Professional Documents
Culture Documents
fr
سورة النمل
*تناسب خواتيم الشعراء مع فواتح النمل*
ن َبعْ ِد مَا ظُِلمُوا
عمِلُوا الصّالِحَاتِ َو َذكَرُوا اللّ َه َكثِيرًا وَا ْنتَصَرُوا مِ ْ في آخر الشعراء ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات (إِلّا اّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ
ن ( ))227استثنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا ال كثيرا ثم هدد الذين ظلموا ( َو َ
س َيعْلَمُ اّلذِينَ ب َينْقَِلبُو َ
ي ُمنْقَلَ ٍ
س َيعْلَمُ اّلذِينَ ظََلمُوا أَ ّ
َو َ
ن يُقِيمُونَ شرَى لِ ْلمُ ْؤ ِمنِينَ ( )2اّلذِي َ
ب ُمبِينٍ (ُ )1هدًى َوبُ ْ ب يَنْ َقِلبُونَ) .وقال في أول النمل ذكر المؤمنين (تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ ي ُمنْقََل ٍ
ظَلمُوا أَ ّ َ
الصّلَاةَ َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَا َة وَهُ ْم بِا ْلآَخِ َر ِة هُ ْم يُو ِقنُونَ ( ))3ذكر هناك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا ال كثيرا وذكر القرآن الذي هو رأس
الذكر إذن وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وهم بالخرة يوقنون هذا العمل الصالح فهناك أجمل العمل الصالح وهنا
ظَلمُوا أَيّس َيعْلَمُ اّلذِينَ َ
فصّل يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وذكر العتقاد .هو هدد غير المؤمنين في النمل والشعراء ،قال في الشعراء (وَ َ
ن ( ))5كأنما اليتان متتاليتان فهي مرتبطة من سرُو َ ب يَنْ َقِلبُونَ) وقال في النمل (أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَابِ وَ ُهمْ فِي ا ْلآَخِرَ ِة ُهمُ ا ْلأَخْ َ ُمنْقََل ٍ
أوجه مختلفة.
**هدف السورة :التفوق الحضاري مع تذكر الله تعالى**
سورة النمل سورة مكيّة وهي سورة خطيرة عن التفوق الحضاري لتثبت أن الدين ليس دين عبادة فقط وأنما هو دين علم وعبادة ويجب أن
تكون المة المسلمة الموحّدة متفوقة في العلم ومتفوقة حضاريا لن هذا التفوق هو سبب لتميّز أمة السلم كما حصل في العصر الذهبي
للسلم الذي انتشر من الشرق إلى الندلس بالعلم والدين الحنيف وقد تميّز فيه العلماء المسلمون في شتى مجالت العلوم.
وفي سورة النمل خطة محكمة لبناء مؤسسة أو شركة أو مجتمع أو أمة غاية في الرقي والتفوق من خلل آيات قصة سيدنا سليمان مع بلقيس
ونستعرض عناصر قوة هذه المملكة الراقية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم:
عبَادِهِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ) فقد كانح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َفضَّلنَا عَلَى َكثِي ٍر مّنْ ِ ن عِ ْلمًا َوقَالَا ا ْل َ أهمية العلم :ابتداء القصة من الية ( 15وََل َقدْ آ َت ْينَا دَاوُودَ َوسَُل ْيمَا َ
عند داوود وسليمان تفوق حضاري بالعلم الذي آتاهم إياه ال تعالى وهم مدركين قيمة هذا العلم.
ضلُ ا ْل ُمبِينُ) آية 16 ن َهذَا َلهُ َو الْفَ ْيءٍ إِ ّ طيْرِ َوأُوتِينَا مِن كُلّ شَ ْ س عُّل ْمنَا مَنطِقَ ال ّ ل يَا َأّيهَا النّا ُ ن دَاوُودَ َوقَا َ توارث الجيال للعلم (وَوَ ِرثَ سَُل ْيمَا ُ
والهتمام باللغات المختلفة (لغة الطير) وأهمية وجود المكانيات والموارد والعمل على زيادتها (وأوتينا من كل شيء)
طيْرِ َفهُ ْم يُوزَعُونَ) آية .17 ن الْجِنّ وَالْإِنسِ وَال ّ جنُودُهُ مِ َ وجود نظام ضبط وربط ووجود تعدد في الجنسيات والكائنات ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ
ن مِنَ ا ْلغَا ِئبِينَ) آية 20بدليل أن الهدهد كان في مهمة تدريبية ل مَا لِيَ لَا أَرَى ا ْلهُدْ ُهدَ أَ ْم كَا َ طيْ َر َفقَا َ أهمية التدريب الميداني للفرادَ ( :وتَفَ ّقدَ ال ّ
ن ّمبِينٍ) آية 21 حنّهُ أَوْ َليَ ْأ ِت َينّي بِسُلْطَا ٍ شدِيدًا أَوْ لََأ ْذبَ َ عذَابًا َ ع ّذبَنّ ُه َ تفقد الرئيس ومتابعيه لعمّاله (لَأُ َ
إيجابية الموظفين في العمل الستكشافي وتحري المعلومات الصحيحة :فالهدهد كان موظفا غير عادي وكان عنده إيجابية وجاء بأخبار
سبٍَإ ِب َنبٍَإ يَقِينٍ) آية 22 ج ْئ ُتكَ مِن َ ط بِهِ وَ ِ ت ِبمَا َل ْم تُحِ ْ غيْ َر بَعِيدٍ فَقَالَ َأحَط ُ ث َ صحيحة ودقيقية ( َف َمكَ َ
ل َفهُمْ لَا
سبِي ِ
صدّهُ ْم عَنِ ال ّعمَاَل ُهمْ َف َ
شيْطَانُ أَ ْ س مِن دُونِ اللّهِ وَ َزيّنَ َلهُمُ ال ّ شمْ ِ جدُونَ لِل ّ مسؤولية الموظفين تجاه الرسالة( :وَجَدتّهَا َوقَ ْو َمهَا يَسْ ُ
َي ْهتَدُونَ) آية 24فالهدهد استنكر أن يجد أقواما يعبدون غير ال وهذا حرص منه على رسالة التوحيد.
ت مِنَ ا ْلكَا ِذبِينَ) آية 27لم يصدق سليمان الهدهد بمجرد أن ص َدقْتَ َأ ْم كُن َ سنَنظُرُ أَ َ أهمية تحرّي الخبار والتأكد من صحتها وتحليلها( :قَالَ َ
أخبره لكنه أراد أن يتحرى صدقه فيما أخبر به وهذا حرص المسؤول على صدق ما يصله من معلومات من عمّاله.
جعُونَ) آية 28إرسال الكتاب مع الهدهد إلى بلقيس وقومها. ع ْنهُمْ فَانظُ ْر مَاذَا يَرْ ِ ل َ تجربة تحرّي الخبار( :اذْهَب ّب ِكتَابِي َهذَا فَأَ ْلقِهْ إَِل ْيهِ ْم ثُ ّم تَوَ ّ
ش َهدُونِ) آية 32مشاورة بلقيس لقومها. حتّى تَ ْ طعَةً َأمْرًا َ ت قَا ِ ت يَا َأّيهَا المَلَأُ َأ ْفتُونِي فِي َأ ْمرِي مَا كُن ُ أهمية الشورى( :قَالَ ْ
سياسية جس النبض( :وَِإنّي مُ ْرسِلَةٌ إَِل ْيهِم ِبهَ ِديّةٍ َفنَاظِرَ ٌة بِ َم يَ ْرجِعُ ا ْلمُرْسَلُونَ) آية 35بلقيس أرسلت هدية لسليمان لترى ردة فعله.
جّنهُم ّم ْنهَا َأذِلّةً وَ ُهمْ صَاغِرُونَ) آية 37وهي ضرورية لية أمة خرِ َ جنُودٍ لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا وََلنُ ْ إمتلك قوة عسكرية هائلة( :ا ْرجِعْ إَِل ْيهِ ْم فََلنَ ْأ ِت َينّهُ ْم بِ ُ
تريد أن تنشر دين ال في الرض وتدافع عنه.
ت مّنَ ا ْلجِنّ َأنَا آتِيكَ بِ ِه َقبْلَ أَن َتقُو َم مِن مّقَا ِمكَ ل عِفْري ٌ شهَا َقبْلَ أَن يَ ْأتُونِي مُسِْلمِينَ * قَا َ ل يَا َأّيهَا المَلَأُ َأّيكُ ْم يَ ْأتِينِي ِبعَرْ ِ التكنولوجيا الراقية( :قَا َ
ل َهذَا مِن َفضْلِ َربّي ستَقِرّا عِندَ ُه قَا َك فََلمّا رَآ ُه مُ ْ
ك بِهِ َقبْلَ أَن يَ ْر َتدّ إَِل ْيكَ طَ ْر ُف َ ل اّلذِي عِندَ ُه عِلْ ٌم مّنَ ا ْل ِكتَابِ َأنَا آتِي َ ن * قَا َ ي َأمِي ٌ
َوِإنّي عََليْهِ َلقَوِ ّ
ي كَرِيمٌ) آية 38إلى آية 40نقل عرش بلقيس في زمن قياسي من غنِ ّن َربّي َ شكُرُ ِل َنفْسِهِ َومَن كَفَ َر فَإِ ّ شكَ َر فَِإّنمَا يَ ْ شكُرُ أَمْ َأ ْكفُرُ َومَن َ ِل َيبْلُ َونِي أََأ ْ
مكانه إلى قصر سليمان وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بانتقال المادة
ت كََأنّ ُه هُوَ وَأُوتِينَا ا ْلعِلْ َم مِن َقبِْلهَا َو ُكنّا مُسِْلمِينَ) آية 42أجابت بلقيس ك قَالَ ْ شِ الذكاء والديبلوماسية في السياسة( :فََلمّا جَاءتْ قِيلَ أَ َه َكذَا عَرْ ُ
كأنه هو حتى ل يظهر أنها ل تعرف.
ح ّممَ ّر ٌد مّن قَوَارِيرَ
ل ِإنّهُ صَرْ ٌ سبَتْهُ لُجّ ًة َوكَشَ َفتْ عَن سَا َق ْيهَا قَا َ حِ ح فََلمّا رََأتْهُ َ الستسلم أمام تكنولوجيا غير عادية( :قِيلَ َلهَا ادْخُلِي الصّ ْر َ
ت مَعَ سَُل ْيمَانَ لِلّ ِه رَبّ ا ْلعَاَلمِينَ) آية 44جعل الزجاج فوق الماء كانت تكنولوجيا غير عادية في ذلك قَالَتْ َربّ ِإنّي ظََل ْمتُ َنفْسِي َوأَسَْلمْ ُ
الزمان فلم تستطع بلقيس إل أن تسلم .وهنا نلحظ الفرق بين ردّ بلقيس التي كانت تقدّر العلم فقد بهرتها هذه التكنولوجيا التي رأتها بأم عينها
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
اعتبر قومه اليات سحْ ٌر ّمبِينٌ) 13في قصة سيدنا موسى صرَ ًة قَالُوا َهذَا ِ فأسلمت مباشرة بل تردد ،أما في الية (فََلمّا جَاء ْتهُمْ آيَا ُتنَا ُمبْ ِ
المعجزة التي جاء بها سحر لنه لم يكن لديهم علم أو تكنولوجيا.
نلخّص عناصر التفوق الحضاري بالنقاط التالية:
عمَلَ صَالِحًا ي وَعَلَى وَاِلدَيّ َوأَنْ أَ ْ ت عَلَ ّ شكُ َر ِن ْع َم َتكَ اّلتِي َأ ْن َعمْ َ
عنِي أَنْ أَ ْ حكًا مّن َقوِْلهَا َوقَالَ رَبّ َأوْزِ ْ الهدف السامي ( َفتَبَسّ َم ضَا ِ .1
عبَادِكَ الصّاِلحِينَ) آية 19 ح َم ِتكَ فِي ِ تَ ْرضَاهُ َوَأدْخِ ْلنِي بِرَ ْ
ضلُ ا ْل ُمبِينُ) آية 16 ن َهذَا َلهُ َو الْفَ ْ يءٍ إِ ّ
طيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَ ْ س عُّل ْمنَا مَنطِقَ ال ّ ل يَا َأّيهَا النّا ُ ن دَاوُودَ َوقَا َ
العلم (وَوَ ِرثَ سَُل ْيمَا ُ .2
ح ّممَ ّردٌ مّن قَوَارِي َر قَالَتْ َربّ ِإنّي ت عَن سَا َقيْهَا قَالَ ِإنّهُ صَ ْر ٌ شفَ ْ س َبتْهُ لُجّةً َوكَ َ
ح فََلمّا رََأتْهُ حَ ِ التكنولوجيا (قِيلَ َلهَا ادْخُلِي الصّرْ َ .3
ب ا ْلعَاَلمِينَ) آية 44 سَل ْيمَانَ لِلّهِ رَ ّ ت نَفْسِي وَأَسَْل ْمتُ مَعَ ُ ظَلمْ ُ
َ
جّنهُم ّم ْنهَا َأذِلّةً وَ ُهمْ صَاغِرُونَ) آية 37 خرِ َجنُودٍ لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا وََلنُ ْ القوة المادية والعسكرية (ا ْرجِعْ إَِل ْيهِ ْم فََلنَ ْأ ِت َينّهُ ْم بِ ُ .4
إيمان أفراد المة بغايتهم (قصة الهدهد) .5
ح ْمدُ لِلّهِ َوسَلَا ٌم عَلَى تتحدث اليات بعد هذا التفصيل عن عناصر التفوق الحضاري عن قدرة ال في الكون من الية 59إاى آية ( 64قُلِ ا ْل َ
ت َبهْجَ ٍة مّا كَانَ َلكُمْ ق ذَا َ حدَائِ َ
سمَاء مَاء فَأَن َبتْنَا بِهِ َ سمَاوَاتِ وَا ْلأَ ْرضَ وَأَنزَلَ َلكُم مّنَ ال ّ ق ال ّ خيْرٌ َأمّا يُشْ ِركُونَ * َأمّنْ خَلَ َ طفَى آللّ ُه َ عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ ِ
ل َبيْنَ ا ْلبَحْ َريْنِ
جعَ َسيَ وَ َ جعَلَ َلهَا رَوَا ِ جعَلَ خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا وَ َ ض قَرَارًا َو َ جعَلَ ا ْلأَرْ َ ل هُ ْم قَ ْو ٌم َيعْدِلُونَ * َأمّن َ شجَرَهَا أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه بَ ْأَن تُنبِتُوا َ
ض أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه قَلِيلًا مّا تَ َذكّرُونَ جعَُلكُ ْم خُلَفَاء الْأَ ْر ِ ضطَرّ ِإذَا دَعَاهُ َو َيكْشِفُ السّوءَ َويَ ْ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعَْلمُونَ * َأمّن يُجِيبُ ا ْلمُ ْ
ق ثُمّعمّا يُشْ ِركُونَ * َأمّن َي ْبدَأُ الْخَلْ َ ح َمتِهِ َأإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ ي رَ ْن يَدَ ْ
شرًا بَيْ َ ح بُ ْ * َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ وَا ْل َبحْرِ َومَن يُرْسِلُ ال ّريَا َ
ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَا ِدقِينَ) وكأن هذا النتقال يحذّر من أن يلهينا التفوق ض َأإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه قُ ْ سمَاء وَا ْلأَرْ ِ ُيعِيدُهُ َومَن يَرْ ُز ُقكُم مّنَ ال ّ
الحضاري عن تذكر ال تعالى وقدرته في الخلق والكون وفي ملكه فهو الذي سبب السباب لكل عناصر التفوق فل يجب أن ننشغل
بالسباب عن المسبب ،فنلحظ تكرر كلمة (ءإله مع ال) بمعنى إياكم أن تنسوا رب الكون أو أن تجعلوا له شركاء في تفوقكم.
وتختم السورة بنموذج من نماذج التفوق الحضاري أل وهي النملة هذه الحشرة الصغيرة قد أودع ال تعالى فيها من مقومات التفوق ما ل
نحصيه فالنمل يعيش في أمة منظّمة تنظيما دقيقا وعندهم تخزين وعندهم تكييف في أجسادهم وعندهم جيوش وإشارات تخاطب وعنده
تكنولوجيا ل نعلمها والعلماء يكتشفون يوما بعد يوما أشياء ل يمكن للعقل تصورها عن هذه الحشرة الضغيرة الحجم .فعلينا أن نتعلم من هذه
ط َمّنكُمْ
ل ادْخُلُوا مَسَا ِكنَكُمْ لَا يَحْ ِ ت َنمْلَ ٌة يَا َأّيهَا ال ّنمْ ُ
حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْلِ قَالَ ْ الحشرة التفوق الحضاري فهي التي قالت مخاطبة النمل ( َ
شعُرُونَ) آية 18حفاظا عليهم من خطر قادم وكأن لديها جهاز إنذار ،وقولها (وهم ل يشعرون) دللة وإشارة جنُودُهُ وَهُمْ لَا يَ ْسَُل ْيمَانُ وَ ُ
واضحة أنه حتى النمل يعرف أن عباد ال المؤمنين ل يمكن أن يظلموا غيرهم أو يحطمونهم حتى ولو كان مجموعة من النمل .ولهذا تبسم
سليمان ضاحكا من قولها ثم دعا ربه وشكره لنه فهم معنى ما قالته النملة.
وسميّت السورة بـ(النمل) دللة على أن النمل هذه الحشرات نحجت في الداء وحسن التنظيم والتفوق فكيف بالبشر الذين أعطاهم ال تعالى
العقل والفهم فهم أحرى أن ينجحوا كما نجح النمل في مهمتهم في الرض وفيها دللة عظيمة على علم الحيوان.
***من اللمسات البيانية فى سورة النمل***
آية (:)1
ٍَ * مٍا دللة التقديٍم والتأخيٍر فٍي قوله تعالى (الر تِل ٍْ َ َ
ن ( )1الحجٍر) مبِي ٍٍ
ن ُ ت الْكِتَا ٍِ
ب وَقُْرآ ٍ ك آيَا ٍُ
ٍَ و(طٍس تِل ٍْ َ َ
ن ( )1النمٍل) و ما وجٍه الختلف بينهمٍا واللمسٍات البيانيٍة مبِي ٍٍ
ب ُ ت الْقُْرآ ِ
ن َوكِتَا ٍٍ ك آيَا ٍُ
فيهما؟
د.فاضل السامرائى :
ب فِي ِه ُهدًى لِ ْل ُمتّقِينَ ( ))2ولم يُذكر القرآن تتردد لفظة الكتاب في السورة
ما ُذكِر فيها الكتاب وحده كما في سورة البقرة (ذَِلكَ ا ْل ِكتَابُ لَا َريْ َ
أكثر من لفظة القرآن أو ل ترد أصلً وما يرد فيه لفظ القرآن تتردد فيه لفظة القرآن في السورة أكثر من تردد لفظة الكتاب أو أن لفظة
الكتاب ل ترد أصلً .وإذا اجتمع اللفظان في آية يتردد ذكرهما بصورة متقابلة بحيث ل يزيد أحدهما عن الخر إل بلفظة واحدة في السورة
كلها .ونأخذ بعض المثلة:
في سورة البقرة بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ومشتقاتها سبعا وأربعيم مرة في السورة ( )47بينما ترددت لفظة القرآن ومشتقاتها
مرة واحدة فقط في آية الصيام.
في سورة آل عمران بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ثلثا وثلثين مرة في السورة ( )33بينما لم ترد لفظة القرآن ول مرة في
السورة كلها.
هذا النسق لم يختلف في جميع السور التي تبدأ بالحرف المقطعة وهي مقصودة وليست اعتباطية حتى في سورة طه بدأت بلفظة القرآن
وترددت لفظة القرآن ثلث مرات في السورة بينما ترددت لفظة الكتاب مرة واحدة في السورة إل في سورة ص تردد الكتاب والقرآن مرة
واحدة.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ن ُمبِينٍ ( ))1القرآن ورد في السورة أربع مرات والكتاب خمس مرات.وفي اليات في السؤال آية سورة الحجر (الر تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْل ِكتَابِ َوقُرْآَ ٍ
ب ُمبِينٍ ( ))1تردد الكتاب مرتين والقرآن ثلث مرات .وهذا السمت عام ما تردد يترددان وفي آية سورة النمل (طس تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ
معا بحيث ل يزيد أحدهما عن الخر بأكثر من لفظة واحجة وما ورد فيه الكتاب هي التي تجعل السمة في النعبير في السورة.
د.حسام النعيمى:
ننظر لماذا جاءت كلمة الكتاب مع (ألر) وكلمة القرآن مع (طس) .هنا نحاول أن نستفيد من الدرس الصوتي وكما قلت طبّقت هذا على جميع
اليات التي فيها حروف مقطعة بحيث أستطيع أن أخرج بقاعدة حيثما وردت كلمة القرآن وحيثما وردت كلمة الكتاب:
(ألر) مؤلفة من أربعة مقاطع (مقطع قصير يتبعه مقطع طويل مغلق ثم مقطعان مديدان) .لما نأتي إلى (طس) نجد أنها مكونة من مقطعين
(مقطع طويل مفتوح ومقطع مديد) .الول (ألر) ينتهي بمديدين وفيه طويل مغلق فإذن هو أثقل من حيث الجانب الصوتي يعني يحتاج إلى
جهد أكبر .أيهما يحتاج إلى مجهود أكثر :أن تنطق شيئا أو أن تكتبه؟ الكتابة تحتاج المجهود الكبر لنها تحتاج إلى القلم وسابقا الدواة
والقرطاس والقصبة ويبدأ يخطّ الحرف خطّا فهذا فيه جهد .الحروف المقطعة التي فيها جهد يأتي بعدها كلمة كتاب والحروف المقطعة التي
هي أقل جهدا يأتي بعدها القرآن .لن القراءة أسهل من الكتابة .وننظر في اليات حيثما وردت في القرآن:
الحرف المقطعة جاءت في 29موضعا في القرآن الكريم والذي توصلنا إليه ما يأتي:
القاعدة :أنه إذا كانت الحروف المقطعة أكثر من مقطعين فعند ذلك يأتي معها الكتاب لن الكتابة ثقيلة .وإذا كانت الحروف المقطعة من
مقطعين يأتي معها القرآن بإستثناء إذا كان المقطع الثاني مقطعا ثقيلً .مثلً (حم) الحاء مقطع والميم مقطع ثقيل لنه مديد (ميم ،حركة
طويلة ،ميم :قاعدتان وقمة طويلة) وهو من مقاطع الوقف .فالميم ثقيل لنه يبدأ بصوت وينتهي بالصوت نفسه وبينهما هذه الحركة الطويلة
والعرب تستثقل ذلك ولذلك جعلوه في الوقف .ما الدليل على الستثقال؟ لما نأتي إلى الفعل ر ّد يردّ أصله ردد يردد لكن ردد فيه الدال وجاء
إلى الفتحة ورجع إلى الدال مثل الميم (ميم ،ياء ،ميم) فالعربي حذف الفتحة وأدغم فقال ردّ .قد يقول قائل ما الدليل على أن ردّ أصله ردد؟
نقول له صِل ردّ بتاء المتكلم (رددت) تظهر .إذن فهم ل يميلون أن ينقل لسانه من حرف ثم يعود إليه بعد حركة هذا يستثقله .فكلمة ميم تبدأ
ل يذكربميم وتنتهي بميم ،كلمة نون تبدأ بالحرف وتنتهي بنفس الحرف وبينهما حركة .هذا مقطع ثقيل والكتابة أثقل فلما يكون المقطع ثقي ً
ن ( ))1لم يذكر الكتاب ولكنه ذكر آلة الكتابة (القلم) وعملية الكتابة (يسطرون). كلمة الكتاب .في سورة (ن) قال (ن وَا ْلقَلَمِ َومَا يَسْطُرُو َ
آية (:)5
*ما الفرق بين السوء والسيئات؟(د.فاضل السامرائى)
السيئة هي فعل القبيح وقد تُطلق على الصغائر كما ذكرنا سابقا في حلقة ماضية .السوء كلمة عامة سواء في العمال أو في غير العمال،
غيْرِ سُو ٍء آيَةً أُخْرَى
ن َج َبيْضَاء مِ ْ ك تَخْ ُر ْ
حَجنَا ِضمُ ْم يَ َدكَ إِلَى َ ما ُيغَ ّم النسان يقول أصابه سوء ،الفة ،المرض ،لما يقول تعالى لموسى (وَا ْ
ب ( )5النمل) كلمة سوء عامة أما السيئة فهي فعل ( )22طه) أي من غير مرض ،من غير عِلّة ،من غير آفة( .أُوَْل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَا ِ
ب مَن َي ْعمَلْ سُوءًا ل ا ْلكِتَا ِ
س بَِأمَا ِنّيكُمْ وَل َأمَانِيّ أَهْ ِ
قبيح .المعصية عموما قد تكون صغيرة أو كبيرة ،السوء يكون في المعاصي وغيرها (ّليْ َ
ج َز بِهِ ( )123النساء) صغيرة أو كبيرة .فإذن كلمة سوء عامة في الفعال وغيرها ،أصابه سوء ،من غير سوء ،ما يغم النسان سوء، يُ ْ
ب ( )45غافر) كلمة سوء عامة وكلمة سيئة خاصة وتُجمع ق بِآلِ ِفرْعَوْنَ سُوءُ ا ْل َعذَا ِت مَا َمكَرُوا وَحَا َ
سّيئَا ِ
أولئك لهم سوء العذاب (فَ َوقَاهُ اللّهُ َ
على سيئات أما كلمة سوء فهي إسم المصدر ،المصدر ل يُجمع إل إذا تعددت أنواعه ،هذا حكم عام .ولكنهم قالوا في غير الثلثي يمكن أن
يُجمع على مؤنث سالم مثل المشي والنوم هذا عام يطلق على القليل والكثير إذا تعددت أنواعه ضرب تصير ضروب محتمل لكن المصدر
وحده ل يُجمع هذه قاعدة.
آية (:)8
حوْلَهٍَا ( )8النمٍل)؟(د.فاضٍل
ن َ
م ٍْ من فٍِي الن َّ ِ
ار َو َ جاءهٍَا نُودٍِيَ أَن بُورٍِ َ
ك ٍَ *مٍا معنٍى اليٍة (فَل ٍَ َّ
ما َ
السامرائى)
المفسرون ذكروا أقوالً مختلفة فيها قسم قال (من في النار) الملئكة (ومن حولها) موسى والنار ليست نارا عادية وقسم قال موسى من فيها
والملئكة حولها وقسم قال هو نور رب العالمين تراءى له كأنه نار( .من في النار) بمعنى الذي لذلك المفسرون اختلفوا وقسم قال موسى
الذي كان في النار غشيته رحمة ال وقسم قال الملئكة في النار وموسى حولها وقسم قال النار هو نوره سبحانه.
