You are on page 1of 11

‫تابع لسد الذرائع في مسائل العقيدة على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة‬

‫الفصل الثالث‪ :‬سد الذرائع في توحيد المعرفة والثبات‬


‫توحيد المعرفة والثبات أحنند نننوعي التوحينند‪ ،‬وهننو التوحينند العلمنني الخننبري العتقننادي‬
‫المتضمن إثبات صفات الجلل والكمال لله عز وجل‪ ،‬وهو توحيد الربوبية والسماء والصننفات‪ ،‬فل‬
‫رب سوى خالق الرض والسماء‪ ،‬كما أنه ل يشنبهه أحند منن خلقنه‪ ،‬ل فني ذاتنه‪ ،‬ول فني صنفاته‬
‫وأفعاله‪ ،‬تعالى سبحانه وتقدس عن الشبيه والنظير ‪0‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬ولهذا لما كان وجوب الوجود من خصائص رب العننالمين‪،‬‬
‫والغني عن الغير من خصائص رب العالمين‪ ،‬كان الستقلل بالفعننل مننن خصننائص رب العننالمين‪،‬‬
‫وكان التنزه عن شريك في الفعل والمفعول من خصائص رب العالمين‪ ،‬ولهذا ل يستحق غيره أن‬
‫يسمى خالقا‪ ،‬ول ربا مطلقا ونحو ذلك‪ ،‬لن ذلك يقتضي الستقلل والنفراد بننالمفعول المصنننوع‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وليس ذلك إل لله وحده"‪0‬‬
‫وقد سد ّ الشارع الذرائع التي يمكننن أن تننؤدي إلننى وقننوع محظننور فنني هننذا النننوع مننن‬
‫التوحيد‪ ،‬وبيان ذلك في مبحثين كما يلي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬سد الذرائع في مضاهاة أفعال الله تعالى‪:‬‬
‫أفعال الله كثيرة‪ ،‬وهي مبينة أن الله رب كل شنيء ومليكنه وخنالقه ورازقنه‪ ،‬وهنو النذي‬
‫يحييه ويميته ويدبر أمره‪ ،‬وهو أمر تشهد له الفطرة‪ ،‬ويذعن لننه العقننل‪ ،‬وقنند ذكنر ربنننا ذلننك فنني‬
‫ما‬‫آيات كثيرة من كتابه‪ ،‬كما نفى أن يكون لحد معه شريك في الخلق والتكوين فقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ضض ُ‬
‫ع ُ‬ ‫ول َ َ‬
‫عل ب َ ْ‬ ‫خل َض َ‬
‫ق َ‬ ‫مضضا َ‬ ‫ل إ ِل َض ٍ‬
‫ه بِ َ‬ ‫ب ك ُض ّ‬ ‫ه ِإذا ً ل َضذَ َ‬
‫ه َ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬‫ن َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬
‫د َ‬‫ول َ ٍ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫خذَ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ات ّ َ‬
‫‪2‬‬
‫ن{ ‪0‬‬ ‫َ‬ ‫فو‬‫ُ‬ ‫ص‬ ‫ي‬
‫ّ َ ِ‬ ‫ما‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ن‬‫ع ٍ ُ ْ َ َ‬
‫حا‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ض‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ويظهر احتياط الشرع لهذا النوع من التوحيد بذكر المثلة التية‪:‬‬
‫النهي عن تصوير ذوات الرواح‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫دا لذريعة المضاهاة في أفعال اللننه تعننالى‪ ،‬وهنني‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫الرواح‬ ‫ذوات‬ ‫تصوير‬ ‫عن‬ ‫السلم‬ ‫ي‬ ‫نه‬
‫هنا الخلق‪ ،‬فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال‪:‬سمعت رسنول اللننه صننلى اللننه عليننه وسننلم‬
‫يقول‪ :‬قال الله عز وجل‪":‬ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة‪ ،‬أو ليخلقننوا حبننة‪ ،‬أو‬
‫‪3‬‬
‫ليخلقوا شعيرة"‪0‬‬
‫قال النووي بعد ذكره لبعض الحاديث الناهية عن التصننوير‪":‬وهننذه الحنناديث صننريحة فنني‬
‫تحريم تصوير الحيوان وأنه غليظ التحريم‪ ،‬وأما الشجر ونحوه ممننا ل روح فيننه‪ ،‬فل تحننرم صنننعته‬
‫ول التكسب به وسواء الشجر المثمر وغينره‪ ،‬وهنذا مننذهب العلمنناء كافننة إل مجاهنندا فنإنه جعنل‬
‫الشجر المثمننر مننن المكننروه‪ ،‬وقننال القاضنني‪:‬لننم يقلنه أحنند غيننر مجاهنند‪ ،‬واحتننج مجاهنند بقنوله‬
‫تعننالى‪":‬ومننن أظلنم ممننن ذهننب يخلننق خلقننا كخلقنني‪ ،‬واحتننج الجمهننور بقننوله صننلى اللننه عليننه‬
‫‪4‬‬
‫وسلم‪":‬ويقال لهم أحيوا ما خلقتم"‪ ،‬أي اجعلوه حيوانا ذا روح كما ضاهيتم‪0"..‬‬

‫‪ 1‬مجموع فتاوى ابن تيمية جن ‪.35 ، 34 / 2‬‬


‫‪ 2‬المؤمنون ‪ /‬آية‪.91 :‬‬
‫‪ 3‬أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب ‪ 90‬جن ‪ ، 385 / 10‬وكتاب التوحيد باب ‪ 56‬جن ‪ ، 528 / 13‬ومسلم فنني كتنناب‬
‫اللباس باب ‪ 26‬جن ‪.1671 / 3‬‬
‫‪ 4‬شرح النووي على مسلم جن ‪.91 ، 90 / 14‬‬
‫وقال الشيخ‪ /‬عبد الرحمن بن حسن بعد ذكره للحديث السننابق‪":‬وقنند ذكننر النننبي صننلى‬
‫الله عليه وسلم العلة وهي المضاهاة بخلق الله‪ ،‬لن الله تعالى لننه الخلننق والمننر‪ ،‬فهننو رب كننل‬
‫شيء ومليكه‪ ،‬وهو خالق كل شيء‪ ،‬وهو الذي صور جميع المخلوقننات‪ ،‬وجعننل فيهننا الرواح الننتي‬
‫‪5‬‬
‫تحصل بها الحياة"‪0‬‬
‫وقال الشيخ‪ /‬صديق حسن خان‪":‬قال بعض أهل العلم في معنى هذا الحننديث‪ :‬يعننني أن‬
‫المصورين يدعون اللهية في هذه السترة‪ ،‬لكونهم يريدون أن يصنعوا أشياء مثل ما صنعه الخالق‬
‫‪6‬‬
‫القدير‪ ،‬فهم مسيئوا الدب بالله عز وجل‪ ،‬ودعواهم هذه كذب صريح وحجة داحضة"‪0‬‬
‫النهي عن قول‪" :‬مطرنا بنوء كذا"‬ ‫‪-2‬‬
‫عن زيد بن خالد الجهني أنه قال‪":‬صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلة الصننبح‬
‫بالحديبية على أثر سماء كانت من الليلة‪ ،‬فلما انصرف أقبل على الناس فقال‪":‬هننل تنندرون منناذا‬
‫قال ربكم؟ قالوا‪ :‬الله ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬أصبح من عبننادي مننؤمن بنني وكننافر‪ ،‬فأمننا مننن قننال‪:‬‬
‫مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب‪ ،‬وأما من قال‪:‬بنننوء كننذا وكننذا فننذلك‬
‫‪7‬‬
‫كافر بي ومؤمن بالكواكب"‪0‬‬
‫قال الشافعي‪":‬من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهننل الشننرك يعنننون مننن‬
‫إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا‪ ،‬فذلك كفر‪ ،‬كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لن‬
‫النوء وقت‪ ،‬والوقت مخلوق ل يملك لنفسه ول لغيره شيئا‪ ،‬ول يمطر ول يصنع شيئا‪ ،‬وأما من قال‬
‫مطرنا بنوء كذا‪ ،‬على معنى‪ :‬مطرنا بوقت كذا‪ ،‬فإنما ذلك كقوله‪ :‬مطرنا في شهر كننذا‪ ،‬ول يكننون‬
‫‪8‬‬
‫هذا كفرا‪ ،‬وغيره من الكلم أحب إلى منه"‪0‬‬
‫قال ابن حجر عقب نقله لكلم الشافعي السابق‪":‬يعني حسما للمادة وعلى ذلننك يحمننل‬
‫‪9‬‬
‫إطلق الحديث"‪0‬‬
‫وقال الشيخ سليمان بن عبد الله معلقا على كلم الشننافعي‪":‬إن كلم الشننافعي ل ينندل‬
‫على جواز ذلك‪ ،‬وإنما يدل على أنه ل يكون كفر شرك‪ ،‬وغيره من الكلم أحسننن منننه‪ ،‬أمننا كننونه‬
‫يجوز إطلق ذلك أول يجوز‪ ،‬فالصحيح أنه ل يجوز‪ ،‬وإن كان القائل لذلك يعتقد أن الله هو المنننزل‬
‫‪10‬‬
‫للمطر‪ ،‬فهذا من باب الشرك الخفي في اللفاظ‪ ،‬كقوله‪ :‬لول فلن لم يكن كذا…"‪0‬‬
‫وقال النووي‪":‬وأما معنى الحديث‪ ،‬فاختلف العلماء في كفننر مننن قننال‪:‬مطرنننا بنننوء كننذا‬
‫على قولين‪ :‬أحدهما‪ :‬هو كفر بالله سبحانه وتعالى سالب لصل اليمان مخرج عننن ملنة السننلم‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬وهذا فيمن قال ذلك معتقدا أن الكواكب فاعل مدبر منشيء للمطر‪ ،‬كمنا كنان بعنض أهنل‬
‫الجاهلية يزعم‪ ،‬ومن اعتقد هذا فلشك في كفره‪ ،‬وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلمنناء‬
‫والشافعي منهم‪ ،‬وهو ظاهر الحديث‪ ،‬قال‪ :‬وعلى هذا لو قال‪ :‬مطرنا بنوء كذا معتقدا أنه من الله‬
‫تعالى وبرحمته‪ ،‬وأن النوء ميقات له وعلمة اعتبارا بالعبادة‪ ،‬فكأنه قننال‪ :‬مطرنننا فنني وقننت كننذا‪،‬‬
‫فهذا ل يكفر‪ ،‬والظهر كراهيته‪ ،‬لكنها كراهة تنزيه ل إثم فيها‪ ،‬وسبب الكراهننة أنهننا كلمننة مننترددة‬
‫‪11‬‬
‫بين الكفر وغيره فيساء الظن بصاحبها"‪0‬‬
‫قلت‪ :‬الولى النهي مطلقا عن قول هذه الكلمنة سندا للذريعنة‪ ،‬وقند بينن ذلنك ووضنحه‬
‫الشيخ سليمان فقال‪" :‬الستسقاء بالنجوم نوعان‪ :‬أحدهما أن يعتقد أن المنزل للمطر هو النجننم‪،‬‬
‫فهذا كفر ظاهر‪ ،‬إذ ل خالق إل الله‪ ،‬ومننا كننان المشننركون هكننذا‪ ،‬بننل كننانوا يعلمننون أن اللننه هننو‬
‫َ‬ ‫ء ماءً َ َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫ه الْر َ‬ ‫حَيا ب ِ ِ‬
‫فأ ْ‬ ‫ما ِ َ‬
‫س َ‬
‫ن ال ّ‬
‫م َ‬ ‫ن ن َّز َ‬
‫ل ِ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫سأل ْت َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬
‫المنزل للمطر‪ ،‬كما قال تعالى‪َ }:‬‬
‫ه{‪ ،12‬وليس هذا معنى الحديث‪ ،‬فالنبي صلى الله عليه وسلم أخننبر‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫قول ُ ّ‬
‫ها ل َي َ ُ‬
‫وت ِ َ‬
‫م ْ‬
‫د َ‬
‫ع ِ‬
‫ن بَ ْ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫أن هذا ل يزال في أمته‪ ،‬ومن اعتقد أن النجم ينزل المطر فهو كافر ‪0‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ينسب إنزال المطر إلى النجم‪ ،‬مننع اعتقنناده أن اللننه تعننالى هننو الفاعننل لننذلك‬
‫المنزل له‪ ،‬لكن معني أن الله تعالى أجرى العادة بوجود المطر عند ظهور ذلك النجم‪ ،‬فحكى ابن‬
‫مفلح خلفا في مذهب أحمد في تحريمه وكراهته‪ ،‬وصرح أصحاب الشافعي بجوازه والصحيح أنننه‬
‫محرم‪ ،‬لنه من الشرك الخفي‪ ،‬وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسنلم وأخنبر أننه منن أمنر‬
‫الجاهلية‪ ،‬ونفاه وأبطله‪ ،‬وهو الذي كان يزعم المشركون‪ ،‬ولم يزل موجننودا فنني هننذه المننة إلننى‬
‫دا لذريعة الشرك‬ ‫اليوم‪ ،‬وأيضا ً فإن هذا من النبي صلى الله عليه وسلم حماية لجناب التوحيد‪ ،‬وس ّ‬
‫‪13‬‬
‫ولو بالعبارات الموهمة التي ل يقصدها صاحبها"‪0‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬سد الذرائع في توحيد السماء والصفات ‪0‬‬
‫من المعلوم المقرر عند أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعننالى لننه وحننده السننماء‬
‫الحسنى والصفات العلي التي ل يشاركه فيها غيره‪ ،‬وهم يثبتون كل ما جاء فنني كتنناب اللننه‪ ،‬ومننا‬
‫صح به الخبر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه وتمثيل‪ ،‬أو تعطيل وتأويننل‬
‫‪0‬‬

