Professional Documents
Culture Documents
كثر الكلم حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي
واختلفت القصص في ذلك ،ونورد في هذه الرسالة القصة الحقيقية
لمقتل الحسين -رضي الله عنه – ،ولكن قبل ذلك نذكر توطئة مهمة ل
بد من معرفتها.
توطئة
قال الحافظ ابن كثير :فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين
رضي الله عنه ،فانه من سادات المسلمين ،وعلماء الصحابة وابن بنت
رسول الله التي هي أفضل بناته ،وقد كان عابدا ً وسخيًا ،ولكن ل يحسن
ما يفعله الناس من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء،
وقد كان أبوه أفضل منه فقتل ،وهم ل يتخذون مقتله مأتما ً كيوم مقتل
الحسين ،فان أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلة الفجر في
السابع عشر من رمضان سنة أربعين ،وكذلك عثمان كان أفضل من علي
عند أهل السنة والجماعة ،وقد قتل وهو محصور في داره في أيام
التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلثين ،وقد ذبح من الوريد إلى
الوريد ،ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا ،وكذلك عمر بن الخطاب وهو
أفضل من عثمان وعلي ،قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلة الفجر
ويقرأ القرآن ،ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتمًا ،وكذلك الصديق كان
أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتمًا ،ورسول الله سيد ولد آدم
في الدنيا والخرة ،وقد قبضه الله إليه كما مات النبياء قبله ،ولم يتخذ
أحدٌ يوم موتهم مأتمًا ،ول ذكر أحد أنه ظهر يوم موتهم وقبلهم شيء مما
ادعاه هؤلء يوم مقتل الحسين من المور المتقدمة ،مثل كسوف
الشمس والحمرة التي تطلع في السماء وغير ذلك.
مقتل الحسين
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة 60هـ
فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة ،وذلك أنهم ل
يريدون يزيد ولأباه ول عثمان ول عمر ول أبا بكر ،انهم ل يريدون إل
عليا وأولده ،
وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب.عند ذلك
أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى المور ويتعرف على
حقيقة البيعة وجليتها ،فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس
يريدون الحسين ،فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ
بن عروة ،ولما بلغ المر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله
بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية ،ويمنع أهل الكوفة من الخروج
عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين ،فدخل عبيد الله بن زياد إلى
الكوفة ،وأخذ يتحرى المر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي
مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة .فخرج مسلم بن عقيل على
عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلف من مؤيديه ،وذلك في
الظهيرة .فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم
ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إل ثلثون رجل ً فقط .
وما غابت الشمس إل ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد .فقبض عليه
وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى
الحسين فأذن له عبيد الله ،وهذا نص رسالته :ارجع بأهلك ول يغرّنك
أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.
ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة ،وكان
مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين أن اقدم ،فخرج
الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه
بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه
محمد بن الحنفية وغيرهم .وهذا ابن عمر يقول للحسين ) :إني محدثك
حديثا :إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والخرة فاختار الخرة ولم
يرد الدنيا ،وإنك بضعة منه ،والله ل يليها أحد منكم أبدا ً وما صرفها الله
عنكم إل للذي هو خير لكم ،فأبى أن يرجع ،فاعتنقه وبكى وقال :
استودعك الله من قتيل( ،وروى سفيان بسند صحيح عن ابن عباس أنه
قال للحسين في ذلك ) :لول أن يزري -يعيبني ويعيرني -بي وبك الناس
لشبثت يدي من رأسك ،فلم أتركك تذهب ( .وقال عبد الله بن الزبير له :
) أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟( وقال عبد الله بن
جل الحسين قدره ،والله لو أدركته ما تركته يخرج إل عمرو بن العاص ) :ع ّ
أن يغلبني() .رواه يحيى بن معين بسند صحيح( .وجاء الحسين خبر
مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم ،فانطلق الحسين يسير
نحو طريق الشام نحو يزيد ،فلقيته الخيول بكربلء بقيادة عمرو بن سعد
وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والسلم أن
يختاروا إحدى ثلث :أن يسّيروه إلى أمير المؤمنين )يزيد( فيضع يده في
يده )لنه يعلم أنه ل يحب قتله( أو أن ينصرف من حيث جاء )إلى المدينة(
أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله) .رواه ابن جرير من
طريق حسن( .فقالوا :ل ،إل على حكم عبيد الله بن زياد .فلما سمع
الحر بن يزيد ذلك )وهو أحد قادة ابن زياد( قال :أل تقبلوا من هؤلء ما
ل لكم أن تردوه. يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما ح ّ
فأبوا إل على حكم ابن زياد .فصرف الحر وجه فرسه ،وانطلق إلى
الحسين وأصحابه ،فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم ،فلما دنا منهم قلب
ترسه وسّلم عليهم ،ثم كّر على أصحاب ابن زياد فقاتلهم ،فقتل منهم
رجلين ثم قتل رحمة الله عليه )ابن جرير بسند حسن( .ول شك أن
المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد ،فقتل أصحاب الحسين )رضي
الله عنه وعنهم( كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان
ى لو غيرهكالسد ،ولكنها الكثرة ،وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمن ّ
كفاه قتل الحسين حتى ل يبتلي بدمه )رضي الله عنه( ،حتى قام رجل
خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه
أرضا ً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيدا ً سعيدا ً .ويقال أن شمر بن ذي
الجوشن هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل سنان بن أنس النخعي والله
أعلم.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشانا ً وغير ذلك من الزيادات التي إنما
تذكر لدغدغة المشاعر فل يثبت منها شيء .وما ثبت يغني .ول شك أنها
قصة محزنة مؤلمة ،وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه
وباء بغضب من ربه .وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من
الله ومنا الدعاء و الترضي.
من أولد علي بن أبي طالب :أبو بكر – محمد – عثمان – جعفر – العباس.
من أولد الحسين :أبو بكر – عمر – عثمان – علي الكبر – عبد الله.
من أولد الحسن :أبو بكر – عمر – عبد الله – القاسم.
من أولد عقيل :جعفر – عبد الله – عبد الرحمن – عبد الله بن مسلم بن
عقيل.
من أولد عبد الله بن جعفر :عون – محمد
وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل )رضي الله عنهم أجمعين(
وأما ما روي من أن السماء صارت تمطر دما ،أو أن الجدر كان يكون
عليها الدم ،أو ما يرفع حجر إل و يوجد تحته دم ،أو ما يذبحون جزورا ً إل
صار كله دما ً فهذه كلها أكاذيب تذكر لثارة العواطف ليس لها أسانيد
صحيحة.
يقول ابن كثير عن ذلك ) :وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه
أنه ما قلب حجر يومئذ إل وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس
واحمر الفق وسقطت حجارة وفي كل من ذلك نظر والظاهر أنه من
سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا المر ول شك أنه عظيم ولكن لم يقع
هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي
الله عنه ولم يقع شيء مما ذكروه فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب
رضي الله عنه وهو أفضل منه بالجماع ولم يقع شيء من ذلك وعثمان
بن عفان رضي الله عنه قتل محصورا مظلوما ولم يكن شيء من ذلك
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحراب في صلة الصبح
وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر في الدنيا
والخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه ويوم مات إبراهيم بن النبي
صلى الله عليه وسلم خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت
إبراهيم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة الكسوف
وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر ل ينخسفان لموت أحد ول
لحياته( .
لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من
الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع ،و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة
الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوما ً شهيدًا .وكان في
خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ،ولكنه أمر
الله تبارك وتعالى وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس .وقتل الحسين
دم رأس يحيى عليه السلم مهرا ً ليس هو بأعظم من قتل النبياء وقد ُ
ق ّ
لبغي وقتل زكريا عليه السلم ،وكثير من النبياء قتلوا كما قال تعالى :
"قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن
كنتم صادقين" آل عمران . 183وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي
الله عنهم أجمعين.
