.1صفة الرجولة في القرآن الكريم .2حاجة المة إلى الرجال .3أمور ليست من الرجولة
صفة الرجولة في القرآن:
الرجولة صفة يمتن ال بها على من يشاء من عباده ،ونحن اليوم نعاني انعدام صفة الرجولة في كثير من المسلمين .دين ال ..والدعوة إليه ..والصبر على الذى في سبيل ال ..وإعانة الرسل ونصرتهم ..الثبات في مواطن الفتن ..تثبيت الناس على السلم ..كل هذا يحتاج إلى رجولة.
صفة الرجولة في القرآن الكريم:
إن الحمد ل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له .وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .يَا َأ ّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَل َتمُوتُنّ ِإلّا َوَأ ْنتُمْ خلَقَ ِم ْنهَا خلَ َقكُمْ مِنْ نَ ْفسٍ وَاحِ َدةٍ َو َ سِلمُونَ [آل عمران . ]102:يَا َأ ّيهَا النّاسُ اتّقُوا َر ّبكُمُ الّذِي َ مُ ْ عَل ْيكُمْ ن اللّهَ كَانَ َ جهَا َو َبثّ ِم ْن ُهمَا رِجَالً َكثِيرا َونِسَاءً وَاتّقُوا اللّهَ الّذِي تَسَا َءلُونَ بِهِ وَالَْأرْحَامَ إِ ّ َزوْ َ عمَاَلكُمْ َو َيغْ ِفرْ رَقِيبا [النساء . ]1:يَا َأ ّيهَا الّذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا اللّهَ وَقُولُوا َقوْلً سَدِيدا * ُيصْلِحْ َلكُمْ أَ ْ َلكُمْ ُذنُو َبكُمْ َومَنْ يُطِ ِع اللّهَ َورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ َفوْزا عَظِيما [الحزاب . ]71-70:أما بعـد :فإن أصدق الحديث كتاب ال ،وخير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وسلم ،وشر المور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضللة ،وكل ضللة في النار .أيها الخوة :حديثنا عن مشكلة من المشاكل التي تواجه العالم السلمي اليوم .إن من المور التي خُذِل فيها السلم أيما خذلن، هذه القضية -أيها الخوة -وهي انعدام صفة الرجولة في كثير من المسلمين اليوم .والرجولة صفة يمتن بها ال عز وجل بها على من يشاء من عبادة ،كما قال ذلك الرجل المؤمن الذي يعلّم صاحبَه الكافر ،يقول له موبخا ومقرعا ،ومذكرا له بنعم ال عز وجل عليهَ :أكَ َف ْرتَ بِالّذِي سوّاكَ رَجُلً [الكهف . ]37:هذا الرجولة التي يمتن ال عز خلَ َقكَ مِنْ ُترَابٍ ثُمّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمّ َ َ وجل وينعم بها ،لها صفات ولها خصائص ،ل تكتمل إل بها ،ول تقوم إل عليها ،ول تشتد إل بهذه الركان .والرسل الذين بعثوا إلى أقوامهم ما كانوا إل رجالً ،قال ال عز وجلَ :ومَا س ْلنَا مِنْ َق ْبِلكَ ِإلّا رِجَالً نُوحِي ِإَل ْيهِمْ [النحل ]43:فلم يرسل ال عز وجل إلى الناس إل َأرْ َ رجالً .هذه الرجولة -أيها الخوة -التي ضاعت مضامينها اليوم ،وفقدت أركانها عند الكثيرين، فصاروا أشباه الرجال ول رجال .هذه الرجولة نحتاج لنتعرف على صفاتها من القرآن الكريم، وسنذكر في هذه الخطبة -إن شاء ال -شيئا من صفات الرجولة ،حتى يعلم الرجل اليوم هل هو رجل بالمعنى الحقيقي أم هو هيكل خارجي ل يدل على مضمون الرجولة مطلقا؟!
