Professional Documents
Culture Documents
وصناعة النسان
صفحة الردمك
بسم ال الرحمن الرحيم
خالية
مقدمة
5
المقدمة
ذلك كله بين يدي العلم اليقين ،والوعد المكين ممن خلق هذا العالم ،
ويدبر شؤونه صباح مساء سبحانه كل يوم هو فمي شمأن ،وهمو وعمد
ِذي
َن َل م
ُّه ا َل
َّد ال َع َوصريح ل يقبل التأويل ول النقاش يقول ال تعالى } :
َفَل
ْخ َتْسمم َممما ا كَ ِض ْرِفي ال
َ ْم َن
ُهَف
ّ ِلْخَتْسَيَلِت ِل
َحاَصاُلوا ال
ّ ِمَعَو ْمُك ْنِمُنواَمَآ
ِ ِ
ِممم
ْن ْم ُهَن
َّلّدَبممُيَل
َوْمُهَل َضى َت ِذي ا
ْر َل
ُّم اُه ِدي
َن ْم
ُه َن
َلَّن
ّك
َمُيَل
َو ْم ِل
ِه ْب
َق ْن ِمَن ِذيَل
ّا
َكِلممَذ َدْعمم َر ب
َ َفك
َ ْنَم َوًئا
ْيَشَن بي كو ُ ِر ْشُيِني لُدون
َ ْعب
ُ َي
ًناْمْم أ
َ ِه ِف ْو
خ
َ ِدْعب
َ
َن{ ] سورة النور -الية ،[ 55 :والوعد ليس لي أحد إنما ِس
ُقوَفا
ْل
ُم ا
ُهِئ
َك ُأو
َل ف
َ
فقط للذين آمنوا وعملوا الصممالحات ،وهممل نظممن أن )آمنمموا وعملمموا
الصالحات( تأتي بالماني والحلم أو أن الطريق إليها هو الجد والعمل
وهو متحقق بالحفظ التربوي للقرآن فهو الطريممق السممريع والقمموي
لتحصيل )آمنوا وعملوا الصالحات( وهو الثمن الذي من دفعممه نممال ممما
يريد من العزة والتمكين على مستوى الفرد والمجتمع .
ومن أجل توضيح هذه المسألة وضعت بيمن يمديك أخممي المسملم -
أينما كنت -هذه الوراق والتي سميتها ) :الحفممظ الممتربوي للقممرآن
وصناعة النسان (
هذا الكتاب يعتبر امتدادا لكتاب مفاتح تممدبر القممرآن والنجمماح فممي
الحياة فهو حلقة في هممذه السلسمملة الممتي تممبين وتوضممح لكممل مسمملم
ومسلمة كيفية تحقيق النجاح الشامل في الحياة الممدنيا وفممي الخممرة
مقدمة
7
وكتبه /
البريممممممممد اللكممممممممتروني
lahim@quranlife.com
الحفظ 8
التربوي للقرآن وصناعة النسـان
وأما الركن الثالث فهو الهممدف والغايممة مممن إنممزال هممذا الكتمماب
العظيم ،وكان بيانه في المبحث الخامس.
إن من يتربى على الحفظ التربوي بهذه الركان الثلثممة يتحقممق
ِإ
َن
ّفيه ما وصف ال تعممالى فممي كتممابه المممبين فممي قمموله تعممالى } :
ِت َتمماِنَقاْل
َوا َنِتيِنَقمماْلَوا ِت َنمماِم ْؤُم ْل
َوا َنِنيِمْؤ
ُمم ْلَوا ِت َماِلْسم ُمْل
َوا ِمي
َن ِلْسم ُمْل
ا
ِت َعاِشم خا
َ ْل
َوا َن ِعي ِشم خا
َ ْلَوا ِت َراِب َصا
ّ َوال َن ِب
ِري َصاّ َوال ِت َقاِدَصا َّوال ِقي
َن ِدَصا َّوال
ِ ِ
ْمُه َج ُرو ُ
َن ف ِ ِ
َحافظي ْلَوا ِ
َمات ِ
َصائ َوال َن ِِ
َصائمي َوال ِ
َقات ّد َص َتُمْلَوا َن ِ
ّدقيَص َتُمْل
َوا
ّ ّ
ًة
َر ِف مْغَم
ّ ُهمممَل ُهَل م
َّد الَّعِت أ
َ َراك ِ َذا
َّوال ًراِثيكَ َهَل
َّن الِري كِ َذا
َّوال ِتَظا ِفَحا ْل
َوا
ًما{ ]سورة الحزاب ) ، [(35وأي نقص في حصول ما جمماء ذكممره ِظيَع ًرا ْجَوأ
َ
في هذه الية فسببه قصور في تطبيق هذه الركان الثلثة.
فل يستطيع الوصول إلى ما وصل إليه الول ،ممما الفممرق ولممماذا ؟ ) (
1
الفرق في الروح التي تسري مممن المتكلممم إلممى المسممتمع فتبعممث فممي
كلماته الحياة ومن أجل ذلك كانت قراءة النبي صلى ال عليه وسمملم
للقرآن تحدث الثر العظيم حتى في نفوس الكفار مما يجممبرهم علممى
العتراف بهذا الثر ،ولهذا السبب فإن الناس يختلف تأثيرهم بممالقرآن
قراءة وتربية ووعظا ورقية ،فمنهم قموي التمأثير ومنهمم دون ذلمك،
ومرجع ذلك كله إلى مقدار حياة مفردات القرآن في نفس القارئ .
الصور في عصرنا الحاضر قد تطورت بشكل ملحوظ وواسع لكممن
تبقى الكلمات هي سيدة الموقف والمتفوقة في هذا التخصص ولممك أن
تقارن بين ثلث لوحات إعلن الولى احتوت كلمممات فقممط ،والثانيممة
صورا فقط ،والثالثة كلمات وصور ،أيها أقوى أثرا؟ فيممما أحسممب أن
الثالثة أقوى ،ثم الولى ،ثم الثانية ،وسر قوة الثالثة نابع من الكلمممات،
ولعل المتأمل في منهج شركات الدعايممة والعلن يلحممظ باسممتمرار
يتردد في أوساط الدورات نظرية نقلها البعض من الغرب مفادها :أنه في كل اتصال فإن نسبة أثر
()1
الكلمات :سبعة بالمائة ،ونبرة الصوت :ثمان وثلثين بالمائة ،ولغة الجسد :خمس وخمسين بالمائة وهذا
غير صحيح بل مدار المر على حياة الكلمات في نفس المتحدث ،وحياة الكلمات هي التي تصنع نبرة
الصوت وهي التي تصنع لغة الجسد ،أما من يتكلف نبرة الصوت ولغة الجسد دون حياة الكلمات فلن يجد
إذا نحن أمام قضية تربوية كممبرى والممتي يمكممن تسممميتها بممممم:
)التربية بالنصوص(.
ماذا نقصد بالنصوص؟
المقصود بها نصوص القرآن والسنة وما يتصل بها
النصوص مكونة من كلمات وألفاظ ،وهممي الحممروف المرئيممة أو
المسموعة ،وكل كلمة لها معنى أو أكثر ،والمعنى هو كل ممما يممدل
عليه اللفظ من أمور معهودة في الذهن .
ولنضرب مثال على تفاوت الناس حين سماعهم لكلمة معينة بسبب
تاريخهم الذهني لها وسجلها العلمي لديهم :
مثل كلمة )مكة( يسمعها مجموعة من الشخاص :
أما قولهم المر ما ترى ل ما تسمع ،فالسبب هو عجز المتكلم عن الوصف بسبب ضعفه اللغوي.
()1
المبحث الثاني :صناعة النسان
17
لماذا بعض الناس حين يسمع كلمة تولد عنده الرعب أو الحزن أو
الفرح أو النشاط أو تصنع البتسامة على شفتيه ،بينممما ل يحممدث هممذا
الثر عند آخر مجاور له في المجلس؟
لماذا بعض الناس يسمع آيات القرآن فتسري الكهربمماء فممي جسمممه
ويحصل له التأثر العظيم ويبكي وآخر بجواره يسمع اليات نفسممها ل
تحرك له ساكنا ؟
هذا هو السؤال الكبير الذي نبحث عن جوابه ومتى وجدناه وفهمناه
أمكننا بإذن ال تعالى النجاح في صناعة النسان .
هذا هو مدار التربية وعلم النفس فمتى وقفنا على هذا السر أمكننا
بإذن ال تعالى فهم تركيبة النسان وتفسممير سمملوكه وبالتممالي علج
مشكلته بل صناعته صناعة صحيحة.
العالم اليوم بأمس الحاجة إلى إتقان صناعة النسان ،وأقرب طريق
إلى تحقيق هذا المر هو الحفظ التربوي للقرآن والسنة ،فهو الطريق
إلى صناعة النسان وتشكيله وصياغته وتغييره .
إن اللفاظ يحصل لها تشويه أو تفريغ ،فالتفريغ أن تفقد معناهمما
فيسمعها السامع ول تعني له أي شيء وأما التشويه فقد يكممون بتغييممر
معناها والتلعب بدللتها.
المبحث الثاني :صناعة النسان
19
نجد النبي صمملى الم عليممه وسمملم حيممن وصممف الخمموارج ذكممر
اجتهادهم في الصيام والصلة ولما جاء للمر المهم الذي عليممه مممدار
َن
ُءو
َرْق م
َي
صناعة النسان وهو صناعة الكلمات أكد فشلهم فيه فقممال) :
ْم( وفي لفظ حناجرهم ،أي قد اقتصروا علممى ُهِق
َيَرا
َتِو
ُزَجا
ُي
َن لْرآ
ُق
ْل
ا
الحفظ اللفظي للقرآن دون الحفظ التربوي .
بعض الناس يقصر معنى )تعاهدوا هذا القممرآن( علممى اللفممظ دون
المعنى ،والصحيح العموم ولو كان مجال لقصره علممى أحممدهما لكممان
قصره على المعنى أولى وأحرى.
اللفظ هو الجسر الموصل إلى المعنى ،والمعنممى هممو روح اللفممظ
وحياته فالنسبة بينهما كالنسبة بين جسد النسان وروحه
ويقابل هؤلء طائفة أخرى ترى أنه يمكممن تحصمميل المعمماني دون
حفظ اللفاظ وهو مفهوم قاصر كسممابقه ،والصممحيح أنممه لبممد مممن
الثنين معا مضافا إليهما العمل.
إن إحياء النصوص يكون بحفظ ألفاظهمما وحفممظ معانيهمما فحفممظ
اللفاظ دون حفظ المعاني الحية يجعل النصوص ميتة ل حراك فيها
إنه بقدر رصيدك من الكلمات الحية وبقدر حياة كل منها يتحممدد
مستواك وتكون منزلتك ،فمثل أحمد رصيده من المفردات الحية ألف
كلمة ،وخالد رصيده مئتان ،فأحمد أفضل من خالممد ،وإذا أراد خالممد
20
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
أن يسبق أحمد ويكون أعلى منه فعليه أن يسعى حثيثا في زيادة رصمميد
مفرداته اللغوية الحية وليعلم أن المر يحتاج إلى جد واجتهاد .
هل أستطيع أن أعممرف رصمميدي مممن المفممردات اللغويممة الحيممة ؟
وكيف ذلك؟
نعم يمكنك ذلك والطريقة سهلة وهي أن تقوم بقممراءة النصمموص
التى ترى أنها حية ،فكل كلمممة تحممس لهمما فممي نفسممك عمقمما ووعيمما
وإدراكا يتعدى حدود الحروف ويجبرك على الوقمموف عنممدها طممويل
فهي حية وإل فل.
هل يكفي إحياء الكلمة مرة واحدة ؟
الجواب :ما قمت بإحيائه من الكلمات عليك المحافظمة علمى حيماته
ليستمر عطاؤه أما إن منعت عنه الطعام والشراب والحركممة فسمميموت
بكل تأكيد.
إذا باختصار النسان معجم لغوي وبقدر ما يحتوي هذا المعجم من
مفردات حية تكون قيمته.
لقد حان الوقت أن تقف وتفتش وتقمموم بجممرد مخزونممك اللغمموي
وتفقد محتوياته وتقييمها كم المفردات الموجودة فيممه ؟ وممما نسممبة
حياة كل منها؟
إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب .
المبحث الثاني :صناعة النسان
21
إنه كلمات القرآن الكريم ،فالذي يحيينما همو همذه الكلممات همذه
المفردات لكن ليممس بألفاظهمما وحروفهمما فحسممب بممل هنمماك ممما وراء
اللفاظ وهو روحها أي المعاني التي تفيض بها ،ولهذا فإن ال يحممذر
عباده من سلب الروح من تلك اللفاظ فيحول بين المرء وقلبه ،اللفظ
أمامه لكنه ل يحرك فيه ساكنا بينما شخص آخر بجممواره يسمممع ذات
اللفاظ فتسري القشعريرة في بدنه وتفيض عينه بالدمع.
إن روح اللفاظ بيد ال تعالى يرسلها متى شاء ويمسكها متى شمماء
بحكمته وتدبيره
هل لتحصيل هذه الروح وهذه الحياة أسباب ؟
الجواب :الطريق إلى تحصيل حياة النصوص هو الحفممظ الممتربوي
بأركانه الثلثة .
ول يفهم أحد مما سبق أني أدعو إلى تفكيك الجمممل والتعامممل مممع
الكلمات منفصلت ؟ هذا غير صحيح ،لكن بقدر قوة اللبنات التي تشكل
البناء تكون قوته.
حياة النسان هو بحياة كلمات القرآن فممي نفسمه فقممد جعلمه الم
َنمما
ْي
َح
ْو ِل
َك أ
َ َذ
ك
َروحا ونورا لروح النسان ونفسه كما قال تعالى } :و
ُه
َنا
ْل
َع
َجِك
ْنَل
َو
ُن ِلي
َما َول ا
ُب ِك
َتاْل ِري
َما ا ْد
َت
َت
ْن
ك
ُ َما ِر
َناْم ِم
ْن أ
َ ًحا
ُرو
َك
ْيِإ
َل
المبحث الثاني :صناعة النسان
23
ِقي
ٍم{ َت
ْسمٍط
ُم ِصم
َرا َلممىِدي
ِإ ْه
َت
َلَ
َكِإ
ّنَو ِد
َنا ِع
َبا ِم
ْنُء
َشا
ْن ن
َ ِه
َم ِدي
ِب ْه
ًرا ن
َ ُنو
] سورة الشورى -الية [ 52 :
ْم ل
ُت م
ْن
َوأ
َ ْم
ُك م
ْيِإ
َلَف
َو
ّ ِه
ُي مَل م
ِل ال
ّ ِبيِفي
َس ٍء
ْي
َشِم
ْن ِف
ُقواْن
ُت
َما
َو
ْم
ُه
ُم
َل
ْع
َيَل
ُهال
ّ
إن أول قوة نطالب بإعدادها هي القمموة ] سورة النفال -الية [60 : َن{
ُمو
َل
ْظ
ُت
البشرية ،فمتى توفرت هذه النوعية لمة من المم كتممب لهمما النصممر
والعزة والتمكين .