‫‪ 5‬فتح المجيد ‪.492 /‬‬


‫‪ 5‬هكذا في المصدر ولعلها الصورة والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫‪ 6‬الدين الخالص جن ‪.228 / 2‬‬
‫‪ 7‬أخرجه البخاري في كتاب الذان باب ‪ 156‬جن ‪ ، 333 / 2‬وكتاب الستسقاء باب ‪ 28‬جن ‪ ، 522 / 2‬ومسلم فنني كتنناب‬
‫اليمان باب ‪ 32‬جن ‪ .83 / 1‬وغيرهما ‪0‬‬
‫‪ 8‬الم للشافعي جن ‪.288 / 1‬‬
‫‪ 9‬فتح الباري جن ‪.523 / 2‬‬
‫‪ 10‬تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ‪.403 /‬‬
‫‪ 11‬شرح النووي على مسلم جن ‪.61 ، 60 / 2‬‬
‫‪ 12‬العنكبوت ‪ /‬آية‪.65 :‬‬
‫‪ 13‬تيسير العزيز الحميد ‪.399 /‬‬
‫ولهمية السلمة في جانب العتقاد –ومنه السماء الحسنى‪ -‬وبما أن أسماء الله وصننفاته‬
‫تحمل معنى العظمة والجلل النتي ل يشنارك فيهنا الخنالق المخلنوق‪ ،‬فقند احتناط الشنارع لهنذا‬
‫الجانب‪ ،‬وسد كل طريق يؤدى إلى الخلط فيه‪ ،‬وهذه بعض المثلة‪:‬‬
‫إثبات علم الغيب لله وحده ونفيه عن النبياء والمرسلين فضل عن غيرهم ‪0‬‬ ‫‪-1‬‬
‫من الصفات الثابتة الدالة على كمال العلم وسعة القدرة والعظمننة انفننراد اللنه عنز وجنل‬
‫فضضي‬ ‫ن ِ‬ ‫مضض ْ‬ ‫م َ‬ ‫عَلضض ُ‬ ‫ل ل يَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫بعلم الغيب‪ ،‬فل يشاركه فيه نبي مرسل ول ملك مقرب ‪ 0‬قال تعالى‪ُ }:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عُثو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ب إ ِل ّ الل ّ ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫‪14‬‬
‫ن{‪0‬‬ ‫ن ي ُب ْ َ‬‫ن أّيا َ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ولما كان النبياء والمرسلون يخبرون عن الله أمره‪ ،‬ويعلمنون النناس شنرعه بنإعلم اللنه‬
‫لهم‪ ،‬ومن ذلك أمور تتصل بعالم الغيب كما قال تعالى‪":‬عالم الغيب فل يظهر علننى غيبننه احنندا ‪0‬‬
‫إل من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ‪ 0‬ليعلم أن قد أبلغوا رسالت‬
‫ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا"‪ ،15‬فقد نفى اللننه عنهننم علننم الغيننب ونننص علننى‬
‫بشريتهم وبين منزلتهم‪ ،‬وقرر ذلك في كتابه أكثر من موطن سدا لذريعة نسبة علم الغيب إليهننم‪،‬‬
‫ك‬ ‫مِلض ُ‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ويظهر ذلك واضننحا فنني سننياق اليننة السننابقة‪ ،‬ويظهننر أيضننا فنني قننوله تعننالى‪ُ }:‬‬
‫للأ ْ‬
‫ر‬‫ِ‬ ‫ض‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫سضت َك ْث َْر ُ‬ ‫بل ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غي ْض َ‬ ‫عل َض ُ‬‫ت أَ ْ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ضّرا ً إ ِل ّ َ‬ ‫ول َ‬ ‫فعا ً َ‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫‪16‬‬
‫ن{‪0‬‬ ‫وم ٍ ي ُ ْ‬ ‫شيٌر ل ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫وب َ ِ‬ ‫ذيٌر َ‬ ‫ن أَنا إ ِل ن َ ِ‬ ‫سوءُ إ ِ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫قال ابن كثير‪":‬أمره الله تعالى أن يفوض المننور إليننه‪ ،‬وأن يخننبر عننن نفسننه أنننه ل يعلننم‬
‫الغيب المستقبل‪ ،‬ول اطلع به على شيء منن ذلنك إل بمنا أطلعنه اللنه علينه‪ ،‬كمنا قنال تعنالى‪:‬‬
‫ب‬ ‫غي ْض َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عل َض ُ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫و ك ُن ْض ُ‬ ‫وَلض ْ‬ ‫حضضدًا{ اليننة‪ ،‬وقننوله‪َ }:‬‬
‫غيب ض ِ َ‬
‫هأ َ‬ ‫عل َضضى َ ْ ِ‬ ‫هضُر َ‬ ‫فل ي ُظْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْض ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عضضال ِ ُ‬ ‫} َ‬
‫ر{‪ ،‬قال عبد الرزاق عن الثوري عن منصننور عننن مجاهنند‪ :‬لننو كنننت أعلننم‬ ‫ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ت ِ َ‬
‫م‬ ‫ست َك ْث َْر ُ‬ ‫ل ْ‬
‫متي أموت لعملت صالحا‪ ،‬وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد‪ ،‬وقال مثله ابن جريننج وفيننه نظننر‪،‬‬
‫لن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة‪ ،‬وفي رواية كان إذا عمل عمل أثبته‪ ،‬فجميع‬
‫عمله كان على منوال واحد‪ ،‬كأنه ينظر إلى الله عز وجل فنني جميننع أحننواله‪ ،‬اللهننم إل أن يكننون‬
‫المراد أن يرشد غيره إلى الستعداد لذلك والله أعلم‪ ،‬والحسن في هذا ما رواه الضحاك عن ابن‬
‫ر{ أي من المال‪ ،‬وقال عبد الرحمن بننن‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ست َك ْث َْر ُ‬ ‫بل ْ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫عباس‪َ }:‬‬
‫سوءُْ{ قال‪ :‬لجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون واتقيه‪ ،‬ثننم‬ ‫ي ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫س‬‫ّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫}‬ ‫أسلم‪:‬‬ ‫زين بن‬
‫أخبر أنه إنما هو نذير وبشير أي ننذير منن العنذاب وبشنير للمنؤمنين بالجننات‪ ،‬كمنا قنال تعنالى‪:‬‬
‫‪17‬‬
‫وما ً ل ُدًّا{‪0‬‬ ‫ق ْ‬ ‫ه َ‬‫ذَر ب ِ ِ‬ ‫وت ُن ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫شَر ب ِ ِ‬ ‫ك ل ِت ُب َ ّ‬ ‫سان ِ َ‬ ‫سْرَناهُ ب ِل ِ َ‬ ‫ما ي َ ّ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫} َ‬
‫وللشيخ محمد رشيد رضا كلم جميل في هذه الية بين فيننه أن الننناس قنند افتتنننوا بمننن‬
‫اصطفاهم الله من النبياء والمرسلين وغلوا فيهم‪ ،‬فكان هننذا السننياق الكريننم بهننذه الصننورة ردا‬
‫عليهم‪ ،‬كما بينت حقيقة أمر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأنه بشننر ل يرفننع إلننى مرتبننة اللوهيننة‬
‫كما تجب طاعته‪ ،‬لنه رسول رب العالمين‪ ،‬وفى ذلك يقننول‪":‬أي قننل أيهننا الرسننول للننناس فيمننا‬
‫مننا‪ ،‬ول‬ ‫ما فنني وقننت ّ‬ ‫تبلغه من أمر دينهم إنني ل أملك لنفسي ‪-‬أي ول لغيري بالولى – جلب نفع ّ‬
‫ما… كما أنه ل يملك شننيئا مننن علننم الغيننب الننذي هننو شننأن الخننالق دون‬ ‫ما في وقت ّ‬ ‫دفع ضرر ّ‬
‫المخلوق كما يأتي بيانه في تفسير الجملة التالية‪ ،‬والستثناء على هننذا منفصننل عمننا قبلننه مؤكنند‬
‫سضضى إ ِل ّ‬ ‫فل ت َن ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫رئ ُ َ‬‫ق ِ‬ ‫سن ُ ْ‬ ‫لعمومه‪ ،‬أي لكن ما شاء الله تعالى من ذلك كان‪ ،‬فهو كقوله تعالى‪َ }:‬‬
‫ه{‪ ،‬وهذا الوجه المختار عندنا‪ ،‬لن الناس قد فتنوا منذ قوم نوح بمن اصطفاهم اللننه‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫غْيضض َ‬ ‫م ال َ‬ ‫علضض ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫و كْنضض ُ‬ ‫ول ْ‬ ‫ووفقهم لطاعته ووليته من النبياء ومن دون النبياء من الصالحين‪َ } ،‬‬
‫ء{‪ ،‬والجملة استدلل على نفى علم النبي صلى الله‬ ‫سو ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ست َك ْث َْر ُ‬ ‫ل ْ‬
‫عليه وسلم الغيب كأنه يقنول‪ :‬ل أملنك لنفسني نفعنا ول ضنرا ول أعلنم الغينب‪ ،‬ولنو كننت أعلنم‬
‫الغيب‪ -‬وأقربه ما يقع فنني مسنتقبل أيننامي فني النندنيا – لسننتكثرت مننن الخيننر كالمنال وأعمننال‬
‫البر…‪ ،‬وفيه وجه آخر‪:‬أنه مستأنف غير معطوف على ما قبله‪ ،‬ومعننناه‪:‬ومننا مسننني الجنننون كمننا‬
‫زعم الجاهلون‪ ،‬فيكون حاصل معنى الية‪ :‬نفى رفعه إلى رتبة اللوهية الننذي افتتننن بمثلننه الغلة‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫أو نفى وضعه في أدنى مرتبة البشرية الذي زعمته الغواة العتاة وبيان حقيقة أمره…"‪0‬‬
‫وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في الية‪":‬هذا ارتقاء في التبرؤ من معرفة الغيننب‬
‫ومن التصرف في العالم‪ ،‬وزيادة من التعليم للمة بشيء من حقيقة الرسالة والنبنوة‪ ،‬وتمييننز مننا‬
‫هننو مننن خصائصننها عمننا ليننس منهننا‪ ،‬والجملننة مسننتأنفة ابتدائيننة قصنند مننن اسننتيفائها الهتمننام‬
‫ل‬ ‫ق ْ‬ ‫بمضمونها‪ ،‬كي تتوجه السماع إليها‪ ،‬ولذلك أعيد المر بالقول مع تقدمه مرتيننن فنني قننوله‪ُ }:‬‬
‫ه{‪ ،‬للهتمننام باسننتقلل المقننول‪ ،‬وأن ل‬ ‫عن ْدَ الل ّض ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬‫عن ْدَ َرّبي{‪ُ } ،‬‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ُ‬‫ما ِ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫يندرج في جملة المقول المحكي قبله‪ ،‬وخص هذا المقول بالخبار عن حننال الرسننول صننلى اللننه‬
‫عليه وسلم نحو معرفة الغيب ليقلع مننن عقننول المشننركين تننوهم ملزمننة معرفننة الغيننب لصننفة‬
‫النبننوة‪ ،‬إعلنننا للمشننركين بننالتزام أننه ل يعلننم الغيننب‪ ،‬وأن ذلننك ليننس بطنناعن فنني نبننوته حننتى‬
‫‪19‬‬
‫يستيئسوا من تحديه بذلك …" ‪0‬‬
‫إثبات صفة العلم ومعية الله لخلقه مع استوائه على عرشه ‪0‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ذكر ربنا سبحانه وتعالى في كتابه استواءه على عرشه في أكثر من موضننع‪ ،‬وهننو اسننتواء‬
‫يليق بجلل الله وكماله‪ ،‬ومعناه عند السلف علننو اللننه خلقه‪ ،20‬وذكننر البخنناري عننن أبننى العنناليه‪:‬‬

