You are on page 1of 52

‫ن َزِفيل‬ ‫َ‬

‫الكتاب ‪ :‬السيف الصقيل في الّرد ّ عَلى اب ِ‬


‫سْبكي الخزرجي‬ ‫ي بن عبد الكافي ال ّ‬ ‫المؤلف‪ :‬تقي الدين عل ّ‬
‫النصاري‬

‫قي ُ‬
‫ل‬ ‫ص ِ‬
‫ف ال ّ‬ ‫سي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن َزِفيل‬ ‫َ‬
‫في الّرد ّ عَلى اب ِ‬
‫ف‬‫تصني ُ‬
‫َ‬
‫المام الحافظ الحجة الصولي المجتهد الرباني الولي الصالح العَلم‬
‫سْبكي الخزرجي النصاري‬ ‫ي بن عبد الكافي ال ّ‬ ‫أبي الحسن تقي الدين عل ّ‬
‫رحمه الله تعالى‬
‫)‪ 756 - 683‬هـ(‬
‫وبهامشه‬
‫ملة الّرد ّ على نونية ابن القيم‬ ‫ت َك ْ ِ‬
‫تبديد الظلم المخيم من نونية ابن القيم‬
‫بقلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المام العالم الفقيه المتكلم الن ّظار‬
‫هد بن الحسن الكوثري‬ ‫مد َزا ِ‬ ‫مح ّ‬
‫)‪ 1371 – 1296‬هـ(‬
‫رحمه الله تعالى‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مقدمة المام الكوثري‬
‫رحمه الله تعالى‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الحمد لله القدوس المتعال‪ ،‬المنزه عن النظير والمثال‪ ،‬جلت ذاته وعَلت صفاته‬
‫ل عن إدراك تلك المطالب في‬ ‫م أو خيال‪ ،‬والعقو ُ‬ ‫عن أن يحوم حول اكتناهها وهْ ٌ‬
‫عقال‪.‬‬
‫ً‬
‫والصلة والسلم على سيدنا محمد المبعوث للتتميم مكارم الخلل‪ ،‬منقذا لهذه‬
‫المة من مخالب الوثنية وصنوف الضلل‪ ،‬وهاديا ً إلى مراضي موله ذي الجلل‬
‫ب كرائم الخصال‪.‬‬ ‫والجمال‪ ،‬وعلى آله خير الل‪ ،‬وأصحابه أصحا ِ‬
‫] انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه ) [‬
‫وبعد‪...‬‬
‫ن الله سبحانه بعث خاتم رسله‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫السلمي‬ ‫الدين‬ ‫تاريخ‬ ‫س‬ ‫ر‬
‫ََ َ‬ ‫د‬ ‫من‬ ‫على‬ ‫يخفي‬ ‫فل‬
‫في بيئة عريقة في الوثنية‪ ،‬وقد أحدقت بتلك البيئة أمم يدينون بالشراك‬
‫والتشبيه وأنواع من التخريف والتمويه‪ ،‬فبمبعثه ) انقشعت تلك الظلمات‬
‫الجاهلية‪ ،‬واستنارت بصائر الذين آمنوا به بأنوار التعاليم السلمية‪ ،‬حتى داسوا‬
‫م أعداِء‬ ‫تحت أرجلهم تقاليد الوثنية‪ ،‬ونبذوا تلك الساطير الهمجية‪ ،‬وخمدت عزائ ُ‬
‫صلُتهم الَعداء إلى حين‪.‬‬ ‫موا َ‬‫ت ُ‬‫الدين‪ ،‬وفتر ْ‬
‫حّين العداء الفرص للكيد بالمسلمين [‬ ‫] تَ َ‬
‫لكنهم كانوا يتحينون الفرص لتفريق كلمة المسلمين‪ ،‬وتشويه تعاليم هذا الدين‬
‫في الخلق والعمل والعتقاد‪ ،‬حتى تذرعوا بعد وفاته ) بشتى الوسائل إلى ب َ ْ‬
‫ذر‬
‫بذور الفساد كّلما ظنوا أن الفرصة سانحة‪.‬‬

‫) ‪(1/1‬‬

‫يلبسون في كل عصر ما يرونه أنجع في مخادعة الجمهور‪ ،‬وأغشى على بصائر‬


‫الخاصة والدهماء‪ ،‬وأشد فتكا ً بهم في صميم دينهم‪ ،‬إلى أن تمكنوا من إضلل‬
‫طوائف في الطراف‪ ،‬ورغم هذا بقيت بيضة السلم ‪-‬بحمد الله جل شأنه‪-‬‬
‫كنهم من إبادة‬‫م ّ‬
‫كلءةِ الله سبحانه ورعايته‪ ،‬حيث لم ي ُ َ‬ ‫مصونة الجانب تحت ِ‬
‫خضراء الملة‪ ،‬ول من إحداث أحداث جوهرية في صميم الدين السلمي تشتت‬
‫ضاَء المنار‬
‫شمل الجماعة‪ ،‬بل بقى السلم في جوهره ‪-‬بفضل الله جل جلله‪ -‬وَ ّ‬
‫مْنهاج‪ ،‬ن َي َّر الطريقة باديَ المعالم لمن ألقى إلى تعاليمه السمع وهو‬ ‫واضح ال ِ‬
‫شهيد‪.‬‬
‫وه العظيم الذي كان ظهر‬ ‫وغاية ما تخيل العداء أن يتمكنوا منه أن يوِقفوا نم ّ‬
‫ي معتنقيه السريعَ بعد أن بهر أبصار أولى البصار‬ ‫في الصدر الول‪ ،‬وُيعرقلوا ُرقِ ّ‬
‫في أوائل انتشاره‪ ،‬لكن أبي الله إل أن يتم نوره‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ماء وأبعدهم غورا في الغواء أناسا ظهروا‬ ‫وكان أخطُر هؤلء العداء على الد ّهْ َ‬
‫ة‪ ،‬ولحى مسرحة طويلة‪ ،‬وعمائم كالبراج‪،‬‬ ‫ن دامعةٍ كحيل ٍ‬ ‫بأزياء الصالحين‪ ،‬بعيو ٍ‬
‫سْبحات كبيرة الحبات‪ ،‬ويتظاهرون بمظهر الدعوة‬ ‫ُ‬ ‫يحملون‬ ‫وأكمام كالخراج‪،‬‬
‫إلى سنة سيد السادات‪ ،‬مع انطوائهم على مخازٍ ورثوها عن الديان الباطلة‪،‬‬
‫والنحل الفلة‪.‬‬
‫وكان من مكرهم الماكر أن خلطوا الكذب المباشر بالتزيد في تفسير مأثور أو‬
‫ح أصله عند الجمهور‪ ،‬باعتبارهم ذلك أنجع في إفساد دللة كتاب‬ ‫في حديث ص ّ‬
‫الله وسنة رسوله ) على أفهام أناس قرب عهدهم من الجاهلية ولم تتكامل بعد‬
‫عقولهم ول نضجت أفكارهم‪.‬‬
‫ل رواة ٌ من هذا القبيل طوائف من سذج المسلمين منذ عهد التابعين‪،‬‬ ‫وكم أض ّ‬
‫حيث اندسوا بين الصالحين من رواة العراب ومواليهم لدخال ما اختلقوه من‬
‫الخبار بين مرويات هؤلء الخيار‪ ،‬حتى يتم إفساد دين المسلمين عليهم !!‬

‫) ‪(1/2‬‬

‫ولكن أبي الله إل أن يرد ّ كيدهم في نحرهم حيث أقام جهابذةً يسعون في إبعاد‬
‫ن في عقول الذين‬‫مختلقاتهم عن مرتبة العتداد في جميع الطبقات‪ ،‬على أ ّ‬
‫أسلموا إسلما ً صحيحا ً من النور ما يشق لهم الطريق إلى تعرف دخائل‬
‫ة من طبقات الرواة من‬ ‫المرويات من نفس تلك الّروايات‪ ،‬وإن لم تخل طبق ٌ‬
‫عوا في رواياتهم عقول هؤلء‬ ‫أغرار انخدعوا بها تعصبوا لها‪ ،‬لن الفاتنين كانوا َرا َ‬
‫ومداركهم في جاهليتهم؛ تيسيرا ً لزلل أقدامهم وتدهورهم في هاوية إغوائهم‪.‬‬
‫] انخداع سذج الرواة [‬
‫فالّرواة السذج إذا انخدعوا بمثل هذا التمويه يكون عندهم بعض عذر‪ ،‬ومن الذي‬
‫ل ينخلع قلبه إذا سمع السنة والدعوة إلى السنة من متقشف متظاهر بالورع‬
‫الكاذب على تقدير جهل السامع بما وراء الكمة ؟! فيجب أخذ هؤلء بالرفق‬
‫ل توّرطوا فيه باسم السنة‪.‬‬‫لتدريجهم إلى الحق من باط ٍ‬
‫ن العامي إذا بدر منه ما يوهم ظاهره‬ ‫ن محققي أهل السنة من يشير إلى أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬
‫ه من الجهة ونحوها‬ ‫التشبيه ُيرجى من فضل الله أن يسامحه حيث يعلو التنزي ُ‬
‫عن مداركه‪.‬‬
‫مه‪ ،‬وأّلف في ذات الله وصفاته‪،‬‬ ‫ما من جمع بين الرواية والدراية على زع ِ‬ ‫وأ ّ‬
‫ل هذا‪ ،‬فل يوجد بين علماء أهل السنة من يعذر مثله‪ ،‬بل أطبقت‬ ‫وصدر منه مث ُ‬
‫كلماتهم على إلزامه مقتضى كلمه‪ ،‬وليس لعالم عذٌر في الميل إلى شيء من‬
‫التشبيه والقرمطة؛ لظهور سقوطهما لكل ناظر‪.‬‬
‫قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم‪) :‬ما لقيت طائفة إل‬
‫وكانت لي معهم وقفة عصمني الله منها بالنظر‪ -‬بتوفيقه‪ -‬إل الباطنية والمشبهة‬
‫ت أنه ليس وراءهما معرفة‪ ،‬فقذفت نفسي كلمهما من أول‬ ‫ة تحقق ُ‬‫ف ٌ‬‫فإنهما َزعْن َ َ‬
‫مرة( اهـ‪.‬‬

‫) ‪(1/3‬‬

‫بل ل يتصور أن يميل إلى أحدهما عاقل إل إذا كان له غاية إلحادية‪ ،‬وأّنى‬
‫يستعجم على عال ِم ٍ باللسان العربي المبين ما في كتاب الله وسنة رسوله ) من‬
‫الدللة على تنزيه الله جل شأنه من الجسمية والجسمانيات والمادة والماديات‪،‬‬
‫بخلف العامي الذي هو قريب العهد من الجاهلية‪.‬‬
‫] فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين [‬
‫ن لهم فضل ً جسيما ً في صيانة‬ ‫جزى الله علماء أصول الدين عن السلم خيرًا‪ ،‬فإ ّ‬
‫عقائد المسلمين بأدلة ناهضة مدى القرون أمام كل فرقة زائغة‪ ،‬وإنما يكون‬
‫ْ‬ ‫ن من يكون إماما ً في ِ‬
‫علم ٍ‬ ‫من سواهم؛ ل ّ‬ ‫ن َ‬
‫التعويل في كل علم ٍ على أئمته دو َ‬
‫ل في العقائد إل على أئمة‬ ‫كثيرا ً ما يكون بمنزلة العامي في علم آخر‪ ،‬فإذا ل ي ُعَوّ ُ‬
‫ً‬
‫أصول الدين ل على الرواة البعيدين عن النظر‪ ،‬وكم بينهم من ي ُْرَثى لمداركه‬
‫حيث يقل عقله عن عقول الطفال‪ ،‬وإن بلغ في السن مبلغ الرجال‪ .‬ومن طالع‬
‫ما أّلفه بعض الرواة على طول القرون من كتب في التوحيد والصفات والسّنة‬
‫والردود على أهل النظر‪ ،‬يشكر الله سبحانه على النور الذي أفاضه على عقله‬
‫طامات بأول نظرة‪.‬‬‫حتى نبذ مثل تلك ال ّ‬
‫] محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها [‬
‫وقد استمرت فتن المخدوعين من الرواة على طول القرون مجلبة لسخط الله‬
‫تعالى ولستسخاف العقلء‪ ،‬من غير أن يخطر ببال عاقل أن يناضل عن‬
‫ي تجّرد َ‬
‫سخافات هؤلء‪ ،‬إلى أن نبغ في أواخر القرن السابع بدمشق حّران ٌ‬
‫للدعوة إلى مذهب هؤلء الحشوية السخفاء‪ ،‬متظاهرا ً بالجمع بين العقل والنقل‬
‫ب فهمه من الكتب‪ ،‬بدون أستاذ يرشده في مواطن الزلل‪.‬‬ ‫س ِ‬
‫ح َ‬
‫على َ‬
‫وحاشا العقل الناهض والنقل الصحيح أن يتضافرا في الدفاع عن تخريف‬
‫السخفاء‪ ،‬إل إذا كان العقل عقل صابئ والنقل نقل صبي !!‬

‫) ‪(1/4‬‬
‫س ليسوا من التأهل للجمع بين الروية والدراية في‬ ‫وكم انخدع بخزعبلته أنا ٌ‬
‫شيء‪ ،‬وله مع خلطائه هؤلء موقف في يوم القيامة ل يغبط عليه‪ ،‬ومن درس‬
‫ظ بعقله غيُر مصاب في دينه‪.‬‬ ‫حياته يجدها كّلها فتنا ً ل يثيرها حا ٍ‬
‫جَهة والحركة‬‫ح منقول‪ ،‬أو برهان صحيح معقول يثبت ال ِ‬ ‫ص صري ٌ‬‫وأّني يوجد ن ٌ‬
‫والّثقل والمكان ونحوها لله سبحانه !!؟‬
‫وسيمّر بك سرد ُ بعض مخازيه مع نقضها إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ب‬ ‫ّ‬
‫ة جيدة‪ ،‬قل َ‬‫م سّيال‪ ،‬وحافظ ٌ‬ ‫ل ما في الرجل أّنه كان له لسان طلق‪ ،‬وقل ٌ‬ ‫وك ّ‬
‫ً‬
‫‪-‬بنفسه بدون أستاذ رشيد‪ -‬صفحات كتب كثيرة جدا من كتب النحل التي كانت‬
‫دمشق امتلت بها بواسطة الجوافل من استيلء المغول على بلد الشرق‪ ،‬فاغتر‬
‫بما فهمه من تلك الكتب من الوساوس والهواجس‪ ،‬حتى طمحت نفسه إلى أن‬
‫تكون قدوة ً في المعتقد والحكام العملية‪ ،‬ففاه في القبيلين بما لم يفه به أحد‬
‫من العالمين‪ ،‬مما هو وصمة عار وأمارة مروق في نظر الناظرين‪ ،‬فانفض من‬
‫حوله أناس كانوا تعجلوا في إطرائه بادئ بدء قبل تجريبه‪ ،‬وتخلوا عنه واحدا ً إثر‬
‫واحد على تعاقب فتنه المدونة في كتب التاريخ) (‪.‬‬
‫ن أن علماء‬ ‫ولم يبق معه إل أهل مذهبه في الحشو من جهل َةِ المقلدة‪ ،‬ومن ظ ّ‬
‫ّ‬
‫سدا ً من عند أنفسهم فليت ِّهم عقله وإدراكه‬ ‫ح َ‬‫عصره صاروا كلهم إلبا ً واحدا ً ضده َ‬
‫قبل اتهام الخرين‪ ،‬بعد أن درس مبلغ بشاعة شواذه في العتقاد والعمل وهو‬
‫لم يزل ُيستتاب استتابه إثر استتابة‪ ،‬وينقل من سجن إلى سجن إلى أن أفضى‬
‫إلى ما عمل وهو مسجون‪ ،‬فقبر هو وأهواؤه في البابين بموته وبردود العلماء‬
‫عليه وما هي ببعيدة عن متناول رواد الحقائق‪.‬‬
‫] مسايرة ابن القيم لبن تيمية في فتنته [‬

‫) ‪(1/5‬‬

‫وكان ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيم يسايره في شواذه كلها حيا ً وميتًا‪،‬‬
‫ويقلده فيها تقليدا ً أعمى في الحق والباطل‪ ،‬وإن كان يتظاهر بمظهر الستدلل‬
‫لكن لم يكن استدلله المصطنع سوى ترديد منه لتشغيب قدوته دائبا ً على إذاعة‬
‫شواذ شيخه‪ ،‬متوخيا ً في غالب مؤلفاته تلطيف لهجة أستاذه في تلك الشواذ‪،‬‬
‫لتنطلي وتنفق على الضعفاء‪ ،‬وعمله كله التلبيس والمخادعة والنضال عن تلك‬
‫الهواء المخزية حتى أفنى عمره بالدندنة حول مفردات الشيخ الحراني‪.‬‬
‫تراه يثرثر في كل واد‪ ،‬ويخطب بكل ناد بكلم ل محصل له عند أهل التحصيل‪،‬‬
‫ولم يكن له حظ من المعقول‪ ،‬وإن كان كثير السرد لراء أهل النظر‪ ،‬ويظهر‬
‫مبلغ تهافته واضطرابه لمن طالع )شفاء العليل( له بتبصر‪ ،‬ونونّيته وعزَوه من‬
‫الدلئل‪.‬‬
‫على أنه لم يكن ممن له علم بالرجال ول ينقد الحديث حيث أثنى فيهما على‬
‫أناس هلكى‪ ،‬واستدل فيهما بأخبار غير صحيحة على صفات الله سبحانه‪ ،‬وقد‬
‫ذكره في المعجم المختص بما فيه عبرة‪ ،‬ولم يترجم له الحسيني ول ابن فهد ول‬
‫السيوطي في عداد الحفاظ في ذيولهم على طبقات الحفاظ‪.‬‬
‫وما يقع من القارئ بموقع العجاب من أبحاثه الحديثية في زاد المعاد وغيره‬
‫فمختزل مأخوذ مما عنده من كتب قيمة لهل العلم بالحديث‪) ،‬كالمورد الهني‬
‫شرح سير عبد الغني للقطب الحلبي( ونحوه ‪.‬‬
‫ولول محلي ابن حزم وإحكامه ومصنف ابن أبي شيبة وتمهيد ابن عبد البر لما‬
‫تمكن من مغالطاته وتهويلته في أعلم الموقعين‪.‬‬
‫وكم استتيب وعزر مع شيخه وبعده على مخاز في العتقاد والعمل تستبين منها‬
‫ما ينطوي عليه من المضي على صنوف الزيغ تقليدا ً لشيخه الزائغ وسيلقي‬
‫جزاء عمله هذا في الخرة‪ -‬إن لم يكن ختم له بالتوبة والنابة كما لقى بعض‬
‫ذلك في الدنيا‪.‬‬
‫نماذج من أقوال أصحاب‬
‫ابن القيم وأضاده والمتحايدين‬

‫) ‪(1/6‬‬

‫عني بالحديث بمتونه‬ ‫قال الذهبي في المعجم المختص عن ابن القيم هذا‪ُ :‬‬
‫وبعض رجاله‪ ،‬وكان يشتغل في الفقه ويجيد تقريره‪ ،‬وفي النحو ويدريه‪ ،‬وفي‬
‫الصلين‪ ،‬وقد حبس مدة لنكاره على شد الرحيل لزيارة قبر الخليل )إبراهيم‬
‫عليه السلم( ثم تصدر للشتغال ونشر العلم لكنه معجب برأيه جرئ على المور‬
‫اهـ‪.‬‬
‫ب ابن تيمية حتى كان ل يخرج عن‬ ‫قال ابن حجر في الدرر الكامنة‪ :‬غلب عليه ح ّ‬
‫شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك‪ ،‬وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه ‪..‬‬
‫واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروبا ً بالد ّّرة‪،‬‬
‫فلما مات أفرج عنه‪ ،‬وامتحن مرة أخرى بسبب فتاوى ابن تيمية وكان ينال من‬
‫علماء عصره وينالون منه اهـ‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬كان يقصد للفتاء بمسألة الطلق حتى جرت له بسببها أمور‬
‫صل منها ما ل‬ ‫يطول بسطها مع ابن السبكي وغيره‪ ..‬وكان جماعا ً للكتب فح ّ‬
‫يحصر حتى كان أولده يبيعون منها بعد موته دهرا ً طويل ً سوى ما اصطفوه منها‬
‫لنفسهم‪ ..‬وهو طويل النفس في مصنفاته يتعاني اليضاح جهده‪ ،‬فيسهب) (‬
‫جدًا‪ ،‬ومعظمها من كلم شيخه يتصرف في ذلك‪ ،‬وله في ذلك ملكة قوية‪ ،‬ول‬
‫يزال يدندن حول مفرداته وينصرها ويحتج لها‪ ..‬وجرت له محن مع القضاة منها‬
‫في ربيع الول طلبه السبكي بسبب فتواه بجواز المسابقة بغير محلل فأنكر‬
‫عليه وآل المر إلى أنه رجع عما كان يفتي به من ذلك‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫) ‪(1/7‬‬

‫وقال التقى الحصني‪ :‬كان ابن تيمية ممن يعتقد ويفتى بأن شد الرحال إلى قبور‬
‫النبياء حرام ل تقصر فيه الصلة‪ ،‬ويصرح بقبر الخليل وقبر النبي صلى الله‬
‫عليهما وسلم‪ ،‬وكان على هذا العتقاد تلميذه ابن قيم الجوزية الزرعي‬
‫وإسماعيل بن كثير الشركويني‪ ،‬فاتفق أن ابن قيم الجوزية سافر إلى القدس‬
‫الشريف ورقى على منبر في الحرم ووعظ وقال في أثناء وعظه بعد أن ذكر‬
‫المسألة‪ :‬وها أنا راجع ول أزور الخليل‪ .‬ثم جاء إلى نابلس وعمل له مجلس‬
‫وعظ وذكر المسألة بعينها حتى قال‪ :‬فل يزور قبر النبي ) فقام إليه الناس‬
‫وأرادوا قتله فحماه منهم وإلى نابلس‪ ،‬وكتب أهل القدس وأهل نابلس إلى‬
‫دمشق يعرفون صورة ما وقع منه فطلبه القاضي المالكي فتردد وصعد إلى‬
‫الصالحية إلى القاضي شمس الدين بن مسلم الحنبلي وأسلم على يديه فقبل‬
‫توبته وحكم بإسلمه وحقن دمه ولم يعزره لجل ابن تيمية‪ ..‬ثم أحضر ابن قيم‬
‫الجوزية وادعى عليه بما قاله في القدس الشريف وفي نابلس فأنكر‪ ،‬فقامت‬
‫عليه البينة بما قاله فأدب وحمل على جمل ثم أعيد في السجن ثم أحضر إلى‬
‫مجلس شمس الدين المالكي وأرادوا ضرب عنقه فما كان جوابه أل أن قال إن‬
‫القاضي الحنبلي حكم بحقن دمي وبإسلمي وقبول توبتي‪ ،‬فأعيد إلى الحبس‬
‫إلى أن أحضر الحنبلي فأخبر بما قاله فأحضر وعزر وضرب بالدرة وأركب حمارا ً‬
‫وطيف به في البلد والصالحية وردوه إلى الحبس – وجرسوا ابن القيم وابن كثير‬
‫وطيف بهما في البد وعلى باب الجوزية لفتواهم في مسألة الطلق اهـ‪.‬‬
‫قال ابن رجب‪ :‬قد امتحن وأوذي مرات وحبس مع الشيخ تقي الدين في المدة‬
‫الخيرة بالقلعة منفردا ً ولم يفرج عنه إل بعد موت الشيخ اهـ‪.‬‬
‫وقد سقت هنا نماذج من كلمات أصحابه وأضداده والمتحايدين في حقه في هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬وأرجو أن الحق ل يتعدى ما دللت عليه في حقه فيما كتبناه‪.‬‬
‫أحق الناس بالرثاء‬

