You are on page 1of 6

‫قصة مقتل الحسين ‪ -‬وثائقيا‬

‫للعلمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى‬

‫كثر الكلم حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي‬
‫واختلفت القصص في ذلك ‪ ،‬ونورد في هذه الرسالة القصة الحقيقية‬
‫لمقتل الحسين ‪ -‬رضي الله عنه – ‪ ،‬ولكن قبل ذلك نذكر توطئة مهمة ل‬
‫بد من معرفتها‪.‬‬

‫توطئة‬

‫قال الحافظ ابن كثير ‪ :‬فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬فانه من سادات المسلمين‪ ،‬وعلماء الصحابة وابن بنت‬
‫رسول الله التي هي أفضل بناته‪ ،‬وقد كان عابدا ً وسخيًا‪ ،‬ولكن ل يحسن‬
‫ما يفعله الناس من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء‪،‬‬
‫وقد كان أبوه أفضل منه فقتل‪ ،‬وهم ل يتخذون مقتله مأتما ً كيوم مقتل‬
‫الحسين‪ ،‬فان أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلة الفجر في‬
‫السابع عشر من رمضان سنة أربعين‪ ،‬وكذلك عثمان كان أفضل من علي‬
‫عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬وقد قتل وهو محصور في داره في أيام‬
‫التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلثين‪ ،‬وقد ذبح من الوريد إلى‬
‫الوريد‪ ،‬ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا‪ ،‬وكذلك عمر بن الخطاب وهو‬
‫أفضل من عثمان وعلي‪ ،‬قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلة الفجر‬
‫ويقرأ القرآن‪ ،‬ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا‪ ،‬وكذلك الصديق كان‬
‫أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتمًا‪ ،‬ورسول الله سيد ولد آدم‬
‫في الدنيا والخرة‪ ،‬وقد قبضه الله إليه كما مات النبياء قبله‪ ،‬ولم يتخذ‬
‫أحدٌ يوم موتهم مأتمًا‪ ،‬ول ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما‬
‫ادعاه هؤلء يوم مقتل الحسين من المور المتقدمة‪ ،‬مثل كسوف‬
‫الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك‪.‬‬

‫مقتل الحسين‬

‫بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة ‪60‬هـ‬
‫فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة‪ ،‬وذلك أنهم ل‬
‫يريدون يزيد ولأباه ول عثمان ول عمر ول أبا بكر ‪ ،‬انهم ل يريدون إل‬
‫عليا وأولده ‪،‬‬
‫وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب‪.‬عند ذلك‬
‫أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى المور ويتعرف على‬
‫حقيقة البيعة وجليتها‪ ،‬فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس‬
‫يريدون الحسين ‪ ،‬فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ‬
‫بن عروة ‪ ،‬ولما بلغ المر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله‬
‫بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ‪ ،‬ويمنع أهل الكوفة من الخروج‬
‫عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين ‪ ،‬فدخل عبيد الله بن زياد إلى‬
‫الكوفة ‪ ،‬وأخذ يتحرى المر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي‬
‫مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة ‪ .‬فخرج مسلم بن عقيل على‬
‫عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلف من مؤيديه ‪ ،‬وذلك في‬
‫الظهيرة ‪ .‬فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم‬
‫ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إل ثلثون رجل ً فقط ‪.‬‬
‫وما غابت الشمس إل ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد‪ .‬فقبض عليه‬
‫وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى‬
‫الحسين فأذن له عبيد الله ‪،‬وهذا نص رسالته ‪ :‬ارجع بأهلك ول يغرّنك‬
‫أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي‪.‬‬