َممماِّإ
ٌو ف
َ ُّدَعم ٍض ِلب
ْعم
َ ْمُك
ُضمْع ِمي
ًعمما ب
َ َجَهمماِم
ْن َطمما ِب
ْهقال ال تعالى } :ا
ِ
قى{ ] سممورة طممه -اليممة :
َش ي
ْ
َ ولَ لُ
ّ ضِ
يَفل
َ يَدا
َهُ عَب
َتَ
ّا ِ
ن م
َف
َ دى
ًهُ ني
ّ ِم
ْمَن
ُكّ ِت
َيْأ
َي
[ 123
-أن ل يتكلم النسان فيما ل يعلم وأن يقول ل أدري فهممي الطريممق
إلى أن يدري فمن كان هذا منهجه فإن ال تعالى يرزقه العلممم بممما ل
يدري
-الجتهاد في تطبيق مفاتح تممدبر القممرآن والسممنة يحقممق الثممراء
العلمي مع الزمن ويتيح الفرص الكثيرة المتكممررة للتربيممة بممالقرآن
والسنة.
دون أن تحفظ الجدول الدوري ،هل تستطيع أن تطبممق نظاممما دون أن
تحفممظ مممواده ،هممل يمكنممك أن تتعلممم لغممة أجنبيممة دون أن تحفممظ
مصطلحاتها ..الخ من أمور الحياة ،بممل إن قمموة الممذاكرة والحافظممة
باعتراف الجميع هي من أبرز أدوات النجاح فممي الحيمماة فلممم إذا هممذه
الدعوات التي تنادي بإلغاء الحفظ في مناهج التعليم وتحيممد عنممه إلممى
وسائل وأدوات يرون أنها تطمموير للعمليممة التربويممة وبديلممة للطممرق
التقليدية حتى لقد سمعت بعض التربويين من المتخصصين في القياس
والتقويم يقسم التقويم إلى قسمين :
الول :السئلة الحفظية
والثاني :أسئلة التفكير والبداع والستنباط
ثم يهون من الول ويدعو إلى تركه ويمجد الثاني ويؤكد عليممه،
والحق أن كل المرين مطلوب فالحفظ والفهم هممما ركنمما التربيممة
والتعليم
إن ردة الفعل هذه سببها أن بعض المناهج التربويممة تقتصممر علممى
الركن الول من أركان الحفظ التربوي وتهمل الركنيممن الخريممن
فتنتج بهذا المنهج نماذج غير مؤهلة تربويا فظن أولئك أن العيب فممي
الحفظ ولم ينتبهوا إلى مكمن الخلل ومكان النقص فيقوموا بإصمملحه
بدل أن يمارسوا إفسادا آخر إل أن يكون هذا هو هدفهم .
30
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إن إهمال هذا المبدأ الكبير من مبادئ التربية يؤدي إلى أن يتخممرج
أفراد المجتمع ضعافا ل يصلحون لشيء وإل فل علممم بل حفممظ حممتى
في العلوم الدنيوية من طب وهندسة وحاسب ولغات وصممناعة وزراعممة
وتجارة وغيرها ،وما البطالة التي بدأت تتفشى في صممفوف الشممباب إل
أحد الشواهد على ما ذكر ،فقد عجزوا عن المنافسة في ميممدان العمممل
وذلك بسبب ضعف التربية والتعليم التي أهمل بناؤها منذ الصغر ،فقل
لمن يحاول علج البطالة في المجتمع بعممد حصممولها أن يعالجهمما مممن
أصولها وهذا يكون فممي إعممادة النظممر فممي مناهممج التربيممة والتعليممم
الموجهة لصناعة النسان وبنائه.
إن مسألة حفظ الصول وتمثلها المتون ،وفهم وفقه هذه الصممول
ويمثله شروح تلك المتون وما يستجد عليها من تطبيقمات فمي الحيماة
هي المنهجية في صناعة النسان وهو فيما أحسب أمر محسوم عند من
وجه إليه هذا الكتمماب وإن كممان غيممر مسمملم عنممد بعممض الممتربويين
المعاصرين ممن تتلمذوا على الغرب وتأثروا بمنمماهجهم وفممي المموقت
نفسه لم تتح لهم الفرصة للتعمق والتأمل في منهج السلف في التربيممة
والتعليم بسبب انشغالهم بدراسة تخصصهم فهؤلء تنقصهم الخبرة في
هذا المجال.
المبحث الثاني :صناعة النسان
31
قليلة سيكون بأمس الحاجة إلى هذا الحفممظ فممإن تممرك بمدونه لحقممه
الضرر.
نحن في هذا العصر -وانسياقا مع العولمة الغربية -صرنا نبحث عن
الحلول العاجلة الفورية في كل شؤون الحياة ومنها التربية والممتي ل
تقبل هذا المنهج أبدا فمن يتابع البرامج التربوية والنفسية في القنوات
الفضائية يلحظ هذا التوجه ،ول يلم السائل على طلبه لكن اللوم على
بعض أهل التربية حين يحذفون مممن منمماهجهم أهممم أصممولها وحيممن
ينساقون مع بعض التيارات الخاطئة.
إن إهمال الحفظ التربوي في الصغر يؤدي إلى صعوبة التربية عند
الكبر ،أما إذا استطعنا أن يحفظ الصغير ما نريد تربيته عليه في الكبر
وجدنا فيما بعد الساس الذي نبني عليه وهي تلك الثروة اللغويممة مممن
المعلومات والفكار المهمة التي مصدرها القرآن والسنة فيسهل شرحها
له ومن ثم تربيته على تطبيقها.
إن الطفل يمكنه الفهم بالتدريج لما حفظه في الصغر من معلومات
وأفكار وعقائد فنقول له هذه هنا ،وتلك مهمتها كذا ،وهذه المعلومة
نقصد بها كذا ،وهذا القاعدة نطبقها في الحالت التالية ....الخ،
أما إذا أهملنا الحفظ في الصغر ثم بلغ النسان العاشرة أو الخامسة
عشرة وأردنا بناءه فماذا نصنع والوعاء فممارغ ،وتعممبئته ل تتيسممر فممي
34
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إن كتاب مفاتح تدبر القرآن الكريم مع كتاب مفاتح تدبر السممنة
النبوية يمثل اللبنات الولى للمشروع الحضاري الممذي تحتمماجه المممة
اليوم لصناعة الحياة فهو مشروع حضاري يعالج البنية الساسية للمة،
المبحث الثاني :صناعة النسان
35
وهو بناء النفوس ،بناء القوة المعنوية ،علج الوهن الذي استشرى فممي
كيان المة .
إن مصممطلح ) المشممروع الحضمماري السمملمي ( مممن المصممطلحات
المعاصرة والتي يستعملها المفكرون السلميون في مقابممل المفكريممن
العلمانيين وغيرهم ونجد المفكر جمال سلطان يدعو المثقممف المسمملم
أن يتعامل مع الصطلحات الجديممدة ،والصمميغ الفكريممة والحضممارية
المستحدثة بشيء من الرزانة وسعة الفق ورباطة الجأش ثممم يقممول :
إن تعبير ) المشروع الحضاري السلمي ( تعبير مستحدث وصيغة فيها
من الجاذبية والطرافة ما يهول المر على الشباب ،ويجعله كأنه أمممام
قضية جديدة ل قبل له بها ول عهد له بمثلها في حين أن المر ببساطة
شديدة يتعلق ببيان منهاج النبوة وهدي محمد صمملى الم عليممه وسمملم
وأصحابه وإنزال المنهاج على واقع الناس اليوم "اهم ويقول في تحديد
مفهوم المشروع الحضاري " :هو خطة إنسانية عامة وشاملة متكاملممة
لصياغة الحركة النسانية للمة في مستقبلها المأمول بحيممث تتنمماول
هذه الخطة صياغة وتكمموين الفممرد نفسمميا وتربويمما وعقليمما وعلميمما
وعقديا وقيميا في ذات الوقت الذي تصوغ فيه حركة البناء الجتماعي
36
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
ويلحق بهؤلء أصحاب المحلت والمؤسسات والشركات التي أعجبت بالسماء والشعارات الجنبية ،
()1
وهو أمر يحرص عليه أولئك لنهم يجدون جاذبيته عند الناس ،وهذا أحد أعراض الفساد في صناعة
النسان
38
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
ومصطلحاتهما ،وإن بقيت على المصطلح الصلي لممم يفهممم النمماس ممما
تريد نظرا لما يمارسه التعليم والعلم من تحممديث مسممتمر وحممثيث
للمعاني والفكار وتسمميتها بأسمماء جديمدة وهمذا يفتمك بالمسملمين
ويضعف قوتهم العلمية المعنوية .
إنه في هذا المقام ينبغي أن نفرق بين جهتين :
الولى :حينما نخاطب جمهور المة السلمية .
الثانية :حينما نحاور أهل الحضارات الخرى .
ينبغي الفصل التام بين الجهتين وإعطاء كل جهة ما يناسممبها دون
خلط أو تهجين ،فالمسلم الذي يؤمن بال ربا وبالسلم دينا وبمحمممد
صلى ال عليه وسلم نبيا ،ومرجعيته إلى القممرآن والسممنة فممي أي بيئة
كان وتحت أي حضارة يعيش ينبغي أن يخاطب بالمصطلحات الصمملية
التي يفهمها من هذين المصدرين وان توضح له تمام الوضوح وبالمثل
بعض المصطلحات التي اصطلح عليه علماء السلم في مراحممل تممدوين
العلوم السلمية مادام المصطلح عرف واستقر فهو خير من أن نحدث
مصطلحات جديدة ونبرمج لغة جديدة يحتاج المسلمون وطلب العلممم
إلى وقت لتعلمها والتحدث بها ،أما أهل الحضارات الخرى ومن كممان
على فكرهم فنخاطبهم بما يفهمون وما يفقهون.
وأيضا ينبغي أن نفرق بين جهتين :
المبحث الثاني :صناعة النسان
39
-5ما تحفظه الن تكرره بعد ربع ساعة ثم نصف ساعة ثممم سمماعة
ثم بعد ساعتين ثم مع كل أذان ،ويوصى بقراءته في السممنن الرواتممب
لذلك اليوم.
ًة فإن كانت طويلة يمكن تقسيمها.
-6يتم الحفظ آية آي
-7يتم تكرار الية جهرا حتى يتم حفظها.
-8ثم حفظ الية التي تليها إلى نهاية السورة إن كانت قصمميرة أو
إلى نهاية المقطع.
-9ثم الرجوع مرة أخرى بالطريقة نفسها آيممة آيممة وتكممرار هممذه
العملية حتى يتم حفظ السورة أو المقطع تماما.
-10أفضل وقت للحفظ قبيل الفجر أو بعده حيث يجتمممع نشمماط
النفس والبدن لمن اتبع السنة في النوم المبكر حيممث كممان صمملى الم
عليه وآله وسلم يكره السهر بعد صلة العشاء أما من لممم يعمممل بهممذه
السنة فعليه أن يختار الوقت الذي يتوفر له هذان المران في أي وقممت
من ليل أو نهار .
-11ليس هناك عدد معين للتكممرار إنممما المقيمماس الوصممول إلممى
التقان.
-12بداية اليوم التالي وقبل الحفظ الجديد تسمع كل ما حفظتممه
من بداية السورة إلى حيث وقفت ويسمى )مراجعة السورة( .
42
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
-13عند إتمام حفظ السورة يتم تسميعها جملممة دون أخطمماء فممي
جلسة واحدة في أكثر من يمموم ول يحسممن السممتعجال فممي النتقممال
للسورة التي تليها قبل تحقيق هذا الشرط .
-14ل تستعجل في حفظ السورة بل قلل مقممدار الحفممظ الجديممد،
لنه كلما طالت مدة حفظ السورة كان أقوى في ضبطها لنممه يممزداد
تكرارها وتطول مدته ،أما إذا استعجلت في حفظ السورة فمماتت عليممك
هذه الفرصة فيقل الضبط ويصعب عليك ربممط أول السممورة بآخرهمما،
)ورب عجلة أورثت ريثا(.
-15تقسيم السورة إلى مقاطع يكممون حسممب موضمموعاتها وبعممض
الموضوعات الطويلة يمكن أن تقسم إلى أكثر من مقطع كممما يمكممن
جمع أكثر من موضوع في مقطع واحد حسب الطممول والقصمر ،همذا
التقسيم يسهل حفظ السور المتوسطة والطويلة فهممو يجعلهمما كأنهمما
سورا قصيرة ،وهذا التقسيم يغني تماما عن الثمان ويحقق المصمملحة
التي تحققها ويلحظ أن الحاجة إلى مثل هذا التقسيم في البداية فقط
ثم بعد هذا يستغنى عنه عند حفظ السورة جملة لن تصويرها يتقارب
ويسهل فيمكن للحافظ أن ينظر إليها نظممرة كليممة حممتى لممو كممانت
سورة البقرة ،وهذا من فوائد الحفظ على السور
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم
43
مثال : 2
* جدول )حفظ الجديد الجمممالي( للمرحلممة الرابعممة لحمممد مممن
سورة الحديد إلى سورة الذاريات ،على أن طمماقته اليوميممة فممي حفممظ
الجديد خمسة أسطر في أربعة أيام في السبوع أي عشرين سممطرا فمي
السبوع.
ملحظات إلى من
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم
45
-13يمكن عمل اختبار كل أسبوع لكممل ممما تممم حفظممه مممن أجممل
التحفيز والتذكير ويفترض أن الطالب بهذه الطريقممة دائممما مسممتعد
للختبار ل يحتاج إلى تحضير ول مراجعة .
-13إذا انتهى أحمد من المرحلة الثانية ومن تثبيتها أصبح مقممدار
حفظه 42وجها وهو من سورة تبارك إلى سورة النمماس يتممم تقسمميمه
على أيام السبوع السبعة فيطلب منه ستة أوجه كل يوم حسب الجدول
التالي
ملحظات إلى من
الحاقة تبارك السبت
الجن المعارج الحد
النسان المزمل الثنين
عبس المرسلت الثلثاء
العلى التكوير الربعاء
العلق الغاشية الخميس
الناس البينة الجمعة
52
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
الرأي الخير هو الصحيح لننا بذلك نضمن بقاء حفظ قوي لقممدر
معين من القرآن
أما في الحل الول فإن الحفظ يبدأ بالتناقص شمميئا فشمميئا إلممى أن
يضعف ثم يتوقف تماما.
