You are on page 1of 179

‫الحفظ التربوي للقرآن‬

‫وصناعة النسان‬
‫صفحة الردمك‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫خالية‬
‫مقدمة‬
‫‪5‬‬

‫المقدمة‬

‫إن الحمد ل نحممده ونسممتعينه ‪ ،‬و نسمتغفره ‪ ،‬ونعموذ بمال ممن‬


‫شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ‪ ،‬ومن يضمملل‬
‫فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك ‪ ،‬وأشهد أن محمممدا‬
‫عبده ورسوله ‪ ،‬صلى ال عليه وعلى أله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا‬
‫‪.‬‬
‫أما بعد فهذه إيضاحات لمسألة تشتد حاجة المة إليها ‪ ،‬وخاصممة إذا‬
‫أصيبت بالضعف واستذلها العداء ‪ ،‬وابتليت بممالمراض ‪ ،‬وعصممفت بهمما‬
‫الفتن‪.‬‬
‫إن إهمال العمل بهذه المسألة هو الباب الذي منه دخل النقص علممى‬
‫المة ‪ ،‬وهو الثغرة التي نفذ منها الكائدون إلى حصوننا بعد أن كممانوا‬
‫يكتفون بالمراقبة وتحين الفرص ‪.‬‬
‫موضوع هذه المسألة هو الداة التي بنيت بممه أول دولممة للسمملم ‪،‬‬
‫وبها يمكن أن يبني المسلمون ما يريدون من الدول القوية في أي مكان‬
‫في العالم إنه )الحفظ التربوي للقممرآن الكريممم ( لسممت فيممما أقممول‬
‫شاعرا يسبح في بحر الحلم ‪ ،‬أو واعظا يحلق في سممماء الممماني‪ ،‬بممل‪،‬‬
‫بين يدي ملف ضخم من التجارب العملية المدونة بكل مصداقية ‪ ،‬وقبل‬
‫الحفظ‬ ‫‪6‬‬
‫التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ذلك كله بين يدي العلم اليقين ‪ ،‬والوعد المكين ممن خلق هذا العالم ‪،‬‬
‫ويدبر شؤونه صباح مساء سبحانه كل يوم هو فمي شمأن ‪ ،‬وهمو وعمد‬
‫ِذي‬
‫َن‬ ‫َل م‬
‫ّ‬‫ُه ا‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫َد ال‬ ‫َع‬ ‫َو‬‫صريح ل يقبل التأويل ول النقاش يقول ال تعالى ‪} :‬‬
‫َف‬‫َل‬
‫ْخ‬ ‫َت‬‫ْسمم‬ ‫َممما ا‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِض‬ ‫ْر‬‫ِفي ال‬
‫َ‬ ‫ْم‬ ‫َن‬
‫ُه‬‫َف‬
‫ّ‬ ‫ِل‬‫ْخ‬‫َت‬‫ْس‬‫َي‬‫َل‬‫ِت‬ ‫ِل‬
‫َحا‬‫َصا‬‫ُلوا ال‬
‫ّ‬ ‫ِم‬‫َع‬‫َو‬ ‫ْم‬‫ُك‬ ‫ْن‬‫ِم‬‫ُنوا‬‫َم‬‫َآ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِممم‬
‫ْن‬ ‫ْم‬ ‫ُه‬‫َن‬
‫ّ‬‫َل‬‫ّد‬‫َبمم‬‫ُي‬‫َل‬
‫َو‬‫ْم‬‫ُه‬‫َل‬ ‫َضى‬ ‫َت‬ ‫ِذي ا‬
‫ْر‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫ُم ا‬‫ُه‬ ‫ِدي‬
‫َن‬ ‫ْم‬
‫ُه‬ ‫َن‬
‫َل‬‫ّ‬‫َن‬
‫ّك‬
‫َم‬‫ُي‬‫َل‬
‫َو‬ ‫ْم‬ ‫ِل‬
‫ِه‬ ‫ْب‬
‫َق‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬‫َن‬ ‫ِذي‬‫َل‬
‫ّ‬‫ا‬
‫َك‬‫ِلمم‬‫َذ‬ ‫َد‬‫ْعمم‬ ‫َر ب‬
‫َ‬ ‫َف‬‫ك‬
‫َ‬ ‫ْن‬‫َم‬ ‫َو‬‫ًئا‬
‫ْي‬‫َش‬‫َن بي‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫ِر‬ ‫ْش‬‫ُي‬‫ِني ل‬‫ُدون‬
‫َ‬ ‫ْعب‬
‫ُ‬ ‫َي‬
‫ًنا‬‫ْم‬‫ْم أ‬
‫َ‬ ‫ِه‬ ‫ِف‬ ‫ْو‬
‫خ‬
‫َ‬ ‫ِد‬‫ْع‬‫ب‬
‫َ‬
‫َن{ ] سورة النور ‪ -‬الية ‪ ،[ 55 :‬والوعد ليس لي أحد إنما‬ ‫ِس‬
‫ُقو‬‫َفا‬
‫ْل‬
‫ُم ا‬
‫ُه‬‫ِئ‬
‫َك‬ ‫ُأو‬
‫َل‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫فقط للذين آمنوا وعملوا الصممالحات‪ ،‬وهممل نظممن أن )آمنمموا وعملمموا‬
‫الصالحات( تأتي بالماني والحلم أو أن الطريق إليها هو الجد والعمل‬
‫وهو متحقق بالحفظ التربوي للقرآن فهو الطريممق السممريع والقمموي‬
‫لتحصيل )آمنوا وعملوا الصالحات( وهو الثمن الذي من دفعممه نممال ممما‬
‫يريد من العزة والتمكين على مستوى الفرد والمجتمع ‪.‬‬
‫ومن أجل توضيح هذه المسألة وضعت بيمن يمديك أخممي المسملم ‪-‬‬
‫أينما كنت ‪ -‬هذه الوراق والتي سميتها ‪ ) :‬الحفممظ الممتربوي للقممرآن‬
‫وصناعة النسان (‬
‫هذا الكتاب يعتبر امتدادا لكتاب مفاتح تممدبر القممرآن والنجمماح فممي‬
‫الحياة فهو حلقة في هممذه السلسمملة الممتي تممبين وتوضممح لكممل مسمملم‬
‫ومسلمة كيفية تحقيق النجاح الشامل في الحياة الممدنيا وفممي الخممرة‬
‫مقدمة‬
‫‪7‬‬

‫من طريق القرآن والسنة الذي قل السالكون له في هممذا الزمممان حيممن‬


‫حصل من بعض الناس النبهار بالحلول المستوردة ‪ ،‬وتهيب آخرون هذا‬
‫الطريق تعظيما واحتراما للقرآن خشية الخطأ وذلك بسممبب القصممور‬
‫في معرفة الطريق وكيفية السير فيه ‪.‬‬
‫أسأل ال الرحمن الرحيم‪ ،‬أن يهدينا الصراط المستقيم ‪ ،‬ويوفقنمما‬
‫لبيان الحق ‪،‬إنه سميع مجيب‪ ،‬وال أعلم وصلى الم وسمملم علممى نبينمما‬
‫محمد وعلى آله وصحبه ‪.‬‬

‫وكتبه ‪/‬‬

‫د ‪ .‬خالممد بممن عبممد‬


‫الكريم اللحم‬

‫الستاذ المساعد بقسممم‬


‫القرآن وعلومه‬

‫جامعة المممام محمممد بممن‬


‫سعود السلمية‬

‫البريممممممممد اللكممممممممتروني‬
‫‪lahim@quranlife.com‬‬
‫الحفظ‬ ‫‪8‬‬
‫التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المبحث الول ‪ :‬مفهوم الحفظ التربوي‬


‫المسللألة الولللى ‪ :‬تعريللف الحفللظ الللتربوي‬ ‫‪‬‬
‫للقرآن‬

‫الحفظ التربوي للقرآن ‪ :‬هو الحفظ المتقن للفاظ القرآن الكريم‬


‫وحفظ معانيه بقوة تيسر استدعاءه عند كممل أمممر مممن أمممور الحيمماة‬
‫بحيث يبقى حاضرا حيا في القلب على مدار الساعة مما يضمن تطبيقه‬
‫والعمل به ‪.‬‬
‫شرح التعريف ‪:‬‬
‫تضمن التعريف أركان الحفظ التربوي الثلثة وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬حفظ اللفاظ ‪.‬‬
‫‪ -2‬حفظ المعاني ‪.‬‬
‫‪ -3‬حفظ العمل ‪.‬‬
‫أما الركن الول فالداة التي تحققه هي الحفظ السبوعي وسيأتي‬
‫تفصيله في المبحث الثالث ‪.‬‬
‫وأما الركن الثاني فالداة التي تحققه هي مفاتح تدبر القرآن وتم‬
‫بيانها وتوضيحها في كتاب مستقل مطبوع‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم الحفظ التربوي‬
‫‪9‬‬

‫وأما الركن الثالث فهو الهممدف والغايممة مممن إنممزال هممذا الكتمماب‬
‫العظيم ‪ ،‬وكان بيانه في المبحث الخامس‪.‬‬
‫إن من يتربى على الحفظ التربوي بهذه الركان الثلثممة يتحقممق‬
‫ِإ‬
‫َن‬
‫ّ‬‫فيه ما وصف ال تعممالى فممي كتممابه المممبين فممي قمموله تعممالى ‪} :‬‬
‫ِت‬ ‫َتمما‬‫ِن‬‫َقا‬‫ْل‬
‫َوا‬ ‫َن‬‫ِتي‬‫ِن‬‫َقمما‬‫ْل‬‫َوا‬ ‫ِت‬ ‫َنمما‬‫ِم‬ ‫ْؤ‬‫ُم‬ ‫ْل‬
‫َوا‬ ‫َن‬‫ِني‬‫ِم‬‫ْؤ‬
‫ُمم‬ ‫ْل‬‫َوا‬ ‫ِت‬ ‫َما‬‫ِل‬‫ْسم‬ ‫ُم‬‫ْل‬
‫َوا‬ ‫ِمي‬
‫َن‬ ‫ِل‬‫ْسم‬ ‫ُم‬‫ْل‬
‫ا‬
‫ِت‬ ‫َعا‬‫ِشم‬ ‫خا‬
‫َ‬ ‫ْل‬
‫َوا‬ ‫َن‬ ‫ِعي‬ ‫ِشم‬ ‫خا‬
‫َ‬ ‫ْل‬‫َوا‬ ‫ِت‬ ‫َرا‬‫ِب‬ ‫َصا‬
‫ّ‬ ‫َوال‬ ‫َن‬ ‫ِب‬
‫ِري‬ ‫َصا‬‫ّ‬ ‫َوال‬ ‫ِت‬ ‫َقا‬‫ِد‬‫َصا‬ ‫ّ‬‫َوال‬ ‫ِقي‬
‫َن‬ ‫ِد‬‫َصا‬ ‫ّ‬‫َوال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم‬‫ُه‬ ‫َج‬ ‫ُرو‬ ‫ُ‬
‫َن ف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحافظي‬ ‫ْل‬‫َوا‬ ‫ِ‬
‫َمات‬ ‫ِ‬
‫َصائ‬ ‫َوال‬ ‫َن‬ ‫ِ‬‫ِ‬
‫َصائمي‬ ‫َوال‬ ‫ِ‬
‫َقات‬ ‫ّد‬ ‫َص‬ ‫َت‬‫ُم‬‫ْل‬‫َوا‬ ‫َن‬ ‫ِ‬
‫ّدقي‬‫َص‬ ‫َت‬‫ُم‬‫ْل‬
‫َوا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ًة‬
‫َر‬ ‫ِف م‬‫ْغ‬‫َم‬
‫ّ‬ ‫ُهممم‬‫َل‬ ‫ُه‬‫َل م‬
‫ّ‬‫َد ال‬‫ّ‬‫َع‬‫ِت أ‬
‫َ‬ ‫َرا‬‫ك‬ ‫ِ‬ ‫َذا‬
‫ّ‬‫َوال‬ ‫ًرا‬‫ِثي‬‫ك‬‫َ‬ ‫َه‬‫َل‬
‫ّ‬‫َن ال‬‫ِري‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫َذا‬
‫ّ‬‫َوال‬ ‫ِت‬‫َظا‬ ‫ِف‬‫َحا‬ ‫ْل‬
‫َوا‬
‫ًما{ ]سورة الحزاب )‪ ، [(35‬وأي نقص في حصول ما جمماء ذكممره‬ ‫ِظي‬‫َع‬ ‫ًرا‬ ‫ْج‬‫َوأ‬
‫َ‬
‫في هذه الية فسببه قصور في تطبيق هذه الركان الثلثة‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬محترزات التعريف‬ ‫‪‬‬

‫بناء على المقياس المرسوم في تعريف وتحديد الحفممظ الممتربوي‬


‫فهناك عدد من الصور الموجودة في واقع المشتغلين بالتربية والتعليم‬
‫بالقرآن الكريم ل تنطبق عليها مقاييسه وبيان ذلك كما يلي‪:‬‬
‫قولنا ‪) :‬الحفظ المتقن للفمماظ القممرآن الكريممم( يخممرج الحفممظ‬
‫الضعيف للفظ‪ ،‬ومقياس الحفظ الضعيف ‪ :‬أنه كل حفظ يرى صمماحبه‬
‫عندما يطلب منه التسميع أنه بحاجة إلى مراجعة‪ ،‬أو هو كل حفممظ ل‬
‫‪10‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫يوجد عند صاحبه الستعداد الفوري المستمر للتسممميع فممي أي لحظمة‬


