبعوا المذهب المامي ‪ ،‬فنص صاحب الكافي (‬
‫كل مَن لم يؤمن بالثنى عشر فهو كافر ‪ ،‬وإن كان علويا فاطميا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن لربما هذه الحكام في حق مَن أنكر شيئا من الدين ‪ ،‬أو جحد أمرا معلوما من‬
‫الدين بالضرورة ؟‬
‫خالد ‪ :‬يا أخ حيدر ‪ ،‬النصوص واضحة ‪ ،‬دالة دللة ل لبس فيها على أن المؤمن هو الشيعي‬
‫الث نى عشري و ما سواه ‪ -‬ول حول ول قوة إل بال ‪ -‬نح كم عل يه بالك فر ‪ ،‬و مع أن ال نبي‬
‫صلى اللّه عل يه و سلم طوال دعو ته لم يك فر أحدا من الذ ين كانوا حوله ‪ ،‬شيوخا أو شبابا ‪،‬‬
‫رجالً أو نساءً ممن دخلوا في دين السلم بسبب قضية المامة أو الجهل فيها ‪ ،‬ولربما يأتيه‬
‫العرا بي من ال صحراء وي سأل عن السلم فيجيبه ال نبي صلى اللّه عليه و سلم بأمور ل يس‬
‫فيها المامة أو ولية علي رضي ال عنه ‪ ،‬فهل‬
‫[‪]171‬‬
‫نحن أعلم بالد ين من سيد البشر صلى اللّه عليه و سلم ؟ فحذار يا أخ حيدر أن نرسل كل مة‬
‫الكفر على أحد من أهل التوحيد والصلة ‪ ،‬فديننا دين خير ومحبة ‪ ،‬وليس دين لعن وتكفيرً‬
‫بين الخوة المؤمنين ‪.‬‬
‫[‪]172‬‬
‫التاريخ والبطولت‬
‫خالد ‪ :‬تاريخنا يا أخ حيدر ‪ ،‬مليء بنماذج طيبة يُحتذى بها في كل ميدان من ميادين الحياة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وأيضا يـا أخـي خالد ‪ ،‬كتـب التاريـخ ول الحمـد موجودة ومتيسـر الحصـول عليهـا ‪،‬‬
‫وفيها التحقيق والتثبت من الروايات ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أما الكثرة فهي كذلك ‪ ،‬وأما التثبت فيخفى أمره على الكثير من العوام ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هلّ أوضحت هذا المر إن أمكن ؟‬
‫خالد ‪ :‬كتب التاريخ الماضية ‪ ،‬مثل كتاب إمام المؤرخين محمد بن جرير الطبري ( رحمه ال‬
‫) ‪ ،‬لم يشترط ف يه ذ كر الروايات التاريخ ية ال صحيحة ف قط ‪ ،‬ولك نه ج مع جُل ما بل غه من‬
‫روايات ‪ ،‬وذكـر اسـم الشخـص الذي تعوّل عليـه الروايـة ‪ ،‬فقال ( رحمـه ال ) فـي مقدمـة‬
‫تاريخه ( تاريخ المم والملوك ) ‪:‬‬
‫« وليعلم الناظر في كتابنا هذا ‪ ،‬أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكرَه فيه ‪ ،‬مما شرطت أني‬
‫را سمه ف يه ‪ ،‬إن ما هو على ما رُوي تُ من الخبار ال تي أ نا ذاكر ها ف يه ‪ ،‬واللثار ال تي أ نا‬
‫ُم سندها إلى روات ها ف يه ‪ ...‬ثم يقول ‪ :‬ف ما ي كن في كتا بي هذا من خبر ذكرناه عن ب عض‬
‫الماضيـن ممـا يسـتنكره قارئه ‪ ،‬أو يسـتشنعه سـامعه ‪ ،‬مـن أجـل أًنـه لم يُعرف له وجها فـي‬
‫ال صحة ‪ ،‬ول معنىً في الحقي قة ‪ ،‬فليعلم أ نه لم يُؤ تَ في ذلك من قبَل نا ‪ ،‬وإن ما أ تي من قبَل‬
‫بعض ناقليه إلينا ‪ ،‬وإنا إنما أدينا ذلك ‪ ،‬على نحو ما أُدَي إلينا » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا مَن يأتي وينسب حادثة موجودة في أي كتاب تاريخ ‪ ،‬فينبغي عليه أن يتحقق من‬
‫صدق الراوي ‪ ،‬ول يعول على اسم الكتاب أو المؤلف فقط ‪.‬‬
‫[‪]173‬‬
‫خالد ‪ :‬مثل ما قلت يا حيدر ‪ ،‬ومع هذا لنرجع إلى ما أحببنا الحوار حوله ‪ ،‬وهو وجود نماذج‬
‫من السماء المباركة التي يقتدي بها المسلم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬مما ل شك فيه أنك تعني وتقصد آل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم جميعهم ‪ ،‬فهم‬
‫لهم نصيب السد بالقتداء ‪ ،‬وضرب المثل ‪ ،‬فيما قدموه وما فعلوه من خير في سبيل ال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أعنـي بالدرجـة الولى الذيـن كانوا مـع النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬فإن ذكرت‬
‫الشجاعة فعليك بأبي بكر رضي ال عنه الذي دافع عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أكثر من‬
‫مرة في مكة قبل الهجرة وبعدها ‪ ،‬وكذلك أبي الحسن علي رضي ال عنه ‪ ،‬الذي كان يُضرب‬
‫به المثل في المبارزة ‪ ،‬وأيضا خالد بن الوليد ( سيف ال المسلول ) والبراء بن مالك وجعفر‬
‫بن أبي طالب وغيرهم كثير رضي ال عنهم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن بعض السماء التي ذكرتها ‪ ،‬يشكك بعض العلماء في إخلصها للنبي صلى اللّه‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وأنها إنما أسلمت خوفا من سيوف المسلمين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬و َم نْ الذي أعلمنا بما في صدور العالمين ؟ وهل أمرنا ال أن نفتش وننظر في قلوب‬
‫الناس ؟ أم أننا فقط ننظر إلى أعمالهم وتضحياتهم ‪ ،‬وال يتولى السرائر ‪.‬‬
‫ول يشك مطلع على التار يخ ‪ ،‬بأن خالد بن الول يد ( ر ضي ال عنه ) قد ك تب ال على يد يه‬
‫من الخ ير ‪ ،‬ما لم ينله غيره ‪ ،‬ف هو الذي أذل رقاب الفرس والروم بجي شه وأف نى حيا ته في‬
‫سبيل ال ‪ ،‬فهل يأتي جاهل في التاريخ يقول عنه ‪ :‬أنه كان خائفا من سيوف المسلمين ‪ ،‬أو‬
‫إن إسلمه فيه شكٌ ‪ ،‬وهل نتذكر قطرة السوء ونقفل عن بحار الحسنات ؟‬
‫حيدر ‪ :‬وهل هناك ميادين أخرى تميز بها الصحابة رضي ال عنهم ؟‬
‫[‪]174‬‬
‫خالد ‪ :‬إن شئت ف قل حازوا الف ضل كله في جم يع المياد ين ‪ ،‬العلم ‪ ،‬الكرم ‪ ،‬التضح ية ‪ ،‬حب‬
‫ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪ ،‬ح فظ القرآن الكر يم ‪ ،‬حما ية ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم ‪،‬‬
‫الطاعة المطلقة لمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ...‬بل لنقل اختصارا كل ميادين القتداء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا ليس بالشيء الجديد لنذكره ‪ ،‬فهو موجود في كتب علماء الشيعة المباركة ‪ ،‬وقد‬
‫تناولوا هذا الجانب وبينوه أفضل بيان ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا من أعجب الكلم الذي سمعته منك يا أخ حيدر ‪ ،‬فالواقع والمكتوب يناقض تماما‬
‫لما تذكره ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وكيـف هذا ؟ ومجالس العلم والحوزات العلميـة ‪ ،‬تعلّم شباب المسـلمين مـا فعله هذا‬
‫الجيل الفريد ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هـل بالمكان أن تذكـر لي اسـم كتاب سـطر فيـه مؤلفـه أمثلة لبطولت الصـحابة ‪،‬‬
‫والعمال الجليلة التي بذلوها للسلم ونصرته ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل يحضرني الن اسم كتاب في هذا المجال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬لو قلبـت كتاب « الصـابة فـي تمييـز الصـحابة » لبـن ح جر العسـقلني ‪ ،‬أو كتاب «‬
‫ال ستيعاب في ال صحاب » ل بن ع بد البر الندل سي ‪ ،‬أو ك تب ترا جم الرجال ‪ ،‬لعل مت الذي‬
‫أريده منـك ‪ ،‬بـل هـل جلسـت ذات مرة فـي مجلس علم وسـمعت عالما أو إماما يتحدث عـن‬
‫غزوة بدر أو الخندق أو فتـح مكـة أو الفتوحات السـلمية المباركـة التـي تمـت فـي عهـد‬
‫الفاروق عمر رضي ال عنه ؟‬
‫حيدر ‪ :‬في الحقيقة ‪ ،‬لم أسمع ‪ ،‬ولكنني قد قرأت شيئا يسيرا في هذا الموضوع ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا ما أريد أن أوصله لك يا أخ حيدر ‪ ،‬لو تعطرت مجالسنا بتناول سيرة النبي‬
‫[‪]170‬‬
‫صلى اللّه عل يه و سلم و ما حدث في ها من بطولت وتضحيات وأمثلة ‪ ،‬يعجزُ أحد نا أن يتخ يل‬
‫حدوثها في هذا الزمان ‪ ،‬فهل ستجد َمنْ ينتقص أحدا من صحابة النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫أو يش كك في إ سلمه ‪ ،‬أو ح تى ي ظن ف يه ال ظن ال سوء ‪ ،‬فال ظن ال سيء ل يأ تي إل من قِ بل‬
‫الذي جهل حال الكرام ‪ ،‬ولم يبلغ درجتهم في الفضل ‪.‬‬
‫[‪]176‬‬
‫ميراث النبي صلى اللّه عليه وسلم‬
‫حيدر ‪ :‬أقسى شيء في الحياة ‪ ،‬أن النسان يُمنع من حقٍ قد ثبت له !‬
‫خالد ‪ :‬وخاصة إذا كان هذا الحق قد ثبت له بطريق صحيح ‪ ،‬ول يشوبه أي شائبة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬إذا ما قولك يا أخ خالد ‪ ،‬في ذلك الذي يم نع سيدة ن ساء العالم ين علي ها ال سلم من‬
‫إرثها المستحق لها من سيد المرسلين صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬هل يكون قد أنصفها أو ظلمها‬
‫؟‬
‫خالد ‪ :‬لعلك تريد أن نتحاور حول أرض فدك ‪ ،‬وادعاء سيدة نساء العالمين فاطمة رضي ال‬
‫عنهـا أن لهـا نصـيبا فـي هذه الرض ‪ ،‬مـن بعـد وفاة النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬وأن‬
‫الصديق رضي ال عنه رفض أن يعطيها إياه ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ولمِ الحوار والنقاش ‪ ،‬وأنت توافقني في أن أبابكر رضي ال عنه قد خالف المتعارف‬
‫عليه بين المسلمين من حق البنت في تركة والدها ؟‬
‫خالد ‪ :‬الرث معلوم أمره في الشري عة ال سلمية ‪ ،‬وال صديق ر ضي ال ع نه لم يم نع فاط مة‬
‫رضـي ال عنهـا فقـط ‪ ،‬فللعلم إن أزواج النـبي صـلى اللّه عليـه وسـلم لهـن نصـيب فـي هذا‬
‫الميراث ‪ ،‬كعائ شة وحف صة ر ضي ال عنه ما فه ما تشتركان في الث من مع با قي الن سوة ‪،‬‬
‫وأيضا العباس رضي ال عنه ‪ ،‬له نصيب وهو من العصبة فيأخذ الباقي تعصيبا ‪.‬‬
‫فل َم الدفاع عن فاط مة ر ضي ال عن ها وحد ها ‪ ،‬ول نتكلم عن البق ية الذ ين لم يحَ صلوا على‬
‫حقهم إن كان لهم حق ؟‬
‫حيدر ‪ :‬لن ال نبي صـلى اللّه عل يه و سلم قد قال ‪ « :‬فاط مة بض عة م ني يريب ني ما أرابهـا‬
‫ويوذيني ما‬
‫[‪]177‬‬
‫آذاها » ‪ ،‬وهذا الحديث في البخاري ‪ ،‬ففاطمة اذا مميزة من البقية ‪.‬‬
‫وقال ‪ « :‬إن ال يغضب لغضبها ويرضى لرضاها » ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ما ذكرته من الستدلل صحيح ‪ ،‬ولكنها من رواية المام مسلم وليس البخاري ‪ ،‬أما‬
‫ال ثر الثا ني فروا ية البخاري هي ‪ « :‬فاط مة بض عة م ني ف من أغضب ها أغضب ني » ‪ ،‬ول كن‬
‫الصديق رضي ال عنه ل يظن به إنسان عاقل من أنه تعمد أو حاول إيذاء بنت رسول ال‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ولكنه ( رضي ال عنه ) امتثل لمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن‬
‫النبياء ما يتركونه خلفهم ‪ ،‬إنما هو صدقة للمسلمين ‪.‬‬
‫سـلَ ْيمَانُ دَاوُدَ } (النمـل ‪:‬‬
‫ِثـ ُ‬
‫حيدر ‪ :‬سـبحان ال ! المولى سـبحانه يقول فـي القرآن ‪َ { :‬ووَر َ‬
‫‪ )16‬وأنت تخالف هذا المر وتزعم أن هناك حديثا ينقض القرآن !‬
‫خالد ‪ :‬على رسلك قليلً يا أخ حيدر ‪ ،‬ولنأخذ المور بتروٍ ‪.‬‬
‫الية تبين أن نبي ال سليمان قد ورث أمرا ما من والده داود عليهما الصلة والسلم ‪ ،‬ولم‬
‫تحدد ال ية الكري مة نوع هذا الموروث ‪ ،‬فجاءت ال سنة ال صحيحة ل تبين ل نا بوضوح أن هذا‬
‫الموروث هو العلم والنبوة ‪ ،‬وليس شيئا من متاع الدنيا وزينتها ‪ .‬لن يعقوب له من الذرية‬
‫غير سليمان فتم تحديد سليمان بالرث لنعلم أنه ورث غير المتعاهد والمعروف بين الناس ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن الحديث اللذي ذهبت إليه غير صحيح ‪ ،‬ول يُحتح به ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬هذا من أعجب القوال التي سمعتها أذني !‬
‫حيدر ‪ :‬ولم ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬إذا كان الحديـث الذي يدعـم رأ يك يصـبح صـحيحا ‪ ،‬والذي يُبطـل كل مك يكون ضعيفا‬
‫وغير صحيح ‪ ،‬فأين النصاف وميزان العدل في المناقشة ؟‬
‫وللعلم فقد جاء الحديث الذي يرد عليك في البخاري ومسلم من قوله صلى اللّه عليه وسلم ‪:‬‬
‫[‪]178‬‬
‫« ل يقت سم ورث تي دينارا ول درهما و ما تر كت ‪ -‬ب عد نف قة ن سائي ومؤ نة عاملي ‪ -‬ف هو‬
‫صدقة » ‪.‬‬
‫وللعلم يا أخ حيدر الحد يث الذي يدل على أن الموروث من ال نبياء هو العلم قد رواه علماء‬
‫السنة والشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لم أ قل هذا القول من عندي ولك ني أ ستند على قول المام الخمي ني في كتاب ك شف‬
‫السرار ( ‪ ) 132‬يقول ‪ « :‬ما نسبه أبو بكر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم إنما هو مخالف‬
‫لليات الصريحة حول إرث النبياء ومنها ‪ ،‬وورث سليمان داود ‪ ،‬فهل يجوز أن نكذب ال ‪،‬‬
‫أو نقول بأن النبي قال كلما يخالف أقوال الله أم نقول إن الحديث المنسوب إلى النبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم ل صحة له ‪ ، » ...‬فما هو ردك يا أخ خالد ؟‬
‫خالد ‪ :‬ل عل الخمي ني لم يقرأ كتاب أ صول الكا في ‪ ،‬أو لعله ن سي أو و هم ع ما جاء ف يه في‬
‫)‪:.‬‬ ‫ص‪26/‬‬ ‫كتاب العلم ‪ ،‬تحت باب ( ثواب العالم والمتعلم ج‪- 1/‬‬
‫فعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن القداح عن أبي عبدال قال ‪ « :‬قال‬
‫رسول ال عليه السلم ‪ :‬من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك ال به طريقا إلى الجنة ‪... ،‬‬
‫وفضل العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ‪ ،‬وإن العلماء هم ورثة النبياء ‪ ،‬إن‬
‫النبياء لم يورثوا دينارا ول درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر » ‪.‬‬
‫فمن نصدق الن الحديث الثابت أم الكلم النشائي !‬
‫ولمز يد من التث بت في ال مر ‪ ،‬ف قد جاء في تف سير ك نز الدقائق للميرزا مح مد المشهدي (‬
‫ث سُلَيمَانُ دَاوُدَ } ما يلي ‪:‬‬
‫) تحت قوله تعالى ‪َ {:‬ووَرِ َ‬ ‫‪7/318‬‬