‫) ‪(1/8‬‬
‫وأحق الناس بالرثاء وأجدرهم بالترحم من أفنى عمره في سبيل العلم منصاعا ً‬
‫لمبتدع يرديه من غير أن يتخير أستاذا ً رشيدا ً يهديه‪ ،‬ومثله إذا دون أسفارا ً ل‬
‫يزداد بها إل بعدا ً عن الله وأوزارًا‪ ،‬وهو الذي يصبح متفانيا ً في شيخه الزائغ بحيث‬
‫ل يسمع إل بسمعه ول يبصر إل ببصره في جميع شئونه‪ ،‬ويبقى في أحط دركات‬
‫الجهل من التقليد العمى‪ ،‬ولو فكر قليل ً لكان أدرك أن من السخف بمكان‬
‫كفتي الميزان ليوازن به جميع العلماء والفقهاء من هذه‬ ‫وضعه لشيخه في إحدى ِ‬
‫المة في كفته الخرى فيزنهم ويغالبهم به فيغلبهم في علومهم!‬
‫وهذا ما ل يصدر من حاظ بعقله‪ ،‬ول سيما بعد التفكير في تلك المخازي من‬
‫شواذه‪.‬‬
‫نعم يمكن أن يكون عنده أو عند شيخه بعض تفوق في بعض العلوم على بعض‬
‫مشايخ حارته أو أهل خطته أو قريته أو مضرب خيام عشيرته‪ ،‬لكن ل يوجب هذا‬
‫أن يصدق في ظنه في حق نفسه أو جو هذه يضيق عن واسع فهومه‪ ،‬وعرض‬
‫هذه البحار ل يتسع لزاخر علومه‪.‬‬
‫أخطر ما يطغى من صنوف الستغناء‬

‫) ‪(1/9‬‬

‫ومن الفات المردية التي تعتري النسان وتقذف به إلى هاوية الخسران طغيانه‬
‫حينما يرى نفسه على شيء من الستغناء بمال أو جاه أو علم‪ ،‬لكن المال‬
‫عرض زائل والجاه الدنيوي قلما يدوم على حال‪ ،‬وعلم النسان مهما اتسع فما‬
‫ل‪ ،‬وتلك الخلل لو روعيت حدودها لكانت أكبر عون للمرء‬ ‫أوتى من العلم إل قلي ً‬
‫على إحراز مرضاة الله سبحانه‪ ،‬وأما إذا اتخذها أداة طغيان فإذ ذاك تنقلب تلك‬
‫النعم مجلبة لسخط الله عز وجل ومقت الخلق‪ ،‬فيصبح ذلك الطاغي من‬
‫الخسرين أعمال في الدارين‪ ،‬وليعلم أن ضرر العلم‪ -‬إذا زاغ صاحبه‪ -‬دونه كل‬
‫ضرر‪ ،‬فإن الطاغي بالمال يزول ضرره بزوال ماله‪ ،‬كصاحب الجاه الذي ل يدوم‬
‫جاهه‪ ،‬وأما صاحب العلم الذي لعب به الشيطان وخلد كتبا فيما طغى به فهمه‬
‫وطاش قلمه‪ ،‬فيدوم ضرره ويتضاعف وزره ما دامت آثاره دارجة يضل بها‬
‫أناس‪ ،‬فإذا هي أخطر تلك الفات‪ ،‬ول يخفف عن مؤلفها العذاب إل بإعراض‬
‫الناس عن كتبه المغوية بتنبيه أهل العلم المهتدين على ما حوته من صنوف‬
‫الزيغ والضلل‪ ،‬فكيون في الكشف عن مواطن الغواية من أمثال تلك الكتب‬
‫تخفيف لعذاب مؤلفيها‪ ،‬وصون للمة عن الوقوع في مهاويها‪ ،‬وقد عنى‬
‫الموفقون من علماء هذه المة بنقض أمثال تلك الكتب لتلك الغاية النبيلة قديما ً‬
‫وحديثا ً ومن هلك بعد ذلك فل يلومن إل نفسه‪.‬‬
‫ردود السبكي على ابن تيمية‬
‫والكلم في رده على نونية ابن القيم‬
‫ل مشكوٌر وعمل مبرور في الرد على ابن زفيل‬ ‫وللحافظ التقي السبكي فض ٌ‬
‫وشيخه في شواذهما المردية‪ ،‬ومن جملة مؤلفاته في هذا الصدد )رده على‬
‫نونية ابن القيم(‪.‬‬
‫وقد نقل السيد محمد المرتضى الزبيدي في شرح الحياء عند الكلم على‬
‫إمامي أهل السنة عن هذا الرد المسمى )السيف الصقيل في الرد على ابن‬
‫وفيل( جملة نافعة من مقدمته‪.‬‬

‫) ‪(1/10‬‬

‫ت النظر إلى كلمات الناظم الخطرة‬ ‫والتقي السبكي أوجز في رده مكتفيا ً بلف ِ‬
‫في الغالب بدون أن يناقشه فيها كثيرًا‪ ،‬باعتبار أن الطلع عليها يكفي بمجرده‬
‫في نبذها وتضليل قائلها‪ ،‬ولو كان السبكي يرى ابن القيم يستأهل المناقشة‬
‫لوسع في الرد عليه‪ ،‬لنه كان أنظر أهل عصره‪ -‬كما قال السنوي وغيره من‬
‫المحققين‪ -‬لكنه كان يعده في غاية من الغباوة فاكتفى في غالب البحاث بلفت‬
‫نظر عامة العلماء إلى أهوائه البشعة‪.‬‬
‫ً‬
‫والتقي السبكي من ألطف أهل العلم لهجة وأنزههم لسانا مع من يرد عليهم‪،‬‬
‫لكن حيث إن الناظم أسرف في ضلله وإضلله اضطر التقي في رده عليه إلى‬
‫بعض إغلظ في يحقه صونا لمن عسى أن ينخدع بتلبيساته‪ ،‬وقرعا ً للعبد بالعصا‪،‬‬
‫وهو معذور في ذلك بل إغلظه ليس بشيء في جنب ما تقول به ابن القيم في‬
‫حق جمهور أهل الحق‪.‬‬
‫ودونك نونيته التي رد عليها السبكي وهي أصدق شاهد لما قلنا‪.‬‬
‫ونونية ابن القيم هذه من أبشع كتبه وأبعدها غورا ً في الضلل وأشنعها إغراء‬
‫للحشوية ضد أهل السنة‪ ،‬وأوقحها في الكذب على العلماء كما ترى إيضاح ذلك‬
‫في مقدمة )السيف الصقيل( فل نزاحم السبكي في شرح بشاعة طريقته فيها‬
‫إل أنا نشير هنا إلى أن ابن القيم كلما تراه يزداد تهويل وصراخا ً باسم السنة في‬
‫كتابه هذا يجب أن تعلم أنه في تلك الحالة متلبس بجريمة خداع خبيث وأنه في‬
‫تلك الحالة نفسها في صدد تلبيس ودس شنيعين‪ ،‬وإنما تلك التهويلت منه‬
‫لتخدير العقول عن النتباه لما يريد أن يدسه في غضون كلمه من بدعه المخزية‬
‫كما يظهر من مطالعة النونية بتبصر ويقظة‪.‬‬
‫) ‪(1/11‬‬

‫وإنما اختار طريق النظم في ذلك ليسهل عليه أن يهيم في كل واد‪ ،‬ولول أنها‬
‫طبعت مرارا ً وتكرارا ً ممن ل بغية له من طبعها غير عدد من القرش يمل به‬
‫الكرش‪ ,‬قام بذلك الدين أم قعد‪ ،‬بدون أن يقوم أحد من العلماء المعاصرين‬
‫بالرد عليها‪ ،‬لكان إهمال الرد عليها أنسب‪ ،‬لكن لم يبق بعد تكرر طبعها مع‬
‫تقاعس أهل العلم عن ردها مساغ للهمال‪ ،‬فوجب تقويض دعائمها بنشر كتاب‬
‫السبكي مع تعليق كلمات عليه في مواضع رأيناها في حاجة إلى التعليق‪ ،‬وقد‬
‫سميت ما علقته )تكملة الرد على نونية ابن القيم(‪.‬‬
‫والله سبحانه ولي النفع وعليه توكلت وإليه أنيب…‬
‫محمد زاهد بن الحسن الكوثري‬
‫عفي عنهما‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مقدمة الكتاب للمؤلف‬
‫قال المام الحجة أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي )‪:‬‬
‫يا عالما ً بكل شيء‪ ،‬قادرا ً على كل شيء‪ ،‬أرحم عبدا ً جاهل ً بكل شيء‪ ،‬عاجزا ً‬
‫خِلق ضعيفا ً تنتوشه الفات من جميع الجهات ويستغرقه احتياجه‬ ‫عن كل شيء‪ُ ،‬‬
‫على ممر النفاس واللحظات‪ ،‬مدته في الدنيا قصيرة لو صرفها كلها في طاعة‬
‫ربه‪ ،‬وعلم نافع به سلمة قلبه كان موفقا ً يقتصر على خويصة نفسه وهذا يحتاج‬
‫إلى مدد إلهي في دنياه في صحة جسمه وكفايته وكفاية من يتعلق به في‬
‫القوت وما يتعلق به ودفع الذى عنه‪ ،‬وفي دينه بسلمة قلبه من العقائد‬
‫الفاسدة‪ ،‬وإقباله على الله تعالى وسلمة جوارحه من المعاصي وقيامها بما‬
‫افترض الله عليها‪ ،‬وسلمته في قلبه وجسمه من شياطين النس والجن ونفسه‬
‫وهواه وفي علمه فل يشتغل من العلوم إل بما ينفع وهو القرآن والسنة والفقه‬
‫وأصول الفقه والنحو ويأخذها عن شيخ سالم العقيدة ويتجنب علم الكلم‬
‫والحكمة اليونانية‪ ،‬والجتماع بمن هو فاسد العقيدة أو النظر في كلمه‪.‬‬
‫وليس على العقائد أضر من شيئين‪ :‬علم الكلم والحكمة اليونانية‪ ،‬وهما في‬
‫الحقيقة علم واحد‪ ،‬وهو العلم اللهي‪ ،‬لكن اليونان طلبوه بمجرد عقولهم‪،‬‬
‫والمتكلمون طلبوه بالعقل والنقل معًا‪.‬‬

‫) ‪(1/12‬‬

‫وافترقوا ثلث فرق إحداها غلب عليها جانب العقل وهم المعتزلة) ( والثانية‬
‫غلب عليها جانب النقل وهم الحشوية) ( والثالثة ما غلب عليها أحدهما بل بقى‬
‫المران مرعيين عندها على حد سواء وهم الشعرية وجميع الفرق الثلث في‬
‫كلمها مخاطرة إما خطأ في بعضه وإما سقوط هيبة‪ ،‬والسالم من ذلك كله ما‬
‫كان عليه الصحابة والتابعون وعموم الناس الباقون على الفطرة السليمة‪ .‬ولهذا‬
‫كان الشافعي ) ينهي عن الشتغال بعلم الكلم ويأمر بالشتغال بالفقه فهو‬
‫طريق السلمة‪ ،‬ولو بقى الناس على ما كانوا عليه في زمن الصحابة كان الولى‬
‫للعلماء تجنب النظر في علم الكلم جملة‪ ،‬لكن حدثت بدع أوجبت للعلماء النظر‬
‫فيه لمقاومة المبتدعين ودفع شبههم حذرا ً من أن تزيغ بها قلوب المهتدين‪.‬‬
‫]الشعرية أعدل الفرق[‬
‫والفرقة الشعرية هم المتوسطون في ذلك وهم الغالبون من الشافعية‬
‫والمالكية والحنفية وفضلء الحنابلة وسائر الناس‪.‬‬
‫وأما المعتزلة فكانت لهم دولة في أوائل المائة الثالثة ساعدهم بعض الخلفاء ثم‬
‫انخذلوا وكفى الله شرهم‪.‬‬
‫وهاتان الطائفتان الشعرية والمعتزلة هما المتقاومتان وهما فحولة المتكلمين‬
‫من أهل السلم‪ ،‬والشعرية أعدلهما لنها بنت أصولها على الكتاب والسنة‬
‫والعقل الصحيح‪.‬‬
‫وأما الحكمة اليونانية فالناس مكفيون شرها‪ ،‬لن أهل السلم كلهم يعرفون‬
‫فسادها ومجانبتها للسلم‪.‬‬

‫) ‪(1/13‬‬

‫جّهال) ( ينتسبون إلى أحمد وأحمد مبرأ منهم‪.‬‬‫وأما الحشوية فهي طائفة رذيلة ُ‬
‫وسبب نسبتهم إليه أنه قام في دفع المعتزلة وثبت في المحنة ) ‪ ،‬نقلت عنه‬
‫كليمات ما فهمها هؤلء الجهال فاعتقدوا هذا العتقاد السيئ وصار المتأخر منهم‬
‫يتبع المتقدم‪ ،‬إل من عصمه الله وما زالوا من حين نبغوا مستذلين ليس لهم‬
‫رأس ول من يناظر وإنما كانت لهم في كل وقت ثورات ويتعلقون ببعض أتباع‬
‫الدول ويكفي الله شرهم‪ ،‬وما تعلقوا بأحد إل كانت عاقبته إلى سوء ‪ ,‬وأفسدوا‬
‫اعتقاد جماعة شذوذ من الشافعية) ( وغيرهم ول سيما بعض المحدثين الذين‬
‫نقصت عقولهم أو غلب عليها من أضلهم فاعتقدوا أنهم يقولون بالحديث‪ .‬ولقد‬
‫كان أفضل المحدثين في زمانه بدمشق ابن عساكر) ( يمتنع من تحديثهم ول‬
‫يمكنهم أن يحضروا مجلسه وكان ذلك أيام نور الدين الشهيد وكانوا مستذلين‬
‫غاية الذلة‪.‬‬

‫) ‪(1/14‬‬

‫ثم جاء في أواخر المائة السابعة رجل له فضل ذكاء وإطلع ولم يجد شيخا يهديه‬
‫وهو على مذهبهم وهو جسور متجرد لتقرير مذهبه ويجد أمورا ً بعيدة فبجسارته‬
‫يلتزمها فقال بقيام الحوادث بذات الرب سبحانه وتعالى) ( وأن الله سبحانه ما‬
‫زال فاعل وأن التسلسل ليس بمحال فيما مضى ما هو فيما سيأتي‪ ,‬وشق‬
‫وش عقائد المسلمين وأغرى بينهم ‪,‬ولم يقتصر ضرره على العقائد‬ ‫العصا‪ ،‬وش ّ‬
‫في علم الكلم حتى تعدى وقال إن السفر لزيارة النبي ) معصية) ( وقال إن‬
‫الطلق الثلث ل يقع وإن من حلف بطلق امرأته وحنث ل يقع عليه طلق‪.‬‬
‫منع من الكتابة‬‫واتفق العلماء على حبسه الحبس الطويل فحبسه السلطان) ( و ُ‬
‫في الحبس وأن يدخل إليه أحد بدواة ومات في الحبس‪ .‬ثم حدث من أصحابه‬
‫شيع عقائده ويعلم مسائله ويلقي ذلك إلى الناس سرا ً ويكتمه) ( جهرا ً فعم‬‫من ي ُ ِ‬
‫الضرر بذلك‪ ,‬حتى وقفت في هذا الزمان على قصيدة نحو ستة آلف بيت يذكر‬
‫ناظمها فيها عقائده وعقائد غيره ويزعم بجهله أن عقائده عقائد أهل الحديث) (‬
‫فوجدت هذه القصيدة تصنيفا ً في علم الكلم الذي نهى العلماء عن النظر فيه لو‬
‫كان حقًا‪ ،‬فكيف وهي تقرير للعقائد الباطلة وبوح بها وزيادة على ذلك وهي حمل‬
‫العوام على تكفير كل من سواه وسوى طائفته فهذه ثلثة أمور هي مجامع ما‬
‫تضمنته هذه القصيدة‪.‬‬
‫فالول من الثلثة حرام لن النهي عن علم الكلم إن كان نهي تنزيه فيما تدعو‬
‫الحاجة إلى الرد على المبتدعة فيه فهو نهي تحريم فيما ل تدعو الحاجة إليه‬
‫فكيف فيما هو باطل‪.‬‬
‫والثاني من الثلثة‪ :‬العلماء مختلفون في التكفير به إذا لم ينته إلى هذا الحد‪ ,‬أما‬
‫مع هذه المبالغة ففي بقاء الخلف فيه نظر‪.‬‬

‫) ‪(1/15‬‬

‫وأما الثالث فنحن نعلم بالقطع أن هؤلء الطوائف الثلثة الشافعية والمالكية‬
‫والحنفية وموافقيهم من الحنابلة مسلمون ليسوا بكافرين‪ ،‬فالقول بأن جميعهم‬
‫كفار وحمل الناس على ذلك كيف ل يكون كفرا ً وقد قال )‪) :‬إذا قال المسلم‬
‫لخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما( فالضرورة أوجبت العلم بأن بعض من كفرهم‬
‫مسلم والحديث اقتضى أن يبوء بها أحدهما فيكون القائل هو الذي باء بها‪.‬‬
‫مجامع الزيغ في نونية ابن القيم‬
‫وها أنا أذكر مجامع ما تضمنته القصيدة ملخصا من غير نظم‪ .‬وناظمها) ( أقل‬
‫من أن أذكر كلمه لكني تأسيت في ذلك بإمام الحرمين في كتابه المسمى‬
‫بنقض كتاب السجزي‪ ،‬والسجزي هذا كان محدثا له كتاب مترجم بمختصر البيان‬
‫وجده إمام الحرمين حين جاور بمكة شرفها الله‪ ،‬اشتمل كتاب السجزي هذا‬
‫على أمور منها أن القرآن حروف وأصوات‪ .‬قال إمام الحرمين‪ :‬وأبدي من‬
‫غمرات جهله فصول وسوى على قصبة سخافة عقله نصول‪ ،‬ومخايل الحمق في‬
‫تضاعيفها مصقولة وبعثات الحقائق دونها معقولة‪ .‬وقال إمام الحرمين أيضًا‪:‬‬
‫وهذا الجاهل الغر المتمادي في الجهل المصر‪ ،‬يتطلع إلى الرتب الرفيعة بالدأب‬
‫في المطاعن في الئمة والوقيعة‪ .‬وقال إمام الحرمين أيضًا‪ :‬صدر هذا الحمق‬
‫ف له ولخرقه ‪,‬فقد والله سئمت البحث عن عواره‬ ‫الباب بالمعهود من شتمه فأ ّ‬
‫ً‬
‫شَناره‪ ،‬وقال المام أيضا‪ :‬وقد كسا هذا التيس الئمة صفاته‪ .‬وقال المام‬ ‫وإبداء َ‬
‫أيضًا‪ :‬أبدي هذا الحمق كلما ينقض آخره أوله في الصفات وما ينبغي لمثله أن‬
‫ً‬
‫يتكلم في صفات الله تعالى على جهله وسخافة عقله‪ .‬وقال المام أيضًا‪ :‬قد ذكر‬
‫هذا اللعين الطريد المهين الشريد فصول‪ ,‬وزعم أن الشعرية يكفرون بها‪,‬فعليه‬
‫لعائن الله تترى واحدة بعد أخرى‪ ،‬وما رأيت جاهل أجسر على التكفير وأسرع‬
‫إلى التحكم على الئمة من هذا الخرق‪ ،‬وتكلم السجزي في النزول والنتقال‬
‫والزوال والنفصال والذهاب والمجئ فقال المام‪ :‬ومن قال بذلك حل دمه ‪,‬‬
‫وتبّرم المام كثيرا ً من‬

‫) ‪(1/16‬‬

‫كلمه معه) (‪.‬‬


‫وها أنا أيضا ً أقتدي بالمام في كلمي مع هذا الجاهل متبرما لكن خشية على‬
‫ً‬
‫عقائد العوام تكلمت‪.‬‬
‫والسجزي الذي رد عليه المام أعرف ترجمته محدث) ( ل يصل ناظم هذه‬
‫القصيدة إلى عشره في الحديث‪ ,‬ولكن النسان يضطر إلى الكلم مع الجهال‬
‫والمبتدعين صيانة لعقائد المسلمين وليت كلمي كان مع عالم أو مع زاهد أو‬
‫متحفظ في دينه صّين في عرضه قاصد للحق‪,‬ولكنها بلوى‪ ,‬نسأل الله حسن‬
‫ن لي هنا أن‬‫عاقبتها‪.‬وبعد أن كنت قصدت القتصار على اختصار مجامعها ع ّ‬
‫استوعب كلماتها لطفئ جمراتها‪.‬‬
‫فصل‬
‫مناظرة خيالية بين المشبه والمنزه … الخ‬
‫قال‪) :‬جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو ومعطل( إلى أن قال‪:‬‬
‫)من كلم المثبت أن كهيعص وحمعسق وق ون كلم الله حقيقة وأن الله تكلم‬
‫بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة(‪.‬‬
‫مراده بذلك أن كلم الله حرف وصوت وهذا الجاهل ل يفرق بين كلم الله‬
‫واللفظ الدال عليه) (‪.‬‬

‫) ‪(1/17‬‬

‫ثم قال‪) :‬ومن قال ليس لله في الرض كلم فقد جحد رسالة محمد )( هذا‬
‫الكلم يحتمل وجهين) ( ل نطول بهما‪ ،‬ثم قال‪) :‬إن الله فوق سمواته( يقول له‪:‬‬
‫أين قال الله أو رسوله إنه فوق سمواته؟ وأنت قلت في صدر كلمك )نقول ما‬
‫قاله ربنا( وأين قال ربنا‪ :‬إنه بأئن من خلقه ‪ ,‬ليس في مخلوقاته شيء من ذاته‬
‫ول في ذاته شيء من مخلوقاته‪ ،‬فقد نسبت إلى قول الله ما لم يقله‪ ،‬ومن هو‬
‫المعطل الذي عنيته فإنا ل نعرف اليوم أحدا ً معطل يتظاهر بين المسلمين بل ول‬
‫معتزليا ول فيلسوفا يتظاهر بقول الفلسفة) ( فلعلك عنيت الشعرية فإنهم‬
‫القائمون اليوم من أكثر المذاهب ثم قال) (‪) :‬فلما سمع المعطل منه ذلك‬
‫أمسك ثم أسرها في نفسه وخل بشياطينه وبنى جنسه وأوحى بعضهم إلى بعض‬
‫أصناف المكر والحتيال وراموا أمرا ً يستحمدون به إلى نظرائهم من أهل البدع‬
‫والضلل وعقدوا مجلسا ً بيتوا فيه ما ل يرضاه الله من القول وراموا استدعاء‬
‫المثبت ليجعلوا نزله ما لفقوه من الكذب وتمموه فلم يتجاسروا وخذلهم المطاع‬
‫فمزق ما كتبوه من المحاضر‪ ،‬فسعى في عقد مجلس عند السلطان فلم يذعنوا‬
‫فطالبهم بإحدى ثلث‪ :‬مناظرة فأبوا‪ ،‬فدعاهم إلى مكاتبة فأبوا‪ ،‬فدعاهم إلى‬
‫المباهلة) ( بين الركن والمقام فلم يجيبوا فحينئذ عقد المثبت لله مجلسا ً بينه‬
‫وبين خصمه وما كان أهل التعطيل أولياءه إن أولياؤه إل المتقون(‪.‬‬
‫هذا كله مقصوده به والله أعلم طوائف الشعرية الشافعية والمالكية والحنفية‬
‫الذين كانوا مقاومين لبن تيمية فهم الذين يسميهم المعطلة‪ ،‬وكان مراده‬
‫بالمثبت ابن تيمية‪,‬والعاقد للمجلس فيما بينه وبين خصمه إما ابن تيمية وإما هذا‬
‫النحس المتشبع بما لم يعط‪.‬‬
‫فصل‬
‫أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد‬
‫قال‪) :‬وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد(‪.‬‬

‫) ‪(1/18‬‬
‫مقصودة بالمعطل الجماعة الشعرية‪ ،‬وبالموحد نفسه وطائفته‪ ،‬والمشبه ل‬
‫وجود له عنده‪ .‬ومقصود غرمائه بالمشبه هو وطائفته وبالموحد أنفسهم‪،‬‬
‫والمعطل ل وجود له الن عندهم‪ ،‬لن المعطل هو المنكر للصانع‪ ،‬والمشبه هو‬
‫الذي شبهه بخلقه وهذا على ظاهره ل يوجد من يقول به لكن بما يلزم عنه‪ ،‬ول‬
‫شك أن لزوم التشبيه له أظهر من لزوم التعطيل لغرمائه‪ ،‬وإذا امتحن النسان‬
‫نفسه قطع بأن الشعري ليس بمعطل وأن هذا النحس مشبه ول ينجيه إنكاره‬
‫باللسان وقد اعترف على نفسه بأن من شبه الله بخلقه فقد كفر‪.‬واندفع في‬
‫ضرب المثلة بما ل نطول به‪.‬‬
‫فصل‬
‫من قصيدته النونية‬
‫قال في قصيدته التي أهدت الجري إليه وفرقت سهام النبال عليه‪:‬‬
‫)إن كنت كاذبة الذي حدثتني‬
‫جهم) ( بن صفوان وشيعته اللى‬
‫بل عطلوا منه السماوات العلى‬
‫فعليك إثم الكاذب الفتان‬
‫جحدوا صفات الخالق الديان‬
‫والعرش أخلوه من الرحمن(‬
‫أما جهم فمضى من سنين كثيرة ول يعرف اليوم أحد على مذهبه فعلم أن مراد‬
‫هذا الناظم بالجهمية الشعرية من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلء‬
‫الحنابلة‪,‬فليعلم اصطلحه وكل ما ينسبه إلى الجهمية فمراده بها هؤلء‪،‬‬
‫والمعتزلة يشاركون الشعرية في ذلك‪,‬لكن ما منهم أحد موجود في هذه البلد‬
‫وإن كان موجودا ً فل ظهور له‪ ،‬فكل ما قال هذا الناظم عن جهم في هذه‬
‫القصيدة فمراده‪ ،‬الذي مذهبه مذهب الشعري‪.‬‬
‫فصل‬
‫تخيل الناظم في أفعال العباد‪ ..‬الخ‬
‫قال‪:‬‬
‫والعبد عندهم فليس بفاعل بل فعله كتحرك الرجفان‬

