Professional Documents
Culture Documents
ُتقّدر إحصاءات وزارة التخطيط والتوقعات القتصادية بالمغرب عدد الطفال المشردين الذين تطلق عليهم "الطفال
ل في غياب المؤسسات القادرة على انتشالهم من التشرد
المتخّلى عنهم" بنحو ) (400ألف .وتزداد مشكلتهم استفحا ً
والنحراف والضياع وتأهليهم نفسيًا واجتماعيًا .وُيعزى ارتفاع أعدادهم إلى انتشار ما بات ُيعرف في المغرب بـ"المهات
العازبات" ،أي محترفات البغاء أو ضحايا الغتصاب من الفتيات ،وكذلك إلى حالت التسرب أو الخفاق المدرسي الذي
.يدفع بآلف الطفال سنويًا نحو الشارع أو مجالت العمل اليدو ّ
ي
ل من هؤلء ،فإن التسول يأتي وبحسب دراسة ميدانية صادرة عام 2002عن أطفال الشوارع ،شملت عينة من ) (711طف ً
في مقدمة "العمال" التي يزاولها هؤلء الطفال بنسبة ،%18يأتي بعدها مسح الحذية ،وبيع الكياس البلستيكية
وغسل السيارات ) ،(% 13ثم السرقة ) .(% 6وفي هذا الطار ذكرت وزارة التنمية الجتماعية والتكافل (15 %)،
السري المغربية في شهر سبتمبر من العام الماضي أن % 15من الطفال دون السابعة الذين يشاركون المتسولين
.أنشطتهم هم مستأجرون مقابل مبالغ تتراوح بين ) (100- 50درهم )ستة 12 -دولرًا( في السبوع
أما قضية عمالة الطفال في المغرب فإنها بحسب المسؤولين والمهتمين تطرح الكثير من التساؤلت المتعلقة بحجم الظاهرة
وفداحتها ،وهذا راجع إلى غياب المعطيات الدقيقة نظرًا لكون الُمشّغلين ل يعلنون عن وجود أطفال عاملين لديهم ،وكذلك
.يرجع إلى اختلف التعاريف المعطاة إلى الطفل العامل أو الجير أو المستخدم
لكن الحصاءات الرسمية تشير إلى تقدير عدد هؤلء الطفال العاملين في حدود ) (600ألف ،يشتغلون في ظروف تغيب
عنها أدنى شروط السلمة والصحة والوقاية من المخاطر ،أما إذا تم اعتماد تعريف مكتب منظمة العمل الدولية التي تفيد بأن
كل طفل ضحية للهدر المدرسي معرض للستغلل من طرف المشّغلين ،فإن عدد هؤلء في المغرب –حسب رأي الخبراء-
.يتجاوز المليون ممن تتراوح أعمارهم ما بين ) (13- 7سنة
ُيعّد المغرب والبرازيل من البلدان الكثر عرضة لما صار ُيدعى بالسياحة الجنسية ،حيث أصبح منذ سنوات قليلة مقصداً
لعدد من السياح الذين يبحثون عن إشباع نزواتهم المرضية ،وتزايد حجم الظاهرة بعد موجة التسونامي التي ضربت بعض
بلدان آسيا التي كانت معروفة بانتشار ظاهرة السياحة الجنسية فيها ،مثل تايوان ،والتي يكون الطفال من الجنسين ضحاياها
.في الغالب
ولم تظهر ظاهرة العتداء الجنسي في المغرب بشكل علني إل في عام 1998عندما أشارت إليها داخل مستشفى ابن رشد
-أكبر مستشفيات الدار البيضاء -مصلحة خاصة بحالت العتداء الجسدي والجنسي للطفال ،وبعد تكاثر حالت الغتصاب
التي ُتعرض على الطباء أخذ هؤلء يحّررون وثائق طبية ويحيلونها على المحاكم .ومن ثم أصبحت ظاهرة الستغلل
الجنسي للطفال ،وتعّرضهم للغتصاب إحدى الظواهر المؤرقة للسلطات في المغرب الذي وضع خطة وطنية لمحاربة
