Professional Documents
Culture Documents
إعداد
د .نورة بنت عبد الرحمن اليوسف
''الوقود الحيوي '' biofuelاسم جديد في عالم صناعة الطاقة بدأ
يتردد مؤخرا ً بقوة بعد الرتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً،
وفيما صرفت مراكز البحوث المهتمة بالطاقات البديلة اهتمامها عن السعي
ليجاد الحلول الممكنة لمشكلة الطاقة خلل السنوات العشرين الماضية
بسبب النخفاض النسبي في أسعار النفط ،كتب لها أن تستفيق الن من
هذه الغفلة الطويلة لتبدأ في البحث عن كل ما يصلح للشتعال وذلك في
إطار حملة منظمة لحل مشكلة الرتفاع الستثنائي في أسعار النفط الذي
بلغ أثناء كتابة هذه السطور 70دولرا ً لبرميل الخام الميركي الخفيف،
وخصت مجلة ''نيوزويك ''هذا الموضوع المهم بموضوع خاص نشر في
عددها الخير أشار فيه الخبير ستيفن ثيل إلى أن الرتفاع الكبير في أسعار
النفط يجعل ''الوقود الحيوي'' البديل الوحيد المتبقي للبنزين والمازوت في
المستقبل القريب ،ويقصد بمصطلح ''الوقود الحيوي'' أنواع الزيوت القابلة
للحتراق والمستخرجة من النباتات المزروعة أو الطبيعية بما فيها زيت
الذرة أو بذرة القطن ،أو المحضرة من معالجة المواد والعصائر الطبيعية
خاصة الكحول المحضر من تخمير العصائر السكرية الطبيعية مثل قصب
السكر ،ويذكر أن هذه ليست المرة الولى التي يسارع فيها خبراء الدول
الشرهة لستهلك النفط للبحث عن بدائله ،ففي الثمانينات من القرن
الماضي ،وعقب أزمة النفط الشهيرة التي واكبت الحرب العربية
السرائيلية عام 1973م تم تشكيل لجنة من كبار علماء الطاقة في الدول
الصناعية أطلق عليها اسم ''لجنة دراسة الفحم الحجري''World Coal
Studyتكفلت بدراسة مشروع طويل المد للعتماد على الفحم كبديل
للبترول وخرجت من دراساتها المفصلة بكتاب تحت عنوان'' :الفحم جسر
إلى المستقبل'' Coal a bridge to the futureتضمن نتائج الدراسة التي
خلصت إلى أن الفحم ل بد أن يستبدل البترول خلل السنوات القليلة
المقبلة بسبب وفرته وسهولة شحنه وتناقله بالرغم مما يسببه من تلوث
كبير للبيئة ،ومضت السنون لتثبت عدم تطابق هذه التوجهات مع الواقع
التقني والقتصادي الذي يعيشه العالم وخاصة بسبب استحالة استخدام
الفحم الحجري في تسيير اللت المتحركة كالسيارات والسفن والطائرات
2
والقطارات ،فهل تواجه فكرة الوقود الحيوي المصير ذاته؟.
وتكمن المشكلة الوحيدة التي تحول دون تعميم هذه التجربة على
المستوى العالمي في أن شركة إمبراير هي الوحيدة في العالم المتخصصة
بصناعة الطائرات المدفوعة بوقود اليثانول ،مما يستوجب النتظار سنتين
للحصول على واحدة من هذه الطائرات نتيجة الطلب المتزايد على تحويل
محركات البنزين إلى محركات مدفوعة باليثانول.
3
وتتميز البرازيل عن غيرها من بلدان العالم بغناها بمصادر اليثانول
حيث تمتلك 320مركبا ً لتحضيره من عصير قصب السكر ،فيما تعمل الن
على بناء 50مركبا ً جديدا ً ينتظر أن يكتمل خلل السنوات الخمس المقبلة.
