You are on page 1of 6

‫عداء الغرب للسلم والمسلمين ليس وهماً‬

‫(نشرت هذه المقالة ضمن مقالتي في صحيفة المدينة المنورة في نحو التواريخ المذكورة هنا)‬

‫"لقد عادت روسيا بوجهها القبيح مرة أخرى‪ ...‬إنها تنفض الغبار عن تاريخها السود مع مسلمي‬
‫البلقان‪ ..‬فماذا نحن فاعلون؟" بهذه العبارة ختم الكاتب المتميّز الدكتور عبد الواحد الحميد مقالته‬
‫في صحيفة عكاظ يوم السبت الموافق ‪ 15‬رجب ‪1415‬هـ (العدد ‪)10358‬‬

‫أثارت هذه المقالة الستاذ عبد ال أبو السمح فكتب بعد أربعة أيام في زاويته(رأي آخر) بعنوان‬
‫"غارة وهمية" (عكاظ عدد ‪ )10362‬صبّ فيه جام غضبه على الكتاّب لتوهمهم بأن هناك‬
‫"غارة" على العالم السلمي من دول "الكفر" لخراجهم من ديارهم أو من دينهم أو من الثنين‬
‫ل المسلمون أنفسهم‪،‬‬
‫معا‪ ،‬ول شك أن ذلك وهم كبير وخطأ فادح‪ ،‬فل أحد يعادي المسلمين إ ّ‬
‫ل جهلهم وتخلفهم ونزعاتهم الضيقة‪ ".‬وصرّح أبو السمح بأن سبب العداء "ليس‬
‫وعـدو للمسلمين إ ّ‬
‫لكـونهم مسلمين‪ ،‬ولكن بصفتهم السياسية ‪..‬دولة أو تشكيل أو أقلية‪ ،‬لذلك إذا أردنا أن نتعاطف‬
‫معهم فل أقل من أن نعرف سبب المشكلة وأصلها ل أن نثير عواطف الناس بادعاءات‬
‫وافتراضات تتعارض مع الحق والواجب‪".‬‬

‫فهل صحيح أن عداء الغرب للسلم والمسلمين وهم وليس حقيقة؟ وهل صحيح أن عداء الغرب‬
‫ل ادّعاء وافتراض يتعارض مع‬
‫إنما هو لهداف سياسية‪ ،‬وأن الحديث عن العداء للسلم ما هو إ ّ‬
‫الحق والواجب؟‬

‫ل أنني لم أتشرف بمعرفة الستاذ عبد ال أبو السمح وخلفيته الثقافية والعلمية‪ ،‬وإن كانت‬
‫أعتذر أو ً‬
‫مقالته هذه ومقالته الخرى التي انتقد فيها الفلسطينيين الذين يعترضون على مسيرة السلم في‬
‫بلدهم تنبي عن خلفية معينة جعلته يقف هذا الموقف الذي ل يحسد عليه‪.‬‬

‫وأحب أن أؤكد ابتداءً أنني ل أنتصر للدكتور عبد الواحد الحميد أو الكتّاب الذين يتحدثون عن‬
‫عداء الغرب للسلم والمسلمين (وأنا واحد منهم)‪ ،‬فليس يجمعني بالدكتور عبد الواحد الحميد من‬
‫صلة سوى مكالمة هاتفية رغبة في الفادة من مصادر المعلومات التي يستخدمها في إعداد‬
‫مقالته‪ .‬ولكني تخصصت في دراسة الستشراق‪ ،‬وأمضيت من عمري سنين أبحث في مواقف‬
‫الغرب من السلم والمسلمين ‪ ،‬لذلك أجد واجباً عليّ أن أتحدث في هذا الموضوع ‪.‬‬
‫من أين نبدأ بالحديث عن عداء الغرب للسلم والمسلمين؟ لنبدأ من عصورهم الوسطى‪،‬‬
‫وعصور الزدهار السلمي‪ ،‬تلك العصور التي خرج فيها بطرس الناسك (وللنصارى بطرس‬
‫معـاصر) يحرّض النصارى على حرب المسلمين واسترداد بيت المقدس من أيديهم‪ ،‬وكان هذا‬
‫بتأييد البابا في الفاتيكان‪ .‬وكانت الحروب الصليبية التي شغلت العالم السلمي قرابة قرنين من‬
‫الزمان‪ ،‬عادت منها أوروبا بمعرفة أصول نهضة المسلمين‪ ،‬فأفادوا من ذلك وعاد المسلمون إلى‬
‫النوم والسبات أو مداواة آثار تلك الحروب الطويلة‪ .‬ومع ذلك فقد كان ظهور الدولة العثمانية‬
‫نصرًا للسلم والمسلمين طوال حياة هذه الدولة‪.‬‬