‫) ‪(1/19‬‬

‫كذب هذا الجاهل في قوله‪ :‬إن العبد عندهم ليس بفاعل‪ .‬ولكن مراده بذلك‬
‫قولهم‪ :‬إنه ل يخلق فعله‪ ،‬وليس بخالق والله سبحانه هو خالق أفعال العباد‪.‬‬
‫فاعتقد هذا الجاهل) ( بسبب ذلك أنهم يقولون إنه ليس بفاعل‪ .‬وكون العبد‬
‫ليس بخالق حق‪ ،‬وكونه ليس بفاعل باطل‪ ،‬والفاعل من قام به الفعل والفعل‬
‫قائم بذات العبد ‪ ،‬والخالق من أوجد الفعل ول يوجده إل الله‪ .‬وقوله‪ :‬كتحرك‬
‫الرجفان جهل منه فإنه لم يفرق بين الجبر ومذهب الشعري ثم قال‪:‬‬
‫والله يصليه على ما ليس من أفعاله حر الحميم الن‬
‫استمر هذا الجاهل على جهله وكذبه‪ .‬وكذلك قوله‪) :‬لكن يعاقبه على أفعاله( ثم‬
‫قال‪) :‬والظلم عندهم المحال لذاته( نعم إن الله ل يظلم مثقال ذرة )وما ربك‬
‫بظلم للعبيد) ) ( وكيف يتصور الظلم والكل ملكه ثم قال‪) :‬أني ينزه عنه ويكون‬
‫مدحا ً ذلك التنزيه( قلنا يا جاهل اجترأت على الله وعلى عباده فلم تفرق بين‬
‫الفعل والخلق وظننت بجهلك أنهما سواء وأنه ل يعاقب على فعله‪ ،‬وقلت‪) :‬ما‬
‫هذا بمعقول لذي الذهان( وأي ذهن لك حتى تعقل به وأنت عن تعقل أحكام‬
‫الربوبية بمعزل؟ وهل مثلك ومثل من هو أكبر منك إل كمثل الخفاش بالنسبة‬
‫إلى ضوء النهار؟‬
‫فصل‬
‫قال‪ :‬وكذاك قالوا ما له من حكمة) ( هي غاية للمر والتقان‬
‫انظر هذه الجراءة والكذب والبهت على العلماء وما قال إنهم نسبوه إلى الله ثم‬
‫قال‪:‬‬
‫)ما ثم غير مشيئة قد رجحت مثل على مثل بل رجحان(‬
‫أبصر هذا الفدم البليد الفهم‪ ,‬ساء سمعا فساء إجابة‪ ,‬كأنه سمع كلم الشعرية‬
‫فما فهمه وظن أنهم يقولون إن الفعال كلها سواء بالنسبة إلى كل شيء وإن‬
‫المشيئة رجحت بعضها على بعض مع تساويها وإنه ما ثم غير المشيئة وجعل‬
‫المشيئة هي المرجحة ولم يذكر القدرة والتبس عليه الرجحان الحاصل في‬
‫الفعل بالرجحان الذي هو موجب للفعل أو باعث عليه‪ ،‬ومن ل يكون اشتغل‬
‫بشيء من العلوم كيف يتكلم في هذه الحقائق؟ ثم قال‪:‬‬
‫)هذا وما تلك المشيئة وصفه بل ذاته أو فعله قولن(‬

‫) ‪(1/20‬‬

‫ليتني ما شرعت في الكلم مع هذا … ينبغي أن يطالب بالقولين على هذه‬


‫الصورة وبالقول بأنه ما تلك المشيئة وصفه وإنما سمع كلما ً إما من كلمهم‬
‫وإما من شيخه فما فهمه هو أو ما فهمه شيخه وعبر عنه بهذه العبارة الرديئة‪،‬‬
‫وإن أراد بهذا البيت المعتزلة فقد خلط كلم المعتزلة بكلم الشعرية‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬وكلمه مذ كان غيرا ً كان مخلوقا ً به‪.‬‬
‫هذا بالنسبة إلى المعتزلة ثم قال‪:‬‬
‫)قالوا وإقرار العباد بأنه خلقهم هو منتهى اليمان(‬
‫لم يقولوا كذلك‪ ،‬أما أول فلنه لبد من الشهادتين‪ ،‬وأما ثانيا فمنتهى اليمان‬
‫يشعر باليمان الكامل ولم يقل بهذا أحد‪ ،‬وأما ثالثا فقوله )فالناس في اليمان‬
‫شيء واحد( ليس مما يحسن) ( وأما رابعا ً فكما ذكره عن أبي جهل وغيره) (‬
‫أنه لم يكن فيهم منكر للخالق‪ ،‬يكفي في الرد عليه أن كل من سمعه يتخذه‬
‫ضحكة‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وقضى‪ -‬يعني جهما‪ -‬وشيعته ‪-‬الذين هم الشعرية بزعمه‪ -‬بأن الله كان‬
‫معطل‪ ،‬والفعل ممتنع بل إمكان ثم استحال وصار مقدورا ً له من غير أمر قام‬
‫بالديان( مقصوده أن الله ما زال يفعل وهذا يستوجب) ( القول بقدم العالم وهو‬
‫كفر‪.‬‬
‫فصل‬
‫استنكار الناظم إعادة المعدوم … الخ‬
‫ً‬
‫قال‪) :‬وقضى الله بأن يجعل خلقه عدما ويقلبه وجودا ويعيد ذا المعدوم‪ .‬هذا‬
‫المعاد وذلك المبدأ لذي جهم وقد نسبوه للقرآن هذا الذي قاد ابن سينا واللى‬
‫قالوا مقالته إلى الكفران لم تقبل الذهان ذا‪ ،‬وتوهموا أن الرسول ) عناه‬
‫باليمان‪ ،‬هذا كتاب الله أنى قاله أو عبده أو صحبه أو تابع‪ ،‬بل صرح الوحي بأنه‬
‫مغير الكوان وتحدث الرض وتشهد أفيشهد العدم(‪.‬‬

‫) ‪(1/21‬‬

‫أجمع المسلمون على أن الله قادر على أن يعدم الخلق ثم يعيده وعلى أن إنكار‬
‫ذلك كفر وجمهور المسلمين على أن الواقع ذلك لقوله تعالى ) كل من عليها‬
‫فان )) ( و ) كل شيء هالك إل وجهه )) ( وقيل إن الجسام تتفرق ثم تعاد‬
‫وقوله )أفيشهد العدم( أنحن قلنا تشهد وهي عدم إنما تشهد بعد العادة فانظر‬
‫كلم هذا الجاهل وقوله )لم تقبل الذهان ذا( إن كان ينكر إمكانه )وكونه مقدورا ً‬
‫لله( فهو كافر وإن لم ينكر إل وقوعه فهو مذهب ضعيف‪ .‬ثم قال )هذا الذي جاء‬
‫الكتاب وسنة الهادي به‪ ،‬ما قال إن الله يعدم خلقه طرا ً كقول الجاهل الحيران(‬
‫أقول‪ :‬قد قال تعالى ) كما بدأنا أول خلق نعيده )) ( ولو كانت العادة جمع‬
‫الجزاء بعد تفريقها أو التيان بغيرها لم تنطبق على الية‪ ،‬فإن الية تقتضي أن‬
‫جميع ما بدأ به الخلق يعيده وإنما يكون كذلك إذا أعدمه ثم أعاده بعينه‪ ،‬والله‬
‫قادر على ذلك وقال تعالى ) وهو أهون عليه )) ( وإنما كان أهون بالنسبة إلى‬
‫الشاهد لن العادة في الشاهد فعل على مثال وهو أهون من البتداء لنه فعل‬
‫على غير مثال مع اشتراكهما في الخراج من العدم إلى الوجود‪.‬‬
‫وعند هذا المتخلف ما أخرج المعاد من العدم إلى الوجود بل من صفة إلى صفة‬
‫يتعالى الله عن قوله‪ ،‬فهذا القول منه بما دل عليه من أن البراز من العدم إلى‬
‫الوجود في العادة غير مقدور‪ ،‬كفر إل إذا تأول على الوقوع مع الموافقة على‬
‫المكان وليس ظاهر الكلم ففي قبول قوله إذا ادعاه نظر لن هذا يتكرر وتكرير‬
‫هذه المور يشبه الزندقة‪.‬‬
‫فصل‬
‫زعم الناظم قيام الحوادث بالله‬

‫) ‪(1/22‬‬

‫قال‪) :‬وقضى بأن الله ليس بفاعل فعل يقوم) ( به بل برهان( مقصود الناظم أن‬
‫الله يفعل فعل في ذاته فيكون محل للحوادث‪ ،‬تعالى الله عن قوله‪ ،‬فنسب إلى‬
‫جهم خلف قوله وأنه قول بل برهان‪ ،‬وهذا الناظم ل يعرف حقيقة البرهان ثم‬
‫قال‪) :‬والجبر مذهبه( إن أراد نفس جهم فهو ليس بموجود والكلم معه ضياع‪،‬‬
‫وإن أراد الشعري فقد كذب في قوله )إن الجبر مذهبه( ثم قال‪) :‬لكنهم حملوا‬
‫ذنوبهم على رب العباد( هذا كذب أيضا ً عليهم فإن الجبرية يقولون إن الله تعالى‬
‫يعذب من يشاء بذنب وبغير ذنب‪ ،‬له ذلك ) ل يسأل عما يفعل)) ( وقوله‪:‬‬
‫)وتبرأوا منها وقالوا إنها أفعاله ما حيلة النسان(‬
‫ما يتبرأ منها على هذه الصورة إل ملحد‪ ،‬والذي يعتقد ذلك يقول إنه تعالى يفعل‬
‫ما يشاء وأطال الناظم في هذا كثيرا ً بجهل وصبية أو تقليد لمن هو مثله ثم قال‪:‬‬
‫)وكذاك أفعال المهيمن لم تقم‬
‫فإذا جمعت مقالتيه أنتجا‬
‫أيضا ً به خوفا ً من الحدثان(‬
‫كذبا ً )وزورا ً واضح البهتان(‬
‫يعني أن فعل العبد فعل الله وفعل الله ما هو في ذاته أنتجا بجهله ما يقوله وهو‬
‫قوله‪:‬‬
‫)فهناك ل خلق ول أمر ول وحي ول تكليف عبد فان(‬
‫ما هذه إل قحة وبلدة يأخذ ما يتوهمه لزما فيستنتج وينكر على الناس إلزامه‬
‫التجسيم اللزم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫)فانظر إلى تعطيله الوصاف) ( والـ أفعال والسماء للرحمن(‬
‫يا جاهل من قال بحدوث الفعال كيف يلزمه التعطيل؟ ثم قال‪:‬‬
‫)ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل نفي ومن جحد ومن كفران(‬
‫إذا رجعنا إلى الخلف بينك وبينه وجدناك كاذبا ً عليه ليس في القول بحدوث‬
‫الفعال ل نفي ول جحود ول كفران‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫)لكنه أبدى المقالة هكذا‬
‫)وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه‬
‫في قالب التنزيه للرحمن(‬
‫عجل ليفتن أمة الثيران(‬
‫الله عند لسان كل قائل‪ .‬الرجل إنما قال ذلك في قالب التنزيه ولم نعلم نحن‬
‫باطنه فمن أين لك أنه قصد خلفه وصاغ الكفر عجل ثم قال‪:‬‬
‫)فرآه ثيران الورى فأصابهم كمصاب إخوتهم قديم زمان(‬

‫) ‪(1/23‬‬

‫إن أراد طائفة ل وجود لها فما في ذكرها من فائدة‪ ،‬وإن أراد خصماءه من‬
‫الشعرية ونحوهم فيا لها من مصيبة جعلهم ثيرانا ً إخوة اليهود ثم قال‪:‬‬
‫)عجلن قد فتنا العباد بصوته إحداهما وبحرفه ذا الثاني(‬
‫وذكر أبياتا إلى آخرها‪ ،‬والله أعلم أنه يقصد بها ربط قلوب الناس على أنه ل‬
‫مسلم إل هو وطائفته وسائر الناس كفار كاليهود الذين عبدوا العجل‪ .‬فيا ترى‬
‫من أحق بشبه من عبد العجل؟ المجسم أم غيره؟‬
‫فصل‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫)يا أيها الرجل المريد نجاته‬
‫واضرب بسيف الوحي كل معطل‬
‫)من ذا يبارز فليقدم نفسه‬
‫)اسمع مقالة ناصح معوان(‬
‫ضرب المجاهد فوق كل بنان‬
‫أو من يسابق يبد في الميدان(‬
‫ً‬
‫ويلك من أنت؟‪ .‬أو أنت تعرف المبارزة أو حضرت قط مبارزة أو ميدانا؟ ثم‬
‫قال‪:‬‬
‫)ل تخش من كيد العدو ومكرهم‬
‫فجنود أتباع الرسول ملئك‬
‫فقتالهم بالكذب والبهتان‬
‫وجنودهم فعساكر الشيطان(‬
‫م إنهم عساكر الشيطان وإن‬ ‫انظر كيف يقول عن خصومه وهم هداة العال َ‬
‫قتالهم بالكذب والبهتان ثم قال‪) :‬فإذا رأيت عصابة السلم قد وافت( يعني‬
‫عصابة طائفته فانظر دللته على كفر غيره )فإذا دعوك لغير حكمهما( يعني‬
‫الكتاب والسنة )فل سمعا لداعي الكفر والعصيان( فانظر إلى إيهامه العوام أن‬
‫خصومه يدعون إلى غير الكتاب والسنة‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫)واسمع نصيحة من له خبر بما‬
‫ما عندهم والله خير غير ما‬
‫عند الورى من كثرة الجولن‬
‫أخذوه عمن جاء بالقرآن(‬
‫نعم ولكنهم فهموه وأنت ما فهمته ثم قال‪:‬‬
‫)والكل بعد فبدعة أو فرية أو بحث تشكيك ورأى فلن(‬
‫كأنه يصف طائفته‪.‬‬
‫فصل‬
‫عقد مجلس خيالي‪ ..‬كلمه في وحدة الوجود‬
‫وهذا أول عقد مجلس التحكيم قال‪:‬‬
‫واحكم إذا ً في رفقة قد سافروا‬
‫فترافقوا في سيرهم وتفارقوا‬
‫فأتى فريق ثم قال وجدته‬
‫يبغون فاطر هذه الكوان‬
‫عند افتراق الطرق بالحيران‬
‫هذا الوجود بعينه وعيان‬

‫) ‪(1/24‬‬

‫فهو السماء بعينها وهو الغمام بعينه وهو الهواء بعينه‪ ،‬هذى بسائطه ومنه تركبت‬
‫هذى المظاهر) ( يلبسها ويخلعها وتكثر الموجود كالعضاء في المحسوس أو‬
‫كالقوى في النفس‪ .‬هذه مقالة‪ ،‬أو كتكثر النواع في جنس فيكون كليا ً وجزئياته‬
‫هذا الوجود) ( فهذان قولن الول نص الفصوص وما بعده قول ابن سبعين وما‬
‫القولن عند العفيف التلمساني الذي هو غاية في الكفر إل من الغلط في حس‬
‫وفي وهم وتلك طبيعة النسان والكل شيء واحد( وأطال في أقوالهم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪:‬‬
‫)وأتى فريق ثم قال وجدته‬
‫هو كالهواء بعينه ل عينه‬
‫والقوم ما صانوه عن بئر ول‬
‫وعليهم رد الئمة أحمد‬
‫فهم الخصوم لكل صاحب سنة‬
‫بالذات موجودا ً بكل) ( مكان‬
‫مل الخلء ول يرى بعيان‬
‫قبر ول حش ول أعطان‬
‫وصحابه من كل ذي عرفان‬
‫وهم الخصوم لمنزل القرآن(‬
‫فهؤلء أيضا ليس علينا منهم‪.‬‬
‫فصل‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫)وأتى فريق) ( ثم قارب وصفه‬
‫فأسر قول معطل ومكذب‬
‫إذ قال ليس بداخل فينا ول‬
‫بل قال ليس ببائن عنها ول‬
‫كل ول فوق السموات العلى‬
‫والعرش ليس عليه معبود سوى‬
‫بل حظه من ربه حظ الثرى‬
‫لو كان فوق العرش كان كهذه الـ‬
‫هذا ولكن جد في الكفران‬
‫في قالب التنزيه للرحمن‬
‫هو خارج عن جملة الكوان‬
‫فيها ول هو عينها ببيان‬
‫والعرش من رب ول رحمان‬
‫العدم الذي ل شيء في العيان‬
‫منه وحظ قواعد البنيان‬
‫أجسام سبحان العظيم الشان(‬
‫يعني أن هذا من قولهم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ً‬
‫)ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ما قامه في الناس منذ زمان(‬
‫في قوله )‪) :‬ل تفضلوني على يونس( قد كان يونس في قرار البحر ومحمد‬
‫صعد السماء وجاوز السبع الطباق‪ ،‬وكلهما في قربه من ربه سبحانه إذ ذاك‬
‫مستويان‪.‬‬
‫فاحمد إلهك أيها السني إذ‬
‫والله ما يرضى بهذا خائف‬
‫هذا هو اللحاد حقا ً بل‬
‫والله ما بلي المجسم قط ذى الـ‬
‫أمثال ذا التأويل أفسد هذه الـ‬
‫عافاك من تحريف ذي بهتان‬
‫من ربه أمسى على اليمان‬
‫هو التحريف محضا ً أبرد الهذيان‬
‫بلوى ول أمسى بذي الخذلن‬
‫أديان حين سرى إلى الديان‬

‫) ‪(1/25‬‬

‫والفاضل الذي أشار إليه) (… وتفسيره للحديث المذكور بما قاله صحيح‪ ،‬وقد‬
‫سبقه إليه إمام دار الهجرة نجم العلماء أمير المؤمنين في الحديث‪ ،‬عالم‬
‫المدينة أبو عبد الله مالك بن أنس ؛حكى ذلك الفقيه المام العلمة قاضي قضاة‬
‫السكندرية ناصر الدين بن المنير المالكي) ( الفقيه المفسر النحوي الصولي‬
‫الخطيب الديب البارع في علوم كثيرة في كتابه )المقتفى في شرف‬
‫المصطفى( لما تكلم على الجهة وقرر نفيها؛ قال‪ :‬ولهذا المعنى أشار مالك‬
‫رحمه الله في قوله )‪) :‬ل تفضلوني على يونس بن متى( فقال مالك‪ :‬إنما خص‬
‫يونس للتنبيه على التنزيه لنه ) رفع إلى العرش‪ ،‬ويونس عليه السلم هبط إلى‬
‫قابوس البحر‪ ،‬ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلله نسبة‬
‫واحدة! ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلة والسلم أقرب من يونس بن‬
‫متى وأفضل مكانا‪ ،‬ولما نهى عن ذلك‪ .‬ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبدي أن‬
‫الفضل بالمكانة لن العرش في الرفيق العلى‪ ،‬فهو أفضل من السفل‪ ،‬فالفضل‬
‫بالمكانة ل بالمكان‪ ،‬فانظر أن مالكا ) ‪ -‬وناهيك به‪ -‬قد فسر الحديث بما قال هذا‬
‫المتخلف النحس‪ ،‬إنه إلحاد‪ ،‬فهو الملحد عليه لعنة الله) ( ما أوقحه وما أكثر‬
‫تجرأه ؟! أخزاه الله‪.‬‬
‫فصل‬
‫الفوقية الحسية … الخ‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫)وأتى فريق ثم قارب وصفه‬
‫قال اسمعوا يا قوم ل تلهيكم‬
‫هذا وزاد عليه في الميزان‬
‫هذي الماني هن شر أماني‬
‫أتعبت راحلتي وفتشت‪ ،‬ما دلني أحد عليه إل طوائف بالحديث تمسكت تعزي‬
‫مذاهبها إلى القرآن‪ ،‬قالوا‪ :‬الذي تبغيه فوق عباده) ( فوق السماء وفوق كل‬
‫مكان وهو الذي حقا على العرش استوى وإليه يصعد كل قول طيب وإليه يرفع‬
‫سعى ذي الشكران‪ ،‬والروح والملك منه تنزلت وإليه تعرج وإليه أيدي السائلين‬
‫توجهت‪ ،‬وإليه قد عرج الرسول ) وإليه قد رفع المسيح حقيقة وإليه يصعد روح‬
‫كل مصدق‪ ،‬لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا مرضى بداء الجهل والخذلن‪.‬‬
‫تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكز خان‬

‫) ‪(1/26‬‬

‫من هؤلء؟ قال مشبهة‬ ‫فسألت عنهم رفقتي أصحاب جهم حزب) ( جنكسخان َ‬
‫مجسمة) ( فل تسمع قولهم والعنهم وأحكم بسفك دمائهم فهم أضل من اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬واحذر تجادلهم بـ )قال الله وقال الرسول( وهم أولى به‪ ،‬فإذا ابتليت‬
‫بهم فغالطهم على التأويل للخبار والقرآن‪ ،‬وعلى التكذيب للحاد‪.‬‬
‫هذان أصلن أوصى بهما أشياخنا أشياخهم‪ ،‬وإذا اجتمعت بهم في مجلس فابدأ‬
‫بإيراد وشغل زمان؛ ل يملكوه عليك بالثار وتفسير القرآن‪ ،‬فإن وافقت صرت‬
‫مثلهم‪ ،‬وإن عارضت صرت زنديقا كافرًا‪ ،‬وإن سكت يقال جاهل‪ ،‬فابدأ ولو‬
‫بالفشر والهذيان هذا الذي – والله ‪ ( )-‬وصانا به أشياخنا فرجعت عن سفري‬
‫وقلت لصاحبي‪ :‬عطل ركابك ما ثم شيء غير ذي الكوان‪ ،‬لو كان للكوان رب‬
‫خالق كان المجسم صاحب البرهان أو كان رب بائن عن ذا الورى‪ ،‬كان المجسم‬
‫صاحب اليمان‪ .‬فدع التكاليف واخلع عذارك ما ثم فوق العرش من رب‪ ،‬ولم‬
‫يتكلم الرحمن بالقرآن لو كان فوق العرش رب لزم التحيز ولو كان القرآن عين‬
‫كلمه حرفا ً وصوتًا) ( كان ذا جثمان‪ ،‬فإذا انتفيا ما الذي يبقى من إيمان؟ فدع‬
‫الحلل مع الحرام لهله‪ ،‬فهما السياج فاخرقه ثم أدخل واقطع علئقك التي قد‬
‫قيدت هذا الورى لتصير حرًا) ( لست تحت أوامر ول نهي ول فرقانا‪ ،‬لكن جعلت‬
‫حجاب نفسك إذا ترى‪ ،‬فوق السماء من ديان‪ ،‬لو قلت ما فوق السماء مدبر‬
‫والعرش تخليه من الرحمن‪ ،‬والله ليس متكلما بالقرآن لحلك طلسمه وفزت‬
‫بكنزه وعلمت أن الناس في هذيان‪ ،‬لكن زعمت أن ربك بائن من خلقه وأنه‬
‫فوق العرش والكرسي وفوقه القدمان وأنه يسمع خلقه ويراهم من فوق وأن‬
‫كلمه منه بدا وإليه) ( يعود ووصفته بالسمع والبصر والرادة والقدرة وكراهة‬
‫ومحبة وحنان‪ ،‬وأنه يعلم كل ما في الكون‪ ،‬وأنه كلم موسى‪ ،‬والنداء صوت‬
‫بإجماع النحاة‪ ،‬وأن محمدا ً ) أسري به )ليل إليه( فهو منه داني وأنه يدنيه يوم‬
‫القيامة حتى يرى قاعدا ً معه على العرش وأن لعرشه أطيطا) ( وأن الله أبدى‬
‫بعضه للطور‪ ،‬وأن له وجها‬