‫يطلب منه ذلك ‪.‬‬
‫وقولنا ‪) :‬حفظ معانيه( يخرج القتصار على حفظ اللفظ حتى لممو‬
‫كان متقنا فكل حافظ متقن للفاظ القرآن وحروفه ل يطبممق مفاتممح‬
‫تدبر القرآن كاملة فهو عن الحفظ التربوي بمعزل مهما كانت قمموة‬
‫حفظه ودقة ضبطه للفاظ القرآن الكريم ويمكن أن يسمى هذا النمموع‬
‫من الحفظ بممم ) الحفظ اللفظي للقرآن ( لنممه اقتصممر علممى حفممظ‬
‫اللفظ وأهمل حفظ المعنى وحفظ العمل ‪.‬‬
‫وقولنا )بقوة تيسر استدعاءه ‪ (...‬يخرج القتصار على حفظ ألفاظ‬
‫القممرآن وحفممظ معممانيه دون سممعي حممثيث لربطهمما بممالواقع وتكممرار‬
‫للتدريب والتمرين حتى يتم القتران القوي بين العلم والعمل فيحصل‬
‫المقصود من إنزال القرآن والمر بتلوته وحفظه‪.‬‬
‫أنبه إلى أن التعريف لم يشترط الحفظ الكامل للقممرآن بممل يمكممن‬
‫تطبيق أركان الحفظ التربوي وأدواته على أي قدر من القرآن الكريم‬
‫‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪11‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬صناعة النسان‬


‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف صناعة النسان‬ ‫‪‬‬

‫صناعة النسان تعني صناعة قلبه ونفسه وروحممه صممناعة محكمممة‬


‫متكاملة‬
‫هي التزكية العلمية للنفس ‪ ،‬أي بناء النفس بالتدريج حتى ينضممج‬
‫النسان ويستوي على سوقه ‪.‬‬
‫ومصطلح صناعة النسان ورد في القرآن الكريم في قول ال تعالى‬
‫ِ‬‫ِ‬
‫ّنممي‬
‫ّم‬‫ًة‬
‫َم‬‫ّب‬
‫َح‬
‫َم‬‫َك‬‫ْي م‬
‫َل‬
‫َع‬
‫ُت‬
‫ْي م‬
‫َق‬
‫ْل‬
‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ممتنا على نبيه موسى عليممه السمملم ‪} :‬‬
‫ِني{ ])‪ (39‬سورة طمه[ فقد تولى ال سبحانه وتعممالى‬ ‫ْي‬
‫َع‬‫َلى‬‫َع‬‫َع‬
‫َن‬
‫ْص‬ ‫ِل‬
‫ُت‬‫َو‬
‫صناعة أنبيائه وأدبهم فأحسن تأديبهم هيممأ لهممم الفممرص ويسممر لهممم‬
‫السباب التي تسهم في تكوينهم وإعدادهم لحمل رسالته‪.‬‬
‫وصناعة النسان لها أركان وهي المرتكزات أو السس التي تتحكم‬
‫في بنائه وتشكيله وهي أركان النجاح الربعة التي بينها ال تعالى أتم‬
‫بيان في سورة العصر فأركممان صممناعة النسممان الفرديممة والجماعيممة‬
‫أربعة ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬اليمان‬
‫‪12‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الثاني ‪ :‬العمل الصالح‬


‫الثالث ‪ :‬التواصي بالحق‬
‫الرابع ‪ :‬التواصي بالصبر ‪.‬‬
‫وصناعة النسان أيضا لها مواصفات ومقاييس جاء بيانها بكممل دقممة‬
‫وتفصيل في القرآن والسنة ‪.‬‬
‫ٍل مممن‪ :‬أركممان صممناعة النسممان‪،‬‬
‫وقممد كتبممت مبحثمما فممي كمم‬
‫ومواصفاتها‪ ،‬في كتاب القرآن والنجاح‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬منهج صناعة النسان‬ ‫‪‬‬

‫في المسالة السابقة أوضحت تعريف صناعة النسان وأنها تسممتهدف‬


‫نفسه و روحه وعلى هذا فإن منهج صناعة النسان يجب أن يسممير فممي‬
‫هذا الخط ويركز عليه‪ ،‬فصناعة النسان لها جهتان ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬الفكار والمعتقدات والقناعات‬
‫الثانية ‪ :‬المهارات والعادات و السلوك‬
‫والثانية متوقفة على الولمى ومبنيمة عليهما‪ ،‬فصمناعة النسمان إذا‬
‫تتوقف على مقدار القناعات والمعتقدات والفكار التي يمكن غرسها في‬
‫نفس النسان بحيث تشكل حياته ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪13‬‬

‫وعند التأمل والنظر نجد أن الذي يؤثر في صناعة النسان ويممؤثر‬


‫على تفكيره ‪ ،‬ويغير آراءه ويبدل معتقداته وبالتالي سلوكه وأخلقممه‬
‫وتصرفاته فيرسم بذلك شخصيته و منهجه في الحياة ثلثة أمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الكلم أو اللغة ) ويدخل فمي همذا جميمع الوسمائل الناقلمة‬
‫والموصلة للكلم صوتا أو صورة (‬
‫الثاني ‪ :‬النظر والتفكر في الكون والحياة ويدخل فيه النظر إلممى ‪:‬‬
‫القدوات والنماذج والمثلة الماضية أو الحاضرة والتأثر بهم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الحداث والمواقف و الفرص ) وهممذه ل اختيممار للنسممان‬
‫فيها بل هي أقدار تسمماق إليممه إن خيممرا أو شمرا ثمم تختلممف النتيجمة‬
‫باختلف التعامل معها (‬
‫هذه مصادر صناعة النسان في الحياة وبحسب ما يتمموفر لممه منهمما‬
‫تتشكل شخصيته‪.‬‬
‫وعند الموازنممة بينهمما نجممد أن المممر الول هممو أقواهمما وأشممملها‬
‫وأدومها وأعمقها أثرا في معظم الحوال والوقات وهذا عام فممي كممل‬
‫أمور الحياة في كل تخصصاتها ومتطلباتها وفممي مقدمممة ذلممك يممأتي‬
‫البناء الداخلي للنسان إذ هو المنطلق والساس لي أمر آخر يراد مممن‬
‫هذا النسان‬
‫‪14‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫وأيضا فممإن المريممن الخريممن يمكممن بسممهولة ترجمممة وتحويممل‬


‫مضمونهما بواسطة المر الول بكل دقة وبكافة التفصيلت والمشمماعر‬
‫والحاسيس والمؤثرات‪ ،‬فأي حدث مؤثر أو موقف معبر أو نموذج فذ‬
‫فريد يمكن ترجمته بواسطة الكلمات فال أعطى النسان لغة يترجم بها‬
‫كل ما يريد ويحفظه لنفسه أو ينقله إلى الخرين‪.‬‬
‫إن الكلم أو اللغة الحية تتحكم في مشاعر النسان وتديرها إلى أي‬
‫جهة تراد‪ ،‬ألم تر أن إنسانا يستمع لمتكلم فيبكي وآخر يستمع لمتكلم‬
‫فيضحك وثالث يتحمس وينشط وكله كلم لكنه كلم يخممتزن فممي‬
‫حروفه آلف الصور والمشاعر التي يتم نقلهمما عممبر الذن اسممتماعا أو‬
‫العين قراءة ‪ ،‬وهذا التأثير هو الذي يمارسه الخطباء ‪ ،‬وتمارسه أجهزة‬
‫العلم‪.‬‬
‫إننا نرى في الواقع الثر القوي الذي يحدثه المعلم أو الخطيممب أو‬
‫المحامي أو المستشار ‪ ،‬فما الذي يفعله هؤلء؟ وكيممف يحممدثون هممذا‬
‫الثر؟ إنها الثروة اللغوية الحية التي تعممبر عممما فممي النفممس وتصممف‬
‫الواقع بكل دقة وتجسمده تجسمميدا عميقمما وتقممف علممى أبعمماد وخفايمما‬
‫الموضموع المطمروح‪ ،‬تجمد خطيبما يقمف فيهمز الجمماهير ويلهمب‬
‫المشاعر والحاسيس ويغير آراءها ومعتقداتها ‪،‬بينما يقف خطيب آخر‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪15‬‬

‫فل يستطيع الوصول إلى ما وصل إليه الول ‪ ،‬ممما الفممرق ولممماذا ؟ ) (‬
‫‪1‬‬

‫الفرق في الروح التي تسري مممن المتكلممم إلممى المسممتمع فتبعممث فممي‬
‫كلماته الحياة ومن أجل ذلك كانت قراءة النبي صلى ال عليه وسمملم‬
‫للقرآن تحدث الثر العظيم حتى في نفوس الكفار مما يجممبرهم علممى‬
‫العتراف بهذا الثر ‪ ،‬ولهذا السبب فإن الناس يختلف تأثيرهم بممالقرآن‬
‫قراءة وتربية ووعظا ورقية ‪ ،‬فمنهم قموي التمأثير ومنهمم دون ذلمك‪،‬‬
‫ومرجع ذلك كله إلى مقدار حياة مفردات القرآن في نفس القارئ ‪.‬‬
‫الصور في عصرنا الحاضر قد تطورت بشكل ملحوظ وواسع لكممن‬
‫تبقى الكلمات هي سيدة الموقف والمتفوقة في هذا التخصص ولممك أن‬
‫تقارن بين ثلث لوحات إعلن الولى احتوت كلمممات فقممط ‪ ،‬والثانيممة‬
‫صورا فقط‪ ،‬والثالثة كلمات وصور‪ ،‬أيها أقوى أثرا؟ فيممما أحسممب أن‬
‫الثالثة أقوى‪ ،‬ثم الولى‪ ،‬ثم الثانية‪ ،‬وسر قوة الثالثة نابع من الكلمممات‪،‬‬
‫ولعل المتأمل في منهج شركات الدعايممة والعلن يلحممظ باسممتمرار‬

‫يتردد في أوساط الدورات نظرية نقلها البعض من الغرب مفادها ‪ :‬أنه في كل اتصال فإن نسبة أثر‬
‫‪()1‬‬
‫الكلمات‪ :‬سبعة بالمائة ‪ ،‬ونبرة الصوت‪ :‬ثمان وثلثين بالمائة ‪ ،‬ولغة الجسد‪ :‬خمس وخمسين بالمائة وهذا‬

‫غير صحيح بل مدار المر على حياة الكلمات في نفس المتحدث‪ ،‬وحياة الكلمات هي التي تصنع نبرة‬

‫الصوت وهي التي تصنع لغة الجسد ‪ ،‬أما من يتكلف نبرة الصوت ولغة الجسد دون حياة الكلمات فلن يجد‬

‫من الجمهور إنصاتا وقبول مهما فعل‬


‫‪16‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫محاولتهم الربط بكلمة معينة لما يريممدون مممن المسممتهلك تممذكره‬


‫والنتباه إليه‪.‬‬
‫الكلمات تفوق الصور في مهارة التصوير والتجسمميد للمعمماني الذهنيممة‬
‫بمرات عديدة فالنسان الذي ربيت ملكة التصوير اللغوية لممديه يفمموق‬
‫تصويره لما يسمع أي صورة مهما كانت بل إن خياله يتعداها بمراحممل‬
‫بدليل أنه حين يشاهد الصورة يرى أنها أقل مما تخيل‪(1).‬‬

‫إذا نحن أمام قضية تربوية كممبرى والممتي يمكممن تسممميتها بممممم‪:‬‬
‫)التربية بالنصوص(‪.‬‬
‫ماذا نقصد بالنصوص؟‬
‫المقصود بها نصوص القرآن والسنة وما يتصل بها‬
‫النصوص مكونة من كلمات وألفاظ ‪ ،‬وهممي الحممروف المرئيممة أو‬
‫المسموعة‪ ،‬وكل كلمة لها معنى أو أكثر‪ ،‬والمعنى هو كل ممما يممدل‬
‫عليه اللفظ من أمور معهودة في الذهن ‪.‬‬
‫ولنضرب مثال على تفاوت الناس حين سماعهم لكلمة معينة بسبب‬
‫تاريخهم الذهني لها وسجلها العلمي لديهم ‪:‬‬
‫مثل كلمة )مكة( يسمعها مجموعة من الشخاص ‪:‬‬

‫أما قولهم المر ما ترى ل ما تسمع ‪ ،‬فالسبب هو عجز المتكلم عن الوصف بسبب ضعفه اللغوي‪.‬‬
‫‪()1‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪17‬‬

‫الول ‪ :‬يعيش في أقصى الشرق أو الغرب ولول مرة يسمع الكلمممة‬


‫ول يعرف شيئا عنها‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬مسلم يعيش في أحد البلد السلمية وسمع أو قرأ عنها ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬يسكن في مكة منذ سنوات ويقرأ ما كتب عن تاريخها ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬شخص مسؤول عن تطوير مكة من كافة جوانبهمما وقممرأ‬
‫كل ما كتب عنها في الماضمي والحاضمر وهمي ممدار عملمه اليممومي‬
‫ومحور اهتمامه صباح مساء‪.‬‬
‫فإن هؤلء يختلفون عند سماعهم لهذه الكلمة وتختلممف مشمماعرهم‬
‫وأحاسيسهم حينما يطلب من كل منهم أن يتذكر كل ما يعرفه عنهمما‬
‫ولو أمكن قراءة ما يدور في قلوبهم أثناء هذه التجربة لوجدنا اختلفا‬
‫كبيرا ‪.‬‬
‫وبالمثل كلمات ‪:‬‬
‫الحمد ‪ /‬ل ‪ /‬رب ‪ /‬العالمين ‪ /‬سبحان ال ‪ /‬ال أكبر‬
‫فإنه من المحقق والمؤكد أن الذين تطرق أسماعهم هممذه الكلمممات‬
‫يتفاوتون تفاوتا كبيرا في فهمها ووقعها في أنفسهم وتفاعل قلمموبهم‬
‫معها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫لماذا بعض الناس حين يسمع كلمة تولد عنده الرعب أو الحزن أو‬
‫الفرح أو النشاط أو تصنع البتسامة على شفتيه‪ ،‬بينممما ل يحممدث هممذا‬
‫الثر عند آخر مجاور له في المجلس؟‬
‫لماذا بعض الناس يسمع آيات القرآن فتسري الكهربمماء فممي جسمممه‬
‫ويحصل له التأثر العظيم ويبكي وآخر بجواره يسمع اليات نفسممها ل‬
‫تحرك له ساكنا ؟‬
‫هذا هو السؤال الكبير الذي نبحث عن جوابه ومتى وجدناه وفهمناه‬
‫أمكننا بإذن ال تعالى النجاح في صناعة النسان ‪.‬‬
‫هذا هو مدار التربية وعلم النفس فمتى وقفنا على هذا السر أمكننا‬
‫بإذن ال تعالى فهم تركيبة النسان وتفسممير سمملوكه وبالتممالي علج‬
‫مشكلته بل صناعته صناعة صحيحة‪.‬‬
‫العالم اليوم بأمس الحاجة إلى إتقان صناعة النسان‪ ،‬وأقرب طريق‬
‫إلى تحقيق هذا المر هو الحفظ التربوي للقرآن والسنة‪ ،‬فهو الطريق‬
‫إلى صناعة النسان وتشكيله وصياغته وتغييره ‪.‬‬
‫إن اللفاظ يحصل لها تشويه أو تفريغ‪ ،‬فالتفريغ أن تفقد معناهمما‬
‫فيسمعها السامع ول تعني له أي شيء وأما التشويه فقد يكممون بتغييممر‬
‫معناها والتلعب بدللتها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪19‬‬

