You are on page 1of 2

‫أوضاع الطفولة بالمغرب‬

‫واقع الطفل في المغرب هو جزء من واقع الطفولة في العالم‬


‫العربي بشكل عام؛ فهذا الكائن الصغير الذي يرمز إلى البراءة‬
‫طهر ليس بمنأى عما يحدث في المجتمع على المستويات‬ ‫وال ّ‬
‫القتصادية والجتماعية والثقافية‪ ،‬بل يمكن القول‪ :‬إنه الكثر‬
‫تأثرًا بها بحكم هشاشة بنيته النفسية‪ ،‬واستعداده للمتصاص‪،‬‬
‫وقدرته على التفاعل السريع غيرالنقدي مع محيطه المجاور‪،‬‬
‫ومن ثم فإن انعكاسات الفقر والظروف الجتماعية الصعبة‬
‫وعدم التماسك الجتماعي وغيرها من العوامل الخارجية‬
‫‪.‬والسرية على الطفل والطفلة تكون قوية وحاسمة‬

‫أطفال الشوارع‪ ...‬أرقام مهولة‬

‫ُتقّدر إحصاءات وزارة التخطيط والتوقعات القتصادية بالمغرب عدد الطفال المشردين الذين تطلق عليهم "الطفال‬
‫ل في غياب المؤسسات القادرة على انتشالهم من التشرد‬
‫المتخّلى عنهم" بنحو )‪ (400‬ألف‪ .‬وتزداد مشكلتهم استفحا ً‬
‫والنحراف والضياع وتأهليهم نفسيًا واجتماعيًا‪ .‬وُيعزى ارتفاع أعدادهم إلى انتشار ما بات ُيعرف في المغرب بـ"المهات‬
‫العازبات"‪ ،‬أي محترفات البغاء أو ضحايا الغتصاب من الفتيات‪ ،‬وكذلك إلى حالت التسرب أو الخفاق المدرسي الذي‬
‫‪.‬يدفع بآلف الطفال سنويًا نحو الشارع أو مجالت العمل اليدو ّ‬
‫ي‬
‫ل من هؤلء‪ ،‬فإن التسول يأتي‬ ‫وبحسب دراسة ميدانية صادرة عام ‪ 2002‬عن أطفال الشوارع‪ ،‬شملت عينة من )‪ (711‬طف ً‬
‫في مقدمة "العمال" التي يزاولها هؤلء الطفال بنسبة ‪ ،%18‬يأتي بعدها مسح الحذية‪ ،‬وبيع الكياس البلستيكية‬
‫وغسل السيارات )‪ ،(% 13‬ثم السرقة )‪ .(% 6‬وفي هذا الطار ذكرت وزارة التنمية الجتماعية والتكافل ‪(15 %)،‬‬
‫السري المغربية في شهر سبتمبر من العام الماضي أن ‪ % 15‬من الطفال دون السابعة الذين يشاركون المتسولين‬
‫‪.‬أنشطتهم هم مستأجرون مقابل مبالغ تتراوح بين )‪ (100- 50‬درهم )ستة ‪ 12 -‬دولرًا( في السبوع‬

‫تشغيل الطفال‪ ...‬غياب الرقام‬

‫أما قضية عمالة الطفال في المغرب فإنها بحسب المسؤولين والمهتمين تطرح الكثير من التساؤلت المتعلقة بحجم الظاهرة‬
‫وفداحتها‪ ،‬وهذا راجع إلى غياب المعطيات الدقيقة نظرًا لكون الُمشّغلين ل يعلنون عن وجود أطفال عاملين لديهم‪ ،‬وكذلك‬
‫‪.‬يرجع إلى اختلف التعاريف المعطاة إلى الطفل العامل أو الجير أو المستخدم‬
‫لكن الحصاءات الرسمية تشير إلى تقدير عدد هؤلء الطفال العاملين في حدود )‪ (600‬ألف‪ ،‬يشتغلون في ظروف تغيب‬
‫عنها أدنى شروط السلمة والصحة والوقاية من المخاطر‪ ،‬أما إذا تم اعتماد تعريف مكتب منظمة العمل الدولية التي تفيد بأن‬
‫كل طفل ضحية للهدر المدرسي معرض للستغلل من طرف المشّغلين‪ ،‬فإن عدد هؤلء في المغرب –حسب رأي الخبراء‪-‬‬
‫‪.‬يتجاوز المليون ممن تتراوح أعمارهم ما بين )‪ (13- 7‬سنة‬