‫ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة ‪ ،‬وكان‬
‫مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين أن اقدم ‪ ،‬فخرج‬
‫الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه‬
‫بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه‬
‫محمد بن الحنفية وغيرهم‪ .‬وهذا ابن عمر يقول للحسين ‪ ) :‬إني محدثك‬
‫حديثا ‪ :‬إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والخرة فاختار الخرة ولم‬
‫يرد الدنيا ‪ ،‬وإنك بضعة منه ‪ ،‬والله ل يليها أحد منكم أبدا ً وما صرفها الله‬
‫عنكم إل للذي هو خير لكم ‪ ،‬فأبى أن يرجع ‪ ،‬فاعتنقه وبكى وقال ‪:‬‬
‫استودعك الله من قتيل( ‪ ،‬وروى سفيان بسند صحيح عن ابن عباس أنه‬
‫قال للحسين في ذلك ‪ ) :‬لول أن يزري ‪-‬يعيبني ويعيرني‪ -‬بي وبك الناس‬
‫لشبثت يدي من رأسك‪ ،‬فلم أتركك تذهب ( ‪.‬وقال عبد الله بن الزبير له ‪:‬‬
‫) أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟( وقال عبد الله بن‬
‫جل الحسين قدره‪ ،‬والله لو أدركته ما تركته يخرج إل‬ ‫عمرو بن العاص ‪) :‬ع ّ‬
‫أن يغلبني(‪) .‬رواه يحيى بن معين بسند صحيح( ‪ .‬وجاء الحسين خبر‬
‫مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم ‪ ،‬فانطلق الحسين يسير‬
‫نحو طريق الشام نحو يزيد‪ ،‬فلقيته الخيول بكربلء بقيادة عمرو بن سعد‬
‫وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والسلم أن‬
‫يختاروا إحدى ثلث ‪ :‬أن يسّيروه إلى أمير المؤمنين )يزيد( فيضع يده في‬
‫يده )لنه يعلم أنه ل يحب قتله( أو أن ينصرف من حيث جاء )إلى المدينة(‬
‫أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله‪) .‬رواه ابن جرير من‬
‫طريق حسن( ‪ .‬فقالوا‪ :‬ل‪ ،‬إل على حكم عبيد الله بن زياد‪ .‬فلما سمع‬
‫الحر بن يزيد ذلك )وهو أحد قادة ابن زياد( قال ‪ :‬أل تقبلوا من هؤلء ما‬
‫ل لكم أن تردوه‪.‬‬ ‫يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما ح ّ‬
‫فأبوا إل على حكم ابن زياد‪ .‬فصرف الحر وجه فرسه‪ ،‬وانطلق إلى‬
‫الحسين وأصحابه‪ ،‬فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم‪ ،‬فلما دنا منهم قلب‬
‫ترسه وسّلم عليهم‪ ،‬ثم كّر على أصحاب ابن زياد فقاتلهم‪ ،‬فقتل منهم‬
‫رجلين ثم قتل رحمة الله عليه )ابن جرير بسند حسن( ‪.‬ول شك أن‬
‫المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد‪ ،‬فقتل أصحاب الحسين )رضي‬
‫الله عنه وعنهم( كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان‬
‫ى لو غيره‬‫كالسد‪ ،‬ولكنها الكثرة ‪،‬وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمن ّ‬
‫كفاه قتل الحسين حتى ل يبتلي بدمه )رضي الله عنه(‪ ،‬حتى قام رجل‬
‫خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه‬
‫أرضا ً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيدا ً سعيدا ً ‪ .‬ويقال أن شمر بن ذي‬
‫الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله‬
‫أعلم‪.‬‬

‫وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشانا ً وغير ذلك من الزيادات التي إنما‬
‫تذكر لدغدغة المشاعر فل يثبت منها شيء‪ .‬وما ثبت يغني ‪ .‬ول شك أنها‬
‫قصة محزنة مؤلمة‪ ،‬وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه‬
‫وباء بغضب من ربه ‪ .‬وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من‬
‫الله ومنا الدعاء و الترضي‪.‬‬

‫من قتل مع الحسين في كربلء!!‬

‫من أولد علي بن أبي طالب ‪ :‬أبو بكر – محمد – عثمان – جعفر – العباس‪.‬‬
‫من أولد الحسين ‪ :‬أبو بكر – عمر – عثمان – علي الكبر – عبد الله‪.‬‬
‫من أولد الحسن ‪ :‬أبو بكر – عمر – عبد الله – القاسم‪.‬‬
‫من أولد عقيل ‪ :‬جعفر – عبد الله – عبد الرحمن – عبد الله بن مسلم بن‬
‫عقيل‪.‬‬
‫من أولد عبد الله بن جعفر ‪ :‬عون – محمد‬
‫وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل )رضي الله عنهم أجمعين(‬

