You are on page 1of 44

‫عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة المام‬

‫محمد بن سعود السلمية‬


‫فن التدبر‬
‫‪2‬‬

‫َ‬ ‫مد ُ لِلَّهِ الَّذِي أَنَز َ‬


‫جا‬‫عوَ َ‬‫ه ِ‬ ‫جعَل ل ّ ُ‬ ‫م يَ ْ‬‫ب وَل َ ْ‬
‫ل عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَا َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ْ‬
‫ن نَذِيًرا‬
‫مي َ‬ ‫ن لِلْعَال َ ِ‬
‫ن ع َلَى عَبْدِهِ لِيَكُو َ‬ ‫ك الَّذِي نََّز َ‬
‫ل الْفُْرقَا َ‬ ‫وتَبَاَر َ‬
‫سلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫بهديه ‪ ،،،‬أما بعد ‪:‬‬
‫يا أيها النسان ‪ :‬اسمع نداء رب الناس للناس ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَأنَزلْنَا إِلَيْك ُ ْ‬
‫م نُوًرا ُّ‬
‫مبِينًا} (‬ ‫من َّربِّك ُ ْ‬ ‫ن ِّ‬‫ها ٌ‬ ‫جاءكُم بُْر َ‬‫س قَد ْ َ‬ ‫{يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫‪ )174‬النساء‬
‫َ‬
‫ور‬
‫صد ُ ِ‬‫ما فِي ال ُّ‬ ‫شفَاء ل ِّ َ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫من َّربِّك ُ ْ‬ ‫عظ َ ٌ‬
‫ة ِّ‬ ‫موْ ِ‬‫جاءتْكُم َّ‬ ‫س قَد ْ َ‬ ‫{يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫ن } (‪ )57‬يونس‬ ‫منِي َ‬ ‫ة ل ِّل ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬‫وَهُدًى وََر ْ‬
‫َ‬
‫ن اهْتَدَى فَإِن َّ َ‬
‫ما‬ ‫من َّربِّك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬
‫م ِ‬ ‫حقُّ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫جاءك ُ ُ‬ ‫ل يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫س قَد ْ َ‬ ‫{قُ ْ‬
‫ل عَلَيْهَا} (‪ )108‬يونس‬ ‫ض ُّ‬ ‫ض َّ‬
‫ما ي َ ِ‬‫ل فَإِن َّ َ‬ ‫من َ‬ ‫سهِ وَ َ‬
‫يَهْتَدِي لِنَفْ ِ‬
‫في هذه اليات الثلث فقط تجيء هذه الوصاف العِظام بأنه ‪ :‬هو‬
‫البرهان ‪ ،‬هو النور ‪ ،‬هو الموعظة ‪ ،‬هو الشفاء ‪ ،‬هو الهدى ‪ ،‬هو‬
‫الرحمة ‪ ،‬هو الحق ‪.‬‬
‫فأين قلوب المؤمنين والمؤمنات عن كتاب ربهم ؟‬

‫لذا فهذه رسالة " فن التدبر " ‪ ،‬وهي الرسالة الولى ضمن مشروع‬
‫(تقريب فهم القرآن) ‪ ،‬كتبتها لعموم المسلمين ‪ ،‬لكل قارئ للقرآن يلتمس‬
‫منه الحياة والهداية ‪ ،‬والعلم والنور ‪ ،‬والنشراح والسعادةَ ‪ ،‬والمفاز‬
‫في الدنيا والخرة ‪ ،‬وهي تمثل (المستوى الول) لمن أراد أن‬
‫ت فيها‬
‫يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته ‪ ،‬وقد توخي ُ‬
‫الوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيل ‪.‬‬
‫خراً‬
‫علها ذُ ْ‬
‫ن ‪ ،‬وأن يج َ‬
‫ل حس ٍ‬
‫فأسأل الله أن يتقبلها بقبو ٍ‬
‫ح بها حين ألقاه ‪.‬‬
‫أفر ُ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪3‬‬

‫ت أنهم في‬
‫تأملت في أحوال أمة القرآن ؛ فوجد ُ‬
‫موقفهم من كتاب الله على أقسام ثلثة ‪:‬‬

‫خصماء رسول‬ ‫‪-1‬قسم أعرض عن كتاب الله وهؤلء ُ‬


‫مي‬ ‫ب إ ِ َّ‬
‫ن قَوْ ِ‬ ‫سو ُ‬
‫ل يَا َر ِّ‬ ‫ل الَّر ُ‬
‫الله يوم القيامة {وَقَا َ‬
‫جوًرا} (‪ )30‬الفرقان ‪ ،‬وليس‬ ‫مهْ ُ‬ ‫خذ ُوا هَذ َا الْقُْرآ َ‬
‫ن َ‬ ‫ات َّ َ‬
‫الحديث معهم في هذه الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -2‬قسم يتلو كتاب الله تعالى ؛ لكنه لم يستشعر‬
‫عظمته ‪ ،‬ولم يُدرك حقيقته ‪ ،‬ولم يقف على سلطانه ‪،‬‬
‫ولم يَدْرِ أين إعجازه ‪ ،‬ومن أجله كانت هذه الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -3‬قسم يُراجع كتب التفسير ‪ ،‬وله همة في فهم‬
‫كتاب الله ‪ ،‬لكنه يشعر بأنه ما زال بعيدا ً عن التدبر الحق‬
‫حـ ُ‬
‫ل‬ ‫لهذا الكتاب العظيم ‪ ،‬وهذا كتبت له رسالة " المَرا ِ‬
‫الثـ َ َ‬
‫مان لطَالِب فَهْم القُْرآن "‪.‬‬
‫ب الفكر في هذا المر ؛ أعجب ــ كما عجب‬ ‫ُ‬
‫ت وأنا أقل ُ‬
‫وقد كن ُ‬
‫ل بليــغ لعربي جاهــلي صنديدٍ عنيـــد وهو يصف‬ ‫أسلفنا ــ من مقو ٍ‬
‫الـقرآن المجيـــد ‪ ،‬يقول ‪ " :‬والله لقد سمعت من محمد آنفا ً كلماً‬
‫ما هو من كلم النس ول من كلم الجن ‪ ،‬وإن له لحلوة ‪ ،‬وإن عليه‬
‫لطلوة ‪ ،‬وإن أعله لمثمر ‪ ،‬وإن أسفله لمغدق ‪ ،‬وإنه يعلو ول يُعلى‬
‫عليه" ‪.‬‬
‫ف !!!‬
‫ل بليـــٍغ أعجمي ! فرنسي !! فيلسو ٍ‬‫ت قــو َ‬
‫فلمــــا قــرأ ُ‬
‫ملحد !!!! وهو جوزيف آرنست رنان زال ــ والله ــ عجبي منهم ‪،‬‬
‫وبقي عجبي منَّا ‪ ،‬واسمع لما يقول ‪:‬‬
‫" تضم مكتبتي آلف الكتب السياسية والجتماعية والدبية وغيرها‬
‫والتي لم اقرأها أكثر من مرة واحدة ‪ ،‬وما أكثر الكتب التي للزينة‬
‫فقط ‪ ،‬ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائما هو‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪4‬‬

‫كتاب المسلمين القرآن ‪ ،‬فكلما أحسست بالجهاد وأردت‬


‫أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالت ‪ ،‬طالعت القرآن‬
‫حيث أنني ل أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة ‪ ،‬لو‬
‫أراد أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء فإن ذلك الكتاب‬
‫هو القرآن ل غير ‪ ،‬إذ أن الكتب الخرى ليست لها خصائص‬
‫القرآن" ‪.‬‬
‫أليست هي بنفسها مقولة الوليد بن المغيرة ؟‬
‫فما الذي جعل الوليد وجوزيف ! يتفقان على أن القرآن (يعلو ول‬
‫يُعلى عليه) ؟‬
‫ُ‬
‫م} (‪)4‬‬ ‫ي َ‬
‫حكِي ٌ‬ ‫ب لَدَيْنَا ل َ َ‬
‫عل ِ ٌّ‬ ‫م ِ الْكِتَا ِ‬ ‫{وَإِن َّ ُ‬
‫ه فِي أ ّ‬ ‫إنه قول الله‬
‫الزخرف ‪.‬‬
‫وما أجمل قول الشاطبي ــ رحمه الله ــ واصفا كتاب الله تعالى‬
‫في ألفيته المشهورة ‪:‬‬
‫ضلَ‬ ‫َ‬ ‫ب اللهِ أَوْثَقُ َ‬ ‫وَإ ِ َّ‬
‫متَفَ ِّ‬ ‫شافٍِع *** وَأغْنى غَنَاءٍ وَاهِبًا ُ‬ ‫ن كِتَا َ‬
‫ملً‬ ‫ج ُّ‬ ‫جلِيس ل َ ي ُم ُّ‬
‫حدِيث ُ ُ‬
‫ه *** وَتَْردَادُهُ يَْزدَاد ُ فِيهِ ت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫خيُْر َ‬ ‫وَ َ‬
‫متَهَل ِّلً‬
‫سنا ً ُ‬
‫ن اْلقَبرِ يَلْقَاه ُ َ‬ ‫ي ظُل ُ َ‬
‫ماتِهِ *** ِ‬
‫م َ‬ ‫ث الْفَتى يَْرتَاعُ ف ِ‬
‫حي ْ ُ‬
‫وَ َ‬
‫‪o‬أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب اليمان قال ابن‬
‫م الولين‬
‫مسعود ‪ :‬من أراد العلم فليثور القرآن فإن فيه عل َ‬
‫والخرين ‪.‬‬
‫قال شمر‪ :‬تَثوِيُر القرآن قراءته ومفاتشة العلـماء به فـي تفسيره‬
‫ومعانـيه ‪.‬‬
‫‪o‬والعجب أننا نؤمن جميعا ً بأن هذا القرآن هو النور‬
‫‪ ..‬هو الروح ‪ ..‬هو الهدى ‪ ..‬هو الشفاء ‪ ...‬هو‬
‫الفرقان ‪ ...‬جمع أنواع السلطان كلها ‪.‬‬
‫ثم بعد هذا كرر النظر ‪ ،‬وأرجع البصر في حال أمة القرآن مع‬
‫القرآن ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪5‬‬

‫فماذا عساك أن ترى ؟‬


‫المر ل يحتاج إلى كثير بيان ‪.‬‬

‫•وهذه نصوص أسئلة تتابعت أذكرها كما هي ‪ ،‬يقول أصحابها‬


‫‪:‬‬
‫‪)1‬أنا أقرأ القرآن وأقرأ في كتب التفسير ول أدرك هذا‬
‫المعنى العظيم الذي تتحدثون عنه في آيات القرآن ؟‬
‫‪)2‬عندي يقين تام بأن القرآن معجز لكن ل أدري أين هذا‬
‫العجاز ؟‬
‫‪)3‬ل أجد لذة عند قرآة القرآن ‪.‬‬
‫‪)4‬هل يمكن أن يحكمنا القرآن في كل قضايانا حتى‬
‫الجتماعية والقتصادية والمنية والسياسية والعلمية وغير‬
‫ذلك ؟‬
‫‪)5‬أخت داعية تسأل تقول ‪ :‬ندعو الناس إلى النفع لهم أو‬
‫إلى ما يرغبون فيه ؟ هل نعلم الناس اليمان أو العاطفة ؟‬
‫‪)6‬أخرى تقول ‪ :‬أليست دراستنا لعلم التوحيد أو الفقه أو‬
‫الحديث هي المقصودة بتدبر القرآن ؟‬
‫‪)7‬المة اختلفت في فهم القرآن كثيراً أما تخشى علينا‬
‫من هذا ؟‬
‫‪)8‬لماذا القرآن ؟ مشكلت المة أهم ‪ ..‬السياسة أهم ‪..‬‬
‫الفقه أهم ‪ ..‬الدعوة أهم ‪ ..‬الجهاد أهم ‪ ...‬القتصاد أهم ‪.‬‬

‫ب واحد ‪:‬‬
‫•والجواب عن هذه كلـِها هو جوا ٌ‬
‫وهو عدم الفهم الحق لهذا القرآن المنزل من لدن حكيم‬
‫َ‬
‫يم } (‪ )6‬سورة‬
‫حكِيم ٍ عَل ِ ٍ‬ ‫من ل ّد ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ك لَتُلَقَّى الْقُْرآ َ‬
‫ن ِ‬ ‫عليم {وَإِن َّ َ‬
‫النمل ‪.‬‬
‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪6‬‬

‫فلبد من هذا الفهم ــ بقدر طاقتك ــ وإل والرحمن الذي‬


‫مرادك في الصلح والصلح في‬ ‫أنزل القرآن لن تبلغ ُ‬
‫الدنيا ‪ ،‬ول في الرفعة والدرجات في الخرة ‪.‬‬
‫وأدلة ذلك مبسوطة ستأتي فيما نستقبل ــ بإذن الله‬
‫ــ ‪ ،‬ولكن أُنبِّه هنا أن الفهم الحق الذي لبد منه نوعان ‪:‬‬
‫‪)1‬فهم ذهني معرفي ‪..‬‬
‫‪)2‬فهم قلبي إيماني ‪..‬‬
‫والفهم الثاني هو الغاية ‪ ،‬والول إنما هو وسيلة ‪.‬‬
‫قال الحسن البصري ــ رحمه الله ــ ‪ :‬العلم علمان ‪:‬‬
‫‪)1‬علم في القلب فذاك العلم النافع ‪.‬‬
‫‪)2‬وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه ‪.‬‬

‫سوُر ما بين‬
‫فتنبه إلى ذلك ــ يا أخا القرآن ــ فإنه ُ‬
‫الفريقين ‪.‬‬
‫فإن قلت ‪ :‬فكيف تحقيق ذلك ؟‬
‫‪:‬‬ ‫فالجواب ‪ :‬بإتباع منهج الذين قال فيهم الله‬
‫ل اللَّه والَّذين مع َ‬
‫ماء بَيْنَهُ ْ‬
‫م‬ ‫ح َ‬‫شدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ُر َ‬ ‫هأ ِ‬ ‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ح َّ‬
‫مد ٌ َّر ُ‬ ‫{ ُّ‬
‫م َ‬
‫َّ‬ ‫س َّ‬ ‫َ‬
‫م فِي‬ ‫ماهُ ْ‬‫سي َ‬‫ضوَانًا ِ‬ ‫ن اللهِ وَرِ ْ‬‫م َ‬
‫ضل ِّ‬ ‫ن فَ ْ‬
‫جدًا يَبْتَغُو َ‬ ‫م ُرك ّعًا ُ‬ ‫تََراهُ ْ‬
‫جودِ} (‪ )29‬الفتح‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن أثَرِ ال ُّ‬
‫س ُ‬ ‫م ْ‬
‫جوهِهِم ِّ‬ ‫وُ ُ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ن قَا َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫صي ْ ٍ‬
‫ح َ‬ ‫ن بْن ُ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬
‫وقال فيهم كما في الصحيحين عن ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫خيُْر أ ُ َّ‬ ‫َ‬
‫م)‪.‬‬ ‫ن يَلُونَهُ ْ‬‫م ال ّذِي َ‬
‫م ث ُ َّ‬‫ن يَلُونَهُ ْ‬
‫م ال ّذِي َ‬
‫متِي قَْرنِي ث ّ‬ ‫‪َ ( :‬‬ ‫الل ّهِ‬
‫ُ‬
‫فل محيد ول مناص من اتباع منهجهم في تعل ّمنا وتعلِيمنا للقرآن ‪.‬‬
‫ُ‬
‫منا أوتَعْلِيمنا القرآن ؟‬ ‫ت ‪ :‬وهل خالفناهم في طريق تَعَل ّ ِ‬ ‫فإن قل َ‬
‫فأقول ‪ :‬نعم ــ غفر الله لي ولك ــ قد فعلنا شيئا ً من ذلك ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪7‬‬

‫فقد كان السلف ــ رحمهم الله ــ من عظيم فقهم يتعلمون‬


‫اليمان قبل أن يتعلموا القرآن ‪ ،‬يتعلمون صغار العلم قبل‬
‫كباره ‪ ،‬يمتثلون قبل أن يستكثروا ‪.‬‬
‫فإن سألت ‪ :‬وكيف نسلك طريقهم ؟‬
‫ت هذه المراحل من أجل‬ ‫فالجواب ــ يا أخا القرآن ــ ‪ :‬إنما رقم ُ‬
‫بيان ذلك ‪ ،‬فخذها لك غُنمها وعلى كاتبها غُرمها ول حول لي ول قوة‬
‫إل بالله ‪.‬‬