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم
55
بقراءة الكلم المتصل بعضه ببعض والفتتاح بما فتح ال م بممه السممورة
والختتام بما ختم به ،وتكميل المقصود من كل سورة ممما ليممس فممي
ذلك التحزيب ،وفيه أيضا :من زوال المفاسد الذي في ذلك التحزيب ما
تقدم التنبيه على بعضها فصار راجحا بهذا العتبار"اهم
إن ال سبحانه وتعالى حين أنزل كتابه تولى هذا المر ولم يجعل
لمجتهد في ذلك مدخل ول مخرجا فال سبحانه وتعالى جممزأ كتممابه
إلى سور معلومة البداية والنهاية ،وجزأ كل سورة إلى آيممات معلومممة
َلمممه
البداية والنهاية كل ذلك بنص من النبي صلى ال عليه وسمملم وع
ّ
الصحابة وتناقله المسلمون جيل بعد جيل فلم هذا التطاول على كتاب
ال تعالى وتشويه جماله بهذه التقسيمات التي تصرف ذهن المشتغل به
عن التقسيم الصمملي لهممذا الكتمماب العظيممم ،حممتى لقممد رأيممت بعممض
ِ
ّسمت إلى أعشار وأخماس ويكون نهاية العشممر أو الخمممس ُقالمصاحف
في وسط الية.
ومن أجل تلفي ما سبقت الشممارة إليممه وإيجمماد تحزيممب للقممرآن
الكريم متوافقا مع سوره فهممذا تقسمميم مقممترح للقممرآن الكريممم إلممى
ثلثين جزءا :
رقممم بدايممممة عممدد رقممم بدايممة عممدد رقممم بدايممممة عمممدد
الوج الوج الجز الجزء الوج الجز الجزء الجز الجزء
58
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إن لم تكن قادرا على حراسة الجواهر فل تضعها فممي جيبممك لنممك
بذلك تهديها للصوص .
والجيش الذي ل يقدر على المحافظة على فتح مدينة أو بلممدة فل
يضيع جهوده وأرواح جنوده في فتحها .
وأنت ل تحفظ مال تقدر على المحافظة عليه ويكون فوق طاقتممك
اقتصر على ما تستطيع المحافظة عليه .
بعد كل إجازة صيفية وبعممد انتهمماء الممدورات المكثفممة نممرى هنمما
وهناك من يسأل كيف أحافظ على ما حفظت ،وتراه يسأل ويبحث عن
حل لمر يقلقه ويزعجه وحق له ذلك فما من أحد يرضممى بعممد العممز
بالذل وبعد الغنى بالفقر وبعد النصر بالهزيمة كيممف ل يقلممق وهممو
يرى حفظا سهر عليه شهرين متتابعين يتفلت مممن بيممن يممديه دون أن
يستطيع فعل شمميء لكمن ممماذا تصممنع لنسمان لمم يخطممط لمشممروعه
60
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
-4إذا كان الحافظ مثل قد حفظ إلى سورة الزمممر ويريممد المواصمملة
فيكون حفظه الجديد من سورة ص إلى سورة النبياء وجدول مراجعة
المرحلة على النحو التالي:
ملحظات إلى من
الحج النبياء السبت
النور المؤمنون الحد
الشعراء الفرقان الثنين
القصص النمل الثلثاء
السجدة العنكبوت الربعاء
فاطر الحزاب الخميس
ص يس الجمعة
-5إذا كانت مدة الدورة ستة أسابيع فهذا يعني أنه ل بد أن يحفظ فممي
اليوم أربعة أوجه ،ويطبق عليها )نظام الحفظ السبوعي التفصيلي(.
-6التذكير بأن مع الطالب مراجعة عامة لما سبق حفظه علممى النحممو
التالي:
ملحظات إلى من
غافر الزمر السبت
64
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
-7إن كان الحفظ السابق حفظ بطريقة ضعيفة فيقترح علمى الطممالب
أن يكون هو حفظه الجديد وعليه الحكم الدقيق الصممحيح علممى نفسممه
لن المراد الحصول على حفظ متقممن للقممرآن ينتفممع بممه فممي الممدنيا
والخرة وليس المسابقة أو المباهاة .
-8من أراد أن يحفظ القرآن كامل فمي دورة مكثفمة فعليمه أن يكمون
مستعدا لتطبيق جدول المراجعة التالي:
ملحظات إلى من
النساء البقرة السبت
التوبة المائدة الحد
النحل يونس الثنين
الفرقان السراء الثلثاء
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم
65
ما قرر عليه حفظه وهو في غاية الثقة بما حفممظ ل أن يتخممرج وهممو
يتحسر على ما حفظ ويراه تفلت منه وضاع ويتمنى رجوعه.
الطالب في مراحممل التعليممم العممام ل يممزال قليممل الخممبرة حممديث
التجربة ل يدري كيف يتصرف ،ويخطئ في حقه من يجعله يسير في
هذا الطريق ،فقليل يدوم خير من كثير منقطع.
لقد سلكت )نظام الحفظ السبوعي( مع بعض الطلب وكنت أسميه
)الحفظ التراكمي( أو )احفظ و احفظ( فكان التذمر والشكوى يحصل
منهم أثناء الفصل الدراسي أما في آخممره فكممان الفممرح والسممرور همو
المسيطر على مشاعرهم حين يرون ثمرة جهدهم .
وقد طبقته مع طلب دبلوم القراءات في عام 1423همم فممي حفممظ
الشاطبية في الفصل الول وكانت نتائج اختبار الفصل الول مشممجعة
جدا ،ثم مراعاة للمطالبة بتركه تركته في الفصل الثاني فلممما جمماء
الختبار النهائي تعبوا في المراجعة وكانت النتائج ضعيفة فكان الفرق
شاسعا بين الحالين ،وبشهادة الطلب أنفسهم فقد لمسوا الفرق الواضح
بين ما حفظ بالطريقة الولى وما حفظ بالطريقة الثانيممة حممتى بعممد
انتهاء الدبلوم ومضي سنوات على الحفظ .
إضاءة :
68
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
هل تعلم أنه يمكنك حفظ الشاطبية كاملة خلل ثلث سنوات دون
أي جهد يذكر من خلل تطبيق نظام الحفظ السبوعي ؟
وقد يأتي بعض المعلمين فيضيف إليها مقررا آخر وهو توجيه القراءات ،ينبغي أن ل نثقل الطالب
()1
في مراحل التعليم العام بمثل هذه المعلومات بل تؤجل للمرحلة الجامعية ،وإن كان ول بد فيخصص لها
لتكوين نفسه خارج أسوار المدرسة يمكنممه السممير أممما مممن عممداه فل
يستطيع اللحاق بالركب إل بشيء من التفكيك وعدم المنهجية.
إن مادة القراءات من أهم المواد الممتي تحتمماج الحفممظ السممبوعي،
وتطبيقه ل يمكن إل بإعادة النظر في المنهج ومممما أقممترحه فممي هممذا
المجال ما يلي:
تكون السنة الولى بفصليها للقسم النظممري أي شممرح الشمماطبية ،
والتدريب على استخراج القراءة منها مباشرة دون الحاجة للرجوع إلى
أي شرح خاصة في باب )فرش الحروف( ،ول يتعرض للتطبيق في هذه
المرحلة إل ما له تعلق بفهم الشاطبية.
وتكون الفصول الثلثة التي تشكل السنة الثانية والفصل الول من
السنة الثالثة كل فصل منها لرواية واحدة ) شعبة ،قالون ،ورش (
الفصل الثاني من السنة الثالثة يكون للتدريب علممى الجمممع ضمممن
الروايات التي تمت دراستها سابقا .
ثم بعد هذا تأتي المراحل الجامعية لتكمل المسيرة على أن يتخممرج
الطالب من البكالوريس وهو مؤهل تماما لتدريس المادة أما إذا اختممار
تخصصا آخر فيكون قد أتقن أربممع روايممات فممإن رغممب فممي الكمممال
بنشاطه الخاص وجهده الذاتي على أيدي المقرئين في المسمماجد كممان
بها وإل فقد حصل بعض المستويات في علم القراءات .
70
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
قبل أربع سنوات قامت كلية المعلمين بالرياض بفتح مسار خاص بالقراءات في مرحلة البكالوريس
()1
،ومازال العدد فيه محدودا بسبب ضعف التأهيل لهذا المسار في مراحل التعليم العام
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم
71
ويقول ابن الجزري في النشر " :2/192 :وكان بعض الئمة يكره
ذلك من حيث إنه لم تكن عادة السلف عليه ،ولكممن الممذي اسممتقر عليممه
العمل هو الخذ به والتقرير عليه وتلقيه بالقبول " اهم
وقال نظما :
إفراد كل قارئ بختمه وقد جرى من عادة الئمه
وقال الصفاقسي في غيث النفع ص " :25لم يكن في الصمدر الول هممذا
الجمع المتعارف عليه في زماننا بل كانوا لهتمامهم بالخير وعكوفهم عليه
يقرؤون على الشيخ الواحد العدة من الروايات والكثير مممن القممراءات كممل
ختمة برواية ل يجمعون رواية إلى رواية ،واستمر العمل على ذلك إلى أثناء
المائة الخامسة عصر الداني ومكي وغيرهم فمن ذلممك المموقت ظهممر جمممع
القراءات في الختمة الواحدة واستمر عليه العمل إلممى هممذا الزمممان وكممان
بعض الئمة ينكره من حيث إنه لم يكن عادة السلف ،قلت :وهممو الصممواب ،
إذ من المعلوم أن الحق والصواب مع الصدر الول في كل شمميء " إلممى أن
قال " :فما بالك بأمر ل يترتب عليه كبير نفع وربما يترتب عليممه الفسمماد
والغلط والتخليط والداعي إليممه النفممس لتحصمميل حظوطهمما مممن الراحممة
وتقصير العبادة ،جنح إلى هذا الكسممالى والمقصممرون ووافقهممم علممى ذلممك
شفقة عليهم وخوفا من انسلخهم ممن الخيممر بالكليمة الئممة المجتهمدون
المشمرون والمتنزل ل يستدل بفعله فيما تنزل فيه"اهم
72
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
}-2الليل{
}-3إل قليل{ أي كثيرا من الليل
}-4إن ناشئة الليل هي اشد وطأ وأقوم قيل{
}-5ورتل القرآن ترتيل{
}-6إنا سنلقي عليك قول ثقيل{
لماذا قم أل يكفي اجلس؟ ولماذا الليممل بالممذات ؟ ولممماذا كممثيرا ؟
وماذا يصنع إذا قام ؟ وما الهدف من هممذا كلممه ؟ هممذه هممي الخطمموط
العريضة لهذا المنهج ثم يأتي تطبيق النبي صلى ال عليه وسلم ليزيده
وضوحا .
لقد فرض ال عز وجل على نبيه محمد صلى ال عليه وسلم ومممن
معه القيام بالقرآن سنة كاملة ،نعم سنة كاملة من التدريب المكثف ،
والنتيجة صناعة النسان ،إنتاج نماذج إنسانية فذة فريدة ل يماثلهمما أي
نموذج في العالم ،هذه الفئة القليلة هي التي أوكل ال عز وجل إليهمما
حفظ دينه وتبليغ رسالته وإقامة دولة الحق .
قد يتصور البعض من علماء النفس أو الخبراء العسكريين أو بعض
المفكرين أن إعداد القوة للفئة التي يناط بها التغييممر يكممون بممدورات
علمية وتدريبات عسكرية هذا الذي يتبادر للذهن وقممد يعتقممده أمثممال
المبحث الرابع :حفظ معاني القرآن الكريم
75
هؤلء لكن ال تعالى وهو الحكيم العليم قد اختممار لهممذه الصممفوة مممن
خلقه أمرا آخر وهو ما سبق ذكره.
لقد كممان القيممام بممالقرآن بالمواصممفات السممالف ذكرهمما الداة
التربوية التي ركز عليها النبي صلى ال عليه وسلم في بنمماء الجنممود
الذين يحملون الحق ويبلغونه للناس كافة
إنها الداة التي يمكن بها صياغة النسان وصناعته ومممن كممان فممي
شك فليجرب ،الباب مفتوح والخير متاح ،جرب أن تقوم بالقرآن سممنة
كاملة كل ليلة ثلث ساعات على القل ترتممل القممرآن تممرتيل حفظمما
وجهرا وتكرارا ثم انظر النتيجة كيف تكون إن النتيجة مؤكدة لكممن
مثل هذا العمل ل يتيسر إل لمن يسره ال له .
مفاتح تدبر القرآن هي الطريق لتحقيق الركن الثاني من أركممان
الحفظ التربوي وكان بيانها وتفصمميلها فممي كتمماب مسممتقل بعنمموان
)مفاتح تدبر القرآن والنجاح( في الحيمماة وألخممص هنمما نظممام حفممظ
المعاني:
-1فهم وفقه مفاتح تدبر القرآن متطلب أساسي للسممير فممي نظممام
حفظ المعاني .
-2تحديد مقدار معين مممن القممرآن سممبق حفظممه بنظممام الحفممظ
السبوعي.
76
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
-3تقسيم هذا المقدار على أيام السبوع لكل يوم قدر محدد
-4يتم قراءة هذا المقدار في صلة في ليل بجهممر وتغممن وتكممرار
وترتيل وتمهل ومناجاة.
-5ليس هناك زمن محدد لقراءة آية أو سورة فربما آية تقف فيها
ربع ساعة وربما مئة آية تقرؤها في ساعة
-6إذا لم يمكن أداء هذا العمل في موعده ليل فيقضى بموعد آخممر
يكون فيما بين صلة الفجر وصلة الظهر .
-7إذا انتهى الوقت المحممدد للقيممام بممالقرآن ولممم ينتممه المقممدار
المحدد للقراءة وهذا يحصل بسبب تطويل الركوع أو السجود أحيانمما
أو بسبب التوقف عند بعض اليات طممويل ،فهممل يفممرض وقممت آخممر
لكماله؟ أو يقرأ في الليلة التي تليها؟ خياران كلهما ممكممن المهممم
التأكد من عدم بخس القرآن حقه من الوقت وتفضيل غيره عليه .
-8الوقت اليومي اللزم لمثل هذا العمل مابين ثلث الليل إلى نصفه
إلى أدنى من ثلثيه أي من ثلث ساعات إلى ست ساعات إلى ثمان ساعات
وهو يختلف صيفا وشتاء.
-9ل يتوقع الوصول إلى هممذا المسممتوى مممن البدايممة وإنممما يتممم
الصعود بالتدريج وقد يتطلب المر إلى سمنوات حمتى تصمل إلمى همذا
المبحث الرابع :حفظ معاني القرآن الكريم
77
المستوى ،فتكون البداية بنصف ساعة مثل ثم بعد ستة أشهر تزاد إلممى
ساعة ثم بعد سنة تزاد إلى ساعة ونصف .
-10كلما زادت قناعتك بأهمية هذا العمل وقوي إيمانك بضممرورته
لحياتك كلما سهل عليك زيادة الزمن المخصص له .