‫وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما‪ ،‬أو أن الجدر كان يكون‬
‫عليها الدم ‪ ،‬أو ما يرفع حجر إل و يوجد تحته دم ‪ ،‬أو ما يذبحون جزورا ً إل‬
‫صار كله دما ً فهذه كلها أكاذيب تذكر لثارة العواطف ليس لها أسانيد‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫يقول ابن كثير عن ذلك‪ ) :‬وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه‬
‫أنه ما قلب حجر يومئذ إل وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس‬
‫واحمر الفق وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر والظاهر أنه من‬
‫سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا المر ول شك أنه عظيم ولكن لم يقع‬
‫هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي‬
‫الله عنه ولم يقع شيء مما ذكروه فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب‬
‫رضي الله عنه وهو أفضل منه بالجماع ولم يقع شيء من ذلك وعثمان‬
‫بن عفان رضي الله عنه قتل محصورا مظلوما ولم يكن شيء من ذلك‬
‫وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحراب في صلة الصبح‬
‫وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك‬
‫وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا‬
‫والخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت‬
‫إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة الكسوف‬
‫وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر ل ينخسفان لموت أحد ول‬
‫لحياته‪( .‬‬

‫حكم خروج الحسين‬

‫لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من‬
‫الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع ‪ ،‬و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة‬
‫الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوما ً شهيدًا‪ .‬وكان في‬
‫خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ‪ ،‬ولكنه أمر‬
‫الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس‪ .‬وقتل الحسين‬
‫دم رأس يحيى عليه السلم مهرا ً‬ ‫ليس هو بأعظم من قتل النبياء وقد ُ‬
‫ق ّ‬
‫لبغي وقتل زكريا عليه السلم‪ ،‬وكثير من النبياء قتلوا كما قال تعالى ‪:‬‬
‫"قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن‬
‫كنتم صادقين" آل عمران ‪ . 183‬وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي‬
‫الله عنهم أجمعين‪.‬‬

‫كيف نتعامل مع هذا الحدث‬

‫ل يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه رضي الله عنهم‬
‫أن يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك‪ ،‬فقد ثبت عن‬
‫النبي )ص( أنه قال ‪ ) :‬ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب( )أخرجه‬
‫البخاري( وقال ‪) :‬أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة(‪ .‬أخرجه‬
‫مسلم ‪ .‬والصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع ‪ .‬وقال ‪ ) :‬إن النائحة إذا‬
‫لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعا ً من جرب و سربال ً من قطران(‬
‫أخرجه مسلم‪ .‬و قال ) أربع في أمتي من أمر الجاهلية ل يتركونهن‪:‬‬
‫الفخر في الحساب و الطعن في النساب و الستسقاء بالنجوم و‬
‫النياحة(‪ .‬و قال ) اثنتان في الناس هما بهم كفر‪ :‬الطعن في النسب و‬
‫النياحة على الميت( رواه مسلم‪ .‬و قال ) النياحة من أمر الجاهلية و إن‬
‫النائحة إذا ماتت و لم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران و درعا ً من لهب‬
‫النار( رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما‬
‫أمر الله "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"‪ .‬و ما‬
‫علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمدا ً أو ابنه جعفرا ً أو موسى بن جعفر‬
‫رضي الله‬
‫عنهم ما عرف عنهم ول عن غيرهم من أئمة الهدى أنهم لطموا أو شقوا‬
‫أو صاحوا فهؤلء هم قدوتنا‪ .‬فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه‬
‫ن النياحة واللطم وما أشبهها من أمور ليست عبادة‬ ‫بالكرام فلح‪.‬إ ّ‬
‫وشعائر يتقرب بها العبد إلى الله ‪ ،‬وما ُيذكر عن فضل البكاء في‬
‫عاشوراء غير صحيح ‪ ،‬إنما النياحة واللطم أمر من أمور الجاهلية التي‬
‫نهى النبي عليه الصلة والسلم عنها وأمر باجتنابها ‪ ،‬وليس هذا منطق‬
‫أموي حتى يقف الشيعة منه موقف العداء بل هو منطق أهل البيت‬
‫رضوان الله عليهم وهو مروي عنهم عند الشيعة كما هو مروي عنهم‬
‫أيضا ً عند أهل السنة‪ .‬فقد روى ابن بابويه القمي في ) من ل يحضره‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال‪ ) :‬النياحة‬ ‫الفقيه ()‪ (39‬أ ّ‬
‫من عمل الجاهلية ( وفي رواية للمجلسي في بحار النوار ‪82/103‬‬
‫) النياحة عمل الجاهلية ( ومن هذا المنطلق اجتنب أهل السنة النياحة‬
‫في أي مصيبة مهما عظمت‪ ،‬امتثال ً لمر رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم بل بالمقابل هم يصومون يوم عاشوراء ‪ ،‬ذلك اليوم الذي نجى الله‬
‫ن دعوة مخلصة‬ ‫فيه موسى عليه السلم وقومه من الغرق ‪ ،‬وهم يرون أ ّ‬
‫للحسين من قلب مؤمن صائم خير من رجل يتعبد الله بعمل أهل‬
‫الجاهلية ) النياحة‬
‫واللطم ( ‪ ،‬ففي الصائم يحصل له الخيرين ‪ ،‬خير صيام يوم فضيل وخير‬
‫دعاء المرء وهو صائم والذي يمكن أن يجعل جزءا ً منه أو كله إن أراد‬
‫للمام الحسين‪.‬‬