‫وقد قسمتها إلى ثلث مستويات ‪:‬‬

‫‪‬المستوى الول ‪ :‬فن التدبر ‪.‬‬


‫‪‬المستوى الثاني ‪ :‬رسالة " أصول في التفسير" للعلمة‬
‫ابن عثيمين رحمه الله ‪.‬‬

‫ل الثـ َ َ‬
‫مان لطَالِب فَهْم القُْرآن ‪.‬‬ ‫حـ ُ‬
‫‪‬المستوى الثالث ‪ :‬المَرا ِ‬

‫ومراحل المستوى الول على النحو التالي ‪:‬‬

‫المرحلة الولى ‪ :‬لبد من اليقين التـَام أنك مع القرآن حي‬


‫وبدونه ميِّت ‪ ،‬مبصٌر وبدونه أعمى ‪ ،‬مهتدي وبدونه ضال ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬الصل في خطاب القرآن أنه موجه إلى‬
‫القلب ‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬كيف نقرأ القرآن ؟‬
‫المرحلة الرابعة ‪ :‬بأي القرآن نبدأ ؟‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬كيف نستفيد من كُتب التفسير ؟‬

‫وهذا أوان الشروع في المقصود ‪ ،‬مستعينا ً بمن أنزل‬


‫ن}‬
‫عي ُ‬
‫ست َ ِ‬ ‫عبُدُ وإِيَّا َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫{إِيَّا َ‬
‫ك نَ ْ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪8‬‬

‫المستوى الول‬
‫فن التدبــر‬
‫وهذا الفن يمكن اكتسابه من مراحل خمسة ‪:‬‬

‫المرحلة الولى ‪ :‬لبد من اليقين التـَام أنك مع‬


‫القرآن حي وبدونه مي ِّت ‪ ،‬مبصٌر وبدونه أعمى ‪ ،‬مهتدي‬
‫وبدونه ضال ‪.‬‬
‫كل قارئ للقرآن العظيم لبد له من هذا اليقين قبل قراءة آياته‬
‫في سورة الكتب المنَّزلة ــ سورة طه ــ‬ ‫وسوره ‪ ،‬ولذا يقول الله‬
‫ُ‬ ‫{فَإ َ ْ‬
‫شقَى (‪)123‬‬ ‫ل وَل ي َ ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن اتَّبَعَ هُدَايَ فَل ي َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫منِّي هُدًى فَ َ‬ ‫ما يَأتِيَنَّكُم ِّ‬ ‫ِ ّ‬
‫َ‬
‫مةِ‬ ‫م الْقِيَا َ‬ ‫شُره ُ يَوْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ضنكًا وَن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫معِي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ض ع َن ذِكْرِي فَإ ِ َّ‬ ‫ن أعَْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫مى(‪ })124‬وأعظم الذِّكر هو هذا الكتاب الخاتم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫أع ْ َ‬
‫ك‬ ‫حيْنَا إِلَي ْ َ‬ ‫فالقرآن هو الروح وبدونه أنت ميت {وكَذَل ِ َ َ‬
‫ك أو ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫مرِنَا} (‪ )52‬الشورى‬ ‫روحا م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ُ ً ِّ ْ‬
‫َ‬
‫والقرآن هو النور وبدونه أنت أعمى {يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫س قَدْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من‬‫مبِينًا} (‪ )174‬النساء ‪{ ،‬أفَ َ‬ ‫م نُوًرا ُّ‬ ‫م وَأنَزلْنَا إِلَيْك ُ ْ‬ ‫من َّربِّك ُ ْ‬ ‫ن ِّ‬ ‫جاءكُم بُْرهَا ٌ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما يَتَذ َك ُّر أوْلُواْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مى إِن َّ َ‬ ‫ن هُوَ أع ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حقُّ ك َ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬‫من َرب ِّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ل إِلَي ْ َ‬ ‫ما أنزِ َ‬ ‫م أن َّ َ‬ ‫يَعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫ب} (‪ )19‬سورة الرعد ‪.‬‬ ‫اللْبَا ِ‬
‫َ‬
‫س قَ ْ‬
‫د‬ ‫ل يَا أيُّهَا النَّا ُ‬ ‫والقرآن هو الهدى وبدونه أنت ضال {قُ ْ‬
‫ض َّ‬
‫ل‬ ‫من َ‬ ‫سهِ وَ َ‬ ‫ما يَهْتَدِي لِنَفْ ِ‬ ‫ن اهْتَدَى فَإِن َّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م فَ َ‬‫من َّربِّك ُ ْ‬ ‫حقُّ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫جاءك ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل عَليْهَا} (‪ )108‬سورة يونس ‪ ،‬والحق هنا هو القرآن كما‬ ‫ض ّ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫فَإِن ّ َ‬
‫مبيَّن للناس فإنه تابع‬ ‫قاله ابن جرير وغيره ‪ ،‬وكل ما عداه من الحق ال ُ‬
‫له ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪9‬‬

‫‪o‬ولذا كان وصف القرآن للمعرضين عنه في غاية‬


‫قص والذم ‪ ،‬وخذ مثل ً واحدا ً على‬ ‫شدة من التَّن ُّ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫َ‬
‫مٌر‬
‫ح ُ‬ ‫ن (‪ )49‬كَأنَّهُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ضي َ‬ ‫ن التَّذ ْكَِرةِ ُ‬
‫معْرِ ِ‬ ‫ما لَهُ ْ‬
‫م عَ ِ‬ ‫يقول الله ‪{ :‬فَ َ‬
‫سوََرةٍ} (‪ )51‬سورة المدثر‬ ‫من قَ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫فَرة ٌ (‪ )50‬فََّر ْ‬ ‫ستَن ِ‬ ‫ُّ‬
‫م ْ‬
‫المعرضين عن‬ ‫م وصف الله‬
‫فهل تأملت ــ يا قارئ القرآن ــ بـ َ‬
‫القرآن ؟‬
‫أرجو أن تأذن لي لقّرِب لك المر قليل ً ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫مر) جمع حمار ‪ ،‬وهو معروف ‪.‬‬
‫ح ُ‬
‫(ال ُ‬
‫فَرة) هي الشديدة النِّفار ‪ ،‬وهي الهاربة ذ ُعرا ً وخوفا ً ‪.‬‬
‫ستَن ِ‬ ‫( ُّ‬
‫م ْ‬
‫سوََرة) هو السد أو الرامي ونحوهما ‪.‬‬
‫(القَ ْ‬
‫والمعنى أن المعرض عن القرآن كأنه ــ عند ربه الذي خلقه ــ‬
‫ف مذعور ‪.‬‬
‫ج خائ ٌ‬‫حمار ‪ ،‬وليس هذا وفقط ‪ ،‬بل هو حماٌر هائ ٌ‬
‫ف ــ والله ــ مخزي ‪ ،‬أجارني الله وإياك من ذلك ‪.‬‬
‫وص ٌ‬

‫هذا‬ ‫‪o‬ولعلك تتأمل هذه الوصاف التي وصف بها‬


‫ل وعل ‪ ،‬فقد وصف الله‬ ‫الكلم الصادر منه ج ّ‬
‫كتابه بأنه ‪:‬‬
‫حيْنَا إِلَي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫‪)1‬هو الحقّ {وَال ّذِي أوْ َ‬
‫قُ} (‪ )31‬سورة فاطر‬ ‫ح ّ‬‫ب هُوَ ال ْ َ‬
‫الْكِتَا ِ‬
‫صلْنَا ُ‬
‫ه‬ ‫ب فَ َّ‬ ‫‪)2‬الهدى {وَلَقَد ْ ِ‬
‫جئْنَاهُم بِكِتَا ٍ‬
‫ة} (‪)52‬‬ ‫م ً‬ ‫علْم ٍ هُدًى وََر ْ‬
‫ح َ‬ ‫عَلَى ِ‬
‫العراف‬
‫ك الْيَهُود ُ وَلَ‬ ‫ضى ع َن َ‬ ‫‪)3‬العلم وَلَن تَْر َ‬
‫َ‬
‫ن هُدَى‬ ‫ل إ ِ َّ‬
‫م قُ ْ‬‫مل ّتَهُ ْ‬
‫حتَّى تَتَّبِعَ ِ‬
‫صاَرى َ‬‫الن َّ َ‬
‫ت أَهْوَاءهُم‬ ‫ن اتَّبَعْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫اللهِ هُوَ الهُدَى وَلئ ِ ِ‬
‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪10‬‬

‫ما ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫ن الْعِلْم ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫بَعْد َ ال ّذِي َ‬
‫صيرٍ ‪) )120‬‬ ‫ي وَل َ ن َ ِ‬ ‫من وَل ِ ٍ ّ‬ ‫اللّهِ ِ‬
‫سورة البقرة ‪.‬‬
‫َ‬
‫جاءكُم‬ ‫س قَد ْ َ‬ ‫‪)4‬البرهان {يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫م} (‪ )174‬سورة‬ ‫من َّربِّك ُ ْ‬ ‫ن ِّ‬ ‫بُْرهَا ٌ‬
‫النساء‬
‫ق‬
‫ح ِّ‬‫ب بِال ْ َ‬‫ك الْكِتَا َ‬ ‫‪)5‬المهيمن {وَأَنَزلْنَا إِلَي ْ َ‬
‫ب‬‫ن الْكِتَا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَدَيْهِ ِ‬ ‫ما بَي ْ َ‬ ‫صدِّقًا ل ِّ َ‬ ‫م َ‬‫ُ‬
‫منًا عَليْهِ} (‪ )48‬سورة المائدة‬ ‫َ‬ ‫وَ ُ‬
‫مهَي ْ ِ‬
‫ك‬ ‫مبَاَر ٌ‬‫ك ُ‬ ‫ب أَنَزلْنَاه ُ إِلَي ْ َ‬ ‫‪)6‬البركة {كِتَا ٌ‬
‫ل ِّيَدَّبَُّروا آيَاتِهِ } (‪ )29‬سورة ص‬
‫َ‬
‫جاءتْكُم‬ ‫‪)7‬الموعظة {يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫س قَد ْ َ‬
‫م} (‪ )57‬سورة يونس‬ ‫من َّرب ِّك ُ ْ‬ ‫عظ َ ٌ‬
‫ة ِّ‬ ‫َّ‬
‫موْ ِ‬
‫و‬
‫ما هُ َ‬ ‫ن الْقُْرآ ِ‬
‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫ز ُ‬
‫‪)8‬الشفاء {وَنُن َ ّ ِ‬
‫ن } (‪ )82‬سورة‬ ‫مؤْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫ة ل ِّل ْ ُ‬‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫شفَاء وََر ْ‬
‫ِ‬
‫السراء‬
‫ن التَّذ ْكَِر ِ‬
‫ة‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ما لَهُ ْ‬ ‫‪)9‬التذكرة {فَ َ‬
‫ن } (‪ )49‬سورة المدثر‬ ‫ضي َ‬
‫معْرِ ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫من‬‫ن ِّ‬‫جاءكُم بُْرهَا ٌ‬ ‫‪)10‬النور{يَا أيُّهَا النَّا ُ‬
‫س قَد ْ َ‬
‫َ‬
‫مبِينًا} (‪ )174‬النساء‬ ‫م نُوًرا ُّ‬ ‫م وَأنَزلْنَا إِلَيْك ُ ْ‬‫َّربِّك ُ ْ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫ب تِبْيَانًا‬ ‫‪)11‬الرحمة {وَنََّزلْنَا عَلَي ْ َ‬
‫ة} (‪)89‬‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬‫يءٍ وَهُدًى وََر ْ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬‫ل ِّك ُ ِّ‬
‫سورة النحل‬
‫َّ‬
‫صدَّقَ ب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ق وَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫جاء‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫صدق {وَال‬ ‫‪)12‬ال ِّ‬
‫ن} (‪ )33‬سورة‬ ‫متَّقُو َ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫أُوْلَئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬
‫الزمر‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪11‬‬

‫حيْنَا إِلَي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ن‬‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫دّق {وَال ّذِي أوْ َ‬ ‫‪ )13‬المص ِ‬
‫ه}‬
‫ن يَدَي ْ ِ‬‫ما بَي ْ َ‬ ‫دّقًا ل ِّ َ‬
‫ص ِ‬‫م َ‬ ‫حقُّ ُ‬ ‫ب هُوَ ال ْ َ‬‫الْكِتَا ِ‬
‫(‪ )31‬فاطر‬

‫ب لَدَيْنَا لَعَل ِ ٌّ‬ ‫ُ‬


‫ي‬ ‫م ِ الْكِتَا ِ‬ ‫ي {وَإِن َّ ُ‬
‫ه فِي أ ّ‬ ‫‪)14‬العل ّ‬
‫م} (‪ )4‬سورة الزخرف‬ ‫حكِي ٌ‬
‫َ‬
‫ه لَقُْرآ ٌ‬
‫ن كَرِي ٌ‬
‫م} (‪ )77‬سورة‬ ‫‪)15‬الكريم {إِن َّ ُ‬
‫الواقعة‬
‫ه لَكِتَا ٌ‬
‫ب عَزِيٌز} (‪)41‬‬ ‫‪)16‬العزيز {وَإِن َّ ُ‬
‫سورة فصلت‬
‫د } (‪)21‬‬ ‫جي ٌ‬‫م ِ‬ ‫ن َّ‬ ‫ل هُوَ قُْرآ ٌ‬ ‫‪)17‬المجيد {ب َ ْ‬
‫سورة البروج‬
‫ل ال ْ ُفْرقَا َ‬
‫ن‬ ‫ك الَّذِي نََّز َ‬ ‫ن {تَبَاَر َ‬ ‫‪)18‬الفُْرقَا َ‬
‫ن نَذِيًرا } (‪)1‬‬ ‫مي َ‬ ‫ن لِلْعَال َ ِ‬
‫عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُو َ‬
‫الفرقان‬
‫س وَهُدًى‬ ‫َ‬
‫صائُِر لِلن ّا ِ‬‫‪)19‬فيه بصائر {هَذ َا ب َ َ‬
‫ن } (‪ )20‬سورة‬ ‫ة ل ِّقَوْم ِ يُوقِنُو َ‬‫م ٌ‬‫ح َ‬ ‫وََر ْ‬
‫الجاثية‬
‫ب لَدَيْنَا‬ ‫ُ‬
‫م ِ الْكِتَا ِ‬
‫ه فِي أ ّ‬ ‫محكم {وَإِن َّ ُ‬ ‫‪)20‬وأنه ُ‬
‫م} (‪ )4‬سورة الزخرف‬ ‫حكِي ٌ‬
‫ي َ‬ ‫لَعَل ِ ٌّ‬
‫ه قُْرآنًا‬ ‫ت آيَات ُ ُ‬ ‫صل َ ْ‬
‫ب فُ ِّ‬‫صل {كِتَا ٌ‬ ‫مف َّ‬ ‫‪ )21‬وأنه ُ‬
‫ن} (‪ )3‬سورة‬ ‫مو َ‬ ‫عََربِيًّا ل ِّقَوْم ٍ يَعْل َ ُ‬
‫فصلت‬
‫حي إل َ َ َ‬ ‫‪)22‬وأنه عَجب {قُ ْ ُ‬
‫معَ‬‫ست َ َ‬
‫ها ْ‬ ‫ي أن َّ ُ‬ ‫ل أو ِ َ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫معْنَا قُْرآنًا‬ ‫س ِ‬ ‫ن فَقَالُوا إِنَّا َ‬ ‫ج ِّ‬‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬‫نَفٌَر ِّ‬
‫جبًا} الجن‬ ‫عَ َ‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫‪ )23‬وأنه بلغ {إ ِ َّ‬
‫ن فِي هَذ َا لب َلغًا لِقَوْ ٍ‬
‫م‬
‫ن} (‪ )106‬سورة النبياء‬ ‫عَابِدِي َ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪12‬‬

‫شيًرا وَنَذِيًرا‬
‫‪)24‬وأنه بشير ونذير {ب َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن} (‪)4‬‬
‫معُو َ‬‫س َ‬‫م ل يَ ْ‬ ‫ض أكْثَُرهُ ْ‬
‫م فَهُ ْ‬ ‫فَأعَْر َ‬
‫فصلت‬
‫س‬ ‫‪ )25‬وأنه بيان وتبيان {هَذ َا بَيَا ٌ ّ َ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬
‫ن} (‪ )138‬آل‬ ‫قي َ‬ ‫ة ل ِّل ْ ُ‬
‫مت َّ ِ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫وَهُدًى وَ َ‬
‫موْ ِ‬
‫ب تِبْيَانًا‬‫ك الْكِتَا َ‬
‫عمران ‪{ ،‬وَنََّزلْنَا عَلَي ْ َ‬
‫يءٍ} (‪ )89‬سورة النحل ‪.‬‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬‫ل ِّك ُ ِّ‬
‫أما تكفي هذه الوصاف لندرك ما الذي نجنيه على أنفسنا بابتعادنا‬
‫عن القرآن ‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬الصل في خطاب القرآن أنه‬