-11القيام بالقليل مع التطبيق التام للمفاتيح خير من الكثير الذي
يهمل فيه تطبيق المفاتيح
-12من المفيد إن أمكن تحضير ما يراد قراءته أثنمماء النهممار مممع
قراءة تفسير موجز لياته ،أو تكون القراءة بعد القيام به لحل ما طممرأ
من أسئلة أثناء القراءة السابقة ،أو الجمع بينهما أي قبله وبعده .
-13التوقف حين القراءة طويل والتفكير في معاني اليات.
-14ما يفتح لك من معان وفهم لليات يلزم عرضه على أهل العلم
إن كان مما يتطلب ذلك .
-15تطبيق هذه المفاتيح يفيد في تعميق فهم اليات والنزول إلممى
أعماق المعاني فهذه المفاتيح تشبه أدوات الغوص في البحممار فممالقرآن
له ظاهر وباطن فظاهره اللفاظ التي يشترك في رؤيتها وسماعها كل
الناس وباطنه ل حد له وكل يصل إلى ما يفتح ال عليه ،بعض النماس
يسبح فوق سطح البحر من العقبة إلى عدن فإذا وصل قال لم أجممد ممما
تذكرون من اليممواقيت والجممواهر واللؤلممؤ والمرجممان وغيرهمما مممن
78
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
الكنوز الثمينة فنقول له المممر يحتمماج إلممى أدوات غمموص وأنممت لممم
تستخدمها.
-16نريد بالمعاني :الفهم الدقيق العميق لما تعنيه اللفاظ ،ومن أمثلة
ذلك:
مثال :1
إذا سمعت كلمة )جنة( عليك أن تقممف عنممدها لتتخيممل وتتصممور
ظللها وأنهارهمما ولباسممها وأراضمميها وأثاثهمما وخضممرتها ومجالسممها
ونساءها ....تتصورها بكل تفصيلتها الدقيقة من لون وطعممم ورائحممة
ومنظر وطول وعرض وملمس.
مثال :2
ًة
َد
ْرَو
ْتَكممان
َ ُء ف
َ َما ِت ال
َسم
ّ َق
َشم
ّ ْن ِإ
َذا اَم
وإذا قرأت قممول الم تعممالى }:ف
ِ
ِن { ]سورة الرحمن -الية [37 :تقف لتتصور هذا المعنى مممن كافممة
َها
ّد
كال
َ
أبعاده وتحاول تعميقه في قلبك .
-17يتم زيادة المقدار إذا وجدت إمكانية لزيادة الوقت المخصممص
لحفظ معاني القرآن الكريم .
-18إذا لم يمكن زيادة الوقت فل يسمح بزيادة المقدار لنه يممؤدي
إلى النقص في تطبيق مفاتح التدبر .
المبحث الرابع :حفظ معاني القرآن الكريم
79
-19القراءة تكون حسب ترتيب القرآن فمن وصل إلى سورة عبممس
مثل فإنه يبدأ بها ثم التكوير ثم النفطار إلى سورة الناس
-20القلب هممو الميممدان الممذي يممدور فيممه الصممراع بيممن النفممس
والشمميطان وتطممبيق حفممظ المعمماني يمل القلممب بالصممور والمشمماهد
والفكار الحية المفيدة مما ل يبقى معه للشمميطان ووساوسممه مسمماحة
يتحرك فيها فهو بهذا العتبار أقوى الدوية لتحقيممق طمأنينممة القلممب
وسمكينة النفمس والخلص ممن الوسماوس وقموة التحكمم بمالخواطر
والفكار ومن ثم التحكم بالسلوك والفعال وما يترتب على ذلممك مممن
قوة معنوية في كافة مجالت الحياة .
-21يمكن في البداية التدريب على القيام بالقرآن نهارا حتى يسهل
ثم نقله إلى الليل.
-22دائما تأكد أنك تطبق المفاتيممح كاملممة وعممدم النقممص فممي
أحدها أو في جزء منها .
-23الهدف النهائي الذي تسعى إليه أن تختم القرآن كامل حفظمما
كل أسبوع في صلة في ليل جهرا بترتيل وتكرار مما يؤدي إلى قمموة
ربط القرآن بواقع الحياة واليمان بال وكلماته فإن أمكنك بلوغ همذا
الهدف في حياتك وإل فأنت على نيتك مادامت نية صادقة حاضرة فمممن
سأل ال الشهادة بصدق بلغه ال منازل الشهداء وإن مات على فراشه .
80
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
الصل أن هذا السؤال غير وارد لنه ل تعارض بيممن حفممظ ألفمماظ
القرآن وتدبر معانيه فيجب أن يسيرا معا ،ولم يكن هذا السممؤال واردا
في أذهان الصحابة رضي ال عنهم فمنهجهم في هممذه القضممية واضممح
ظاهر وإنما نشأت الحاجة للكلم في هذه المسألة بعد وفاة النبي صمملى
ال عليه وسلم وتوسع الفتوحات وتعمدد أجنمماس وفئات المداخلين فممي
السلم حين خفي على البعض الهدف والغايممة الممتي مممن أجلهمما أنممزل
ُلممو
ُأوَ
َر
ك
ّ َذ
َت مِل
َي ِه
َوِت
َيمما
َآ
ُروا
ََد
ّبّ ِل
َيمك
ٌ َر
َبا
ُم
َك
ْيِإ
َلُه
َنا
ْل
َز
ْن
ٌب أ
َ ِ
َتا
ك القرآن }
[ فنسوا أن حفظ اللفاظ وسيلة إلى تممدبر ] سورة ص -الية 29 : ِب {
َبا
ْل
ال
َ
المعاني ومن ثم العمل بها فقصروا همتهم وغايتهم وهدفهم على حفظ
اللفاظ فصار جل وقتهم وجهدهم وانتبمماههم ووعيهممم منصممب علممى
تثبيت صور الكلمات وحروفها مع نسيان للمعاني ،وحتى حفظ اللفاظ
ل يتم بصورة منهجية بل ما يحفظ اليوم ينسى غممدا ثممم يعممود للول
وينسى الثاني وهكذا دأبه طول حياته تعاقب بين الحفظ والنسيان.
وقد جاهد الصحابة رضي ال عنهم فممي علج هممذه القضممية ومممن
أقوالهم في هذه المسألة :
المبحث الرابع :حفظ معاني القرآن الكريم
81
-1عن ابن عمر رضي ال عنهما قال كان الفاضل مممن أصممحاب رسممول
ال صلى ال عليه وسلم في صدر المة ل يحفممظ القممرآن إل السممورة
ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن وإن آخر المة يقرؤون القممرآن منهممم
الصبي والعمى ول يرزقون العمل به)(1
-2وقال ابن مسعود رضي ال عنه :إنا صعب علينا ألفاظ القرآن وسهل
علينا العمل به وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم
العمل به)(2
-3وعن أبي عبد الرحمن السلمي قممال حممدثنا مممن كممان يقرئنمما مممن
أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم أنهم كان يقترئون من رسممول ال م
عشر آيات فل يأخذون في العشر الخرى حتى يعلموا ما في هممذه مممن
العلم والعمل قالوا :فعلمنا العلم والعمل)(3
وقد حذر النبي صلى ال عليه وسلم من الفصل بين حفممظ اللفممظ
وتدبر المعنى حين وصف طائفة من المسلمين أنهم يقرؤون القرآن ل
يجاوز تراقيهم ،وأن مثل هذا النقممص فممي تممدبر القممرآن يكممون سممببا
)لن تقرأ كتابا ثلث مرات خير من أن تقرأ ثلثة كتب( قاعممدة
سمعتها عن بعض مشايخنا
التكرار التربوي ركن أساسي في التربية ينبغي أن يراعيه المربمي
أيا كان موقعه ،في البيت ،في المسجد ،فممي المدرسممة ،فممي المجتمممع،
وكون المعلومة تذكر ول تكرر فإنها تنسى ،والعلم بحر ل ساحل لممه
فليس أمامك إل أن تقتصر على قدر معين تكرره باستمرار لكي يحفظ
فل ينسى ويحدث أثره في النفوس.
النفس تمل من التكرار وما ذاك إل بسبب فراغ اللفاظ من المعاني
وإل اعتبرته تكرارا.
لقد كان النبي صلى ال عليه وسلم يطبممق التكممرار الممتربوي فممي
القراءة في الصلة فكان غالب قراءته من المفصل ،وانظر إلى أي كتاب
84
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
في الصلة تجده يذكر هذا المر) (1حتى إن كتب الفقمه حيمن تمبين
القراءة في الصلة تقسم المفصل إلى ثلثممة أقسممام :طمموال وأوسمماط
وقصار ،قال ابن قدامه " :ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون فممي
الصبح في طوال المفصل وفي المغرب في قصاره وفممي سممائرهن مممن
أوساطه لما روى جابر بن سمرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه
وسلم كان يقرأ في الفجر بم } ق { رواه مسمملم ،وعنممه :أن النممبي
صلى ال عليه وسمملم كممان يقممرأ فممي الظهممر والعصممر بمم }السممماء
والطارق { و } السماء ذات البروج { ونحوهما مممن السممور رواه أبممو
داود ،وعنه قال :كان رسول ال صمملى ال م عليممه وسمملم إذا دحضممت
الشمس صلى الظهر ويقممرأ بنحممو } :والليممل إذا يغشممى { والعصممر
كذلك والصلوات كلها إل الصبح فإنه كان يطيلها رواه أبو داود وممما
قرأ به بعد أم كتاب في ذلك كله أجممزأه"اهم م) (2نعممم ورد أن النممبي
صمملى الم عليممه وسمملم قممرأ بسممور أخممرى مثممل العممراف والنفممال
والمؤمنون والروم وغيرها لكن الغالب على قراءته المفصل حتى قممال
َلى
َصمم
ّ ِبمم
ُي
ّ َن
َن ال
ّ كا
َ ِتي
َل
ّ ِئ
َر ا َن
َظاُت ال
ّ ْف
َر
َع
ْد
َق
َل
ابن مسعود رضي ال عنه :
صفة صلة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها ،اللباني ،ص 89وما بعدها ،زاد المعاد ل
()1
بن القيم 1/193 :وما بعدها
ِل)، (3
َصمم
َف
ُّم
ْل ِممم
ْن ا ًة
َر
ُسمموِري
َن ِع
ْشَر
ك
َ َن ف
َذ
َ ُه
َّن
ْي
ُن ب
َ ُر
ْق
َيَل
َمَس
ّ ِه
َوْي
َل
َعَل
ُهال
ّ
ومن التكرار التربوي السبوعي قراءة سورة السجدة وسممورة النسممان
في كل جمعة في صلة الفجر وسبح والغاشية أو الجمعة والمنممافقون
في صلة الجمعة ،ومن التكرار التربوي اليومي قراءة سورة الفاتحممة
في كل ركعة من صلة فريضة أو نافلة ،وقراءة سممورتي الكممافرون
والخلص في راتبة الفجر ،هذا التكرار التربوي في قراءة القرآن في
الصلة أممما التكممرار الممتربوي فممي الذكممار والدعيممة داخممل الصمملة
وخارجها فأمر معلوم وهو كثير .
إن السنة في قراءة القرآن في الصلة واضحة وضمموح الشمممس إل
أن البعض غفل عنها فتجد بعض أئمة المساجد منهج قراءته في الصلة
الجهرية انتقاء المقاطع من القرآن طول العام طلبا للتجديد والتنويممع
-حسب رأيه -أو ليسمع الناس معظم القممرآن ،وبعضممهم يقممرأ القممرآن
متتابعا في الصلوات الجهرية فيختمه في السنة مممرة أو مرتيممن وإلممى
كل هؤلء أقول :أأنتم أعلم أم رسول ال صلى ال عليه وسلم المربي
ِلحهم ويعممرف أسممرار
ْص م
ُي
ُلح للنمماس وممما
ْص م
َي
الحكيم الذي يعرف ما
النفوس وما تحتاجه من منهجية في الوعظ بالقرآن.
صحيح البخاري ) -ج / 3ص ، (234صحيح مسلم ) -ج / 4ص ، (259سنن الترمذي ) -ج / 2ص
()3
(479
86
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إلى ترتيل أي تمهل وطول نفس وصبر وأناة أما السممتعجال فل يبنممي
الرجال .
فمن أجل ذلك كان نزول القرآن منجما على اليام والسنين تربية
للنبي محمد صلى ال عليه وسلم وأصحابه حال بعد حممال وسممنة بعممد
سنة ،وهو منهج لتربية الناس في كل العصور
فهذا سر عظيم من أسرار التربيممة بممالقرآن الكريممم فمممن أراد أن
يحصل على طمأنينة القلب وسكينة النفس وثبات الفؤاد فعليممه بحفممظ
القرآن رويدا ومهل وتؤدة وسكينة وليحذر من العجلة .
إن ما نسمع عنه من المفاخرة في حفظ القرآن في شممهرين أو 56
يوما أو حفظ البقرة في يوم أو حفظ 47وجها في يوم كل هذا ليس
على الهدي الصحيح وإن كان القصد والنية صالحة ،فالمنافسة ينبغممي
أن تكون بطول المدة وليس بقصرها وبقلة العدد ل كثرته فهممذا هممو
المنهج المأثور عن السلف المقرر في القرآن والسنة.
قد يقول بعضهم أحفظ اللفظ أول ثممم أتفممرغ بعممد ذلممك للتممدبر
فنقول له لم تفصل بين المرين ؟ وقد رأيت الصحابة رضي ال عنهممم
لم يفصلوا بينهما ثم لم العجلة وما الذي يمنعك مممن التمهممل والتممأني
وجمع أركان الحفظ جميعا .
المبحث الخامس :حفظ العمل بالقرآن الكريم
89
أعمى لم ير؟ أو أنه أصم لم يسمع؟ ل ليس المممر كممذلك بممل إنممه :
لنثبت به فؤادك .
ثم قارن هذه المنزلة العالية والمرتبة الرفيعة من سممكينة النفممس
وثبات القلب لمن كانت صناعته بالقرآن وبين بعممض التمممارين الممتي
يذكرها المستوردون لفكر الغرب وثقافتهم ومن ذلك:
تمرين :1
"أنه أذا أغضبك شخص فعليك أن تعد من العشرة إلى الواحد لمممدة
عشرين ثانية فإنك بهذا تنجو من كثير من الحماقات "اهم
تمرين : 2
"أنه إذا جاءك ما يغضبك فإنك تتخيل أنه سهم يريد الممدخول إلممى
دماغك وأن في يدك ريموت ليزر فتشير إليممه بيممدك وتقمموم برفعهمما
تجاهه ثم إنزالها بقوة من العلى إلى السفل مع النطق بكلمة )شسممت(
فأنت بذلك تقوم بإحراقه والقضاء عليممه وهممذا مجممرب واسممتفاد منممه
الكثيرون "اهم
وهمك.