وعلى طريق هذا الحلم يشهد العالم بناء معامل تكرير لصناعة
الوقود صديق البيئة 'بيوماس إيثانول' من المخلفات الزراعية من قش
القمح والشعير وأوراق الذرة .وتقول مجلة 'صنداي تايمز' البريطانية إن
استخدام اليثانول بنسبة % 85في تشغيل السيارة سيؤدي إلى انخفاض
انبعاث غازات الحتباس الحراري بمعدل % 91مقارنة بالبترول ،وعلى
الجانب الخر فإن وقود السيارات المستخلص من النباتات يمتص ثاني
أكسيد الكربون من الجو أثناء عملية التصنيع ،مما دفع اليثانول والوقود
الحيوي بأن يحظيا بمقادير هائلة من الهتمام ويحصل على إعانات دعم
ضخمة.
وبالرغم من مزايا اليثانول كوقود نظيف مقارنة بالبترول فإنه يمثل
أقل من % 1من السوق العالمي لوقود السيارات ويعتمد على الدعم
الحكومي فقط ،ويهدف العلماء إلى توسيع نطاق استخدام الوقود النظيف
حيث أن السيارات كمستهلك للوقود تعتبر ثاني مصدر بعد الصناعة لنشر
ثاني أكسيد الكربون على سطح الرض.
الطاقة الحيوية
4
تنشأ الكثير من مصادر الطاقة الحيوية المستخدمة حاليا ً من خلل
أنماط متعددة من المخلفات الزراعية ومخلفات الغابات ،ومن المتوقع أن
توفر أنماط محاصيل ونباتات الطاقة المختلفة الجزء الكبر من الكتلة
الحيوية لنتاج الطاقة.
وقد تم تناول الدور المحتمل للطاقة الحيوية بصورة أكثر جدية
خلل العقد الخير ،حينما بدأت الهتمامات الدولية المتعلقة بأسعار الطاقة
والتدهور البيئي وخصخصة قطاع الطاقة واستدامة أنظمة الطاقة الحالية
في الظهور.
وقد أدى الوعي بالحاجة إلى الحد من التغيرات المناخية في الونة
الخيرة إلى تجديد الهتمام بالطاقة الحيوية في كل من الدول النامية
والصناعية باعتبارها مصدر للطاقة صديق للبيئة ومجدي من حيث التكلفة
ومتوفر محلياً ،ومن ثم ظهرت الطاقة الحيوية كعامل أساسي من الناحية
التنموية والبيئية.
النموذج البرازيلي
تعد البرازيل أكبر منتج لليثانول البيولوجي ،ففي البرازيل تعمل
نحو مليون سيارة بوقود مشتق من قصب السكر ،وأن الغالبية العظمى
من السيارات الجديدة تعمل بواسطة" محركات ذات الوقود المرن" ،فمنذ
أن دخلت تلك المحركات قيد الخدمة قبل ثلث سنوات ،تم العتماد على
الغازولين أو اليثانول البيولوجي أو أي مزيج من المادتين المذكورتين،
وبدأت البرازيل بإنتاج الوقود البيولوجي قبل 30عاماً .وفي البرازيل حالياً
يُعنى نحو 1,5مليون مزارع في زراعة قصب السكر لغراض الوقود ،غير
أن ما يعرف بوقود "سان فويل" يمكن إنتاجه من طائفة متنوعة من
المحاصيل ،منها :الصويا ،شجرة النخيل الزيتية ،جذور البنجر وبذور اللفت.
فالبرازيل تتقدم على أوروبا سواءً كان ذلك في مجال إنتاج اليثانول
البيولوجي أو استهلكه ،فالسعار في أوروبا تكاد تكون ضعف ما هي عليه
في البرازيل ،لكن التحاد الوروبي قد حدد هدفا ً لزيادة حصة الوقود
البيولوجي في مجال النقل لغاية 8في المائة بحلول عام 2015م .كما
أنه يمكن إنتاج مادة الديزل من أي بذور زيتية ،فأوروبا هي أصل ً أكبر منتج
5
في العالم لوقود الديزل البيولوجي (الذي يتم إنتاجه حاليا ً من بذور اللفت،
بذور الصويا أو بذور عباد الشمس) ،فهذا القطاع يشهد نموا ً سريعا ً حيث
تدرس عدة بلدان مثل ألمانيا وأوكرانيا وغيرها من شركات القطاع الخاص
والقطاع العام إمكانية الستثمار في مجال الديزل البيولوجي المنتج من
هذه المحاصيل أو من مصادر أخرى.