‫« وورث سليمان داود ‪ :‬قيل النبوة والعلم أو الملك ‪ ،‬بأن قام مقامه في ذلك‬
‫[‪]179‬‬
‫دون سائر ال نبياء ‪ ،‬وكانوا ت سعة ع شر » ‪ ،‬و هل تعلم ما ال سبب الذي لجله م نع ال صديق‬
‫رضي ال عنه فاطمة من أن تأخذ إرثها ‪ ،‬كما يراه الخميني ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل أعلم ‪.‬‬
‫) بعد أن بيّن مخالفة الصديق للية فقال‬ ‫‪132‬‬ ‫خالد ‪ :‬يقول الخميني في كتابه ( كشف السرار‬
‫‪ ... « :‬وأنه قيل من أجل استئصال ذرية النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فهل آل بيت النبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم سوف يفنيهم أبو بكر رضي ال عنه ‪ ،‬بمنعهم من بعض متاع الدنيا‬
‫الفانية ؟ وهل تعلم لماذا ذكرت إسناد الحديث الذي جاء في كتاب الكافي ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل ‪ ،‬وما السبب ؟‬
‫) هذا الحديث وعلق عليه‬ ‫‪93‬‬ ‫خالد ‪ :‬لن الخميني قد ذكر في كتابه الحكومة السلمية ( ص‬
‫‪ « :‬الحديث صحيح ‪ ،‬وحتى أبوعلي بن إبراهيم ( وهو ‪ :‬إبراهيم بن هاشم ) فهو من كبار‬
‫الثقاة في نقل الحديث » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬على ضوء مـا ذكرت مـن روايات صـحيحة فـي المذهـب ‪ ،‬اذا مـا قولك فيمـن قال إن‬
‫فاطمة عليها السلم ‪ ،‬غضبت على الخليفه الول ( رضي ال عنه ) ؟‬
‫خالد ‪ :‬ما حدث بين فاطمة وأبي بكر رضي ال عنهما من أمر إنما كان من جهة أن أبا بكر‬
‫ما فعل الذي فعل إل امتثا ًل لمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فعلمنا أنه حكم ال ورسوله ‪،‬‬
‫فمن طلب أن يُحكم له بغير حكم ال ورسوله ‪ ،‬فغَضبَ وحلفَ أن ل يكلم الحاكم ‪ ،‬لم يكن هذا‬
‫مما يُحمد عليه ‪ ،‬ول يُذم به الحاكَم ‪ ،‬بل هذا إلى أن يكون جرحا أقرب منه أن يكون مدحا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لتعلم يا أخ خالد أن سيدة نساء العالمين عليها السلم من شدة غضبها على الصديق‬
‫فقد أوصت بأن تدفن ليلً ‪ ،‬ول يحضر لها أحدٌ في الصلة عليها ‪.‬‬
‫[‪]180‬‬
‫خالد ‪ :‬هل تريد أن تمدح سيدة نساء العالمين ‪ ،‬وتكون في صفها ‪ ،‬أو أن تذمها ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ماذا تقول أنا أدافع عنها ‪ ،‬وأذود عنها ما حييت أبدا ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الروايات تقول ‪ « :‬فلم تكل مه » ‪ ،‬ف من هذا الذي عاش بينه ما في زمانه ما ثم جاء نا‬
‫فقال ‪ :‬إن فاطمة لم تكلم الصديق رضي ال عنه في أي حديث ؟‬
‫غاية ما في المر ‪ ،‬أن فاطمة لم تكلم أبا بكر رضي ال عنه في موضوع الرث مرة ثانية ‪،‬‬
‫بل المعروف أن ال صديق ر ضي ال ع نه ذ هب إلى فاط مة وترضا ها ح تى رض يت ‪ ،‬وذُكرت‬
‫)‪.‬‬ ‫‪6/233‬‬ ‫هذه الرواية في فتح الباري (‬
‫حيدر ‪ :‬إذا القضية ليست صحيحة وإنما كان اجتهادا من سيدة نساء العالمين رضي ال عنها‬
‫‪ ،‬وحسم المر أبو بكر رضي ال عنه ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المر كما تقول ‪ ،‬وليست القضية كما توهمها البعض من اعتداء واستإصال لل بيت‬
‫ال نبي صلى اللّه عليه و سلم ‪ .‬وغيره من المور ال تي ل سند ل ها إل التو هم والخيال ‪ ،‬ون ثر‬
‫لبذور الخلف بين المسلمين ‪.‬‬
‫[‪]181‬‬
‫السحر والتنجيم‬
‫خالد ‪ :‬قرأت قوله تعالى ‪ { :‬وَل يُفْلِ حُ ال سّاحِرُ حَيْ ثُ أَتَى } (طه ‪ )69 :‬فاندهشت لبلغة اللفظ‬
‫في الية الكريمة ‪ ،‬من أن سحر السحرة كله إلى باطل ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وأنا أوافقك على هذا ‪ ،‬فما الجديد في المر والمسلمون ول الحمد يبتعدون عن مثل‬
‫هذه السخافات الدالة على نقص الثقة بال ‪ ،‬والتوكل عليه ‪ ،‬وعلى ضعف اليمان به سبحانه‬
‫‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المسـتغرب يـا أخ حيدر ‪ ،‬أن أشاهـد مـن فئة ‪ ،‬متزايدة مـن الخوة الشيعـة ‪ ،‬تأييدهـم‬
‫لم ثل هذه الترهات والخزعبلت ‪ ،‬والب عض يؤ من ويتعلق ب ها ‪ ،‬ويعت قد بنفع ها وتأثير ها على‬
‫حياته اليومية !‬
‫حيدر ‪ :‬هذا من أعجب ما سمعت منك ‪ ،‬الشيعة كما قلت لك مرارا يشهدون أن ل إله إل ال‬
‫وأن محمدا رسول ال ‪ ،‬ويعتقدون أن ال بيده كل شيء سبحانه ‪ ،‬ولنبتعد عن تأثيم العوام ‪،‬‬
‫ولنحسن بهم الظن ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬على المسلم أن يلتمس العذر للعوام في ارتكابهم الخطأ فيقول إنهم جهال ‪ ،‬ولم يعلموا‬
‫الصواب ‪ ،‬فندعوا لهم بالهداية والصلح ‪ ،‬ولكن ما العذر الذي نلتمسه لهل الفتوى والمرجع‬
‫في تحريضهم المسلمين على العتماد على غير ال ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هذه طامة أشنع من سابقتها ‪ِ ،‬ل َم ل تضع النقاط على الحروف ‪.‬‬
‫) ما نصه ‪ « :‬حرز‬ ‫‪94‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في كتاب بحار النوار ( ص ‪/193‬ج‬
‫[‪]182‬‬
‫لمير المؤمنين صلوات ال عليه للمسحور ‪ ،‬والتوابع ( أي ‪ :‬الجني الذي يتبع النسان حيث‬
‫يذهـب ‪ ،‬وهـو القريـن ) والمصـروع والسـم والسـلطان ( أي ‪ :‬أميـر المسـلمين ) والشيطان‬
‫وجم يع ما يخا فه الن سان ‪ ...‬وهذه كتاب ته ‪ :‬ب سم ال الرح من الرح يم أي كنوش أي كنوش‬
‫أر شش عطنيطني طح يا مطيطرون فريال سنون ‪ » ...‬إلى آ خر هذه الشعوذات والطل سم ‪ ،‬ثم‬
‫رسم رموزا غريبة على شكل خطوط متداخلة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن مثل هذا الكلم غير مفهوم ‪ ،‬ولعله غيرعربي ؟‬
‫) ‪ « :‬وربما يكون التلفظ‬ ‫‪63‬‬ ‫خالد ‪ :‬لجل هذا يقول العلمة الصغاني في كتابه الموضوعات (‬
‫بتلك الكلمات كفرا ‪ ،‬ل نا ل نعرف معنا ها بالعرب ية ‪ ،‬و قد قال تعالى ‪ { :‬مّ ا فرّطْنَا فِي ا ْلكِتَا بِ‬
‫مِن شَيْء } (النعام ‪ ، )38 :‬بـل والبعـض مـن العلماء الشيعـة يحـث على نداء الجـن لجلب‬
‫الخير ودفع الضر » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ماذا تقول ‪ :‬العلماء ينصحون العوام بسؤال الخير من الجن ؟‬
‫) والبر قي في المحا سن (‬ ‫‪2/195‬‬ ‫خالد ‪ :‬ذ كر ا بن بابو يه في كتاب َم نْ ل يحضره الفق يه (‬
‫) عن أبي بصير عن أبي عبد ال قال ‪ :‬إذا ضللت الطريق‬ ‫‪8/325‬‬ ‫) ووسائل الشيعة (‬ ‫‪362‬‬