آية (:)9
ك ( )12طه) ثم قال بعدها خلَعْ نَعْلَي ْ َ *الكلم لموسى عليه السلم في سورة طه (إِنِّي أَنَا َرب ُّ َ
ك فَا ْ
َ (إنَن ٍِي أَن ا الل ٍَّه َل إل ٍَه إَّل أَن ا ( ))14وفٍي سٍورة النمٍل (ي ا مو سى إن َ َ
ه الْعَزِيُز ال ْ َ
حكِي ُمٍ ())9 ه أن ٍَا الل ٍّ ُ
ِ ٍّ ُ ٍَ ُ ٍَ ِ َ ِ ٍَ ُ ٍَ ِّ
فما الفرق بينها؟ (د.فاضل السامرائى)
إني وإنني ،إنني آكد من إني في زيادة النون وحتى يقولون في الساميات القديمة :إنني آكد من إني( .إنني) عبارة عن (إن) مع نون الوقاية
ن من دون نون الوقاية والياء .نون الوقاية يمكن حذفها هنا تقول إنني وتقول إني إذن حذفها ممكن فلماذا يؤتى بها؟ قلنا
مع الياء( .إني) إ ّ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ن مؤكدة وإنني زيادة في التوكيد حتى الدارسين للغات القديمة يقولون في اللغة السامية إنني آكد من إن يستعملون نون لزيادة التوكيد ،إ ّ
ن ( )32يوسف) وللتوكيد أيضا .هي النون تؤكد الفعال جنَنّ وََل َيكُونًا مّنَ الصّاغِرِي َ مؤكدة أخرى لن النون مؤكدة في السماء والفعال (َليُسْ َ
وتؤكد السماء ويؤتى بها في آخر الفعل المضارع والمر للتوكيد ويؤتى بها في أول السماء للتوكيد .إذا جيء بها في أول السماء هي
مثقّلة ل ينطق بها لن أولها ساكن فيؤتى بالهمزة حتى يُنطق الساكن فصارت إنّ .هي في أصلها نون بدون همزة النون في الفعل ليس فيها
ل لن الول ساكن والعرب ل تبدأ بالساكن كل همزة تتصل بالفعل مباشرة ل تحتاج إلى همزة وهذه تتصل بالسم ل يمكن أن ينطق بها أص ً
مُشدّد أوله ساكن فالعرب ل تبدأ بالساكن فجاؤا بالهمزة لينطق بالساكن فصارت إن وأن وليس هذا فقط وإنما هي مع الفعال الفعل يبنى على
الفتح وفي السماء السم ينصب معها .إذن إنّ للتوكيد ،النون هي توكيد السماء والفعال تقع في آخر الفعل وفي أول السم هذا تفتحه وهذا
خلَعْ َنعَْل ْيكَ ِإّنكَ بِا ْلوَادِ ا ْل ُم َقدّسِ
ك فَا ْ تنصبه إذن النون آكد .يبقى لماذا هنا آكد من ذلك؟ ننظر اليات (فََلمّا َأتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (ِ )11إنّي َأنَا َرّب َ
عبُ ْدنِي وََأقِمِس َتمِعْ ِلمَا يُوحَى (ِ )13إّننِي َأنَا اللّ ُه لَا إِلَهَ ِإلّا َأنَا فَا ْ طوًى ( )12طه) يخلع نعليه لنه بالواد المقدس .تستمر اليات (وََأنَا ا ْ
ختَ ْر ُتكَ فَا ْ ُ
الصّلَاةَ ِل ِذكْرِي ( ))14هذا أمر بالستماع .هذا في مقام التوحيد والعبادة وفي الية السابقة اخلع نعليك ولم يقل فيها استمع أما الية الثانية
فطلب منه الستماع لن المر الذي سيلقيه إليه أهم من خلع النعل .الكلم من ال تعالى في اليتين لكن الكلم بعضه أهم من بعضِ( .إّننِي
سعَى ( )15طه) تبليغات في العقيدة س ِبمَا تَ ْ
ل َنفْ ٍ عُبدْنِي َوَأقِمِ الصّلَاةَ ِل ِذكْرِي ( )14إِنّ السّاعَةَ ءَاتِيَةٌ َأكَادُ أُ ْ
خفِيهَا ِلتُجْزَى كُ ّ َأنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا َأنَا فَا ْ
ل هَـذَا َربّي هَـذَآ س بَازِغَ ًة قَا َ شمْ َ ورسالة وليست كـ(اخلع نعليك) ليسا منزلة واحدة قطعا .شبيه بها في كلم سيدنا إبراهيم (فََلمّا َرأَى ال ّ
ل ِإبْرَاهِيمُ لَِأبِيهِ َوقَ ْومِهِ ِإّننِي بَرَاء ّممّا َتعْ ُبدُونَ ( )26الزخرف) ذاك ن ( )78النعام) (وَِإ ْذ قَا َ ت قَالَ يَا قَوْمِ ِإنّي بَرِي ٌء ّممّا تُشْ ِركُو َ َأ ْكبَ ُر فََلمّا َأ َفلَ ْ
في مقام تبليغ لبيه وقومه فقال بريء وهنا مقام براء ،براء مصدر أو تحويل إلى الصفة المشبهة وكلهما أقوى من بريء ،هذا إخبار
بالمصدر عن الذات هذا ل يؤتى إل في مقام التجوز تقول هو سعيٌ له أو هو ساعٍ؟ هو سعيٌ ،تخبر بالمصدر عن الذات .الخبار بالمصدر
عن الذات أي تحول الذات إلى مصدر (إنني براء) أقوى من بريء .براء مصدر وبريء صفة مشبهة ،يقال هو قدوم وهو قادم ل تقول
بصورة قياسية إل في مواطن تجوّزا ،الخبار بالمصدر عن الذات تجوّز .لهذا قال (إنني براء) حولها إلى ما هو أوكد وأبلغ من بريء (إنني
براء) لنه في مقام تبليغ وقوة في الكلم فقال إنني.
حكِيمُ ( )9النمل) هذا ضمير الشأن الذي فيه التفخيم والتعظيم( .إنه) الهاء ضمير الشأن .ضمير الشأن هو أما (يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ
أو هي فقط لنه يعود على الشأن والشأن يعبر عنه بـ هو أو هي .يأتي بإن وأخواتها أي النواسخ (ظننته ،إنه ،إنها) يسموه ضمير القصة
والشأن لكن لما يكون مؤنثا يسمونه ضمير القصة لنه يعود على القصة مؤنث كلمة الشأن مذكر والقصة مؤنث (هي الدنيا تُغرّر تابعيها)
هي ضمير الشأن لن الشأن هو القصة يقال ضمير القصة عندما يفسر في جملة فيها مؤنث ولما يفسر في جملة فيها مذكر يقال ضمير
سبْحَانَ اللّ ِه رَبّ حوَْلهَا وَ ُ ك مَن فِي النّارِ َومَنْ َ حكِيمُ) هذا في مقام التفخيم والتعظيم( .فََلمّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُو ِر َ الشأنِ( .إنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِي ُز الْ َ
حكِي ُم ( )9النمل) هذا تعظيم وتنزيه ،هذا يسمونه ضمير التعظيم. ا ْلعَاَلمِينَ ( )8يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ
آية (:)10
بأوصاف مختلفة مرة جان ومرة ثعبان ومرة حية *ورد في القرآن الكريم ذكر عصى موسى
فما الفرق بينها؟ (د.فاضل السامرائى)
المعنى اللغوي للكلمات :الجان هي الحية السريعة الحركة تتلوى بسرعة ،الثعبان هو الحية الطويلة الضخمة ال ّذكَر ،الحية عامة تشمل
الصغيرة والكبيرة فالثعبان حية والجان حية .الحية عامة تطلق على الجميع أما الثعبان فهو الذكر الضخم الطويل والجان هو الحية سريعة
الحركة .ننظر كيف استعملها؟
ن مّبِينٌ ( ن ّمبِينٌ ( )107العراف) (فَأَ ْلقَى عَصَا ُه فَِإذَا هِ َ
ي ُث ْعبَا ٌ ي ُثعْبَا ٌ
كلمة ثعبان لم يستعملها إل أمام فرعون في مكانين ( َفأَلْقَى عَصَاهُ َفِإذَا ِه َ
)32الشعراء) وذلك لخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون.
ب يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ ق عَصَاكَ فََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وَلَ ْم ُيعَقّ ْ كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى في القصص (وَأَنْ َألْ ِ
ك فََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وَلَ ْم ُيعَقّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ ِإنّي لَا يَخَافُ ق عَصَا َ ك مِنَ الْآ ِمنِينَ ( ))31وفي النمل (وَأَ ْل َِولَا تَخَفْ ِإّن َ
ن ( ))10تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ) في القصص (فََلمّا رَآهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ) ي ا ْلمُرْسَلُو َ
َلدَ ّ
عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والنسان يخاف من الجان والخوف والفزع .الجان دللة الحركة السريعة ،عصاه تهتز بسرعة.
الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لنه يستتر بمقابل النس (النس للظهور والجن للستر) هذا من
حيث اللغة.
سؤال :كيف رآها وفيها معنى الستتار؟ قد يظهر الجان بشكل أو يتشكل بشكل كما حدث مع أبو هريرة ،قد يظهر الجان بشكل من الشكال.
كلمة (فََلمّا رَآهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ) إضافة إلى أنها حية صغيرة تتلوى بسرعة إضافة إلى إيحائها اللغوي يُدخل الفزع لذلك استعملها في مكان
خفْ) .كلمة ثعبان أو حية ل تعطي هذه الدللة .أناس كثيرون يمسكون الحية أو الثعبان ويقتلونها وفي الهند يمسكون (يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ وَلَا تَ َ
بالثعبان .كل كلمة جعلها تعالى في مكانها.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ن {}7 طلُو َ
ب َقبَسٍ ّلعَّلكُ ْم تَصْ َ شهَا ٍخبَرٍ أَ ْو آتِيكُم بِ ِ ت نَارا سَآتِيكُم ّم ْنهَا بِ َ ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي آنَسْ ُ حكِي ٍم عَلِي ٍم {ِ }6إ ْذ قَا َ ن مِن ّلدُنْ َ (وَِإّنكَ َلتُلَقّى الْ ُقرْآ َ
عصَاكَ ق َ حكِيمُ { }9وَأَلْ ِ سبْحَانَ اللّهِ رَبّ ا ْلعَاَلمِينَ { }8يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ ك مَن فِي النّارِ َومَنْ حَوَْلهَا َو ُ فََلمّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُو ِر َ
حسْنا َبعْدَ سُو ٍء فَِإنّي ن { }10إِلّا مَن ظََل َم ثُ ّم بَدّلَ ُ سلُو َفََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرا وَلَ ْم ُيعَقّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ ا ْلمُرْ َ
ن { }12فََلمّا غيْرِ سُو ٍء فِي تِسْ ِع آيَاتٍ إِلَى ِفرْعَوْنَ َوقَ ْومِهِ ِإّنهُمْ كَانُوا قَوْما فَاسِقِي َ ج َبيْضَاء مِنْ َ خرُ ْ ج ْي ِبكَ تَ ْ
خلْ َي َدكَ فِي َ غفُورٌ رّحِي ٌم { }11وََأدْ ِ َ
ف كَا َن عَا ِقبَةُ ا ْلمُ ْف ِسدِي َن {.)}14 سهُ ْم ظُلْما وَعُلُوّا فَانظُ ْر َكيْ َ س َتيْ َق َن ْتهَا أَنفُ ُ
حدُوا ِبهَا وَا ْ سحْ ٌر ّمبِينٌ {َ }13وجَ َ صرَ ًة قَالُوا َهذَا ِ جَاء ْتهُمْ آيَا ُتنَا ُمبْ ِ
من سورة القصص
بسم ال الرحمن الرحيم
جذْوَ ٍة مِنَ النّارِ خبَرٍ أَ ْو َ ت نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم مِ ْنهَا بِ َ س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا قَالَ ِلأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَسْ ُ جلَ وَسَا َر بِأَهْلِهِ َآنَ َ (فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ
ن ()30 ن فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَةِ مِنَ الشّجَ َرةِ أَنْ يَا مُوسَى ِإنّي َأنَا اللّهُ َربّ ا ْلعَاَلمِي َ طئِ الْوَادِ الَْأ ْيمَ ِي مِنْ شَا ِ ن ( )29فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ صطَلُو َ َلعَّلكُ ْم تَ ْ
ج ْي ِبكَ َتخْرُجْ
ك فِي َ ف ِإّنكَ مِنَ الَْآ ِمنِينَ ( )31اسُْل ْ
ك يَ َد َ ب يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ َولَا تَخَ ْ ق عَصَاكَ َفَلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وََلمْ ُيعَقّ ْ َوأَنْ أَلْ ِ
ن ( )32قَالَ َربّ ِإنّي ن مِنْ َرّبكَ إِلَى فِرْعَوْنَ َومََلئِهِ ِإّنهُمْ كَانُوا قَ ْومًا فَاسِقِي َ ب َفذَا ِنكَ بُرْهَانَا ِ ك مِنَ الرّهْ ِ حَ جنَا َ ضمُمْ إَِل ْيكَ َغيْ ِر سُوءٍ وَا ْ َبيْضَا َء مِنْ َ
ن (.))33 ن يَ ْقتُلُو ِ
ت ِم ْنهُ ْم نَفْسًا فََأخَافُ أَ ْ َقتَلْ ُ
من هذين النصين تتبين طائفة من الختلفات في التعبير أدوّن أظهرها:
القصص النمل
آنس من جانب الطور نارا إني آنست نارا
امكثوا ـــــــ
لعلي آتيكم منها بخبر سآتيكم منها بخبر
أو جذوة من النار أو آتيكم بشهاب قبس
فلما أتاها فلما جاءها
نودي من شاطئ الواد اليمن نودي أن بورك
ـ وسبحان ال رب العالمين
أن يا موسى يا موسى
إلي أنا ال رب العالمين إنه أنا ال العزيز الحكيم
وأن ألق عصاك وألق عصاك
يا موسى أقبل ول تخف يا موسى ل تخف
إنك من المنين إني ل يخاف لدي المرسلون
ـــــ إل من ظلم
اسلك يدك وأدخل يدك في جيبك
فذانك برهانان في تسعِ آيات
واضمم إليك جناحك ممن الرّهْب ـ
إلى فرعون وملئه إلى فرعون وقومه
إن الذي أوردته من سورة النمل ،هو كل ما ورد عن قصة موسى في السورة .وأما ما ذكرته من سورة القصص فهو جزء يسير من
القصة ،فقد وردت القصة مفصلة ابتداء من قبل أن يأتي موسى إلى الدنيا إلى ولدته ،وإلقائه في اليم والتقاطه من آل فرعون ،وإرضاعه
ونشأته وقتله المصري وهربه من مصر إلى مدين ،وزواجه وعودته بعد عشر سنين وإبلغه بالرسالة من ال رب العالمين ،وتأييده باليات،
ودعوته فرعون إلى عبادة ال إلى غرق فرعون في اليم ،وذلك من الية الثانية إلى الية الثالثة والربعين.
فالقصة في سورة القصص إذن مفصلة مطولة ،وفي سورة النمل موجزة مجملة .وهذا المر ظاهر في صياغة القصتين ،واختيار التعبير
لكل منهما.
هذا أمر ،والمر الثاني أن المقام في سورة النمل ،مقا ُم تكريم لموسى أوضح مما هو في القصص ،ذلك أنه في سورة القصص ،كان جو
القصة مطبوعا بطابع الخوف الذي يسيطر على موسى عليه السلم ،بل إن جو الخوف كان مقترنا بولدة موسى عليه السلم ،فقد خافت أمه
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ت عََليْهِ َفأَلْقِي ِه فِي ا ْل َيمّ وَل تَخَافِي وَل تَحْ َزنِي" القصص ،7 :ويستبد ضعِيهِ َفِإذَا خِ ْف ِ حيْنَا ِإلَى ُأمّ مُوسَى أَنْ َأرْ ِ فرعونَ عليه ،فقد قال تعالى" :وَأَ ْو َ
طنَا عَلَى قَ ْل ِبهَا" القصص10: ن كَادَتْ َلُتبْدِي بِهِ لَوْل أَنْ َربَ ْ صبَحَ فُؤَادُ أُ ّم مُوسَى فَارِغا إِ ْ بها الخوف أكثر حتى يصفها رب العزة بقوله" :وََأ ْ
ب ."18فنصحه أحدُ الناصحين صبَحَ فِي ا ْل َمدِينَةِ خَائِفا َيتَ َرقّ ُ ثم ينتقل الخوف إلى موسى عليه السلم ،ويساوره وذلك بعد قتله المصريَ " :فأَ ْ
جنِي مِنَ ب ، "21وطلب من ربه أن ينجيه من بطش الظالمين" :قَالَ َر ّ
ب نَ ّ ج ِم ْنهَا خَائِفا َيتَ َرقّ ُ بالهرب من مصر لنه مهدد بالقتلَ " :فخَرَ َ
ت مِنَ ا ْلقَ ْومِف نَجَ ْو َالْقَ ْومِ الظّاِلمِينَ . "21فهرب إلى مدين وهناك اتصل برجل صالح فيها ،وقص عليه القصص فطمأنه قائل " :ل تَخَ ْ
ن "25 الظّاِلمِي َ
وهذا الطابع ـ أعني طابع الخوف ـ يبقى ملزما للقصة إلى أواخرها ،بل حتى إنه لما كلفه ربه بالذهاب إلى فرعون راجعه وقال له :إنه
ن ،"33وطلب أخاه ظهيرا له يعينه ويصدقه لنه يخاف أن ن يَ ْقتُلُو ِت ِمنْهُ ْم نَفْسا فََأخَافُ أَ ْ ب ِإنّي َقتَلْ ُ خائف على نفسه من القتل" :قَالَ رَ ّ
ن ُيكَ ّذبُونِ "34 ص ّدقُنِي ِإنّي َأخَافُ أَ ْ ي ِردْءا يُ َ ن هُوَ َأ ْفصَحُ ِمنّي ِلسَانا َفأَرْسِلْ ُه َمعِ َ يكذبوه" :وََأخِي هَارُو ُ
في حين ليس المر كذلك في قصة النمل ،فإنها ليس فيها ذكر للخوف إل في مقام إلقاء العصا.
فاقتضى أن يكون التعبير مناسبا للمقام الذي ورد فيه .وإليك إيضاح ذلك:
س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارا" ت نَارا " وقال في سورة القصص" :آنَ َ قال تعالى في سورة النملِ " :إنّي آنَسْ ُ
ب الطّورِ" وذلك لمقام التفصيل الذي بنيت عليه القصة في سورة القصص. فزاد " :مِنْ جَانِ ِ
ستُ نَارا" بزيادة ت نَارا" وقال في سورة القصص " :قَالَ ِلأَهْلِهِ ِإنّي آنَ ْ ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي آنَسْ ُ قال في سورة النملِ" :إ ْذ قَا َ
"ا ْمكُثُوا" .وهذه الزيادة نظيرة ما ذكرناه آنفا ،أعني مناسبة لمقام التفصيل الذي بنيت عليه القصة بخلف القصة في النمل المبنية
على اليجاز.
خبَرٍ" .فبنى الكلم في النمل على القطع "سَآتيكُم" خبَرٍ" .وقال في القصصَ " :لعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ قال في النمل " :سَآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ
وفي القصص علىالترجي "لعَلّي آتيكُمْ" .وذلك أن مقام الخوف في القصص لم يدعه يقطع بالمر فإن الخائف ل يستطيع القطع بما
سيفعل بخلف المن .ولما لم يذكر الخوف في سورة النمل بناه على الوثوق والقطع بالمر.
هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى إن ما ذكره في النمل هو المناسب لمقام التكريم لموسى بخلف ما في القصص.
ومن ناحية ثالثة ،؟إن كل تعبير مناسبٌ لجو السورة الذي وردت فيه القصة ،ذلك أن الترجي من سمات سورة القصص ،والقطع من سمات
عسَى َربّي أَن َي ْهدِيَني سَوَاءَ السّبيلِ" خذَهُ وَلَدا" وهو ت َرجّ .وقالَ "" : سورة النمل .فقد جاء في سورة القصص قوله تعالى" :عَسى أن ينْ َفعَنا أ ْو نَتّ ِ
خبَرٍ" وقال "َلعَّلكُم تَصْطَلونَ" ،وقالَ" :لعَلّي أَطّلِعُ إلى إِلَهِ موسَى" ،وقالَ" :لعَّل ُهمْ َيتَذكّرونَ " ثلث ج أيضا .وقالَ " :لعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا ِب َ وهو تر ّ
ن "73وهذا كله ترجّ .وذلك في عشرة ن مِنَ المُفْلِحينَ" ،وقال" :وَلعَّلكُم تَشكُرو َ مرات في اليات ،51 ،46 ،43وقالَ " :فعَسَى أَنْ يَكو َ
مواطن في حين لم يرد الترجي في سورة النمل ،إل في موطنين وهما قولهَ" :لعَّل ُكمْ َتصْطَلونَ" ،وقولهَ" :لعَّل ُكمْ تُ ْرحَمونَ"
س َبأٍ ِب َنبٍَأ يَقِينٍ"النمل:
ج ْئ ُتكَ مِنْ َ ط بِهِ وَ ِ ت ِبمَا لَ ْم تُحِ ْ ط ُ
وقد تردد القطع واليقين في سورة النمل ،من ذلك قوله تعالى على لسان الهدهد" :أَحَ ْ
عَليْهِ َلقَوِيّ َأمِينٌ" النمل 39 :وقوله على لسان ن مَقَا ِمكَ وَِإنّي َ ن تَقُو َم مِ ْ ، 22وقوله على لسان العفريت لسيدنا سليمانَ" :أنَا آتِيكَ بِ ِه َقبْلَ أَ ْ
ن يَ ْر َتدّ إَِل ْيكَ طَ ْر ُفكَ " النمل40: ك بِهِ َقبْلَ أَ ْ الذي عنده علم من الكتابَ" :أنَا آتِي َ
فانظر كيف ناسب الترجي ما ورد في القصص ،وناسب القطع واليقين ما ورد في النمل.
سيُريكُمْ آيَلتِ ِه َف َتعْرِفوَها "93 ح ْمدُ لِلّه َ خبَر" ومناسبته لقوله تعالى في آخر السورة" :الْ َ ثم انظر بعد ذلك قوله تعالى في القصة" :سَآتيكُ ْم ِمنْها بِ َ
سيُ ِر َيكُمْ".
وانظر مناسبة "سَآتيكُمْ" لـ " َ
وبعد كل ذلك ،انظر كيف تم وضع كل تعبير في موطنه اللئق به.
خبَر أ ْو آتيكُ ْم بِشِهابٍ" ،ولم يكرره في القصص ،بل قالَ" :لعَلّي آتيكُ ْم ِمنْها كرّر فعل التيان في النمل ،فقال" :سَآتيكُ ْم مِنها بِ َ
جذْوَةٍ"
خبَ ٍر أوْ َ
بِ َ
فأكد التيان في سورة النمل لقوة يقينه وثقته بنفسه ،والتوكيد يدل على القوة ،في حين لم يكرر فعل التيان في القصص مناسبة لجو
الخوف.
هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى إن فعل (التيان) تكرر في النمل اثنتي عشرة مرة( .انظر اليات 7 :مرتين،37 ،28 ،21 ،18 ،
)87 ،55 ،54 ،40 ،39 ،38
وتكرر في القصص ست مرات (انظر اليات )72 ،71 ،49 ،46 ،30 ،29فناسب تكرار (آتيكم) في النمل من كل وجه.
جذْوَ ٍة مِنَ خبَرٍ أَوْ َ
صطَلُونَ" وقال في القصص " :نَارا َلعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَ ْ شهَا ٍ وقال في سورة النمل " :أَ ْو آتِيكُ ْم بِ ِ
طلُونَ"
النّارِ َلعَّلكُ ْم تَصْ َ
فذكر في سورة النمل أنه يأتيهم بشهاب قبس ،والشهاب :هو شعلة من النار ساطعة( .انظر لسان العرب (شهب) ، 491 / 1القاموس
المحيط (شهب) )91 / 1
ومعنى (ال َقبَس) شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس يقال :قبس يقبس منه نارا ،أي :أخذ منه نارا ،وقبس العل َم استفاده (انظر القاموس
المحيط (قبس) ) 238 / 2
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
وأما (الجذوة) فهي الجمرة أو القبسة من النار (انظر القاموس المحيط (جذا) )311 / 4وقيل :هي ما يبقى من الحطب بعد اللتهاب ،وفي
معناه ما قيل :هي عود فيه نار بل لهب( .انظر روح المعاني )72 / 20
والمجيء بالشهاب أحسن من المجيء بالجمرة ،لن الشهاب يدفئ أكثر من الجمرة لما فيه من اللهب الساطع ،كما أنه ينفع في الستنارة
أيضا .فهو أحسن من الجذوة في التضاءة والدفء.
هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى ذكر أنه سيأتي بالشهاب مقبوسا من النار ،،وليس مختَلَسا أو محمول منها ،لن الشهاب يكون مقبوسا
وغير مقبوس (انظر البحر المحيط ، )55 / 7وهذا أدل على القوة وثبات الجنان ،لن معناه أنه سيذهب إلى النار ،ويقبس منها شعلة نار
ساطعة.
أما في القصص فقد ذكر أنه ربما أتى بجمرة من النار ،ولم يقل إنه سيقبسها منها.
والجذوة قد تكون قبسا وغير قبس ،ول شك أن الحالة الولى أكمل وأتم لما فيها من زيادة نفع الشهاب على الجذوة ،ولما فيها من الدللة
على الثبات وقوة الجنان.
وقد وضع كل تعبير في موطنه اللئق به ،ففي موطن الخوف ذكر الجمرة ،وفي غير موطن الخوف ذكر الشهاب والقبس.
قال في سورة النمل" :فََلمّا جاءَهَا نُودِيَ" وقال في سورة القصص" :فََلمّا أَتاها نُودِيَ"
فما الفرق بينهما؟
ل المارّ على وجهه أتي" (المفردات في غريب قال الراغب الصفهاني مفرقا بين التيان والمجيء :التيان مجيءٌ بسهولة ،ومنه قيل للسي ِ
القرآن .)6وقال" :المجيء كالتيان ،لكن المجيء أعم ،لن التيان مجيء بسهولة" (المفردات )102
ولم يذكر أهل المعجمات ما ذكره الراغب ،وإنما هم يفسرون واحا بالخر ،فيفسرون جاء بأتى ،وأتى بجاء ،غير أنهم يذكرون في بعض
تصريفات (أتى) ما يدل على السهولة ،فيقولون مثل في تفسير الطريق الميتاء من (أتى) "طريق مسلوك يسلكه كل أحد" وذلك لسهولته
ويسره .ويقولون " :كل سيل سهلته الماء أتيّ" و "أتّوا جداولها :سهلوا طرق المياه إليها" يقال( :أتّيت الماء) إذا أصلحت مجراه حتى يجري
إلى مقارّه ..ويقال :أتّيت للسيل ،فأنا أؤتّيه إذا سهلت سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه ..وأتّيت الماء تأتيةً وتأتيا ،أي :سهلت سبيله
ليخرج إلى موضع"( لسان العرب (أتى) )14 / 18
والذي استبان لي أن القرآن الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة ،أو لما هو أصعب وأشق مما تستعمل له (أتى) فهو يقول مثل:
ق "19ق .وقال: ت بِالحَ ّ
سكْرَ ُة ا ْلمَوْ ِ "فَإذا جَاءَ َأمْرُنا وَفارَ ال ّتنّو ُر " 27المؤمنون ،وذلك لن هذا المجيء فيه مشقة وشدة .وقال" :وجَا َءتْ َ
شيْئا ُنكْرا "74الكهف. جئْتَ ِ شيْئا إمْرَا "71الكهف .وقال" :ل َقدْ ِ جئْتَ َ "لَ َقدْ ِ
ن ِمنْهُ َو َتنْشَقّ
ت يَتَ َفطّرْ َ
سمَاوَا ُشيْئا ِإدّاَ .تكَادُ ال ّج ْئتُمْ َ
حمَنُ َولَداَ .ل َقدْ ِخذَ الرّ ْ شيْئا فَ ِريّا "27مريم .وقالَ " :وقَالُوا اتّ َ ج ْئتِ َ وقال" :قَالُوا يَا مَ ْريَمُ َل َقدْ ِ
ل َهدّا" مريم . جبَا ُ الْأَ ْرضُ َوتَخِرّ ا ْل ِ
ل كَانَ زَهُوقا"السراء .81:وقال" :فَإذا جاءَت الصّاخّة .يَوْ َم َيفِ ّر المَ ْر ُء من أخيهِ" عبس .وقال: حقّ وَزَهَقَ ا ْلبَاطِلُ إِنّ ا ْلبَاطِ َ ل جَاءَ الْ َ وقالَ " :وقُ ْ
"فإذا جاءَت الطّامّةُ ال ُكبْرَى" النازعات.
وهذا كله مما فيه صعوبة ومشقة.
شيَة" والجواب :أن الذي جاء هنا هو الحديث وليس الغاشية في حين ن الذي جاء هناك هو وقد تقول :وقد قال أيضا" :هَلْ أَتاكَ حَديثُ الغَا ِ
الطامة والصاخة ونحوهما مما ذكر
ويتضح الختلف بينهما في اليات المتشابهة التي يختلف فيها الفعلن ،وذلك نحو قوله تعالىَ" :أتَى َأمْرُ ال" النحل ،وقوله" :فَإذا جاءَ َأمْرُ
صرُنا" النعام ،ونحو قوله" :لجاءَهُ ُم العَذابُ" العنكبوت ،و"وأَتاهُ ُم العَذابُ" النحل، صرُنا" يوسف ،و"أَتاهُ ْم نَ ْ الِ" غافر ،ونحو قوله" :جاءَهُ ْم نَ ْ
وما إلى ذلك.
عمّا يُشْ ِركُونَسبْحَانَهُ َو َتعَالَى َس َتعْجِلُوهُ ُ فإنه يتضح الفرق في اختيار أحدهما على الخر ،وإليك إيضاح ذلك :قال تعالىَ" :أتَى َأمْرُ اللّ ِه فَل تَ ْ
ن "78غافر .فقد قال في النحلَ" :أتَى َأمْ ُر الِ" ،وقال في غافر" :جاءَ س َر ُهنَاِلكَ ا ْل ُمبْطِلُو َ
حقّ وَخَ ِ ي بِالْ َضَ"1النحل .وقال" :فَِإذَا جَا َء َأمْرُ اللّ ِه قُ ِ
َأمْ ُر الِ" ،وبأدنى نظر يتضح الفرق بين التعبيرين ،فإن المجيء الثاني أشق وأصعب لما فيه من قضاء وخسران ،في حين لم يزد في الية
الولى على التيان .فاختار لما هو أصعب وأشق (جاء) ولما هو أيسر (أتى).