‫نجد النبي صمملى الم عليممه وسمملم حيممن وصممف الخمموارج ذكممر‬
‫اجتهادهم في الصيام والصلة ولما جاء للمر المهم الذي عليممه مممدار‬
‫َن‬
‫ُءو‬
‫َر‬‫ْق م‬
‫َي‬
‫صناعة النسان وهو صناعة الكلمات أكد فشلهم فيه فقممال‪) :‬‬
‫ْم( وفي لفظ حناجرهم‪ ،‬أي قد اقتصروا علممى‬ ‫ُه‬‫ِق‬
‫َي‬‫َرا‬
‫َت‬‫ِو‬
‫ُز‬‫َجا‬
‫ُي‬
‫َن ل‬‫ْرآ‬
‫ُق‬
‫ْل‬
‫ا‬
‫الحفظ اللفظي للقرآن دون الحفظ التربوي ‪.‬‬
‫بعض الناس يقصر معنى )تعاهدوا هذا القممرآن( علممى اللفممظ دون‬
‫المعنى‪ ،‬والصحيح العموم ولو كان مجال لقصره علممى أحممدهما لكممان‬
‫قصره على المعنى أولى وأحرى‪.‬‬
‫اللفظ هو الجسر الموصل إلى المعنى ‪ ،‬والمعنممى هممو روح اللفممظ‬
‫وحياته فالنسبة بينهما كالنسبة بين جسد النسان وروحه‬
‫ويقابل هؤلء طائفة أخرى ترى أنه يمكممن تحصمميل المعمماني دون‬
‫حفظ اللفاظ وهو مفهوم قاصر كسممابقه‪ ،‬والصممحيح أنممه لبممد مممن‬
‫الثنين معا مضافا إليهما العمل‪.‬‬
‫إن إحياء النصوص يكون بحفظ ألفاظهمما وحفممظ معانيهمما فحفممظ‬
‫اللفاظ دون حفظ المعاني الحية يجعل النصوص ميتة ل حراك فيها‬
‫إنه بقدر رصيدك من الكلمات الحية وبقدر حياة كل منها يتحممدد‬
‫مستواك وتكون منزلتك‪ ،‬فمثل أحمد رصيده من المفردات الحية ألف‬
‫كلمة ‪ ،‬وخالد رصيده مئتان ‪ ،‬فأحمد أفضل من خالممد‪ ،‬وإذا أراد خالممد‬
‫‪20‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫أن يسبق أحمد ويكون أعلى منه فعليه أن يسعى حثيثا في زيادة رصمميد‬
‫مفرداته اللغوية الحية وليعلم أن المر يحتاج إلى جد واجتهاد ‪.‬‬
‫هل أستطيع أن أعممرف رصمميدي مممن المفممردات اللغويممة الحيممة ؟‬
‫وكيف ذلك؟‬
‫نعم يمكنك ذلك والطريقة سهلة وهي أن تقوم بقممراءة النصمموص‬
‫التى ترى أنها حية‪ ،‬فكل كلمممة تحممس لهمما فممي نفسممك عمقمما ووعيمما‬
‫وإدراكا يتعدى حدود الحروف ويجبرك على الوقمموف عنممدها طممويل‬
‫فهي حية وإل فل‪.‬‬
‫هل يكفي إحياء الكلمة مرة واحدة ؟‬
‫الجواب‪ :‬ما قمت بإحيائه من الكلمات عليك المحافظمة علمى حيماته‬
‫ليستمر عطاؤه أما إن منعت عنه الطعام والشراب والحركممة فسمميموت‬
‫بكل تأكيد‪.‬‬
‫إذا باختصار النسان معجم لغوي وبقدر ما يحتوي هذا المعجم من‬
‫مفردات حية تكون قيمته‪.‬‬
‫لقد حان الوقت أن تقف وتفتش وتقمموم بجممرد مخزونممك اللغمموي‬
‫وتفقد محتوياته وتقييمها كم المفردات الموجودة فيممه ؟ وممما نسممبة‬
‫حياة كل منها؟‬
‫إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪21‬‬

‫فقيد صيودك‬ ‫العلممممممم صيد والكتابممممة قيد‬


‫بالحبال الواثقة‬
‫وتتركممممممممممها بين‬ ‫فمن الحماقة أن تصيد غزالة‬
‫الورى طالقة‬
‫العلم هنا هو المعاني التي نحبسها ونقيدها داخممل اللفمماظ ونعممبر‬
‫عنها بالحروف التي تشاهدها العين وتسمعها الذن ‪.‬‬
‫كم نص تقرؤه أو تسمعه فتفهم منه عددا من المعاني المؤثرة ثم‬
‫ل تلبث اليام أن تمضي فتعود إلى ذلك النص فل تفهممم منممه أي شمميء‬
‫مما سبق‪ ،‬فما الذي حدث؟ الذي حدث أن النص قد مات لخروج الممروح‬
‫منه ‪ ،‬والروح هي المعنى ‪ ،‬والمعنى شيء ل نراه ول نلمسه إنممما نصممل‬
‫إليه من خلل اللفظ حين تقترن به الروح ‪ ،‬تماما مثل روح النسان ل‬
‫يمكن أن نلمسها أو نراها لكن نتواصل معها من خلل الجسد ‪.‬‬
‫ِإ‬
‫َذا‬ ‫ِل‬ ‫ُسممو‬‫َر‬
‫ّ‬‫ِلل‬
‫َو‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫َل م‬
‫ّ‬ ‫ِجي‬
‫ُبوا‬ ‫َت‬
‫ْس‬‫ُنوا ا‬
‫َم‬
‫َآ‬‫َن‬‫ِذي‬‫َل‬ ‫ُي‬
‫َها ا‬
‫ّ‬ ‫َيا أ‬
‫َ‬
‫ّ‬ ‫يقول ال تعالى ‪} :‬‬
‫ِه‬‫ْي م‬ ‫ِإ‬
‫َل‬ ‫ُه‬‫َم‬
‫ّن‬
‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ِه‬
‫ِب‬
‫ْل‬‫َق‬‫َو‬ ‫ِء‬
‫ْر‬‫َم‬
‫ْل‬
‫َن ا‬‫ْي‬
‫ُل ب‬
‫َ‬ ‫ُحو‬‫َي‬ ‫َل‬
‫َه‬‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬‫ُموا أ‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫ْع‬
‫َوا‬‫ْم‬‫ِيي‬
‫ُك‬ ‫ْح‬‫ُي‬ ‫ِل‬
‫َما‬‫ْم‬
‫ك‬‫ُ‬ ‫َعا‬
‫َد‬
‫]سورة النفال ‪ -‬الية ‪[24 :‬‬ ‫َن{‬
‫ُرو‬
‫َش‬
‫ْح‬
‫ُت‬
‫ما أعجب هذه الية وما أدق دللتها على هممذه المسممالة الممتي نحممن‬
‫بصدد الحديث عنها‪.‬‬
‫ما هو الذي يحيينا ؟‬
‫‪22‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إنه كلمات القرآن الكريم‪ ،‬فالذي يحيينما همو همذه الكلممات همذه‬
‫المفردات لكن ليممس بألفاظهمما وحروفهمما فحسممب بممل هنمماك ممما وراء‬
‫اللفاظ وهو روحها أي المعاني التي تفيض بها ‪ ،‬ولهذا فإن ال يحممذر‬
‫عباده من سلب الروح من تلك اللفاظ فيحول بين المرء وقلبه‪ ،‬اللفظ‬
‫أمامه لكنه ل يحرك فيه ساكنا بينما شخص آخر بجممواره يسمممع ذات‬
‫اللفاظ فتسري القشعريرة في بدنه وتفيض عينه بالدمع‪.‬‬
‫إن روح اللفاظ بيد ال تعالى يرسلها متى شاء ويمسكها متى شمماء‬
‫بحكمته وتدبيره‬
‫هل لتحصيل هذه الروح وهذه الحياة أسباب ؟‬
‫الجواب‪ :‬الطريق إلى تحصيل حياة النصوص هو الحفممظ الممتربوي‬
‫بأركانه الثلثة ‪.‬‬
‫ول يفهم أحد مما سبق أني أدعو إلى تفكيك الجمممل والتعامممل مممع‬
‫الكلمات منفصلت ؟ هذا غير صحيح ‪ ،‬لكن بقدر قوة اللبنات التي تشكل‬
‫البناء تكون قوته‪.‬‬
‫حياة النسان هو بحياة كلمات القرآن فممي نفسمه فقممد جعلمه الم‬
‫َنمما‬
‫ْي‬
‫َح‬
‫ْو‬ ‫ِل‬
‫َك أ‬
‫َ‬ ‫َذ‬
‫ك‬
‫َ‬‫روحا ونورا لروح النسان ونفسه كما قال تعالى ‪ } :‬و‬
‫ُه‬
‫َنا‬
‫ْل‬
‫َع‬
‫َج‬‫ِك‬
‫ْن‬‫َل‬
‫َو‬
‫ُن‬ ‫ِلي‬
‫َما‬ ‫َول ا‬
‫ُب‬ ‫ِك‬
‫َتا‬‫ْل‬ ‫ِري‬
‫َما ا‬ ‫ْد‬
‫َت‬
‫َت‬
‫ْن‬
‫ك‬
‫ُ‬ ‫َما‬ ‫ِر‬
‫َنا‬‫ْم‬ ‫ِم‬
‫ْن أ‬
‫َ‬ ‫ًحا‬
‫ُرو‬
‫َك‬
‫ْي‬‫ِإ‬
‫َل‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪23‬‬

‫ِقي‬
‫ٍم{‬ ‫َت‬
‫ْسم‬‫ٍط‬
‫ُم‬ ‫ِصم‬
‫َرا‬ ‫َلممى‬‫ِدي‬
‫ِإ‬ ‫ْه‬
‫َت‬
‫َل‬‫َ‬
‫َك‬‫ِإ‬
‫ّن‬‫َو‬ ‫ِد‬
‫َنا‬ ‫ِع‬
‫َبا‬ ‫ِم‬
‫ْن‬‫ُء‬
‫َشا‬
‫ْن ن‬
‫َ‬ ‫ِه‬
‫َم‬ ‫ِدي‬
‫ِب‬ ‫ْه‬
‫ًرا ن‬
‫َ‬ ‫ُنو‬
‫] سورة الشورى ‪ -‬الية ‪[ 52 :‬‬

‫لنستغل حياتنا وأوقاتنمما بإحيمماء آيممات القممرآن فممي نفوسممنا بممدل‬


‫الشتغال بما يستهلك الوقت ويقل نفعه من أطروحات الشرق والغرب‪.‬‬
‫احفظ فكل حافظ مؤمن‪ ،‬فالحفظ من أجل اليمان‪ ،‬هذا هو مقصود‬
‫الحفظ التربوي وهو المفهوم الصحيح الممذي ينبغممي أن نركممز عليممه‬
‫فزيادة إيمانك يكون بزيادة مفردات القرآن الحية في نفسك‬
‫وهل يحق لشخص بعد هذا البيان أن يقممول‪ :‬كيممف أزيممد إيممماني؟‬
‫كيف أطور ذاتي؟ كيف أنجح في الحياة؟‬
‫إن الطريق واضح والكنوز مباحة ومتاحة فمن يسممبق إليهمما ينتفممع‬
‫بها‪.‬‬
‫إن ما نتطلع إليه مممن التطمموير الداري والقتصممادي والجتممماعي‬
‫والعسكري مبني على صناعة النسان وهي مبنيممة علممى صممناعة اللغممة‬
‫والمفردات فهي الصناعة التي تنتج النماذج النسانية الراقية التي تعمل‬
‫بكفاءة عالية وإبداع رفيع‪ ،‬وينتج لنا القادة والجنود الذين تنصممر بهممم‬
‫المة‪ ،‬ويذل ويقهر بهم العداء‪.‬‬
‫ِط‬ ‫ِرب‬
‫َمما‬ ‫ْن‬ ‫ِم م‬
‫َو‬‫ٍة‬
‫َو‬
‫ّ‬‫ُق م‬ ‫ِم م‬
‫ْن‬ ‫ْم‬
‫ُت‬
‫ْع‬‫َط‬‫َت‬‫ْس م‬
‫َما ا‬
‫ْم‬
‫ُه‬
‫َل‬‫ُدوا‬
‫ّ‬‫ِع‬‫َوأ‬
‫َ‬ ‫يقول ال تعالى }‬
‫ُم‬
‫ُه‬
‫ُمممون‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫ْع‬‫َت‬‫ْم ل‬ ‫ِن‬
‫ِه‬ ‫ُدو‬‫ْن‬ ‫ِم‬
‫َن‬‫ِري‬‫خ‬
‫َ‬ ‫َآ‬‫َو‬‫ْم‬‫ك‬‫ُ‬‫َو‬
‫ُد‬
‫ّ‬‫َع‬
‫َو‬ ‫ِه‬
‫َل‬
‫ّ‬‫َو ال‬
‫ُد‬
‫ّ‬‫َع‬‫ِه‬
‫ِب‬‫َن‬ ‫ِه‬
‫ُبو‬‫ْر‬‫ِل‬
‫ُت‬‫ْي‬‫خ‬
‫َ‬‫ْل‬
‫ا‬
‫‪24‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ْم ل‬
‫ُت م‬
‫ْن‬
‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ْم‬
‫ُك م‬
‫ْي‬‫ِإ‬
‫َل‬‫َف‬
‫َو‬
‫ّ‬ ‫ِه‬
‫ُي م‬‫َل م‬
‫ِل ال‬
‫ّ‬ ‫ِبي‬‫ِفي‬
‫َس‬ ‫ٍء‬
‫ْي‬
‫َش‬‫ِم‬
‫ْن‬ ‫ِف‬
‫ُقوا‬‫ْن‬
‫ُت‬
‫َما‬
‫َو‬
‫ْم‬
‫ُه‬
‫ُم‬
‫َل‬
‫ْع‬
‫َي‬‫َل‬
‫ُه‬‫ال‬
‫ّ‬
‫إن أول قوة نطالب بإعدادها هي القمموة‬ ‫] سورة النفال ‪ -‬الية ‪[60 :‬‬ ‫َن{‬
‫ُمو‬
‫َل‬
‫ْظ‬
‫ُت‬
‫البشرية‪ ،‬فمتى توفرت هذه النوعية لمة من المم كتممب لهمما النصممر‬
‫والعزة والتمكين ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬العلقة بيللن صللناعة النسللان‬ ‫‪‬‬


