‫بكاء الرضيع‬

‫‪Dr. Naser Abd Al Hadee‬‬

‫اختصاصي أطفال‬

‫يطلق الوليد صرخاته الولى باعثا الفرح و السعادة في قلوب الم و‬

‫الطبيب و القابلة والهل على حد سواء ‪ .‬بفتح هذا الصراخ حويصلت‬
‫الطفل الرئوية في الدقائق الولى من العمر ويشكل السبيل الوحيد للتعبير‬
‫عما وهبه ال من إحساسات وطريقا لبلغ حاجاته من حولـه فيلبوها له ‪،‬‬
‫و يـبـقى هـذا الصراخ و البكاء للم وللهـل هماً ومصـدر قـلـق لهـم حتى‬
‫يصبح الطفل قادرا على التعبير بالكلم عــما يلم بـه ‪ ،‬ومن هـنا فمن المهم‬
‫جداً أن يصبح لدى الم القدرة على التمييز بين انواع البكاء ويسهل عليها‬
‫التصرف ويمكنها من اللجوء الى الطبيب في الوقت المناسب ‪.‬‬

‫فـالطفـل كائن حي ل يبكي لنـه جائع أو موجوع فـقـط ‪ ،‬بـل أسباب الـبكاء‬
‫عـديـدة تـلخـص أهـمها فــيما يـلي ‪-:‬‬

‫‪.1‬الجوع ‪.‬‬
‫‪.2‬الحر و البرد و التبول و الغائط و السماط ‪.‬‬
‫‪.3‬التربيط و التقميط وشد الساقين ‪.‬‬
‫‪.4‬الحاجه الى الحمل و المداعبة ‪.‬‬
‫‪.5‬البكاء الناجم عما يسمى بالمغص في الشهر الثلثة الولى من‬
‫العمر ‪.‬‬
‫‪.6‬المراض التى تسبب اللم ‪.‬‬
 ‫والن لنتعرف سوية _ أيـتـها الم الـكريمة _ على انواع الـبـكـاء ‪ ،‬فـإذا‬
‫بـكى طفلك عند موعد الوجبـة فإن بكاءه جوع ‪ ،‬ويسكـت الـطـفـل بمجرد‬
‫الـبـدء بإرضاعـه ‪ .‬ويـنـتهى بكاءه نـهـائـيـا إذا شبع أما إذا عاود البكاء‬
‫بعد نهايــة الوجبــة أو بعـد مـدة قـصـيـرة فـهـنـاك احـتـمال كـبـيـر ان‬
‫الطفل ل يشبع وأن هناك عدم تنظيم لفترات الرضاعة فكثير من المهات‬
‫تجعل من صدرها لهاية للرضيع فتعطيه صدرها كلما بكى ولو كان ذلك كل‬
‫نصف ساعة أو ساعة !! وهذا خطأ ينهك الم و الطفل معا ‪ .‬فعودي طفلك‬
‫على الوجبات المنتظمة ‪.‬‬

‫الطفل الذي يحتج بين وجبة و اخرى خاصة ايام الصيف يمكن ان يكون‬
‫عطشاً فقليل من الماء يكفي لتهدئته ‪ .‬وقد تتعبه شدة الحرارة فيتعرق ول‬
‫يستطيع النوم بهدوء فيبكي ‪.‬‬
‫بعض الطفال يتنكد ويبكي إذا بول أو تغوط فحل مشكلته يكون بتغييير‬
‫الحفاضة ‪.‬‬

‫الـطـفـل الصاحـي يـمـل ويـحـتـاج الى مـلعـبـة أو حـمـل ‪ ،‬واذا لــم‬

‫يـتحقـق له ذلك يعلن عن احتجاحه بالبكاء فبمجرد حمله أو ملعبته‬
‫يشعره بالسعادة و الراحة معبرا عن ذلك بالضحك و اللعب و المكافأة ‪.‬‬