‫ونهضت أوروبا في جميع المجالت‪ ،‬وأفادت من تراث المسلمين‪ ،‬وكان رد الجميل أن امتلت‬
‫مكتبات أوروبا بمئات أو ألوف المؤلفات التي تقطر حقداً على السلم والمسلمين حتى أصبح‬
‫الوروبيون يتوارثون العداء لنا ليس من خلل تراثهم الفكري فقط بل أكاد أجزم أنه دخل في‬
‫تركيب جيناتهم (مورثاتهم)‪ ،‬وعندما أراد الوروبيون تغيير خطتهم في حرب السلم والمسلمين‬
‫كتب بعضهم كتباً ينتقدون فيها أجدادهم أو الحقد الوروبي الذي كانت الكنيسة رائدته ومن أمثلة‬
‫هذه الكتب كتاب ريتشارد سوذرن صورة السلم في العصور الوسطى‪ ،‬وكتاب نورمان دانيال‬
‫السلم والغرب‪:‬صناعة الصورة‪.‬‬

‫ل جانبا واحداً من علقة المسلمين بالنصارى أو بالغرب ويقول في ذلك‬


‫ولم تتناول هذه الكتابات إ ّ‬
‫الدكتور رضوان السيد‪ -‬الذي ترجم الكتاب الول‪ ": -‬لكن الوجوه الخرى لعلقة الحضـارة‬
‫السلمية بالغرب على المستويات الثقافية والجتماعية والقتصادية بقيت بمنأى عن المعالجة"‪.‬‬
‫ولو نجحت هذه الكتابات حقا لما ظل الحقد والعداء يسيطر على كتابات كثير من الغربيين حتى‬
‫هذه الساعة‪.‬‬

‫وهذه فرنسا ما كادت تنجح ثورتها المشهورة (التي عدت من الثورات الكبرى في تاريخ البشرية)‬
‫وأعلنت مبادئ حقوق النسان الذي يفتخر به الغرب حتى نقضت هذه الحقوق بالنسبة للمسلمين‪،‬‬
‫ويقول في ذلك عصمت سيف الدولة في محاضرة له حول السلم وحقوق النسان (رضوان‬
‫السيد ‪،‬الفكر السلمي المعاصر وحقوق النسان‪-‬الحياة ‪21‬ديسمبر ‪ ":)1994‬حتى عرفنا من‬
‫واقع تاريخنا كيف تتحول الكلمات الكبيرة النبيلة إلى كبائر‪ ،‬فنحن ل نستطيع أن ننسى أن‬
‫أصحاب إعلن حقوق النسان والمواطن الفرنسي هم الذين لم يلبثوا ‪ -‬قبل أن يجف حبر إعلنهم‬
‫‪ -‬أن أعدّوا العدة وأرسلوا قواتهم بقيادة فتاهم نابليون لحتلل مصر‪ ".‬فهل هذا التاريخ وهم أو‬
‫حقيقة؟‬

