You are on page 1of 28

‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.

fr‬‬

‫سورة النمل‬
‫*تناسب خواتيم الشعراء مع فواتح النمل*‬
‫ن َبعْ ِد مَا ظُِلمُوا‬
‫عمِلُوا الصّالِحَاتِ َو َذكَرُوا اللّ َه َكثِيرًا وَا ْنتَصَرُوا مِ ْ‬ ‫في آخر الشعراء ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات (إِلّا اّلذِينَ َآ َمنُوا وَ َ‬
‫ن (‪ ))227‬استثنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا ال كثيرا ثم هدد الذين ظلموا ( َو َ‬
‫س َيعْلَمُ اّلذِينَ‬ ‫ب َينْقَِلبُو َ‬
‫ي ُمنْقَلَ ٍ‬
‫س َيعْلَمُ اّلذِينَ ظََلمُوا أَ ّ‬
‫َو َ‬
‫ن يُقِيمُونَ‬ ‫شرَى لِ ْلمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ )2‬اّلذِي َ‬
‫ب ُمبِينٍ (‪ُ )1‬هدًى َوبُ ْ‬ ‫ب يَنْ َقِلبُونَ)‪ .‬وقال في أول النمل ذكر المؤمنين (تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ‬ ‫ي ُمنْقََل ٍ‬
‫ظَلمُوا أَ ّ‬ ‫َ‬
‫الصّلَاةَ َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَا َة وَهُ ْم بِا ْلآَخِ َر ِة هُ ْم يُو ِقنُونَ (‪ ))3‬ذكر هناك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا ال كثيرا وذكر القرآن الذي هو رأس‬
‫الذكر إذن وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وهم بالخرة يوقنون هذا العمل الصالح فهناك أجمل العمل الصالح وهنا‬
‫ظَلمُوا أَيّ‬‫س َيعْلَمُ اّلذِينَ َ‬
‫فصّل يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وذكر العتقاد‪ .‬هو هدد غير المؤمنين في النمل والشعراء‪ ،‬قال في الشعراء (وَ َ‬
‫ن (‪ ))5‬كأنما اليتان متتاليتان فهي مرتبطة من‬ ‫سرُو َ‬ ‫ب يَنْ َقِلبُونَ) وقال في النمل (أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَابِ وَ ُهمْ فِي ا ْلآَخِرَ ِة ُهمُ ا ْلأَخْ َ‬ ‫ُمنْقََل ٍ‬
‫أوجه مختلفة‪.‬‬
‫**هدف السورة‪ :‬التفوق الحضاري مع تذكر الله تعالى**‬
‫سورة النمل سورة مكيّة وهي سورة خطيرة عن التفوق الحضاري لتثبت أن الدين ليس دين عبادة فقط وأنما هو دين علم وعبادة ويجب أن‬
‫تكون المة المسلمة الموحّدة متفوقة في العلم ومتفوقة حضاريا لن هذا التفوق هو سبب لتميّز أمة السلم كما حصل في العصر الذهبي‬
‫للسلم الذي انتشر من الشرق إلى الندلس بالعلم والدين الحنيف وقد تميّز فيه العلماء المسلمون في شتى مجالت العلوم‪.‬‬
‫وفي سورة النمل خطة محكمة لبناء مؤسسة أو شركة أو مجتمع أو أمة غاية في الرقي والتفوق من خلل آيات قصة سيدنا سليمان مع بلقيس‬
‫ونستعرض عناصر قوة هذه المملكة الراقية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم‪:‬‬
‫عبَادِهِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ) فقد كان‬‫ح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َفضَّلنَا عَلَى َكثِي ٍر مّنْ ِ‬ ‫ن عِ ْلمًا َوقَالَا ا ْل َ‬ ‫أهمية العلم‪ :‬ابتداء القصة من الية ‪( 15‬وََل َقدْ آ َت ْينَا دَاوُودَ َوسَُل ْيمَا َ‬
‫عند داوود وسليمان تفوق حضاري بالعلم الذي آتاهم إياه ال تعالى وهم مدركين قيمة هذا العلم‪.‬‬
‫ضلُ ا ْل ُمبِينُ) آية ‪16‬‬ ‫ن َهذَا َلهُ َو الْفَ ْ‬‫يءٍ إِ ّ‬ ‫طيْرِ َوأُوتِينَا مِن كُلّ شَ ْ‬ ‫س عُّل ْمنَا مَنطِقَ ال ّ‬ ‫ل يَا َأّيهَا النّا ُ‬ ‫ن دَاوُودَ َوقَا َ‬ ‫توارث الجيال للعلم (وَوَ ِرثَ سَُل ْيمَا ُ‬
‫والهتمام باللغات المختلفة (لغة الطير) وأهمية وجود المكانيات والموارد والعمل على زيادتها (وأوتينا من كل شيء)‬
‫طيْرِ َفهُ ْم يُوزَعُونَ) آية ‪.17‬‬ ‫ن الْجِنّ وَالْإِنسِ وَال ّ‬ ‫جنُودُهُ مِ َ‬ ‫وجود نظام ضبط وربط ووجود تعدد في الجنسيات والكائنات ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ‬
‫ن مِنَ ا ْلغَا ِئبِينَ) آية ‪ 20‬بدليل أن الهدهد كان في مهمة تدريبية‬ ‫ل مَا لِيَ لَا أَرَى ا ْلهُدْ ُهدَ أَ ْم كَا َ‬ ‫طيْ َر َفقَا َ‬ ‫أهمية التدريب الميداني للفراد‪َ ( :‬وتَفَ ّقدَ ال ّ‬
‫ن ّمبِينٍ) آية ‪21‬‬ ‫حنّهُ أَوْ َليَ ْأ ِت َينّي بِسُلْطَا ٍ‬ ‫شدِيدًا أَوْ لََأ ْذبَ َ‬ ‫عذَابًا َ‬ ‫ع ّذبَنّ ُه َ‬ ‫تفقد الرئيس ومتابعيه لعمّاله (لَأُ َ‬
‫إيجابية الموظفين في العمل الستكشافي وتحري المعلومات الصحيحة‪ :‬فالهدهد كان موظفا غير عادي وكان عنده إيجابية وجاء بأخبار‬
‫سبٍَإ ِب َنبٍَإ يَقِينٍ) آية ‪22‬‬ ‫ج ْئ ُتكَ مِن َ‬ ‫ط بِهِ وَ ِ‬ ‫ت ِبمَا َل ْم تُحِ ْ‬ ‫غيْ َر بَعِيدٍ فَقَالَ َأحَط ُ‬ ‫ث َ‬ ‫صحيحة ودقيقية ( َف َمكَ َ‬
‫ل َفهُمْ لَا‬
‫سبِي ِ‬
‫صدّهُ ْم عَنِ ال ّ‬‫عمَاَل ُهمْ َف َ‬
‫شيْطَانُ أَ ْ‬ ‫س مِن دُونِ اللّهِ وَ َزيّنَ َلهُمُ ال ّ‬ ‫شمْ ِ‬ ‫جدُونَ لِل ّ‬ ‫مسؤولية الموظفين تجاه الرسالة‪( :‬وَجَدتّهَا َوقَ ْو َمهَا يَسْ ُ‬
‫َي ْهتَدُونَ) آية ‪ 24‬فالهدهد استنكر أن يجد أقواما يعبدون غير ال وهذا حرص منه على رسالة التوحيد‪.‬‬
‫ت مِنَ ا ْلكَا ِذبِينَ) آية ‪ 27‬لم يصدق سليمان الهدهد بمجرد أن‬ ‫ص َدقْتَ َأ ْم كُن َ‬ ‫سنَنظُرُ أَ َ‬ ‫أهمية تحرّي الخبار والتأكد من صحتها وتحليلها‪( :‬قَالَ َ‬
‫أخبره لكنه أراد أن يتحرى صدقه فيما أخبر به وهذا حرص المسؤول على صدق ما يصله من معلومات من عمّاله‪.‬‬
‫جعُونَ) آية ‪ 28‬إرسال الكتاب مع الهدهد إلى بلقيس وقومها‪.‬‬ ‫ع ْنهُمْ فَانظُ ْر مَاذَا يَرْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫تجربة تحرّي الخبار‪( :‬اذْهَب ّب ِكتَابِي َهذَا فَأَ ْلقِهْ إَِل ْيهِ ْم ثُ ّم تَوَ ّ‬
‫ش َهدُونِ) آية ‪ 32‬مشاورة بلقيس لقومها‪.‬‬ ‫حتّى تَ ْ‬ ‫طعَةً َأمْرًا َ‬ ‫ت قَا ِ‬ ‫ت يَا َأّيهَا المَلَأُ َأ ْفتُونِي فِي َأ ْمرِي مَا كُن ُ‬ ‫أهمية الشورى‪( :‬قَالَ ْ‬
‫سياسية جس النبض‪( :‬وَِإنّي مُ ْرسِلَةٌ إَِل ْيهِم ِبهَ ِديّةٍ َفنَاظِرَ ٌة بِ َم يَ ْرجِعُ ا ْلمُرْسَلُونَ) آية ‪ 35‬بلقيس أرسلت هدية لسليمان لترى ردة فعله‪.‬‬
‫جّنهُم ّم ْنهَا َأذِلّةً وَ ُهمْ صَاغِرُونَ) آية ‪ 37‬وهي ضرورية لية أمة‬ ‫خرِ َ‬ ‫جنُودٍ لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا وََلنُ ْ‬ ‫إمتلك قوة عسكرية هائلة‪( :‬ا ْرجِعْ إَِل ْيهِ ْم فََلنَ ْأ ِت َينّهُ ْم بِ ُ‬
‫تريد أن تنشر دين ال في الرض وتدافع عنه‪.‬‬
‫ت مّنَ ا ْلجِنّ َأنَا آتِيكَ بِ ِه َقبْلَ أَن َتقُو َم مِن مّقَا ِمكَ‬ ‫ل عِفْري ٌ‬ ‫شهَا َقبْلَ أَن يَ ْأتُونِي مُسِْلمِينَ * قَا َ‬ ‫ل يَا َأّيهَا المَلَأُ َأّيكُ ْم يَ ْأتِينِي ِبعَرْ ِ‬ ‫التكنولوجيا الراقية‪( :‬قَا َ‬
‫ل َهذَا مِن َفضْلِ َربّي‬ ‫ستَقِرّا عِندَ ُه قَا َ‬‫ك فََلمّا رَآ ُه مُ ْ‬
‫ك بِهِ َقبْلَ أَن يَ ْر َتدّ إَِل ْيكَ طَ ْر ُف َ‬ ‫ل اّلذِي عِندَ ُه عِلْ ٌم مّنَ ا ْل ِكتَابِ َأنَا آتِي َ‬ ‫ن * قَا َ‬ ‫ي َأمِي ٌ‬
‫َوِإنّي عََليْهِ َلقَوِ ّ‬
‫ي كَرِيمٌ) آية ‪ 38‬إلى آية ‪ 40‬نقل عرش بلقيس في زمن قياسي من‬ ‫غنِ ّ‬‫ن َربّي َ‬ ‫شكُرُ ِل َنفْسِهِ َومَن كَفَ َر فَإِ ّ‬ ‫شكَ َر فَِإّنمَا يَ ْ‬ ‫شكُرُ أَمْ َأ ْكفُرُ َومَن َ‬ ‫ِل َيبْلُ َونِي أََأ ْ‬
‫مكانه إلى قصر سليمان وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بانتقال المادة‬
‫ت كََأنّ ُه هُوَ وَأُوتِينَا ا ْلعِلْ َم مِن َقبِْلهَا َو ُكنّا مُسِْلمِينَ) آية ‪ 42‬أجابت بلقيس‬ ‫ك قَالَ ْ‬ ‫شِ‬ ‫الذكاء والديبلوماسية في السياسة‪( :‬فََلمّا جَاءتْ قِيلَ أَ َه َكذَا عَرْ ُ‬
‫كأنه هو حتى ل يظهر أنها ل تعرف‪.‬‬
‫ح ّممَ ّر ٌد مّن قَوَارِيرَ‬
‫ل ِإنّهُ صَرْ ٌ‬ ‫سبَتْهُ لُجّ ًة َوكَشَ َفتْ عَن سَا َق ْيهَا قَا َ‬ ‫حِ‬ ‫ح فََلمّا رََأتْهُ َ‬ ‫الستسلم أمام تكنولوجيا غير عادية‪( :‬قِيلَ َلهَا ادْخُلِي الصّ ْر َ‬
‫ت مَعَ سَُل ْيمَانَ لِلّ ِه رَبّ ا ْلعَاَلمِينَ) آية ‪ 44‬جعل الزجاج فوق الماء كانت تكنولوجيا غير عادية في ذلك‬ ‫قَالَتْ َربّ ِإنّي ظََل ْمتُ َنفْسِي َوأَسَْلمْ ُ‬
‫الزمان فلم تستطع بلقيس إل أن تسلم‪ .‬وهنا نلحظ الفرق بين ردّ بلقيس التي كانت تقدّر العلم فقد بهرتها هذه التكنولوجيا التي رأتها بأم عينها‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫اعتبر قومه اليات‬ ‫سحْ ٌر ّمبِينٌ) ‪ 13‬في قصة سيدنا موسى‬ ‫صرَ ًة قَالُوا َهذَا ِ‬ ‫فأسلمت مباشرة بل تردد‪ ،‬أما في الية (فََلمّا جَاء ْتهُمْ آيَا ُتنَا ُمبْ ِ‬
‫المعجزة التي جاء بها سحر لنه لم يكن لديهم علم أو تكنولوجيا‪.‬‬
‫نلخّص عناصر التفوق الحضاري بالنقاط التالية‪:‬‬
‫عمَلَ صَالِحًا‬ ‫ي وَعَلَى وَاِلدَيّ َوأَنْ أَ ْ‬ ‫ت عَلَ ّ‬ ‫شكُ َر ِن ْع َم َتكَ اّلتِي َأ ْن َعمْ َ‬
‫عنِي أَنْ أَ ْ‬ ‫حكًا مّن َقوِْلهَا َوقَالَ رَبّ َأوْزِ ْ‬ ‫الهدف السامي ( َفتَبَسّ َم ضَا ِ‬ ‫‪.1‬‬
‫عبَادِكَ الصّاِلحِينَ) آية ‪19‬‬ ‫ح َم ِتكَ فِي ِ‬ ‫تَ ْرضَاهُ َوَأدْخِ ْلنِي بِرَ ْ‬
‫ضلُ ا ْل ُمبِينُ) آية ‪16‬‬ ‫ن َهذَا َلهُ َو الْفَ ْ‬ ‫يءٍ إِ ّ‬
‫طيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَ ْ‬ ‫س عُّل ْمنَا مَنطِقَ ال ّ‬ ‫ل يَا َأّيهَا النّا ُ‬ ‫ن دَاوُودَ َوقَا َ‬
‫العلم (وَوَ ِرثَ سَُل ْيمَا ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫ح ّممَ ّردٌ مّن قَوَارِي َر قَالَتْ َربّ ِإنّي‬ ‫ت عَن سَا َقيْهَا قَالَ ِإنّهُ صَ ْر ٌ‬ ‫شفَ ْ‬ ‫س َبتْهُ لُجّةً َوكَ َ‬
‫ح فََلمّا رََأتْهُ حَ ِ‬ ‫التكنولوجيا (قِيلَ َلهَا ادْخُلِي الصّرْ َ‬ ‫‪.3‬‬
‫ب ا ْلعَاَلمِينَ) آية ‪44‬‬ ‫سَل ْيمَانَ لِلّهِ رَ ّ‬ ‫ت نَفْسِي وَأَسَْل ْمتُ مَعَ ُ‬ ‫ظَلمْ ُ‬
‫َ‬
‫جّنهُم ّم ْنهَا َأذِلّةً وَ ُهمْ صَاغِرُونَ) آية ‪37‬‬ ‫خرِ َ‬‫جنُودٍ لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا وََلنُ ْ‬ ‫القوة المادية والعسكرية (ا ْرجِعْ إَِل ْيهِ ْم فََلنَ ْأ ِت َينّهُ ْم بِ ُ‬ ‫‪.4‬‬
‫إيمان أفراد المة بغايتهم (قصة الهدهد)‬ ‫‪.5‬‬
‫ح ْمدُ لِلّهِ َوسَلَا ٌم عَلَى‬ ‫تتحدث اليات بعد هذا التفصيل عن عناصر التفوق الحضاري عن قدرة ال في الكون من الية ‪ 59‬إاى آية ‪( 64‬قُلِ ا ْل َ‬
‫ت َبهْجَ ٍة مّا كَانَ َلكُمْ‬ ‫ق ذَا َ‬ ‫حدَائِ َ‬
‫سمَاء مَاء فَأَن َبتْنَا بِهِ َ‬ ‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَ ْرضَ وَأَنزَلَ َلكُم مّنَ ال ّ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خيْرٌ َأمّا يُشْ ِركُونَ * َأمّنْ خَلَ َ‬ ‫طفَى آللّ ُه َ‬ ‫عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ‬ ‫ِ‬
‫ل َبيْنَ ا ْلبَحْ َريْنِ‬
‫جعَ َ‬‫سيَ وَ َ‬ ‫جعَلَ َلهَا رَوَا ِ‬ ‫جعَلَ خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا وَ َ‬ ‫ض قَرَارًا َو َ‬ ‫جعَلَ ا ْلأَرْ َ‬ ‫ل هُ ْم قَ ْو ٌم َيعْدِلُونَ * َأمّن َ‬ ‫شجَرَهَا أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه بَ ْ‬‫أَن تُنبِتُوا َ‬
‫ض أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه قَلِيلًا مّا تَ َذكّرُونَ‬ ‫جعَُلكُ ْم خُلَفَاء الْأَ ْر ِ‬ ‫ضطَرّ ِإذَا دَعَاهُ َو َيكْشِفُ السّوءَ َويَ ْ‬ ‫حَاجِزًا أَإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعَْلمُونَ * َأمّن يُجِيبُ ا ْلمُ ْ‬
‫ق ثُمّ‬‫عمّا يُشْ ِركُونَ * َأمّن َي ْبدَأُ الْخَلْ َ‬ ‫ح َمتِهِ َأإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ‬ ‫ي رَ ْ‬‫ن يَدَ ْ‬
‫شرًا بَيْ َ‬ ‫ح بُ ْ‬ ‫* َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ وَا ْل َبحْرِ َومَن يُرْسِلُ ال ّريَا َ‬
‫ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَا ِدقِينَ) وكأن هذا النتقال يحذّر من أن يلهينا التفوق‬ ‫ض َأإِلَهٌ مّعَ اللّ ِه قُ ْ‬ ‫سمَاء وَا ْلأَرْ ِ‬ ‫ُيعِيدُهُ َومَن يَرْ ُز ُقكُم مّنَ ال ّ‬
‫الحضاري عن تذكر ال تعالى وقدرته في الخلق والكون وفي ملكه فهو الذي سبب السباب لكل عناصر التفوق فل يجب أن ننشغل‬
‫بالسباب عن المسبب‪ ،‬فنلحظ تكرر كلمة (ءإله مع ال) بمعنى إياكم أن تنسوا رب الكون أو أن تجعلوا له شركاء في تفوقكم‪.‬‬
‫وتختم السورة بنموذج من نماذج التفوق الحضاري أل وهي النملة هذه الحشرة الصغيرة قد أودع ال تعالى فيها من مقومات التفوق ما ل‬
‫نحصيه فالنمل يعيش في أمة منظّمة تنظيما دقيقا وعندهم تخزين وعندهم تكييف في أجسادهم وعندهم جيوش وإشارات تخاطب وعنده‬
‫تكنولوجيا ل نعلمها والعلماء يكتشفون يوما بعد يوما أشياء ل يمكن للعقل تصورها عن هذه الحشرة الضغيرة الحجم‪ .‬فعلينا أن نتعلم من هذه‬
‫ط َمّنكُمْ‬
‫ل ادْخُلُوا مَسَا ِكنَكُمْ لَا يَحْ ِ‬ ‫ت َنمْلَ ٌة يَا َأّيهَا ال ّنمْ ُ‬
‫حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْلِ قَالَ ْ‬ ‫الحشرة التفوق الحضاري فهي التي قالت مخاطبة النمل ( َ‬
‫شعُرُونَ) آية ‪ 18‬حفاظا عليهم من خطر قادم وكأن لديها جهاز إنذار‪ ،‬وقولها (وهم ل يشعرون) دللة وإشارة‬ ‫جنُودُهُ وَهُمْ لَا يَ ْ‬‫سَُل ْيمَانُ وَ ُ‬
‫واضحة أنه حتى النمل يعرف أن عباد ال المؤمنين ل يمكن أن يظلموا غيرهم أو يحطمونهم حتى ولو كان مجموعة من النمل‪ .‬ولهذا تبسم‬
‫سليمان ضاحكا من قولها ثم دعا ربه وشكره لنه فهم معنى ما قالته النملة‪.‬‬
‫وسميّت السورة بـ(النمل) دللة على أن النمل هذه الحشرات نحجت في الداء وحسن التنظيم والتفوق فكيف بالبشر الذين أعطاهم ال تعالى‬
‫العقل والفهم فهم أحرى أن ينجحوا كما نجح النمل في مهمتهم في الرض وفيها دللة عظيمة على علم الحيوان‪.‬‬
‫***من اللمسات البيانية فى سورة النمل***‬
‫آية (‪:)1‬‬
‫ٍَ‬ ‫* مٍا دللة التقديٍم والتأخيٍر فٍي قوله تعالى (الر تِل ٍْ َ َ‬
‫ن ( ‪ )1‬الحجٍر)‬ ‫مبِي ٍٍ‬
‫ن ُ‬ ‫ت الْكِتَا ٍِ‬
‫ب وَقُْرآ ٍ‬ ‫ك آيَا ٍُ‬
‫ٍَ‬ ‫و(طٍس تِل ٍْ َ َ‬
‫ن (‪ )1‬النمٍل) و ما وجٍه الختلف بينهمٍا واللمسٍات البيانيٍة‬ ‫مبِي ٍٍ‬
‫ب ُ‬ ‫ت الْقُْرآ ِ‬
‫ن َوكِتَا ٍٍ‬ ‫ك آيَا ٍُ‬
‫فيهما؟‬
‫د‪.‬فاضل السامرائى ‪:‬‬
‫ب فِي ِه ُهدًى لِ ْل ُمتّقِينَ (‪ ))2‬ولم يُذكر القرآن تتردد لفظة الكتاب في السورة‬
‫ما ُذكِر فيها الكتاب وحده كما في سورة البقرة (ذَِلكَ ا ْل ِكتَابُ لَا َريْ َ‬
‫أكثر من لفظة القرآن أو ل ترد أصلً وما يرد فيه لفظ القرآن تتردد فيه لفظة القرآن في السورة أكثر من تردد لفظة الكتاب أو أن لفظة‬
‫الكتاب ل ترد أصلً‪ .‬وإذا اجتمع اللفظان في آية يتردد ذكرهما بصورة متقابلة بحيث ل يزيد أحدهما عن الخر إل بلفظة واحدة في السورة‬
‫كلها‪ .‬ونأخذ بعض المثلة‪:‬‬
‫في سورة البقرة بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ومشتقاتها سبعا وأربعيم مرة في السورة (‪ )47‬بينما ترددت لفظة القرآن ومشتقاتها‬
‫مرة واحدة فقط في آية الصيام‪.‬‬
‫في سورة آل عمران بدأت بلفظة الكتاب وترددت لفظة الكتاب ثلثا وثلثين مرة في السورة (‪ )33‬بينما لم ترد لفظة القرآن ول مرة في‬
‫السورة كلها‪.‬‬
‫هذا النسق لم يختلف في جميع السور التي تبدأ بالحرف المقطعة وهي مقصودة وليست اعتباطية حتى في سورة طه بدأت بلفظة القرآن‬
‫وترددت لفظة القرآن ثلث مرات في السورة بينما ترددت لفظة الكتاب مرة واحدة في السورة إل في سورة ص تردد الكتاب والقرآن مرة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ن ُمبِينٍ (‪ ))1‬القرآن ورد في السورة أربع مرات والكتاب خمس مرات‪.‬‬‫وفي اليات في السؤال آية سورة الحجر (الر تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْل ِكتَابِ َوقُرْآَ ٍ‬
‫ب ُمبِينٍ (‪ ))1‬تردد الكتاب مرتين والقرآن ثلث مرات‪ .‬وهذا السمت عام ما تردد يترددان‬ ‫وفي آية سورة النمل (طس تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ‬
‫معا بحيث ل يزيد أحدهما عن الخر بأكثر من لفظة واحجة وما ورد فيه الكتاب هي التي تجعل السمة في النعبير في السورة‪.‬‬
‫د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫ننظر لماذا جاءت كلمة الكتاب مع (ألر) وكلمة القرآن مع (طس)‪ .‬هنا نحاول أن نستفيد من الدرس الصوتي وكما قلت طبّقت هذا على جميع‬
‫اليات التي فيها حروف مقطعة بحيث أستطيع أن أخرج بقاعدة حيثما وردت كلمة القرآن وحيثما وردت كلمة الكتاب‪:‬‬
‫(ألر) مؤلفة من أربعة مقاطع (مقطع قصير يتبعه مقطع طويل مغلق ثم مقطعان مديدان)‪ .‬لما نأتي إلى (طس) نجد أنها مكونة من مقطعين‬
‫(مقطع طويل مفتوح ومقطع مديد)‪ .‬الول (ألر) ينتهي بمديدين وفيه طويل مغلق فإذن هو أثقل من حيث الجانب الصوتي يعني يحتاج إلى‬
‫جهد أكبر‪ .‬أيهما يحتاج إلى مجهود أكثر‪ :‬أن تنطق شيئا أو أن تكتبه؟ الكتابة تحتاج المجهود الكبر لنها تحتاج إلى القلم وسابقا الدواة‬
‫والقرطاس والقصبة ويبدأ يخطّ الحرف خطّا فهذا فيه جهد‪ .‬الحروف المقطعة التي فيها جهد يأتي بعدها كلمة كتاب والحروف المقطعة التي‬
‫هي أقل جهدا يأتي بعدها القرآن‪ .‬لن القراءة أسهل من الكتابة‪ .‬وننظر في اليات حيثما وردت في القرآن‪:‬‬
‫الحرف المقطعة جاءت في ‪ 29‬موضعا في القرآن الكريم والذي توصلنا إليه ما يأتي‪:‬‬
‫القاعدة‪ :‬أنه إذا كانت الحروف المقطعة أكثر من مقطعين فعند ذلك يأتي معها الكتاب لن الكتابة ثقيلة‪ .‬وإذا كانت الحروف المقطعة من‬
‫مقطعين يأتي معها القرآن بإستثناء إذا كان المقطع الثاني مقطعا ثقيلً‪ .‬مثلً (حم) الحاء مقطع والميم مقطع ثقيل لنه مديد (ميم‪ ،‬حركة‬
‫طويلة‪ ،‬ميم‪ :‬قاعدتان وقمة طويلة) وهو من مقاطع الوقف‪ .‬فالميم ثقيل لنه يبدأ بصوت وينتهي بالصوت نفسه وبينهما هذه الحركة الطويلة‬
‫والعرب تستثقل ذلك ولذلك جعلوه في الوقف‪ .‬ما الدليل على الستثقال؟ لما نأتي إلى الفعل ر ّد يردّ أصله ردد يردد لكن ردد فيه الدال وجاء‬
‫إلى الفتحة ورجع إلى الدال مثل الميم (ميم‪ ،‬ياء‪ ،‬ميم) فالعربي حذف الفتحة وأدغم فقال ردّ‪ .‬قد يقول قائل ما الدليل على أن ردّ أصله ردد؟‬
‫نقول له صِل ردّ بتاء المتكلم (رددت) تظهر‪ .‬إذن فهم ل يميلون أن ينقل لسانه من حرف ثم يعود إليه بعد حركة هذا يستثقله‪ .‬فكلمة ميم تبدأ‬
‫ل يذكر‬‫بميم وتنتهي بميم‪ ،‬كلمة نون تبدأ بالحرف وتنتهي بنفس الحرف وبينهما حركة‪ .‬هذا مقطع ثقيل والكتابة أثقل فلما يكون المقطع ثقي ً‬
‫ن (‪ ))1‬لم يذكر الكتاب ولكنه ذكر آلة الكتابة (القلم) وعملية الكتابة (يسطرون)‪.‬‬ ‫كلمة الكتاب‪ .‬في سورة (ن) قال (ن وَا ْلقَلَمِ َومَا يَسْطُرُو َ‬
‫آية (‪:)5‬‬
‫*ما الفرق بين السوء والسيئات؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫السيئة هي فعل القبيح وقد تُطلق على الصغائر كما ذكرنا سابقا في حلقة ماضية‪ .‬السوء كلمة عامة سواء في العمال أو في غير العمال‪،‬‬
‫غيْرِ سُو ٍء آيَةً أُخْرَى‬
‫ن َ‬‫ج َبيْضَاء مِ ْ‬ ‫ك تَخْ ُر ْ‬
‫حَ‬‫جنَا ِ‬‫ضمُ ْم يَ َدكَ إِلَى َ‬ ‫ما ُيغَ ّم النسان يقول أصابه سوء‪ ،‬الفة‪ ،‬المرض‪ ،‬لما يقول تعالى لموسى (وَا ْ‬
‫ب (‪ )5‬النمل) كلمة سوء عامة أما السيئة فهي فعل‬ ‫(‪ )22‬طه) أي من غير مرض‪ ،‬من غير عِلّة‪ ،‬من غير آفة‪( .‬أُوَْل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَا ِ‬
‫ب مَن َي ْعمَلْ سُوءًا‬ ‫ل ا ْلكِتَا ِ‬
‫س بَِأمَا ِنّيكُمْ وَل َأمَانِيّ أَهْ ِ‬
‫قبيح‪ .‬المعصية عموما قد تكون صغيرة أو كبيرة‪ ،‬السوء يكون في المعاصي وغيرها (ّليْ َ‬
‫ج َز بِهِ (‪ )123‬النساء) صغيرة أو كبيرة‪ .‬فإذن كلمة سوء عامة في الفعال وغيرها‪ ،‬أصابه سوء‪ ،‬من غير سوء‪ ،‬ما يغم النسان سوء‪،‬‬ ‫يُ ْ‬
‫ب (‪ )45‬غافر) كلمة سوء عامة وكلمة سيئة خاصة وتُجمع‬ ‫ق بِآلِ ِفرْعَوْنَ سُوءُ ا ْل َعذَا ِ‬‫ت مَا َمكَرُوا وَحَا َ‬
‫سّيئَا ِ‬
‫أولئك لهم سوء العذاب (فَ َوقَاهُ اللّهُ َ‬
‫على سيئات أما كلمة سوء فهي إسم المصدر‪ ،‬المصدر ل يُجمع إل إذا تعددت أنواعه‪ ،‬هذا حكم عام‪ .‬ولكنهم قالوا في غير الثلثي يمكن أن‬
‫يُجمع على مؤنث سالم مثل المشي والنوم هذا عام يطلق على القليل والكثير إذا تعددت أنواعه ضرب تصير ضروب محتمل لكن المصدر‬
‫وحده ل يُجمع هذه قاعدة‪.‬‬
‫آية (‪:)8‬‬
‫حوْلَهٍَا (‪ )8‬النمٍل)؟(د‪.‬فاضٍل‬
‫ن َ‬
‫م ٍْ‬ ‫من فٍِي الن َّ ِ‬
‫ار َو َ‬ ‫جاءهٍَا نُودٍِيَ أَن بُورٍِ َ‬
‫ك ٍَ‬ ‫*مٍا معنٍى اليٍة (فَل ٍَ َّ‬
‫ما َ‬
‫السامرائى)‬
‫المفسرون ذكروا أقوالً مختلفة فيها قسم قال (من في النار) الملئكة (ومن حولها) موسى والنار ليست نارا عادية وقسم قال موسى من فيها‬
‫والملئكة حولها وقسم قال هو نور رب العالمين تراءى له كأنه نار‪( .‬من في النار) بمعنى الذي لذلك المفسرون اختلفوا وقسم قال موسى‬
‫الذي كان في النار غشيته رحمة ال وقسم قال الملئكة في النار وموسى حولها وقسم قال النار هو نوره سبحانه‪.‬‬
‫آية (‪:)9‬‬
‫ك (‪ )12‬طه) ثم قال بعدها‬ ‫خلَعْ نَعْلَي ْ َ‬ ‫*الكلم لموسى عليه السلم في سورة طه (إِنِّي أَنَا َرب ُّ َ‬
‫ك فَا ْ‬
‫َ‬ ‫(إنَن ٍِي أَن ا الل ٍَّه َل إل ٍَه إَّل أَن ا (‪ ))14‬وفٍي سٍورة النمٍل (ي ا مو سى إن َ َ‬
‫ه الْعَزِيُز ال ْ َ‬
‫حكِي ُمٍ (‪))9‬‬ ‫ه أن ٍَا الل ٍّ ُ‬
‫ِ ٍّ ُ‬ ‫ٍَ ُ ٍَ‬ ‫ِ َ ِ ٍَ‬ ‫ُ‬ ‫ٍَ‬ ‫ِّ‬
‫فما الفرق بينها؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫إني وإنني‪ ،‬إنني آكد من إني في زيادة النون وحتى يقولون في الساميات القديمة‪ :‬إنني آكد من إني‪( .‬إنني) عبارة عن (إن) مع نون الوقاية‬
‫ن من دون نون الوقاية والياء‪ .‬نون الوقاية يمكن حذفها هنا تقول إنني وتقول إني إذن حذفها ممكن فلماذا يؤتى بها؟ قلنا‬
‫مع الياء‪( .‬إني) إ ّ‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ن مؤكدة وإنني زيادة في التوكيد حتى الدارسين للغات القديمة يقولون في اللغة السامية إنني آكد من إن يستعملون نون‬ ‫لزيادة التوكيد‪ ،‬إ ّ‬
‫ن (‪ )32‬يوسف) وللتوكيد أيضا‪ .‬هي النون تؤكد الفعال‬ ‫جنَنّ وََل َيكُونًا مّنَ الصّاغِرِي َ‬ ‫مؤكدة أخرى لن النون مؤكدة في السماء والفعال (َليُسْ َ‬
‫وتؤكد السماء ويؤتى بها في آخر الفعل المضارع والمر للتوكيد ويؤتى بها في أول السماء للتوكيد‪ .‬إذا جيء بها في أول السماء هي‬
‫مثقّلة ل ينطق بها لن أولها ساكن فيؤتى بالهمزة حتى يُنطق الساكن فصارت إنّ‪ .‬هي في أصلها نون بدون همزة النون في الفعل ليس فيها‬
‫ل لن الول ساكن والعرب ل تبدأ بالساكن كل‬ ‫همزة تتصل بالفعل مباشرة ل تحتاج إلى همزة وهذه تتصل بالسم ل يمكن أن ينطق بها أص ً‬
‫مُشدّد أوله ساكن فالعرب ل تبدأ بالساكن فجاؤا بالهمزة لينطق بالساكن فصارت إن وأن وليس هذا فقط وإنما هي مع الفعال الفعل يبنى على‬
‫الفتح وفي السماء السم ينصب معها‪ .‬إذن إنّ للتوكيد‪ ،‬النون هي توكيد السماء والفعال تقع في آخر الفعل وفي أول السم هذا تفتحه وهذا‬
‫خلَعْ َنعَْل ْيكَ ِإّنكَ بِا ْلوَادِ ا ْل ُم َقدّسِ‬
‫ك فَا ْ‬ ‫تنصبه إذن النون آكد‪ .‬يبقى لماذا هنا آكد من ذلك؟ ننظر اليات (فََلمّا َأتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (‪ِ )11‬إنّي َأنَا َرّب َ‬
‫عبُ ْدنِي وََأقِمِ‬‫س َتمِعْ ِلمَا يُوحَى (‪ِ )13‬إّننِي َأنَا اللّ ُه لَا إِلَهَ ِإلّا َأنَا فَا ْ‬ ‫طوًى (‪ )12‬طه) يخلع نعليه لنه بالواد المقدس‪ .‬تستمر اليات (وََأنَا ا ْ‬
‫ختَ ْر ُتكَ فَا ْ‬ ‫ُ‬
‫الصّلَاةَ ِل ِذكْرِي (‪ ))14‬هذا أمر بالستماع‪ .‬هذا في مقام التوحيد والعبادة وفي الية السابقة اخلع نعليك ولم يقل فيها استمع أما الية الثانية‬
‫فطلب منه الستماع لن المر الذي سيلقيه إليه أهم من خلع النعل‪ .‬الكلم من ال تعالى في اليتين لكن الكلم بعضه أهم من بعض‪ِ( .‬إّننِي‬
‫سعَى (‪ )15‬طه) تبليغات في العقيدة‬ ‫س ِبمَا تَ ْ‬
‫ل َنفْ ٍ‬ ‫عُبدْنِي َوَأقِمِ الصّلَاةَ ِل ِذكْرِي (‪ )14‬إِنّ السّاعَةَ ءَاتِيَةٌ َأكَادُ أُ ْ‬
‫خفِيهَا ِلتُجْزَى كُ ّ‬ ‫َأنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلّا َأنَا فَا ْ‬
‫ل هَـذَا َربّي هَـذَآ‬ ‫س بَازِغَ ًة قَا َ‬ ‫شمْ َ‬ ‫ورسالة وليست كـ(اخلع نعليك) ليسا منزلة واحدة قطعا‪ .‬شبيه بها في كلم سيدنا إبراهيم (فََلمّا َرأَى ال ّ‬
‫ل ِإبْرَاهِيمُ لَِأبِيهِ َوقَ ْومِهِ ِإّننِي بَرَاء ّممّا َتعْ ُبدُونَ (‪ )26‬الزخرف) ذاك‬ ‫ن (‪ )78‬النعام) (وَِإ ْذ قَا َ‬ ‫ت قَالَ يَا قَوْمِ ِإنّي بَرِي ٌء ّممّا تُشْ ِركُو َ‬ ‫َأ ْكبَ ُر فََلمّا َأ َفلَ ْ‬
‫في مقام تبليغ لبيه وقومه فقال بريء وهنا مقام براء‪ ،‬براء مصدر أو تحويل إلى الصفة المشبهة وكلهما أقوى من بريء‪ ،‬هذا إخبار‬
‫بالمصدر عن الذات هذا ل يؤتى إل في مقام التجوز تقول هو سعيٌ له أو هو ساعٍ؟ هو سعيٌ‪ ،‬تخبر بالمصدر عن الذات‪ .‬الخبار بالمصدر‬
‫عن الذات أي تحول الذات إلى مصدر (إنني براء) أقوى من بريء‪ .‬براء مصدر وبريء صفة مشبهة‪ ،‬يقال هو قدوم وهو قادم ل تقول‬