‫موجه إلى القلب ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪13‬‬

‫القلب أمره جلل وهو سٌر من أسرار الله في الرض كما قال‬
‫القائل ‪:‬‬
‫للقلب سٌر ليس يعرف قدره *** إل الذي أتاه للنسان‬
‫ولذا في هذه الشريعة الخاتم جاء التعظيم لشأن هذه الجارحة‬
‫كثيرا ً ‪ ،‬ولو لم يأت إل ما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن‬
‫بشير أن رسول الله قال ‪( :‬أل وإن فى الجسد مضغة إذا‬
‫صلحت صلح الجسد كله ‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد كله ‪،‬‬
‫أل و هي القلب ) لكان هذا كافيا ً ‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪ " :‬فالمقصود تقوى القلوب لله ‪،‬‬
‫وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له ‪ ،‬والعبودية فيها‬
‫غاية المحبة وغاية الذل والخلص ‪ ،‬وهذه ملة إبراهيم الخليل ‪ ،‬وهذا‬
‫(إن فى‬ ‫كله مما يبين أن عبادة القلوب هي الصل كما قال النبي‬
‫(‪)1‬‬
‫الجسد مضغة ‪ ) ...‬الحديث "‬
‫ورحم الله ابن القيم إذ يقول في نونيته ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ل *** بالسير فوق مقاعد الركبان‬ ‫قطع المسافة بالقلوب إليه‬
‫وما أشبعَ كلمات أحمد بن خضرويه حين قال ‪ :‬القلوب أوعية فإذا‬
‫امتلت من الحق ؛ أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح ‪ ،‬وإذا‬
‫امتلت من الباطل ؛ أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح ‪.‬‬
‫وقد وُصفت قراءة الفضيل بن عياض ــ رحمه الله ــ فقيل ‪:‬‬
‫كانت قراءته للقرآن قراءةً حزينة شهية بطيئة مترسلة ‪ ،‬كأنه‬
‫يخاطب إنسانا ً ‪.‬‬

‫•ومما يُبي ِّن أن القلب هو المخاطب بدءا ً بالقرآن ؛‬


‫أمور منها ‪:‬‬

‫‪ )(1‬مجموع الفتاوى ج ‪/17‬ص ‪.485‬‬


‫‪ )(2‬أي ‪ :‬إلى الله ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪14‬‬

‫ن القرآن نزل أول ً على القلب ‪:‬‬


‫‪-1‬أ ّ‬
‫ل بِهِ الُّرو ُ‬
‫ح‬ ‫ن ‪ 192‬نََز َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب الْعَال َ ِ‬ ‫ه لَتَنزِي ُ‬
‫ل َر ِّ‬ ‫يقول الله تعالى ‪{ :‬وَإِن َّ ُ‬
‫ي‬
‫ن عََرب ِ ٍ ّ‬
‫سا ٍ‬‫ن ‪ 194‬بِل ِ َ‬‫منذِرِي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬‫ك لِتَكُو َ‬‫قلْب ِ َ‬ ‫علَى َ‬
‫ن ‪َ 193‬‬ ‫مي ُ‬‫ال َ ِ‬
‫ن ‪ }195‬الشعراء [‪]195-193‬‬ ‫مبِي ٍ‬ ‫ُّ‬
‫ك} ولم يقل على سمعك أو بصرك أو ذهنك‬ ‫فقال ‪{ :‬عَلَى قَلْب ِ َ‬
‫ك} ‪ ،‬وهذا ظاهر الدللة ‪.‬‬ ‫ونحو ذلك ‪ ،‬بل {عَلَى قَلْب ِ َ‬
‫ه عَلَى قَلْب ِ َ‬
‫ك} (‬ ‫ل فَإِن َّ ُ‬
‫ه نََّزل َ ُ‬ ‫ن عَدُوًّا ل ِّ ِ‬
‫جبْرِي َ‬ ‫من كَا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ويقول تعالى ‪{ :‬قُ ْ‬
‫‪ )97‬سورة البقرة‬
‫فأول جارحة تخاطب بهذا القرآن هي القلب ‪ ،‬فإن أنصت القلب ؛‬
‫أنصتت تبعا ً له بقية الجوارح ‪ ،‬وإن أعرض كانت كالرعية بل راعي ‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية في التحفة العراقية بعد كلم له‬
‫طويل عن أحوال القلب قال ‪ " :‬وهذا الذي ذكرنا مما يبين أن أصل‬
‫الدين في الحقيقة هو المور الباطنة من العلوم والعمال وأن‬
‫العمال الظاهرة ل تنفع بدونها "(‪.)1‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫س بْ ِ‬‫ولذا هُ َيئ قلب النبي َ لتلقي القرآن قبل نزوله عليه فعن أن َ َ ِ‬
‫خذَهُ‬‫ن فَأ َ‬ ‫ما ِ‬‫معَ الْغِل ْ َ‬
‫ب َ‬‫وَهُوَ يَلْعَ ُ‬ ‫جبْرِي ُ‬
‫ل‬ ‫ل ‪ :‬أتَاه ُ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ك‪ ( :‬أ َّ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫ج ِ‬‫خَر َ‬ ‫ست َ ْ‬
‫فا ْ‬‫ب َ‬ ‫قل ْ َ‬‫ج ال ْ َ‬‫خَر َ‬
‫ست َ ْ‬
‫فا ْ‬ ‫ه َ‬‫قلْب ِ ِ‬
‫ن َ‬‫ع ْ‬‫ق َ‬ ‫ش َّ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬‫صَرعَ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫ظ ال َّ‬ ‫ُ‬
‫ك ‪ ) ...‬رواه مسلم‬ ‫من ْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫شيْطَا ِ‬ ‫ح ّ‬‫هذَا َ‬‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫ق ً‬‫عل َ َ‬
‫َ‬
‫وللبخاري نحوه ‪.‬‬
‫ل سماعهم للقرآن ‪ ،‬ففي‬ ‫وقد وصف الصحابة حال قلوبهم أو َّ‬
‫الصحيحين عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال ‪ :‬سمعت النبي‬
‫َ‬
‫ن غَي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫م ْ‬
‫خلِقُوا ِ‬ ‫م ُ‬
‫يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الية {أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ض بَل ل يُوقِنُو َ‬ ‫َ‬ ‫خلَقُوا ال َّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ت وَالْر َ‬ ‫ماوَا ِ‬
‫س َ‬ ‫م َ‬
‫ن (‪ )35‬أ ْ‬ ‫خالِقُو َ‬ ‫م هُ ُ‬
‫يءٍ أ ْ‬ ‫ش ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ })37‬سورة الطور ‪،‬‬ ‫صيْطُِرو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫م هُ ُ‬
‫كأ ْ‬ ‫ن َرب ِّ َ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫عندَهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫(‪ )36‬أ ْ‬
‫كاد قلبي أن يطير ‪.‬‬
‫ع بالقلب‬ ‫•وجاء عن السلف مثل ذلك في أ ّ‬
‫ول سما ٍ‬
‫للقرآن ‪:‬‬

‫‪ )(1‬ج ‪/1‬ص ‪. 42‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪15‬‬

‫‪o‬فعن يونس البلخي قال ‪ :‬كان إبراهيم بن أدهم من الشراف ‪،‬‬


‫وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة ‪،‬‬
‫ضه إذا هو بصوت من‬ ‫فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يُركِّ ُ‬
‫فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث {أَفَحسبت َ‬
‫خلَقْنَاك ُ ْ‬
‫م عَبَثًا‬ ‫م أن َّ َ‬
‫ما َ‬ ‫َ ِ ُْ ْ‬
‫َ‬
‫ن} (‪ )115‬سورة المؤمنون ‪ ،‬اتق الله ‪،‬‬ ‫ج ُعو َ‬ ‫وَأنَّك ُ ْ‬
‫م إِلَيْنَا ل تُْر َ‬
‫عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته وأخذ في عمل‬
‫الخرة(‪.)1‬‬
‫‪o‬وقال الفضل بن موسى ‪ :‬كان الفضيل بن عياض شاطرا ً يقطع‬
‫الطريق ‪ ،‬وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫شعَ‬‫خ َ‬‫منُوا أَن ت َ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ن لِل ّذِي َ‬
‫م يَأ ِ‬
‫َ‬
‫سمع رجل ً يتلو {أل َ ْ‬ ‫الجدران إليها‬
‫َ‬
‫قّ} (‪ )16‬الحديد ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫م لِذِكْرِ الل ّهِ وَ َ‬
‫ما نََز َ‬ ‫قُلُوبُهُ ْ‬
‫خرِبة ‪ ،‬فإذا فيها رفقة‬ ‫رب قد آن ‪ ،‬فرجع ‪ ،‬فأواه الليل إلى َ‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬نرتحل ‪ ،‬وقال قوم ‪ :‬حتى نصبح فإن فضيلً‬
‫منهم ‪ ،‬وجاور‬ ‫على الطريق يقطع علينا ‪ ،‬فتاب الفضيل وأ َّ‬
‫بالحرم حتى مات(‪.)2‬‬

‫‪ -2‬كثرة تكرار لفظ القلب في القرآن ‪ ،‬بل أُسند إليه في‬


‫اليات ما لم يُسند إلى غيره من الجوارح ‪.‬‬
‫صدر في القرآن تكرر كثيرا ً ‪ ،‬وأُسند إليه‬
‫لفظ القلب والفؤاد وال َّ‬
‫ت ــ‬
‫في تلك اليات ما لم يُسند إلى غيره من الجوارح ‪ ،‬وقد وقف ُ‬
‫ص ــ على أربعين وصفا ً أسنده القرآن إلى القلب‬ ‫ولم استق ِ‬
‫‪ ،‬وهي أوصاف جليلة الثر جدا ً ‪ ،‬أسوقها من أجل أمر واحدٍ فقط ‪،‬‬
‫وهو أن الوقوف عليها مجتمعة يوقظ الفؤاد لهذا المر الجلل ‪ ،‬أما‬
‫الحاطة بعلم هذه الوصاف ودللتها ‪ ،‬فهو في فيما نستقبل إن‬
‫شاء الله ‪ ،‬وأذكر معها شاهدا ً واحدا ً من القرآن ‪ ،‬فمن هذه‬
‫الوصاف ‪:‬‬

‫‪ )(1‬القصة مشهورة وهي في مسند إبراهيم بن أدهم ج ‪/1‬ص ‪ ، 18‬وسير أعلم‬


‫النبلء ج ‪/7‬ص ‪ 388‬وغيرهما ‪.‬‬
‫‪ )(2‬القصة مشهورة ‪ ،‬وهي بهذا السياق في تاريخ السلم ج ‪/12‬ص ‪. 334‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪16‬‬

‫َ‬
‫فَإِنَّهَا ِ‬
‫من‬ ‫شعَائَِر الل ّهِ‬ ‫من يُعَظ ِّ ْ‬
‫م َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ف التقوى {ذَل ِ َ‬ ‫‪) 1‬و َ ْ‬
‫ص ُ‬
‫ب} (‪ )32‬الحـج‬ ‫تَقْوَى الْقُلُو ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫شعَ قُلُوبُهُ ْ‬
‫م لِذِك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫خ َ‬ ‫منُوا أَن ت َ ْ‬‫نآ َ‬‫ن لِل ّذِي َ‬‫م يَأ ِ‬
‫َ‬
‫الخشوع {أل َ ْ‬ ‫‪)2‬‬
‫َّ‬
‫اللهِ} (‪ )16‬سورة الحديد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يءٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬‫ه بِك ُ ِّ‬ ‫من بِالل ّهِ يَهْد ِ قَلْب َ ُ‬
‫ه وَالل ّ ُ‬ ‫من يُؤْ ِ‬ ‫‪)3‬الهداية {وَ َ‬
‫م} (‪ )11‬سورة التغابن‬ ‫عَلِي ٌ‬
‫َ‬
‫ن اتَّبَعُوه ُ َرأْفَ ً‬
‫ة‬ ‫ب ال ّذِي َ‬‫جعَلْنَا فِي قُلُو ِ‬ ‫‪)4‬الرأفة والرحمة {وَ َ‬
‫ة} (‪ )27‬الحديد‬ ‫ة وََرهْبَانِي َّ ً‬
‫م ً‬
‫ح َ‬‫وََر ْ‬
‫ميعاً‬ ‫ف بَي ْن قُلُوبهم لَو أَنفَقْت ما فِي ال َ‬ ‫َ َّ‬
‫ج ِ‬
‫ض َ‬‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪)5‬اللفة {وَأل‬
‫َ ََ‬
‫م} (‪ )63‬النفال‬ ‫ن قُلُوبِهِ ْ‬ ‫ت بَي ْ َ‬ ‫ما أل ّفَ ْ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سلم ِ فَهُوَ عَلَى‬
‫صدَْرهُ لِل ِ ْ‬‫ه َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫شَر َ‬‫من َ‬ ‫‪)6‬النشراح {أفَ َ‬
‫من َّرب ِّهِ} (‪ )22‬سورة الزمر‬ ‫نُورٍ ِّ‬
‫َ‬ ‫‪)7‬السلمة {إل م َ‬
‫يم } (‪ )89‬سورة‬ ‫سل ِ ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫ه بِقَل ْ ٍ‬ ‫ن أتَى الل ّ َ‬ ‫ِ َ ْ‬
‫الشعراء‬
‫ب}‬ ‫ُّ‬
‫منِي ٍ‬ ‫ب‬‫جاء بِقَل ْ ٍ‬‫ب وَ َ‬ ‫من بِالْغَي ْ ِ‬ ‫ح َ‬‫ي الَّر ْ‬
‫ش َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪)8‬النابة { َ‬
‫(‪ )33‬سورة ق‬
‫ك الَّذين ل َم يرد الل ّ َ‬ ‫‪)9‬الطهارة {أُوْلَئ ِ َ‬
‫ه أن يُطَهَِّر قُلُوبَهُ ْ‬
‫م}‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ ْ ُ ِ ِ‬
‫(‪ )41‬سورة المائدة‬
‫َ‬
‫م} (‬ ‫ت بِهِ القْدَا َ‬ ‫م وَيُثَب ِّ َ‬ ‫ط عَلَى قُلُوبِك ُ ْ‬ ‫‪)10‬الربط {وَلِيَْرب ِ َ‬
‫‪ )11‬سورة النفال‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫م قُلُو ٌ‬ ‫ن لَهُ ْ‬‫ض فَتَكُو َ‬ ‫سيُروا فِي الْر ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫‪)11‬العقل {أفَل َ ْ‬
‫ن بِهَا } (‪ )46‬سورة الحـج‬ ‫يَعْقِلُو َ‬
‫ن قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلَ‬ ‫َ‬
‫منُوا ْ وَتَط ْ َ‬
‫مئ ِ ُّ‬ ‫‪)12‬الطمئنان {ال ّذِي َ‬
‫نآ َ‬
‫ب} (‪ )28‬سورة الرعد ‪.‬‬ ‫ن الْقُلُو ُ‬‫مئ ِ ُّ‬ ‫بِذِكْرِ اللّهِ تَط ْ َ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪17‬‬