‫والشيطان‪:‬‬

‫َممما‬‫ّ‬‫ِإ‬
‫ٌو ف‬
‫َ‬ ‫ّ‬‫ُد‬‫َعم‬ ‫ٍض‬ ‫ِلب‬
‫ْعم‬
‫َ‬ ‫ْم‬‫ُك‬
‫ُضم‬‫ْع‬ ‫ِمي‬
‫ًعمما ب‬
‫َ‬ ‫َج‬‫َهمما‬‫ِم‬
‫ْن‬ ‫َطمما‬ ‫ِب‬
‫ْه‬‫قال ال تعالى ‪} :‬ا‬
‫ِ‬
‫قى{ ] سممورة طممه ‪ -‬اليممة ‪:‬‬
‫َ‬‫ش‬ ‫ي‬
‫ْ‬
‫َ‬ ‫ول‬‫َ‬ ‫ل‬‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ض‬‫ِ‬
‫ي‬‫َ‬‫فل‬
‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬‫دا‬
‫َ‬‫ه‬‫ُ‬ ‫ع‬‫َ‬‫ب‬
‫َ‬‫ت‬‫َ‬
‫ّ‬‫ا‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫دى‬
‫ً‬‫ه‬‫ُ‬ ‫ني‬
‫ّ‬ ‫ِم‬
‫ْم‬‫َن‬
‫ُك‬‫ّ‬ ‫ِت‬
‫َي‬‫ْأ‬
‫َي‬
‫‪[ 123‬‬

‫توضح هممذه اليممة العلقممة القويممة بيممن صممناعة النسممان وبيممن‬


‫الشيطان ‪ ،‬فال سبحانه وتعالى حين أهبط آدم إلى الرض أهبممط معممه‬
‫الشيطان وحكم بالعداوة والصراع بينهما‪ ،‬وعليه فممإن أي محاولممة مممن‬
‫النسان للبناء والتغيير للفضل والعلى والكمل فإن الشيطان يحاول‬
‫بجهده الضعيف ردها ومنعها لنه قد قطع على نفسه العهد بذلك‪.‬‬
‫ومدار الصراع بين النسان والشيطان هممو الهممدى الممذي وعممد الم‬
‫تعالى من تمسك به أنه ل يضل ول يشقى ‪ ،‬فالقرآن الكريم هممو محممل‬
‫النزاع والصراع بين النسان والشيطان ‪ ،‬النسان يحمماول التمسممك بممه‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪25‬‬

‫والشيطان يحاول صده عنه ‪ ،‬لذلك تشممتد عممداوة الشمميطان ويتضمماعف‬


‫جهده ونشاطه حين يرى هذا النسان قد اتجه إلى القرآن لنه يعلم أنه‬
‫إن أفلت منه في هذه الجبهة يكون قد انتصر عليه وتحصن من كيممده‬
‫وعداوته وقد يحاول الشيطان في هذه الحالة أن يغريممه بشممتى أنممواع‬
‫النجاحات بمناهج وطرق وأساليب تحقق له ما يريد مممن أمنيممات فممي‬
‫هذه الحياة لكن من غير طريق القرآن فإن تفطن النسان لهذه الحيلة‬
‫سلم من كيده وشره ‪،‬وإن لم يتفطن انتصر عليممه الشمميطان فممي هممذا‬
‫الميدان وصرفه عن القرآن ومضت حياته بعيدا عن النجاح بالقرآن‪.‬‬
‫ْد‬
‫َق م‬
‫َل‬
‫َو‬
‫إن التربية بالقرآن سهلة ميسرة كما قممال ال م تعممالى ‪} :‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ٍر { ] سممورة القمممر ‪ -‬اليممة ‪ [ 17 :‬وربما‬ ‫َ‬
‫ّدك‬
‫ُم‬‫ِ‬
‫ْن‬
‫ْل م‬
‫َه‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫كر ف‬
‫ْ‬ ‫ِلل‬
‫ّذ‬ ‫َن‬
‫َآ‬
‫ْر‬
‫ُق‬
‫ْل‬
‫َنا ا‬
‫ْر‬
‫َس‬
‫َي‬
‫ّ‬
‫صعبت على البعض ابتلء واختبارا لتمحيص الصادق من الكاذب ‪ ،‬ولعل‬
‫البعض يجد سهولة في بعض الطرق وبعض المناهج فيظن النجاح فيها‬
‫ويترك ما هو أعلى منها وأرفع‪ ،‬لكن من يتدبر آيات القرآن الكريممم ل‬
‫يخفى عليه هذا المر ول يرده عن الستمرار في السير إلى أن يحصل‬
‫على ما يريد من النجاح والتفوق والقوة والتطوير‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المسألة الرابعة ‪ :‬ملن يقلوم بصلناعة النسلان‬ ‫‪‬‬


‫والحياة؟‬

‫يرى البعض أن صناعة النسان بالقرآن ل يسمح بها إل لمن تمكممن‬


‫من علوم اللة ورزق نسبة عالية من العلم ومممن عممداه فل يسمممح لممه‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ويرى بعضهم أن تكممون التربيممة مممن خلل كتممب التربيممة وعلمم‬
‫النفس وكتب التطوير والتغيير المعاصرة وحجتهم في هذا أنهم غيممر‬
‫مؤهلين للتربية بالقرآن والسنة وليس عنمدهم علمم بمذلك ويخشمون‬
‫الخطأ إن دخلوا هذا المجال؟‬
‫والسبب في مثل هذا الفهم هو النظرة الكلية الكمالية وأنه ل يدعو‬
‫إل من بلغ الكمال ول يربي إل من جمع العلم من أطرافه ‪ ،‬وهذا الفهم‬
‫غير صحيح فالنبي صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬بلغمموا عنممي ولممو آيممة‬
‫‪،‬وكان كثير من الصحابة يأتون النبي صلى ال عليه وسلم فيسمممعون‬
‫منه بضع آيات من القرآن وبعض الحاديث ثم يأمرهم النبي صلى المم‬
‫عليه وسلم بالرجوع إلى أقوامهم وتعليمهم ما تعلموه فلو كانت هممذه‬
‫النظرة صحيحة لكان المنهج أن يرسل النبي صلى ال عليه وسلم إلممى‬
‫كل جهة رجل من الصحابة قد أتم حفظ القرآن وحفظ كل الحاديث‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪27‬‬

‫ويتميز بالذكاء ويعرف جواب كل مسممألة وفتمموى فمي كمل شمؤون‬


‫الحياة‪.‬‬
‫ل يوجد أحد مهما كان يجمع كل العلم ‪ ،‬فالمر نسبي ولو أخممذنا‬
‫بهذا المفهوم لعطلنا التربية بالقرآن والسنة فممي المممسرة والمجتمممع‬
‫ومنعنا كثيرا من الناس من التربية والصلح ونتج عن هممذا المفهمموم‬
‫إقصاء غير مقصود للقرآن والسنة عن التربية والتعليم المستمر كل‬
‫هذا خوفا من الخطأ‪.‬‬
‫الصحيح أن كل مسمملم ومسمملمة يمكنممه المشمماركة الفاعلممة فممي‬
‫صناعة النسان والحياة‪ ،‬حتى من كان أميا ل يقرأ ول يكتممب يسممتطيع‬
‫أن يقوم بذلك من خلل ما يسمع من النصوص هنا أو هنمماك ويرزقممه‬
‫ال فقهها فيربي عليها أبناءه وكل من يصل إليه صوته‪.‬‬
‫ومما قد يكون سببا في هذه المشكلة التربويممة اعتبممار بعضممهم أن‬
‫قول ل أدري نقممص وعيممب‪،‬وهممذه مشممكلة أخممرى يجممب علجهمما أول‬
‫وتصحيح العتقاد فيها لتنحل المشكلة الولى‪.‬‬
‫والمنهج في هذه المسألة يتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬أن التربية تكون بنصوص القرآن والسنة وما اتصل بهما‪.‬‬
‫‪-‬أن التربية تكون من خلل النصوص مباشرة‪.‬‬
‫‪-‬أنه يمكن وجود الفقه في نص دون آخر وفي مسألة دون أخرى‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-‬أن ل يتكلم النسان فيما ل يعلم وأن يقول ل أدري فهممي الطريممق‬
‫إلى أن يدري فمن كان هذا منهجه فإن ال تعالى يرزقه العلممم بممما ل‬
‫يدري‬
‫‪-‬الجتهاد في تطبيق مفاتح تممدبر القممرآن والسممنة يحقممق الثممراء‬
‫العلمي مع الزمن ويتيح الفرص الكثيرة المتكممررة للتربيممة بممالقرآن‬
‫والسنة‪.‬‬

‫المسللألة الخامسللة ‪ :‬صللناعة النسللان بيللن‬ ‫‪‬‬


‫الحفظ والفهم‬

‫إن الحفظ يواجه في هممذه اليممام هجمممة شرسممة يتزعمهمما أعممداء‬


‫السلم وانخدع بها عدد من أبنائه ممن تتلمذوا في مدارسهم ‪.‬‬
‫إنه ل سبيل لقوة المة دون حفظ‪ ،‬لكنه ليس أي حفظ بمل الحفمظ‬
‫التربوي‪.‬‬
‫إن أي مقلل لشأن الحفظ لو تأمل في ذات نفسه لوجد أنه ل يمكنممه‬
‫أن يعيش ول أن ينجح في الحياة دون حفظ فهل يمكنك أن تتعامل مممع‬
‫الناس دون أن تحفظ أسماءهم وأحوالهم ‪ ،‬وهل يمكنك أن تروي خممبرا‬
‫دون أن تحفظه ‪ ،‬هل يمكنك أن تطبق عمليممات الرياضمميات دون حفممظ‬
‫جدول الضرب ‪ ،‬هل يمكنك أن تفهم كثيرا مممن التفمماعلت الكيميائيممة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪29‬‬

‫دون أن تحفظ الجدول الدوري‪ ،‬هل تستطيع أن تطبممق نظاممما دون أن‬
‫تحفممظ مممواده ‪ ،‬هممل يمكنممك أن تتعلممم لغممة أجنبيممة دون أن تحفممظ‬
‫مصطلحاتها ‪ ..‬الخ من أمور الحياة‪ ،‬بممل إن قمموة الممذاكرة والحافظممة‬
‫باعتراف الجميع هي من أبرز أدوات النجاح فممي الحيمماة فلممم إذا هممذه‬
‫الدعوات التي تنادي بإلغاء الحفظ في مناهج التعليم وتحيممد عنممه إلممى‬
‫وسائل وأدوات يرون أنها تطمموير للعمليممة التربويممة وبديلممة للطممرق‬
‫التقليدية حتى لقد سمعت بعض التربويين من المتخصصين في القياس‬
‫والتقويم يقسم التقويم إلى قسمين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬السئلة الحفظية‬
‫والثاني ‪ :‬أسئلة التفكير والبداع والستنباط‬
‫ثم يهون من الول ويدعو إلى تركه ويمجد الثاني ويؤكد عليممه‪،‬‬
‫والحق أن كل المرين مطلوب فالحفظ والفهم هممما ركنمما التربيممة‬
‫والتعليم‬
‫إن ردة الفعل هذه سببها أن بعض المناهج التربويممة تقتصممر علممى‬
‫الركن الول من أركان الحفظ التربوي وتهمل الركنيممن الخريممن‬
‫فتنتج بهذا المنهج نماذج غير مؤهلة تربويا فظن أولئك أن العيب فممي‬
‫الحفظ ولم ينتبهوا إلى مكمن الخلل ومكان النقص فيقوموا بإصمملحه‬
‫بدل أن يمارسوا إفسادا آخر إل أن يكون هذا هو هدفهم ‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إن إهمال هذا المبدأ الكبير من مبادئ التربية يؤدي إلى أن يتخممرج‬
‫أفراد المجتمع ضعافا ل يصلحون لشيء وإل فل علممم بل حفممظ حممتى‬
‫في العلوم الدنيوية من طب وهندسة وحاسب ولغات وصممناعة وزراعممة‬
‫وتجارة وغيرها‪ ،‬وما البطالة التي بدأت تتفشى في صممفوف الشممباب إل‬
‫أحد الشواهد على ما ذكر‪ ،‬فقد عجزوا عن المنافسة في ميممدان العمممل‬
‫وذلك بسبب ضعف التربية والتعليم التي أهمل بناؤها منذ الصغر‪ ،‬فقل‬
‫لمن يحاول علج البطالة في المجتمع بعممد حصممولها أن يعالجهمما مممن‬
‫أصولها وهذا يكون فممي إعممادة النظممر فممي مناهممج التربيممة والتعليممم‬
‫الموجهة لصناعة النسان وبنائه‪.‬‬
‫إن مسألة حفظ الصول وتمثلها المتون ‪ ،‬وفهم وفقه هذه الصممول‬
‫ويمثله شروح تلك المتون وما يستجد عليها من تطبيقمات فمي الحيماة‬
‫هي المنهجية في صناعة النسان وهو فيما أحسب أمر محسوم عند من‬
‫وجه إليه هذا الكتمماب وإن كممان غيممر مسمملم عنممد بعممض الممتربويين‬
‫المعاصرين ممن تتلمذوا على الغرب وتأثروا بمنمماهجهم وفممي المموقت‬
‫نفسه لم تتح لهم الفرصة للتعمق والتأمل في منهج السلف في التربيممة‬
‫والتعليم بسبب انشغالهم بدراسة تخصصهم فهؤلء تنقصهم الخبرة في‬
‫هذا المجال‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪31‬‬