‫بصورة قياسية إل في مواطن تجوّزا‪ ،‬الخبار بالمصدر عن الذات تجوّز‪ .‬لهذا قال (إنني براء) حولها إلى ما هو أوكد وأبلغ من بريء (إنني‬
‫براء) لنه في مقام تبليغ وقوة في الكلم فقال إنني‪.‬‬
‫حكِيمُ (‪ )9‬النمل) هذا ضمير الشأن الذي فيه التفخيم والتعظيم‪( .‬إنه) الهاء ضمير الشأن‪ .‬ضمير الشأن هو‬ ‫أما (يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ‬
‫أو هي فقط لنه يعود على الشأن والشأن يعبر عنه بـ هو أو هي‪ .‬يأتي بإن وأخواتها أي النواسخ (ظننته‪ ،‬إنه‪ ،‬إنها) يسموه ضمير القصة‬
‫والشأن لكن لما يكون مؤنثا يسمونه ضمير القصة لنه يعود على القصة مؤنث كلمة الشأن مذكر والقصة مؤنث (هي الدنيا تُغرّر تابعيها)‬
‫هي ضمير الشأن لن الشأن هو القصة يقال ضمير القصة عندما يفسر في جملة فيها مؤنث ولما يفسر في جملة فيها مذكر يقال ضمير‬
‫سبْحَانَ اللّ ِه رَبّ‬ ‫حوَْلهَا وَ ُ‬ ‫ك مَن فِي النّارِ َومَنْ َ‬ ‫حكِيمُ) هذا في مقام التفخيم والتعظيم‪( .‬فََلمّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُو ِر َ‬ ‫الشأن‪ِ( .‬إنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِي ُز الْ َ‬
‫حكِي ُم (‪ )9‬النمل) هذا تعظيم وتنزيه‪ ،‬هذا يسمونه ضمير التعظيم‪.‬‬ ‫ا ْلعَاَلمِينَ (‪ )8‬يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ‬
‫آية (‪:)10‬‬
‫بأوصاف مختلفة مرة جان ومرة ثعبان ومرة حية‬ ‫*ورد في القرآن الكريم ذكر عصى موسى‬
‫فما الفرق بينها؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫المعنى اللغوي للكلمات‪ :‬الجان هي الحية السريعة الحركة تتلوى بسرعة‪ ،‬الثعبان هو الحية الطويلة الضخمة ال ّذكَر‪ ،‬الحية عامة تشمل‬
‫الصغيرة والكبيرة فالثعبان حية والجان حية‪ .‬الحية عامة تطلق على الجميع أما الثعبان فهو الذكر الضخم الطويل والجان هو الحية سريعة‬
‫الحركة‪ .‬ننظر كيف استعملها؟‬
‫ن مّبِينٌ (‬ ‫ن ّمبِينٌ (‪ )107‬العراف) (فَأَ ْلقَى عَصَا ُه فَِإذَا هِ َ‬
‫ي ُث ْعبَا ٌ‬ ‫ي ُثعْبَا ٌ‬
‫كلمة ثعبان لم يستعملها إل أمام فرعون في مكانين ( َفأَلْقَى عَصَاهُ َفِإذَا ِه َ‬
‫‪ )32‬الشعراء) وذلك لخافة فرعون ثعبان ضخم يُدخل الرهبة في قلبه فذكر الثعبان فقط أمام فرعون‪.‬‬
‫ب يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ‬ ‫ق عَصَاكَ فََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وَلَ ْم ُيعَقّ ْ‬ ‫كلمة الجان ذكرها في موطن خوف موسى في القصص (وَأَنْ َألْ ِ‬
‫ك فََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وَلَ ْم ُيعَقّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ ِإنّي لَا يَخَافُ‬ ‫ق عَصَا َ‬ ‫ك مِنَ الْآ ِمنِينَ (‪ ))31‬وفي النمل (وَأَ ْل ِ‬‫َولَا تَخَفْ ِإّن َ‬
‫ن (‪ ))10‬تتلوى وهي عصا واختيار كلمة جان في مقام الخوف (يَا مُوسَى لَا تَخَفْ) في القصص (فََلمّا رَآهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ)‬ ‫ي ا ْلمُرْسَلُو َ‬
‫َلدَ ّ‬
‫عصا يلقيها تكون جان واختيار كلمة جان والنسان يخاف من الجان والخوف والفزع‪ .‬الجان دللة الحركة السريعة‪ ،‬عصاه تهتز بسرعة‪.‬‬
‫الجان يخيف أكثر من الثعبان فمع الخوف استعمل كلمة جان وسمي جان لنه يستتر بمقابل النس (النس للظهور والجن للستر) هذا من‬
‫حيث اللغة‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬كيف رآها وفيها معنى الستتار؟ قد يظهر الجان بشكل أو يتشكل بشكل كما حدث مع أبو هريرة‪ ،‬قد يظهر الجان بشكل من الشكال‪.‬‬
‫كلمة (فََلمّا رَآهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ) إضافة إلى أنها حية صغيرة تتلوى بسرعة إضافة إلى إيحائها اللغوي يُدخل الفزع لذلك استعملها في مكان‬
‫خفْ)‪ .‬كلمة ثعبان أو حية ل تعطي هذه الدللة‪ .‬أناس كثيرون يمسكون الحية أو الثعبان ويقتلونها وفي الهند يمسكون‬ ‫(يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ وَلَا تَ َ‬
‫بالثعبان‪ .‬كل كلمة جعلها تعالى في مكانها‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫سُنعِيدُهَا سِي َر َتهَا ا ْلأُولَى (‪ )21‬طه) لم‬


‫ف َ‬ ‫سعَى (‪ )20‬قَالَ ُ‬
‫خذْهَا َولَا تَخَ ْ‬ ‫حيّ ٌة تَ ْ‬
‫الحية جاءت في مكان واحد لبيان قدرة ال تعالى (فَأَ ْلقَاهَا فَِإذَا هِيَ َ‬
‫يقل أن موسى هرب أو فزع‪ .‬ذكر ثعبان مع فرعون لنه مخيف وذكر جان مع موسى لنها تدخل الرعب على قلب موسى‪ .‬ذكر ثعبان‬
‫مرتين أمام فرعون وجان مرتين أمام موسى‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬لماذا لم يذكر جان مع فرعون؟ لنه مع المل الموجودين إذا كانوا مئات وتأتي بجان واحد ماذا يؤثر؟ لذا اختار ثعبان لنه يحتاج إلى‬
‫ضخامة وقوة‪.‬‬
‫آية (‪:)12‬‬
‫* قصة موسى عليه السلم من أكثر القصص التي فيها متشابهة فما اللمسة البيانية في اسلك‬
‫ل يَد َ َ‬
‫ك‬ ‫سوءٍ (‪ )32‬القصص) وأدخل يدك (وَأَد ْ ِ‬
‫خ ْ‬ ‫ن غَيْرِ ُ‬
‫م ْ‬
‫ضاء ِ‬
‫ج بَي ْ َ‬
‫خُر ْ‬ ‫جيْب ِ َ‬
‫ك تَ ْ‬ ‫ك ف ِي َ‬ ‫ك يَد َ َ‬‫سل ُ ْ‬‫يدك (ا ْ‬
‫سوءٍ (‪ )12‬النمل)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ن غَيْرِ ُ‬‫م ْ‬ ‫ضاء ِ‬
‫ج بَي ْ َ‬
‫خُر ْ‬‫ك تَ ْ‬ ‫جيْب ِ َ‬
‫فِي َ‬
‫اسلك يدك في جيبك ل تناقض (أدخل يدك في جيبك) لكن يمكن أن نسأل ما سبب الختيار؟ أصلً (اسلك) إدخال بيسر وسهولة عموما‬
‫وأدخل يدك‪ ،‬كله إدخال لكن يبقى السؤال لماذا هنا اختار اسلك وهنا اختار أدخل؟ لحظ السلوك كثيرا ما يتعمل في سلوك السهولة مثل سلك‬
‫ل َرّبكِ ذُلُلً (‪ )69‬النحل)‪ ،‬الدخول ل يستعمل‬ ‫سبُلًا ِفجَاجًا (‪ )20‬نوح) (فَاسُْلكِي ُ‬
‫سبُ َ‬ ‫ض بِسَاطًا (‪ِ )19‬لتَسُْلكُوا ِم ْنهَا ُ‬ ‫جعَلَ َلكُمُ ا ْلأَرْ َ‬‫الطريق (وَاللّ ُه َ‬
‫لهذه الصورة‪ .‬نلحظ في سورة القصص تردد سلوك المكنة والسُبل يعني سلوك الصندوق بموسى‪ ،‬سلوك أخته‪ ،‬سلوك موسى في الطريق‬
‫س َقيْتَ َلنَا (‪ ،))25‬سلوك الطريق بالعودة إلى مصر فإذن‬ ‫ج ِز َيكَ َأجْ َر مَا َ‬ ‫إلى مدين عندما فرّ‪ ،‬سلوكه إلى العبد الصالح (قَالَتْ إِنّ َأبِي َيدْعُوكَ ِليَ ْ‬
‫أنسب استخدام (اسُْلكْ َي َدكَ)‪ ،‬في سورة النمل لم يرد كل هذا السلوك‪ .‬من ناحية أخرى لو عرضنا هذه المسألة سنلحظ أنه في القصص الجو‬
‫ح َزنِي ِإنّا رَادّوهُ ِإَل ْيكِ‬ ‫ت عََليْ ِه فَأَ ْلقِيهِ فِي ا ْليَمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَ ْ‬
‫خفْ ِ‬ ‫في السورة السورة كلها مطبوعة بطابع الخوف كان مقترنا بأم موسى (فَِإذَا ِ‬
‫ب(‬ ‫ج ِم ْنهَا خَا ِئفًا َيتَ َرقّ ُ‬
‫خرَ َ‬‫ب (‪( ))18‬فَ َ‬ ‫ح فِي ا ْل َمدِينَةِ خَائِفًا َيتَ َرقّ ُ‬ ‫ن (‪ ))7‬ثم انتقل الخوف إلى موسى لما قتل واحدا (فَأَ ْ‬
‫صبَ َ‬ ‫َوجَاعِلُو ُه مِنَ ا ْلمُرْسَلِي َ‬
‫ت ِمنْهُ ْم نَ ْفسًا فََأخَافُ أَنْ‬ ‫ن (‪ ))25‬حتى لما كلفه سبحانه وتعالى قال (قَالَ رَ ّ‬
‫ب ِإنّي َقتَلْ ُ‬ ‫ت مِنَ ا ْلقَوْ ِم الظّاِلمِي َ‬
‫ف نَجَوْ َ‬ ‫‪ ))21‬الصالح قال (قَالَ لَا تَ َ‬
‫خ ْ‬
‫ن (‪ .))33‬في سورة النمل ليس فيها خوف وإنما قوة‪ .‬إذن حالة الخوف واضحة في قصة موسى في سورة القصص أما في سورة النمل‬ ‫يَ ْقتُلُو ِ‬
‫ض(‬ ‫سمَاء مَاء فَسََلكَ ُه َينَابِي َع فِي ا ْلأَرْ ِ‬ ‫ل مِنَ ال ّ‬ ‫ن اللّهَ أَنزَ َ‬ ‫ل (‪ )69‬النحل)أيسر‪( ،‬أَلَ ْم تَرَ أَ ّ‬ ‫سبُلَ َرّبكِ ذُلُ ً‬ ‫فمطلقة‪ ،‬السلوك أيسر من الدخول (فَاسُْلكِي ُ‬
‫‪ )21‬الزمر) أيسر‪ .‬أين نضع اليسر مع الخوف أو مع الشدة؟ اليسر مع الخوف أن ييسر عليه المسألة‪ .‬ففي حالة الخوف ذكر أخفّ الفعلين‬
‫(اسلك) مع حالة الخوف ذكر أخف الفعلين‪ ،‬مناسبة ومناسبة أيضا لسلوك الطرق فمن كل ناحية أنسب والمعنى ل يختلف كلهما يقال لكن‬
‫اختيار بياني‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬ماذا قال ربنا في واقع المر‪ :‬اسلك أو أدخل؟‬
‫هي ل تختلف‪ ،‬جاء أو أتى لما أترجم جاء أو أتى‪ ،‬قلت له إذهب أو امضِ‪ ،‬لكن اختيار إذهب أو امضِ‪ ،‬النسان البليغ يختار لسبب لكن‬
‫المعنى ل يختلف‪ ،‬ماذا قال إذهب أو أمضِ أترجمها حسب قدرتي البيانية والبلغية أقول إذهب أو امضِ‪.‬‬
‫آية (‪:)17‬‬
‫*ما الفرق بين أتى وجاء في القرآن الكريم؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫القرآن الكريم يستعمل أتى لما هو أيسر من جاء‪ ،‬يعني المجيء فيه صعوبة بالنسبة لتى ولذلك يكاد يكون هذا طابع عام في القرآن الكريم‬
‫ولذلك لم يأت فعل جاء بالمضارع ول فعل المر ول إسم الفاعل‪ .‬المجيء صعب‪ .‬قال تعالى(فَِإذَا جَاءتِ الصّاخّ ُة (‪ )33‬عبس) شديدة‪َ ( ،‬فِإذَا‬
‫شيَ ِة (‪ )1‬الغاشية) لم يقل أتتك الغاشية وإنما حديث الغاشية لكن هناك‬ ‫جَاءتِ الطّامّةُ ا ْل ُكبْرَى (‪ )34‬النازعات) شديدة‪( ،‬هَلْ َأتَاكَ َ‬
‫حدِيثُ ا ْلغَا ِ‬
‫الصاخة جاءت والطامة جاءت‪ِ( .‬إذَا جَاء نَصْرُ اللّهِ وَا ْل َفتْحُ (‪ )1‬النصر) هذا أمر عظيم هذا نصر ل يأتي بسهولة وإنما حروب ومعارك‪( ،‬هَلْ‬
‫شيْئًا ّم ْذكُورًا (‪ )1‬النسان) هذا نائم يمر عليه وهو ل يعلم‪ ،‬لم يكن شيئا مذكورا أي قبل وجوده لم‬ ‫ن مّنَ الدّهْرِ لَ ْم َيكُن َ‬
‫َأتَى عَلَى ا ْلإِنسَانِ حِي ٌ‬
‫يكن شيئا مذكورا قسم قال لم يكن شيئا ل مذكورا ول غير مذكور وقسم قال كان شيئا ولم يكن مذكورا كان ل يزال طينا لم تنفخ فيه الروح‪،‬‬
‫ففي الحالتين ل يشعر بمرور الدهر فاستعمل أتى‪ .‬إذن التيان والمجيء بمعنى لكن التيان فيه سهولة ويسر أما المجيء ففيه صعوبة وشدة‬
‫ل (‪ )17‬النمل) ليس هنا‬ ‫حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْ ِ‬
‫ويقولون السيل المار على وجهه يقال له أتيّ م ّر هكذا يأتي بدون حواجز لنه سهل‪َ ( .‬‬
‫حرب‪( ،‬وَجَاؤُواْ َأبَاهُ ْم عِشَاء َي ْبكُونَ (‪ )16‬يوسف) هذه فيها قتل‪ .‬إذن هنالك فروق دللية بين جميع كلمات العربية سوءا علمناها أو لم‬
‫نعلمها‪ .‬رأي الكثيرين من اللغويين قالوا ليس هناك ترادف في القرآن إل إذا كانت أكثر من لغة (مثل مدية وسكين) ول بد أن يكون هناك‬
‫فارق‪.‬‬
‫*قصة موسى عليه السلم في سورتي النمل والقصص ‪:‬‬
‫د‪.‬فاضل السامرائى‪:‬‬
‫من سورة النمل‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ن {‪}7‬‬ ‫طلُو َ‬
‫ب َقبَسٍ ّلعَّلكُ ْم تَصْ َ‬ ‫شهَا ٍ‬‫خبَرٍ أَ ْو آتِيكُم بِ ِ‬ ‫ت نَارا سَآتِيكُم ّم ْنهَا بِ َ‬ ‫ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي آنَسْ ُ‬ ‫حكِي ٍم عَلِي ٍم {‪ِ }6‬إ ْذ قَا َ‬ ‫ن مِن ّلدُنْ َ‬ ‫(وَِإّنكَ َلتُلَقّى الْ ُقرْآ َ‬
‫عصَاكَ‬ ‫ق َ‬ ‫حكِيمُ {‪ }9‬وَأَلْ ِ‬ ‫سبْحَانَ اللّهِ رَبّ ا ْلعَاَلمِينَ {‪ }8‬يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ‬ ‫ك مَن فِي النّارِ َومَنْ حَوَْلهَا َو ُ‬ ‫فََلمّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُو ِر َ‬
‫حسْنا َبعْدَ سُو ٍء فَِإنّي‬ ‫ن {‪ }10‬إِلّا مَن ظََل َم ثُ ّم بَدّلَ ُ‬ ‫سلُو َ‬‫فََلمّا رَآهَا َت ْهتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرا وَلَ ْم ُيعَقّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ ا ْلمُرْ َ‬
‫ن {‪ }12‬فََلمّا‬ ‫غيْرِ سُو ٍء فِي تِسْ ِع آيَاتٍ إِلَى ِفرْعَوْنَ َوقَ ْومِهِ ِإّنهُمْ كَانُوا قَوْما فَاسِقِي َ‬ ‫ج َبيْضَاء مِنْ َ‬ ‫خرُ ْ‬ ‫ج ْي ِبكَ تَ ْ‬
‫خلْ َي َدكَ فِي َ‬ ‫غفُورٌ رّحِي ٌم {‪ }11‬وََأدْ ِ‬ ‫َ‬
‫ف كَا َن عَا ِقبَةُ ا ْلمُ ْف ِسدِي َن {‪.)}14‬‬ ‫سهُ ْم ظُلْما وَعُلُوّا فَانظُ ْر َكيْ َ‬ ‫س َتيْ َق َن ْتهَا أَنفُ ُ‬
‫حدُوا ِبهَا وَا ْ‬ ‫سحْ ٌر ّمبِينٌ {‪َ }13‬وجَ َ‬ ‫صرَ ًة قَالُوا َهذَا ِ‬ ‫جَاء ْتهُمْ آيَا ُتنَا ُمبْ ِ‬
‫من سورة القصص‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫جذْوَ ٍة مِنَ النّارِ‬ ‫خبَرٍ أَ ْو َ‬ ‫ت نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم مِ ْنهَا بِ َ‬ ‫س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا قَالَ ِلأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَسْ ُ‬ ‫جلَ وَسَا َر بِأَهْلِهِ َآنَ َ‬ ‫(فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ‬
‫ن (‪)30‬‬ ‫ن فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَةِ مِنَ الشّجَ َرةِ أَنْ يَا مُوسَى ِإنّي َأنَا اللّهُ َربّ ا ْلعَاَلمِي َ‬ ‫طئِ الْوَادِ الَْأ ْيمَ ِ‬‫ي مِنْ شَا ِ‬ ‫ن (‪ )29‬فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ‬ ‫صطَلُو َ‬ ‫َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫ج ْي ِبكَ َتخْرُجْ‬
‫ك فِي َ‬ ‫ف ِإّنكَ مِنَ الَْآ ِمنِينَ (‪ )31‬اسُْل ْ‬
‫ك يَ َد َ‬ ‫ب يَا مُوسَى َأ ْقبِلْ َولَا تَخَ ْ‬ ‫ق عَصَاكَ َفَلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى ُم ْدبِرًا وََلمْ ُيعَقّ ْ‬ ‫َوأَنْ أَلْ ِ‬
‫ن (‪ )32‬قَالَ َربّ ِإنّي‬ ‫ن مِنْ َرّبكَ إِلَى فِرْعَوْنَ َومََلئِهِ ِإّنهُمْ كَانُوا قَ ْومًا فَاسِقِي َ‬ ‫ب َفذَا ِنكَ بُرْهَانَا ِ‬ ‫ك مِنَ الرّهْ ِ‬ ‫حَ‬ ‫جنَا َ‬ ‫ضمُمْ إَِل ْيكَ َ‬‫غيْ ِر سُوءٍ وَا ْ‬ ‫َبيْضَا َء مِنْ َ‬
‫ن (‪.))33‬‬ ‫ن يَ ْقتُلُو ِ‬
‫ت ِم ْنهُ ْم نَفْسًا فََأخَافُ أَ ْ‬ ‫َقتَلْ ُ‬
‫من هذين النصين تتبين طائفة من الختلفات في التعبير أدوّن أظهرها‪:‬‬
‫القصص‬ ‫النمل‬
‫آنس من جانب الطور نارا‬ ‫إني آنست نارا‬
‫امكثوا‬ ‫ـــــــ‬
‫لعلي آتيكم منها بخبر‬ ‫سآتيكم منها بخبر‬
‫أو جذوة من النار‬ ‫أو آتيكم بشهاب قبس‬
‫فلما أتاها‬ ‫فلما جاءها‬
‫نودي من شاطئ الواد اليمن‬ ‫نودي أن بورك‬
‫ـ‬ ‫وسبحان ال رب العالمين‬
‫أن يا موسى‬ ‫يا موسى‬
‫إلي أنا ال رب العالمين‬ ‫إنه أنا ال العزيز الحكيم‬
‫وأن ألق عصاك‬ ‫وألق عصاك‬
‫يا موسى أقبل ول تخف‬ ‫يا موسى ل تخف‬
‫إنك من المنين‬ ‫إني ل يخاف لدي المرسلون‬
‫ـــــ‬ ‫إل من ظلم‬
‫اسلك يدك‬ ‫وأدخل يدك في جيبك‬
‫فذانك برهانان‬ ‫في تسعِ آيات‬
‫واضمم إليك جناحك ممن الرّهْب‬ ‫ـ‬
‫إلى فرعون وملئه‬ ‫إلى فرعون وقومه‬
‫إن الذي أوردته من سورة النمل‪ ،‬هو كل ما ورد عن قصة موسى في السورة‪ .‬وأما ما ذكرته من سورة القصص فهو جزء يسير من‬
‫القصة‪ ،‬فقد وردت القصة مفصلة ابتداء من قبل أن يأتي موسى إلى الدنيا إلى ولدته‪ ،‬وإلقائه في اليم والتقاطه من آل فرعون‪ ،‬وإرضاعه‬
‫ونشأته وقتله المصري وهربه من مصر إلى مدين‪ ،‬وزواجه وعودته بعد عشر سنين وإبلغه بالرسالة من ال رب العالمين‪ ،‬وتأييده باليات‪،‬‬
‫ودعوته فرعون إلى عبادة ال إلى غرق فرعون في اليم‪ ،‬وذلك من الية الثانية إلى الية الثالثة والربعين‪.‬‬
‫فالقصة في سورة القصص إذن مفصلة مطولة‪ ،‬وفي سورة النمل موجزة مجملة‪ .‬وهذا المر ظاهر في صياغة القصتين‪ ،‬واختيار التعبير‬
‫لكل منهما‪.‬‬
‫هذا أمر‪ ،‬والمر الثاني أن المقام في سورة النمل‪ ،‬مقا ُم تكريم لموسى أوضح مما هو في القصص‪ ،‬ذلك أنه في سورة القصص‪ ،‬كان جو‬
‫القصة مطبوعا بطابع الخوف الذي يسيطر على موسى عليه السلم‪ ،‬بل إن جو الخوف كان مقترنا بولدة موسى عليه السلم‪ ،‬فقد خافت أمه‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ت عََليْهِ َفأَلْقِي ِه فِي ا ْل َيمّ وَل تَخَافِي وَل تَحْ َزنِي" القصص‪ ،7 :‬ويستبد‬ ‫ضعِيهِ َفِإذَا خِ ْف ِ‬ ‫حيْنَا ِإلَى ُأمّ مُوسَى أَنْ َأرْ ِ‬ ‫فرعونَ عليه‪ ،‬فقد قال تعالى‪" :‬وَأَ ْو َ‬
‫طنَا عَلَى قَ ْل ِبهَا" القصص‪10:‬‬ ‫ن كَادَتْ َلُتبْدِي بِهِ لَوْل أَنْ َربَ ْ‬ ‫صبَحَ فُؤَادُ أُ ّم مُوسَى فَارِغا إِ ْ‬ ‫بها الخوف أكثر حتى يصفها رب العزة بقوله‪" :‬وََأ ْ‬
‫ب ‪ ."18‬فنصحه أحدُ الناصحين‬ ‫صبَحَ فِي ا ْل َمدِينَةِ خَائِفا َيتَ َرقّ ُ‬ ‫ثم ينتقل الخوف إلى موسى عليه السلم‪ ،‬ويساوره وذلك بعد قتله المصري‪َ " :‬فأَ ْ‬
‫جنِي مِنَ‬ ‫ب ‪ ، "21‬وطلب من ربه أن ينجيه من بطش الظالمين‪" :‬قَالَ َر ّ‬
‫ب نَ ّ‬ ‫ج ِم ْنهَا خَائِفا َيتَ َرقّ ُ‬ ‫بالهرب من مصر لنه مهدد بالقتل‪َ " :‬فخَرَ َ‬
‫ت مِنَ ا ْلقَ ْومِ‬‫ف نَجَ ْو َ‬‫الْقَ ْومِ الظّاِلمِينَ ‪ . "21‬فهرب إلى مدين وهناك اتصل برجل صالح فيها‪ ،‬وقص عليه القصص فطمأنه قائل‪ " :‬ل تَخَ ْ‬
‫ن ‪"25‬‬ ‫الظّاِلمِي َ‬
‫وهذا الطابع ـ أعني طابع الخوف ـ يبقى ملزما للقصة إلى أواخرها‪ ،‬بل حتى إنه لما كلفه ربه بالذهاب إلى فرعون راجعه وقال له‪ :‬إنه‬
‫ن ‪ ،"33‬وطلب أخاه ظهيرا له يعينه ويصدقه لنه يخاف أن‬ ‫ن يَ ْقتُلُو ِ‬‫ت ِمنْهُ ْم نَفْسا فََأخَافُ أَ ْ‬ ‫ب ِإنّي َقتَلْ ُ‬ ‫خائف على نفسه من القتل‪" :‬قَالَ رَ ّ‬
‫ن ُيكَ ّذبُونِ ‪"34‬‬ ‫ص ّدقُنِي ِإنّي َأخَافُ أَ ْ‬ ‫ي ِردْءا يُ َ‬ ‫ن هُوَ َأ ْفصَحُ ِمنّي ِلسَانا َفأَرْسِلْ ُه َمعِ َ‬ ‫يكذبوه‪" :‬وََأخِي هَارُو ُ‬
‫في حين ليس المر كذلك في قصة النمل‪ ،‬فإنها ليس فيها ذكر للخوف إل في مقام إلقاء العصا‪.‬‬
‫فاقتضى أن يكون التعبير مناسبا للمقام الذي ورد فيه‪ .‬وإليك إيضاح ذلك‪:‬‬
‫س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارا"‬ ‫ت نَارا " وقال في سورة القصص‪" :‬آنَ َ‬ ‫قال تعالى في سورة النمل‪ِ " :‬إنّي آنَسْ ُ‬ ‫‪‬‬
‫ب الطّورِ" وذلك لمقام التفصيل الذي بنيت عليه القصة في سورة القصص‪.‬‬ ‫فزاد ‪ " :‬مِنْ جَانِ ِ‬
‫ستُ نَارا" بزيادة‬ ‫ت نَارا" وقال في سورة القصص‪ " :‬قَالَ ِلأَهْلِهِ ِإنّي آنَ ْ‬ ‫ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي آنَسْ ُ‬ ‫قال في سورة النمل‪ِ" :‬إ ْذ قَا َ‬ ‫‪‬‬
‫"ا ْمكُثُوا"‪ .‬وهذه الزيادة نظيرة ما ذكرناه آنفا‪ ،‬أعني مناسبة لمقام التفصيل الذي بنيت عليه القصة بخلف القصة في النمل المبنية‬
‫على اليجاز‪.‬‬
‫خبَرٍ"‪ .‬فبنى الكلم في النمل على القطع "سَآتيكُم"‬ ‫خبَرٍ"‪ .‬وقال في القصص‪َ " :‬لعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫قال في النمل‪ " :‬سَآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫‪‬‬
‫وفي القصص علىالترجي "لعَلّي آتيكُمْ"‪ .‬وذلك أن مقام الخوف في القصص لم يدعه يقطع بالمر فإن الخائف ل يستطيع القطع بما‬
‫سيفعل بخلف المن‪ .‬ولما لم يذكر الخوف في سورة النمل بناه على الوثوق والقطع بالمر‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى إن ما ذكره في النمل هو المناسب لمقام التكريم لموسى بخلف ما في القصص‪.‬‬
‫ومن ناحية ثالثة‪ ،‬؟إن كل تعبير مناسبٌ لجو السورة الذي وردت فيه القصة‪ ،‬ذلك أن الترجي من سمات سورة القصص‪ ،‬والقطع من سمات‬
‫عسَى َربّي أَن َي ْهدِيَني سَوَاءَ السّبيلِ"‬ ‫خذَهُ وَلَدا" وهو ت َرجّ‪ .‬وقال‪َ "" :‬‬ ‫سورة النمل‪ .‬فقد جاء في سورة القصص قوله تعالى‪" :‬عَسى أن ينْ َفعَنا أ ْو نَتّ ِ‬
‫خبَرٍ" وقال "َلعَّلكُم تَصْطَلونَ"‪ ،‬وقال‪َ" :‬لعَلّي أَطّلِعُ إلى إِلَهِ موسَى"‪ ،‬وقال‪َ" :‬لعَّل ُهمْ َيتَذكّرونَ " ثلث‬ ‫ج أيضا‪ .‬وقال‪َ " :‬لعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا ِب َ‬ ‫وهو تر ّ‬
‫ن ‪"73‬وهذا كله ترجّ‪ .‬وذلك في عشرة‬ ‫ن مِنَ المُفْلِحينَ"‪ ،‬وقال‪" :‬وَلعَّلكُم تَشكُرو َ‬ ‫مرات في اليات ‪ ،51 ،46 ،43‬وقال‪َ " :‬فعَسَى أَنْ يَكو َ‬
‫مواطن في حين لم يرد الترجي في سورة النمل‪ ،‬إل في موطنين وهما قوله‪َ" :‬لعَّل ُكمْ َتصْطَلونَ"‪ ،‬وقوله‪َ" :‬لعَّل ُكمْ تُ ْرحَمونَ"‬
‫س َبأٍ ِب َنبٍَأ يَقِينٍ"النمل‪:‬‬
‫ج ْئ ُتكَ مِنْ َ‬ ‫ط بِهِ وَ ِ‬ ‫ت ِبمَا لَ ْم تُحِ ْ‬ ‫ط ُ‬
‫وقد تردد القطع واليقين في سورة النمل‪ ،‬من ذلك قوله تعالى على لسان الهدهد‪" :‬أَحَ ْ‬
‫عَليْهِ َلقَوِيّ َأمِينٌ" النمل‪ 39 :‬وقوله على لسان‬ ‫ن مَقَا ِمكَ وَِإنّي َ‬ ‫ن تَقُو َم مِ ْ‬ ‫‪ ، 22‬وقوله على لسان العفريت لسيدنا سليمان‪َ" :‬أنَا آتِيكَ بِ ِه َقبْلَ أَ ْ‬
‫ن يَ ْر َتدّ إَِل ْيكَ طَ ْر ُفكَ " النمل‪40:‬‬ ‫ك بِهِ َقبْلَ أَ ْ‬ ‫الذي عنده علم من الكتاب‪َ" :‬أنَا آتِي َ‬
‫فانظر كيف ناسب الترجي ما ورد في القصص‪ ،‬وناسب القطع واليقين ما ورد في النمل‪.‬‬
‫سيُريكُمْ آيَلتِ ِه َف َتعْرِفوَها ‪"93‬‬ ‫ح ْمدُ لِلّه َ‬ ‫خبَر" ومناسبته لقوله تعالى في آخر السورة‪" :‬الْ َ‬ ‫ثم انظر بعد ذلك قوله تعالى في القصة‪" :‬سَآتيكُ ْم ِمنْها بِ َ‬
‫سيُ ِر َيكُمْ"‪.‬‬
‫وانظر مناسبة "سَآتيكُمْ" لـ " َ‬
‫وبعد كل ذلك‪ ،‬انظر كيف تم وضع كل تعبير في موطنه اللئق به‪.‬‬
‫خبَر أ ْو آتيكُ ْم بِشِهابٍ"‪ ،‬ولم يكرره في القصص‪ ،‬بل قال‪َ" :‬لعَلّي آتيكُ ْم ِمنْها‬ ‫كرّر فعل التيان في النمل‪ ،‬فقال‪" :‬سَآتيكُ ْم مِنها بِ َ‬ ‫‪‬‬
‫جذْوَةٍ"‬
‫خبَ ٍر أوْ َ‬
‫بِ َ‬
‫فأكد التيان في سورة النمل لقوة يقينه وثقته بنفسه‪ ،‬والتوكيد يدل على القوة‪ ،‬في حين لم يكرر فعل التيان في القصص مناسبة لجو‬
‫الخوف‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى إن فعل (التيان) تكرر في النمل اثنتي عشرة مرة‪( .‬انظر اليات‪ 7 :‬مرتين‪،37 ،28 ،21 ،18 ،‬‬
‫‪)87 ،55 ،54 ،40 ،39 ،38‬‬
‫وتكرر في القصص ست مرات (انظر اليات ‪ )72 ،71 ،49 ،46 ،30 ،29‬فناسب تكرار (آتيكم) في النمل من كل وجه‪.‬‬
‫جذْوَ ٍة مِنَ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َ‬
‫صطَلُونَ" وقال في القصص‪ " :‬نَارا َلعَلّي آتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫وقال في سورة النمل‪ " :‬أَ ْو آتِيكُ ْم بِ ِ‬ ‫‪‬‬
‫طلُونَ"‬
‫النّارِ َلعَّلكُ ْم تَصْ َ‬
‫فذكر في سورة النمل أنه يأتيهم بشهاب قبس‪ ،‬والشهاب‪ :‬هو شعلة من النار ساطعة‪( .‬انظر لسان العرب (شهب) ‪ ، 491 / 1‬القاموس‬
‫المحيط (شهب) ‪)91 / 1‬‬
‫ومعنى (ال َقبَس) شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس يقال‪ :‬قبس يقبس منه نارا‪ ،‬أي‪ :‬أخذ منه نارا‪ ،‬وقبس العل َم استفاده (انظر القاموس‬
‫المحيط (قبس) ‪) 238 / 2‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫وأما (الجذوة) فهي الجمرة أو القبسة من النار (انظر القاموس المحيط (جذا) ‪ )311 / 4‬وقيل‪ :‬هي ما يبقى من الحطب بعد اللتهاب‪ ،‬وفي‬
‫معناه ما قيل‪ :‬هي عود فيه نار بل لهب‪( .‬انظر روح المعاني ‪)72 / 20‬‬
‫والمجيء بالشهاب أحسن من المجيء بالجمرة‪ ،‬لن الشهاب يدفئ أكثر من الجمرة لما فيه من اللهب الساطع‪ ،‬كما أنه ينفع في الستنارة‬
‫أيضا‪ .‬فهو أحسن من الجذوة في التضاءة والدفء‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى ذكر أنه سيأتي بالشهاب مقبوسا من النار‪ ،،‬وليس مختَلَسا أو محمول منها‪ ،‬لن الشهاب يكون مقبوسا‬
‫وغير مقبوس (انظر البحر المحيط ‪ ، )55 / 7‬وهذا أدل على القوة وثبات الجنان‪ ،‬لن معناه أنه سيذهب إلى النار‪ ،‬ويقبس منها شعلة نار‬
‫ساطعة‪.‬‬
‫أما في القصص فقد ذكر أنه ربما أتى بجمرة من النار‪ ،‬ولم يقل إنه سيقبسها منها‪.‬‬
‫والجذوة قد تكون قبسا وغير قبس‪ ،‬ول شك أن الحالة الولى أكمل وأتم لما فيها من زيادة نفع الشهاب على الجذوة‪ ،‬ولما فيها من الدللة‬
‫على الثبات وقوة الجنان‪.‬‬
‫وقد وضع كل تعبير في موطنه اللئق به‪ ،‬ففي موطن الخوف ذكر الجمرة ‪ ،‬وفي غير موطن الخوف ذكر الشهاب والقبس‪.‬‬
‫قال في سورة النمل‪" :‬فََلمّا جاءَهَا نُودِيَ" وقال في سورة القصص‪" :‬فََلمّا أَتاها نُودِيَ"‬ ‫‪‬‬
‫فما الفرق بينهما؟‬
‫ل المارّ على وجهه أتي" (المفردات في غريب‬ ‫قال الراغب الصفهاني مفرقا بين التيان والمجيء‪ :‬التيان مجيءٌ بسهولة‪ ،‬ومنه قيل للسي ِ‬
‫القرآن ‪ .)6‬وقال‪" :‬المجيء كالتيان‪ ،‬لكن المجيء أعم‪ ،‬لن التيان مجيء بسهولة" (المفردات ‪)102‬‬
‫ولم يذكر أهل المعجمات ما ذكره الراغب‪ ،‬وإنما هم يفسرون واحا بالخر‪ ،‬فيفسرون جاء بأتى‪ ،‬وأتى بجاء‪ ،‬غير أنهم يذكرون في بعض‬
‫تصريفات (أتى) ما يدل على السهولة‪ ،‬فيقولون مثل في تفسير الطريق الميتاء من (أتى) "طريق مسلوك يسلكه كل أحد" وذلك لسهولته‬
‫ويسره‪ .‬ويقولون ‪" :‬كل سيل سهلته الماء أتيّ" و "أتّوا جداولها‪ :‬سهلوا طرق المياه إليها" يقال‪( :‬أتّيت الماء) إذا أصلحت مجراه حتى يجري‬
‫إلى مقارّه ‪ ..‬ويقال‪ :‬أتّيت للسيل‪ ،‬فأنا أؤتّيه إذا سهلت سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه ‪ ..‬وأتّيت الماء تأتيةً وتأتيا‪ ،‬أي‪ :‬سهلت سبيله‬
‫ليخرج إلى موضع"( لسان العرب (أتى) ‪)14 / 18‬‬
‫والذي استبان لي أن القرآن الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة‪ ،‬أو لما هو أصعب وأشق مما تستعمل له (أتى) فهو يقول مثل‪:‬‬
‫ق ‪ "19‬ق‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫ت بِالحَ ّ‬
‫سكْرَ ُة ا ْلمَوْ ِ‬ ‫"فَإذا جَاءَ َأمْرُنا وَفارَ ال ّتنّو ُر ‪ " 27‬المؤمنون‪ ،‬وذلك لن هذا المجيء فيه مشقة وشدة‪ .‬وقال‪" :‬وجَا َءتْ َ‬