‫‪)13‬الخبات {ولِيعل َم الَّذين أُوتوا الْعِل ْ َ‬


‫من َّرب ِّ َ‬
‫ك‬ ‫حقُّ ِ‬‫ه ال ْ َ‬ ‫م أن َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫م} (‪ )54‬سورة الحـج‬ ‫ه قُلوبُهُ ْ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫تل ُ‬ ‫منُوا بِهِ فَت ُ ْ‬
‫خب ِ َ‬ ‫فَيُؤ ْ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫ن وََزيَّن َ ُ‬
‫ه‬ ‫ما َ‬
‫م الِي َ‬ ‫ب إِلَيْك ُ ُ‬ ‫حب َّ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫‪)14‬تزيين اليمان {وَلك ِ ّ‬
‫م} (‪ )7‬الحجرات‬ ‫فِي قُلُوبِك ُ ْ‬
‫ب‬ ‫ة فِي قُلُو ِ‬ ‫سكِين َ َ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫‪)15‬إنزال السكينة {هُوَ الَّذِي أَنَز َ‬
‫م } (‪ )4‬سورة‬ ‫مانِهِ ْ‬‫معَ إِي َ‬ ‫مانًا َّ‬ ‫ن لِيَْزدَادُوا إِي َ‬ ‫مؤْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الفتح‬
‫ه‬ ‫ت قُلُوبُك ُ ْ‬
‫م وَالل ّ ُ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫‪)16‬الكسب {وَلَكِن يُؤَا ِ‬
‫خذ ُكُم ب ِ َ‬
‫م} (‪ )225‬البقرة‬ ‫غَفُوٌر َ‬
‫حلِي ٌ‬
‫ن} (‬
‫سبُو َ‬ ‫ن عَلَى قُلُوبِهِم َّ‬
‫ما كَانُوا يَك ْ ِ‬ ‫‪)17‬الَّران {كَل ب َ ْ‬
‫ل َرا َ‬
‫‪ )14‬سورة المطففين‬
‫‪)18‬الغفلة {ول تطع م َ‬
‫ه ع َن ذِكْرِنَا} (‪)28‬‬ ‫ن أغْفَلْنَا قَلْب َ ُ‬
‫َ ُ ِ ْ َ ْ‬
‫سورة الكهف‬
‫مَرضاً } (‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ض فََزادَهُ ُ‬ ‫‪)19‬المرض {فِي قُلُوبِهِم َّ‬
‫مَر ٌ‬
‫‪ )10‬سورة البقرة‬
‫م وَعَلَى‬‫معِهِ ْ‬
‫س ْ‬‫م وَع َلَى َ‬ ‫ه عَلَى قُلُوبِه ْ‬
‫م الل ّ ُ‬‫خت َ َ‬
‫‪)20‬الختم { َ‬
‫شاوَةٌ} (‪ )7‬سورة البقرة‬ ‫م ِغ َ‬ ‫َ‬
‫صارِهِ ْ‬
‫أب ْ َ‬
‫َ‬
‫ب} (‬ ‫ن كَفَُروا ْ الُّرعْ َ‬
‫ب ال ّذِي َ‬ ‫سنُلْقِي فِي قُلُو ِ‬ ‫‪)21‬الُّرعب { َ‬
‫‪ )151‬سورة آل عمران‬
‫‪)22‬الزيغ {َربَّنَا ل َ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْد َ إِذ ْ هَدَيْتَنَا} (‪ )8‬سورة آل‬
‫عمران‬
‫مى الْقُلُو ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫صاُر وَلَكِن تَعْ َ‬
‫مى الب ْ َ‬ ‫‪َ )23‬العمى {فَإِنَّهَا ل تَعْ َ‬
‫ور} (‪ )46‬الحـج‬ ‫صد ُ ِ‬‫ال ّتِي فِي ال ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منُوا ْ بِهِ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م يُؤْ ِ‬ ‫م كَ َ‬
‫صاَرهُ ْ‬ ‫‪)24‬التَّقلب {وَنُقَل ِّ ُ‬
‫ب أفْئِدَتَهُ ْ‬
‫م وَأب ْ َ‬
‫ة} (‪ )110‬سورة النعام‬ ‫مَّر ٍ‬ ‫أَوَّ َ‬
‫ل َ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪18‬‬

‫َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ب ال ّذِي َ‬
‫ن‬ ‫ت قُلُو ُ‬
‫مأَّز ْ‬
‫حدَهُ ا ْ َ‬
‫وَ ْ‬ ‫‪)25‬الشمئزاز {وَإِذ َا ذُكَِر الل ّ ُ‬
‫ه‬
‫رةِ} (‪ )45‬الزمر‬ ‫خ َ‬ ‫ن بِال ِ‬ ‫ل يُؤْ ِ‬
‫منُو َ‬
‫َ‬
‫ب أقْفَالُهَا}‬
‫‪)26‬القُفل {أَفَل يتدب َرون الْقُرآ َ‬
‫م عَلَى قُلُو ٍ‬
‫نأ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َُّ َ‬
‫(‪ )24‬سورة محمد‬
‫م }(‬‫ن فِي قُلُوبِك ُ ْ‬ ‫ما ُ‬
‫ل الِي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما يَد ْ ُ‬‫‪)27‬ضعف اليمان {وَل َ َّ‬
‫‪ )14‬سورة الحجرات‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سلْطَا ٍ‬
‫ن‬ ‫ت الل ّهِ بِغَيْرِ ُ‬ ‫ن فِي آيَا ِ‬
‫َ‬
‫جادِلُو َ‬
‫َ‬
‫ن يُ َ‬ ‫َ‬ ‫‪)28‬الط ّبع {ال ّذِي‬
‫َ‬
‫ك يَطْب َ ُ‬
‫ع‬ ‫منُوا كَذَل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫عند َ ال ّذِي َ‬ ‫عند َ الل ّهِ وَ ِ‬ ‫مقْتًا ِ‬ ‫م كَبَُر َ‬ ‫أتَا َهُ ْ‬
‫ار} (‪ )35‬سورة غافر ‪،‬‬ ‫جب َّ ٍ‬‫متَكَب ِّرٍ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ل قَل ْ ِ‬ ‫ه عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫جل َ ْ‬
‫ت‬ ‫ه وَ ِ‬‫ن إِذ َا ذ ُكَِر الل ّ ُ‬‫ن ال ّذِي َ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫جل {إِن َّ َ‬‫‪)29‬الوَ َ‬
‫م} (‪ )2‬سورة النفال‬ ‫قُلُوبُهُ ْ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ن بِاللهِ وَاليَوْمِ‬ ‫منُو َ‬ ‫ك ال ّذِي َ‬
‫ن ل َ يُؤْ ِ‬ ‫ستَأذِن ُ‬ ‫‪)30‬الَّريب {إِن َّ َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫ن} (‪)45‬‬ ‫م يَتََردَّدُو َ‬
‫م فِي َريْبِهِ ْ‬ ‫م فَهُ ْ‬‫ت قُلُوبُهُ ْ‬ ‫خرِ وَاْرتَاب َ ْ‬
‫ال ِ‬
‫سورة التوبة‬
‫م ال َّ‬
‫شيْطَا ُ‬ ‫ن لَهُ ُ‬ ‫ت قُلُوبُهُ ْ‬ ‫‪)31‬القسوة {وَلَكِن قَ َ‬
‫ما‬
‫ن َ‬ ‫م وََزي َّ َ‬ ‫س ْ‬
‫ن} (‪ )43‬النعام‬ ‫ملُو َ‬‫كَانُوا ْ يَعْ َ‬
‫من‬ ‫ه ع َلَى َ‬‫ب الل ّ ُ‬
‫م وَيَتُو ُ‬ ‫ظ قُلُوبِهِ ْ‬
‫ب غَي ْ َ‬ ‫‪)32‬الغيظ {وَيُذْه ِ ْ‬
‫شاء} (‪ )15‬سورة التوبة‬ ‫يَ َ‬
‫موا ْ هَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫سُّروا ْ الن َّ ْ‬
‫جوَى ال ّذِي َ‬ ‫م وَأ َ‬‫ة قُلُوبُهُ ْ‬ ‫‪)33‬اللهو {لهِي َ ً‬
‫م} (‪ )3‬النبياء‬ ‫مثْلُك ُ ْ‬
‫شٌر ِّ‬ ‫هَذ َا إِل ب َ َ‬
‫صدًْرا} (‪ )106‬سورة‬ ‫ح بِالْكُفْرِ َ‬ ‫من َ‬
‫شَر َ‬ ‫‪)34‬الكفر {وَلَكِن َّ‬
‫النحل‬
‫َ‬
‫م إِلَى يَوْم ِ يَلْقَوْن َ ُ‬
‫ه‬ ‫م نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِ ْ‬ ‫‪)35‬النفاق {فَأعْقَبَهُ ْ‬
‫ن} (‪)77‬‬ ‫ما كَانُوا ْ يَكْذِبُو َ‬ ‫ما وَعَدُوه ُ وَب ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫خلَفُوا ْ الل ّ َ‬ ‫بِ َ‬
‫سورة التوبة‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪19‬‬

‫خوَانًا عَلَى‬ ‫ن ِغ ٍّ‬


‫ل إِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫صدُورِهِم ِّ‬
‫ما فِي ُ‬
‫َ‬ ‫‪)36‬الغِل {وَنََزع ْنَا‬
‫} (‪ )47‬الحجر‬ ‫ن‬
‫متَقَابِلِي َ‬‫سُررٍ ُّ‬
‫ُ‬
‫ما هُم بِبَالِغِيهِ} (‪)56‬‬‫م إِل كِبٌْر َّ‬
‫صدُورِهِ ْ‬‫‪)37‬الكِبْر {إِن فِي ُ‬
‫سورة غافر‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س} (‪)5‬‬‫صدُورِ الن ّا ِ‬ ‫س فِي ُ‬ ‫سوِ ُ‬ ‫‪)38‬الوسوسة {ال ّذِي يُوَ ْ‬
‫سورة الناس‬

‫سَرةً فِي قُلُوبِهِ ْ‬


‫م} (‬ ‫ح ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ج َع َ‬
‫‪)39‬الحسرة {لِي َ ْ‬
‫‪ )156‬سورة آل عمران‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫ج ِّ‬ ‫جهَن َّ َ‬
‫م كَثِيًرا ِّ‬
‫م َ‬ ‫‪)40‬عدم الفقه {وَلَقَد ْ ذََرأنَا ل ِ َ‬
‫َ‬
‫ن بِهَا‪ )179( }...‬سورة‬ ‫ب ل ّ يَفْقَهُو َ‬ ‫م قُلُو ٌ‬ ‫س لَهُ ْ‬
‫وَالِن ِ‬
‫العراف ‪.‬‬

‫ة منها تكفي‬ ‫يا أخا القرآن ‪ :‬هذه أربعون وصفا ً ‪ ،‬أربع ٌ‬


‫رر‬‫لمن كان له قلب أو ألقى السمع َوهو شهيد ‪ ،‬فك ّ ِ‬
‫ة وثالثة ــ ‪ ،‬وتفك ّر في هذه الرتباط‬ ‫النظر فيها ــ ثاني ً‬
‫الوثيق والميثاق الغليظ بين القرآن والقلب ‪ ،‬ثم تأمل‬
‫في أثر ذلك على قلبك ‪.‬‬

‫ج) أ َّ‬
‫ن أعظم أثر للقرآن إنما هو في القلب ‪:‬‬
‫فأعظم ما يحدثه القبال على القرآن هو حياة القلب وصلحه ‪،‬‬
‫وأعظم داءٍ يُصاب به المعرض عن القرآن هو موت القلب وقسوته ‪،‬‬
‫صرت الذكرى على من كان له قلب أو اجتهد في إحضار قلبه‬ ‫ولذا قُ ِ‬
‫ب أ َ ْو‬
‫ه قَل ْ ٌ‬
‫ن لَ ُ‬ ‫ك لَذِكَْرى ل ِ َ‬
‫من كَا َ‬ ‫مع القرآن كما قال تعالى {إ ِ َّ‬
‫ن فِي ذَل ِ َ‬
‫شهِيدٌ } (‪ )37‬سورة ق ‪.‬‬ ‫معَ َوهُوَ َ‬ ‫أَلْقَى ال َّ‬
‫س ْ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪20‬‬

‫م‬
‫حرِ ُ‬ ‫على عظم أثر العراض عن القرآن ‪ ،‬وأن ذلك ي َ ْ‬ ‫وقد نبَّه‬
‫م عَلَى‬ ‫القلب من أنوار الوحي فقال تعالى ‪ :‬أَفَل يتدب َرون الْقُرآ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ َُّ َ‬ ‫َ‬
‫ب أقْفَالُهَا ‪ ) )24‬سورة محمد ‪.‬‬ ‫َ‬
‫قُلُو ٍ‬
‫منُوا ْ بِهِ أَوْ لَ‬ ‫لآ ِ‬ ‫وقال المام عبد العلى التميمي في قوله تعالى {قُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن لِل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن الَّذين أ ُ‬
‫منُوا ْ إ ِ َّ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫رو‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫َا‬ ‫ذ‬‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫من‬‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫وت‬ ‫ِ َ‬ ‫تُؤْ ِ‬
‫جدًا} (‪ )107‬سورة السراء ‪ ،‬قال ‪ :‬إن من أوتي من العلم ما ل‬ ‫س َّ‬ ‫ُ‬
‫يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم ما ل ينفعه لن الله نعت أهل‬
‫س َّ‬ ‫خُرو َ َ‬
‫جدًا} ‪.‬‬ ‫ن ُ‬‫ن لِلذْقَا ِ‬ ‫العلم فقال ‪{ :‬ي َ ِ ّ‬
‫وعن ابن مسعود قال ‪ :‬إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن‬
‫ول تشغلوها بغيره ‪.‬‬
‫واشتهر عن السلف قولهم ‪ :‬إنما العلم الخشية ‪.‬‬

‫َ‬
‫صدُورِ ال ّذِي َ‬
‫ن‬ ‫ت فِي ُ‬ ‫ت بَيِّنَا ٌ‬
‫ل هُوَ آيَا ٌ‬‫وقال الحسن في قوله تعالى ‪{ :‬ب َ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن} (‪ )49‬سورة العنكبوت ‪.‬‬ ‫مو َ‬‫حد ُ بِآيَاتِنَا إِل الظ ّال ِ ُ‬‫ج َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫أوتُوا الْعِل ْ َ‬
‫م وَ َ‬
‫َ‬
‫ن أُوتُوا‬
‫صدُورِ ال ّذِي َ‬
‫ت} هو القرآن ‪{ ،‬فِي ُ‬ ‫ت بَيِّنَا ٌ‬ ‫ل هُوَ آيَا ٌ‬ ‫قال ‪{ :‬ب َ ْ‬
‫م} يعني المؤمنين ‪.‬‬ ‫الْعِل ْ َ‬
‫قال ابن كثير ‪ :‬لنه محفوظ في الصدور ميسر على اللسنة‬
‫(‪)1‬‬
‫مهيمن على القلوب معجز لفظا ومعنى ‪.‬‬

‫وفي مرسل الحسن رضي الله عنه قال ‪ :‬العلم علمان ‪:‬‬
‫‪)1‬علم في القلب فذاك العلم النافع ‪.‬‬
‫‪)2‬وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه ‪.‬‬

‫فليس العلم ول اليمان ــ عندهم ــ بكثرة القراءة بل بخشوع‬


‫القلب وخشيته ‪.‬‬
‫‪ )(1‬تفسيره ج ‪/3‬ص ‪. 418‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪21‬‬

‫ُ َ‬ ‫وفي صحيح مسلم عن أَبِي هَُريَْرةَ قَا َ‬


‫‪:‬‬ ‫ل الل ّهِ‬ ‫سو‬ ‫ل ‪ :‬قَا َ‬
‫ل َر ُ‬
‫مَّرات ‪.‬‬‫ث َ‬ ‫صدْرِهِ ثَل َ‬ ‫شاَر إِلَى َ‬
‫(التَّقْوَى هَاهُنَا) وَأ َ‬
‫•والنصوص في الباب كثيرة ‪ ،‬لكني أذكر بعض‬
‫ثم بعض أتباعه ‪:‬‬ ‫البيان العملي للرسول‬
‫شخير قال ‪( :‬رأيت رسول الله‬‫ففي السنن عن عبد الله بن ال ّ ِ‬
‫جل(‪ )1‬من البكاء) صححه ابن‬
‫مر َ‬
‫يصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز ال ِ‬
‫خزيمة وابن حبان والحاكم ‪ ،‬وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ‪:‬‬
‫إسناده قوي ‪.‬‬
‫وثبت عند أحمد والنسائي والحاكم وصححاه وقال البوصيري ‪ :‬هذا‬
‫إسناد صحيح رجاله ثقات ‪ ،‬وصححه ابن القيم من حديث أبي ذر ‪:‬‬
‫م فَإِنَّهُ ْ‬
‫م‬ ‫قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله إِن تُعَذِّبْهُ ْ‬ ‫أنه‬
‫َ‬
‫م ‪ ) )118‬المائدة ‪.‬‬ ‫ت الْعَزِيُز ال ْ َ‬
‫حكِي ُ‬ ‫ك أن َ‬‫م فَإِن َّ َ‬ ‫ك وَإِن تَغْفِْر لَهُ ْ‬ ‫عبَاد ُ َ‬ ‫ِ‬
‫وفي الدر المنثور عند تفسير قوله تعالى {أ َ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ضوا ْ عَلَيْنَا ِ‬‫ن أفِي ُ‬
‫ْ‬
‫ماء} (‪ )50‬العراف ‪ .‬أن عبد الله بن عمر شرب ماء باردا فبكى‬ ‫ال ْ َ‬
‫فاشتد بكاؤه فقيل له ‪ :‬ما يبكيك ؟ قال ‪ :‬ذكرت آية في كتاب الله‬
‫ن} (‪ )54‬سورة سبأ ‪ ،‬فعرفت أن أهل‬ ‫شتَهُو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل بَيْنَهُ ْ‬
‫م وَبَي ْ َ‬ ‫حي َ‬ ‫{و َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ضوا ْ عَلَيْنَا ِ‬
‫م َ‬ ‫ن أفِي ُ‬ ‫{أ ْ‬ ‫النار ل يشتهون إل الماء البارد وقد قال الله‬
‫َ‬
‫ه} (‪.)2‬‬ ‫م الل ّ ُ‬‫ما َرَزقَك ُ ُ‬ ‫م َّ‬
‫ماء أوْ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫صفة الصفوة ‪ :‬عن سعد بن زنبور قال ‪ :‬كنا على باب الفضيل‬ ‫وفي ِ‬
‫بن عياض فاستأذنا عليه فلم يؤذن لنا ‪ ،‬فقيل لنا ‪ :‬إنه ل يخرج إليكم‬
‫أو يسمع القرآن ‪ ،‬قال ‪ :‬وكان معنا رجل مؤذن ــ وكان صيتا ً ــ فقلنا‬
‫م التَّكَاثُُر} ورفع بها صوته ‪ ،‬فأشرف علينا الفضيل ‪،‬‬ ‫َ‬
‫له ‪ :‬اقرأ {ألْهَاك ُ ُ‬
‫وقد بكى حتى بل لحيته بالدموع ‪ ،‬وأنشأ يقول ‪:‬‬
‫جزتُها *** فماذا أُؤم ُ‬
‫ل أو أنتظر‬ ‫ن أو ِ‬
‫ت الثماني َ‬ ‫بلغ ُ‬
‫أتى لي ثمانون من مولدي *** وبعد الثمانين ما يُنتظر‬