‫البواب الخلفية للسياحة الجنسّية‬

‫ُيعّد المغرب والبرازيل من البلدان الكثر عرضة لما صار ُيدعى بالسياحة الجنسية‪ ،‬حيث أصبح منذ سنوات قليلة مقصداً‬
‫لعدد من السياح الذين يبحثون عن إشباع نزواتهم المرضية‪ ،‬وتزايد حجم الظاهرة بعد موجة التسونامي التي ضربت بعض‬
‫بلدان آسيا التي كانت معروفة بانتشار ظاهرة السياحة الجنسية فيها‪ ،‬مثل تايوان‪ ،‬والتي يكون الطفال من الجنسين ضحاياها‬
‫‪.‬في الغالب‬
‫ولم تظهر ظاهرة العتداء الجنسي في المغرب بشكل علني إل في عام ‪ 1998‬عندما أشارت إليها داخل مستشفى ابن رشد‬
‫‪-‬أكبر مستشفيات الدار البيضاء‪ -‬مصلحة خاصة بحالت العتداء الجسدي والجنسي للطفال‪ ،‬وبعد تكاثر حالت الغتصاب‬
‫التي ُتعرض على الطباء أخذ هؤلء يحّررون وثائق طبية ويحيلونها على المحاكم‪ .‬ومن ثم أصبحت ظاهرة الستغلل‬
‫الجنسي للطفال‪ ،‬وتعّرضهم للغتصاب إحدى الظواهر المؤرقة للسلطات في المغرب الذي وضع خطة وطنية لمحاربة‬
‫الظاهرة بعد احتضانه للملتقى العربي الفريقي لمكافحة ظاهرة الستغلل الجنسي للطفال عام ‪ ،2001‬ثم الملتقى الثاني‬
‫عام ‪ ،2003‬لكن بالرغم من هذا ل تزال الظاهرة رائجة‪ ،‬وتستعصي على المحاربة بالنظر لتداخل مجموعة من العوامل‬
‫الجتماعية والقانونية والقتصادية وحتى العائلية فيها؛ إذ كشفت الحصاءات أن الطفال ل يكونون دائمًا ضحايا لجانب‪،‬‬
‫‪.‬ولكن أيضًا لقارب ينتمون إلى وسطهم العائلي نفسه‬

‫‪1‬‬
‫وتفيد بعض الرقام الرسمية الصادرة في العام الماضي بمناسبة الملتقى العربي الفريقي حول الستغلل الجنسي للطفال‬
‫ل مغربيًا يتعرضـون للستغـلل الجنسي كل شهـر‪ ،‬وذكر "المرصد الوطني لحقوق الطفل" ‪-‬وهو هيئة‬ ‫بأن )‪ (23‬طف ً‬
‫رسمية‪ -‬أن نسبة ضحايا الغتصاب وصلت إلى ‪ % 17‬بالنسبة للناث و ‪ %28‬بالنسبة للذكور في العام الماضي‪ ،‬كما أشار‬
‫إلى أن هناك حالت كثيرة أخرى ل يتم البلغ عنها بسبب العراف الجتماعية السائدة‪ ،‬وكشف المرصد المشار إليه أنه تم‬
‫تسجيل )‪ (112‬حالة اغتصاب للطفال في الفترة ما بين شهر يناير وشهر سبتمبر من عام ‪ ،2004‬و الرقم نفسه بالنسبة‬
‫للطفال ضحايا سوء المعاملة‪ ،‬أما مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل فسجلت بالنسبة لعام ‪ 2003‬حوالي )‪(76‬‬
‫‪.‬حالة اغتصاب‪ ،‬وأكثر من )‪ (500‬حالة معروضة على المحاكم و)‪ (29‬حالة تخص تسهيل دعارة القاصرين سنة‬

‫ظاهرة هجرة القاصرين‬

‫أما في العوام القليلة الماضية‪ ،‬فقد برزت ظاهرة جديدة هي ظاهرة الهجرة السرية التي لم تعد تقتصر على الكبار‪ ،‬وإنما‬
‫شملت حتى الصغار‪ .‬وقد أصبحت شبكات الهجرة السرية تنشط في مجال ترحيل الطفال القاصرين إلى إسبانيا عبر مضيق‬
‫جبل طارق في رحلت بحرية قد تنتهي بكارثة‪ ،‬وتجد هذه الشبكات في تجارة تهريب القاصرين مصدرًا للدخل‪ ،‬مستغلة‬
‫ظروف السر المغربية وجهلها؛ إذ يركز هؤلء المهربون على أن القانون السباني ل يجيز طرد القاصرين من التراب‬
‫السباني‪ ،‬ويعطيهم أوراق القامة بعد بلوغهم السن القانونية‪ ،‬وبذا يصبحون فيما بعد أداة لخلص أفراد عائلتهم الخرين‬
‫‪.‬عبر ترحيلهم هم أيضا‬
‫وتقدر السلطات السبانية عدد الطفال القاصرين ‪-‬أو غير المصحوبين بذويهم بحسب تعريف القانون السباني‪ -‬بنحو )‬
‫‪ (2800‬طفل‪ ،‬معظمهم يعيشون كأطفال شوارع في المدن السبانية المكتظة‪ ،‬لكن عدد من يعيش في مراكز إيواء القاصرين‬
‫في سبتة ومليلية المحتلتين وغرناطة ل يتعدى العشرات‪ ،‬وفي بداية العام الجاري عّبر فرع منظمة المم المتحدة للطفولة‬
‫)اليونسيف( عن قلقه من سوء أوضاع الطفال المتواجدين في هذه المراكز بإقليم الندلس‪ .‬وفي الغالب يقع هؤلء الطفال‬
‫ضحية شبكات الدعاة والمتاجرة بالطفال التي تنشط بكثافة في القارة الوروبية‪ .‬وبغية التغلب على هذه الظاهرة التي‬
‫‪.‬تزايدت في الفترة الخيرة‪ ،‬أبرم المغرب وإسبانيا هذا العام اتفاقًا يقضي بترحيل هؤلء الطفال نحو التراب المغربي‬
‫وبين تعدد الظواهر والمشكلت التي تحيط بالطفل المغربي‪ ،‬فإن السئلة تبقى معلقة حول مصير هذه الشريحة من المجتمع‪،‬‬
‫‪.‬فيما تبقى أفواهها مفتوحة بشهّية إلى المستقبل‬

‫‪2‬‬

You might also like