‫شيْئا ُنكْرا ‪ "74‬الكهف‪.‬‬ ‫جئْتَ ِ‬ ‫شيْئا إمْرَا ‪ "71‬الكهف‪ .‬وقال‪" :‬ل َقدْ ِ‬ ‫جئْتَ َ‬ ‫"لَ َقدْ ِ‬
‫ن ِمنْهُ َو َتنْشَقّ‬
‫ت يَتَ َفطّرْ َ‬
‫سمَاوَا ُ‬‫شيْئا ِإدّا‪َ .‬تكَادُ ال ّ‬‫ج ْئتُمْ َ‬
‫حمَنُ َولَدا‪َ .‬ل َقدْ ِ‬‫خذَ الرّ ْ‬ ‫شيْئا فَ ِريّا ‪ "27‬مريم‪ .‬وقال‪َ " :‬وقَالُوا اتّ َ‬ ‫ج ْئتِ َ‬ ‫وقال‪" :‬قَالُوا يَا مَ ْريَمُ َل َقدْ ِ‬
‫ل َهدّا" مريم ‪.‬‬ ‫جبَا ُ‬ ‫الْأَ ْرضُ َوتَخِرّ ا ْل ِ‬
‫ل كَانَ زَهُوقا"السراء‪ .81:‬وقال‪" :‬فَإذا جاءَت الصّاخّة‪ .‬يَوْ َم َيفِ ّر المَ ْر ُء من أخيهِ" عبس‪ .‬وقال‪:‬‬ ‫حقّ وَزَهَقَ ا ْلبَاطِلُ إِنّ ا ْلبَاطِ َ‬ ‫ل جَاءَ الْ َ‬ ‫وقال‪َ " :‬وقُ ْ‬
‫"فإذا جاءَت الطّامّةُ ال ُكبْرَى" النازعات‪.‬‬
‫وهذا كله مما فيه صعوبة ومشقة‪.‬‬
‫شيَة" والجواب‪ :‬أن الذي جاء هنا هو الحديث وليس الغاشية في حين ن الذي جاء هناك هو‬ ‫وقد تقول‪ :‬وقد قال أيضا‪" :‬هَلْ أَتاكَ حَديثُ الغَا ِ‬
‫الطامة والصاخة ونحوهما مما ذكر‬
‫ويتضح الختلف بينهما في اليات المتشابهة التي يختلف فيها الفعلن‪ ،‬وذلك نحو قوله تعالى‪َ" :‬أتَى َأمْرُ ال" النحل‪ ،‬وقوله‪" :‬فَإذا جاءَ َأمْرُ‬
‫صرُنا" النعام‪ ،‬ونحو قوله‪" :‬لجاءَهُ ُم العَذابُ" العنكبوت‪ ،‬و"وأَتاهُ ُم العَذابُ" النحل‪،‬‬ ‫صرُنا" يوسف‪ ،‬و"أَتاهُ ْم نَ ْ‬ ‫الِ" غافر‪ ،‬ونحو قوله‪" :‬جاءَهُ ْم نَ ْ‬
‫وما إلى ذلك‪.‬‬
‫عمّا يُشْ ِركُونَ‬‫سبْحَانَهُ َو َتعَالَى َ‬‫س َتعْجِلُوهُ ُ‬ ‫فإنه يتضح الفرق في اختيار أحدهما على الخر‪ ،‬وإليك إيضاح ذلك‪ :‬قال تعالى‪َ" :‬أتَى َأمْرُ اللّ ِه فَل تَ ْ‬
‫ن ‪ "78‬غافر‪ .‬فقد قال في النحل‪َ" :‬أتَى َأمْ ُر الِ"‪ ،‬وقال في غافر‪" :‬جاءَ‬ ‫س َر ُهنَاِلكَ ا ْل ُمبْطِلُو َ‬
‫حقّ وَخَ ِ‬ ‫ي بِالْ َ‬‫ضَ‬‫‪"1‬النحل‪ .‬وقال‪" :‬فَِإذَا جَا َء َأمْرُ اللّ ِه قُ ِ‬
‫َأمْ ُر الِ"‪ ،‬وبأدنى نظر يتضح الفرق بين التعبيرين‪ ،‬فإن المجيء الثاني أشق وأصعب لما فيه من قضاء وخسران‪ ،‬في حين لم يزد في الية‬
‫الولى على التيان‪ .‬فاختار لما هو أصعب وأشق (جاء) ولما هو أيسر (أتى)‪.‬‬
‫سنَا عَنِ ا ْلقَوْ ِم ا ْلمُجْ ِرمِينَ‪"110‬‬ ‫ي مَنْ نَشَا ُء وَل يُ َر ّد بَأْ ُ‬ ‫ظنّوا َأّنهُ ْم َقدْ ُك ِذبُوا جَاءَهُ ْم نَصْ ُرنَا َفنُجّ َ‬‫سلُ وَ َ‬‫س الرّ ُ‬ ‫س َتيْأَ َ‬
‫حتّى ِإذَا ا ْ‬ ‫ونحو ذلك قوله تعالى‪َ " :‬‬
‫يوسف‬
‫ك مِنْ َنبَأِ ا ْلمُ ْرسَلِينَ‪"34‬‬ ‫حتّى َأتَا ُه ْم نَصْ ُرنَا وَل ُمبَدّلَ ِلكَِلمَاتِ اللّهِ وََل َقدْ جَا َء َ‬ ‫صبَرُوا عَلَى مَا ُك ّذبُوا َوأُوذُوا َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫ل مِنْ َقبِْل َ‬‫وقوله‪" :‬وَلَ َق ْد ُكذّبَتْ ُرسُ ٌ‬
‫النعام‬
‫فقال في آية يوسف "جاءَ ُه ْم نَصْرُنا" وفي آية النعام‪" :‬أتا ُهمْ َنصْرُنا" ومن الواضح ان الحالة الولى أشق وأصعب‪ ،‬وذلك أن الرسل بلغوا‬
‫درجة الستيئاس وهي أبعد وأبلغ‪ ،‬وذهب به الظن إلى أنهم كُذبوا‪ ،‬أي‪ :‬أن ال سبحانه وتعالى كذبهم ولم يصدقهم فيما وعدهم به‪ ،‬وهذا أبلغ‬
‫درجات اليأس وأبعدها‪ ،‬وعند ذاك جاءهم نصره سبحانه فنجّي من شاء وعوقب المجرمون‪.‬‬
‫في يحن ذكر في الية الخرى أنهم كُذّبوا‪ ،‬أي‪ :‬كذّبهم الكافرون‪ ،‬وأوذوا فصبروا‪ .‬وفرق بعيد بعيد بين الحالتين‪ ،‬فلقد يُكذّب الرسل وأتباعهم‬
‫ويُؤذَون‪ ،‬ولكن الوصول إلى درجة اليأس والظن بال الظنون البعيدة أمرٌ كبير‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ثم انظر إلى خاتمة اليتين تر الفرق واضحا‪ ،‬فما ذكره من نجاة المؤمنين ونزول اليأس علىالكافرين في آية يوسف مما ل تجده في آ]ة‬
‫النعام يدلك على الفرق بينهما‪.‬‬
‫حيَا ِة ال ّد ْنيَا وََل َعذَابُ الْآخِرَةِ َأ ْكبَرُ لَوْ‬ ‫ي فِي ا ْل َ‬ ‫ن ‪ .‬فََأذَا َقهُمُ اللّ ُه الْخِ ْز َ‬ ‫شعُرُو َ‬ ‫ث ل يَ ْ‬ ‫حيْ ُ‬ ‫ب مِنْ َ‬ ‫ن مِنْ َقبِْلهِ ْم َفَأتَاهُ ُم ا ْلعَذَا ُ‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى‪َ " :‬كذّبَ اّلذِي َ‬
‫كَانُوا َيعَْلمُونَ" الزمر‪ 25:‬ـ ‪26‬‬
‫شعُرُونَ‪ُ .‬ثمّ يَ ْومَ الْ ِقيَامَةِ‬ ‫ث ل يَ ْ‬ ‫حيْ ُ‬ ‫ب مِنْ َ‬ ‫ن فَ ْو ِقهِمْ وََأتَاهُمُ ا ْل َعذَا ُ‬
‫ف مِ ْ‬ ‫ع ِد فَخَ ّر عََل ْيهِمُ السّقْ ُ‬ ‫ن َقبِْلهِمْ َفَأتَى اللّ ُه ُب ْنيَا َنهُمْ مِنَ ا ْلقَوَا ِ‬ ‫وقوله‪َ " :‬ق ْد َمكَرَ اّلذِينَ مِ ْ‬
‫ن الْخِ ْزيَ ا ْليَوْمَ وَالسّو َء عَلَى ا ْلكَافِرِينَ‪ .‬النحل ‪ 26‬ـ ‪27‬‬ ‫ن فِيهِمْ قَالَ اّلذِينَ أُوتُوا ا ْلعِلْمَ إِ ّ‬ ‫خزِيهِمْ َويَقُولُ َأيْنَ شُ َركَائِيَ اّلذِينَ ُك ْنتُمْ تُشَاقّو َ‬ ‫يُ ْ‬
‫شعُرُونَ‪.‬‬ ‫سمّىً َلجَاءَهُمُ ا ْل َعذَابُ وََل َي ْأتِ َيّنهُ ْم َبغْتَةً وَهُ ْم ل يَ ْ‬ ‫ل مُ َ‬‫س َتعْجِلُو َنكَ بِا ْل َعذَابِ وََلوْل َأجَ ٌ‬ ‫فقال في اليتين‪" :‬وأتاهُمُ العَذابُ" في حين قال‪َ " :‬ويَ ْ‬
‫ل ذُوقُوا مَا ُك ْنتُمْ َت ْعمَلُونَ" العنكبوت‪:‬‬ ‫ن تَحْتِ َأرْجُِلهِمْ َو َيقُو ُ‬ ‫ن فَ ْو ِقهِمْ َومِ ْ‬ ‫ب مِ ْ‬ ‫ج َهنّمَ َل ُمحِيطَةٌ بِا ْلكَافِرِينَ‪ .‬يَ ْو َم َيغْشَاهُ ُم ا ْلعَذَا ُ‬ ‫ك بِا ْل َعذَابِ وَإِنّ َ‬ ‫س َتعْجِلُو َن َ‬
‫يَ ْ‬
‫‪ 53‬ـ ‪ 54‬ـ ‪55‬‬
‫فقال‪" :‬فَجاءَهُ ُم العَذابُ" وذلك أن اليتين الوليين في عذاب الدنيا بدليل قوله في آية النحل‪ُ " :‬ث ّم يَوْممَ القِيامَةِ يُخزيهِم‪ "..‬وقوله في آية الزمر‪" :‬‬
‫خرَةِ َأ ْكبَرُ لَ ْو كَانُوا َيعَْلمُونَ" في حين أن آية العنكبوت في عذاب الخرة‪ ،‬وحتى لو كانت في‬ ‫حيَا ِة الدّ ْنيَا وََل َعذَابُ الْآ ِ‬ ‫ي فِي الْ َ‬ ‫خزْ َ‬ ‫َفَأذَاقَهُ ُم اللّهُ الْ ِ‬
‫ج َهنّم َلمُحيطَةٌ بالكافِرينَ" وقوله‪" :‬يَ ْومَ يَغشاهُمُ‬ ‫عذاب الدنيا فإن ما ذُكر فيها من العذاب أشق وأشد مما في اليتين الخريين بدليل قوله‪" :‬وإنّ َ‬
‫ت أرْجُلِهم‪ "..‬فجاء لما هو أشق وأشد بالفعل (جاء) ولما هو أيسر بـ (أتى)‪.‬‬ ‫ن تَحْ ِ‬ ‫ن فَ ْو ِقهِم ومِ ْ‬ ‫ب مِ ْ‬ ‫العَذا ُ‬
‫وقد تقول‪ :‬ولكنه قال‪" :‬وَليَأ ِتيَ ّنهُم َبغْتةً" فاستعمل مضارع (أتى)‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬أن القرآن لم يستعمل مضارعا للفعل (جاء) ‪ ..‬ولذلك كل ما كان من هذا المعنى مضارعا‪ ،‬استعمل له مضارع (أتى) فل يدخل‬
‫المضارع في الموازنة‪ ،‬وسيأتي بيان ذلك‪.‬‬
‫ت َفمَا‬ ‫ب مَ ْديَنَ وَا ْلمُ ْؤتَ ِفكَاتِ َأ َتتْهُ ْم رُسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ‬ ‫صحَا ِ‬ ‫ن مِنْ َقبِْلهِ ْم قَ ْومِ نُوحٍ وَعَادٍ َو َثمُودَ َوقَوْ ِم ِإبْرَاهِيمَ وَأَ ْ‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى‪" :‬أََل ْم يَ ْأ ِتهِ ْم نَبَُأ اّلذِي َ‬
‫ن بِا ْل َمعْرُوفِ َو َي ْنهَوْنَ عَنِ ا ْل ُم ْنكَرِ َويُقِيمُونَ‬ ‫ضهُمْ أَوِْليَا ُء َبعْضٍ يَ ْأ ُمرُو َ‬ ‫ت َبعْ ُ‬ ‫سهُ ْم يَظِْلمُونَ‪ .‬وَا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ وَا ْلمُ ْؤمِنَا ُ‬ ‫ن كَانُوا َأنْ ُف َ‬ ‫ن اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْ‬ ‫كَا َ‬
‫حكِيمٌ" التوبة‪ 70 :‬ـ ‪71‬‬ ‫ح ُمهُمُ اللّهُ إِنّ اللّ َه عَزِي ٌز َ‬ ‫سيَرْ َ‬ ‫الصّلةَ َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ َويُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوَل ِئكَ َ‬
‫سُلهُ ْم بِا ْل َبّينَاتِ" وهو الموطن الوحيد الذي جاء فيه نحو هذا التعبير في القرآن الكريم في حين قال في المواطن الخرى كلها‪:‬‬ ‫فقال‪َ " :‬أ َت ْتهُمْ رُ ُ‬
‫"جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُه ْم بِا ْل َبيّنَاتِ"‬
‫ولو نظرت في هذه التعبيرات‪ ،‬ودققت فيها لوجدت أن كل التعبيرات التي جاءت بالفعل (جاء) أشق وأصعب مما جاء بـ (أتى)‪ ،‬وإليك بيان‬
‫ذلك‪.‬‬
‫طبَعُ اللّ ُه عَلَى ُقلُوبِ‬ ‫ل َكذَِلكَ يَ ْ‬ ‫ت َفمَا كَانُوا ِليُ ْؤ ِمنُوا ِبمَا َك ّذبُوا مِنْ َقبْ ُ‬ ‫ك مِنْ َأنْبَا ِئهَا َولَ َقدْ جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُه ْم بِا ْل َبيّنَا ِ‬ ‫ص عََل ْي َ‬ ‫قال تعالى‪ " :‬تِ ْلكَ الْ ُقرَى نَقُ ّ‬
‫ظَلمُوا بِهَا فَانْظُ ْر َكيْفَ‬ ‫ن َبعْدِهِ ْم مُوسَى بِآيا ِتنَا إِلَى ِفرْعَوْنَ َومَلئِهِ فَ َ‬ ‫سقِينَ‪ .‬ثُ ّم َب َعثْنَا مِ ْ‬ ‫ج ْدنَا َأ ْكثَرَهُمْ لَفَا ِ‬
‫ع ْهدٍ َوإِنْ وَ َ‬ ‫ج ْدنَا لَِأ ْكثَرِ ِه ْم مِنْ َ‬ ‫ا ْلكَافِرِينَ‪َ .‬ومَا وَ َ‬
‫سدِينَ" العراف‪ 101:‬ـ ‪ 102‬ـ ‪103‬‬ ‫ن عَا ِقبَةُ ا ْلمُفْ ِ‬‫كَا َ‬
‫سهُ ْم يَظِْلمُونَ‪ ".‬ولم يذكر أنهم كفروا أو عوقبوا‪ ،‬في‬ ‫ن كَانُوا َأ ْنفُ َ‬‫فانظر كيف قال في آية التوبة‪َ" :‬أ َت ْتهُمْ رُسُُلهُ ْم بِا ْلبَ ّينَاتِ َفمَا كَانَ اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْ‬
‫طبَعُ اللّ ُه عَلَى قُلُوبِ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫حين قال في آيات العراف‪" :‬فَما كانُ‪,‬ا لِي ْؤمِنوا ِبمَا كذّبُوا مِن ْ َقبْل" فذكر عدم إيمانهم‪ ،‬وأنهم طُبع على قلوبهم‪ " :‬كَذَِل َ‬
‫ا ْلكَافِرِينَ"‪ ،‬وذكر أنه وجد أكثرهم فاسقين‪ ،‬وأنه لم يجد لكثرهم عهدا‪ ،‬وذكر بعد ذلك ظلم فرعون وقومه لموسى وتكذيبهم بآيات ال‬
‫وعاقبتهم‪.‬‬
‫فانظر موقف المم من الرسل في الحالتين وانظر استعمال كل من الفعلين جاء وأتى‪ ،‬يتبين لك الفرق واضحا بينهما‪.‬‬
‫ن ‪"13‬‬ ‫ج ِرمِي َ‬ ‫ك نَجْزِي الْقَ ْومَ ا ْلمُ ْ‬ ‫ت َومَا كَانُوا ِليُ ْؤ ِمنُوا كَذَِل َ‬ ‫ن مِنْ َقبِْلكُمْ َلمّا ظََلمُوا َوجَا َءتْهُ ْم رُسُُلهُ ْم بِا ْلبَ ّينَا ِ‬ ‫ومنه قوله تعالى‪َ " :‬ولَ َقدْ أَهَْل ْكنَا الْ ُقرُو َ‬
‫يونس‬
‫فقال‪" :‬وَجا َء ْتهُمْ رُسُُلهُم بِال َبيّنات" وذلك أنه ذكر إهلك القرون لظلمهم وذكر تكذيبهم وعدم إيمانهم وذكر جزاء المجرمين‪.‬‬
‫ت فَ َردّوا َأيْ ِد َيهُ ْم فِي َأفْوَا ِه ِهمْ‬ ‫ن َبعْدِهِ ْم ل َيعَْلمُهُمْ ِإلّا اللّ ُه جَا َء ْتهُمْ رُسُُل ُهمْ بِا ْل َبيّنَا ِ‬ ‫ن مِنْ َقبِْلكُ ْم قَ ْومِ نُوحٍ وَعَادٍ َو َثمُودَ وَاّلذِينَ مِ ْ‬ ‫وقال‪" :‬أََل ْم يَ ْأ ِتكُ ْم نَبَُأ اّلذِي َ‬
‫ن عَلَى مَا آ َذ ْيُتمُونَا وَعَلَى اللّهِ‬ ‫صبِرَ ّ‬ ‫ب ‪ "9‬ابراهيم ‪ ،‬إلى أن يقول‪" :‬وََلنَ ْ‬ ‫ك ِممّا َتدْعُو َننَا إَِليْ ِه مُرِي ٍ‬ ‫شّ‬ ‫َوقَالُوا ِإنّا َكفَ ْرنَا ِبمَا أُ ْرسِ ْلتُ ْم بِهِ وَِإنّا َلفِي َ‬
‫ضنَا أَوْ َل َتعُودُنّ فِي مِّل ِتنَا فَأَ ْوحَى ِإَليْهِ ْم َرّبهُمْ َلنُهِْلكَنّ الظّاِلمِينَ‪" .‬ابراهيم‪ 12:‬ـ‬ ‫جّنكُ ْم مِنْ أَ ْر ِ‬ ‫فَ ْل َيتَ َوكّلِ ا ْل ُمتَ َوكّلُونَ‪َ .‬وقَالَ اّلذِينَ َكفَرُوا ِلرُسُِلهِمْ َلُنخْرِ َ‬
‫‪13‬‬
‫ل َمكَانٍ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ت مِ ْ‬ ‫جرّعُهُ وَل َيكَا ُد يُسِيغُهُ َويَ ْأتِيهِ ا ْلمَوْ ُ‬ ‫صدِيدٍ‪ .‬يَتَ َ‬ ‫ج َهنّمُ َويُسْقَى مِنْ مَاءٍ َ‬ ‫ويمضي في وصف عذاب الكفرة عذابا غليظا‪" :‬مِنْ َورَائِهِ َ‬
‫ب غَلِيظٌ" ابراهيم‪17:‬‬ ‫عذَا ٌ‬ ‫َومَا هُ َو ِبمَيّتٍ َومِنْ وَرَائِ ِه َ‬
‫فقال أيضا‪" :‬وَجا َءتْهُ ْم رُسُلُه ْم بالبينات"‪ ،‬وأنا في غنى عن أبين موقف المم من رسلهم‪ ،‬وكفرهم بما أرسلوا به‪ ،‬وتهديدهم لهم بإخراجهم من‬
‫الرض‪ ،‬وعن ذكر عذاب الكافرين فيالدنيا بإهلكهم وفي الخرة بما وصفه أفظع الوصف‪.‬‬
‫فانظر إتيانه بالفعل (جاء) وقارنه بالفعل (أتى) في آية التوبة يتضح الفرق بين استعمال الفعلين‪.‬‬
‫عمَرُوهَا َأ ْكثَرَ‬ ‫شدّ ِم ْنهُ ْم قُوّةً وََأثَارُوا ا ْلأَرْضَ وَ َ‬ ‫ن مِنْ َقبِْلهِ ْم كَانُوا َأ َ‬ ‫ض َفيَنْظُرُوا َكيْفَ كَانَ عَا ِقبَةُ اّلذِي َ‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى‪" :‬أَوََل ْم يَسِيرُوا فِي الْأَ ْر ِ‬
‫ن كَ ّذبُوا بِآياتِ‬ ‫ن عَا ِقبَةَ اّلذِينَ أَسَاءُوا السّوأَى أَ ْ‬ ‫سهُ ْم يَظِْلمُونَ‪ 9‬ثُ ّم كَا َ‬ ‫ن كَانُوا َأنْ ُف َ‬ ‫ن اللّهُ ِليَظِْل َمهُمْ وََلكِ ْ‬‫ت َفمَا كَا َ‬ ‫عمَرُوهَا وَجَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ‬ ‫ِممّا َ‬
‫س َتهْ ِزئُونَ" الروم‪10:‬‬ ‫اللّهِ َوكَانُوا ِبهَا يَ ْ‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫فذكر عاقبة الذين أساؤوا‪ ،‬وأنها السوأى تأنيث السوأ‪ ،‬أي‪ :‬أسوأ الحالت على الطلق‪ ،‬وذكر تكذيب المم لرسلهم واستهزاءهم بهم‪ ،‬في‬
‫حين لم يصرح في آية التوبة بتكذيب ول استهزاء‪ ،‬ولم يذكر لهم عاقبة ما‪.‬‬
‫خذْتُ اّلذِينَ َكفَرُوا‬ ‫ن َقبِْلهِمْ جَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَاتِ َوبِال ّزبُرِ َوبِا ْل ِكتَابِ ا ْل ُمنِيرِ‪ 25‬ثُمّ أَ َ‬ ‫ك فَ َقدْ َكذّبَ اّلذِينَ مِ ْ‬ ‫ن ُي َكذّبُو َ‬‫ومن ذلك قوله تعالى‪" :‬وَإِ ْ‬
‫ن َنكِي ِر ‪ "26‬فاطر‬ ‫ف كَا َ‬ ‫َف َكيْ َ‬
‫فذكر تكذيب المم السابقة لرسلهم بعد أن جاؤوهم بكل ما يدعو إلى اليمان من البينات والزبر والكتاب المنير‪ ،‬وذكر أخذَه لهم وعلّق على‬
‫ف كان نَكيرِ"‬ ‫ذلك بقوله‪َ " :‬ف َكيْ َ‬
‫ض َفمَا‬ ‫شدّ قُوّةً وَآثَارا فِي ا ْلأَرْ ِ‬ ‫ن َقبِْلهِ ْم كَانُوا َأ ْكثَ َر ِمنْهُمْ َوأَ َ‬
‫ن عَا ِقبَةُ اّلذِينَ مِ ْ‬‫ف كَا َ‬ ‫ض َف َينْظُرُوا َكيْ َ‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى‪َ " :‬أفََلمْ يَسِيرُوا فِي ا ْلأَرْ ِ‬
‫سنَا قَالُوا‬‫س َتهْ ِزئُونَ‪ .‬فََلمّا رَأَوْا بَ ْأ َ‬ ‫ق بِهِ ْم مَا كَانُوا بِهِ يَ ْ‬ ‫عنْدَهُ ْم مِنَ ا ْلعِلْمِ َوحَا َ‬ ‫ت فَ ِرحُوا ِبمَا ِ‬ ‫سبُونَ‪َ .‬فَلمّا جَا َء ْتهُمْ ُرسُُلهُ ْم بِا ْل َبّينَا ِ‬ ‫ع ْنهُ ْم مَا كَانُوا َيكْ ِ‬
‫غنَى َ‬ ‫أَ ْ‬
‫س َر ُهنَاِلكَ‬‫عبَادِهِ وَخَ ِ‬ ‫ت فِي ِ‬ ‫سنّتَ اللّهِ اّلتِي َقدْ خََل ْ‬ ‫سنَا ُ‬
‫حدَهُ َوكَ َف ْرنَا ِبمَا ُكنّا بِ ِه مُشْ ِركِينَ‪ .‬فََل ْم َيكُ َينْ َف ُعهُمْ إِيمَا ُنهُمْ َلمّا رََأوْا بَأْ َ‬ ‫آ َمنّا بِاللّهِ وَ ْ‬
‫ا ْلكَافِرُونَ"غافر‪ 82:‬إلى ‪85‬‬
‫فقال‪" :‬جا َء ْتهُمْ رُسُُلهُ ْم بِال َبيّناتِ" ثم ذكر أن أممهم استهزؤوا برسلهم وبقوا على شركهم حتى رأوا بأس ال ينزل بهم‪ .‬فلم ينفعهم إيمانهم بعد‬
‫فوات الوان‪.‬‬
‫قارن هذه اليات التي وردت بالفعل (جاء) بالية التي وردت بالفعل (أتى) وهي آية التوبة‪ ،‬يتبين الفرق بين استعمال الفعلين‪ :‬جاء وأتى‪.‬‬
‫وقد تقول‪ :‬ولكن ورد في القرآن (أتتكم الساعة) و (جاءتهم الساعة) والساعة واحدة فما الفرق؟‬
‫وأقول ابتداء أنه ل يصح اقتطاع جزء من الية للستدلل‪ ،‬بل ينبغي النظرُ في الية كلها وفي السياق أيضا ليصحّ الستدللُ والحكم‪.‬‬
‫وإليك اليتين اللتين فيهما ذِكرُ الساعة‪:‬‬
‫حمِلُونَ أَ ْوزَارَ ُه ْم عَلَى‬ ‫طنَا فِيهَا وَهُ ْم يَ ْ‬ ‫حسْ َر َتنَا عَلَى مَا َفرّ ْ‬ ‫حتّى ِإذَا جَا َء ْتهُمُ السّاعَ ُة َب ْغتَةً قَالُوا يَا َ‬ ‫ن َكذّبُوا بِلِقَا ِء اللّهِ َ‬ ‫سرَ اّلذِي َ‬‫قال تعالى‪َ " :‬قدْ خَ ِ‬
‫ن ‪ "31‬النعام‬ ‫ظهُورِهِمْ أَل سَا َء مَا يَ ِزرُو َ‬ ‫ُ‬
‫ف مَا َتدْعُونَ إَِليْهِ إِنْ شَاءَ‬ ‫ن َف َيكْشِ ُ‬ ‫ن ُك ْنتُمْ صَادِقِينَ ‪ 40‬بَلْ ِإيّا ُه َتدْعُو َ‬ ‫غيْرَ اللّ ِه َتدْعُونَ إِ ْ‬ ‫وقال‪" :‬قُلْ َأرََأ ْيتَكُمْ إِنْ َأتَا ُك ْم عَذَابُ اللّهِ أَوْ َأ َت ْتكُمُ السّاعَةُ أَ َ‬
‫ش ِركُونَ ‪ "41‬النعام‬ ‫ن مَا تُ ْ‬ ‫َو َتنْسَوْ َ‬
‫فقال في الية الولى‪" :‬جا َء ْتهُم السّاعَةُ" وقال في الثانية‪َ" :‬أ َت ْتكُم السّاعَةُ"‬
‫وبأدنى تأمل يتضح الفرق بين المقامين‪ .‬فإن الولى في الخرة وفي الذين كذبوا باليوم الخر‪ ،‬وهم نادمون متحسرون على ما فرطوا في‬
‫ق قَالُوا‬‫س َهذَا بِا ْلحَ ّ‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم‪ .‬وتوضحه الية قبلها وهي قوله تعالى‪ " :‬وَلَ ْو تَرَى ِإذْ ُو ِقفُوا عَلَى َرّبهِمْ قَالَ أََليْ َ‬
‫غيْرَ اللّهِ‬‫ن َكذّبُوا‪" ..‬النعام ‪ ،‬في حين أن الثانية في الدنيا بدليل قوله‪" :‬أَ َ‬ ‫سرَ اّلذِي َ‬‫ب ِبمَا ُكنْتُ ْم َتكْ ُفرُونَ‪َ 30‬قدْ خَ ِ‬ ‫ل َفذُوقُوا ا ْل َعذَا َ‬‫بَلَى وَ َرّبنَا قَا َ‬
‫ن " فذكر أنه يكشف ما يدعون إليه إن‬ ‫ن مَا تُشْ ِركُو َ‬ ‫ف مَا تَدْعُونَ إَِليْهِ إِنْ شَاءَ َو َتنْسَوْ َ‬ ‫ن ُك ْنتُمْ صَا ِدقِينَ" وقوله‪" :‬بَلْ ِإيّا ُه َتدْعُونَ َف َيكْشِ ُ‬ ‫َتدْعُونَ إِ ْ‬
‫شاء‪ ،‬وهذا في الدنيا‪ ،‬وإل فإن ال ل يكشف عن المشركين شيئا في الخرة ول يستجيب لهم البتة‪.‬‬
‫فالموقف الول أشق وأشد مما في الثانية‪ ،‬فجاء بالفعل (جاء) دون (أتى) بخلف الية الثانية‪.‬‬
‫فاتضح أن القرآن إنما يستعمل (جاء) لما هو أصعب وأشق‪ .‬ويستعمل (أتى) لما هو أخف وأيسر‪.‬‬
‫ولعل من أسباب ذلك أن الفعل (جاء) أثقل من (أتى) في اللفظ بدليل أنه لم يرد في القرآن فعل مضارع لـ (جاء) ول أمر ول اسم فاعل ول‬
‫اسم مفعول‪ ،‬ولم يرد إل الماضي وحده بخلف (أتى) الذي وردت كل تصريفاته‪ ،‬فقد ورد منه الماضي والمضارع والمر واسم الفاعل واسم‬
‫المفعول‪ .‬فناسب بين ثقل اللفظ وثقل الموقف في (جاء)‪ ،‬وخفة اللفظ وخفة الموقف في (أتى) وال أعلم‪.‬‬
‫ونعود إلى ما نحن فيه من قصة موسى عليه السلم‪ ،‬فقد قال في سورة النمل‪" :‬فلما جاءها" وقال في سورة القصص‪" :‬فَلمّا أتاها" ذلك أن ما‬
‫قطعه موسى على نفسه في النمل أصعب مما في القصص‪ ،‬فقد قطع في النمل على نفسه أن يأتيهم بخبر أو شهاب قبس‪ ،‬في حين ترجى ذلك‬
‫في القصص‪ .‬والقطع أشق وأصعب من الترجي‪ .‬وأنه قطع في النمل‪ ،‬أن يأتيهم بشهاب قبي‪ ،‬أي‪ :‬بشعلة من النار ساطعة مقبوسة من النار‬
‫التي رآها في حين أنه ترجّى في القصص ان ياتيهم بجمرة من النار‪ ،‬والولى أصعب‪ .‬ثم إن المهمة التي ستوكل إليه في النمل أصعب‬
‫وأشق مما في القصص‪ ،‬فإنه طلب إليه في القصص أن يبلغ فرعون ومله‪ .‬وتبليغ القوم أوسع وأصعب من تبليغ المل‪ ،‬ذلك أن دائرة المل‬
‫ضيقة‪ ،‬وهم المحيطون بفرعون في حين أن دائرة القوم واسعة‪ ،‬لنهم منتشرون في المدن والقرى‪ ،‬وأن التعامل مع هذه الدائرة الواسعة من‬
‫الناس صعب شاق‪ ،‬فإنهم مختلفون في المزجة والستجابة والتصرف‪ ،‬فما في النمل أشق وأصعب‪ ،‬فجاء بالفعل (جاء) دون (أتى) الذي هو‬
‫أخف‪ .‬ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة طه‪" :‬فلما أتاها نُودِيِ يا موسى" ذلك لنه أمره بالذهاب إلى فرعون ولم يذكر معه أحدا آخر‪:‬‬
‫صدْري ‪ 25‬ويسّر لي أمري ‪"26‬‬ ‫ح لي َ‬ ‫"اذهب إلى فرعون إنه طغى ‪ 24‬قال رب اشرَ ْ‬
‫فانظر كيف لما أرسله إلى فرعون قال‪" :‬أتاها"‪ ،‬ولما أرسله إلى فرعون وملئه قال (أتاها) أيضا في حين لما أرسله إلى فرعون وقومه قال‪:‬‬
‫"جاءها" وأنت ترى الفرق بين الموطنين ظاهرا‪.‬‬
‫ئ الْوَادِ الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ " ولم يذكر الجهة في‬ ‫ي مِنْ شَاطِ ِ‬ ‫ذكر في القصص جهة النداء فقال‪" :‬فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ‬ ‫‪‬‬
‫النمل‪ ،‬وذلك لن موطن القصص موطن تفصيل‪ ،‬وموطن النمل موطن إيجاز كما ذكرت‪.‬‬
‫سبْحَانَ اللّهِ َربّ ا ْلعَاَلمِينَ" ولم يذكر مثل ذلك في القصص‪ ،‬بل ذكر جهة‬ ‫ن فِي النّارِ َومَنْ حَ ْوَلهَا وَ ُ‬ ‫ن بُو ِركَ مَ ْ‬ ‫قال في النمل‪ " :‬نُودِيَ أَ ْ‬ ‫‪‬‬
‫النداء فقط‪ ،‬وذلك لن الموقف في النمل موقف تعظيم كما أسلفنا وهذا القول تعظيم ل رب العالمين‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫قال في النمل "يا موسَى" وقال في القصص‪" :‬أَنْ يا موسَى" فجاء بـ (أن) المفسرة في القصص‪ ،‬ولم يأت بها في النمل‪ ،‬وذلك‬ ‫‪‬‬
‫لكثر من سبب‪:‬‬
‫منها أن المقام في النمل مقام تعظيم ل سبحانه‪ ،‬وتكريم لموسى كما ذكرنا فشرفه بالنداء المباشر في حين ليس المقام كذلك في القصص‪،‬‬
‫فجاء بما يفسر الكلم‪ ،‬أي‪ :‬ناديناه بنحو هذا‪ ،‬أو بما هذا معناه‪ ،‬فهناك فرق بين قولك‪( :‬أشرت إليه أن اذهب) و (قلت له اذهب) فالول‬
‫معناه‪ :‬أشرت إليه بالذهاب‪ ،‬بأيّ لفظ أو دللة تدل على هذا المعنى‪ .‬وأما الثاني فقد قلت له هذا القول نصا‪ ،‬ومثله قوله تعالى‪َ " :‬ونَا َديْنَا ُه أَنْ يَا‬
‫سنِينَ ‪"105‬الصافات‬ ‫ص ّدقْتَ الرّؤْيا ِإنّا َكذَِلكَ َنجْزِي ا ْلمُحْ ِ‬ ‫ِإبْرَاهِيمُ‪َ 104‬قدْ َ‬
‫س مِنْ أَهِْلكَ" هود‬ ‫ل يَا نُوحُ ِإنّهُ َليْ َ‬
‫أي‪ :‬بما هذا تفسيره أو بما هذا معناه بخلف قوله‪" :‬قَا َ‬
‫ومنها أن المقام في سورة القصص مقام تبسّط وتفصيل فجاء بـ (أن) زيادة في التبسط‪.‬‬
‫ومنها أن ثقل التكليف في النمل يستدعي المباشرة في النداء‪ ،‬ذلك أن الموقف يختلف بحسب المهمة وقوة التكليف كما هو معلوم‪.‬‬
‫ب العالَمينَ"‬‫قال في النمل‪" :‬إنّهُ أَنا الُ العَزيزُ الحَكيمُ"‪ ،‬وقال في سورة القصص‪ِ" :‬إنّي أَنا الُ َر ّ‬ ‫‪‬‬
‫فجاء بضمير الشأن الدال على التعظيم في آية النمل‪ِ" :‬إنّه أنا" ولم يأت به في القصص‪ ،‬ثم جاء باسميه الكريمين "العَزي ُز الحَكيم" في النمل‬
‫زيادة في التعظيم‪.‬‬
‫ثم انظر إلى اختيار هذين السمين وتناسبهما مع مقام ثقل التكليف‪ ،‬فإن فرعون حاكم متجبر يرتدي رداء العزّة‪ ،‬أل ترى كيف أقسم السحرة‬
‫ن ‪ "44‬الشعراء‪ .‬فاختار من بين أسمائه (العزيز) معرفا باللف واللم للدللة على أنه هو‬ ‫ن إنّا َلنَحْنُ الغَالِبو َ‬ ‫بعزته قائلين‪ِ " :‬بعِزّ ِة فِرعَوْ َ‬
‫العزيز ول عزيز سواه‪ ،‬و(الحكيم) للدللة على أنه ل حاكم ول ذا حكمة سواه‪ ،‬فهو المتصف بهذين الوصفين على جهة الكمال حصرا‪ .‬وفي‬
‫تعريف هذين السمين باللف واللم من الدللة على الكمال والحصر ما ل يخفى ما لو قال (عزيز حكيم) فإنه قد يشاركه فيهما آخرون‪.‬‬
‫ل العَزيزُ الحَكيمُ" لم يذكر أن موسى سأل ربه أن يعزّزه ويقويه بأخيه‪ ،‬ولما لم يقل ذلك ذكر‬ ‫ثم انظر من ناحية أخرى كيف أنه لما قال‪" :‬أَنا ا ُ‬
‫أنه سأل ربه أن يكون له ردءا‪ ،‬يصدقه ويقويه وهو أخوه هارون‪.‬‬
‫ب العالمينَ" وفي ذلك من التعظيم ما ل يخفى‬ ‫وقد تقول‪ :‬ولكنه قال في القصص "إنّي اَنا الُ ر ّ‬
‫ونقول‪ :‬وقد قال ذلك أيضا في النمل‪ ،‬فقد قال‪" :‬وسبحان ال ربّ العالمين" وزاد عليه‪" :‬إنّهُ أنا ال العَزي ُز الحَكيمُ" فاتضح الفرق بين المقامين‪.‬‬
‫وقد تقول‪ :‬ولم قال في سورة طه‪" :‬إنّي أَنا ربّك فاخل ْع نَعلَ ْيكُ" بذكر ربوبيته له خصوصا‪ ،‬ولم يقل كما قال في سورتي النمل والقصص "ربّ‬
‫العالمين"؟‬
‫عُبدْنِي َوَأقِمِ‬ ‫والجواب‪ :‬أنه في سورة طه كان الخطاب والتوجيه لموسى عليه السلم أول فعلمه وأرشده فقال له‪ِ " :‬إنّنِي َأنَا اللّ ُه ل إِلَهَ إِلّا َأنَا فَا ْ‬
‫سعَى ‪ "15‬طـه‪ ،‬فطلب منه العبادة وإقامة الصلة‬ ‫س ِبمَا تَ ْ‬‫ل نَفْ ٍ‬ ‫الصّلةَ ِل ِذكْرِي ‪ 14‬إِنّ السّاعَ َة آ ِتيَةٌ َأكَادُ أُ ْ‬
‫خفِيهَا ِلتُجْزَى كُ ّ‬
‫ك مَا‬ ‫ك مِنْ آياتِنا ال ُكبْرى ‪ "23‬طه‪ ،‬ثم ذكر منته عليه مرة أخرى فقال‪" :‬وََل َقدْ َم َننّا عََل ْيكَ مَرّ ًة أُخْرَى ‪ِ 37‬إذْ أَوْ َ‬
‫ح ْينَا ِإلَى ُأ ّم َ‬ ‫وقال بعد ذلك‪ِ" :‬لنُ ِر َي َ‬
‫يُوحَى ‪ "38‬طـه‬
‫ويمضي في ذكر منته عليه ولم يرد مثل ذلك في النمل‪ ،‬ول في القصص‪ .‬فإنه لم يذكر توجيها له أو إرشادا لعبادته في النمل‪ ،‬ول في‬
‫القصص فلم يأمره بعبادة أو صلة أو تكليف خاص بشأنه‪ .‬ثم إنه في سورة القصص وإن كان قد فصّل في ذكر ولدته ونشأته وما إلى ذلك‬
‫شدّه‬‫ن كادَتْ َلتُبدي به ‪ ..‬فرددناه إلى أمه ‪ ..‬ولمّا بلَغَ أ ُ‬ ‫فقد ذكرها في حالة الغيبة ل في حالة الخطاب‪" :‬وأوحينا إلى أمّ موسَى أَنْ أَ ْرضِعيهِ" "إ ْ‬
‫‪ ..‬ودَخَل المَدين َة ‪" ..‬‬
‫في حين كان الكلم في سورة طه بصورة الخطاب‪ .‬فناسب أن يقول له في طه‪" :‬أنا ربّك" بخلف ما في النمل والقصص‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫ق عَصاكَ"‬ ‫ن ألْ ِ‬ ‫ق عَصاكَ" وقال في القصص‪" :‬وأ ْ‬ ‫قال في النمل‪" :‬وَأَ ْل ِ‬ ‫‪‬‬
‫فجاء بـ (أن) المفسرة أو المصدرية‪ .‬ونظيره ما مر في قوله‪( :‬يا موسى) و (أن يا موسى)‬
‫ق عَصاك" قول مباشر من رب العزة‪ ،‬وهو دال على التكريم‪.‬‬ ‫فقوله‪" :‬وأَ ْل ِ‬
‫ق عَصاك" فإنه معناه أنه ناداه بما تفسيره هذا أو بما معناه هذا‪ .‬فأنت إذا قلت‪( :‬ناديته أن اذهب) كان المعنى ناديته‬ ‫وأما قوله‪" :‬وأنْ أ ْل ِ‬
‫بالذهاب‪ .‬فقد يكون النداء بها اللفظ أو بغيره بخلف قولك‪( :‬ناديته اذهب)‪ ،‬أي‪ :‬قلت له اذهب‪.‬‬
‫وهو نحو ما ذكرناه في قوله‪( :‬يا موسى) و (أن يا موسى) من أسباب ودواعٍ فل داعي لتكرارها‪.‬‬