التعلق بالمساجد وحب الطهارة:
يقول ال تعالى واصفا المسجد الذي ينبغي أن يكون حاله الصحيح ،ومَن هو بداخلِه؛ يقول ال علَى التّ ْقوَى مِنْ َأوّلِ َيوْمٍ [التوبة ]108:أسس على التقوى ،أسس على سسَ َ تعالىَ :لمَسْجِدٌ أُ ّ علَى التّ ْقوَى [التوبة ]108:أنشئ على سسَ َ التوحيد ،أسس على العقيدة الصحيحة َ ..لمَسْجِدٌ أُ ّ التقوى لوجه ال عز وجل ..مِنْ َأوّلِ َيوْمٍ أَحَقّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ [التوبة ]108:أحق أن تقوم فيه يا محمد -صلى ال عليه وسلم -من مسجد الضرار الذي بناه المنافقون .ما هي صفاته الخرى؟ ط ّهرِينَ [التوبة: حبّ ا ْلمُ ّ ط ّهرُوا وَاللّهُ يُ ِ حبّونَ أَنْ َيتَ َ ما هي أهم صفة من صفاته؟ فِيهِ رِجَالٌ يُ ِ ]108أين مكان أولئك الرجال؟! أين مكانهم؟! هل هم في الندية أو في الحفلت؟! هل هم في السواق يمرحون ويسرحون؟! هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُ ْفرِغ الرجولة من معانيها؟! ط ّهرُوا حبّونَ أَنْ َيتَ َ كل -أيها الخوة -فِيهِ رِجَالٌ [التوبة ]108:في هذا المسجد رجال .رِجَالٌ ُي ِ [التوبة ]108:يأتون إلى المسجد على طهارة ،وال يحب هؤلء الرجال الذين من صفتهم ط ّهرِينَ [التوبة . ]108:هذه صفة من صفات الرجال. حبّ ا ْلمُ ّ الطهارة وَاللّهُ يُ ِ
ذكر ال تعالى وإقام الصلة وترك ما يلهي عنها:
وانظر معي إلى مشهد مقابل في سورة النور ،مماثل لتلك الية في سورة التوبة ..يقول ال ن اللّهُ أَنْ ُترْفَعَ [النور ]36:شاء عز وجل :فِي ُبيُوتٍ [النور ]36:أي :مساجد .فِي ُبيُوتٍ أَذِ َ سبّحُ لَهُ فِيهَا سمُهُ [النور ]36:اسمه عز وجل وحده ل شريك له .يُ َ ال أن ترفعَ .ويُ ْذ َكرَ فِيهَا ا ْ سبّحُ لَهُ فِيهَا بِا ْلغُ ُدوّ وَالْآصَالِ بِا ْلغُ ُدوّ وَالْآصَالِ [النور ]36:أين الفاعل؟! مَن الذي يسبح؟! يُ َ سبّحُ [النور ]36:غُدوةً وأصيلً ،مَن الذي يسبح؟! مَن في هذه المساجد يسبح ال عز وجل؟! يُ َ لَهُ فِيهَا بِا ْلغُ ُدوّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ ل ُت ْلهِيهِمْ تِجَا َرةٌ وَل َبيْعٌ عَنْ ِذ ْك ِر اللّهِ َوإِقَا ِم الصّلةِ َوإِيتَاءِ ال ّزكَاةِ َيخَافُونَ َيوْما َتتَ َقّلبُ فِيهِ الْ ُقلُوبُ وَالَْأبْصَارُ [النور : ]37-36:مَن في هذا المسجد؟! إنهم رجالٌ ،ثم جاءت بقية الصفات .قال ابن كثير رحمه ال :قوله :رِجَالٌ [النور : ]37:فيه إشعار ِب ِه َم ِمهِم السامية ،ونياتهم وعزائمهم العالية ،التي بها صاروا عمّارا للمساجد التي هي بيوت ال سبّحُ لَهُ فِيهَا بِا ْلغُ ُدوّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ [النور ]37-36:يسبحون ال في المساجد، في أرضه .يُ َ وما هي صفاتهم الخرى؟ قال ال :ل ُت ْلهِيهِمْ تِجَـا َرةٌ وَل َبيْـعٌ عَنْ ِذ ْكرِ اللّهِ َوإِقَامِ الصّلةِ َوإِيتَاءِ ال ّزكَاةِ َيخَافُونَ َيوْما َتتَ َقّلبُ فِيهِ الْ ُقلُوبُ وَالَْأبْصَارُ [النور . ]37:أيها الخوة :هؤلء هم الرجال الذين لم تلههم تجارة ول بيع عن أي شيء؟ عن ذكر ال ،وإقام الصلة .قال بعض السلف رحمه ال :يبيعون ويشترون -هؤلء الرجال -يبيعون ويشترون؛ ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه ،وأقبل إلى الصلة .ومر عمرو بن دينار رحمه ال ومعه سالم بن عبد ال ،قال[ :كنت مع سالم بن عبد ال ونحن نريد المسجد ،فمررنا بسوق المدينة ، خمّروا متاعهم ،فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد] لم يجلسوا وقد قاموا إلى الصلة ،و َ أمامها ليحرسوها ،أو لينظروا فيها ،أو أغلقوا الدكاكين وقعدوا على الرصيف في الطريق ينتظرون متى تنتهي الصلة حتى يكون كل واحد منهم أول من يفتح الدكان ،تركوا أمتعتهم في الشارع ،وغطوها في السوق ،وذهبوا إلى المسجد [ ..فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتل هذا الية :رِجَالٌ ل ُت ْلهِيهِمْ تِجَا َرةٌ وَل َبيْعٌ عَنْ ِذ ْك ِر اللّهِ [النور ،]37:ثم قال :هم هؤلء] هؤلء الذين عنى ال بقوله في هذه الية ،هؤلء الذين قدموا مراد ال على مراد أنفسهم ،وآثروا طاعة ال على المتاع الدنيوي الزائل ،آثروا الستجابة لهذا النداء العلوي الرباني :حي على الصلة ،حي على الفلح ،على نداء الجشع والطمع الذي يثيره الشيطان ،والنفس المارة بالسوء .أيها الخوة :كم من الرجال اليوم يقعدون في محلتهم ودكاكينهم ،أو يدخُلون داخلها في حجر مخفية ،فيقعد أحدهم في مكتبه وراء الطاولة يجيب على هذا الهاتف وهذا الرجل ،ويكلّم ويفاوض ويخفض ويرفع ،ويماكس ويشاكس ،ويترك نداء ال ،يترك المسجد ،ل يجيب داعي سمّى هؤلء رجالً؟! كل .إنهم أشباه الرجال ول رجال. ال إليه ،لماذا أيها الخوة؟! هل يُ َ
الثبات على المنهج الرباني:
ومن صفات الرجال :أنهم يثبتون على المنهج الرباني الذي أنزله ال عز وجل ..أيها الخوة: إنه المنهاج الذي وضعه رب العزة تبارك وتعالى ،ليستقيم عليه الناس ..هذا المنهاج الذي ل يصح أن ينحرف النسان عنه يَمنة ول يَسرة ،لبد أن يرقبه ويجاهد نفسه للسير عليه ..هذا المنهاج المتضمن لقواعد أصولية ،ومسائل تصورية ،ل يمكن أن يتخلى عنها المسلم بأي حال من الحوال ..هذا المنهاج الذي عليه صور ومنارات تضيء للمسلم الطريق ..هذا المنهاج الرباني منهاج أهل السنة والجماعة ،الطائفة المنصورة لبد من الثبات عليه .قال ال عز وجل عَليْهِ [الحزاب: مادحا صنفا من أصناف الرجال :مِنَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّهَ َ ]23عاهدوا ال ثم صدقوا في الوعد ،صدقوا ما عاهدوا ال على هذا المنهج ،استمروا عليه، تشبثوا به ،وساروا غير مضطربين ول متحيرين ،ل تعيقهم العوائق ،ول تقف أمامهم ل صَدَقُوا الصعوبات ول الشهوات ،ول الشبهات التي يثيرها أعداء السلم .مِنَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ ِرجَا ٌ حبَهُ [الحزاب ]23:ومات على هذا المنهج شهيدا عاملً عَليْهِ َف ِم ْنهُمْ مَنْ َقضَى نَ ْ مَا عَاهَدُوا اللّهَ َ ظرُ [الحزاب ]23:ينتظر أن يتوفاه حبَهُ َو ِم ْنهُمْ مَنْ َي ْنتَ ِ لمنهج ال عز وجلَ .