You are on page 1of 3

‫‪Lebanon as we See‬‬

‫‪Leila Nicolas Rahbani‬‬


‫أي لبنان نريد؟‬
‫ليلى نقول الرحباني‬

‫عمر الحزاب السياسية اللبنانية في لبنان من عمر الدولة التي نشأت في‬
‫مطلع عشرينيات القرن الماضي‪ .‬وقد واكبت الحزاب في تكونها وتطورها‬
‫الحقبات التي مرت الدولة بها‪ ،‬بدءا ً بمرحلة النتداب الفرنسي مرورا ً‬
‫بالمرحلة الممتدة من الستقلل حتى اندلع الحرب ثم مرحلة ما بعد اتفاق‬
‫الطائف وما نتج عنه من تطورات صبغت الحالة اللبنانية الحزبية والسياسية‬
‫برمتها وصول ً الى ما نحن فيه اليوم من أزمة سياسية مفتوحة‪.‬‬
‫الجيل الول من هذه الحزاب أي جيل مرحلة النتداب عكس في اهتماماته‬
‫وتوجهاته ومضامينه الفكرية ونظرته الى الوطن والدولة والنسان أجزاء‬
‫ومضامين تلك الحقبة من الزمن‪ ،‬فجاءت الحزاب متنوعة في تنظيمها‬
‫وأهدافها‪ ،‬فمنها من كان أشبه بالكتل السياسية ومنها من اعتنق عقائد‬
‫طموحة تجاوزت ليس حدود الدولة الطرية العود فقط بل حدود عدد من دول‬
‫المنطقة أيضًا‪.‬‬
‫وظهر الجيل الثاني في دولة الستقلل وما بعدها وكان أكثر تنوعا ً من الجيل‬
‫الول وأفضل تنظيما ً وأوضح تعبيرا ً عن واقع الحال السياسي والجتماعي‬
‫واليديولوجي في لبنان وبلدان الجوار العربي‪ .‬فما من عقيدة قومية أو أممية‬
‫وما من تيار سياسي إل وكان له تمثيل حزبي في لبنان‪.‬‬
‫اما جيل الحرب فتجربة غير مشرفة في تاريخ معظم الحزاب اللبنانية التي‬
‫تحولت ميليشيات تمارس القتل على الهوية والترهيب وفرض الخوات‪،‬‬
‫وبالتأكيد لم يكن امامها مجال لطرح أفكار ومبادئ ومعتقدات فلسفية فأمام‬
‫لغة الدم ل مكان للفكر والعقل‪.‬وباتت تنظر الى الوطن والدولة في تلك‬
‫المرحلة من خلل مصالحها النية الضيقة ‪ ،‬فحلم البعض بمشاريع التقسيم‬
‫والبعض الخر بالوحدة العربية وضاع كل شيء على مذبح المصالح الفئوية‬
‫الضيقة‪.‬‬
‫وانتهت الحرب بقرار دولي واقليمي‪ ،‬فخرجت الحزاب الخاسر الكبر من‬
‫انتهاء الحرب فاقدة مصداقيتها وثقة الرأي العام بها وبطروحاتها وشعاراتها‪.‬‬
‫لقد تناقضت مفاهيم الحزاب وطروحاتها ونظرتها الى الوطن والنسان‪،‬‬
‫واختلفت باختلف البيئة الجتماعية والتاريخية التي انطلقت خللها‪ .‬فمنهم من‬
‫تأثر بالممية أو بطروحات القومية العربية فاعتبر الوطن محطة لبلوغ هدف‬
‫أسمى‪ ،‬والبعض الخر خاف على المصير في ظل أكثرية من لون واحد‪،‬‬
‫فطالب بجزء من الوطن يقيم فيه دولته الطائفية‪ ،‬القلة من هؤلء من نادى‬
‫بلبنان وطنا ً نهائيا ً لجميع أبنائه بطوائفهم المتنوعة كافة‬
‫إن الخلف في نظرة أي وطن نريد‪ ،‬أدت الى التجاذب حول السيادة والحدود‬
‫وأي سلطة شرعية نريد وكيف تمثلنا‪ ،‬وبأية معايير؟‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫والن بعد استكمال مرحلة التحرير واستعادة السيادة ل بد للحزاب اللبنانية‬
‫القديمة والجديدة أن تعبر الى مرحلة جديدة تقوم فيها بعملية نقد ذاتي‪،‬‬
‫تنطلق في مصالحة مع المجتمع فتتحول الى أحزاب ديمقراطية غير‬
‫طائفية‪ ...‬أحزاب تقوم بتنشئة الجيل الجديد على مبادئ انسانية سامية‬
‫قوامها حق الختلف والعتراف بالخر المختلف‪ ،‬والخروج من الذهنية‬
‫القطاعية التي تعتبر المحازبين "زلم"‪ ،‬ولتنطلق في اعتبار النسان قيمة بحد‬
‫ذاته‪ ،‬القيمة الساسية والولى على الرض‪.‬‬
‫هذا ما يقوم عليه فكرنا السياسي‪ ،‬وعليه فإننا نعتبر أن لبنان وطن نهائي‬
‫كامل‪ ،‬قائم بحدوده المعترف بها دوليا‪ ،‬ودائم لبنائه الذين يحملون الجنسية‬
‫اللبنانية جميعًا‪.‬‬
‫لكن يتمّيز هذا الوطن الذي نريد بانتماء عربي خصوصي حضاري‪ ،‬وقد تميزت‬
‫العروبيية اللبنانييية بالنفتيياح علييى معظييم الحضييارات الشييرقية والغربييية ذات‬
‫العقييائد الدينييية والتقاليييد المتنوعيية‪ ،‬فتفيياعلت معهييا تفيياعل ً إنسييانيا ً ثقافي يا ً‬
‫واجتماعيا ً واقتصاديا ً واسعًا‪.‬‬
‫سك لبنان تمسكا ً رسوليا ً عميقا ً بلسانه العربييي‪ ،‬ودافييع دفيياع المييؤمن‬ ‫وقد تم ّ‬
‫الواثق عن اللغة العربية والتراث العربي‪ ،‬ول حاجة في هذا المجال الى إبييراز‬
‫إنجييازاته الظيياهرة أو تقييويم رسيالته القائميية‪ ،‬الييتي قهييرت أسيياليب التتريييك‬
‫والسلجقة والمملوكية أكثر من سبعة قرون‪ ،‬وهي ل تزال الى اليوم تواجه أي‬
‫افتراء يأتي من الشرق او من الغرب لتقويض معالم هذه اللغة وهذا التراث‪.‬‬

