Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

The Avenue
The Avenue
The Avenue
Ebook410 pages6 hours

The Avenue

Rating: 3.5 out of 5 stars

3.5/5

()

Read preview

About this ebook

A middleaged librarian whose life and marriage are in a rut unravels the secrets of a suburban avenue
The story begins with a scantily-dressed girl dancing in a lighted window across from Francis Copeland’s house. Francis, now middleaged, whose life and marriage are in a rut, fantasises about the girl and finds it hard to accept, as he discovers later, that she is just plain Judy, a dancer in the local pub.
Francis was brought up in a cottage on a big estate where his father worked as a gardener. He spent his early years surrounded by fields. And then the houses started mushrooming. His own secure world was shattered at the age of twelve when his mother was killed by a motor car which was recklessly driven by a neighbour whose identity was concealed from Francis.
Francis’ wife, Myrtle, is older and more worldly-wise than Francis. She spent most of her youth gallivanting on the avenue or going with boys and her friend, Ida, to the blackberry field. Francis, on the other hand, is rather innocent of street-ways, having spent most of his youth looking after his widowed father as he grew senile.
With no offspring of his own, Francis befriends the children of the avenue, especially Freddy, the supposed son of George and Noreen Browne. Freddy is a denizen of the streets, neglected by his father and his invalid mother, but a likeable rogue nonetheless. Freddy and his dog, Melancholy, suffer tragically at the hands of the ciderdrinkers.
The hidden world of the avenue unfolds to Francis as he emerges from behind the covers of books (he works as the local librarian) – the haven where he had ensconced himself since his mother’s death. Who is Myrtle, his wife? (Does she genuinely go to bingo every Tuesday night?). He does not know her. Who are the real parents of Freddy? Who was the neighbour whose car killed Francis’ mother? Raw suburban truths are exposed as Francis, with the help of the local children, slowly unravels the secr
Languageالعربية
Release dateOct 27, 2014
ISBN9781633394339
The Avenue

Related to The Avenue

Related ebooks

Reviews for The Avenue

Rating: 3.25 out of 5 stars
3.5/5

4 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    The Avenue - James Lawless

    ؟

    "من كان الآن بلا مأوى،

    لن يبني َ لنفسه منزلا.

    ومن كان الآن وحيدا ً

    سيبقى كذلك طويلا،

    سيبقى صاحيا، يقرأ

    ويكتب الرسائل الطوال

    وحين تتطاير أوراق الشجر،

    في الطرقات،

    سيبقى هائما ً تعِبا."

    من قصيدة  يوم من الخريف- رانير ماريا ريلكة

    مقدمة المعرِّب

    إنها مهمة المترجم أن يُطلق بلغته هو، ذلك الأسلوب النقي المعبر عن شخص آخر، أن يحرر الكلمات المحبوسة في عمل ما بإعادة خلق ذلك العمل بلغة اخرى وولتر بينجامين

    يرسم الكاتب جَيمس لوليس في روايته جادة الحي لوحة ريفية قد تكون خالية من الوان الريف المعهودة. لوحة طغى عليها لون الخريف البنّي، يتبعه الشتاء بعباءته الرمادية. لوحة نبدأ فيها التعرف على فرانسيس العاكف على كتبه، الهارب اليها والمختبئ بين أغلفتها.  فرانسيس الذي تصور الحياة طيبة بطيبه، فكان أقصى مطالبه زواجا يريح باله، ومنزلا يأوي اليه. يقٌص علينا لوليس قصة فرانسيس الذي يرينا كيف أن الأماني وان كانت متواضعة والأحلام وإن كانت صغيرة، لن تكون بالمجّان.

    فرانسيس بطيبه وكرمه، فريدي البريء الذي لم يجد من يوليه الإهتمام واصدقائه، سام والد فرانسيس، مايكل ومعلوماته، نورين والسيدة ديمبسي وحتى الكلب بُئس؛ كل اولئك يعبرون عن روح الريف النقية الصافية، عن تماسك الأهالي هناك وحزنهم لحزن بعضهم. يعبرون عن رفضهم لكل ورم خبيث تغلغل في ضاحيتهم وفي جادّتهم؛ وأنه حتى وإن لبث فيهم عمرا، فخُيل للبعض أنه جزء منهم، سيبقى ورم يجب التخلص منه واجتثاثه لئلا يكدر تفتح الأزهار او لعب طيور البجع عند القناة.