سنَا عَنِ ا ْلقَوْ ِم ا ْلمُجْ ِرمِينَ"110 ي مَنْ نَشَا ُء وَل يُ َر ّد بَأْ ُ ظنّوا َأّنهُ ْم َقدْ ُك ِذبُوا جَاءَهُ ْم نَصْ ُرنَا َفنُجّ َسلُ وَ َس الرّ ُ س َتيْأَ َ
حتّى ِإذَا ا ْ ونحو ذلك قوله تعالىَ " :
يوسف
ك مِنْ َنبَأِ ا ْلمُ ْرسَلِينَ"34 حتّى َأتَا ُه ْم نَصْ ُرنَا وَل ُمبَدّلَ ِلكَِلمَاتِ اللّهِ وََل َقدْ جَا َء َ صبَرُوا عَلَى مَا ُك ّذبُوا َوأُوذُوا َ ك فَ َ ل مِنْ َقبِْل َوقوله" :وَلَ َق ْد ُكذّبَتْ ُرسُ ٌ
النعام
فقال في آية يوسف "جاءَ ُه ْم نَصْرُنا" وفي آية النعام" :أتا ُهمْ َنصْرُنا" ومن الواضح ان الحالة الولى أشق وأصعب ،وذلك أن الرسل بلغوا
درجة الستيئاس وهي أبعد وأبلغ ،وذهب به الظن إلى أنهم كُذبوا ،أي :أن ال سبحانه وتعالى كذبهم ولم يصدقهم فيما وعدهم به ،وهذا أبلغ
درجات اليأس وأبعدها ،وعند ذاك جاءهم نصره سبحانه فنجّي من شاء وعوقب المجرمون.
في يحن ذكر في الية الخرى أنهم كُذّبوا ،أي :كذّبهم الكافرون ،وأوذوا فصبروا .وفرق بعيد بعيد بين الحالتين ،فلقد يُكذّب الرسل وأتباعهم
ويُؤذَون ،ولكن الوصول إلى درجة اليأس والظن بال الظنون البعيدة أمرٌ كبير.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ثم انظر إلى خاتمة اليتين تر الفرق واضحا ،فما ذكره من نجاة المؤمنين ونزول اليأس علىالكافرين في آية يوسف مما ل تجده في آ]ة
النعام يدلك على الفرق بينهما.
حيَا ِة ال ّد ْنيَا وََل َعذَابُ الْآخِرَةِ َأ ْكبَرُ لَوْ ي فِي ا ْل َ ن .فََأذَا َقهُمُ اللّ ُه الْخِ ْز َ شعُرُو َ ث ل يَ ْ حيْ ُ ب مِنْ َ ن مِنْ َقبِْلهِ ْم َفَأتَاهُ ُم ا ْلعَذَا ُ ومن ذلك قوله تعالىَ " :كذّبَ اّلذِي َ
كَانُوا َيعَْلمُونَ" الزمر 25:ـ 26
شعُرُونَُ .ثمّ يَ ْومَ الْ ِقيَامَةِ ث ل يَ ْ حيْ ُ ب مِنْ َ ن فَ ْو ِقهِمْ وََأتَاهُمُ ا ْل َعذَا ُ
ف مِ ْ ع ِد فَخَ ّر عََل ْيهِمُ السّقْ ُ ن َقبِْلهِمْ َفَأتَى اللّ ُه ُب ْنيَا َنهُمْ مِنَ ا ْلقَوَا ِ وقولهَ " :ق ْد َمكَرَ اّلذِينَ مِ ْ
ن الْخِ ْزيَ ا ْليَوْمَ وَالسّو َء عَلَى ا ْلكَافِرِينَ .النحل 26ـ 27 ن فِيهِمْ قَالَ اّلذِينَ أُوتُوا ا ْلعِلْمَ إِ ّ خزِيهِمْ َويَقُولُ َأيْنَ شُ َركَائِيَ اّلذِينَ ُك ْنتُمْ تُشَاقّو َ يُ ْ
شعُرُونَ. سمّىً َلجَاءَهُمُ ا ْل َعذَابُ وََل َي ْأتِ َيّنهُ ْم َبغْتَةً وَهُ ْم ل يَ ْ ل مُ َس َتعْجِلُو َنكَ بِا ْل َعذَابِ وََلوْل َأجَ ٌ فقال في اليتين" :وأتاهُمُ العَذابُ" في حين قالَ " :ويَ ْ
ل ذُوقُوا مَا ُك ْنتُمْ َت ْعمَلُونَ" العنكبوت: ن تَحْتِ َأرْجُِلهِمْ َو َيقُو ُ ن فَ ْو ِقهِمْ َومِ ْ ب مِ ْ ج َهنّمَ َل ُمحِيطَةٌ بِا ْلكَافِرِينَ .يَ ْو َم َيغْشَاهُ ُم ا ْلعَذَا ُ ك بِا ْل َعذَابِ وَإِنّ َ س َتعْجِلُو َن َ
يَ ْ
53ـ 54ـ 55
فقال" :فَجاءَهُ ُم العَذابُ" وذلك أن اليتين الوليين في عذاب الدنيا بدليل قوله في آية النحلُ " :ث ّم يَوْممَ القِيامَةِ يُخزيهِم "..وقوله في آية الزمر" :
خرَةِ َأ ْكبَرُ لَ ْو كَانُوا َيعَْلمُونَ" في حين أن آية العنكبوت في عذاب الخرة ،وحتى لو كانت في حيَا ِة الدّ ْنيَا وََل َعذَابُ الْآ ِ ي فِي الْ َ خزْ َ َفَأذَاقَهُ ُم اللّهُ الْ ِ
ج َهنّم َلمُحيطَةٌ بالكافِرينَ" وقوله" :يَ ْومَ يَغشاهُمُ عذاب الدنيا فإن ما ذُكر فيها من العذاب أشق وأشد مما في اليتين الخريين بدليل قوله" :وإنّ َ
ت أرْجُلِهم "..فجاء لما هو أشق وأشد بالفعل (جاء) ولما هو أيسر بـ (أتى). ن تَحْ ِ ن فَ ْو ِقهِم ومِ ْ ب مِ ْ العَذا ُ
وقد تقول :ولكنه قال" :وَليَأ ِتيَ ّنهُم َبغْتةً" فاستعمل مضارع (أتى).
والجواب :أن القرآن لم يستعمل مضارعا للفعل (جاء) ..ولذلك كل ما كان من هذا المعنى مضارعا ،استعمل له مضارع (أتى) فل يدخل
المضارع في الموازنة ،وسيأتي بيان ذلك.
ت َفمَا ب مَ ْديَنَ وَا ْلمُ ْؤتَ ِفكَاتِ َأ َتتْهُ ْم رُسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ صحَا ِ ن مِنْ َقبِْلهِ ْم قَ ْومِ نُوحٍ وَعَادٍ َو َثمُودَ َوقَوْ ِم ِإبْرَاهِيمَ وَأَ ْ ومن ذلك قوله تعالى" :أََل ْم يَ ْأ ِتهِ ْم نَبَُأ اّلذِي َ
ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َي ْنهَوْنَ عَنِ ا ْل ُم ْنكَرِ َويُقِيمُونَ ضهُمْ أَوِْليَا ُء َبعْضٍ يَ ْأ ُمرُو َ ت َبعْ ُ سهُ ْم يَظِْلمُونَ .وَا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ وَا ْلمُ ْؤمِنَا ُ ن كَانُوا َأنْ ُف َ ن اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْ كَا َ
حكِيمٌ" التوبة 70 :ـ 71 ح ُمهُمُ اللّهُ إِنّ اللّ َه عَزِي ٌز َ سيَرْ َ الصّلةَ َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ َويُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوَل ِئكَ َ
سُلهُ ْم بِا ْل َبّينَاتِ" وهو الموطن الوحيد الذي جاء فيه نحو هذا التعبير في القرآن الكريم في حين قال في المواطن الخرى كلها: فقالَ " :أ َت ْتهُمْ رُ ُ
"جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُه ْم بِا ْل َبيّنَاتِ"
ولو نظرت في هذه التعبيرات ،ودققت فيها لوجدت أن كل التعبيرات التي جاءت بالفعل (جاء) أشق وأصعب مما جاء بـ (أتى) ،وإليك بيان
ذلك.
طبَعُ اللّ ُه عَلَى ُقلُوبِ ل َكذَِلكَ يَ ْ ت َفمَا كَانُوا ِليُ ْؤ ِمنُوا ِبمَا َك ّذبُوا مِنْ َقبْ ُ ك مِنْ َأنْبَا ِئهَا َولَ َقدْ جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُه ْم بِا ْل َبيّنَا ِ ص عََل ْي َ قال تعالى " :تِ ْلكَ الْ ُقرَى نَقُ ّ
ظَلمُوا بِهَا فَانْظُ ْر َكيْفَ ن َبعْدِهِ ْم مُوسَى بِآيا ِتنَا إِلَى ِفرْعَوْنَ َومَلئِهِ فَ َ سقِينَ .ثُ ّم َب َعثْنَا مِ ْ ج ْدنَا َأ ْكثَرَهُمْ لَفَا ِ
ع ْهدٍ َوإِنْ وَ َ ج ْدنَا لَِأ ْكثَرِ ِه ْم مِنْ َ ا ْلكَافِرِينََ .ومَا وَ َ
سدِينَ" العراف 101:ـ 102ـ 103 ن عَا ِقبَةُ ا ْلمُفْ ِكَا َ
سهُ ْم يَظِْلمُونَ ".ولم يذكر أنهم كفروا أو عوقبوا ،في ن كَانُوا َأ ْنفُ َفانظر كيف قال في آية التوبةَ" :أ َت ْتهُمْ رُسُُلهُ ْم بِا ْلبَ ّينَاتِ َفمَا كَانَ اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْ
طبَعُ اللّ ُه عَلَى قُلُوبِ ك يَ ْ حين قال في آيات العراف" :فَما كانُ,ا لِي ْؤمِنوا ِبمَا كذّبُوا مِن ْ َقبْل" فذكر عدم إيمانهم ،وأنهم طُبع على قلوبهم " :كَذَِل َ
ا ْلكَافِرِينَ" ،وذكر أنه وجد أكثرهم فاسقين ،وأنه لم يجد لكثرهم عهدا ،وذكر بعد ذلك ظلم فرعون وقومه لموسى وتكذيبهم بآيات ال
وعاقبتهم.
فانظر موقف المم من الرسل في الحالتين وانظر استعمال كل من الفعلين جاء وأتى ،يتبين لك الفرق واضحا بينهما.
ن "13 ج ِرمِي َ ك نَجْزِي الْقَ ْومَ ا ْلمُ ْ ت َومَا كَانُوا ِليُ ْؤ ِمنُوا كَذَِل َ ن مِنْ َقبِْلكُمْ َلمّا ظََلمُوا َوجَا َءتْهُ ْم رُسُُلهُ ْم بِا ْلبَ ّينَا ِ ومنه قوله تعالىَ " :ولَ َقدْ أَهَْل ْكنَا الْ ُقرُو َ
يونس
فقال" :وَجا َء ْتهُمْ رُسُُلهُم بِال َبيّنات" وذلك أنه ذكر إهلك القرون لظلمهم وذكر تكذيبهم وعدم إيمانهم وذكر جزاء المجرمين.
ت فَ َردّوا َأيْ ِد َيهُ ْم فِي َأفْوَا ِه ِهمْ ن َبعْدِهِ ْم ل َيعَْلمُهُمْ ِإلّا اللّ ُه جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُهمْ بِا ْل َبيّنَا ِ ن مِنْ َقبِْلكُ ْم قَ ْومِ نُوحٍ وَعَادٍ َو َثمُودَ وَاّلذِينَ مِ ْ وقال" :أََل ْم يَ ْأ ِتكُ ْم نَبَُأ اّلذِي َ
ن عَلَى مَا آ َذ ْيُتمُونَا وَعَلَى اللّهِ صبِرَ ّ ب "9ابراهيم ،إلى أن يقول" :وََلنَ ْ ك ِممّا َتدْعُو َننَا إَِليْ ِه مُرِي ٍ شّ َوقَالُوا ِإنّا َكفَ ْرنَا ِبمَا أُ ْرسِ ْلتُ ْم بِهِ وَِإنّا َلفِي َ
ضنَا أَوْ َل َتعُودُنّ فِي مِّل ِتنَا فَأَ ْوحَى ِإَليْهِ ْم َرّبهُمْ َلنُهِْلكَنّ الظّاِلمِينَ" .ابراهيم 12:ـ جّنكُ ْم مِنْ أَ ْر ِ فَ ْل َيتَ َوكّلِ ا ْل ُمتَ َوكّلُونََ .وقَالَ اّلذِينَ َكفَرُوا ِلرُسُِلهِمْ َلُنخْرِ َ
13
ل َمكَانٍ ن كُ ّ ت مِ ْ جرّعُهُ وَل َيكَا ُد يُسِيغُهُ َويَ ْأتِيهِ ا ْلمَوْ ُ صدِيدٍ .يَتَ َ ج َهنّمُ َويُسْقَى مِنْ مَاءٍ َ ويمضي في وصف عذاب الكفرة عذابا غليظا" :مِنْ َورَائِهِ َ
ب غَلِيظٌ" ابراهيم17: عذَا ٌ َومَا هُ َو ِبمَيّتٍ َومِنْ وَرَائِ ِه َ
فقال أيضا" :وَجا َءتْهُ ْم رُسُلُه ْم بالبينات" ،وأنا في غنى عن أبين موقف المم من رسلهم ،وكفرهم بما أرسلوا به ،وتهديدهم لهم بإخراجهم من
الرض ،وعن ذكر عذاب الكافرين فيالدنيا بإهلكهم وفي الخرة بما وصفه أفظع الوصف.
فانظر إتيانه بالفعل (جاء) وقارنه بالفعل (أتى) في آية التوبة يتضح الفرق بين استعمال الفعلين.
عمَرُوهَا َأ ْكثَرَ شدّ ِم ْنهُ ْم قُوّةً وََأثَارُوا ا ْلأَرْضَ وَ َ ن مِنْ َقبِْلهِ ْم كَانُوا َأ َ ض َفيَنْظُرُوا َكيْفَ كَانَ عَا ِقبَةُ اّلذِي َ ومن ذلك قوله تعالى" :أَوََل ْم يَسِيرُوا فِي الْأَ ْر ِ
ن كَ ّذبُوا بِآياتِ ن عَا ِقبَةَ اّلذِينَ أَسَاءُوا السّوأَى أَ ْ سهُ ْم يَظِْلمُونَ 9ثُ ّم كَا َ ن كَانُوا َأنْ ُف َ ن اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْت َفمَا كَا َ عمَرُوهَا وَجَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ ِممّا َ
س َتهْ ِزئُونَ" الروم10: اللّهِ َوكَانُوا ِبهَا يَ ْ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
فذكر عاقبة الذين أساؤوا ،وأنها السوأى تأنيث السوأ ،أي :أسوأ الحالت على الطلق ،وذكر تكذيب المم لرسلهم واستهزاءهم بهم ،في
حين لم يصرح في آية التوبة بتكذيب ول استهزاء ،ولم يذكر لهم عاقبة ما.
خذْتُ اّلذِينَ َكفَرُوا ن َقبِْلهِمْ جَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَاتِ َوبِال ّزبُرِ َوبِا ْل ِكتَابِ ا ْل ُمنِيرِ 25ثُمّ أَ َ ك فَ َقدْ َكذّبَ اّلذِينَ مِ ْ ن ُي َكذّبُو َومن ذلك قوله تعالى" :وَإِ ْ
ن َنكِي ِر "26فاطر ف كَا َ َف َكيْ َ
فذكر تكذيب المم السابقة لرسلهم بعد أن جاؤوهم بكل ما يدعو إلى اليمان من البينات والزبر والكتاب المنير ،وذكر أخذَه لهم وعلّق على
ف كان نَكيرِ" ذلك بقولهَ " :ف َكيْ َ
ض َفمَا شدّ قُوّةً وَآثَارا فِي ا ْلأَرْ ِ ن َقبِْلهِ ْم كَانُوا َأ ْكثَ َر ِمنْهُمْ َوأَ َ
ن عَا ِقبَةُ اّلذِينَ مِ ْف كَا َ ض َف َينْظُرُوا َكيْ َ ومن ذلك قوله تعالىَ " :أفََلمْ يَسِيرُوا فِي ا ْلأَرْ ِ
سنَا قَالُواس َتهْ ِزئُونَ .فََلمّا رَأَوْا بَ ْأ َ ق بِهِ ْم مَا كَانُوا بِهِ يَ ْ عنْدَهُ ْم مِنَ ا ْلعِلْمِ َوحَا َ ت فَ ِرحُوا ِبمَا ِ سبُونََ .فَلمّا جَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ ع ْنهُ ْم مَا كَانُوا َيكْ ِ
غنَى َ أَ ْ
س َر ُهنَاِلكَعبَادِهِ وَخَ ِ ت فِي ِ سنّتَ اللّهِ اّلتِي َقدْ خََل ْ سنَا ُ
حدَهُ َوكَ َف ْرنَا ِبمَا ُكنّا بِ ِه مُشْ ِركِينَ .فََل ْم َيكُ َينْ َف ُعهُمْ إِيمَا ُنهُمْ َلمّا رََأوْا بَأْ َ آ َمنّا بِاللّهِ وَ ْ
ا ْلكَافِرُونَ"غافر 82:إلى 85
فقال" :جا َء ْتهُمْ رُسُُلهُ ْم بِال َبيّناتِ" ثم ذكر أن أممهم استهزؤوا برسلهم وبقوا على شركهم حتى رأوا بأس ال ينزل بهم .فلم ينفعهم إيمانهم بعد
فوات الوان.
قارن هذه اليات التي وردت بالفعل (جاء) بالية التي وردت بالفعل (أتى) وهي آية التوبة ،يتبين الفرق بين استعمال الفعلين :جاء وأتى.
وقد تقول :ولكن ورد في القرآن (أتتكم الساعة) و (جاءتهم الساعة) والساعة واحدة فما الفرق؟
وأقول ابتداء أنه ل يصح اقتطاع جزء من الية للستدلل ،بل ينبغي النظرُ في الية كلها وفي السياق أيضا ليصحّ الستدللُ والحكم.
وإليك اليتين اللتين فيهما ذِكرُ الساعة:
حمِلُونَ أَ ْوزَارَ ُه ْم عَلَى طنَا فِيهَا وَهُ ْم يَ ْ حسْ َر َتنَا عَلَى مَا َفرّ ْ حتّى ِإذَا جَا َء ْتهُمُ السّاعَ ُة َب ْغتَةً قَالُوا يَا َ ن َكذّبُوا بِلِقَا ِء اللّهِ َ سرَ اّلذِي َقال تعالىَ " :قدْ خَ ِ
ن "31النعام ظهُورِهِمْ أَل سَا َء مَا يَ ِزرُو َ ُ
ف مَا َتدْعُونَ إَِليْهِ إِنْ شَاءَ ن َف َيكْشِ ُ ن ُك ْنتُمْ صَادِقِينَ 40بَلْ ِإيّا ُه َتدْعُو َ غيْرَ اللّ ِه َتدْعُونَ إِ ْ وقال" :قُلْ َأرََأ ْيتَكُمْ إِنْ َأتَا ُك ْم عَذَابُ اللّهِ أَوْ َأ َت ْتكُمُ السّاعَةُ أَ َ
ش ِركُونَ "41النعام ن مَا تُ ْ َو َتنْسَوْ َ
فقال في الية الولى" :جا َء ْتهُم السّاعَةُ" وقال في الثانيةَ" :أ َت ْتكُم السّاعَةُ"
وبأدنى تأمل يتضح الفرق بين المقامين .فإن الولى في الخرة وفي الذين كذبوا باليوم الخر ،وهم نادمون متحسرون على ما فرطوا في
ق قَالُواس َهذَا بِا ْلحَ ّ الدنيا ،وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم .وتوضحه الية قبلها وهي قوله تعالى " :وَلَ ْو تَرَى ِإذْ ُو ِقفُوا عَلَى َرّبهِمْ قَالَ أََليْ َ
غيْرَ اللّهِن َكذّبُوا" ..النعام ،في حين أن الثانية في الدنيا بدليل قوله" :أَ َ سرَ اّلذِي َب ِبمَا ُكنْتُ ْم َتكْ ُفرُونََ 30قدْ خَ ِ ل َفذُوقُوا ا ْل َعذَا َبَلَى وَ َرّبنَا قَا َ
ن " فذكر أنه يكشف ما يدعون إليه إن ن مَا تُشْ ِركُو َ ف مَا تَدْعُونَ إَِليْهِ إِنْ شَاءَ َو َتنْسَوْ َ ن ُك ْنتُمْ صَا ِدقِينَ" وقوله" :بَلْ ِإيّا ُه َتدْعُونَ َف َيكْشِ ُ َتدْعُونَ إِ ْ
شاء ،وهذا في الدنيا ،وإل فإن ال ل يكشف عن المشركين شيئا في الخرة ول يستجيب لهم البتة.
فالموقف الول أشق وأشد مما في الثانية ،فجاء بالفعل (جاء) دون (أتى) بخلف الية الثانية.
فاتضح أن القرآن إنما يستعمل (جاء) لما هو أصعب وأشق .ويستعمل (أتى) لما هو أخف وأيسر.
ولعل من أسباب ذلك أن الفعل (جاء) أثقل من (أتى) في اللفظ بدليل أنه لم يرد في القرآن فعل مضارع لـ (جاء) ول أمر ول اسم فاعل ول
اسم مفعول ،ولم يرد إل الماضي وحده بخلف (أتى) الذي وردت كل تصريفاته ،فقد ورد منه الماضي والمضارع والمر واسم الفاعل واسم
المفعول .فناسب بين ثقل اللفظ وثقل الموقف في (جاء) ،وخفة اللفظ وخفة الموقف في (أتى) وال أعلم.
ونعود إلى ما نحن فيه من قصة موسى عليه السلم ،فقد قال في سورة النمل" :فلما جاءها" وقال في سورة القصص" :فَلمّا أتاها" ذلك أن ما
قطعه موسى على نفسه في النمل أصعب مما في القصص ،فقد قطع في النمل على نفسه أن يأتيهم بخبر أو شهاب قبس ،في حين ترجى ذلك
في القصص .والقطع أشق وأصعب من الترجي .وأنه قطع في النمل ،أن يأتيهم بشهاب قبي ،أي :بشعلة من النار ساطعة مقبوسة من النار
التي رآها في حين أنه ترجّى في القصص ان ياتيهم بجمرة من النار ،والولى أصعب .ثم إن المهمة التي ستوكل إليه في النمل أصعب
وأشق مما في القصص ،فإنه طلب إليه في القصص أن يبلغ فرعون ومله .وتبليغ القوم أوسع وأصعب من تبليغ المل ،ذلك أن دائرة المل
ضيقة ،وهم المحيطون بفرعون في حين أن دائرة القوم واسعة ،لنهم منتشرون في المدن والقرى ،وأن التعامل مع هذه الدائرة الواسعة من
الناس صعب شاق ،فإنهم مختلفون في المزجة والستجابة والتصرف ،فما في النمل أشق وأصعب ،فجاء بالفعل (جاء) دون (أتى) الذي هو
أخف .ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة طه" :فلما أتاها نُودِيِ يا موسى" ذلك لنه أمره بالذهاب إلى فرعون ولم يذكر معه أحدا آخر:
صدْري 25ويسّر لي أمري "26 ح لي َ "اذهب إلى فرعون إنه طغى 24قال رب اشرَ ْ
فانظر كيف لما أرسله إلى فرعون قال" :أتاها" ،ولما أرسله إلى فرعون وملئه قال (أتاها) أيضا في حين لما أرسله إلى فرعون وقومه قال:
"جاءها" وأنت ترى الفرق بين الموطنين ظاهرا.
ئ الْوَادِ الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ " ولم يذكر الجهة في ي مِنْ شَاطِ ِ ذكر في القصص جهة النداء فقال" :فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ
النمل ،وذلك لن موطن القصص موطن تفصيل ،وموطن النمل موطن إيجاز كما ذكرت.
سبْحَانَ اللّهِ َربّ ا ْلعَاَلمِينَ" ولم يذكر مثل ذلك في القصص ،بل ذكر جهة ن فِي النّارِ َومَنْ حَ ْوَلهَا وَ ُ ن بُو ِركَ مَ ْ قال في النمل " :نُودِيَ أَ ْ
النداء فقط ،وذلك لن الموقف في النمل موقف تعظيم كما أسلفنا وهذا القول تعظيم ل رب العالمين.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
قال في النمل "يا موسَى" وقال في القصص" :أَنْ يا موسَى" فجاء بـ (أن) المفسرة في القصص ،ولم يأت بها في النمل ،وذلك
لكثر من سبب:
منها أن المقام في النمل مقام تعظيم ل سبحانه ،وتكريم لموسى كما ذكرنا فشرفه بالنداء المباشر في حين ليس المقام كذلك في القصص،
فجاء بما يفسر الكلم ،أي :ناديناه بنحو هذا ،أو بما هذا معناه ،فهناك فرق بين قولك( :أشرت إليه أن اذهب) و (قلت له اذهب) فالول
معناه :أشرت إليه بالذهاب ،بأيّ لفظ أو دللة تدل على هذا المعنى .وأما الثاني فقد قلت له هذا القول نصا ،ومثله قوله تعالىَ " :ونَا َديْنَا ُه أَنْ يَا
سنِينَ "105الصافات ص ّدقْتَ الرّؤْيا ِإنّا َكذَِلكَ َنجْزِي ا ْلمُحْ ِ ِإبْرَاهِيمَُ 104قدْ َ
س مِنْ أَهِْلكَ" هود ل يَا نُوحُ ِإنّهُ َليْ َ
أي :بما هذا تفسيره أو بما هذا معناه بخلف قوله" :قَا َ
ومنها أن المقام في سورة القصص مقام تبسّط وتفصيل فجاء بـ (أن) زيادة في التبسط.
ومنها أن ثقل التكليف في النمل يستدعي المباشرة في النداء ،ذلك أن الموقف يختلف بحسب المهمة وقوة التكليف كما هو معلوم.
ب العالَمينَ"قال في النمل" :إنّهُ أَنا الُ العَزيزُ الحَكيمُ" ،وقال في سورة القصصِ" :إنّي أَنا الُ َر ّ
فجاء بضمير الشأن الدال على التعظيم في آية النملِ" :إنّه أنا" ولم يأت به في القصص ،ثم جاء باسميه الكريمين "العَزي ُز الحَكيم" في النمل
زيادة في التعظيم.
ثم انظر إلى اختيار هذين السمين وتناسبهما مع مقام ثقل التكليف ،فإن فرعون حاكم متجبر يرتدي رداء العزّة ،أل ترى كيف أقسم السحرة
ن "44الشعراء .فاختار من بين أسمائه (العزيز) معرفا باللف واللم للدللة على أنه هو ن إنّا َلنَحْنُ الغَالِبو َ بعزته قائلينِ " :بعِزّ ِة فِرعَوْ َ
العزيز ول عزيز سواه ،و(الحكيم) للدللة على أنه ل حاكم ول ذا حكمة سواه ،فهو المتصف بهذين الوصفين على جهة الكمال حصرا .وفي
تعريف هذين السمين باللف واللم من الدللة على الكمال والحصر ما ل يخفى ما لو قال (عزيز حكيم) فإنه قد يشاركه فيهما آخرون.
ل العَزيزُ الحَكيمُ" لم يذكر أن موسى سأل ربه أن يعزّزه ويقويه بأخيه ،ولما لم يقل ذلك ذكر ثم انظر من ناحية أخرى كيف أنه لما قال" :أَنا ا ُ
أنه سأل ربه أن يكون له ردءا ،يصدقه ويقويه وهو أخوه هارون.
ب العالمينَ" وفي ذلك من التعظيم ما ل يخفى وقد تقول :ولكنه قال في القصص "إنّي اَنا الُ ر ّ
ونقول :وقد قال ذلك أيضا في النمل ،فقد قال" :وسبحان ال ربّ العالمين" وزاد عليه" :إنّهُ أنا ال العَزي ُز الحَكيمُ" فاتضح الفرق بين المقامين.