ف ِم ْنهُمْ مَنْ َقضَى نَ ْ ال على حسن الختام؛ ليموت على هذا المنهاج غير مغيّر ول مبدل .قال ال عز وجلَ :و ِم ْنهُمْ ظرُ َومَا بَ ّدلُوا َتبْدِيلً [الحزاب ]23:ما بدلوا ول غيروا ول انحرفوا ،بل هم مستقيمون مَنْ َي ْنتَ ِ على هذا المنهاج ،ينتظرون أمر ال تعالى أن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب مستقيمون عليه ،ل يلوُون على شيء إل مرضاة ربهم عز وجل .إنه الثبات على المنهج الذي افتقده كثيرٌ من المسلمين اليوم ،حتى ممن شغلوا بالعمل للسلم ،قامت عندهم انحرافات في التصور والسلوك ،فانحرفوا عن منهج ال .أيها الخوة :ليست القضية أن نمسك الطريق فقط ،ول أن نعرفه فقط ،ول أن نصل إليه فقط ،إن المسألة أن نستمر عليه بغير تبديل ول تحريف َومَا بَ ّدلُوا َتبْدِيلً [الحزاب.]23:
تأييد الرسل ومناصرتهم:
هذه الرجولة التي يصفها ال تعالى في القرآن ،أن مِن أهلها مَن يؤيد الرسل في دعوتهم ويناصرهم ،ويبين للناس أن ما جاءت به الرسل هو الحق ،ويعين الرسل ويساعدهم .قال تعالى :وَجَاءَ مِنْ أَ ْقصَى ا ْلمَدِينَةِ [يس ]20:مَن الذي جاء؟ هل جاء جيش جرار ،أو فئامٌ كثيرة سعَى من الناس؟ وَجَاءَ مِنْ أَ ْقصَى ا ْلمَدِينَةِ رَجُلٌ [يس ]20:جاء من آخر المدينة َ ..رجُلٌ يَ ْ [يس ]20:يشتد ،ولماذا جاء؟! ألن هناك سوقا أو حراجا ل يريد أن يفوته منه شيء؟! ألن سلِينَ هناك أسهما تباع ل يريد أن يفوت منها شيء؟! كل -أيها الخوة -قَالَ يَا َقوْمِ ا ّت ِبعُوا ا ْل ُمرْ َ * ا ّت ِبعُوا مَنْ ل يَسَْأُلكُمْ أَجْرا وَهُمْ ُم ْهتَدُونَ [يس ]21-20:اتبعوهم ،اتبعوهم هؤلء الرسل َومَا جعُونَ [يس . ]22:ثم يبين عرض حقائق العقيدة ،التصورات ط َرنِي َوِإَليْهِ ُترْ َ عبُدُ الّذِي فَ َ ِليَ ل أَ ْ النقية الصافية الخالية من شوائب الشرك ،حتى توفاه ال عز وجل فقال :يَا َل ْيتَ َق ْومِي َي ْعَلمُونَ ج َعَلنِي مِنَ ا ْل ُمكْ َرمِينَ [يس . ]27-26:فمن صفات الرجولة -أيها * ِبمَا غَ َفرَ لِي َربّي وَ َ الخوة -أن نكون نحن الذين نسمي أنفسنا رجالً ،أن نكون أعوانا للرسل ،حربا على أعداء الرسل ،وليس حربا على الرسل ،أن نكون مؤيدين لدعوة الرسل ،ل مثبطين عن دعوة الرسل، أن نكون مستجيبين لدعوة الرسل ،متبعين ل عاصين ول مبتدعين ول معاندين .هذه الصفة -أيها الخوة -كم من الرجال من يمتلكها اليوم؟! كم من الرجال من يؤيد دعوة الرسول صلى ال عليه وسلم؟! إنهم قليل .وفي حال الخوف يتقدم الرجال بالنصح ل عز وجل ،رغم الخوف الذي يكتنفهم ،وأجواء الرهاب التي تحيط بهم ،فيقومون بواجب النصيحة ..رجل واحد يفعل أفعالً ل تفعلها أمة بأسرها ،رجل واحد يعدل غثاءً ،بل إنه يرجح على هذا الغثاء المترامي الطراف ،الذي ل يجمعه تصور واحد ،ول منهج واحد ،ول عقيدة واحدة ،يقوم هؤلء الرجال بواجب النصح ل عز وجل ،ويحذرون أولياء ال من المخاطر التي تحدق بهم.