‫خفْ" وقال في القصص‪" :‬يا موسَى أ ْقبِلْ وَل تَخَفْ"‬ ‫قال في النمل‪" :‬يا موسَى ل تَ َ‬ ‫‪‬‬
‫بزيادة (أقبل) على ما في النمل‪ ،‬وذلك له أ‪:‬ثر من سبب‪.‬‬
‫منها ‪ :‬أن مقام اليجاز في النمل يستدعي عدم الطالة بخلف مقام التفصيل في القصص‪.‬‬
‫ومنها أن شيوع جو الخوف في القصص يدل على إيغال موسى في الهرب‪ ،‬فدعاه إلى القبال وعدم الخوف‪.‬‬
‫فوضع كل تعبير في مكانه الذي هو أليق به‪.‬‬
‫ك مِنَ المِنينَ"‬ ‫قال في النمل‪" :‬إنّي ل يَخافُ َلدَيّ المُرْسَلونَ" وقال في القصص‪" :‬إ ّن َ‬ ‫‪‬‬
‫ن المِنينَ"‬ ‫ذلك أن المقام في سورة القصص مقام الخوف‪ ،‬والخائف يحتاج إلى المن فأمنه قائل‪" :‬إ ّنكَ مِ َ‬
‫أما في سورة النمل فالمقام مقام التكريم والتشريف‪ ،‬فقال‪" :‬إنّي ل يَخافُ َلدَيّ المُرسَلونَ" فألمح بذلك إلى نه منهم‪ ،‬وهذا تكريم وتشريف‪ .‬ثم‬
‫انظر كيف قال (َلدَيّ) مشعرا بالقرب‪ ،‬وهو زيادة في التكريم والتشريف‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ثم انظر من ناحية أخرى كيف أنه لما قال في سورة النمل‪َ" :‬لدَيّ" المفيدة للقرب ناداه بما يفيد القرب فقال‪" :‬يا موسى" ولم يقل‪" :‬أنْ يا موسى"‬
‫ق عَصاكَ" ولم يقل‪:‬‬ ‫كما قال في القصص‪ ،‬ففصل بين المنادي والمنادَى بما يفيد البعد‪ .‬وأمره أيضا بما يفيد القرب بل فاصل بينهما فقال‪" :‬وأل ِ‬
‫ق عَصاكَ" للدللة على قرب المأمور منه‪ .‬فناداه من قرب وأمرَه من قرب‪ ،‬وذلك لنه كان منه قريبا‪ ،‬فانظر علو هذا التعبير ورفعته‪.‬‬ ‫"وأنْ أل ِ‬
‫ثم انظر من ناحية أخرى كيف قال‪" :‬إنّي ل يَخافُ لَديّ المُرسَلونَ" ولم يقل‪( :‬إني ل يخاف مني المرسلون) لن المرسلين ل يخافون‬
‫بحضرته‪ ،‬ولكنهم يخشونه ويخافونه كل الخوف‪ ،‬وقد قال صلى ال عليه وسلم‪( :‬أنا أخشاكم ل) فهو أخوف الناس منه‪ ،‬وأخشاهم له‪.‬‬
‫قال في النمل‪" :‬إلّا منْ ظََلمَ ث ّم بَدّلَ حُسنا بَعدَ سوء فإنّي غَفورٌ رحيمٌ" ولم يقل مثل ذلك في القصص‪ ،‬لنه ل يحسن أن يقال‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫(إنك من المنين إل من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء) ولو قال هذا لم يكن كلما‪.‬‬
‫ب العَالمينَ" النمل‪ ،‬فإنها ظلمت‬ ‫ت مَع سُلَيمانَ ل ر ّ‬ ‫ت نَفسي وأسَْلمْ ُ‬ ‫هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ناسب ذلك قول ملكة سبأ‪" :‬ربّ إني ظَل ْم ُ‬
‫نفسها بكفرها وسجودها للشمس منجون ال‪ ،‬ثم بدلت حسنا بعد سوء‪ ،‬فأسلمت ل رب العالمين فلءم هذا التعبير موطنه من كل ناحية‪.‬‬
‫وقد تقول‪ :‬لقد ورد مثل هذا التعبير في سورة القصص أيضا وهو قوله تعالى‪" :‬قَالَ َربّ ِإنّي ظََل ْمتُ َنفْسِي فَاغْفِ ْر لِي َفغَفَرَ لَ ُه ِإنّهُ هُ َو ا ْلغَفُورُ‬
‫الرّحِي ُم ‪ "16‬القصص‬
‫والحق أن المقامين مختلفان‪ ،‬فإن القول في سورة القصص هو قول موسى عليه السلم حين قتل المصري‪ ،‬وموسى لم يكن كافرا بال‪ ،‬بل‬
‫غفِرْ لِي" وقوله حين فر من مصر‪:‬‬ ‫ت نَ ْفسِي فَا ْ‬‫هو مؤمن بال تعالى‪ ،‬أل ترى إلى قوله منيبا إلى ربه بعدما فعل فعلته‪" :‬قَالَ َربّ ِإنّي ظََلمْ ُ‬
‫ب نَجّني مِنَ القَوْمِ الظالِمينَ" وقوله‪" :‬قال عَسى ربي أن َيهْ ِديَني سَواء السّبيل"‬ ‫"رَ ّ‬
‫فإن موسى لم يبدل حسنا بعد سوء‪ ،‬ذلك انه عليه السلم لم يكن سيئا بخلف ملكة سبأ‪ ،‬فإنها كانت مشركة‪ ،‬وقد بدلت حسنا بعد سوء‪ .‬فما‬
‫جاء من قوله‪" :‬إلّا من ظَلَ َم ثُ ّم َبدّل حُسنا بَعدَ سوء‪ " ..‬أكثر ملءمة للموضع الذي ورد فيه من كل ناحية‪.‬‬
‫ج ْيبِك"‬
‫ج ْيبِك" وقال في القصص‪" :‬اسْلُك يَ َدكَ في َ‬ ‫ل َيدَكَ في َ‬ ‫قال في النمل‪" :‬وَأدخِ ْ‬ ‫‪‬‬
‫لقد استعمل في سورة القصص أمر الفعل (سلك) الذي يستعمل كثيرا في سلوك السبل فيقال‪ :‬سلك الطريق والمكان سلكا‪ ،‬قا تعالى‪" :‬وال‬
‫سبُل فِجاجا ‪ "20‬نوح‪ ،‬ذلك لنه تردد سلوك المكنة والسبل في قصة موسى في القصص‪،‬‬ ‫ض بِساطا ‪ 19‬لتَسْلُكوا مِنها ُ‬ ‫جعَلَ َلكُم الرْ َ‬ ‫َ‬
‫بخلف ما ورد في النمل‪ .‬فقد ورد فيها‪ ،‬أي‪ :‬في سورة القصص سلوك الصندوق بموسى وهو ملقى في اليم إلى قصر فرعون‪ ،‬وسلوك أخته‬
‫وهي تقص أثره‪ .‬وسلوك موسى الطريق إلى مدين بعد فراره من مصر‪ ،‬وسلوكه السبيل إلى العبد الصالح في مدي‪ ،‬وسير موسى بأهله‬
‫وسلوكه الطريقَ إلى مصر‪ ،‬حتى إنه لم يذكر في النمل سيرَه بأهله بعد قضاء الجل بل إنه طوى كل ذكر للسير والسلوك في القصة فقال‬
‫ل وسا َر بأهلِهِ‬ ‫ت نارا سآتيكُ ْم مِنها بِخَبر" بخلف ما ورد في القصص‪ ،‬فإنه قال‪" :‬فلمّا قّضى موسى الجَ َ‬ ‫مبتدئا‪" :‬إذْ قالَ موسَى لهْلِهِ إنّي آنَسْ ُ‬
‫س منْ جانِبِ الطورِ نارا" فحسن ذكر السلوك في القصص دون النمل‪.‬‬ ‫آنَ َ‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى إن الفعل (دخل) ومشتقاته تكرر خمس مرات ( انظر اليات ‪ ) 44 ،34 ،19 ،18 ،12‬في النمل في‬
‫حين لم يرد هذا الفعل ول شيء من مشتقاته في القصص‪ ،‬فناسب ذكره في النمل دون القصص‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى إن الدخال أخص من السّلك أو السلوك اللذين هما مصدر الفعل سلك‪ ،‬لن السّلك أو السلوك قد يكون إدخال وغير إدخال‪،‬‬
‫تقول‪ :‬سلكت الطريق وسلكت المكان‪ ،‬أي‪ :‬سرت فيه‪ ،‬وتقول‪ :‬سلكت الخيط في المخيط‪ ،‬أي‪ :‬أدخلته فيه‪ .‬فالدخال أخص وأشق من السلك‬
‫ل ‪ "69‬فانظر كيف قال (ذلل) ليدلل على سهولته‬ ‫سبُلَ َرّبكِ ذُلُ ً‬
‫والسلوك‪ .‬فإن السّلك قد يكون سهل ميسورا‪ ،‬قال تعالى في النحل‪" :‬فاسْلُكي ُ‬
‫ض ‪ "21‬الزمر‪ .‬وهل هناك أيسر من سلوك الماء في الرض‬ ‫لرْ ِ‬ ‫ل مِن السّما ِء ماء فَسََلكَ ُه ينابِيعَ في ا َ‬ ‫ويسره‪ ،‬وقال‪" :‬أل ْم تَرَ أنّ ال أنْزَ َ‬
‫وغوره فيها؟‬
‫فناسب وضع السلوك في موطن السهولة واليسر‪ ،‬ووضع الدخال في موطن المشقة والتكليف الصعب‪ .‬لقد ناسب الدخال أن يوضع مع‬
‫خبَرٍ" وقوله‪" :‬فََلمّا جاءَها" ومهمة التبليغ إلى فرعون وقومه‪.‬‬ ‫قوله‪" :‬سآتيكُ ْم مِنها بِ َ‬
‫وناسب أن يوضع السلوك في مقام الخوف‪ ،‬وأن يوضع لدخال في مقام المن والثقة‪.‬‬
‫وناسب أن يوضع الدخال وهو أخص من السلوك مع (الشهاب القبس) الذي هو أخص من الجذوة‪ ،‬وأن يوضع السلوك وهو أعم من‬
‫الدخال مع الجذوة من النار التي هي أعم من الشهاب القبس‪ .‬فكل لفظة وضعت في مكانها الملئم لها تماما‬
‫حكَ مِن الرّهْب" ولم يذكر مثل ذلك في النمل‪ .‬و(الرهب) هو الخوف ‪ ،‬وهو مناسب لجو‬ ‫ضمُم إَل ْيكَ جَنا َ‬
‫قال في القصص‪" :‬وا ْ‬ ‫‪‬‬
‫الخوف الذي تردد في القصة‪ ،‬ومناسب لجو التفصيل فيها بخلف ما في النمل‪.‬‬
‫قال في النمل‪" :‬في تِسْعِ آياتٍ" وقال في القصص‪" :‬فَذا ِنكَ بُرهانانِ"‬ ‫‪‬‬
‫فقد أعطاه في النمل تسع آيات إلى فرعون‪ ،‬وذكر في القصص برهانين‪ ،‬وذلك لما كان المقام في النمل مقامَ ثقة وقوة وسّع المهمة‪ ،‬فجعلهما‬
‫إلى فرعون وقومه‪ ،‬ووسّع اليات فجعلها تسعا‪ ،‬ولما كان المقام مقام خوف في القصص‪ ،‬ضيّق المهمة وقلل من ذكر اليات‪ .‬وكل تعبير‬
‫وضع في مكانه المناسب‪.‬‬
‫ثم إن استعمال كلمة (اليات) في النمل مناسب لما تردد من ذكر لليات والية في السورة فقد تردد ذكرُهما فيها عشر مرات‪ ،‬في حين تردد‬
‫في القصص ست مرات‪ .‬فناسب وضع (اليات) في النملووضع البرهان في القصص الذي تردد فيها مرتين‪ ،‬في حين ورد في النمل مرة‬
‫واحدة‪ ،‬فناسب كل تعبير مكانه‪.‬‬
‫قال في النمل‪" :‬إلَى فِرْعَوْنَ وَق ْومِهِ" وقال في القصص‪" :‬إلى ِفرْعَوْنَ ومَلئِهِ"‬ ‫‪‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫فوسع دائرة التبليغ في النمل كما ذكرنا‪ ،‬وذلك مناسب لجو التكريم في القصة‪ ،‬ومناسب لثقة موسى بنفسه التي أوضحتها القصة‪ .‬ولما وسّع‬
‫دائرة التبليغ وسّع اليات التي أعطيها‪ ،‬بخلف ما ورد في القصص‬
‫سحْ ٌر مُبينٌ"‬
‫صرَة ً قالوا هذا ِ‬
‫قال في النمل‪" :‬فَلمّا جا َء ْتهُم آياتُنا ُمبْ ِ‬ ‫‪‬‬
‫ومعنى ذلك أن موسى قبل المهمة ونفذها من دون ذكر لتردد أو مراجعة‪ ،‬وهو المناسب لمقام القوة والثقة والتكريم‪ ،‬في حين قال في‬
‫ف أن يَقتُلونِ"‪ ،‬فذكر مراجعته لربه وخوفه على نفسه من القتل‪ ،‬وهو المناسب لجو الخوف في‬ ‫القصص‪" :‬قال ربّ إني قتلت منهم نفسا فأخا ُ‬
‫السورة ولجو التبسط والتفصيل في الكلم‪ .‬وكل تعبير مناسب لموطنه الذي ورد فيه كما هو ظاهر‪ .‬وال أعلم‬
‫د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫القصة في القرآن الكريم نجدها أحيانا مكرّرة ترد هنا وترد هنا وترد هنا‪ .‬والقصة ليست للتسلية يقينا وإنما هي للتربية والعِظة وأحيانا‬
‫للجابة عن تساؤلت‪ :‬أحيانا أسئلة توجّه للرسول وأحيانا سؤال في النفس ال سبحانه وتعالى يعلمه في نفوس الناس فيجيب عنه‪ .‬قصة‬
‫موسى من القَصص التي تتكرر بكثرة والسِ ّر في ذلك هو أن حياة موسى والحداث التي مرت بحياته متعددة ومتفرقة وطويلة تصلح أن‬
‫تكون دروسا كثيرة للمجتمع المسلم سواء كان في زمن الرسول أو في الزمان المقبلة إلى قيام الساعة‪ .‬القرآن الكريم يأخذ لقطة من‬
‫القصة أحيانا‪ :‬لحظ مثلً قصة إبراهيم أيضا تكررت لكن ليس بهذه الكثرة‪ ،‬قصة لوط موجزة جدا ومختصرة‪ ،‬قصة إبراهيم فيها طول‬
‫وأطول القصص قصة موسى ‪.‬‬
‫فلما نأتي إلى اللقطات من قصة موسى نجدها في كل موقع لها تخصصها ولها أهميتها‪ .‬نحن الن أمام لقطتين التي في السؤال‪ :‬اللقطة‬
‫الولى في سورة النمل واللقطة الثانية في سورة القصص‪ .‬لما ننظر إلى ما في سورة النمل نجد أنها مختصرة مقتضبة وكلتا السورتين من‬
‫السور المكيّة والسور المكية كلها ركزت على العقيدة وعلى التربية وما يمر به المسلمون‪ .‬لكن الملحظ أن سورة النمل لما نقرأها نجد فيها‬
‫تركيزا على جانب اليقين ونجد فيها ذكرا للقوة (ملك سليمان‪ ،‬سليمان كان ملكا قويا) نجد فيها القوة واليقين والثبات والستقرار لما ننظر في‬
‫اليات‪ ،‬والمسلمون بحاجة إلى أمل يقوّي قلوبهم في مكة ويقوي قلوبهم حيثما مروا بالظروف التي م ّر بها المسلمون في مكة على مدى‬
‫التاريخ وإلى المستقبل‪ .‬إذا م ّر بهم ج ّو يشبه جو مكة فهذه اليات تطمئنهم‪ ،‬يحسون فيها بنوع من الثبات ونوع من اليقين ونوعىالقوة‪.‬‬
‫فالحداث التي روتها قصة موسى هنا نجد فيها نوعا من اليقين والثبات والقوة‪.‬‬
‫سورة القصص فيها تفصيل من ولدة موسى تبدأ لكن الشيء المهيمن على السورة هو حال الخوف وحال الضعف المذكور في اليات‬
‫بحيث أن القارئ يحس بجز من الخوف وجو من الضعف‪ .‬نعم بعد ذلك ينتهي إلى شيء من النصر لما ذكر جبروت فرعون الذي كان يقتل‬
‫الولد ويستحي البنات‪ ،‬هذا جبروت وطغيان وظلم كبير يقابله رعب وخوف من هؤلء الناس الذين يعرّض أبناءهم للقتل‪ .‬قارون هذا‬
‫الطاغية بماله يقابله نوع من خوف الناس الفقراء منه ومن طغيانه لكن إنتهى فرعون وانتهى قارون‪ .‬الجو يبقى جو خوف وهذا الجو له أثر‬
‫على اللقطة التي سنتكلم عليها (ل تخف) (أقبِل ول تخف)‪.‬‬
‫نُذكّر بشي سبق أن قلناه وهو أن هذه القصص في القرآن الكريم هي ليست ترجمة للوقائع لن موسى لم يكن يتكلم العربية وإنما هو كلم‬
‫ال سبحانه وتعالى نقلٌ للواقعة بما يناسب لغة العرب ويكون حيّا مع جو السورة‪ ،‬فلما يكون جو السورة جو قوة تكون اللفاظ التي تأتي‬
‫قوية‪ ،‬لما يكون الجو ضعف تكون اللفاظ ضعيفة‪ ،‬اللفاظ مناسبة مع أن الحكاية هي الحكاية‪ .‬القصة المأخوذة أن موسى كان يسير مع‬
‫أهله في وقت مظلم‪ ،‬بارد ورأى نارا فاتجه إلى أهله فقال أنا ذاهب إلى هذه النار لعله أستطيع أن آتي بنبأ يدلنا على الطريق لن عادة الناس‬
‫في الصحراء والمناطق المفتوحة التي يعرّض النسان فيها للضلل والتيه يوقدون نارا أو أحيانا الكِرام يوقدون نارا يدعون الضياف‪ .‬ذهب‬
‫موسى إلى هذا المكان لم يجد نارا حقيقية وإنما كان هناك هذا الضوء الذي رآه لنهم لم يألفوا ضوءا إل من نار‪ ،‬هم ما عندهم مصابيح‬
‫في الصحراء إل النار هي تضيء‪ .‬فلما رأى الضوء قال هي النار فبقي السرد كله على أنها نار كما تخيّلها‪ .‬فلما وصل إليها وكانت نارا‬
‫لكن ليست بنار‪ ،‬غير محرقة‪ ،‬ل تُحرِق وبُلّغ بالرسالة وخوطب ثم نزل‪ .‬العبارات التي قالها قالها بلغته آنذاك‪ .‬القرآن يأتي ويصوغها بلغة‬
‫العرب بما يناسب الجو‪ .‬الن تصورنا أن هناك جوّين حو لسورة النمل وجو لسورة القصص‪ .‬هذه اللقطة سنجد أنها بألفاظها تناسب هذا‬
‫الجو في سورة النمل وهذه اللقطة بألفاظها تناسب جو سورة القصص ونذكر دائما أن محمدا كان أمّيا لم يكن هو يعرف هذه المور فهذا‬
‫كلم ال عز وجل ونعجب ممن يقرأ القرآن ول يدخل اليمان إلى قلبه (لسان الذين يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)‪.‬‬
‫ل بد أن ننظر في السياق وسنقف عند (فلما جاءها) و (فلما أتاها) المجيء والتيان معناه أنه وصل للمكان‪ ،‬لمِ استعمل هنا كلمة جاء وهنا‬
‫كلمة أتى؟ هذه لمسة بيانية‪ .‬الية في القرآن تُفهم لوحدها لكن إذا أردنا دقائق أسرارها حتى نتبين سموّها فينبغي أن ننظر في عموم السياق‬
‫وفي الجو العام‪ .‬كيف سكت العربي ولم يحاول أن يحاكي القرآن وينتهي السلم؟ ل تكرار في القرآن وحينما نتأمل في القرآن الكريم نجد‬
‫أن كل كلمة في موضعها‪ .‬إذا قال في النمل (فلما أتاها) وفي القصص (فلما جاءها) هو المعنى واحد ولكن يكون هناك خلل‪ .‬ل تتناسب‬
‫جاءها مع جو الخوف الذي هنا تتناسب مع جو القوة‪ ،‬أتاها هي التي تتناسب مع جو الضعف‪.‬‬
‫في سورة النمل‪:‬‬
‫ن (‪ ))2‬هنا بشرى والبشارة ترفع من معنويات السامع أن هناك بشرى‬ ‫ب ُمبِينٍ (‪ُ )1‬هدًى َوبُشْرَى لِ ْلمُ ْؤ ِمنِي َ‬ ‫البداية (طس تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْلقُرْآَنِ َو ِكتَا ٍ‬
‫ن (‪ ))3‬عندنا بشرى ويقين وكلهما يؤدي إلى الثبات وليس إلى الخوف‪ .‬اليقين‬ ‫(اّلذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَا َة َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ وَ ُه ْم بِالَْآخِرَ ِة ُه ْم يُوقِنُو َ‬
‫ن (‪ .))4‬هؤلء المؤمنون بكلمتين وهؤلء‬ ‫عمَاَلهُ ْم َفهُ ْم َيعْ َمهُو َ‬
‫خرَةِ َزّينّا َلهُمْ أَ ْ‬
‫نقيض الخوف‪ ،‬المتّيقن من شيء ل يخاف (إِنّ اّلذِينَ لَا يُ ْؤ ِمنُونَ بِا ْلآَ ِ‬
‫ن (‪ )5‬وَِإّنكَ َلتُلَقّى الْ ُقرْآَ َ‬
‫ن مِنْ َلدُنْ‬ ‫سرُو َ‬
‫الذين ل يؤمنون بالخرة بكلمتين (أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َلهُمْ سُوءُ ا ْل َعذَابِ) قطع فيهم (وَ ُهمْ فِي ا ْلآَخِرَ ِة ُهمُ ا ْلأَخْ َ‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ن (‪))7‬‬ ‫س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬ ‫شهَابٍ َقبَ ٍ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬‫ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫س ُ‬‫ل مُوسَى ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ‬ ‫حكِيمٍ عَلِيمٍ (‪ ))6‬الحكمة والعلم فيهما قوة‪ِ( .‬إذْ قَا َ‬ ‫َ‬
‫ب َقبَسٍ‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬‫ت نَارًا سََآتِيكُ ْم ِم ْنهَا ِب َ‬ ‫ل مُوسَى لِأَهْلِ ِه ِإنّي َآنَسْ ُ‬ ‫علِي ٍم (‪ِ )6‬إذْ قَا َ‬ ‫حكِيمٍ َ‬ ‫ن مِنْ َلدُنْ َ‬ ‫مباشرة دخل بعد قوله (وَِإّنكَ َلتَُلقّى ا ْلقُرْآَ َ‬
‫حكِيمُ‬‫ب ا ْلعَاَلمِينَ (‪ )8‬يَا مُوسَى ِإنّهُ َأنَا اللّهُ ا ْلعَزِي ُز الْ َ‬ ‫ن اللّهِ رَ ّ‬ ‫سبْحَا َ‬‫ن فِي النّارِ َومَنْ حَوَْلهَا َو ُ‬ ‫ك مَ ْ‬ ‫ن بُو ِر َ‬ ‫ن (‪ )7‬فََلمّا جَاءَهَا نُودِيَ أَ ْ‬ ‫صطَلُو َ‬ ‫َلعَّلكُ ْم تَ ْ‬
‫ن (‪ ))10‬هناك رسالة وتبليغ‬ ‫خفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ ا ْلمُ ْرسَلُو َ‬ ‫ب يَا مُوسَى لَا تَ َ‬ ‫ك فََلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى مُ ْدبِرًا وََل ْم ُيعَقّ ْ‬ ‫ق عَصَا َ‬ ‫(‪ )9‬وَأَلْ ِ‬
‫خفْ ِإنّي لَا يَخَافُ َلدَيّ‬ ‫ب يَا مُوسَى لَا تَ َ‬ ‫ك فََلمّا رَآَهَا َتهْتَ ّز كََأّنهَا جَانّ وَلّى مُ ْدبِرًا وََل ْم ُيعَقّ ْ‬ ‫ق عَصَا َ‬ ‫رسالة والرسالة تقتضي أن تؤخذ بقوة (وَأَلْ ِ‬
‫غيْ ِر سُو ٍء فِي تِسْ ِع َآيَاتٍ‬ ‫ج َبيْضَا َء مِنْ َ‬ ‫ج ْي ِبكَ َتخْرُ ْ‬‫ك فِي َ‬ ‫ل يَ َد َ‬ ‫سنًا َبعْدَ سُو ٍء َفِإنّي غَفُورٌ رَحِي ٌم (‪ )11‬وََأدْخِ ْ‬ ‫حْ‬ ‫ن (‪ )10‬إِلّا مَنْ ظََلمَ ُثمّ َبدّلَ ُ‬ ‫ا ْلمُرْسَلُو َ‬
‫سقِينَ (‪ .))12‬في القصص يقول (واضمم جناحك) الخوف هنا (فََلمّا جَا َء ْتهُمْ َآيَا ُتنَا ُمبْصِرَ ًة قَالُوا َهذَا‬ ‫ِإلَى فِرْعَوْنَ َوقَ ْومِهِ ِإّنهُ ْم كَانُوا قَ ْومًا فَا ِ‬
‫ن عِ ْلمًا َوقَالَا‬ ‫ن (‪ )14‬وَلَ َقدْ َآ َتيْنَا دَاوُودَ وَسَُل ْيمَا َ‬ ‫سدِي َ‬ ‫ن عَا ِقبَةُ ا ْلمُ ْف ِ‬‫ف كَا َ‬ ‫س ُهمْ ظُ ْلمًا وَعُُلوّا فَانْظُ ْر َكيْ َ‬ ‫س َتيْ َق َن ْتهَا َأنْفُ ُ‬
‫حدُوا ِبهَا وَا ْ‬ ‫سِحْ ٌر ُمبِينٌ (‪َ )13‬وجَ َ‬
‫عبَادِهِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ ))15‬إنتقل إلى موضوع آخر‪.‬‬ ‫ح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي فَضَّلنَا عَلَى كَثِي ٍر مِنْ ِ‬ ‫الْ َ‬
‫بالمقابل سورة القصص‪:‬‬
‫ن (‪ ))3‬إبتداء قصة موسى وفرعون نرويها لك‬ ‫عوْنَ بِالْحَقّ ِلقَ ْومٍ يُ ْؤ ِمنُو َ‬ ‫ن َنبَإِ مُوسَى َوفِرْ َ‬ ‫ب ا ْلمُبِينِ (‪َ )2‬نتْلُوا عََل ْيكَ مِ ْ‬ ‫(طسم (‪ )1‬تِ ْلكَ َآيَاتُ ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ن (‪ ))4‬موطن‬ ‫سدِي َ‬ ‫حيِي نِسَاءَ ُهمْ ِإنّهُ كَانَ مِنَ ا ْل ُمفْ ِ‬ ‫ستَ ْ‬ ‫ضعِفُ طَائِفَ ًة ِم ْنهُمْ ُي َذبّحُ َأ ْبنَاءَهُمْ َويَ ْ‬ ‫ستَ ْ‬ ‫شيَعًا يَ ْ‬ ‫جعَلَ أَهَْلهَا ِ‬ ‫ن عَلَا فِي ا ْلأَرْضِ َو َ‬ ‫ن فِرْعَوْ َ‬‫(إِ ّ‬
‫ضعِي ِه فَِإذَا‬
‫ح ْينَا إِلَى أُ ّم مُوسَى أَنْ أَرْ ِ‬ ‫جعََلهُ ُم الْوَا ِرثِينَ (‪( .))5‬وََأوْ َ‬ ‫جعََل ُهمْ َأ ِئمّةً َونَ ْ‬
‫ض ِعفُوا فِي ا ْلأَرْضِ َونَ ْ‬ ‫ستُ ْ‬ ‫ناْ‬ ‫ن َنمُنّ عَلَى اّلذِي َ‬ ‫ضعف ( َونُرِيدُ أَ ْ‬
‫ص َبحَ‬ ‫ن (‪ ))7‬ننظر جو الخوف (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْ َزنِي) (فََأ ْ‬ ‫خِ ْفتِ عََليْهِ َفأَلْقِي ِه فِي ا ْليَمّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْ َزنِي ِإنّا رَادّوهُ إَِل ْيكِ وَجَاعِلُو ُه مِنَ ا ْلمُرْسَلِي َ‬
‫ل لِأَهْلِهِ‬ ‫ب الطّو ِر نَارًا قَا َ‬ ‫س مِنْ جَانِ ِ‬ ‫ت مِنَ ا ْلقَوْمِ الظّاِلمِينَ) (فََلمّا َقضَى مُوسَى الَْأجَلَ َوسَا َر بِأَ ْهلِهِ َآنَ َ‬ ‫خفْ نَجَوْ َ‬ ‫فِي ا ْل َمدِينَةِ خَائِفًا يَتَ َرقّبُ) (قَالَ لَا تَ َ‬
‫ن (‪ ))29‬سورة القصص فيها تفاصيل منذ الولدة‪ ،‬منذ ولدته أمه‬ ‫جذْوَ ٍة مِنَ النّا ِر َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َ‬ ‫ستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ‬
‫لما يكون فيها تفصيل يكون فيها شرح‪ ،‬لما يأتي إلى الموقف الواحد يفصّل فيه‪ .‬بينما في النمل كلم موجز فلما يأتي إلى الموقف نفسه يوجز‬
‫لنه المراد هنا غير المراد هنا‪ .‬المراد هنا تفصيلت القصة وكل جزئية لما نقف عندها نجد فيها عبرة وعظة‪ .‬هذه الثقة من الم بإلقاء ولدها‬
‫في البحر‪ ،‬فيها الرعاية من ال سبحانه وتعالى رعاية العبد المؤمن كيف يرعاه وهو رضيع يردّه إلى أمه‪ .‬نوع من التطمين للمجتمع المسلم‪،‬‬
‫جلَ) لنه ذكر الجل عشر سنوات أو‬ ‫لهؤلء المسلمين الضعاف في مكة لن هاتان السورتان مكيّتان‪ .‬بينما هنا يأتي (فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ‬
‫ثمان سنوات (أيما الجلين قضيت)‪.‬‬
‫س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا) تفصيل من أين رأى النار وآنسته يعني أحس فيها بالُنس‬ ‫جلَ وَسَا َر بِأَهْلِهِ َآنَ َ‬ ‫هنا قال (فََلمّا قَضَى مُوسَى الْأَ َ‬
‫والطمئنان‪ .‬هو كان مع أهله‪ ،‬وأهله على فرض أنه وُلِد له فأكبر أولده عمره تسع سنوات هذا إذا قضى العشر سنوات وإذا ُرزِق بولد في‬
‫ليله عرسه سيكون عمر الولد تسع سنوات‪ .‬طفل صغير مع زوجته‪ .‬ولما يقول الهل في لغة القرآن الكريم في الغالب تعني الزوجة والذرية‬
‫إذا معه ذرية وإذا ل تكون الزوجة‪.‬‬
‫ن (‪ ))7‬ما ذكر المكان الذي‬ ‫س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬ ‫شهَابٍ َقبَ ٍ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬‫ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ل مُوسَى ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ‬ ‫بينما في الية الولى (ِإذْ قَا َ‬
‫ت نَارًا) في التفصيل يزيد‬ ‫س ُ‬ ‫آنس فيه لن الموضع هنا ليس موضع تفصيل بينما في القصص موضع تفصيل‪( .‬قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ‬
‫ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ)‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫خبَرٍ َأوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬
‫جذْوَ ٍة مِنَ النّارِ َلعَّل ُكمْ َتصْطَلُونَ)‪ ،‬هناك (سََآتِيكُ ْم ِمنْهَا بِ َ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َ‬ ‫ويفصّل الكلم (َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬
‫لحظ الثقة هنا لنه في سورة النمل معنى القوة (سآتيكم ) هو ممكن أنه قال لهم هذه نار ذاهب إليها إما أن آتي بخبر يدلنا على الطريق أو‬
‫آتيكم بجزء من النار لكن القرآن اختار العبارات المناسبة لجو السورة‪.‬‬
‫(لعلّي) متردد يعني قد‪ ،‬إحتمال لن جو السورة جو خوف‪ .‬الحالة النفسية لموسى هي حالة إنسان في هذه البرية‪ ،‬في ظلمة ورأى نارا‬
‫فأراد أن يستنجد بها‪ .‬السورة لما تأتي تتحدث في موطن قوة تعبر عن جوانب القوة‪ ،‬هو ل شك كان عنده قوة في نفسه وشيء من الخوف‬
‫فالحالتان موجودتان‪ .‬هذه القوة التي في نفسه أنه معتمد على ال سبحانه وتعالى لنه كان مؤمنا من قوم مؤمنين ولم يكن كافرا لكن لم يكن‬
‫قد نُبّيء لم يكن قد نزلت عليه الرسالة بعد فهو يثق بال سبحانه وتعالى لكن معه امرأة‪ ،‬معه طفل وهو في البرية ضلّ الطريق فهو عنده‬
‫شيء من التردد بين القوة والعزيمة وبين الخوف بدليل هذا التنويع إما أن أجد أحدا يرشدني وإما أن أجيئكم بنار‪ .‬هذا نوع من التخيير قد‬
‫أجد هذا وقد أجد هذا‪ .‬فنحن ل نستطيع أن نجزم بالحالة النفسية لموسى كيف كانت لكن من خلل النصوص يظهر أنه كان عنده شيء من‬
‫العزم وعنده في الوقت نفسه شيء من الخوف والتردد‪ .‬السورة التي تتحدث عن القوة أخذت جانب القوة والسورة التي يسيطر عليها جانب‬
‫الخوف أخذت الجانب الثاني فهذه تعرض الحقيقة وهذه تعرض الحقيقة كل واحدة من وجهة نظرها ومن الزاوية التي تنظر منها‪ .‬هذه نظرت‬
‫من زاوية ما عنده من إيمان وثقة وهذه نظرت ما هي حاله الن من حال إنسان معه امرأة يخشى عليها وقلق بشأنها وفي بعض الروايات‬
‫في التوراة أنه كانت على وشك الولدة تحتاج إلى تدفئة وإن كنا نحن ل نعتمد إل ما ورد عندنا في أصولنا ومسانيدنا في القرآن أو في‬
‫سنّة‪ .‬إذن هناك جانبان عرضت كل سورة جانبا‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫ن (‪ )7‬النمل) هذا جانب اليقين الذي عنده بينما في‬ ‫ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫خبَرٍ أَ ْو َآتِيكُمْ بِ ِ‬‫سَآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫ت نَارًا َ‬ ‫ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي َآنَسْ ُ‬ ‫(ِإ ْذ قَا َ‬
‫سورة القصص قال (لعلي آتيكم) إحتمال قد أجد وقد ل أجد‪.‬‬
‫ربما يدفع بعض المشككين أن هناك بعض التناقض في القرآن‪:‬‬
‫نحن بيّنا الحقيقة أنه قال أنا ذاهب إلى النار إما أن أجد إنسانا يرشدنا الطريق وإما آتيكم بجزء من النار‪ .‬لو كنا نعرف لغة موسى كنا قلنا‬
‫ما قاله‪ .‬هذه الحكاية بلغته لما نقلها القرآن الكريم نقلها في هذا الموضع الذي يهمين عليه سياق القوة بالجزم والتصميم لن فيه كلمة اليقين‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫سخّر له الجن والطير‪ ،‬السورة فيها جو ملك‪ ،‬جو قوة فتعرض اللفاظ بصورة‬ ‫وكلمة البشارة وفيه هذا اليجاز وفي السورة ملك سليمان ُ‬
‫القوة‪ .‬السورة التي فيها جو الخوف المهيمن عليها تعرض هذا الجانب‪.‬‬
‫إستخدم الفعل (آنست) في السورتين لنه هو كان خائفا من الطريق فلما رأى النار استأنس بها‪ .‬تخيّل نفسك في ظلمة الصحراء ل تدري أين‬
‫تتجه وقفت في مكان ضللت فيه وإذا بك تنظر والنار أمامك قطعا تأنس بها لن النار ل تكون لوحدها ول بد أن هناك من أوقدها‪( .‬اني‬