    جادة الحي رواية فيها وصف للمعاناة التي تعتمل داخل أي منا، الأفكار التي تغالبنا فتغلبنا تارة، ونقتلها فندفنها في اعماق ذاكرتنا تارات اخرى. رواية تبدأ ببسط اجواء احداث القصة شيئا فشيئا، متجهة نحو المواجهة والحل؛ تشويق يفضي الينا بمعرفة فرانسيس وحبه للقراءة –التي هي امتداد لمعرفة لوليس-، القراءة التي كانت ملجأ فرانسيس، نورين، والكاتب والمعرِب. القراءة التي قال عنها الكاتب من خلال فرانسيس مقتبسا المثل الصيني؛

    ثلاثة ايام دون قراءة تجعل الحديث بلا نكهة.

    مقدمة المؤلف

    فكرة جادّة الحي:

    انتقلت عائلتي من (ليبرتيس، دبلن) الى ضواحي (ووكنستاون) عندما كنت ابلغ السادسة من العمر، ولذا وبطريقة أو بأخرى فإنَّ رواية جادة الحي تُعد امتدادا زمنيا لروايتي الأولى تقشير البرتقال، وتُمثل جادة الحيردة فعلي تجاه الخرافة القائلة أن الضواحي ترياق لعلل المجتمع. ترسم القصة لوحة ً معبرة عن انحطاط تلك الضواحي وتفككها؛ فقد انتقلت عائلتي الى الضواحي، كالكثير من العوائل الاخرى، طلبا ً لـ الفضاء المفتوح والهواء الطلق؛ حيث كنت مصابا بمرض الربو في صغري. وعلى أية حال، برحيلنا عن المدينة تركنا خلفنا حياة ً مطمّئنّة ً مفعمة بروح المجتمع القوية، مقبلين على نسيج اجتماعي نجهل كنهه، فيه التفاعل الاجتماعي أقل ما يكون.

    إمتلأت تلك الفضاءات بسرعة تضاهي سرعة نمو الاقتصاد الأيرلندي في الفترة المسماة النمر الكلتي، فتزايد عدد السكان، وعاد المهاجرون، وتضاعفت أعداد السيارات وأصبح زحام مركز المدينة الذي هرب منه الناس سابقا عنصرا ً اساسيا ً لإسلوب معيشة تلك المدينة الضاحية. ولم تُثر التغييرات اللاحقة الا القليل من الانتباه، فها هو زحام الطرقات الدائم، والضوضاء؛ وحتى النسيج الاجتماعي في مركز المدينة مزقته الطرق السريعة التي أُنشِئت و زُوِدت لخدمة المسافرين عِبر الضواحي، مُرَتب الأبوين، ألأولاد العائدون من مدارسهم الى منازلهم الفارغة بإنتظار عودة الأهالي من أعمالهم، ومناظر المخلفات الصناعية: واقيات ذكرية مستعملة، زجاجات العصائر الصغيرة، وعلب معدنية أكبر، وبالطبع لا ننسى ثقافة الجرع القاتلة (المخدرات). كان الصراخ يتعالى طوال الوقت فوق الرسومات المنتشرة على تلك الجدران الريفية وكأن المسؤولين قد احجموا عن الاستماع.

    وعلى رغم ما سبق، ليست الرواية بالسوداوية التي تبدو عليها، فمع أنَّ القارئ قد يجدها، كما ذكرت سابقا، لوحة معبرة عن انحطاط الضواحي، إلا أنها تبقى قائمة مع كل احداثها كإحدى قصص التجدد الإنساني، وخصوصا ما تُمثله كل من شخصيَتَي فرانسيس ومايكل وحتى، وبصورة غريبة، شخصية والد فرانسيس.

    كانت النية عند كتابتي لرواية جادة الحي أن استخدمها كأداة أكشف بواسطتها الغموض المحيط بتلك الأراضي الضائعة. فقد تعاملت مع الجادة كما يتعامل أي انسان مع قرية ريفية، نظرتُ اليها بنظرة روحية باطنية، الى تاريخها المخفي، واسرارها.. عاملتها كبوتقة، إن صح القول، حَوَت داخلها حيوات الشخصيات مترابطة متزاوجة، بوعيهم او بدونه. أو كما صاغتها السيدة ديمبسي جارة فرانسيس إعتنت الجادة بنفسها .

