You are on page 1of 4

‫الرسالة الثامنة‪8/‬‬

‫المرجع‪ :‬كشف الحجاب‪ .‬ص‪ /251 :‬الجواهر‪.190/2:‬‬


‫رسالة مما كتب به‪ ‬إلى كافة فقراء فاس وما بإزائها‬

‫نصها‪:‬‬
‫بعد حمد ال جل ثناؤه وتقدست صفاته وأسففماؤه‪ ،‬يصففل الكتففاب إلففى كافففة‬
‫إخواننففا فقففراء فففاس ومففا بإزائهففا‪ ،‬حفففظ ال ف جميعكففم مففن جميففع المحففن ومففن‬
‫معضلت الفتن آمين‪ ،‬السلم عليكم ورحمة الف وبركففاته تعمكفم وتعففم أحففوالكم‪،‬‬
‫من محبكم أحمد بن َمحمد التجاني‪ ،‬وبعد‪،‬‬
‫أوصيكم ونفسي بما أوصاكم ال به وأمركم به من حفظ الحدود‪ ،‬ومراعففاة‬
‫المر اللهي على حسب جهدكم واستطاعتكم‪ ،‬فإن هذا زمان انهدمت فيه قواعففد‬
‫المر اللهي جملة وتفصيل‪ ،‬وانهمك الناس فيما يضرهم دنيا وأخرى‪ ،‬بحيث أن‬
‫ل رجوع ول يقظة لما يرد القلوب إلى ال والوقوف عند حدود الف أمففرا ونهيففا‪،‬‬
‫ول طاقة لحد بتوفية أمر الف مففن كففل وجففه فففي هففذا الففوقت إل مففن لبففس حلففة‬
‫المعرفة بال تعالى أو قاربها‪.‬‬
‫ولكن حيث كان المر كما ذكر‪ ،‬ولم يجد العبففد مصففرفا عمففا أقففامه الف فيففه‪،‬‬
‫فالبقع خير من السود كله‪ .‬فاتركوا مخالفة أمر ال ما استطعتم‪ ،‬وقومففوا بففأمره‬
‫على حسب الطاقة‪.‬‬
‫واجعلوا لنفسكم عدة من مكففرات الففذنوب فففي كفل يفوم وليلفة‪ ،‬وهفي أمفور‬
‫كثرة‪ ،‬كتبنا لكم منها فففي الوصففية الولففى نبففذة كافيففة‪ ،‬وأيضففا مفن ذلففك الحففزب‬
‫السيفي لمن اتخذه وردا صباحا ومساء‪ ،‬أقل ذلك مرة وأكثره ل حد له‪ ،‬ومن ذلك‬
‫المسبعات العشر لمن اتخذها وردا صباحا ومسففاء‪ ،‬ومففن ذلفك صففلة الفاتففح لمففا‬
‫أغلق‪ ،‬وأقلها مائة في الصباح والمساء‪ ،‬فل يلحقها في هذا الميدان عمففل مففن أي‬
‫عامل‪ ،‬ول ينتهي إلى غايتها أمل من أي آمل‪ ،‬وأديموا الصلوات المفروضففة فففي‬
‫الجماعات بالمحافظة‪ ،‬فإنها متكفلة بالعصمة من جميع المهلكات إل في نبذ قليلففة‬
‫توجب العقوبات‪ ،‬وأن ل سبحانه وتعالى للمداوم عليها عناية عظيمة‪ ،‬فكففم يجففبر‬
‫له من كسرة‪ ،‬وكم يستر له من عورة‪ ،‬وكم يعفو له عن زلة‪ ،‬وكففم يأخففذ لففه بيففده‬
‫في كل كبوة‪.‬‬
‫وعليكم بالمحافظة على ذكر ال والصلة على نبيه صلى ال عليه وسففلم ليل‬
‫ونهارا‪ ،‬على حسب الستطاعة‪ ،‬وعلى قدر ما يعطيه الوقت والطاقففة‪ ،‬مففن غيففر‬
‫إفراط ول تفريط‪ .‬واقصدوا بذلك التعظيم والجلل ل سبحانه وتعففالى ولرسففوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والتحلي في ذلك بالوقوف فففي بفاب الف طلبففا لمرضففاته ل‬
‫لطلب حظ‪ ،‬فإن للعامففل بففذلك عنايففة مفن الف عظيمفة‪ ،‬يجففد بركتهففا فففي العاجففل‬