‫النحل ‪ /‬آية‪.65 :‬‬ ‫‪14‬‬

‫الجن ‪ /‬اليات من ‪.28 – 26‬‬ ‫‪15‬‬

‫العراف ‪ /‬آية‪.188 :‬‬ ‫‪16‬‬

‫تفسير ابن كثير جن ‪.527 ، 526 / 2‬‬ ‫‪17‬‬

‫تفسير المنار جن ‪.512 – 508/ 9‬‬ ‫‪18‬‬

‫تفسير التحرير والتنوير جن ‪.207 ، 206 / 9‬‬ ‫‪19‬‬


‫‪21‬‬
‫استوى إلى السماء‪ :‬ارتفع‪ ،‬وقال مجاهد‪ :‬استوى‪ :‬عل على العرش‪0‬‬
‫ودفعا لما يمكن فهمه من علو الله على خلقه أن الله بعيد من عباده‪ ،‬فل يعلم ما هم عليه‬
‫ص سبحانه في كثير من آيات الستواء على علمه بخلقه‪ ،‬وبتدبير أمر مملكته‪ ،‬وإحاطته بمننا هننم‬ ‫ن ّ‬
‫عليه‪ ،‬كما ذكر معيته لهم مع استوائه على عرشه‪ ،‬حتى ل يفهم أحد أن الله حال في مخلوقاته ‪0‬‬
‫وأكتفى هنا بذكر آخر آية في القرآن الكريم أثبتننت علننو اللننه علننى خلقننه واسننتوائه علننى‬
‫عرشه‪ ،‬مع إثبات صفتي العلم والمعية معا‪ ،‬ثم أتبعها بأقوال بعض أهل العلم في معناها ‪0‬‬
‫عل َضضى‬ ‫ست ّ ِ َ‬ ‫َ‬
‫وى َ‬ ‫س ضت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ة أّيام ٍ ث ُض ّ‬ ‫في ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫والْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خل َ َ‬‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قال تعالى‪ُ }:‬‬
‫َ‬
‫ج‬ ‫ر‬ ‫عض‬
‫َ ْ ُ ُ‬ ‫ي‬ ‫مضا‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ما‬ ‫سض‬
‫ّ َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫مض‬
‫ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫نض‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫ضا‬‫ض‬‫م‬‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ضا‬ ‫ض‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ج‬
‫ْ ِ َ َ َ ُ ُ ِ ْ َ‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ما ي َل ِ ُ ِ‬
‫ج‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ش يَ ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪22‬‬
‫صيٌر{‪0‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫هو معك ُم أ َ‬
‫ن بَ ِ‬ ‫َ‬ ‫لو‬ ‫م‬
‫ْ َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ما‬
‫ُ ِ َ‬‫ب‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫وال‬‫ْ َ‬‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ما‬ ‫في َ َ َ َ َ ْ ْ َ َ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ِ‬
‫قال الطبري في معنى الية‪":‬يقول تعالى ذكره مخبرا عن صفته‪ ،‬وأنه ل يخفى عليه خافية‬
‫من خلقه ‪ 0‬يعلم ما يلج في الرض من خلقه‪ ،‬يعنى بقوله يلج‪ :‬يدخل‪ ،‬وما يخرج منهننا منهننم‪ ،‬ومننا‬
‫ينزل من السماء إلى الرض من شيء قط‪ ،‬وما يعرج فيها فيصعد إليهننا مننن الرض‪ ،‬وهننو معكننم‬
‫أينما كنتم‪ ،‬يقول‪ :‬وهو شاهد لكم أيهننا الننناس ‪ 0‬أينمننا كنتننم يعلمكننم ويعلننم أعمننالكم‪ ،‬ومتقلبكننم‬
‫‪23‬‬
‫ومثواكم‪ ،‬وهو على عرشه فوق سماواته السبع‪ ،‬والله بما تعملون بصير…"‪0‬‬
‫وقال ابن تيمية عن فهننم السننلف وتفسننيرهم لمعنننى المعيننة والقننرب‪ .…":‬وأمننا القسننم‬
‫الرابع‪ ،‬فهم سلف المة و أئمتها‪ ،‬أئمة العلم والدين من شيوخ العلم والعبادة‪ ،‬فإنهم أثبتوا وآمنننوا‬
‫بجميع ما جاء به الكتاب والسنة كله من غير تحريف للكلم‪ ،‬أثبتوا أن اللننه تعننالى فننوق سننماواته‪،‬‬
‫وأنه على عرشه بائن من خلقه‪ ،‬وهم منه بائنون‪ ،‬وهو أيضا مع العباد عمومننا بعلمننه‪ ،‬ومننع أنبيننائه‬
‫وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية‪ ،‬وهو أيضا قريب مجيب ففي آيننة النجننوى دللننة علننى أنننه عننالم‬
‫بهم‪ ،24‬وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪":‬اللهننم أنننت الصنناحب فنني السننفر والخليفننة فنني‬
‫الهل"‪ 250‬فهو سبحانه مع المسافر في سفره ومع أهله في وطننه‪ ،‬ول يلننزم منن هننذا أن تكنون‬
‫‪26‬‬
‫ذاته مختلطة بذواتهم‪0 "..‬‬
‫ومعية الله لخلقه تنقسم إلى قسمين‪ :‬معية خاصة‪ ،‬وهى الواردة في مثل قول الله تعالى‪:‬‬
‫فا إن ِّني معك ُما أ َسمع َ‬
‫عن َضضا{‪،28‬‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّض َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫ح ضَز ْ‬ ‫وأَرى{‪ ،27‬وفننى قننوله‪}:‬ل ت َ ْ‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫خا َ ِ‬ ‫ل ل تَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫} َ‬
‫وهذه المعية تقتضى النصر والتأييد والحفظ والعانة‪ ،‬وهى للمؤمنين‪ ،‬ومعية عامة تتعلننق بالننناس‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫و َراب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ة إ ِل ّ ُ‬ ‫وى َثلث َ ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫جميعا‪ ،‬وهى الواردة في مثل قول الله تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪29‬‬
‫مضضا كضضاُنوا{ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫م أي ْ ض َ‬ ‫هض ْ‬‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ول أكث ََر إ ِل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول أ َدَْنى ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬‫ساِد ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫ة إ ِل ّ ُ‬ ‫س ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫‪30‬‬
‫وهذه المعية تقتضى علمه واطلعه ومراقبته لعمالهم‪0‬‬
‫وقد ذكر القاسمي عن ابن قدامة المقدسي أنه قال‪":‬إن ابننن عبنناس والضننحاك ومالننك‬
‫م{ أي علمننه‪ ،‬ثننم قنند ثبننت بكتنناب اللننه‬ ‫عك ُض ْ‬ ‫م َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫وسفيان وكثيرا من العلماء قالوا في قوله‪َ }:‬‬
‫والمتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف أن الله تعالى فنني السننماء علننى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ت ََر أ ّ‬ ‫عرشه‪ ،‬وجاءت هذه اللفظة محفوفة بها دللة على إرادة العلم منها‪ ،‬وهو قوله‪}:‬أل َ ْ‬
‫َ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫شض ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُض ّ‬ ‫ن الل ّض َ‬ ‫ض{‪ ،‬ثننم قننال فنني آخرهننا‪}:‬إ ِ ّ‬ ‫فضضي الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫م{‪ ،31‬فبدأها بالعلم وختمها به‪ ،‬ثم سياقها لتخويفهم بعلم الله تعالى بحالهم‪ ،‬وأنه ينننبئهم بمننا‬ ‫ع ٌ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫‪32‬‬
‫علموا يوم القيامة ويجازيهم عليه‪ ،‬وهذه قرائن كلها دللة على إرادة العلم‪0".‬‬
‫هو معك ُ َ‬
‫ن‬ ‫مض ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مضضا ي َك ُضضو ُ‬ ‫م{‪ ،‬كقننوله‪َ }:‬‬ ‫مضضا ك ُن ْت ُض ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م أي ْض َ‬ ‫و ُ َ َ َ ْ‬ ‫وقال عبد الرحمن السعدي‪َ } :‬‬
‫ْ‬
‫ول أكث ََر إ ِل ّ‬ ‫َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ة إ ِل ّ ُ‬ ‫ة إ ِل ّ ُ‬
‫ك َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول أدَْنى ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ساِد ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ول َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫و َراب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وى َثلث َ ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫نَ ْ‬
‫كاُنوا{‪ ،‬وهذه المعيننة‪ ،‬معيننة العلننم والطلع‪ ،‬ولهننذا توعنند ووعنند بالمجننازاة‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫م أي ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫صيٌر{‪ ،‬أي‪ :‬هو تعالى بصير بما يصدر منكم من العمننال‪،‬‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫بالعمال بقوله‪َ }:‬‬
‫‪33‬‬
‫وما صدرت عنه تلك العمال"‪0‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عثيمين بعد كلم له عن آية سورة الحديد‪":‬فيكون ظاهر اليننة أن‬
‫مقتضى هذه المعية علمه بعباده وبصره بأعمالهم مع علوه عليهم‪ ،‬واستوائه علننى عرشننه‪ ،‬ل أنننه‬
‫سبحانه مختلط بهم‪ ،‬ول أنه معهم في الرض‪ ،‬وإل لكان آخر الية مناقضا لولها الدال علنى علنوه‬
‫‪34‬‬
‫واستوائه على عرشه"‪0‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬سد الذرائع المتعلق بالنبوة والرسالة ‪0‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تأييد النبياء بمعجزات ل تحصل لغيرهم ‪0‬‬

‫انظر مثل كتاب أصول اعتقاد أهل السنة لللكائي جن ‪.387 / 3‬‬ ‫‪20‬‬

‫فتح الباري شرح صحيح البخاري جن ‪.403 / 13‬‬ ‫‪21‬‬

‫الحديد ‪ /‬آية‪.4 :‬‬ ‫‪22‬‬

‫تفسير الطبري جن ‪.125 / 27‬‬ ‫‪23‬‬

‫يعنى الية رقم ‪ 7‬من سورة المجادلة‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫أخرجه مسلم في كتاب الحج باب ‪ 75‬جن ‪ ،978 / 2‬وأبو داود في سننه كتاب الجهاد باب ‪ 79‬جن ‪ 74 / 3‬وغيرهما ‪0‬‬ ‫‪25‬‬