    الخريف، موسم تساقط الأوراق، يسميه الاميركيون فصل التساقط، ومع ان اغلب اوراق الاشجار مخملية وذهبية زاهية، الا انها ما زالت متعلقة بأغصانها، وما زالت الطريق متمسكة ببقايا الصيف. يلعب الأطفال في الخارج الى وقت متأخر، ويجزّ الجيران عشب حدائقهم أو يحاولون التشبع بما تبقى من نور الشمس المشرفة على المغيب، جالسين أمام عتبات ابوابهم، فليس للبرد محلٌ بعد.

    إبتعدتُ عن نافذة غرفة النوم ودخلت مكتبي حيث اكملت قرائتي لرواية إسم الوردة لكاتبها اومبيرتو إكو، فقد كان آدسو قد التقى العذراء الجميلة والفضيعة في آن. ولكنه وبعد معرفته بتلك الفتاة فهم أخيرا معنى الهاوية. أعرفُ تماما ً ما قصده آدسو بذلك الوصف، فلطالما داومت على القراءة منذ أن ماتت والدتي قبل زمن بعيد، حيث أني اعتدت التجوال وفي رأسي قصة ما، يعطيني ذلك عالما ً أستطيع التحكم به، عالما أستطيع انهاءه متى شئت ببساطة اغلاقي غلاف كتاب.

    ربتني والدتي طفلا على ركبتها بان تعرض علي صورا من بعض الكتب المصورة، تخبرني بالكلمات عما ليس فيه اية كلمات، ثم تطلب مني أن اخبرها بقصة لما رأيته في تلك الصور. لم أفهم قصص الخيّالة والفرسان بدروعهم يسارعون لنجدة من كانت في حاجة للمساعدة من الفتيات، وعزائي في ذلك، يقيني بأن والدتي كانت بقربي دائما عند نهاية القصة، مهما بلغت المغامرة من قسوة ورعب.

    هنالك سبب آخر لهروبي المتكرر الى مكتبي، سبب له علاقة بزوجتي ميرتل، زوجتي التي تحاول دوما السيطرة علي، ويتعدى الأمر ذلك أحيانا، لذا كنت أهرب كلما سنحت الفرصة لاختبئ بين غلافي كتاب، وأعيش الحياة بكل نزواتها دون أي من عوائقها، حتى وان كان ذلك في خيالي وحسب. فالكتب هي جليستي الوحيدة في الحياة، على النقيض من ميرتل وصديقتها آيدا اللتان تنهال كل منهما على الأخرى بموافقاتها وتأييداتها. التأييدات التي ضمنتها كل منهما في خضّم تقطيعهما أوصال عدوهما المشترك بلسانيهما العضبين. ودون الحاجة للإشارة الى أني ذلك العدو، أو على تقدير أقل، عنصرا من عناصر ذلك العدو. حيث أن العدو بمفهومهما هو كل شخص يتدلى عضو بين ساقيه.

    كانت أحلام اليقظة تراودني وكأني مراهق ضائع اكثر من كوني رجلا تامّ البلوغ. فكان اغلاق باب مكتبي بمثابة (نظام دولبي) الذي يخمد تشويشات صوت ميرتل الجهوري وهي تطلق أوامرها بأن أُخرِج صندوق الفحم، او أُدخِل الملابس، اتفحص حال كذا وادقق في وضع كذا. كانت ميرتل تجمع تعليقاتها وملاحظاتها كجعبة ملئى بالسهام التي تطلقها مصيبة ً بسرعة، قبل أن تصفق باب المنزل الامامي كما تفعل عادة، ماضيةً الى آيدا التي تقضي اغلب الأمسيات معها.

    تُطل نافذة المكتب على الحديقة الخلفية، حيث بدأ الغسق بالحلول وبدت اوراق الأشجار كئيبة، وعلى الرغم من صغرها الا أن الحديقة احتوت العديد من الشجيرات وعدة اشجار غالبها اشجارا نفضية. استطعت تمييز كرة نصف مخفية تحت شجيرات جنبة الرباط بالقرب من السقيفة، والنسيم يداعب الاشجار جاعلا الاوراق ترتعش، مقدما دعوة للخريف ليبكر في قدومه.