تقديم النصيحة في حال الخوف:
سعَى [القصص ]20:يشتد من أقصى المدينة ،لم قال ال تعالى :وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَ ْقصَى ا ْلمَدِينَةِ يَ ْ يقعد به طول المسافة ،ول بُعد الطريق ،جاء يسعى ويشتد ،لقد كان هذا الرجل مؤمنا .قَالَ يَا خرُجْ ِإنّي َلكَ مِنَ مُوسَى إِنّ ا ْلمَلَأَ َي ْأ َت ِمرُونَ ِبكَ [القصص ]20:يتشاورون في أمركِ ،ليَ ْق ُتلُوكَ فَا ْ النّاصِحِينَ [القصص ]20:إني أكشف لك مخططاتهم ،وأعرّي لك دسائسهم ونياتهم الخبيثة، خرُجْ ِإنّي َلِكَ مِنَ النّاصِحِينَ [القصص . ]20:قال ابن كثير رحمه فاخرج من هذه المدينة ،فَا ْ الُ :وصِف بالرجولة؛ لنه خالف الطريق ،يعني بالطرق الجادة التي تُسلك في الشارع ،فسلك طريقا أقرب من طريق الذين بُعثوا وراءه ،فسبق إلى موسى وحذره ،قال :إن الناس آتون ن النّاصِحِينَ خرُجْ ِإنّي َلِكَ مِ َ ورائي ليقبضوا عليك ويقتلوك ،أعوان فرعون الطاغية :فَا ْ [القصص . ]20:يأتي هذا الرجل يسعى ،يختصر الطريق ليحذر ولي ال ونبيه موسى عليه السلم ..إن تقديم النصيحة حتى في حالة الخوف من صفات الرجولة.
حاجة المة إلى الرجال:
وعند الزمات تشتد الحاجة لوجود الرجال الحقيقيين ،الذين يثبتون الناس على شرع ال .أيها الخوة :قد تمر بالسلم أزمات ،قد تمر بالمسلمين شدائد وضائقات ،قد يمر بالمسلمين عسر شديد ،تنقطع بهم السبل ،فيتحير الناس ويضطربون ،ويميدون ويحيدون عن شرع ال ،فترى الناس متفرقين شذر مذر ،ل يرى أحدهم الحق ول يتبعه ،حيّرتهم فتن الحياة الدنيا ،فاضطربوا اضطرابا شديدا ،وتبعثروا وتفرقوا ،فمَن الذي يثبّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ في هذه الحالة التي تقع فيها الفتن بالمسلمين نحتاج إلى عناصر مثبته تثبت المسلمين على المنهج الرباني ،مَن الذي يثبت؟ في حالة الزمات تكتشف أنت معادن الرجال ،يفضي كل رجل إلى معدنه الخالص؛ ليستبين أمام الناس هل هو من أهل العقيدة أم ل؟ هل هو رجل عقيدة أم ل؟ في حالة الزمات يتبين الرجال الذين يقفون على منهج ال بأقدام راسخة .أيها الخوة: خ ْل ُتمُوهُ عَل ْيهِمُ ا ْلبَابَ َفإِذَا دَ َ خلُوا َ علَي ِهمَا ادْ ُ يقول ال تعالى :قَالَ رَجُلنِ مِنَ الّذِينَ يَخَافُونَ َأ ْنعَ َم اللّهُ َ علَى اللّهِ َف َت َو ّكلُوا إِنْ ُك ْنتُمْ ُم ْؤ ِمنِينَ [المائدة . ]313:موسى عليه السلم يأتي ببني فَِإ ّنكُمْ غَاِلبُونَ وَ َ إسرائيل لدخول الرض المقدسة ،ويعدهم بنصر ال تعالى ،ويبشرهم ويقول :إن ال معكم، عرِف عن فقاتلوا هؤلء الكفرة الذين احتلوا تلك الرض المقدسة ..بنو إسرائيل الذين ما ُ طبعهم إل الغدر والخيانة ،وإل النكوص عن شرع ال وطريقه ،ماذا قالوا؟ قالوا كلمة قبيحة جدا ،قالوا :فَاذْ َهبْ َأ ْنتَ َو َر ّبكَ فَقَاتِل ِإنّا هَا ُهنَا قَاعِدُونَ [المائدة ]24:أنت وربك يا موسى قاتل، نحن ننتظر النتيجة ،فإن انتصرتم جئنا ودخلنا المدينة ِإنّا هَا ُهنَا قَاعِدُونَ [المائدة ]24:بكل وقاحة ،موسى نبي ال ليس معه أحد ،كل القوم نكصوا .