‫فناد ‪ « :‬يا صالح أو يا أبا صالح ‪ ،‬أرشدونا إلى الطريق ‪ ،‬يرحمكم ال » ‪.‬‬
‫) وكذلك الخصال لبن بابويه‬ ‫‪8/325‬‬ ‫وجاء الكشف عن هوية « صالح » في مسائل الشيعة (‬
‫) بإسناده عن علي في حديث الربعمائة قال ‪ « :‬ومن ضل منكم في سفر ‪ ،‬وخاف‬ ‫‪2/618‬‬ ‫(‬
‫على نفسه ‪ ،‬فليناد ‪ :‬يا صالح أغثني ‪ ،‬فإن في إخوانكم من الجن جَنيَا يسمى صالح ‪ ،‬يسيح‬
‫في البلد لمكانكم ‪ ،‬محتسبا نفسه لكم ‪ ،‬فإذا سمع الصوت أجاب وأرشد الضال منكم ‪ ،‬وحبس‬
‫عليه دابته ( أي ‪ :‬أمسك له الدابة ) » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن التعامل مع الجن كما أعلم لم يثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬ولعل فيه‬
‫فتح باب عظيم من الشر ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬أذكرك بقوله تعالى ‪ { :‬وَأَنّ هُ كَا نَ ِرجَال مّ نَ الن سِ َيعُوذُو نَ ِبرِجَالٍ من ا ْلجِنّ َفزَادُوهُ مْ‬
‫) وهذا ما كان يفعله المشركون في ال سابق يعوذون ( أي ‪ :‬يلتجئون )‬ ‫‪6‬‬ ‫َرهَقًا } ( ال جن ‪:‬‬
‫بعظيم ذلك المكان من الجن أن يصيبهم بشيء يسوءهم ‪ ،‬فزاد الجن النس رهقا ‪ ،‬أي خوفا‬
‫وإرهابا وذعرا وإثما ‪ ،‬لنهم استعاذوا بغير ال ‪ ،‬فما الفرق بين المشركين في السابق ومثل‬
‫هذه الروايات الشنيعة ؟‬
‫بل وماذا نقول للذي يعلق حياته اليومية ‪ ،‬وما يحدث فيها بفعل الكواكب وحركتها ‪ ،‬من إقبال‬
‫على الخير ‪ ،‬أو تجنبٍ عن الشر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هل بلغ الجهل وعدم التوكل على ال في العوام هذا المبلغ ؟‬
‫خالد ‪ :‬يا ليت المر كان من فعل العوام ‪ ،‬ولكن هناك المؤلفات بهذا الشأن ‪ ،‬التي تعلم العوام‬
‫السـحر ‪ ،‬والعمال التـي فيهـا تعلق بغيـر ال ‪ ،‬مثـل كتاب « بُلغـة المـل إلى الشفاء العاجـل‬
‫بالطب الروحاني » وهو من تأليف السيد مصطفى مرتضى العاملي ‪ ،‬وفيه الشياء العجيبة‬
‫الخطيرة التى ترشد العامي إلى التعامل بالسحر من طريق أن هذا من الهدي النبوي والثابت‬
‫عن طريق آل البيت ( رضي ال عنهم ) ‪.‬‬
‫والواجب على المسلم ‪ ،‬أن يحذر من كل أمر لم يعمله النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬أو يحث‬
‫عليه بل ينبغي عليه أن يتأكد لعله محرّ مٌ عليه فعله ‪ ،‬ولعل هذه العمال والقوال لم تقع في‬
‫القرون الثلثة المباركة من بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فالخير في اتباع من سلف ‪،‬‬
‫والشر في اتباع من خلف ‪ ،‬إن لم يكونوا على الجادة الصحيحة ‪.‬‬
‫[‪]184‬‬
‫تربة السجود‬
‫حيدر ‪ :‬أعجـب منكـم أيهـا السـّنة مـن سـجودكم على السـجاد والملبوس مـن الثياب ‪ ،‬ول‬
‫تسجدون على الرض مباشرة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ولِ مَ كل هذا الستغراب ‪ ،‬ولم يأ تِ نص بالمر أو النهي بعدم السجودعلى شيء معين‬
‫إل النجاسات ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬وما قولك من حديث « وجعلت لي الرض مسجدا وطهورا » ؟‬
‫خالد ‪ :‬حديث صحيح ويُعمل به ‪ ،‬ولكن أين التخصيص والتقييد بأن السجود ل يكون إل على‬
‫الش يء الذي ل يل بس أو يأ كل ؟ ‪ ،‬فالحد يث ف يه دللة على أن ال سجود يكون مقبو ًل على كل‬
‫شيء ‪ ،‬فإن الصلة ليست مقصورة ومقبولة فقط في المساجد بل تستطيع أن تؤدي الصلة‬
‫في أي مكان في الرض إن كان طاهرا ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬النبي صلى اللّه عليه وسلم كان مسجده من الحصى ومن سعف النخيل ( الحصير )‬
‫وكا نت عنده الموال فلم يفرش الم ساجد بال سجاد ‪ ،‬ولم يث بت ع نه أو عن أ حد من ال صحابة‬
‫أنه سجد على الثياب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ال نبي صلى اللّه عل يه و سلم كان أز هد الناس ‪ ،‬وم سجده لم ي كن له سقف يم نع من‬
‫دخول المطر وأشعة الشمس ‪ ،‬وقد ثبت عند البخاري في صحيحه عن أنس أنه قال ‪ « :‬كنا‬
‫نصلي مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في شدة الحر ‪ ،‬فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته‬
‫من الرض بسط ثوبه فسجد عليه » ‪.‬‬
‫فالمر فيه سعة ويسر ‪ ،‬وليس فيه تخصيص لشيء دون شيء ‪ ،‬ولكني أعجب ممن منعوا‬
‫السجود على البساط وفضلوا تربة من الرض عن غيرها من الراضي ‪.‬‬
‫[‪]185‬‬
‫حيدر ‪ :‬أتعني ما يضعه الشيعه تحت جباههم ‪ ،‬حال السجود ‪ ،‬فهذا المر كل ما فيه أنهم ل‬
‫ي ستطيعون تغي ير ما في الم ساجد من سجاد فيضعون هذه التر بة ح تى ل يقعوا في المحذور‬
‫من السجود على القماش ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬يا ليت المر اقتصر على مثل هذا المفهوم ‪ ،‬ولكن آل المر بأن يعتقد فئة من الشيعة‬
‫بأن هذه التربة لها قداسة خاصة بها ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا افتراء عظيم ليس لك به من دليل ‪.‬‬
‫) روايات قاربت ثلثا وثمانين رواية دالة على‬ ‫‪118‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في بحار النوار ( ‪/101‬ص‬
‫ل أتى إلى أبي عبد ال فقال ‪ :‬إني رجل‬
‫أن تربة كربلء لها فضل عظيم جدا ومن ذلك أن رج ً‬
‫كثير العلل والمراض ‪ ،‬وما تركت دواءً إل تداويت به ‪ ،‬فقال لي ‪ « :‬أين أنت عن طين قبر‬
‫الحسين بن علي فإن فيه شفاء من كل داء ‪ ،‬وأمنا من كل خوف » ‪.‬‬
‫فالمر ابتدأ بعدم السجود على أمر مخصوص ‪ ،‬فجرنا إلى البديل وهو تربة الحسين ‪ ،‬ومما‬
‫جاء في فضـل هذه التربـة مـا ذُكـر فـي بحار النوار عن أبـي عبدال قال ‪ « :‬حنكوا أولدكـم‬
‫بتربة الحسين فإنه أمان » ‪.‬‬
‫) بأنها تخرق الحجب‬ ‫‪101/135‬‬ ‫) وبحار النوار (‬ ‫‪511‬‬ ‫وجاء في مصباح المتهجد للطوسي (‬
‫السبعة ‪.‬‬
‫ولو كان هذا ال مر صحيحا ومشروعا أ ما كان ينب غي أن يكون هذا الف ضل ل قبر ال نبي صلى‬
‫اللّه عليه وسلم أو حتى لقبر علي أو الحسن رضي ال عنهما ‪ ،‬ولكن الجهل يعمي ويصم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هب أن المسلم لم يسجد على تربة الحسين ‪ ،‬فهل هناك من أفتى بإمكان السجود على‬
‫ما يأكل أو يلبس ؟‬
‫[‪]186‬‬
‫)‬ ‫‪1/332‬‬ ‫خالد ‪ :‬المسلم متبع ‪ ،‬وليس مبتدعا ‪ ،‬فقد جاء في كتب الشيعة مثل ‪ :‬الستبصار (‬
‫) عن الحسين بن علي بن كيسان أنه قال‬ ‫‪2/595‬‬ ‫) ووسائل الشيعة (‬ ‫‪2/307‬‬ ‫وتهذيب الحكام (‬
‫‪ :‬كت بت إلى أ بي الح سن الثالث أ سأل عن ال سجود على الق طن والكتان من غ ير تق ية ول‬
‫ضرورة ‪ ،‬فكتب إليّ ‪ « :‬ذلك جائز » ‪.‬‬
‫) عن الصادق‬ ‫‪3/609‬‬ ‫) ووسائل الشيعة (‬ ‫‪1/174‬‬ ‫وجاء في كتاب فقيه من ل يحضره الفقيه (‬
‫أنه قال ‪ « :‬السجود على الرض فريضة وعلى غير ذلك سُ ّنةٌ » ‪.‬‬
‫وإن كان ال مر غ ير جائز ‪ ،‬فلماذا إذن ن جد م ساجد الشي عة قد تم فرش ها بال سجاد الفا خر ‪،‬‬
‫وبذلت الموال الباهظة لهذا المر ‪ ،‬وهو محرم عند كثير من رجال الدين الشيعة ‪ ،‬مع العلم‬
‫بأن جميع مساجد الشيعة مسقوفة ‪ ،‬فلمَ ل يدعونها ترابا ليتم تطبيق السجود الصحيح ؟‬
‫فالمر إذا واضح جلي من جواز السجود على كل شيء طاهر معلوم ‪.‬‬
‫[‪]187‬‬
‫القرآن المحرف ومصحف فاطمة‬
‫خالد ‪ :‬لنعد مرة أخرى إلى مسألة فوجئت بأن القائلين بها هم كبار علماء الشيعة ‪ ،‬ول تجد‬
‫عالما صـنّف كتابا فـي السـابق إل ويصـرح ويؤكـد هذه القضيـة وهـي أن القرآن فيـه زيادة‬
‫ونقص ‪ ،‬أي باختصار أنه محرف ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هل هناك من ته مة وفر ية أع طم جرما من هذه الته مة ‪ ،‬والعلماء هم ور ثة ال نبياء‬
‫فكيف بلغ المر بك أن تقول مثل هذا الفك ؟‬
‫خالد ‪ :‬لنتصفح الكتب المعتمدة ‪ ،‬لرشدك إلى الكتب التي تناولت هذا المر ‪:‬‬
‫) ذكر المثلة على التحريف من سورة‬ ‫‪1/36‬‬ ‫ا ‪ -‬علي بن إبراهيم القمي في مقدمة التفسير (‬
‫البقرة وآل عمران ‪.‬‬
‫)‪.‬‬ ‫‪2/357‬‬ ‫‪ -‬نعمة ال الجزائري في النوار النعمانية (‬ ‫‪2‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪ -‬الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ( ص‬ ‫‪3‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪1/155‬‬ ‫‪ -‬أبو منصور أحمد الطبرسي في كتاب الحتجاج (‬ ‫‪4‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪12/525‬‬ ‫‪ -‬محمد باقر المجلسي في كتاب مرآة العقول (‬ ‫‪5‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪ -‬محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد في أوائل المقالت ( ص‬ ‫‪6‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪ -‬يوسف البحراني في الدرر النجفية ( ص‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬النوري الطبرسي في « فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الرباب » ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ -‬الحاج ميرزا حبيب ال الهاش مي الخوئي في منهاج البرا عة في شرح ن هج البل غة‬ ‫‪9‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪197‬‬ ‫الجزء (‪ )2‬صفحة (‬