    اعتدت الاعتناء بالحديقة في السابق، ولكني فقدت الاهتمام بذلك، فمنذ ما حدث لركبتي وانا لا استطيع الانحناء. وكما اعتاد ابي القول، في لحظات صفائه، إن مثل العناية بالحديقة كمثل الصلاة لا تستطيع تأديتها بصورة صحيحة دون الانحناء. او كان ليقول بعبارة اقسى البستاني الذي لا يستطيع الانحناء كمثل الحصان الذي لا يستطيع الركض، لك أن تقتله أو تحيله الى التقاعد

    هذا ما قاله والدي، وقد تعجبت وقتها من كيفية استخدامه لعبارة تحيله الى التقاعد ولكنه عَمل كبستاني معظم حياته فلا بد أنه يعرف مصطلحات المهنة. على أية حال لا زلت بعيدا عن عمر التقاعد. لا افتقد العمل في الحديقة ومع ذلك ما زلت استمتع بمشاهدة النباتات والأشجار، وتبقى اجابتي حاضرة في حال تذمر ميرتل حول اللاحات غير المشذبة او الحشائش التي تغطي النباتات الحولية. لا بد أن ازالة الاعشاب احد اكثر الفعاليات التي لا جدوى منها؛ فها انت تزيل شيئا عن الارض ليعود لتعذيبك تنفيذا لنزوة السماء حين تقرر أن تجود بالقليل من المطر و ضوء الشمس، لتعود الحشائش التي تظن أنك تخلصت منها ماثلة أمامك مرة اخرى. أنظري لوالدي قلتُ لميرتل قضى حياته كلها بستانيا، وأي منفعة جلب له الاعتناء بالحدائق؟، ثم غمرني الشعور بالذنب وأنا استخدم والدي كحجة لإرجح كفة النقاش لصالحي.

    وحقيقة الامر أني لم أزل استطيع بذل بعض الجهد في العناية بالحديقة، ولكن ما الغاية من زراعة حديقة والعناية بها اذا كان الانسان بعيدا جدا عن نيل جنة عدن؟ لذا فإني استخدمت ركبتي كعذر لئلا اعتني بالحديقة. ولا بد أن للأمر علاقة بغدر الزهور، هذا ما قلته لوالدي مجيبا على سؤاله عما حل بي حين رآني ممدا فوق بركة دماء في غرفة الجلوس، ما كنت لأقول له أكثر من هذا. حادث فحسب اجبته حين الح علي بالسؤال.

    أنظر للنوم احيانا على أنه تخدير، وهذا يملأني بالخوف، ولذا اضع قدحا من الماء قرب سريري، وكأني أخاف اني تُخطف أنفاسي مني. كان ذلك بسبب الم ركبتي، فلم ارد الاعتراف أن السبب الحقيقي هو زوجتي ميرتل؛ وربما لم اعترف بتلك الحقيقة لأنها ليست من اخلاق الرجولة. أقصد أن تضرب امراة رجلا، وان تفعلها بصورة احترافية. كانت الحادثة في الأيام المبكرة من زواجنا، اتذكر أني كنت أجلب كوبي وصحني الى المجلى، كان مزاج ميرتل عكرا؛ فقد خاضت جدالا مع آيدا، وكانت وقتها قد أعدت طاولة الكي فإحتلت بها المطبخ بأكمله، تراجعت ميرتل الى الخلف فإصطدمت بي بجسمها المزداد بدانة، وقع الكوب من على الصحن متحطما على الارضية. التقطه قالت ميرتل، فأجبتها التقطيه أنتِ، لم تكن تلك المرة الاولى التي اعاندها وأرد عليها، فقد بدات اتعود وافهم أساليبها؛ لكنها هذه المرة كانت مشتاطة غضبا، لذا تركتها لتهدأ وذهبت الى غرفة الجلوس حيث جلست على الأريكة وبدأت اقرأ كتاب ما، تبعتني بالمكواة، لم أرى امراءة غاضبة بهذه الصورة قبلا، كان فمها يرغي ويزبد، وانقضت على ركبتي جلدا بالمكواة واستمرت على ذلك حتى تهشم عظم الرضفة بصورة تامة.