‫‪1‬‬
‫والجففل‪ ،‬ويجففد حلوة لففذتها فيمففا هففو لففه آمففل‪ ،‬وهففي فففي الخففواص والسففرار‬
‫كالمحافظة على الصلوات في الجماعات سواء بسواء‪.‬‬
‫وعليكم بالمحافظة على الصدقات في كل يففوم وليلففة إن اسففتطعتم ولففو بفلففس‬
‫نحاس أو لقمة واحدة بعد المحافظة على أداء المفروضات المالية‪ ،‬فإن عناية ال ف‬
‫تعالى بالعامل في ذلك قريب من محافظة المفروضات في الجماعات‪.‬‬
‫وليكن من جملففة أورادكففم الففتي تحففافظون عليهففا بعففد الففورد الففذي هففو لزم‬
‫الطريقففة الحفزب السففيفي‪ ،‬وصففلة الفاتفح لمففا أغلفق‪ ،‬فإنهمفا يغنيفان عفن جميفع‬
‫الوراد‪ ،‬ويبلغان بفضل ال غاية المراد‪ ،‬ول يفي بقدرهما عمل‪.‬‬
‫وعليكم بصلة الرحام من كل ما يطيفب القلفب‪ ،‬ويفوجب المحبفة‪ ،‬ولفو بتفقفد‬
‫الحال‪ ،‬وإلقاء السلم‪ .‬وتجنبوا معاداة الرحام‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ ،‬وكل مففا يففوجب‬
‫الضغينة في قلوب الخوان‪.‬‬
‫وتجنبوا البحث عن عورات المسلمين‪ ،‬فإن من تتبففع ذلففك فضففح الف عففورته‬
‫وهتك عورة بنيه من بعده‪ ،‬وأكثروا العفو عن الزلففل‪ ،‬والصفففح عففن الخلففل لكففل‬
‫مؤمن‪ ،‬وآكد ذلك لمن واخاكم في الطريقة‪ ،‬فإن من عفا عن زلة عفا الف لففه عففن‬
‫زلت كثيرة‪.‬‬
‫ومن وقع فيكم بزلة ثم جاءكم معتذرا فاقبلوا عففذره وسففامحوه لكففي يقبففل الف‬
‫أعذاركم ويسامحكم في زلتكم‪ .‬فإن شر الخوان عند ال من ل يقبففل عففذرا‪ ،‬ول‬
‫يقيل عثرة‪ ،‬وتأملوا قوله تعالى‪ " :‬سارعوا إلى مغفرة من ربكم ‪ " ..‬إلى قففوله‪" :‬‬
‫وال يحب المحسنين "‪.‬‬
‫وعليكم بالغفلة عن شر الناس وعدم المبففالة بمففا يجففري منهففم مففن الشففرور‪،‬‬
‫وعليكم بالصفح والتجاوز عنهم‪ ،‬فإن مناقشة الناس عما يبففدو منهففم وعففدم العفففو‬
‫عنهم يوجب للعبد عند ال البوار في الففدنيا والخففرة‪ ،‬وكلمففا دنففوت بمقابلففة شففر‬
‫بمثله تزايدت الشرور‪ ،‬وتفنكسر بالعبد قوائمه في جميع المور‪ .‬فل مقابلة للشففر‬
‫إل الغفلة والعفو والمسامحة‪.‬‬
‫وعليكم بعدم العتراض على الناس فيمففا أقففامهم الف فيففه ممففا ليففس بمحمففود‬
‫شرعا ول طبعا‪ ،‬فإن أمورهم تجري على المشففيئة اللهيففة‪ ،‬فهففم مقبوضففون فففي‬
‫قبضة ال ل محيد لهم عن حكمه‪ ،‬وجميع أمورهم تصدر عففن قضففائه وقففدره إل‬
‫ما أوجب الشرع القيام به عليهم أمرا وزجرا‪ ،‬بحسففب العففوارض والنائبففات فففي‬
‫بعض الزمان ل كل الزمان‪ .‬وقفففوا عنففد قففوله صففلى الف عليففه وسففلم‪"]:‬مففروا‬
‫بففالمعروف وتنففاهوا عففن المنكففر حففتى إذا رأيففت شففحا مطاعففا‪ ،‬وهففوى متبعففا‬
‫وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصفة نفسفك "[‪ 1‬وقفوله صفلى الف عليفه‬
‫وسلم‪" :‬من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه"‪.‬‬