‫حيدر ‪ :‬مَن تبقى إذن من كبار علمائنا ؟ ومن المعلوم أن المعاصرين إنما يتبعون‬
‫[‪]188‬‬
‫ويسترشدون بالقدامى ‪ ،‬فهل هناك من أنكر على هذه المقولة الملحدة ؟‬
‫خالد ‪ :‬للما نة فهناك ن فر من علماء الشي عة أنكروا هذا ال مر كال صدوق وال سيد المرت ضى‬
‫وأبي علي الطبرسي « مجمع البيان » والشيخ الطوسي في « التبيان » ‪.‬‬
‫وأمـا عن البق ية المقرة بهذه النقي صة فل زالت كتبهـم تط بع وهؤلء العلماء يُقدّ سون وكأن‬
‫‪48‬‬ ‫شيئا لم يكتب من قبلهم عن القرآن ! ومن ذلك ما ذُكر في كتاب أوائل المقالت للمفيد ص‬
‫‪ « :‬أن أئمة الضلل !! خالفوا في كثير من تأليف القرآن ‪ ،‬وعدلوا فيه عن موجب التنزيل‬
‫و سّنة ال نبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬بل هناك تفاسير ذكرت اليات والكلمات التي حرفت أو‬
‫أنقصت من القرآن كما ذكر ذلك علي بن إبراهيم القمي في تفسيره » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل عل ما ق صده رجال الد ين الشي عة من وجود الن قص في القرآن هو ش يء ي سير لم‬
‫يكتبه الصحابه بعد وفاته صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫) لم تمر على بصرك يا أخ حيدر‬ ‫‪2/634‬‬ ‫خالد ‪ :‬شيء يسير ! لعل رواية الكافي في الصول (‬
‫حيث جاء عن أبي عبد ال عليه السلم قال ‪ « :‬إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلم‬
‫إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم سبعة عشر ألف آية » ‪.‬‬
‫مـع العلم أن القرآن الموجود بيـن أيدينـا سـتة آلف وسـتمائة وسـت وسـتون آيـة ‪ ،‬أي كأن‬
‫الثلثين سقط ‪ ،‬ولم يتبقَ إل الثلث فقط ‪.‬‬
‫وهل اليسير يجوز والكثير من التحريف والنقص ل يجوز ؟‬
‫ن } (سورة الحجر ‪ )9 :‬فمَن‬
‫ح نُ نَزّلْنَا الذكْرَ وَإنّا لَ هُ َلحَا ِفظُو َ‬
‫حيدر ‪ :‬ال سبحانه قال ‪ { :‬إِنا َن ْ‬
‫يتهم الشيعة بأنهم قد قالوا بمقولة التحريف تجرأ على ال بدللة الية أن ال هو الذي تكفل‬
‫بحفظ القرآن ‪.‬‬
‫[‪]189‬‬
‫خالد ‪ :‬قولك سليم ‪ ،‬لذا َم نْ حاول بأن يحرف أو يز يد لم يتم كن من ف عل هذا لن الح فظ ب يد‬
‫ال وحده وليـس البشـر ‪ ،‬ولخـبرك شيئا لعلك لم تعلمـه مـن قبـل ‪ ،‬اسـتدللك بهذه اليـة‬
‫الكريمة ل يوافق عليه علماؤكم الشيعة ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬هذا غير ممكن ‪ ،‬فما قلته هو الصحيح !‬
‫) ‪ « :‬وهكذا الستدلل‬ ‫‪75‬‬ ‫خالد ‪ :‬يقول المل خليل القزويني في كتاب الصافي شرح الكافي (‬
‫بآيـة « إنـا نحـن نزلنـا الذكـر وإنـا له لحافظون » اسـتدلر ضعيـف ‪ ،‬لن اليـة هنـا بصـيغة‬
‫الماضي وفي سورة مكية وقد نزلت سور عديدة بمكة بعد هذه السورة ‪ ،‬وهذا ما عدا السور‬
‫ال تي نزلت بالمدينـة بعد ها بكث ير ‪ ،‬فلدللة فيهـا على أن جم يع القرآن محفوظ ‪ . » ...‬فمـا‬
‫قولك يا أخ حيدر ؟‬
‫حيدر ‪ :‬إذا كان ما قاله المل القزويني صحيح ‪ ،‬فإن جميع السور المدنية محرفة ‪ ،‬وليس لها‬
‫ضابط من الصحة أو الخطأ ‪ ،‬وليست محفوظة عند أحد من المسلمين ‪ ،‬وهذا كلم غريب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬نعم هذا ما يترتب على مقولة هذا المل ‪ ،‬أما َم نْ يحفظ القرآن كاملً فقد أجاب شارح‬
‫) فقال ‪ « :‬إن أ صل القرآن الكر يم محفوظ ع ند الئ مة‬ ‫‪2/203‬‬ ‫نهج البلغة ميرزا الخوئي (‬
‫عليهم السلم » ‪.‬‬
‫فممـا يترتـب على مـا قاله الخوئي أن الذي فعله الصـحابة وعلى رأسـهم أبوبكـر وعثمان ‪-‬‬
‫رضي ال عنهما ‪ -‬مع الصحابة ‪ ،‬كله تجميع للمحرف من القرآن ‪ ،‬والذي يقرأه المسلمون‬
‫في جميع أنحاء الرض ‪ ،‬إنما هو القرآن المحرف وليس الصحيح !‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن كم ت صروق على ن سبة أمرٍ إلى الشيعة وهو خرافة ل وجود له و هو أن للشي عة‬
‫مصحف يقال له مصحف فاطمة !‬
‫[‪]190‬‬
‫خالد ‪ :‬أدع الكليني صاحب كتاب الكافي ليجيب ‪ ،‬فقد جاء في أصول الكافي في كتاب الحجة (‬
‫) عن أبي بصير عن أبي عبدال عليه السلم قال ‪ « :‬إن عندنا لمصحف فاطمة عليها‬ ‫‪1/295‬‬