إن بعض الناس حينما يقعون في مثل هذه الحوال ويمممرون بمثممل
هذه المواقممف ل يجممدون ممما يسممعفهم وينقممذهم حممتى إنهممم أحيانمما
ليتشبثون بقشة الغريق طلبا للنجاة فتراهم يرددون بعض الكلمات التي
ِ
ّبرون بها أنفسهم ويحاولون بها شممد أزرهممم وهممي ل تغنممي عنهممم
ُيص
شيئا.
الفرق بين من يطبق الحفظ التربوي ومن ل يطبقه أن الثاني فممي
مثل تلك المواقف يذهل ول يتذكر هذه اليات أبدا ولو ذكر بها فممإن
92
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
يقينه بها ضعيف ل يفيده شيئا ،بينما الول تممرد إليممه اليممات تلقائيمما
وفي سرعة خاطفة وبقوة مثبته ففرق بين الثنين ومن جد وجد ومن
زرع حصد والمكارم ل تنال إل بالمكاره أي بالجد والعمل علممى منهممج
صحيح فالحياة معادلة فبقدر ما تتعب وتجتهد بقدر ما تجنممي وتربممح
وخاصة في مثل هذا الميدان فهذا الجزاء وهذه النتيجة وعد صادق من
ْم َن
ُهّ ِد
َي ْهمم
َن
َل ِفي
َنا ُدواَه
َجاَنِذي َل
َّوا
عند ال تعالى كما قال ال عز وجل }:
َن{ ] سورة العنكبوت -الية ، [ 69 :وقال سبحانه :ِني
ِسْحُمْل
َع اَمَل َل
َهَّن ال
ِّإ
َوَنا
َلُسب
ُ
ن { ] سممورةَِميَل
َعمماِن ا
ْل َع مٌي
ِّن مَغَلَل
َهّ ِإ
َن ال
ّ ِه
ِس
ْفِل
َن ُدِه
َجاُي َ
َما
ّنِإ
َد ف
َ َهَجا ْنَمَو}
العنكبوت -الية [ 6 :
المثال الثالث :عند وساوس الشيطان
عندما يهم الشيطان بإزعاجك بالوسواس والفكار التي تسيء إليممك
فإن آيات التوكل والستعانة بال تعالى التي تم تثبيتها بقوة في القلب
تتفاعل في قلبك فتؤيدك وتحوطك وتحرسك ،وكذا آيممات التحصممين
من الشياطين وغيرها فتكون محفوظا محروسا مممن كممل فتنممة ومممن
كل شدة ومن كل شبهة.
مثل هذا الربط ومثل هذه القوة القلبية النفسية قممد ل يتممأتي مممن
أول موقف أو الثاني والثالث لكنه يرسخ بعد تكرار المجاهدة ومحاولة
الربط.
المبحث الخامس :حفظ العمل بالقرآن الكريم
93
وسهولة الربط وصعوبته تتوقف على مقدار الجهد الذي يبذل فممي
الركنين الول والثاني فكلممما قمموي تطبيقهممما كممان تطممبيق الثممالث
وحصول الربط أسرع وأسهل .
إنها روابط كثيرة جدا كفيلة بأن تمل على النسان تفكيره حممتى
ربما ل يجد وقتا للتفكير في كثير من المور وخاصة تلك الخممواطر
التي تعيق النسان عن تحقيق طموحمماته ونجاحمماته فممي الحيمماة مثممل
النظر أو التفكير في الصور المحرمة ،أو الحسد والغيممرة ،أو شممرود
الذهن في الصلة و عند قراءة القرآن.
فمن يقيم هذا الركن من أركان الحفظ الممتربوي يحصممل علممى
نسبة عالية في تركيز الذهن مما يساعده جدا في تحقيق أهممدافه فممي
الحياة والتخلص مممن كممل صممور المعانمماة الممتي تعيقممه عممن التقممدم
والتطوير.
إنه ما من أمر من المور العلمية أو العملية التطبيقية الممتي يممراد
تأصيلها وتوصيلها في حياة الناس إل ويمكن تحقيقه من طريق القرآن
َولوالسنة وخاصة فيما يتعلق بصناعة النسان كما قال ال تعممالى } :
ِ
ِسي
ًرا{ ] سورة الفرقان -الية [ 33 : ْف
َت
َن
َس
ْح
َأ
َو
ّق
َحِبا
ْل َك
َنا
ْئِإل
ِج ٍل
َثِب
َمَك ْأ
ُتون
َ َي
94
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
حدد تعني قرر أي اتخذ القرار الحازم الكيممد القمموي لممما تريممد
فعله أي اعقد النية الجازمة التي ل تردد فيها.
إن هناك فرقا بين أحدد وبين أرغب ،الفرق بينهما هو الفممرق بيممن
الجد والكسل بين الحقيقة والخيال بين العزائم والماني.
96
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
جرب أثر اتخاذ القرار على أمممر حيمموي يمممر معممك يوميمما وهممو
الستيقاظ من النوم فحين يكون القرار حازممما وصممريحا وواضممحا ل
يقبل الشك فإن الستيقاظ يتم في الموعممد المحممدد وفممي كممثير مممن
الحيان يحصل الستيقاظ تلقائيا دون منبه ،أما إذا لممم يوجممد القممرار
أصل أو كان رخوا ضعيفا هزيل فيه تممردد وتنممازعه رغبممات متعممددة
فالغالب في مثل هذه الحال ل يحصل الستيقاظ حتى مع وجود المنبممه
أو يحصل النتباه ثم مواصلة النوم مرة أخرى.
ومما يكشف صدق أحدد أو أقرر ويوضممحها سممت أدوات فممي غايممة
الهمية متى أمكنك تطبيقها اكتشفت الفرق ،وهي ست أدوات مجموعة
في قولك) :كم أملك(
ك :كم
م :متى
أ :أين
م :ماذا
ل :لماذا
ك :كيف
وتفصيلها كما يلي :
المبحث السادس :مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم
97
يمثل تطبيق هذه الداة جداول الحفظ التي سبق شرحها في حفممظ
ألفاظ القرآن الكريم.
ونحتاج إضافة إليها تحديد مواعيد مؤكدة لتطبيق كل جدول من
تلك الجداول فمثل نحتاج تحديد موعممد للمراجعممة العامممة ،وموعممد
لمراجعة المرحلة ،وموعد لحفظ الجديممد ويشمممل مراجعممة السممورة
وحفظ مقطع جديد منها .
ولتعلم أن النجاح في تحقيق مشروع حفظ القممرآن يتوقممف علممى
نجاحك في تحديد هذه المواعيد وتنفيذها وبدونها فلممن تتقممدم شمميئا
يذكر ،والنجاح فيها متوقف على فقه المفاتيح السبعة علميا ثممم فقممه
تطبيقها عمليا وكثرة التدريب عليها.
تذكر أنك أنت المدير وأنت الموظف فتابع نفسك بنفسك .
ل بد من تحديد مواعيد لحفظ القرآن ،مواعيد تحترمها وتحرص
تمام الحرص عليها.
إن البعض يريد حفظ القرآن في الفراغ أي خارج الربع وعشممرين
ساعة لنك لو سألته أين المواعيد اليومية لحفظ القرآن لم تجد جوابا
إن مثل هذا هو العاجز الذي يتمنى على ال الماني فأنى له أن يحفممظ
القرآن مادامت هذه حاله ،أين الجممود والكممرم والسممخاء بممالوقت علممى
القرآن أل تجود نفسك أن تخصص له يوميا ساعة أو ساعتين من بيممن
100
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
تلك الساعات التي تذهب هباء منثورا وتضيع سدى ،إنممك لممو خصصممت
ساعة يوميا لحفظ القرآن من خالص وقتك فإنك سممتحفظه بممإذن الم
مهما كنت ومهما كانت قدراتك لكن تبقى مسألة وقت .
إن من يصرف للقرآن ثلثمائة وخمسين ساعة كل سنة فإنه علممى
خير.
وهذه الداة تبين مكان تنفيذ المشروع وممما يتطلبممه مممن إمكانممات
وأدوات وعوامل مساعدة فقد تحتاج مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم أو
معهدا مميزا وقد تحتاج زملء من نوع خاص تختارهم بعناية ليكونمموا
عامل مساعدا على تحقيق المشروع وقد يتطلب المر بعممض الجهممزة
والدوات المكتبية والنماذج وغيره فكممل هممذا تجيممب عنممه هممذه الداة
الصغيرة في حجمها الكبيرة في فائدتها بعض النمماس ممممن يتمنممى ول
يقرر يقول في نفسه إنه يريد حفظ القرآن الكريم ويتمنى ذلممك لكممن
لو سألته :أين ؟ فجوابه :ل أدري المهم أني سأحفظ .
دث(
ح ّ
المفتاح الثاني َ ) :
والمعلومات التي صاحبت هذا التصميم وعليه فأنت بأمس الحاجة إلممى
ِ
ّدث( وهو يعنممي تلخيممص المخطممط وحفظممه وتكممرار
َحهذا المفتاح )
التفكير به طوال الوقت ليكون في مقدممة الموعي والهتممام فيحصمل
التركيز عليه وتذكره ويسممتمر الحممماس لتنفيممذه فتقممل المقاومممة
المضادة له وخاصة من بعض المثبطين من زملء وأقران وربما أقارب
وقبل ذلك الشيطان الذي يوسوس لك على ممدار السماعة فمأنت بمأمس
الحاجة إلى سلح قوي يكون مضادا لكافة أنواع المقاومممات احممذر مممن
من المثبطين من يقول لك صعب ،ل يمكممن ،مسممتحيل ،واقممترب ممممن
يشجعك ،ويعينك.
ِ
ّدث( تمثل الجهاز العلمي في شخصمميتك فبعممد أن أصممدرت
َحإن )
القرار يجب نشره بكل ما أوتيت من قوة وبكافة الوسائل والدوات ،فأي
قرار مهم يراد تنفيذه وتطممبيقه ل يصممح أن يبقممى حممبيس الدراج أو
حبيس النسيان بل ل بد من إعلنه مرارا وتكرارا سرا وجهارا واستعمل
في هذا جميع المكانات المتاحة لك من طباعة وألوان ،ولوحممات إعلن
وجدران ،وتسجيل صوتي ومرئي ،يلحقك في كممل مكممان يلمح عليممك
ويطالبك بالتنفيذ.
ومن الساليب المفيممدة اسممتخدام بعممض الصممفحات فممي مفكرتممك
لتحتوي على نسخ من مخططاتك .
104
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
أهداف ومشاريع وهذا يتحقق وبشكل أقوى وأفضممل فممي حممال إخلص
العبودية والستعانة بال تعالى وحده ل شريك لممه ،ول مقارنممة بيممن
الحالين.
المعاش تراه يكابد في حفظ السبع الطوال بينما ل يحفظ قصار السور
حتى ربما لو طلبت منه قراءة سورة البروج أو الفجر لما استطاع إلممى
ذلك سبيل.
إن الشخص إذا ركز جهده على هدف معين واستفرغ وسعه وأخممذ
المور بالتدريج وبدأ سلم الترقي من أوله فإنه ينجممز أهممدافه واحممدا
بعد الخر في وقت يسير وهكذا ينتقل من نجاح إلى نجاح وفممق خطممة
مدروسة وبخطوات رتيبة تؤدي السابقة منها للحقتها.
إن الستعجال هو الداء العضال الذي يقضي على جهممود المصمملحين
والمربين فالحماس غير الواعي وفي غير مكانه مرض تربمموي خطيممر
جدا يجب على المربي أن يشخصه فيمن تحت يده ويسمملك فممي سممبيل
علجه كافة الوسائل والسبل الحكيمممة بممالمنطق والحجممة والتجربممة
وضرب المثل والمقارنة بين الناجحين والفاشلين ومما يؤكد عليه في
هذا المقام قياس القدرات واكتشافها فل يهضم ذا المواهب فيعطل عما
يمكنه تحقيقه ول يظلم القل قدرة وموهبة فيقاس بمن فوقه بل يجب
القياس الدقيق المدروس وإعطاء الرقام الصحيحة لكل فرد مع إقنمماع
كل بمستواه بطريقة مناسبة وأنه في كل خير وليحذر المربون أشد
الحذر في هذه القضية إذ الملحظ أن الخطأ فيها يقضممي علممى الهمممم
108
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
التقصير بل يتم التعديل الفوري المباشر بما يضمن سير العملية وعدم
توقفها.
ومن المهم في إدارة المشماريع تسمجيل نتمائج التنفيمذ أول بمأول
موثقة بوقتها وملبساتها كاملة بطريقة منهجيممة ثممم قيمماس الفممرق
والمقارنة بين التجممارب المتنوعممة والسممتفادة مممن التاريمخ والتأمممل
الطويل فيها وكثرة قراءتها ففيها تنشيط وحافز وفيها إصلح وتغيير
،وفيها دروس وعبر.
ومن المفيد في المتابعة توثيق مراحممل النجمماز بمماليوم والتاريممخ
واللحظة والمشاعر وكل ما يحتف بالتجربة من مممؤثرات،إن الكتابممة
بحد ذاتها حافز على النجاز وقراءة التاريخ بعد مرور الوقت عليه لممه
أثر مهم ويكون مرجعا لتجارب أخرى فالتوثيق مهم جدا لكل تجربممة
مهما كانت ويستوي في ذلك التوثيق الفردي أو المؤسسي ومممن ذلممك
المدارس الخيرية التي لوحظ على بعضها عدم عنايتها بجانب الدراسات
وتوثيق الخبرات و الستشارات .
الجهة الثانية :متابعة الداء ومراقبة الجودة
متابعة الجودة يعني تطبيق مقاييس وأنظمة الحفظ المذكورة في
ُتنسممى
هذا الكتاب وغيرها بمعنى أل تتنازل عممن مسممتوى الجممودة وأل
أثناء النشغال بالتنفيذ فيحصل النقص والضعف دون وعي وانتباه .
110
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
انظر :الحلقات القرآنية ،عبد المعطي طليمات ص ، 144حياة في الدارة ،غازي القصيبي ص ، 55
()1
ومعظم المصادر في الدارة والنجاح تكلمت عن هذه القضية
المبحث السادس :مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم
115
طاقته وقدرته ،فمثل طالب طاقته حفظ خمس آيات فممي اليمموم وآخممر
طاقته حفظ خمسين آية هم متساوون في المكافممأة والجممائزة مممع أن
مقدار الحفظ متفاوت جدا بل لو حفظ الول خمس آيات بينما حفممظ
الثاني عشرين آية فممإن الول أجممدر بالمكافممأة والجممائزة مممن الثمماني
فالقياس بالكم وحده وإهمال القممدرة خطممأ تربمموي شممائع فممي نظممام
التحفيز
وأختم الكلم في هذا المفتاح بالتنبيه على أمر مهم وهو أنه إذا تم
تشغيل المفتاح الثالث بشكل صحيح تقل الحاجة جدا إلى هممذا المفتمماح
ذلك أن حسن الظن بال تعالى يصنع العجائب فكلما قوي اليقين بوعممد
ال واليمان بسعة رحممة الم تعمالى وعظيمم فضمله وكرممه وبمره
وإحسانه كان هذا من أقوى الدوافع وأعظممم الحمموافز ول يعنممي هممذا
الكلم إلغاء ومسح ما سبق ذكره فهي أسباب وهي أدوية يجب على من
أحتاج إليها أن يتداوى بها .