‫آنست نارا) رأيت نارا فآنستني هذه النار‪ .‬آنس هذا الشيء أي أدخل هذا الشيء في نفسه هذا الطمئنان في الظلمة‪ .‬آنست أي رأيت وأدخل‬
‫في نفسي النس من الُنس‪ .‬فيها معنى الطمئنان‪.‬‬
‫(أو آتيكم بشهاب قبس) لحظ السياق‪ :‬الخبر ممن يتوقع أن يكون عن النار (خبر من أين نمشي؟ من أين نمر؟) (أو أجد على النار هدى) كما‬
‫جاء في سورة طه أي طريق (إهدني الطريق) والجو في سورة طه مختلف‪ .‬هنا قال (شهاب قبس) وهناك قال (جذوة) أي الجمرة الصغيرة‬
‫يتناسب مع حاله‪ .‬أما هنا مع حال القوة (بشهاب قبس) كتلة كبيرة من النار قبس أي مأخوذ من النار‪( .‬لعلكم تصطلون) أي تتدفأون‪ .‬صِليَ‬
‫ل يكون دافئا وأحيانا‬‫ل مقبو ً‬
‫يصلي بمعنى تدفّأ أو اقترب من جو النار أو من دفء النار‪ .‬هذه بحسب السياق أحيانا يكون الصطلء معقو ً‬
‫يكون الصلي أو الصطلء في داخل النار فيكون يشوي والعياذ بال‪ ،‬فالسياق هو الذي يبيّن‪.‬‬
‫(لعلكم تصطلون) أي تتدفأون‪ ،‬تقتربون من دفء النار‪.‬‬
‫(فلما جاءها)‪ :‬هناك قال (فلما أتاها)‪ .‬الفرق بين جاء وأتى هم يقولون أن أتى للسهولة والسلسة لذا يقال للماء المتدفق أتيّ‪ .‬والمجيء يكون‬
‫فيه شيء من الصعوبة هذا ما يقوله علماء اللغة لكن لو نظرنا في هذا الموطن جاء وأتى يلتقيان في حرفين (الهمزة واللف) ويختلفان في‬
‫حرف واحد (الجيم والتاء)‪ .‬نجد أن الجيم والتاء كلهما شديد إنفجاري حسب المصطلح الحديث يولد بانطباق يعقبه إنفصال مفاجئ فهما‬
‫متساويان‪ .‬المصريون حولوا الجيم إلى كاف مجهورة إل عند الفصحاء‪ .‬الجيم هو حرف بسيط يولد بإنطباق وسط اللسان على سقف الفم‬
‫وانفصاله مفاجأة من غير طول زمن كما تولد الباء والدال‪ .‬نحن الن نلفظ الجاء نلفظها مركّبة وهي تنازع وتموت كما ماتت الضاد‪ .‬جا‬
‫ميتة مثل الـچا الفارق أن الـچا رجع بها إلى الخلف واهتزّ الوتران‪ .‬أما الجا فهي شيء اهتز بها الوتران فما عادت جيما‪ .‬الجيم الحقيقية‬
‫هي التي نسمعها الن في السودان‪ .‬الصوت المجهور هو من أصعب الصوات على أبناء اللغة ونحن نهجره الن لذلك تحول عندنا إلى‬
‫صوت شمسي (الجمل‪ ،‬الجنة‪ ،‬الجمهورية‪ ،‬الجريدة) ل نظهر اللم وينبغي أن تظهر اللم‪ .‬لو أنصت جيدا لما يقرأه المقرئون أمثال الشيخ‬
‫حليل الحصري وعبد الباسط نجد هذا الصوت حين يقرأون (من الجِنة والناس) وفي سورة الحج (ول جدال في الحج)‪.‬‬
‫الجيم والتاء كلهما إنفجاري‪ ،‬الجيم يزيد على التاء بهذه النصاعة في إهتزاز الوترين‪ .‬الجيم صوت شديد إنفجاري والتاء مهموس ل يهتز به‬
‫الوتران‪ .‬والجيم مجهور يعني يهتز معه الوتران الصوتيان‪ .‬واهتزاز الوترين يضفي نوعا من النصاعة على الحرف‪ .‬يقول الخليل‪ :‬ولول‬
‫بحّة في الحاء لصارت عينا لن العين أنصع‪ .‬العين والحاء من مخرج واحد‪ ،‬الحاء مهموس والعين مجهور‪ .‬لحظ عندما نقول (ب) في‬
‫نطق الباء وال ( (‪P‬النجليزي هو الصوت المناظر لصوت الباء لكن الباء مجهورة وال ‪ P‬مهموس كذلك التاء والدال‪ ،‬التاء مهموس‪ .‬إذن‬
‫الجيم أنصع وأقوى‪ ،‬هو هذا الحرف المختلف إستعمل للمكان القوي قال (فلما جاءها) لن السياق والنسق في سورة النمل قوة ونصاعة‬
‫ووضوح وظهور‪ .‬بينما في سورة القصص خوف فاختار الحرف الخافت للمكان الخافت والقوي للمكان القوي‪ .‬كان يمكن أن يقول لما وصل‬
‫أو أدرك المكان لكن اختيرت كلمتين كل منهما لها موقعها تؤدي المعنى لكن تعطي صورة جديدة‪ .‬وقد استخدم القرآن كلمة ورد في مكان‬
‫آخر لن فيه ماء (ولما ورد ماء مدين) بحسب المكان وحسب السياق يختار الكلمات‪ .‬الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ كتبت في‬
‫هذا وتبيّن أن كل كلمة في مكانها وفي كتب الدكتور فاضل السامرائي في هذا الطار ونحن نستقي من نبعه‪.‬‬
‫هنا (فلما جاءها نودي) هنا بالبناء للمجهول‪ .‬حدث نداء (نودي أن بورك من في النار ومن حولها) استعمل القرآن اللفظة التي تخيلها موسى‬
‫فلما دخل صار في وسط نور وهو ما يزال يراه نارا لنه ل يعرف هذا النور وما عنده شيء في الرض يضيء إل النار فهو في داخل‬
‫الضوء‪ ،‬في داخل النور الذي صنعته الملئكة فقوله تعالى (أن بورك من في النار ومن حولها) يشير إلى البركة التي أنزلها ال سبحانه‬
‫وتعالى على موسى وعلى الملئكة المحيطين به‪.‬‬
‫(وسبحان ال رب العالمين) تعليم له أن يقدّس ال سبحانه وتعالى وهو في هذا الموقف‪.‬‬
‫(يا موسى إنه أنا ال العزيز الحكيم) العزة والحكم‪( .‬إنه) أي إن المر أو الشأن لنه أمر وتكليف وبرسالة‪.‬‬
‫(فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها)‪ :‬موسى دخل في هذا الموضع بيق يسير إلى أن وصل إلى أن وجد نفسه داخل هذا‬
‫الشيء الذي سماه نارا فخاطبه ال سبحانه وتعالى بالبركة والمباركة ومن حوله الملئكة الذين أوجدوا هذه النار‪ ،‬هذا الضوء الذي ل يُحرِق‪.‬‬
‫هكذا خاطب ال عز وجل موسى ذكر لنا في هذه السورة بينما في السورة الثانية ذكر المكان الذي حدّثه منه‪ .‬هذه مسألة تخص العتقاد‪:‬‬
‫نحن نعتقد أن ال سبحانه وتعالى كلّم موسى ونعتقد أن موسى سمع كلم ال عز وجل لكن بأي أُذن سمع موسى ؟ وما ماهية هذا‬
‫الصوت؟ ما هذا الجهاز الذي استقبل؟ أهو هذا الجهاز العتيادي؟ كيف كلّمه ال سبحانه وتعالى هذا نحن نقول كما قال عز وجل (ليس‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصير)‪ .‬الصوات شيء وصفات ال عز وجل خاصة به جلّت قدرته ل يماثلها شيء فل نستطيع أن نتخيل ما هذا‬
‫الذي سمعه موسى وكيف سمعه؟ السمع بسمع أو بجهاز يليق باستقبال كلم ال عز وجل؟ كيف تكلم ال سبحانه وتعالى؟ ل نستطيع أن‬
‫ندركه لن كلم ال عز وجل صفة من صفاته وصفات ال تعالى ليس كمثله شيء ليس في ذاته ول صفاته فكل ما حولنا شيء وكلم ال‬
‫سبحانه وتعالى ل يدخل ضمن عنوان شيء‪ .‬ما دام ل يدخل تحت هذا ل نستطيع أن ندركه لكن نؤمن أن موسى تلقى كلم ال عز وجل‬
‫سمعه وأدركه أما كيف؟ هذا الكيف هو الذي قلنا من أوائل ما يؤمن به المسلم (يؤمن بالغيب) صفات ال عز وجل وأسماؤه داخلة ضمن‬
‫الغيب خارج نطاق قدراتنا العقلية لذلك نؤمن أن ال عز وجل كلّم موسى ‪ ،‬نؤمن أنه كلّمه وأنه سمع وبهذا القدر لن البحث في الماهية‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫والكيفية ل يوصلنا إلى نتيجة‪ .‬ليس لنا أن نسأل عن صفات ال لنها خارج إطار عقولنا حتى في الغيب‪.‬نحن أمامنا أشياء كثيرة نتعامل معها‬
‫من غير ما نسأل عن ماهيتها‪ :‬مثلً كيف تظهر الكلمات على شاشة الكمبيوتر بعد أن نطبع على اللوحة ثم تظهر على شاشة التلفاز؟ ل نسأل‬
‫عنها‪ .‬فخلق ال سبحانه وتعالى وصفاته ندركها بآثارها ل نسأل عنها لكن هي مدركة وليست خارج الدراك‪ .‬نحن ندرك عظمته عز وجل‬
‫وعلمه )الذي يحوك في صدورنا ال تعالى يعلمه) لكن كيف؟ ل فائدة من الخوض فيه‪ .‬الماهية والكيفية مع صفات ال عز وجل ل نصل‬
‫فيها إلى نتيجة‪.‬‬
‫(أنا العزيز الحكيم) بينما هناك قال (رب العالمين) لنها ليست موطن هزة وحكمة‪.‬‬
‫(وألق عصاك)‪ :‬هذا أمر‪ .‬الذي يمشي في الصحراء يكون معه عصاه‪ .‬بينما هناك فيها تفصيل (وأن ألق عصاك) أي خوطب أن ألقِ‬
‫عصاك‪( .‬أن) فيها إبعاد يضيف إلى معنى أنه هناك تفسير وإيضاح وبيان وتوسعة والعبارات تمشي بشكل سلس‪.‬‬
‫ذكرنا بعض المور التي تتعلق بقصة موسى وبغيرها من القصص ومن أهم ما ذكرناه أن القرآن الكريم حينما يروي لنا هذه الوقائع هو‬
‫ل يترجمها ترجمة وإنما الحادثة أو الواقعة تكون قد وقعت والقرآن يعبّر عنها بلغة العرب وبما ينسجم مع سياق السورة التي ترد فيها تلك‬
‫الجزئية من الحكاية‪ .‬ولذلك قلنا أحيانا تأتي الكلمات فيها نوع من القوة والشدة وأحيانا يكون فيها نوع من اللين بحسب ما هو موجود‪ .‬وفي‬
‫كل الحوال العبارات تبيّن ما قيل فعلً يعني هذا الكلم الذي قيل ليس حرفيا لكن كما قيل‪ .‬نضرب لذلك مثلً لزيادة اليضاح‪ :‬حينما يأتي‬
‫ل ‪ I am at my office‬أي أنا في مكتبي‪ .‬هذا الكلم مرتبط بشيء آخر ول يأتي بدون سابق إنذار أو سابق‬ ‫شخص ويقول بالنجليزية مث ً‬
‫معرفة‪ .‬يأتيك شخص ويقول ‪ :‬ماذا قال علي؟ مرّ بك علي؟ ماذا كان شأن علي؟ وعلي هو الشخص الذي قال الجملة (أنا في مكتبي)‬
‫ي إلى مكتبي‬ ‫فتستطيع أنت أن تقول له‪ :‬قال علي أنا في مكتبي‪ ،‬ويمكن أن تقول‪ :‬هو في مكتبه فتؤدي الغرض‪ ،‬وممكن أن تقول‪ :‬جاءني عل ّ‬
‫ل وذكر أنه سينتظر في مكتبه‪ .‬الكلم كله صحيح لكنك أنت تقول هذا الكلم لواقع معيّن‬ ‫وسلّم وطلبت منه أن يجلس ولكنه كان مستعج ً‬
‫لظرف معيّن وتقول هذا لظرف وأحيانا توجز وأحيانا تفصّل‪ .‬كذلك قصص القرآن‪ :‬الوقائع هي وقعت يعني موسى خدم عند شعيب مدة‬
‫جعِل رسولً‪،‬‬ ‫معينة وتزوج ابنته‪ ،‬خرج مع إبنته في طريقه إلى مكان ولدته‪ ،‬إلى مصر وفي الطريق وقع له هذا الحادث الذي هو‪ُ :‬نبّيء و ُ‬
‫رأى هذا النور الذي حسبه نارا‪ ،‬توجه إليه‪ ،‬كلّمه ال عز وجل‪ ،‬لكن التفاصيل والختصارات بحسب السورة التي ترد فيها هذه الجزئية‪.‬‬
‫لذلك ينبغي أن نفهم أن هذه السورة تهيمن عليها الحوال الفلنية وهذه السورة تهيمن عليها الحوال الفلنية فلما يعرض جزء من القصة هذا‬
‫الجزء مرتبط بسياق القصة لذلك قلنا في سورة النمل قال (فلما جاءها) وفي القصص قال (فلما أتاها) الفرق بينهما الجيم والتاء وكان يستطيع‬
‫أن يقول بدل جاءها أو أتاها وصل إليها لكن إختيار حتى يكون نوع من التناظر ونوع من التباين أن يقال هنا (جاءها) وهنا يقال (أتاها) لن‬
‫هناك فرق بين جاء وأتى‪ ،‬هذا الفرق الجزئي وإلّ المعنى العام هو وصول النسان إلى مكان‪ .‬فإذن هذا ينبغي أن يكون في أذهان قارئ‬
‫القرآن عندما يقرأ ويجد أن القصة تتكرر هي غالبا تعرض مشهدا هنا وتعرض مشهدا هناك‪ ،‬لكن أحيانا يعرض المشهد نفسه بعبارات‬
‫موجزة وبعبارات مفصلة‪ .‬التفصيل لن السورة تفصيلية واليجاز لن السورة فيها نوع من اليجاز وكذلك اختيار العبارة‪.‬‬
‫ل مُوسَى‬ ‫سورة النمل ذكرنا أن فيها نوعا من اليجاز وفيها مظهر من مظاهر القوة‪ ،‬وسورة القصص فيها تفصيل‪ .‬في سورة النمل (ِإذْ قَا َ‬
‫س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) يقابله في القصص التي بدأت من ولدة موسى بكل‬ ‫شهَابٍ َقبَ ٍ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬
‫ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ‬
‫س ُ‬‫ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ‬
‫جذْوَةٍ‬
‫خبَرٍ أَوْ َ‬‫ستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬
‫ب الطّو ِر نَارًا قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ‬ ‫س مِنْ جَانِ ِ‬ ‫التفاصيل (فََلمّا َقضَى مُوسَى ا ْلأَجَلَ َوسَا َر ِبأَهْلِهِ َآنَ َ‬
‫ت نَارًا) بينما في القصص (فََلمّا َقضَى مُوسَى ا ْلأَجَلَ َوسَارَ‬ ‫ل مُوسَى لِأَ ْهلِهِ ِإنّي َآنَسْ ُ‬ ‫مِنَ النّارِ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) أما في النمل فقال مباشرة (ِإ ْذ قَا َ‬
‫ت نَارًا) إشارة إلى فرش القصص‪ .‬سورة القصص مفروشة والنمل موجزة‪.‬‬ ‫س مِنْ جَانِبِ الطّو ِر نَارًا قَالَ ِلأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَسْ ُ‬ ‫بِأَ ْهلِهِ َآنَ َ‬
‫س بالنُس لنه كان في وحشة في‬ ‫(وسار بأهله) هناك ما عندنا وسار بأهله‪( .‬آنس من جانب الطور) غير موجودة في النمل‪ .‬هو آنس أي أح ّ‬
‫هذه الظلمة (من جانب الطور) عيّن المكان لن فيه تفصيل‪ ،‬السورة تفصيلية (قال لهله امكثوا إني آنست نارا) بينما هنا لن فيها تفصيل‬
‫قال (امكثوا إني آنست نارا) هو قطعا قال لهله ل تتحركوا‪ .‬في النمل قال (سآتيكم) بكل ثقة أخذ جانب الطمئنان‪ .‬هو في نفسه جانبان‪:‬‬
‫جانب الثقة بال والطمئنان لنه كان على دين آبائه من الرسل لكنه لم تُبعث له الرسالة بعد وعنده وحشة الطريق فهو بين هذه وهذه‪ .‬في‬
‫سورة النمل تناولت جانب الطمئنان لن السورة بكليّتها سورة قوة لن فيها ملك سليمان وهذا الملك الذي ما كان ينبغي لحد من بعده (رب‬
‫ب َقبَسٍ َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُونَ) شهاب أي نار‪ .‬لعلكم‬ ‫شهَا ٍ‬‫خبَرٍ َأوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬ ‫هب لي ملكا ل ينبغي لحد من بعدي) ففيها قوة لذلك قال (سََآتِيكُ ْم ِمنْهَا بِ َ‬
‫تصطلون أي لعلكم تتدفأون بها‪ .‬في القصص ما قال سآتيكم وإنما قال‪ :‬لعلّي آتيكم منها بخبر‪( .‬لعلّي) تتناسب مع جو التردد وجو الخوف‬
‫الموجود في سورة القصص القائمة على الخوف من بدايتها وذكرنا هذا في الحلقة الماضية (فإذا خفت عليه‪ ،‬تعذيب فرعون لبني‬
‫إسرائيل‪.‬يقتل البناء ويستحي النساء‪ ).‬فيها نوع من الخوف والتردد فأخذ جانب التردد (لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار)‪ .‬يقينا الذي‬
‫قاله موسى ل هذا ول هذا والقرآن يذكر الذي يتناسب مع جو السورة‪ .‬هو قال لهم هذه نار قد أجد من يخبرني شيئا عن طريقنا أو آتيكم‬
‫بشيء من النار‪ .‬لكن استعمال شهاب قبس‪ ،‬جذوة‪ ،‬هذه من أسلوب القرآن مثل استعمال (نبأ‪ ،‬خبر‪ ،‬هدى) هذا ليس لفظ موسى ول يمكن‬
‫أن يكون لن النبياء لم يكونوا يتكلمون العربية من آدم بعكس ما يقال أن آدم تكلم العربية ول ندري بم تكل آدم لنه ما عندنا نص‬
‫صحيح يذكر لنا أن آدم تكلم العربية وهذا الكلم ل ينبغي أن يُقبل أن آدم قال شعرا بالعربية لن أوائل الشعر العربي الذي وصل إلينا من‬
‫قبل امرؤ القيس بقليل قبل ذلك جاء الشعر بطريقة فيها نوع من التكسير ويُرى هذا في شعر عبيد بن البرص‪ .‬المهم أنه ليس هناك سند لهذا‬
‫ي تكلّم بلغة قومه (وما أرسلنا من رسول إل بلسان قومه ليبين لهم) أي بألسنتهم‪ .‬هذه الصياغة هي صياغة القرآن الكريم هكذا‬ ‫الكلم‪ .‬كل نب ّ‬
‫صاغ العبارة حتى يتفهمها العربي ويعيش في أجوائها‪ .‬موسى لم يقل إني آنست نارا وإنما قال هذا المعنى أن هذه النار تُدخل الطمأنينة‬
‫على قلبي سوف أذهب إليها بهذا المعنى وليس بهذه اللفاظ‪ .‬لكن اللفاظ هي ألفاظ القرآن الكريم ولذا يتصرف بها بحسب سياق السورة‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫أحيانا يقول كما في سورة طه مثلً (أو أجد على النار هدى) بحسب سياق السورة لن الكلمات تأتي نابتة في مكانها في تلك السورة ومعبّرة‬
‫عن المعنى نفسه والمعنى العام واحد‪.‬‬
‫إذن هنا قال (سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) الثقة المتناسبة مع جو سورة النمل‪( .‬تصطلون) يعني تتدفأون من‬
‫صليَ يصلى بمعنى تدفّأ واقترب من مكان الدفء‪ .‬فإذا صلي في النار فهذا ليس تدفّأ وإنما إحتراقا (سيصلى نارا) لكن القتراب من دفئها‬
‫(تصطلون) تتدفأون‪.‬‬
‫في القصص (أو جذوة من النار) هذا الخائف المتردد ل يقول سآتي بشهاب وإنما جذوة‪ ،‬نويرة‪ ،‬شيء من النار‪.‬‬
‫(فلما جاءها) في النمل جاء النار وهي لم تكن نارا (نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان ال رب العالمين) هو دخل في إطار‪،‬‬
‫في جو هذا الذي ظنّه نارا هو كان نورا وهو حسبه نارا على ما قيل من عبارته أنه رأى نارا فجاء إلى هذه النار ودخل في وسطها‬
‫وخوطب أن بورك من في هذه النار ومن حولها (موسى في داخلها والملئكة يحفّون به) هذا نوع من التكريم ونوع من الترحيب‪ ،‬هم‬
‫أوقدوا هذه النار التي ليست ناراً (أن بورك من في النار ومن حولها) ودُعي إلى أن يسبح ال تعالى وأن ينزهه في هذا الموضع موضع‬
‫تنزيه ل سبحانه وتعالى كما قال (أن اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) مناسب للسورة التي هي فيها‪.‬‬
‫ي مِنْ شَاطِئِ ا ْلوَادِ‬
‫(وسبحان ال رب العالمين) كلمة رب العالمين تكررت في القصص الذي خاطب موسى رب العالمين (فََلمّا َأتَاهَا نُودِ َ‬
‫ب ا ْلعَاَلمِينَ (‪( ))30‬رب العالمين) تكررت في القصص‪ .‬هذا التكرار كأن‬ ‫ن يَا مُوسَى ِإنّي َأنَا اللّهُ رَ ّ‬
‫الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ أَ ْ‬
‫فيه نوعا من التأديب لبني إسرائيل أن ل يقولوا‪ :‬ال ربنا وحدنا ونحن شعب ال المختار كما يقولون نحن شعب ال المختار وبقية الخلق عبيد‬
‫لنا‪ .‬أما قوله تعالى (وإني فضلتكم على العالمين) هذا في زمن إتباعكم لموسى هذا ينبغي أن يُفهم هكذا أن أتباع كل نبيّ هم أفضل الخلق‬
‫في زمانهم لن الذي يفاضل بين الناس هو اليمان فما داموا مؤمنين بنبيّ ذلك الزمان فهم أكرم الناس عند ال تعالى وليس عند البشر فقط‬
‫(إن أكرمكم عند ال أتقاكم) فهم أكرم عند ال عندما كانوا أتباع النبي ولم يكن قد جاء النبي التالي‪ .‬عندما يجيء النبي التالي الذي يتلو النبي‬
‫الول على أتباع النبي الول أن يتّبعوه وعند ذلك يكونون مفضلين على العالمين والذين عصوه يكونون في الدرك السفل من النار‪ .‬هذا‬
‫التفضيل مستمر مع هذا النبي إلى أن يأتي النبي الذي يليه فإذا جاء النبي الذي يليه عليهم أن يتّبعوه لنه لماذ أرسله ال عز وجل؟ حتى ل‬
‫يبقوا على النبي الول لنه صار هناك تحويلت وتحويرات وتغييرات فيرسل ال تعالى النبي التالي ليصحح‪ ،‬ألم يقل عيسى ‪ :‬جئت لهداية‬
‫الخِراف الضالة من بني إسرائيل؟ لنهم صلوا وحرّفوا وغيّروا فجاء بالنجيل‪ .‬عيسى جاء حتى يتبعه بنو إسرائيل فلم يتبعوه فهم في أسوأ‬
‫حال والذين اتبعوا عيسى هم في أفضل حال عند ذلك‪ .‬لما جاء محمد فعلى الجميع أن يتبعوا دينه عند ذلك‪.‬بنو إسرائيل ليسوا مفضلين‬
‫على العالمين أبد الدهر وإنما في زمن نبيّهم‪ .‬فلما قالوا هذا الكلم ال سبحانه وتعالى يبيّن لهم وتذكير لهم أن الذي خاطب موسى والذي‬
‫جعله رسولً خاطبه بربوبية العالمين أنه رب العالمين وليس رب بني إسرائيل فقط حتى يدركوا ذلك‪ .‬وكرر الكلم في النمل وفي القصص‬
‫حتى يكون المر يقينا أن ال سبحانه وتعالى خاطب موسى بهذا المعنى أنه هو رب للبشر جميعا‪ ،‬رب العالمين جميعا النس والجنّ‪.‬‬
‫* موسى لم يكن كُل ِّف بالرسالة بعد لكن في سورة النمل والقصص ومن اللفاظ الوحدة (رب‬
‫العالمين) فما مناسبتها وهو لم يُكلّف بعد ولم يقل بنو إسرائيل بعد نحن شعب الله‬
‫المختار؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫هو يقينا سينقل لتباعه هذا الكلم أن ال سبحانه وتعالى نبّأني بهذا النبأ وخاطبني بربوبيته للعالمين أن ال رب العالمين ول يعقل أن موسى‬
‫سيقول لقومه ال ربكم وحدكم وإنما هو ال رب العالمين‪ .‬ل بد أن يقول موسى هذا الكلم فهذا تثبيت وتاريخ بهذا الكلم أنه قبل نبوّته‬
‫أُشعِر بأن ال سبحانه وتعالى هو رب العالمين وبعد نبوته أيضا وهو يُبلّغ قومه ذلك لكن قومه معاندون وظلوا على عنادهم إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫(فلما جاءها) و (فلما أتاها) تكلمنا عليها في المرة الماضية وبيّنا الفرق بين الجيم والتاء‪.‬‬
‫البناء للمجهول في (نودي) هو نوع من التعظيم والتفخيم ل سبحانه وتعالى الذي نادى (أن بورك من في النار) ال تعالى كلّم موسى وقلنا‬
‫نحن متيقنون مطمئنون نؤمن بذلك يقينا أن ال سبحانه وتعالى كلّم موسى تكليما لكن الهيئة أو الكيفية كيف كان الكلم وما ماهية هذا الكلم؟‬
‫هذا نؤمن به كما ورد في كتاب ال عز وجل‪ .‬الكلم صفة من صفات ال عز وجل وصفات ال سبحانه وتعالى ل تدخل تحت عنوان شيء‬
‫(ليس كمثله شيء) ل في ذاته ول في صفاته ول في أفعاله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫الفعل نادى يستتبع حرف جرّ نادى على فلن أو نادى كذا؟ ناداه مباشرة‪ ،‬ناداه بكذا‪ ،‬تقول‪ :‬ناديت زيدا وفي آية أخرى ناداه ربه الفاعل‬
‫معلوم وهنا بُني للمجهول بحسب مكانها هنا‪ ،‬لما قال ناده ربه فيه نوع من التطمين بحسب سياق اليات ولكن هنا في المكانين (نودي) فيه‬
‫نوع من التفخيم والتعظيم لذات ال سبحانه وتعالى‪ .‬البناء للمجهول له أغراض منها تعظيم وتفخيم الفاعل الذي ل نريد أن نذكره وقد يكون‬
‫ض (‪ )10‬الجن) تنزيه ل سبحانه وتعالى هن نسبة الشر إليه بينما‬ ‫شرّ أُرِيدَ ِبمَنْ فِي الَْأرْ ِ‬
‫للتحقيق بحسب السياق وأحيانا للتنزيه (وََأنّا لَا َندْرِي أَ َ‬
‫شدًا)‪ .‬البناء للمجهول للمفعول أي إخفاء الفاعل له أغراض كثيرة في لغة العرب منها‬ ‫مع الرشد ذكروا إسم ال تعالى (أَمْ أَرَادَ ِبهِمْ َرّبهُمْ َر َ‬
‫التنزيه منها التفخيم والتعظيم‪ .‬فهنا من تعظيم ال تعالى وتفخيمه‪.‬‬
‫(أن بورك من في النار) أنزل ال عز وجل البركة على موسى (مَنْ) وعلى الملئكة (ومن حولها)‪.‬‬
‫* موسى عليه السلم إعتقد أنها نار وهي ليست نارا ً ولكن الله تعالى قال (بورك من في النار)‬
‫فكيف نفسر هذا؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫على فهم موسى لها هو فهمها نارا ولم يفهمها نورا ما زال يعتقدها نارا وهو في عجب من أمره لنه لم يكن يعرف شيئا غير النار‪ .‬هي‬
‫ليست نارا لنها لم تحرقه وليس هناك وقود‪ .‬مع إبراهيم كان هناك وقود وخشب أما هذه فهي أرض منبسطة على الجبل ليس هناك‬
‫خشب‪ ،‬هو ينظر‪ ،‬ل يوجد شيء يحترق ولم يجد أحدا وال سبحانه وتعالى أزال وحشته بهذا الخطاب المباشر وثبّت قلبه باليات لما قال‬
‫(ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الجانّ هو الفعى الصغيرة في أول فقسها من بيضتها وليس الجنّ‪ .‬الجان من أسماء الفعى الصغيرة‬
‫وهذه تكون سريعة الحركة‪ .‬وعصاه كانت غليظة فهي أفعى غليظة (ثعبان مبين) لكن حركتها فيها نوع من السرعة كسرعة الفعى‬
‫الصغيرة‪ .‬فاضطرب وهرب ولم يعقّب ولم ينظر وراءه‪ .‬شيء طبيعي أن يخاف لن المشهد مخيف‪ :‬هو في ظلمة الليل وإذا به يرى شيئا‬
‫يظنه نارا‪ ،‬جاء إليه وإذا الرض ليس فيها حريق أو حطب أو شيء من نار لكن الشيء الذي أمامه هو مظهر من مظاهر النار‪ ،‬هو دخل‬
‫في داخله وكلّمه ال سبحانه وتعالى فصار يُخاطب‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل سمعت زوجة موسى مخاطبة ال عز وجل له؟‬
‫هذا خاص بموسى ثم إن المكان بعيد وال تعالى عندما يخاطب رسوله ل يسمعه الخرون‪ ،‬الخطاب يكون للرسول على وجه التعيين ثم‬
‫قلنا هذا الخطاب ل نستطيع أن نقول هو صوت من أصوات الناس‪ .‬كيف نودي؟ ال أعلم‪ .‬هذا أمر خاصٌ بال سبحانه وتعالى‪ .‬ناداه ال عز‬
‫وجل بكلمه الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى‪ ،‬ميف هو؟ الخوض فيه ل يؤدي إلى نتيجة‪ ،‬نؤمن به (يؤمنون بالغيب) كلم ال عز‬
‫وجل غيب‪ .‬تكلّم ال تعالى وخاطب موسى وسمع موسى لكن كيف تكلّم وكيف سمع موسى هذا ل يستطيع أحد أن يصل فيه إلى نتيجة لذلك‬
‫نقول هذا غيب نؤمن به كما ورد في كتاب ربنا سبحانه وتعالى لكن أن نقول ما تكلم ال عز وجلّ‪ ،‬تكلّمت شجرة‪ ،‬تكلمت حجرة هذا ل‬
‫يجوز وإنما تكلم ال سبحانه وتعالى وسمع موسى ووعى ما يقال له ولذلك نفّذ لما قال (ألق عصاك) ألقاها‪.‬‬
‫قال (إنه أنا العزيز الحكيم) وهناك قال (أني أنا ال رب العالمين) يمكن قيل له أنني أنا ال رب العالمين العزيز الحكيم القادر المتصرّف‪،‬‬
‫يمكن قال له كل هذا الكلم لكن هنا إختار هذا الكلم وهنا إختار هذا الكلم لن العزة والحكمة تتناسب مع القوة التي هي في سورة النمل‪.‬‬
‫ورب العالمين عامة ُذكِرت هناك أيضا فخصّص النمل بكلمة العزيز الحكيم لما فيها من قوة‪.‬‬
‫ن المر‪ ،‬إن هذا الذي‬ ‫ن الشأن‪ ،‬إ ّ‬‫(إنه أنا ال رب العالمين) لما يعرّف بمن هذا الذي يكلمه إستعمل ضمير الشأن (إنه) للتفخيم والتعظيم‪ ،‬إ ّ‬
‫يخاطبك يسمى ضمير الشأن أو ضمير القصة يعني أن الشأن والقصة والموضوع الذي أنت معرّض له (أنا ال العزيز الحكيم) بالعزة‬
‫ي مِنْ شَاطِئِ ا ْلوَادِ‬
‫والحكمة‪ .‬في القصص لن فيها تفصيل شرح لنا النداء من أي جهة كان أما في النمل لم يشرح‪ .‬في القصص قال (نُودِ َ‬
‫الَْأ ْيمَنِ فِي ا ْلبُ ْقعَةِ ا ْل ُمبَا َركَ ِة مِنَ الشّجَرَةِ) من جهة الشجرة (أن يا موسى) تفصيل‪ .‬هناك أن التفسيرية أو التفصيلية ‪.‬‬
‫في النمل قال (وألق عصاك) واختصر أما في القصص فقال (وأن ألق عصاك) تفسير لن فيها تفاصيل جاءت كلمة أن التفسيرية كأنها‬
‫تفسير‪ .‬ننظر في هذه الفاء في (فلمّا) يسميها علماء اللغة الفاء الفصيحة يعني التي تفصح عن كلم محذوف وهي تتكرر في لغة العرب‬
‫وتتكرر في القرآن الكريم لنه في غير القرآن كان المفروض أن يقال (فألق عصاك فألقاها موسى فصارت أفعى فلما رآها تهتز)‪ .‬العربي‬
‫سنّة العربي إختصر واستعمل الفاء مفصحة عن محذوف (وألق عصاك فلما رآها تهتز) مفهوم لما قيل له ألق‬ ‫يختصر أحيانا فالقرآن على ُ‬
‫عصاك ألقاها مباشرة إشارة إلى الستجابة كما قال في موضع آخر (وأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق) إضرب بعصاك‬
‫هذا أمر فانفلق‪ ،‬ما قال فضرب البحر‪ .‬هذه الفاء الفصيحة مكررة في اليتين إشارة إلى أنه إستجاب فورا‪ :‬ألق عصاك‪ ،‬فألقاها‪ .‬ومثلها‬
‫(إضرب بعصاك الحجر فانفجرت) الفاء الفصيحة حيثما وجدت الفاء تعبّر عن كلم محذوف فهي الفصيحة وليس لها تأثير في الفعل وإنما‬