‫ول أقصد بالمتون ‪ :‬المتون العلمية المعروفة المتداولة في دروس‬


‫العلم وشروحها هذه جزء مما أعنيه وإنما أعنممي أنممه لكمل أمممر نريممد‬
‫صناعته في النسان حتى في تعلم الحرف والمهن‪ ،‬ل بد من )متممن( أي‬
‫ملخص يحفظ لفظه‪ ،‬و)شرح( يوضح معانيه‪ ،‬وبهذه الطريقة يتم ربط‬
‫المعاني باللفاظ ويحصل حفظها وتطبيقها‪.‬‬
‫إن حفظ المتون هي القاسم المشترك بين كل الناجحين في كممل‬
‫الفنون‪ ،‬فهل رأيت أديبا ل يحفظ كما كثيرا من الشعر؟ وهممل رأيممت‬
‫عالم رياضيات ل يحفظ جداولها وفرضياتها ونظرياتها ‪ ،‬وهممل رأيممت‬
‫عالم نفس ل يحفظ أسماء مدارسممها وروادهمما ومناهجهمما ونظرياتهمما‬
‫وفلسفتها‪....‬الخ‬
‫إن تربية النسان وصناعته باختصار تقوم على تخزيممن المعلومممات‬
‫أي الفكار والمعتقدات الصحيحة تخزينا قويمما راسممخا ثممم توضمميحها‬
‫وشرح كيفية تطبيقها ‪ ،‬ثم التدريب عليها حتى تثبت‪.‬‬
‫فأول يأتي حفظ اللفاظ ثم يأتي شرحها وتوضيحها وبيان صمملتها‬
‫بالحياة ثم تأتي التربية والتعويد على تطبيقها خطمموات ثلث تممتزامن‬
‫باستمرار ‪.‬‬
‫أما من يخلط هذا الترتيب فيخلط بين الحفظ والفهم فقممد وضممع‬
‫المور في غير مواضعها‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الحفظ في الصغر والفهم في الكبر ‪ ،‬فإذا شددنا على الصغير ليفهم‬


‫ضاع علينا الوقت الثمين للحفظ ‪ ،‬وإذا أردنا بناء الكبير وتفهيمممه دون‬
‫حفظ لم نجد الساس الذي نبني عليه فنكون بهذا الخلط أضممعنا فمترة‬
‫البناء وهي العشر السنوات الزهر من حيمماة النسممان أي مممن الخامسممة‬
‫حتى الخامسة عشرة‪ ،‬فالخمس الولى منها للحفممظ والخمممس الثانيممة‬
‫للفهم المبدئي ثم الخمس التي تليها للفهم العمق وهكذا يتعمق الفهم‬
‫مرحلة بعد مرحلة في خطط خمسية متتالية قوامها وأساسممها الخطممة‬
‫الخمسية الولى‪.‬‬
‫إهمال حفظ اللفاظ فممي الصممغر سممببه أن أصممحاب هممذا المنهممج‬
‫يريدون ظهور الثر مباشرة وعليه رتبمموا نظريممة‪ :‬أنممه ل يجمموز أن‬
‫يحفظ الطالب ما ل يفهمه‪ ،‬بل قال بعضهم ‪ :‬إنه أمر متعذر‪ ،‬وما فقهوا‬
‫أن المور تؤخذ بالتدريج‪ ،‬وأن المربممي مثممل الفلح‪ ،‬فممالفلح يغممرس‬
‫النخلة م مثل م ويخدمها بجد واجتهاد مدة أربع سنوات ويصرف عليها‬
‫وهو ل يرى أي ثمرة خلل هذه المدة لكنه يعلم أن الثمرة قادمة وأنه‬
‫سيأتي وقت يجني ثمرة تعبه ومجهوده ‪ ،‬ومثله التمماجر تجممده يتوقممع‬
‫الخسارة في السنوات الولى لمشروعه ول يرده ذلك عن الستمرار إلى‬
‫أن يوطد دعائم مشروعه ثم بعدها يبدأ بجني الربمماح فكممذلك تربيممة‬
‫النسان تماما‪ ،‬صحيح أنه يحفظ ونرى أنه ل يفهم لكنممه بعممد سممنوات‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪33‬‬

‫قليلة سيكون بأمس الحاجة إلى هذا الحفممظ فممإن تممرك بمدونه لحقممه‬
‫الضرر‪.‬‬
‫نحن في هذا العصر ‪-‬وانسياقا مع العولمة الغربية ‪-‬صرنا نبحث عن‬
‫الحلول العاجلة الفورية في كل شؤون الحياة ومنها التربية والممتي ل‬
‫تقبل هذا المنهج أبدا فمن يتابع البرامج التربوية والنفسية في القنوات‬
‫الفضائية يلحظ هذا التوجه‪ ،‬ول يلم السائل على طلبه لكن اللوم على‬
‫بعض أهل التربية حين يحذفون مممن منمماهجهم أهممم أصممولها وحيممن‬
‫ينساقون مع بعض التيارات الخاطئة‪.‬‬
‫إن إهمال الحفظ التربوي في الصغر يؤدي إلى صعوبة التربية عند‬
‫الكبر ‪ ،‬أما إذا استطعنا أن يحفظ الصغير ما نريد تربيته عليه في الكبر‬
‫وجدنا فيما بعد الساس الذي نبني عليه وهي تلك الثروة اللغويممة مممن‬
‫المعلومات والفكار المهمة التي مصدرها القرآن والسنة فيسهل شرحها‬
‫له ومن ثم تربيته على تطبيقها‪.‬‬
‫إن الطفل يمكنه الفهم بالتدريج لما حفظه في الصغر من معلومات‬
‫وأفكار وعقائد فنقول له هذه هنا ‪ ،‬وتلك مهمتها كذا ‪ ،‬وهذه المعلومة‬
‫نقصد بها كذا ‪ ،‬وهذا القاعدة نطبقها في الحالت التالية ‪ ....‬الخ‪،‬‬
‫أما إذا أهملنا الحفظ في الصغر ثم بلغ النسان العاشرة أو الخامسة‬
‫عشرة وأردنا بناءه فماذا نصنع والوعاء فممارغ‪ ،‬وتعممبئته ل تتيسممر فممي‬
‫‪34‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫وقت سريع بل ل يمكن لن الذاكرة لها مفاتيلح لبلد منهلا ليمكلن‬


‫الللدخول إلللى قلللب النسللان ونفسلله ومللن ثللم تغييللر أفكللاره‬
‫ومعتقداته‪.‬‬
‫إن الخلط بين الحفظ والفهم خطأ تربوي كبير وقعت فيه بعممض‬
‫مناهج التربية في عصرنا الحاضر لذلك أفلست وعجممزت عممن صممناعة‬
‫النسان القوي القادر على العطاء‪.‬‬
‫إذا أردت أن تعرف مقياس التربية في بلد‪ ،‬فانظر إلى سمملوك طلب‬
‫المرحلة الثانوية ونسبة الجادين في تلك المرحلممة ونضممجهم العقلممي‪،‬‬
‫فهم قد أمضوا تسع سنوات في التربية والتعليم‪.‬‬
‫إن تأصيل هذه المسألة وبيان الشبهات العلمية والعمليممة المتعلقممة‬
‫ِ‬
‫كممر بممأن‬
‫ّ‬ ‫بها أوسع من أن تبينه هذه المساحة‪ ،‬وإنما تعرضممت لهمما لذ‬
‫الطريق لصلح المجتمع وصناعة النسان هو الحفظ التربوي لكل ممما‬
‫نحتاج إليه في هذه الحياة‪.‬‬

‫المسألة السادسة ‪ :‬مشروعنا الحضاري‬ ‫‪‬‬

‫إن كتاب مفاتح تدبر القرآن الكريم مع كتاب مفاتح تدبر السممنة‬
‫النبوية يمثل اللبنات الولى للمشروع الحضاري الممذي تحتمماجه المممة‬
‫اليوم لصناعة الحياة فهو مشروع حضاري يعالج البنية الساسية للمة‪،‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪35‬‬

‫وهو بناء النفوس‪ ،‬بناء القوة المعنوية‪ ،‬علج الوهن الذي استشرى فممي‬
‫كيان المة ‪.‬‬
‫إن مصممطلح ) المشممروع الحضمماري السمملمي ( مممن المصممطلحات‬
‫المعاصرة والتي يستعملها المفكرون السلميون في مقابممل المفكريممن‬
‫العلمانيين وغيرهم ونجد المفكر جمال سلطان يدعو المثقممف المسمملم‬
‫أن يتعامل مع الصطلحات الجديممدة ‪ ،‬والصمميغ الفكريممة والحضممارية‬
‫المستحدثة بشيء من الرزانة وسعة الفق ورباطة الجأش ثممم يقممول ‪:‬‬
‫إن تعبير ) المشروع الحضاري السلمي ( تعبير مستحدث وصيغة فيها‬
‫من الجاذبية والطرافة ما يهول المر على الشباب ‪ ،‬ويجعله كأنه أمممام‬
‫قضية جديدة ل قبل له بها ول عهد له بمثلها في حين أن المر ببساطة‬
‫شديدة يتعلق ببيان منهاج النبوة وهدي محمد صمملى الم عليممه وسمملم‬
‫وأصحابه وإنزال المنهاج على واقع الناس اليوم "اهم ويقول في تحديد‬
‫مفهوم المشروع الحضاري ‪ " :‬هو خطة إنسانية عامة وشاملة متكاملممة‬
‫لصياغة الحركة النسانية للمة في مستقبلها المأمول بحيممث تتنمماول‬
‫هذه الخطة صياغة وتكمموين الفممرد نفسمميا وتربويمما وعقليمما وعلميمما‬
‫وعقديا وقيميا في ذات الوقت الذي تصوغ فيه حركة البناء الجتماعي‬
‫‪36‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫وشبكة علقاته روحيا وسلوكيا وتنظيميا بما يضمممن اتسمماق حركممة‬


‫الفرد والمجتمع وفق رؤية واضحة ومناخ ثقافي موحد"اهم)‪(1‬‬

‫وتحقيق هذا المشروع يكون أول بالحفظ التربوي للقرآن والسنة‪،‬‬


‫الذي يمكن تحقيقه بشيء مممن البسمماطة والقموة والوضموح ممن خلل‬
‫التدريب العملي الجاد على مفاتح تدبر القرآن والسنة‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫بواسطة أفراد‪ ،‬أو مؤسسات حكومية‪ ،‬أو خاصة ‪.‬‬
‫إننا في هذا العصر نواجه حرب مصطلحات أحممدثت غربممة للقممرآن‬
‫والسنة بيممن أهلهمما بسممبب ممما يمارسممه بعممض الكتمماب والمحاضممرين‬
‫والمدربين مممن تطمموير للمصممطلحات اللغويممة بغيممة مجمماراة الواقممع‬
‫وتقديم السلم للعالم بفهم العالم المعاصر دون أن ينتبممه لثممار هممذا‬
‫التطوير وما يعقبه من فصل بين الناس وبين القرآن والسنة بسبب هذه‬
‫المصطلحات الجديدة التي تتوالد يوما بعد يوم ‪.‬‬
‫لقد أصبح أهممل الثقافممة يتكلمممون بلغممة يصممعب علممى غيرهممم أن‬
‫يستوعب ما يقولون وفهم ما يطرحون وقراءة ما يكتبون مممن مقممالت‬
‫وبحوث فصار أولئك بدل أن يقدموا القرآن والسممنة للنمماس بألفاظهمما‬
‫ومصطلحاتها وأن يحافظوا على هويتهمما أوجممدوا مصممطلحات جديممدة‬
‫لتكممون أكممثر جاذبيممة وأقمموى رنينما فممي أذن العممالم وهمذا التغييمر‬

‫مقدمات في سبيل مشروعنا الحضاري جمال سطان ص ‪ 4‬وما بعدها‬


‫‪()1‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪37‬‬

‫للمصطلحات السلمية يمارسه أيضا عدد من الفئات في المجتمع فأهل‬


‫التربية وأهل علمم النفمس والجتممماع والدارة والقتصماد والبرمجمة‬
‫اللغوية العصبية ممن يحمماولون تأصمميل تلممك المجممالت كممل هممؤلء‬
‫وغيرهم يمارسون العملية نفسها )‪ (1‬حتى أصبحت لهم مفردات خاصمة‬
‫تحتاج إلى ترجمممة وإلممى شممرح فممانظر إلممى أي حممد وصمملت غربممة‬
‫المصطلحات الشرعية حتى صممار بإمكانممك أن تؤلممف قاموسمما كممبيرا‬
‫لتترجم به تلك المصطلحات وتعيدها إلى سيرتها الولى ‪.‬‬
‫إنه في التعامل مع تلك الظاهرة أمامك ثلثة خيارات ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن تترك المصطلح الصلي وتستعمل الجديد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن تبقى على الصلي وتتجاهل الجديد ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن تقوم بالربط بين الصلي والجديد مممع التأكيممد علممى‬
‫استخدام الصلي ومحاولة إحيائه في النفوس بممدل هجممره واسممتبداله‬
‫بغيره‪.‬‬
‫الخير هو أفضلها لنك إن استعملت الجديممد وتركممت المصممطلح‬
‫الصمملي تسممببت فممي فصممل الجمهممور عممن ألفمماظ القممرآن والسممنة‬

‫ويلحق بهؤلء أصحاب المحلت والمؤسسات والشركات التي أعجبت بالسماء والشعارات الجنبية ‪،‬‬
‫‪()1‬‬
‫وهو أمر يحرص عليه أولئك لنهم يجدون جاذبيته عند الناس ‪ ،‬وهذا أحد أعراض الفساد في صناعة‬