‫السلم ‪ ،‬وما يدريك ما مصحف فاطمة عليها السلم ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬وما مصحف فاطمة عليها‬
‫ال سلم ؟ قال ‪ :‬م صحف فاط مة ف يه م ثل قرآن كم هذا ثلث مرات ‪ ،‬وال ما ف يه من قرآن كم‬
‫حرف واحد ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬هذا وال العلم » ‪.‬‬
‫ول عل المر ل يتجاوز في حده هذه الروا ية وب عض اليات الباطلة مثل سورة الولية ‪ ،‬وهذا‬
‫المصـحف ينكره الكثيـر مـن الشيعـة ‪ ،‬فلماذا ل نسـمع أحدا مـن العلماء يطعـن فـي مثـل هذه‬
‫الروايات ويتكلم حول تلك الروايات المتناثرة فـي كتـب التفسـير والتـي تدل على وجود آيات‬
‫ناقصة من القرآن الكريم ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬القول بالتحريف هل له من مسوغ ‪ ،‬أو سبب برأيك ‍!‬
‫خالد ‪ :‬الجواب كما يلي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬لم يأت في القرآن الذي جمعه أبوبكر وعثمان رضي ال عنهما ذكر لقضيَة المامة التي‬
‫هي الصل الذي تعتقد به الشيعة وتفارق به جميع الفرق التي تنتسب إلى السلم ‪.‬‬
‫‪ -‬وللتخلص مـن التناقـض الذي سـيواجه عوام الشيعـة مـن وجود مدح للصـحابة فـي‬ ‫‪2‬‬

‫القرآن ‪ ،‬وبين ما هو موجود في عقيدتهم من ذم للصحابة ‪.‬‬


‫‪ -‬القول بالتحر يف سبيل للقول بأ سماء الئ مة وفضائل هم والعتقادات ال تي خالفوا في ها‬ ‫‪3‬‬