‫) ‪(1/27‬‬

‫وله يمين‪ ،‬بل زعمت يدان‪ ،‬وأن يديه للسبع العلى والرض )يوم الحشر(‬
‫قابضتان) ( وأن يمينه ملى من الخير‪ ،‬وأن العدل في الخرى وأن الخلق طرا‬
‫عنده يهتز فوق أصابع) ( الرحمن وأن قلب العبد بين اثنتين من أصابعه‪ ،‬وأنه‬
‫يضحك عند تقابل الصفين من عبده أتي فيبدي نحره لعدوه‪ ،‬ويضحك عندما يثب‬
‫الفتى من فرشه لقراءة القرآن‪ ،‬ومن قنوط عباده إذا جدبوا‪ ،‬وأنه يرضى‬
‫ويغضب‪ ،‬وأنه ُيسمع صوته) ( ويشرق نوره يوم الفصل ويكشف ساقه) (‬
‫ويبسط كفه ويمينه تطوي السماء وينزل) ( في الدجى في الثلث الخير والثلث‬
‫الثاني وأن له نزول) ( ثانيا ً يوم القيامة للقضاء وأنه يبدو جهرة لعباده حتى يرونه‬
‫ويسمعون كلمه وأن له قدمًا) ( وأنه واضعها على النيران وأن الناس كل منهم‬
‫يخاصر) ( ربه‪ ،‬بالخاء والصاد والحاء والضاد وجهان محفوظان في الترمذي‬
‫والمسند وغيرهما من كتب التجسيم‪ ،‬ووصفته بصفات حي فاعل بالختيار‪ ،‬وذلك‬
‫الصلن أصل التفرق في الباري فكن في النفي غير جبان أو ل فل تلعب بدينك‬
‫تثبت بعض الصفات وتنفي بعضها فأنكر الجميع أو فرق بين ما أثبته ونفيته‪،‬‬
‫فذروا المراء وصرحوا بمذاهب القدماء وانسلخوا من اليمان أو قاتلوا مع أمة‬
‫التشبيه والتجسيم تحت لواء ذي القرآن أو ل فل تتلعبوا بعقولكم وكتابكم‬
‫وبسائر الديان‪ ،‬فجميعها قد صرحت بصفاته وكلمه وعلوه والناس بين مصدق‬
‫أو جاحد أو بين ذلك أو حمار‪ ،‬فنزه وانف الجميع ولقب مذهب الثبات بالتجسيم‬
‫واحمل على القران‪ ،‬فمتى سمحت لهم بوصف واحد حملوا عليك فصرعت‬
‫فلذاك أنكرنا الجميع مخافة التجسيم إن صرنا إلى القرآن ولذا خلعنا ربقة‬
‫الديان من أعنقانا ولنا ملوك قاوموا الرسل في آل فرعون وقارون وهامان‬
‫ونمروذ وجنكسخان ولنا الئمة أرسطو وشيعته ما فيهم من قال‪ :‬إن الله فوق‬
‫العرش‪ ،‬ول إن الله يتكلم بالوحي‪ ،‬ولهذا رد فرعون على موسى إذ قال موسى‬
‫ربنا متكلم فوق السماء وأنه ناداني‪ ،‬وكذا ابن سينا لم يكن منكم ول الطوسي‬
‫قتل‬

‫) ‪(1/28‬‬
‫الخليفة والقضاء والفقهاء إذ هم مجسمة‪ ،‬ولنا الملحدة الفحول أئمة التعطيل‬
‫ولنا تصانيف مثل الشفاء ورسائل إخوان الصفاء والشارات قد صرحت بالضد‬
‫مما جاء في التوراة والنجيل والفرقان‪ ،‬وإذا تحاكمنا فإليهم ل إلى القرآن‪ ،‬يا‬
‫ويح جهم وابن درهم ومن قال بقولهما‪ ،‬بقيت من التشبيه فيه بقية ينفي‬
‫الصفات مخافة التجسيم ويقال‪ :‬إن الله يسمع ويرى ويعلم ويشاء وإن الفعل‬
‫مقدور له والكون ينسبه إلى الحدوث ويصرخ بنفي التجسيم والله ما هذان‬
‫متفقان‪ ،‬لكننا قلنا محال كل ذا حذرا ً من التجسيم والمكان( أهـ‪.‬‬
‫تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير‬
‫انتهى كلم هذا الملحد تب ّا ً له وقطع الله دابر كلمه‪ ،‬انظر هذا الملعون كيف أقام‬
‫طوائف الشافعية والمالكية والحنفية الذين هم قدوة السلم وهداة النام في‬
‫صورة الملحدة والزنادقة المقرين على أنفسهم باتباع فرعون وهامان وأرسطو‬
‫وابن سينا‪ ،‬المقدمين كلمهم على القرآن‪ ،‬وأنهم أتباع أصحاب جنكسخان‪ ،‬وأن‬
‫رائده‪ ،‬لعنه الله ولعنه‪ ،‬سألهم عما يقوله أهل الحديث فنسبوهم إلى ما نسبوهم‬
‫إليه‪ ،‬وأنه لذلك انحل عن الديان وخلع ربقة اليمان؛ وأبرز ذلك في صورة مقامة‬
‫وخيال ليرتسم به في ذهن من يقف عليه من العوام والجهال أن الطوائف‬
‫المذكورة‪ ،‬على هذه الصفة‪.‬‬
‫وإذا كانت علماء الشريعة وقادة المة بهذه الصفة كيف يقبل قولهم في الدين؟‬
‫أو ماذا تكون قيمة فتاويهم عند المسلمين؟ فما أراد هذا إل أن يقرر عند العوام‬
‫أنه ل مسلم إل هو وطائفته التي ما برحت ذليلة حقيرة‪ ،‬وما أدري ما يكون وراء‬
‫ذلك من قصده الخبيث‪ ،‬فإن الطعن في أئمة الدين طعن في الدين وقد يكون‬
‫هذا فتح باب الزندقة ونقض الشريعة ويأبى الله ذلك والمؤمنون‪.‬‬
‫وجماعة من الزنادقة يكون مبدأ أمرهم خفيا ً حتى تنتشر ناره ويشتعل شناره‪،‬‬
‫نسأل الله العافية‪.‬‬

‫) ‪(1/29‬‬

‫فينبغي لئمة المسلمين وولة أمورهم أن يأخذوا بالحزم ويحسموا مادة الشر‬
‫في مبدئه قبل أن يستحكم فيصعب عليهم رفعه‪ .‬ثم إن هذا الوقح ل يستحي من‬
‫الله ول من الناس‪ ،‬ينسب إلى طوائف المسلمين ما لم يقولوه فيه وفي‬
‫طائفته‪ ،‬وأن شيوخهم وصوهم بذلك‪ ،‬وهو يزعم بكذبه أنه متمسك بالقرآن وأين‬
‫قال الله في القرآن )إنه فوق السماء( وأين قال )إنه بائن من خلقه( وأين قال‬
‫)إنه فوق العرش( بهذا اللفظ وأين قال )إن القدمين فوق الكرسي( وأين قال‬
‫)إنه يسمع خلقه ويراهم من فوق( وأين قال )إن محمدا ً قاعد معه على العرش(‬
‫إلى بقية ما ذكره جميعه‪.‬‬
‫والمتبع للقرآن ل يغيره ول يغير لفظه بل يتسمك به من غير زيادة ول نقصان‪،‬‬
‫وكذلك الحاديث الصحيحة يقف عند ألفاظها ول يزيد في معناها ول ينقص‪.‬‬
‫كذب الناظم على الله ورسوله )‬
‫وهكذا أكثر ما ذكره لم يجيء لفظه في قرآن ول سنة‪ ،‬بل هو زيادة من عنده‬
‫قد كذب فيها على الله) ( وعلى رسوله ) وفهمها على خلف الحق ونسب إلى‬
‫علماء المسلمين البرآء من السوء كل قبيح‪ ،‬وجعل ذلك طريقا للخروج من‬
‫الدين والنسلخ من اليمان وانتهاك الحرام‪ ،‬وعدم اعتقاد شيء فهل وصلت‬
‫الزنادقة والملحدة والطاعنون في الشريعة إلى أكثر من هذا؟ بل هذا‪ ،‬وإيهامه‬
‫الجهال أنه هو المتمسك بالقرآن والسنة‪ ،‬لينفق عندهم كلمه ويخفي عنهم‬
‫سقامه‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬في قدوم ركب اليمان وعسكر القرآن( قال‪) :‬وأتى فريق ثم قال‪ :‬أل‬
‫اسمعوا قد جئتكم من مطلع اليمان‪.‬‬
‫من أرض طيبة‪ ،‬من مهاجر أحمد‪ .‬سافرت في طلب الله فدلني الهادي عليه‪،‬‬
‫ومحكم القرآن مع فطرة الرحمن وصريح عقل شهدوا بأن الله منفرد بالملك‬
‫والسلطان وهو الله الحق(‪.‬‬
‫هذا صحيح‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬ل معبود إل وجهه( هذا عندنا صحيح وأما عنده فالوجه غير الذات فكيف‬
‫يصح؟‬
‫ثم قال‪) :‬والناس بعد فمشرك أو مبتدع وكذلك شهدوا بأن اله ذو سمع وذو بصر‬
‫هما صفتان(‪.‬‬

‫) ‪(1/30‬‬

‫هذا نحن نقوله لكن لو طولب بالشهادة بأنه ذو سمع وذو بصر أين يجدها) ( في‬
‫ألفاظ القرآن والسنة ولو كان كذلك لم يكن بيننا وبين المعتزلة نزاع فيه‪.‬‬
‫قال‪) :‬وعموم قدرته) ( يدل بأنه هو خالق الفعال للحيوان(‪.‬‬
‫اعتقادنا أنه سبحانه خالق أفعال الحيوان ولكن كيف يدل عموم القدرة على ذلك‬
‫بل لذلك أدلة أخر‪ .‬واستدلل هذا الفدم بعموم القدرة من عدم شعوره‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬هي خلقه حقا ً وأفعال لهم حقا ول يتناقض المران(‪.‬‬
‫عجب قد تقدم إنكار على جهم وشيعته قولهم‪ :‬إن العبد ليس بفاعل فما هذا‬
‫التناقض) ( ؟!ولعله نقل الكلمين تقليدا ً ولم يفهم معناهما فلذلك وقع التناقض‬
‫بينهما؛ ويكونان من كلمين‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬فحقيقة القدر الذي حار الورى في شأنه هو قدرة الرحمن‪ ،‬واستحسن‬
‫ابن عقيل ذا من أحمد وقال شفى القلوب بلفظه(‪.‬‬
‫وقال الناظم‪) :‬إن الجبرية والمكذبين بالقدر نظروا نظر العور( والكلم في ذلك‬
‫يطول‪ ,‬وليس هذا من أهله) (‪ ,‬ول هو متعلق به؛ بل كلمه فيه فضول فيما ل‬
‫يعنيه‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬أيكون أعطى الكمال وما له ذاك الكمال أيكون) ( إنسان سميع مبصر‬
‫متكلم وله الحياة والقدرة والرادة والعلم والله قد أعطاه ذاك وليس وصفه‬
‫فاعجب من البهتان بخلف نوم العبد وجماعه وأكله وحاجة بدنه إذ تلك ملزومات‬
‫كون العبد محتاجا ً وتلك لوازم النقصان وكذا لوازم كونه جسدا ً نعم‪ ،‬ولوازم‬
‫الحداث والمكان يتقدس عنها وعن أعضاء ذي جثمان(‪.‬‬
‫]عدم تمييز الناظم بين اللزم والملزوم[‬
‫الجسدية والحدوث والمكان يلزم منها ثلثتها الحتياج والنقص‪ ،‬فالنوم والجماع‬
‫والكل لوازم لذلك ل ملزومات) ( وتقديسه عن العضاء مع إثباته قدمين كيف‬
‫يجتمعان‪.‬‬
‫]تخبط الناظم في الصوت[‬
‫ً‬
‫قال‪) :‬والله ربي لم يزل متكلما‪ ،‬هو قول ربي كله ل بعضه لفظا ومعنى‪ ،‬ما هما‬
‫خلقان(‪.‬‬
‫ما كونه لم يزل متكلما وقوله مع ذلك إنه لفظ وإنه غير مخلوق فكلم من ل‬‫أ ّ‬
‫يدري ما يقول) (‪.‬‬

‫) ‪(1/31‬‬

‫قال‪) :‬لكن أصوات العباد مخلوقة‪ ،‬فإذا انتفت الوساطة كتكلم الله لموسى‬
‫فالمخلوق نفس السمع) ( ل المسموع‪ ،‬هذى مقالة أحمد )يعني ابن حنبل(‬
‫ومحمد )يعني البخاري((‪.‬‬
‫قلنا نعم نوافقه على ذلك على قول الشعري إن الكلم النفسي يسمع ول يلزم‬
‫أن يكون هناك حرف وصوت‪ .‬ومن اعترف بكلم الله تعالى وأن موسى سمعه‬
‫ولم يقل إنه حرف أو صوت أو غير ذلك بل وقف عند حده وعجزه وجهله ونزه‬
‫سِلم‪.‬‬
‫الله تعالى عن صفات خلقه‪َ ،‬‬
‫ثم قال في بيت الخطل‪:‬‬
‫يا قوم قد غلط النصارى في الكلمة‬
‫ونظير هذا من يقول كلمه معنى قديم غير محدث والشطر مخلوق وتلك حروفه‬
‫ناسوته) (‪.‬‬
‫أبصر هذه الجراءة وتشبيهه أقوال العلماء بأقوال النصارى وجهله وكذبه بأن‬
‫الحروف كالناسوت‪ .‬والمعنى قائم بذات الرب سبحانه وتعالى واللفاظ بالقارئ‬
‫ل يتحد أحدهما بالخر ول يحل فيه كما يقول النصارى تعالى الله عن قولهم‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬الكلم قيل بغير مشيئة‪ ،‬وإنه معنى إما واحد وإما خمسة معان‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه‬
‫لفظ مقترن فالسين مع الباء‪ ،‬والذين قالوا بمشيئة صنفان أحدهما جعله خارج‬
‫ذاته وهو قول الجهمية ومتأخري المعتزلة والثانية في ذاته وهم الكرامية‪ ،‬وهم‬
‫نوعان أحدهما جعله مبدوءا ً به حذرا ً من التسلسل فلذلك قالوا له أول والخرون‬
‫كأحمد ومحمد قالوا‪ :‬لم يزل متكلما) ( بمشيئة وإرادة وتعاقب) ( الكلمات(‪.‬‬
‫هذا هو الذي ابتدعه ابن تيمية والتزم به؛ حوادث ل أول لها‪ ،‬والعجب قوله مع‬
‫ذلك إنه قديم‪ ،‬وحين النطق بالباء لم تكن السين موجودة؛ فإن قال النوع قديم‬
‫وكل واحد من الحروف حادث عدنا إلى الكلم في كل واحد من حروف القرآن‪،‬‬
‫فيلزم حدوثها وحدوثه‪ ،‬فالذي التزمه من قيام الحوادث بذات الرب ل ينجيه بل‬
‫يرديه؛ وهذا آفة التخليط‪ ,‬والتطفل على العلوم‪ ,‬وعدم الخذ عن الشيوخ‪.‬‬
‫]كلم واف في أحاديث الصوت[‬
‫ثم قال‪) :‬وأذكر حديثا في صحيح محمد ذاك البخاري فيه نداء الله) ( يوم معادنا‬
‫بالصوت(‪.‬‬

‫) ‪(1/32‬‬

‫اللفظ الذي في البخاري )فينادى بصوت( وهذا محتمل لن يكون الدال مفتوحة‬
‫والفعل لم يسم فاعله وأن يكون مكسورة فيكون المنادي هو الله تعالى فنقله‬
‫عن البخاري نداء الله ليس بصحيح‪ ،‬والعدالة في النقل أن ينقل المحتمل‬
‫محتمل‪ ،‬وإذا ثبت أن الدال مكسورة فلم يقول إن الصوت منه؟ فقد يكون من‬
‫بعض ملئكته أو من يشاء الله‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬أيصح في عقل وفي نقل) ( نداء ليس مسموعا ً لنا(‪.‬‬
‫أما العقل فل مدخل له في ذلك وأما النقل فقد قال تعالى ) إذ نادى ربه نداء‬
‫خفيا ً ) ) (‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬والله موصوف بذاك حقيقة هذا الحديث ومحكم القرآن(‪.‬‬
‫ليس في الحديث ومحكم القرآن أنه حقيقة‪.‬‬
‫قال‪) :‬ورواه عندكم البخاري المجسم بل رواه مجسم فوقاني(‪.‬‬
‫هذا بهت لنا في أن البخاري مجسم عندنا والله ما اعتقدنا فيه ذلك ول في أحمد‬
‫الذي عناه بالفوقاني ولكن هذا بهت لنا وإساءة على البخاري ومن فوقه‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬واذكر حديثا لبن مسعود صريحا إنه ذو أحرف(‪.‬‬
‫هو حديث في الترمذي‪ :‬من قرأ حرفا ً من كتاب الله فله به حسنة وقال حسن‬
‫صحيح؛ ووقفه بعضهم على ابن مسعود‪ .‬وعلى كل تقدير الحرف في قراءة‬
‫القارئ‪ ،‬وقد تقدم من هذا الناظم أن الصوت فعل القارئ فل وجه لحتجاجه هنا‪،‬‬
‫ولبن مسعود حديث آخر أنه على سبعة أحرف‪ ،‬والمراد نزوله بها‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫)وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها لم يأت قط بسورة إل أتى في أثرها‬
‫خبر عن القرآن(‪.‬‬
‫هذا منتقض بسورة )كهيعص( والعنكبوت والروم و )ن(‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬إنه يلزم من نفي صفة الكلم نفي الرسالة) ((‪.‬‬
‫ن كنا ل ننفي صفة الكلم‪.‬‬‫وهو جهل منه وإ ْ‬
‫فصل‬
‫وقال‪) :‬إنه يلزمهم تشبيه الرب بالجماد الناقص(‪.‬‬
‫وهذا بلدة) (‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪ :‬في إلزامهم) ( أن كلم الخلق حقه وباطلة عين كلم الله سبحانه بخلقه‬
‫أفعال العباد(‪.‬‬
‫ما هذا إل…‬
‫فصل‬
‫في التفريق بين الخلق والمر قال‪) :‬وكلهما عند المنازع واحد(‪.‬‬
‫المنازع هم المعتزلة‪ ،‬ولسنا منهم‪ ،‬لكن قوله‪ :‬إنهما عندهم) ( واحد ليس‬
‫بصحيح‪.‬‬
‫فصل‬

‫) ‪(1/33‬‬

‫قال‪) :‬والله أخبر في الكتاب بأنه منه(‪.‬‬


‫قلنا‪ :‬الذي في الكتاب ) تنزيل الكتاب من الله ) ) ( ونحوه وليس فيها الكتاب‬
‫منه‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬والمجرور بـ )من( ) ( نوعان‪ :‬عين ووصف قائم بالعين‪ ،‬فالعين خلقه‬
‫والوصف قام بالمجرور(‪.‬‬
‫ً‬
‫قوله قائم بالعين ليس بصحيح قد يكون قائما بنفسه )؟(‪.‬‬
‫فصل‬
‫]وقيعة الناظم وشيخه في ابن حزم[‬
‫قال‪) :‬وأتى ابن حزم فقال ما للناس قرآن ول اثنان بل أربع كل يسمى بالقرآن‬
‫وذاك قول بين البطلن‪ .‬هذا الذي يتلى والمرسوم والمحفوظ والمعنى القديم‬
‫فالشيء شيء واحد ل أربع فدهى ابن حزم) ( ملة القرآن(‪.‬‬
‫هذا لم يفهم كلم ابن حزم‪ ،‬مراد ابن حزم أن القرآن هو المعنى وهو واحد له‬
‫وجود في نفسه ويتلى ويرسم ويحفظ فيوجد في اللفظ والخط والصدر ويطلق‬
‫على الثلثة أيضا ً قرآن فاللفظ مشترك بين الربعة‪.‬‬
‫ثم قال ما معناه‪) :‬إن اللفظ يطلق على المصدر ويطلق على الملفوظ وألفاظ‬
‫العباد كذلك‪ ،‬فالول مخلوق والثاني) ( غير مخلوق وهو القرآن وعلى ذلك حمل‬
‫كلم أحمد) ( والبخاري(‪.‬‬
‫]الكلم اللفظي[‬
‫ما المصدر فمخلوق بل شك) ( وهو فعل العبد وأما الملفوظ من فم العبد‬ ‫قلنا أ ّ‬
‫فهو الصوت الخارج منه‪ ،‬المخلوق لله تعالى‪ ،‬وقولنا له كلم الله كما يقال إذا‬
‫قرأ المحدث )إنما العمال بالنيات(‪ :‬هذا كلم النبي ) وإذا قرئ كتاب م َِلك علينا‬
‫نقول‪ :‬هذا كتاب الملك‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪ :‬في مقالة الفلسفة والقرامطة‪:‬‬
‫هذا ل يتعلق بنا فعليهم غضب الله‪ ،‬ولكن غرضه أن يخلط الحق بالباطل حتى‬
‫يروج) ( الباطل‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪ :‬في التحادية‪:‬‬
‫هو من النمط الذي قبله‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬هذى مقالت الطوائف كلها فاعطف على الجهمية المغل الذين خرقوا‬
‫سياج العقل والقرآن شرد) ( بهم من خفلهم واكسرهم( ثم ذكر مذاهب‬
‫المعتزلة ومذاهب الشعرية وهما اللذان يسميهما الجهمية‪.‬‬

‫) ‪(1/34‬‬

‫ثم قال‪ :‬هذا الذي قد خالف المعقول والمنقول والفطرات للنسان‪ ،‬أما الذي قد‬
‫قال إن كلمه ذو أحرف قد رتبت ببيان وكلمه بمشيئة وإرادة كالفعل منه‬
‫كلهما) ( سيان فهو الذي قد قال قول يعلم العقلء صحته بل نكران‪ ،‬فلي شيء‬
‫كان ما قلتم أولى؟ ولي شيء كفرتم أصحاب هذا القول؟ فدعوا الدعاوي‬
‫وابحثوا معنا وارفوا مذاهبكم إن أمكن(‪.‬‬
‫ليت شعري من هو الذي من العقلء يعلم صحة كلم ذي أحرف مترتبة مفعول‬
‫قديم ولكن هذا صبي العقل غره‪ ،‬هجام على الحقائق بهواه‪.‬‬

‫) ‪(1/35‬‬
‫ثم قال‪) :‬فاحكم‪ -‬هداك الله‪ -‬بينهم ل تنصرن سوى الحديث وأهله هم عسكر‬
‫القرآن‪ .‬فنقول هذا القدر قد أعيا على أهل الكلم وقاده أصلن‪ ،‬أحدهما‪ :‬هل‬
‫فعله) ( مفعوله أو غيره‪ ،‬قولن والقائلون بأنه عينه فروا من الحدث في‬
‫الصفات وحقيقة قولهم تعطيل الخالق عن فعله إذ فعله مفعوله لكنه ما قام به‬
‫فعلى الحقيقة ما له فعل إذ المفعول منفصل عنه‪ .‬والقائلون بأنه غيره طائفتان‪:‬‬
‫إحداهما قالت قديم قائم بالذات‪ ،‬سموه تكوينا‪ ،‬وهم الحنفية‪ .‬والخرون رأوه‬
‫حادثا ً قام بالذات‪ ،‬وهم نوعان‪ :‬أحدهما جعله مفتتحا به حذرا ً من التسلسل وهو‬
‫قول الكرامية‪ ،‬والخرون أهل الحديث كأحمد) ( بن حنبل قال‪ :‬إن الله لم يزل‬
‫متكلما إن شاء‪ ،‬جعل الكلم صفة فعل قائمة بالذات لم يفقد من الرحمن‪،‬‬
‫وكذاك نص على دوام الفعل وكذا ابن عباس وجعفر الصادق و)عثمان بن سعيد(‬
‫الدارمي وصدق فالحياة والفعل متلزمان وكل حي) ( فعال إل إذا عرضت آفة أو‬
‫قسر‪ ،‬أولست تسمع قول كل موحد )يا دائم المعروف قديم الحسان( أو ليس‬
‫فعل الرب تابع وصفه وكماله؟ أفذاك ذو حدثان؟ وكماله سبب الفعال وخلقه‬
‫أفعالهم سبب الكمال الثاني‪ ،‬أو ما فعال الرب عين كماله؟ أفذاك ممتنع على‬
‫المنان أزل إلى أن صار فيما لم يزل ممكنا؟ تالله قد ضلت عقول القوم إذ قالوا‬
‫بهذا‪ .‬وتخلف التأثير بعد تمام موجبه محال؛ والله ربي لم يزل ذا قدرة ومشيئة‬
‫وعلم وحياة وبهذه الوصاف تمام الفعل فلي شيء تأخر فعله مع موجب) ( قد‬
‫تم والله عاب على المشركين عبادتهم ما ليس بخالق ول ينطق‪ ،‬والله إله حق‬
‫دائمًا‪ ،‬أفعنه الوصفان) ( مسلوبان أزل‪ ،‬هذا المحال إن كان رب العرش لم يزل‬
‫إله الخلق‪ ،‬فكذا لم يزل متكلما فاعل‪ -‬والله‪ -‬ما في العقل ما يقضي لذا بالرد‬
‫بل ليس في المعقول غير ثبوته‪ ،‬وما دون المهيمن حادث ليس القديم سواه‬
‫والله سابق كل شيء ما ربنا والخلق مقترنان والله كان وليس شيء) ( غيره‬
‫لسنا نقول كما يقول اليوناني بدوام هذا العالم المشهود‬