‫‪ )(1‬وهو صوت القدر عند غليانها ‪.‬‬


‫‪ )(2‬الدر المنثور ج ‪/3‬ص ‪.469‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪22‬‬

‫ن فأبلينني *** ‪.............‬‬


‫علتني السنو َ‬
‫خ ْ‬
‫شَرم فأتمه لنا فقال ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬ثم خنقته العبرة وكان معنا علي بن َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫ن فأبليننــــي *** فرقَّت عظامي وك َّ‬
‫ل البصر‬ ‫علتنـــي السنــو َ‬
‫َ ْ‬

‫د ) المقصود العظم من القرآن هو تدبر القلب له ‪.‬‬


‫قال المام السيوطي في التقان ‪ :‬وتسن القراءة بالتدبر والتفهم‬
‫فهو المقصود العظم والمطلوب الهم وبه تنشرح‬
‫الصدور وتستنير القلوب ‪.‬‬
‫ب‬‫عن الحكمة من تنزيل هذا الكتاب فقال كِتَا ٌ‬ ‫وقد أبان الله‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَنَزلْنَاه ُ إِلَي ْ َ‬
‫ب ‪ ) )29‬ص ‪ ،‬واللم‬ ‫ك ل ِّيَدَّبَُّروا آيَاتِهِ وَلِيَتَذ َك َّر أوْلُوا اللْبَا ِ‬
‫مبَاَر ٌ‬
‫ك ُ‬
‫ة تامة إل‬ ‫في قوله (ل ِّيَدَّبَُّروا) هي لم العلة ‪ ،‬فهو لن يكون مباركا ً مبارك ً‬
‫بالتدبر ‪.‬‬
‫ب أَقْفَالُهَا ‪) )24‬‬ ‫م عَلَى قُلُو ٍ‬
‫وقال تعالى أَفَل يتدب َرون الْقُرآ َ‬
‫نأ ْ‬‫ْ َ‬ ‫ََ َُّ َ‬
‫سورة محمد ‪ ،‬فإما التدبر أو القفال ــ وليس قفل ً واحدا ً ــ على‬
‫القلب ‪:‬‬
‫هما طريقان ما للمرء غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار‬

‫من قرأ بعض اليات ولم يتفكر‬ ‫•ولذا ذم النبي‬


‫بقلبه ‪.‬‬
‫فثبت عند ابن حبان في صحيحه وغيره عن عائشة قالت ‪ :‬قال‬
‫رسول ‪ :‬لقد أنزلت على الليلة آية ؛ ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها‬
‫َ‬
‫ت لُوْلِي‬
‫ل وَالنَّهَارِ ليَا ٍ‬
‫ف الل ّي ْ ِ‬
‫ختِل َ ِ‬
‫ض وَا ْ‬ ‫َ‬
‫ت وَالْر ِ‬
‫ماوَا ِ‬ ‫ق ال َّ‬
‫س َ‬ ‫ن فِي َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫{إ ِ َّ‬
‫ب} اليات من آخر سورة آل عمران ‪.‬‬ ‫اللْبَا ِ‬
‫ولعلنا ل نحصي كم سمعنا وقرأنا هذه اليات ‪ ،‬لكن لو تأملنا مليّاً‬
‫قوله (ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها) لتغير الحال ‪ ،‬والله‬
‫المستعان ‪.‬‬

‫‪ )(1‬ج ‪/2‬ص ‪.239‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪23‬‬

‫ن مسعود يقول عن‬‫وهذا ريحانة القَُّراء من أصحاب رسول اب ُ‬


‫القرآن ‪ :‬قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ول يكون هم أحدكم‬
‫آخر السورة ‪.‬‬
‫وأختم بمحكم من القول للمام محمد بن الحسين الجري يقول فيه‬
‫‪ :‬والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير‬
‫من القرآن بغير تدبر ول تفكر فيه ‪ ،‬فظاهر القرآن يدل على‬
‫ذلك‪،‬والسنة‪ ،‬وأقوال أئمة المسلمين ‪.‬‬
‫ولذا في مثل هذه المواطن استوقف النفس وحاسبها ‪ ،‬وانظر في‬
‫س هذا إلى‬
‫حال السلف مع القرآن ‪ ،‬ثم في حالها هي مع القرآن ‪ ،‬قِ ْ‬
‫ذاك ‪ ،‬وقارن بين الحالين ‪ ،‬ثم اختر لنفسك ‪ ،‬وفقك الله لصلح قلبك‬
‫‪.‬‬
‫فيا أخا القرآن ‪ :‬إذا أردت أن تفتح صفحات هذا القرآن المجيد ؛‬
‫فقبل هذا تفقد قلبك هل فتحت صفحاته هو أيضا ً ؟ أم على قلوب‬
‫أقفالها ؟‬
‫وفقك الله لهداه ‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬كيف نقرأ القرآن ؟‬
‫من عظيم شأن القرآن عند الذي تكلّم به سبحانه ‪ ،‬أن كيفية‬
‫القراءة لم تُترك لنا ‪ ،‬بل جاء القرآن بالكيفية التي تكون عليها قرآته‬
‫‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫َ‬
‫س عَلَى ُ‬
‫مك ْ ٍ‬
‫ث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫•قوله تعالى {وَقُْرآنا فََرقْنَاه ُ لِتَْقَرأه ُ عَلى الن ّا ِ‬
‫وَنََّزلْنَاه ُ تَنزِيلً } (‪ )106‬سورة السراء ‪ ،‬وهو أمر بالمكث‬
‫وترك العجلة عند القراءة ‪ ،‬فعن مجاهد بن جبر ــ رحمه الله‬
‫سئل عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والخر‬ ‫ـــ ُ‬
‫قرأ البقرة ‪ ،‬وقيامهما واحد ‪ ،‬وركوعهما وسجودهما واحد ‪،‬‬
‫وجلوسهما واحد ‪ ،‬أيهما أفضل ؟‬

‫قال ‪ :‬الذي قرأ البقرة وحدها أفضل ‪ ،‬ثم قرأ ‪{ :‬وَقُْرآنا ً فََرقْنَاهُ‬
‫َ‬
‫س عَلَى ُ‬
‫مك ْ ٍ‬
‫ث} ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لِتَقَْرأه ُ عَلى الن ّا ِ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪24‬‬

‫فهل َّ استوقفت قلوبَنا أمثال هذه الفتاوى من هؤلء الئمة‪،‬‬


‫وأيقظتها من غفلتها ؟‬
‫ل الْقُْرآ َ‬
‫ن تَْرتِيل } (‪ )4‬المزمل ‪ ،‬قال ابن‬ ‫•وقال تعالى‪{ :‬وََرت ِّ ِ‬
‫عباس ‪ :‬يقرأ آيتين ثلثة ثم يقطع ‪ ،‬ل يُهَذرِم ‪ .‬وقال مجاهد ‪:‬‬
‫ل فيه ترسل ً ‪.‬‬ ‫تَر َّ‬
‫س ْ‬

‫هذا المر ‪:‬‬ ‫•وقد امتثل النبي‬


‫أنه سئل عن قراءة رسول الله‬ ‫ففي صحيح البخاري عن أنس‬
‫؟ فقال ‪ :‬كانت مدّا ‪ ،‬ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد‬
‫الله ‪ ،‬ويمد الرحمن ‪ ،‬ويمد الرحيم ‪.‬‬
‫وروى أبو داود و الترمذي وغيرهما عن أم سلمة أنها نعتت قراءة‬
‫النبي بأنها ‪ :‬قراءة مفسرة حرفا ً حرفاً (‪ . )1‬قال الترمذي ‪ :‬حسن‬
‫صحيح غريب ‪.‬‬
‫كانت المد ّ ‪.‬‬ ‫وقال قتادة ‪ :‬بلغنا أن عامة قراءة النبي‬
‫•ومن الدلة على كيفية القراءة قوله تعالى في سورة القيامة‬
‫ل بِهِ (‪ } )16‬إلى قوله تعالى {ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫ج َ‬ ‫سان َ َ‬
‫ك لِتَعْ َ‬ ‫ك بِهِ ل ِ َ‬ ‫حّرِ ْ‬ ‫‪{ :‬ل ت ُ َ‬
‫ه (‪. })19‬‬ ‫ن ع َلَيْنَا بَيَان َ ُ‬
‫إ ِ َّ‬

‫هذه اليات سبب نزولها معروف لكنها جاءت في سياق الكلم‬


‫عن القيامة ‪ ،‬فالسباق في يوم القيامة وأهواله وحال النسان فيه ‪،‬‬
‫واللحاق في العاجلة والخرة والموت والبعث ‪ ،‬فلي شيء جاءت‬
‫هذه اليات الربع في هذا السياق ؟‬

‫‪ )(1‬وأما لفظ ( كان يقطع قراءته آية آية) فل يثبت بل هو مرسل ‪ ،‬كما أشار إلى‬
‫ذلك الترمذي وغيره ‪ ،‬والفرق بينهما ظاهر من جهة المعنى ‪ ،‬وهذا اللفظ هو عمدة‬
‫من استحب الوقوف على رؤوس الي في كل حال دون مراعاة المعنى ‪ ،‬وهو قول‬
‫مرجوح ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪25‬‬

‫إنه النهي عن العجلة في القراءة وتحريك اللسان بها سريعا ً ‪،‬‬


‫خصوصا ً في مثل هذه اليات العظيمات عن مقدمات القيامة‬
‫وأهوالها ‪.‬‬

‫•وأما الثار عن السلف ‪:‬‬


‫ففي الصحيحين عن ابن مسعود ‪ :‬أن رجل ً قال له ‪ :‬إني أقرأ‬
‫شعر ‪ ،‬إن قوما يقرؤون‬ ‫المفصل في ركعة واحدة ‪ ،‬فقال ‪ :‬هَذَّا ً كَه ِ‬
‫ذّ ال ّ ِ‬
‫القرآن ل يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ‪.‬‬
‫وقال ابن أبي مليكة ‪ :‬سافرت مع ابن عباس فكان يقوم نصف‬
‫الليل فبقرأ القرآن حرفا ً حرفا ً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجا ً ‪.‬‬
‫وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري قال ما رأيت أحدا أخوف على‬
‫نفسه ول أرجى للناس من الفضيل كانت قراءته حزينة شهية بطيئة‬
‫مترسلة كأنه يخاطب إنسانا ‪.‬‬

‫فيا أخا القرآن ‪ :‬هكذا ينبغي أن تكون كيفية قراءتنا لهذا‬


‫ة ‪ ،‬وفقك الله‬‫ة مترسل ً‬
‫ة بطيئ ً‬
‫ة شهي ً‬
‫القرآن العظيم حزين ً‬
‫لهداه ‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة ‪ :‬بأي القرآن نبدأ ؟‬


‫هذه مسألة جليلة كبيرة القدر جدا ً ‪ ،‬قد خفي على كثير من أهل‬
‫القرآن وجه الصواب فيها ‪ ،‬فوقعوا في خلف منهج النبي ومنهج‬
‫أصحابه ‪.‬‬
‫ومنهج النبي في تعليم أصحابه القرآن هو تعليم اليمان أولً‬
‫قبل تعليم الحكام ‪ ،‬وهي داخلة ضمن القاعدة المشهورة عند‬
‫السلف في التعليم ( العالم الرباني ‪ :‬هو الذي يربي الناس بصغار‬
‫العلم قبل كباره) ‪ ،‬وقد جاء في تعليم اليمان قبل الحكام آثار‬
‫مشهورة ‪:‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪26‬‬

‫ونحن‬ ‫•فعن جندب بن عبد الله قال ‪ :‬كنا مع النبي‬


‫فتيان حزاورة ‪ ،‬فتعلمنا اليمان قبل أن نتعلم القرآن ثم‬
‫تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا (‪.)1‬‬
‫•وعن عبد الله بن عمر قال ‪ :‬تعلمنا اليمان ثم تعلمنا‬
‫القرآن فازددنا إيمانا ً ‪ ،‬وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون‬
‫اليمان ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى‬ ‫•وعنه‬
‫فنتعلم‬ ‫اليمان قبل القرآن ‪ ،‬وتنزل السورة على محمد‬
‫حللها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها‬
‫كما تعلمون أنتم اليوم القرآن ‪ ،‬ثم لقد رأيت اليوم رجال‬
‫يؤتى أحدهم القرآن قبل اليمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى‬
‫خاتمته ما يدرى ما آمره ول زاجره ول ما ينبغي أن يقف‬
‫عنده منه (‪. )2‬‬
‫•وفي لفظ عنه قال ‪ :‬إنا كنا صدور هذه المة وكان الرجل‬
‫من خيار أصحاب رسول الله وصالحيهم ما يقيم إل سورة‬
‫من القرآن أو شبه ذلك ‪ ،‬وكان القرآن ثقيل عليهم ‪ ،‬ورزقوا‬
‫علما به وعمل ‪ ،‬وإن آخر هذه المة يخف عليهم القرآن حتى‬
‫يقرأه الصبي والعجمي ل يعلمون منه شيئا ً (‪.)3‬‬
‫•وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله‬
‫‪ :‬إن المانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن‬
‫فعلموا من القرآن وعلموا من السنة " متفق عليه‬

‫‪ )(1‬أخرجه ابن ماجه وغيره ‪ ،‬قال في مصباح الزجاجة ج ‪/1‬ص ‪ : 12‬هذا إسناد‬
‫صحيح رجاله ثقات ‪.‬‬
‫‪)(2‬البيهقي ج ‪/3‬ص ‪ .120‬أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ‪ ،‬ورواه‬
‫الطبراني في الوسط وقال الهيثمي مجمع الزوائد ج ‪/7‬ص ‪ : 165‬ورجاله رجال‬
‫الصحيح ‪.‬‬
‫‪ )(3‬ذكره شيخ السلم في الفتاوى الكبرى ج ‪/5‬ص ‪ ، 332‬وفي بيان تلبيس‬
‫الجهمية ج ‪/2‬ص ‪. 403‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪27‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ :‬والمانة هي اليمان أنزلها في أصل قلوب‬