‫القرآن ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ان كان ما تقوله صحيحا ‪ ،‬اذا لماذا لم نشاهد هذا القرآن الصحيح الذي تقول الشيعة‬
‫به ؟‬
‫[‪]191‬‬
‫خالد ‪ :‬التعليلت مـن قبـل علماء الشيعـة عديدة ‪ ،‬أولهـا مقولة التقيـة والتـي ل يمكـن الرد‬
‫عليها في النقاش ‪ ،‬ومنهم من قال إنه سيظهر الشنعة والمخازي على من سبقه فوجب كتمه‬
‫) ومن هم َم نْ قال ح تى ي ستمر المخالفون على‬ ‫‪2/360‬‬ ‫و ستره ‪ ،‬وهذا في النوار النعمان ية (‬
‫ع صيان أمير المؤمنين إلى يوم القيامة فيستحقون الخزي العظيم وهذا ذُكر في البراعة في‬
‫)‪.‬‬ ‫‪2/225‬‬ ‫شرح نهج البلغة للخوئي (‬
‫حيدر ‪ :‬هل يعُ قل أن ي صُدق م سلم بتحر يف القرآن ثم ل يكون م عه م صدر لمعر فة الحكام‬
‫الشرعية ؟‬
‫خالد ‪ :‬تنا قض موجود ومستمر ‪ ،‬ومأزق و قع فيه الكث ير ممن اعتقد بمبدأ تحر يف القرآن ‪،‬‬
‫) ‪ « :‬روي‬ ‫‪2/360‬‬ ‫وهناك مخرج أوجده نعمة ال الجزائري ح يث قال في النوار النعمانية (‬
‫في الخبار أن هم علي هم ال سلم أمروا شيعت هم بقراءة هذا الموجود من القرآن ! في ال صلة‬
‫وغير ها ‪ ،‬والع مل بأحكا مه ح تى يظ هر مول نا صاحب الزمان فيرت فع هذا القرآن من أيدي‬
‫الناس إلى السماء ‪ ،‬ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين ( ع ) فيُقرأ ويُعمل بأحكامه » ‪.‬‬
‫ـا سـيُرفع إلى السـماء ‪ ،‬وأتسـاءل حول هذا‬
‫فعلى ضوء هذا فالقرآن الموجود بيـن أيدينـ‬
‫ال تبرير ‪ ،‬ولم رفع القرآن إلى العلى ؟ والعلو كما نعلم دللة على الكرامة والرفعة ‪ ،‬وأيَ ضا‬
‫كيف نجرأ أن نقول إن عليّا ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ألف قرآنا ‪ ،‬بمعنى من عنده أو آنزل عليه‬
‫‪! ...‬‬
‫ويا أخ حيدر كما ترى أن التقية ل تزال تهب برياحها على المعاصرين ليقولوا بعدم التحريف‬
‫َنـ يصـدق بكمال وتمام القرآن الموجود بيـن أيدي المسـلمين ‪ ،‬لخداعهـم بأنهـم‬
‫‪ ،‬ومجاراة م ْ‬
‫معهم في العتقاد بسلمة القرآن وهل الحق إل واحد ؟‬
‫[‪]192‬‬
‫أنا مظلوم ‪ ...‬من أهة مظلومة‬
‫خالد ‪ :‬ل زلت أعجب من أولئك النفر الذين علقوا في رقابهم ‪ ،‬وساروا في حياتهم على مبدأ‬
‫« رفع الظلم ‪ ،‬وإبادة الظالمين » !‬
‫حيدر ‪ :‬وهل هناك من ظلم أعظم من ذلك الذي وقع على سيد شباب أهل الجنة الحسين عليه‬
‫السلم ؟‬
‫خالد ‪ :‬المر يا أخ حيدر ليس هكذا ‪ ،‬ولكن نجد من بعض الخوة الشيعة توهم ل دليل عليه‬
‫لوهام خطيرة تأصلت في نفوسهم ‪ ،‬وتجذرت في قلوبهم ‪ ،‬من أنهم شعب مظلوم مضطهد ‪،‬‬
‫وتظ هر صورة هذا الو هم جل ية إذا لم يُق بل أحد هم في مكان ما أو في وظي فة معي نة ‪ ،‬تجده‬
‫سريعا ما يثور ويزبد ويقول ‪ :‬أنتم تفرقون بين الشيعة وال سّنة ! وأين موقع هذا الكلم من‬
‫أنك لم تقبل في وظيفة ما ؟‬
‫حيدر ‪ :‬ل تنكـر أرجوك يـا أخ خالد ‪ ،‬مـن أن بعـض السـنة يحاولون دائما التصـيد فـي الماء‬
‫العكر ‪ ،‬وأنهم يحاولون التفريق بين المسلمين المتحابين من الشيعة والسّنة !‬
‫خالد ‪ :‬ومـن هذا الذي يؤيـد التفريـق بيـن المسـلمين المجتمعيـن على محبـة ال تعالى وعلى‬
‫اتباع هدي حبيبنـا محمـد صـلى اللّه عليـه وسـلم ‪ ،‬ولكـن الذي أراه جليا ومنتشرا ‪ ،‬أن عقدة‬
‫التفريق راسخة في نفوس بعض الخوة الشيعة ‪ ،‬وكأن أي محاولة ليست موافقة لهواهم ‪،‬‬
‫تعتبر تأكيدا لمبدأ أن السني ظالم للشيعي ‪ ،‬وأنه يضطهده في العمل أو في أي مكان ‪.‬‬
‫[‪]193‬‬
‫حيدر ‪ :‬ل يصل المر إلى هذا الفهم يا خالد ‪ ،‬ولكن الظلم تأباه النفوس البية ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬شعار إننا مظلومون ‪ ،‬والثورة على الظالمين ‪ ،‬وتجديد العهد مع المهدي وآل البيت ‪،‬‬
‫في كل مناسبة حزينة ‪ ،‬يجدد ويرسخ هذا المفهوم في ذهني ‪ ،‬من أن الشيعة دائما يحاولون‬
‫ر فع شعار الضطهاد والض عف ‪ ،‬والم سكنة ‪ ،‬ل لش يء إل أن العقدة تر سخت في الذهان ثم‬
‫فـي القلوب ‪ ،‬مـن بعـد عصـور السـرية لمبادئ المذهـب ثـم تأصـيل مبدأ التقيـة ‪ ،‬والن مبدأ‬
‫المخالفة في كل شيء ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬المخالفة في كل شيء ‪ ،‬وكيف ذلك ؟‬
‫خالد ‪ :‬ن عم المخال فة في كل ش يء ‪ ،‬وإل قل لي بر بك ك يف يقترب ال سني إلى الشي عي و هو‬
‫يراه يبت عد ع نه دائما ‪ ،‬بو ضع خا تم غر يب في أ صابعه ‪ ،‬ثم بو ضع شعار على سيارته ‪ ،‬ثم‬
‫بلبس حجاب مميز لبناتهم عن حجاب ال سّنة ‪ ،‬ثم بسلم ملفت للسماع بينهم ‪ ،‬وغيرها من‬
‫الصفات التي ل تقرب ‪ ،‬وإنما تزيد من هوة ‪ -‬الشقاق خنادق سحيقة ‪ ،‬والكثير منهم ل يعلم‬
‫دليلً من الشرع على هذه المور التي يعملها ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬لعلك تريد أن توصل إلى ذهني قضية معينة ؟‬
‫خالد ‪ :‬نعم يا أخ حيدر ‪ ،‬المسلم عزيز بدينه ‪ ،‬وبقربه من خالقه سبحانه وتعالى ‪ ،‬وليس فيه‬
‫من عُ قد نف سية تتأ صل وتتجذر في قل به ونف سه مع مرور اليام ‪ ،‬بل يرى أن كل الم سلمين‬
‫أحباب له ‪ ،‬يريـد أن ينصـحهم ويوجههـم إلى مـا فيـه خيرهـم ورشادهـم ‪ ،‬ول يظـن أنـه شاذ‬
‫منبوذ مضط هد ‪ ،‬كأن المجت مع قد لف ظه ورف ضه ‪ ،‬بل وا جب عل يه أن يُح سن ال ظن بإخوا نه‬
‫ويلتمس لهم العذر والنية الحسنة دائما ‪ ،‬وإن أخطأوا في حقه ‪.‬‬
‫[‪]194‬‬
‫ميراث الجاهلية‬
‫خالد ‪ :‬ما رأيك في أن نتحاور حول ميراث الجاهلية ؟‬
‫حيدر ‪ :‬هذا أعجب طلب ‪ ،‬وأغرب سؤال ‪ ،‬فهل أوضحت عن مرادك ؟‬
‫خالد ‪ :‬أقصد من ذلك ‪ ،‬تلك المور التي نفانا عن فعلها النبي صلى اللّه عليه وسلم لنها من‬
‫أفعال الجاهلية ‪ ،‬أي أهل الشرك ‪ ،‬ول يزال لها تعلق بقلوب فئة من المسلمين ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬و هل هناك من مسـلم ي حب أو يتشبـث بتلك الشركيات ‪ ،‬أو يتش به بأفعال المشرك ين‬
‫التي نهانا عنها النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬قبل أن أذكر مَن يفعل ‪ ،‬أو َم نْ يحث عليها ‪ ،‬سأضرب مثالً للمر الذي أريد الحديث‬
‫عنه ‪.‬‬
‫ال ‪ -‬سـبحانه وتعالى ‪ -‬أمرنـا باجتناب الميسـر ( وهـو لعـب القمار أو الرهان ) وكذلك‬
‫ال ستقسام بالزلم ‪ ،‬و هو أن يج عل الر جل أمره بالف عل أو الترك لل سهام ال تي في جعب ته ‪،‬‬
‫ومكتوب على السهام افعل أو ل تفعل ‪ ،‬فهل تذكرت هذا الفعل ؟‬
‫سمُوا‬
‫َسـتَ ْق ِ‬
‫حيدر ‪ :‬مـا قلتـه صـحيح ‪ ،‬وهذا ثابـت بالقرآن الكريـم فـي قوله تعالى ‪ { :‬وَأَن ت ْ‬
‫ق } (المائدة ‪ ، )3 :‬بعد أن ذكر ال المحرمات ‪ ،‬ولكن السؤال هل هناك من‬
‫بِالَزْل مِ ذَلِكُ مْ ِف سْ ٌ‬
‫يفتي بجواز هذه الترهات الجاهلية !‬
‫)‬ ‫(‪1/306‬‬ ‫) والتهذيب اللطوسي‬ ‫(‪1/131‬‬ ‫خالد ‪ :‬جاء في فروع الكافي اللكليني‬
‫[‪]195‬‬
‫) عن هارون بن خارجة عن أبي عبد ال عليه السلم قال ‪:‬‬ ‫‪5/208‬‬ ‫ووسائل الشيعة ( العاملي‬
‫« إذا أردت أمرا فخُذ ست رقاع ( مثل الوراق ) فاكتب في ثلث منها ‪ « :‬بسم ال الرحمن‬
‫الرحيم ‪ ،‬خيرة من ال العزيز الحكيم ‪ ،‬لفلن بن فلنة ( لحظ ‪ :‬ل يذكر الب ولكن الم !! )‬
‫افعل » وفي ثلث منها ‪:‬‬
‫« بسم ال الرحمن الرحيم خيرة من ال العزيز الحكيم لفلن بن فلنة ‪ ،‬ل تفعل » ثم ضعها‬
‫ت حت مُ صلك ‪ ،‬ثم صلِ ركعت ين ‪ ،‬فإذا فر غت ‪ ،‬فاسجد سجدة و قل في ها مائة مرة ‪ :‬أ ستخير‬
‫ال برحمته ‪ ،‬خيرة في عاف ية ‪ ،‬ثم ا ست ِو جالسا و قل ‪ « :‬اللهم خر لي واختر لي في جميع‬
‫أموري ‪ ،‬فـي يسـر منـك وعافيـة » ‪ ،‬ثـم اضرب بيدك إلى الرقاع ‪ ،‬فشوشهـا وأخرج واحدة‬
‫واحدة ‪.‬‬
‫فإن خرج ثلث متواليات ‪ « :‬اف عل » ‪ ،‬فاف عل ال مر الذي تريده ‪ ،‬وإن خرج ثلث متواليات ‪:‬‬
‫« ل تفعل » ‪ ،‬فل تفعله ‪ ،‬وإن خرجت واحدة افعل والخرى ل تفعل ‪ ،‬فأخرج من الرقاع إلى‬
‫خمس ‪ ،‬فانظر أكثرها فاعمل ‪ ،‬ودع السادسة ل تحتاج إليها » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬ولكن هذه المقولة من شواذ القوال ‪ ،‬والتي لو انتاشرت ‪ ،‬لصبح ل فرق بيننا وبين‬
‫أهل الجاهلية والعياذ بال ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الحـر العاملي عقـد لهذه الروايـة وغيرهـا بابا بعنوان « باب اسـتحباب السـتخارة‬
‫بالرقاع وكيفيتهـا » ومجموع الحاديـث بلغـت خمـس روايات ‪ ،‬والمجلسـي ذكـر أنواع أخرى‬
‫للسـتخارة ‪ ،‬ليـس بالرقاع وحدهـا ‪ ،‬ولكـن أيضا بالبنادق ( البندق ) وذلك فـي كتاب ( بحار‬
‫)‪.‬‬ ‫‪91/247‬‬ ‫) والسبحة والحصى ( بحار النوار‬ ‫‪91/226‬‬ ‫النوار‬
‫والمسلم العامي الشيعي سوف تنطلي عليه مثل هذه المور الجاهلية ‪ ،‬لنها‬
‫[‪]196‬‬
‫غُلّ فت بغلف ال سلم ‪ ،‬من صلة ودعاء ل سبحانه ‪ ،‬وذكرت في ك تب ت عد من الم صادر‬
‫الصيلة في الدين ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الجاهل والعامي ‪ ،‬ل إثم عليهما ‪ ،‬وعقيدتهما سليمة لنهما قد قال الشهادتين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬الشهادة في معناها القلبي التصديق والقرار بتوحيد ال سبحانه ‪ ،‬وأل نجعل شيئا من‬
‫خصـائص ال لشيـء مـن الخلق ‪ ،‬وهذا الفعـل ‪ -‬وهـو مشابهـة أهـل الجاهليـة بالسـتقسام‬
‫بالزلم ‪ -‬يز عم فاعله أن ال ستقسام هو ع ين ما أراد ال ‪ ،‬فيُلزم نف سه به ‪ ،‬و هل علم هذا‬
‫غدًا }‬
‫ْسـبُ َ‬
‫العامـي المسـكين الغيـب ؟ وال ‪ -‬سـبحانه ‪ -‬يقول ‪ { :‬وَمَا تَ ْدرِي نَفْس مَاذَا تَك ِ‬
‫(لقمان ‪ ، )34 :‬فهـل نأتمـر وننقاد بالحصـى والجمادات ‪ ،‬أو بالتوكـل على ال ‪ -‬سـبحانه ‪-‬‬
‫وبما أمرنا به الحبيب محمد صلى اللّه عليه وسلم ؟‬
‫وما هو حال البناء إن رأوا الباء يفعلون مثل هذه السخافات ‪ ،‬ويظنون أنها من الحق الذي‬
‫أنزِل إليهم من ربهم ‪ ،‬وثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وتجد منهم النقياد والطاعة ‪،‬‬
‫ويظنون أن هذا من ميراث النبوة ؟ وما هو ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬إل دجل وباطل ما أنزل ال به‬
‫من سلطان ‪ ،‬وليس بشيء إل أنه من ميراث الجاهلية ‪.‬‬
‫]‬ ‫‪197‬‬ ‫[‬
‫مبدأ المخالفة‬
‫حيدر ‪ :‬اتحاد الم سلمين أُمن ية ل كل م سلم ‪ ،‬واتفاق هم في ال صول وأيضا في الفروع حلم ل كل‬
‫مؤمن مخلص ‪ ،‬فلمِ هذا الشقاق وازدياد هوة الخلف !‬
‫خالد ‪ :‬هذا المر كما قلت حلم وأمنية ‪ ،‬وليس كل ما يتمناه المرء يدركه ‪ ،‬إن كان هناك من‬
‫مانع دون إمكانية اللتقاء في أي قضية شرعية ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬أتقول بأنّ التقارب مستحيل بين الشيعه والسنة ؟‬
‫خالد ‪ :‬التقارب واللتقاء محال في ضوء المور والنصوص التالية ‪:‬‬
‫) عن عبدالرحمن بن أبي عبدالرحمن قال‬ ‫‪18/84‬‬ ‫‪ -‬ذكر الحر العاملي في وسائل الشيعة (‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قال الصادق عليه السلم ‪ « :‬إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب ال ‪،‬‬
‫فمـا وافـق كتاب ال فخذوه ‪ ،‬ومـا خالف كتاب ال فردوه ‪ ،‬فإن لم تجدوهـا فـي كتاب ال‬
‫فاعرضوهـا على أخبار العامـة ( ال سّنة ) فمـا وا فق أخبار هم فذروه ( أي ‪ :‬اتركوه ) ‪ ،‬و ما‬
‫خالف أخبارهم فخذوه » ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬وعلى أي حال ل إشكال في أن مخالفة‬ ‫‪2/83‬‬ ‫‪ -‬أفتى الخميني في كتاب الرسائل (‬ ‫‪2‬‬