‫لفظ الحديث بتمامه ساقط في كشف الحجاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫وعليكم بمناصحة إخوانكم في الطريقة برفق ولين وسياسة‪ ،‬من غير ضففغينة‬
‫ول حقد‪ ،‬ويجعل كل واحد منكم وقتا يذكر ال تعالى فيه في خلوة‪ ،‬أقل ذلك عففدد‬
‫الورد الذي هو لزم للطريقففة‪ ،‬فففإن العامففل بففذلك يجففد بركتففه فففي جميففع مففآربه‬
‫وتصرفاته‪.‬‬
‫وعليكم بطاعفة المقففدم بإعطفاء الفورد مهمفا أمركفم بمعفروف أو نهفاكم عفن‬
‫منكر‪ ،‬أو سعى في إصلح ذات بينكم‪.‬‬
‫وعليكم بملزمة الوظيفة المعلومففة لمففن اسففتطاع صففباحا ومسففاء‪ ،‬وإل مففرة‬
‫واحففدة ففي الصففباح أو المسففاء فإنهففا تكفففي‪ .‬وخفففوا مفن وردهفا إن ثقففل عليكفم‬
‫واجعلوها خمسين من صلة الفاتح لما أغلق إلخ‪ ،‬والستغفار إن شئتم اذكففروا‪" :‬‬
‫أستغفر ال العظيففم الففذي ل إلففه إل هففو الحففي القيففوم " ثلثيففن مففرة‪ ،‬تكفففي عففن‬
‫الستغفار مائة مرة في الوظيفة‪.‬‬
‫وأوصي من كان مقدما على إعطاء الورد أن يعفففو للخففوان عففن الزلففل‪،‬‬
‫وأن يبسط رداء عفوه على كل خلل‪ ،‬وأن يجتنب ما يوجب في قلوبهم ضففغينة أو‬
‫شينا أو حقففدا‪ ،‬وأن يسففعى فففي إصففلح ذات بينهففم‪ ،‬وفففي كففل مففا يففوجب ]جمففع‬
‫قلوب[‪ 2‬بعضهم على بعض‪ ،‬وإن اشتعلت نار بينهم سارع في إطفائها‪ .‬وليكففن‬
‫سعيه في ذلك في مرضاة ال تعالى ل لحظ زائد على ذلففك‪ .‬وأن ينهففى مففن رآه‬
‫يسعى في النميمة بينهم‪ ،‬وأن يزجره برفق وكلم لين‪.‬‬
‫وعليه أن يعاملهم بالرفق والتيسير‪ ،‬والبعد عن التنفير والتعسير‪ ،‬فففي كففل مففا‬
‫يأمرهم به وينهاهم عنه من حقوق ال وحقوق الخوان‪ ،‬ويراعففي فففي ذلففك قففوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ " :‬يسروا ول تعسروا وبشروا ول تنفروا"‪.‬‬
‫وعليه أن يتباعد عن تغريم دنياهم ‪ ،‬وأن ل يلتفت لما فففي أيففديهم‪ ،‬معتقففدا أن‬
‫ال تعالى هو المعطي والمانع والخافض الرافع‪.‬‬
‫وليجعل همته في تحرير دنياهم فيما في أيديهم من التشتيت والتبففذير‪ ،‬وأن ل‬
‫يطلبهم بإعطاء شيء ل من القليل ول مففن الكففثير إل مففا سففمحت ]بففه[‪ 3‬نفوسففهم‬
‫ببذله من غير طلففب‪ ،‬فففإن عقفول النففاس حففول هففذا المطففاف تفدور‪ ،‬وعلففى هففذا‬
‫المقدار تجري بهم جميع المور‪.‬‬
‫وسلموا للعامة وولة المر مففا أقفامهم الف فيفه مفن غيففر تعفرض لمنفافرة أو‬
‫تبغيض أو تنكير‪ ،‬فإن ال هو الذي أقام خلقه فيما أراد‪ ،‬ول قدرة لحد أن يخففرج‬
‫الخلق عما أقامهم ال فيه‪.‬‬
‫واتركوا التعرض للرياسة وأسبابها‪ ،‬فإنها كعبفة تطفوف بهفا جميفع الشفرور‪،‬‬
‫وهي مقر الهلك في الدنيا والخرة‪.‬‬

‫ما بين المعكوفين ساقط في الجواهر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أسقط في الجواهر ولعله زيادة ليست في الصل كما يتضح من السياق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫ومن ابتلي منكففم بمصففيبة أو نزلففت بففه مففن الشففرور نائبففة فليصففبر بانتظففار‬
‫الفرج من ال‪ ،‬فإن كل شدة ل بد لها من غاية‪ ،‬وكففل كففرب ل بففد لففه مففن فففرج‪،‬‬
‫وإن ضاق به الحال فعليه بالتضرع والبتهففال حففتى يبلففغ بففالفرج مففن الف غايففة‬
‫المال‪.‬‬
‫ول تجزعوا من المصائب والبليات‪ ،‬فإن ال سبحانه وتعففالى مففا أنففزل العبففاد‬
‫في دار الدنيا إل لتصاريف الحكام اللهيففة‪ ،‬والقففدار الربانيففة‪ ،‬ممففا تضففيق بففه‬
‫النفوس من أجل البلء والبؤس‪ ،‬ولم يجد العباد مصرفا عن هذا‪ ،‬ول إمكان للعبد‬
‫من التمكن من دوام الراحة من كل بلء في الففدنيا‪ ،‬بففل علففى العاقففل أن يعلففم أن‬
‫أحوال الدنيا أبدا متعاقبة بين ساعة انقباض وانبساط‪ ،‬وخيرات وشرور‪ ،‬وأفففراح‬
‫وأحزان‪ ،‬ل يخرج أحد ممن سكن الدنيا عن هذا المقففدار‪ .‬فففإن نزلففت مصففيبة أو‬
‫ضاقت نائبة‪ ،‬فليعلم أن لها وقتا تنتهي إليه‪ ،‬ثم يعقبها الفففرح والسففرور؛ فففإن مففن‬
‫عقل هذا عن ال في تصاريف دنياه تلقى كل مصيبة بالصبر والرضففا بالقضففاء‪،‬‬
‫والشكر التام على النعماء‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة ال‪.‬اهف‬
‫‪/http://maaref.p2h.info/vb‬‬

‫‪4‬‬

You might also like