ل يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه رضي الله عنهم
أن يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك ،فقد ثبت عن
النبي )ص( أنه قال ) :ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب( )أخرجه
البخاري( وقال ) :أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة( .أخرجه
مسلم .والصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع .وقال ) :إن النائحة إذا
لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعا ً من جرب و سربال ً من قطران(
أخرجه مسلم .و قال ) أربع في أمتي من أمر الجاهلية ل يتركونهن:
الفخر في الحساب و الطعن في النساب و الستسقاء بالنجوم و
النياحة( .و قال ) اثنتان في الناس هما بهم كفر :الطعن في النسب و
النياحة على الميت( رواه مسلم .و قال ) النياحة من أمر الجاهلية و إن
النائحة إذا ماتت و لم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران و درعا ً من لهب
النار( رواه ابن ماجة.
والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما
أمر الله "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" .و ما
علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمدا ً أو ابنه جعفرا ً أو موسى بن جعفر
رضي الله
عنهم ما عرف عنهم ول عن غيرهم من أئمة الهدى أنهم لطموا أو شقوا
أو صاحوا فهؤلء هم قدوتنا .فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه
ن النياحة واللطم وما أشبهها من أمور ليست عبادة بالكرام فلح.إ ّ
وشعائر يتقرب بها العبد إلى الله ،وما ُيذكر عن فضل البكاء في
عاشوراء غير صحيح ،إنما النياحة واللطم أمر من أمور الجاهلية التي
نهى النبي عليه الصلة والسلم عنها وأمر باجتنابها ،وليس هذا منطق
أموي حتى يقف الشيعة منه موقف العداء بل هو منطق أهل البيت
رضوان الله عليهم وهو مروي عنهم عند الشيعة كما هو مروي عنهم
أيضا ً عند أهل السنة .فقد روى ابن بابويه القمي في ) من ل يحضره
ن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ) :النياحة الفقيه () (39أ ّ
من عمل الجاهلية ( وفي رواية للمجلسي في بحار النوار 82/103
) النياحة عمل الجاهلية ( ومن هذا المنطلق اجتنب أهل السنة النياحة
في أي مصيبة مهما عظمت ،امتثال ً لمر رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم بل بالمقابل هم يصومون يوم عاشوراء ،ذلك اليوم الذي نجى الله
ن دعوة مخلصة فيه موسى عليه السلم وقومه من الغرق ،وهم يرون أ ّ
للحسين من قلب مؤمن صائم خير من رجل يتعبد الله بعمل أهل
الجاهلية ) النياحة
واللطم ( ،ففي الصائم يحصل له الخيرين ،خير صيام يوم فضيل وخير
دعاء المرء وهو صائم والذي يمكن أن يجعل جزءا ً منه أو كله إن أراد
للمام الحسين.
ومما ورد من روايات في فضل صيام هذا اليوم من روايات الشيعة ما
رواه الطوسي في الستبصار 2/134والحر العاملي في وسائل الشيعة
ن عليا ً عليهما السلم
7/337عن أبي عبد الله عليه السلم عن أبيه أ ّ
قال ) :صوموا العاشوراء ،التاسع والعاشر ،فإّنه يك ّ
فر الذنوب
سنة (.وعن أبي الحسن عليه السلم قال ) :صام رسول الله صلى الله
عليه وآله يوم عاشوراء ( ،وعن جعفر عن أبيه عليهما السلم قال:
فارة سنة (. ) صيام عاشوراء ك ّ
فما يفعله الشيعة اليوم من إقامة حسينيات أو مآتم أو لطم ونياحة
وبكاء في حقيقتها إضافات ل تمت لمنهج أهل البيت ول لعقيدة السلم
بأي صلة ،وإذا كان الشيعة يرددون عبارة ) حلل محمد حلل إلى يوم
القيامة ،وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة ( فأين هذه العبارة من
التطبيق حين يجعلون أمورا ً من الجاهلية التي نهى محمد عليه الصلة
والسلم عنها شعائرا ً لدين السلم ولهل البيت!! والطامة الكبرى أن
تجد كثيرا ً من مشايخ الشيعة بل من مراجعهم الكبار يستدلون بقوله
تعالى } ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب { على ما ُيفعل
في عاشوراء من نياحة ولطم وسب وشتم لخلق الله ولصحابة رسول
الله ويعتبرون هذا من شعائر الله التي ينبغي أن ُتعظم ومن شعائر الله
التي تزداد بها التقوى !!!