‫) ‪(1/36‬‬

‫والرواح في أزل وليس بفان( واندفع في ذكر النصير الطوسي لعنه الله فهو‬
‫معذور فيه‪ ،‬لكنه ل فرق بينه وبين القائلين بقدم العالم إل أنه ل يقول بقدم هذه‬
‫الجسام المشاهدة والرواح‪ .‬وهذه الجسام والرواح كالحوادث اليومية التي‬
‫أجمع كل عاقل على حدوثها‪ ،‬فلو جاء زنديق وقال إنه لم يزل أجسام وأرواح‬
‫خلقا ً من قبل خلق وإنه كان قبل هذه السموات سموات غيرها ل إلى نهاية‪،‬‬
‫وأرواح غير هذه الرواح ل إلى نهاية لم يكن بينه وبين هذا الناظم فرق إل أن‬
‫هذه في غير ذاته تعالى؛ وما قاله الناظم‪ ،‬بحدوثه في ذاته سبحانه وتعالى‬
‫والتسلسل عنده جائز؛ فبم ينكر على الزنديق الذي يدعي ذلك؟ وأي فرق بين‬
‫قوله وقوله؟ فإن التزم جوازهما فأي فرق بينهما وبين جرم هذه السماء؟) (‬
‫وقوله )تخلف التأثير بعد تمام موجبه( ففيه اعتراضان‪ :‬أحدها أن المؤثر خلف‬
‫الفاعل بالختيار والله تعالى فاعل بالختيار والثاني قوله )بعد تمام موجبه( إن‬
‫أراد اليجاب الذاتي فهو قول الفلسفة والله فاعل بالختيار‪ ،‬ومن ضرورة الفعل‬
‫بالختيار تأخر الفعل عن الختيار‪ ،‬والتأخر يقتضي الحدوث فكيف يتخلص عن‬
‫هذه اللكنة‪] .‬وإن أراد الوجوب عن الله فسياق العبارة ينافيه[‪.‬‬
‫فصل‬
‫]القول في تجويز التسلسل في الماضي[‬

‫) ‪(1/37‬‬

‫قال‪) :‬فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل قلنا صدقتم وهو ذو إمكان كتسلسل التأثير‬
‫في مستقبل‪ ،‬وهل بينهما) ( فرق؟ وأبو على ] الجبائي [ وابنه ] أبو هاشم [‬
‫والشعري وابن الطيب ] الباقلني [ وجميع أرباب الكلم الباطل فرقوا وقالوا‬
‫ذلك فيما ل يزال حق وفي الزل ممتنع لجل تناقض الزلي والحداث‪ ،‬فانظر‬
‫إلى التلبيس في ذا الفرق ترويجا ً على العوران والعميان ما قال ذو عقل بأن ذا‬
‫أزلي لذي ذهن ول أعيان بل كل فرد فهو مسبوق بفرد ونظيره كل فرد ملحوق‬
‫بفرد فالحاد تفنى والنوع) ( ل يفني أزل وأبدا ً وتعاقب النات ثابت في الذهن‬
‫كذا في العين‪ ،‬فإن قلتم النات حادثة فيقال ماذا تعنون بالنات؟ هل تعنون مدة‬
‫من حين إحداث السموات؟ ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن قبلها شيء من‬
‫الكوان‪ ،‬هل جاءكم في ذاك من أثر ومن نص ومن نظر ومن برهان؟ إنا‬
‫نحاكمكم إلى ما شئتم منها أو ليس خلق الكون في اليام أوليس ذلكم الزمان‬
‫بمدة‪ ،‬فحقيقة الزمان) ( نسبة حادث لسواه‪ ،‬وأذكر حديث السبق بخمسين ألف‬
‫سنة سابقة‪ ،‬وعرش الرب فوق الماء من قبل السنين بمدة وزمان والحق أن‬
‫العرش كان قبل القلم والذين لم يقولوا بدوام فعله) ( عموا عن القرآن‬
‫والحديث ومقتضى العقول وفطرة الرحمن والبرهان وأسسوا أصل الكلم وبنوا‬
‫قواعدهم عليه وقادهم قسرا ً إلى التعطيل‪ ،‬نفي القيام لكل أمر حادث بالرب‬
‫خوف تسلسل العيان فيسد ذاك عليهم بزعمهم إثبات الصانع إذا أثبتوه بخلف‬
‫الجسام‪ ،‬هذى نهايات أقدام الورى في ذا المقام الضيق فمن يأتي بفتح ينجي‬
‫الورى من الحيرة( انتهى كلمه في هذا الفصل‪.‬‬
‫وقد صرح بقبائح منها إمكان التسلسل ومنها نسبة أكابر علماء الشعرية إلى‬
‫التلبيس ومنها نسبة ذلك إلى القرآن والسنة وأنه لم يجئ أثر ينص على العدم‬
‫المتقدم وقد جاء )كان) ( الله ول شيء معه( والشيء يشمل الجسم والفعل‬
‫والنوع والحاد‪.‬‬
‫فصل‬

‫) ‪(1/38‬‬

‫قال‪) :‬هذا) ( الدليل هو الذي أرداهم ما زال أمر الناس معتدل إلى أن دار في‬
‫الوراق فرفعت لوازمه قواعد اليمان وتركوا حق الدلة وهي في القرآن‬
‫ودليلهم لم يأت به الله ول رسوله ) بل حدث على لسان جهم وحزبه(‪.‬‬
‫ينبغي أن يقال لهذا الردي انتصب للدليل حتى يرى ما عنده‪.‬‬
‫قال‪:‬‬
‫فصل‬
‫في الرد على الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد ول فوق‬
‫السموات إله ُيصَلى له ويسجد(‪.‬‬
‫هذا المدبر يأخذ الكلم يقلبه كما يقلب الحقائق‪ ،‬فإنه جعل مصب كلم خصومه‬
‫إلى نفي الله وهم أثبتوا الله ونفوا كونه فوق العرش‪ .‬وقوله )المعطلة( يوهم‬
‫به أنهم معطلة العالم من الصانع وهو يريد به معطلة الخالق من قيام الفعل‬
‫الحادث به فما أكثر تلبيسه) ( وتدليسه‪ .‬ومراده بالجهمية )المعتزلة والشعرية(‬
‫وليس أحد من المعتزلة اليوم عندنا ظاهرا ً فل كلم له إل مع الشعرية الذين‬
‫أكثر الخلق يقتدون بهم‪ ،‬يريد تنقيصهم والطعن فيهم‪ ،‬ويأبى الله إل أن يتم نوره‪.‬‬
‫قال‪) :‬والله كان وليس شيء) ( غيره وخلق البرية‪ ،‬فسل المعطل هل هي خارج‬
‫ذاته أو فيها أو هو عينها ل رابع‪ ،‬ولذلك قال محقق القوم الذي رفع القواعد هو‬
‫عين الكون فهو الوجود بعينه إن لم يكن فوق الخلئق إذ ليس يعقل بعد إل أنه‬
‫فيها كمقالة النصراني فاحكم على من قال ليس بخارج ول داخل بأنه أوقع عليه)‬
‫( حد المعدوم‪ ،‬فإن زعم أن ذلك في الجسم‪ ،‬والرب ليس كذا فيقال هذا دعوى‬
‫واصطلح اليونان(‪.‬‬
‫إن أراد بالدعوى نفي الجسمية عن الرب وبالصطلح ذلك فقد أظهر ما في‬
‫نفسه‪ ،‬وإن أراد أن النفي إنما يصدق في الجسام والظاهر أنه مراده فل يقال‬
‫فهي اصطلح‪.‬‬

‫) ‪(1/39‬‬

‫قال‪) :‬والشيء يصدق نفيه عن قابل وسواه ولذا ينفي عنه الظلم المحال والنوم‬
‫والسنة والطعم والولدة والزوجة‪ ،‬والله وصف الجماد بأنه ميت أصم‪ ،‬ونفى عنه‬
‫الشعور والنطق والخلق وهو ل يقبل‪ ،‬ولو سلم أن هذا شرط كان في الضدين ل‬
‫في النقيضين ونفيكم لقبولهما يزيل المكان وهو كنفي قيامه بالنفس أو بالغير‬
‫فإذا المعطل قال إن قيامه بالنفس أو بالغير باطل إذ ليس يقبلهما إل جسم أو‬
‫عرض فكلكما ينفي الله حقيقة ماذا يرد عليه من هو مثله في النفي صرفا ً‬
‫والفرق ليس بممكن لك والخصم يزعم أن ما هو قابل لهما كقابل لمكان فافرق‬
‫أو أعط القوس باريها وخل الفشرة وكثرة الهذيان(‪.‬‬
‫فهذا فشار كبير ممن ل يعرف الضدين ول النقيضين ول المكان ول المتناع‪ ،‬يا‬
‫سبحان الله الدخول والخروج نقيضان أو نفي الوصف بهما يزيل المكان أو ينفي‬
‫الله؟ هذا خلط‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪ :‬في سياق هذا الدليل على وجه آخر إن نفي المعطل كون الله خارج‬
‫الذهان بالغ في الكفر وإن أقر‪ ،‬فإن قال إنه عين الكوان قال بالتحاد وجحد‬
‫ربه‪ ،‬وإن قال غيرها‪ ،‬فإن قال الخلق في ذاته أو ذاته فيهم فهو قول النصارى‪،‬‬
‫وإن قال قائم بنفسه فهو وغيره مثلن أو ضدان أو غيران وعلى التقادير) (‬
‫الثلثة لول التباين لم يكن شيئان فلذا قلنا إنكم باب من التحاد(‪.‬‬
‫أسمع جعجعة ول أرى طحنا آخره مطالبة بأن ما ليس في حيز كيف يكون‬
‫موجودًا‪.‬‬
‫فصل‬
‫]نصوص عن ابن تيمية في الفوقية الحسية[‬
‫قال‪) :‬ولقد أتانا عشرة أنواع من المنقول في فوقية) ( الرحمن مع مثلها أيضا ً‬
‫يزيد بواحد‪ ،‬ها نحن نسردها بل كتمان(‪.‬‬
‫خْلف السوء يذكر ما قاله شيخه في كتاب العرش وكأنه المقصود بهذا‬ ‫أخذ هذا ال َ‬
‫النظم فإنه أطال فيه‪.‬‬
‫قال‪) :‬هذا ومن عشرين وجها يبطل التفسير بـ )استولى( لذي العرفان قد‬
‫أفردت بمصنف لمام هذا الشأن بحر العالم) ( الحراني(‪.‬‬
‫]قول أبي حيان في ابن تيمية[‬

‫) ‪(1/40‬‬

‫المصنف المذكور هو كتاب العرش لبن تيمية) ( وهو من أقبح كتبه‪ ،‬ولما وقف‬
‫عليه الشيخ أبو حيان) ( ما زال يلعنه حتى مات بعد أن كان يعظمه‪ .‬قال‪) :‬منا‬
‫استوى) ( في سبع آيات بغير لم ولو كانت بمعنى استولى لجاءت في موضع(‪.‬‬
‫وهذا الذي قاله ليس بلزم فالمجاز قد يطرد وحسنه أن لفظ استوى أعذب‬
‫وأخصر وليس هذا من الطراد الذي يجعله بعض الصوليين من علمة الحقيقة‪،‬‬
‫فإن ذلك هو الطراد في جميع موارد الستعمال والذي حصل هنا اطراد‬
‫استعمالها في آيات فأين أحدهما من الخر؟! ثم إن استوى وزنه افتعل فالسين‬
‫فيه أصلية واستولى وزنه استفعل فالسين فيه زائدة ومعناه من الولية فهما‬
‫مادتان متغايرتان في اللفظ والمعنى‪ ،‬والستيلء قد يكون بحق وقد يكون بباطل‬
‫والستواء ل يكون إل بحق؛ والستواء صفة للمستوي في نفسه بالكمال‬
‫والعتدال‪ ،‬والستيلء صفة متعدية إلى غيره فل يصح أن يقال استولى حتى‬
‫يقول على كذا‪ ،‬ويصح أن يقول استوى ويتم الكلم‪ .‬فلو قال استولى لم يحصل‬
‫المقصود‪ ،‬ومراد المتكلم الذي يفسر الستواء بالستيلء التنبيه على صرف‬
‫اللفظ عن الظاهر الموهم للتشبيه واللفظ المجاز لو عبر عنه باللفظ الحقيقي‬
‫لختل المعنى؛ وقد يريد المتكلم أن الستواء من صفات الفعال كالستيلء‬
‫المتمحض للفعل من كل وجه ويكون السبب في لفظ الستواء عذوبتها‬
‫واختصارها فقط دون ما ذكرناه؛ ولكن ما ذكرناه أحسن وأمكن مع مراعاة‬
‫معنى الستيلء‪ .‬وانظر قول الشاعر‪:‬‬
‫قد استوى قيس على العراق من غير سيف ودم مهراق‬

‫) ‪(1/41‬‬

‫ولو أتى بالستيلء لم يكن له هذه الطلوة والحسن‪ ،‬والمراد بالستواء كمال‬
‫الملك هو مراد القائلين بالستيلء‪ ،‬ولفظ الستيلء قاصر عن تأدية هذا المعنى‪،‬‬
‫فالستواء في اللغة له معنيان أحدهما استيلء بحق وكمال فيفيد ثلثة معان‬
‫ولفظ الستيلء ل يفيد إل معنى واحدًا‪ .‬فإذا قال المتكلم في تفسير الستواء‬
‫الستيلء مراده المعاني الثلثة وهو أكر يمكن في حق الله سبحانه وتعالى‬
‫فالمقدم على هذا التأويل لم يرتكب محذورا ً ول وصف الله تعالى بما ل يجوز‬
‫عليه والمفروض المنزه ل يقدم على التفسير بذلك لحتمال أن يكون المراد‬
‫خلفه وقصور أفهامنا عن وصف الحق سبحانه وتعالى مع تنزيهه عن صفات‬
‫الجسام قطعًا‪ .‬والمعنى الثاني للستيلء في اللغة الجلوس والقعود‪ ،‬ومعناه‬
‫مفهوم من صفات الجسام ل يعقل منه في اللغة غير ذلك والله تعالى منزه‬
‫عنها‪ ،‬ومن أطلق القعود وقال إنه لم يرد صفات الجسام قال شيئا ً لم تشهد به‬
‫اللغة فيكون باطل وهو كالمقر بالتجسم) ( المنكر له فيؤاخذ بإقراره ول يفيد‬
‫إنكاره‪ .‬واعلم أن الله تعالى كامل الملك أزل وأبدًا‪ ،‬ولكن العرش وما تحته‬
‫حادث‪ ،‬فإن قوله ) ثم استوى على العرش ) لحدوث العرش ل لحدوث الستواء‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وثانيها لفظ العلي والعلى) ( والعلو بمطلقه عام ونفيه نقص وعلوه فوق‬
‫الخليقة كلها فطرت عليه الخلق( فيقال أسماء الله قديمة فإن لزم من العلى‬
‫والعلى كونه فوق جسم لزم قدم العالم‪ .‬والذي فطرت عليه والبديهة التعظيم‬
‫إلى أعلى غاية‪.‬‬
‫فصل‬
‫]كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه[‬
‫قال‪) :‬وثالثها صريح الفوق) ( مصحوبا بمن وبدونها أحدهما قابل للتأويل والصل‬
‫الحقيقة والمجرور ل يقبل التأويل وأصخ لفائدة جليل قدرها إن الكلم إذا أتى‬
‫بسياقه يبدي المراد أضحى كنص قاطع(‪.‬‬

‫) ‪(1/42‬‬

‫فيقال المجرور أولى بالتأويل لن قوله تعالى ) يخافون ربهم من‬


‫فوقهم) ]النحل‪ [50:‬يحتمل أن المراد خوفا ً من فوقهم وليس في سياق الكلم‬
‫ما يبدي المراد الذي اّدعاه فأين الفائدة؟ والفوقية بمعنى القهر وعلو القدر‬
‫متفق عليها والجهة هي عين النزاع ويلزم منها قدم الجهة‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬ورابعها عروج الروح والملئكة في سورتي السجدة والمعارج قالوا هما‬
‫بزمان وعندي يوم واحد عروجهم فيه إلى الديان فاللف مسافة نزولهم‬
‫وصعودهم إلى السماء الدنيا والخمسون ألف من العرش إلى الحضيض‬
‫السفل(‪.‬‬
‫فيقال له في اليتين ) إليه ) فعلى قوله يكون الله في مكانين أحدهما في‬
‫السطح التحتاني من السماء الدنيا لنه نهاية اللف والثاني في العرش‪ .‬ثم إن‬
‫المسافة إذا فصلت على أن بين السماء والرض خمسمائة عام وكذا ثخانة كل‬
‫سماء وما بين كل سماء وسماء ل يبلغ هذا المقدار وهذا ل يتعلق بغرضنا‪،‬‬
‫والمتعلق بغرضنا إلزامه بظاهر قوله ) إليه ) مع التزامه أن الغاية في المكان‪.‬‬
‫وكون ما بين السماء والرض خمسمائة عام روي بطرق ضعيفة وفي الترمذي‬
‫من رواية العباس في حديث الوعال إما واحدة وإما اثنتان أو ثلث وسبعون‬
‫سنة وهو يوافق قول أهل الهيئة وهذا يرجح أنهما يومان‪ :‬أحدهما في الدنيا إلى‬
‫العرش ألف سنة والثاني يوم القيامة خمسون ألف سنة من الشدة وقد جاء أن‬
‫في الجنة مائة درجة بين كل درجتين مائة عام في رواية؛ وفي رواية كما بين‬
‫السماء والرض )وكلهما في الترمذي والفردوس أعلى الجنة وفوقه العرش‬
‫فهذه المسافة أكثر من عشرة آلف سنة( ) (‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وخامسها صعود كلمنا) ( والصدقة والحفظة والسعي والمعراج) (‬
‫وعيسى وروح المؤمنين ودعاء المضطر ودعاء المظلوم(‪.‬‬
‫وقال في المعراج‪) :‬وقد دنا منه إلى أن قدرت قوسان(‪.‬‬
‫) ‪(1/43‬‬

‫وقد علم كل واحد اختلف المفسرين في قوله تعالى ) ثم دنا فتدلى ) ]النجم‪:‬‬
‫‪ [8‬فكيف يستدل به؟ وعيسى في السماء الرابعة ليس على العرش‪ ،‬ورفع‬
‫الصدقة والكلم وشبههما من المعاني ليس بالنتقال من مكان إلى مكان لن‬
‫المعاني ل تنتقل‪.‬‬
‫فصل‬
‫حديث النزول‬
‫قال‪) :‬وسادسها وسابعها النزول) ( والتنزيل(‪.‬‬
‫وتنزيل القرآن لنزول جبريل به من جهة العلو‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وثامنها رفيع الدرجات وفعيل بمعنى المفعول(‪.‬‬
‫ما بقي من تخلف هذا الّنحس إل أن يجعل لله سلما ً يصعد وينزل في درجاته‪،‬‬
‫تعالى الله عما يقول‪ .‬يحمل على اللفظ فوقَ ما يحتمله ويفهم منه غير مراده‬
‫فسحقا ً له‪.‬‬
‫فصل‬
‫)وتاسعها فوق السماء) ((‪.‬‬
‫فصل‬
‫ُ‬
‫قال‪) :‬وعاشرها الملئكة الذين هم عند الرحمن وكّتاب رحمته عنده فوق العرش‬
‫وسائر الشياء ليست كذلك(‪.‬‬
‫من هم الملئكة الذين هم معه في المكان وجبريل يتأخر عن المكان الذي وصل‬
‫إليه النبي ) ؟‪.‬‬
‫فصل‬
‫الشارة إلى رفع اليدي إلى السماء‬
‫قال‪) :‬وحادي عشرها إشارة النبي ) بأصبعه في الموقف لله) ((‪.‬‬
‫جوابه‪ :‬إن القلب متوجه إلى الرب العالي قدرًا‪ ,‬وقهرا ً على كل شيء ؛ والشارة‬
‫إلى جهة العلو التي هي محل ملكه‪ ,‬وسلطانه‪ ,‬وملئكته‪ ,‬والعليين عن خلقه‪،‬‬
‫وقبلة دعائه‪ ,‬ومنزل وحيه؛ وهكذا رفع) ( اليدي في الدعاء‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وثاني عشرها وصفه تعالى بالظاهر وفسر في الحديث )أنت الظاهر‬
‫فليس فوقك شيء((‪.‬‬
‫يقال لهذا المدبر إن كان الظاهر يقتضي الفوقية الحسية فاسم الباطن يقتضي‬
‫التحتية الحسية‪ -‬تعالى الله‪.‬‬
‫فصل‬
‫دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة‬
‫قال‪) :‬وثالث عشرها إخباره أنا نراه في الجنة وهل نراه إل من فوقنا) ( ودعوى‬
‫سواها مكابرة ولذا قال محقق منكم للمعتزلة ما بيننا خلف فاحملوا معنا على‬
‫المجسمة إذ قالوا يرى كما يرى القمران فيلزمهم العلو وليس فوق العرش رب‬
‫هذا الذي والله مودع كتبهم(‪.‬‬

‫) ‪(1/44‬‬
‫ينبغي أن يحضر هذا النحس ويلزم بأن يخرج من كتبهم أنه ليس فوق العرش‬
‫رب ولن يجده في كتبهم أبدا ً وتوهمه أنه ل يرى إل من فوق لقصور عقله‪ .‬ونقله‬
‫اتفاقنا مع المعتزلة لعدم فهمه؛ بل بيننا وبينهم وفاق‪ ,‬وخلف؛ فقوله‪ :‬ما بيننا‬
‫وبينكم خلف كذب علينا‪.‬‬
‫فصل‬
‫]بسط الكلم في السؤال بـ )أين( في حديث الجارية[‬
‫قال‪) :‬ورابع عشرها أين الله في كلم النبي ) في حديث معاوية بن الحكم وفي‬
‫تقريره لمن سأله رواه أبو رزين(‪.‬‬
‫أقول‪ :‬أما القول فقوله ) للجارية )أين) ( الله؟ قالت في السماء( وقد تكلم‬
‫الناس عليه قديما ً وحديثًا؛ والكلم عليه معروف ول يقبله ذهن هذا الرجل لنه‬
‫مشاء على بدعه ل يقبل غيرها! وأما حديث أبي رزين) ( ففي سنن الترمذي عنه‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال‪) :‬كان في‬
‫عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء‪ ,‬وخلق عرشه) ( على الماء( قال الترمذي‪:‬‬
‫قال أحمد يعني ابن منيع راوي الحديث قال يزيد يعني ابن هارون شيخ أحمد‪:‬‬
‫العماء أي ليس معه شيء‪ .‬انتهى كلم الترمذي‪.‬‬
‫وفي رواية )كان في عما( بالقصر؛ ومعناه ليس معه شيء وقيل هو كل أمر ل‬
‫يدركه عقول بني آدم ول يبلغ كنهه الوصف والفطن‪ .‬قال ابن الثير‪ :‬ول بد في‬
‫قوله )أين كان ربنا( من مضاف محذوف فيكون التقدير أين كان عرش ربنا‬
‫ويدل عليه قوله تعالى ) وكان عرشه على الماء ) ]هود‪ .[7:‬قال الزهري‪ :‬نحن‬
‫نؤمن به ول نكيفه بصفة؛ أي نجري اللفظ على ظاهره من غير تأويل‪ .‬وقوله من‬
‫غير أن نكيفه بصفة صريح في التنزيه؛ والعلماء في المتشابهات يؤمنون بها إما‬
‫بأن يتأولوها وإما بأن يسكتوا مع التنزيه‪ .‬وهذا المدبر يصدق بعضها ببعض ليقوي‬
‫الشبهة ويمكن الريبة من قلوب الناس؛ لعنه الله) (‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وخامس عشرها الجماع من) ( رسل الله‪ ،‬حكى إجماعهم‬
‫عبد القادر وأبو الوليد )ابن رشد الفيلسوف( وأبو العباس الحراني) ( )ابن تيمية(‬
‫وله اطلع‪ ،‬لم يكن من قبله لسواه من متكلم(‪.‬‬