‫ومما ورد من روايات في فضل صيام هذا اليوم من روايات الشيعة ما‬
‫رواه الطوسي في الستبصار ‪ 2/134‬والحر العاملي في وسائل الشيعة‬
‫ن عليا ً عليهما السلم‬
‫‪ 7/337‬عن أبي عبد الله عليه السلم عن أبيه أ ّ‬
‫قال‪ ) :‬صوموا العاشوراء ‪ ،‬التاسع والعاشر ‪ ،‬فإّنه يك ّ‬
‫فر الذنوب‬
‫سنة (‪.‬وعن أبي الحسن عليه السلم قال‪ ) :‬صام رسول الله صلى الله‬
‫عليه وآله يوم عاشوراء ( ‪ ،‬وعن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال‪:‬‬
‫فارة سنة (‪.‬‬ ‫) صيام عاشوراء ك ّ‬
‫فما يفعله الشيعة اليوم من إقامة حسينيات أو مآتم أو لطم ونياحة‬
‫وبكاء في حقيقتها إضافات ل تمت لمنهج أهل البيت ول لعقيدة السلم‬
‫بأي صلة ‪ ،‬وإذا كان الشيعة يرددون عبارة ) حلل محمد حلل إلى يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة ( فأين هذه العبارة من‬
‫التطبيق حين يجعلون أمورا ً من الجاهلية التي نهى محمد عليه الصلة‬
‫والسلم عنها شعائرا ً لدين السلم ولهل البيت!! والطامة الكبرى أن‬
‫تجد كثيرا ً من مشايخ الشيعة بل من مراجعهم الكبار يستدلون بقوله‬
‫تعالى } ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب { على ما ُيفعل‬
‫في عاشوراء من نياحة ولطم وسب وشتم لخلق الله ولصحابة رسول‬
‫الله ويعتبرون هذا من شعائر الله التي ينبغي أن ُتعظم ومن شعائر الله‬
‫التي تزداد بها التقوى !!!‬
‫وما ل أكاد أفهمه تجاهل علماء الشيعة للروايات الواضحة في بيان فضل‬
‫صيام عاشوراء بل وبالمقابل اتهام أهل السنة مرارا ً وتكرارا ً بأنهم حزب‬
‫بني أمية وأنهم استحدثوا صيام هذا اليوم احتفال ً بمقتل الحسين ‪ -‬عياذا ً‬
‫بالله من‬
‫ن‬
‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫اليوم‬ ‫هذا‬ ‫صيام‬ ‫فضل‬ ‫على‬ ‫والشيعة‬ ‫السنة‬ ‫أحاديث‬ ‫اتفاق‬ ‫مع‬ ‫ذلك ‪-‬‬
‫نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم صامه !!! بل قل لي بربك ‪ :‬ألذي‬
‫يصوم يوم عاشوراء ويحييه بالذكر والقرآن والعبادة في نظرك يحتفل‬
‫ويفرح بمقتل الحسين أم من يوزع اللحم والطعام والشراب على الناس‬
‫في هذا اليوم ويحيي الليل بإنشاد القصائد؟!! أليس هذا تناقضا ً في حد‬
‫ن‬
‫ذاته؟ أل ترى في اتهام أهل السنة بالفرح بموت الحسين والدعاء بأ ّ‬
‫صيامهم ليوم عاشوراء نكاية بالحسين وبأهل البيت ليس إل دعاية‬
‫مذهبية للتنفير منهم ومن مذهبهم وإبرازهم كعدو لهل البيت دون وجه‬
‫حق؟!!‬