وما ل أكاد أفهمه تجاهل علماء الشيعة للروايات الواضحة في بيان فضل
صيام عاشوراء بل وبالمقابل اتهام أهل السنة مرارا ً وتكرارا ً بأنهم حزب
بني أمية وأنهم استحدثوا صيام هذا اليوم احتفال ً بمقتل الحسين -عياذا ً
بالله من
ن
ّ وأ اليوم هذا صيام فضل على والشيعة السنة أحاديث اتفاق مع ذلك -
نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم صامه !!! بل قل لي بربك :ألذي
يصوم يوم عاشوراء ويحييه بالذكر والقرآن والعبادة في نظرك يحتفل
ويفرح بمقتل الحسين أم من يوزع اللحم والطعام والشراب على الناس
في هذا اليوم ويحيي الليل بإنشاد القصائد؟!! أليس هذا تناقضا ً في حد
ن
ذاته؟ أل ترى في اتهام أهل السنة بالفرح بموت الحسين والدعاء بأ ّ
صيامهم ليوم عاشوراء نكاية بالحسين وبأهل البيت ليس إل دعاية
مذهبية للتنفير منهم ومن مذهبهم وإبرازهم كعدو لهل البيت دون وجه
حق؟!!
لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين ول نقول هذا دفاعا ً عن يزيد ولكن
دفاعا ً عن الحق .قال شيخ السلم ابن تيمية" :إن يزيد بن معاوية لم
يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ،ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه
عن ولية العراق ،ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك،
وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما ً بل أكرم بيته وأجازهم حتى
ردهم إلى بلدهم ،وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت
ن هناك هذا كلم باطل ُ
ه ّ
رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأ ِ
بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف
من فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا
المر ،وأمر الحجاج أن يعتزلها ،وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني
هاشم ولم تسب هاشمية قط".بل ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء
الحسين إليه وأهله ،وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من
مكان معتزل ،وأجرى عليهن رزقا ً وأمر لهن بنفقة وكسوة) .رواه ابن
جرير بسند حسن( .و قال عزت دروزة المؤرخ "ليس هناك ما يبرر نسبة
قتل الحسين إلى يزيد ،فهو لم يأمر بقتاله ،فضل ً عن قتله ،وكل ما أمر
به أن يحاط به ول يقاتل إل إذا قاتل" .و قال ابن كثير) :والذي يكاد يغلب
على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن ُيقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك
أبوه ،وكما صرح هو به مخبرا ً عن نفسه بذلك(.