قَالَ َربّ ِإنّي ل َأ ْمِلكُ ِإلّا نَفْسِي َوأَخِي [المائدة ]25:موقف صعب ،موقف شديد ،تخلّى القوم عن نبيهم ،تركوه وحيدا أمام العداء ،إن هذه أزمة! أليس كذلك؟ فمن الذي يقوم الن في هذا الزمة ،ويثبت الناس ويقول لهم :يا أيها الناس اثبتوا على شرع ال ،اثبتوا على الطريق ،ل تنهزموا أمام العداء ،النصر قادم بإذن ال، صرْكُمْ [محمد . ]7:قام هذان الرجلن: صرُوا اللّهَ َي ْن ُ تمسكوا بشرع ال ،وال ينصركم :إِنْ َت ْن ُ علَي ِهمَا [المائدة ]23:بنعمة اليمان والسلم والثبات. قَالَ رَجُلنِ مِنَ الّذِينَ يَخَافُونَ َأ ْنعَمَ اللّهُ َ عَل ْيهِمُ ا ْلبَابَ [المائدة ]23:اقتحموا ..إنهم خلُوا َ علَي ِهمَا ادْ ُ قَالَ رَجُلنِ مِنَ الّذِينَ يَخَافُونَ َأ ْنعَمَ اللّهُ َ علَى اللّهِ َف َت َو ّكلُوا إِنْ ُك ْنتُمْ ُم ْؤ ِمنِينَ [المائدة . ]23:أيها خ ْل ُتمُوهُ فَِإ ّنكُمْ غَاِلبُونَ وَ َ جبناء ،فَإِذَا دَ َ الخوة :هذه النوعية التي نحتاجها حقيقة اليوم في وسط الزمات التي تعصف بالمسلمين، الزمات والفتن التي تجعل الحليم حيرانا ،نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين ،إلى رجال يكونون قدوة للناس ،إلى رجال يثبتون الناس على شرع ال .وفقنا ال وإياكم لن نكون رجالً نقاتل في سبيل ال ،ونجاهد في سبيل ال بأموالنا وأنفسنا ،وأن نكون من الذين اجتباهم ال تعالى فأقامهم على الصراط المستقيم .وأستغفر ال لي ولكم.
أمور ليست من الرجولة:
الحمد ل رب العالمين ،الذي ل إله إل هو ،لم يتخذ صاحبة ول ولدا .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المين ،صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا .أيها الخوة :لقد فقدت الرجولة اليوم كثيرا من معانيها الحقيقية ،فترى الناس اليوم يزعمون أنهم رجال ،يقوم كل واحد منهم فيقول :أنا رجل ،ولكن في الحقيقة :ماذا تنطوي عليه هذه الرجولة؟ ما هو مضمونها؟ أيها الخوة :مِن الناس اليوم مَن يظن أن الرجولة عبارة عن فتل الشوارب ،وتربية هذه الشنبات وإطالتها ،يظن أن هذه هي الرجولة ،وهو مخالف لسنة الرسول صلى ال عليه وسلم ظاهرا وباطنا .مِن الناس -أيها الخوة -مَن يظن الرجولة اليوم هي الخذ بالثارات وقتل البرياء، وتراه يقول :هؤلء ليسوا رجالً ،ما أخذوا بثأرهم ،وهؤلء رجال أخذوا بثأرهم فقتلوا فلنا، ولو كان ليس له ذنب .مِن الناس مَن يظن اليوم أن ارتكاب المحرمات هي الرجولة ،فترى بعض الحداث اليوم لكي يبرهنوا لنفسهم وللناس أنهم رجال ،يقعد أحدهم ويدخن -مثلً- ويزعم أن التدخين رجولة ،ويسافر لوحده إلى الخارج ،ويعبث بالمحرمات ،وينتهك حدود ال عز وجل ،ويزعم أن هذه هي الرجولة .مِن الناس مَن يظن أن الرجولة رفع الصوت أو الصياح في البيت ،وفرض الرأي بقوة العضلت والبطش وغير ذلك؛ يظنون أن هذه هي الرجولة .يظن أحدهم أن الرجولة أن ينفخ على الخدم والموظفين ،ويطرد من يشاء ،ويُبقي من يشاء؛ يظن أن هذه هي الرجولة .