‫موقف يزيد من قتل الحسين‬

‫لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ول نقول هذا دفاعا ً عن يزيد ولكن‬
‫دفاعا ً عن الحق‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬إن يزيد بن معاوية لم‬
‫يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ‪ ،‬ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه‬
‫عن ولية العراق‪ ،‬ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك‪،‬‬
‫وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما ً بل أكرم بيته وأجازهم حتى‬
‫ردهم إلى بلدهم‪ ،‬وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت‬
‫ن هناك هذا كلم باطل‬ ‫ُ‬
‫ه ّ‬
‫رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأ ِ‬
‫بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف‬
‫من فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا‬
‫المر‪ ،‬وأمر الحجاج أن يعتزلها‪ ،‬وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني‬
‫هاشم ولم تسب هاشمية قط‪".‬بل ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء‬
‫الحسين إليه وأهله‪ ،‬وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من‬
‫مكان معتزل‪ ،‬وأجرى عليهن رزقا ً وأمر لهن بنفقة وكسوة‪) .‬رواه ابن‬
‫جرير بسند حسن( ‪ .‬و قال عزت دروزة المؤرخ "ليس هناك ما يبرر نسبة‬
‫قتل الحسين إلى يزيد‪ ،‬فهو لم يأمر بقتاله‪ ،‬فضل ً عن قتله‪ ،‬وكل ما أمر‬
‫به أن يحاط به ول يقاتل إل إذا قاتل"‪ .‬و قال ابن كثير‪) :‬والذي يكاد يغلب‬
‫على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن ُيقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك‬
‫أبوه‪ ،‬وكما صرح هو به مخبرا ً عن نفسه بذلك(‪.‬‬