‫يضاف الى ذلييك أن لبنييان كييان أول بلييد فييي آسيييا وأفريقيييا‪ ،‬حقييق النييدماج‬
‫المثييالي بييين مبييدأ الشييورى العربييي الييذي أوصييى بييه السييلم‪ ،‬والمبييادئ‬
‫الديموقراطية الغريقية الجذور التي انتصرت في العالم المسيحي حييتى فييي‬
‫صلب النظمة الملكية‪ ،‬فكان نظامه مزيجا ً من الشيورى والديموقراطيية منييذ‬
‫عهد المارة المعنية والشهابية‪ ،‬ونظام برلميياني ل يجيياريه‪ ،‬بييالرغم ميين عللييه‬
‫وشوائبه العديدة‪ ،‬أي نظام سياسي آخر في المنطقة‪.‬‬

‫وانطلقا ً من هذا الواقع الذي تدعمه الحقيقة التاريخييية‪ ،‬نييرى ان للبنييان دورا ً‬
‫تاريخيا ً وسائطيا ً رائدا ً على الصعد الثقافية والعلمية والقتصادية الرائدة كافيية‪،‬‬
‫وفي مختلف ميادين الدب والفن والفكيير والقييانون‪ ،‬بييين الحضييارة الوروبييية‬
‫لتينية والعالمين العربي والسلمي‪.‬‬ ‫الغريقية ال ّ‬

‫وفي إطار هييذه الرسييالة‪ ،‬كييان لبنييان فييي الربعينيييات ميين القييرن الماضييي‪،‬‬
‫وعضوا ً رئيسيا ً فاعل ً ومؤسسا ً لجامعة الدول العربية وصانعا ً لميثاقهييا‪ ،‬ونرييده‬
‫وة لنشاء البرلمييان العربييي المشييترك‪ ،‬وتوحيييد‬ ‫دائما ً ان يعمل بكل نشاط وق ّ‬
‫سسات الثقافية العربية والمصطلحات اللغوية العربية المشتركة‪ ،‬وإرساء‬ ‫المؤ ّ‬
‫التعاون العربي في مختلف المجالت والميادين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫نريد لبنان الكيان السياسي والجغرافي والنظامي والحياتي‪ ،‬أن يحييرص علييى‬
‫هييويته دائمييًا‪ ،‬ويحييافظ علييى خصوصيييته الوطنييية وعلييى رسييالته النسييانية‬
‫ددية المتطورة وحييياته الديموقراطييية العريقيية‬ ‫والحضارية ‪ ،‬وتنوع ثقافاته التع ّ‬
‫المتسامحة‪.‬‬
‫وفي خط مواز لنتمائه العربي المشرقي نرى ضرورة تفعيل دور لبنان‬
‫في مجموعة البحر البيض المتوسط الذي ينتمييي اليييه انتميياًء جغرافييًا‪ ،‬بيئييًا‪،‬‬
‫تاريخيا ً واقتصاديًا‪ ،‬كما نراه شريكا ً حقيقي يا ً وفيياعل ً مييع دول جنييوب المتوسييط‬
‫السييلمية وامتييداداتها الفريقييية فييي مصيير ودول المغييرب العربييي‪ .‬وبهييذه‬
‫النتميياءات جميعهييا‪ ،‬نييرى ان الحضييارة اللبنانييية تشييكل عصييارة الحضييارات‬
‫المتوسييطية‪ ،‬وتجعييل منييه ملتقييى الحضييارات ونقطيية التواصييل بييين الشييرق‬
‫والغرب‪.‬‬
‫وبالنظر لطبيعة لبنان الجبلية المترامييية علييى الييوجه البحييري لسيييا الغربييية‪،‬‬
‫وموقعه الفاصل بين بوادي الشام والعراق والجزيرة العربية من جهة‪ ،‬وآفيياق‬
‫البيض المتوسط القريبة والبعيييدة ميين جهيية ثانييية‪ ،‬نييراه ذا شخصييية ممي ّييزة‬
‫فريدة منذ فجر التاريخ‪.‬‬
‫وهكذا نييرى لبنييان منييارة وجسيير عبييور ينقييل السييلم والخييير والتفاعييل بييين‬
‫الحضارات والديانات المختلفة‪ .‬هذا هو دورنا‪ ،‬فلنحافظ عليه‪.‬‬
‫هذه نظرتنا الى لبنان ونحن من الجيل الجديييد للحييزاب الهادفيية الييى التغيييير‬
‫والصلح‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like