‫هي عاطفة تعطف جملة على جملة‪.‬‬
‫(فلما رآها تهتز كأنها جانّ) الفعى رآها على الرض لم يُخيّل له وإنما هي رؤية حقيقية‪ .‬تخيّل ذلك الجو المخيف في البداية ثم رأى النور‬
‫فيه نوع من التطمين وكُلّم ولكن مع ذلك طبيعة البشر هؤلء الرسل هم بشر كما قال ‪" :‬إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد" فهم بشر‬
‫فالطبيعة البشرية هو بيده عصى كان يتوكأ عليها‪ ،‬ألقاها‪ ،‬وبمجرد أن ألقاها فإذا بأفعى عظيمة تتحرك حركة سريعة جدا كأنها الفعى‬
‫الصغيرة فمن حقه أن (ولّى مدبرا ولم يعقّب) ل يحتاج أن يلتفت وراءه لنه كان خائفا‪.‬‬
‫سؤال‪:‬في الفرق بين سآتيكم ولعلّي آتيكم ننتقل إلى الوضع الذي كان فيه موسى فما هو المانع أن يقول لزوجه إني آنست نارا سأذهب لقتبس‬
‫من النار شهاب قبس أو جذوة وطبيعي أن تعارضه زوجته قالت كيف تتركني في هذا المكان الموحش فيقول لها امكثوا في البداية يقول‬
‫لعلّي ويكون مترددا ثم يأتيه الرجاء فيقول سآتيكم‪( .‬لعلي) فيها رجاء لشيء مقبل عليه غير متأكد منه ولما تيقن أنه سيذهب قال سآتيكم‪ .‬ربما‬
‫يصل إلى النار فيجدها مشتعلة فيأتيهم بشهاب قبس وربما يجدها جذوة فيقول بجذوة فهو يقول أشياء وما قاله موسى يكمل بعضه بعضا‪.‬‬
‫التوجيه الذي ذكره الدكتور ل مانع من أن يتصوره النسان هكذا‪ .‬القول الذي قاله شيء ممكن جدا ويمكن القول الذي أوردناه لنه ما عندنا‬
‫دليل قاطع على ما قاله وليس عندنا دليل قاطع لما أوردناه ولكن هذا يستشف من سياق اليات‪ .‬هل تكلم موسى مرتين؟ ما عندنا شيء ينفيه‬
‫فالذي تفضّل به ممكن أن يكون مما فتح ال عز وجل به عليه لكن ل نقطع بشيء لكن نقول هذا الذي بدا لنا من خلل النظر في آيات ال‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫آية (‪:)16‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منط ٍِقَ الط ّيْرِ‬ ‫س عُل ِّ ْ‬
‫من ٍَا َ‬ ‫ل ي ٍَا أيُّهٍَا النَّا ٍُ‬
‫ن دَاوُود َ وَقَا َ‬ ‫سلَي ْ َ‬
‫ما ُ‬ ‫ث ٍُ‬ ‫*فٍي سٍورة النمٍل قال تعالى (وَوَرٍِ َ‬
‫ُ‬
‫ن (‪ ))16‬فكيٍف فهٍم سٍليمان كلم النمٍل مٍع أنٍه‬ ‫مبِي ٍُ‬ ‫ْ‬
‫ضل ال ُ‬‫ُ‬ ‫ن هَذ َا لَهُوَ الْفَ ْ‬
‫ي ٍء إ ٍِ َّ‬ ‫من ك ُ ِّ‬
‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫وَأوتِين ٍَا ٍِ‬
‫عُل ِّم منطق الطير فقط؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫التعبير ل يفيد الحصر‪ ،‬كونك تقول أعرف العربية ل يعني أنك ل تعرف غيرها‪ .‬إذن هي ل تفيد الحصر‪ ،‬عُلّم منطق الطير لكن ل ينفي أنه‬
‫يعلم أمورا أخرى‪ .‬هو قال علمنا منطق الطير لن كلمه كان مع الهدهد وهذا ليس معناه الحصر‪ ،‬ليس فيها شيء ول تفيد الحصر لم يقل ما‬
‫علمنا إل منطق الطير أو منطق الطير عُلّمنا فهذه تفيد الحصر‪.‬‬
‫آية (‪:)18‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سلَي ْ َ‬
‫ما ُ‬ ‫م ُ‬‫منَّك ُ ْ‬ ‫م َل ي َ ْ‬
‫حط ِ َ‬ ‫ساكِنَك ُ ْ‬ ‫خلُوا َ‬
‫م َ‬ ‫ة ي َا أيُّه َا الن َّ ْ‬
‫م ُ‬
‫ل اد ْ ُ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ل قَال َ ْ‬
‫ت نَ ْ‬ ‫حت َّى إِذ َا أتَوْا عَلَى وَادِي الن َّ ْ‬
‫م ِ‬ ‫*( َ‬
‫ن (‪ )18‬النمل) ما العجاز البلغي في الية؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫شعُُرو َ‬ ‫َ‬
‫م ل يَ ْ‬ ‫جنُودُهُ وَهُ ْ‬ ‫وَ ُ‬
‫هم يقولون هذه النملة يذكرون عدة أمور فيها‪ ،‬يقولون أحسّت بوجود سليمان وبادرت بالخبار ونادت (يا أيها النمل) ونبّهت (أيها) وأمرت‬
‫(ادخلوا) ونهت (ل يحطمنكم) وأكّدت (نون التوكيد) ونصحت وبالغت (يحطمنّكم) كلكم ل يترك واحدة منكم‪ ،‬وبيّنت (من الذي سيحطمهم)‬
‫وأنذرت وأعذرت سليمان (وهم ل يشعرون) ونفت‪ .‬هنالك ما هو أهم من هذا في التركيب والتأليف وليس المهم هذا الجمع لكن تأليف‬
‫العبارة‪ ،‬كل عبارة نقولها يمكن أن نذكر جملة أمور من هذا النوع لكن كيف تركبت هذه العبارة؟ قالت (يا أيها النمل) ولم تقل يا نمل‪ ،‬كلها‬
‫نداء لكن (أيها) فيها تنبيه‪ ،‬المنادى في الحقيقة النمل وليس (أي) نعربها منادى ولكن توصل‪ ،‬حتى إذا كانت واحدة مشغولة تسمع فيما بعد‪،‬‬
‫لو قالت يا نمل وواحدة لم تسمع يفوتها النداء‪ ،‬هذا تنبيه وهذا الفرق بين يا نمل ويا أيها النمل‪ .‬قالت (ادخلوا) هذا الخطاب بضمير العقلء‬
‫ولم تقل ادخلي أو ادخلن فخاطبتهم بالعقلء العاقل يعي النصيحة ثم قال (مساكنكم) يعني كل واحدة تدخل إلى مسكنها وكل واحدة تستقر فيه‬
‫ونفهم أن لكل نملة مسكن‪ ،‬والضافة إلى ضمير العاقل (كم) في مساكنكم‪ .‬ثم ذكر سليمان بإسمه العلم ولم تذكر الصفة ل تتحمل المسألة أولً‬
‫النمل يعرفه وإن لم يذكره لن هذا يحكم الجميع وهو غير مجهول وحتى يبادروا فورا بالدخول‪ .‬وقال وجنوده لم تقل ولجنود‪ ،‬سليمان هذا‬
‫جنُودُهُ مِنَ ا ْلجِنّ‬
‫الحاكم له جنود كثيرين من الطير وغيرهم لو قالت الجند لكانت تعني العساكر فقط أما جنوده فكثيرين ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ‬
‫ن (‪ )17‬النمل)‪ ،‬ثم قالت وهم ل يشعرون نفت شعورهم ولم نفي العلم ما قال فهم ل يعلمون‪ .‬يعني جنود تشمل‬ ‫طيْ ِر َفهُ ْم يُوزَعُو َ‬
‫وَالْإِنسِ وَال ّ‬
‫طيْرِ‬
‫جنُودُهُ مِنَ ا ْلجِنّ وَا ْلإِنسِ وَال ّ‬‫النس والطير‪( ،‬جنوده) إضافة لسليمان تعظيما له وجنود سليمان كثيرة ومتعددة ومتنوعة ( َوحُشِرَ ِلسَُل ْيمَانَ ُ‬
‫َفهُ ْم يُوزَعُونَ) الطير من جنود سليمان أيضا‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل كانت النملة تكلمهم بلسان الحال؟‬
‫سيدنا سليمان عُلم منطق الطير فتبسم ضاحكا من قولها‪ ،‬سمع الكلم وأدركه وهي تخاطبهم‪.‬‬
‫(ل يحطمنكم) ل يحطمنكم نهي تنهي النمل عن التواجد في مثل هذا المكان حتى ل يُحطم‪ .‬أصحاب العجاز العلمي يقفون عند (يحطمنكم)‬
‫يقولون أن النمل مصنوع من مواد سيليكونية قابلة للتحطيم‪.‬‬
‫فى إجابة سابقة للدكتور فاضل السامرائى‪:‬‬
‫جنُودُهُ وَهُمْ لَا‬
‫سَل ْيمَانُ وَ ُ‬
‫ط َمنّكُمْ ُ‬
‫حِ‬‫ل ادْخُلُوا مَسَا ِك َنكُمْ لَا يَ ْ‬
‫ت َنمْلَةٌ يَا َأّيهَا النّمْ ُ‬
‫ل قَاَل ْ‬‫حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْ ِ‬
‫قال تعالى في سورة النمل ( َ‬
‫ن {‪ )}18‬فالنملة حذّرت ونادت ونصحت قومها وأنذرت وعممت وأكدّت وقصّرت وبالغت وغيره وكل هذا ليس مهما فكل كلم يقال‬ ‫شعُرُو َ‬
‫يَ ْ‬
‫فيه أوجه بلغية لكن المهم كيف عبّر عن ذلك‪ .‬فالنملة بدأت مخاطبة قومها مخاطبة العقلء وجاءت بلفظ مساكنكم ولم تقل بيوتكم أو‬
‫جحوركم لنهم في حالة حركة والحركة عكسها السكون فاختارت لفظ المساكن من السكون حتى يسكنوا فيها ولم تقل المساكن والجحور‬
‫وإنما قالت مساكنكم أي أن لكل نملة مسكنها الخاص الذي تعلم مكان‪،‬ه ولم تقل ادخلن وإنما قالت ادخلوا ‪ ،‬ثم أكدّت بالنداء بقولها (يا أيها‬
‫النمل ادخلوا مساكنكم) حرف النداء الدال على البعد حتى يسمعوا نداءها‪ ،‬وقالت سليمان وجنوده ولم تقل جنود سليمان حتى ترفع العذر عن‬
‫سليمان أيضا فلو قالت جنود سليمان لكان سليمان غير عالم إذا كان قاصدا أو غير قاصد وجاءت بلفظ سليمان بدون أي لقب له كالنبي‬
‫سليمان للدللة على أنه مشهور بدون أن يوصف‪ ،‬ثم حثتهم على السراع في التنفيذ قبل أن تنالهم المصيبة‪ ،‬ونسبت الفعل لسليمان (ل‬
‫يحطمنكم) وفعل يحطمنكم مقصود في الية لنه ثبت علميا أن جسم النمل يتركب معظمه من كمية كبيرة من السليكون الذي يدخل في‬
‫ل على التكسير والتهشيم والشدة‪ .‬إذن ليس المهم جمع أوجه بلغية في التعبير لكن‬ ‫صناعة الزجاج والتحطيم هو أنسب الوصاف للفعل الدا ّ‬
‫المهم كيف التعبير عن هذه الوجه وهذا ما يتفرّد به القرآن الكريم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سلَي ْ َ‬
‫ما ُ‬ ‫م ُ‬‫منَّك ُ ْ‬ ‫م َل ي َ ْ‬
‫حط ِ َ‬ ‫ساكِنَك ُ ْ‬ ‫خلُوا َ‬
‫م َ‬ ‫ة ي َا أيُّه َا الن َّ ْ‬
‫م ُ‬
‫ل اد ْ ُ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ل قَال َ ْ‬
‫ت نَ ْ‬ ‫حت َّى إِذ َا أتَوْا عَلَى وَادِي الن َّ ْ‬
‫م ِ‬ ‫*( َ‬
‫ن (‪ )18‬النمل) لماذا لم يقل لكيل يحطمنكم؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫م َل ي َ ْ‬
‫شعُُرو َ‬ ‫جنُودُهُ وَهُ ْ‬ ‫وَ ُ‬
‫ن (‪ )27‬العراف) أي ل‬ ‫شيْطَا ُ‬‫ل يَ ْف ِتنَ ّنكُمُ ال ّ‬
‫يجب أن نعرف ما هي (ل) في الية‪ .‬يعتقد أن (ل) هذه نافية لكنها هي ناهية‪ .‬مثل (يَا َبنِي آدَ َم َ‬
‫حيَا ُة ال ّد ْنيَا وَلَا َيغُ ّرّنكُم بِاللّهِ ا ْل َغرُو ُر (‪ )33‬لقمان) هذه ل الناهية وفي الية (لَا‬ ‫تفتتنوا بالشيطان‪( .‬لكي) تدخل على (ل النافية)‪( .‬فَلَا َتغُ ّرّنكُمُ ا ْل َ‬
‫جنُودُهُ) ل هنا ناهية وليست نافية‪.‬‬ ‫سَليْمَانُ َو ُ‬ ‫طمَ ّنكُمْ ُ‬
‫حِ‬‫يَ ْ‬
‫سؤال‪ :‬ما الفرق بين التحطيم والتهشيم؟‬
‫التحطيم كسر الشيء اليابس تحديدا واختلفوا في التهشيم‪ .‬التهشيم يقولون في كل شيء وليس في اليابس وحده حتى الرطب يمكن أن يهشّم‪.‬‬
‫ت َنمْلَ ٌة يَا َأّيهَا ال ّنمْلُ‬
‫حتّى ِإذَا َأتَوْا عَلَى وَادِي ال ّنمْلِ قَالَ ْ‬ ‫هشم أي كسر قسم جعله في اليابس وقسم في اللغة قالوا هو عام‪ .‬لكن السؤال هو ( َ‬
‫ن (‪ ))18‬في سورة النمل هم يقولون أن النمل وقسم من الحشرات فيها مادة‬ ‫شعُرُو َ‬ ‫جنُودُهُ وَهُمْ لَا يَ ْ‬
‫ط َمنّكُ ْم سَُل ْيمَانُ وَ ُ‬
‫حِ‬‫ادْخُلُوا مَسَا ِك َنكُمْ لَا يَ ْ‬
‫السليكون ما يُصنع منه الزجاج وهو قابل للتحطيم فيقول تحطيم إذن التحطيم أخص والتهشيم أعم‪.‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫*ما دللة (ل) في آية سورة النمل (ل يحطمنكم سليمان وجنوده)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل هنا من باب النهي وليس النفي مثل قوله تعالى (ل تغرنّكم الحياة الدنيا) على رأي أكثر المفسرين بمعنى ل تتعرضوا لن يحطمكم سليمان‬
‫وجنوده‪ .‬وهذ على خلف ما جاء في قوله تعالى (ل تخاف دركا ول تخشى) حيث أن (ل) هنا للنفي‪ .‬حتى في آية سورة النمل يمكن أن‬
‫تكون (ل) للنفي أيضا وال أعلم‪.‬‬
‫آية (‪:)19‬‬
‫سم ضاحكا ً من قولها)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫*ما إعراب كلمة ضاحكاًفي قوله تعالى (تب ّ‬
‫(فتبسّم ضاحكا)‪ :‬حال مؤكدة (إسم فاعل)‪.‬‬
‫*ما الفرق بين الحال المؤكّدة والحال المؤسسة؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الحال المؤكدة‪ :‬هي التي يستفاد معناها من غيرها ومما قبلها وهي مؤكدة لصاحبها أو لمعنى الجملة كقوله تعالى (فتبسّم ضاحكا من قولها)‬
‫والتبسّم هو الضحك‪ .‬وكأن نقول مثلً‪ :‬قدر مستطيعا‪.‬‬
‫الحال المؤسسة‪ :‬هي التي ل يستفاد معناها من غيرها‪.‬‬
‫آية (‪:)22‬‬
‫* ما الفرق بين النبأ والخبر؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫سبٍَإ ِب َنبٍَإ يَقِينٍ (‪ )22‬النمل) وفي القرآن النبأ أهم من الخبر‬ ‫ج ْئ ُتكَ مِنْ َ‬
‫النبأ كما يقول أهل اللغة أهم من الخبر وأعظم منه وفيه فائدة مهمة (وَ ِ‬
‫ل هُ َو َنبٌَأ عَظِي ٌم (‪ )67‬ص) (عَنِ ال ّنبَإِ ا ْلعَظِي ِم (‪ )2‬النبأ)‪ .‬والنبأ في اللغة هو الظهور وقد استعمل القرآن الكريم كلمة خبر مفردة في موطنين‬ ‫(قُ ْ‬
‫ن (‪ )29‬القصص) (إِ ْذ قَالَ مُوسَى‬ ‫ن النّا ِر َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬
‫جذْوَ ٍة مِ َ‬
‫خبَرٍ أَوْ َ‬‫ستُ نَارًا َلعَلّي َآتِيكُ ْم ِم ْنهَا بِ َ‬ ‫في قصة موسى (قَالَ لِأَهْلِ ِه ا ْم ُكثُوا ِإنّي َآنَ ْ‬
‫ن (‪ )7‬النمل) وهناك فرق بين الخبر والنبأ العظيم‪ .‬وفي أخبار‬ ‫س َلعَّلكُ ْم تَصْطَلُو َ‬ ‫شهَابٍ َقبَ ٍ‬ ‫خبَرٍ أَوْ َآتِيكُ ْم بِ ِ‬ ‫ت نَارًا سََآتِيكُمْ ِم ْنهَا بِ َ‬
‫س ُ‬
‫ِلأَهْلِهِ ِإنّي َآنَ ْ‬
‫عذَابٌ أَلِي ٌم (‪ )5‬التغابن) ‪.‬‬
‫ن َقبْلُ َفذَاقُوا َوبَالَ َأمْرِهِمْ َوَلهُ ْم َ‬‫الماضين والرسل استعمل القرآن نبأ (أَلَ ْم يَ ْأ ِتكُ ْم َنبَأُ اّلذِينَ كَ َفرُوا مِ ْ‬
‫آية (‪:)29‬‬
‫ي إِل َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ب كَرِي ٌ‬
‫م (‪ )29‬النمل) ما دللة كلمة (إني)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫ي كِتَا ٌ‬ ‫*(إِنِّي ألْقِ َ‬
‫هي المعنية هي صاحبة الشأن فـ (إن) تفيد التوكيد وهي صاحبة القرار‪ .‬ثم هي ملكة ألقي إليها رسالة ولم يأت به رسول كريم والرسالة‬
‫ب كَرِيمٌ) على غير المتوقع كيف‬
‫عادة يجب أن يأتي بها وفد يأتي رسول إلى ملك يحمل الكتاب فهذه حالة غريبة قالت (ِإنّي أُلْ ِقيَ إَِليّ ِكتَا ٌ‬
‫ألقي هكذا إلقاء وهي ملكة؟! لم يأت من يحمل الكتاب لها‪.‬‬
‫آية (‪:)32‬‬
‫* لماذا جاء الفعٍٍل المضارع على هذه الصٍٍيغة بعٍٍد حتٍٍى فٍٍى قوله تعالى (قَال ٍَت ي ٍَا أَيُّه ا ال ْمَلُ‬
‫َ‬ ‫ٍَ‬ ‫ْ‬
‫ن (‪ )32‬النمل)؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫حتَّى ت َ ْ‬ ‫أَفْتونِي في أ َمري ما كُنت قَاطع ً َ‬
‫شهَدُو ِ‬ ‫مًرا َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫شهَدُونِ (‪ )32‬النمل) هذا منصوب بحذف النون والنون‬
‫حتّى تَ ْ‬
‫طعَةً َأمْرًا َ‬
‫ت قَا ِ‬
‫ت يَا َأّيهَا ا ْلمَلَأُ َأ ْفتُونِي فِي َأ ْمرِي مَا ُكنْ ُ‬
‫في قصة سبأ الية (قَالَ ْ‬
‫الموجودة في الفعل (تشهدون) هي نون الوقاية والصل تشهدونني فهذا نصب وليس جزما والفعل منصوب بحذف النون والياء المحذوفة هي‬
‫مفعول به والنون للوقاية‪.‬‬
‫آية (‪:)35‬‬
‫جع ٍُ‬
‫م يَْر ِ‬ ‫ة إِلَيْهِ ٍ ْ‬
‫م بِهَدِيَّةٍ فَنَاظَِرةٌ ب ِ ٍ َ‬ ‫سل َ ٌ‬
‫مْر ِ ٍ‬
‫*لماذا اسٍٍتعمل صٍٍيغة الجمٍٍع فٍٍي قوله تعالى (وَإِن ّ ٍِي ُ‬
‫ن (‪ )35‬النمل)؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫سلُو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مْر َ‬
‫المرسلون هنا ليس المراد بهم النبي وإنما الذين أرسلتهم بلقيس يحملون الهدايا‪ .‬بلقيس قالت (وإني مرسلة إليهم بهدية) فكلمة مرسلون تشير‬
‫إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها بحيث أنه كان مع الهدية مجموعة من الرسل الذين نقلوها إلى سليمان يعني فيها إشارة هذا الجمع هنا‬
‫هي لم ترسل إنسانا واحدا بالهدية وإنما أرسلت مجموعة فيها إشارة إلى عِظم الهدية التي أرسلتها وملك يهدي إلى ملك ل بد أن تكون الهدية‬
‫مناسبة‪ .‬الهدية جنس منكّر‪ ،‬ترى ما هذه الهدية التي أرسلتها؟ ل شك أنها هدية تتألف من أمور كثيرة وعظيمة أولً تشير إلى منزلتها لن‬
‫الهدية منزلتها من منزلة المُهدي (كما قيل لحدهم لِمَ تعطي هذا العجوز التي قدمت لنا الطعام كل هذا المال فهي ل تعرفك قال أنا أعرف‬
‫نفسي) الهدية بموجب الذي يهدي‪ .‬هي ل شك لم ترسل إنسانا واحدا وإنما أرسلت مجموعة من الناس يحملون هذه الهدية فل غرابة مطلقا‬
‫في (بِ َم يَرْجِ ُع ا ْلمُرْسَلُونَ)‪.‬‬
‫آية (‪:)37‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫جنودٍٍِهِ (‪ )249‬البقرة) و‬ ‫جالُو ٍٍَ‬


‫ت وَ ُ‬ ‫ة لَن ٍٍَا الْيَوٍٍْ َ‬
‫م بِ َ‬ ‫*مٍٍا الفرق بيٍٍن الطاقٍٍة والقِب ٍٍَل (قَالُوا ْ ل َ طَاقَ َ‬
‫ل لَهُم بِهَا (‪ )37‬النمل)؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬ ‫جنُودٍ َّل قِب َ َ‬ ‫ْ‬
‫(فَلَنَأتِيَنَّهُ ْ‬
‫م بِ ُ‬
‫الطاقة القدرة وال ِقبَل القدرة على المقابلة والمجازاة على شيء تقول أنا ل ِقبَل لي بكذا ولذلك (لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا) أي ل قدرة لهم عليها‪ ،‬ل قدرة‬
‫لهم على المقابلة‪ ،‬ل قدرة لهم على مقابلتها بينما هم أصحاب قوة‪( .‬ل قبل لهم بها) هذا كلم سليمان‪ ،‬جماعة بلقيس قالوا (قَالُوا نَحْنُ ُأوْلُوا‬
‫شدِي ٍد (‪ ))33‬أي عندهم قوة وعندهم بأس في الحرب يستطيعون المقابلة‪( .‬فََلنَ ْأ ِت َينّهُ ْم بِ ُ‬
‫جنُودٍ لّا ِقبَلَ َلهُم ِبهَا) أي ل يستطيعون‬ ‫قُوّ ٍة وَأُولُوا بَ ْأسٍ َ‬
‫أن يقابلونا من البداية‪.‬أما في الثانية (قَالُو ْا لَ طَاقَةَ َلنَا ا ْليَوْ َم بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ) أي ليس عندنا قوة ول قدرة أصلً‪ .‬الولون قالوا ل طاقة لنا‬
‫اليوم بجالوت وجنوده هم اصلً ليس عندهم قوة‪.‬‬
‫آية (‪:)40‬‬
‫*علم من الكتاب وعلم الكتاب‪( :‬الرعد)‪(-‬النمل)؟(د‪.‬أحمد الكبيسى)‬
‫ن يَ ْأتُونِي مُسِْلمِينَ‬ ‫شهَا َقبْلَ أَ ْ‬ ‫ل يَا َأّيهَا ا ْلمَلَأُ َأّيكُ ْم يَ ْأتِينِي ِبعَرْ ِ‬ ‫عندنا آيتان في كلمة "علم الكتاب"‪ .‬تعرفون قضية بلقيس وسيدنا سليمان والعرش (قَا َ‬
‫ك بِهِ َقبْلَ‬‫ع ْندَ ُه عِلْ ٌم مِنَ ا ْل ِكتَابِ َأنَا َآتِي َ‬
‫ل اّلذِي ِ‬ ‫ن مَقَا ِمكَ وَِإنّي عََليْهِ َلقَوِيّ َأمِينٌ ﴿‪ ﴾39‬قَا َ‬ ‫ل عِفْريتٌ مِنَ ا ْلجِنّ َأنَا َآتِيكَ بِ ِه َقبْلَ أَنْ َتقُو َم مِ ْ‬ ‫﴿‪ ﴾38‬قَا َ‬
‫ن كَفَ َر َفإِنّ َربّي‬ ‫شكُرُ ِلنَفْسِهِ َومَ ْ‬ ‫شكَ َر َفِإّنمَا يَ ْ‬ ‫شكُرُ َأمْ َأكْفُرُ َومَنْ َ‬ ‫ل َربّي ِل َيبْلُ َونِي أَأَ ْ‬ ‫ن فَضْ ِ‬ ‫ل َهذَا مِ ْ‬ ‫عنْدَ ُه قَا َ‬
‫ستَ ِقرّا ِ‬
‫ط ْر ُفكَ فََلمّا رَآَ ُه مُ ْ‬‫ن يَ ْر َتدّ ِإَل ْيكَ َ‬
‫أَ ْ‬
‫ب ﴿‪ ﴾43‬الرعد)‬ ‫ع ْندَهُ عِ ْلمُ ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ن ِ‬‫شهِيدًا َبيْنِي َو َب ْينَكُمْ َومَ ْ‬ ‫ل َكفَى بِاللّ ِه َ‬ ‫ت مُ ْرسَلًا قُ ْ‬ ‫ن كَفَرُوا لَسْ َ‬ ‫ل اّلذِي َ‬‫ي كَرِي ٌم ﴿‪ ﴾40‬النمل) الية الثانية ( َويَقُو ُ‬ ‫غنِ ّ‬
‫َ‬
‫شهِيدًا َب ْينِي َو َبيْ َنكُمْ َومَنْ‬ ‫آية تقول أن هؤلء الناس عندهم علم من الكتاب وليس كل الكتاب هذه الية تقول عنده كل علم الكتاب (كَفَى بِاللّهِ َ‬
‫ع ْندَهُ عِ ْلمُ ا ْل ِكتَابِ) آيتان ل بد من البحث والتقصي عن أسباب الختلف بين علم الكتاب وعلم من الكتاب ول يمكن أن يكون هذا عبثا وكفى‬ ‫ِ‬
‫بال في هذا الكتاب العزيز حُكما‪ .‬طبعا المفسرون لو تتبعتوهم ما من رأي يشبه رأيا فالقضية من اللمعقول وكل واحد يحاول أن يستنبط‬
‫وأن يضيف وأن يقيس وأن وأن ومن فضل ال أن كل ما قالوه كان صحيحا مع اختلفهم فيما قالوه‪ .‬يعني مثلً باختصار شديد‪ :‬أولً ما‬
‫معنى الكتاب؟ ما هو الكتاب؟ ال قال (وَاضْ ِربْ َلهُ ْم َمثَلًا ﴿‪ ﴾32‬الكهف) كل بناية في هذا العالم وكل مؤسسة وكل عاصمة وكل سيارة‬
‫تشتريها تجد معها كتيبا يشرح لك هذه السيارة بكل تفاصيلها من ألفها إلى يائها هذا الكتاب له أسماء غربية كتالوج والخ لكن هو كتاب يشرح‬
‫لك خفايا وأسرار وتفصيلت هذه السيارة أو هذه العمارة أو هذه المؤسسة أو هذه العاصمة‪ ،‬هذا الدليل من الناس من يعرفه كله ل يغمض‬
‫عليه شي ٌء منه هو يعرف لغات وعنده خبرة هندسية فلما قرأ هذا الكتاب فهم السيارة من ألفها إلى يائها بحيث لم يعد يخفى عليه ول جزء‬
‫واحد هذا عنده علم الكتاب‪ ،‬كل الكتاب صار في علمه‪ .‬هناك واحد مثلي أنا ومثلي كثيرون وال يمكن ل يعرف سطرين ل نعرف فقط‬
‫تعرف أن تشغل السيارة وتمشي أما هذا الكلم والتفاصيل ل أفهم منها شيئا لو أقرأها مائة سنة ل أفهم منها شيء في ناس تفهم شوي أكثر‬
‫عنْدَ ُه عِلْ ٌم مِنَ ا ْل ِكتَابِ) أي أن ال سبحانه‬ ‫في ناس شوي أكثر نتفاوت في الفهم أما أن أفهم الكتاب كله هذا قمة‪ .‬طبعا المفسرون عندما فسروا ( ِ‬
‫وتعالى هذا الكتاب الذي هو دليل الكون‪ ،‬يا أخوان هذا الكون كما في الدنيا ما في مؤسسة إل فيها كتاب دليل يعلمك كيف تعرف أسرار هذه‬
‫حبّ ٍة فِي ظُُلمَاتِ ا ْلأَرْضِ وَلَا‬ ‫ط مِنْ َو َرقَةٍ إِلّا َيعَْل ُمهَا وَلَا َ‬ ‫البناية‪ ،‬هذه المؤسسة‪ ،‬هذه السيارة‪ ،‬هذه الطيارة‪ ،‬هكذا رب العالمين عز وجل ( َومَا تَسْ ُق ُ‬
‫صغَرَ‬ ‫شهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ﴿‪ ﴾36‬التوبة) (وَلَا َأ ْ‬ ‫عشَرَ َ‬ ‫ع ْندَ اللّ ِه ا ْثنَا َ‬ ‫شهُو ِر ِ‬ ‫عدّةَ ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب ُمبِينٍ ﴿‪ ﴾59‬النعام) لو تقرأ (إِ ّ‬ ‫رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلّا فِي ِكتَا ٍ‬
‫ب ُمبِينٍ ﴿‪ ﴾6‬هود) الخ‬ ‫ل فِي ِكتَا ٍ‬ ‫عهَا كُ ّ‬ ‫ستَ ْودَ َ‬‫ستَقَرّهَا َومُ ْ‬ ‫ب ُمبِينٍ ﴿‪ ﴾61‬يونس) كل شيء في هذا الدليل ( َو َيعْلَ ُم مُ ْ‬ ‫ن ذَِلكَ َولَا َأ ْكبَرَ إِلّا فِي ِكتَا ٍ‬ ‫مِ ْ‬
‫ب ُمبِينٍ ﴿‪ ﴾75‬النمل)‬ ‫سمَاءِ وَا ْلأَ ْرضِ إِلّا فِي ِكتَا ٍ‬ ‫ن غَا ِئبَةٍ فِي ال ّ‬ ‫ل َربّي وَلَا َينْسَى ﴿‪ ﴾52‬طه) ( َومَا مِ ْ‬ ‫ب لَا يَضِ ّ‬ ‫عنْدَ َربّي فِي ِكتَا ٍ‬ ‫ل عِ ْل ُمهَا ِ‬ ‫(قَا َ‬
‫ع ْندَنَا ِكتَابٌ‬
‫ض ِم ْنهُمْ وَ ِ‬ ‫ك عَلَى اللّ ِه يَسِيرٌ ﴿‪ ﴾11‬فاطر) (قَ ْد عَِل ْمنَا مَا َتنْقُصُ ا ْلأَرْ ُ‬ ‫عمُرِهِ ِإلّا فِي ِكتَابٍ إِنّ ذَِل َ‬ ‫ص مِنْ ُ‬ ‫( َومَا ُي َعمّ ُر مِنْ ُم َعمّرٍ وَلَا يُنْ َق ُ‬
‫سكُمْ ِإلّا فِي ِكتَابٍ﴿‬ ‫ن مُصِيبَةٍ فِي الْأَ ْرضِ وَلَا فِي َأنْفُ ِ‬ ‫ب مِ ْ‬ ‫ب َمكْنُونٍ ﴿‪ ﴾78‬الواقعة) (مَا أَصَا َ‬ ‫ن كَرِي ٌم ﴿‪ ﴾77‬فِي ِكتَا ٍ‬ ‫حَفِيظٌ ﴿‪ ﴾4‬ق) (ِإنّهُ َلقُرْآَ ٌ‬
‫ن كِتَابًا مَ ْوقُوتًا ﴿‪ ﴾103‬النساء) كل ما في هذا‬ ‫ت عَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِي َ‬ ‫ن الصّلَا َة كَانَ ْ‬ ‫‪ ﴾22‬الحديد)‪ .‬إذا هناك نوعين من الكتب هناك لكل شي ٍء كتاب (إِ ّ‬
‫ن َتمُوتَ إِلّا بِِإذْنِ اللّهِ ِكتَابًا مُ َؤجّلًا ﴿‪ ﴾145‬آل عمران) كتاب الموت‪ ،‬هذه الكتب جميعا وهي‬ ‫الدين أجزاء متكاملة في كتاب ( َومَا كَانَ ِل َنفْسٍ أَ ْ‬
‫بالمئات بل باللف التي تحوي أمر ال وقدرته وعلمه المتعلق بذلك الشيء بالكامل هذه كلها مجموعة في كتاب واحد سماه السلم اللوح‬
‫المحفوظ‪ .‬هذا اللوح المحفوظ كتاب الكتب‪ ،‬كل الكتب فيه‪ .‬كل واحد من الناس قد يعرف كتابا من الكتب وهذا في كل البشرية سواء كان‬
‫يهودا أو نصارى أو مسلمين كل من له نبيٌ ورسولٌ من السماء وله كتاب من الكتب المقدسة تجد فيهم واحد اثنين ثلثة يسمونهم الحبار‪،‬‬
‫يسمونهم الرهبان‪ ،‬يسمونهم العلماء‪ ،‬يسمونهم العارفون بال أنواع من التسميات أن هذا النسان له إلمام بال عز وجل من حيث قدرته‬
‫ل يستطيع أن يشرح لك ما في كتاب هذا الكون والكون فيه كتاب كامل‪ ،‬دليل كامل‪ .‬إذا كان دليل‬ ‫ومخلوقاته عندما يتأمل ويتفكر أصبح رج ً‬
‫السيارة جزئي فاللوح المحفوظ هو الكتاب الكامل الذي فيه هذا الكون‪ .‬من هو الذي يعرف بعض الكتاب والكتاب؟ آراء المفسرين كثيرة ناس‬
‫قالوا هو سليمان نفسه وناس قالوا أحد وزرائه وناس قالوا لقمان الخ أشكال‪ .‬وحينئذٍ كل هذا الكلم صحيح لن كل واحد من هؤلء الناس له‬
‫علم من الكتاب سواء كان أنبياء أو رسل أو علماء صالحين أو ناس من أهل ال أو عارفون كل واحد له معرفة بال اسمه العارف بال‪ ،‬لكن‬
‫الذي يعلم الكتاب كله واحد بعد ال عز وجل‪ ،‬بعد ال عز وجل واحد يعلم الكتاب طبعا العلم هذا كلم أيضا اجتهاد أنا ل أدعي أني وصلت‬
‫إلى النهاية وما في غير هذا ل أنا أدلي بدلوي مع الذين أدلوا والذي اكتشفته أن كل السماء التي ذكروها حوالي عشرين ثلثين إسم على‬
‫أساس هؤلء عندهم علم الكتاب كلهم صح لن هؤلء كثيرون والنبي صلى ال عليه وسلم يقول "إن من أمتي أناس محدثين فإن يكن ف ُعمَر"‬
‫عمر محدّث‪ .‬كل واحد يمكن أن يكون عنده علم من الكتاب إما عن طريق صلح رب العالمين يقذف في قلبه علما (وَعَّل ْمنَا ُه مِنْ َلدُنّا عِ ْلمًا ﴿‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫عظِيمًا ﴿‪ ﴾113‬النساء) هذا عام‪ ،‬أشكال وألوان في المسيحية في ناس‪ ،‬في‬ ‫ضلُ اللّ ِه عََل ْيكَ َ‬
‫ن فَ ْ‬
‫ن َتعْلَمُ َوكَا َ‬ ‫‪ ﴾65‬الكهف) (وَعَّل َم َ‬
‫ك مَا َل ْم َتكُ ْ‬
‫اليهودية في ناس‪ ،‬في السلم في ناس‪ ،‬على مر العصور يعني إذا كان هذا الكتاب يعني الغيب والمستقبل وتفصيلت ما فينا واحد في يوم‬
‫من اليام إل وقد رأى رؤيا في المنام تنبؤه عما سوف يحدث في المستقبل علم الغيب هذه قضية مسلّم فيها كرؤيا العزيز‪ ،‬كرؤيا ملك مصر‬
‫ورؤيا إبراهيم ورؤيا يوسف وهكذا حينئذٍ لما رأى أحد عشر كوكبا وفعلً تطبقت بالضبط ما فينا واحد إل رأى رؤيا ثم جاءت بعد أسبوع‬
‫أسبوعين مثل فلق الصبح تخبره بما سوف يحدث له‪ .‬إذا كان هذا يحدث في المنام فل أن يحدث في اليقظة أفضل وأه ّم ولهذا رب العالمين‬
‫ممكن أن يضع علمه في أي عب ٍد من عباده لكن جزئي‪ .‬الذي عنده علم الكتاب كاملً طبعا منهم من قال محمد صلى ال عليه وسلم وطبعا‬
‫ن َتعْلَمُ)‪ .‬حينئذٍ نقول كثير من المفسرين قال فلن وفلن حقيق ًة تقريبا كان كلهم يميلون إلى أنه "آصل‬ ‫ك مَا َل ْم تَكُ ْ‬‫المصطفى على رأسي (وَعَّل َم َ‬
‫البرقيه" أحد علماء سيدنا سليمان عليه السلم في زمانه وكأن ال سبحانه وتعالى علمه علم الكتاب فحينئ ٍذ هذا هو الذي في الحقيقة هو صح‬