هذا المفتاح العظيم الجليل القدر رسمه النبي صلى ال عليه وسلم
لنا وذلك حين سئل عن أحب العمل إلى ال فقال :أدومه وإن قل ،إنهمما
ثلث كلمات لكنها مدرسة تربوية متكاملة فما من أمر فممي الحيمماة إل
116
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
وتجد نفسك محتاجا فيه إلى هذه القاعممدة وإن مممن المعمماني الكممبيرة
العظيمة لهذه القاعدة ما عبر عنه الحكماء بقولهم ) :الوقاية خير مممن
العلج( ذلك أن البناء والتربية والتكوين للنفس أو للجسم ل يمكممن أن
يسير على منهج الطوارئ ول يمكممن أن يممأتي دفعممة واحممدة وبكميممات
مضغوطة فصناعة النسان ل يفيمد فيهمما الضمغط أبممدا بمل ل بمد مممن
استغلل وقت الرخاء للبناء والتكوين بالتدريممج لقامممة نفممس وجسممم
قويين يتحملن معظم الصممدمات والزمممات الممتي يتوقممع أن يواجههمما
النسان في هذه الحياة ،أما طلب الحلول السممريعة لمشمماكل كممبيرة
تراكمت على مر اليام والسنوات فهذا طلب عسير وهو مثل من تممرك
الكل مدة عشرة أيام فجاء في اليوم العاشر ليأكل كمية العشرة أيام
مرة واحدة وتطبيق هذه القاعدة على حفظ القرآن أنممه ينبغممي السممير
البطيء المستمر بمعنى أن يحفظ كل يوم باستمرار لكن بمقدار قليل
جدا وفي هذا المعنى يقول الناظم:
من نخب العلممممممم التي اليوم شيء وغدا مثلمممممممه
تلتقط
وما السيل إل اجتماع النقط يحصل المرء بها حكمة
إن تحميل النسان نفسممه ممما ل يطيممق نهممايته معروفممة ونممتيجته
مؤكدة إنها الفشل وغالبا ما يكون مثل هذا التصرف دفممع إليمه مممؤثر
المبحث السادس :مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم
117
وقتي إما مسابقة عامة أو اختبار أو النتصار على القران أو غير ذلممك
من السباب الدنيوية أما إذا كان الحفظ لوجه ال تعالى فل يمكممن أن
يسلك هذا المسلك الخاطئ المخالف لمنهج النبي صلى ال عليه وسلم .
إن الطريق الطويل يقطع على مراحل بيممن كممل مرحلممة وأخممرى
فاصل يتم فيه إعلن نهاية المرحلممة السممابقة وتحديممد موعممد لبدايممة
المرحلة التالية وموعد لنهايتها وكلما كان تخطيممط هممذه المراحممل
مناسبا كلما كان السير أثبممت وأدوم وتممذكر دائممما أن )مممن كممبر
ًة
اللقمة غص( فاجعل إنجازك لهدافك مثل أكلك لطعامك لقمة لقممم
ووجبة وجبة ل توقف فيه ول اندفاع بل يوما بيوم باستمرار.
ومن تطبيقات هذا المفتاح المرونة مع المتغيرات وعممدم التحجممر
على نمط معين أو مستوى محدد ل تحيد عنه بل يجب التكيف التام مع
المتغيرات نفسيا وعمليا بمعنى أنه في حال النشاط والفممراغ وحصممول
الفرص يكون لك مقياس ،وفي حال الفتور أو النشغال أو عممدم تمموفر
الفرص يكون لك مقياس آخر وبين هذا وهذا تدرجات يلممزم أن تكممون
خبيرا بها وتعطي كل ظرف ما يستحقه ،وتحذر مممن إكممراه النفممس
إلى أن تسقط بل يجب سياستها حال الفتور إلى أن تنقشع تلك الحالممة
وتزول وتكون قد سرت في تلك الفترة بالحد الدنى مما يمكن تحقيقه
بدل الفلس التام .
118
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
)أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد
الجسد كله أل وهي القلب(.
ْعِطم ُت َول فالذكر والنسيان محله القلب كما قال الم تعممالى } :
طا{ ] سممورة الكهممف -ًُرُ
ُه فُرْم َن أ
َ كا
َ َو ُه
َوا َه َعَتب
َ َوا
ّ ِر
َناكِْذْنَعُه
ْلب
َ َقَنا
ْلَفْغْن أ
َ َم
ْنِكَل
َو ِهِبْم ْأ
ُت َط
ْخَما أ
َ ِفي ٌحَناُجْمُك
ْيَل
َع َس ْي
َلَو الية [ 28 :وقال ال تعالى } :
ما{ ] سممورة الحممزاب -اليممة [ 5 : ًممِحي َر ًراُفو َغُهَل
َن ال
ّ كا
َ َوْمُك
ُلوب
ُ ُق
ْت َدَم
َّعَتَما
فالقلب هو محل الذاكرة ومحممل الدراك ومعالجممة المعلومممات وهممو
محل الرادة وإصدار الوامر ومنه تتشكل شخصية النسان.
من ينظر ويتأمل يدرك أن النسان ما هو إل ذاكرة ،فعلم النفممس
حقيقته علم الذاكرة وكل علومه تتفرع عنه وتدور عليممه بشممكل أو
آخر وهذا يفسر لنا بوضوح سممر رواج )البرمجممة اللغويممة العصممبية(
لنها ركزت على هذا الجانب وما يتصل به من أمور الحيمماة وبطممرق
عملية لذلك استحوذت علممى اهتمممام كممثير مممن النمماس مممن مختلممف
الطبقات .
وما يسمى بغسيل الدماغ ما هو إل نوع من مسممخ النسممان وجعلممه
بدون ذاكرة أو بذاكرة ضعيفة أو بسلبه بعض المعلومات وهممذا يتممم
بطرق وحيل نفسية معروفة
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
123
المطلوبة ،والذن والعين وباقي الحواس أدوات نقل ووسيطة بينه وبين
العالم الخارجي .
وتقسيم الناس إلى أنماط ثلثممة :سمممعي وبصممري وحسممي كممما
يقول ذلك أهل البرمجة غير صحيح ،وما يوجد من اختلف في طبمماع
الناس ل يمكن تقسيمه بهممذه الصممورة بممل لممه كلم آخممر ليممس هممذا
موضعه ،ومن يقرأ كتممب البرمجممة أو يحمماور مممدربيها يجممد أنهممم
يتناقضون حين يناقشون بأمثلة من الواقع فيلجؤون إلى القول بالنمط
الغالب ....الخ
ما يؤثر في تكوين شخصية النسان أمران هما :الصوت والصممورة
وطريقهما السمع والبصر أما باقي الحواس فهي لتمييممز الشممياء مممن
حولنا والحكم عليها بالقبول أو الرفض ومممن ذلممك الممروائح وملمممس
السطح وحرارتها وذوق الطعمممة والشممربة ،أممما ممما يتعلممق بممالعلم
والدراك الذي يتوقف عليه البناء النفسي فهممو مقصممور علممى السمممع
والبصر لذلك اقتصر التنويه بهما في القرآن في كممل المواضممع الممتي
ورد فيها أدوات التعلم.
ووجه إفراد السمع وجمع البصر في القرآن الكريم -وال أعلم -أن
النسان ل يستطيع أن يستمع إلى متكلمين في وقت واحد ،أممما البصممر
126
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
بإذن ال تعالى يأتي مزيد بيان لهذه القضية التربوية المهمة في ) :مشروع تعليم اللغة
()1
العربية،ومعجم اللغة التربوي( ،وهو يعالج تعليم اللغة من جوانبها الثلثة :القراءة )الهجاء( ،والكتابة
)الملء( ،والتحدث )التعبير والنشاء( ،وهذا المشروع بديل لما يعرف بالقاعدة البغدادية ،أو القاعدة
128
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
لم تتضمن مفاتيح الذاكرة تمارين عملية لنها ليست مممن صممميم
الكتاب وقد تلحق فممي مممذكرة مسممتقلة ،أو يممترك المجممال لجتهمماد
المعلمين والمعلمات فيهمما خاصممة أن المممادة العلميممة لهممذه المفاتيممح
تضمنت ما يساعد على البتكار والبداع في هذا الجانب .
جرب أن تحفظ مستخدما ما تستطيع من هذه المفاتيمح واكتشمف
الفرق ما تجد أنك تنتفع منه أكبر ركز عليه بصورة أكبر وأدخلممه
ضمن استراتيجياتك وتدرب عليه حتى تتقنه.
البعض ل يزال يشتكي من تأخره وهو لو سممألته ممما هممي مفاتيممح
ل يعرف ما هي فضل عن فهمهمما وحفظهمما الذاكره يقول ل أدري !
والتدريب عليها
إن تطبيقك الكامل والمفصل لهذه المفاتيح أثناء حفممظ القممرآن ل
يقتصر نفعه عليه فقط بل يتعداه إلى كل مجالت الحياة على العكممس
من شخص يحفظ دون تعلم مفاتيح الذاكرة ومحاولة تطبيقها .
تعلم هذه المفاتيح وافهمها وتدرب عليها في كل فرصة
سجل مستواك الن ثم بعد مضي ستة أشممهر أعممد الختبممار نفسممه
وقارن وانظر الفرق فإن وجدت نفعا فالحمد ل م وإن لممم تجممد فأعممد
النورانية ،ونحوهما من طرق تعليم القراءة للمبتدئين ،من خلل معجم ميسر يبدأ بالحروف المفردة
النظر وارجع البصر لعلك تكتشف موطن النقممص ومحممل العلممة فيتممم
علجه ويتم الشفاء بإذن ال تعالى.
هذه 31مفتاحا لدارة ذاكرتك وترقيتها وإصلحها ،اسممأل نفسممك
كم مفتاحا من هذه المفاتيح تستخدم فممي حياتممك اليوميممة وبصممورة
صحيحة.
لعلك تلحظ أن مفاتيح تدبر القرآن هي جزء من هذه المفاتيح.
يمكنك التوقف عن لوم ذاكرتك واتهامها بالنسيان والعتراف بممأن
التقصير منك حيث لم تسعفها بممالوقود اللزم لعملهمما فمماحزم أمممرك
واستدرك ما تبقى من عمممرك لتسممتمع بحياتممك بممدل أن تعيممش بيممن
تفريط ولوم .
إذا أخذت المممر بمأخممذ الجممد وسممعيت فممي تعلممم هممذه المفاتيممح
وتطبيقها فبعون ال تعالى سيتضاعف مستوى ذاكرتك ثلث مممرات أو
أكثر عما هي عليه الن وستوصف بأنك فعل قد تغيرت.
لقد وهبنا ال طاقات وقدرات من اجتهد فممي تنميتهمما واسممتثمارها
استفاد ومن قصر وأهمل فقد جنى على نفسه.
أهمية الذاكرة ليس للدنيا فقط ،بل هي للدين والممدنيا وللخممرة،
إنه أمضى سلح في وجه الشيطان ،وأقوى حصن من المراض النفسممية
130
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
بإذن ال تعالى ،وذلك حينما يتم بناء ذاكممرة الطفممل بشممكل مممدروس
ومنهجي ،نضع فيه بعناية ما نريد مما يفيد.
حياة النسان متوقفة على ما يتذكره مممن معلومممات فلممو قممدر أن
اختلت هذه الذاكرة لم يستطع أن يسير فممي حيمماته حممتى فممي نممومه
وطعامه وشرابه ومسكنه ولباسه فضل عن عملممه وممما يممراد منممه مممن
إنجازات حضارية.
مفاتيح الذاكرة هي مفاتيح النفس هممي مفاتيممح صممناعة النسممان
فليس الموضمموع ترفمما علميمما أو بحثمما أكاديميمما إنهمما تقنيممة مهمممة
وضرورية لكل إنسان عليه أن يتعلمها بأي ثمن وان يستفيد منهمما فممي
كل لحظة من حياته وفي كل جهة من جهاته.
هذه المفاتيممح حقيبممة تدريبيممة متكاملممة لصممناعة نفممس النسممان
وتشكيلها الشكل المطلوب وأجزم أني لم أوفها حقها ذلك أنهمما تحتمماج
إلى زيادة جمع وإلى تكامل وربط وتحتاج إلى طول ممارسمة وكمثرة
تجارب .
-20التاء :تبكير
-21التاء :تقسيم
-22الميم :مكان
-23الياء :يلخص
-24الزاي :زمان
-25اللم :لغة
-26الذال :ذكر ال
-27اللف :استعاذة
-28التاء :تسميع
-29النون :نشاط البدن
-30الصاد :صيام
-31التاء :تدريب وتمرين .
فتكرار دون ربط يعني عدم انتباه وعدم وعي ،وربممط دون تكممرار
يعني نسيان الرابط وعدم تثبيته.
وأي جهد يقوم علممى تجميممع المشممابه تجميعمما مجممردا ومحاولممة
المقارنة بينها دون ارتباط بقواعد فهو جهد قاصر وقد يزيممد التشممابه
على الحافظ.
والتشابه أمر نسبي يتفاوت فيه الحافظون فقد يشتبه على أحممدهم
مال يشتبه على الخر .
يمكنك الستفادة من برنامج )المكتبة الشاملة( الصدار الثاني ،حيث
يمكنك البحث عن اليات المتشابهة ،فيسردها لك البرنامج فتتأمل فيهمما
وتقارن بينها ثم تستنتج قاعممدة تربممط بينهمما فيممزول بممذلك التشممابه
ويسهل عليك حفظها ،ومن لم يتوفر له البرنامج فيمكنه الستفادة مممن
)معجم ألفاظ القرآن الكريم( لمحمد فؤاد عبد الباقي.
وقواعد ضبط المتشابه كثيرة منها :
أول :قاعدة كليات المتشابه:
ويراد بها ضبط ما ورد متشابها بضابط كلي يزيل التشابه.
مثال :1
} له ما في السماوات والرض { وردت في البقرة ، 116والنحممل
،52والحشر 24وبقية القرآن :له ما في السماوات وممما فممي الرض ،
وهو في تسعة مواضع.
138
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
مثال :2
} أفلم يروا{ وردت فقط في سورة سبا الية 9
}ألم يروا { وردت في خمسة مواضع :النعممام ، 6العممراف 148مم،
النحل ، 79النمل ، 86يس 31
وبقية القرآن } أولم يروا{ في 12موضعا أولها في الرعد ، 41وكل
ما في العنكبوت بالواو .