وقد تقول :ولم قال في سورة طه" :إنّي أَنا ربّك فاخل ْع نَعلَ ْيكُ" بذكر ربوبيته له خصوصا ،ولم يقل كما قال في سورتي النمل والقصص "ربّ
العالمين"؟
عُبدْنِي َوَأقِمِ والجواب :أنه في سورة طه كان الخطاب والتوجيه لموسى عليه السلم أول فعلمه وأرشده فقال لهِ " :إنّنِي َأنَا اللّ ُه ل إِلَهَ إِلّا َأنَا فَا ْ
سعَى "15طـه ،فطلب منه العبادة وإقامة الصلة س ِبمَا تَ ْل نَفْ ٍ الصّلةَ ِل ِذكْرِي 14إِنّ السّاعَ َة آ ِتيَةٌ َأكَادُ أُ ْ
خفِيهَا ِلتُجْزَى كُ ّ
ك مَا ك مِنْ آياتِنا ال ُكبْرى "23طه ،ثم ذكر منته عليه مرة أخرى فقال" :وََل َقدْ َم َننّا عََل ْيكَ مَرّ ًة أُخْرَى ِ 37إذْ أَوْ َ
ح ْينَا ِإلَى ُأ ّم َ وقال بعد ذلكِ" :لنُ ِر َي َ
يُوحَى "38طـه
ويمضي في ذكر منته عليه ولم يرد مثل ذلك في النمل ،ول في القصص .فإنه لم يذكر توجيها له أو إرشادا لعبادته في النمل ،ول في
القصص فلم يأمره بعبادة أو صلة أو تكليف خاص بشأنه .ثم إنه في سورة القصص وإن كان قد فصّل في ذكر ولدته ونشأته وما إلى ذلك
شدّهن كادَتْ َلتُبدي به ..فرددناه إلى أمه ..ولمّا بلَغَ أ ُ فقد ذكرها في حالة الغيبة ل في حالة الخطاب" :وأوحينا إلى أمّ موسَى أَنْ أَ ْرضِعيهِ" "إ ْ
..ودَخَل المَدين َة " ..
في حين كان الكلم في سورة طه بصورة الخطاب .فناسب أن يقول له في طه" :أنا ربّك" بخلف ما في النمل والقصص ،وال أعلم.
ق عَصاكَ" ن ألْ ِ ق عَصاكَ" وقال في القصص" :وأ ْ قال في النمل" :وَأَ ْل ِ
فجاء بـ (أن) المفسرة أو المصدرية .ونظيره ما مر في قوله( :يا موسى) و (أن يا موسى)
ق عَصاك" قول مباشر من رب العزة ،وهو دال على التكريم. فقوله" :وأَ ْل ِ
ق عَصاك" فإنه معناه أنه ناداه بما تفسيره هذا أو بما معناه هذا .فأنت إذا قلت( :ناديته أن اذهب) كان المعنى ناديته وأما قوله" :وأنْ أ ْل ِ
بالذهاب .فقد يكون النداء بها اللفظ أو بغيره بخلف قولك( :ناديته اذهب) ،أي :قلت له اذهب.
وهو نحو ما ذكرناه في قوله( :يا موسى) و (أن يا موسى) من أسباب ودواعٍ فل داعي لتكرارها.
خفْ" وقال في القصص" :يا موسَى أ ْقبِلْ وَل تَخَفْ" قال في النمل" :يا موسَى ل تَ َ
بزيادة (أقبل) على ما في النمل ،وذلك له أ:ثر من سبب.
منها :أن مقام اليجاز في النمل يستدعي عدم الطالة بخلف مقام التفصيل في القصص.
ومنها أن شيوع جو الخوف في القصص يدل على إيغال موسى في الهرب ،فدعاه إلى القبال وعدم الخوف.
فوضع كل تعبير في مكانه الذي هو أليق به.
ك مِنَ المِنينَ" قال في النمل" :إنّي ل يَخافُ َلدَيّ المُرْسَلونَ" وقال في القصص" :إ ّن َ
ن المِنينَ" ذلك أن المقام في سورة القصص مقام الخوف ،والخائف يحتاج إلى المن فأمنه قائل" :إ ّنكَ مِ َ
أما في سورة النمل فالمقام مقام التكريم والتشريف ،فقال" :إنّي ل يَخافُ َلدَيّ المُرسَلونَ" فألمح بذلك إلى نه منهم ،وهذا تكريم وتشريف .ثم
انظر كيف قال (َلدَيّ) مشعرا بالقرب ،وهو زيادة في التكريم والتشريف.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ثم انظر من ناحية أخرى كيف أنه لما قال في سورة النملَ" :لدَيّ" المفيدة للقرب ناداه بما يفيد القرب فقال" :يا موسى" ولم يقل" :أنْ يا موسى"
ق عَصاكَ" ولم يقل: كما قال في القصص ،ففصل بين المنادي والمنادَى بما يفيد البعد .وأمره أيضا بما يفيد القرب بل فاصل بينهما فقال" :وأل ِ
ق عَصاكَ" للدللة على قرب المأمور منه .فناداه من قرب وأمرَه من قرب ،وذلك لنه كان منه قريبا ،فانظر علو هذا التعبير ورفعته. "وأنْ أل ِ
ثم انظر من ناحية أخرى كيف قال" :إنّي ل يَخافُ لَديّ المُرسَلونَ" ولم يقل( :إني ل يخاف مني المرسلون) لن المرسلين ل يخافون
بحضرته ،ولكنهم يخشونه ويخافونه كل الخوف ،وقد قال صلى ال عليه وسلم( :أنا أخشاكم ل) فهو أخوف الناس منه ،وأخشاهم له.
قال في النمل" :إلّا منْ ظََلمَ ث ّم بَدّلَ حُسنا بَعدَ سوء فإنّي غَفورٌ رحيمٌ" ولم يقل مثل ذلك في القصص ،لنه ل يحسن أن يقال:
(إنك من المنين إل من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء) ولو قال هذا لم يكن كلما.
ب العَالمينَ" النمل ،فإنها ظلمت ت مَع سُلَيمانَ ل ر ّ ت نَفسي وأسَْلمْ ُ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ناسب ذلك قول ملكة سبأ" :ربّ إني ظَل ْم ُ
نفسها بكفرها وسجودها للشمس منجون ال ،ثم بدلت حسنا بعد سوء ،فأسلمت ل رب العالمين فلءم هذا التعبير موطنه من كل ناحية.
وقد تقول :لقد ورد مثل هذا التعبير في سورة القصص أيضا وهو قوله تعالى" :قَالَ َربّ ِإنّي ظََل ْمتُ َنفْسِي فَاغْفِ ْر لِي َفغَفَرَ لَ ُه ِإنّهُ هُ َو ا ْلغَفُورُ
الرّحِي ُم "16القصص
والحق أن المقامين مختلفان ،فإن القول في سورة القصص هو قول موسى عليه السلم حين قتل المصري ،وموسى لم يكن كافرا بال ،بل
غفِرْ لِي" وقوله حين فر من مصر: ت نَ ْفسِي فَا ْهو مؤمن بال تعالى ،أل ترى إلى قوله منيبا إلى ربه بعدما فعل فعلته" :قَالَ َربّ ِإنّي ظََلمْ ُ
ب نَجّني مِنَ القَوْمِ الظالِمينَ" وقوله" :قال عَسى ربي أن َيهْ ِديَني سَواء السّبيل" "رَ ّ
فإن موسى لم يبدل حسنا بعد سوء ،ذلك انه عليه السلم لم يكن سيئا بخلف ملكة سبأ ،فإنها كانت مشركة ،وقد بدلت حسنا بعد سوء .فما
جاء من قوله" :إلّا من ظَلَ َم ثُ ّم َبدّل حُسنا بَعدَ سوء " ..أكثر ملءمة للموضع الذي ورد فيه من كل ناحية.
ج ْيبِك"
ج ْيبِك" وقال في القصص" :اسْلُك يَ َدكَ في َ ل َيدَكَ في َ قال في النمل" :وَأدخِ ْ
لقد استعمل في سورة القصص أمر الفعل (سلك) الذي يستعمل كثيرا في سلوك السبل فيقال :سلك الطريق والمكان سلكا ،قا تعالى" :وال
سبُل فِجاجا "20نوح ،ذلك لنه تردد سلوك المكنة والسبل في قصة موسى في القصص، ض بِساطا 19لتَسْلُكوا مِنها ُ جعَلَ َلكُم الرْ َ َ
بخلف ما ورد في النمل .فقد ورد فيها ،أي :في سورة القصص سلوك الصندوق بموسى وهو ملقى في اليم إلى قصر فرعون ،وسلوك أخته
وهي تقص أثره .وسلوك موسى الطريق إلى مدين بعد فراره من مصر ،وسلوكه السبيل إلى العبد الصالح في مدي ،وسير موسى بأهله
وسلوكه الطريقَ إلى مصر ،حتى إنه لم يذكر في النمل سيرَه بأهله بعد قضاء الجل بل إنه طوى كل ذكر للسير والسلوك في القصة فقال
ل وسا َر بأهلِهِ ت نارا سآتيكُ ْم مِنها بِخَبر" بخلف ما ورد في القصص ،فإنه قال" :فلمّا قّضى موسى الجَ َ مبتدئا" :إذْ قالَ موسَى لهْلِهِ إنّي آنَسْ ُ
س منْ جانِبِ الطورِ نارا" فحسن ذكر السلوك في القصص دون النمل. آنَ َ
هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى إن الفعل (دخل) ومشتقاته تكرر خمس مرات ( انظر اليات ) 44 ،34 ،19 ،18 ،12في النمل في
حين لم يرد هذا الفعل ول شيء من مشتقاته في القصص ،فناسب ذكره في النمل دون القصص.
ومن ناحية أخرى إن الدخال أخص من السّلك أو السلوك اللذين هما مصدر الفعل سلك ،لن السّلك أو السلوك قد يكون إدخال وغير إدخال،
تقول :سلكت الطريق وسلكت المكان ،أي :سرت فيه ،وتقول :سلكت الخيط في المخيط ،أي :أدخلته فيه .فالدخال أخص وأشق من السلك
ل "69فانظر كيف قال (ذلل) ليدلل على سهولته سبُلَ َرّبكِ ذُلُ ً
والسلوك .فإن السّلك قد يكون سهل ميسورا ،قال تعالى في النحل" :فاسْلُكي ُ
ض "21الزمر .وهل هناك أيسر من سلوك الماء في الرض لرْ ِ ل مِن السّما ِء ماء فَسََلكَ ُه ينابِيعَ في ا َ ويسره ،وقال" :أل ْم تَرَ أنّ ال أنْزَ َ
وغوره فيها؟
فناسب وضع السلوك في موطن السهولة واليسر ،ووضع الدخال في موطن المشقة والتكليف الصعب .لقد ناسب الدخال أن يوضع مع
خبَرٍ" وقوله" :فََلمّا جاءَها" ومهمة التبليغ إلى فرعون وقومه. قوله" :سآتيكُ ْم مِنها بِ َ
وناسب أن يوضع السلوك في مقام الخوف ،وأن يوضع لدخال في مقام المن والثقة.
وناسب أن يوضع الدخال وهو أخص من السلوك مع (الشهاب القبس) الذي هو أخص من الجذوة ،وأن يوضع السلوك وهو أعم من
الدخال مع الجذوة من النار التي هي أعم من الشهاب القبس .فكل لفظة وضعت في مكانها الملئم لها تماما
حكَ مِن الرّهْب" ولم يذكر مثل ذلك في النمل .و(الرهب) هو الخوف ،وهو مناسب لجو ضمُم إَل ْيكَ جَنا َ
قال في القصص" :وا ْ
الخوف الذي تردد في القصة ،ومناسب لجو التفصيل فيها بخلف ما في النمل.
قال في النمل" :في تِسْعِ آياتٍ" وقال في القصص" :فَذا ِنكَ بُرهانانِ"
فقد أعطاه في النمل تسع آيات إلى فرعون ،وذكر في القصص برهانين ،وذلك لما كان المقام في النمل مقامَ ثقة وقوة وسّع المهمة ،فجعلهما
إلى فرعون وقومه ،ووسّع اليات فجعلها تسعا ،ولما كان المقام مقام خوف في القصص ،ضيّق المهمة وقلل من ذكر اليات .وكل تعبير
وضع في مكانه المناسب.
ثم إن استعمال كلمة (اليات) في النمل مناسب لما تردد من ذكر لليات والية في السورة فقد تردد ذكرُهما فيها عشر مرات ،في حين تردد
في القصص ست مرات .فناسب وضع (اليات) في النملووضع البرهان في القصص الذي تردد فيها مرتين ،في حين ورد في النمل مرة
واحدة ،فناسب كل تعبير مكانه.
قال في النمل" :إلَى فِرْعَوْنَ وَق ْومِهِ" وقال في القصص" :إلى ِفرْعَوْنَ ومَلئِهِ"
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
فوسع دائرة التبليغ في النمل كما ذكرنا ،وذلك مناسب لجو التكريم في القصة ،ومناسب لثقة موسى بنفسه التي أوضحتها القصة .ولما وسّع
دائرة التبليغ وسّع اليات التي أعطيها ،بخلف ما ورد في القصص
سحْ ٌر مُبينٌ"
صرَة ً قالوا هذا ِ
قال في النمل" :فَلمّا جا َء ْتهُم آياتُنا ُمبْ ِ
ومعنى ذلك أن موسى قبل المهمة ونفذها من دون ذكر لتردد أو مراجعة ،وهو المناسب لمقام القوة والثقة والتكريم ،في حين قال في
ف أن يَقتُلونِ" ،فذكر مراجعته لربه وخوفه على نفسه من القتل ،وهو المناسب لجو الخوف في القصص" :قال ربّ إني قتلت منهم نفسا فأخا ُ
السورة ولجو التبسط والتفصيل في الكلم .وكل تعبير مناسب لموطنه الذي ورد فيه كما هو ظاهر .وال أعلم
د.حسام النعيمى:
القصة في القرآن الكريم نجدها أحيانا مكرّرة ترد هنا وترد هنا وترد هنا .والقصة ليست للتسلية يقينا وإنما هي للتربية والعِظة وأحيانا
للجابة عن تساؤلت :أحيانا أسئلة توجّه للرسول وأحيانا سؤال في النفس ال سبحانه وتعالى يعلمه في نفوس الناس فيجيب عنه .قصة
موسى من القَصص التي تتكرر بكثرة والسِ ّر في ذلك هو أن حياة موسى والحداث التي مرت بحياته متعددة ومتفرقة وطويلة تصلح أن
تكون دروسا كثيرة للمجتمع المسلم سواء كان في زمن الرسول أو في الزمان المقبلة إلى قيام الساعة .القرآن الكريم يأخذ لقطة من
القصة أحيانا :لحظ مثلً قصة إبراهيم أيضا تكررت لكن ليس بهذه الكثرة ،قصة لوط موجزة جدا ومختصرة ،قصة إبراهيم فيها طول
وأطول القصص قصة موسى .
فلما نأتي إلى اللقطات من قصة موسى نجدها في كل موقع لها تخصصها ولها أهميتها .نحن الن أمام لقطتين التي في السؤال :اللقطة
الولى في سورة النمل واللقطة الثانية في سورة القصص .لما ننظر إلى ما في سورة النمل نجد أنها مختصرة مقتضبة وكلتا السورتين من
السور المكيّة والسور المكية كلها ركزت على العقيدة وعلى التربية وما يمر به المسلمون .لكن الملحظ أن سورة النمل لما نقرأها نجد فيها
تركيزا على جانب اليقين ونجد فيها ذكرا للقوة (ملك سليمان ،سليمان كان ملكا قويا) نجد فيها القوة واليقين والثبات والستقرار لما ننظر في
اليات ،والمسلمون بحاجة إلى أمل يقوّي قلوبهم في مكة ويقوي قلوبهم حيثما مروا بالظروف التي م ّر بها المسلمون في مكة على مدى
التاريخ وإلى المستقبل .إذا م ّر بهم ج ّو يشبه جو مكة فهذه اليات تطمئنهم ،يحسون فيها بنوع من الثبات ونوع من اليقين ونوعىالقوة.
فالحداث التي روتها قصة موسى هنا نجد فيها نوعا من اليقين والثبات والقوة.
سورة القصص فيها تفصيل من ولدة موسى تبدأ لكن الشيء المهيمن على السورة هو حال الخوف وحال الضعف المذكور في اليات
بحيث أن القارئ يحس بجز من الخوف وجو من الضعف .نعم بعد ذلك ينتهي إلى شيء من النصر لما ذكر جبروت فرعون الذي كان يقتل
الولد ويستحي البنات ،هذا جبروت وطغيان وظلم كبير يقابله رعب وخوف من هؤلء الناس الذين يعرّض أبناءهم للقتل .قارون هذا
الطاغية بماله يقابله نوع من خوف الناس الفقراء منه ومن طغيانه لكن إنتهى فرعون وانتهى قارون .الجو يبقى جو خوف وهذا الجو له أثر
على اللقطة التي سنتكلم عليها (ل تخف) (أقبِل ول تخف).
نُذكّر بشي سبق أن قلناه وهو أن هذه القصص في القرآن الكريم هي ليست ترجمة للوقائع لن موسى لم يكن يتكلم العربية وإنما هو كلم
ال سبحانه وتعالى نقلٌ للواقعة بما يناسب لغة العرب ويكون حيّا مع جو السورة ،فلما يكون جو السورة جو قوة تكون اللفاظ التي تأتي
قوية ،لما يكون الجو ضعف تكون اللفاظ ضعيفة ،اللفاظ مناسبة مع أن الحكاية هي الحكاية .القصة المأخوذة أن موسى كان يسير مع
أهله في وقت مظلم ،بارد ورأى نارا فاتجه إلى أهله فقال أنا ذاهب إلى هذه النار لعله أستطيع أن آتي بنبأ يدلنا على الطريق لن عادة الناس
في الصحراء والمناطق المفتوحة التي يعرّض النسان فيها للضلل والتيه يوقدون نارا أو أحيانا الكِرام يوقدون نارا يدعون الضياف .ذهب
موسى إلى هذا المكان لم يجد نارا حقيقية وإنما كان هناك هذا الضوء الذي رآه لنهم لم يألفوا ضوءا إل من نار ،هم ما عندهم مصابيح
في الصحراء إل النار هي تضيء .فلما رأى الضوء قال هي النار فبقي السرد كله على أنها نار كما تخيّلها .فلما وصل إليها وكانت نارا
لكن ليست بنار ،غير محرقة ،ل تُحرِق وبُلّغ بالرسالة وخوطب ثم نزل .العبارات التي قالها قالها بلغته آنذاك .القرآن يأتي ويصوغها بلغة
العرب بما يناسب الجو .الن تصورنا أن هناك جوّين حو لسورة النمل وجو لسورة القصص .هذه اللقطة سنجد أنها بألفاظها تناسب هذا
الجو في سورة النمل وهذه اللقطة بألفاظها تناسب جو سورة القصص ونذكر دائما أن محمدا كان أمّيا لم يكن هو يعرف هذه المور فهذا
كلم ال عز وجل ونعجب ممن يقرأ القرآن ول يدخل اليمان إلى قلبه (لسان الذين يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين).
ل بد أن ننظر في السياق وسنقف عند (فلما جاءها) و (فلما أتاها) المجيء والتيان معناه أنه وصل للمكان ،لمِ استعمل هنا كلمة جاء وهنا
كلمة أتى؟ هذه لمسة بيانية .الية في القرآن تُفهم لوحدها لكن إذا أردنا دقائق أسرارها حتى نتبين سموّها فينبغي أن ننظر في عموم السياق
وفي الجو العام .كيف سكت العربي ولم يحاول أن يحاكي القرآن وينتهي السلم؟ ل تكرار في القرآن وحينما نتأمل في القرآن الكريم نجد
أن كل كلمة في موضعها .إذا قال في النمل (فلما أتاها) وفي القصص (فلما جاءها) هو المعنى واحد ولكن يكون هناك خلل .ل تتناسب
جاءها مع جو الخوف الذي هنا تتناسب مع جو القوة ،أتاها هي التي تتناسب مع جو الضعف.
في سورة النمل:
ن ( ))2هنا بشرى والبشارة ترفع من معنويات السامع أن هناك بشرى ب ُمبِينٍ (ُ )1هدًى َوبُشْرَى لِ ْلمُ ْؤ ِمنِي َ البداية (طس تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ
ن ( ))3عندنا بشرى ويقين وكلهما يؤدي إلى الثبات وليس إلى الخوف .اليقين (اّلذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَا َة َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ وَ ُه ْم بِالَْآخِرَ ِة ُه ْم يُوقِنُو َ
ن ( .))4هؤلء المؤمنون بكلمتين وهؤلء عمَاَلهُ ْم َفهُ ْم َيعْ َمهُو َ
خرَةِ َزّينّا َلهُمْ أَ ْ
نقيض الخوف ،المتّيقن من شيء ل يخاف (إِنّ اّلذِينَ لَا يُ ْؤ ِمنُونَ بِا ْلآَ ِ
ن ( )5وَِإّنكَ َلتُلَقّى الْ ُقرْآَ َ
ن مِنْ َلدُنْ سرُو َ
الذين ل يؤمنون بالخرة بكلمتين (أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَابِ) قطع فيهم (وَ ُهمْ فِي ا ْلآَخِرَ ِة ُهمُ ا ْلأَخْ َ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ن ())7 س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ شهَابٍ َقبَ ٍ خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ س ُل مُوسَى ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ حكِيمٍ عَلِيمٍ ( ))6الحكمة والعلم فيهما قوةِ( .إذْ قَا َ َ
ب َقبَسٍ شهَا ٍ خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِت نَارًا سََآتِيكُ ْم ِم ْنهَا ِب َ ل مُوسَى لِأَهْلِ ِه ِإنّي َآنَسْ ُ علِي ٍم (ِ )6إذْ قَا َ حكِيمٍ َ ن مِنْ َلدُنْ َ مباشرة دخل بعد قوله (وَِإّنكَ َلتَُلقّى ا ْلقُرْآَ َ
حكِيمُب ا ْلعَاَلمِينَ ( )8يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِي ُز الْ َ ن اللّهِ رَ ّ سبْحَا َن فِي النّارِ َومَنْ حَوَْلهَا َو ُ ك مَ ْ ن بُو ِر َ ن ( )7فََلمّا جَاءَهَا نُودِيَ أَ ْ صطَلُو َ َلعَّلكُ ْم تَ ْ
ن ( ))10هناك رسالة وتبليغ خفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ ا ْلمُ ْرسَلُو َ ب يَا مُوسَى لَا تَ َ ك فََلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى مُ ْدبِرًا وََل ْم ُيعَقّ ْ ق عَصَا َ ( )9وَأَلْ ِ
خفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ ب يَا مُوسَى لَا تَ َ ك فََلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى مُ ْدبِرًا وََل ْم ُيعَقّ ْ ق عَصَا َ رسالة والرسالة تقتضي أن تؤخذ بقوة (وَأَلْ ِ
غيْ ِر سُو ٍء فِي تِسْ ِع َآيَاتٍ ج َبيْضَا َء مِنْ َ ج ْي ِبكَ َتخْرُ ْك فِي َ ل يَ َد َ سنًا َبعْدَ سُو ٍء َفِإنّي غَفُورٌ رَحِي ٌم ( )11وََأدْخِ ْ حْ ن ( )10إِلّا مَنْ ظََلمَ ُثمّ َبدّلَ ُ ا ْلمُرْسَلُو َ
سقِينَ ( .))12في القصص يقول (واضمم جناحك) الخوف هنا (فََلمّا جَا َء ْتهُمْ َآيَا ُتنَا ُمبْصِرَ ًة قَالُوا َهذَا ِإلَى فِرْعَوْنَ َوقَ ْومِهِ ِإّنهُ ْم كَانُوا قَ ْومًا فَا ِ
ن عِ ْلمًا َوقَالَا ن ( )14وَلَ َقدْ َآ َتيْنَا دَاوُودَ وَسَُل ْيمَا َ سدِي َ ن عَا ِقبَةُ ا ْلمُ ْف ِف كَا َ س ُهمْ ظُ ْلمًا وَعُُلوّا فَانْظُ ْر َكيْ َ س َتيْ َق َن ْتهَا َأنْفُ ُ
حدُوا ِبهَا وَا ْ سِحْ ٌر ُمبِينٌ (َ )13وجَ َ
عبَادِهِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ ( ))15إنتقل إلى موضوع آخر. ح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي فَضَّلنَا عَلَى كَثِي ٍر مِنْ ِ الْ َ
بالمقابل سورة القصص:
ن ( ))3إبتداء قصة موسى وفرعون نرويها لك عوْنَ بِالْحَقّ ِلقَ ْومٍ يُ ْؤ ِمنُو َ ن َنبَإِ مُوسَى َوفِرْ َ ب ا ْلمُبِينِ (َ )2نتْلُوا عََل ْيكَ مِ ْ (طسم ( )1تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْل ِكتَا ِ
ن ( ))4موطن سدِي َ حيِي نِسَاءَ ُهمْ ِإنّهُ كَانَ مِنَ ا ْل ُمفْ ِ ستَ ْ ضعِفُ طَائِفَ ًة ِم ْنهُمْ ُي َذبّحُ َأ ْبنَاءَهُمْ َويَ ْ ستَ ْ شيَعًا يَ ْ جعَلَ أَهَْلهَا ِ ن عَلَا فِي ا ْلأَرْضِ َو َ ن فِرْعَوْ َ(إِ ّ
ضعِي ِه فَِإذَا
ح ْينَا إِلَى أُ ّم مُوسَى أَنْ أَرْ ِ جعََلهُ ُم الْوَا ِرثِينَ (( .))5وََأوْ َ جعََل ُهمْ َأ ِئمّةً َونَ ْ
ض ِعفُوا فِي ا ْلأَرْضِ َونَ ْ ستُ ْ ناْ ن َنمُنّ عَلَى اّلذِي َ ضعف ( َونُرِيدُ أَ ْ
ص َبحَ ن ( ))7ننظر جو الخوف (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْ َزنِي) (فََأ ْ خِ ْفتِ عََليْهِ َفأَلْقِي ِه فِي ا ْليَمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْ َزنِي ِإنّا رَادّوهُ إَِل ْيكِ وَجَاعِلُو ُه مِنَ ا ْلمُرْسَلِي َ
ل لِأَهْلِهِ ب الطّو ِر نَارًا قَا َ س مِنْ جَانِ ِ ت مِنَ ا ْلقَوْمِ الظّاِلمِينَ) (فََلمّا َقضَى مُوسَى الَْأجَلَ َوسَا َر بِأَ ْهلِهِ َآنَ َ خفْ نَجَوْ َ فِي ا ْل َمدِينَةِ خَائِفًا يَتَ َرقّبُ) (قَالَ لَا تَ َ
ن ( ))29سورة القصص فيها تفاصيل منذ الولدة ،منذ ولدته أمه جذْوَ ٍة مِنَ النّا ِر َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ خبَرٍ أَوْ َ ستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ
لما يكون فيها تفصيل يكون فيها شرح ،لما يأتي إلى الموقف الواحد يفصّل فيه .بينما في النمل كلم موجز فلما يأتي إلى الموقف نفسه يوجز
لنه المراد هنا غير المراد هنا .المراد هنا تفصيلت القصة وكل جزئية لما نقف عندها نجد فيها عبرة وعظة .هذه الثقة من الم بإلقاء ولدها
في البحر ،فيها الرعاية من ال سبحانه وتعالى رعاية العبد المؤمن كيف يرعاه وهو رضيع يردّه إلى أمه .نوع من التطمين للمجتمع المسلم،
جلَ) لنه ذكر الجل عشر سنوات أو لهؤلء المسلمين الضعاف في مكة لن هاتان السورتان مكيّتان .بينما هنا يأتي (فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ
ثمان سنوات (أيما الجلين قضيت).
س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا) تفصيل من أين رأى النار وآنسته يعني أحس فيها بالُنس جلَ وَسَا َر بِأَهْلِهِ َآنَ َ هنا قال (فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ
والطمئنان .هو كان مع أهله ،وأهله على فرض أنه وُلِد له فأكبر أولده عمره تسع سنوات هذا إذا قضى العشر سنوات وإذا ُرزِق بولد في
ليله عرسه سيكون عمر الولد تسع سنوات .طفل صغير مع زوجته .ولما يقول الهل في لغة القرآن الكريم في الغالب تعني الزوجة والذرية
إذا معه ذرية وإذا ل تكون الزوجة.
ن ( ))7ما ذكر المكان الذي س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ شهَابٍ َقبَ ٍ خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ س ُ ل مُوسَى ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ بينما في الية الولى (ِإذْ قَا َ
ت نَارًا) في التفصيل يزيد س ُ آنس فيه لن الموضع هنا ليس موضع تفصيل بينما في القصص موضع تفصيل( .قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ
ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) شهَا ٍ خبَرٍ َأوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ
جذْوَ ٍة مِنَ النّارِ َلعَّل ُكمْ َتصْطَلُونَ) ،هناك (سََآتِيكُ ْم ِمنْهَا بِ َ خبَرٍ أَوْ َ ويفصّل الكلم (َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ
لحظ الثقة هنا لنه في سورة النمل معنى القوة (سآتيكم ) هو ممكن أنه قال لهم هذه نار ذاهب إليها إما أن آتي بخبر يدلنا على الطريق أو
آتيكم بجزء من النار لكن القرآن اختار العبارات المناسبة لجو السورة.