بعد أن أصبحت السيارات التي تعمل بالوقود الحيوي تشكل ثلثي
حجم مبيعات السيارات الجديدة في البرازيل هذا العام ،تستعد البلد
لتصدير تكنولوجيا الوقود البديل إلى مختلف دول العالم كوسيلة لمواجهة
ارتفاع أسعار النفط.
وتعتبر سيارات الوقود المرن أفضل حل قصير المدى لمواجهة
أسعار البنزين الخذة في الرتفاع في ظل تطبيق قوانين أكثر صرامة فيما
يتعلق بنسبة عوادم السيارات والحفاظ على نقاء الهواء.
وتعرض اليثانول في مطلع التسعينيات لنتكاسة مؤقتة في
البرازيل بسبب مشكلت المداد ما دفع قائدي السيارات أن يعودوا
محبطين إلى البنزين التقليدي .لكن في العام 2003م قدمت شركة
فولكس فاغن في البرازيل أول سيارة تسمى بسيارة الوقود المرن حيث
تعمل بالبنزين الخالي من الرصاص والوقود الكحولي أو اليثانول ،ومنذ ذلك
الحين استمر الطلب على سيارات الوقود المرن.
وذكرت هيئة تنمية الصادرات البرازيلية أن نحو %80من السيارات
الجديدة التي بيعت حتى الن في العام الجاري كانت من سيارات الوقود
المرن ،مشيرة إلى أن هذا التجاه آخذ في التزايد.
ويتزايد الستثمار في صناعة اليثانول والسكر ،وذكرت هيئة تنمية
الصادرات البرازيلية أنه من المزمع بناء نحو 140مصنعا ً جديدا ً بحلول العام
2014م بجنوب وجنوب شرق البرازيل باستثمارات تصل إلى تسعة
مليارات دولر ،ول تملك أي دولة أخرى هذه الشبكة المتطورة من الوقود
الحيوي وأنظمة التوزيع مثل البرازيل.
ول توجد سيارات جديدة في أوروبا تعمل بالوقود (إي ،)85وهو
خليط يضم %85من اليثانول و %15من البنزين سوى طرازي "سي-
ماكس" و"ساب "5-9من إنتاج شركة فورد.
6
وتتوقع منظمة جرين موتوريست لقائدي السيارات المناصرين
للبيئة في السويد أن تصل نسبة سيارات الوقود المرن إلى %20من
مبيعات السيارات الحالية بحلول نهاية العام الجاري.
لكن الوقود الحيوي ل يخلو من المشكلت ،وتسير شركات الوقود
الكبرى بمعدل بطيء في استخدام مضخات (إي ،)85وقال كلوس بيكارد
رئيس الرابطة اللمانية لصناعة النفط إن الوقود (إي )5أو (إي )85يتطلب
مساحة تخزينية أكبر بخزان الوقود لنه ل يمكن خلطه بالبنزين التقليدي.
كما حذر صندوق الطبيعة العالمي من أن إنتاج الوقود الحيوي
واستخدامه يمكن أن تكون له عواقب بيئية خطيرة على نواح أخرى مثل:
إدارة المياه ،قطع الغابات والنتاج الزراعي والغذائي.
يتم إنتاج الطاقة الحيوية من الوقود الحيوي مثل :الوقود الصلب،
الغاز البيولوجي ،الوقود السائل كاليثانول الحيوي والديزل الحيوي الذي
يأتي عن طريق المحاصيل مثل :قصب السكر ،البنجر ،الذرة ،أعشاب
الطاقة أو من الوقود ،الفحم ،الفضلت الزراعية ،مشتقات المنتجات ،بقايا
الغابات وسماد المواشي وغيرها.
7
يُشكل الوقود الحيوي الذي يتمثل الجزء العظم منه في خشب
الوقود والفحم ،نحو 10في المائة من إجمالي الستهلك العالمي من
الطاقة الولية.
وفي ما يتعلق بالقرن الحالي ،يتوقع التقرير أن يطرأ تحول هام من
الوقود الحفوري إلى اقتصاد يعتمد على الطاقة الحيوية ل يفيد سكان
الريف وحسب بل كوكب الرض بأكمله ،لسيما وأن الوقود الحيوي بإمكانه
أن يخفض من حدة التغيرات في المناخ.