‫العامة ( أي ‪ :‬السّنة ) من مرجحات باب التعارض » ‪.‬‬


‫)‬ ‫‪2/81‬‬ ‫) والموسـوي الخمينـي فـي الرسـائل (‬ ‫‪18/85‬‬ ‫‪ -‬أورد الحـر العاملي فـي الوسـائل (‬ ‫‪3‬‬

‫) عن مح مد با قر بن عبدال‬ ‫‪359‬‬ ‫ومح مد با قر ال صدر في تعارض الدلة الشرع ية صفحة (‬


‫قال ‪ :‬قلت للرضا عليه السلم ‪ « :‬كيف تصنع بالخبرين المختلفين ؟ فقال ‪ :‬إذا ورد عليكم‬
‫[‪]198‬‬
‫خبران مختلفان فانظروا إلى ما يخالف العامة ( أي ‪ :‬السّنة ) » ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الحق ل يتعدد يا أخ خالد ‪ ،‬فلماذا نحث العوام على المخالفة ؟‬
‫خالد ‪ :‬الخميني يحث دائما على المخالفة لقوال وأحكام العداء ويعني بهم أهل ال سّنة ‪ ،‬مثل‬
‫) ‪ « :‬شيعتنا ‪ :‬المسلمون لمرنا ‪ ،‬والخذون بقولنا ‪،‬‬ ‫‪82‬‬ ‫ما قال في كتابه تحرير الوسيلة (‬
‫المخالفون لعدائنا ‪ ،‬فمَن لم يكن كذلك فليس منا ‪ ،‬فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه‬
‫»‪.‬‬
‫فمثل هذه الرويات والفتاوى عن كبار المراجع الدينية ما هي إل سد منيع في وجه مَن ينادي‬
‫بإخلص لفكرة التقارب وتوحيـد الصـفوف ‪ ،‬وهـل الكويـت تتقبـل هذا النوع مـن الفتاوى‬
‫الممزقة للوحدة الوطنية ؟ !‬
‫[‪]199‬‬
‫توحيد كلمة المسلمين‬
‫حيدر ‪ :‬ق بل أن نخ تم حوار نا الش يق ‪ ،‬هل بالمكان أن تبين لي أ هم ال سباب المفض ية إلى‬
‫التباعد والتنافر بين الشيعة والسّنة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬إنّ من أهم السباب ‪:‬‬
‫ن ل يتبع مذهب الشيعة ‪.‬‬
‫ا ‪ -‬وجود نصوص تكفر َم ْ‬
‫‪ -‬تجديد مناسبات الشتم واللعن والتحقير لسلف المة وغرسها في القلوب ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬التقليد العمى ‪ ،‬وتقديس الرجال ‪ ،‬المفضي إلى عدم سؤالهم عن مصدر فتاويهم ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬وجود متعالمين جهال ‪ ،‬يحسبهم العوام أن هم من أ هل الفتوى والجابة ‪ ،‬وذلك ب سبب‬ ‫‪4‬‬

‫اللباس أو العما مة أو الدعاء من بعض هم أن هم من آل الب يت ( ر ضي ال عن هم ) ‪ ،‬و هم ل‬


‫ناقة لهم ول جمل في فهم النصوص الشرعية ‪ ،‬بل وحتى في فهم اللغة العربية وعلومها ‪.‬‬
‫‪ -‬العاط فة العمياء ال تي تقود الم سلمين كبار هم و صغارهم ‪ ،‬بعيدا عن الن ظر إلى ال حق‬ ‫‪5‬‬

‫والصواب بعقل متجرد عن الهوى ‪.‬‬


‫حيدر ‪ :‬وما السبيل إلى توحيد كلمة المسلمين ؟‬
‫خالد ‪ :‬المر بغاية الوضوح والشراق ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬تحكيم الكتاب والسّنة النبوية الصحيحة ‪ ،‬وفق فهم مَن نزل في‬
‫[‪]200‬‬
‫زمنهم القرآن وقيلت لهم الحاديث ‪.‬‬
‫‪ -‬تمييز الخبيث من الطيب في كل ما َيرِدُ علينا من روايات ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬تمك ين جا نب العقيدة ال صافية البعيدة عن الشرك والشوائب في قلوب البناء ‪ ،‬مع‬ ‫‪3‬‬

‫اجتناب كل ما يخدش هذا الركن من قول أو فعل أو اعتقاد ‪.‬‬


‫‪ -‬العلم بأن أعداء الدين يريدون منا أن نتفرق ‪ ،‬وتذهب ريحنا ‪ ،‬فنكون لقمة سائغة لهم ‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫وباتحادنا نحمي ديننا وأعراضنا ومقدساتنا من العداء ‪.‬‬


‫حيدر ‪ :‬أسال ال أن يجمعنا على طاعته وأن يوحد كلمة المسلمين ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬آمين يا أرحم الراحمين ‪.‬‬
‫[‪]201‬‬
‫وسائل التقارب‬
‫حيدر ‪ :‬وختاما وبعد هذا الحوارالممتع ‪ ،‬أظن أن ملمح ووسائل التقارب بين الشيعة والسنة‬
‫أ صبحت ظاهرة ‪ ،‬وأن سبب الخلف أ صبح معلوما ‪ ،‬ف من وج هة نظرك هل بالمكان تحق يق‬
‫التقارب في الواقع ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬اتحاد صـفوف المسـلمين ‪ ،‬هدف عنـد كـل مسـلم غيور على دينـه ‪ ،‬ويحـب أن يعلو‬
‫السلم في وجه كل حاقد ‪ ،‬ول يمكن توحيد الصفوف إل بتوحيد الذي في القلوب ‪ ،‬اعتقادا‬
‫وفعلً وقولً ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬الحمـد ل أننـا أهـل قبلة واحدة ‪ ،‬وكـل المسـلمين يعرفون ل إله ال ال وأن محمدا‬
‫رسول ال ‪ ،‬وأيضا حب النبي وآله مل قلوبهم ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬المعرفة بالشهادتين ل تغني صاحبها شيئا إن لم يصاحبها اعتقاد سليم وقول صحيح ‪،‬‬
‫موافق لما ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬فمقولة « ل إله إل ال وأن محمدا رسول‬
‫ال » هي المفتاح لدخول الج نة وهذا المفتاح له أ سنان لف تح الباب ‪ ،‬وال سنان هي العمال‬
‫ال صالحة ال تي ثب تت عن حبيب نا مح مد صلى اللّه عل يه و سلم ولي ست عن مشرع آ خر من‬
‫ع َملً صَا ِلحًا وَل يُش ِر كْ ِبعِبَادَةِ‬
‫الخلق ‪ .‬ك ما قال تعالى ‪ { :‬فَمَن كَا نَ َيرْجُو لقَاءَ رَبّ هِ فَلْي ْع َملْ َ‬
‫ّهـ َأحَدًا } (الكهـف ‪ )110 :‬والعمـل ل يكون صـالحا إل بتحقيـق الخلص والمتابعـة لبـي‬
‫رَب ِ‬
‫القاسم صلى اللّه عليه وسلم ‪.‬‬
‫والتقارب له أمثلة دالة عليه نتمكن من بعدها القول بإمكانية تحقيق هذا المر المرجو وهي ‪:‬‬
‫[‪]202‬‬
‫ا ‪ -‬أن يوافق الباطنُ الظاهرَ ‪ ،‬أي الصدق المتكامل في المسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬إخلص العمال صغيرها وكبير ها ل وحده ل شر يك له ‪ ،‬و سد أي باب يف ضي إلى‬ ‫‪2‬‬

‫الشرك ‪.‬‬
‫‪ -‬من خالف ما كان عليه ال نبي صلى اللّه عليه وسلم نبين له خطأه ‪ ،‬وننصحه لتغيير‬ ‫‪3‬‬

‫باطله ‪ ،‬ونحذر المسلمين من هذا الخطأ ‪.‬‬


‫‪ -‬نطهّر قلوب نا وأل سنتنا من أن ن قع في ال سابقين الول ين من أ هل ال سلم ‪ ،‬ونعذر هم ‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫خوَانِنَا الَذِي نَ‬


‫غ ِفرْ لَنَا وَل ْ‬
‫ون غض الطرف عن زلت هم ونفوض أمر هم إلى ال ونقول ‪ { :‬رَبّنَا ا ْ‬
‫ن آمَنُوا رَبّنَا إِنّ كَ َرءُو فٌ رحِ يم } ( الح شر ‪:‬‬
‫غلّ لِلّذِي َ‬
‫ج َعلْ فِي قُلُوبِنَا ِ‬
‫سَ َبقُونَا بِاليمَا نِ وَل تَ ْ‬
‫)‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫حيدر ‪ :‬وهل هناك من معوقات واقعية ‪ ،‬تمنع من التقارب بين الخوة الشيعة والسّنة ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬ن عم يا أخ حيدر ‪ ،‬هناك معوقات بث ها كبار رجال الد ين ‪ ،‬من أولئك الذ ين ك نا ننت ظر‬
‫من هم توح يد ش مل الم سلمين ول كن صدرت من هم فتاوى تز يد الخرق على الرا قع و من أمثلة‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬الحرص والتأكيـد على كثيـر مـن الدعيـة الباطلة ‪ ،‬التـي تقدح فـي الديـن ‪ ،‬وتطعـن فـي‬
‫الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬كما أفتى بذلك الخوئي والخميني ‪.‬‬
‫‪ -‬تثبيت قضية العتقاد بأن المام له من الخصائص والصفات التي ل ينبغي أن تكون إل‬ ‫‪2‬‬

‫ل سبحانه ( بأن الكون كله يخضع للمام ‪ ،‬وأن عليا هو التجلي العظيم ل ) ‪ ،‬كما جاء في‬
‫تفسير الخميني للقرآن ‪.‬‬
‫[‪]203‬‬
‫‪ -‬التأكيد الدائم على أن ولية آل البيت شرط في قبول العمال عند ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بل‬ ‫‪3‬‬

‫هو شرط في قبول اليمان بال والنبي الكرم صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬كما ذكر ذلك الخميني‬
‫)‪.‬‬ ‫‪512‬‬ ‫في ( الربعون حديثا ص‬
‫‪ -‬الط عن الم ستمر في ال صحابة ولعن هم واتهام هم بالزند قة م ثل ما جاء في كتاب ك شف‬ ‫‪3‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪137‬‬ ‫السرار ( ص‬