‫عجبت لتصور الستاذ عبد ال أبو السمح أن الحديث عن عداء الغرب للسلم والمسلمين إنما هو‬
‫وهم أسماه أبو السمح (الغارة الوهمية)‪ ،‬لقد صحب نابليون معه في حملته على مصر جيشاً من‬
‫المستشرقين والعلماء ليس حباً في مصر‪ ،‬ولكن لحكام السيطرة عليها في جميع المجالت‪ .‬ولما‬
‫غادر نابليون مصر بعث إلى نائبه في مصر أن يبعـث إليه ‪500‬أو ‪ 600‬شيخا من المماليك‪،‬‬
‫والهدف من هذه البعثة كما يقول محمود شاكر في كتـابه رسالة في الطريق إلى ثقافتنا نقلً عن‬
‫رسالة نابليون‪" :‬فإذا ما وصل هؤلء إلى فرنسا يحجـزون مدة سنة أو سنتين يشاهدون في أثنائها‬
‫عظمة المة(الفرنسية)‪ ،‬ويعتادون على تقاليدنا ولغتنـا‪ ،‬ولما يعودون إلى مصر يكون لنا منهم‬
‫حـزب يضم إلى غيرهم" ‪.‬وقد كتب محمد المنوني في كتابه يقظة المغرب العربي أن المشرف‬
‫الفرنسي على إحدى البعثات الطلبية المغربية طلب أن يبقى الطلب المغاربة مدة أطول في‬
‫فرنسا بعد انتهاء بعثتهم ليتشبعوا بعظمة فرنسا وحضارتها‪.‬‬

‫ونواصل مع محمود شاكر في حديثه عن محمد علي سرششمة أنه بعد أن استقر في الحكم‬
‫"وازداد إطباق "القناصل" و "المستشرقين" على عقله وقلبه وخاصة الفرنسيين منهم‪ ،‬وكان من‬
‫تخطيـط هؤلء الستيلء على عقول بعض شباب البلد من خلل البتعاث إلى أوروبا بعامة‬
‫وفرنسا بخاصة‪ .‬ويقول محمود شاكر "وسنحت لجومار (أحد المستشرقين) أعظم فرصة‬
‫باستجابة محمد علي لرسال بعثات إلى أوروبه فبنى مشروعه ‪ ...‬على شباب غض يبقون في‬
‫فرنسا سنوات تطول أو تقصر يكونون أشد استجابة على اعتياد لغة فرنسا وتقاليدها‪ ،‬فإذا عادوا‬
‫إلى مصر كانوا حزبا لفرنسا‪ ،‬وعلى مر اليام يكبرون ويتولون المناصب صغيرها وكبيرها‪،‬‬
‫ويكون أثرهم أشد تأثيراً في بناء جماهير كثيرة تبث الفكار التي يتلقونها في صميم شعب دار‬
‫السلم في مصر‪".‬‬

‫وحل الستعمار النجليزي بمصر وبغير مصر فظهر عداء الغرب للسلم والمسلمين‪ ،‬ولو‬
‫اقتصر المر على حرمان بلد مسلم من السيادة والستقلل لهان المر لن روح الجهاد إذا ما‬
‫استيقظ لم يبـق للجنبي وجود‪ .‬ولكن الغرب يعرف هذا تماماً فكان حرصه على قتل هذه الروح‪.‬‬
‫ل العبث بالتعليم‪ ،‬فلما تولى اللورد كرومر منصب أول حاكم عام لمصر (‬
‫فما كان لهم من سبيل إ ّ‬
‫‪1907-1893‬م)‪ ،‬وكان مسؤولً عن حكم مصر مدة تصل إلى أربع عشرة سنة‪ ،‬وكان رأيه كما‬
‫جاء في كتابه الذي نشره بعد مغادرته مصر(مصر الحديثة) ‪ ":‬إن الخلف الشديد بين المسلمين‬
‫والمستعمر الغربي في العقائد‪ ،‬وفي القيم‪ ،‬وفي التقاليد وفي اللغة وفي الفن‪ ،‬وفي الموسيقى‪ "..‬ول‬
‫بد من التغلب على هذا الخلف وثمة طريقان في رأيه‪ :‬أحدهما هو تربية جيل من المصريين‬
‫العصريين الذين ينشؤون تنشئة خاصة تقربهم من الوروبيين ومن النجليز على وجه‬
‫الخصوص في طرائق السلوك والتفكير‪ ،‬ومن أجل ذلك أنشأ كرومر كلية فيكتوريا التي قصد بها‬
‫تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا من بعد هم أدوات‬
‫المستعمر الغربي في إدارة شؤون المسلمين‪ ،‬وليكونوا في الوقت نفسه على مضي الوقت أدواته‬
‫في التقريب بين المسلمين وبين المستعمر الوروبي‪ ،‬وفي نشر الحضارة الغربية‪ ".‬وقد حدثني‬
‫أحد الذين درسوا في هذه المدرسة انهم كان محرما عليهم التحدث باللغة العربية في المدرسة‪،‬‬
‫ويعاقب من يضبط متلبسا بالحديث باللغة العربية‪ .‬أما الصلة والدين فلم يكن لهما مكانا في هذه‬
‫المدرسة‪.‬‬