خبرة 20عاماً
تملك المنظمة خبرةً تتجاوز 20عاما ً في مجال تطوير مختلف
أوجه الطاقة الحيوية ،وقد زوّدت العديد من بلدانها العضاء بالمساعدة
التقنية في تصميم وتطبيق سياسات الطاقة الحيوية واستراتيجياتها
وبرامجها.
علوة على ذلك ،تشير دراسة المنظمة إلى أنها تنهض بدور نشط
في استنباط البيانات المستجدة عن توليد الطاقة الحيوية ،ونشرها وفيما
يتعلق أيضا ً بمجالي التجارة والستخدام المتعلقين بالقطاع.
وتشير الدلئل إلى أن الهمية المتنامية للطاقة الحيوية من شأنها
أن تنعكس فى شكل تأثير بعيد المدى على أسعار السلع واستدامة مراكز
النتاج ،فضل ً عن المن الغذائي ذاته ،وترتأى الدراسة أن نطاق النتاج
المتوقع للطاقة الحيوية يستدعي أن يُعنى به محفل مثل المنظمة بما تملكه
من خبرات متعددة التخصصات في مجالت الزراعة ،مصايد السماك،
سر من تفاعل التعاون الدولي في هذا
الغابات والقتصاديات على نحو يي ّ
القطاع .وبالستناد إلى معطيات الدراسة فإنها توصي بإيلء مزيد من
التركيز والشفافية للقطاع ،على أن تتولى الجهات التقنية والمؤسسية
العمل على تحقيق هذه الغايات المنشودة.
8
أن يواصل كل الوقودين الزدياد .وذلك في هدف لتخفيض استهلك أمريكا
من النفط المستورد ،حيث تعهد بوش بأن الوليات المتحدة سوف تستخدم
35مليار جالون من أنواع الوقود المتجدد والبديل بحلول عام 2017م
(زيادة بسبعة أضعاف في إنتاج أنواع الوقود المتجدد والبديل خلل عقد
فقط) .وحيث أن أمريكا تستخدم نحو 140مليار جالون من البنزين في
كل سنة ،لكن ذلك الستخدام للبنزين ل يشكل سوى نحو نصف إجمالي
استخدام أمريكا للنفط ،فالوليات المتحدة تستخدم نحو 21مليون برميل
من النفط في كل يوم ،أو نحو 321.9مليار جالون في السنة ،ومن هنا،
وحتى إذا حققت أمريكا هدف بوش ،فإن أنواع الوقود البديل التي يطرحها
ستظل تشكل فقط نحو 11في المائة من إجمالي استهلك أمريكا للنفط
بالنسبة للحجم ،وحيث إن اليثانول (الذي من المحتمل أن يشكل أكبر حصة
من تلك النواع من الوقود المتجدد والبديل) يحتوي فقط على ثلثي طاقة
حرارة البنزين ،فإن النسبة الفعلية للنفط الذي يتم استبداله ستكون قليلة،
وعند تشكيل قيمة حرارة أدنى لليثانول فإن من المحتمل أل تؤدي خطط
بوش لنواع الوقود البديل إلى تخفيض إجمالي استهلك أمريكا من النفط
بنحو سبعة أو ثمانية في المائة.
وبالنسبة للوليات المتحدة حيث تظل الذرة المصدر العملي الوحيد
لنتاج اليثانول ،فقد تثبت السعار المحلقة أنها القيد الساسي إزاء
استخدامه ،ففي عام 2006م وحده ،ارتفعت أسعار الذرة عندما التهمت
خمس إنتاج الوليات المتحدة من الذرة .وبحلول
أجهزة استقطار اليثانول ُ
عام 2008م ،قد يبتلع منتجو اليثانول نصف إنتاج الذرة المريكي ،وذلك
يمكن أن يدفع أسعار الذرة إلى ارتفاع أكثر.