‫الرجال(‪. )1‬‬
‫•ويقرر هذا شيخ السلم ابن تيمية في كلم ماتٍع له في بيان‬
‫ت من كتاب الله ‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫حقائق الدين ‪ ،‬ويستشهد لذلك بآيا ٍ‬
‫من َّربِّهِ وَيَتْلُوهُ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫شاهِ ٌ‬ ‫ن عَلَى بَيِّنَةٍ ِّ‬
‫من كَا َ‬
‫‪)1‬قوله تعالى ‪{ :‬أفَ َ‬
‫ه} (‪ )17‬سورة هود ‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬
‫ِّ‬
‫فالبينة من الله هي اليمان ‪ ،‬والذي يتلوه هو شاهد القرآن ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪)2‬وقوله تعالى ‪ :‬وفي آية النور {نُّوٌر عَلَى نُورٍ يَهْدِي الل ّ ُ‬
‫ه‬
‫من ي َ َ‬
‫شاء} (‪ )35‬النــور‪.‬‬ ‫لِنُورِهِ َ‬
‫النور الول هو نور اليمان والذي يأتي بعده هو نور القرآن ‪.‬‬
‫يقول رحمه الله ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن عَلَى بَي ِّنَةٍ ِّ‬
‫من َّرب ِّهِ} (‪ )17‬سورة هود ‪،‬‬ ‫من كَا َ‬ ‫" فتبين أن قوله {أفَ َ‬
‫ه} أي من الله يعنى القرآن ‪،‬‬ ‫من ْ ُ‬
‫شاهِد ٌ ِّ‬‫يعنى هدى اليمان ‪{ ،‬وَيَتْلُوهُ َ‬
‫شاهد من الله يوافق اليمان ويتبعه وقال ‪{ :‬وَيَتْلُوهُ} لن اليمان هو‬
‫المقصود ‪ ،‬لنه إنما يراد بإنزال القرآن اليمان وزيادته ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ولهذا كان اليمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به‬
‫الجنة ‪ ،‬والقرآن بل إيمان ل ينفع في الخرة بل صاحبه منافق ‪ ،‬كما‬
‫فى الصحيحين عن أبى موسى عن النبي أنه قال ‪ :‬مثل المؤمن‬
‫الذي يقرأ القرآن كمثل الترجة طعمها طيب وريحها طيب ‪ ،‬ومثل‬
‫المؤمن الذي ل يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ول ريح لها ‪)...‬‬
‫الحديث "(‪.)2‬‬
‫وقال رحمه الله ‪ " :‬وقال بعضهم فى قوله {نُّوٌر عَلَى نُورٍ} قال ‪:‬‬
‫جعَلْنَاه ُ نُوًرا نَّهْدِي بِهِ‬
‫نور القرآن على نور اليمان كما قال ‪{ :‬وَلَكِن َ‬
‫عبَادِنَا} (‪ )52‬سورة الشورى ‪ ،‬وقال السدي فى قوله‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ن َّ َ‬
‫شاء ِ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬

‫‪ )(1‬مجموع الفتاوى ج ‪/12‬ص ‪.249‬‬


‫‪ )(2‬مجموع الفتاوى ج ‪/15‬ص ‪. 71‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪28‬‬

‫{نُّوٌر عَلَى نُورٍ} نور القرآن ونور اليمان حين اجتمعا فل يكون واحد‬
‫منهما إل بصاحبه"(‪.)1‬‬
‫وقال ‪ " :‬ولهذا دخل في معنى قوله خيركم من تعلم القرآن وعلمه‬
‫تعليم حروفه ومعانية جميعا بل تعلم معانيه هو المقصود الول بتعليم‬
‫حروفه وذلك هو الذي يزيد اليمان كما قال جندب بن عبد الله وعبد‬
‫الله بن عمر وغيرهما تعلمنا اليمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا‬
‫(‪)2‬‬
‫وإنكم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون اليمان"‬

‫فإن سألت ‪ :‬ما اليمان الذي نتعلمه او ً‬


‫ل قبل الحكام ؟‬
‫لصحابه ‪ ،‬وهو أوائل ما نزل من‬ ‫فالجواب ‪ :‬هو أوائل ما َّ‬
‫علمه النبي‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫هو‬ ‫فاليمان الذي تكرر ذكره والتأكيد عليه في ابتداء دعوة المصطفى‬
‫ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫ة وأسما ًء وصفات ] ‪.‬‬
‫ة وألوهي ً‬
‫الول ‪ :‬اليمان بالله [ ربوبي ً‬
‫‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬اليمان برسوله‬
‫الثالث ‪ :‬اليمان بالبعث لليوم الخر ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬وكيف نتعلم هذا اليمان ؟‬
‫قيل ‪ :‬من طريقين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬بالتفكر في آيات الله المرئية ‪ ،‬وهذا له مح ٌّ‬
‫ل آخر غير هذه‬
‫الرسالة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬بالتفكر في أوائل ما نزل من اليات المتلوة ‪ ،‬التي غرست‬
‫اليمان كالجبال في قلوب أصحاب رسول الله ‪.‬‬

‫‪ )(1‬نفسه ‪.‬‬
‫‪)(2‬الفتاوى الكبرى ج ‪/1‬ص ‪.381‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪29‬‬

‫في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫وقد جمعهما الله في أوّل ما نَّزل على نبيه‬
‫ْ‬
‫ق (‪ )2‬اقَْرأ وََرب ُّ َ‬ ‫ن عَل َ‬ ‫خل َ‬ ‫خل َ‬ ‫َ َّ‬ ‫{اقْرأ ْ‬
‫ك‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫سا‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ك‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫رب‬
‫َ‬ ‫سم‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َ‬
‫م بِالقَلم ِ (‪ })4‬العلق ‪.‬‬ ‫م (‪ )3‬الذِي عَل َ‬ ‫الكَْر ُ‬
‫فجمع له بين القراءة باسم الله ‪ ،‬وبين التذكير بنعم الرب على‬
‫عباده ‪.‬‬

‫ت ‪ :‬قد قرأنا أوائل ما نزل بل وحفظناه‬


‫فإن قل َ‬
‫ولم نَر أثر ذلك في إيماننا ‪.‬‬
‫فالجواب ــ يا أخا القرآن ــ ‪ :‬أننا لم نأخذ القرآن كما‬
‫‪.‬‬ ‫أخذوه‬

‫فإن سألت ‪ :‬عن أخذهم للقرآن ؟‬


‫فأقول ‪ :‬اعلم ــ وفقك الله لهداه ــ‬
‫ل هو نبأٌ‬
‫م {قُ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ل رب العالمين ‪ ،‬وهو كتاب عظي ٌ‬ ‫أن القرآن تنزي ُ‬
‫قيل} (‪)5‬‬ ‫ك قَوْل ث َ ِ‬ ‫قي ع َلَي ْ َ‬
‫سنُل ْ ِ‬
‫ل {إِنَّا َ‬ ‫م} (‪ )67‬سورة ص ‪ ،‬وثقي ٌ‬ ‫عَظِي ٌ‬
‫سورة المزمل ‪ ،‬بل بلغ الغاية في العجاز وشدة التأثير {وَل َ ْ‬
‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن قُرآنا سيرت به ال ْجبا ُ َ‬ ‫َ‬
‫موْتَى} أي‬ ‫م بِهِ ال ْ َ‬‫ض أوْ كُل ِّ َ‬ ‫ت بِهِ الْر ُ‬ ‫ل أوْ قُط ِّعَ ْ‬ ‫أ َّ ْ ً ُ ِّ َ ْ ِ ِ ِ َ‬
‫لكان هذا القرآن قاله قتادة والفراء وابن قتيبة وابن عطية وابن كثير‬
‫سعدي وغيرهم(‪.)1‬‬ ‫وال َّ‬

‫وقد أدرك سلفنا الصالح هذه المسألة ‪ ،‬فهذا مالك يُسأل عن‬
‫مسألة فقال ‪ :‬ل أدري ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إنها مسألة خفيفة سهلة‪ ،‬فغضب‪،‬‬
‫وقال‪ :‬ليس في العلم شيء خفيف‪ ،‬ألم تسمع قوله جل ثناؤه‪{ :‬إِنَّا‬
‫سنُلْقِي عَلَي ْ َ‬
‫ك قَوْل ثَقِيل}‬ ‫َ‬
‫ولذا كانوا يأمرون بأن يُؤخذ القرآن كما نزل متدرجا ً ‪،‬‬
‫ويحذرون من ضده أشد التحذير ‪ ،‬لمور منها ‪:‬‬
‫‪)1‬لن ذلك ل يُستطاع أبدا ً لعظم القرآن وثقله كما‬
‫سبق ‪.‬‬
‫‪ )(1‬يُنظر ‪ :‬زاد المسير ج ‪/4‬ص ‪ ، 330‬المحرر الوجيز ج ‪/3‬ص ‪ ، 313‬تفسير ابن كثير‬
‫ج ‪/2‬ص ‪ ، 516‬تفسير السعدي ج ‪/1‬ص ‪ 418‬وغيرها ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪30‬‬

‫َ َ َ‬
‫ن كَفَُروا‬‫ل ال ّذِي َ‬ ‫‪)2‬ولن أخذه كما نزل يُثبت الفؤاد {وَقا‬
‫ت بِهِ‬ ‫حدَةً كَذَل ِ َ‬
‫ك لِنُثَب ِّ َ‬ ‫مل َ ً‬
‫ة وَا ِ‬ ‫ج ْ‬
‫ن ُ‬ ‫لَوْل نُّزِ َ‬
‫ل عَلَيْهِ الْقُْرآ ُ‬
‫ك وََرتَّلْنَاهُ تَْرتِيل} (‪ )32‬سورة الفرقان ‪.‬‬ ‫فُؤَاد َ َ‬
‫‪)3‬ولن أخذه متدرجا ً يُوط ِّن النفس على قبول ما يأتي‬
‫بعد اليات الول من الشرائع والحلل والحرام ‪ ،‬كما‬
‫أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين‬
‫قالت ‪:‬‬
‫” إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر‬
‫الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للسلم نزل الحلل‬
‫والحرام ‪ ،‬ولو نزل أول شيء ل تشربوا الخمر لقالوا ‪ :‬ل‬
‫ندع شرب الخمر ‪ ،‬ولو نزل أول شيء ‪ :‬ل تزنوا لقالوا ‪ :‬ل‬
‫مُّر ‪) (46‬‬ ‫هى َ‬ ‫ة أَدْ َ‬ ‫وال َّ‬
‫وأ َ‬
‫َ‬ ‫ع ُ‬
‫سا َ‬ ‫َ‬ ‫ندع الزنا ‪ ،‬وإنه أنزلت‬
‫القمر ‪ ،‬بمكة على رسول الله وإني جارية ألعب ‪ ،‬وما‬
‫نزلت سورة البقرة والنساء إل وأنا عنده" ‪.‬‬
‫وهذا الوصف منها لبيان أثر المنهج الذي تنّزل به القرآن من‬
‫أعظم ما يكون خطرا ً على من خالفه ولم يلتفت إليه ‪ ،‬فإن قولها‬
‫(ولو نزل أول شيء ل تشربوا الخمر لقالوا ‪ :‬ل ندع شرب الخمر ‪)...‬‬
‫مع نهي الله ورسوله ‪ ،‬فالمر هو‬ ‫بيان لحال صحابة رسول الله‬
‫الله والمبلغ رسول الله والمأمور أصحاب رسول الله ‪ ،‬ثم بعد‬
‫خولف ــ يكون الرد (ل ندع‬ ‫هذا ــ لو أن منهج التدرج في تنّزل القرآن ُ‬
‫شرب الخمر ‪ ،‬ل ندع الزنا) ‪.‬‬
‫فما بالك بجواب غيرهم من بقية المة حين يُقال لهم أول ً (ل‬
‫تشربوا الخمر ‪ ،‬ل تزنوا ‪ ،‬ل تفعلوا كذا وكذا ) ؛ الجواب نراه عيانا ً بياناً‬
‫‪ ،‬ولشك أن هذا‬ ‫في موقف المة من أوامر ربها وأوامر رسولها‬
‫ليس هو السبب الوحد ‪ ،‬لكنه سبب رئيس لبد من التفطن له ‪.‬‬

‫فإن قائل قائل ‪ :‬فما المنهج الذي تعلّم وعل ِّم أصحاب‬
‫رسول الله عليه القرآن ؟‬
‫فالجواب ‪ :‬هو البدء بالمفصل أول ً ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪31‬‬

‫وهو الذي ذكرته عائشة في الحديث السابق حين قالت ‪ ( :‬إنما‬


‫نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ) ‪.‬‬
‫ة أَدْهَى‬ ‫م وَال َّ‬
‫ساع َ ُ‬ ‫موْ ِ‬
‫عدُهُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ال َّ‬
‫ساع َ ُ‬ ‫وحين قالت ‪( :‬وإنه أنزلت ب َ ِ‬
‫مُّر‪ ) )46‬القمر ‪ ،‬بمكة على رسول الله وإني جارية ألعب ‪ ،‬وما‬ ‫َ‬
‫وَأ َ‬
‫نزلت سورة البقرة والنساء إل وأنا عنده ) ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫وهذا هو منهج الصحابة‬
‫ففي مصنف عبد الرزاق ‪ :‬أن عمر كان ل يأمر بنيه بتعليم القرآن ‪،‬‬
‫ويقول ‪ :‬إن كان أحد منكم متعلما ً فليتعلم من المفصل فإنه أيسر ‪.‬‬
‫‪1‬‬‫(‬ ‫(‬

‫وفي صحيح البخاري (باب تعليم الصبيان القرآن) ‪ :‬عن سعيد بن‬
‫جبير قال ‪ :‬إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم ‪ ،‬قال ‪ :‬وقال بن‬
‫‪،‬‬ ‫عباس رضي الله عنهما ‪ :‬جمعت المحكم في عهد رسول الله‬
‫فقلت له ‪ :‬وما المحكم ؟ قال ‪ :‬المفصل ‪.‬‬
‫وأنا ابن عشر سنين‬ ‫وقال رضي الله عنهما‪ :‬تُوفي رسول الله‬
‫وقد قرأت المحكم ‪. 2‬‬
‫(‬ ‫(‬

‫بدأ‬ ‫فابن عباس –رضي الله عنهما ‪-‬حين بدأ في زمن رسول الله‬
‫بالمفصل (المحكم)‬

‫فالبدء بالمفصل له ميزات عدّة منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪) 1‬أنه هو الذي يغرس اليمان في القلب كأمثال‬


‫الجبال ‪.‬‬
‫وهذا هو الذي أشارت إليه عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬في الحديث‬
‫( لقد نزل أول ما نزل سورة من المفصل‬ ‫السابق حين قالت ‪:‬‬
‫فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للسلم نزل الحلل‬
‫والحرام) ‪.‬‬

‫‪ )(1‬ج ‪/3‬ص ‪. 381‬‬


‫‪ )(2‬ج ‪/4‬ص ‪.1922‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪32‬‬

‫فسور المفصل هي التي تجعل القلب يثوب ويطمئن باليمان فإذا‬


‫جاء الحلل والحرام بعد ذلك كان السمع والطاعة لرب العالمين‬
‫ولرسوله المين ‪.‬‬
‫ي ل يغيب وهم صحابة رسول الله من‬ ‫وبين أيدينا شاهد ح ٌ‬
‫السابقين الولين حين زكّت نفوسهم هذه اليات العظيمة من هذا‬
‫الكتاب العظيم ‪ ،‬حتى أصبح اليمان في قلوبهم كالجبال الرواسي ‪.‬‬
‫وتأمل معي هذه السور التي هي من أوائل ما نزل من القرآن باتفاق أهل‬
‫التفسير ‪ ،‬تأملها سور ًة سورة ول تعجل ــ شرح الله صدرك بكتابه ــ ‪:‬‬

‫ّال ِذي َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪)1‬سورة { ْ ْ‬


‫ق}‬
‫خل َ‬ ‫سم ِ َر ِّبك‬
‫اقَرأ بِا ْ‬

‫ن}‬ ‫َي ْ ُ‬
‫سطُرو َ‬ ‫الق ََلم ِ َو َ‬
‫ما‬ ‫‪)2‬سورة {ن َو ْ‬

‫ْال ُ‬
‫مَّز ِّ‬
‫م ُ‬
‫ل}‬ ‫‪)3‬سورة {يَا أَ ُّي َها‬

‫ْال ُ‬
‫م َّد ِّث ُ‬
‫ر}‬ ‫‪)4‬سورة {يَا أَ ُّي َها‬

‫حى }‬ ‫{ َوال ُّ‬


‫ض َ‬ ‫‪)5‬سورة‬
‫َ‬
‫َو َت َّ‬
‫ب}‬ ‫ت يَ َدا أبِي َل َه ٍ‬
‫ب‬ ‫‪)6‬سورة {تَ َّب ْ‬

‫ك ُ ِّوَر ْ‬
‫ت}‬ ‫س‬ ‫‪)7‬سورة {إذَا ال َّ‬
‫م ُ‬
‫ش ْ‬ ‫ِ‬
‫الع َْلى }‬
‫َ‬ ‫م َر ِّب َ‬
‫ك‬ ‫س َ‬ ‫‪)8‬سورة { َ‬
‫س ِّبِح ا ْ‬
‫َّ‬
‫يَغْ َ‬
‫شى }‬ ‫ل إِذَا‬
‫الل ْي ِ‬‫‪)9‬سورة { َو‬