‫) ‪(1/45‬‬

‫ونحن نقطع أيضا ً بإجماعهم )على التنزيه( أما يستحي من ينقل إجماع الرسل‬
‫على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى؟ وعلماء الشريعة ينكرونها؟ أما‬
‫تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبت على الرسل؟‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وسادس عشرها إجماع أهل العلم) ( ابن عباس ومجاهد ومقاتل والكلبي‬
‫ورفيع وأبو عبيدة والشعري والبغوي ومالك والشافعي والنعمان ويعقوب وأحمد‬
‫وابن المبارك وابن خزيمة وقال يقتل من ينكره وحكي ابن عبد البر إجماع أهل‬
‫العلم أن الله فوق العرش وابن وهب وحرب الكرماني وحكى الجماع ابن أبي‬
‫زيد والكرجي في التصنيف الذي شرحه وتفسير عبد بن حميد والنسائي وعثمان‬
‫الدارمي وابن أصرم وعبد الله بن أحمد والثرم )وأبو حاتم وابنه ومحمد بن أبي‬
‫شيبة( وابن أبي داود وابن أسباط وسفيان وحماد بن زيد وحماد بن سلمة‬
‫والبخاري والطبري والللكائي الشافعي وإسماعيل التيمي والطبراني‬
‫والطلمنكي والطحاوي والباقلني وابن كلب والطبري في التفسير والداني وابن‬
‫سريج وأبو الخير العمراني صاحب البيان وسواهم والله قطاع الطريق أئمة‬
‫تدعو إلى النيران ما في الذين حكيت عنهم آنفا ً من حنبلي واحد بضمان‪ ،‬بل‬
‫كلهم والله شيعة أحمد‪ ،‬فأصوله وأصولهم سيان‪ ،‬أتظنهم لفظية جهلية هم أهل‬
‫العقول فتقذفون أولء بل أضعافهم من سادة العلماء كل زمان بالجهل والتشبيه‬
‫والتجسيم والتبديع والتضليل والبهتان‪ ،‬يا قومنا الله في إسلمكم ل تفسدوه‬
‫لنخوة الشيطان‪ ،‬يا قومنا اعتبروا بمصارع من مضى في هذه الزمان لم يغن‬
‫عنهم كذبهم ومحالهم وقتالهم بالزور والتدليس عند الناس والحكام والسلطان‬
‫وبدا لهم أنهم على البطلن ما عندهم شكاية ما يشتكي إل عاجز‪ ،‬لبستم معنى‬
‫النصوص وقولنا أسأتم الظن بأئمة السلم ما ذنبهم ما الذنب إل للنصوص لديكم‬
‫إذا جسمت(‪.‬‬

‫) ‪(1/46‬‬

‫انتهى كلم هذا المدبر‪ ،‬وقد تقدم النقل عن مالك رحمه الله بخلف ما قاله‬
‫ولكنه اغتر هنا بما رواه الحسن بن إسماعيل الضراب) ( في كتابه الذي صنفه‬
‫في فضائل مالك ) بأسانيده إلى مالك ) أنه أتاه رجل فقال‪ :‬يا أبا عبد الله‪،‬‬
‫الرحمن على العرش استوى‪ ،‬كيف استوى) ( ؟ فأمسك عنه مالك حتى عله‬
‫الرحضاء ثم قال‪ :‬الكيف منه غير معقول والستواء فيه غير مجهول واليمان به‬
‫واجب والسؤال عنه بدعة وإني لحسبك ضال‪ ،‬ثم أمر به فأخرج‪ .‬وفي رواية ‪:‬‬
‫فإني أخاف أن يكون شيطانا‪.‬‬
‫رد المصنف على الناظم في الفوقية‬
‫وهذا الكلم صحيح إن صح عن مالك‪ ،‬فإنه ليس فيه إل اليمان بآية استوى على‬
‫العرش كما نطق به القرآن وأن كيفيته غير معقولة‪ ،‬والسائل عنها ضال مبتدع‬
‫شيطان‪ ،‬وفي ذلك قطع بأن الستواء ليس على ظاهره المعلوم عند الناس من‬
‫أنه القعود‪ ،‬فإن ذلك معقول وليس فيه تصريح بفوقية الذات؛ ول يلزم من قولنا‬
‫استوى على العرش أن يكون هو على العرش إل بعد أن نثبت أن الستواء هو‬
‫القعود والجلوس كما في المخلوق‪ ،‬وجل الله عن ذلك‪ .‬فهذا الرجل لم يفهم‬
‫كلم غيره من العلماء الكثيرين الذي حكى عنهم كلهم‪ .‬وإنما يؤثر عنهم كلم‬
‫مقتد بالكتاب يراد به معنى صحيح مع التنزيه‪ ،‬وما ل يوهم التشبيه ول يقتضيه‪.‬‬
‫روايات الضراب عن مالك‬

‫) ‪(1/47‬‬

‫وقد روى الضراب في هذا الكتاب قال حدثنا عمر بن الربيع ثنا أبو أسامة ثنا ابن‬
‫أبي زيد عن أبيه عن حبيب كاتب مالك قال‪ :‬سئل مالك بن أنس عن قول النبي‬
‫) )ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء كل ليلة( قال‪ :‬ينزل أمره كل سحر وأما‬
‫هو فهو دائم ل يزول وهو بكل) ( مكان‪ .‬وروى الضراب أيضا ً في هذا الكتاب‬
‫بإسناده إلى عبد الرحمن بن القاسم قال سئل مالك عمن يحدث الحديث الذي‬
‫قالوا‪ :‬إن الله خلق آدم على صورته‪ ،‬وإن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة‪،‬‬
‫وإنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد‪ ،‬فأنكر ذلك إنكارا ً شديدا ً ونهى أن‬
‫يتحدث بها أحد‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن ناسا ً من أهل العلم يتحدثون بها‪ ،‬فقال‪ :‬من هم؟‬
‫قيل‪ :‬ابن عجلن عن أبي الزناد‪ ،‬فقال‪ :‬لم يكن ابن عجلن يعرف هذا الشياء‬
‫ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال لم يزل عامل لهؤلء حتى مات وكان صاحب‬
‫عمل يتبعهم‪ ،‬ورواه الضراب أيضا ً من طريق ابن وهب عن مالك‪ .‬وروى أيضا ً‬
‫عن طريق الوليد بن مسلم قال سألت مالكًا‪ ,‬والوزاعي وسفيان وليثا ً عن هذه‬
‫الحاديث التي فيها ذكر الرؤية فقالوا‪ :‬ارووها كما جاءت! فانظر كلم مالك‬
‫وكلم غيره‪ ،‬لم يصرحوا ولم يبيحوا إل روايتها؛ ل اعتقاد ظاهرها الموهم للتشبيه‪.‬‬
‫ومالك شدد) ( في روايتها إل ما يعلم صحته فيروى مع التنزيه كالقرآن‪ .‬وهذا‬
‫النحس وأمثاله يروون في ذلك الجفلء لن لهم بدعة ل يبغون عنها حول‪ ،‬وكل‬
‫هؤلء الذين نقل عنهم كلمه إما متأول أراد به قائله معنى صحيحا ً غير ما أراد‬
‫هذا المبتدع‪ ،‬وإما مختلق عليه وحقه أن يسبر‪ .‬فمن سمى من المتأخرين لم‬
‫يكن له بصر بالحقائق فزل كما زل شيوخ) ( هذا المبتدع وقادته ممن لم يكن‬
‫قدوة‪.‬‬
‫فصل‬

‫) ‪(1/48‬‬

‫قال‪) :‬وسابع عشرها إخباره سبحانه في القرآن عن موسى‪ ،‬وفرعون أنكر‬


‫التكليم والفوقية العليا‪ .‬ولنا مئتا دليل على أنه فوق السماء ?فل وربك ل يؤمنون‬
‫حتى يحكموك) ] النساء‪– [65:‬بالله‪ -‬هل حدثتكم قط أنفسكم بذا فسلوا‬
‫أنفسكم عن اليمان‪ ،‬لكن رب العالمين وجنده ورسوله ) المبعوث بالفرقان هم‬
‫يشهدون بأنكم أعداء من ذا شأنه أبدا ً بكل زمان ولي شيء كان أحمد) (‬
‫خصمكم أعني ابن حنبل الرضي الشيباني ولي شيء كان أيضا ً خصمكم شيخ‬
‫الوجود العالم الحراني( ) (‪.‬‬
‫وبالغ هذا الخبيث في القذاع والسفاهة بما هو صفته ونسي قول فرعون‪ ] :‬كما‬
‫حكي القرآن الكريم [)ما علمت لكم من إله غيري) ]القصص‪ [38 :‬وتجرأ على‬
‫علماء المسلمين بما لو نقلناه لطال ول يحتمل البطال‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وثامن عشرها تنزيهه سبحانه عن موجب النقصان‪ ،‬فلي شيء لم ينزه‬
‫نفسه عن الفوقية(‪.‬‬
‫فنقول قد قال‪ ) :‬ليس كمثله شيء ) ] الشورى‪.[11:‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وتاسع عشرها إلزام المعطل لي شيء لم يصرح النبي ) بنفس هذا( ) (‪.‬‬
‫ثم استمر هذا السفيه على سفهه‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬والعشرون نصوص الستواء) ( سبع والفوق ثلث والعلو خمسة والنزول‬
‫أكثر من سبعين نصا‪ ،‬والسماء منفطر به لم يسمح المتأخرون بنقله جبنا) (‬
‫وضعفا ً بل قاله المتقدمون(‪.‬‬
‫هذا الرجل كما قال الله تعالى ) فيتبعون ما تشابه منه ) ] آل عمران‪.[7 :‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬والحادي والعشرون إتيان رب العرش ومجيئه) ( من أين يأتي ل يأتي إل‬
‫من العلو(‪.‬‬
‫ما كفاه إثبات الفوقية حتى أثبت الحركة في التيان‪.‬‬
‫فصل‬
‫في الشارة إلى ذلك من) ( السنة(‪.‬‬
‫قال‪) :‬لما قضى الله ربنا الخليقة كتبت يداه كتاب ذي إحسان(‬
‫أين لفظ كتبت يداه؟‬
‫قال‪) :‬ولقد أشار نبينا في خطبة نحو السماء بأصبع وبنان(‬
‫تقدم جوابه‪.‬‬
‫قال‪) :‬ولقد أتى في رقية المرضى نص بأن الله فوق) ( سمائه وخبر رواه‬
‫العباس أن الله فوق العرش) (‪.‬‬

‫) ‪(1/49‬‬

‫واذكر حديث حصين) ( بن المنذر الثقة الرضى أعنى أبا عمران إذ قال‪ :‬ربي في‬
‫السماء لرغبتي ولرهبتي أدعوه كل أوان‪ ،‬فأقره الهادي البشير ) ولم يقل أنت‬
‫المجسم قائل مكان واذكر شهادته لمن قال ربي في السماء) ( باليمان وشهادة‬
‫المعطل له بالكفران‪ ،‬وحديث) ( الطيط‪ ،‬وحديث النزول) ( وحديث) ( ابن‬
‫رواحة‪.‬‬
‫والمعراج) ( وقريظة) (‪.‬‬
‫وصعود الروح) ( عند الموت‪ ،‬وسخط الله) ( على المرأة التي تهجر زوجها‪،‬‬
‫وحديث جابر في أهل الجنة إذا بنور) ( ساطع فإذا هو الرحمن‪.‬‬
‫وحديث فضل يوم الجمعة ) (‪ ،‬وأمين من في السماء ) (‪ ،‬واذكر حديث أبي‬
‫رزين) ( وبطوله ساقه ابن إمامنا والطبراني وأبو بكر بن زهير واذكر كلم‬
‫مجاهد في قوله تعالى ) أقم الصلة … ) في سبحان في ذكر تفسير المقام‬
‫لحمد) ( إن كان تجسيمًا‪ ،‬فإن مجاهدا ً هو شيخهم بل شيخه الفوقاني وقد أتي‬
‫ذكر الجلوس به(‪.‬‬
‫هذه الحاديث كلها قد ذكرها الئمة وذكروا تأويلتها من قديم الزمان وإلى الن‪.‬‬
‫فصل‬
‫)في جناية التأويل) ( على ما جاء به الرسول(‪.‬‬
‫فذكر أن التأويل أصل كل بلية ثم قال‪) :‬والتأويل الصحيح هو تفسيره وظهور‬
‫معناه كقول عائشة يتأول القرآن وحقيقة التأويل معناه الرجوع إلى الحقيقة ل‬
‫خلف بني أئمة التفسير في هذا‪ ،‬تأويله هو عندهم تفسيره بالظاهر) ( ما قال‬
‫منهم قط شخص واحد تأويله صرف عن الرجحان ول نفي الحقيقة(‪.‬‬
‫قال الله تعالى في المتشابه ) ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) ] آل عمران‪[7:‬‬
‫فكيف يكون تأويله تفسيره بالظاهر والمتشابه ل ظاهر له وقوله ما قال منهم‬
‫أحد إن التأويل صرف عن الرجحان‪ :‬كذب بل خلق قالوا ذلك ويطلق التأويل‬
‫أيضا ً على تدبر القرآن وتفهم معناه‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫فيما يلزم مدعي التأويل‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬دليل صارف واحتمال الفظ وتعيين المقصود(‪.‬‬
‫هذا كثرة كلم في أمر سهل مفروغ منه‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫)في طريقة ابن سينا) ( وذويه من الملحدة في التأويل(‪.‬‬

‫) ‪(1/50‬‬

‫ذكر ابن سينا والملحدة هنا للتنفير وإل لما جاء بابن سينا والملحدة معنا‪.‬‬
‫قال‪) :‬ويقول تأويلي كتأويل الفوقية والصفات والعلو تأويله أشد من تأويل‬
‫القيامة وحدوث العالم(‪.‬‬
‫ليس مقصود هذا الناظم إل أن يفظع مقالت خصومه من الفقهاء وأهل العلم‬
‫ويجعلها في قلوب العامة أقبح من مقالت الفلسفة لتشتد نفرتهم عنها؛ واندفع‬
‫في مخارق وسفه ودعاوى ل حقيقة لها‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫م بلية مستورة ورث المحرف من اليهود وأتى إلى حزب الهدى‬ ‫قال‪) :‬هذا وث َ ّ‬
‫وأعطاهم شبه اليهود قال استوى استولى وذا من جهله عشرون) ( وجها تبطله‬
‫أفردت بتصنف حبر عالم رباني وشبه النون التي زادتها اليهود في حطة بلم‬
‫تعطيل الجهمية(‪.‬‬
‫وهذا من الخرافات‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قال‪) :‬ومن العجائب قولهم فرعون مذهبه العلو وفرعون قال إن موسى كاذب‬
‫إذ ادعى فوقية الرحمن(‪.‬‬
‫أين ادعى موسى فوقية الرحمن؟‬
‫)فصل(‬
‫قال‪) :‬تركيب استوى مع حرف الستعلء نص في العلو بوضع كل لسان(‪.‬‬
‫نص في العلو أما في الذات فل‪ ،‬فقولك‪ :‬استوى قيس على العراق ل يستلزم‬
‫أن يكون إذ ذاك في العراق بل ملكه فيها وعليها‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫كله دعاوى وفقاقيع فارغة‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫فيه إنكار المجردات) (‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫سوى فيه بينهم وبين المنافقين والقرامطة وجعل المجسمة مقابل الجميع‪ ،‬وأن‬
‫ما ثم إل التجسيم أو التعطيل وقد تقدم مثله‪ ،‬وإنما زاد التكرير والتفظيع ليزرع‬
‫الريبة في القلوب‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قال‪) :‬الستواء ونحوه والمشيئة ونحوها كلهما من صفات الجسام‪ -‬وطلب‬
‫الفرق بينهما‪ -‬والله لو نشرت شيوخك كلها لم يقدروا أبدا ً على فرقان(‪.‬‬
‫انظر هذا الجلف الجاري على ما ل يعلم‪ ،‬وكل عاقل يعلم أن الستواء بمعنى‬
‫القعود أقرب إلى صفات الجسام من المشيئة والقدرة‪.‬‬
‫قال‪) :‬قال زعيمهم في الفرق هذه الصفات بالعقل والقرآن فيقال إن نفى‬
‫العقل التجسيم فانفوها وانسلخوا من القرآن وإن أثبته فلم الفرار؟ وإن نفاه‬
‫في وصف وأثبته في وصف فما الفرق؟‪.‬‬
‫انظر هل بعد هذا الكلم شيء في التجسيم) (؟‪.‬‬

‫) ‪(1/51‬‬

‫)فصل(‬
‫كله سفاهة‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫حكى مذاهب خصومه بأقبح ما يكون ثم قال‪) :‬جربت هذا كله ووقعت في تلك‬
‫الشباك وكنت ذا طيران حتى أتاح لي الله بفضله من ليس تجزيه يدي ولساني‬
‫حبر أتى من أرض حران فيا أهل ً بمن قد جاء من حران( ) (‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قال‪) :‬ومن العجائب قولهم حشوية) ( سمى به ابن عبيد( فيه سفه‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قال‪) :‬كم ذا مجسمة‪ ،‬وإذا سببتم بالمحال فسبنا بأدلة وحجاج ذي برهان فحقيقة‬
‫التجسيم إن يك عندكم وصف الله بصفاته العليا فتحملوا عنا الشهادة واشهدوا‬
‫في كل مجتمع وكل مكان أنا مجسمة بفضل الله وليشهد بذلك معكم الثقلن(‪.‬‬

‫) ‪(1/52‬‬

‫نقول له أنت أبديت لنا اعتقادك ووصفت بأمور يمتحن فيها كل عاقل منصف إذا‬
‫عرضت على خال من العراض كلها من امرأة أو صبي أو أعجمي أو عربي‬
‫عامي وعموم الناس هل يفهمون من الستواء والقعود والنزول والمجئ والتيان‬
‫والوجه) ( واليد والساق والقدم والجنب والعين والنتقال في الدرجات وغير ذلك‬
‫مما قد ذكرته معنى الجسم‪ ,‬ويرسم ذلك في نفسه أو ل؟ فإن قال إنه ل يفهم‬
‫منها إل معنى الجسم فيكفيك إثما ً عند الله إضلل مثل هؤلء وحملهم على‬
‫اعتقاد التجسيم الذي تزعم أنت بلسانك أنك ل تقول به‪ .‬فالمحقق منك إضلل‬
‫أكثر العالم‪ ،‬وأما أنت في نفسك فإن كذبت في إنكارك فقد جمعت إلى فساد‬
‫العتقاد الكذب‪ ،‬وإن صدقت في زعمك فقد لبست عليك نفسك وخيلت لك‬
‫فرقا أو كان عندك فرق الله أعلم به‪ ،‬هذا في الباطن الذي أمره إلى الله في‬
‫الخرة؛ وأما في الدنيا فإن في قبول قولك عندنا نظرا ً فإن قبل أو لم يقبل‪ -‬وإن‬
‫كنا لم نقل بالتكفير ول بالقتل‪ -‬فل أقل من القدر الذي ينكف به ضررك عن‬
‫المسلمين‪ .‬وهذه الشياء التي ذكرناها هي عند أهل اللغة أجزاء ل أوصاف‪ ،‬فهي‬
‫صريحة في التركيب؛ والتركيب للجسام‪ .‬فذكرك لفظ الوصاف تلبيس وكل‬
‫أهل اللغة ل يفهمون من الوجه والعين) ( والجنب والقدم إل الجزاء؛ ول يفهم‬
‫من الستواء بمعنى القعود إل أنه هيئة وضع المتمكن في المكان ول من المجئ‬
‫والتيان والنزول إل الحركة الخاصة بالجسم‪ .‬وأما المشيئة والعلم والقدرة‬
‫ونحوها فهي صفات ذات وهي فينا ذات أمرين أحدهما عرض قائم بالجسم‪،‬‬
‫والله تعالى منزه عنه‪ ،‬والثاني المعاني المتعلقة بالمراد والمعلوم والمقدور وهي‬
‫الموصوف بها الرب سبحانه وتعالى وليست مختصة بالجسام فظهر الفرق‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬يا وارد القلوط( ) (‪.‬‬

‫) ‪(1/53‬‬

‫فأتى ببضعة عشر بيتا من هذا القبيل فهل سمع أحد بأن هذا كلم أهل العلم‪،‬‬
‫وما دعاني إلى الوقوف على هذا الوسخ؟‪ .‬ينبغي أن يأتي له )مجلى( مثله يتكلم‬
‫معه زيبق المشاعلي‪ ,‬أو غرير المرقد‪ ,‬أو أهل جعفر‪ ,‬أو عماد فكيف بابن‬
‫حجاج؟‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫فيه أكثر من تسعين بيتا… وقال في أواخره‪:‬‬
‫من قال بالتعطيل فهو مكذب‬
‫إن المعطل ل إله له‬
‫وكذا إله المشركين نحتته اليـ‬
‫لكن إله المرسلين هو الذي‬
‫بجميع رسل الله والفرقان‬
‫سوى المنحوت في الذهان‬
‫ــدي هما في نحتهم سيان‬
‫فوق السماء مكون الكوان‬
‫وهذا الرجل يسمي خصومه معطلة؛ لنهم نفوا الصانع الذي يقول هو به ويصفه‬
‫بتلك الصفات بزعمه؛ ويجعلهم يعبدون إلها ً آخر ويكفرهم كالمشركين العابدين‬
‫للصنام‪.‬‬

‫) ‪(1/54‬‬

‫فياخيبة المسلمين إن كان يكفر بعضهم بعضًا‪ ،‬ولم ل يقول هذا الجاهل إن الكل‬
‫يقرون بالله ووحدانيته ويغلط بعضهم في وصفه ول يخرجهم ذلك الغلط عن‬
‫السلم ؟ وإن كان ولبد من الخراج فمن أولى به ؟ ومن أولى بعبادة ما نحته‬
‫ذهنه ؟ من ركب أجزاء مقصودة معقولة أو من قال أعبد إلها ً واحدا ً أنا عاجز عن‬
‫معرفته وعن كنه ذاته فهو كما وصف به نفسه‪ ،‬وفوق ما يصف به عباده‪ ،‬وعقلي‬
‫يقصر عن سبحات وجهه وعلمي يضل في علمه ويتضاءل دون عظمته وملكوت‬
‫سلطانه وقدرته وقهره ل شريك له سبحانه وتعالى ) ليس كمثله شيء وهو‬
‫السميع البصير ) ] الشورى‪ [11:‬كل ما تصوره الذهن فالله بخلفه لو اجتمعت‬
‫عقول العالمين كلها لم تبلغ معرفة حقيقة ذاته ول كنه صفاته‪ ،‬وإنما علموا منها‬
‫ما دلهم على التوحيد وأمر السيد العبيد وأنعم عليهم بالرسول أرشدهم إلى ما‬
‫فيه صلحهم وأنزل عليهم كتابا ً كلفهم فيه بتكاليف إن عملوا بها وصلوا إلى دار‬
‫السلم فل ينبغي لهم الشتغال بغيرها‪ -‬فاشتغالهم بغيرها فضول‪ -‬وإن فكروا‬
‫فكروا في آلئه ل في ذاته‪ ،‬فإن هناك تضل العقول‪ .‬وانظر إلى هذه الصفات‬
‫التي يثبتها هذا المبتدع لم تجئ قط في الغالب مقصودة وإنما في ضمن كلم‬
‫يقصد منه أمر آخر؛ وجاءت لتقرير ذلك المر‪ ،‬وقد فهمها الصحابة‪ ,‬ولذلك لم‬
‫يسألوا عنها النبي ) لنها كانت معقولة عندهم بوضع اللسان وقرائن الحوال‬
‫وسياق الكلم وسبب النزول؛ ومضت العصار الثلثة التي هي خيار القرون على‬
‫ذلك حتى حدثت البدع والهواء؛ فيجيء مثل هذا المتخلف يجمع كلمات وقعت‬
‫في أثناء آيات أو أخبار فهم الموفقون معناها بانضمامها مع الكلم المقصود‬
‫فجعلها هذا المتخلف في أمثاله مقصودة وبالغ فيها فأورث الريب في قلوب‬
‫المهتدين‪ .‬وانظر إلى أكثرها ل تجده مقصودا ً بالكلم بل المقصود غيره‪ ,‬إما‬
‫بسياق قبله أو بسياق بعده‪ ،‬أو بأن يكون المحدث عنه معنى آخر والمحدث به‬
‫ويكون ذلك مذكورا ً على جهة الوصف المقوي لمعنى ما سبق‬