(لعلّي) متردد يعني قد ،إحتمال لن جو السورة جو خوف .الحالة النفسية لموسى هي حالة إنسان في هذه البرية ،في ظلمة ورأى نارا
فأراد أن يستنجد بها .السورة لما تأتي تتحدث في موطن قوة تعبر عن جوانب القوة ،هو ل شك كان عنده قوة في نفسه وشيء من الخوف
فالحالتان موجودتان .هذه القوة التي في نفسه أنه معتمد على ال سبحانه وتعالى لنه كان مؤمنا من قوم مؤمنين ولم يكن كافرا لكن لم يكن
قد نُبّيء لم يكن قد نزلت عليه الرسالة بعد فهو يثق بال سبحانه وتعالى لكن معه امرأة ،معه طفل وهو في البرية ضلّ الطريق فهو عنده
شيء من التردد بين القوة والعزيمة وبين الخوف بدليل هذا التنويع إما أن أجد أحدا يرشدني وإما أن أجيئكم بنار .هذا نوع من التخيير قد
أجد هذا وقد أجد هذا .فنحن ل نستطيع أن نجزم بالحالة النفسية لموسى كيف كانت لكن من خلل النصوص يظهر أنه كان عنده شيء من
العزم وعنده في الوقت نفسه شيء من الخوف والتردد .السورة التي تتحدث عن القوة أخذت جانب القوة والسورة التي يسيطر عليها جانب
الخوف أخذت الجانب الثاني فهذه تعرض الحقيقة وهذه تعرض الحقيقة كل واحدة من وجهة نظرها ومن الزاوية التي تنظر منها .هذه نظرت
من زاوية ما عنده من إيمان وثقة وهذه نظرت ما هي حاله الن من حال إنسان معه امرأة يخشى عليها وقلق بشأنها وفي بعض الروايات
في التوراة أنه كانت على وشك الولدة تحتاج إلى تدفئة وإن كنا نحن ل نعتمد إل ما ورد عندنا في أصولنا ومسانيدنا في القرآن أو في
سنّة .إذن هناك جانبان عرضت كل سورة جانبا. ال ُ
ن ( )7النمل) هذا جانب اليقين الذي عنده بينما في ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ شهَا ٍ خبَرٍ أَ ْو َآتِيكُمْ بِ ِسَآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ ت نَارًا َ ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي َآنَسْ ُ (ِإ ْذ قَا َ
سورة القصص قال (لعلي آتيكم) إحتمال قد أجد وقد ل أجد.
ربما يدفع بعض المشككين أن هناك بعض التناقض في القرآن:
نحن بيّنا الحقيقة أنه قال أنا ذاهب إلى النار إما أن أجد إنسانا يرشدنا الطريق وإما آتيكم بجزء من النار .لو كنا نعرف لغة موسى كنا قلنا
ما قاله .هذه الحكاية بلغته لما نقلها القرآن الكريم نقلها في هذا الموضع الذي يهمين عليه سياق القوة بالجزم والتصميم لن فيه كلمة اليقين
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
سخّر له الجن والطير ،السورة فيها جو ملك ،جو قوة فتعرض اللفاظ بصورة وكلمة البشارة وفيه هذا اليجاز وفي السورة ملك سليمان ُ
القوة .السورة التي فيها جو الخوف المهيمن عليها تعرض هذا الجانب.
إستخدم الفعل (آنست) في السورتين لنه هو كان خائفا من الطريق فلما رأى النار استأنس بها .تخيّل نفسك في ظلمة الصحراء ل تدري أين
تتجه وقفت في مكان ضللت فيه وإذا بك تنظر والنار أمامك قطعا تأنس بها لن النار ل تكون لوحدها ول بد أن هناك من أوقدها( .اني
آنست نارا) رأيت نارا فآنستني هذه النار .آنس هذا الشيء أي أدخل هذا الشيء في نفسه هذا الطمئنان في الظلمة .آنست أي رأيت وأدخل
في نفسي النس من الُنس .فيها معنى الطمئنان.
(أو آتيكم بشهاب قبس) لحظ السياق :الخبر ممن يتوقع أن يكون عن النار (خبر من أين نمشي؟ من أين نمر؟) (أو أجد على النار هدى) كما
جاء في سورة طه أي طريق (إهدني الطريق) والجو في سورة طه مختلف .هنا قال (شهاب قبس) وهناك قال (جذوة) أي الجمرة الصغيرة
يتناسب مع حاله .أما هنا مع حال القوة (بشهاب قبس) كتلة كبيرة من النار قبس أي مأخوذ من النار( .لعلكم تصطلون) أي تتدفأون .صِليَ
ل يكون دافئا وأحيانال مقبو ً
يصلي بمعنى تدفّأ أو اقترب من جو النار أو من دفء النار .هذه بحسب السياق أحيانا يكون الصطلء معقو ً
يكون الصلي أو الصطلء في داخل النار فيكون يشوي والعياذ بال ،فالسياق هو الذي يبيّن.
(لعلكم تصطلون) أي تتدفأون ،تقتربون من دفء النار.
(فلما جاءها) :هناك قال (فلما أتاها) .الفرق بين جاء وأتى هم يقولون أن أتى للسهولة والسلسة لذا يقال للماء المتدفق أتيّ .والمجيء يكون
فيه شيء من الصعوبة هذا ما يقوله علماء اللغة لكن لو نظرنا في هذا الموطن جاء وأتى يلتقيان في حرفين (الهمزة واللف) ويختلفان في
حرف واحد (الجيم والتاء) .نجد أن الجيم والتاء كلهما شديد إنفجاري حسب المصطلح الحديث يولد بانطباق يعقبه إنفصال مفاجئ فهما
متساويان .المصريون حولوا الجيم إلى كاف مجهورة إل عند الفصحاء .الجيم هو حرف بسيط يولد بإنطباق وسط اللسان على سقف الفم
وانفصاله مفاجأة من غير طول زمن كما تولد الباء والدال .نحن الن نلفظ الجاء نلفظها مركّبة وهي تنازع وتموت كما ماتت الضاد .جا
ميتة مثل الـچا الفارق أن الـچا رجع بها إلى الخلف واهتزّ الوتران .أما الجا فهي شيء اهتز بها الوتران فما عادت جيما .الجيم الحقيقية
هي التي نسمعها الن في السودان .الصوت المجهور هو من أصعب الصوات على أبناء اللغة ونحن نهجره الن لذلك تحول عندنا إلى
صوت شمسي (الجمل ،الجنة ،الجمهورية ،الجريدة) ل نظهر اللم وينبغي أن تظهر اللم .لو أنصت جيدا لما يقرأه المقرئون أمثال الشيخ
حليل الحصري وعبد الباسط نجد هذا الصوت حين يقرأون (من الجِنة والناس) وفي سورة الحج (ول جدال في الحج).
الجيم والتاء كلهما إنفجاري ،الجيم يزيد على التاء بهذه النصاعة في إهتزاز الوترين .الجيم صوت شديد إنفجاري والتاء مهموس ل يهتز به
الوتران .والجيم مجهور يعني يهتز معه الوتران الصوتيان .واهتزاز الوترين يضفي نوعا من النصاعة على الحرف .يقول الخليل :ولول
بحّة في الحاء لصارت عينا لن العين أنصع .العين والحاء من مخرج واحد ،الحاء مهموس والعين مجهور .لحظ عندما نقول (ب) في
نطق الباء وال ( (Pالنجليزي هو الصوت المناظر لصوت الباء لكن الباء مجهورة وال Pمهموس كذلك التاء والدال ،التاء مهموس .إذن
الجيم أنصع وأقوى ،هو هذا الحرف المختلف إستعمل للمكان القوي قال (فلما جاءها) لن السياق والنسق في سورة النمل قوة ونصاعة
ووضوح وظهور .بينما في سورة القصص خوف فاختار الحرف الخافت للمكان الخافت والقوي للمكان القوي .كان يمكن أن يقول لما وصل
أو أدرك المكان لكن اختيرت كلمتين كل منهما لها موقعها تؤدي المعنى لكن تعطي صورة جديدة .وقد استخدم القرآن كلمة ورد في مكان
آخر لن فيه ماء (ولما ورد ماء مدين) بحسب المكان وحسب السياق يختار الكلمات .الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ كتبت في
هذا وتبيّن أن كل كلمة في مكانها وفي كتب الدكتور فاضل السامرائي في هذا الطار ونحن نستقي من نبعه.
هنا (فلما جاءها نودي) هنا بالبناء للمجهول .حدث نداء (نودي أن بورك من في النار ومن حولها) استعمل القرآن اللفظة التي تخيلها موسى
فلما دخل صار في وسط نور وهو ما يزال يراه نارا لنه ل يعرف هذا النور وما عنده شيء في الرض يضيء إل النار فهو في داخل
الضوء ،في داخل النور الذي صنعته الملئكة فقوله تعالى (أن بورك من في النار ومن حولها) يشير إلى البركة التي أنزلها ال سبحانه
وتعالى على موسى وعلى الملئكة المحيطين به.
(وسبحان ال رب العالمين) تعليم له أن يقدّس ال سبحانه وتعالى وهو في هذا الموقف.
(يا موسى إنه أنا ال العزيز الحكيم) العزة والحكم( .إنه) أي إن المر أو الشأن لنه أمر وتكليف وبرسالة.
(فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها) :موسى دخل في هذا الموضع بيق يسير إلى أن وصل إلى أن وجد نفسه داخل هذا
الشيء الذي سماه نارا فخاطبه ال سبحانه وتعالى بالبركة والمباركة ومن حوله الملئكة الذين أوجدوا هذه النار ،هذا الضوء الذي ل يُحرِق.
هكذا خاطب ال عز وجل موسى ذكر لنا في هذه السورة بينما في السورة الثانية ذكر المكان الذي حدّثه منه .هذه مسألة تخص العتقاد:
نحن نعتقد أن ال سبحانه وتعالى كلّم موسى ونعتقد أن موسى سمع كلم ال عز وجل لكن بأي أُذن سمع موسى ؟ وما ماهية هذا
الصوت؟ ما هذا الجهاز الذي استقبل؟ أهو هذا الجهاز العتيادي؟ كيف كلّمه ال سبحانه وتعالى هذا نحن نقول كما قال عز وجل (ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير) .الصوات شيء وصفات ال عز وجل خاصة به جلّت قدرته ل يماثلها شيء فل نستطيع أن نتخيل ما هذا
الذي سمعه موسى وكيف سمعه؟ السمع بسمع أو بجهاز يليق باستقبال كلم ال عز وجل؟ كيف تكلم ال سبحانه وتعالى؟ ل نستطيع أن
ندركه لن كلم ال عز وجل صفة من صفاته وصفات ال تعالى ليس كمثله شيء ليس في ذاته ول صفاته فكل ما حولنا شيء وكلم ال
سبحانه وتعالى ل يدخل ضمن عنوان شيء .ما دام ل يدخل تحت هذا ل نستطيع أن ندركه لكن نؤمن أن موسى تلقى كلم ال عز وجل
سمعه وأدركه أما كيف؟ هذا الكيف هو الذي قلنا من أوائل ما يؤمن به المسلم (يؤمن بالغيب) صفات ال عز وجل وأسماؤه داخلة ضمن
الغيب خارج نطاق قدراتنا العقلية لذلك نؤمن أن ال عز وجل كلّم موسى ،نؤمن أنه كلّمه وأنه سمع وبهذا القدر لن البحث في الماهية
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
والكيفية ل يوصلنا إلى نتيجة .ليس لنا أن نسأل عن صفات ال لنها خارج إطار عقولنا حتى في الغيب.نحن أمامنا أشياء كثيرة نتعامل معها
من غير ما نسأل عن ماهيتها :مثلً كيف تظهر الكلمات على شاشة الكمبيوتر بعد أن نطبع على اللوحة ثم تظهر على شاشة التلفاز؟ ل نسأل
عنها .فخلق ال سبحانه وتعالى وصفاته ندركها بآثارها ل نسأل عنها لكن هي مدركة وليست خارج الدراك .نحن ندرك عظمته عز وجل
وعلمه )الذي يحوك في صدورنا ال تعالى يعلمه) لكن كيف؟ ل فائدة من الخوض فيه .الماهية والكيفية مع صفات ال عز وجل ل نصل
فيها إلى نتيجة.
(أنا العزيز الحكيم) بينما هناك قال (رب العالمين) لنها ليست موطن هزة وحكمة.
(وألق عصاك) :هذا أمر .الذي يمشي في الصحراء يكون معه عصاه .بينما هناك فيها تفصيل (وأن ألق عصاك) أي خوطب أن ألقِ
عصاك( .أن) فيها إبعاد يضيف إلى معنى أنه هناك تفسير وإيضاح وبيان وتوسعة والعبارات تمشي بشكل سلس.
ذكرنا بعض المور التي تتعلق بقصة موسى وبغيرها من القصص ومن أهم ما ذكرناه أن القرآن الكريم حينما يروي لنا هذه الوقائع هو
ل يترجمها ترجمة وإنما الحادثة أو الواقعة تكون قد وقعت والقرآن يعبّر عنها بلغة العرب وبما ينسجم مع سياق السورة التي ترد فيها تلك
الجزئية من الحكاية .ولذلك قلنا أحيانا تأتي الكلمات فيها نوع من القوة والشدة وأحيانا يكون فيها نوع من اللين بحسب ما هو موجود .وفي
كل الحوال العبارات تبيّن ما قيل فعلً يعني هذا الكلم الذي قيل ليس حرفيا لكن كما قيل .نضرب لذلك مثلً لزيادة اليضاح :حينما يأتي
ل I am at my officeأي أنا في مكتبي .هذا الكلم مرتبط بشيء آخر ول يأتي بدون سابق إنذار أو سابق شخص ويقول بالنجليزية مث ً
معرفة .يأتيك شخص ويقول :ماذا قال علي؟ مرّ بك علي؟ ماذا كان شأن علي؟ وعلي هو الشخص الذي قال الجملة (أنا في مكتبي)
ي إلى مكتبي فتستطيع أنت أن تقول له :قال علي أنا في مكتبي ،ويمكن أن تقول :هو في مكتبه فتؤدي الغرض ،وممكن أن تقول :جاءني عل ّ
ل وذكر أنه سينتظر في مكتبه .الكلم كله صحيح لكنك أنت تقول هذا الكلم لواقع معيّن وسلّم وطلبت منه أن يجلس ولكنه كان مستعج ً
لظرف معيّن وتقول هذا لظرف وأحيانا توجز وأحيانا تفصّل .كذلك قصص القرآن :الوقائع هي وقعت يعني موسى خدم عند شعيب مدة
جعِل رسولً، معينة وتزوج ابنته ،خرج مع إبنته في طريقه إلى مكان ولدته ،إلى مصر وفي الطريق وقع له هذا الحادث الذي هوُ :نبّيء و ُ
رأى هذا النور الذي حسبه نارا ،توجه إليه ،كلّمه ال عز وجل ،لكن التفاصيل والختصارات بحسب السورة التي ترد فيها هذه الجزئية.
لذلك ينبغي أن نفهم أن هذه السورة تهيمن عليها الحوال الفلنية وهذه السورة تهيمن عليها الحوال الفلنية فلما يعرض جزء من القصة هذا
الجزء مرتبط بسياق القصة لذلك قلنا في سورة النمل قال (فلما جاءها) وفي القصص قال (فلما أتاها) الفرق بينهما الجيم والتاء وكان يستطيع
أن يقول بدل جاءها أو أتاها وصل إليها لكن إختيار حتى يكون نوع من التناظر ونوع من التباين أن يقال هنا (جاءها) وهنا يقال (أتاها) لن
هناك فرق بين جاء وأتى ،هذا الفرق الجزئي وإلّ المعنى العام هو وصول النسان إلى مكان .فإذن هذا ينبغي أن يكون في أذهان قارئ
القرآن عندما يقرأ ويجد أن القصة تتكرر هي غالبا تعرض مشهدا هنا وتعرض مشهدا هناك ،لكن أحيانا يعرض المشهد نفسه بعبارات
موجزة وبعبارات مفصلة .التفصيل لن السورة تفصيلية واليجاز لن السورة فيها نوع من اليجاز وكذلك اختيار العبارة.
ل مُوسَى سورة النمل ذكرنا أن فيها نوعا من اليجاز وفيها مظهر من مظاهر القوة ،وسورة القصص فيها تفصيل .في سورة النمل (ِإذْ قَا َ
س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) يقابله في القصص التي بدأت من ولدة موسى بكل شهَابٍ َقبَ ٍ خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ
ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ
س ُِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ
جذْوَةٍ
خبَرٍ أَوْ َستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ
ب الطّو ِر نَارًا قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ س مِنْ جَانِ ِ التفاصيل (فََلمّا َقضَى مُوسَى ا ْلأَجَلَ َوسَا َر ِبأَهْلِهِ َآنَ َ
ت نَارًا) بينما في القصص (فََلمّا َقضَى مُوسَى ا ْلأَجَلَ َوسَارَ ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي َآنَسْ ُ مِنَ النّارِ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) أما في النمل فقال مباشرة (ِإ ْذ قَا َ
ت نَارًا) إشارة إلى فرش القصص .سورة القصص مفروشة والنمل موجزة. س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا قَالَ ِلأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَسْ ُ بِأَ ْهلِهِ َآنَ َ
س بالنُس لنه كان في وحشة في (وسار بأهله) هناك ما عندنا وسار بأهله( .آنس من جانب الطور) غير موجودة في النمل .هو آنس أي أح ّ
هذه الظلمة (من جانب الطور) عيّن المكان لن فيه تفصيل ،السورة تفصيلية (قال لهله امكثوا إني آنست نارا) بينما هنا لن فيها تفصيل
قال (امكثوا إني آنست نارا) هو قطعا قال لهله ل تتحركوا .في النمل قال (سآتيكم) بكل ثقة أخذ جانب الطمئنان .هو في نفسه جانبان:
جانب الثقة بال والطمئنان لنه كان على دين آبائه من الرسل لكنه لم تُبعث له الرسالة بعد وعنده وحشة الطريق فهو بين هذه وهذه .في
سورة النمل تناولت جانب الطمئنان لن السورة بكليّتها سورة قوة لن فيها ملك سليمان وهذا الملك الذي ما كان ينبغي لحد من بعده (رب
ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) شهاب أي نار .لعلكم شهَا ٍخبَرٍ َأوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ هب لي ملكا ل ينبغي لحد من بعدي) ففيها قوة لذلك قال (سََآتِيكُ ْم ِمنْهَا بِ َ
تصطلون أي لعلكم تتدفأون بها .في القصص ما قال سآتيكم وإنما قال :لعلّي آتيكم منها بخبر( .لعلّي) تتناسب مع جو التردد وجو الخوف
الموجود في سورة القصص القائمة على الخوف من بدايتها وذكرنا هذا في الحلقة الماضية (فإذا خفت عليه ،تعذيب فرعون لبني
إسرائيل.يقتل البناء ويستحي النساء ).فيها نوع من الخوف والتردد فأخذ جانب التردد (لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار) .يقينا الذي
قاله موسى ل هذا ول هذا والقرآن يذكر الذي يتناسب مع جو السورة .هو قال لهم هذه نار قد أجد من يخبرني شيئا عن طريقنا أو آتيكم
بشيء من النار .لكن استعمال شهاب قبس ،جذوة ،هذه من أسلوب القرآن مثل استعمال (نبأ ،خبر ،هدى) هذا ليس لفظ موسى ول يمكن
أن يكون لن النبياء لم يكونوا يتكلمون العربية من آدم بعكس ما يقال أن آدم تكلم العربية ول ندري بم تكل آدم لنه ما عندنا نص
صحيح يذكر لنا أن آدم تكلم العربية وهذا الكلم ل ينبغي أن يُقبل أن آدم قال شعرا بالعربية لن أوائل الشعر العربي الذي وصل إلينا من
قبل امرؤ القيس بقليل قبل ذلك جاء الشعر بطريقة فيها نوع من التكسير ويُرى هذا في شعر عبيد بن البرص .المهم أنه ليس هناك سند لهذا
ي تكلّم بلغة قومه (وما أرسلنا من رسول إل بلسان قومه ليبين لهم) أي بألسنتهم .هذه الصياغة هي صياغة القرآن الكريم هكذا الكلم .كل نب ّ
صاغ العبارة حتى يتفهمها العربي ويعيش في أجوائها .موسى لم يقل إني آنست نارا وإنما قال هذا المعنى أن هذه النار تُدخل الطمأنينة
على قلبي سوف أذهب إليها بهذا المعنى وليس بهذه اللفاظ .لكن اللفاظ هي ألفاظ القرآن الكريم ولذا يتصرف بها بحسب سياق السورة.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
أحيانا يقول كما في سورة طه مثلً (أو أجد على النار هدى) بحسب سياق السورة لن الكلمات تأتي نابتة في مكانها في تلك السورة ومعبّرة
عن المعنى نفسه والمعنى العام واحد.
إذن هنا قال (سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) الثقة المتناسبة مع جو سورة النمل( .تصطلون) يعني تتدفأون من
صليَ يصلى بمعنى تدفّأ واقترب من مكان الدفء .فإذا صلي في النار فهذا ليس تدفّأ وإنما إحتراقا (سيصلى نارا) لكن القتراب من دفئها
(تصطلون) تتدفأون.
في القصص (أو جذوة من النار) هذا الخائف المتردد ل يقول سآتي بشهاب وإنما جذوة ،نويرة ،شيء من النار.
(فلما جاءها) في النمل جاء النار وهي لم تكن نارا (نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان ال رب العالمين) هو دخل في إطار،
في جو هذا الذي ظنّه نارا هو كان نورا وهو حسبه نارا على ما قيل من عبارته أنه رأى نارا فجاء إلى هذه النار ودخل في وسطها
وخوطب أن بورك من في هذه النار ومن حولها (موسى في داخلها والملئكة يحفّون به) هذا نوع من التكريم ونوع من الترحيب ،هم
أوقدوا هذه النار التي ليست ناراً (أن بورك من في النار ومن حولها) ودُعي إلى أن يسبح ال تعالى وأن ينزهه في هذا الموضع موضع
تنزيه ل سبحانه وتعالى كما قال (أن اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) مناسب للسورة التي هي فيها.
ي مِنْ شَاطِئِ ا ْلوَادِ
(وسبحان ال رب العالمين) كلمة رب العالمين تكررت في القصص الذي خاطب موسى رب العالمين (فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ
ب ا ْلعَاَلمِينَ (( ))30رب العالمين) تكررت في القصص .هذا التكرار كأن ن يَا مُوسَى ِإنّي َأنَا اللّهُ رَ ّ
الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ أَ ْ
فيه نوعا من التأديب لبني إسرائيل أن ل يقولوا :ال ربنا وحدنا ونحن شعب ال المختار كما يقولون نحن شعب ال المختار وبقية الخلق عبيد
لنا .أما قوله تعالى (وإني فضلتكم على العالمين) هذا في زمن إتباعكم لموسى هذا ينبغي أن يُفهم هكذا أن أتباع كل نبيّ هم أفضل الخلق
في زمانهم لن الذي يفاضل بين الناس هو اليمان فما داموا مؤمنين بنبيّ ذلك الزمان فهم أكرم الناس عند ال تعالى وليس عند البشر فقط
(إن أكرمكم عند ال أتقاكم) فهم أكرم عند ال عندما كانوا أتباع النبي ولم يكن قد جاء النبي التالي .عندما يجيء النبي التالي الذي يتلو النبي
الول على أتباع النبي الول أن يتّبعوه وعند ذلك يكونون مفضلين على العالمين والذين عصوه يكونون في الدرك السفل من النار .هذا
التفضيل مستمر مع هذا النبي إلى أن يأتي النبي الذي يليه فإذا جاء النبي الذي يليه عليهم أن يتّبعوه لنه لماذ أرسله ال عز وجل؟ حتى ل
يبقوا على النبي الول لنه صار هناك تحويلت وتحويرات وتغييرات فيرسل ال تعالى النبي التالي ليصحح ،ألم يقل عيسى :جئت لهداية
الخِراف الضالة من بني إسرائيل؟ لنهم صلوا وحرّفوا وغيّروا فجاء بالنجيل .عيسى جاء حتى يتبعه بنو إسرائيل فلم يتبعوه فهم في أسوأ
حال والذين اتبعوا عيسى هم في أفضل حال عند ذلك .لما جاء محمد فعلى الجميع أن يتبعوا دينه عند ذلك.بنو إسرائيل ليسوا مفضلين
على العالمين أبد الدهر وإنما في زمن نبيّهم .فلما قالوا هذا الكلم ال سبحانه وتعالى يبيّن لهم وتذكير لهم أن الذي خاطب موسى والذي
جعله رسولً خاطبه بربوبية العالمين أنه رب العالمين وليس رب بني إسرائيل فقط حتى يدركوا ذلك .وكرر الكلم في النمل وفي القصص
حتى يكون المر يقينا أن ال سبحانه وتعالى خاطب موسى بهذا المعنى أنه هو رب للبشر جميعا ،رب العالمين جميعا النس والجنّ.
* موسى لم يكن كُل ِّف بالرسالة بعد لكن في سورة النمل والقصص ومن اللفاظ الوحدة (رب
العالمين) فما مناسبتها وهو لم يُكلّف بعد ولم يقل بنو إسرائيل بعد نحن شعب الله
المختار؟(د.حسام النعيمى)
هو يقينا سينقل لتباعه هذا الكلم أن ال سبحانه وتعالى نبّأني بهذا النبأ وخاطبني بربوبيته للعالمين أن ال رب العالمين ول يعقل أن موسى
سيقول لقومه ال ربكم وحدكم وإنما هو ال رب العالمين .ل بد أن يقول موسى هذا الكلم فهذا تثبيت وتاريخ بهذا الكلم أنه قبل نبوّته
أُشعِر بأن ال سبحانه وتعالى هو رب العالمين وبعد نبوته أيضا وهو يُبلّغ قومه ذلك لكن قومه معاندون وظلوا على عنادهم إلى يومنا هذا.
(فلما جاءها) و (فلما أتاها) تكلمنا عليها في المرة الماضية وبيّنا الفرق بين الجيم والتاء.
البناء للمجهول في (نودي) هو نوع من التعظيم والتفخيم ل سبحانه وتعالى الذي نادى (أن بورك من في النار) ال تعالى كلّم موسى وقلنا
نحن متيقنون مطمئنون نؤمن بذلك يقينا أن ال سبحانه وتعالى كلّم موسى تكليما لكن الهيئة أو الكيفية كيف كان الكلم وما ماهية هذا الكلم؟
هذا نؤمن به كما ورد في كتاب ال عز وجل .الكلم صفة من صفات ال عز وجل وصفات ال سبحانه وتعالى ل تدخل تحت عنوان شيء
(ليس كمثله شيء) ل في ذاته ول في صفاته ول في أفعاله سبحانه وتعالى.
الفعل نادى يستتبع حرف جرّ نادى على فلن أو نادى كذا؟ ناداه مباشرة ،ناداه بكذا ،تقول :ناديت زيدا وفي آية أخرى ناداه ربه الفاعل
معلوم وهنا بُني للمجهول بحسب مكانها هنا ،لما قال ناده ربه فيه نوع من التطمين بحسب سياق اليات ولكن هنا في المكانين (نودي) فيه
نوع من التفخيم والتعظيم لذات ال سبحانه وتعالى .البناء للمجهول له أغراض منها تعظيم وتفخيم الفاعل الذي ل نريد أن نذكره وقد يكون
ض ( )10الجن) تنزيه ل سبحانه وتعالى هن نسبة الشر إليه بينما شرّ أُرِيدَ ِبمَنْ فِي الَْأرْ ِ
للتحقيق بحسب السياق وأحيانا للتنزيه (وََأنّا لَا َندْرِي أَ َ
شدًا) .البناء للمجهول للمفعول أي إخفاء الفاعل له أغراض كثيرة في لغة العرب منها مع الرشد ذكروا إسم ال تعالى (أَمْ أَرَادَ ِبهِمْ َرّبهُمْ َر َ
التنزيه منها التفخيم والتعظيم .فهنا من تعظيم ال تعالى وتفخيمه.
(أن بورك من في النار) أنزل ال عز وجل البركة على موسى (مَنْ) وعلى الملئكة (ومن حولها).