‫حا }‬
‫ض ْب ً‬
‫ت َ‬ ‫{ َو ْ‬
‫ال َعا ِديَا ِ‬ ‫‪)10‬سورة‬
‫َ‬
‫ال َّتكَا ُث ُ‬
‫ر}‬ ‫‪)11‬سورة {أ ْل َها ُك ُ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ن}‬
‫بِال ِّدي ِ‬ ‫ت ّال ِذي يُك َ ِّذ ُ‬
‫ب‬ ‫‪)12‬سورة {أَرأ ْي َ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪33‬‬

‫ة}‬
‫َارعَ ُ‬ ‫{ ْ‬
‫الق ِ‬ ‫‪)13‬سورة‬

‫وى }‬
‫َه َ‬ ‫‪)14‬سورة { َوال َّن ْ‬
‫جم ِ إِذَا‬

‫م بِيَ ْوم ْ‬ ‫ُ‬


‫م ِة} وغيرها ‪...‬‬
‫ال ِقيَا َ‬ ‫ِ‬ ‫‪)15‬سورة {ل أ ْق ِ‬
‫س ُ‬

‫فتأمل مالذي تغرسه هذه السور في القلب لو قرأناها وفهمناها كما يريده‬
‫الله منّا ؟‬
‫المر عظيم جليل ‪ ،‬فتدبر فيما نزلت ‪ ،‬وفقك الله لهداه ‪.‬‬

‫‪o‬ومما ينبغي التنبيه عليه في مثل هذا الموطن أن‬


‫حزب المفصل من كتاب الله جاء لتقرير ثلث‬
‫حقائق ‪:‬‬

‫‪) 1‬توحيد الله في ربوبيته وألوهيته ‪.‬‬

‫‪) 2‬إثبات البعث والدار الخرة ‪.‬‬

‫‪) 3‬المر بمكارم الخلق ‪.‬‬

‫وبيان هذا وذكر أدلته من الكتاب والسنة ثم من كلم أهل العلم ليس هذا‬
‫ّ‬
‫محله ‪ ،‬وإنما أردت الشارة إليه ‪ ،‬لعل قارئ المفصل يُفيد منه في حين‬
‫تدبره لهذا الحزب من القرآن ‪.‬‬

‫‪) 2‬أنه أيسر في الفهم لنه محكم ليس فيه‬


‫متشابه إل ما ندر ‪.‬‬
‫وقد سبق قول عمر ‪ :‬إن كان أحد منكم متعلما ً فليتعلم من‬
‫المفصل فإنه أيسر ‪.‬‬
‫‪ ،‬فقيل له‬ ‫وقول ابن عباس ‪ :‬جمعت المحكم في عهد رسول الله‬
‫‪ :‬وما المحكم ؟ قال ‪ :‬المفصل ‪ .‬فهو محكم ظاهر ‪ ،‬بخلف غيره من‬
‫القرآن ففيه متشابه ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪34‬‬

‫وأخرج الدارمي وغيره عن ابن مسعود قال ‪ :‬إن لكل شيء سناماً‬
‫وإن سنام القرآن سورة البقرة ‪ ،‬وإن لكل شيء لبابا ً وإن لباب‬
‫القرآن المفصل ‪.‬‬

‫ُ‬
‫سر ؟!‬ ‫سنام قبل ال ّلباب ال ُ‬
‫مي َّ‬ ‫أفيُبتغى الوصول لل ّ‬

‫المرحلة الخامسة ‪ :‬كيف نستفيد من كُتب‬


‫التفسير ؟‬
‫كتب التفسير المناسبة لهذا المستوى كثيرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪)1‬المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير‬
‫للمباركفوري ‪.‬‬
‫‪)2‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان‬
‫للعلمة ال َّ‬
‫سعدي ‪.‬‬
‫‪)3‬زبدة التفسير من تفسير فتح القدير لـ د‪ .‬محمد بن‬
‫سليمان الشقر ‪.‬‬
‫‪)4‬التفسير الوجيز لـ د‪ .‬وهبة الزحيلي ‪ ،‬ومعه أسباب‬
‫النزول ‪ ،‬وقواعد الترتيل ‪.‬‬
‫‪)5‬أيسر التفاسير لبي بكر الجزائري ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪35‬‬

‫‪o‬والذي أراه لعموم المسلمين أن‬


‫يجمعوا بين كتابين هما ‪:‬‬

‫‪‬المصباح المنير ‪ .‬وهو تفسير مختصر يعتني‬


‫بالثار ويرتبها ‪ ،‬وهو يفيد في بيان معنى الكلمة‬
‫عند السلف رضوان الله عليهم أجمعين ‪.‬‬
‫سر ؛ فزبدة التفسير‬
‫فإن كان المصباح المنير فيه عُ ُ‬
‫للشقر فيه نفع كبير ‪.‬‬
‫سعدي ‪ ،‬لنه‬ ‫‪‬تيسير الكريم الرحمن للعلمة ال َّ‬
‫يعتني بالمعاني العامة ‪ ،‬وبمسائل اليمان والتربية‬
‫ونحو ذلك ‪ ،‬ويُصّرِح بالعقيدة الصحيحة ‪ ،‬وينب ِّه‬
‫على مخالفة المخالفين لها ‪ ،‬وغير ذلك مما‬
‫يحتاجه عموم المسلمين ‪.‬‬

‫فيقرأ أول ً في (المصباح) أو (زبدة التفسير) فيأخذ معاني‬


‫الكلمات ‪ ،‬ثم في تفسير السعدي فيأخذ المعاني العامة ‪.‬‬
‫فإن شق على أحدٍ أن يجمع بين كتابين فعليه بكتاب (أيسر‬
‫التفاسير ) فإنه جمع بين بيان اللفظ والمعنى ‪ ،‬وإن كان دون ما‬
‫تقدم في التحرير لكنه مفيد ‪ ،‬وقد نفع الله به في مشارق الرض‬
‫ومغاربها ‪.‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪36‬‬

‫خـــاتمــــة‬
‫تتعلق بالعناية بتدوين أخبار وقَصص الئمة سلفا ً وخلفا ً مع‬
‫[ وهذا مع عظيم‬ ‫القرآن ‪ ،‬ثم الستشهاد بها في محل ِّها من التفسير ‪.‬‬
‫ملح التفسير ل من متينه ]‬
‫فائدته إل أنه من ُ‬

‫أختم هذه المراحل بلطيفةٍ مؤثرة في المتلقي اعتنى بها أهل‬


‫التفسير بالمأثور ‪ ،‬وهي ذكر ما يحضرهم من أخبار وقَصص العلماء‬
‫سرة في محل ِّها من‬ ‫والصالحين سلفا ً وخلفا ً المتعلقة بالية المف َّ‬
‫التفسير ‪ ،‬ل على سبيل الستقصاء وإنما متى خال له أن في ذلك‬
‫مبطل ‪ ،‬وإما تأثرا ً وخشية أو إناب ً‬
‫ة‬ ‫ق أو ردع ُ‬‫فائدة‪،‬إما في إحقاق ح ٍ‬
‫ة وتربية أو تفقها ً واستنباطا ونحو ذلك كثير ‪ ،‬ثم يذكرها‬ ‫وتوبة أو تزكي ً‬
‫مع الية التي وردت القصة فيها ‪.‬‬
‫وهذا النوع من البيان العملي له أثر ه البالغ في زيادة اليمان ‪،‬‬
‫وفي التهذيب والتربية ‪ ،‬وفي الجدال والقناع ونحو ذلك ‪ ،‬لذا أذكر‬
‫ت عليه في هذا المعنى ‪:‬‬ ‫بعضا ً مما وقف ُ‬
‫‪)1‬البقرة ‪:‬‬

‫•أخرج البيهقي في شعب اليمان عن ابن عمر قال ‪ :‬تعلم‬


‫عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا ً ‪.‬‬
‫مكث على‬ ‫وذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن ابن عمر‬
‫سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها ‪.‬‬
‫•وعن مجاهد ؛ أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل‬
‫عمران والخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما‬
‫وجلوسهما واحد سواء ؟‬
‫فقال ‪ :‬الذي قرأ البقرة وحدها أفضل ‪ ( .‬هذا في بيان فضل التدبر‬
‫على الكثار من القراءة)‬

‫‪)2‬سورة النساء ‪:‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪37‬‬

‫•ذكر شيخ السلم ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز في قوله‬


‫ث غَيْرِهِ إِنَّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ضوا ْ فِي َ‬
‫حدِي ٍ‬ ‫حتَّى ي َ ُ‬
‫خو ُ‬ ‫م َ‬ ‫تعالى {‪ ..‬فَل َ تَقْعُدُوا ْ َ‬
‫معَهُ ْ‬
‫م } (‪ )140‬سورة النساء‬ ‫مثْلُهُ ْ‬
‫إِذ ًا ِّ‬
‫قال شيــخ الســلم ‪ :‬وُرفــع إلى عمــر بــن عبــد العزيــز قوم يشربون‬
‫الخمـر وكان فيهـم جليـس لهـم صـائم فقال ‪ :‬ابدءوا بـه فـى الجلد ألم‬
‫م) (‪.)1‬‬ ‫تسمع الله يقول (فَل َ تَقْعُدُوا ْ َ‬
‫معَهُ ْ‬

‫‪)3‬سورة العراف ‪:‬‬


‫ضواْ‬ ‫•ذكر السيوطي في الدر المنثور عند قوله تعالى {أ َ َ‬
‫ن أفِي ُ‬ ‫ْ‬
‫ماء} (‪ )50‬العراف ‪ .‬قال عقيل بن شهر الرياحي ‪:‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عَلَيْنَا ِ‬
‫م َ‬
‫شرب عبد الله بن عمر ماء باردا ً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له ‪:‬‬
‫ن‬
‫م وَبَي ْ َ‬ ‫ل بَيْنَهُ ْ‬‫حي َ‬‫ما يبكيك ؟ قال ‪ :‬ذكرت آية في كتاب الله {وَ ِ‬
‫ن} (‪ )54‬سورة سبأ ‪ ،‬فعرفت أن أهل النار ل‬ ‫شتَهُو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬‫ضوا عَليْنَا ِ‬ ‫ن أفِي ُ‬ ‫{أ ْ‬ ‫يشتهون إل الماء البارد وقد قال الله‬
‫َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه} (‪.)2‬‬ ‫ما َرَزقَك ُ ُ‬ ‫م َّ‬‫ماء أوْ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬‫•ما ذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى { وَلُوطًا إِذ ْ قَا َ‬
‫ة ما سبقَكُم بها م َ‬ ‫َ ْ‬
‫ن}(‬ ‫مي َ‬ ‫من الْعَال َ ِ‬ ‫حد ٍ ِّ‬‫نأ َ‬ ‫َِ ِ ْ‬ ‫ش َ َ َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن الْفَا ِ‬‫مهِ أتَأتُو َ‬ ‫لِقَوْ ِ‬
‫‪ )80‬سورة العراف‬
‫قال ابـن كثيـر ‪ :‬قال الوليـد بـن عبـد الملك الخليفـة الموي بانـي‬
‫قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن‬ ‫جامع دمشق ‪ :‬لول أن الله‬
‫ذكرا ً يعلو ذكرا(‪. )3‬‬
‫‪)4‬سورة يوسف ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‬ ‫}‬ ‫ف‬ ‫سفَى عَلَى يُو ُ‬
‫س َ‬ ‫ل يَا أ َ‬ ‫•في قوله تعالى ‪{ :‬وَتَوَل ّى عَنْهُ ْ‬
‫م وَقَا َ‬
‫‪ )84‬يوسف ‪.‬‬

‫‪ )(1‬مجموع الفتاوى ج ‪/15‬ص ‪. 315‬‬


‫‪ )(2‬الدر المنثور ج ‪/3‬ص ‪.469‬‬
‫‪ )(3‬تفسير ابن كثير ج ‪/2‬ص ‪. 231‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪38‬‬

‫عن سعيد بن جبير قال ‪ :‬لقد أعطيت هذه المة عند المصيبة شيئا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫لم تعطه النبياء من قبلهم ــ يعني قوله تعالى {ال ّذِي َ‬
‫ن إِذ َا أ َ‬
‫صابَتْهُم‬
‫ن } (‪ )156‬سورة البقرة ــ قال ‪:‬‬ ‫ة قَالُوا ْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ َرا ِ‬
‫جعو َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫ُّ‬
‫م ِ‬
‫َ‬
‫ف} ‪.‬‬‫س َ‬‫سفَى عَلَى يُو ُ‬ ‫ولو أعطيها النبياء لعطيها يعقوب إذ يقول {يَا أ َ‬
‫•ومن جميل ما يُذكر ؛ أن الشيخ محمد رشيد رضا قد تُوفى عند‬
‫ن‬
‫م َ‬‫ب قَد ْ آتَيْتَنِي ِ‬‫‪-‬أواخر سورة ْ يوسف ‪-‬لقوله تعالى {َر ِّ‬ ‫تفسيره‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫ت وَالْر ِ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬‫ث فَاطَِر ال َّ‬ ‫حادِي ِ‬‫ل ال َ َ‬
‫من تَأوِي ِ‬ ‫ك وَعَل ّ ْ‬
‫متَنِي ِ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ال ْ ُ‬
‫حقْنِي‬ ‫ما وَأَل ْ ِ‬
‫سل ِ ً‬
‫َ‬
‫خَرةِ تَوَفّنِي ُ‬
‫م ْ‬ ‫ت وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَال ِ‬ ‫أن َ‬
‫َ‬
‫(‪ )101‬يوسف ‪.‬‬ ‫ن}‬ ‫حي َ‬
‫صال ِ ِ‬‫بِال َّ‬

‫‪)5‬سورة النحل ‪:‬‬

‫مُر‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫•ما ذكره البغوي في تفسيره عند قوله تعالى { إ ِ َّ‬
‫ه يَأ ُ‬
‫َ‬
‫شاء‬ ‫ن ال ْ َف ْ‬
‫ح َ‬ ‫ى وَيَنْهَى ع َ ِ‬ ‫ن وَإِيتَاء ذِي الْقُْرب َ‬ ‫ِ‬ ‫سا‬
‫ح َ‬‫ل وَال ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫بِالْعَد ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن }(‪ )90‬النحل‬ ‫م تَذ َك ُّرو َ‬‫م لَعَل ّك ُ ْ‬
‫ي يَعِظُك ُ ْ‬
‫منكَرِ وَالْبَغْ ِ‬ ‫وَال ْ ُ‬
‫قرأ على الوليد بن‬ ‫قال البغوي ‪ :‬وعن عكرمة ‪ :‬أن النبي‬
‫ن الل ّ ْ‬
‫مُر بِالْعَد ْ ِ‬
‫ل ‪ } ...‬الية ‪ ،‬فقال له ‪ :‬يا‬ ‫ه يَأ ُ‬
‫َ‬ ‫المغيرة قول الله ‪ { :‬إ ِ َّ‬
‫ابن أخي أعد ‪ ،‬فعاد عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن له والله لحلوة ‪ ،‬وإن عليه‬
‫لطلوة ‪ ،‬وإن أعله لمثمر ‪ ،‬وإن أسفله لمغدق ‪ ،‬وما هو بقول‬
‫البشر(‪.)1‬‬

‫‪)6‬سورة المؤمنون ‪:‬‬

‫•عن يونس البلخي قال ‪ :‬كان إبراهيم بن أدهم من الشراف ‪،‬‬


‫وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب ‪ ،‬فبينا إبراهيم في‬
‫ضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم‬ ‫الصيد على فرسه يُركِّ ُ‬
‫م إِلَيْنَا ل‬ ‫َ‬ ‫ما هذا العبث {أَفَحسبت َ‬
‫م ع َبَثًا وَأنَّك ُ ْ‬
‫خلَقْنَاك ُ ْ‬ ‫م أن َّ َ‬
‫ما َ‬ ‫َ ِ ُْ ْ‬
‫ن} (‪ )115‬المؤمنون ‪ ،‬اتق الله ‪ ،‬عليك بالزاد ليوم‬ ‫جعُو َ‬
‫تُْر َ‬
‫(‪)2‬‬
‫الفاقة ‪ ،‬فنزل عن دابته وأخذ في عمل الخرة ‪.‬‬

‫‪ )(1‬البغوي ج ‪/3‬ص ‪. 82‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪39‬‬

‫•في الطبقات لبن سعد (‪ )7/164‬وغيره عن الحسن البصري قال‬


‫‪ :‬إن الحجاج من عذاب الله ‪ ،‬فل تدفعوا عذاب الله بسيوفكم ‪،‬‬
‫ولكن عليكم بالستكانة والتضرع ‪ ،‬فإنه تعالى يقول {وَلَقَدْ‬
‫ن}(‪)76‬‬ ‫ضَّرعُو َ‬ ‫ستَكَانُوا لَِربِّهِ ْ‬
‫م وَ َ‬
‫ما يَت َ َ‬ ‫ب فَ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫أَ َ‬
‫خذ ْنَاهُم بِالْعَذ َا ِ‬
‫المؤمنون‪.‬‬