‫وكان التعليم في عهد كرومر قد أنيط بالقسيس دنلوب الذي يقول عنه محمود شاكر‪ ":‬فأسند‬
‫ت خبيث هو "دنلوب"" ويضيف‪" :‬وجاء الستشراق النجليزي‬
‫التعليم إلى قسّيس مبشر عا ٍ‬
‫ليحدث في ثقافة المة المصرية صدعا متفاقما أخبث وأعتى من الصدع الذي أحدثه الستشراق‬
‫الفرنسي‪ ".‬وهذا الصدع هو ربط ثقافة المصريين بالفرعونية‪.‬‬

‫وكان موقف الحتلل النجليزي في الردن شبيها بما حدث في مصر فحدد المندوب (السامي)‬
‫مثل الحصص المخصصة للدين ‪ ،‬ويذكر أن أحد المسؤولين النجليز زار مدرسة فسأل عن‬
‫الجدول فوجد أن حصص الدين أكثر مما هو مسموح به فاستشاط غضباً‪ .‬وأما المنهج الدراسي‬
‫فكان ضعيفا حيث لم تزد عدد السور المطلوب حفظها عن بضعة سور في المرحلة البتدائية‪ ،‬ولم‬
‫يكن ثمة مكان لحفـظ أي عدد من الحاديث النبوية الشريفة‪ .‬أليس هذا التدخل في المناهج‬
‫الدراسية يعد من العداء للسلم والمسلمين‪ ،‬فإذا لم يكن عدا ًء فما العداء إذن؟‬

‫ومما يؤكد هذه العداوة ما جاء في الية الكريمة {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي‬
‫صدورهم أكبر}التي يقول القرطبي في تفسيرها‪" :‬يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من‬
‫أفواههم‪ .‬والبغضاء‪ :‬البغض‪ ،‬وهو ضد الحب ‪ ...‬وخص تعالى الفواه بالذكر دون اللسنة إشارة‬
‫إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه‪ ،‬فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه‪ .‬وتتمة الية‬
‫(وما تخفي صدورهم أكبر) يقول القرطبي أن معناها‪":‬إخبار وإعلم بأنهم يبطنون من البغضاء‬
‫أكثر مما يظهرون بأفواههم ‪.‬‬

‫واليات التي توضح حقيقة موقف النصارى واليهود من المسلمين كثيرة وأترك الحديث عن‬
‫تفسيرها‪ ،‬لتناول هنا الحقائق التاريخية والواقعية لهذه العداء‪ .‬فقد أصدر آصف حسين الباحث‬
‫المسلم الذي يعيش في بريطانيا منذ عدة سنوات‪ ،‬ويدير كلية إسلمية في مدينة ليستر كتابا بعنوان‬
‫صراع الغرب مع السلم‪ :‬استعراض للعداء التقليدي للسلم في الغرب )عام ‪1990‬م جاء في‬
‫مقدمته‪ ":‬غالبًا ما يتهم الغرب بأنه معاد للسلم وللعالم السلمي‪ ،‬وتهدف هذه الدراسة إلى‬
‫البحث في مدة صحة هذه الفكرة أو هل هي من صنع الخيال [ كما يرى أبو السمح] ‪ ".‬وتحدث‬
‫المؤلف عن معاداة السامية في الغرب وسبب ظهورها‪ ،‬كما تناول النزعة العنصرية لدى‬
‫الوروبيين‪ ،‬وقد بدأت اللسامية بالختفاء بسبب من قوة اليهود في الغرب فبقيت إذن النزعة‬
‫العنصرية‪ ،‬وقد استشهد آصف حسين بمقولتين اختارهما عشوائيا للدللة على هذه العداء‪.‬‬
‫فالمقولة الولى ليهودي فرنسي هو نائب رئيس لجنة اليهود الفرنسيين ‪ ":‬ليس في فرنسا مشكلة‬
‫عنصرية‪ ،‬إن المشكلة تجد طرقًا للستمرار بظهور السلم‪( ".‬الجارديان ‪ 26‬أبريل ‪1988‬م)‪،‬‬
‫والمقولة الثانية هي لوزير ينتمي لحزب المحافظين يقول فيها‪" :‬يجب إعادة فتح بريطانيا‬
‫للنجليز‪ ،‬ويجب طرد المسلمين إلى ديارهم إذا كانوا ل يستطيعون أن يعيشوا في بلد يسمح فيه‬
‫لسلمان رشدي بحرية التعبير عن آرائه‪(".‬الجارديان ‪ 29‬أغسطس ‪1988‬م)‪ .‬وقد حاولت هذه‬
‫الدراسة تناول هذا العداء في مختلف المجالت‪ ،‬وعلى مر العصور ولذلك جاءت في سبعة‬
‫فصول من أبرزها ‪ ":‬النصرانية والصليبيون‪ ،‬والرحالة والتجسس‪ ،‬والستعمار والمستشرقون‪،‬‬
‫والمنصّرون والحضارة‪ ،‬والعرقية والصور الجامدة‪ ،‬وعلم الجتماع ونظريات التطور وأخيراً‬
‫العلم وفساده‪.‬‬