* موسى عليه السلم إعتقد أنها نار وهي ليست نارا ً ولكن الله تعالى قال (بورك من في النار)
فكيف نفسر هذا؟(د.حسام النعيمى)
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
على فهم موسى لها هو فهمها نارا ولم يفهمها نورا ما زال يعتقدها نارا وهو في عجب من أمره لنه لم يكن يعرف شيئا غير النار .هي
ليست نارا لنها لم تحرقه وليس هناك وقود .مع إبراهيم كان هناك وقود وخشب أما هذه فهي أرض منبسطة على الجبل ليس هناك
خشب ،هو ينظر ،ل يوجد شيء يحترق ولم يجد أحدا وال سبحانه وتعالى أزال وحشته بهذا الخطاب المباشر وثبّت قلبه باليات لما قال
(ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الجانّ هو الفعى الصغيرة في أول فقسها من بيضتها وليس الجنّ .الجان من أسماء الفعى الصغيرة
وهذه تكون سريعة الحركة .وعصاه كانت غليظة فهي أفعى غليظة (ثعبان مبين) لكن حركتها فيها نوع من السرعة كسرعة الفعى
الصغيرة .فاضطرب وهرب ولم يعقّب ولم ينظر وراءه .شيء طبيعي أن يخاف لن المشهد مخيف :هو في ظلمة الليل وإذا به يرى شيئا
يظنه نارا ،جاء إليه وإذا الرض ليس فيها حريق أو حطب أو شيء من نار لكن الشيء الذي أمامه هو مظهر من مظاهر النار ،هو دخل
في داخله وكلّمه ال سبحانه وتعالى فصار يُخاطب.
سؤال :هل سمعت زوجة موسى مخاطبة ال عز وجل له؟
هذا خاص بموسى ثم إن المكان بعيد وال تعالى عندما يخاطب رسوله ل يسمعه الخرون ،الخطاب يكون للرسول على وجه التعيين ثم
قلنا هذا الخطاب ل نستطيع أن نقول هو صوت من أصوات الناس .كيف نودي؟ ال أعلم .هذا أمر خاصٌ بال سبحانه وتعالى .ناداه ال عز
وجل بكلمه الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى ،ميف هو؟ الخوض فيه ل يؤدي إلى نتيجة ،نؤمن به (يؤمنون بالغيب) كلم ال عز
وجل غيب .تكلّم ال تعالى وخاطب موسى وسمع موسى لكن كيف تكلّم وكيف سمع موسى هذا ل يستطيع أحد أن يصل فيه إلى نتيجة لذلك
نقول هذا غيب نؤمن به كما ورد في كتاب ربنا سبحانه وتعالى لكن أن نقول ما تكلم ال عز وجلّ ،تكلّمت شجرة ،تكلمت حجرة هذا ل
يجوز وإنما تكلم ال سبحانه وتعالى وسمع موسى ووعى ما يقال له ولذلك نفّذ لما قال (ألق عصاك) ألقاها.
قال (إنه أنا العزيز الحكيم) وهناك قال (أني أنا ال رب العالمين) يمكن قيل له أنني أنا ال رب العالمين العزيز الحكيم القادر المتصرّف،
يمكن قال له كل هذا الكلم لكن هنا إختار هذا الكلم وهنا إختار هذا الكلم لن العزة والحكمة تتناسب مع القوة التي هي في سورة النمل.
ورب العالمين عامة ُذكِرت هناك أيضا فخصّص النمل بكلمة العزيز الحكيم لما فيها من قوة.
ن المر ،إن هذا الذي ن الشأن ،إ ّ(إنه أنا ال رب العالمين) لما يعرّف بمن هذا الذي يكلمه إستعمل ضمير الشأن (إنه) للتفخيم والتعظيم ،إ ّ
يخاطبك يسمى ضمير الشأن أو ضمير القصة يعني أن الشأن والقصة والموضوع الذي أنت معرّض له (أنا ال العزيز الحكيم) بالعزة
ي مِنْ شَاطِئِ ا ْلوَادِ
والحكمة .في القصص لن فيها تفصيل شرح لنا النداء من أي جهة كان أما في النمل لم يشرح .في القصص قال (نُودِ َ
الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ) من جهة الشجرة (أن يا موسى) تفصيل .هناك أن التفسيرية أو التفصيلية .
في النمل قال (وألق عصاك) واختصر أما في القصص فقال (وأن ألق عصاك) تفسير لن فيها تفاصيل جاءت كلمة أن التفسيرية كأنها
تفسير .ننظر في هذه الفاء في (فلمّا) يسميها علماء اللغة الفاء الفصيحة يعني التي تفصح عن كلم محذوف وهي تتكرر في لغة العرب
وتتكرر في القرآن الكريم لنه في غير القرآن كان المفروض أن يقال (فألق عصاك فألقاها موسى فصارت أفعى فلما رآها تهتز) .العربي
سنّة العربي إختصر واستعمل الفاء مفصحة عن محذوف (وألق عصاك فلما رآها تهتز) مفهوم لما قيل له ألق يختصر أحيانا فالقرآن على ُ
عصاك ألقاها مباشرة إشارة إلى الستجابة كما قال في موضع آخر (وأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق) إضرب بعصاك
هذا أمر فانفلق ،ما قال فضرب البحر .هذه الفاء الفصيحة مكررة في اليتين إشارة إلى أنه إستجاب فورا :ألق عصاك ،فألقاها .ومثلها
(إضرب بعصاك الحجر فانفجرت) الفاء الفصيحة حيثما وجدت الفاء تعبّر عن كلم محذوف فهي الفصيحة وليس لها تأثير في الفعل وإنما
هي عاطفة تعطف جملة على جملة.
(فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الفعى رآها على الرض لم يُخيّل له وإنما هي رؤية حقيقية .تخيّل ذلك الجو المخيف في البداية ثم رأى النور
فيه نوع من التطمين وكُلّم ولكن مع ذلك طبيعة البشر هؤلء الرسل هم بشر كما قال " :إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد" فهم بشر
فالطبيعة البشرية هو بيده عصى كان يتوكأ عليها ،ألقاها ،وبمجرد أن ألقاها فإذا بأفعى عظيمة تتحرك حركة سريعة جدا كأنها الفعى
الصغيرة فمن حقه أن (ولّى مدبرا ولم يعقّب) ل يحتاج أن يلتفت وراءه لنه كان خائفا.
سؤال:في الفرق بين سآتيكم ولعلّي آتيكم ننتقل إلى الوضع الذي كان فيه موسى فما هو المانع أن يقول لزوجه إني آنست نارا سأذهب لقتبس
من النار شهاب قبس أو جذوة وطبيعي أن تعارضه زوجته قالت كيف تتركني في هذا المكان الموحش فيقول لها امكثوا في البداية يقول
لعلّي ويكون مترددا ثم يأتيه الرجاء فيقول سآتيكم( .لعلي) فيها رجاء لشيء مقبل عليه غير متأكد منه ولما تيقن أنه سيذهب قال سآتيكم .ربما
يصل إلى النار فيجدها مشتعلة فيأتيهم بشهاب قبس وربما يجدها جذوة فيقول بجذوة فهو يقول أشياء وما قاله موسى يكمل بعضه بعضا.
التوجيه الذي ذكره الدكتور ل مانع من أن يتصوره النسان هكذا .القول الذي قاله شيء ممكن جدا ويمكن القول الذي أوردناه لنه ما عندنا
دليل قاطع على ما قاله وليس عندنا دليل قاطع لما أوردناه ولكن هذا يستشف من سياق اليات .هل تكلم موسى مرتين؟ ما عندنا شيء ينفيه
فالذي تفضّل به ممكن أن يكون مما فتح ال عز وجل به عليه لكن ل نقطع بشيء لكن نقول هذا الذي بدا لنا من خلل النظر في آيات ال
سبحانه وتعالى.
آية (:)16
َ َ
منط ٍِقَ الط ّيْرِ س عُل ِّ ْ
من ٍَا َ ل ي ٍَا أيُّهٍَا النَّا ٍُ
ن دَاوُود َ وَقَا َ سلَي ْ َ
ما ُ ث ٍُ *فٍي سٍورة النمٍل قال تعالى (وَوَرٍِ َ
ُ
ن ( ))16فكيٍف فهٍم سٍليمان كلم النمٍل مٍع أنٍه مبِي ٍُ ْ
ضل ال ُُ ن هَذ َا لَهُوَ الْفَ ْ
ي ٍء إ ٍِ َّ من ك ُ ِّ
ل َ
ش ْ وَأوتِين ٍَا ٍِ
عُل ِّم منطق الطير فقط؟(د.فاضل السامرائى)
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
التعبير ل يفيد الحصر ،كونك تقول أعرف العربية ل يعني أنك ل تعرف غيرها .إذن هي ل تفيد الحصر ،عُلّم منطق الطير لكن ل ينفي أنه
يعلم أمورا أخرى .هو قال علمنا منطق الطير لن كلمه كان مع الهدهد وهذا ليس معناه الحصر ،ليس فيها شيء ول تفيد الحصر لم يقل ما
علمنا إل منطق الطير أو منطق الطير عُلّمنا فهذه تفيد الحصر.
آية (:)18
َ َ
ن سلَي ْ َ
ما ُ م ُمنَّك ُ ْ م َل ي َ ْ
حط ِ َ ساكِنَك ُ ْ خلُوا َ
م َ ة ي َا أيُّه َا الن َّ ْ
م ُ
ل اد ْ ُ مل َ ٌ ل قَال َ ْ
ت نَ ْ حت َّى إِذ َا أتَوْا عَلَى وَادِي الن َّ ْ
م ِ *( َ
ن ( )18النمل) ما العجاز البلغي في الية؟ (د.فاضل السامرائى) شعُُرو َ َ
م ل يَ ْ جنُودُهُ وَهُ ْ وَ ُ
هم يقولون هذه النملة يذكرون عدة أمور فيها ،يقولون أحسّت بوجود سليمان وبادرت بالخبار ونادت (يا أيها النمل) ونبّهت (أيها) وأمرت
(ادخلوا) ونهت (ل يحطمنكم) وأكّدت (نون التوكيد) ونصحت وبالغت (يحطمنّكم) كلكم ل يترك واحدة منكم ،وبيّنت (من الذي سيحطمهم)
وأنذرت وأعذرت سليمان (وهم ل يشعرون) ونفت .هنالك ما هو أهم من هذا في التركيب والتأليف وليس المهم هذا الجمع لكن تأليف
العبارة ،كل عبارة نقولها يمكن أن نذكر جملة أمور من هذا النوع لكن كيف تركبت هذه العبارة؟ قالت (يا أيها النمل) ولم تقل يا نمل ،كلها
نداء لكن (أيها) فيها تنبيه ،المنادى في الحقيقة النمل وليس (أي) نعربها منادى ولكن توصل ،حتى إذا كانت واحدة مشغولة تسمع فيما بعد،
لو قالت يا نمل وواحدة لم تسمع يفوتها النداء ،هذا تنبيه وهذا الفرق بين يا نمل ويا أيها النمل .قالت (ادخلوا) هذا الخطاب بضمير العقلء
ولم تقل ادخلي أو ادخلن فخاطبتهم بالعقلء العاقل يعي النصيحة ثم قال (مساكنكم) يعني كل واحدة تدخل إلى مسكنها وكل واحدة تستقر فيه
ونفهم أن لكل نملة مسكن ،والضافة إلى ضمير العاقل (كم) في مساكنكم .ثم ذكر سليمان بإسمه العلم ولم تذكر الصفة ل تتحمل المسألة أولً
النمل يعرفه وإن لم يذكره لن هذا يحكم الجميع وهو غير مجهول وحتى يبادروا فورا بالدخول .وقال وجنوده لم تقل ولجنود ،سليمان هذا
جنُودُهُ مِنَ ا ْلجِنّ
الحاكم له جنود كثيرين من الطير وغيرهم لو قالت الجند لكانت تعني العساكر فقط أما جنوده فكثيرين ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ
ن ( )17النمل) ،ثم قالت وهم ل يشعرون نفت شعورهم ولم نفي العلم ما قال فهم ل يعلمون .يعني جنود تشمل طيْ ِر َفهُ ْم يُوزَعُو َ
وَالْإِنسِ وَال ّ
طيْرِ
جنُودُهُ مِنَ ا ْلجِنّ وَا ْلإِنسِ وَال ّالنس والطير( ،جنوده) إضافة لسليمان تعظيما له وجنود سليمان كثيرة ومتعددة ومتنوعة ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ
َفهُ ْم يُوزَعُونَ) الطير من جنود سليمان أيضا.
سؤال :هل كانت النملة تكلمهم بلسان الحال؟
سيدنا سليمان عُلم منطق الطير فتبسم ضاحكا من قولها ،سمع الكلم وأدركه وهي تخاطبهم.
(ل يحطمنكم) ل يحطمنكم نهي تنهي النمل عن التواجد في مثل هذا المكان حتى ل يُحطم .أصحاب العجاز العلمي يقفون عند (يحطمنكم)
يقولون أن النمل مصنوع من مواد سيليكونية قابلة للتحطيم.
فى إجابة سابقة للدكتور فاضل السامرائى:
جنُودُهُ وَهُمْ لَا
سَل ْيمَانُ وَ ُ
ط َمنّكُمْ ُ
حِل ادْخُلُوا مَسَا ِك َنكُمْ لَا يَ ْ
ت َنمْلَةٌ يَا َأّيهَا النّمْ ُ
ل قَاَل ْحتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْ ِ
قال تعالى في سورة النمل ( َ
ن { )}18فالنملة حذّرت ونادت ونصحت قومها وأنذرت وعممت وأكدّت وقصّرت وبالغت وغيره وكل هذا ليس مهما فكل كلم يقال شعُرُو َ
يَ ْ
فيه أوجه بلغية لكن المهم كيف عبّر عن ذلك .فالنملة بدأت مخاطبة قومها مخاطبة العقلء وجاءت بلفظ مساكنكم ولم تقل بيوتكم أو
جحوركم لنهم في حالة حركة والحركة عكسها السكون فاختارت لفظ المساكن من السكون حتى يسكنوا فيها ولم تقل المساكن والجحور
وإنما قالت مساكنكم أي أن لكل نملة مسكنها الخاص الذي تعلم مكان،ه ولم تقل ادخلن وإنما قالت ادخلوا ،ثم أكدّت بالنداء بقولها (يا أيها
النمل ادخلوا مساكنكم) حرف النداء الدال على البعد حتى يسمعوا نداءها ،وقالت سليمان وجنوده ولم تقل جنود سليمان حتى ترفع العذر عن
سليمان أيضا فلو قالت جنود سليمان لكان سليمان غير عالم إذا كان قاصدا أو غير قاصد وجاءت بلفظ سليمان بدون أي لقب له كالنبي
سليمان للدللة على أنه مشهور بدون أن يوصف ،ثم حثتهم على السراع في التنفيذ قبل أن تنالهم المصيبة ،ونسبت الفعل لسليمان (ل
يحطمنكم) وفعل يحطمنكم مقصود في الية لنه ثبت علميا أن جسم النمل يتركب معظمه من كمية كبيرة من السليكون الذي يدخل في
ل على التكسير والتهشيم والشدة .إذن ليس المهم جمع أوجه بلغية في التعبير لكن صناعة الزجاج والتحطيم هو أنسب الوصاف للفعل الدا ّ
المهم كيف التعبير عن هذه الوجه وهذا ما يتفرّد به القرآن الكريم.
َ َ
ن سلَي ْ َ
ما ُ م ُمنَّك ُ ْ م َل ي َ ْ
حط ِ َ ساكِنَك ُ ْ خلُوا َ
م َ ة ي َا أيُّه َا الن َّ ْ
م ُ
ل اد ْ ُ مل َ ٌ ل قَال َ ْ
ت نَ ْ حت َّى إِذ َا أتَوْا عَلَى وَادِي الن َّ ْ
م ِ *( َ
ن ( )18النمل) لماذا لم يقل لكيل يحطمنكم؟ (د.فاضل السامرائى) م َل ي َ ْ
شعُُرو َ جنُودُهُ وَهُ ْ وَ ُ
ن ( )27العراف) أي ل شيْطَا ُل يَ ْف ِتنَ ّنكُمُ ال ّ
يجب أن نعرف ما هي (ل) في الية .يعتقد أن (ل) هذه نافية لكنها هي ناهية .مثل (يَا َبنِي آدَ َم َ
حيَا ُة ال ّد ْنيَا وَلَا َيغُ ّرّنكُم بِاللّهِ ا ْل َغرُو ُر ( )33لقمان) هذه ل الناهية وفي الية (لَا تفتتنوا بالشيطان( .لكي) تدخل على (ل النافية)( .فَلَا َتغُ ّرّنكُمُ ا ْل َ
جنُودُهُ) ل هنا ناهية وليست نافية. سَليْمَانُ َو ُ طمَ ّنكُمْ ُ
حِيَ ْ
سؤال :ما الفرق بين التحطيم والتهشيم؟
التحطيم كسر الشيء اليابس تحديدا واختلفوا في التهشيم .التهشيم يقولون في كل شيء وليس في اليابس وحده حتى الرطب يمكن أن يهشّم.
ت َنمْلَ ٌة يَا َأّيهَا ال ّنمْلُ
حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْلِ قَالَ ْ هشم أي كسر قسم جعله في اليابس وقسم في اللغة قالوا هو عام .لكن السؤال هو ( َ
ن ( ))18في سورة النمل هم يقولون أن النمل وقسم من الحشرات فيها مادة شعُرُو َ جنُودُهُ وَهُمْ لَا يَ ْ
ط َمنّكُ ْم سَُل ْيمَانُ وَ ُ
حِادْخُلُوا مَسَا ِك َنكُمْ لَا يَ ْ
السليكون ما يُصنع منه الزجاج وهو قابل للتحطيم فيقول تحطيم إذن التحطيم أخص والتهشيم أعم.
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
*ما دللة (ل) في آية سورة النمل (ل يحطمنكم سليمان وجنوده)؟ (د.فاضل السامرائى)
ل هنا من باب النهي وليس النفي مثل قوله تعالى (ل تغرنّكم الحياة الدنيا) على رأي أكثر المفسرين بمعنى ل تتعرضوا لن يحطمكم سليمان
وجنوده .وهذ على خلف ما جاء في قوله تعالى (ل تخاف دركا ول تخشى) حيث أن (ل) هنا للنفي .حتى في آية سورة النمل يمكن أن
تكون (ل) للنفي أيضا وال أعلم.
آية (:)19
سم ضاحكا ً من قولها)؟ (د.فاضل السامرائى)
*ما إعراب كلمة ضاحكاًفي قوله تعالى (تب ّ
(فتبسّم ضاحكا) :حال مؤكدة (إسم فاعل).
*ما الفرق بين الحال المؤكّدة والحال المؤسسة؟ (د.فاضل السامرائى)
الحال المؤكدة :هي التي يستفاد معناها من غيرها ومما قبلها وهي مؤكدة لصاحبها أو لمعنى الجملة كقوله تعالى (فتبسّم ضاحكا من قولها)
والتبسّم هو الضحك .وكأن نقول مثلً :قدر مستطيعا.
الحال المؤسسة :هي التي ل يستفاد معناها من غيرها.
آية (:)22
* ما الفرق بين النبأ والخبر؟ (د.فاضل السامرائى)
سبٍَإ ِب َنبٍَإ يَقِينٍ ( )22النمل) وفي القرآن النبأ أهم من الخبر ج ْئ ُتكَ مِنْ َ
النبأ كما يقول أهل اللغة أهم من الخبر وأعظم منه وفيه فائدة مهمة (وَ ِ
ل هُ َو َنبٌَأ عَظِي ٌم ( )67ص) (عَنِ ال ّنبَإِ ا ْلعَظِي ِم ( )2النبأ) .والنبأ في اللغة هو الظهور وقد استعمل القرآن الكريم كلمة خبر مفردة في موطنين (قُ ْ
ن ( )29القصص) (إِ ْذ قَالَ مُوسَى ن النّا ِر َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ
جذْوَ ٍة مِ َ
خبَرٍ أَوْ َستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ في قصة موسى (قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ
ن ( )7النمل) وهناك فرق بين الخبر والنبأ العظيم .وفي أخبار س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ شهَابٍ َقبَ ٍ خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ
س ُ
ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ
عذَابٌ أَلِي ٌم ( )5التغابن) .
ن َقبْلُ َفذَاقُوا َوبَالَ َأمْرِهِمْ َوَلهُ ْم َالماضين والرسل استعمل القرآن نبأ (أَلَ ْم يَ ْأ ِتكُ ْم َنبَأُ اّلذِينَ كَ َفرُوا مِ ْ
آية (:)29
ي إِل َ َّ ُ
ب كَرِي ٌ
م ( )29النمل) ما دللة كلمة (إني)؟ (د.فاضل السامرائى) ي كِتَا ٌ *(إِنِّي ألْقِ َ
هي المعنية هي صاحبة الشأن فـ (إن) تفيد التوكيد وهي صاحبة القرار .ثم هي ملكة ألقي إليها رسالة ولم يأت به رسول كريم والرسالة
ب كَرِيمٌ) على غير المتوقع كيف
عادة يجب أن يأتي بها وفد يأتي رسول إلى ملك يحمل الكتاب فهذه حالة غريبة قالت (ِإنّي أُلْ ِقيَ إَِليّ ِكتَا ٌ
ألقي هكذا إلقاء وهي ملكة؟! لم يأت من يحمل الكتاب لها.
آية (:)32
* لماذا جاء الفعٍٍل المضارع على هذه الصٍٍيغة بعٍٍد حتٍٍى فٍٍى قوله تعالى (قَال ٍَت ي ٍَا أَيُّه ا ال ْمَلُ
َ ٍَ ْ
ن ( )32النمل)؟ (د.فاضل السامرائى) حتَّى ت َ ْ أَفْتونِي في أ َمري ما كُنت قَاطع ً َ
شهَدُو ِ مًرا َ
ةأ ْ ِ َ ْ ُ َ ْ ِ ِ ُ
شهَدُونِ ( )32النمل) هذا منصوب بحذف النون والنون
حتّى تَ ْ
طعَةً َأمْرًا َ
ت قَا ِ
ت يَا َأّيهَا ا ْلمَلَأُ َأ ْفتُونِي فِي َأ ْمرِي مَا ُكنْ ُ
في قصة سبأ الية (قَالَ ْ
الموجودة في الفعل (تشهدون) هي نون الوقاية والصل تشهدونني فهذا نصب وليس جزما والفعل منصوب بحذف النون والياء المحذوفة هي
مفعول به والنون للوقاية.
آية (:)35
جع ٍُ
م يَْر ِ ة إِلَيْهِ ٍ ْ
م بِهَدِيَّةٍ فَنَاظَِرةٌ ب ِ ٍ َ سل َ ٌ
مْر ِ ٍ
*لماذا اسٍٍتعمل صٍٍيغة الجمٍٍع فٍٍي قوله تعالى (وَإِن ّ ٍِي ُ
ن ( )35النمل)؟(د.حسام النعيمى) سلُو َ ال ْ ُ
مْر َ
المرسلون هنا ليس المراد بهم النبي وإنما الذين أرسلتهم بلقيس يحملون الهدايا .بلقيس قالت (وإني مرسلة إليهم بهدية) فكلمة مرسلون تشير
إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها بحيث أنه كان مع الهدية مجموعة من الرسل الذين نقلوها إلى سليمان يعني فيها إشارة هذا الجمع هنا
هي لم ترسل إنسانا واحدا بالهدية وإنما أرسلت مجموعة فيها إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها وملك يهدي إلى ملك ل بد أن تكون الهدية
مناسبة .الهدية جنس منكّر ،ترى ما هذه الهدية التي أرسلتها؟ ل شك أنها هدية تتألف من أمور كثيرة وعظيمة أولً تشير إلى منزلتها لن
الهدية منزلتها من منزلة المُهدي (كما قيل لحدهم لِمَ تعطي هذا العجوز التي قدمت لنا الطعام كل هذا المال فهي ل تعرفك قال أنا أعرف
نفسي) الهدية بموجب الذي يهدي .هي ل شك لم ترسل إنسانا واحدا وإنما أرسلت مجموعة من الناس يحملون هذه الهدية فل غرابة مطلقا
في (بِ َم يَرْجِ ُع ا ْلمُرْسَلُونَ).
آية (:)37
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
عظِيمًا ﴿ ﴾113النساء) هذا عام ،أشكال وألوان في المسيحية في ناس ،في ضلُ اللّ ِه عََل ْيكَ َ
ن فَ ْ
ن َتعْلَمُ َوكَا َ ﴾65الكهف) (وَعَّل َم َ
ك مَا َل ْم َتكُ ْ
اليهودية في ناس ،في السلم في ناس ،على مر العصور يعني إذا كان هذا الكتاب يعني الغيب والمستقبل وتفصيلت ما فينا واحد في يوم
من اليام إل وقد رأى رؤيا في المنام تنبؤه عما سوف يحدث في المستقبل علم الغيب هذه قضية مسلّم فيها كرؤيا العزيز ،كرؤيا ملك مصر
ورؤيا إبراهيم ورؤيا يوسف وهكذا حينئذٍ لما رأى أحد عشر كوكبا وفعلً تطبقت بالضبط ما فينا واحد إل رأى رؤيا ثم جاءت بعد أسبوع
أسبوعين مثل فلق الصبح تخبره بما سوف يحدث له .إذا كان هذا يحدث في المنام فل أن يحدث في اليقظة أفضل وأه ّم ولهذا رب العالمين
ممكن أن يضع علمه في أي عب ٍد من عباده لكن جزئي .الذي عنده علم الكتاب كاملً طبعا منهم من قال محمد صلى ال عليه وسلم وطبعا
ن َتعْلَمُ) .حينئذٍ نقول كثير من المفسرين قال فلن وفلن حقيق ًة تقريبا كان كلهم يميلون إلى أنه "آصل ك مَا َل ْم تَكُ ْالمصطفى على رأسي (وَعَّل َم َ
البرقيه" أحد علماء سيدنا سليمان عليه السلم في زمانه وكأن ال سبحانه وتعالى علمه علم الكتاب فحينئ ٍذ هذا هو الذي في الحقيقة هو صح
هذا الرجل يعلم علما من الكتاب .وأبو بكر الصديق وعمر يعلمان علما من الكتاب وكثير .مثلً شخص دخل على سيدنا عثمان قال له :إني
ي بعد رسول ال؟! هذا علم من الكتاب هذا علم الكتاب ل يتعلم هذا العلم ل يُتعلّم وإل العلم أرى في وجهك الزنا فذاك ذهل فقال له :أوح ٍ
العام يتعلم العلم بالتعلم لكن هذا ل هذا يوهب من ال عز وجل بأنك ترى ما ل يرى غيرك هذا عل ٌم من الكتاب أي شي ٌء من العلوم ليس كل
الكتاب .وسيدنا الخضر أيضا عل ٌم من الكتاب لو كان الخضر يعلم كل علم الكتاب لكان النبي أولى النبي صلى ال عليه وسلم أخبر بما هو
كائن وما يكون إلى يوم القيامة ،كل ما يجري في هذا اليوم أحاديث صحيحة تخبر عنه (ل تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم)
أي الغربيون( ،ل تقوم الساعة حتى ل يدخل إلى العراق قفي ٌز ول مدٌ )..يعني حصار كامل ويذهب وراح على سوريا وراح على فارس
وأنت ترى الن كل هذا .إذا النبي صلى ال عليه وسلم عنده علم من الكتاب واسع الذي عنده علم الكتاب كامل -حسب رأيي كما قلت لكم
-ال سبحانه وتعالى هذا مفروغ منه لكن من المخلوقين جبريل فقط لماذا؟ أنا كان يسرني أن أقول النبي صلى ال عليه وسلم ولكن أنت لو
تقرأ السنة كثيرا ما كان النبي صلى ال عليه وسلم يستفسر من جبريل عن بعض الظواهر ما هذا يا أخي جبريل؟ يقول له كذا كذا ،يعلمه
وال أعلم طبعا هذا مجرد اجتهاد ول ألزم به أحد لكن لما تعرف أن جبريل ما سأل النبي عن شيء وجبريل كان أمينا كما قال تعالى في
ل لنه موكل به .يقول كتابه العزيز امتدحه مدحا كاملً أنه أمين والخ ومن أجل هذا الوحيد بعد ال عز وجل الذي يعلم علم الكتاب كام ً
بعض المفسرين إن ل ملكا آخر اختصه ال ،خلقه ال عز وجل للوح المحفوظ لكن ما قال اسمه ول ما هو ،على كل حال إذا صح فهذا
عظيم أيضا إذا كان خلق من أجل هذا والمفروض أن كتاب كهذا يحوي سفر الكون كله جدير بأن ال يخلق له ملكا .لكن جبريل عليه السلم
من وقائعه مع كل النبياء ،مع سيدنا آدم والذين من بعده ومع سيدنا موسى وسيدنا عيسى ومع سيدنا محمد صلى ال عليه وسلم وتصرفاته
كان ينهاهم ويصلحهم (أتدري يا محمد من فعل كذا من هؤلء؟) إذا يبدو أن هذا المخلوق العظيم إنما هو يعرف كل الكتاب بعد ال عز
وجل.