الظاهرة بعد احتضانه للملتقى العربي الفريقي لمكافحة ظاهرة الستغلل الجنسي للطفال عام ،2001ثم الملتقى الثاني
عام ،2003لكن بالرغم من هذا ل تزال الظاهرة رائجة ،وتستعصي على المحاربة بالنظر لتداخل مجموعة من العوامل
الجتماعية والقانونية والقتصادية وحتى العائلية فيها؛ إذ كشفت الحصاءات أن الطفال ل يكونون دائمًا ضحايا لجانب،
.ولكن أيضًا لقارب ينتمون إلى وسطهم العائلي نفسه
1
وتفيد بعض الرقام الرسمية الصادرة في العام الماضي بمناسبة الملتقى العربي الفريقي حول الستغلل الجنسي للطفال
ل مغربيًا يتعرضـون للستغـلل الجنسي كل شهـر ،وذكر "المرصد الوطني لحقوق الطفل" -وهو هيئة بأن ) (23طف ً
رسمية -أن نسبة ضحايا الغتصاب وصلت إلى % 17بالنسبة للناث و %28بالنسبة للذكور في العام الماضي ،كما أشار
إلى أن هناك حالت كثيرة أخرى ل يتم البلغ عنها بسبب العراف الجتماعية السائدة ،وكشف المرصد المشار إليه أنه تم
تسجيل ) (112حالة اغتصاب للطفال في الفترة ما بين شهر يناير وشهر سبتمبر من عام ،2004و الرقم نفسه بالنسبة
للطفال ضحايا سوء المعاملة ،أما مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل فسجلت بالنسبة لعام 2003حوالي )(76
.حالة اغتصاب ،وأكثر من ) (500حالة معروضة على المحاكم و) (29حالة تخص تسهيل دعارة القاصرين سنة
أما في العوام القليلة الماضية ،فقد برزت ظاهرة جديدة هي ظاهرة الهجرة السرية التي لم تعد تقتصر على الكبار ،وإنما
شملت حتى الصغار .وقد أصبحت شبكات الهجرة السرية تنشط في مجال ترحيل الطفال القاصرين إلى إسبانيا عبر مضيق
جبل طارق في رحلت بحرية قد تنتهي بكارثة ،وتجد هذه الشبكات في تجارة تهريب القاصرين مصدرًا للدخل ،مستغلة
ظروف السر المغربية وجهلها؛ إذ يركز هؤلء المهربون على أن القانون السباني ل يجيز طرد القاصرين من التراب
السباني ،ويعطيهم أوراق القامة بعد بلوغهم السن القانونية ،وبذا يصبحون فيما بعد أداة لخلص أفراد عائلتهم الخرين
.عبر ترحيلهم هم أيضا
وتقدر السلطات السبانية عدد الطفال القاصرين -أو غير المصحوبين بذويهم بحسب تعريف القانون السباني -بنحو )
(2800طفل ،معظمهم يعيشون كأطفال شوارع في المدن السبانية المكتظة ،لكن عدد من يعيش في مراكز إيواء القاصرين
في سبتة ومليلية المحتلتين وغرناطة ل يتعدى العشرات ،وفي بداية العام الجاري عّبر فرع منظمة المم المتحدة للطفولة
)اليونسيف( عن قلقه من سوء أوضاع الطفال المتواجدين في هذه المراكز بإقليم الندلس .وفي الغالب يقع هؤلء الطفال
ضحية شبكات الدعاة والمتاجرة بالطفال التي تنشط بكثافة في القارة الوروبية .وبغية التغلب على هذه الظاهرة التي
.تزايدت في الفترة الخيرة ،أبرم المغرب وإسبانيا هذا العام اتفاقًا يقضي بترحيل هؤلء الطفال نحو التراب المغربي
وبين تعدد الظواهر والمشكلت التي تحيط بالطفل المغربي ،فإن السئلة تبقى معلقة حول مصير هذه الشريحة من المجتمع،
.فيما تبقى أفواهها مفتوحة بشهّية إلى المستقبل
2