‫النسان‬
‫‪38‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ومصطلحاتهما‪ ،‬وإن بقيت على المصطلح الصلي لممم يفهممم النمماس ممما‬
‫تريد نظرا لما يمارسه التعليم والعلم من تحممديث مسممتمر وحممثيث‬
‫للمعاني والفكار وتسمميتها بأسمماء جديمدة وهمذا يفتمك بالمسملمين‬
‫ويضعف قوتهم العلمية المعنوية ‪.‬‬
‫إنه في هذا المقام ينبغي أن نفرق بين جهتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬حينما نخاطب جمهور المة السلمية ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬حينما نحاور أهل الحضارات الخرى ‪.‬‬
‫ينبغي الفصل التام بين الجهتين وإعطاء كل جهة ما يناسممبها دون‬
‫خلط أو تهجين ‪ ،‬فالمسلم الذي يؤمن بال ربا وبالسلم دينا وبمحمممد‬
‫صلى ال عليه وسلم نبيا‪ ،‬ومرجعيته إلى القممرآن والسممنة فممي أي بيئة‬
‫كان وتحت أي حضارة يعيش ينبغي أن يخاطب بالمصطلحات الصمملية‬
‫التي يفهمها من هذين المصدرين وان توضح له تمام الوضوح وبالمثل‬
‫بعض المصطلحات التي اصطلح عليه علماء السلم في مراحممل تممدوين‬
‫العلوم السلمية مادام المصطلح عرف واستقر فهو خير من أن نحدث‬
‫مصطلحات جديدة ونبرمج لغة جديدة يحتاج المسلمون وطلب العلممم‬
‫إلى وقت لتعلمها والتحدث بها ‪ ،‬أما أهل الحضارات الخرى ومن كممان‬
‫على فكرهم فنخاطبهم بما يفهمون وما يفقهون‪.‬‬
‫وأيضا ينبغي أن نفرق بين جهتين ‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬صناعة النسان‬
‫‪39‬‬

‫الولى‪ :‬بيان ما تضمنه القرآن والسنة من قواعممد لصممياغة الحيمماة‬


‫ًء‬
‫ابتدا‬
‫الثانية‪ :‬الرد على مكائد الكائدين وشبهات المغرضين ممن هم داخل‬
‫صفوفنا أو خارجها ‪.‬‬
‫في الجهة الولى نغرس ونؤصل ألفاظ ومصطلحات القرآن والسنة‬
‫مباشرة ‪ .‬وفي الجهة الثانية ينبغي أن نكشف تلبيس الملبممس ونممترجم‬
‫كلمه لجمهور المة ليفهمه على حقيقته فل يلبس على المة أمرهمما‬
‫فالرد عليه يقوم على أمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬كشف تحريفه للكلم عن مواضعه وتبديله للمصطلحات‬
‫الثاني ‪ :‬دحض أدلته التي يستدل بها ‪.‬‬
‫إن الخلط بين المور التي ذكرتها هو الذي أوجد الخلل عند بعض‬
‫المفكرين في محاولتهم لصناعة النسان وصناعة الحياة فحدث فصممل‬
‫بين طرحهم وبين القرآن والسنة‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬

‫وهو الركن الول من أركان الحفظ التربوي‪.‬‬


‫والطريق إلى حفظ ألفاظ القرآن الكريم هو )الحفظ السبوعي( ‪.‬‬
‫والحفظ السبوعي هو الممذي يعتمممد الممدورة السممبوعية لتنظيممم‬
‫الحفظ بأشكال مختلفة ‪.‬‬

‫المسللألة الولللى ‪ :‬نظللام الحفللظ السللبوعي‬ ‫‪‬‬


‫التفصيلي‬

‫‪-1‬أن يكون الحفظ وفمق ترتيممب السممور واليممات وليمس الجممزاء‬


‫والثمان‪.‬‬
‫‪ -2‬البداية من قصار السور ثم أواسطها ثم طوالها هذا هو الترتيب‬
‫المنطقي حيث يتم الترقي والصعود بالتدريج ‪.‬‬
‫‪ -3‬في كل يوم تحفظ قدرا مناسبا لطاقتممك اليوميممة مراعيمما ممما‬
‫سيأتي تقريره في مفتاح )يسر( في المبحث السادس‬
‫‪ -4‬تحديد مواعيد يومية لحفظ الجديد ‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪41‬‬

‫‪ -5‬ما تحفظه الن تكرره بعد ربع ساعة ثم نصف ساعة ثممم سمماعة‬
‫ثم بعد ساعتين ثم مع كل أذان ‪ ،‬ويوصى بقراءته في السممنن الرواتممب‬
‫لذلك اليوم‪.‬‬
‫ًة فإن كانت طويلة يمكن تقسيمها‪.‬‬
‫‪-6‬يتم الحفظ آية آي‬
‫‪-7‬يتم تكرار الية جهرا حتى يتم حفظها‪.‬‬
‫‪-8‬ثم حفظ الية التي تليها إلى نهاية السورة إن كانت قصمميرة أو‬
‫إلى نهاية المقطع‪.‬‬
‫‪-9‬ثم الرجوع مرة أخرى بالطريقة نفسها آيممة آيممة وتكممرار هممذه‬
‫العملية حتى يتم حفظ السورة أو المقطع تماما‪.‬‬
‫‪ -10‬أفضل وقت للحفظ قبيل الفجر أو بعده حيث يجتمممع نشمماط‬
‫النفس والبدن لمن اتبع السنة في النوم المبكر حيممث كممان صمملى الم‬
‫عليه وآله وسلم يكره السهر بعد صلة العشاء أما من لممم يعمممل بهممذه‬
‫السنة فعليه أن يختار الوقت الذي يتوفر له هذان المران في أي وقممت‬
‫من ليل أو نهار ‪.‬‬
‫‪ -11‬ليس هناك عدد معين للتكممرار إنممما المقيمماس الوصممول إلممى‬
‫التقان‪.‬‬
‫‪ -12‬بداية اليوم التالي وقبل الحفظ الجديد تسمع كل ما حفظتممه‬
‫من بداية السورة إلى حيث وقفت ويسمى )مراجعة السورة( ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪ -13‬عند إتمام حفظ السورة يتم تسميعها جملممة دون أخطمماء فممي‬
‫جلسة واحدة في أكثر من يمموم ول يحسممن السممتعجال فممي النتقممال‬
‫للسورة التي تليها قبل تحقيق هذا الشرط ‪.‬‬
‫‪-14‬ل تستعجل في حفظ السورة بل قلل مقممدار الحفممظ الجديممد‪،‬‬
‫لنه كلما طالت مدة حفظ السورة كان أقوى في ضبطها لنممه يممزداد‬
‫تكرارها وتطول مدته‪ ،‬أما إذا استعجلت في حفظ السورة فمماتت عليممك‬
‫هذه الفرصة فيقل الضبط ويصعب عليك ربممط أول السممورة بآخرهمما‪،‬‬
‫)ورب عجلة أورثت ريثا(‪.‬‬
‫‪ -15‬تقسيم السورة إلى مقاطع يكممون حسممب موضمموعاتها وبعممض‬
‫الموضوعات الطويلة يمكن أن تقسم إلى أكثر من مقطع كممما يمكممن‬
‫جمع أكثر من موضوع في مقطع واحد حسب الطممول والقصمر ‪ ،‬همذا‬
‫التقسيم يسهل حفظ السور المتوسطة والطويلة فهممو يجعلهمما كأنهمما‬
‫سورا قصيرة ‪ ،‬وهذا التقسيم يغني تماما عن الثمان ويحقق المصمملحة‬
‫التي تحققها ويلحظ أن الحاجة إلى مثل هذا التقسيم في البداية فقط‬
‫ثم بعد هذا يستغنى عنه عند حفظ السورة جملة لن تصويرها يتقارب‬
‫ويسهل فيمكن للحافظ أن ينظر إليها نظممرة كليممة حممتى لممو كممانت‬
‫سورة البقرة ‪ ،‬وهذا من فوائد الحفظ على السور‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪43‬‬

‫‪-16‬تصميم جدول حفممظ الجديممد ينقسممم إلممى نمموعين إجمممالي ‪،‬‬


‫وتفصيلي‬
‫الجمالي يكون لمواعيد بداية حفظ كل سورة ويراعى فيه القدرة‬
‫اليومية والسبوعية للحفظ‬
‫مثال ‪:1‬‬
‫أحمد قدرته اليومية في حفظ الجديد خمسة أسطر في اليمموم فممي‬
‫أربعة أيام من السبوع أي عشرين سطرا في السبوع‬
‫* جدول )حفظ الجديد الجمممالي( للمرحلممة الولممى لحمممد مممن‬
‫سورة الناس إلى سورة المرسلت‪.‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫الكافرون‬ ‫الناس‬ ‫السبت ‪1 /1‬‬
‫الماعون‬ ‫النصر‬ ‫السبت ‪1 / 8‬‬
‫القارعة‬ ‫قريش‬ ‫السبت ‪1 /15‬‬
‫البينة‬ ‫العاديات‬ ‫السبت ‪/22/1‬‬
‫الضحى‬ ‫القدر‬ ‫السبت ‪29/1‬‬
‫وهكذا إلى آخر المرحلة الولى ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫* جدول )حفظ الجديد التفصيلي( للمرحلممة الولممى لحمممد مممن‬


‫سورة الناس إلى سورة المرسلت ‪.‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫الناس‬ ‫السبت ‪1/1‬‬
‫الخلص‬ ‫الفلق‬ ‫الحد ‪2/1‬‬
‫النصر‬ ‫المسد‬ ‫الثنين ‪3/1‬‬
‫الكوثر‬ ‫الكافرون‬ ‫الثلثاء ‪4/1‬‬
‫قريش‬ ‫الماعون‬ ‫السبت ‪8/1‬‬
‫الهمزة‬ ‫الفيل‬ ‫الحد ‪9/1‬‬
‫التكاثر‬ ‫العصر‬ ‫الثنين ‪10/1‬‬
‫‪---‬‬ ‫القارعة‬ ‫الثلثاء ‪11/1‬‬

‫مثال ‪: 2‬‬
‫* جدول )حفظ الجديد الجمممالي( للمرحلممة الرابعممة لحمممد مممن‬
‫سورة الحديد إلى سورة الذاريات‪ ،‬على أن طمماقته اليوميممة فممي حفممظ‬
‫الجديد خمسة أسطر في أربعة أيام في السبوع أي عشرين سممطرا فمي‬
‫السبوع‪.‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪45‬‬

‫الحديد‪12-‬‬ ‫الحديد‪1-‬‬ ‫السبت ‪1 /1‬‬


‫الحديد‪20-‬‬ ‫الحديد‪13-‬‬ ‫السبت ‪1 / 8‬‬
‫الحديد‪29-‬‬ ‫الحديد ‪21‬‬ ‫السبت ‪1 /15‬‬
‫الواقعة‪56-‬‬ ‫الواقعة‪1-‬‬ ‫السبت ‪22/1‬‬
‫الواقعة‪96-‬‬ ‫الواقعة‪57-‬‬ ‫السبت ‪29/1‬‬
‫وهكذا إلى آخر المرحلة ‪.‬‬

‫* جدول )حفظ الجديد التفصيلي( للمرحلممة الرابعممة لحمممد مممن‬


‫سورة الحديد إلى سورة الذاريات‪.‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫الحديد‪4-‬‬ ‫الحديد‪1-‬‬ ‫السبت ‪1/1‬‬
‫الحديد‪8-‬‬ ‫الحديد‪5-‬‬ ‫الحد ‪2/1‬‬
‫الحديد‪10-‬‬ ‫الحديد‪9-‬‬ ‫الثنين ‪3/1‬‬
‫الحديد‪12-‬‬ ‫الحديد‪11-‬‬ ‫الثلثاء ‪4/1‬‬
‫الحديد‪14-‬‬ ‫الحديد‪13-‬‬ ‫السبت ‪8/1‬‬
‫الحديد‪17-‬‬ ‫الحديد‪15-‬‬ ‫الحد ‪9/1‬‬
‫الحديد‪19-‬‬ ‫الحديد‪18-‬‬ ‫الثنين ‪10/1‬‬
‫‪---‬‬ ‫الحديد‪20-‬‬ ‫الثلثاء ‪11/1‬‬
‫‪46‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-17‬ل يحسن وضع المخطط التفصيلي لكثر من أسبوعين ليكون‬


‫قريبا من الواقع وليقتصر التعديل في الجدول الجمالي لخطة حفممظ‬
‫الطالب ‪.‬‬
‫‪-18‬يحسممن الحتيمماط بممالوقت والزيممادة لئل تحتمماج إلممى تكممرار‬
‫التخطيط كل مرة ‪ ،‬ولكي تفممرح النفممس عنممد النجمماز قبممل المموقت‬
‫المحدد فيكون نوعا من التشجيع وحيممن العكممس فممإنه يحصممل اليممأس‬
‫والخمول وهذا يعيق مسيرة الطالب ‪.‬‬
‫‪-19‬إذا أكمل الطالب حفظ سورة جملة فإنها تنقممل إلممى مراجعممة‬
‫المرحلة‪ ،‬ويأتي بيان ذلك في نظام الحفظ التفصيلي‪ ،‬ثممم يتممم حفممظ‬
‫السورة التالية بتكممرار الخطمموات السممابقة إلممى أن يتممم حفممظ سممور‬
‫المرحلة كلها ‪.‬‬
‫‪-20‬مدة تكرار السورة بعد حفظها ثلثة أيممام علممى القممل قبممل أن‬
‫يسمح للبدء في حفظ السورة التي تليها وهذا لغير قصار السممور ‪ ،‬أممما‬
‫قصار السور فقد يكفي يوم أو يومان‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬نظام الحفظ السبوعي العام‬ ‫‪‬‬