‫مجموع الفتاوى جن ‪ ، 231 /5‬ولمزيد من التفصيل يراجع ص ‪ 513 – 494‬من الجزء المذكور ‪0‬‬ ‫‪26‬‬

‫سورة طه ‪ /‬آية‪.46 :‬‬ ‫‪27‬‬

‫التوبة ‪ /‬آية‪.40 :‬‬ ‫‪28‬‬

‫المجادلة ‪ /‬آية‪.7 :‬‬ ‫‪29‬‬

‫جامع العلوم والحكم ‪.277 /‬‬ ‫‪30‬‬

‫المجادلة ‪ /‬آية ‪.7‬‬ ‫‪31‬‬

‫محاسن التأويل جن ‪.5675 / 16‬‬ ‫‪32‬‬

‫تيسير الكريم الرحمن جن ‪.284 / 7‬‬ ‫‪33‬‬

‫القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ‪.56 /‬‬ ‫‪34‬‬


‫اختص الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله بآيات‪ ،35‬بيننات وبراهينن سنناطعات تنندل علننى‬
‫صدقهم وتوجب اتباعهم ويطلق عليها المعجزات‪ ،‬وإن كان النندليل علننى صنندق النبينناء ل ينحصننر‬
‫في المعجزات‪ ،‬إل أنها من الدلة الصحيحة علننى ثبنوت النبننوة‪ ،‬ومننا أجننرى علننى ينند النبينناء مننن‬
‫دا لذريعة تكذيبهم‪ ،‬والختلف عليهم والكفننر بمننا أرسننلوه‬ ‫المعجزات ل يقع لغيرهم بحال وذلك س ّ‬
‫به‪ ،‬وحتى يتميزوا عن الكاذبين ‪0‬‬
‫يقول ابن تيمية‪":‬ولهذا يجب في آيات النبينناء أن ل يعارضننها مننن ليننس بنننبي‪ ،‬فكننل مننا‬
‫عارضها صادرا ممن ليس من جنس النبياء فليس من آياتهم‪ ،‬ولهذا طلب فرعون أن يعننارض مننا‬
‫جاء به موسى لما اّدعى أنه ساحر‪ ،‬فجمع السحرة ليفعلوا مثل ما يفعل موسى‪ ،‬فل تبقننى حجتننه‬
‫مختصة بالنبوة‪ ،‬وأمرهم موسى أن يأتوا أول بخوارقهم‪ ،‬فلمننا أتننت وابتلعتهننا العصننا الننتي صننارت‬
‫‪36‬‬
‫حية‪ ،‬علم السحرة أن هذا ليس من جنس مقدورهم فآمنوا إيمانا جازما"‪0‬‬
‫ويقول أيضا‪":‬وخوارق النبياء ل يمكن غيرهم أن يعارضها ول يمكن أحدا إبطالهننا‪ ،‬ل مننن‬
‫جنسهم ول من غير جنسهم‪ ،‬فإن النبياء يصدق بعضهم بعضا‪ ،‬فل يتصور أن نبيا يبطل معجزة آخر‬
‫وإن أتى بنظيرها فإنه يصدقه‪ ،‬ومعجزة كل منهما آية له وللخر أيضننا‪ ،‬كمننا أن معجننزات أتبنناعهم‬
‫آيات لهم بخلف خوارق السحرة‪ ،‬فإنها تدل علننى أن صناحبها سنناحر‪ ،‬ينؤثر آثننارا غريبنة ممنا هنو‬
‫فساد في العالم‪ ،‬ويسر بما يفعله من الشرك والكذب والظلم‪ ،‬ويستعين علننى ذلننك بالشننياطين‪،‬‬
‫فمقصوده الظلنم والفسناد‪ ،‬والننبي مقصنوده العندل والصنلح‪ ،‬وهنذا يسنتعين بالشنياطين‪ ،‬وهنذا‬
‫بالملئكة وهذا يأمر بالتوحيد لله وعبادته وحده ل شريك له‪ ،‬وهننذا إنمننا يسننتعين بالشننرك وعبننادة‬
‫‪37‬‬
‫غير الله‪ ،‬وهذا يعظم إبليس وجنوده وهذا يذم إبليس وجنوده"‪0‬‬
‫والقرآن الكريم هو أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسنلم إلنى ينوم الندين‪ ،‬وأهنم‬
‫دليل على ثبوت نبوته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد تحدى الله به النس والجننن مجتمعيننن علننى أن‬
‫يأتوا بمثله‪ ،‬فما استطاعوا إلى ذلك سبيل ‪0‬‬
‫يقول البيهقي‪":‬فأما "العلم" الذي اقترن بدعوته ولم يننزل يتزاينند أيننام حينناته‪ ،‬ودام فنني‬
‫أمته بعد وفاته‪ ،‬فهو القرآن العظيم‪ ،‬المعجز المبين‪ ،‬وحبل الله المتين‪ ،‬الننذي هننو كمننا وصننفه بننه‬
‫ل‬‫زيض ٌ‬ ‫ه ت َن ْ ِ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫فض ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مض ْ‬ ‫ول ِ‬ ‫ه َ‬‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه ال َْباطِ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫زيٌز ل ي َأ ِْتي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫من أنزله فقال‪َ }:‬‬
‫‪38‬‬
‫د{‪0‬‬ ‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫كيم ٍ َ‬‫ح ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ومع تأييد الله لنبيه باليات المختلفة إل أنه لم يجب المشركين إلى ما طلبنوه منن آينات‬
‫لم يرد الله أن تكون لهم‪ ،‬وذلك سدا لذريعة التكذيب بها‪ ،‬فيهلكم الله‪ ،‬كمننا هنني سنننته فنني ذلننك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫قض َ‬ ‫مضضودَ الّنا َ‬ ‫وآت َي ْن َضضا ث َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫وُلو َ‬ ‫ها ال ّ‬ ‫ب بِ َ‬‫ن ك َذّ َ‬‫ت إ ِل ّ أ ْ‬ ‫ل ِباليا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ن ُْر ِ‬‫عَنا أ ْ‬ ‫من َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ }:‬‬
‫‪39‬‬ ‫ً‬
‫ويفا{‪0‬‬ ‫خ ِ‬ ‫ّ‬
‫ت إ ِل ت َ ْ‬‫سل ِباليا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ن ُْر ِ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫موا ب ِ َ‬ ‫فظَل َ ُ‬ ‫صَرةً َ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫قال ابن جرير في تفسيره‪":‬يقول تعالى ذكره‪ :‬وما منعنا يا محمد أن نرسل باليات التي‬
‫سألها قومك إل أن من كان قبلهم من المم المكذبة سننألوا ذلننك مثننل سننؤالهم‪ ،‬فلمننا أتنناهم مننا‬
‫سألوا كذبوا رسلهم فلم يصدقوا مع مجيء اليات فعوجلوا‪ ،‬فلم نرسل إلى قومك باليات‪ ،‬لنا لو‬
‫أرسلنا بها إليهم فكذبوا بها سلكنا في تعجيل العذاب لهم مسلك المم قبلهننا"‪ ،‬ثننم سنناق روايننات‬
‫كثيرة في سبب نزول هذه الية منها ما ذكره ابن عباس – رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سننأل أهننل مكننة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا‪ ،‬وأن ينحى عنهم الجبال فيزرعوا‪ ،‬فقيل لننه‪:‬‬
‫إن شئت أن نستأني بهم‪ ،‬وإن شئت أن نؤتيهم الذي سننألوا‪ ،‬فننإن كفننروا أهلكننوا كمننا أهلننك مننن‬
‫‪40‬‬
‫قبلهم‪ ،‬قال‪ :‬بل نستأني بهم‪ ،‬فأنزل الله الية‪0 "..‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النهى عن المفاضلة بين النبياء سدا لذريعة النتقاص من أحدهم ‪0‬‬
‫ك‬ ‫دل القرآن الكريم على أن الله فضل بعض النبيين علننى بعننض كمننا قننال تعننالى‪}:‬ت ِل ْ َ‬
‫ض{‪ ،41‬ومع هننذا وردت أحنناديث صننحيحة تنهننى عننن تفضننيل‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ضل َْنا ب َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ل َ‬‫س ُ‬‫الّر ُ‬
‫بعض النبيين على بعض كما جاء في حديث أبنى هريننرة – رضني اللنه عننه – قننال‪":‬بينمننا يهنودي‬
‫يعرض سلعته أعطى بها شيئا كرهه‪ ،‬فقال‪ :‬ل والذي اصطفى موسى على البشنر‪ ،‬فسننمعه رجننل‬
‫من النصار فقام فلطم وجهه‪ ،‬وقال‪ :‬تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي صننلى اللننه‬
‫عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال‪ :‬أبا القاسم‪ ،‬إن لنني ذمننة وعهنندا‪ ،‬فمننا بننال فلن لطننم‬
‫وجهي؟ فقال‪ :‬لم لطمت وجهه؟ فذكره‪ ،‬فغضننب النننبي صننلى اللننه عليننه وسننلم حننتى رؤى فنني‬
‫وجهه‪ ،‬ثم قال‪ :‬ل تفضلوا بين أنبياء الله‪ ،‬فإنه ينفخ في الصور فيصعق مننن فنني السننماوات ومننن‬
‫في الرض إل من شاء‪ ،‬ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعننث‪ ،‬فننإذا موسننى آخننذ بننالعرش‪ ،‬فل‬
‫أدرى أحوسب بصعقته يوم الطور‪ ،‬أم بعث قبلي"‬
‫وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليننه وسننلم قننال‪":‬مننا ينبغنني‬
‫‪42‬‬
‫لعبد أن يقول‪" :‬إني خير من يونس بن متى ‪ 0‬ونسبه إلى أبيه" ‪0‬‬
‫وهذه الحاديث ل تعارض آية التفضيل المذكورة آنفا‪ ،‬وينبغي أن يحمل النهى الوارد فيها‬