نعم هنا يطرح السؤال المهم :من قتلة الحسين :أهم أهل السنة ؟ أم
معاوية ؟ أم يزيد بن معاوية ؟ أم من ؟
إن الحقيقة المفاجئة أننا نجد العديد من كتب الشيعة تقرر وتؤكد أن
شيعة الحسين هم الذين قتلوا الحسين .فقد قال السيد محسن المين "
بايع الحسين عشرون ألفا ً من أهل العراق ،غدروا به وخرجوا عليه
وبيعته في أعناقهم وقتلوه " } أعيان الشيعة .{ 34:1وكانو تعسا ً
الحسين يناديهم قبل أن يقتلوه " :ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت
الثمار ،و أنما تقدم على جند مجندة؟ تبا ً لكم أيها الجماعة حين على
استصرختمونا والهين ،فشحذتم علينا سيفا ً كان بأيدينا ،وحششتم نارا ً
أضرمناها على عدوكم وعدونا ،فأصبحتم ألبا ً أوليائكم و سحقا ً ،و يدا ً
على أعدائكم .استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الذباب ،و تهافتم إلينا
كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها ً ،بعدا ً لطواغيت هذه المة "
} الحتجاج للطبرسي { .ثم ناداهم الحر بن يزيد ،أحد أصحاب الحسين
وهو واقف في كربلء فقال لهم " أدعوتم هذا العبد الصالح ،حتى إذا
جاءكم أسلمتموه ،ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالسير في أيديكم ؟ ل
سقاكم الله يوم الظمأ "} الرشاد للمفيد ، 234إعلم الورى بأعلم
الهدى .{242وهنا دعا الحسين على شيعته قائل ً " :اللهم إن متعتهم
إلى حين ففرقهم فرقا ً ) أي شيعا ً وأحزابا ً ( واجعلهم طرائق قددا ،و ل
ترض الولة عنهم أبدا ،فإنهم دعونا لينصرونا ،ثم عدوا علينا فقتلونا " }
الرشاد للمفيد ، 241إعلم الورى للطبرسي ،949كشف الغمة 18:2و
. { 38ويذكر المؤرخ الشيعي اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل علي بن
الحسين الكوفة رأى نساءها يبكين ويصرخن فقال " :هؤلء يبكين علينا
فمن قتلنا ؟ " أي من قتلنا غيرهم } تاريخ اليعقوبي . { 235:1ولما
تنازل الحسن لمعاوية وصالحه ،نادى شيعة الحسين الذين قتلوا الحسين
وغدروا به قائل ً ":ياأهل الكوفة :ذهلت نفسي عنكم لثلث :مقتلكم
لبي ،وسلبكم ثقلي ،وطعنكم في بطني و إني قد بايعت معاوية
فاسمعوا و أطيعوا ،فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقه حتى بلغ
العظم } كشف الغمة ،540الرشاد للمفيد ،190الفصول المهمة ،162
مروج الذهب للمسعودي . {431:1فهذه كتب الشيعة بأرقام صفحاتها
تبين بجلء أن الذين زعموا تشييع الحسين
ونصرته هم أنفسهم الذين قتلوه ثم ذرفوا عليه الدموع ،وتظاهروا
بالبكاء ،وليزالون يمشون في جنازة من قتلوه إلى يومنا هذا ،ولو كان
هذا البكاء يعكس شدة المحبة لهل البيت فلماذا ليكون البكاء من باب
أولى على حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم ،فإن الفظاعة التي
قتل بها ل تقل عن الطريقة التي ارتكبت في حق الحسين رضي الله
عنه حيث بقر بطن حمزةواستؤصلت كبده فلماذا ليقيمون لموته مأتما ً
سنويا ً يلطمون فيه وجوههم ويمزقون ثيابهم ،ويضربون أنفسهم
بالسيوف والخناجر ؟!!
أليس هذا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
بل لماذا ليكون هذا البكاء على موت النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
فإن المصيبة بموته تفوق كل شيء ؟!!
أم أن الحسين أفضل من جده لنه تزوج ابنة كسرى الفارسية؟!!
رأس الحسين
لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين
قتل في كربلء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة فذهب
برأسه الشريف إلى عبيد الله بن زياد ،فجعل في طست ،فجعل ينكت
عليه ،وقال في حسنه شيئا ً فقال أنس " :إنه كان أشبههم برسول الله"
.رواه البخاري .وفي رواية قال) :إرفع قضيبك فقد رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يلثم حيث تضع قضيبك فانقبض( رواه البزار
والطبراني .الفتح) ، (7/96ول يعلم قبر الحسين ول يعلم مكان رأسه.
لما ُ
قتل عبيد الله بن زياد على يد الشتر النخعي ،جيء برأسه .فنصب
في المسجد ،فإذا حية قد جاءت تخلل حتى دخلت في منخر ابن زياد
وخرجت من فمه ،ودخلت في فمه وخرجت من منخره ثلثا ً )رواه
الترمذي ويعقوب بن سفيان(.