مثال :3
} سيروا في الرض ثم انظممروا { وردت فممي النعممام 11فقممط
وبقية القرآن بالفاء وهو في خمسة مواضع أولها آل عمران 137
مثال :4
} أفل تتذكرون { في موضعين فقممط :النعممام ، 6والسممجدة ،4
وباقي القرآن بتاء واحدة وهو في سبعة مواضع.
مثال :5
} -1ولكن أكثرهم{ }-2 ،ولكن أكثر الناس{
كل ما في النعام ،ويونس ،والنمل ،والقصص ،والزمر ،والممدخان،
والطور ،فمن الول.
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
139
مثال:
جاء في سورة السراء قوله تعالى } ولقد صرفنا للناس فممي هممذا
القرآن { وجاء في سورة الكهف قوله تعالى } :ولقد صرفنا في هممذا
القرآن للناس{ ولضبط هاتين اليتين نقول جماء فمي سممورة السمراء
تقديم كلمة الناس وبينها وبين اسم السورة حرف مشترك هو حممرف
السين .
رابعا :قاعدة الربط بالتجويد:
مثال:
جاء في سورة المجادلة الية 17قوله تعممالى } :لممن تغنممي عنهممم
أموالهم ول أولدهممم مممن الم شمميئا أولئك أصممحاب النممار هممم فيهمما
خالدون{ ولنه قد تشتبه كلمة }أولئك{ هل هي بمالواو أو بمالهمزة
نقول إن الحكم هنا إظهار وليس إدغام.
خامسا :قاعدة الترتيب:
مثال:
ِب
َممماْم
ُه
ُل
ُج
ْر
َوأ
َ ْمِدي
ِه ْي
َوأ
َ ْم
ُه
ُتِس
َنْل ِه
ْم أ
َ ْي
َل
َع
ُد
َه
ْش
َت
َم
ْو
َي
قول ال تعالى } :
] سورة النور -الية [ 24 : َن{
ُلو
َم
ْع
َي
ُنوا
كا
َ
جاءت بالترتيب من العلى إلى السفل بالنسبة لجسم النسان.
سادسا :قاعدة ليس
مثال:
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
141
مما يشتبه على بعض الحفاظ اليتان في عدة المتوفى عنها زوجهمما
في سورة البقرة الية ، 234والية 240ومما يضممبط حفممظ همماتين
اليتين ويزيل التشابه أن تدرك أن الية الولى تكررت فيها الباء سممبع
مرات ،بينما الية الثانية ليس فيها حرف الباء مطلقا.
التركيز يعني القبال الكامل الكلي على ممما يممراد تممذكره وعممدم
انشغال الذهن عنه بأمر آخر داخليا أو خارجيا .
ويتحكم في تحقيق هذا المفتاح بعض المفاتيح الخرى للممذاكرة
مثل :مفتاح الحب ،ومفتاح الجهر ،ومفتاح المكممان حيممث ل صمموت ول
صورة ،ومفتاح التدريب والرياضة،فكلها تساعد على تقويته.
هناك الكثير من التدريبات تحاول تنمية هذه المهارة وينتممج عنهمما
قوة الملحظة والنظر الدقيق العميق لما يراد تذكره وفهمه وإن مممن
أقوى التدريبات لهذا المفتاح هو الصلة وقراءة القممرآن حفظمما ،إنهممما
تدريبان مهمان يكشفان لك عن مستوى قدرتك علممى الممتركيز ومممدى
حاجتك لزيادته ورفعه.
142
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
ومن فوائد هذا المفتاح تمموفير المموقت ،فممما يحتمماج حفظممه إلممى
عشرين دقيقة بدون هذا المفتاح يمكن حفظممه فممي سممبع دقممائق عنممد
تطبيقه .
ِن ْبم َة َم ْقب ُع ومن تطبيقات مفتاح التركيز في الحياة ما جاء في حممديث
ِتي ْوب
َ َم ْت ن َء َجمما ِل ف
َ ِب م ِل ُة ا َي م َعاِر َنمما ْي
َل َع ْت كممان
َ َ َل َقمما ٍر رضي ال عنه ِم َعا
ِ ٍ
ُث ّد َح م ُي ًما ِئَقا َمَل
َّسَو ِه ْي َلَع ُه َل
َّلى ال ّ َص ِه َل
ّ َل ال ُسو َر ُت ك ْ َر ْدَأ
َ ّي ف ِشَع ِب َها ُتْح َو
ّ َر ف
َ
ُمُقممو َي َم
ّ ُث ُهَء ضو ُ ُو ُن ِس ْح ُيُف
َ ضأ َ
ّ َوَتَي ٍم ِلْس ُم ْنِم َما ِه ِل ْو َق ْن ِم ُت ك ْ َرْدَأ
َ َس ف َناّ ال
ِ
َل َقمما ُة َن م
ّ َج ْل ُه اَل م ْت َجب
َ َو ِإل ِه
ِه ْج َو َو ِه ِبْلَقِب َماِه ْيَل َع ٌل ِبْق ُم ِن ْي َتَعك ْ َر ّلي َص ُي ف
َ
ُت ْر َظم َنَُد ف َو ْجم َهمما أ
َ َلْب َق ِتي َل
ُل ا
ّ ُقو َي َيّ َد َي َن ْي
ٌل ب
َ ِئ َقا َذاِإ ِه ف
َ ِذ َه َد َوْج َما أ
َ ُتْلُق ف
َ
ِ
ُ َ
ّض مأ َو َت َي ٍ
َح مد ْن أ
َ ِ
ْم م م ُك م ِ
ْن
َما م َل َقا ًفا ِ
َت آن ْئِ
َك ج ُت ْي َرأ
َ ْدَق ّني ِإ َل َقا ُرَم ُع َذا ِإف
َ
ًداَم م
ّ َح ُم َن
ّ َوأ
َ ُه ِإل ال
َل م
ّ َه ِإ
َل م ْن ل ُد أ
َ َه ْش َُل أ ُقو َي َم
ّ ُث َء ضو ُ َو ْل ُغ ا ِب ْسُي ْو ف
َ ُغ أ
َ ِلْب ُي ف
َ
ِ
َءَشمما َها ّي ْن أ
َ ِم ُل خُْدَي ُة َي ِنَما َثِة ال
ّ َن
َج
ّ ْلُب ا َوا ْب
ُه أ
َ َل ْت َح ِت ِإل ف
ُ ُه ُلُسو َر َو ِه َل
ُد ال
ّ ْب َع
)(1
ِه
ْي مَف
ك
َّ َلممى َع َغَرْف
َ ٍء ف
َ مأ ِإن
َمما ِب َعا
َد َن رضي ال عنه أنه َفا
َّع َنْبَنَماْث
ُعوعن
َم
ُم
ّ َق ث
َش مْنَت
ْس َوا َض َمْض مَمِء ف
َ َناِلِفي ا ُهِمي
َن َيَلخ
َ ْدَم أ
َ ُّث َماُه َل
َسَغٍر ف
َ َراِم
َثَثل
َم
ُثمم
ّ ِه
ِسمم ْأ
َرِب َحَسَم َم
ُث
ّ ٍر
َراِم َث َثل ِن
ْي
َقْرف
َ ِمْل
َلى اِإِهْيَد
َيَو ًثاَثل ُه
َهْجَو
َلَس
َغ
َلمم
ُه َلى ال
ّ ّ ِه
َصممَل
ُل ال
ّ ُسو
َر
َل
َقا
َل
َقا
َمِن
ُث
ّ ْي
ْعب
َ َك
ْل ِإ
َلى اٍر ِم
َراَث ِه
َثلْي
َلِر
ْجَل
َس
َغ
يمكنه أن يسرح خياله بعيدا عما يقرأ أما من يكتفممي بتشممغيل الصمموت
دون الصورة فتجد ذهنه ينشغل بينما هو يقرأ .
مثال :2
من يتابع الذان بأذنه أي بالصوت فقط بينما عينه أي الصورة تدور
في كل مكان فهذا ل يمكنه التركيز .
مثال :3
ِ
ّبح بعد الصلة بلسانه وعينه تدور في كممل جهممات المسممجد
ُيسمن
فمثل هذا غير منتبه لما يقول .
قد ذكرت في مفاتح تدبر السنة أنواعا من التركيز فممي المفتمماح
الثالث من مفاتح تدبر السنة .
شرود الذهن أثناء الحفظ علجه يكون بضغط الموقت فتحمدد مثل
عشر دقائق تقول يجب أن أحفظ هذا المقطع قبل أن ينتهي هذا الوقت.
ومنه تقسيم الوقت الطويل إلى فترات قصيرة يفصممل بينهمما وقممت
راحة مثل كل نصف ساعة منها خمس دقائق راحة فهذا يفيد جدا فممي
توليد التركيز .
وإن مما يحقممق الممتركيز وخاصممة عنممد التسممميع الممذاتي مسممك
المصحف وتركيز النظر إليممه فهممو يعطممي نوعمما مممن الراحممة حيممن
القراءة.
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
145
إن حضور النية ومعرفة الهدف سممبب مهممم فممي تقويممة وتنشمميط
الذاكرة فمن يملك إجابة واضحة ومكبرة عممن سممؤال :لممماذا أحفممظ
هذا ؟ أو لماذا أريد تذكر هذا الشيء ؟ فإنه يمكنه حفظممه أو تممذكره
ومن ل يملك هذه الجابة أو تكون غامضة وصغيرة في ذهنه فحري به
أن ينسى أو أل يحفظ أصل .
146
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إنك في اللحظة التي تتذكر فيها هذا السؤال وتكون الجابة قويممة
ومقنعة فإن قلبك يفتح أبوابه ويرحب بهذه المعلومممة ويختزنهمما فممي
مكان أمين .
إن التكرار إذا تم لمرات كثيرة دون حضممور لنيممة الحفممظ ونيممة
العلم وغيرها من النيات الصحيحة فإن أثر التكرار في تثممبيت الحفممظ
يكون أقل فل بد من حضور النية والهدف أثناء الحفظ من أجل زيادة
كفاءة الذاكرة وتسريع عملية الحفظ .
الثاني :أنه يولد روابط صوتية سمعية تعين على تثبيت الحفظ ،أل
تلحظ أن بعضهم حين يعجممز عممن تممذكر معلومممة فممإنه يحمماول أن
ينطقها بلحن معين فتجده يتذكرها.
وكلما كانت القراءة مشدودة قوية كان الحفظ أقوى وأسرع
إن القراءة الخاملة الرخوة ل توجد إل حفظا يشبهها .
ومن الملحظ في الونة الخيرة على حلقات تحفيظ القممرآن فممي
ِ
ّيع مفتمماح الجهممر وأثممره
ُيض
المساجد عدم جهر الطلب بالقراءة وهذا
المهم في سرعة وقوة الحفظ ،وحين تناقش بعض المعلمين فممي هممذه
القضية يعتذر بأن الجهر يسبب تشويش بعضهم على بعض ،هذا صحيح
إذا كان الذي يجهممر بممالقراءة بعضممهم دون الخممر وبطبقممات صمموت
متباينة لكن إذا جهر الجميع وبطبقة صوت متقاربة فإن هذا التشممويش
ل يوجد ومثاله قراءة المنتظرين لصمملة الجمعممة فممإنه يوجممد جهممر
متناسق والكل يستفيد من مفتاح الجهر لزيادة الحفظ أو زيادة التدبر
والفهم ،لقد كانت الحلقات القرآنية إلى وقممت قريممب تطبممق مفتمماح
الجهر حتى إن المعلم ليدرك انشغال الطلب وانصرافهم عممن القممراءة
بذهاب صوتهم فيعيدهم إلى الجهر مرة أخرى .
148
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
الراحمين ،دائما توقع حصول الخير ،وثق أنك ستحفظ ،وأنك تتممذكر،
إذ هو سبحانه المعين ،وهذا خير من اليممأس مممن رحمممة المم ،وتوقممع
النقممص فممي كممل وقممت ،واتهممام نفسممك بضممعف الحفممظ ،وضممعف
الذاكرة،احرص دائما أن تسأل ال عز وجل زيادة العلم والعانممة علممى
الذكر من خلل الدعية المأثورة الواردة في هذا المعنى.
وأنبه في هذا المقام إلى عدم نسبة الفضممل إلممى النفممس وأحممذر مممما
يقوله بعض المدربين :ثق بنفسك ،أو أنا قادر ونحو هممذا بممل دائممما
تيقن أن ال يعطيك وأن ال سبحانه وتعالى عند ظممن عبممده بممه فممإن
َلى
َّص ِه
َل
ِّل الُسوَرْن
َعَة
َرْي
َر
ُهِبي
ْن أ
َ َعظننت به خيرا أعطاك أخرج أحمد
ِ
ِ
َن بممي
َّظ م ِ
ْن ِ ِ
ْبدي بي إ
َعّنَظَدِع
ْن َنا
َل أ
َ َل
َقاّ
َجَوَز
َّع َهَل
َن ال
ّ ّ َل
َم أ
َ َّس ِه
َو ْي
َل
َع ُهَل
ال
ّ
ُه(1).
َلًرا ف
َ َش
ّ َن
َّظ ْنِإ
َو
ُه
َلًرا ف
َ ْيخ
َ
الوقت فهذا الماء القليل على لطافته وضعفه فإنه اكتسب قمموة بسممبب
الستمرار والتتابع حتى استطاع أن يخرق الحجر .
وبناء عليه فيجب الستمرار في تكرار ما يراد تثبيته وعدم تركممه
إطلقا ومما يساعد على الستمرار كونه قليل إذ يصبح سممهل خفيفمما
تتحمس النفس للقيام به أما إذا كان كثيرا فهذا ممدعاة إلمى التعمثر
والتوقف كما جاء في الثر :كالمنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقممى ،
وكقولهم ) :من كبر اللقمة غص( فمن أجل تحسين الذاكرة وحفظ
قوي متين يجب تطبيق هذا المفتاح .
بل ريب أن حفظ المرتب أسهل بمممرات كممثيرة مممن حفممظ غيممر
المرتب فلو طلب منك حفظ عشرة أسممماء أو أرقممام وكممانت مبعممثرة
فاستطعت ترتيبها بأي شكل ستجد أن حفظها بعممد ترتيبهمما وترقيمهمما
برقم مسلسل يختصر المموقت اللزم لحفظهمما ويكسممب الحفممظ ثباتمما
وقوة.
وكذلك حفظ موجودات مكان معين إن كانت مرتبة أمكن حفظها
ومثله الكتاب والمجلة والجريدة كلما كان الترتيب فيها أقوى كممان
حفظ واستحضار ما فيها أسهل.
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
151
التحدي المسبق لحفممظ ممما يممراد مممن أهممم المنشممطات الذهنيممة ،
والتحدي قد يكون من النسان لنفسه أو من غيره وقد يكون من طرف
واحد أو منافسة بين مجموعات فاستفد من هممذا المعنممى النفسممي فممي
تنشيط ذاكرتك.