‫خلل ثلثة الشهر الولى من العمر يميل بعض الطفال الى البكاء اليومي‬
‫وفي غالب الحالت فــي نـفـس السـاعـة تـقـريـبـا يـبـكي الـطـفـل خــلل‬
‫سـاعـة أو سـاعـتـيـن بكاء شديداً محركا ساقيه و ساعديه ول يسكنه ل‬
‫الحمل ول الرضاعة ول حتى النقط المضادة للمغص ويـنـتـهى المر‬
‫بهدوء الطفل وعودته الى اللعب وكأن شياً لم يكن ‪ .‬هذا النوع من المغص‬
 ‫أطلق عليــه مفص الشهر الثلث الولى من العمر وهو ل يشكل مرضا‬
‫ول يـحتاج الى علج وكـثـيـراً ما يصاب به الرضـع الشـرهـيـن بالرضاعـة‬
‫‪ .‬أما الـبـكـاء الناجم عن ألم فإن حدته وحتى طبيعته تـخـتـلـف عن كـل ما‬
‫ذكر فالطفل الموجوع ي‬
‫بكي بحرارة وتتغير معه ملمح وجهه فيظهر مع بكا ءه الشديد متعبا‬
‫مرهفا مصفرا ‪ ،‬وليتوقف هذا البكاء لالحمل ول الرضاعة ول المسكنات‬
‫الخفيفة ول أدوية المغص ‪.‬‬

‫ولـلـبـحـث عـن اسـبـاب الـوجـع إبدئي أيتها الم الكريمة بتفتيش ثياب‬
‫طفلك فقد يكون ثمة ما يؤذيه ‪ ،‬فقد يكون وخز دبوس ‪ ،‬ثم انظرى الى‬
‫اسفل بطنه ومحاشمه فإذا وجدت انتفاخا فربما يـكون الـفـتـق لديه فـتـقـا‬
‫مخنوقا أو يكـون عنده إلـتـواء بالخصية وهذا يستدعى عرضه على‬
‫الطبيب حالً ‪.‬‬

‫أما إذا كان طفلك مصابا بالزكام او عنجه التهاب حلق او نزلة صدرية‬
‫فربما يكون مصابا بالتهاب الذن الوسطى مما يتطلب فحصه من قبل‬
‫الطبيب ‪.‬‬

‫كذلك يجب ال ننسى ونحن الن في فصل الصيف ان التهاب المعاء‬

‫الحاد يسبب مغصاً شديدا ‪ ،‬كما ان المساك الشديد يسبب الما كذلك التبرز‬
‫يكون مؤلما ‪.‬‬

‫بـقـي علـيـنـا ان نتعرف لحاله ها مة أخرى أظن أنه من المهم ان‬

‫تعرفها المهات وهي مــا تسمى بالنـغـماد الـمـعـوي وهـو انـقـلب‬
‫الـمـصـران عـلـى نـفـسه ويـؤدي هـذه الى النـسداد المعوي ‪ ،‬وهو يحدث‬
‫للطفل غالبا ما بين سن الشهر الرابع و السة الثانية من العمر فتراه وقد‬
‫ألـمـت بـه أزمـات مـؤلـمـة فـجـأة بـعـد ان كــان فـي صـحـة جـيـدة‬
‫ويـصـيـح صـيـاحـاً شـديــدا ويـهـدأ بـيـن الـفـنـيـة والـفـنـيـة لـدقــائــق‬
 ‫وكـأنـه شــفـي تــمـامـا ثم تعود الزمة التى يرافقها الصـفـرار أو‬
‫الـشـحـوب أحـيـانـا و أحيانا القئ ويرفض الرضاعة ول يخرج لغازات‬
‫رغم شدة بـكـائـه ويـفـضـل الـطـفـل الـمـصـاب الـنـوم عـلـى بـطـنـه‬
‫مقرفصا رجلية ومتكئ ًا على ساعديه وصـدره هـذه الـظـواهـر وحدهـا‬
‫تكفي لرسال الطفل كحالة مستعجلة الى الطبيب ‪ .‬ويجب عدم النـتـظـار‬
‫لن هـذا سيؤدي الى حصول الحالـةً المتقدمة من النسداد وذلك بعد‬
‫ساعات بظهور براز فيه دم احمر ‪.‬‬
‫واخـيـرا أيـتـهـا الم الكريـمـة أن بكاء وصراخ فلذة لكبادنا التي‬
‫ننزعج منها كثيرا هي حقا نعمة أنعمها ال عليهم بها يخاطبونا ونحن‬
‫نجيبهم ‪.‬‬

‫حكمـة ال بـالـغـة أن الـصـراخ و الـبـكـاء الـذي يـبـدأ بـه الـمـولـود‬

‫حـيـاتـه يـرافـقـاه طـفل و شابا و شيخا حتى الموت ‪.‬‬

‫إننا نبكي فرحا ونصرخ غضبا وألما وطالبي نجدة ‪.‬‬

‫سنة ال في خلقه ولن تجد لسنة ال تبديلً ‪.‬‬