‫‪)7‬سورة العنكبوت ‪:‬‬

‫•قال ميمون بن مهران ‪ :‬ما أتى قوم في ناديهم المنكر إل حق‬


‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل وَتَقْط َ ُعو َ‬ ‫م لَتَأتُو َ‬
‫هلكهم ‪ .‬يشير إلى قوله ‪{ :‬أئِنَّك ُ ْ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ن‬ ‫جا َ‬‫ن الّرِ َ‬
‫منكََر (‪ )29‬ــ إلى قوله تعالى ــ إِنَّا‬ ‫ْ‬
‫م ال ْ ُ‬
‫ن فِي نَادِيك ُ ُ‬ ‫ل َوتَأتُو َ‬ ‫ال َّ‬
‫سبِي َ‬
‫َ‬
‫ن(‬
‫سقُو َ‬ ‫ما كَانُوا ي َ ْف ُ‬ ‫ماء ب ِ َ‬ ‫ن ال َّ‬
‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫جًزا ِّ‬‫ل هَذِهِ الْقَْريَةِ رِ ْ‬‫ن ع َلَى أهْ ِ‬ ‫منزِلُو َ‬‫ُ‬
‫سورة العنكبوت ‪ ،‬مع الحديث المتفق على صحته‬ ‫‪})34‬‬
‫(كل أمتي معافى إل المجاهرين) ‪.‬‬

‫‪)8‬سورة يس ‪:‬‬

‫في البداية والنهاية لبن كثير ‪ :‬أن ميمون بن مهران قرأ قوله تعالى‬
‫{وامتازوا الْيو َ‬
‫ن} (‪ )59‬يــس ‪ ،‬فبكى طويل ً ثم قال ‪:‬‬ ‫مو َ‬
‫جرِ ُ‬ ‫م أيُّهَا ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫ما سمع الخلئق بنعت قط أشد َّ منه ‪.‬‬

‫‪)9‬سورة الزمر ‪:‬‬

‫ن الن َّ ِ‬
‫ار‬ ‫م َ‬ ‫م ظُل َ ٌ‬
‫ل ِّ‬ ‫من فَوْقِهِ ْ‬ ‫•كان الضحاك إذا تل قوله تعالى {لَهُم ِّ‬
‫َ‬
‫ن} (‬ ‫عبَادِ فَاتَّقُو ِ‬‫عبَادَهُ يَا ِ‬ ‫ه بِهِ ِ‬‫ف الل ّ ُ‬
‫خوِّ ُ‬
‫ك يُ َ‬ ‫م ظُل َ ٌ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫حتِهِ ْ‬
‫من ت َ ْ‬
‫وَ ِ‬
‫سحر ‪.‬‬ ‫‪ )16‬سورة الزمر ‪ ،‬رددها إلى ال َّ‬

‫‪ )(2‬القصة مشهورة وهي في مسند إبراهيم بن أدهم ج ‪/1‬ص ‪ ، 18‬وسير أعلم‬


‫النبلء ج ‪/7‬ص ‪ 388‬وغيرهما ‪.‬‬
‫‪ )(1‬البداية والنهاية ج ‪/9‬ص ‪.318‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪40‬‬

‫‪)10‬سورة الجاثية ‪:‬‬

‫•أخرج ابن المبارك وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي‬


‫الضحى قال ‪ :‬قرأ تميم الداري رضي الله عنه سورة الجاثية‬
‫َ‬
‫ت أّن‬ ‫حوا ال َّ‬
‫سيِّئَا ِ‬ ‫جتََر ُ‬
‫نا ْ‬‫ب ال ّذِي َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬‫م َ‬
‫ً‬
‫فلما أتى على هذه {أ ْ‬
‫ملُوا ال َّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ماتُهُ ْ‬ ‫حيَاهُم وَ َ‬
‫م َ‬ ‫سوَاء َّ‬
‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬‫صال ِ َ‬ ‫منُوا وَع َ ِ‬
‫نآ َ‬‫م كَال ّذِي َ‬ ‫جعَلَهُ ْ‬
‫ن َّ ْ‬
‫ن} (‪ )21‬سورة الجاثية ‪ ،‬فلم يزل يكررها ويبكي‬ ‫مو َ‬‫حك ُ ُ‬‫ما ي َ ْ‬‫ساء َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫حتى أصبح وهو عند المقام ‪.‬‬

‫‪)11‬سورة الطور ‪:‬‬

‫ك‬‫ب َرب ِّ َ‬‫ن عَذ َا َ‬‫• ذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى {إ ِ َّ‬
‫لَوَاقِعٌ} (‪ )7‬الطور ‪ :‬أن عمر خرج يعس المدينة ذات ليلة‬
‫فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي فوقف‬
‫ُ‬
‫ك لَوَاقِعٌ (‬ ‫ب َرب ِّ َ‬
‫ن عَذ َا َ‬ ‫يستمع قراءته فقرأ {وَالط ّ ِ‬
‫ور} حتى بلغ {إ ِ َّ‬
‫من دَافٍِع (‪ })8‬قال ‪ :‬قسم ورب الكعبة حق ‪ .‬فنزل‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫‪َ )7‬‬
‫عن حماره وأستند إلى حائط فمكث مليا ً ثم رجع إلى منزله‬
‫فمكث شهرا يعوده الناس ل يدرون ما مرضه رضي الله عنه ‪.‬‬

‫ما ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ك لَوَاقِعٌ (‪َ )7‬‬
‫ب َرب ِّ َ‬ ‫• وعن الحسن أن عمر قرأ {إ ِ َّ‬
‫ن عَذ َا َ‬
‫من دَافٍِع (‪ })8‬فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوما ً (‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫• وعن عبادة بن حمزة قال دخلت على أسماء وهي تقرأ‬
‫َ َ َ‬
‫مومِ } (‪ )27‬سورة الطور ‪،‬‬
‫س ُ‬ ‫ه عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذ َا َ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫م ّ‬
‫{ف َ‬
‫فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال علي ذلك ‪ ،‬فذهبت‬
‫إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها ‪.‬‬

‫•وفي تاريخ بغداد ‪ :‬قال زائدة ‪ :‬صليت مع أبي حنيفة في‬


‫مسجده عشاء الخرة وخرج الناس ولم يعلم أني في المسجد‬
‫‪ )(1‬ج ‪/13‬ص ‪.357‬‬
‫‪ )(2‬ج ‪/4‬ص ‪. 241‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪41‬‬

‫وأردت أن أسأله عن مسألة من حيث ل يراني أحد قال فقام‬


‫َ َ َ‬
‫ه ع َلَيْنَا‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫فقرأ وقد افتتح الصلة حتى بلغ إلى هذه الية {ف َ‬
‫م ّ‬
‫موم } (‪ )27‬الطور ‪ ،‬فأقمت في المسجد أنتظر‬ ‫ب ال َّ‬
‫س ُ ِ‬ ‫وَوَقَانَا عَذ َا َ‬
‫فراغه فلم يزل يرددها حتى أذن المؤذن لصلة الفجر (‪.)1‬‬

‫•وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال ‪ :‬سمعت النبي‬


‫َ‬
‫ن غَي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫م ْ‬
‫خلِقُوا ِ‬‫م ُ‬‫يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الية {أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض بَل ل‬ ‫َ‬ ‫خلَقُوا ال َّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ت وَالْر َ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ن (‪ )35‬أ ْ‬ ‫خالِقُو َ‬ ‫م هُ ُ‬
‫يءٍ أ ْ‬ ‫ش ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪،})37‬‬ ‫صيْطُِرو َ‬ ‫م َ‬‫م ال ْ ُ‬
‫م هُ ُ‬‫كأ ْ‬‫ن َرب ِّ َ‬‫خَزائ ِ ُ‬
‫م َ‬‫عندَهُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ن (‪ )36‬أ ْ‬ ‫يُوقِنُو َ‬
‫كاد قلبي أن يطير ‪.‬‬

‫‪)12‬سورة القمر ‪:‬‬

‫•قال القاسم بن معين ‪ :‬قام أبو حنيفة ليلة بهذه الية {ب َ ِ‬


‫ل‬
‫مُّر } (‪ )46‬سورة القمر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ساعَ ُ َ‬ ‫م وَال َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ة أدْهَى وَأ َ‬ ‫عدُهُ ْ‬
‫موْ ِ‬
‫ة َ‬
‫ساعَ ُ‬
‫يرددها ويبكي ويتضرع(‪.)2‬‬
‫•ومما ذكره ابن كثير عن وفاة شيخ السلم ابن تيمية قال ‪... :‬‬
‫وأخبر الحاضرين أخوه زين الدين عبد الرحمن أنه قرأ هو‬
‫والشيخ منذ دخل القلعة ثمانين ختمة ‪ ،‬وشرعا في الحادية‬
‫والثمانين فانتهينا فيها إلى آخر اقتربت الساعة عند قوله تعالى‬
‫ك‬‫ملِي ٍ‬
‫عند َ َ‬
‫ق ِ‬
‫صد ْ ٍ‬ ‫جنَّا ٍ‬
‫ت وَنَهَرٍ (‪ )54‬فِي َ‬
‫مقْعَدِ ِ‬ ‫متَّقِي َ‬
‫ن فِي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫{إ ِ َّ‬
‫مقْتَد ِ ٍر} (‪ )55‬سورة القمر ‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫‪)13‬سورة الحديد ‪:‬‬

‫•قال الفضل بن موسى ‪ :‬كان الفضيل بن عياض شاطرا ً يقطع‬


‫الطريق ‪ ،‬وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ع‬ ‫منُوا أَن ت َ ْ‬
‫خ َ‬
‫ش َ‬ ‫ن لِل ّذِي َ‬
‫نآ َ‬ ‫م يَأ ِ‬
‫َ‬
‫الجدران إليها سمع رجل ً يتلو {أل َ ْ‬

‫‪ )(1‬ج ‪/13‬ص ‪.357‬‬


‫‪ )(2‬ج ‪/13‬ص ‪.357‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪42‬‬

‫َ‬
‫ق} (‪ )16‬الحديد ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫م لِذِكْرِ الل ّهِ وَ َ‬
‫ما نََز َ‬ ‫قُلُوبُهُ ْ‬
‫خرِبة ‪ ،‬فإذا فيها رفقة‬‫رب قد آن ‪ ،‬فرجع ‪ ،‬فأواه الليل إلى َ‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬نرتحل ‪ ،‬وقال قوم ‪ :‬حتى نصبح فإن فضيلً‬
‫على الطريق يقطع علينا ‪ ،‬فتاب الفضيل وأ َّ‬
‫منهم ‪ ،‬وجاور‬
‫بالحرم حتى مات(‪.)1‬‬

‫‪)14‬سورة المزمل ‪:‬‬


‫سئل مالك عن مسألة فقال ‪ :‬ل أدري‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إنها مسألة‬ ‫• ُ‬
‫خفيفة سهلة‪ ،‬فغضب وقال ‪ :‬ليس في العلم شيء خفيف‪،‬‬
‫سنُلْقِي ع َلَي ْ َ‬
‫ك قَوْل ثَقِيل} ‪.‬‬ ‫ألم تسمع قوله الله {إِنَّا َ‬
‫‪)15‬سورة الزلزلة ‪:‬‬

‫•قال محمد بن كعب المام الرباني ‪ :‬لن أقرأ {إِذ َا ُزلْزِل َ ِ‬


‫ت‬
‫ة} ‪ ،‬أرددهما وأتفكر أحب إلي من‬ ‫ض زِلَْزالَهَا} ‪ ،‬و{الْقَارِع َ ُ‬ ‫َ‬
‫الْر ُ‬
‫أن أهُذ ّ القرآن ‪.‬‬
‫•وحين نزلت إذا زلزلت الرض زلزالها وأبو بكر الصديق قاعد‬
‫فبكى حين أنزلت فقيل له ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال ‪ :‬يبكيني هذه‬
‫(‪)2‬‬
‫السورة‬
‫•وعن إبراهيم التيمي قال ‪ :‬أدركت سبعين من أصحاب ابن‬
‫مسعود أصغرهم الحارث بن سويد فسمعته يقرأ ‪{ :‬إِذ َا ُزلْزِل َ ِ‬
‫ت‬
‫َ‬
‫ل ذََّرةٍ َ‬
‫خيًْرا‬ ‫مثْقَا َ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫من يَعْ َ‬‫ض زِلَْزالَهَا} حتى بلغ إلى {فَ َ‬
‫الْر ُ‬
‫يََرهُ} ‪ ،‬قال ‪ :‬إن هذا إحصاء شديد ‪.‬‬
‫•وقال يزيد بن الكميت ‪ :‬قرأ بنا علي بن الحسين المؤذن في‬
‫ت} وأبوحنيفة خلفه فلما قضى الصلة‬‫عشاء الخرة {إِذ َا ُزلْزِل َ ِ‬
‫وخرج الناس نظرت إلى أبي حنيفة وهو جالس يفكر‬
‫ويتنفس ‪ ،‬فقلت ‪ :‬أقوم ل يشتغل قلبه بي ‪ ،‬فجئت وقد طلع‬
‫الفجر وهو قائم قد أخذ بلحية نفسه وهو يقول ‪ :‬يا من يجزئ‬
‫بمثقال ذرة خير خيرا ويا من يجزئ بمثقال ذرة شر شرا أجر‬

‫‪ )(1‬القصة مشهورة ‪ ،‬وهي بهذا السياق في تاريخ السلم ج ‪/12‬ص ‪. 334‬‬


‫‪ )(2‬تفسير الطبري ج ‪/30‬ص ‪.270‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪43‬‬

‫النعمان عبدك من النار وما يقرب منها من السوء وأدخله في‬


‫سعة رحمتك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فأذنت فإذا القنديل يزهر وهو قائم ‪ ،‬فلما دخلت ‪ ،‬قال ‪ :‬تريد‬
‫أن تأخذ القنديل ‪ ،‬قلت ‪ :‬قد أذنت لصلة الغداة ‪ ،‬قال اكتم على ما‬
‫(‪)1‬‬
‫رأيت ‪.‬‬

‫‪)16‬سورة التكاثر ‪:‬‬

‫•قال رجل لبن المبارك ‪ :‬قرأت البارحة القرآن في ركعة ‪،‬‬


‫َ‬
‫فقال ‪ :‬لكني اعرف رجل لم يزل البارحة يقرأ {ألْهَاك ُ ُ‬
‫م‬
‫التَّكَاثُُر} إلى الصبح ما قدر أن يجاوزها ‪ ،‬يعني نفسه(‪.)2‬‬

‫ختـامــا ً ؛‬
‫أن يرزقنا جميعا ًً الفقه في دينه ‪ ،‬وأن يعلمنا تأويل‬ ‫أسأل الله‬
‫كتابه ‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في‬
‫كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك‬
‫أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلء أحزاننا‬
‫وذهاب همومنا ‪.‬‬
‫اللهم اجعل لنا من كتابك العظيم في قلوبنا نورا وفي أسماعنا نورا‬
‫وفي أبصارنا نورا وفي ألسنتنا نورا واجعل لنا منه نورا يا نور‬
‫السموات والرض ‪..‬‬

‫‪ )(1‬ج ‪/13‬ص ‪.357‬‬


‫‪ )(2‬تاريخ مدينة دمشق ‪ :‬ج ‪/32‬ص ‪.435‬‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬
‫فن التدبر‬
‫‪44‬‬

‫سينا وارزقنا تلوته آناء‬


‫اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما ن ُ ِّ‬
‫الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬فأسأل الله العفو‬ ‫هذا ما تيسرت كتابته على ع ُجالة من المر‬
‫خرا ً أفرح بها حين ألقاه ‪،‬‬
‫الغفور أن يتقبلها بقبول حسن ‪ ،‬وأن يجعلها ذ ُ ْ‬
‫وبهذا تنتهي رسالة " فن التدبـر " ‪ ،‬وصلى الله وسلّم على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وزوجاته ‪ ،‬وعلى التابعين ‪ ،‬ومن اقتفى أثرهم إلى يوم‬

‫الدين ‪.‬‬

‫بحمد الله في ليلة الثلثاء الثامن عشر من شهر رجب المحرم لعام‬ ‫‪)(1‬‬
‫ف وأربعمائة وستة وعشرين للهجرة ‪.‬‬ ‫أل ٍ‬

‫تم رفع هذه المادة على النترنت بواسطة موقع حلقات ‪www.halqat.com‬‬

You might also like