    أفقت من تاثير المخدر قبل الوقت المحدد، كان شعور الغثيان مريعا. كل ما ادركته كان أني اريد الخروج من ذاك المكان واستنشاق بعض الهواء. أتذكر عندما كنت في الرابعة او الخامسة من العمر أعطاني الأطباء غاز الأيثر لعملية ازالة اللوزتين. وكنت اعاني من الربو في ذلك الحين، وكان الجميع يخبرني ان اغلق فمي، اخبرتني والدتي ومعلماتي أن الفم المفتوح يدل على أن صاحبه معتوه، ولم استطع ابدا اكتشاف الرابط بين الفم المفتوح والدماغ، اعني فلنتخيل أعين مفتوحة، او أيد ٍ مفتوحة او آذان؛ ليس هناك من مانع في ذلك. فقط الفم، وربما لهذا لم استطع ان اتنفس من فمي عندما احتجت لذلك، ولم يخبرني احد ان اتنفس من فمي عندما وضعوا قناع الغاز فوق وجهي، فقاومت غاز الايثر مثلما اقاوم لأنجو بحياتي وانا استنشقه خلال منخرَيّ، فعششت رائحته النفاذة في مكان ما في انفي واخذت تعبق كلما اقتربت من مستشفى.اعتقد ان ذلك هو سبب فزعي بعد عملية الركبة وتعجلي للخروج. أعطيت أحد الصبية اليافعين زجاجة شراب الطاقة الذي جلبته ميرتل مقابلا لربط شريط حذاءي لي. نعم, فقد جلبت ميرتل زجاجة الشراب لي ومعها عنب أسود خشن، ناولني الصبي عكازا ترنحت فوقه خارجا عبر الباب، لم يكن هنالك احد لايقافي، واتذكر أن الغثيان كان اسوأ من الألم، شعرت ببرودة الليل بترحاب على وجهي، لكني انتهيت الى نهاية زقاق حيث كانت تجلس عجوز ملتحفة بشال في بركة من مياه الامطار وبيدها زجاجة جعة من نوع بورتر؛ علمت حينئذٍ ألا مكان للذهاب الا العودة من حيث اتيت.

    ––––––––

    لم أكن رعديدا، فقد كنت استطيع الاعتناء بنفسي في مواجهة المتنمرين في المدرسة، كلا، فالمسألة كانت أن منطقة النفوذ هذه مجهولة بالنسبة لي، والفضل لوالدتي في توقيري النساء واحترامهم، ولم يكن فعل ميرتل ضمن مخططاتي، فلم اكن لأرفع يدي عليها، ليس خوفا وانما احتراما لجنسها، وقد عرفت ميرتل ذلك، وببساطة لم أكن اعرف ما هو رد الفعل المناسب.

    كل ما استطعت فعله كان ان انظر اليها بسخط وعجز بينما كانت تتحدث، وكأني لم اقاسي شيئا، وكأن كل امورنا كانت بخير، وتحدثت الى الممرضة والمرضى الاخرين كذلك، واصفة سقوطي من على التلة وارتطامي بصخرة مدببة وكانها الحقيقة؛ ثم صففت وساداتي كأي زوجة قائمة بواجب زوجها.

    انه مساء الثلاثاء، صاحت ميرتل معلنة انها ذاهبة الى منزل آيدا، آيدا هوريغان العازبة، بوركيها الولاديين وصدرها الممسوح؛ تدخن سيجارة الجروت وتمشي مستقيمة منتصبة بجينزها الضيق بدون الخطوات المتموجة التي تميز معظم الإناث. امها لندنية الأصل، تزوجت من عامل بناء من دبلن، وانتقلوا الى هنا هربا من قصف الطائرات، أذكر والدي الذي عاش في انجلترا لفترة وجيزة خلال الحرب وهو يتحدث عنها و قصصها حول القصف، وهنالك ذكر لأخت اخرى في ليفربول، آيدا احدى متسيدات القيل والقال في الجادّة، فلا أكاد افلت من نقدها ولو لمرة حتى مع وجود ميرتل. مساء الثلاثاء هو الوقت المخصص للعبة البنغو التي لم تفوّت ميرتل او آيدا اسبوعا دون الذهاب اليها، او هكذا تدّعيان، فانا لم امحص الامر من قبل وإنما افترض فحسب انه حيث تذهبان كل اسبوع، ترى النساء بسُتَرهن واوشحتهن وحقائبهن مارات عِبر الجادّة أسرابا، كل ثلاثاء في الثامنة الا ثلثا, متجهات الى قاعة القديس انتوني. ويا له من إسم يطلقوه على قاعة للعب البنغو، وكأن القديس سيجمع المال لهم، تُعلَن الأرقام، وينادى على القديس ثم بنغو لقد فزت! ليس وكاني رأيت انتصارات ميرتل، اضف الى ذلك أنها تبقي تلك الامور لنفسها. ولكني علمت انها كانت موفقة في الصيد كلما كانت تدور مستعرضة زيا جديدا. والظريف في الأمر أن ميرتل رزينة بحيث أني لا استطيع تخيل آيدا كرفيقة لها، فليست ميرتل عنيفة هائجة بما فيه الكفاية، بينما تحب آيدا العنف واستفزاز الاخرين وتهييجهم.