‫وليس من هدف هذه المقالة استعراض هذه الدراسة ( التي أرجو أن تظهر باللغة العربية قريبا)‪،‬‬
‫ولكنه عرض نماذج من عداء الغرب للسلم والمسلمين‪ .‬فقد اشتركت هيئة الذاعة البريطانية‬
‫(القسم العربي) مع المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية لعقد عدة ندوات للحوار بين العالم‬
‫العربي وأوروبا‪ ،‬وعقدت ندوة في البحرين وأخرى في القاهرة‪ ،‬وباستعراض أسماء الذين‬
‫اشتركوا هي هذه الندوات تجد أن صوت السلم كان غائبا هن هذه الندوات‪ ،‬وكأن القائمين على‬
‫هذه النشاطات ل يريدون سماع صوت يخالف توجهًا معيناً أو هم يسمعون صوتهم وصدى هذا‬
‫الصوت ‪.‬‬
‫ولننتقل إلى نموذج آخر من هذا العداء فقد كنت أراجع بعض النشاطات الستشراقية في الهيئات‬
‫والمؤسسات العلمية والثقافية البريطانية فوجدت عدداً من الذين رفضت أعمالهم في البلد العربية‬
‫السلمية هم الذين يتصدرون هذه الندوات والمحاضرات‪ .‬فهؤلء الذين تفتح لهم البواب على‬
‫مصاريعها هم الذين يحاربون ثوابت المة السلمية‪ ،‬ويحتقرونها‪ ،‬وينتقدون السلم والمسلمين‪.‬‬
‫وهذا هو الدليل لما أقول‪ :‬قام معهد الفنون الحديثة باستضافة عدد من الكتاب والدباء العرب‬
‫للقاء محاضرات أو المشاركة في ندوات‪ .‬والمعهد مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا ولهذه‬
‫المؤسسة أهداف تعليمية خيرية‪ ،‬ويحصل المعهد على مساعدة مالية من مجلس الفنون البريطاني‬
‫ومعهد الفيلم البريطاني ومؤسسة راين ‪ ،Rayne‬ومن أهداف المعهد أيضًا توفير المكان للتعبير‬
‫عن وجهات النظر المتعددة‪ .‬أما الذين استضافهم هذا المعهد فمنهم ‪ :‬محمد شكري صاحب كتاب‬
‫"الخبز الحافي"‪ ،‬الرواية الممنوعة في معظم البلد العربية وتسخر من السلم ‪ .‬ومنهم عبد‬
‫الرحمن منيف صاحب رواية "مدن الملح "التي ل تختلف عن رواية الخبز الحافي‪ .‬وقدم المعهد‬
‫لقاءً مع نوال السعداوي وحنان الشيح وعائشة جبار وغيرهم ‪ .‬فهل هذا الهتمام بكل المنحرفين‬
‫والضاليين يعد عداءً حقيقياً أو وهميا؟‬

You might also like