‫‪ 35‬الية‪ :‬هي العلمة الدالة على الشيء‪ ،‬والمراد بها هنا‪ :‬ما يجريه الله على أيدي أنبيائه ورسله مننن أمننور خارقننة للعننادة‪،‬‬
‫يعنى مخالفة للسنن الكونية المعتادة عند الناس ول قدرة لهم عليها ‪0‬‬
‫‪ 36‬النبوات ‪.13 ، 12 /‬‬
‫‪ 37‬المرجع السابق ص ‪.21‬‬
‫‪ 38‬دلئل النبوة للبيهقى جن ‪ ، 10 / 1‬واليات من سورة فصلت ‪.42 ، 41‬‬
‫‪ 39‬السراء ‪ /‬آية‪.59 :‬‬
‫‪ 40‬جامع البيان في تفسير القرآن جن ‪.74 /15‬‬
‫‪ 41‬البقرة ‪ /‬آية‪.253 :‬‬
‫‪ 42‬أخرجهما البخاري في كتاب أحاديث النبياء باب ‪ 35‬جن ‪، 450 / 6‬ن ‪ ،451‬ومسلم في كتاب الفضائل باب ‪ 42‬جنن ‪/ 4‬‬
‫‪.1844 ، 1843‬‬
‫عن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية‪ ،‬سدا لذريعة النتقاص من المفضول ‪0‬‬
‫قال النووي‪ :‬قال العلماء‪ :‬هذه الحاديث تحتمل وجهين‬
‫أحدهما‪ :‬أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل من يننونس‪ ،‬فلمننا علننم‬
‫‪43‬‬
‫ذلك قال‪":‬أنا سيد ولد آدم‪0 "..‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا زجرا عن أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئا مننن‬
‫‪44‬‬
‫حط مرتبة يونس صلى الله عليه وسلم ‪0‬‬
‫وقد ذكر القرطبي أقوال ً كثيرة لهل العلم في هذه المسألة منها‪":‬إنما نهى عن الخننوض‬
‫في ذلك‪ ،‬لن الخوض في ذلك ذريعة إلى الجدال‪ ،‬وذلك يؤدى إلى أن يذكر منهم مننا ل ينبغنني أن‬
‫‪45‬‬
‫يذكر ويقل احترامهم عند المماراة"‪0‬‬
‫وقال ابن حجر‪ :‬قال العلماء‪":‬إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا ‪ 0‬إن كان قاله‬
‫بعد أن أعلم أنه أفضل الخلق‪ ،‬وإن كان قناله قبنل علمنه بننذلك فل إشننكال‪ ،‬وقيننل‪ :‬خنص ينونس‬
‫بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له‪ ،‬فبنالغ فنني ذكنر فضنله لسند‬
‫‪46‬‬
‫هذه الذريعة"‪0‬‬
‫وقال شارح الطحاوية بعد أن ذكر حديث أبى هريرة السابق‪":‬فكيف يجمع بين هذا وبيننن‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪":‬أنا سيد ولد آدم ول فخر"‪ ،47‬فالجواب‪ :‬أن هذا كان لننه سننبب …‪،‬لن‬
‫التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس كان مذموما‪ ،‬بل نفس الجهاد إذا قاتننل‬
‫ض‬
‫عضض َ‬ ‫ضضضل َْنا ب َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫الرجل حمية وعصبية كان مذموما‪ ،‬فإن الله حرم الفخر‪ ،‬وقد قال تعالى‪َ }:‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ض ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع َ‬ ‫ضل َْنا ب َ ْ‬
‫ف ّ‬‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ض {‪ ،48‬وقال تعالى‪}:‬ت ِل ْ َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫الن ّب ِّيي َ‬
‫ت{‪ ،49‬فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجننه الفخننر‪ ،‬أو‬ ‫ع َ ْ َ ُ ْ َ َ َ ٍ‬
‫جا‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ف َ‬‫وَر َ‬‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ك َل ّ َ‬
‫‪50‬‬
‫على النتقاص بالمفضول"‪0‬‬
‫وقد جاء في أبحاث اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ما يلي‪ ..…":‬ومن هذا القبيل‬
‫تفضيل بعض النبياء على بعض‪ ،‬هو نفسه جائز‪ ،‬فقد فضل الله بعضهم على بعننض ورفننع بعضننهم‬
‫درجات‪ ،‬ولكنه يمنع حينما يجر إلى الفتنة والعصننبية…‪ ،.‬وقنند تخاصننم مسننلم ويهنودي فنني العهنند‬
‫النبوي‪ ،‬ولطم المسلم وجه اليهودي‪ ،‬لنه أقسم بالننذي اصننطفى موسننى علننى العننالمين وأقسننم‬
‫المسلم بالذي اصطفى محمدا على العالمين…‪ ،‬فلما بلغننت الخصننومة خنناتم النننبيين صننلى اللننه‬
‫عليه وسلم غضب حتى عرف الغضب في وجهننه‪ ،‬وقنال‪":‬ل تخيرونني علننى موسنى"‪ ،51‬ثنم أثنننى‬
‫عليه بما هو أهله‪ ،‬ونهاهم أن يفضلوا بين أنبياء الله سدا لذريعننة الفتننن‪ ،‬وحرصننا علننى وقننارهم –‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم‪ ،…-‬وإذا كانت الدول تشنندد فنني سنند الننذرائع‪ ،‬وتننرى ذلننك ركنننا مننن‬
‫أركان السياسة والمن والنظام والمعاملت الدنيوية‪ ،‬فإنه فنني العقننائد أخلننق وفننى مقننام النبننوة‬
‫‪52‬‬
‫أوجب وأحق"‪0‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬إرسال المرسلين بلسان أقوامهم ليعقلوا خطابهم ‪0‬‬
‫أرسل الله أنبياءه ورسله باللسان الذي يتكلم بنه المرسنل إليهنم‪ ،‬حنتى يعرفنوا خطنابه‬
‫ومراده منه‪ ،‬ولئل يتعللوا بعدم الفهم له‪ ،‬فكان الرسال بهذه الطريقة سدا لذريعة تكذيبهم بحجننة‬
‫َ‬
‫م‬‫هض ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ه ل ِي ُب َّيض َ‬
‫م ِ‬ ‫و ِ‬ ‫قض ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سضا ِ‬‫ل إ ِل ّ ب ِل ِ َ‬ ‫سضو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مض ْ‬ ‫سضل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫عدم الفهم عنهم ‪ 0‬قال تعننالى‪َ }:‬‬
‫‪53‬‬
‫م{‪0‬‬ ‫كي ُ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬
‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫شا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫دي‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن يَ َ‬
‫شاءُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض ّ‬‫في ُ ِ‬ ‫َ‬
‫واختص الله نبينا محمدا صلى الله عليننه وسننلم بإرسنناله إلننى الننناس كافننة مننن العننرب‬
‫والعجم‪ ،‬كما هو مرسل إلى الجن أيضا‪ ،‬ول حجة لغير العرب في ذلك‪ ،‬لن اللننه قيننض لنندينه منن‬
‫ينشره إلى غير العرب بلسانهم وأقيمت الحجة عليهم بذلك ‪0‬‬
‫َ‬
‫ه{‪،‬‬ ‫م ِ‬ ‫و ِ‬ ‫قضض ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل{ أي قبلك يا محمد }إ ِل ّ ب ِل ِ َ‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬‫قال القرطبي‪َ } :‬‬
‫أي بلغتهم‪ ،‬ليبينوا لهم أمر دينهم…‪ ،‬ول حجة للعجم وغيرهم في هذه الية‪ ،‬لن كل من ترجننم لننه‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ترجمة يفهمها لزمته الحجننة‪ ،‬وقنند قننال اللننه تعننالى‪َ }:‬‬
‫ذيرًا{‪0‬‬ ‫َ‬
‫شيرا ً َ‬ ‫كا ّ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫‪54‬‬
‫ون َ ِ‬ ‫س بَ ِ‬ ‫ة ِللّنا ِ‬ ‫ف ً‬ ‫أْر َ‬
‫وقال ابن تميمة‪":‬وأما كون القرآن أنزل باللسان العربي وحده فعنه أجوبة‪ :‬أحنندهما‪ :‬أن‬
‫يقال‪ :‬والتوراه إنما أنزلت باللسان العبري وحده‪ ،..‬وكذلك سائر الكتننب ل ينزلهننا اللننه إل بلسننان‬
‫واحد‪ ،‬بلسان الذي أنزلت عليه‪ ،‬ولسان قومه الذين يخاطبهم أول‪ ،‬وسننائر النبينناء إنمننا يخنناطبون‬
‫الناس بلسان قومهم الذي يعرفونه أول‪ ،‬ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلم النبياء لسائر المم‪ ،‬إما أن‬
‫يترجم لمن ل يعرف لسان ذلنك الكتناب‪ ،‬وإمنا بنأن يتعلنم النناس لسنان ذلنك الكتناب فيعرفنون‬
‫‪55‬‬
‫معانيه"‪0‬‬

‫أخرجه أبو داود في كتاب السنة باب ‪14‬جن ‪ 254/ 5‬وابن ماجة في كتاب الزهد باب ‪ 37‬جن ‪.1440/ 2‬‬ ‫‪43‬‬