ومن صور التحدي أن تعد أحدا بوعممد كلممما حصممل منممك حفممظ
وتحقيق لما تريد وقد سبق ذكر هذا المبدأ في مفاتح حفممظ القممرآن
ضمن المفتاح الخامس )عقب(.
ومن التجارب القيمة ول زال يعمل بها حتى الن :الحفظ بطريقة
اللوح وهو في بعض بلد أفريقيا مثل موريتانيا والصممومال والسممودان
حيث يكتب الستاذ للطالب اليات بالرسممم العثممماني علممى اللمموح ثممم
ُيقرئها للطالب لفظا وخطا وبعد حفظهمما يقمموم الطممالب بمحوهمما ثمم
كتابتها من حفظه مرة أخرى.
ويمكن في الوقت الحاضر اسممتعمال السممبورة البيضمماء ذات القلم
الملونة وذلك للقيام برسم ما تم حفظه من المصحف لجممل الختبممار
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
153
فإنه يوقظ جاريته ويحدثها بما حفظ فتقول لممه :ل افقممه شمميئا مممما
تقول ،فيجيبها بقوله :إنما أريد الحفظ.
ومن تطبيقات هممذا المفتمماح المامممة بممما تحفممظ فممي الصمملوات
الجهرية ويعتبر شهر رمضان من أهم المواسم لتطبيق هذا المفتاح .
وقد تتبنى حلقات تحفيظ القرآن مثمل همذا العممل حيمث يتنمماوب
الطلب المامة بزملئهم ،ويمكن تطبيقه في السرة .
ومن تطبيقات هذا المفتاح أيضا أن يقوم الحممافظ بتفسممير اليممات
حفظا في درس خاص او عام.
ومن تطبيقاته في الفوائد والقصص والخبممار أن تقممرأ أو تسممتمع
بنية من سيحدث الخرين بذلك فالملحظ أن وجود هذه النية لها أثممر
كبير في التركيز والنتباه وضبط ما يقرأ أو يسمع .
ومن تطبيقات هذا المفتاح ما نسمع عنه مممن حفممظ أرقممام اليممات
ومكان الية من الصفحة كل هذا ليس معجزا إنما يحتاج إلممى تشممغيل
هذا المفتاح ومن ثم يعطي الحفظ قوة ومتانة.
ِ
ّمع له -يقفز من سورة إلى سممورة ومممن
ُتستجد الشخص -وأنت
وجه إلى آخر دون وعي والسبب في هذا عدم التصموير أثنماء الحفمظ،
فحفظ موقع ومكان ما يراد حفظه له أثممر قمموي فممي سممرعة الحفممظ
وتثبيته
قام بعضهم بلعبة تصوير أثاث غرفتممه يقممول :فممي البدايممة كممانت
اللعبة تستغرق دقيقة أو دقيقتين ولكن في كل مرة أعيد فيها التجربة
تستغرق وقتا أطول لقد حاولت رؤية كل قطع الثاث وأي شيء عليها
ثم تفاصيل أي شيء وأخيرا تفاصيل التفاصيل مثل سن صغيرة جدا أو
قشرة خشبية أو حافة مكسورة أو نقطة طلء لقد وجممدت أنممه كلممما
فكرت أكثر أحصل على تفاصيل أكممثر نصممفها شممبه منسممي أو غيممر
ملحظ "اهم) (1هذا مثل ذكرته لبين أن تكممرار التصمموير يفيممد فممي
اكتشاف أشياء جديدة في كل مرة ويسممتفاد منممه هنمما فممي التصمموير
الدقيق للصفحة التي تحفظهمما وأن ذلممك يحصممل مممرة بعممد مممرة ول
س :كم مرة ورد ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتممم صممادقين (
وأين ؟
س :من هم النبياء والمم الذين ورد ذكرهم في سورة ص.
س :قارن بين اليات الواردة في بسط الرزق .
س) :غساقا( ) ،غساق( أين ورد كل من الكلمتين.
س :اذكر ما ورد في البحر ،السماء ،الرض.
ونحو هذا من السئلة كثير جدا وهي تفيد في زيادة قوة الحفممظ
وفي تنشيط الذهن وتدريب قوة الملحظة حين القراءة ،وفيهمما إثممارة
ومتعة يمكن شغل وقت فراغ الطلب بها وخاصة في الدورات المكثفممة
في الوقات المخصصة للراحة .
الحفظ قبيل النوم أو بعد الستيقاظ مممن أفضممل الوقممات هممذا إن
كان النوم كافيا وكان ليل وكونه بعد الستيقاظ أقوى لنه يضمماف
إليه قوة ونشاط البدن.
والنوم يريح النفس والروح ويعيد إليها نشاطها حيمث تمسمك عمن
الحركة فترة ثم تعود إلى نشاطها.
158
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
والنوم إذا كان وفق هدي النبي صلى ال عليه وسمملم كممان عونمما
للذاكرة لتعمل بشكل صحيح ،ويتلخص في أمرين :
الول :النوم المبكر بعد العشاء مباشرة.
الثاني :الستيقاظ قبل الفجر ثم الوضوء والصلة.
هذان أمران مهمان لنشاط الذاكرة وعملها بشكل صحيح.
إن عجزت عن الولى فل يصح أبدا أن تعجز عممن الثانيممة يجممب أن
تستيقظ قبل الفجر ولو بدقائق بقممدر ممما تتطهممر وتصمملي ركعممتين
خفيفتين إنه عمل يستحق الهتمام بل هو كنز عظيم ل ينفد ،واظممب
على هذه العادة وسترى أثرها على حياتك اليومية.
وقد جاء بيان هذين المرين وأهميتهممما فممي عممدد مممن الحمماديث
وليس هذا موطن تفصيل الكلم عنها.
هناك علقة طردية بين القدرة على الحفممظ وبيممن قمموة العزيمممة
واتخاذ القرار ،فل شيء يعيق الحفظ ويعيق التذكر مثل التردد ،فإذا
كنت تريد الحفظ فاعزم وقرر واقطع التردد.
وبإمكانك تجربة أثر هذا المفتاح على سممرعة وقمموة الحفممظ فممي
تجربتين منفصلتين :
الولى :أن تعزم وتقرر حفظ مقطع محدد من القمرآن فمي وقمت
محدد .
الثانية :أن تحاول حفظ هذا المقطع وتتمنى لو تيسر لك ذلك في
أقرب فرصة ممكنة .
ينبغي أل تضيع أعمارنا في الماني بل نكون أصممحاب قممرار حاسممم
في كل أمورنا ونتربى على هذه العادة المفيدة جدا فممي جميممع أمممور
الحياة ومنها حفظ القرآن الكريم.
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
161
هذا المفتاح يعني التحضير المبكر لكل ما يراد تذكره قبممل وقتممه
بمدة كافية سواء كانت مواعيد أو أشممياء يممراد اصممطحابها أو كممان
اختبارا تحريريمما أو شممفهيا أو كممانت خطبممة أو خطابمما أو تحضمميرا
162
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
إن الفكار البداعية تحلق في سمائك فإن أمسكت بها استفدت منهمما
وإل ذهبت وتركتك.
كل الناس تمر بهم هذه الخواطر والفكممار لكنهممم يختلفممون فممي
الهتمام بها وصيدها ،فكممم مممن الخممواطر اليمانيممة ،خممواطر التوبممة
والصلح والتغيير والتطوير تزور النسان فإن لممم يممأبه بهمما رحلممت
وتركته يعيش في نقصه وضعفه .
الذاكرة مثل آلة التصوير كلما كان المكان الذي يمراد التصموير
فيه خاليا من الصوات والمناظر الملهية كان الحفممظ أسممهل وأقمموى
فالعين هي عدسة الكاميرا والذن هي اللقط فوجممود صممور وأصمموات
كثيرة في المكان يؤدي إلى انطباع ضعيف لما يراد تصويره خاصة إن
كان تطبيق المفاتيح الخرى ضعيفا ،فمثل لو تصورنا طالبمما يحمماول
الحفظ وبجواره من يتكلم وهو بجاهد نفسه على الحفظ ولممم يجهممر
بصوته وهناك مناظر تشغل تفكيره فكيف يحفظ مثل هذا.
المبحث السابع :مفاتيح الذاكرة
165
هذا الطريق فأمامه عمل واضح وكثير ل يبقي وقتا للهو واللعممب بممل
هو المتعة واللهو واللذة،قيل للشافعي :كيف شممهوتك للعلممم ؟ قممال :
أسمع بالحرف –أي الكلمة -مما لم أسمعه فتود أعضائي أن لها أسممماعا
تتنعم به ما تنعمت الذنان)(1
وقال أيضا:
مممممممن وصل غانية سهري لتنقيح العمممممملوم ألذ لي
وطيب عناق
أحمممممممملى من الدوكاء وصرير أقلمي على صفحاتها
والعشاق
نقممممري للقي وألذ ممممممن نقر الفتممممماة لممممدفها
الرمل عن أوراقي
في الدرس أشهى وتمايلي طممممممممربا لحممل عويصة
من مدامة ساق
نوممممممممما وتبغي وأبيت سهممممران المممدجى وتبيته
بعد ذاك لحاقي؟)(2
إن أفضل وسيلة لزيادة ثروتك اللغوية وفي المموقت نفسممه الممثروة
اليمانية هو تدبر القرآن وتممدبر السممنة هممذا هممو الطريممق الصممحيح
للبرمجة اللغوية النفسية للنسان فهل يصح بعد هذا البيممان أن يقممول
أحد كيف أقوي إيماني ؟ كيف أطور ذاتي وأغير ممن حمالي ؟ كيمف
أحل مشاكلي وأصلح أحوالي ؟
ِسي
َت{ ] سورة الكهف -الية [ 24 :قال َ ِإ
َذا نَك
ّب
ََر
ْر
ك
ُْذ
َوا
قال ال تعالى } :
ابن كثير" :ويحتمل في الية وجه آخر وهو أن يكون ال م تعممالى قممد
أرشد من نسي الشيء في كلممه إلمى ذكمر الم تعمالى لن النسميان
منشؤه الشيطان كما قال فتى موسى } :وما أنسممانيه إل الشمميطان أن
أذكره { وذكر ال تعالى يطرد الشيطان فممإذا ذهممب الشمميطان ذهممب
النسيان فذكر ال تعالى سبب للذكر "اهم)(1
بأمور تصرفه عما يريد وتنسيه ما ينفعه وتذكره بما يضممره أو علممى
القل بما ل ينفعه .
فالشيطان يعمل علمى محمورين ينسميك مصمالحك ويمذكرك مما
يضرك فكيده قائم على هذين المحورين على مدار الساعة يلهيك بممأي
طريقة ليس له نظام محدد أو طريق واحدة بل هدفه الوحيد أن يشتت
تفكيرك ويعيقك عن كل شيء ينفعك والعلج والحمد ل تعالى سممهل
ميسور إنه في التصال بمصدر القوة في هذا العالم إنه في اللجوء إلممى
الملك القدير القوي العزيز فهو الكفيل بصد أذاه عنك.
والمتأمل في أذكار وأدعية اليوم والليلة يجد مشروعية الستعاذة
عند كل انتقال من مكان إلى مكان،من وقت إلى وقت،ومممن حممال إلممى
حال ،وتطبيق هذه الذكار والدعيممة يفيممد جممدا فممي قمموة الممذاكرة،
ويعصم من النسيان الذي يضر بالنسان في أمور دينه أو دنياه.
التسميع نوعان تسميع ذاتي وتسميع على الغير ،وهو مهم جدا فممي
تثبيت الحفظ،والتسميع على الغيممر يفمموق التسممميع الممذاتي بممدرجات
كممبيرة ،ومممن منهممج التسممميع :التصممحيح الفمموري أو التصممحيح
المتراخي،الول :يفيد جدا في جعل الطممالب يتأكممد مممن حفظممه قبممل
172
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان
ليس هناك طعام محدد يقوي الحفظ وآخر يؤدي إلى النسمميان بممل
القاعدة في هذا هي الصيام على هدي النبي عليه الصمملة والسمملم مممع
مراعاة اجتناب كل طعام فاسد والحرص على الطعمة التي لم يصمملها
الفساد الصناعي ياي شكل أو لون فمتى استطعت أن تحافظ على قلبممك
من سموم الطعمة تكون قمت بتقوية ذاكرتك.
لحظممت معظممم المشمماهير مممن خلل سمميرهم الذاتيممة أو المقممابلت
العلمية معهم أو السماع عن حياتهم أنهم يكتفممون بأقممل القليممل مممن
الطعام وهذا متواتر على مر العصور واقرأ سير علمائنا وما نقل عنهم
من التحذير من كثرة الطعام وأنها ل تجتمع مع النجمماح فممي الحيمماة
أبدا واقرأ أيضا ما قاله الطباء مممن القممدامى والمعاصممرين فممي هممذه
القضية المهمة)(1
قليل فهذا مما يحمافظ علمى لياقمة القلمب ويجعلمه مسمتعدا للحفمظ
باستمرار.
كل نشاط ذهني تقمموم بممه يعتممبر تممدريبا للممذاكرة ورفعمما مممن
مستواها وترقية لها وفي مقدمة ذلك يأتي تطبيق مفاتح تدبر القممرآن
العشرة فهي بحق تعتبر من أقوى التمارين لتقوية الذاكرة ذلك لنهمما
تعالج القلب وتصلحه ومتى صلح القلب قويت الذاكرة وقوي الحفظ .
فهرس الموضوعات
175
المقدمة5...........................................................................
المبحث الول :مفهوم الحفظ التربوي8.....................................
المسألة الولى :تعريف الحفظ التربوي للقرآن 8......................
المسألة الثانية :محترزات التعريف9........................................
المبحث الثاني :صناعة النسان11.............................................
المسألة الولى :تعريف صناعة النسان11..................................
المسألة الثانية :منهج صناعة النسان12....................................
المسألة الثالثة :العلقة بين صناعة النسان والشيطان24..............:
المسألة الرابعة :من يقوم بصناعة النسان والحياة؟26..................
المسألة الخامسة :صناعة النسان بين الحفظ والفهم28................
المسألة السادسة :مشروعنا الحضاري34...................................
المبحث الثالث :حفظ ألفاظ القرآن الكريم40.............................
المسألة الولى :نظام الحفظ السبوعي التفصيلي40....................
المسألة الثانية :نظام الحفظ السبوعي العام46..........................
المسألة الثالثة :تحزيب القرآن بالسور55..................................
المسألة الرابعة :لماذا الحفظ السبوعي59................................
المسألة :الخامسة :الحفظ السبوعي في الدورات المكثفة62..........
المسألة السادسة :حفظ القرآن في مدارس تحفيظ القرآن66........:
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسان
176