سؤال :هل العلم يختاره ال لشخاص معين ين أم لجم يع الب شر؟ الجا بة :قطعا ل يم كن أن يكون هذا العلم إل باختيار ال لن هذا العلم غ ير
مكتسب لو كان مكتسبا لحاولنا كلنا ولكنه علمٌ موهوب.
علَى َكثِي ٍر مِنْ
ح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َفضَّلنَا َ سؤال:أنا أنبه على آية لعلها تربطنا بما تتفضل به وهي قوله تعالى (وََل َقدْ َآ َت ْينَا دَاوُودَ وَسَُل ْيمَا َ
ن عِ ْلمًا َوقَالَا الْ َ
ل ا ْل ُمبِي نُ ﴿﴾16
يءٍ إِنّ َهذَا َلهُوَ ا ْلفَضْ ُ ن كُلّ شَ ْ طيْرِ َوأُوتِينَا مِ ْ س عُّل ْمنَا َمنْطِ قَ ال ّ ل يَا َأّيهَا النّا ُ
سَل ْيمَانُ دَاوُودَ َوقَا َ عبَادِ هِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ ﴿ ﴾15وَ َورِ َ
ث ُ ِ
النمل) ،الجابة :بارك ال فيك أنت الن حسمت الموقف هل أن منطق الطير يُتعلّم أو يوهب؟ قطعا يوهب إذا هذا عل مٌ وهبه ال عز وجل
لهذين النبيين العظيمين ،ولهذا قس على هذا في التاريخ ما ل حصر له.
آية (:)42
ل نَكُِّروا لَه َا عَْر َ
شه َا *بالنسبة لسيدنا سليمان عليه السلم في القرآن في سورة النمل قال (قَا َ
َ ل أَهَكَذ َا عَْر ُ َ ٍَ َ
ه هُوَت كَأن ٍَّ ُ
ك قَال ٍَ ْ
ش ٍِ ت قِي َ
جاء ٍْ نٍ ( )41فَل ٍَ َّ
ما َ م نٍَ ال ّذِي نٍَ َل يَهْتَدُو َ م تَكُو ُ
نٍ ِ نَنظُْر أتَهْتَدِي أ ْ
ُ
ن ( )42النمل) هل بلقيس جاءت لسليمان فكيف عرفت أن مي َسل ِ ِ من قَبْلِه َا وَكُن َّا ُ
م ْ م ِوَأوتِين َا الْعِل ْ َ
عرشها عند سليمان؟ وكيف جاءت؟(د.فاضل السامرائى)
هي قالت كأنه هو لما سألها عن عرشها ولم تقل أنه عرشها .هي كانت في مملكتها في اليمن ،هي لم تعرف أن عرشها عند سليمان.
آية (:)56
*فٍي أماكٍن قال تعالى آل لوط وفٍي أماكٍن قال قوم لوط وفٍي أماكٍن قال إخوان لوط ،لماذا
قيلت كٍل واحدة فٍي مكانهٍا؟ هٍل كان يمكٍن أن يقول قوم لوط فٍي جميٍع المواطٍن؟ لِم هذا
التنويع؟(د.حسام النعيمى)
التنويع ليس مع لفظة لوط فقط وإنما مع أنبياء آخرين مثل مع هود عندنا قوم هود وأخاهم هود وأخوهم هود ،قوم صالح وأخاهم صالح
وأخوهم صالح بحسب مواضعها.
الفرق اللغوي بين قوم وأصحاب والل وإخوان:
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
قوم الرجل هم أهله بالصورة الواسعة يقال فلن من قوم كذا ،وقد يكون القوم أوسع من القبيلة ،العرب قوم .وقد يُطلق على القبيلة أنها قوم
فلن.
الل هم الهل المقربون الذين هم أقرب الناس ومن معانيه الزوجة ومن معانيه التباع ،أتباع الرجل آله ،أتباعه الذين تبعوه ُكثُر لكن قومه
ط مّن قَ ْر َي ِتكُمْ()56النمل).
أكثر من الل ،قوم أوسعَ( .أخْرِجُوا آلَ لُو ٍ
شدّ ا ْلعَذَابِ (
ل ِفرْعَوْنَ أَ َ
شيّا َويَوْ َم تَقُومُ السّاعَةُ َأدْخِلُوا آ َ
غدُوّا وَعَ ِ
الخوان أقرب من الل لن الل قد يكون فيها التباع (النّا ُر ُيعْرَضُونَ عََل ْيهَا ُ
)46غافر) أي أتباعه.
الهل :هم المقربون بل إن القرآن استعمل الهل في الزوجة على أنه يمكن أن تطلق على الذرية أوالقارب بحسب الحديث المشهور حديث
أم سلمة.
الكلمات فيها فوارق ولكن بحسب السياق فلو جئنا لكل آية استعمل فيها قوم هنا واستعملت كلمة آل هنا ،بالنسبة لل لوط لم تستعمل إل في
الثناء عليهم فقط ،لما يثني عليهم ولما يذكرهم بخير يستعمل كلمة آل ول يستعمل كلمة قوم.
آية (:)57
ه * مٍا اللمسٍة البيانيٍة فٍي الختلف بيٍن قوله تعالى فٍي سٍورة النمٍل (فَأَنجيناهٍ وأَهْل ٍَه إَّل ا َ
مَرأت ٍَ ُ
ْ ُ ِ ْ َ َْ ُ َ
م نٍَ الْغَابِرِي نٍَ ( قَد َرناهٍَا م ن الْغَابري ن ( ))57وفٍي قوله فٍي سٍورة الحجٍر (إَّل ا َ
ه قَدَّْرن ٍَا إِنَّهٍَا ل َ ِ
مَرأت ٍَ ُ
ْ ِ ِ ِ ٍَ ِ ٍَ ّْ َ
))60في قصة امرأة لوط؟
د.فاضل السامرائى:
لو لحظنا اليتين في سورة النحل وفي سورة الحجر كأن السائل يسأل عن الختلف في التوكيد في آية سورة الحجر .ولو نظرنا إلى آية
ن ( ))60لوجدنا فيها ستة مؤكدات هي( :إنّا ،اللم في ج َمعِينَ ( )59إِلّا امْ َرَأتَهُ َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِي َ ل لُوطٍ ِإنّا َل ُمنَجّو ُهمْ أَ ْ سورة الحجر (إِلّا آَ َ
ن في إنها واللم في لمن الغابرين) ثم أننا إذا نظرنا في السورة كلها أي سورة الحجر لوجدنا فيها 20 لمنجوهم ،منجوهم (إسم) ،أجمعين ،إ ّ
مؤكد في قصة لوط بينما في سورة النمل ففيها ثلثة مؤكدات فقط في القصة كلها (أئنكم ،لتأتون ،وإنهم أناس يتطهرون) .هذا الجو العام في
السورتين والوضع الوصفي فالية في سورة الحجر أنسب مع الؤكدات في القصة من آية سورة النمل .وقد يسأل السائل لماذا؟ نلحظ أنه
ن ( ))58أما في النمل فوصفهم بالجهل (َأ ِئّنكُمْ َلتَ ْأتُونَ ج ِرمِي َ تعالى وصف قوم لوط في سورة الحجر بالجرام (قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِ ْلنَا إِلَى قَوْ ٍم مُ ْ
ن ( ))55والمجرمون أشد من الجاهلين فالوضف أشدّ وهذا الوصف الشدّ يقتضي عقوبة جهَلُو َ
ن دُونِ النّسَا ِء بَلْ َأنْتُ ْم قَ ْو ٌم تَ ْ شهْوَ ًة مِ ْالرّجَالَ َ
جعَ ْلنَا عَاِل َيهَا سَافَِلهَا ش ِرقِينَ (َ )73ف َ
صيْحَ ُة مُ ْ
خ َذ ْتهُمُ ال ّ
أشدّ ول نظرنا إلى العقوبة في كلتا السورتين لوجدنا أن العقوبة في سورة الحجر أش ّد (فَأَ َ
طرًا فَسَا َء مَطَرُ ا ْل ُم ْنذَرِينَ ( ))58والمطر قد يكون ماء أما ل ( ))74وفي سورة النمل (وََأمْطَ ْرنَا عََل ْيهِ ْم مَ َ سجّي ٍحجَا َر ًة مِنْ ِ َوَأمْطَ ْرنَا عََل ْيهِمْ ِ
الحجارة في سورة الحجر فهي بالطبع أشدّ .إذن العقوبة أشدّ والوصف أشدّ ثم إن القصة في سورة الحجر ( 19آية من الية 58إلى )76
أطول منها في سورة النمل ( 5آيات فقط) فإذا نظرنا إلى القصة من جهة التوسع واليجاز فآية سورة الحجر أنسب ومن حيث التوكيد
والعقوبة والطول أنسب ول يناسب وضع الية مكان الخرى .القرآن الكريم يراعي التعبير في كل مكان بصورة دقيقة ويراعي التصوير
الفني للقصة.
د.حسام النعيمى:
خلُوا عََليْ ِه ضيْفِ ِإبْرَاهِي َم ( ))51ضيف إبراهيم الملئكة (ِإذْ دَ َ في قوله تعالى في سورة الحجر الكلم كان على لسان الملئكة ( َونَ ّب ْئهُ ْم عَنْ َ
ن ( ))52الجو العام جو وجل وخوف من إبراهيم وتشكك هو ليس شاكا في ال سبحانه وتعالى ولكن الجو َفقَالُوا سَلَامًا قَالَ ِإنّا مِ ْنكُمْ َوجِلُو َ
سنِيَ ا ْل ِكبَ ُر َفبِمَ
ن مَ ّ ك ِبغُلَا ٍم عَلِي ٍم ( ))53قال (قَالَ َأبَشّ ْرُتمُونِي عَلَى أَ ْ الذي جاء فيه الملئكة كان في وجل ورهبة ،قالوا (قَالُوا لَا تَ ْوجَلْ ِإنّا ُنبَشّ ُر َ
ن ( ))55ل تيأس من رحمة ق فَلَا َتكُنْ مِنَ ا ْلقَانِطِي َ حّ ن ( ))54إذن عنده نوع من التشكك .إذن مسألة وجل وتشكك( .قَالُوا بَشّ ْرنَا َ
ك بِالْ َ ُتبَشّرُو َ
ن ( )58إِلّا َآلَ ج ِرمِي َ ط ُبكُمْ َأّيهَا ا ْلمُرْسَلُونَ ( )57قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِ ْلنَا إِلَى قَوْ ٍم مُ ْ ل َفمَا خَ ْ ن (( ))56قَا َ حمَةِ َربّهِ إِلّا الضّالّو َ
ال (قَالَ َومَنْ َي ْقنَطُ مِنْ َر ْ
ج َمعِينَ ( )59إِلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِينَ ( ))60لحظ التأكيدات هو يحتاج لمؤكدات لنه وجل وشاك من الملئكة. لُوطٍ ِإنّا َل ُمنَجّو ُهمْ أَ ْ
(إِلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِينَ ( ))60تأكيد بإنّ وباللم .كلم الملئكة لحظ كلمة(قدرنا) هم ل يقدرون ولكن لنهم وسيلة تنفيذ قدر ال
سبحانه وتعالى رخصوا لنفسهم أن يقولوا قدرنا ولكن ما قالوا قدرناها لم يربطوا الضمير بالتقدير ،بأنفسهم لذلك أبعدوها مع وجود إنّ
المؤكدة .فإذن كلم الملئكة يحتاج إلى تأكيد وإبتعد ضمير المفعول به في الصل .الصل هي قدرنا لكن أدخلوا إنّ فأبعدوها عن التقدير.
ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ ِإلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَاهَا مِنَ ا ْلغَابِرِينَ ( الية الثانية هي من كلم ال سبحانه وتعالى المباشر في سورة النمل (فما كان جواب قومه َفَأنْ َ
ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ) خبر( ،إِلّا امْ َرَأتَهُ َقدّ ْرنَاهَا مِنَ ا ْلغَابِرِينَ) ما قال قدرنا إنها ،ما أبعدها وما احتاج إلى تأكيدات لن ال سبحانه )57النمل) (فََأنْ َ
وتعالى يخبرنا بأمر :بأن قوم لوط أجابوا بهذه الجابة فال سبحانه وتعالى أنجاه وأهله إل امرأته قدرها رب العزة من الغابرين .وأُنظر كيف
ربط الضمير بالفعل مباشرة ما أبعده (قدرناها) لن هذا قدره سبحانه وتعالى فما إحتاج إلى إبعاده .الغابرين قالوا بمعنى الباقين الهالكين
ط ْرنَا عََل ْيهِ ْم مَطَرًا فَسَا َء مَطَ ُر ا ْل ُمنْذَرِينَ () )58انتهى الكلم على ذكر الذين بقوا في الهلك .نهاية الية تفسر لنا كلمة كانت .لما قال (وََأمْ َ
ح ْمدُ لِلّهِ َوسَلَامٌ
المم ،كان آخر شيء في ذكر المم يعني لم تكن هناك حكاية ورواية لمور وإنما رواية لهذه المسألة .النهاية كانت (قُلِ ا ْل َ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ش ِركُونَ ( ))59لم يذكر أمة أخرى وراءها .هو ل يتحدث حديثا تاريخيا متواصلً وإنما إنقطع الكلم خيْرٌ َأمّا يُ ْطفَى آَللّهُ َ عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ عَلَى ِ
هنا.
ت مِنَ ا ْلغَابِرِينَ ( )83العراف) .ال سبحانه وتعالى يحكي لنا ما حدث ( َومَا ج ْينَاهُ َوأَهْلَهُ إِلّا ا ْمرََأتَهُ كَانَ ْ
لما ننظر في الية الثالثة أيضا (فََأنْ َ
ن ( ))83هناكت مِنَ ا ْلغَابِرِي َ ن (َ )82فَأنْ َ
ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ ِإلّا امْرََأتَ ُه كَانَ ْ طهّرُو َ س َيتَ َ
خرِجُو ُه ْم مِنْ قَ ْر َي ِتكُمْ ِإّنهُمْ ُأنَا ٌ ن قَالُوا أَ ْ
ب قَ ْومِهِ إِلّا أَ ْ ن جَوَا َ كَا َ
قدرناها من الغابرين وانتهى الكلم على المم .لكن هنا الكلم كأنه كلم تاريخي والكلم التاريخي يصلح معه (كان) لن ذكر أشياء رواية
ن عَا ِقبَةُ ا ْل ُمجْ ِرمِينَ ( ) )84استعمل (كان) ثم ف كَا َ ظرْ َكيْ َ طرًا فَانْ ُ ن ( )83وََأمْ َ
ط ْرنَا عََل ْيهِمْ مَ َ ت مِنَ ا ْلغَابِرِي َ جيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلّا امْرََأتَ ُه كَانَ ْ
فقال (فََأ ْن َ
ش َعيْبًا) اليات مستمرة في الحديث عن جانب تاريخي وعندما يكون الكلم عن جانب تاريخي يستعمل (كان) لما يكون قال (وَإِلَى َم ْديَنَ َأخَا ُهمْ ُ
حديث تاريخي وإنما قدر ال عز وجل يستعمل كلمة قدرنا وال سبحانه وتعالى أعلم.
آية (:)59
* ما الفرق بين سلم نكرة والسلم معرفة ؟(د.فاضل السامرائى)
السلم معرفة والمعرفة هو ما دلّ على أمر معين ،وسلم لك والصل في النكرة العموم إذن كلمة سلم عامة وكلمة السلم أمر معين .لما
ل معينا أو تعريف الجنس .الصل في النكرة العموم والشمول .إذن (سلم) أعم لنها نقول رجل يعني أيّ رجل ولما نقول الرجل أقصد رج ً
طفَى ( )59النمل) (سَلَا ٌم عَلَى
عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ
ح ْمدُ لِلّهِ وَسَلَا ٌم عَلَى ِ
ي إل بالتنكير في القرآن كله مثل (قُلِ الْ َ نكرة وربنا سبحانه وتعالى لم يحي ّ
ن ( )120الصافات) حتى في الجنة (سَلَامٌ ن ( )79الصافات) (سَلَا ٌم عَلَى ِإبْرَاهِيمَ ( )109الصافات) (سَلَا ٌم عَلَى مُوسَى وَهَارُو َ ح فِي ا ْلعَاَلمِي َ
نُو ٍ
ي هو إل بالتنكير لنه أعم ط ْبتُ ْم فَادْخُلُوهَا خَاِلدِينَ ( )73الزمر) ربنا تعالى لم يحي ّ قَوْلًا مِن رّبّ رّحِي ٍم ( )58يس) حتى الملئكة (سَلَا ٌم عََل ْيكُمْ ِ
وأشمل كل السلم ل يترك منه شيئا( .سلم عليه) هذه تحية ربنا على يحيى والية الخرى عيسى سلم على نفسه وليس من عند ال
سبحانه وتعالى ،سلم نكرة من قبل ال تعالى والسلم من عيسى وليس من ال تعالى والتعريف هنا (السلم) أفاد التخصيص .ويقوون
تعريض بالذين يدعون أن مريم كذا وكذا فقال (والسلم علي) رد على متهمي مريم عليها السلم.
آية (:)64-60
* ( )64( - )60النمل) ما هي اللمسات البيانية في خواتيم اليات؟ (د.فاضل السامرائى)
جرَهَان تُ ْن ِبتُوا شَ َ
ت َبهْجَ ٍة مَا كَانَ َلكُمْ أَ ْ
حدَائِقَ ذَا َسمَا ِء مَا ًء َفَأ ْنبَ ْتنَا بِهِ َ
سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْضَ وََأنْ َزلَ َلكُ ْم مِنَ ال ّ نقرأ اليات ،الية الستون (َأمّنْ خَلَقَ ال ّ
سمَاوَاتِ وَالْأَ ْرضَ) وربنا قال في آية ل هُ ْم قَ ْو ٌم َيعْدِلُونَ ( ))60هذه السئلة التي أثاروها هم يعلمونها لنه قال (َأمّنْ خََلقَ ال ّ َأءِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَ ْ
سمَا ِء مَاءً) وقال في آية أخرى (وََلئِن سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْضَ َل َيقُولُنّ اللّ ُه ( )25لقمان) ،ثم قال (وََأنْ َزلَ َلكُ ْم مِنَ ال ّ سأَ ْل َتهُم مّنْ خَلَقَ ال ّ أخرى ( َوَلئِن َ
ض مِن َبعْ ِد مَ ْوتِهَا َل َيقُولُنّ اللّ ُه ( )63العنكبوت) ،إذن هم يعلمون الجواب لكنهم ينحرفون عن حيَا بِهِ ا ْلأَرْ َ سمَاء مَاء َفأَ ْ ل مِنَ ال ّ سَأَ ْل َتهُم مّن نّزّ َ
الحق يعني هم قوم يعدلون مع معرفتهم بهذا المر ،يعدلون يعني ينحرفون عن الطريق وليست من العدل هم ينحرفون مع معرفتهم بهذا
ل هُ ْم قَوْ ٌم َي ْعدِلُونَ) رغم معرفتهم هم عدلوا عن الحق. المر .هم أجابوا عن السؤال يجيبون عنه أنه ال إذن أإله مع ال؟ّ! إذن (بَ ْ
ل َبيْنَ ا ْلبَحْ َريْنِ حَاجِزًا أَءلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعَْلمُونَ ( ))61أي ل جعَ َ
سيَ وَ َ جعَلَ َلهَا رَوَا ِ جعَلَ خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا وَ َ ض َقرَارًا َو َ جعَلَ ا ْلأَرْ َ (َأمّنْ َ
يعلمون شيئا من الشياء معتدا به ،يعلمون لكن هذا العلم ل يجعلهم يبطلون الشرك فما قيمة هذا العلم ّ؟ إذن ل يعلمون شيئا يُعتدّ به أو قد ل
يعرفون هذه الشياء الدقيقة أنه جعل بين البحرين حاجزا.
ل ما تذكرون يعني مع أنهم جعَُلكُ ْم خُلَفَا َء الْأَ ْرضِ أَءِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه قَلِيلًا مَا تَ َذكّرُونَ ( ))62قلي ً ضطَرّ ِإذَا دَعَاهُ َو َيكْشِفُ السّوءَ َويَ ْ ن يُجِيبُ ا ْلمُ ْ (َأمّ ْ
يدعون ال وينسون ما يشركون لن ربنا يذكر أن هؤلء إذا مسهم الضر في البحر ضل من تدعون إل إياه ،قليلً ما تذكرون أي نسيتم هذا
طّيبَةٍ َوفَ ِرحُو ْا ِبهَا جَاء ْتهَا رِيحٌج َريْنَ ِبهِم بِرِيحٍ َ حتّى ِإذَا كُنتُ ْم فِي ا ْلفُ ْلكِ وَ َ سيّ ُركُ ْم فِي ا ْلبَرّ وَا ْلبَحْ ِر َ
المر نسيتم أن ال هو الذي نجاكم (هُوَ اّلذِي يُ َ
ن ()22 ج ْي َتنَا مِنْ هَـذِهِ َل َنكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِي َ ط ِبهِ ْم دَعَوُ ْا اللّ َه مُخْلِصِينَ لَ ُه الدّينَ َلئِنْ أَن َ ظنّواْ َأّنهُمْ أُحِي َ
ل َمكَانٍ َو َ ج مِن كُ ّ عَاصِفٌ َوجَاءهُ ُم ا ْلمَوْ ُ
ق ( )23يونس) إذن نسوا ،قليلً ما تذكرون ما كنتم عليه من حال السوء ،نجاكم ال وأيضا حّ ض ِب َغيْرِ الْ َ
ن فِي الَرْ ِ فََلمّا أَنجَا ُهمْ ِإذَا ُه ْم يَ ْبغُو َ
ن هَـذِهِ َل َنكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ) ثم ينسون .بداية اليات (أمّن) يقيم الحجة عليهم .معنى (أمن) يعني ج ْيتَنَا مِ ْ
نسيتم .أحيانا يعاهدون ال (َلئِنْ أَن َ
من يجيب؟ هذه أم المنقطعة وأصلها أم من( ،أمن يجيب المضطر إذا دعاه) هذا سؤال ،و(أم) يعن (بل) هذا سؤال آخر ،تأتي بأسئلة متوالية
ستَوِي الظُّلمَاتُ وَالنّورُ ( )16الرعد) قل هل يستوي العمى والبصير؟ بل هل ل تَ ْ
عمَى وَا ْلبَصِيرُ أَ ْم هَ ْ ستَوِي الَ ْ ل يَ ْ
ل هَ ْ بل من يفعل ذلك؟( ،قُ ْ
تستوي الظلمات والنور؟ هذا سؤال آخر( .بل) إضراب انتقالي( .أمن يجيب المضطر) هذا سؤال معناه من يجيب المضطر؟
ن ( )63النمل) هذا سؤال عمّا يُشْ ِركُو َح َمتِهِ َأإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َي رَ ْن يَدَ ْ
ح بُشْرًا بَيْ َ حرِ َومَن يُ ْرسِلُ ال ّريَا َ (َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ وَا ْلبَ ْ
ش ِركُونَ) .في اليات الولى ذكر صفاتهم هم قال عنهم (بل هم قوم يعدلون ،أكثرهم ل عمّا يُ ْ (من يرسل الرياح) هذا سؤال أيضا (تَعَالَى اللّ ُه َ
ش ِركُونَ) إذن ذكر صفات المخلوقين هؤلء ثم ذكر صفاته تعالى ونزهها فقال (تعالى عمّا يُ ْل ما تذكرون) والن قال (تَعَالَى اللّ ُه َ يعلمون ،قلي ً
ال عما يشركون) .في بداية اليات ذكر بعض ما يقوم به لعباده ثم يصدر حكما في صفاتهم هم (بل هم قوم يعدلون ،أكثرهم ل يعلمون،
ش ِركُونَ) نزّه نفسه بعد أن ذكرهم وكيف يغيبون عن الحق. عمّا يُ ْل ما تذكرون) ذكر صفاتهم هم ثم (تَعَالَى اللّ ُه َ قلي ً
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ن ( ))64مع كل هذه الشياء ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَا ِدقِي َ
ض أَإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه قُ ْ
سمَاء وَا ْلأَرْ ِ
ق ثُ ّم ُيعِيدُهُ َومَن يَرْ ُز ُقكُم مّنَ ال ّ
ثم قال (َأمّن َي ْبدَأُ ا ْلخَلْ َ
ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) إإتوا بالدليل بعد أن ألزمتكم الحجة ،أنا والحجج التي ألزمتكم فيها أءله مع ال؟ يقولون نعم ،فيقول (قُ ْ
ذكرت البرهان فإتوا برهانكم إن كنتم صادقين .كل السئلة في اليات السابقة تدل على عجزهم إذن أقام الحجة عليهم .ثم قال (أإله مع ال)
ب ( )5ص) فقال إذن هاتوا برهانكم ،نحن ذكرنا الدلة وألزمناكم الحجة لما تقولون به عجَا ٌيءٌ ُن َهذَا َلشَ ْ حدًا إِ ّ
جعَلَ الْآِلهَةَ إَِلهًا وَا ِ قالوا نعم (أَ َ
فاتوا ببرهانكم .تغيرت الخاتمة ،ذكر الحكام فيهم وصفاتهم أولً بأول ثم نزّه نفسه عما يفعل ثم ذكر إءله مع ال؟ قالوا نعم ،قل هاتوا
برهانكم على ما تقولون ،ما برهانكم على ما تقولون به .ال تعالى أثبت صنيعته لعباده وأثبت رد فعلهم (بل هم قوم يعدلون ،أكثرهم ل
ل ما تذكرون) ثم نزه نفسه عنهم وطالبهم بالتيان بالحجة. يعلمون ،قلي ً
آية (:)61
* ما الفرق بين (وألقينا فيها رواسي)و(وجعلنا فى الرض رواسى) ألم تكن الجبال مخلوقة من
قبل؟ (د.فاضل السامرائى)
ض َم َددْنَاهَان ( ))19وفي سورة ق (وَا ْلأَرْ َ شيْ ٍء مَوْزُو ٍ ن كُلّ َ ض َمدَ ْدنَاهَا َوأَلْ َق ْينَا فِيهَا رَوَاسِيَ َوَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ قال تعالى في سورة الحجر(وَا ْلأَرْ َ
سبُلًا َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُونَ
ن تَمِيدَ ِبكُمْ وََأ ْنهَارًا وَ ُ
سيَ أَ ْ ض رَوَا ِ ج ( ))7وفي سورة النحل ( َوأَلْقَى فِي ا ْلأَرْ ِ ج َبهِي ٍ ن كُلّ زَ ْو ٍ َوأَلْ َق ْينَا فِيهَا رَوَاسِيَ َوَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ
سمَا ِء مَاءً ل دَابّةٍ وََأنْزَ ْلنَا مِنَ ال ّث فِيهَا مِنْ كُ ّ ن تَمِيدَ ِبكُمْ َوبَ ّ سيَ أَ ْض رَوَا ِ ع َمدٍ تَ َر ْو َنهَا َوأَلْقَى فِي ا ْلأَرْ ِ ت ِب َغيْرِ َ سمَاوَا ِ( ))15وسورة لقمان (خََلقَ ال ّ
ج كَرِي ٍم ( .))10هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالعجاز العلمي .لكن أقول وال أعلم أن الملحظ أنه تعالى ن كُلّ زَ ْو ٍ َفَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ
يقول أحيانا ألقينا وأحيانا يقول جعلنا في الكلم عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحدا وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين
(جبال بركانية) والزلزل أو قد تأتي بها الجرام المساوية على شكل كُتل .وهناك شكل آخر من التكوين كما قال تعالى في سورة النمل (َأمّنْ
ن ( ))61وسورة ح َريْنِ حَاجِزًا َأئِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعْلَمُو َ ل َبيْنَ ا ْلبَ ْ
جعَ َ
جعَلَ َلهَا رَوَاسِيَ َو َ ل خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا َو َجعَ َ ض قَرَارًا وَ َ جعَلَ الَْأرْ َ َ
سيَ جعَ ْلنَا فِيهَا رَوَا ِن ( ))31وسورة المرسلت ( َو َ سبُلًا َلعَّلهُ ْم َي ْهتَدُو َجعَ ْلنَا فِيهَا فِجَاجًا ُ
ن َتمِي َد بِهِمْ َو َ جعَ ْلنَا فِي الَْأرْضِ رَوَاسِيَ أَ ْ النبياء (وَ َ
جيْنِ
ل فِيهَا زَ ْو َ جعَ َ
ل ال ّثمَرَاتِ َ سيَ وََأ ْنهَارًا َومِنْ كُ ّ جعَلَ فِيهَا رَوَا ِ ض َو َ شَامِخَاتٍ وََأسْ َق ْينَاكُ ْم مَا ًء فُرَاتًا ( ))27وسورة الرعد (وَهُوَ اّلذِي َمدّ ا ْلأَرْ َ
ن ( ،))3وهذا يدل وال أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال .وكينونة ن فِي ذَِلكَ لََآيَاتٍ ِلقَوْ ٍم َيتَ َفكّرُو َ ا ْث َنيْنِ ُيغْشِي الّليْلَ ال ّنهَارَ إِ ّ
الجبال تختلف عن كينونة الرض فالجبال ليست نوعا واحدا ول تتكون بطريقة واحدة هذا وال أعلم.