‫شرح النووي على مسلم جن ‪.132 / 15‬‬ ‫‪44‬‬

‫الجامع لحكام القرآن جن ‪.1070 / 2‬‬ ‫‪45‬‬

‫فتح الباري جن ‪.452 / 6‬‬ ‫‪46‬‬

‫سبق تخريجه ص ‪.53‬‬ ‫‪47‬‬

‫السراء ‪ /‬آية‪.55 :‬‬ ‫‪48‬‬

‫البقرة ‪ /‬آية‪.253 :‬‬ ‫‪49‬‬

‫شرح العقيدة الطحاوية ‪.171 ، 170 /‬‬ ‫‪50‬‬

‫أخرجه مسلم في كتاب الفضائل باب ‪ 42‬جن ‪.1844 / 4‬‬ ‫‪51‬‬

‫حكم تمثيل الصحابة ص ‪ 41‬لهيئة كبار العلماء ‪0‬‬ ‫‪52‬‬

‫إبراهيم ‪ /‬آية‪.4 :‬‬ ‫‪53‬‬

‫الجامع لحكام القرآن جن ‪.3569 / 5‬‬ ‫‪54‬‬

‫الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح جن ‪.189 / 1‬‬ ‫‪55‬‬


‫وقال ابن كثير‪":‬هذا من لطفه تعالى بخلقه‪ :‬أنه يرسل إليهم رسل منهم بلغاتهم ليفهمننوا‬
‫عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم‪ ،‬كما قال المام أحمد‪:‬حدثنا وكيع‪ ،‬عن عمر بن ذر قال‪ :‬قال‬
‫مجاهد‪ :‬عن أبى ذر قال‪ :‬قال رسول اللننه صننلى اللننه عليننه وسننلم "لننم يبعننث اللننه نبيننا إل بلغننة‬
‫قومه"‪ ،..‬وقد كانت هذه سنة الله في خلقه‪ :‬أنه ما بعث نبيا في أمة إل أن يكون بلغتهم‪ ،‬فنناختص‬
‫كل نبى بإبلغ رسالته إلى أمتننه دون غيرهننم‪ ،‬واختننص محمنند بننن عبنند اللننه رسننول اللننه بعمننوم‬
‫‪56‬‬
‫الرسالة إلى سائر الناس…"‪0‬‬
‫وقال القاسمي في تفسيره‪":‬فإن قلت‪ :‬لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلننى‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه إ ِل َي ْك ُض ْ‬ ‫ل الل ّض ِ‬ ‫سضضو ُ‬‫س إ ِن ّضضي َر ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫ل َيا أي ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫العرب وحدهم‪ ،‬وإنما بعث إلى الناس جميعا‪ُ } ،‬‬
‫ميعًا{‪ ،57‬بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة… قلت‪ :‬ل يخلو إما أن ينزل بجميننع اللسنننة‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫أو بواحد منها‪ ،‬فل حاجة إلى نزوله بجميع اللسنة‪ ،‬لن الترجمة تنوب عن ذلننك وتكفننى التطويننل‪،‬‬
‫فبقى أن ينزل بلسان واحد‪ ،‬فكان أولى اللسنة لسان قوم الرسول لنهم أقرب إليه‪ ،‬فإذا فهمننوا‬
‫عنه وتبينوه وتنوقل عنهم وانتشر‪ ،‬قامت التراجم ببيانه وتفهمه‪ ،‬كما ترى الحال وتشاهد من نيابننة‬
‫‪58‬‬
‫التراجم في كل أمة من أمم العجم"‪0‬‬
‫وفى صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله النصاري – رضي الله عنه – قال‪ :‬قننال رسننول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪":‬أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي …" وذكر منها‪":‬وبعثنت إلنى كنل‬
‫أحمر وأسود‪0"..‬‬
‫قال النووي في شرحه‪":‬قيل المراد بالحمر الننبيض مننن العجننم وغيرهننم‪ ،‬وقيننل المننراد‬
‫بالسود السودان‪ ،‬وبالحمر من عداهم من العرب وغيرهم‪ ،‬قيل الحمننر النننس‪ ،‬والسننود الجننن‪،‬‬
‫‪59‬‬
‫والجميع صحيح فقد بعث إلى جميعهم"‪0‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬نهى المؤمنين عن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "راعنا"‪0‬‬
‫كان المؤمنون يقولون كلمة "راعنا" للنبي صلى الله عليننه وسننلم ويقصنندون بهننا معنننى‬
‫صحيحا وهو‪:‬راعنا سمعك‪ ،‬أي اسمع لنا ما نريد أن نسأل عنه‪ ،‬ونراجعك فيه القول لنفهمننه عنننك‪،‬‬
‫ولكن اليهود كانوا يقولونها ويقصدون بها الحط مننن مقننام النننبي صننلى اللننه عليننه وسننلم فكننانوا‬
‫يقولون‪":‬راعنا"‪ ،‬من المراعاة‪ ،‬وهى تقتضى المشنناركة فنني الرعايننة‪ ،‬أيننس‪ :‬ارعنننا نرعننك‪ ،‬وفننى‬
‫خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مننن سننوء الدب مننا هننو ظنناهر‪ ،‬أو أنهننم كننانوا يميلننون‬
‫ألسنتهم في نطق هذه الكلمة لتؤدى معنى آخر مشننتقا مننن الرعونننة فنهنناهم اللننه عننز وجننل أن‬
‫دا لذريعة النتقناص منن قنندره صنلى اللننه عليننه‬ ‫يقولوا لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة س ّ‬
‫وسلم وأمرهم أن يتخيروا من اللفاظ أحسنها ومن المعاني أفضلها ‪0‬‬
‫قال ابن تيمية‪":‬إنه سبحانه منع المسلمين من أن يقولوا للنننبي صننلى اللننه عليننه وسننلم‬
‫"راعنا" مع قصدهم الصالح لئل يتخذه اليهود ذريعة إلى سبه صلى اللنه علينه وسنلم‪ ،‬ولئل يتشنبه‬
‫‪60‬‬
‫بهم‪ ،‬ولئل يخاطب بلفظ يحتمل معنى فاسدا"‪0‬‬
‫وقال ابن كثير‪":‬نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكننافرين فنني مقننالتهم وفعننالهم‪،‬‬
‫وذلك أن اليهود كانوا ُيعانون من الكلم ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقص – عليهم لعائن الله‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫‪ ،-‬فإذا أرادوا أن يقولوا‪:‬اسننمع لنننا ‪ 0‬يقولننون‪ :‬راعنننا‪ ،‬يننورون بالرعونننة‪ ،‬كمننا قننال تعننالى‪ِ } :‬‬
‫غي ْضَر‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬‫سض َ‬ ‫وا ْ‬ ‫صضي َْنا َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬
‫عَنا َ‬‫م ْ‬ ‫سض ِ‬‫ن َ‬ ‫قول ُضضو َ‬ ‫وي َ ُ‬‫ه َ‬ ‫ع ِ‬‫ضض ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫عض ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْك َل ِ َ‬ ‫فو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫دوا ي ُ َ‬‫ها ُ‬ ‫ن َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن{‪ ،61‬وكذلك جاءت الحنناديث بالخبننار عنهننم‬ ‫دي‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫عَنا ل َيا ً بأ َ‬ ‫ِ‬ ‫را‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون‪":‬السام عليكم" والسام هو‪ :‬الموت‪ ،‬ولهذا أمرنا أن نرد عليهننم‬
‫‪62‬‬
‫بن "وعليكم" وأنه يستجاب لنا فيهم ول يستجاب لهم فينا"‪0‬‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي‪":‬كان المسلمون يقولون حيننن خطننابهم للنننبي صننلى‬
‫الله عليه وسلم عند تعلمهم أمر الدين‪" :‬راعنا"‪ ،‬أي‪ :‬ارع أحوالنننا‪ ،‬فيقصنندون بهننا معنننى صنحيحا‪،‬‬
‫وكننان اليهننود يرينندون بهننا معنننى فاسنند‪ ،‬فننانتهزوا الفرصننة فصنناروا يخنناطبون الرسننول بننذلك‪،‬‬
‫ويقصدون المعنى الفاسد‪ ،‬فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة‪ ،‬سدا لهذا الباب‪ ،‬ففيه النهى عننن‬
‫‪63‬‬
‫الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم"‪0‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬سد الذرائع المتعلق بالمامة والخروج على الحاكم ‪0‬‬
‫المبحث الول‪ :‬وجوب تنصيب إمام واحد والجتماع عليه ‪0‬‬
‫من المعلوم أن المامة‪ 64‬شرعت لحفظ الدين وسياسة الدنيا به ومن هنا دعا السلم إلى‬
‫وجود إمام واحد تجتمع عليه القلوب‪ ،‬وتكون به الجماعة‪ ،‬وتعدد الئمة منندعاة للتفننرق والختلف‪،‬‬
‫لما يمكن أن يقع بينهم من تناحر وشقاق‪ ،‬لذا كان من شننريعة السننلم النندعوة إلننى إمننام واحنند‬
‫دا لذريعة التفرق والختلف‪ ،‬وها هي بعض الدلة على ذلك من القرآن والسنة‪:‬‬ ‫س ّ‬
‫أول ً‪ :‬أدلة القرآن الكريم ‪0‬‬
‫ل ُ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫مُنوا أ َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫مض ِ‬ ‫وأول ِضضي ال ْ‬ ‫سضضو َ َ‬ ‫عضضوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّض َ‬ ‫طي ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ }:‬يا أي ّ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫حك ض ْ‬ ‫ري ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫و ت َ ضذ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عوا فت َفش ضلوا َ‬ ‫َ‬ ‫ول ت َن َضضاَز ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫م{ وقال تعالى‪َ }:‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫‪65‬‬
‫ِ‬

‫تفسير ابن كثير جن ‪.297 / 3‬‬ ‫‪56‬‬

‫العراف ‪ /‬آية‪.158 :‬‬ ‫‪57‬‬

‫شرح النووي على مسلم جن ‪ ، 5 / 5‬وانظر أيضا فتح الباري جن ‪.439 /1‬‬ ‫‪59‬‬

‫مجموعة الفتاوى الكبرى جن ‪.144 / 3‬‬ ‫‪60‬‬

‫النساء ‪ /‬آية‪.46 :‬‬ ‫‪61‬‬

‫تفسير ابن كثير جن ‪.213 / 1‬‬ ‫‪62‬‬

‫تيسير الكريم الرحمن جن ‪.120 / 1‬‬ ‫‪63‬‬

‫ة عامة في الدين والدنيا خلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر الموسوعة الفقهية جن ‪6/216‬‬ ‫المامة رئاس ً‬ ‫‪64‬‬

‫النساء ‪/‬آية‪.59:‬‬ ‫‪65‬‬


‫ن الل ّ َ‬
‫‪66‬‬
‫ن{‪0‬‬ ‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬
‫ع ال ّ‬‫م َ‬‫ه َ‬ ‫صب ُِروا إ ِ ّ‬
‫وا ْ‬
‫َ‬
‫في هاتين اليتين الكريمتين يأمر الله جماعة المؤمنين بطاعة اللننه وطاعننة رسننوله صننلى‬
‫الله عليه وسلم والجتماع على كلمته وعدم مخالفته‪ ،‬حتى ل يحدث نزاع بينهننم فيقننع مننا حننذرت‬
‫منه اليتان ‪0‬‬
‫يقول الشيخ رشيد رضا في شرحه للية الثانية‪":‬أطيعوا الله في هننذه الوامننر المرشنندة‬
‫إلى أسباب الفلح في القتال وفى غيرها‪ ،‬وأطيعوا رسوله فيما ينأمر بنه وينهنى عننه منن شنؤون‬
‫القتال وغيرها من حيث أنه المبين لكلم الله الذي أنزل إليه على ما يريده تعالى منه‪ ،‬والمنفذ له‬
‫بالقول والعمل والحكم‪ ،‬ومنه ولية القيادة العامننة فنني القتننال‪ ،‬فطاعننة القننائد العننام هنني جمنناع‬
‫‪67‬‬
‫النظام الذي هو ركن من أركان الظفر…"‪0‬‬
‫وقال القاسمي في تفسيره بعد شنرحه للينة‪":‬تننبيه‪ :‬قنال بعنض المفسنرين فني قنوله‬
‫ت أي‪ :‬ل تختلفوا فيما أمركم به من الجهاد‪ ،‬بل ليتفق رأيكم‪ ،‬قال‪ :‬ولقائل أن‬ ‫عوا فَ َ‬ ‫تعالى‪َ :‬ول ت ََناَز ُ‬
‫يقول‪ :‬استثمر من هذا وجوب نصب أمير على الجيش ليدبر أمرهم ويقطع اختلفهم‪ ،‬فننإنه بلننزوم‬
‫طاعته ينقطع الختلف وقد فعله صلى الله عليه وسلم في السرايا‪ ،‬وقال‪" :‬اسمعوا وأطيعوا وإن‬
‫‪68‬‬
‫أمر عليكم عبد حبشي"‪0‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬أدلة السنة النبوية‪:‬‬
‫عن أبى هريرة – رضي الله عنه‪ -‬عن النبي صلى الله عليه وسننلم قننال‪":‬كننانت‬ ‫‪-1‬‬
‫بنوا إسرائيل تسوسنهم النبينناء كلمنا هلنك نننبي خلفنه ننبي وإنننه ل نننبي بعندى‪ ،‬وسنتكون خلفنناء‬
‫فيكثرون‪ ،‬قالوا فما تأمرنا ‪ 0‬قال‪ :‬فوا ببيعة الول فالول ‪ 0‬أعطوهم حقهم‪ ،‬فإن الله سائلهم عمننا‬
‫‪69‬‬
‫استرعاهم"‪0‬‬
‫عن أبى سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬ ‫‪-2‬‬
‫‪70‬‬
‫وسلم "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الخر منهما"‪0‬‬
‫قال النووي في شرح الحديث الول‪":‬ومعنى هذا الحديث‪ :‬إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة‬
‫الول صحيحة يجب الوفاء بها‪ ،‬وبيعة الثانية باطلة يحرم الوفاء بها‪ ،‬ويحرم عليه طلبهننا…‪ ،‬واتفننق‬
‫العلماء على أنه ل يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد‪ ،‬سواء اتسعت دار السلم أم ل‪ ،‬وقننال‬
‫إمام الحرمين في كتابه الرشاد‪:‬قال أصحابنا ل يجوز عقدها لشخصين‪ ،‬قال‪ :‬وعننندي أنننه ل يجننوز‬
‫عقدها لثنين في صقع واحد‪ ،‬وهذا مجمع عليه‪ ،‬قال‪ :‬فننإن بعنند مننا بيننن المننامين وتخللننت بينهمننا‬
‫شسوع فللحتمال فيه مجال ‪ 0‬قال‪ :‬وهو خارج من القواطع وحكى المازري هذا القول عن بعض‬
‫المتأخرين من أهل الصول وأراد به إمام الحرميننن وهننو قننول فاسنند مخننالف لمننا عليننه السننلف‬
‫‪71‬‬
‫والخلف ولظواهر إطلق الحاديث ‪ 0‬والله أعلم"‪0‬‬
‫وقال ابن حجر‪":‬فوا" فعل أمر من الوفاء‪ ،‬والمعنى‪:‬أنه إذا بويع لخليفة بعنند خليفننة‪ ،‬فبيعننة‬
‫‪72‬‬
‫الول صحيحة يجب الوفاء بها‪ ،‬وبيعة الثاني باطلة"‪0‬‬
‫ن الجتمنناع علننى إمننام واحنند فنني المامننة‬ ‫وقال ابن تيمية‪":‬إنه صلى الله عليه وسننلم سن ّ‬
‫الكبرى وفى الجمعة والعيدين والستسقاء وفى صلة الخننوف وغيننر ذلننك مننع كننون إمننامين فنني‬
‫صلة الخوف أقرب إلنى حصنول الصنلة الصنلية‪ ،‬لمنا فني التفرينق منن خنوف تفرينق القلنوب‬
‫وتشتت الهمم‪ ،‬ثم إن محافظة الشارع على قاعدة العتصام بالجماعة وصلح ذات الننبين وزجننره‬
‫عما قد يفضى إلى ضد ذلك في جميع التصرفات ل يكاد ينضبط‪ ،‬وكل ذلك يشرع لوسننائل اللفننة‬
‫‪73‬‬
‫وهى من الفعال‪ ،‬وزجر عن ذرائع الفرقة وهى من الفعال أيضًا"‪0‬‬
‫وقال ابن القيم‪":‬إن الشارع أمنر بالجتمناع علننى إمننام واحند فنني المامنة الكننبرى‪ ،‬وفنى‬
‫الجمعة والعيدين والستسقاء وصلة الخوف‪ ،‬مع كون صلة الخوف بإمننامين أقننرب إلننى حصننول‬
‫صلة المن‪ ،‬وذلك سدا لذريعة التفريق والختلف والتنازع‪ ،‬وطلبا لجتماع القلوب وتألف الكلمننة‪،‬‬
‫وهذا من أعظم مقاصد الشرع‪ ،‬وقد سد الذريعة إلى ما يناقضننه بكننل طريننق‪ ،‬حننتى فنني تسننوية‬
‫‪74‬‬
‫الصف في الصلة‪ ،‬لئل تختلف القلوب‪ ،‬وشواهد ذلك أكثر من أن تذكر‪0‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ترك الخروج على الحاكم وطاعته في غير معصية الله ‪0‬‬
‫يرى أهل السنة والجماعة عدم الخروج على الحاكم المسلم الظالم الجائر‪ ،‬ما لم يصننل‬
‫ظلمه وجوره إلى الكفر البواح‪ ،‬وذلك سدا لمفسدة الخننروج عليننه‪ ،‬ومننا يننترتب عليننه مننن إراقننة‬
‫للدماء‪ ،‬وانتشار الفوضى في البلد وبين العباد والدلة على ذلك من السنة ما يلي‪:‬‬
‫حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال‪":‬بايعنا رسول الله صننلى اللننه‬ ‫‪-1‬‬
‫عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينننا‪ ،‬وعلننى‬
‫‪75‬‬
‫أن ل ننازع المر أهله إل أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"‪0‬‬