ويضغط بوش والساسة الخرون في الوليات المتحدة لتطوير
اليثانول السيلولوزي ،لكن رغم سنوات من الحديث والستثمار ،فإنه ل يبدو
أن هناك اختراقات كبيرة وشيكة ،وحتى إذا حدث اختراق كبير فقد تحتاج
صناعة اليثانول السيلولوزي إلى عقود حتى تسهم مساهمة كبيرة ،ويمكن
رؤية هذا بالنظر إلى تاريخ مرفق إيثانول الذرة ،فقد احتاجت صناعة الذرة
إلى 13سنة قبل أن تتمكن من إنتاج مليار جالون من اليثانول في السنة،
واحتاجت صناعة الذرة إلى نحو عقدين ونصف العقد لتجعل إنتاج إيثانول
9
الذرة يزيد على خمسة مليارات جالون في السنة ...وهكذا .وحتى مع
تحقيق اختراق كبير في تكنولوجيا الخميرة ،وحتى مع كميات ضخمة من
الستثمار الرأسمالي والعانات الحكومية ،فإن من غير المحتمل لصناعة
اليثانول السيلولوزي أن تقدم أي إسهامات كبيرة في سوق الوقود
المريكي في المستقبل المنظور.
10
قال وانغ جيا تاو عضو أكاديمية الهندسة الصينية في بحث طرحه
في المؤتمر أن الصين بدأت العمال التجريبية لبحوث وتطوير الديزل
الحيوي في السنوات الخيرة ،وحققت تقدما ً اختراقيا ً في مجال تصنيع إنتاج
الديزل الحيوي.
11
وبالضافة إلى الوقود الحيوي ،فإن هناك اهتماما ً متزايدا ً بتحويل
الغاز الطبيعي إلى وقود سائل المعروف باسم ,GTLوتحويل الفحم إلى
وقود سائل .CTLوبينما يظهر كل النوعين من الوقود وعدا ً عظيماً ،فإنهما
أيضا ً يواجهان قيودا ً وموانع ،حيث إن الغاز المسال GTLيعتمد على
إمدادات وفيرة من الغاز الطبيعي ،كما أن عملية تحويل الفحم المسال
CTLتبعث كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون ،إضافة إلى قائمة طويلة
من المواد الملوثة مثل الزئبق والذرات.
وحتى مع النمو الكبير المحتمل من الوقودين الحيويين CTLو ،GTL
فإن هذين الوقودين لن يجعل أمريكا مستقلة في الطاقة وذلك لسبب
بسيط :وهو أن أرقامها صغيرة جداً ،وهي صغيرة جدا ً حتى إذا أخذت هدف
بوش المتمثل في 35مليار جالون وضاعفته أربعة أضعاف ،فعند ذلك
المستوى ،يمكن للوليات المتحدة أن تنتج 140مليار جالون في السنة من
أنواع الوقود الحيوي والبدائل – وهي كمية تعادل استخدام أمريكا السنوي
الحالي من البنزين ،ويمكن لـ 140مليار جالون في السنة أن تعادل نحو
9.1مليار برميل في اليوم ،ويمكن أن تكون هنالك زيادة بأربعة وعشرين
ضعفا ً على معدلت إنتاج الوقود الحيوي لعام 2006م.
تتمثل المشكلة في أن استخدام أمريكا للطاقة يظل في تزايد،
فبحلول عام 2030م ،تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تستهلك الوليات
المتحدة نحو 27مليون برميل من أنواع الوقود السائل في كل يوم ،ومن
تلك الكمية تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يتم استيراد 16.3مليون
برميل -أو نحو 61في المائة .ومن هنا ،إذا افترض المرء أن كل انخفاض
من تلك الـ 9.1مليون برميل من أنواع الوقود الحيوي والوقود البديل
يحسب أمام الواردات ،فسوف تظل الوليات المتحدة تستورد أكثر من 7.2
مليون برميل من الوقود السائل في كل يوم.
ومرة أخرى ،فإن هذه التوقعات المثلى جميعا ً منحازة لعطاء أنواع
الوقود السائل أفضل النتائج الممكنة ،وحتى مع هذه النحيازات فإن أنواع
الوقود الحيوي والبديل لن تحول دون النفط المستورد لمريكا.