‫) ‪(1/55‬‬

‫الكلم لجله‪ .‬وما مثل المشتغلين بذلك وبالكلم إل مثل سرية أتاها كتاب‬
‫السلطان يأمرهم بما يعتمدونه في الغزاة التي ندبهم لها ويوصيهم بأمور مهمة‬
‫لما بين أيديهم وينهاهم عن أمور وينبههم على مكان لعدوهم وعدوه حتى‬
‫يحترزوا عن غوائلها فأخذوا يتأملون في ذلك الكتاب ويفكرون فيمن كتبه وفي‬
‫حروفه ومتى كتب وأين كان السلطان حين كتبه وعلم عليه‪ ،‬وهل كان في‬
‫القلعة أو في غيرها وربما كان فيهم من لم ير السلطان قط فصار يسأل عن‬
‫صفته وشغلوا الزمان بذلك وبسؤال حامل الكتاب عنه وبالفكرة فيه واشتغلوا به‬
‫عما هم بصدده من الجهاد الذي أمرهم به وعن تلك المور التي وصاهم بها في‬
‫الكتاب وأمرهم بها ونهاهم عنها وما كفاهم ذلك حتى أداهم اختلفهم في صفة‬
‫ما كتب‪ ,‬ومن كتب الكتاب عنه إلى أن قال كل فريق‬ ‫السلطان وفي أين كان ل ّ‬
‫منهم عن الخر الذي وصفه بخلف ما وصفه به رفيقه إنه أنكر السلطان وقال‬
‫إنه ل سلطان له فهل يكون لهؤلء عقل‪ ،‬اللهم إنا نسألك أن ل تضل عقولنا ول‬
‫تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وتحفظ علينا ديننا يا مقلب القلوب يا مقلب القلوب‬
‫ثبت قلبي على دينك‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫أكثر من مائة بيت كلها إغراء بخصومه والله ينتقم لهم منه‪ .‬ثم إنه يناقض قوله‬
‫فينكر على خصومه تكفيره فلم ل ينكر على نفسه تكفيرهم بعين ما كفروه به‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫مختصر في معناه‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قريب منه‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫قال‪:‬‬
‫اسمع سرا ً عجيبا ً كا‬
‫جيم وجيم ثم جيم معها‬
‫فيها لدى القوام طلسم متى‬
‫فإذا رأيت الثور فيه تقارن الـ‬
‫دلت على أن النحوس جميعها سهـ‬
‫جبر وإرجاء وجيم تجهـ‬
‫فأحكم لطالعها لمن حصلت له‬
‫ن مكتوما ً منذ زمان) (‬
‫مقرونة مع أحرف بوزان‬
‫تحلله تحلل ذروة العرفان‬
‫جيمات بالتثليث شر قران‬
‫ـم الذي قد فاز بالخذلن‬
‫ـم فتأمل المجموع في الميزان‬
‫بخلصه من ربقة اليمان‬

‫) ‪(1/56‬‬

‫وأخذ يذكر مفاسد المذاهب الثلثة )وقياد الجبر) ( إلى الكف والبهتان والرجاء‬
‫كذلك بالجد في العصيان وشتم الرسل ومن أتوا من عنده والسجود للصنم‪ ،‬فإذا‬
‫أضفت إلى الجيمين جيم تجهم أين الصفات والجهم أصلها جميعا والوارثون له‬
‫أصحابها ل شيعة اليمان لكن نجا أهل الحديث المحض أتباع الرسول وتابعوا‬
‫القرآن(‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬وسل المعطل ماذا يقول لربه(‪.‬‬
‫وساق ما يقولونه كله بقبح وأنهم يخاطبون به الله يوم القيامة‪ ،‬وعن طائفته ما‬
‫يولونه ومخاطبتهم به وهاتان طائفتان من المسلمين يعرفون عظمة الله تعالى‪،‬‬
‫وكل أحد قد بذل جهده وطاقته فيما اعتقده ويخاف ويفرق‪ .‬ويوم القيامة يكون‬
‫أشد خوفا ً يوم ل يتكلم إل الرسل‪ ,‬ويود كل من دونهم أن ينجو كفافًا‪ ،‬فتصوير‬
‫مخاطبة الله تعالى بذلك في ذلك الموقف العظيم إنما يصدر عن قلب فارغ‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫في تحميل أهل الثبات للمعطلين شهادة تؤدي عند رب العالمين( قال‪) :‬يا أيها‬
‫الباغي على أتباعه قد حملوك شهادة فاشهد بها إن كنت مقبول لدى الرحمن‬
‫فاشهد عليهم إن سئلت بأنهم قالوا إله العرش والكوان فوق السموات العلى‬
‫حقا ً على العرش استوى والمر ينزل منه وإليه يصعد ما يشاء وإليه صعد‬
‫الرسول ) وعيسى ابن مريم والملك تصعد دائما ً من هنا إليه وروح العبد بعد‬
‫الموت وأنه متكلم بالقرآن سمع المين كلمه منه هو قول رب العالمين حقيقة‬
‫لفظا) ( ومعنى وأنهم وصفوا الله بكل ما جاء في القرآن وأن قول الرسول‬
‫) نص) ( يفيد علم اليقين(‪.‬‬
‫فمن ينازع في ذلك؟ وإن أراد الحاد أو الذي جوزت اللغة احتمال لفظه فحكمه‬
‫عليه بإفادة علم اليقين جهل منه‪.‬‬

‫) ‪(1/57‬‬

‫قال‪) :‬وإنهم قابلوا التعطيل والتمثيل بالنكران أن المعطل والممثل ما هما‬


‫متيقنين عبادة الرحمن ذا عابد المعدوم ل سبحانه أبدا ً وهذا عابد الوثان وأنهم‬
‫يتأولون حقيقة التأويل وأن تأويلتهم صرف عن المرجوح) ( للرجحان وأنهم‬
‫حملوا النصوص على الحقيقة ل على المجاز إل إذا اضطروا للمجاز بحس أو‬
‫برهان وأنهم ل يكفرونكم بما قلتم من الكفران إذ أنتم أهل الجهالة عندهم لستم‬
‫أولى كفر ول إيمان( ) (‪.‬‬
‫فالبالغ المكلف الذي بلغته الدعوة إما كافر وإما مؤمن فكيف ينتفيان عنه‬
‫والجهل ليس عذرا ً في ذلك‪.‬‬
‫قال‪) :‬ل تفرقون حقيقة الكفران بل ل تفرقون حقيقة اليمان إل ذا عاندتم‬
‫ورددتم قول الرسول ) لجل قول فلن فهناك أنتم أكفر الثقلين وأشهد عليهم‬
‫أنهم فاعلون حقيقة والجبر عندهم محال هكذا نفي القضاء(‪.‬‬
‫قد أشهد على نفسه بالفوقية وباللفظ والله يعلم ما تصوره قلبه منهما وبمعنى‬
‫التأويل وأين هذا من التابعين الذين قيل فيهم ما منهم إل من يخاف النفاق على‬
‫نفسه كانوا مع صحة العتقاد والجتهاد في العمل يخافون النفاق‪ ،‬ونحن اليوم‬
‫مع البعد ‪-‬وشتان ما بيننا وبينهم‪ -‬بيننا من يتجاسر هذه الجسارة ويدل هذا‬
‫الدلل‪.‬‬
‫فصل‬
‫في عهود المثبتين مع الله رب العالمين‬
‫قال‪) :‬يا ناصر السلم اشرح لدينك صدر كل موحد وانصر به حزب الهدى فوحق‬
‫نعمتك التي وليتني وأريتني البدع المضلة لجاهد لك عداك ما أبقيتني ولجعلن‬
‫لحومهم ودماءهم في يوم نصرك أعظم القربان(‪.‬‬
‫هذا يقتضي أنه يعتقد كفرهم وسفك دمائهم‪ ،‬وقد حملهم في الفصل الذي قبل‬
‫هذا شهادة أنه ل يكفرهم فيناقض كلمه‪ .‬وقال هناك إنهم جهال ل كفار ول‬
‫مؤمنون فلعله يرى أنهم كالبهائم؛ لكنه صرح هنا بأنهم أعداء الله وغير الكافر‬
‫ليس عدو الله‪.‬‬
‫فصل‬
‫افتراؤهم المثلث على الشعرية‬
‫قال‪:‬‬
‫إنا تحملنا الشهادة بالـ‬
‫ما عندكم في الرض) ( قرآن‬
‫ـذي قلتم نؤديها لدى الرحمن‬
‫كلم الله حقا ً يا أولى العدوان‬

‫) ‪(1/58‬‬

‫كل ول فوق السموات العلى رب) ( مطاع ول في القبر) ( عندكم من يرسل‬


‫فالروح عندكم عرض قائم بجسم الحي‪ ،‬وكذا صفات الحي قائمة به مشروطة‬
‫بالحياة‪ ،‬فإذا انتفت الحياة انتفى مشروطها ورسالة المبعوث مشروطة بها‬
‫كصفاته بالعلم واليمان فإذا انتفت تلك الحياة فكل مشروط بها عدم(‪.‬‬
‫قوله ما في الرض قرآن شهادة زور‪ .‬ونحن نطلق القرآن على ما في‬
‫المصحف؛ وهو إن كان ل يطلقه عليه لزمه ما ألزمنا؛ وإن كان يقول إنه في‬
‫المصحف حقيقة فهو قد قال فيما تقدم إن الصوت من العبد مخلوق فالخط‬
‫بطريق الولى‪ .‬وعندنا أن القرآن مكتوب في المصاحف ولهذا يحرم على‬
‫المحدث حمل المصحف ومتلو باللسنة ومحفوظ في الصدور‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫في حياة النبياء‬
‫قال‪:‬‬
‫ولجل هذا رام ناصر قو لكم ترقيعه يا كثرة الخلقان‬
‫قال الرسول بقبره حي) (‪.‬‬
‫وذكر أربعين نبيا ً في إنكار ذلك وقد صنف البيهقي) ( جزءا في حياة النبياء‬
‫ً‬
‫ولكن هذا المدبر بعيد عن التوفيق‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬فإن احتججتم بالشهيد(‪.‬‬
‫وذكر غيره أشياء من حججنا‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال في الجواب‪) :‬إن الشهيد حياته منصوصة مع النهي عن أن تدعوه ميتا‪،‬‬
‫ونساؤه حل لنا من بعده وماله مقسوم وهو من ذلك حي فارح قلتم فالرسل‬
‫أولى(‪.‬‬
‫ً‬
‫فانظر إلى قلب الدليل عليهم ما قلب شيئا قلب الله قلبه‪.‬‬
‫قال‪) :‬ورؤيته موسى مصليا في قبره في القلب منه حسيكة هل قاله؟ ولذلك‬
‫أعرض البخاري عنه عمدا ً والدارقطني أعله ورأى أنه موقوف على أنس لكن‬
‫تقلد مسلمًا‪ ،‬لكن هذا ليس مختصا ً به روى ابن حبان صلة العصر في قبر الذي‬
‫مات مؤمنا فتمثل الشمس التي قد كان يرعاها لجل الصلة عند الغروب يخاف‬
‫فوت صلته فيقول للملكين تدعاني حتى أصلي العصر قال ستفعل ذلك بعد‬
‫الن‪ ،‬هذا مع الموت المحقق ل الذي حكيت لنا بثبوته القولن‪.‬‬
‫وثابت البناني دعا أن ل يزال مصليا في قبره وحديث ذكر حياتهم بقبورهم لما‬
‫يصح‪ ،‬وظاهر النكران ونحن نقول إنهم أحياء عند ربهم كالشهيد(‪ .‬يعني وننكر‬
‫حياتهم في قبورهم‪.‬‬

‫) ‪(1/59‬‬

‫قال‪) :‬هذي نهايات لقدام الورى في ذا المقام الضنك والحق فيه ليس تحمله‬
‫عقول بني الزمان لغلظة الذهان ولجهلهم بالروح هل في عقولهم أن الروح في‬
‫أعلى الرفيق مقيمة بجنان‪ ،‬وترد أوقات السلم عليه وأجواف الطير الخضر‬
‫مسكنها لدى الجنات‪ ،‬من ليس يحمل عقله هذا فاعذره على النكران للروح‬
‫شأن غير ذي الكوان‪ ،‬وهو الذي حار الورى فيه فلم يعرفه غير الفرد في‬
‫الزمان‪ ،‬هذا وأمر فوق ذا لو قلته بادرت بالنكار والعدوان فلذلك أمسكت‬
‫العنان ولو أرى ذاك الرفيق جريت في الميدان‪ ،‬وقولي إنها مخلوقة وليست كما‬
‫قال أهل الفك ل داخلة فينا ول خارجة عنا – والله – ل الرحمن أثبتم ول‬
‫أرواحكم‪ ،‬عطلتم البدان من أرواحها والعرش عطلتم من الرحمن(‪.‬‬
‫استشكال معرفة الروح صحيح؛ لكنه ما أظنه يفهمه وإنما قاله تقليدا ً وإنكاره‬
‫حياة النبياء ليس له عليه حامل صحيح) (‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬ما معناه منجنيق المعطلة ما يدعونه من التركيب‪ ،‬وللتركيب ستة معان‬
‫أحدها‪ :‬التركيب من متباين كتركيب الحيوان من هذه العضاء وتركيب العضاء‬
‫من الركان الربعة‪ ،‬الثاني‪ :‬تركيب الجوار من اثنين يفترقان‪ ،‬الثالث‪ :‬التركيب‬
‫من متماثل يدعى الجواهر الفردة‪ ،‬الرابع‪ :‬الجسم المركب من هيولى وصورة‬
‫عند الفيلسوف والجواهر الفرد ليس ممكنا‪ ،‬الخامس‪ :‬التركيب من ذات‬
‫وأوصاف سموه تركيبا وليس بتركيب‪ ،‬السادس‪ :‬التركيب من ماهية ووجودها‪،‬‬
‫واختلفوا هل الذات الوجود أو غيره فيكون تركيبا ً محال ً أو يفرق بين الواجب‬
‫والممكن حتى أتى من أرض آمد ثور كبير) (‪ ،‬بل حقير الشأن قال الصواب‬
‫الوقف فقصاراه أن شك في الله(‪.‬‬
‫جوابه أنه لم يشك في الله وإنما شك في الوجود هل هو زائد أو ل‪ .‬ول يجوز أن‬
‫يقال له ثور ول أنه حقير الشأن‪ ،‬وقد اعترف في التركيبين الخيرين بالمتناع؛‬
‫فيسأل من أهل اللغة هل القدم واليد والجنب أعضاء) ( أو صفات‪.‬‬
‫فصل‬

‫) ‪(1/60‬‬

‫قال‪) :‬ودللة السماء مطابقة وتضمن والتزام فالمطابقة يفهم منها ذات الله‬
‫والوصف والتضمن دللته على أحدهما واللزم دللته على الصفة التي اشتق‬
‫السم منها كالرحمن‪ ،‬فالذات والرحمة مدلوله تضمنا ودللته على الحياة‬
‫باللتزام(‪.‬‬
‫مقصودة بهذا المبالغة في القول بالتركيب في المعنى) ( وإن أنكره باللفظ فيما‬
‫تقدم‪ .‬ومدلول الرحمن في اللغة ذو الرحمة وهو شيء واحد ل مركب وإن كان‬
‫يقتضي أن له رحمة وكذا ضارب‪ ،‬مدلول شيء له الضرب ول نقول بأن الضرب‬
‫بعض مدلوله وإن كان قاله بعض الصوليين من جهة تركيب العقل ما دل عليه‬
‫دم‪.‬‬‫ف ْ‬
‫اللفظ ل من جهة أن الواضع وضعه لهما كما أشعر به كلم هذا ال َ‬
‫واستعماله في السماء المقدسة جرأة جرأتها عقيدة سوء ميالة إلى معنى‬
‫التركيب‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬الملحدون ثلثة‪ :‬المشركون وإخوانهم التحادية‪ ،‬والثاني‪ :‬المعطلة يقولون‬
‫ما ثم غير السم عطل حرف ثم أول وافقها واقذف بتجسيم وبالكفران‬
‫للمثبتين‪ ،‬فإن احتجوا عليك فقل مجاز فإن غلبت عن المجاز فقل اللفاظ ل تفيد‬
‫اليقين فإن غلبت عن تقريره فقل العقل مقدم على النقل‪ ،‬والثالث‪ :‬منكر‬
‫الخالق الصانع ل يوحشنك غربة بين الورى قل لي متى سلم الرسول وصحبه‬
‫وتظن أنك وارث لهم ول جاهدت في الله حق جهاده(‪.‬‬
‫هذا الرجل قال قبل ذلك إنه لم ينكر أحد الخالق وقد ناقض هنا وجعل القسم‬
‫الثاني من الملحدة خصماءه ووصفهم بما قال‪ ،‬وهم هداة المة‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫في النوع الثاني من توحيد المرسلين المخالف لتوحيد المعطلين والمشركين(‪.‬‬

‫) ‪(1/61‬‬

‫قال‪) :‬وهو أن ل تعبد غير الله‪ ،‬فالمشركون اتخذوا أندادا ً يحبونهم كحب الله‪،‬‬
‫ولقد رأينا من فريق يدعي السلم شركا جعلوا له شركاء سووهم به في الحب‬
‫بل زادوا لهم حبا‪ -‬والله‪ -‬ما غضبوا إذا انتهكت محارم ربهم حتى إذا ما قيل في‬
‫الوثن الذي يدعونه ما فيه من نقصان فأجارك الرحمن من غضب ومن حرب‬
‫ومن شتم ومن عدوان وضرب وتعزير وسب وتسجان‪ ،‬قالوا تنقصت الكابر‬
‫والمر‪ -‬والله العظيم‪ -‬يزيد فوق الوصف‪ ،‬وإذا ذكرت الله توحيدا ً رأيت وجوههم‬
‫مكسوفة اللوان‪ ،‬وإذا ذكرت بمدحة شركاءهم يستبشرون – والله – ما شموا‬
‫روائح دينه(‪ .‬انتهى ثناؤه على المسلمين قبحه الله‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫في صفة العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول‬
‫القران(‪.‬‬
‫أبصر كيف يوقع الملعون العداوة بين المسلمين‪.‬‬
‫فذكر جماعة ثم قال‪) :‬وخيار عسكرهم فذاك الشعري الفدم( أو القرم )ذاك‬
‫مقدم الفرسان(‪.‬‬
‫سواء أقال الفدم أو القرم قد جعله من عسكر الملحدين‪.‬‬
‫قال‪) :‬لكنكم ما أنتم على إثباته صفوا الجيوش وعبئوها وابرزوا للحرب واقتربوا‬
‫من الفرسان فهم إلى لقياكم بالشوق كي يوفوا بنذرهم من القربان‪ ،‬تبا ً لكم لو‬
‫تستحون لكنتم خلف الخدور كأضعف النسوان‪ ،‬من أين أنتم والحديث وأهله ما‬
‫عندكم إل الدعاوي والشكاوي وشهادات على البهتان هذا الذي والله نلنا منكم‬
‫قبح الله مناصبا ومآكل قامت على البهتان والعدوان(‪.‬‬
‫أيكون أقبح من هذا الغراء‪.‬‬
‫فصل‬
‫في الهدنة بين المعطلة والتحادية حزب جنكسخان‬
‫قال‪) :‬يا قوم صالحتم نفاة الذات ولجل ذا كنتم مخانيثا ً لهم(‪.‬‬
‫ينبغي أن يعرض عن كلم هذا المتخلف‪.‬‬
‫فصل‬
‫في مصارع المعطلة بأسنة الموحدين‬
‫قال‪) :‬وإذا أردت ترى مصارع من خل من أمة التعطيل وترى وترى وترى فاقرأ‬
‫تصانيف المام حقيقة شيخ الوجود العالم الرباني أعني أبا العباس) ( واقرأ كتاب‬
‫العقل‬

‫) ‪(1/62‬‬

‫والنقل‪ ،‬والمنهاج) (‪ ،‬والتأسيس وغيرها وقرأت أكثرها عليه فزادني‪ -‬والله‪ -‬في‬
‫علم وفي إيمان‪ ،‬هذا ولو حدثت أنه قبلي يموت لكان غير الشأن وله المقامات‬
‫الشهيرة أبدى فضائحهم) ( وبين جهلهم وأصارهم تحت نعال أهل الحق‪ ،‬كانت‬
‫نواصينا بأيديهم فصارت نواصيهم بأيدينا وغدت ملوكهم مماليكا ً والفدم يوحشنا‬
‫وليس هنا كم فحضوره ومغيبه سيان(‪.‬‬
‫وهذا الفصل تسعون بيتا ماذا تضمن من الكذب الذي يدل على أن قائله خرق‬
‫جلباب الحياء‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫يزيد على مائة وعشرين بيتا مما يهيج ويوقع العداوة وليس فيه قط إفادة‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫]في كسر الطاغوت الذي نفوا به الصفات[‬
‫ثمانية وثمانون بيتا كلها تهييج وإشلء وسفاهة‪.‬‬
‫من جملتها‪:‬‬
‫فتعين اللزام حينئذ على قو‬
‫وجعلتم أتباعه مانسترا خو‬
‫ل الرسول ومحكم القرآن‬
‫فا ً من التصريح بالكفران‬
‫)والله – ما قلنا) ( سوى ما قاله فجعلتمونا جنة والقصد مفهوم فنحن وقاية‬
‫القرآن(‪.‬‬
‫ما يحسن أن يتخيل أحد في مسلم أنه يقصد الرد على القرآن والرسول‪.‬‬
‫ثم قال‪) :‬والله لو نشرت لكم أشياخكم عجزوا‬
‫إن كنتم فحول ً فابرزوا‬
‫وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى إلى‬
‫ودعوا الشكاوي حيلة النسوان‬
‫الوحيين) ( ل القاضي ول السلطان‬
‫)فصل(‬
‫في مبدأ العداوة بين الموحدين والمعطلين‬
‫قال‪) :‬يا قوم تدرون العداوة بيننا من أجل ماذا؟ إنا تحيزنا إلى القرآن والنقل‬
‫الصحيح والعقل الصريح فاشتد ذاك الحرب بين فريقنا وفريقكم وتأصلت تلك‬
‫العداوة من يوم أمر إبليس بالسجود فأتى التلميذ الوقاح فانظر إلى ميراثهم ذا‬
‫الشيخ هذا الذي ألقى العداوة بيننا(‪.‬‬
‫فصل‬
‫في أن التعطيل أساس الزندقة‬
‫ً‬
‫قال‪) :‬من قال إن الله ليس بفاعل فعل يقوم) ( به وليس أمره قائما به وليس‬
‫فوق عباده‪ ،‬فثلثة ل تبقي من اليمان حبة خردل وقد استراح من القرآن‬
‫والرسول وشريعة السلم وتمام ذاك جحوده للصفات وتمامه الرجاء وتمامه‬
‫قوله في المعاد( ) (‪.‬‬
‫)فصل(‬
‫في بهت أهل الشرك والتعطيل‬