آية (:)63
*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ (د.فاضل السامرائى)
ل رِيحٍ فِيهَا حيَا ِة ال ّد ْنيَا َكمَثَ ِ
ن فِي هِـذِهِ ا ْل َ كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران ( َمثَلُ مَا يُن ِفقُو َ
سهُ ْم يَظِْلمُونَ {.)}117 سهُ ْم فَأَهَْل َكتْهُ َومَا ظََل َمهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَن ُف َ
ث قَ ْومٍ ظََلمُواْ أَن ُف َحرْ َ صِرّ أَصَابَتْ َ
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة النمل (َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ
ن {.)}63 عمّا يُشْ ِركُو َح َمتِهِ َأإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ
ي رَ ْ
ن يَدَ ْ ل ال ّريَاحَ بُشْرا بَيْ َ وَا ْلبَحْرِ َومَن يُرْسِ ُ
غ ِم ْنهُمْ ن مَن َي ْعمَلُ َبيْنَ َي َديْهِ بِِإذْنِ َربّهِ َومَن يَ ِز ْ عيْنَ الْ ِقطْرِ َومِنَ الْجِ ّشهْرٌ َوأَسَ ْلنَا لَ ُه َ
حهَا َ ش ْهرٌ وَرَوَا ُ غدُوّهَا َ ن الرّيحَ ُ سَليْمَا َ
وفي سورة سبأ (وَلِ ُ
سعِي ِر { )}12استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لن عذَابِ ال ّ ن َ عَنْ َأمْ ِرنَا ُن ِذقْهُ مِ ْ
ال سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.
آية (:)68
َ
ن هَذ َا إ ِ ّل ل إِ ْ ن قَب ْ ُ
م ْن وَآَبَاؤُنَا هَذ َا ِ
ح ُ *ما سبب تقديم وتأخير هذا في سورة المؤمنون (لَقَد ْ ُو ِ
عدْنَا ن َ ْ
ٍَ َّ َ ٍَ
ساطِيُر ن هَذ َا إ ِل أ َ ن قَب ْ ُ
ل إ ٍِ ْ ن وَآَبَاؤُن ٍَا ِ
م ٍْ ح ٍُ ن ( ))83وسٍورة النمٍل (لَقَد ْ ُو ِ
عدْن ٍَا هَذ َا ن َ ْ ساطِيُر اْلوَّلِي ٍَ أ َ
َ
ن ())68؟(د.حسام النعيمى) اْلوَّلِي َ
نحن عندنا نظام الجملة العربية .عندنا صورتان للجملة العربية :صورة المبتدأ والخبر والفعل ومرفوعه وما بعده .فيما يتعلق بالفعل
ومرفوعه يأتي الفعل ثم الفاعل أو الفعل ثم نائب الفاعل ثم يأتي المفعول أو المفعولت يعني هكذا يأتي النظام .لما يكون مبتدأ وخبر أيضا
المبتدأ والخبر ثم لما تدخل إحدى النواسخ (كان وأخواتها) أيضا النظام أنّ (كان) تأخذ إسمها أولً لن أصله مبتدأ ثم تأخذ الخبر ثم يأتي بعد
ذلك ما يأتي من المعطوفات أو المفعولت هكذا هو النظام .نقول :كان زيدٌ ناجحا وعمرو ،نذكره بعد ذلك هذا الصل .يمكن أحيانا أن نغيّر
النظام لن العربية لغة مُعربة فيجوز فيها تغيير النظام فبدل أن نقول كتب زيد رسالة على النظام يمكن أن نقول كتب رسال ًة زي ٌد وهذا التقديم
طبعا له غرض بلغي يعني كأن يُختلف زيد كتب رسالة كتب قصيدة كتب أقصوصة نقول ل زيد رسال ًة كتب .لما يُقدّم ليس من أجل
الوزن حتى الشاعر لن الشاعر متمكّن يستطيع أن يتصرف لكنه يقدّم بغرض بلغي لغرض معنوي.
لما ننظر في اليتين ،نحن دائما نقول :يُنظر في النص ِل َم قدّم هنا هذا ولماذا أخّر هنا هذا؟ الية الولى في سورة المؤمنون (قَالُوا َأئِذَا ِمتْنَا
ن َهذَا إِلّا أَسَاطِيرُ ا ْلأَوّلِينَ) ( ُكنّا) كان مع اسمها مثل كان زيد، ن (َ )82ل َقدْ وُ ِ
ع ْدنَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا َهذَا مِنْ َقبْلُ إِ ْ َو ُكنّا تُرَابًا وَعِظَامًا َأئِنّا َلمَ ْبعُوثُو َ
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
(ترابا وعظاما) مثل (كان زيد مجتهدا وكريما) معطوف على الخبر مباشرة يعني نظام الجملة يأتي كما هو .لكا يكون النظام كما هو نجد أن
النظام الذي جاء (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) المفعول به جاء متأخرا وفق النظام وعندما يكون وفق النظام ل يُسأل عنه .أنت ل تسأل عن
عدْنَا َهذَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا) . (كتب زيد رسالة) ل تسأل لِمَ أخّر رسالة؟ هو هذا النظام هكذا .لكن السؤال في آية سورة النمل لِ َم غيّر النظام (لَ َقدْ وُ ِ
ن ( )67النمل) النظام في غير القرآن أن يقول :إءذا كنا نحن وآباؤنا ترابا، خرَجُو َ
لحظ الية ( َوقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا َأ ِئذَا ُكنّا تُرَابًا وََآبَا ُؤنَا َأ ِئنّا َلمُ ْ
فلما قدّم ترابا المعطوف على المرفوع ولكا يكون المعطوف عليه ضميرا ينبغي أن يؤكد بضمير هذا الفصح (كنت أنا وزيد مسافرين) حتى
يكون الربط .فها هنا لن المعطوف والمعطوف عليه ينبغي أن يتصل ل أن يكون بينهما فاصل .هنا غيّر النظام فقال (َأئِذَا ُكنّا تُرَابًا وََآبَا ُؤنَا)
عدْنَا َهذَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا ) حتى يكون ل بين المعطوف والمعطوف عليه فقدّمه .فمنا قدّم المنصوب قدّم (هذا) (لَ َقدْ وُ ِ قدّم المنصوب وجعله فاص ً
هناك نوع من التناسق .هنا تقدّم كأنه غيّر النظام وهنا أيضا قدّم وال أعلم.
آية (:)70
*مٍا اللمسٍة البيانيٍة فٍي حذف نون (تكٍن) فٍي قوله تعالى (ول تٍك فٍي ضيٍق ممٍا يمكرون)فٍى
سورة النحل وعدم حذفها فى سورة النمل؟ (د.فاضل السامرائى)
الحكم النحوي :جواز الحذف إذا كان الفعل مجزوما بالسكون ولم يليه ساكن أو ضمير متصل .متى ما كان الفعل (كان) مجزوما ويليه
حرف متحرك ليس ساكنا على أن ل يكون ضميرا متصلً يجوز فيه الحذف (يمكن القول لم يكن ولم يك) فتحذف النون تخفيفا.
إما إذا كان ما بعده ساكنا فل يجوز الحذف (لم يكن الرجل) ل يمكن القول لم يك الرجل.
ول يجوز الحذف أيضا لو كان ضمير متصل (لم يكن هو) ل يجوز قول لم يك هو.
إذن من حيث الحكم النحوي يجوز حذف النون أما السبب البياني :على العموم سواء في (يكن) أو في غيرها من الحذوف (تفرّق وتتفرق)
(اسطاعوا واستطاعوا) (تنزّل وتتنزّل) في القرآن الكريم يوجد حذوف كثيرة يجمعها أمرين :هل هي في مقام إيجاز وتفصيل أو هل الفعل
ل ل يُقتطع منه وإذا كان غير مكتمل يُقتطع منه. مكتمل أو غير مكتمل .عندما يأتي بالصيغة كاملة يكون الحذف أتمّ .إذا كان الشيء مكتم ً
خيْرٌ
صبَ ْرتُ ْم َلهُوَ َ
ل مَا عُو ِق ْبتُم بِهِ وََلئِن َ
والن نستعرض مثالين وردا في القرآن الكريم الول في سورة النحل (وَإِنْ عَا َق ْبتُمْ َفعَا ِقبُواْ ِب ِمثْ ِ
ق ّممّا َي ْمكُرُونَ { )}127والثاني في سورة النمل (قُلْ سِيرُوا ضيْ ٍ ل َتكُ فِي َ ن عََل ْيهِمْ َو َ
حزَ ْ
ل بِاللّهِ َولَ تَ ْ
صبْ ُركَ ِإ ّ
صبِرْ َومَا َ ن { }126وَا ْ لّلصّابِري َ
ق ّممّا َي ْمكُرُونَ {)}70 ضيْ ٍن عََل ْيهِ ْم وَلَا َتكُن فِي َ ض فَانظُرُوا َكيْفَ كَانَ عَا ِقبَةُ ا ْلمُجْ ِرمِينَ { }69وَلَا تَحْزَ ْ فِي الَْأرْ ِ
آية سورة النحل نزلت على الرسول بعدما مثّل المشركون بحمزة ع ّم الرسول في غزوة أُحُد فحزن الرسول عليه حزنا شديدا وقال
ل من المشركين فنزلت الية تطلب من الرسول أن يعاقب بمثل ما عوقب به وأراد أن يُذهب الحزن من قلبه ول يبقى لمثّلن بسبعين رج ً
فيه من الحزن شيء ،وقوله تعالى (ول تك في ضيق) بمعنى احذف الضيق من نفسك ول تبقي شيئا منه أبدا أي أن المطلوب ليس فقط عدم
الحزن لكن مسح ونفي أي شيء من الحزن يمكن أن يكون في قلب الرسول فحذفت النون من الفعل .أما في آية سورة النمل فاليات في
دعوة الناس للسير في الرض والتفكّر والمقام ليس مقام تصبير هنا فجاء الفعل مكتملً (ول تكن في ضيق).
ي ُيمْنَى { )}37حذفت طفَةً مّن ّمنِ ّ
ومن المثلة الخرى على حذف أو عدم حذف النون في فعل (تكن) قوله تعالى في سورة القيامة (أََلمْ َيكُ نُ ْ
النون هنا لن النطفة هي من الذكر وهي غير مكتملة بعد وغير مخصّبة وهي ل تكتمل إل بعد لقاح البويضة إذن حال النطفة الن غير
مكتمل فحذف ما يدل على أن الفعل أصلً ليس مكتملً فلزم القتطاع أنها غير كاملة والحدث غير كامل.
وكذلك قوله تعالى (وإن تك حسنة يضاعفها) وقوله في سورة مريم (ولم أك بغيّا) حذف النون لنه ليس في مريم أدنى شيء من البغي وليس
هناك جزء من الحدث مطلقا أصلً .أما في قوله تعالى (ولم أكن بدعائك رب شقيا) هذا سياق عام يحكمه المقام .وفي قوله تعالى (ألم تكن
أرض ال واسعة فتهاجروا فيها) وقوله (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) لم تحذف النون من الفعل هنا لن اليات مكتملة والرض مكتملة فجاء
صخْرَةٍ
ل َف َتكُن فِي َ حبّ ٍة مّنْ خَ ْردَ ٍبالفعل تامّا لن المعنى تا ّم ول يحتاج إلى حذف .وفي قوله تعالى في سورة لقمان (يَا ُبنَيّ ِإّنهَا إِن َتكُ ِمثْقَالَ َ
خبِي ٌر { )}16الولى حذفت منها النون لنه لم يذكر مكان الحبة أما الثانية فذكر ت ِبهَا اللّهُ إِنّ اللّهَ َلطِيفٌ َ ض يَ ْأ ِ
سمَاوَاتِ َأ ْو فِي ا ْلأَرْ ِ
َأوْ فِي ال ّ
فيها النون لنه ذكر المكان وحدده إما الصخرة أو السموات أو الرض وهي كلها مكتملة.
آية (:)72
َ َ
نٍما تَعْبُدُو َ ن ( )72النمٍل) وقوله (إِنَّك ٍُ ْ
م َ وٍَ َ جلُو َ
ستَعْ ِ ف لَك ٍُم بَعٍْ ُ
ض ال ّذِي ت ٍَ ْ نٍ َردٍِ َ سى أن يَكُو َ
َ
ل عٍَ َ*(قُ ْ
َ
م إ ِ ّل وَارِدُه َا كَا َ
ن منك ُ ْن ( )98النبياء) وقوله تعالى (وَإِن ِّ م لَه َا وَارِدُو َ جهَن َّ َ
م أنت ُ ْ ب َ ص ُ ح َن الل ّهِ َ من دُو ِ ِ
ضي ٍّا ( )71مريٍٍم) فهٍٍل هناك لمسٍٍة بيانيٍٍة بيٍٍن الردف والورود؟ (د.فاضٍٍل ً مقْ َِ ما ّ
حت ٍْ ً َ
عَلى َرب ٍِّك ََ
السامرائى)
ردف معناه لحق ووصل يعني عسى أن يكون لحق بكم هذا الشيء( ،ردِف) فعل ماضي .هناك رِدف ورديف الرديف هو خلف الراكب
"كنت ردف النبي" الرديف هو الذي يكون خلف الراكب.
سؤال :هل كانت العرب غير المؤمنة تفهم هذا عندما تسمع القرآن؟
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
س َتيْ َق َن ْتهَا
حدُوا ِبهَا وَا ْ
هذا كلمهم هم إذا تكلموا ،العرب فهموا هذا لكنه آمن منهم من آمن وجحد بها من استيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ( َوجَ َ
حدُونَ ( )33النعام) كانوا يعلمون وإذا شاعر فاخرهم جَ سهُمْ ظُ ْلمًا وَعُلُوّا ( )14النمل) (فَِإّنهُ ْم َ
ل ُيكَ ّذبُونَكَ وََلكِنّ الظّاِلمِينَ بِآيَاتِ اللّ ِه يَ ْ أَنفُ ُ
يفاخرونه ويذهبون لمن يحكم بينهم ،مفاخرات موجودة لكن لماذا سكتوا عند القرآن .السمة العامة عند العرب آنذاك أنهم كلهم فصحاء كلٌ
ق كثير وألسنة متعددة فحتى نفهمهم يتكلم بقبيلته إل الذين اختلطوا بالتجارة والجانب مثلنا الن بدأت كلماتنا تختلط لن اختلطنا بخل ٍ
ويفهمونا ل بد أن نغيّر من كلماتنا.
آية (:)76
ة
م ِ م ال ْ ِ
قيَا َ م بَيْنَه م يَو َ حك ٍُ ُه يَ ْ*كلمٍة يختلفون وتختلفون وردت فٍي القرآن فٍي مواضٍع كثيرة (فَالل ٍّ ُ
َ ٍُ َ ْ ْ َ ٍْ َّ
سَرائِيل أكثَر الذِي هٍُ ْ
م ص عَلَى بَن ٍِي إ ٍِ ْ نٍ يَقٍُ ُّ ن هَذ َا الْقُْرآ َ ن ( )113البقرة) (إ ٍِ َّ ختَلِفُو ٍَما كَانُوا ْ فِيه ٍِ ي َ ْ فِي ٍَ
ُ
مآ آتَاك ُ ٍم م فِ ٍي َ ٍ حدَةً وَل َ ٍٍكِن ل ِّيَبْلُوَك ُ ٍ ْ ة وَا ِ م أ َّ
م ً جعَلَك ُ ٍ ْ
ه لَ َ شاء الل ّ ٍ ُن ( )76النمٍٍل) (وَلَوْ َ ختَلِفُو َ ٍ
فِيه ٍِ ي َ ْ
ُ
ن ( )48المائدة) ما ك نه ختَلِفُو َ م فِي هِ ت َ ْ ُ
ما كنت ُ ْ ُ ُ َ
ميع ًا فيُنَبِّئك م ب ِ َ ج ِ ُ
جعُك ْ
م َ مْر ِ َ
ت إِلى الله َ خيَْرا ِ ستَبِقُوا ال َ فَا ْ
الختلف؟ (د.فاضل السامرائى)
ختَلِفُونَ) والثانية في القضاء ن ( )48المائدة) أنبئه بالمر فقال ( ِبمَا كُنتُ ْم فِيهِ تَ ْ ختَِلفُو َ
جمِيعًا َفيُ َنّبُئكُم ِبمَا كُنتُ ْم فِيهِ تَ ْ ج ُعكُمْ َ الية توضح (إِلَى ال مَ ْر ِ
ختَلِفُونَ) أي في ن ( )113البقرة) هذا حكم ،قال (فِيمَا كَانُو ْا فِي ِه يَ ْ ختَِلفُو َ حكُ ُم َبيْ َنهُ ْم يَوْ َم الْ ِقيَامَ ِة فِيمَا كَانُو ْا فِيهِ يَ ْ
والفصل فصل في القضية (فَاللّ ُه يَ ْ
الذي كانوا فيه يختلفون .إما يقول قضي بينهم أو يحكم بينهم ولما يقول يحكم بينهم وقضي بينهم يستعمل فيه .أما كانوا وكنتم فالكثر لما
ن ( )113البقرة) الختلف ختَلِفُو َ
حكُ ُم َب ْينَهُ ْم يَوْ َم الْ ِقيَامَ ِة فِيمَا كَانُو ْا فِيهِ َي ْ
يقول (كانوا) الكلم عن يوم القيامة والختلف كان في الدنيا (فَاللّ ُه يَ ْ
ختَلِفُونَ
ضيَ َب ْي َنهُ ْم فِيمَا فِي ِه يَ ْ
ت مِن ّرّبكَ َلقُ ِ ن ( )17الجاثية)( .وََل ْولَ كَِلمَةٌ َ
سبَ َق ْ ختَلِفُو َ
ك يَقْضِي َب ْي َنهُ ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِي ِه يَ ْفي الدنيا (إِنّ َرّب َ
ختَلِفُونَ) لنها تقصد الدنيا. ( )19يونس) هذه الن وليس في يوم القيامة (فِيمَا فِي ِه يَ ْ
سؤال :هل (كان) هنا فعل ناقص؟ نعم فعل ناقص وأحيانا يأتي تام وله استخدامات كثيرة.
آية (:)81
*لماذا وردت كلمٍٍة يهتدي بالياء فٍٍي سٍٍورة النمٍٍل وبدون ياء فٍٍي سٍٍورة الروم؟ (د.فاضٍٍل
السامرائى)
ن { )}81بذكر الياء وقال في سورة سمِعُ إِلّا مَن يُ ْؤمِنُ بِآيَا ِتنَا َفهُم مّسِْلمُو َ ضلَاَل ِتهِمْ إِن تُ ْي عَن َ قال تعالى في سورة النمل ( َومَا أَنتَ ِبهَادِي ا ْل ُعمْ ِ
ن { )}53بحذف الياء ،أولً نقول أن خط المصحف ل يُقاس سمِعُ إِلّا مَن يُ ْؤمِنُ بِآيَا ِتنَا َفهُم مّسِْلمُو َ ضلَاَل ِتهِمْ إِن تُ ْ
ي عَن َ ت ِبهَادِ ا ْل ُعمْ ِالروم ( َومَا أَن َ
عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لحظنا لفظ الهداية في سورة النمل لوجدنا أنها تكررت 9مرات بينما وردت في سورة الروم
مرتين فقط فلما زاد ذكر كلمة الهداية في سورة النمل زاد في مبنى الكلمة للدللة على زيادة السمة التعبيرية والتكرار ،وهناك أمر آخر أنه
ل عَلَى ث تعالى الرسول على المضي في سبيله ( َفتَ َوكّ ْ حمَةٌ لّ ْلمُ ْؤمِنِينَ { )}77ثم ح ّ في سورة النمل ذكر قسما من المهتدين (وَِإنّهُ َل ُهدًى وَ َر ْ
ل ولم يذكر قسم من المهتدين بل الكلم عن المطر ن { )}79أما في سورة الروم فالسياق ليس في الهداية أص ً حقّ ا ْل ُمبِي ِاللّهِ ِإّنكَ عَلَى الْ َ
والرض والرياح وغيرها ،فعندما ذكر قسما من المهتدين زاد الياء وعندما لم يكن هناك شيء في السياق يدل على الهداية حذف الياء.
ن { )}178بالياء وقوله في سورة سرُو َ ل فَأُ ْولَـ ِئكَ ُهمُ الْخَا ِ ضلِ ْ
ونظير هذا قوله تعالى في سورة العراف (مَن َي ْهدِ اللّ ُه َفهُوَ ا ْل ُمهْ َتدِي َومَن يُ ْ
صمّا مّأْوَاهُمْ عمْيا َو ُبكْما َو ُعلَى وُجُو ِههِ ْم ُ جدَ َل ُهمْ أَوِْليَاء مِن دُونِهِ َونَحْشُرُ ُه ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ َ ل فَلَن تَ ِضلِ ْالسراء ( َومَن َيهْدِ اللّ ُه َفهُ َو ا ْل ُم ْهتَدِ َومَن يُ ْ
ضهُ ْم ذَاتَ شمْسَ ِإذَا طََلعَت تّزَاوَ ُر عَن َكهْ ِفهِ ْم ذَاتَ ا ْل َيمِينِ وَِإذَا غَ َربَت تّ ْقرِ ُ سعِيرا { )}97وفي سورة الكهف ( َوتَرَى ال ّ خبَتْ ِز ْدنَاهُ ْم َ ج َهنّمُ كُّلمَا َ
َ
جدَ لَهُ َوِليّا مّرْشِدا { )}17بجدون ذكر الياء ولو لحظنا ل فَلَن تَ ِ ضلِ ْ
ن آيَاتِ اللّ ِه مَن َيهْدِ اللّ ُه َفهُ َو ا ْل ُم ْهتَدِ َومَن يُ ْ جوَ ٍة ّمنْهُ ذَِلكَ مِ ْ شمَالِ وَ ُه ْم فِي فَ ْ
ال ّ
آيات السور لوجدنا أن لفظ الهداية تكرر في سورة العراف 17مرة وفي سورة السراء 8مرات وفي سورة الكهف 6مرات.
آية (:)88
*القرآن الكريٍٍم يسٍٍتخدم يصٍٍنعون ويفعلون ويعملون فمٍٍا اللمسٍٍة البيانيٍٍة فٍٍي هذه الفعال؟
(د.فاضل السامرائى)
الفعل عام يقع من النسان والحيوان والجماد وهو أعم شيء فعل الماء ،فعل الرياح ،وهو بقصد أو بغير قصد .العمل أخص من الفعل
ويكون بقصد ولذلك قلّما يُنسب إلى الحيوان .العرب لم تقله في الحيوان إل في البقر العوامل التي تحرث قصد الحرث ،إذن العمل أخص من
الفعل وينسب للنسان وقلما ينسب إلى الحيوان .الصنع إجادة الفعل وهو أخص من العمل ل ينسب إلى حيوان ول ينسب إلى جماد وليس كل
ن ( )88النمل) إذن هو أخص من العمل .عندما يستخدم خبِي ٌر ِبمَا تَ ْفعَلُو َ
شيْءٍ ِإنّهُ َ
ن كُلّ َ
صنْعَ اللّهِ اّلذِي َأتْقَ َ
عمل صنع حتى تحسن العمل ( ُ
القرآن (بما يصنعون) أي يحاولون ويدبّرون ويتقنون ماذا يفعلون ،يأخذون الحيطة ماذا نفعل لو قال كذا ماذا نصنع؟ هذا الصنع مدبّر إذن
الصنع إجادة العمل .إذن كل فعل بحسب الية التي ورد فيها في القرآن الكريم لكن بشكل عام الفعل أعم ويقع بقصد أو بغير قصد والعمل
أخص من العمل ويكون بقصد ويُنسب للنسان والصنع إجادة العمل .اللغة العربية دقيقة إلى هذا الحد وهناك خلف بين اللغويين أن هناك
]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[ nilkheireddine@yahoo.fr
ترادف في القرآن أو ل ،قسم يقول في القرآن ترادف وقسم يقول هي لغات ،الترادف مثل المدية والسكين كلمتان تدلن على دللة واحدة
ويقولون أسماء السيف ليس مترادفة وإنما هي صفات اسمه السيف والباقي صفات مثل الحسام ،وكذلك أسماء السد كلها صفات والسم هو
السد والصفات تكون في وجهه ومشيته ،عضنفر صفة وليس كل أسد غضنفر ،القسورة من القسر يقسر الفريسة يأخذها قسرا بقوة وشدة
وعنف .في التفسير قد تفسر كلمة بكلمة بما هو أوضح للسائل ول يجوز بيانيا أن تحل كلمة مكان كلمة في القرآن أما في الكلم العادي العام
فيجوز وكل كلمة في القرآن لها مكانها المناسب الذي وضعت فيه ول يجوز تبديلها حتى بكلمة تقاربها في الدللة .توفاهم وتتوفاهم مع أنهما
نفس اللفظة وكلهما فعل مضارع لو أردنا أن نستبدل في كلم الناس نفعل لكن في القرآن ل يمكن لن هناك سببا قال في مكان توفاهم وفي
مكان آخر تتوفاهم.
*ما الفرق بين بما يعملون خبير و خبير بما تعملون؟ (د.فاضل السامرائى)
مسألة خبير بما تعملون وبما تعملون خبير هنالك قانون في القرآن أن الكلم إذا كان على النسان أو على عمله يقدم عمله وإذا لم يكن الكلم
ي تَمُ ّر مَرّس ُبهَا جَامِدَةً وَ ِه َ
ل تَحْ َ جبَا َ
على النسان أو كان الكلم على ال أو على المور القلبية يقدم الخبرة (خبير بما تعملون)َ ( .وتَرَى الْ ِ
سمُوا بِاللّهِ شيْ ٍء ( )88النمل) الكلم عن ال وليس على النسان قال في ختامها (ِإنّهُ َ
خبِي ٌر ِبمَا تَ ْفعَلُونَ)( ،وََأقْ َ ن كُلّ َ صنْعَ اللّهِ اّلذِي َأتْقَ َ ب ُ السّحَا ِ
سمُوا طَاعَةٌ خبِي ٌر ِبمَا َت ْعمَلُونَ ( )53النور) هذه أمور قلبية (قُل لّا تُقْ ِ سمُوا طَاعَ ٌة ّمعْرُوفَةٌ إِنّ اللّ َه َ ن قُل لّا تُقْ ِجهْدَ َأ ْيمَا ِنهِمْ َلئِنْ َأ َم ْرتَهُمْ َل َيخْرُجُ ّ
َ
ض لَا
سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ ث ال ّ ن ( )53النور) هذا أمر يعرفه ال .بينما ( َومَا َلكُمْ أَلّا تُن ِفقُوا فِي َ
سبِيلِ اللّهِ وَلِلّ ِه مِيرَا ُ خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُو َ ّمعْرُوفَةٌ إِنّ اللّهَ َ
خبِي ٌر (ن َ سنَى وَاللّ ُه ِبمَا َتعْمَلُو َظ ُم دَرَجَ ًة مّنَ اّلذِينَ أَن َفقُوا مِن َب ْعدُ َوقَاتَلُوا َوكُلّا وَعَدَ اللّ ُه الْحُ ْ
ق مِن َقبْلِ الْ َفتْحِ َوقَاتَلَ أُ ْوَل ِئكَ أَعْ َ ستَوِي مِنكُم مّنْ أَنفَ َ يَ ْ
خبِيرٌ) إذن هذه القاعدة العامة ظاهرة. )10الحديد) هذا كله عمل فقال (وَاللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ
تم بح مد ال وفضله ترت يب هذه اللم سات البيان ية في سورة الن مل ك ما تف ضل ب ها الدكتور فا ضل صالح ال سامرائي والدكتور ح سام النعي مى
زادهما ال علما ونفع بهما السلم والمسلمين وإضافة بعض اللمسات للدكتور أحمد الكبيسى وقامت بنشرها الخت الفاضلة سمر الرناؤوط
ل فمن ال وما كان من خطأٍ أوسه ٍو فمن نفسى ومن الشيطان. فى موقعها إسلميات جزاهم ال عنا خير الجزاء ..فما كان من فض ٍ
أسأل ال تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو
الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعا يوم تقوم الشهاد ول الحمد والمنة .وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى ال أن يرزقنا
حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس العلى.
الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء ال وجزى ال كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والخرة.