وأخيرا ً تجدر الشارة إلى أن نتائج هذا السيناريو المثل حيث يتم
تخفيض الواردات إلى 7.2مليون برميل في اليوم ،يحمل في طياته قدراً
12
من الهمية التاريخية ،ففي العودة إلى عام 1976م وهو العام الذي تل
إطلق الرئيس جيرالد فورد للوعد بأن أمريكا ستكون مستقلة في الطاقة
خلل عقد من السنوات ،كانت أمريكا تستورد نحو 2.7مليون برميل في
اليوم ،في أوائل هذا الشهر سافر جورج دبليو بوش إلى ساو باولو ليناقش
من بين أمور أخرى احتمالت زيادة كمية اليثانول البرازيلي الذي يمكن
توفيره للسوق المريكية ،وخلل خطاب له هناك في ( 9مارس )2006/قال
بوش" :بينما نبتعد عن استخدام البنزين باستخدام اليثانول فإننا بالفعل
نبتعد عن النفط" .ومضى في حديثه قائلً" :إننا جميعا ً نشعر بأن علينا أن
نكون ممثلين جيدين للبيئة ،وهذا يحدث لن اليثانول والديزل الحيوي
سيساعدان على تحسين نوعية البنية في بلداننا ،كل على حدة" .وخلل
زيارته وقع بوش على اتفاقية تركز على اليثانول التي تطلب من البرازيل
والوليات المتحدة أن تزيدا عملهما حول الوقود الحيوي ،مع زيادة
الستثمارات وتبادل التكنولوجيا.
وكما هو متوقع فإن الصحافة الرئيسية انطلت عليها المبالغة ،ففي
اليوم نفسه الذي كان فيه بوش في البرازيل نشرت صحيفة "الوول ستريت
جورنال" قصة على الصفحة الولى تتناول تجارة اليثانول المزدهرة في
أمريكا اللتينية ،وقالت الصحيفة إن تشجيع إنتاج اليثانول كان "أولوية أولى
للطاقة" بالنسبة لبوش ،وأنه كان "يشجع مصادر بديلة مثل اليثانول".
وقبل بضعة أيام من وصول بوش إلى البرازيل ،أعلنت مجلة
"اليكونومست" أن "دبلوماسية اليثانول" ستكون "محور جولة بوش في
أمريكا اللتينية".
وفي (فبراير) نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" قصة بأن
الوليات المتحدة والبرازيل تفكران في شراكة يمكن أن تشجع استخدام
اليثانول في أمريكا اللتينية ،وبالتالي "تلغي التأثير القليمي لفنزويل الغنية
بالنفط".
وفي غمرة كل هذه المبالغة ضاع شيء ما وهو التصور ،نعم ،قد
يكون اليثانول البرازيلي أرخص من اليثانول الذي ينتج في الوليات
المتحدة ،ونعم ،قد تكون تعرفة الـ 54سنتا ً للجالون الواحد على اليثانول
البرازيلي أوضح مثال على الحمائية وضيق الفق في سياسة أمريكا
13
المعقدة للطاقة ،لكن لم يكلف أحد من الصحافيين الذين يغطون قضية
اليثانول البرازيلي نفسه للنظر حول مدى الطاقة الواردة فعل ً في تجارة
اليثانول ،ولم يكلف أحد نفسه بتفحص مدى إنتاج البرازيل من اليثانول.
14
من النفط الخام والمنتجات النفطية في كل يوم من البرازيل ،وهذا الرقم
يبلغ أحد عشر ضعفا ً من الطاقة التي تحصل عليها من البرازيل على شكل
إيثانول.
وفي أيار (مايو) 2006م ،نشر فينول كوسول صاحب المليين
المتعددة من وادي سيليكون ،وزعيم القلية السابق في مجلس الشيوخ توم
راشل ،مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" تحدثا فيها عن "معجزة استقلل
الطاقة" للبرازيل ،وفشل على نحو ملئم في القول إن إنتاج البرازيل من
النفط يبلغ عشرة أضعاف إنتاجها من اليثانول.
وبينما يسيطر على وسائل العلم وبوش هاجس اليثانول ،فإن
القصة الحقيقية تتمثل في أن البرازيل أصبحت واحدا ً من أهم منتجي
الطاقة في نصف الكرة الغربي ،وأن تلك الطاقة تجيء من النفط وليس
من اليثانول.
15