‫‪ -1‬يقسم حفظ القرآن الكريم إلى مراحل ‪.‬‬


‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪47‬‬

‫‪ - 2‬يتوقف طول المرحلة على مستوى الطممالب وقممدرة محممافظته‬


‫على ما يتم حفظه‪ ،‬أي قدرته اليومية علممى المراجعممة ‪ ،‬وعليممه فليممس‬
‫هناك تقسيم ثابت موحد لمراحل حفظ القرآن ‪.‬‬
‫أمثلة‪:‬‬
‫* أحمد‪ :‬يستطيع مراجعة ثلثة أوجه في اليوم أي ‪ 21‬وجهمما فممي‬
‫السبوع أي من المرسلت إلى الناس ‪.‬‬
‫* محمد ‪ :‬خمسة أوجه في اليوم أي ‪ 35‬وجها في السممبوع أي مممن‬
‫نوح إلى الناس‪.‬‬
‫* صالح ‪ :‬عشرة أوجه في اليوم أي ‪ 70‬وجها فممي السممبوع أي مممن‬
‫الواقعة إلى الناس ‪.‬‬
‫‪ - 3‬يتم توزع هذه المقادير علممى أيممام السممبوع حسممب الجممداول‬
‫التالية ‪:‬‬

‫* جدول أحمد ‪ ،‬من المرسلت إلى الناس ‪ /‬ثلثة أوجه في اليوم‪.‬‬


‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫عم‬ ‫المرسلت‬ ‫السبت‬
‫التكوير‬ ‫النازعات‬ ‫الحد‬
‫النشقاق‬ ‫النفطار‬ ‫الثنين‬
‫‪48‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الغاشية‬ ‫البروج‬ ‫الثلثاء‬


‫الليل‬ ‫الفجر‬ ‫الربعاء‬
‫البينة‬ ‫الضحى‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫الزلزلة‬ ‫الجمعة‬

‫* جدول محمد ‪ ،‬من نوح إلى الناس ‪ ،‬خمسة أوجه في اليوم‪.‬‬


‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫المزمل‬ ‫نوح‬ ‫السبت‬
‫المرسلت‬ ‫المدثر‬ ‫الحد‬
‫التكوير‬ ‫عم‬ ‫الثنين‬
‫العلى‬ ‫النفطار‬ ‫الثلثاء‬
‫الشرح‬ ‫الغاشية‬ ‫الربعاء‬
‫التكاثر‬ ‫التين‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫العصر‬ ‫الجمعة‬

‫* جدول صالح ‪ :‬من الواقعة إلى الناس‪ /‬عشرة أوجه في اليوم‬


‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫المجادلة‬ ‫الواقعة‬ ‫السبت‬
‫الجمعة‬ ‫الحشر‬ ‫الحد‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪49‬‬

‫التحريم‬ ‫المنافقون‬ ‫الثنين‬


‫نوح‬ ‫تبارك‬ ‫الثلثاء‬
‫المرسلت‬ ‫الجن‬ ‫الربعاء‬
‫الطارق‬ ‫عم‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫العلى‬ ‫الجمعة‬

‫‪ - 4‬يبدأ أحمد بحفظ المرحلة الولى من سورة الناس إلممى سممورة‬


‫المرسلت حسب نظام الحفظ التفصيلي‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا أكمل حفظ المرحلة فإنه ينتظر مدة تطول أو تقصممر إلممى‬
‫أن يتم تثبيتها‪.‬‬
‫‪-6‬تثبيت المرحلة يعني العمل بجدول المراجعة السممبوعي إلممى أن‬
‫يرسخ تماما وقد تصل إلى شممهرين أو ثلثممة أو أكممثر كممل شممخص‬
‫بحسبه‪ ،‬وينهى عن الستعجال في النتقال من مرحلة إلممى الممتي تليهمما‬
‫قبل التقان‪.‬‬
‫‪-7‬إذا انتهى أحمممد مممن تثممبيت المرحلممة الولممى ويريممد النتقممال‬
‫للمرحلة الثانية فمرحلته الثانية كما يلي ‪ :‬ثلثة أوجه في سبعة أيممام‬
‫‪ 21‬وجها أي مممن سممورة تبممارك إلممى سممورة النسممان يبممدأ بحفظهمما‬
‫بالطريقة السابقة التي حفظ بها المرحلة الولى‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-8‬يستمر العمممل بجممدول مراجعممة المرحلممة الولممى حسممب أيممام‬


‫السبوع مضافا إليه جدول مراجعة المرحلة الثانية ‪ ،‬ففممي كممل يمموم‬
‫عنده أربعة أمور‪:‬‬
‫الول ‪ :‬مراجعة المرحلة أو المراحل السممابقة ويسمممى )المراجعممة‬
‫العامة(‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مراجعة ما تم حفظه من المرحلة الحالية‪ ،‬ويسمى )مراجعة‬
‫المرحلة( ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬مراجعة ما تم حفظه من السورة الحالية‪ ،‬ويسمى )مراجعممة‬
‫السورة(‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬حفظ المقطع الجديد من السورة‪ ،‬ويسمى )حفظ الجديد(‬
‫‪-9‬يتممم تحديممد مواعيممد يوميممة ثابتممة لكممل نمموع مممن النممواع‬
‫الربعة‪،‬ويمكن اجتماع المرين الخيرين في موعد واحد‪.‬‬
‫‪ -10‬المراجعة في النظام السبوعي بأنواعها الثلثة ل تحتمماج إلممى‬
‫جهد جديد أو حفظ جديد بل هي محفوظممة تماممما‪،‬فقممط تحتمماج إلممى‬
‫تسميع‪ ،‬وعليه فالمقدار اليومي لحمد مممن النممواع الثلثممة الولممى ل‬
‫يحتاج سوى دقائق وخاصة في بداية حفظ القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -11‬يكون مراجعة المرحلة ذاتيا يسمعه الطالب لنفسه ويوجه إلى‬
‫قراءته في مواعيد محددة ‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪51‬‬

‫‪-13‬يمكن عمل اختبار كل أسبوع لكممل ممما تممم حفظممه مممن أجممل‬
‫التحفيز والتذكير ويفترض أن الطالب بهذه الطريقممة دائممما مسممتعد‬
‫للختبار ل يحتاج إلى تحضير ول مراجعة ‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا انتهى أحمد من المرحلة الثانية ومن تثبيتها أصبح مقممدار‬
‫حفظه ‪ 42‬وجها وهو من سورة تبارك إلى سورة النمماس يتممم تقسمميمه‬
‫على أيام السبوع السبعة فيطلب منه ستة أوجه كل يوم حسب الجدول‬
‫التالي‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫الحاقة‬ ‫تبارك‬ ‫السبت‬
‫الجن‬ ‫المعارج‬ ‫الحد‬
‫النسان‬ ‫المزمل‬ ‫الثنين‬
‫عبس‬ ‫المرسلت‬ ‫الثلثاء‬
‫العلى‬ ‫التكوير‬ ‫الربعاء‬
‫العلق‬ ‫الغاشية‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫البينة‬ ‫الجمعة‬
‫‪52‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-14‬إن صعب عليه فيمكن توزيعه على أسبوعين مع التأكيد علممى‬


‫توفير أحسن الظروف للمراجعة اليومية في مثل هذه الحممال وإل فممإن‬
‫الحفظ سيضعف‪.‬‬
‫جدول المراجعة على أسبوعين‪:‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫السبوع الول من‬
‫‪--‬‬ ‫تبارك‬ ‫السبت‬
‫الحاقة‬ ‫القلم‬ ‫الحد‬
‫نوح‬ ‫المعارج‬ ‫الثنين‬
‫المزمل‬ ‫الجن‬ ‫الثلثاء‬
‫القيامة‬ ‫المدثر‬ ‫الربعاء‬
‫المرسلت‬ ‫النسان‬ ‫الخميس‬
‫النازعات‬ ‫عم‬ ‫الجمعة‬
‫السبوع الثاني‬
‫النفطار‬ ‫عبس‬ ‫السبت‬
‫البروج‬ ‫المطففين‬ ‫الحد‬
‫الفجر‬ ‫الطارق‬ ‫الثنين‬
‫الشرح‬ ‫البلد‬ ‫الثلثاء‬
‫البينة‬ ‫التين‬ ‫الربعاء‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪53‬‬

‫الفيل‬ ‫الزلزلة‬ ‫الخميس‬


‫الناس‬ ‫قريش‬ ‫الجمعة‬

‫‪-15‬إذا أكمل أحمد المرحلة الثالثممة فأصممبح مقممدار الحفممظ ‪63‬‬


‫وجها أي من سورة قد سمع إلممى سممورة النمماس فيمكممن تمموزيعه علممى‬
‫أسبوع بحيث يراجع كل يوم تسعة أوجممه أو علممى أسممبوعين ليراجممع‬
‫كل يوم ستة أوجه أو على ثلثة أسابيع ليراجع كل يوم ثلثة أوجه‪.‬‬
‫‪-16‬إذا كانت طاقة أحمد في المراجعة العامة هي فقط ثلثة أوجه‬
‫في اليوم أي يكمل دورة المراجعة في ثلثة أسممابيع فممي هممذه الحالممة‬
‫يطلب منه التوقف عن الحفظ الجديد ويقال له هذه طاقتك ومقممدرتك‬
‫قف هنا ‪ ،‬ومتى أراد المواصلة فعليه زيادة مقدار المراجعة اليومية إلى‬
‫ستة أوجه فيتم توزيع المراجعة العامة على أسبوعين ومن ثممم يمكنممه‬
‫البداية بالمرحلة الرابعة‪.‬‬
‫‪-17‬المرحلة الرابعة له كما يلي ‪ :‬ثلثة أوجه في سممبعة أيممام ‪21‬‬
‫وجها أي من سورة الحديد إلى سورة الذاريات ‪ ،‬وحسب النظام السابق‬
‫يتم تصميم جدول المراجعة لهذه المرحلة ‪.‬‬
‫‪-18‬وبالمثل يمكن تخطيط حفظ كل من محمممد وصممالح إلممى أن‬
‫يكمل حفظ القرآن‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-19‬كلما تقدم الطالب فممي الحفممظ كلممما زاد مقممدار المراجعممة‬


‫اليومية إلى أن يختم القرآن فيصل إلى ‪ 86‬وجها في اليمموم إن كممان‬
‫يراجع ما تم حفظه كل أسبوع ‪ ،‬أو ‪ 43‬وجها كممل أسممبوعين ‪ ،‬او ‪28‬‬
‫وجها كل ثلثة أسابيع‪.‬‬
‫‪-20‬المراجعة كل أسبوع هي أعلى المستويات وأقواها فممي ضممبط‬
‫الحفظ وتختصر الوقت والجهد‪.‬‬
‫‪-21‬عند حصول نقص في القدرة اليومية للمراجعة يتم التكيف مع‬
‫الوضع الجديد ومثال ذلك ‪:‬‬
‫مقدار حفظ أحمد ‪ 84‬وجها أي أنه ليكمل دورة المراجعممة العامممة‬
‫في ثلثة أسابيع عليه أن يراجع يوميا أربعة أوجه لكن تغيرت ظروفه‪،‬‬
‫وبعد قياس وضعه الجديد تبين أنه ل يسممتطيع أن يراجممع أكممثر مممن‬
‫وجهين في اليوم فماذا نعمل في تلك الحالة؟‬
‫هل نزيد مدة دورة المراجعة إلى ستة أسابيع ؟‬ ‫‪o‬‬

‫أو نقلل مقدار المراجعة إلى ‪ 42‬وجها ؟‬ ‫‪o‬‬

‫الرأي الخير هو الصحيح لننا بذلك نضمن بقاء حفظ قوي لقممدر‬
‫معين من القرآن‬
‫أما في الحل الول فإن الحفظ يبدأ بالتناقص شمميئا فشمميئا إلممى أن‬
‫يضعف ثم يتوقف تماما‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪55‬‬

‫هذه نماذج لتوضمميح الفكممرة ومنهمما يمكممن تفصمميل أي خطممة لي‬


‫شخص حسب مستواه وحسممب ظروفممه والتكيممف مممع الظممروف سممواء‬
‫بالزيادة أو النقص‪.‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬تحزيب القرآن بالسور‬ ‫‪‬‬

‫قال ابن تيميممة فممي الفتمماوى ‪ " :13/405‬فالصممحابة إنممما كممانوا‬


‫يحزبونه سورا تامة‪ ،‬ل يحزبون السورة الواحممدة" ثممم ذكممر حممديث‬
‫أوس بن حذيفة وفيه ‪ :‬سألت أصحاب رسول ال صلى ال عليممه وسمملم‬
‫كيف تحزبون القرآن؟ قالوا‪ :‬ثلث‪ ،‬وخمممس‪ ،‬وسممبع‪ ،‬وتسممع‪ ،‬وإحممدى‬
‫عشرة‪ ،‬وثلث عشرة‪ ،‬وحزب المفصل واحد وفي رواية أخرى ‪ :‬فسممألنا‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم كيف كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يحزب القرآن؟ فقالوا‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يحزبه ثلثا‪ ،‬وخمسا‪ (.....‬ثم قال ‪ :‬وهذا الحديث يوافق معنممى حممديث‬
‫عبدال بن عمرو في أن المسنون كان عندهم قراءته في سممبع‪ ،‬ولهممذا‬
‫جعلوه سبعة أحزاب ولم يجعلوه ثلثة ول خمسة‪ ،‬وفيه أنهممم حزبمموه‬
‫بالسور وهذا معلوم بالتواتر فإنه قممد علممم أن أول ممما جممزئ القممرآن‬
‫بالحروف تجزئة ثمانية وعشرين‪ ،‬وثلثين‪ ،‬وستين هممذه الممتي تكممون‬
‫‪56‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫رؤوس الجزاء والحزاب في أثناء السورة وأثناء القصة ونحممو ذلممك‪،‬‬