‫من قتل الحسين؟‬

‫نعم هنا يطرح السؤال المهم ‪ :‬من قتلة الحسين ‪ :‬أهم أهل السنة ؟ أم‬
‫معاوية ؟ أم يزيد بن معاوية ؟ أم من ؟‬
‫إن الحقيقة المفاجئة أننا نجد العديد من كتب الشيعة تقرر وتؤكد أن‬
‫شيعة الحسين هم الذين قتلوا الحسين ‪ .‬فقد قال السيد محسن المين "‬
‫بايع الحسين عشرون ألفا ً من أهل العراق ‪ ،‬غدروا به وخرجوا عليه‬
‫وبيعته في أعناقهم وقتلوه " } أعيان الشيعة ‪ .{ 34:1‬وكانو تعسا ً‬
‫الحسين يناديهم قبل أن يقتلوه ‪ " :‬ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت‬
‫الثمار ‪ ،‬و أنما تقدم على جند مجندة؟ تبا ً لكم أيها الجماعة حين على‬
‫استصرختمونا والهين ‪ ،‬فشحذتم علينا سيفا ً كان بأيدينا ‪ ،‬وحششتم نارا ً‬
‫أضرمناها على عدوكم وعدونا ‪ ،‬فأصبحتم ألبا ً أوليائكم و سحقا ً ‪ ،‬و يدا ً‬
‫على أعدائكم‪ .‬استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الذباب ‪ ،‬و تهافتم إلينا‬
‫كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها ً ‪ ،‬بعدا ً لطواغيت هذه المة "‬
‫} الحتجاج للطبرسي {‪ .‬ثم ناداهم الحر بن يزيد ‪ ،‬أحد أصحاب الحسين‬
‫وهو واقف في كربلء فقال لهم " أدعوتم هذا العبد الصالح ‪ ،‬حتى إذا‬
‫جاءكم أسلمتموه ‪ ،‬ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالسير في أيديكم ؟ ل‬
‫سقاكم الله يوم الظمأ "} الرشاد للمفيد ‪ ، 234‬إعلم الورى بأعلم‬
‫الهدى ‪.{242‬وهنا دعا الحسين على شيعته قائل ً ‪ " :‬اللهم إن متعتهم‬
‫إلى حين ففرقهم فرقا ً ) أي شيعا ً وأحزابا ً ( واجعلهم طرائق قددا ‪ ،‬و ل‬
‫ترض الولة عنهم أبدا‪ ،‬فإنهم دعونا لينصرونا ‪ ،‬ثم عدوا علينا فقتلونا " }‬
‫الرشاد للمفيد ‪ ، 241‬إعلم الورى للطبرسي ‪ ،949‬كشف الغمة ‪18:2‬و‬
‫‪. { 38‬ويذكر المؤرخ الشيعي اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل علي بن‬
‫الحسين الكوفة رأى نساءها يبكين ويصرخن فقال ‪ " :‬هؤلء يبكين علينا‬
‫فمن قتلنا ؟ " أي من قتلنا غيرهم } تاريخ اليعقوبي ‪. { 235:1‬ولما‬
‫تنازل الحسن لمعاوية وصالحه ‪ ،‬نادى شيعة الحسين الذين قتلوا الحسين‬
‫وغدروا به قائل ً ‪ ":‬ياأهل الكوفة ‪ :‬ذهلت نفسي عنكم لثلث ‪ :‬مقتلكم‬
‫لبي ‪ ،‬وسلبكم ثقلي ‪ ،‬وطعنكم في بطني و إني قد بايعت معاوية‬
‫فاسمعوا و أطيعوا ‪ ،‬فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقه حتى بلغ‬
‫العظم } كشف الغمة ‪ ،540‬الرشاد للمفيد ‪ ،190‬الفصول المهمة ‪،162‬‬
‫مروج الذهب للمسعودي ‪. {431:1‬فهذه كتب الشيعة بأرقام صفحاتها‬
‫تبين بجلء أن الذين زعموا تشييع الحسين‬
‫ونصرته هم أنفسهم الذين قتلوه ثم ذرفوا عليه الدموع ‪ ،‬وتظاهروا‬
‫بالبكاء ‪ ،‬وليزالون يمشون في جنازة من قتلوه إلى يومنا هذا ‪ ،‬ولو كان‬
‫هذا البكاء يعكس شدة المحبة لهل البيت فلماذا ليكون البكاء من باب‬
‫أولى على حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فإن الفظاعة التي‬
‫قتل بها ل تقل عن الطريقة التي ارتكبت في حق الحسين رضي الله‬
‫عنه حيث بقر بطن حمزةواستؤصلت كبده فلماذا ليقيمون لموته مأتما ً‬
‫سنويا ً يلطمون فيه وجوههم ويمزقون ثيابهم‪ ،‬ويضربون أنفسهم‬
‫بالسيوف والخناجر ؟!!‬
‫أليس هذا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!‬
‫بل لماذا ليكون هذا البكاء على موت النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!‬
‫فإن المصيبة بموته تفوق كل شيء ؟!!‬
‫أم أن الحسين أفضل من جده لنه تزوج ابنة كسرى الفارسية؟!!‬

‫رأس الحسين‬

‫لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين‬
‫قتل في كربلء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة فذهب‬
‫برأسه الشريف إلى عبيد الله بن زياد‪ ،‬فجعل في طست ‪ ،‬فجعل ينكت‬
‫عليه‪ ،‬وقال في حسنه شيئا ً فقال أنس ‪ " :‬إنه كان أشبههم برسول الله"‬
‫‪ .‬رواه البخاري‪ .‬وفي رواية قال‪) :‬إرفع قضيبك فقد رأيت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يلثم حيث تضع قضيبك فانقبض( رواه البزار‬
‫والطبراني‪ .‬الفتح)‪ ، (7/96‬ول يعلم قبر الحسين ول يعلم مكان رأسه‪.‬‬

‫الجزاء من جنس العمل‬

‫لما ُ‬
‫قتل عبيد الله بن زياد على يد الشتر النخعي ‪ ،‬جيء برأسه‪ .‬فنصب‬
‫في المسجد‪ ،‬فإذا حية قد جاءت تخلل حتى دخلت في منخر ابن زياد‬
‫وخرجت من فمه‪ ،‬ودخلت في فمه وخرجت من منخره ثلثا ً )رواه‬
‫الترمذي ويعقوب بن سفيان(‪.‬‬

You might also like