كل أيها الخوة! ليست الرجولة ارتكابا للمحرمات ،ولم تكن الرجولة يوما من اليام في تاريخ السلم البطش والعتداء على البرياء ،كل .أيها الخوة :إن الرجولة لها معانٍ سامية ،وحقائق علوية ،تأخذ هذا الصنف من الناس فترفعهم .إن حاجة السلم اليوم إلى الرجال عظيمة ،السلم اليوم تنتهك حرماته في شتى أقطار الرض ،لم تعد تقم للسلم قائمة في وسط هذه الدياجير المظلمة من الشرك والجاهلية ،إل من رحم ال عز وجل من أفراد تلك الطائفة المنصورة ،التي استقامت على شرع ال عز وجل .أيها الخوة: يقال :أنه اجتمع مرة نفر من الصحابة ،فقال لهم عمر بن الخطاب رضي ال عنه[ :تمنوا، فتمنى كل واحد منهم شيئا من أعمال البر ،فلما انتهوا قال عمر :أنتم تمنيتم ،ولكني أتمنى ملء هذه الحجرة رجالً أمثال أبي عبيدة]؛ لن الرجال -أيها الخوة -يصنعون كل شيء بإذن ال، الرجال يصنعون ويسيرون على منهج ال يطبقونه في الواقع ،وإذا وجد عندك الرجال لم تعد تحتاج بعدها إلى شيء .ولكن أي نوع من أنواع الرجال؟ هل هم أصحاب الشوارب والشنبات؟ كل أيها الخوة! الرجال بهذه الصفات التي ذكرناها آنفا - :عبادة - .عمل - .استقامة- . دعوة إلى ال - .صبر على الذى في سبيل ال - .إعانة الرسل ودعوتهم ونصرتُهم - .والقيام في مواطن الفتن - .وتثبيت الناس على السلم .الرجولة ليست سنا ،بقدر ما هي صفات وشمائل وسجايا ذكرها ال ورسوله صلى ال عليه وسلم .ماذا نفعت الرجولة أولئك الناس الذين قال ال عنهم في القرآنَ :وَأنّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الِْأ ْنسِ َيعُوذُونَ ِبرِجَالٍ مِنَ الْجِنّ َفزَادُوهُمْ رَهَقا [الجن ]6:؟! ماذا نفعتهم رجولتهم وقد وقعوا في الشرك؟! ل شيء أيها الخوة .السلم اليوم ينادي أصحابه وأتباعه ،يقول لهم ويهتف بهم كما هتف لوط بقومهَ :أَليْسَ ِم ْنكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [هود ]78:السلم اليوم يهتف بالناس :أليس منكم رجل رشيد؟! رجلٌ رشيدٌ ،رشده يقيم شرع ال عز وجل في نفسه وبيته ومجتمعه ،يدعو إلى ال ،يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،أليس منكم رجل رشيد؟! اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ،اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على دينك .اللهم واجعلنا رجالً من أهل الحق وأعوانه ،اللهم واجعلنا من جندك وأتباع نبيك محمد صلى ال عليه وسلمَ .ر ّبنَا ل ُتزِغْ ُقلُو َبنَا َبعْدَ إِذْ هَ َد ْي َتنَا وَ َهبْ َلنَا مِنْ لَ ُد ْنكَ حمَةً ِإ ّنكَ َأ ْنتَ ا ْلوَهّابُ .اللهم يا سامع الصوت! أجب دعاءنا ،واحفظنا في أنفسنا وأهلينا ،اللهم رَ ْ واحفظ بلدنا من كل سوء .اللهم أقم علم الجهاد ،واقمع أهل الشر والشرك والزيغ والبدعة والفساد والعناد ،وانشر رحمتك على العباد .اللهم إنك تعلم ما نخفي وما نعلن ،ول يخفى عليك خافية في الرض ول في السماء ،اللهم أصلح ظواهرنا وبواطننا ،اللهم واجعل نياتنا خالصة لك يا رب العالمين! اللهم وصلّ على نبيك محمد ،سيد الولين والخرين ،وسلّم تسليما كثيرا. وقوموا إلى صلتكم يرحمكم ال.