‫) ‪(1/63‬‬

‫قال‪) :‬قالوا تنقصتم رسول الله‪ ،‬واعجبا‪ ،‬ونظيره قول النصارى إنا تنقصنا‬
‫المسيح(‪.‬‬
‫هذه الفصول كلها كما ترى‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪) :‬ولنا الحقيقة من كلم إلهنا ونصيبكم منه المجاز الثاني وخيامنا مضروبة‬
‫بمشاعر الوحيين وخيامكم) ( مضروبة في التيه فالمكان كل ملدد حيران‪ ،‬هذه‬
‫شهادتهم على محصولهم عند الممات والله يشهد أنهم أيضا ً كذا ولنا المسانيد‬
‫والصحاح ولكم تصانيف الكلم ونقول‪ :‬قال الله قال رسوله في كل تصنيف وكل‬
‫مكان لكن تقولون‪ :‬قال أرسطو وقال ابن الخطيب) ( وقال ذو العرفان شيخ‬
‫لكم يدعى ابن سينا‪ ،‬وخيار ما تأتون قال‪ :‬الشعري وتشهدون) ( عليه بالبهتان‪،‬‬
‫والكفر عندكم خلف شيوخكم ووفاقهم فحقيقة اليمان(‪.‬‬
‫انتهى‪ ،‬يكفيه أن ينسب القائلين عند موتهم بالعجز عن حقيقة الدراك إلى الكفر‬
‫ديق الكبر )إن العجز عن حقيقة الدراك إدراك(‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫وهي كلمة ال ّ‬
‫)فصل(‬
‫أنكر فيه على خصومه تكفيرهم إياه وقال‪) :‬اسمع إذن يا منصفا حكميهما وانظر‬
‫إذن هل يستوي الحكمان‪ ،‬هم عندنا قسمان أهل جهالة ومعاند فالمعاند كافر‬
‫والجاهل نوعان أحدهما متمكن من العلم فهو فاسق وفي كفره قولن‪ ،‬والوقف‬
‫عندي فيهم لست الذي بالكفر أنعتهم ول اليمان‪ ،‬والله أعلم بالبطانة منهم‬
‫لكنهم مستوجبون عقابه قطعا ً لجل البغي والعدوان‪ ،‬والنوع الثاني عاجز عن‬
‫بلوغ الحق مع قصد وإيمان وهم ضربان أحدهما قوم دهاهم حسن ظنهم‬
‫بشيوخهم فمعذورون إن لم يظلموا أو يكفروا والخرين طالبون للحق لكن‬
‫صدهم عن علمه شيئان أحدهما طلب الحقائق من سوى أبوابها فأولء بين‬
‫الذنب والجرين فانظر إلى أحكامنا فيهم وأحكامهم فينا(‪.‬‬
‫انتهى كلمه‪ ،‬وهو كلم من يعتقد أن خصومه خارجون بتكفيره‪ .‬وخصومه يقولون‬
‫ل نكفر أحدا ً من أهل القبلة‪.‬‬
‫فصل‬
‫ً‬
‫في أذان أهل السنة بصريحها جهرا على رءوس منابر السلم‪.‬‬

‫) ‪(1/64‬‬
‫قال‪) :‬شبهتم الرحمن بالوثان) ( في عدم الكلم هم أهل تعطيل وتشبيه معا ً‬
‫بالجامدات تسعون وجها يبطل المعنى الذي قلتم هو النفس) ( للقرآن(‪.‬‬
‫ول وجه واحد‪) .‬وتسعون إلى آخره ساقطة من المطبوع(‪.‬‬
‫قال‪) :‬وإليه قد عرج الرسول حقيقة(‪.‬‬
‫أين في القرآن إليه؟‪.‬‬
‫ً‬
‫)قال والله أكبر من أشار رسوله حقا إليه بأصبع وبنان(‪.‬‬
‫أين في الحديث إليه؟‬
‫)قال والله فوق العرش والكرسي(‪.‬‬
‫أين في القرآن إن الله فوق العرش ؟‪.‬‬
‫فصل‬
‫في تلزم التعطيل والشرك‬
‫ً‬
‫)قال‪ :‬واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ كانا هما ل شك مصطحبان أبدا فكل‬
‫معطل هو مشرك(‪.‬‬
‫سواء أراد بالتعطيل النكار للذات أو إنكار الصفات أو بعضها هو مباين للشرك‪.‬‬
‫قال‪) :‬والناس في ذا ثلث طوائف‪ :‬إحدى الطوائف مشرك بإلهه فإذا دعاه دعا‬
‫إلها ً ثاني‪ ،‬وثانيها‪ :‬جاحد يدعو سوى الرحمن‪ ،‬هو جاحد للرب يدعو غيره شركا‬
‫وتعطيل له قدمان(‪.‬‬
‫هذا ما يستقيم يا هذا‪.‬‬
‫قال‪) :‬وثالث هذه القسام خير الخلق فمعطل الوصاف ذو شرك كذا ذو الشرك‬
‫فهو معطل الرحمن(‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال‪:‬‬
‫)لكن أخو التعطيل شر من أخي الشراك بالمعقول والبرهان(‬
‫والله ل معقول ول برهان وأخذ يبينه بما ل يصح وإن كان فيه شيء كثير من‬
‫الصحيح ل يحصل به مقصوده بل يلبس به‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫)لكن أخو التعطيل ليس لديـ ـه إل النفي أين النفي من إيمان(‬
‫فصل‬
‫في مثل المشرك والمعطل‬
‫قال‪:‬‬
‫"أين الذي قد قال في ملك عظيـ ـم لست فينا قط ذا سلطان"‬
‫فذكر ثمانية أبيات من هذا الخطاب الذي قد خرق حجاب الهيبة ثم قال‪) :‬هذا‬
‫وثان قال أنت مليكنا إذ حزت أوصاف الكمال ولقد جلست على سرير الملك‬
‫متصفا بتدبير عظيم الشان(‪.‬‬
‫هذا تصريح بالجلوس) (‪) .‬وفي المطبوع وقد استويت(‪.‬‬
‫قال‪) :‬إن المعطل بالعداوة معلن والمشركون أخف في الكفران(‬
‫ما لمن يعتقد في المسلمين هذا إل السيف) (‪.‬‬
‫فصل‬
‫في أسبق الناس دخول إلى الجنة‬
‫قال‪) :‬وروى ابن ماجه أن أولهم يصافحه) ( إله العرش ذو الحسان فاروق دين‬
‫الله(‪.‬‬
‫فصل‬
‫في عدد الجنات‬

‫) ‪(1/65‬‬

‫قال‪ :‬سبحانه من غرست يداه) ( جنة الفرودس ويداه أيضا ً أتقنت لبنائها‪ ،‬هي‬
‫في الجنان كآدم لكنما الجهمي ليس لديه من ذا الفضل شيء فهو ذو نكران(‬
‫إنما ينكر العضو والجارحة فإن كنت أنت تثبتها فاعرف‪.‬‬
‫قال‪":‬ولد عقوق عق والده ولم يثبت بذا فضل عن الشيطان"‪.‬‬
‫ما يستحيي يكذب على الناس‪.‬‬
‫ً‬
‫قال‪) :‬ولقد روى حقا أبو الدرداء ذاك عويمر أثرا عظيم الشأن يهتز قلب العبد‬
‫عند سماعه طربا بقدر حلوة اليمان ما مثله أبدا ً يقال برأيه فيه النزول) ( ثلث‬
‫ساعات‪ :‬فإحداهن ينظر في الكتاب‪ ،‬الثاني‪ :‬يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة‪،‬‬
‫والساعة الخرى إلى عدن أهله هم صفوة الرحمن والساعة الخرى إلى هذه‬
‫السماء يقول هل من تائب ندمان(‪.‬‬
‫الظاهر أنه ما ساق أبوابا ً في صفة الجنة إل ليذكر هذا الحديث؛ وأيضا ً ليسكت‬
‫الناس بسماع صفات الجنة؛ فيقبلون على هذه القصيدة‪ ,‬ويعكفون عليها‬
‫فيفتنهم‪ .‬أسأل الله العافية ويحق له اسم الحشوي لن الباطل محشو في هذه‬
‫القصيدة اللحناء‪.‬‬
‫ً‬
‫قال‪) :‬وروى ابن ماجه مسندا عن جابر بينا هم في عيشهم إذا بنور ساطع رفعوا‬
‫رءوسهم فرأوه نور الواحد وإذا بربهم تعالى فوقهم) ( قد جاء للتسليم وقال‬
‫السلم عليكم جهرًا‪ ،‬ومصداقه)سلم قول من رب رحيم)] يس‪ [58 :‬من رد ذا‬
‫فعلى رسول الله رد(‪ .‬الذي يحمله على محمل صحيح ل يرده‪ ,‬والذي يحمله‬
‫على صفات الجسام هو الذي يرد ما يجب‪.‬‬
‫فصل‬
‫في يوم المزيد) (‬
‫قال‪) :‬فيرون ربهم تعالى جهرة ويحاضر الرحمن واحدهم محاضرة الحبيب يقول‬
‫يا بن فلن‪ ،‬هل تذكر اليوم الذي قد كنت فيه مبارزا ً بالذنب قالوا يحق لنا وقد‬
‫كنا إذا ً جلساء رب العرش(‪.‬‬
‫فصل‬
‫ً‬
‫كله فيما للعبد عند ربه في الخرة‪ .‬ولو كان مفردا بالتصنيف كان حسنا‪ ،‬ولكن‬
‫إدخاله في قصيدة انتصب فيها للحكم بين الحشوي وخصومه وإسعار الحرب‬
‫بينهم لي معنى؟‬
‫فصل‬
‫رجع فيه إلى ما كان عليه مما في نفسه‪ ,‬وذكر خصومه؛ وفصول معه ذكر فيها‬
‫فرق المعادين له‪.‬‬
‫فصل‬

‫) ‪(1/66‬‬

‫ختم به الكتاب؛ فيه شيء يسير؛ ولكن هذا آخر كلمنا في ذلك والله المستعان‪.‬‬
‫قال المؤلف شرعت فيه يوم السبت الرابع والعشرين من صفر سن ‪749‬‬
‫وفرغت منه يوم السبت مستهل ربيع الول من السنة) ( والحمد لله وحده‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‪ .‬حسبنا الله ونعم الوكيل‪.‬‬
‫)تم السيف الصقيل(‬
‫نص الرسالة‬
‫ول تخلو قراءة هذا الخط من بعض صعوبة على بعض القراء فإليك الرسالة‬
‫الحروف المعتادة مع عنوانها‪:‬‬
‫رسالة كتب) ( بها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي إلى الشيخ تقي‬
‫الدين ابن تيمية كتبتها) ( من خط قاضي القضاة برهان الدين بن جماعة رحمه‬
‫الله وكتبها هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد بن العلئي وهو كتبها من خط‬
‫مرسلها الشيخ شمس الدين‪.‬‬

‫) ‪(1/67‬‬

‫ي إيماني‪.‬‬
‫الحمد لله على ذلتي‪ ،‬يا رب ارحمني وأقلني عثرتي‪ .‬واحفظ عل ّ‬
‫واحزناه على قلة حزني‪ ،‬واأسفاه على السنة وذهاب أهلها‪ .‬واشوقاه إلى إخوان‬
‫مؤمنين يعاونونني على البكاء‪ .‬واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل‬
‫التقوى وكنوز الخيرات‪ .‬آه على وجود درهم حلل وأخ مونس‪ .‬طوبى لمن شغله‬
‫عيبه عن عيوب الناس‪ ،‬وتبا ً لمن شغله عيوب الناس عن عيبه‪ .‬إلى كم ترى‬
‫القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك!‪ .‬إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك‬
‫وعباراتك‪ ,‬وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؛ مع علمك بنهي الرسول ) )ل‬
‫تذكروا موتاكم إل بخير‪ ،‬فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا( بل أعرف أنك تقول لي‬
‫لتنصر نفسك‪ :‬إنما الوقيعة في هؤلء الذين ما شموا رائحة السلم ول عرفوا ما‬
‫جاء به محمد ) وهو جهاد‪ .‬بلى ‪-‬والله‪ -‬عرفوا خيرا ً كثيرا ً مما إذا عمل به العبد‬
‫فقد فاز‪ ,‬وجهلوا شيئا ً كثيرا ً مما ل يعنيهم‪ ،‬ومن حسن إسلم المرء تركه ما ل‬
‫يعنيه‪ .‬يا رجل بالله عليك كف عنا فإنك محجاج عليم اللسان ل تقر ول تنام‪.‬‬
‫إياكم والغلوطات في الدين كره نبيك ) المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال‬
‫وقال‪) :‬إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان( وكثرة الكلم‬
‫بغير زلل تقسي القلوب إذا كان في الحلل والحرام‪ ،‬فكيف إذا كان في عبارات‬
‫حكة‬
‫ض ْ‬
‫اليونسية‪ ,‬والفلسفة‪ ,‬وتلك الكفريات التي تعمي القلوب‪ .‬والله قد صرنا ُ‬
‫في الوجود فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية لنرد بعقولنا ؟ يا رجل قد‬
‫بلعت )سموم( الفلسفة وتصنيفاتهم مرات‪ .‬وكثرة استعمال السموم يدمن عليه‬
‫الجسم وتكمن والله في البدن‪ .‬واشوقاه إلى مجلس فيه تلوة بتدبر‪ ,‬وخشية‬
‫بتذكر‪ ,‬وصمت بتفكر؛ وآها لمجلس يذكر فيه البرار فعند ذكر الصالحين تنزل‬
‫الرحمة‪ .‬بلى عند ذكر الصالحين يذكرون بالزدراء واللعنة‪ .‬كان سيف الحجاج‬
‫ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما‪ .‬بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل‬
‫الحبوب وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلل‬

‫) ‪(1/68‬‬

‫قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار‪،‬‬
‫ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون‪ .‬وتعد النصارى مثلنا‪ ،‬والله في القلوب‬
‫شكرك إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد‪ .‬يا خيبة من اتبعك فإنه‬
‫معرض للزندقة والنحلل ل سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا‪.‬‬
‫لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه‪ .‬فهل‬
‫معظم أتباعك إل قعيد مربوط خفيف العقل‪ ,‬أو عامي كذاب بليد الذهن‪ ,‬أو‬
‫غريب واجم قوي المكر أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم‬
‫وزنهم بالعدل‪ .‬يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك‪ ،‬إلى كم تصادقها‬
‫وتعادى الخيار‪ .‬إلى كم تصادقها وتزدري البرار‪ .‬إلى كم تعظمها وتصغر العباد‪.‬‬
‫إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد‪ .‬إلى متى تمدح كلمك بكيفية ل تمدح‪ -‬والله‪ -‬بها‬
‫أحاديث الصحيحين‪ .‬يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير‬
‫عليها بالتضعيف والهدار أو بالتأويل والنكار‪ .‬أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك‬
‫أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل‪ .‬بلى‪ -‬والله – ما‬
‫أذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت؛ فما أظنك تقبل على قولي‪,‬‬
‫ول تصغي إلى وعظي؛ بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجدات وتقطع‬
‫لي أذناب الكلم ول تزال تنتصر حتى أقول‪ :‬وألبتة سكت‪ .‬فإذا كان هذا حالك‬
‫عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك‪ .‬وأعداؤك – والله‪-‬‬
‫فيهم صلحاء وعقلء وفضلء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة‬
‫وعور وبقر‪ .‬قد رضيت منك بأن تسبني علنية وتنتفع بمقالتي سرا ً )فرحم الله‬
‫امرءا ً أهدى إل ّ‬
‫ي عيوبي( فإني كثير العيوب غزير الذنوب‪ .‬الويل لي إن أنا ل‬
‫أتوب‪ ،‬ووافضيحتي من علم الغيوب ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه‬
‫وهدايته والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫) ‪(1/69‬‬

‫وهنا انتهت صورة رسالة الذهبي إلى ابن تيمية وفيها عبر بالغة‪ .‬وليكن هذا آخر‬
‫تكملة الرد على نونية ابن القيم وبها يكون إن شاء الله تعالى )تبديد الظلم‬
‫المخيم من نونية ابن القيم(‪.‬‬
‫لماذا يقال للناظم ابن القيم‬
‫وقد عرف الناظم بابن القيم حيث كان أبوه قيم المدرسة الجوزية الحنبلية التي‬
‫أنشأها محيى الدين ابن الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي بسوق القمح‬
‫المعروفة اليوم بالبزورية بدمشق‪.‬‬
‫والغالب أن يقال له ابن قيم الجوزية لئل يلتبس بابن القيم الكبير المصري‬
‫الراوي عن الفخر الفارسي فإنه معمر مقدم‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أن من يقول عنه‪) :‬ابن القيم الجوزي( واهم وهما ً قبيحا ً وإنما هو‬
‫)ابن قيم الجوزية( كما قلنا‪.‬‬
‫ويجد القارئ الكريم في كتابنا هذا الرد على ابن تيمية كما يجد فيه الرد على‬
‫ابن القيم باعتبار أن الثاني إنما يردد صدى الول في أبحاثه كلها دون أن تكون‬
‫له شخصية خاصة؛ بل هو ظل الول في كل آرائه وجميع أهوائه فانتظمهما الرد‪.‬‬
‫ولعل فيما رددنا به عليهما كفاية للمنصف وقطعا ً لعذر كل متعسف‪ .‬وأما من‬
‫تعود أن يقول‪) :‬عنزة وإن طارت(‪ ،‬فليس خطابي معه )والله يقول الحق ويهدي‬
‫السبيل)‪.‬‬
‫وكان فراغي من إعادة النظر في الكتاب بمنزلي في آخر العباسية بمصر‬
‫القاهرة ‪-‬حرسها الله تعالى‪ -‬ضحوة يوم الخميس المصادف لليوم الثالث من‬
‫رجب سنة ‪.1356‬‬
‫ً‬
‫وأسأل الله سبحانه أن ينفع به المسلمين‪ ,‬وأن يجعله ذخرا لي يوم الدين يوم ل‬
‫ينفع مال ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم؛ إنه المجيب البر التواب الرحيم‪،‬‬
‫وأنا الفقير إلى عفو الله ومسامحته محمد زاهد بن الحسن بن علي الكوثري‪،‬‬
‫خادم العلم بدار السلطنة العثمانية سابقا ً عفا الله عن سيئاته‪ ,‬ورفع منزلته‪,‬‬
‫ومنازل ذويه في الخرة‪ ,‬وأغدق عليه‪ ,‬وعلى قرابته‪ ,‬ومشايخه سحب رحمته‪,‬‬
‫ورضوانه‪ ,‬وغفر لهم‪ ,‬ولسائر المسلمين أجمعين‪..‬‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫فهرس الكتاب‬

‫) ‪(1/70‬‬

‫الموضوع‬
‫الصفحة‬
‫التعريف بموضوع الكتاب‬
‫مقدمة المعلق‬
‫انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه )‬
‫تحين العداء الفرص للكيد بالمسلمين‬
‫انخداع سذج الرواة‬
‫فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين‬
‫محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها‬
‫مسايرة ابن القيم لبن تيمية في فتنته‬
‫نماذج من أقوال أصحاب ابن القيم وأضاده والمتحايدين‬
‫أخطر ما يطغى من صنوف الستغناء‬
‫ردود السبكي على ابن تيمية والكلم في رده على نونية ابن القيم‬
‫مقدمة الكتاب للمؤلف‬
‫الشعرية أعدل الفرق‬
‫مجامع الزيغ في نونية ابن القيم‬
‫تأسي السبكي بإمام الحرمين في الرد على بعض جهلة أهل الحديث‬
‫مناظرة خيالية بين المشبه والمنزه‬
‫فصل‪ :‬أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد‬
‫فصل‪ :‬في قصيدته النونية‬
‫فصل‪ :‬تخيل الناظم في أفعال العباد‬
‫فصل‪ :‬استنكار الناظم إعادة المعدوم‬
‫فصل‪ :‬زعم الناظم قيام الله تعالى بالحوادث‬
‫فصل‪ :‬عقد مجلس خيالي‪ ..‬كلمه في وحدة الوجود‬
‫فصل‪ :‬الفوقية الحسية‬
‫تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكزخان‬
‫فتاوى في الرد على القائلين بالحرف والصوت‬
‫رد حديث الوعال‬
‫الصابع في كلم الحبر‬
‫الكلم على الساق والنزول والمجيء ووضع القدم‬
‫تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير‬
‫كذب الناظم على الله ورسوله )‬
‫فصل‪ :‬قال‪ :‬في قدوم ركب اليمان وعسكر القرآن‬
‫عدم تمييز الناظم بين اللزم والملزوم‬
‫تخبط الناظم في الصوت‬
‫كلم واف في أحاديث الصوت‬
‫فصل‪ :‬قوله‪ :‬إنه يلزم من نفي صفة الكلم نفي الرسالة‬
‫فصل‪ :‬وقيعة الناظم وشيخه في ابن حزم‬
‫الخلف بين أحمد والبخاري رضي الله عنهما في اللفظ‬
‫فصل‪ :‬في مقالة الفلسفة والقرامطة‬
‫فصل‪ :‬في التحادية‬
‫الرد على عثمان بن سعيد في إثباته الحركة‬
‫الرد على قول الناظم باليجاب‬
‫فصل‪ :‬في تجويز التسلسل في الماضي‬
‫الرد على كلم الناظم في الزمان‬
‫فصل‪ :‬في الرد على الجهمية‬
‫فصل‪ :‬نصوص ابن تيمية في الفوقية الحسية‬
‫قول أبي حيان في ابن تيمية‬
‫صيغة استتابة ابن تيمية في الستواء والصوت وخطوط كبار العلء‬

‫) ‪(1/71‬‬

‫فصل‪ :‬كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه‬


‫فصل‪ :‬حديث النزول‬
‫فصل‪ :‬الشارة إلى رفع اليدي إلى السماء‬
‫فصل‪ :‬دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة‬
‫فصل‪ :‬بسط الكلم في السؤال بـ )أين( في حديث الجارية‬
‫توهين سند حديث أبي رزين‬
‫تفنيد زعم الجماع على الفوقية الحسية‬
‫بسط الكلم في رد القول بالجهة‬
‫تناقض ابن تيمية في الجهة وكذبه‬
‫مخالفات ابن تيمية‬
‫رد المصنف على الناظم في الفوقية‬
‫روايات الضراب عن مالك في النزول‬
‫قول اليافعي في الحشوية‬
‫أحد المراسيم الصادرة في حق ابن تيمية‬
‫نص المام أحمد في المجيء‬
‫معنى كتب ربكم على نفسه بيده‬
‫سخف عثمان بن سعيد في التمسك بحديث حصين في الفوقية‬
‫الشعر المنسوب إلى ابن رواحة )‬
‫حديث بني قريظة‬
‫حدث جابر )‬
‫فصل‪ :‬ممتع في التأويل‬
‫قول ابن حجر في التأويل‬
‫تحقيق ابن دقيق العيد‬
‫صنيع الصحابة في التأويل‬
‫اضطراب الحشوية‬
‫القول بالتجلي في الصور‬
‫تبديع الفلسفة وإكفارهم‬
‫القول بتجرد الروح‬
‫نص من ابن تيمية في الحد والجسم‬
‫قول السلف في العين واليد‬
‫خداع الناظم وشيخه‬
‫معنى القبضة عند الخلف‬
‫المعطل في الصل من ينفي الصانع‬
‫فصل‪ :‬في عهود المثبتين مع الله رب العالمين‬
‫فصل‪ :‬افتراؤهم المثلث على الشعري‬
‫فصل‪ :‬في حياة النبياء‬
‫فتيا الئمة في إنكاره شد الرحل لزيارته )‬
‫نص ابن عقيل الحنبلي في تذكرته‬
‫نصوص من المطالب العالية للفخر الرازي‬
‫فصل‪ :‬في الهدنة بين المعطلة والتحادية حزب جنكسخان‬
‫فصل‪ :‬في مصارع المعطلة بأسنة الموحدين‬
‫كلمة صاحب الدرة المضّية في ابن تيمية‬
‫فصل‪ :‬في كسر الطاغوت الذي نفوا به الصفات‬
‫فصل‪ :‬في مبدأ العداوة بين الموحدين والمعطلين‬
‫فصل‪ :‬في أن التعطيل أساس الزندقة‬
‫فصل‪ :‬في بهت أهل الشرك والتعطيل‬
‫عظم شأن الفخر الرازي في الرد على الحشوية‬
‫ناحت العجل‬
‫الكلم النفسي‬
‫قول ابن القيم في تلزم التعطيل والشرك‬
‫فصل‪ :‬في مثل المشرك والمعطل‬
‫حال الذهبي ماله وما عليه‬
‫فصل‪ :‬في أسبق الناس دخول إلى الجنة‬
‫فصل‪ :‬في عدد الجنات‬

‫) ‪(1/72‬‬

‫فصل‪ :‬في يوم المزيد‬


‫خاتمة السيف الصقيل‬
‫مقدمة رسالة الذهبي إلى ابن تيمية‬
‫نص الرسالة بخط ابن قاضي شهبة )بالزنكوغراف(‬
‫نص الرسالة بالحروف العادية‬
‫لماذا يقال للناظم ابن القيم‬
‫خاتمة تكملة الرد‬
‫تمت الفهرسة )بعون الله(‬

‫) ‪(1/73‬‬

You might also like