    بدأ الليل بالحلول وانا انظر من خلال نافذة المكتب، ظهرت في السماءعدة نجمات مبكرات وقمر نصف مكتمل، نهضت عن مكتبي هامّا بإغلاق الستائر عندما أُشعِل النور في الغرفة العليا للمنزل المقابل؛ لم اكن أعرف القاطنين في ذاك المنزل، فبإستثناء اصحاب القيل والقال أمثال آيدا اكثر ساكني جادتنا يعرفون القليل فقط من ساكني سواها،وفي حالتي، حتى القليل من جادتنا نفسها، أو هكذا افترضت؛ فعدم المعرفة امر مثير، انه يفسح المجال أمام الانسان ليتوقع ويتخيل، ليرى الناس من اساطير بعيدة ثم يضعهم في أحلامه الصغيرة الخاصة. وهي شبيهة بكتمك لصوت التلفاز ثم خلقك لحوار تركبه على ايماءات الممثلين على الشاشة. كنت أفعل هذا كثيرا وخصوصا مع الدرامات الهوليودية التي يكون الحوار فيها فارغا وعاليا دوما؛ حيث كانت ميرتل تطلب مني أن اطفئ التلفاز فأنا اهدره دون فائدة باستخدامي هذا، وإلا فكانت تخبرني أن أرفع صوته. تحب ميرتل المسلسلات الدرامية فهي تشاهد اعادات للمسلسل الدرامي دالاس. أعرف أنك لا تعتبرها حياة واقعية أجابت حين سألتها في احدى المرات عن جدوى مشاهدة المسلسل، تخيل أن يعيش جَي آر في الجادة بيننا، كانت لتكون مدعاة للضحك، اشاهدها لمتابعة ما فيها من سحر فقط، متابعة الازياء والملابس ولكنها لم تكن تتابعها للأزياء والملابس فحسب، فقد سمعتها مرة تُكلِم آيدا بإسهاب وإنبهار عن علاقات جِي آر خارج نطاق الزوجية.

    ما زالت الغرفة المقابلة لنافذتي مضاءة في استقبال شخص ما، إستطعت تمييز سرير وخزانة عاجية اللون، وما بدا وكأنه ظهر مرآة متكئة قرب النافذة. دخلت الغرفة فتاة ُ شقراء طويلة مرتدية سترة جلدية سوداء وبنطلون جينز، تبدو في نهاية العقد الثاني من العمر، نزعت عنها سترتها ثم اتبعتها بتيشرت كانت ترتديه تحت السترة، ثم تجردت من جينزها ووقفت مرتدية ما بدا وكأنه بكيني وردي اللون؛ أطفئت نور مكتبي وبقيت أراقبها من الظلام وأنا احس بوهج يسري عبر وجهي.

    كان لا بد لي من التساؤل؛ هل تعي هذه الفتاة أن ستائرها ليست مسدلة؟ أم هي منتشية بجرعة ما؟ هل هي متحررة؟ أم أنها تحب التلاعب برغبة التلصص لدى الرجال، والناس بصورة أعم؟ فليس من عادة الصبايا في ضاحية من ضواحي دبلن أن يلقين ملابسهن في غرفة مضاءة ذات نوافذ مفتوحة. ببساطة، هنَّ لسن متعودات على هذا؛ تتصف فتيات ضواحي دبلن بالحشمة بين قريناتهن من البلدان الأخرى، أو هكذا تقول القاعدة الموروثة، القاعدة التي من المؤكد أن ميرتل وآيدا تشذان عنها؛ وقد تكون هذه الفتاة من بلد آخر، فالضواحي ما عادت وقفا على عرق معين أو جنسية؛ فهذه آيدا من أصل انجليزي، الطالبان الأسودان، والمهاجرون البوسنة الذين يقطنون في نهاية الجادّة، أصبحت الحال أوسع من أن نعمم فيها الوصف.

    بدأت الفتاة الرقص، مفترضا أنها ترقص على انغام بعض الموسيقى من الطريقة التي تؤرجح بها يديها وتهز وركيها، ثم تنحني وتلتف وتتموج بقدها الممشوق.

    تابعت مشاهدتها عبر شاشتي المظلمة المستطيلة محاولا أن ارسم شخصية ً للراقصة الصامتة، اعطيتها إسما؛ ساندرا، فمنذ حادثة وقعت مع طفلة في الحي وأنا اتخيل الفتيات الشقراوات

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1