‫‪ -‬غرس مبدأ العتقاد بأن النوا صب ( أي ‪ :‬أ هل ال سّنة ) والخوارج ‪ ،‬ملعونان وأنه ما‬ ‫‪4‬‬

‫نج سان ‪ ،‬لجحوده ما الرا جع إلى إنكار الر سالة ‪ ،‬ك ما ذُ كر ذلك في كتاب الحكو مة ال سلمية‬
‫للخميني ‪.‬‬
‫‪ -‬الفتاء بحِل مال غير الشيعي ‪ ،‬وأنه من أهل الحرب وهذا أفتى به الخميني في كتاب‬ ‫‪5‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪615‬‬ ‫) ومحسن المعلم في كتاب النصب والنواصب (‬ ‫‪1/352‬‬ ‫تحرير الوسيلة (‬
‫‪ -‬تعل يم العوام بأن الزكاة ل تجوز على ال سّني ‪ ،‬وإن كان فقيرا ‪ ،‬وإن كان ح تى من‬ ‫‪6‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪1/191‬‬ ‫القارب ‪ ،‬لنه مخالف للمعتقد ‪ ،‬ذكر ذلك في كتاب تحرير الوسيلة (‬
‫) ‪ « :‬وتحل‬ ‫‪2/146‬‬ ‫‪ -‬ذبيحة أهل ال سّنة ل تحل ‪ ،‬حيث قال الخميني في تحريرالوسيلة (‬ ‫‪7‬‬

‫ذبيحة جميع فرق السلم عدا الناصب ‪ ،‬وإن أظهر السلم » ‪.‬‬
‫وزاد الخميني هذا المر حرمة ‪ ،‬إن كان في الصيد فقال ‪ « :‬فلو أرسل ‪ -‬كلب صيد ‪ -‬كافر‬
‫بجميـع أنواعـه ‪ ،‬أو مـن كان بحكمـه كالنواصـب لعنهـم ال لم يحـل مـا قتله » ‪ .‬ومعلوم أن‬
‫النواصب هم أهل السّنة ‪ ،‬مثل ما زعم بعض علماء الشيعة ‪.‬‬
‫]‬ ‫‪204‬‬ ‫[‬
‫‪ -‬عدم النكاح والتزوج من ال سّنة ‪ ،‬واستدل الخميني برواية عن أبي عبدال أنه سُئلَ عن‬ ‫‪8‬‬

‫)‪.‬‬ ‫‪2/286‬‬ ‫نكاح الناصب ؟ فقال ‪ « :‬ل ‪ ،‬وال ما يحل » ‪ ،‬ذكره في تحرير الوسيلة (‬
‫والنواصب يُقصد بهم يا أخ حيدر « أهل السنة » كما صرّح بذلك جمع من علماء أهل الشيعة‬
‫) ‪ ،‬فقال ‪ « :‬وغ ني عن التعر يف بأن‬ ‫‪161‬‬ ‫م ثل التيجا ني في « الشي عة هم أ هل ال سنة ص‬
‫مذهب النواصب هو مذهب أهل السنة والجماعة » ‪.‬‬
‫) ‪ « :‬بل أخبارهم عليهم‬ ‫‪147‬‬ ‫وبهما قال الدرازي الشيعي في كتاب ( المحاسن النفسانية ص‬
‫السلم تنادي بأن الناصب هو ما يُقال عنه أنه سنيا » ‪.‬‬
‫وغيرهـا مـن الفتاوى الدالة على التفريـق وزرع البغـض بيـن المسـلمين ‪ ،‬وإشاعـة أعمال‬
‫الشرك بين صفوف العوام من المسلمين ‪.‬‬
‫ولعل نا ب عد ت ثبيت الدعائم وإزالة المعوقات ‪ ،‬من ق بل المخل صين ‪ ،‬سنجد القلوب المتقار بة ‪،‬‬
‫والبدان المتلحمة حول الحب الصحيح للنبي صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬والتباع السليم البعيد‬
‫عن الغلو والبدع والفتاء بغير دليل ‪ ،‬ولتوحدت الصفوف ‪ ،‬لما فيه خير البلد والعباد ‪.‬‬
‫حيدر ‪ :‬آمين يا رب العالمين ‪.‬‬
‫[‪]205‬‬
‫كتب نافعة ننصح بقراءتها‬
‫خالد ‪ :‬و في الختام ‪ ،‬أقدم لك يا أخ حيدر مجمو عة طيبة مبار كة بإذن ال من ك تب قيمة في‬
‫محتوا ها ‪ ،‬لعلك من ب عد قراء تك لب عض من ها ‪ ،‬تزداد ر سوخا في ال حق الذي جاء به ال نبي‬
‫صلى اللّه عليه وسلم ‪ ،‬وسار عليه الصحابة وآل البيت ( رضي ال عنهم ) أجمعين ‪ ،‬ومن‬
‫هذه الكتب ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬سلسة الحاديث الصحيحة ‪ ...‬للشيخ محمد ناصر الدين اللباني ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الصابة في تمييز الصحابة ‪ ...‬للحافظ ابن حجر العسقلني ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أصول مذهب الشيعة ‪ ...‬للدكتور ناصر القفاري ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬البداية والنهاية ‪ ...‬للعلمة ابن كثير ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬بل ضللت ‪ ...‬للشيخ خالد العسقلني ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬تاريخ الطبري ‪ ...‬للمؤرخ محمد بن جرير الطبري ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬حقبة من التاريخ ‪ ...‬للشيخ عثمان الخميس ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬الخميني بين التطرف والعتدال ‪ ...‬للدكتور عبدال الغريب ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ -‬الخميني والوجه الخر ‪ ...‬الدكتور زيد العيص ‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ -‬حتى ل ننخدع ‪ ...‬للشيخ عبد ال الموصلي ‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ -‬الشيعة وأهل البيت ‪ ...‬للشيخ إحسان إلهي ظهير ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫[‪]206‬‬
‫‪ -‬الشيعة الثنى عشرية وتحريف القرآن ‪ :‬محمد عبدالرحمن السيف ‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ -‬الشيعة والسنة ‪ . .‬للشيخ إحسان إلهي ظهير ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -‬الصراع بين السلم والوثنية ‪ ...‬عبدال القصيمي ‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ -‬عبدال بن سبأ وإمامة على بن أبي طالب ( رضي ال ع نه ) ‪ ...‬للشيخ علي عبد‬ ‫‪15‬‬

‫الرحمن ‪.‬‬
‫‪ -‬كسر الصنم ( نقض كتاب الكافي ) ‪ ...‬لية ال البرقعي ‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪ -‬كشف الجاني محمد التيجاني ‪ ...‬للشيخ عثمان الخميس ‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ -‬مجموع الفتاوى ( للعلمة ابن تيمية رحمه ال ) جمع عبد الرحمن القاسم رحمه ال ‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪ -‬مختصر التحفة الثنى عشرية ‪ ...‬لشاه عبدالعزيز غلم الدهلوي رحمه ال ‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ -‬منهاج السنة النبوية ‪ ...‬لشيخ السلم أحمد بن تيمية ( رحمه ال تعالى ) ‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫حيدر ‪ :‬أسأل ال تعالى أن يعينني على قراءتها ‪ ،‬وأن يوفقني وأياك يا أخ خالد إلى ما يحبه‬
‫ويرضاه ‪ ،‬وأن يحشرنـا فـي زمرة نـبيه الكريـم صـلى اللّه عليـه وسـلم وآله الطاهريـن ‪،‬‬
‫وأصحابه الميامين ‪ ،‬إنه نعم المولى ونعم المجيب ‪.‬‬
‫خالد ‪ :‬آمين ‪.‬‬
‫خاتمة اللقاء‬
‫أحي القارئ‬
‫مـن بعـد هذه الحوارات الهادئة ‪ ،‬والكلم المتعقـل ‪ ،‬المسـتند على الدلة مـن أمهات الكتـب ‪،‬‬
‫والمصادر الصيلة ‪ ،‬ينبغي على النفوس أن تؤوب إلى الحق ‪ ،‬وأن تتريث قبل أن تصدر أي‬
‫حكم على الطرف الخر ‪.‬‬
‫ول يخفى على أحد أن الحوار بين الشيعي والسني ‪ ،‬حوار يتسم غالبا بالحدة والنفعال غير‬
‫المجدي ‪.‬‬
‫وقبل الحوار أو أي كلم ينبغي على كل الطرفين أن يخلصا النية ل وأن يقصدا في نقاشهما‬
‫الو صول إلى طر يق ال حق ‪ ،‬وال حق ل يس له إل سبيل وا حد ‪ ،‬هو ما أرد نا في هذه الر سالة‬
‫الوصول إليه بإذن ال تعالى ‪.‬‬
‫وليحذر المسـلم مـن أقوال ل أرض لهـا ول سـماء ‪ ،‬ول حجـة فيهـا إل جميـل البيان وقوة‬
‫البل غة وف صاحة الل سان ‪ ،‬و هي في مضمون ها خاو ية من القرآن أو الحد يث ال صحيح ‪...‬‬
‫وهذه القوال رائجة بين العوام وغيرهم ‪.‬‬
‫والقارئ الكر يم ي جد في هذه الوراق عدم التجر يح في الذات أو الط عن في السماء ‪ ،‬ول كن‬
‫القول والفتوى هما اللذان عليهما مدار الحوار والنقاش الهادئ المثمر ‪.‬‬
‫وهذه الرسالة قد ل تكون احتوت على جميع المسائل الشائكة بين الشيعة والسنة ولكنها ول‬
‫الحمد والمنة أضاءت دروب بعض القضايا ‪ ،‬وأنارت على زوايا مظلمة في‬
‫[‪]208‬‬
‫أفكار البعـض مـن الخوة ‪ ،‬مـن الذيـن كانوا يتلقون علومهـم بالسـتماع فقـط ‪ ،‬ولم تقترب‬
‫أيديهم من مصادر هذه العلوم ‪.‬‬
‫وال أ سأل أن يج عل لهذه الوراق القبول الح سن ع ند إخوة ل نر يد من هم إل أن يكونوا من‬
‫أتباع مح مد صلى اللّه عل يه و سلم و فق ما ث بت ع نه بالدل يل ال صحيح ‪ ،‬وأن يحشر نا جميعا‬
‫تحت مظلة السلم إخوة أحبابا مجتمعين على الحق ‪.‬‬
‫إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬وصل اللهم على محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ‪.‬‬

You might also like