‫محاسن التأويل جن ‪.3707 ، 3706 / 10‬‬ ‫‪58‬‬

‫النفال ‪ /‬آية‪.46 :‬‬ ‫‪66‬‬

‫تفسير المنار جن ‪.24 / 10‬‬ ‫‪67‬‬

‫محاسن التأويل جن ‪ ،3012 /8‬والحديث المذكور أخرجه البخاري في كتاب الحكام باب ‪4‬جن ‪13/121‬‬ ‫‪68‬‬

‫أخرجه البخاري في كتاب النبياء باب ‪ 50‬جن ‪ ،495 / 6‬ومسلم في كتاب المارة باب ‪ 10‬جت ‪.1471 /3‬‬ ‫‪69‬‬

‫أخرجه مسلم في كتاب المارة باب ‪ 15‬جن ‪.1480 / 3‬‬ ‫‪70‬‬

‫شرح النووي على مسلم جن ‪.232 ،231 / 12‬‬ ‫‪71‬‬

‫فتح الباري جن ‪.497 / 6‬‬ ‫‪72‬‬

‫مجموعة الفتاوى الكبرى جن ‪.144 / 3‬‬ ‫‪73‬‬

‫إعلم الموقعين جن ‪.118 / 3‬‬ ‫‪74‬‬

‫أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب ‪ 2‬جن ‪ ،5 / 13‬ومسلم في كتاب المارة باب ‪ 8‬جن ‪.1470 /3‬‬ ‫‪75‬‬
‫عن عوف بن مالك الشجعي – رضي الله عنه‪ -‬قال‪":‬سمعت رسول الله صننلى‬ ‫‪-2‬‬
‫الله عليه وسلم يقول‪":‬خيار أئمتكم الذين تحبننونهم ويحبننونكم وتصننلون عليهننم ويصننلون عليكننم‪،‬‬
‫وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنونكم‪ ،‬قالوا‪ :‬قلنا‪ :‬يننا رسننول اللننه‪ :‬أفل‬
‫ننابذهم عند ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ل ما أقاموا فيكننم الصننلة‪ ،‬أل مننن ولننى عليننه وال فننرآه يننأتي شننيئا مننن‬
‫‪76‬‬
‫معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ول ينزعن يدا من طاعة"‪0‬‬
‫وقد وردت أحاديث كثيرة حول هذا المعنى وهى تفيد‪ :‬ترك الخروج علننى الئمننة‪ ،‬ووجننوب‬
‫الطاعة في المعروف‪ ،‬وعدم طاعته في المعصية مع كراهة ما يأتي منها ‪0‬وقد ذهننب إلننى القننول‬
‫‪77‬‬
‫والعمل بهذه الحاديث أهل السنة والجماعة‪0‬‬
‫قال النووي في شرحه لحديث عبادة السابق ذكره‪":‬ومعنى الحديث ل تنازعوا ولة المننور‬
‫في وليتهم ول تعترضوا عليهم إل أن تروا منهم منكرا محققا تعلمننونه مننن قواعنند السننلم‪ ،‬فننإذا‬
‫رأيتم ذلك فأنكروه عليهم‪ ،‬وقولوا بننالحق حيننث مننا كنتننم‪ ،‬وأمننا الخننروج عليهننم وقتننالهم فحننرام‬
‫بإجماع المسلمين‪ ،‬وإن كانوا فسقة ظننالمين‪ ،‬وقنند تظنناهرت الحنناديث بمعنننى مننا ذكرتننه‪ ..‬قننال‬
‫العلماء‪ :‬وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلنك منن الفتنن وإراقنة الندماء‬
‫‪78‬‬
‫وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه"‪0‬‬
‫وقال ابن تيمية‪":‬وقد استفاض وتقرر في غير هذا الموضع – ما قد أمر به صلى الله عليننه‬
‫وسلم ‪ -‬من طاعة المراء في غير معصية الله ومناصحتهم والصبر عليهم في حكمهننم وقسننمهم‪،‬‬
‫والغزو معهم والصلة خلفهم ونحو ذلك من متابعتهم في الحسنات التي ل يقوم بها إل هننم‪ ،‬فننإنه‬
‫من باب التعاون على البر والتقوى‪ ،‬وما نهى عنه مننن تصننديقهم بكننذبهم وإعننانتهم علننى ظلمهننم‬
‫وطاعتهم في معصية الله ونحو ذلك مما هو منن بنناب التعنناون علننى الثننم والعنندوان‪ ،..‬ول يننزال‬
‫المنكر بما هو أنكر منه‪ ،‬بحيث يخرج عليهم بالسلح‪ ،‬وتقام الفتن كما هو معروف من أصول أهننل‬
‫السنة والجماعة‪ ،‬وكما دلت عليه النصوص النبوية في ذلك من الفساد الذي يربى على فسنناد مننا‬
‫‪79‬‬
‫يكون من ظلمهم‪ ،‬بل يطاع الله فيهم وفى غيرهم‪ ،‬ويفعل ما أمر به ويترك ما نهى عنه"‪0‬‬
‫وقال الحافظ ابن حجر‪":‬وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهنناد‬
‫‪80‬‬
‫معه‪ ،‬وأن طاعته خير من الخروج عليه‪ ،‬لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء"‪0‬‬
‫وقال ابن القيم‪":‬نهى الننبي صنلى اللنه علينه وسنلم عنن قتنال المنراء والخنروج علنى‬
‫الئمة‪ -‬وإن ظلموا أو جاروا‪ -‬ما أقاموا الصلة‪ ،‬سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكننثير بقتننالهم‬
‫كما هو الواقع‪ ،‬فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف ما هننم عليننه‪ ،‬والمننة فنني بقايننا‬
‫‪81‬‬
‫تلك الشرور إلى الن"‪0‬‬
‫وقال عبد الرحمن بن يحيى المعلمي‪":‬وقنند جننرب المسننلمون الخننروج فلننم يننروا منننه إل‬
‫الشر‪ ،‬خرج الناس على عثمان يرون أنهم يرينندون الحننق‪ ،‬ثننم خننرج أهننل الجمننل يننرى رؤسنناهم‬
‫ومعظمهم أنهم إنما يطلبون الحق فكانت ثمرة ذلك بعد اللتيا واللتي أن انقطعننت خلفننة النبننوة‪،‬‬
‫وتأسست دولة بنى أمية‪ ،‬ثم اضطر الحسين بن على إلى ما اضطر إليه فكانت تلك المأساة‪ ،‬ثننم‬
‫‪82‬‬
‫خرج أهل المدينة فكانت وقعة الحرة‪0 "..‬‬
‫وهكذا سرد المعلمي مفاسد الخروج الكبيرة فنني فننترة مننن فننترات السننلم العظيمننة‪،‬‬
‫مبينا ثمرات هذا الخروج وآثاره على المة السلمية لهذا جاء الشرع الحكيم بسنند البنناب‪ ،‬ووضننع‬
‫‪83‬‬
‫أئمة أهل السنة ضوابط جليلة لمنع إراقة الدماء وحفاظا على المسلمين من التمزق والضياع‪0‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصلة والسلم على المبعوث رحمة للعالمين‪.‬‬
‫وبعد…‪،‬‬
‫فلقد انتهت بذلك صفحات هذا البحث بفصوله الخمسة النتي بيننت فيهنا ومنن خللهنا بعند‬
‫المقدمة والتمهيد احتياط الشرع الحكيم للدين الحق القويم الذي جاء من عند الله عز وجل ‪0‬‬
‫وقد ظهر من خلل هذه الدراسة أهمية علم التوحيد‪ ،‬وأهمية الحفاظ عليه‪ ،‬وسد كل منفنذ‬
‫يؤدى إلى خدشه‪ ،‬أو التهاون في أمره‪ ،‬لكونه أساس الدين وقاعدته التي يقوم عليها ‪0‬‬
‫وعلى هذا أقول‪ :‬يجننب علننى دعنناة التوحينند والسنننة الهتمننام الكننبير بالتوحينند‪ ،‬ودراسننته‬
‫دراسة علمية قوية لتقديمه صافيا نقيا إلى البشرية‪ ،‬وذلك لترتفع راية التوحيد عالية خفاقننة فننوق‬
‫كل مظاهر الشرك والوثنية‪ ،‬وتطهر البلد ويخضع العباد لله الحي القيوم سننبحانه وتعننالى‪ ،‬وحننتى‬
‫ينتشر المن والسلم والرخاء‪ ،‬فبالتوحيد يتحقق للعبد ما يريد بمشيئة من له الخلق والمر وحننده‬
‫‪0‬‬
‫وعلى المسلمين جميعا العتصام بحبل الله‪ ،‬والسير علننى منهنناج النبننوة‪ ،‬ول نخشننى قلننة‬
‫السالكين‪ ،‬لن العاقبة للمتقين ‪0‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‬
‫دكتور‬

‫أخرجه مسلم في كتاب المارة باب ‪ 17‬جن ‪.1481 / 3‬‬ ‫‪76‬‬

‫انظر مثل اعتقاد احمد بن حنبل وعلى بن المديني في كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللكائي جن ‪.193 175 / 1‬‬ ‫‪77‬‬

‫شرح النووي على مسلم جن ‪.229 / 12‬‬ ‫‪78‬‬

‫مجموع الفتاوى جن ‪.21 ، 20 / 35‬‬ ‫‪79‬‬

‫فتح الباري جن ‪.7 / 13‬‬ ‫‪80‬‬

‫إعلم الموقعين جن ‪.130 / 3‬‬ ‫‪81‬‬

‫التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الباطيل جن ‪.99 / 1‬‬ ‫‪82‬‬