‫هذا الرجل يعلم علما من الكتاب‪ .‬وأبو بكر الصديق وعمر يعلمان علما من الكتاب وكثير‪ .‬مثلً شخص دخل على سيدنا عثمان قال له‪ :‬إني‬
‫ي بعد رسول ال؟! هذا علم من الكتاب هذا علم الكتاب ل يتعلم هذا العلم ل يُتعلّم وإل العلم‬ ‫أرى في وجهك الزنا فذاك ذهل فقال له‪ :‬أوح ٍ‬
‫العام يتعلم العلم بالتعلم لكن هذا ل هذا يوهب من ال عز وجل بأنك ترى ما ل يرى غيرك هذا عل ٌم من الكتاب أي شي ٌء من العلوم ليس كل‬
‫الكتاب‪ .‬وسيدنا الخضر أيضا عل ٌم من الكتاب لو كان الخضر يعلم كل علم الكتاب لكان النبي أولى النبي صلى ال عليه وسلم أخبر بما هو‬
‫كائن وما يكون إلى يوم القيامة‪ ،‬كل ما يجري في هذا اليوم أحاديث صحيحة تخبر عنه (ل تقوم الساعة حتى يكون الروم أشد الناس عليكم)‬
‫أي الغربيون‪( ،‬ل تقوم الساعة حتى ل يدخل إلى العراق قفي ٌز ول مدٌ‪ )..‬يعني حصار كامل ويذهب وراح على سوريا وراح على فارس‬
‫وأنت ترى الن كل هذا‪ .‬إذا النبي صلى ال عليه وسلم عنده علم من الكتاب واسع الذي عنده علم الكتاب كامل ‪ -‬حسب رأيي كما قلت لكم‬
‫‪ -‬ال سبحانه وتعالى هذا مفروغ منه لكن من المخلوقين جبريل فقط لماذا؟ أنا كان يسرني أن أقول النبي صلى ال عليه وسلم ولكن أنت لو‬
‫تقرأ السنة كثيرا ما كان النبي صلى ال عليه وسلم يستفسر من جبريل عن بعض الظواهر ما هذا يا أخي جبريل؟ يقول له كذا كذا‪ ،‬يعلمه‬
‫وال أعلم طبعا هذا مجرد اجتهاد ول ألزم به أحد لكن لما تعرف أن جبريل ما سأل النبي عن شيء وجبريل كان أمينا كما قال تعالى في‬
‫ل لنه موكل به‪ .‬يقول‬ ‫كتابه العزيز امتدحه مدحا كاملً أنه أمين والخ ومن أجل هذا الوحيد بعد ال عز وجل الذي يعلم علم الكتاب كام ً‬
‫بعض المفسرين إن ل ملكا آخر اختصه ال‪ ،‬خلقه ال عز وجل للوح المحفوظ لكن ما قال اسمه ول ما هو‪ ،‬على كل حال إذا صح فهذا‬
‫عظيم أيضا إذا كان خلق من أجل هذا والمفروض أن كتاب كهذا يحوي سفر الكون كله جدير بأن ال يخلق له ملكا‪ .‬لكن جبريل عليه السلم‬
‫من وقائعه مع كل النبياء‪ ،‬مع سيدنا آدم والذين من بعده ومع سيدنا موسى وسيدنا عيسى ومع سيدنا محمد صلى ال عليه وسلم وتصرفاته‬
‫كان ينهاهم ويصلحهم (أتدري يا محمد من فعل كذا من هؤلء؟) إذا يبدو أن هذا المخلوق العظيم إنما هو يعرف كل الكتاب بعد ال عز‬
‫وجل‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل العلم يختاره ال لشخاص معين ين أم لجم يع الب شر؟ الجا بة‪ :‬قطعا ل يم كن أن يكون هذا العلم إل باختيار ال لن هذا العلم غ ير‬
‫مكتسب لو كان مكتسبا لحاولنا كلنا ولكنه علمٌ موهوب‪.‬‬
‫علَى َكثِي ٍر مِنْ‬
‫ح ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي َفضَّلنَا َ‬ ‫سؤال‪:‬أنا أنبه على آية لعلها تربطنا بما تتفضل به وهي قوله تعالى (وََل َقدْ َآ َت ْينَا دَاوُودَ وَسَُل ْيمَا َ‬
‫ن عِ ْلمًا َوقَالَا الْ َ‬
‫ل ا ْل ُمبِي نُ ﴿‪﴾16‬‬
‫يءٍ إِنّ َهذَا َلهُوَ ا ْلفَضْ ُ‬ ‫ن كُلّ شَ ْ‬ ‫طيْرِ َوأُوتِينَا مِ ْ‬ ‫س عُّل ْمنَا َمنْطِ قَ ال ّ‬ ‫ل يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫سَل ْيمَانُ دَاوُودَ َوقَا َ‬ ‫عبَادِ هِ ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ ﴿‪ ﴾15‬وَ َورِ َ‬
‫ث ُ‬ ‫ِ‬
‫النمل)‪ ،‬الجابة‪ :‬بارك ال فيك أنت الن حسمت الموقف هل أن منطق الطير يُتعلّم أو يوهب؟ قطعا يوهب إذا هذا عل مٌ وهبه ال عز وجل‬
‫لهذين النبيين العظيمين‪ ،‬ولهذا قس على هذا في التاريخ ما ل حصر له‪.‬‬
‫آية (‪:)42‬‬
‫ل نَكُِّروا لَه َا عَْر َ‬
‫شه َا‬ ‫*بالنسبة لسيدنا سليمان عليه السلم في القرآن في سورة النمل قال (قَا َ‬
‫َ‬ ‫ل أَهَكَذ َا عَْر ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍَ‬ ‫َ‬
‫ه هُوَ‬‫ت كَأن ٍَّ ُ‬
‫ك قَال ٍَ ْ‬
‫ش ٍِ‬ ‫ت قِي َ‬
‫جاء ٍْ‬ ‫نٍ (‪ )41‬فَل ٍَ َّ‬
‫ما َ‬ ‫م نٍَ ال ّذِي نٍَ َل يَهْتَدُو َ‬ ‫م تَكُو ُ‬
‫نٍ ِ‬ ‫نَنظُْر أتَهْتَدِي أ ْ‬
‫ُ‬
‫ن (‪ )42‬النمل) هل بلقيس جاءت لسليمان فكيف عرفت أن‬ ‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬ ‫من قَبْلِه َا وَكُن َّا ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫وَأوتِين َا الْعِل ْ َ‬
‫عرشها عند سليمان؟ وكيف جاءت؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫هي قالت كأنه هو لما سألها عن عرشها ولم تقل أنه عرشها‪ .‬هي كانت في مملكتها في اليمن‪ ،‬هي لم تعرف أن عرشها عند سليمان‪.‬‬
‫آية (‪:)56‬‬
‫*فٍي أماكٍن قال تعالى آل لوط وفٍي أماكٍن قال قوم لوط وفٍي أماكٍن قال إخوان لوط ‪ ،‬لماذا‬
‫قيلت كٍل واحدة فٍي مكانهٍا؟ هٍل كان يمكٍن أن يقول قوم لوط فٍي جميٍع المواطٍن؟ لِم هذا‬
‫التنويع؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬
‫التنويع ليس مع لفظة لوط فقط وإنما مع أنبياء آخرين مثل مع هود عندنا قوم هود وأخاهم هود وأخوهم هود‪ ،‬قوم صالح وأخاهم صالح‬
‫وأخوهم صالح بحسب مواضعها‪.‬‬
‫الفرق اللغوي بين قوم وأصحاب والل وإخوان‪:‬‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫قوم الرجل هم أهله بالصورة الواسعة يقال فلن من قوم كذا‪ ،‬وقد يكون القوم أوسع من القبيلة‪ ،‬العرب قوم‪ .‬وقد يُطلق على القبيلة أنها قوم‬
‫فلن‪.‬‬
‫الل هم الهل المقربون الذين هم أقرب الناس ومن معانيه الزوجة ومن معانيه التباع‪ ،‬أتباع الرجل آله‪ ،‬أتباعه الذين تبعوه ُكثُر لكن قومه‬
‫ط مّن قَ ْر َي ِتكُمْ(‪)56‬النمل)‪.‬‬
‫أكثر من الل‪ ،‬قوم أوسع‪َ( .‬أخْرِجُوا آلَ لُو ٍ‬
‫شدّ ا ْلعَذَابِ (‬
‫ل ِفرْعَوْنَ أَ َ‬
‫شيّا َويَوْ َم تَقُومُ السّاعَةُ َأدْخِلُوا آ َ‬
‫غدُوّا وَعَ ِ‬
‫الخوان أقرب من الل لن الل قد يكون فيها التباع (النّا ُر ُيعْرَضُونَ عََل ْيهَا ُ‬
‫‪ )46‬غافر) أي أتباعه‪.‬‬
‫الهل‪ :‬هم المقربون بل إن القرآن استعمل الهل في الزوجة على أنه يمكن أن تطلق على الذرية أوالقارب بحسب الحديث المشهور حديث‬
‫أم سلمة‪.‬‬
‫الكلمات فيها فوارق ولكن بحسب السياق فلو جئنا لكل آية استعمل فيها قوم هنا واستعملت كلمة آل هنا‪ ،‬بالنسبة لل لوط لم تستعمل إل في‬
‫الثناء عليهم فقط‪ ،‬لما يثني عليهم ولما يذكرهم بخير يستعمل كلمة آل ول يستعمل كلمة قوم‪.‬‬
‫آية (‪:)57‬‬
‫ه‬ ‫* مٍا اللمسٍة البيانيٍة فٍي الختلف بيٍن قوله تعالى فٍي سٍورة النمٍل (فَأَنجيناهٍ وأَهْل ٍَه إَّل ا َ‬
‫مَرأت ٍَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ْ َ َْ ُ َ‬
‫م نٍَ الْغَابِرِي نٍَ (‬ ‫قَد َرناهٍَا م ن الْغَابري ن (‪ ))57‬وفٍي قوله فٍي سٍورة الحجٍر (إَّل ا َ‬
‫ه قَدَّْرن ٍَا إِنَّهٍَا ل َ ِ‬
‫مَرأت ٍَ ُ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍَ‬ ‫ِ ٍَ‬ ‫ّْ َ‬
‫‪ ))60‬في قصة امرأة لوط؟‬
‫د‪.‬فاضل السامرائى‪:‬‬
‫لو لحظنا اليتين في سورة النحل وفي سورة الحجر كأن السائل يسأل عن الختلف في التوكيد في آية سورة الحجر‪ .‬ولو نظرنا إلى آية‬
‫ن (‪ ))60‬لوجدنا فيها ستة مؤكدات هي‪( :‬إنّا‪ ،‬اللم في‬ ‫ج َمعِينَ (‪ )59‬إِلّا امْ َرَأتَهُ َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِي َ‬ ‫ل لُوطٍ ِإنّا َل ُمنَجّو ُهمْ أَ ْ‬ ‫سورة الحجر (إِلّا آَ َ‬
‫ن في إنها واللم في لمن الغابرين) ثم أننا إذا نظرنا في السورة كلها أي سورة الحجر لوجدنا فيها ‪20‬‬ ‫لمنجوهم‪ ،‬منجوهم (إسم)‪ ،‬أجمعين‪ ،‬إ ّ‬
‫مؤكد في قصة لوط بينما في سورة النمل ففيها ثلثة مؤكدات فقط في القصة كلها (أئنكم‪ ،‬لتأتون‪ ،‬وإنهم أناس يتطهرون)‪ .‬هذا الجو العام في‬
‫السورتين والوضع الوصفي فالية في سورة الحجر أنسب مع الؤكدات في القصة من آية سورة النمل‪ .‬وقد يسأل السائل لماذا؟ نلحظ أنه‬
‫ن (‪ ))58‬أما في النمل فوصفهم بالجهل (َأ ِئّنكُمْ َلتَ ْأتُونَ‬ ‫ج ِرمِي َ‬ ‫تعالى وصف قوم لوط في سورة الحجر بالجرام (قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِ ْلنَا إِلَى قَوْ ٍم مُ ْ‬
‫ن (‪ ))55‬والمجرمون أشد من الجاهلين فالوضف أشدّ وهذا الوصف الشدّ يقتضي عقوبة‬ ‫جهَلُو َ‬
‫ن دُونِ النّسَا ِء بَلْ َأنْتُ ْم قَ ْو ٌم تَ ْ‬ ‫شهْوَ ًة مِ ْ‬‫الرّجَالَ َ‬
‫جعَ ْلنَا عَاِل َيهَا سَافَِلهَا‬ ‫ش ِرقِينَ (‪َ )73‬ف َ‬
‫صيْحَ ُة مُ ْ‬
‫خ َذ ْتهُمُ ال ّ‬
‫أشدّ ول نظرنا إلى العقوبة في كلتا السورتين لوجدنا أن العقوبة في سورة الحجر أش ّد (فَأَ َ‬
‫طرًا فَسَا َء مَطَرُ ا ْل ُم ْنذَرِينَ (‪ ))58‬والمطر قد يكون ماء أما‬ ‫ل (‪ ))74‬وفي سورة النمل (وََأمْطَ ْرنَا عََل ْيهِ ْم مَ َ‬ ‫سجّي ٍ‬‫حجَا َر ًة مِنْ ِ‬ ‫َوَأمْطَ ْرنَا عََل ْيهِمْ ِ‬
‫الحجارة في سورة الحجر فهي بالطبع أشدّ‪ .‬إذن العقوبة أشدّ والوصف أشدّ ثم إن القصة في سورة الحجر (‪ 19‬آية من الية ‪ 58‬إلى ‪)76‬‬
‫أطول منها في سورة النمل (‪ 5‬آيات فقط) فإذا نظرنا إلى القصة من جهة التوسع واليجاز فآية سورة الحجر أنسب ومن حيث التوكيد‬
‫والعقوبة والطول أنسب ول يناسب وضع الية مكان الخرى‪ .‬القرآن الكريم يراعي التعبير في كل مكان بصورة دقيقة ويراعي التصوير‬
‫الفني للقصة‪.‬‬
‫د‪.‬حسام النعيمى‪:‬‬
‫خلُوا عََليْ ِه‬ ‫ضيْفِ ِإبْرَاهِي َم (‪ ))51‬ضيف إبراهيم الملئكة (ِإذْ دَ َ‬ ‫في قوله تعالى في سورة الحجر الكلم كان على لسان الملئكة ( َونَ ّب ْئهُ ْم عَنْ َ‬
‫ن (‪ ))52‬الجو العام جو وجل وخوف من إبراهيم وتشكك هو ليس شاكا في ال سبحانه وتعالى ولكن الجو‬ ‫َفقَالُوا سَلَامًا قَالَ ِإنّا مِ ْنكُمْ َوجِلُو َ‬
‫سنِيَ ا ْل ِكبَ ُر َفبِمَ‬
‫ن مَ ّ‬ ‫ك ِبغُلَا ٍم عَلِي ٍم (‪ ))53‬قال (قَالَ َأبَشّ ْرُتمُونِي عَلَى أَ ْ‬ ‫الذي جاء فيه الملئكة كان في وجل ورهبة‪ ،‬قالوا (قَالُوا لَا تَ ْوجَلْ ِإنّا ُنبَشّ ُر َ‬
‫ن (‪ ))55‬ل تيأس من رحمة‬ ‫ق فَلَا َتكُنْ مِنَ ا ْلقَانِطِي َ‬ ‫حّ‬ ‫ن (‪ ))54‬إذن عنده نوع من التشكك‪ .‬إذن مسألة وجل وتشكك‪( .‬قَالُوا بَشّ ْرنَا َ‬
‫ك بِالْ َ‬ ‫ُتبَشّرُو َ‬
‫ن (‪ )58‬إِلّا َآلَ‬ ‫ج ِرمِي َ‬ ‫ط ُبكُمْ َأّيهَا ا ْلمُرْسَلُونَ (‪ )57‬قَالُوا ِإنّا أُ ْرسِ ْلنَا إِلَى قَوْ ٍم مُ ْ‬ ‫ل َفمَا خَ ْ‬ ‫ن (‪( ))56‬قَا َ‬ ‫حمَةِ َربّهِ إِلّا الضّالّو َ‬
‫ال (قَالَ َومَنْ َي ْقنَطُ مِنْ َر ْ‬
‫ج َمعِينَ (‪ )59‬إِلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِينَ (‪ ))60‬لحظ التأكيدات هو يحتاج لمؤكدات لنه وجل وشاك من الملئكة‪.‬‬ ‫لُوطٍ ِإنّا َل ُمنَجّو ُهمْ أَ ْ‬
‫(إِلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَا ِإّنهَا َلمِنَ ا ْلغَابِرِينَ (‪ ))60‬تأكيد بإنّ وباللم‪ .‬كلم الملئكة لحظ كلمة(قدرنا) هم ل يقدرون ولكن لنهم وسيلة تنفيذ قدر ال‬
‫سبحانه وتعالى رخصوا لنفسهم أن يقولوا قدرنا ولكن ما قالوا قدرناها لم يربطوا الضمير بالتقدير‪ ،‬بأنفسهم لذلك أبعدوها مع وجود إنّ‬
‫المؤكدة‪ .‬فإذن كلم الملئكة يحتاج إلى تأكيد وإبتعد ضمير المفعول به في الصل‪ .‬الصل هي قدرنا لكن أدخلوا إنّ فأبعدوها عن التقدير‪.‬‬
‫ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ ِإلّا امْرََأتَ ُه َقدّ ْرنَاهَا مِنَ ا ْلغَابِرِينَ (‬ ‫الية الثانية هي من كلم ال سبحانه وتعالى المباشر في سورة النمل (فما كان جواب قومه َفَأنْ َ‬
‫ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ) خبر‪( ،‬إِلّا امْ َرَأتَهُ َقدّ ْرنَاهَا مِنَ ا ْلغَابِرِينَ) ما قال قدرنا إنها ‪ ،‬ما أبعدها وما احتاج إلى تأكيدات لن ال سبحانه‬ ‫‪ )57‬النمل) (فََأنْ َ‬
‫وتعالى يخبرنا بأمر‪ :‬بأن قوم لوط أجابوا بهذه الجابة فال سبحانه وتعالى أنجاه وأهله إل امرأته قدرها رب العزة من الغابرين‪ .‬وأُنظر كيف‬
‫ربط الضمير بالفعل مباشرة ما أبعده (قدرناها) لن هذا قدره سبحانه وتعالى فما إحتاج إلى إبعاده‪ .‬الغابرين قالوا بمعنى الباقين الهالكين‬
‫ط ْرنَا عََل ْيهِ ْم مَطَرًا فَسَا َء مَطَ ُر ا ْل ُمنْذَرِينَ (‪) )58‬انتهى الكلم على ذكر‬ ‫الذين بقوا في الهلك‪ .‬نهاية الية تفسر لنا كلمة كانت‪ .‬لما قال (وََأمْ َ‬
‫ح ْمدُ لِلّهِ َوسَلَامٌ‬
‫المم‪ ،‬كان آخر شيء في ذكر المم يعني لم تكن هناك حكاية ورواية لمور وإنما رواية لهذه المسألة‪ .‬النهاية كانت (قُلِ ا ْل َ‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ش ِركُونَ (‪ ))59‬لم يذكر أمة أخرى وراءها‪ .‬هو ل يتحدث حديثا تاريخيا متواصلً وإنما إنقطع الكلم‬ ‫خيْرٌ َأمّا يُ ْ‬‫طفَى آَللّهُ َ‬ ‫عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ‬ ‫عَلَى ِ‬
‫هنا‪.‬‬
‫ت مِنَ ا ْلغَابِرِينَ (‪ )83‬العراف)‪ .‬ال سبحانه وتعالى يحكي لنا ما حدث ( َومَا‬ ‫ج ْينَاهُ َوأَهْلَهُ إِلّا ا ْمرََأتَهُ كَانَ ْ‬
‫لما ننظر في الية الثالثة أيضا (فََأنْ َ‬
‫ن (‪ ))83‬هناك‬‫ت مِنَ ا ْلغَابِرِي َ‬ ‫ن (‪َ )82‬فَأنْ َ‬
‫ج ْينَاهُ وَأَهْلَهُ ِإلّا امْرََأتَ ُه كَانَ ْ‬ ‫طهّرُو َ‬ ‫س َيتَ َ‬
‫خرِجُو ُه ْم مِنْ قَ ْر َي ِتكُمْ ِإّنهُمْ ُأنَا ٌ‬ ‫ن قَالُوا أَ ْ‬
‫ب قَ ْومِهِ إِلّا أَ ْ‬ ‫ن جَوَا َ‬ ‫كَا َ‬
‫قدرناها من الغابرين وانتهى الكلم على المم‪ .‬لكن هنا الكلم كأنه كلم تاريخي والكلم التاريخي يصلح معه (كان) لن ذكر أشياء رواية‬
‫ن عَا ِقبَةُ ا ْل ُمجْ ِرمِينَ (‪ ) )84‬استعمل (كان) ثم‬ ‫ف كَا َ‬ ‫ظرْ َكيْ َ‬ ‫طرًا فَانْ ُ‬ ‫ن (‪ )83‬وََأمْ َ‬
‫ط ْرنَا عََل ْيهِمْ مَ َ‬ ‫ت مِنَ ا ْلغَابِرِي َ‬ ‫جيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلّا امْرََأتَ ُه كَانَ ْ‬
‫فقال (فََأ ْن َ‬
‫ش َعيْبًا) اليات مستمرة في الحديث عن جانب تاريخي وعندما يكون الكلم عن جانب تاريخي يستعمل (كان) لما يكون‬ ‫قال (وَإِلَى َم ْديَنَ َأخَا ُهمْ ُ‬
‫حديث تاريخي وإنما قدر ال عز وجل يستعمل كلمة قدرنا وال سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬
‫آية (‪:)59‬‬
‫* ما الفرق بين سلم نكرة والسلم معرفة ؟(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫السلم معرفة والمعرفة هو ما دلّ على أمر معين‪ ،‬وسلم لك والصل في النكرة العموم إذن كلمة سلم عامة وكلمة السلم أمر معين‪ .‬لما‬
‫ل معينا أو تعريف الجنس‪ .‬الصل في النكرة العموم والشمول‪ .‬إذن (سلم) أعم لنها‬ ‫نقول رجل يعني أيّ رجل ولما نقول الرجل أقصد رج ً‬
‫طفَى (‪ )59‬النمل) (سَلَا ٌم عَلَى‬
‫عبَادِهِ اّلذِينَ اصْ َ‬
‫ح ْمدُ لِلّهِ وَسَلَا ٌم عَلَى ِ‬
‫ي إل بالتنكير في القرآن كله مثل (قُلِ الْ َ‬ ‫نكرة وربنا سبحانه وتعالى لم يحي ّ‬
‫ن (‪ )120‬الصافات) حتى في الجنة (سَلَامٌ‬ ‫ن (‪ )79‬الصافات) (سَلَا ٌم عَلَى ِإبْرَاهِيمَ (‪ )109‬الصافات) (سَلَا ٌم عَلَى مُوسَى وَهَارُو َ‬ ‫ح فِي ا ْلعَاَلمِي َ‬
‫نُو ٍ‬
‫ي هو إل بالتنكير لنه أعم‬ ‫ط ْبتُ ْم فَادْخُلُوهَا خَاِلدِينَ (‪ )73‬الزمر) ربنا تعالى لم يحي ّ‬ ‫قَوْلًا مِن رّبّ رّحِي ٍم (‪ )58‬يس) حتى الملئكة (سَلَا ٌم عََل ْيكُمْ ِ‬
‫وأشمل كل السلم ل يترك منه شيئا‪( .‬سلم عليه) هذه تحية ربنا على يحيى والية الخرى عيسى سلم على نفسه وليس من عند ال‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬سلم نكرة من قبل ال تعالى والسلم من عيسى وليس من ال تعالى والتعريف هنا (السلم) أفاد التخصيص‪ .‬ويقوون‬
‫تعريض بالذين يدعون أن مريم كذا وكذا فقال (والسلم علي) رد على متهمي مريم عليها السلم‪.‬‬
‫آية (‪:)64-60‬‬
‫* (‪ )64( - )60‬النمل) ما هي اللمسات البيانية في خواتيم اليات؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫جرَهَا‬‫ن تُ ْن ِبتُوا شَ َ‬
‫ت َبهْجَ ٍة مَا كَانَ َلكُمْ أَ ْ‬
‫حدَائِقَ ذَا َ‬‫سمَا ِء مَا ًء َفَأ ْنبَ ْتنَا بِهِ َ‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْضَ وََأنْ َزلَ َلكُ ْم مِنَ ال ّ‬ ‫نقرأ اليات‪ ،‬الية الستون (َأمّنْ خَلَقَ ال ّ‬
‫سمَاوَاتِ وَالْأَ ْرضَ) وربنا قال في آية‬ ‫ل هُ ْم قَ ْو ٌم َيعْدِلُونَ (‪ ))60‬هذه السئلة التي أثاروها هم يعلمونها لنه قال (َأمّنْ خََلقَ ال ّ‬ ‫َأءِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَ ْ‬
‫سمَا ِء مَاءً) وقال في آية أخرى (وََلئِن‬ ‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْضَ َل َيقُولُنّ اللّ ُه (‪ )25‬لقمان)‪ ،‬ثم قال (وََأنْ َزلَ َلكُ ْم مِنَ ال ّ‬ ‫سأَ ْل َتهُم مّنْ خَلَقَ ال ّ‬ ‫أخرى ( َوَلئِن َ‬
‫ض مِن َبعْ ِد مَ ْوتِهَا َل َيقُولُنّ اللّ ُه (‪ )63‬العنكبوت)‪ ،‬إذن هم يعلمون الجواب لكنهم ينحرفون عن‬ ‫حيَا بِهِ ا ْلأَرْ َ‬ ‫سمَاء مَاء َفأَ ْ‬ ‫ل مِنَ ال ّ‬ ‫سَأَ ْل َتهُم مّن نّزّ َ‬
‫الحق يعني هم قوم يعدلون مع معرفتهم بهذا المر‪ ،‬يعدلون يعني ينحرفون عن الطريق وليست من العدل هم ينحرفون مع معرفتهم بهذا‬
‫ل هُ ْم قَوْ ٌم َي ْعدِلُونَ) رغم معرفتهم هم عدلوا عن الحق‪.‬‬ ‫المر‪ .‬هم أجابوا عن السؤال يجيبون عنه أنه ال إذن أإله مع ال؟ّ! إذن (بَ ْ‬
‫ل َبيْنَ ا ْلبَحْ َريْنِ حَاجِزًا أَءلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعَْلمُونَ (‪ ))61‬أي ل‬ ‫جعَ َ‬
‫سيَ وَ َ‬ ‫جعَلَ َلهَا رَوَا ِ‬ ‫جعَلَ خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا وَ َ‬ ‫ض َقرَارًا َو َ‬ ‫جعَلَ ا ْلأَرْ َ‬ ‫(َأمّنْ َ‬
‫يعلمون شيئا من الشياء معتدا به‪ ،‬يعلمون لكن هذا العلم ل يجعلهم يبطلون الشرك فما قيمة هذا العلم ّ؟ إذن ل يعلمون شيئا يُعتدّ به أو قد ل‬
‫يعرفون هذه الشياء الدقيقة أنه جعل بين البحرين حاجزا‪.‬‬
‫ل ما تذكرون يعني مع أنهم‬ ‫جعَُلكُ ْم خُلَفَا َء الْأَ ْرضِ أَءِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه قَلِيلًا مَا تَ َذكّرُونَ (‪ ))62‬قلي ً‬ ‫ضطَرّ ِإذَا دَعَاهُ َو َيكْشِفُ السّوءَ َويَ ْ‬ ‫ن يُجِيبُ ا ْلمُ ْ‬ ‫(َأمّ ْ‬
‫يدعون ال وينسون ما يشركون لن ربنا يذكر أن هؤلء إذا مسهم الضر في البحر ضل من تدعون إل إياه‪ ،‬قليلً ما تذكرون أي نسيتم هذا‬
‫طّيبَةٍ َوفَ ِرحُو ْا ِبهَا جَاء ْتهَا رِيحٌ‬‫ج َريْنَ ِبهِم بِرِيحٍ َ‬ ‫حتّى ِإذَا كُنتُ ْم فِي ا ْلفُ ْلكِ وَ َ‬ ‫سيّ ُركُ ْم فِي ا ْلبَرّ وَا ْلبَحْ ِر َ‬
‫المر نسيتم أن ال هو الذي نجاكم (هُوَ اّلذِي يُ َ‬
‫ن (‪)22‬‬ ‫ج ْي َتنَا مِنْ هَـذِهِ َل َنكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِي َ‬ ‫ط ِبهِ ْم دَعَوُ ْا اللّ َه مُخْلِصِينَ لَ ُه الدّينَ َلئِنْ أَن َ‬ ‫ظنّواْ َأّنهُمْ أُحِي َ‬
‫ل َمكَانٍ َو َ‬ ‫ج مِن كُ ّ‬ ‫عَاصِفٌ َوجَاءهُ ُم ا ْلمَوْ ُ‬
‫ق (‪ )23‬يونس) إذن نسوا‪ ،‬قليلً ما تذكرون ما كنتم عليه من حال السوء‪ ،‬نجاكم ال وأيضا‬ ‫حّ‬ ‫ض ِب َغيْرِ الْ َ‬
‫ن فِي الَرْ ِ‬ ‫فََلمّا أَنجَا ُهمْ ِإذَا ُه ْم يَ ْبغُو َ‬
‫ن هَـذِهِ َل َنكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ) ثم ينسون‪ .‬بداية اليات (أمّن) يقيم الحجة عليهم‪ .‬معنى (أمن) يعني‬ ‫ج ْيتَنَا مِ ْ‬
‫نسيتم‪ .‬أحيانا يعاهدون ال (َلئِنْ أَن َ‬
‫من يجيب؟ هذه أم المنقطعة وأصلها أم من‪( ،‬أمن يجيب المضطر إذا دعاه) هذا سؤال‪ ،‬و(أم) يعن (بل) هذا سؤال آخر‪ ،‬تأتي بأسئلة متوالية‬
‫ستَوِي الظُّلمَاتُ وَالنّورُ (‪ )16‬الرعد) قل هل يستوي العمى والبصير؟ بل هل‬ ‫ل تَ ْ‬
‫عمَى وَا ْلبَصِيرُ أَ ْم هَ ْ‬ ‫ستَوِي الَ ْ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫ل هَ ْ‬ ‫بل من يفعل ذلك؟‪( ،‬قُ ْ‬
‫تستوي الظلمات والنور؟ هذا سؤال آخر‪( .‬بل) إضراب انتقالي‪( .‬أمن يجيب المضطر) هذا سؤال معناه من يجيب المضطر؟‬
‫ن (‪ )63‬النمل) هذا سؤال‬ ‫عمّا يُشْ ِركُو َ‬‫ح َمتِهِ َأإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ‬‫ي رَ ْ‬‫ن يَدَ ْ‬
‫ح بُشْرًا بَيْ َ‬ ‫حرِ َومَن يُ ْرسِلُ ال ّريَا َ‬ ‫(َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ وَا ْلبَ ْ‬
‫ش ِركُونَ)‪ .‬في اليات الولى ذكر صفاتهم هم قال عنهم (بل هم قوم يعدلون‪ ،‬أكثرهم ل‬ ‫عمّا يُ ْ‬ ‫(من يرسل الرياح) هذا سؤال أيضا (تَعَالَى اللّ ُه َ‬
‫ش ِركُونَ) إذن ذكر صفات المخلوقين هؤلء ثم ذكر صفاته تعالى ونزهها فقال (تعالى‬ ‫عمّا يُ ْ‬‫ل ما تذكرون) والن قال (تَعَالَى اللّ ُه َ‬ ‫يعلمون‪ ،‬قلي ً‬
‫ال عما يشركون)‪ .‬في بداية اليات ذكر بعض ما يقوم به لعباده ثم يصدر حكما في صفاتهم هم (بل هم قوم يعدلون‪ ،‬أكثرهم ل يعلمون‪،‬‬
‫ش ِركُونَ) نزّه نفسه بعد أن ذكرهم وكيف يغيبون عن الحق‪.‬‬ ‫عمّا يُ ْ‬‫ل ما تذكرون) ذكر صفاتهم هم ثم (تَعَالَى اللّ ُه َ‬ ‫قلي ً‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ن (‪ ))64‬مع كل هذه الشياء‬ ‫ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَا ِدقِي َ‬
‫ض أَإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه قُ ْ‬
‫سمَاء وَا ْلأَرْ ِ‬
‫ق ثُ ّم ُيعِيدُهُ َومَن يَرْ ُز ُقكُم مّنَ ال ّ‬
‫ثم قال (َأمّن َي ْبدَأُ ا ْلخَلْ َ‬
‫ل هَاتُوا بُرْهَا َنكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) إإتوا بالدليل بعد أن ألزمتكم الحجة‪ ،‬أنا‬ ‫والحجج التي ألزمتكم فيها أءله مع ال؟ يقولون نعم‪ ،‬فيقول (قُ ْ‬
‫ذكرت البرهان فإتوا برهانكم إن كنتم صادقين‪ .‬كل السئلة في اليات السابقة تدل على عجزهم إذن أقام الحجة عليهم‪ .‬ثم قال (أإله مع ال)‬
‫ب (‪ )5‬ص) فقال إذن هاتوا برهانكم‪ ،‬نحن ذكرنا الدلة وألزمناكم الحجة لما تقولون به‬ ‫عجَا ٌ‬‫يءٌ ُ‬‫ن َهذَا َلشَ ْ‬ ‫حدًا إِ ّ‬
‫جعَلَ الْآِلهَةَ إَِلهًا وَا ِ‬ ‫قالوا نعم (أَ َ‬
‫فاتوا ببرهانكم‪ .‬تغيرت الخاتمة‪ ،‬ذكر الحكام فيهم وصفاتهم أولً بأول ثم نزّه نفسه عما يفعل ثم ذكر إءله مع ال؟ قالوا نعم‪ ،‬قل هاتوا‬
‫برهانكم على ما تقولون‪ ،‬ما برهانكم على ما تقولون به‪ .‬ال تعالى أثبت صنيعته لعباده وأثبت رد فعلهم (بل هم قوم يعدلون‪ ،‬أكثرهم ل‬
‫ل ما تذكرون) ثم نزه نفسه عنهم وطالبهم بالتيان بالحجة‪.‬‬ ‫يعلمون‪ ،‬قلي ً‬
‫آية (‪:)61‬‬
‫* ما الفرق بين (وألقينا فيها رواسي)و(وجعلنا فى الرض رواسى) ألم تكن الجبال مخلوقة من‬
‫قبل؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ض َم َددْنَاهَا‬‫ن (‪ ))19‬وفي سورة ق (وَا ْلأَرْ َ‬ ‫شيْ ٍء مَوْزُو ٍ‬ ‫ن كُلّ َ‬ ‫ض َمدَ ْدنَاهَا َوأَلْ َق ْينَا فِيهَا رَوَاسِيَ َوَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ‬ ‫قال تعالى في سورة الحجر(وَا ْلأَرْ َ‬
‫سبُلًا َلعَّلكُ ْم َت ْهتَدُونَ‬
‫ن تَمِيدَ ِبكُمْ وََأ ْنهَارًا وَ ُ‬
‫سيَ أَ ْ‬ ‫ض رَوَا ِ‬ ‫ج (‪ ))7‬وفي سورة النحل ( َوأَلْقَى فِي ا ْلأَرْ ِ‬ ‫ج َبهِي ٍ‬ ‫ن كُلّ زَ ْو ٍ‬ ‫َوأَلْ َق ْينَا فِيهَا رَوَاسِيَ َوَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ‬
‫سمَا ِء مَاءً‬ ‫ل دَابّةٍ وََأنْزَ ْلنَا مِنَ ال ّ‬‫ث فِيهَا مِنْ كُ ّ‬ ‫ن تَمِيدَ ِبكُمْ َوبَ ّ‬ ‫سيَ أَ ْ‬‫ض رَوَا ِ‬ ‫ع َمدٍ تَ َر ْو َنهَا َوأَلْقَى فِي ا ْلأَرْ ِ‬ ‫ت ِب َغيْرِ َ‬ ‫سمَاوَا ِ‬‫(‪ ))15‬وسورة لقمان (خََلقَ ال ّ‬
‫ج كَرِي ٍم (‪ .))10‬هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالعجاز العلمي‪ .‬لكن أقول وال أعلم أن الملحظ أنه تعالى‬ ‫ن كُلّ زَ ْو ٍ‬ ‫َفَأنْ َب ْتنَا فِيهَا مِ ْ‬
‫يقول أحيانا ألقينا وأحيانا يقول جعلنا في الكلم عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحدا وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين‬
‫(جبال بركانية) والزلزل أو قد تأتي بها الجرام المساوية على شكل كُتل‪ .‬وهناك شكل آخر من التكوين كما قال تعالى في سورة النمل (َأمّنْ‬
‫ن (‪ ))61‬وسورة‬ ‫ح َريْنِ حَاجِزًا َأئِلَ ٌه مَعَ اللّ ِه بَلْ َأ ْكثَرُهُمْ لَا َيعْلَمُو َ‬ ‫ل َبيْنَ ا ْلبَ ْ‬
‫جعَ َ‬
‫جعَلَ َلهَا رَوَاسِيَ َو َ‬ ‫ل خِلَاَلهَا َأ ْنهَارًا َو َ‬‫جعَ َ‬ ‫ض قَرَارًا وَ َ‬ ‫جعَلَ الَْأرْ َ‬ ‫َ‬
‫سيَ‬ ‫جعَ ْلنَا فِيهَا رَوَا ِ‬‫ن (‪ ))31‬وسورة المرسلت ( َو َ‬ ‫سبُلًا َلعَّلهُ ْم َي ْهتَدُو َ‬‫جعَ ْلنَا فِيهَا فِجَاجًا ُ‬
‫ن َتمِي َد بِهِمْ َو َ‬ ‫جعَ ْلنَا فِي الَْأرْضِ رَوَاسِيَ أَ ْ‬ ‫النبياء (وَ َ‬
‫جيْنِ‬
‫ل فِيهَا زَ ْو َ‬ ‫جعَ َ‬
‫ل ال ّثمَرَاتِ َ‬ ‫سيَ وََأ ْنهَارًا َومِنْ كُ ّ‬ ‫جعَلَ فِيهَا رَوَا ِ‬ ‫ض َو َ‬ ‫شَامِخَاتٍ وََأسْ َق ْينَاكُ ْم مَا ًء فُرَاتًا (‪ ))27‬وسورة الرعد (وَهُوَ اّلذِي َمدّ ا ْلأَرْ َ‬
‫ن (‪ ،))3‬وهذا يدل وال أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال‪ .‬وكينونة‬ ‫ن فِي ذَِلكَ لََآيَاتٍ ِلقَوْ ٍم َيتَ َفكّرُو َ‬ ‫ا ْث َنيْنِ ُيغْشِي الّليْلَ ال ّنهَارَ إِ ّ‬
‫الجبال تختلف عن كينونة الرض فالجبال ليست نوعا واحدا ول تتكون بطريقة واحدة هذا وال أعلم‪.‬‬
‫آية (‪:)63‬‬
‫*ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ل رِيحٍ فِيهَا‬ ‫حيَا ِة ال ّد ْنيَا َكمَثَ ِ‬
‫ن فِي هِـذِهِ ا ْل َ‬ ‫كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران ( َمثَلُ مَا يُن ِفقُو َ‬
‫سهُ ْم يَظِْلمُونَ {‪.)}117‬‬ ‫سهُ ْم فَأَهَْل َكتْهُ َومَا ظََل َمهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَن ُف َ‬
‫ث قَ ْومٍ ظََلمُواْ أَن ُف َ‬‫حرْ َ‬ ‫صِرّ أَصَابَتْ َ‬
‫أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة النمل (َأمّن َيهْدِيكُمْ فِي ظُُلمَاتِ ا ْلبَرّ‬
‫ن {‪.)}63‬‬ ‫عمّا يُشْ ِركُو َ‬‫ح َمتِهِ َأإِلَ ٌه مّعَ اللّ ِه َتعَالَى اللّ ُه َ‬
‫ي رَ ْ‬
‫ن يَدَ ْ‬ ‫ل ال ّريَاحَ بُشْرا بَيْ َ‬ ‫وَا ْلبَحْرِ َومَن يُرْسِ ُ‬
‫غ ِم ْنهُمْ‬ ‫ن مَن َي ْعمَلُ َبيْنَ َي َديْهِ بِِإذْنِ َربّهِ َومَن يَ ِز ْ‬ ‫عيْنَ الْ ِقطْرِ َومِنَ الْجِ ّ‬‫شهْرٌ َوأَسَ ْلنَا لَ ُه َ‬
‫حهَا َ‬ ‫ش ْهرٌ وَرَوَا ُ‬ ‫غدُوّهَا َ‬ ‫ن الرّيحَ ُ‬ ‫سَليْمَا َ‬
‫وفي سورة سبأ (وَلِ ُ‬
‫سعِي ِر {‪ )}12‬استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لن‬ ‫عذَابِ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫عَنْ َأمْ ِرنَا ُن ِذقْهُ مِ ْ‬
‫ال سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء‪.‬‬
‫آية (‪:)68‬‬
‫َ‬
‫ن هَذ َا إ ِ ّل‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫م ْ‬‫ن وَآَبَاؤُنَا هَذ َا ِ‬
‫ح ُ‬ ‫*ما سبب تقديم وتأخير هذا في سورة المؤمنون (لَقَد ْ ُو ِ‬
‫عدْنَا ن َ ْ‬
‫ٍَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍَ‬
‫ساطِيُر‬ ‫ن هَذ َا إ ِل أ َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬
‫ل إ ٍِ ْ‬ ‫ن وَآَبَاؤُن ٍَا ِ‬
‫م ٍْ‬ ‫ح ٍُ‬ ‫ن (‪ ))83‬وسٍورة النمٍل (لَقَد ْ ُو ِ‬
‫عدْن ٍَا هَذ َا ن َ ْ‬ ‫ساطِيُر اْلوَّلِي ٍَ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫ن (‪))68‬؟(د‪.‬حسام النعيمى)‬ ‫اْلوَّلِي َ‬
‫نحن عندنا نظام الجملة العربية‪ .‬عندنا صورتان للجملة العربية‪ :‬صورة المبتدأ والخبر والفعل ومرفوعه وما بعده‪ .‬فيما يتعلق بالفعل‬
‫ومرفوعه يأتي الفعل ثم الفاعل أو الفعل ثم نائب الفاعل ثم يأتي المفعول أو المفعولت يعني هكذا يأتي النظام‪ .‬لما يكون مبتدأ وخبر أيضا‬
‫المبتدأ والخبر ثم لما تدخل إحدى النواسخ (كان وأخواتها) أيضا النظام أنّ (كان) تأخذ إسمها أولً لن أصله مبتدأ ثم تأخذ الخبر ثم يأتي بعد‬
‫ذلك ما يأتي من المعطوفات أو المفعولت هكذا هو النظام‪ .‬نقول‪ :‬كان زيدٌ ناجحا وعمرو‪ ،‬نذكره بعد ذلك هذا الصل‪ .‬يمكن أحيانا أن نغيّر‬
‫النظام لن العربية لغة مُعربة فيجوز فيها تغيير النظام فبدل أن نقول كتب زيد رسالة على النظام يمكن أن نقول كتب رسال ًة زي ٌد وهذا التقديم‬
‫طبعا له غرض بلغي يعني كأن يُختلف زيد كتب رسالة كتب قصيدة كتب أقصوصة نقول ل زيد رسال ًة كتب‪ .‬لما يُقدّم ليس من أجل‬
‫الوزن حتى الشاعر لن الشاعر متمكّن يستطيع أن يتصرف لكنه يقدّم بغرض بلغي لغرض معنوي‪.‬‬
‫لما ننظر في اليتين‪ ،‬نحن دائما نقول‪ :‬يُنظر في النص ِل َم قدّم هنا هذا ولماذا أخّر هنا هذا؟ الية الولى في سورة المؤمنون (قَالُوا َأئِذَا ِمتْنَا‬
‫ن َهذَا إِلّا أَسَاطِيرُ ا ْلأَوّلِينَ) ( ُكنّا) كان مع اسمها مثل كان زيد‪،‬‬ ‫ن (‪َ )82‬ل َقدْ وُ ِ‬
‫ع ْدنَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا َهذَا مِنْ َقبْلُ إِ ْ‬ ‫َو ُكنّا تُرَابًا وَعِظَامًا َأئِنّا َلمَ ْبعُوثُو َ‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫(ترابا وعظاما) مثل (كان زيد مجتهدا وكريما) معطوف على الخبر مباشرة يعني نظام الجملة يأتي كما هو‪ .‬لكا يكون النظام كما هو نجد أن‬
‫النظام الذي جاء (لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا) المفعول به جاء متأخرا وفق النظام وعندما يكون وفق النظام ل يُسأل عنه‪ .‬أنت ل تسأل عن‬
‫عدْنَا َهذَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا) ‪.‬‬ ‫(كتب زيد رسالة) ل تسأل لِمَ أخّر رسالة؟ هو هذا النظام هكذا‪ .‬لكن السؤال في آية سورة النمل لِ َم غيّر النظام (لَ َقدْ وُ ِ‬
‫ن (‪ )67‬النمل) النظام في غير القرآن أن يقول‪ :‬إءذا كنا نحن وآباؤنا ترابا‪،‬‬ ‫خرَجُو َ‬
‫لحظ الية ( َوقَالَ اّلذِينَ كَ َفرُوا َأ ِئذَا ُكنّا تُرَابًا وََآبَا ُؤنَا َأ ِئنّا َلمُ ْ‬
‫فلما قدّم ترابا المعطوف على المرفوع ولكا يكون المعطوف عليه ضميرا ينبغي أن يؤكد بضمير هذا الفصح (كنت أنا وزيد مسافرين) حتى‬
‫يكون الربط‪ .‬فها هنا لن المعطوف والمعطوف عليه ينبغي أن يتصل ل أن يكون بينهما فاصل‪ .‬هنا غيّر النظام فقال (َأئِذَا ُكنّا تُرَابًا وََآبَا ُؤنَا)‬
‫عدْنَا َهذَا نَحْنُ وََآبَا ُؤنَا ) حتى يكون‬ ‫ل بين المعطوف والمعطوف عليه فقدّمه‪ .‬فمنا قدّم المنصوب قدّم (هذا) (لَ َقدْ وُ ِ‬ ‫قدّم المنصوب وجعله فاص ً‬
‫هناك نوع من التناسق‪ .‬هنا تقدّم كأنه غيّر النظام وهنا أيضا قدّم وال أعلم‪.‬‬
‫آية (‪:)70‬‬
‫*مٍا اللمسٍة البيانيٍة فٍي حذف نون (تكٍن) فٍي قوله تعالى (ول تٍك فٍي ضيٍق ممٍا يمكرون)فٍى‬
‫سورة النحل وعدم حذفها فى سورة النمل؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الحكم النحوي‪ :‬جواز الحذف إذا كان الفعل مجزوما بالسكون ولم يليه ساكن أو ضمير متصل‪ .‬متى ما كان الفعل (كان) مجزوما ويليه‬
‫حرف متحرك ليس ساكنا على أن ل يكون ضميرا متصلً يجوز فيه الحذف (يمكن القول لم يكن ولم يك) فتحذف النون تخفيفا‪.‬‬
‫إما إذا كان ما بعده ساكنا فل يجوز الحذف (لم يكن الرجل) ل يمكن القول لم يك الرجل‪.‬‬
‫ول يجوز الحذف أيضا لو كان ضمير متصل (لم يكن هو) ل يجوز قول لم يك هو‪.‬‬
‫إذن من حيث الحكم النحوي يجوز حذف النون أما السبب البياني‪ :‬على العموم سواء في (يكن) أو في غيرها من الحذوف (تفرّق وتتفرق)‬
‫(اسطاعوا واستطاعوا) (تنزّل وتتنزّل) في القرآن الكريم يوجد حذوف كثيرة يجمعها أمرين ‪ :‬هل هي في مقام إيجاز وتفصيل أو هل الفعل‬
‫ل ل يُقتطع منه وإذا كان غير مكتمل يُقتطع منه‪.‬‬ ‫مكتمل أو غير مكتمل‪ .‬عندما يأتي بالصيغة كاملة يكون الحذف أتمّ‪ .‬إذا كان الشيء مكتم ً‬
‫خيْرٌ‬
‫صبَ ْرتُ ْم َلهُوَ َ‬
‫ل مَا عُو ِق ْبتُم بِهِ وََلئِن َ‬
‫والن نستعرض مثالين وردا في القرآن الكريم الول في سورة النحل (وَإِنْ عَا َق ْبتُمْ َفعَا ِقبُواْ ِب ِمثْ ِ‬
‫ق ّممّا َي ْمكُرُونَ {‪ )}127‬والثاني في سورة النمل (قُلْ سِيرُوا‬ ‫ضيْ ٍ‬ ‫ل َتكُ فِي َ‬ ‫ن عََل ْيهِمْ َو َ‬
‫حزَ ْ‬
‫ل بِاللّهِ َولَ تَ ْ‬
‫صبْ ُركَ ِإ ّ‬
‫صبِرْ َومَا َ‬ ‫ن {‪ }126‬وَا ْ‬ ‫لّلصّابِري َ‬
‫ق ّممّا َي ْمكُرُونَ {‪)}70‬‬ ‫ضيْ ٍ‬‫ن عََل ْيهِ ْم وَلَا َتكُن فِي َ‬ ‫ض فَانظُرُوا َكيْفَ كَانَ عَا ِقبَةُ ا ْلمُجْ ِرمِينَ {‪ }69‬وَلَا تَحْزَ ْ‬ ‫فِي الَْأرْ ِ‬
‫آية سورة النحل نزلت على الرسول بعدما مثّل المشركون بحمزة ع ّم الرسول في غزوة أُحُد فحزن الرسول عليه حزنا شديدا وقال‬
‫ل من المشركين فنزلت الية تطلب من الرسول أن يعاقب بمثل ما عوقب به وأراد أن يُذهب الحزن من قلبه ول يبقى‬ ‫لمثّلن بسبعين رج ً‬
‫فيه من الحزن شيء‪ ،‬وقوله تعالى (ول تك في ضيق) بمعنى احذف الضيق من نفسك ول تبقي شيئا منه أبدا أي أن المطلوب ليس فقط عدم‬
‫الحزن لكن مسح ونفي أي شيء من الحزن يمكن أن يكون في قلب الرسول فحذفت النون من الفعل‪ .‬أما في آية سورة النمل فاليات في‬
‫دعوة الناس للسير في الرض والتفكّر والمقام ليس مقام تصبير هنا فجاء الفعل مكتملً (ول تكن في ضيق)‪.‬‬
‫ي ُيمْنَى {‪ )}37‬حذفت‬ ‫طفَةً مّن ّمنِ ّ‬
‫ومن المثلة الخرى على حذف أو عدم حذف النون في فعل (تكن) قوله تعالى في سورة القيامة (أََلمْ َيكُ نُ ْ‬
‫النون هنا لن النطفة هي من الذكر وهي غير مكتملة بعد وغير مخصّبة وهي ل تكتمل إل بعد لقاح البويضة إذن حال النطفة الن غير‬
‫مكتمل فحذف ما يدل على أن الفعل أصلً ليس مكتملً فلزم القتطاع أنها غير كاملة والحدث غير كامل‪.‬‬
‫وكذلك قوله تعالى (وإن تك حسنة يضاعفها) وقوله في سورة مريم (ولم أك بغيّا) حذف النون لنه ليس في مريم أدنى شيء من البغي وليس‬
‫هناك جزء من الحدث مطلقا أصلً‪ .‬أما في قوله تعالى (ولم أكن بدعائك رب شقيا) هذا سياق عام يحكمه المقام‪ .‬وفي قوله تعالى (ألم تكن‬
‫أرض ال واسعة فتهاجروا فيها) وقوله (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) لم تحذف النون من الفعل هنا لن اليات مكتملة والرض مكتملة فجاء‬
‫صخْرَةٍ‬
‫ل َف َتكُن فِي َ‬ ‫حبّ ٍة مّنْ خَ ْردَ ٍ‬‫بالفعل تامّا لن المعنى تا ّم ول يحتاج إلى حذف‪ .‬وفي قوله تعالى في سورة لقمان (يَا ُبنَيّ ِإّنهَا إِن َتكُ ِمثْقَالَ َ‬
‫خبِي ٌر {‪ )}16‬الولى حذفت منها النون لنه لم يذكر مكان الحبة أما الثانية فذكر‬ ‫ت ِبهَا اللّهُ إِنّ اللّهَ َلطِيفٌ َ‬ ‫ض يَ ْأ ِ‬
‫سمَاوَاتِ َأ ْو فِي ا ْلأَرْ ِ‬
‫َأوْ فِي ال ّ‬
‫فيها النون لنه ذكر المكان وحدده إما الصخرة أو السموات أو الرض وهي كلها مكتملة‪.‬‬
‫آية (‪:)72‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نٍ‬‫ما تَعْبُدُو َ‬ ‫ن (‪ )72‬النمٍل) وقوله (إِنَّك ٍُ ْ‬
‫م َ وٍَ َ‬ ‫جلُو َ‬
‫ستَعْ ِ‬ ‫ف لَك ٍُم بَعٍْ ُ‬
‫ض ال ّذِي ت ٍَ ْ‬ ‫نٍ َردٍِ َ‬ ‫سى أن يَكُو َ‬
‫َ‬
‫ل عٍَ َ‬‫*(قُ ْ‬
‫َ‬
‫م إ ِ ّل وَارِدُه َا كَا َ‬
‫ن‬ ‫منك ُ ْ‬‫ن (‪ )98‬النبياء) وقوله تعالى (وَإِن ِّ‬ ‫م لَه َا وَارِدُو َ‬ ‫جهَن َّ َ‬
‫م أنت ُ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ح َ‬‫ن الل ّهِ َ‬ ‫من دُو ِ‬ ‫ِ‬
‫ضي ٍّا (‪ )71‬مريٍٍم) فهٍٍل هناك لمسٍٍة بيانيٍٍة بيٍٍن الردف والورود؟ (د‪.‬فاضٍٍل‬ ‫ً‬ ‫مقْ ِ‬‫َ‬ ‫ما ّ‬
‫حت ٍْ ً‬ ‫َ‬
‫عَلى َرب ٍِّك َ‬‫َ‬
‫السامرائى)‬
‫ردف معناه لحق ووصل يعني عسى أن يكون لحق بكم هذا الشيء‪( ،‬ردِف) فعل ماضي‪ .‬هناك رِدف ورديف الرديف هو خلف الراكب‬
‫"كنت ردف النبي" الرديف هو الذي يكون خلف الراكب‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬هل كانت العرب غير المؤمنة تفهم هذا عندما تسمع القرآن؟‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫س َتيْ َق َن ْتهَا‬
‫حدُوا ِبهَا وَا ْ‬
‫هذا كلمهم هم إذا تكلموا‪ ،‬العرب فهموا هذا لكنه آمن منهم من آمن وجحد بها من استيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ( َوجَ َ‬
‫حدُونَ (‪ )33‬النعام) كانوا يعلمون وإذا شاعر فاخرهم‬ ‫جَ‬ ‫سهُمْ ظُ ْلمًا وَعُلُوّا (‪ )14‬النمل) (فَِإّنهُ ْم َ‬
‫ل ُيكَ ّذبُونَكَ وََلكِنّ الظّاِلمِينَ بِآيَاتِ اللّ ِه يَ ْ‬ ‫أَنفُ ُ‬
‫يفاخرونه ويذهبون لمن يحكم بينهم‪ ،‬مفاخرات موجودة لكن لماذا سكتوا عند القرآن‪ .‬السمة العامة عند العرب آنذاك أنهم كلهم فصحاء كلٌ‬
‫ق كثير وألسنة متعددة فحتى نفهمهم‬ ‫يتكلم بقبيلته إل الذين اختلطوا بالتجارة والجانب مثلنا الن بدأت كلماتنا تختلط لن اختلطنا بخل ٍ‬
‫ويفهمونا ل بد أن نغيّر من كلماتنا‪.‬‬
‫آية (‪:)76‬‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قيَا َ‬ ‫م بَيْنَه م يَو َ‬ ‫حك ٍُ ُ‬‫ه يَ ْ‬‫*كلمٍة يختلفون وتختلفون وردت فٍي القرآن فٍي مواضٍع كثيرة (فَالل ٍّ ُ‬
‫َ ٍُ َ ْ ْ َ ٍْ َّ‬
‫سَرائِيل أكثَر الذِي هٍُ ْ‬
‫م‬ ‫ص عَلَى بَن ٍِي إ ٍِ ْ‬ ‫نٍ يَقٍُ ُّ‬ ‫ن هَذ َا الْقُْرآ َ‬ ‫ن (‪ )113‬البقرة) (إ ٍِ َّ‬ ‫ختَلِفُو ٍَ‬‫ما كَانُوا ْ فِيه ٍِ ي َ ْ‬ ‫فِي ٍَ‬
‫ُ‬
‫مآ آتَاك ُ ٍم‬ ‫م فِ ٍي َ ٍ‬ ‫حدَةً وَل َ ٍٍكِن ل ِّيَبْلُوَك ُ ٍ ْ‬ ‫ة وَا ِ‬ ‫م أ َّ‬
‫م ً‬ ‫جعَلَك ُ ٍ ْ‬
‫ه لَ َ‬ ‫شاء الل ّ ٍ ُ‬‫ن (‪ )76‬النمٍٍل) (وَلَوْ َ‬ ‫ختَلِفُو َ ٍ‬
‫فِيه ٍِ ي َ ْ‬
‫ُ‬
‫ن (‪ )48‬المائدة) ما ك نه‬ ‫ختَلِفُو َ‬ ‫م فِي هِ ت َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ما كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ميع ًا فيُنَبِّئك م ب ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ُ‬
‫جعُك ْ‬
‫م َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫َ‬
‫ت إِلى الله َ‬ ‫خيَْرا ِ‬ ‫ستَبِقُوا ال َ‬ ‫فَا ْ‬
‫الختلف؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫ختَلِفُونَ) والثانية في القضاء‬ ‫ن (‪ )48‬المائدة) أنبئه بالمر فقال ( ِبمَا كُنتُ ْم فِيهِ تَ ْ‬ ‫ختَِلفُو َ‬
‫جمِيعًا َفيُ َنّبُئكُم ِبمَا كُنتُ ْم فِيهِ تَ ْ‬ ‫ج ُعكُمْ َ‬ ‫الية توضح (إِلَى ال مَ ْر ِ‬
‫ختَلِفُونَ) أي في‬ ‫ن (‪ )113‬البقرة) هذا حكم‪ ،‬قال (فِيمَا كَانُو ْا فِي ِه يَ ْ‬ ‫ختَِلفُو َ‬ ‫حكُ ُم َبيْ َنهُ ْم يَوْ َم الْ ِقيَامَ ِة فِيمَا كَانُو ْا فِيهِ يَ ْ‬
‫والفصل فصل في القضية (فَاللّ ُه يَ ْ‬
‫الذي كانوا فيه يختلفون‪ .‬إما يقول قضي بينهم أو يحكم بينهم ولما يقول يحكم بينهم وقضي بينهم يستعمل فيه‪ .‬أما كانوا وكنتم فالكثر لما‬
‫ن (‪ )113‬البقرة) الختلف‬ ‫ختَلِفُو َ‬
‫حكُ ُم َب ْينَهُ ْم يَوْ َم الْ ِقيَامَ ِة فِيمَا كَانُو ْا فِيهِ َي ْ‬
‫يقول (كانوا) الكلم عن يوم القيامة والختلف كان في الدنيا (فَاللّ ُه يَ ْ‬
‫ختَلِفُونَ‬
‫ضيَ َب ْي َنهُ ْم فِيمَا فِي ِه يَ ْ‬
‫ت مِن ّرّبكَ َلقُ ِ‬ ‫ن (‪ )17‬الجاثية)‪( .‬وََل ْولَ كَِلمَةٌ َ‬
‫سبَ َق ْ‬ ‫ختَلِفُو َ‬
‫ك يَقْضِي َب ْي َنهُ ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِي ِه يَ ْ‬‫في الدنيا (إِنّ َرّب َ‬
‫ختَلِفُونَ) لنها تقصد الدنيا‪.‬‬ ‫(‪ )19‬يونس) هذه الن وليس في يوم القيامة (فِيمَا فِي ِه يَ ْ‬
‫سؤال‪ :‬هل (كان) هنا فعل ناقص؟ نعم فعل ناقص وأحيانا يأتي تام وله استخدامات كثيرة‪.‬‬
‫آية (‪:)81‬‬
‫*لماذا وردت كلمٍٍة يهتدي بالياء فٍٍي سٍٍورة النمٍٍل وبدون ياء فٍٍي سٍٍورة الروم؟ (د‪.‬فاضٍٍل‬
‫السامرائى)‬
‫ن {‪ )}81‬بذكر الياء وقال في سورة‬ ‫سمِعُ إِلّا مَن يُ ْؤمِنُ بِآيَا ِتنَا َفهُم مّسِْلمُو َ‬ ‫ضلَاَل ِتهِمْ إِن تُ ْ‬‫ي عَن َ‬ ‫قال تعالى في سورة النمل ( َومَا أَنتَ ِبهَادِي ا ْل ُعمْ ِ‬
‫ن {‪ )}53‬بحذف الياء‪ ،‬أولً نقول أن خط المصحف ل يُقاس‬ ‫سمِعُ إِلّا مَن يُ ْؤمِنُ بِآيَا ِتنَا َفهُم مّسِْلمُو َ‬ ‫ضلَاَل ِتهِمْ إِن تُ ْ‬
‫ي عَن َ‬ ‫ت ِبهَادِ ا ْل ُعمْ ِ‬‫الروم ( َومَا أَن َ‬
‫عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لحظنا لفظ الهداية في سورة النمل لوجدنا أنها تكررت ‪ 9‬مرات بينما وردت في سورة الروم‬
‫مرتين فقط فلما زاد ذكر كلمة الهداية في سورة النمل زاد في مبنى الكلمة للدللة على زيادة السمة التعبيرية والتكرار‪ ،‬وهناك أمر آخر أنه‬
‫ل عَلَى‬ ‫ث تعالى الرسول على المضي في سبيله ( َفتَ َوكّ ْ‬ ‫حمَةٌ لّ ْلمُ ْؤمِنِينَ {‪ )}77‬ثم ح ّ‬ ‫في سورة النمل ذكر قسما من المهتدين (وَِإنّهُ َل ُهدًى وَ َر ْ‬
‫ل ولم يذكر قسم من المهتدين بل الكلم عن المطر‬ ‫ن {‪ )}79‬أما في سورة الروم فالسياق ليس في الهداية أص ً‬ ‫حقّ ا ْل ُمبِي ِ‬‫اللّهِ ِإّنكَ عَلَى الْ َ‬
‫والرض والرياح وغيرها‪ ،‬فعندما ذكر قسما من المهتدين زاد الياء وعندما لم يكن هناك شيء في السياق يدل على الهداية حذف الياء‪.‬‬
‫ن {‪ )}178‬بالياء وقوله في سورة‬ ‫سرُو َ‬ ‫ل فَأُ ْولَـ ِئكَ ُهمُ الْخَا ِ‬ ‫ضلِ ْ‬
‫ونظير هذا قوله تعالى في سورة العراف (مَن َي ْهدِ اللّ ُه َفهُوَ ا ْل ُمهْ َتدِي َومَن يُ ْ‬
‫صمّا مّأْوَاهُمْ‬ ‫عمْيا َو ُبكْما َو ُ‬‫علَى وُجُو ِههِ ْم ُ‬ ‫جدَ َل ُهمْ أَوِْليَاء مِن دُونِهِ َونَحْشُرُ ُه ْم يَوْمَ ا ْل ِقيَامَةِ َ‬ ‫ل فَلَن تَ ِ‬‫ضلِ ْ‬‫السراء ( َومَن َيهْدِ اللّ ُه َفهُ َو ا ْل ُم ْهتَدِ َومَن يُ ْ‬
‫ضهُ ْم ذَاتَ‬ ‫شمْسَ ِإذَا طََلعَت تّزَاوَ ُر عَن َكهْ ِفهِ ْم ذَاتَ ا ْل َيمِينِ وَِإذَا غَ َربَت تّ ْقرِ ُ‬ ‫سعِيرا {‪ )}97‬وفي سورة الكهف ( َوتَرَى ال ّ‬ ‫خبَتْ ِز ْدنَاهُ ْم َ‬ ‫ج َهنّمُ كُّلمَا َ‬
‫َ‬
‫جدَ لَهُ َوِليّا مّرْشِدا {‪ )}17‬بجدون ذكر الياء ولو لحظنا‬ ‫ل فَلَن تَ ِ‬ ‫ضلِ ْ‬
‫ن آيَاتِ اللّ ِه مَن َيهْدِ اللّ ُه َفهُ َو ا ْل ُم ْهتَدِ َومَن يُ ْ‬ ‫جوَ ٍة ّمنْهُ ذَِلكَ مِ ْ‬ ‫شمَالِ وَ ُه ْم فِي فَ ْ‬
‫ال ّ‬
‫آيات السور لوجدنا أن لفظ الهداية تكرر في سورة العراف ‪ 17‬مرة وفي سورة السراء ‪ 8‬مرات وفي سورة الكهف ‪ 6‬مرات‪.‬‬
‫آية (‪:)88‬‬
‫*القرآن الكريٍٍم يسٍٍتخدم يصٍٍنعون ويفعلون ويعملون فمٍٍا اللمسٍٍة البيانيٍٍة فٍٍي هذه الفعال؟‬
‫(د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫الفعل عام يقع من النسان والحيوان والجماد وهو أعم شيء فعل الماء‪ ،‬فعل الرياح‪ ،‬وهو بقصد أو بغير قصد‪ .‬العمل أخص من الفعل‬
‫ويكون بقصد ولذلك قلّما يُنسب إلى الحيوان‪ .‬العرب لم تقله في الحيوان إل في البقر العوامل التي تحرث قصد الحرث‪ ،‬إذن العمل أخص من‬
‫الفعل وينسب للنسان وقلما ينسب إلى الحيوان‪ .‬الصنع إجادة الفعل وهو أخص من العمل ل ينسب إلى حيوان ول ينسب إلى جماد وليس كل‬
‫ن (‪ )88‬النمل) إذن هو أخص من العمل‪ .‬عندما يستخدم‬ ‫خبِي ٌر ِبمَا تَ ْفعَلُو َ‬
‫شيْءٍ ِإنّهُ َ‬
‫ن كُلّ َ‬
‫صنْعَ اللّهِ اّلذِي َأتْقَ َ‬
‫عمل صنع حتى تحسن العمل ( ُ‬
‫القرآن (بما يصنعون) أي يحاولون ويدبّرون ويتقنون ماذا يفعلون‪ ،‬يأخذون الحيطة ماذا نفعل لو قال كذا ماذا نصنع؟ هذا الصنع مدبّر إذن‬
‫الصنع إجادة العمل‪ .‬إذن كل فعل بحسب الية التي ورد فيها في القرآن الكريم لكن بشكل عام الفعل أعم ويقع بقصد أو بغير قصد والعمل‬
‫أخص من العمل ويكون بقصد ويُنسب للنسان والصنع إجادة العمل‪ .‬اللغة العربية دقيقة إلى هذا الحد وهناك خلف بين اللغويين أن هناك‬
‫]خـــــــــــــــيرالدين نـــــــــــــــــيل[‬ ‫‪nilkheireddine@yahoo.fr‬‬

‫ترادف في القرآن أو ل‪ ،‬قسم يقول في القرآن ترادف وقسم يقول هي لغات‪ ،‬الترادف مثل المدية والسكين كلمتان تدلن على دللة واحدة‬
‫ويقولون أسماء السيف ليس مترادفة وإنما هي صفات اسمه السيف والباقي صفات مثل الحسام‪ ،‬وكذلك أسماء السد كلها صفات والسم هو‬
‫السد والصفات تكون في وجهه ومشيته‪ ،‬عضنفر صفة وليس كل أسد غضنفر‪ ،‬القسورة من القسر يقسر الفريسة يأخذها قسرا بقوة وشدة‬
‫وعنف‪ .‬في التفسير قد تفسر كلمة بكلمة بما هو أوضح للسائل ول يجوز بيانيا أن تحل كلمة مكان كلمة في القرآن أما في الكلم العادي العام‬
‫فيجوز وكل كلمة في القرآن لها مكانها المناسب الذي وضعت فيه ول يجوز تبديلها حتى بكلمة تقاربها في الدللة‪ .‬توفاهم وتتوفاهم مع أنهما‬
‫نفس اللفظة وكلهما فعل مضارع لو أردنا أن نستبدل في كلم الناس نفعل لكن في القرآن ل يمكن لن هناك سببا قال في مكان توفاهم وفي‬
‫مكان آخر تتوفاهم‪.‬‬
‫*ما الفرق بين بما يعملون خبير و خبير بما تعملون؟ (د‪.‬فاضل السامرائى)‬
‫مسألة خبير بما تعملون وبما تعملون خبير هنالك قانون في القرآن أن الكلم إذا كان على النسان أو على عمله يقدم عمله وإذا لم يكن الكلم‬
‫ي تَمُ ّر مَرّ‬‫س ُبهَا جَامِدَةً وَ ِه َ‬
‫ل تَحْ َ‬ ‫جبَا َ‬
‫على النسان أو كان الكلم على ال أو على المور القلبية يقدم الخبرة (خبير بما تعملون)‪َ ( .‬وتَرَى الْ ِ‬
‫سمُوا بِاللّهِ‬ ‫شيْ ٍء (‪ )88‬النمل) الكلم عن ال وليس على النسان قال في ختامها (ِإنّهُ َ‬
‫خبِي ٌر ِبمَا تَ ْفعَلُونَ)‪( ،‬وََأقْ َ‬ ‫ن كُلّ َ‬ ‫صنْعَ اللّهِ اّلذِي َأتْقَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫السّحَا ِ‬
‫سمُوا طَاعَةٌ‬ ‫خبِي ٌر ِبمَا َت ْعمَلُونَ (‪ )53‬النور) هذه أمور قلبية (قُل لّا تُقْ ِ‬ ‫سمُوا طَاعَ ٌة ّمعْرُوفَةٌ إِنّ اللّ َه َ‬ ‫ن قُل لّا تُقْ ِ‬‫جهْدَ َأ ْيمَا ِنهِمْ َلئِنْ َأ َم ْرتَهُمْ َل َيخْرُجُ ّ‬
‫َ‬
‫ض لَا‬
‫سمَاوَاتِ وَا ْلأَرْ ِ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫ن (‪ )53‬النور) هذا أمر يعرفه ال‪ .‬بينما ( َومَا َلكُمْ أَلّا تُن ِفقُوا فِي َ‬
‫سبِيلِ اللّهِ وَلِلّ ِه مِيرَا ُ‬ ‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬ ‫ّمعْرُوفَةٌ إِنّ اللّهَ َ‬
‫خبِي ٌر (‬‫ن َ‬ ‫سنَى وَاللّ ُه ِبمَا َتعْمَلُو َ‬‫ظ ُم دَرَجَ ًة مّنَ اّلذِينَ أَن َفقُوا مِن َب ْعدُ َوقَاتَلُوا َوكُلّا وَعَدَ اللّ ُه الْحُ ْ‬
‫ق مِن َقبْلِ الْ َفتْحِ َوقَاتَلَ أُ ْوَل ِئكَ أَعْ َ‬ ‫ستَوِي مِنكُم مّنْ أَنفَ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫خبِيرٌ) إذن هذه القاعدة العامة ظاهرة‪.‬‬ ‫‪ )10‬الحديد) هذا كله عمل فقال (وَاللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬

‫****تناسب فاتحة النمل مع خاتمتها****‬


‫خرَ ِة هُمْ‬ ‫ن يُقِيمُونَ الصّلَاةَ َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ وَهُ ْم بِا ْلآَ ِ‬ ‫شرَى لِ ْلمُ ْؤ ِمنِينَ (‪ )2‬اّلذِي َ‬
‫ب ُمبِينٍ (‪ُ )1‬هدًى َوبُ ْ‬ ‫في أولها قال تعالى‪(:‬طس تِ ْلكَ َآيَاتُ الْ ُقرْآَنِ َو ِكتَا ٍ‬
‫ن (‪)5‬‬ ‫خسَرُو َ‬ ‫خرَ ِة هُمُ ا ْلأَ ْ‬ ‫ن (‪ )4‬أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َلهُ ْم سُو ُء ا ْلعَذَا ِ‬
‫ب وَهُ ْم فِي ا ْلآَ ِ‬ ‫عمَاَلهُ ْم َفهُ ْم َيعْ َمهُو َ‬
‫خرَةِ َزّينّا َلهُمْ أَ ْ‬‫ن (‪ )3‬إِنّ اّلذِينَ لَا يُ ْؤ ِمنُونَ بِا ْلآَ ِ‬ ‫يُو ِقنُو َ‬
‫ح ّر َمهَا وَلَ ُه كُلّ‬ ‫ب َهذِهِ ا ْلبَ ْلدَةِ اّلذِي َ‬ ‫حكِي ٍم عَلِي ٍم (‪ ))6‬هذه أوائل السورة وقال في أواخرها (ِإّنمَا ُأمِ ْرتُ أَنْ أَ ْ‬
‫عبُدَ رَ ّ‬ ‫ن مِنْ َلدُنْ َ‬ ‫َوِإّنكَ َلتُلَقّى ا ْلقُرْآَ َ‬
‫ل فَقُلْ ِإّنمَا َأنَا مِنَ ا ْل ُم ْنذِرِينَ (‪ .))92‬قال في‬ ‫ضّ‬ ‫ن َفمَنِ ا ْه َتدَى َفِإّنمَا َيهْ َتدِي ِلنَفْسِهِ َومَنْ َ‬ ‫ن مِنَ ا ْلمُسِْلمِينَ (‪ )91‬وَأَنْ َأتْلُوَ ا ْلقُرْآَ َ‬ ‫شَيْ ٍء وَُأمِرْتُ أَنْ َأكُو َ‬
‫ب َهذِهِ ا ْلبَ ْلدَةِ) وفي الول ذكر العبادة (اّلذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَا َة َويُ ْؤتُونَ ال ّزكَاةَ)‪ ،‬وأمرت أن أعبد رب هذه البلدة‪،‬‬ ‫عُبدَ رَ ّ‬ ‫الخر (ِإّنمَا ُأمِرْتُ أَنْ أَ ْ‬
‫ن مِنْ‬ ‫بماذا يعبدون ربهم؟ ذكر جزءا من العبادات (الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة) هذه عبادة‪ .‬ثم قال في أول السورة (وَِإّنكَ َلتَُلقّى ا ْلقُرْآَ َ‬
‫ن مِنَ ا ْلمُسِْلمِينَ (‪ )91‬وَأَنْ َأتْلُوَ الْ ُقرْآَنَ) الذي يتلقاه في البداية يتلوه في النهاية‪ .‬من حيث العبادة‬ ‫حكِي ٍم عَلِيمٍ) وفي آخرها (وَُأمِ ْرتُ أَنْ َأكُو َ‬ ‫َلدُنْ َ‬
‫حكِي ٍم عَلِيمٍ) وآخرها (وَأَنْ َأتْلُوَ‬ ‫ن مِنْ َلدُنْ َ‬ ‫في أول السورة ذكر العبادة وذكرها في النهاية وذكر القرآن في بداية السورة (وَِإّنكَ َلتُلَقّى الْ ُقرْآَ َ‬
‫الْقُ ْرآَنَ) وهذا تناسب طيب‪.‬‬

‫*****تناسب خواتيم النمل مع فواتح القصص*****‬


‫ل فَقُلْ ِإّنمَا َأنَا مِ َ‬
‫ن‬ ‫ضّ‬ ‫ن (‪ )91‬وَأَنْ َأتْلُوَ ا ْلقُرْآَ َ‬
‫ن َفمَنِ ا ْه َتدَى َفِإّنمَا َيهْ َتدِي ِلنَفْسِهِ َومَنْ َ‬ ‫ن مِنَ ا ْلمُسِْلمِي َ‬
‫قال تعالى في أواخر النمل (وَُأمِرْتُ أَنْ َأكُو َ‬
‫ت ا ْلكِتَابِ ا ْل ُمبِينِ (‪ )2‬القصص) القرآن هو الكتاب المبين‪َ ( .‬فمَنِ ا ْهتَدَى َفِإنّمَا َي ْهتَدِي‬ ‫ا ْلمُ ْنذِرِينَ (‪( ،))92‬وَأَنْ َأتْلُ َو الْقُ ْرآَنَ) هذا قصص (تِ ْلكَ َآيَا ُ‬
‫ن (‪ ))92‬وذكر من اهتدى ومن ضلّ وهم موسى ومن آمن به وفرعون من اتبعه‪.‬‬ ‫ل َفقُلْ ِإّنمَا َأنَا مِنَ ا ْل ُمنْذِرِي َ‬
‫ِل َنفْسِهِ َومَنْ ضَ ّ‬

‫‪‬‬
‫تم بح مد ال وفضله ترت يب هذه اللم سات البيان ية في سورة الن مل ك ما تف ضل ب ها الدكتور فا ضل صالح ال سامرائي والدكتور ح سام النعي مى‬
‫زادهما ال علما ونفع بهما السلم والمسلمين وإضافة بعض اللمسات للدكتور أحمد الكبيسى وقامت بنشرها الخت الفاضلة سمر الرناؤوط‬
‫ل فمن ال وما كان من خطأٍ أوسه ٍو فمن نفسى ومن الشيطان‪.‬‬ ‫فى موقعها إسلميات جزاهم ال عنا خير الجزاء ‪ ..‬فما كان من فض ٍ‬
‫أسأل ال تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو‬
‫الذى يرضيه وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعا يوم تقوم الشهاد ول الحمد والمنة‪ .‬وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى ال أن يرزقنا‬
‫حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس العلى‪.‬‬
‫الرجاء توزيع هذه الصفحات لتعم الفائدة إن شاء ال وجزى ال كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والخرة‪.‬‬

You might also like