‫يراجع للفائدة كتاب المامة العظمى عند أهل السنة والجماعة للدكتور عبد الله بن عمر الدميجي ص ‪.548 – 490‬‬ ‫‪83‬‬
‫عبد الله شاكر‬
‫ثبت المصادر والمراجع‬
‫‪ (1‬أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة للللكائي تحقيق‬
‫الدكتور أحمد سعد حمدان ط ‪ 1 /‬الناشر دار طيبة بالرياض‪.‬‬
‫‪ (2‬أضواء البيان في إيضاح القران للشيخ محمد المين الشنقيطي عالم الكتب ‪ /‬دار طيبة‬
‫بالرياض بيروت‪.‬‬
‫‪ (3‬إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان للمام ابن قيم الجوزيه‪ .‬بتحقيق الشيخ محمد حامد‬
‫الفقي ‪ .‬الناشر مكتبة عاطف بجوار إدارة الزهر‪.‬‬
‫‪ (4‬إعلم الموقعين عن رب العالمين لبن قيم الجوزيه بتحقيق د ‪ /‬محمد محيي الدين عبد‬
‫الحميد ‪ .‬ط ‪1374 / 1 /‬هن مطبعة السعادة بمصر‪.‬‬
‫‪ (5‬الم للمام محمد بن إدريس الشافعي مع مختصر المزني ط ‪ 1403 2 /‬هن دار الفكر‬
‫بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ (6‬تفسير القران الكريم الشهير بتفسير المنار لمحمد رشيد رضا ط ‪ 1367 / 3‬هن دار‬
‫المنار بمصر ‪.‬‬
‫‪ (7‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي‬
‫بتحقيق محمد زهدي النجار مطابع الدجوي بالقاهرة ‪.‬‬
‫‪ (8‬تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير بتحقيق عبد العزيز غنيم وجماعة طبعة الشعب‬
‫القاهرة بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ (9‬تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل للمام محمد جمال الدين القاسمي بتحقيق‬
‫محمد فؤاد عبد الباقي مطبعة عيسى الحلبي ‪.‬‬
‫تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد للشيخ سليمان بن عبد الله بن‬ ‫‪(10‬‬
‫عبد الوهاب ط‪3/‬ن المكتب السلمي ‪.‬‬
‫تفسير التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور ‪.‬‬ ‫‪(11‬‬
‫التنكيل لما في تأنيب الكوثري من الباطيل للشيخ عبد الرحمن بن يحيى‬ ‫‪(12‬‬
‫المعلمي بتحقيق محمد ناصر الدين اللباني ومحمد عبد الرزاق حمزة ن الناشر ‪ /‬دار الكتب‬
‫السلفية بالقاهرة ‪.‬‬
‫تفسير القرطبي الجامع لحكام القرآن لبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي‬ ‫‪(13‬‬
‫طبعة دار الشعب بالقاهرة ‪.‬‬
‫الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لبن تيمية مطابع المجد التجارية بدون‬ ‫‪(14‬‬
‫تاريخ ‪.‬‬
‫‪ (15‬جامع البيان في تفسير القرآن للمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ن مصور عن‬
‫الطبعة الولى بالمطبعة الكبرى الميرية ببولق عام ‪1329‬هن ن القاهرة ‪.‬‬
‫جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا َ من جوامع الكلم لبن رجب‬ ‫‪(16‬‬
‫بتحقيق محمد عبد الرزاق الرعود ط‪1411 /1/‬هن دار الفرقان للطبع والنشر بالردن ‪.‬‬
‫حكم تمثيل الصحابة لهيئة كبار العلماء باللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬ ‫‪(17‬‬
‫طبعة دار أم القرى بالقاهرة بإشراف إدارة الدعوة والعلم بالمركز العام لجماعة أنصار السنة‬
‫المحمدية بالقاهرة ‪.‬‬
‫دعوة التوحيد للدكتور محمد خليل هراس ‪.‬ط‪1407 /2/‬هن مكتبة ابن تيمية‬ ‫‪(18‬‬
‫بالقاهرة ‪.‬‬
‫الدين الخالص للسيد محمد صديق حسن بتحقيق محمد زهدي النجار مكتبة دار‬ ‫‪(19‬‬
‫التراث بالقاهرة ‪.‬‬
‫دلئل النبوة للبيهقي تحقيق د‪ .‬عبد المعطي قلعجي ط‪1/1408/‬هن الناشر دار‬ ‫‪(20‬‬
‫الريان للتراث ‪.‬‬
‫سنن أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الشعث السجستاني ومعه معالم‬ ‫‪(21‬‬
‫السنن للخطابي بتعليق عزت الدعاس وعادل السيد ‪.‬ط‪1/1394/‬هن دار الحديث بسوريا ‪.‬‬
‫سنن الترمذي مع شرحه تحفة الحوذي بتصحيح عبد الرحمن عثمان‪ .‬ط‪/‬‬ ‫‪(22‬‬
‫‪3/1407‬هن مكتبة ابن تيمية بالقاهرة ‪.‬‬
‫سنن الدارمي للمام أبي محمد بن عبد الرحمن الدارمي ن طبع بعناية محمد‬ ‫‪(23‬‬
‫أحمد دهمان ونشرته دار إحياء السنة النبوية بدون تاريخ ‪.‬‬
‫سنن النسائي المجتبى للحافظ أبي عبد الرحمن بن شعيب النسائي ومعه زهر‬ ‫‪(24‬‬
‫الربى على المجتبى ن ط‪ 1/‬ن ‪1383‬هن مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة ‪.‬‬
‫سلسلة الحاديث الصحيحة لمحمد ناصر الدين اللباني المجلد الخامس طن ‪/‬‬ ‫‪(25‬‬
‫‪1412/ 1‬هن مكتبة المعارف ن الرياض ‪.‬‬
‫سنن ابن ماجة للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني بتحقيق محمد‬ ‫‪(26‬‬
‫فؤاد عبد الباقي ن الناشر المكتبة العلمية بدون تاريخ ‪.‬‬
‫سلسلة الحاديث الضعيفة لللباني المجلد الول ن ط‪1405 /4 /‬هن المكتب‬ ‫‪(27‬‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫سبل السلم شرح بلوغ المرام لمحمد بن إسماعيل المير الصنعاني بتحقيق‬ ‫‪(28‬‬
‫إبراهيم عصر ن الناشر دار الحديث بالقاهرة بدون تاريخ ‪.‬‬
‫الشريعة للمام أبي بكر محمد بن الحسين الجري بتحقيق محمد حامد الفقي‬ ‫‪(29‬‬
‫ن الناشر أنصار السنة بلهور ن باكستان ‪.‬‬
‫شرح النووي على صحيح مسلم ن المطبعة المصرية ومكتبتها ن بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪(30‬‬
‫شرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الرناؤوط ن ط‪1/1400 /‬هن المكتب‬ ‫‪(31‬‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫شرح العقيدة الطحاوية بتحقيق محمد ناصر الدين اللباني ن ط‪1391 /4/‬هن‬ ‫‪(32‬‬
‫المكتب السلمي ‪.‬‬
‫صحيح البخاري لبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري مع شرحه فتح‬ ‫‪(33‬‬
‫الباري ن الناشر مكتبة الرياض الحديثة ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫صحيح مسلم للمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بتحقيق محمد فؤاد عبد‬ ‫‪(34‬‬
‫الباقي ن الناشر رئاسة البحوث العلمية والفتاء بالرياض‪.‬‬
‫صحيح سنن الترمذي لللباني ن ط‪1/1408/‬هن المكتب السلمي ببيروت ن‬ ‫‪(35‬‬
‫الناشر مكتب التربية العربي لدول الخليج‪.‬‬
‫‪ (36‬صحيح سنن أبي داود لللباني ن ط‪1/1409/‬هن الناشر مكتب التربية العربي لدول‬
‫الخليج‪.‬‬
‫طريق الهجرتين وباب السعادتين لبن قيم الجوزية المطبعة السلفية بالقاهرة‬ ‫‪(37‬‬
‫عام ‪1376‬هن ‪.‬‬
‫عون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي ن ط‪/‬‬ ‫‪(38‬‬
‫‪3/1407‬هن مكتبة ابن تيمية بالقاهرة ‪.‬‬
‫فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير لمحمد بن على‬ ‫‪(39‬‬
‫الشوكاني ط‪2/1383/‬هن مطبعة الحلبي بالقاهرة ‪.‬‬
‫فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ بتحقيق‬ ‫‪(40‬‬
‫الشيخ محمد حامد الفقي ومراجعة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ‪.‬‬
‫فضل الله الصمد في توضيح الدب المفرد لبي عبد الله البخاري ن تأليف فضل‬ ‫‪(41‬‬
‫الله الجيلني ن مطبعة المدني بالقاهرة عام ‪1402‬هن‬
‫القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ محمد الصالح‬ ‫‪(42‬‬
‫العثيمين ن ط‪3/1409/‬هن مركز شؤون الدعوة بالجامعة السلمية بالمدينة المنورة ‪.‬‬
‫كتاب السنة للحافظ أبي بكر عمر بن أبي عاصم الضحاك ومعه ظلل الجنة‬ ‫‪(43‬‬
‫لللباني ن ط‪1/1400/‬هن ن المكتب السلمي ‪.‬‬
‫لسان العرب للمام أبي الفضل جمال الدين ابن منظور ن الناشر دار صادر‬ ‫‪(44‬‬
‫ببيروت ‪.‬‬
‫مسند المام أحمد بن حنبل ن الناشر المكتب السلمي ‪.‬‬ ‫‪(45‬‬
‫المستدرك على الصحيحين للمام أبي عبد الله الحاكم النيسابوري بإشراف د‪.‬‬ ‫‪(46‬‬
‫يوسف المرعشلي ن الناشر دار المعرفة ببيروت ‪.‬‬
‫المغني لبن قدامة بتحقيق الشيخ محمد رشيد رضا ن الناشر مطبعة الرياض‬ ‫‪(47‬‬
‫الحديثة ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫معجم مقاييس اللغة لبي الحسين أحمد بن فارس بتحقيق عبد السلم‬ ‫‪(48‬‬
‫هارون ‪ .‬طبعة دار الجيل ببيروت ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ (49‬معجم البلدان لبي عبد الله ياقوت الحموي طبعة دار صادر ببيروت عام ‪1404‬هن ‪.‬‬
‫معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الصول للشيخ حافظ بن أحمد‬ ‫‪(50‬‬
‫الحكمي ن من مطبوعات الرئاسة العامة للفتاء بالرياض‪.‬‬
‫مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ن‬ ‫‪(51‬‬
‫الناشر مكتبة القدسي بالقاهرة ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى ابن تيمية ن جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد وابنه ن مطابع‬ ‫‪(52‬‬
‫دار العربية ببيروت ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ن إعداد وتقديم أ‪.‬د‪.‬عبد الله بن‬ ‫‪(53‬‬
‫محمد الطيار والشيخ أحمد بن عبد العزيز ن ط‪1/1416/‬هن ن دار الوطن بالرياض ‪.‬‬
‫مجموعة فتاوى ابن تيمية الكبرى ن طبعة المطبعة الفنية ن بدون تاريخ ن الناشر‬ ‫‪(54‬‬
‫دار المنار بالقاهرة ‪.‬‬
‫الموافقات في أصول الشريعة لبي إسحاق الشاطبي بتحقيق الشيخ عبد الله‬ ‫‪(55‬‬
‫دراز ن طبع المطبعة الرحمانية بمصر ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫الموسوعة الفقهية اصدار وزارة الوقاف والشؤون السلمية بالكويت‪ /‬ط‪/‬‬ ‫‪(56‬‬
‫‪4/1414‬هن ‪(57‬النهاية في غريب الحديث والثر لبن الثير بتحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود‬
‫محمد الطناحي ن المكتبة العلمية ببيروت ن بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪(58‬النبوات لبن تيمية ن الناشر دار الفتح بالقاهرة ن بدون تاريخ ‪.‬‬

You might also like