‫كان زمن الحجاج وما بعده‪ ،‬وروي أن الحجاج أمر بذلك‪ ،‬ومن العراق‬
‫فشا ذلك‪ ،‬ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك‪.‬‬
‫وإذا كانت التجزئة بالحروف محدثة من عهممد الحجمماج بممالعراق‬
‫فمعلوم أن الصحابة قبل ذلك على عهد النممبي صمملى ال م عليممه وسمملم‬
‫وبعده كان لهم تحزيب آخممر فممإنهم كممانوا يقممدرون تممارة باليممات‬
‫فيقولون‪ :‬خمسون آية ‪ ،‬ستون آية ‪ ،‬وتارة بالسور لكن تسبيعه باليممات‬
‫لم يروه أحد ول ذكره فتعين التحزيب بالسور"اهم‬
‫وقال أيضا‪ " :‬إن هذه التحزيبات المحدثة تتضمن ‪ ...‬الوقوف علمى‬
‫بعض الكلم المتصل بما بعده حتى يتضمن الوقف على المعطمموف دون‬
‫المعطوف عليه‪ ،‬فيحصل القممارئ فممي اليمموم الثمماني مبتممدئا بمعطمموف‬
‫كقوله‪} :‬والمحصنات من النساء{ وقوله ‪ } :‬ومن يقنممت منكممن ل م‬
‫ورسوله{ وأمثال ذلك‪ ،‬ويتضمن الوقف على بعض القصة دون بعض –‬
‫حتى كلم المتخاطبين – حتى يحصل البتداء في اليمموم الثمماني بكلم‬
‫المجيب كقوله تعالى ‪ } :‬قال ألم أقل لك{ ‪"...‬اهم‬
‫وقال أيضا‪ " :‬وإذا كان تحزيبه بالحروف إنما هو تقريب ل تحديد‬
‫كان ذلك من جنس تحزئته بالسور هو أيضا تقريب فإن بعض السباع‬
‫قد يكون أكثر من بعض في الحروف وفي ذلك من المصلحة العظيمة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪57‬‬

‫بقراءة الكلم المتصل بعضه ببعض والفتتاح بما فتح ال م بممه السممورة‬
‫والختتام بما ختم به ‪ ،‬وتكميل المقصود من كل سورة ممما ليممس فممي‬
‫ذلك التحزيب‪ ،‬وفيه أيضا‪ :‬من زوال المفاسد الذي في ذلك التحزيب ما‬
‫تقدم التنبيه على بعضها فصار راجحا بهذا العتبار"اهم‬
‫إن ال سبحانه وتعالى حين أنزل كتابه تولى هذا المر ولم يجعل‬
‫لمجتهد في ذلك مدخل ول مخرجا فال سبحانه وتعالى جممزأ كتممابه‬
‫إلى سور معلومة البداية والنهاية‪ ،‬وجزأ كل سورة إلى آيممات معلومممة‬
‫َلمممه‬
‫البداية والنهاية كل ذلك بنص من النبي صلى ال عليه وسمملم وع‬
‫ّ‬
‫الصحابة وتناقله المسلمون جيل بعد جيل فلم هذا التطاول على كتاب‬
‫ال تعالى وتشويه جماله بهذه التقسيمات التي تصرف ذهن المشتغل به‬
‫عن التقسيم الصمملي لهممذا الكتمماب العظيممم ‪ ،‬حممتى لقممد رأيممت بعممض‬
‫ِ‬
‫ّسمت إلى أعشار وأخماس ويكون نهاية العشممر أو الخمممس‬ ‫ُق‬‫المصاحف‬
‫في وسط الية‪.‬‬
‫ومن أجل تلفي ما سبقت الشممارة إليممه وإيجمماد تحزيممب للقممرآن‬
‫الكريم متوافقا مع سوره فهممذا تقسمميم مقممترح للقممرآن الكريممم إلممى‬
‫ثلثين جزءا ‪:‬‬
‫رقممم بدايممممة عممدد رقممم بدايممة عممدد رقممم بدايممممة عمممدد‬
‫الوج‬ ‫الوج الجز الجزء‬ ‫الوج الجز الجزء‬ ‫الجز الجزء‬
‫‪58‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ه‬ ‫ء‬ ‫ه‬ ‫ء‬ ‫ه‬ ‫ء‬

‫العنكبوت ‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪13‬‬ ‫يونس‬ ‫‪11‬‬ ‫البقرة‪16 1:‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪22‬‬ ‫الحزاب‬ ‫‪22‬‬ ‫‪14‬‬ ‫هود‬ ‫‪12‬‬ ‫البقمممرة ‪16‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪113‬‬
‫‪18‬‬ ‫يس‬ ‫‪23‬‬ ‫يوسف ‪27‬‬ ‫‪13‬‬ ‫البقمممرة ‪16‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪216‬‬
‫‪25‬‬ ‫الزمر‬ ‫‪24‬‬ ‫الحجر ‪20‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪27‬‬ ‫آل‬ ‫‪4‬‬
‫عمران‬
‫‪19‬‬ ‫الشورى‬ ‫‪25‬‬ ‫‪23‬‬ ‫السرا‬ ‫‪15‬‬ ‫‪29‬‬ ‫النساء‬ ‫‪5‬‬
‫ء‬
‫‪20‬‬ ‫الحقاف‬ ‫‪26‬‬ ‫‪17‬‬ ‫مريم‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫المائدة‬ ‫‪6‬‬
‫الذارايات ‪20‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪20‬‬ ‫النبيا‬ ‫‪17‬‬ ‫‪23‬‬ ‫النعام‬ ‫‪7‬‬
‫ء‬
‫‪20‬‬ ‫قد سمع‬ ‫‪28‬‬ ‫المؤمن ‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪26‬‬ ‫العراف‬ ‫‪8‬‬
‫ون‬
‫‪20‬‬ ‫تبارك‬ ‫‪29‬‬ ‫‪18‬‬ ‫الفرقا‬ ‫‪19‬‬ ‫‪10‬‬ ‫النفال‬ ‫‪9‬‬
‫ن‬
‫‪22‬‬ ‫عم‬ ‫‪30‬‬ ‫‪19‬‬ ‫النمل‬ ‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬ ‫التوبة‬ ‫‪10‬‬

‫قد يسأل البعض ‪ :‬هذه الجزاء فأين الثمان؟‬


‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪59‬‬

‫فالجواب‪ :‬أن السور مقسمة إلممى آيممات يتمكممن القممارئ بواسممطتها‬


‫معرفة أين وقف في قراءته‪ ،‬وبالنسبة للحفظ ذكرت في نظام الحفظ‬
‫التفصيلي أن تقسيم السورة إلى مقاطع يكون فممي بدايممة الحفممظ ثممم‬
‫يستغنى عنه تماما عند حصول الضبط والتقان‪.‬‬

‫المسألة الرابعة ‪ :‬لماذا الحفظ السبوعي‬ ‫‪‬‬

‫إن لم تكن قادرا على حراسة الجواهر فل تضعها فممي جيبممك لنممك‬
‫بذلك تهديها للصوص ‪.‬‬
‫والجيش الذي ل يقدر على المحافظة على فتح مدينة أو بلممدة فل‬
‫يضيع جهوده وأرواح جنوده في فتحها ‪.‬‬
‫وأنت ل تحفظ مال تقدر على المحافظة عليه ويكون فوق طاقتممك‬
‫اقتصر على ما تستطيع المحافظة عليه ‪.‬‬
‫بعد كل إجازة صيفية وبعممد انتهمماء الممدورات المكثفممة نممرى هنمما‬
‫وهناك من يسأل كيف أحافظ على ما حفظت‪ ،‬وتراه يسأل ويبحث عن‬
‫حل لمر يقلقه ويزعجه وحق له ذلك فما من أحد يرضممى بعممد العممز‬
‫بالذل وبعد الغنى بالفقر وبعد النصر بالهزيمة كيممف ل يقلممق وهممو‬
‫يرى حفظا سهر عليه شهرين متتابعين يتفلت مممن بيممن يممديه دون أن‬
‫يستطيع فعل شمميء لكمن ممماذا تصممنع لنسمان لمم يخطممط لمشممروعه‬
‫‪60‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫تخطيطا استراتيجيا إنممما كممان تخطيطممه إن صممحت تسممميته بممذلك‬


‫تخطيطا وقتيا لم يدرس المشروع من كافة أبعاده ‪.‬‬
‫إن من يتبع نظام الحفظ السبوعي بإذن ال تعالى يأمن من الوقوع‬
‫في هذا الحرج‬
‫إن من يحفظ بطريقة الحفظ السبوعي يحفللظ السللورة مللرة‬
‫واحدة في العمر ول يحتاج إلى إعادة حفظها مرة أخرى لنها تبقممى‬
‫محفوظة باستمرار‪.‬‬
‫طريقة الحفظ السبوعي تجعل الحفظ موجودا باستمرار ل ينقطع‬
‫بتوقف الحلقة أو المدرسة لجازة أو اختبار ولو قممدر أن الطممالب لممم‬
‫يواصل فإنه يبقى حفظه معه يستفيد منه في الحياة وفي الزمات‬
‫إن ما يسمى بالمراجعة عند البعض ليست مراجعة بممل هممي حفممظ‬
‫جديد وهذه التسمية ربما كانت سببا في اليأس والحباط عنممد بعممض‬
‫الطلب لنه يطلب منه أن يسممتعيد حفظهمما فممي وقممت قصممير لكنممه ل‬
‫يستطيع لن قدرات الطلب تتفاوت فكونها تسهل على قلة مممن الطلب‬
‫ل يصح أن يعمم حكمها على الجميع‪.‬‬
‫إن تربية الطالب على نظام الحفظ السممبوعي مممن البدايممة يمموفر‬
‫كثيرا من الجهود التي تبذلها الجمعيممات الخيريممة لتحفيممظ القممرآن‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪61‬‬

‫الكريم لمتابعة الخاتمين‪ ،‬ويغنينا عن الدورات التي تقام لتثبيت الحفظ‬


‫ومراجعته‪.‬‬
‫نظام الحفظ السبوعي يعطي طالب العلم فرصة قوية للترقي فممي‬
‫سلم طلب العلم والبداية في حفظ متون أخرى بممدل أن يممذهب معظممم‬
‫وقته في ملحقة حفظه للقرآن الكريم ومحاولة تثبيته مرة بعد مرة ‪.‬‬
‫فالحفظ السبوعي يحقق عدة مصالح أجملها فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬يمهد الطريق للركن الثاني من أركان الحفظ الممتربوي وهممو‬
‫حفظ المعاني ‪.‬‬
‫‪-2‬يوفر الوقت والجهد لن ما يحفظ يتم المحافظممة عليممه بممأدنى‬
‫كلفة‪.‬‬
‫‪-3‬الراحة النفسية حيث يحقق للحافظ المرونة والسممهولة ويممرى‬
‫الحافظ ثمرة جهده تسير معه وتنمو باستمرار‪ ،‬ول يحصل عنده قلممق‬
‫بسبب ضياع حفظه وحاجته لستعادة مرة أخرى ‪.‬‬
‫‪-4‬استثمار الوقت بأعلى أنواع ذكر ال وهو القرآن الكريممم حيممث‬
‫ِ‬
‫ّكن الحافظ من القراءة في كل وقت‬ ‫يكون محفوظا باستمرار وهذا يم‬
‫وعلى كل حال وفي كل مكان‪ ،‬وخاصممة فممي أوقممات الشممدائد فممإنه ل‬
‫يسعفك إل الحفظ المتين‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-5‬الحفظ السبوعي يوصمملك برفممق وهممدوء إلممى تحقيممق حلمممك‬


‫ًة ‪ ،‬ومرحلممة بعممد‬
‫وبلوغ أمنيتك في حفظ القرآن الكريم خطوة خطممو‬
‫مرحلة حتى لو طالت مدة تنفيذ هذا المشروع فإنه بإذن ال سيأتي يوم‬
‫يتم إنجازه وإكماله‪.‬‬
‫‪-6‬فيه تدريب على التخطيممط والتنظيممم وإنجمماز الهممداف وإدارة‬
‫المشاريع‪.‬‬

‫المسألة ‪ :‬الخامسللة ‪ :‬الحفللظ السللبوعي فللي‬ ‫‪‬‬


‫الدورات المكثفة‬

‫يمكن تطبيق الحفظ السبوعي في الممدورات المكثفممة علممى النحممو‬


‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬ينظر في عدد أسابيع الدورة المكثفة ومقدار ما سيتم حفظه‪.‬‬
‫‪ -2‬ينظر إلى قدرة الطممالب اليوميممة فممي المراجعممة العامممة وبالتممالي‬
‫المحافظة على ما سيتم حفظه واكتسابه في هذه الدورة فل يضيع من‬
‫الحافظ بعد انتهاء الدورة ويعود جديدا كما بدأ‬
‫‪ -3‬إذا كانت قدرته في المراجعة العامة عشرين وجها كل يوم فتكون‬
‫خطة حفظه ‪ :‬عشرين وجها في سبعة يساوي ‪ 140‬وجها‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪63‬‬

‫‪-4‬إذا كان الحافظ مثل قد حفظ إلى سورة الزمممر ويريممد المواصمملة‬
‫فيكون حفظه الجديد من سورة ص إلى سورة النبياء وجدول مراجعة‬
‫المرحلة على النحو التالي‪:‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫الحج‬ ‫النبياء‬ ‫السبت‬
‫النور‬ ‫المؤمنون‬ ‫الحد‬
‫الشعراء‬ ‫الفرقان‬ ‫الثنين‬
‫القصص‬ ‫النمل‬ ‫الثلثاء‬
‫السجدة‬ ‫العنكبوت‬ ‫الربعاء‬
‫فاطر‬ ‫الحزاب‬ ‫الخميس‬
‫ص‬ ‫يس‬ ‫الجمعة‬

‫‪-5‬إذا كانت مدة الدورة ستة أسابيع فهذا يعني أنه ل بد أن يحفظ فممي‬
‫اليوم أربعة أوجه‪ ،‬ويطبق عليها )نظام الحفظ السبوعي التفصيلي(‪.‬‬
‫‪ -6‬التذكير بأن مع الطالب مراجعة عامة لما سبق حفظه علممى النحممو‬
‫التالي‪:‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫غافر‬ ‫الزمر‬ ‫السبت‬
‫‪64‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الجاثية‬ ‫فصلت‬ ‫الحد‬


‫ق‬ ‫الحقاف‬ ‫الثنين‬
‫الحديد‬ ‫الذاريات‬ ‫الثلثاء‬
‫التحريم‬ ‫قد سمع‬ ‫الربعاء‬
‫المرسلت‬ ‫تبارك‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫عم‬ ‫الجمعة‬

‫‪-7‬إن كان الحفظ السابق حفظ بطريقة ضعيفة فيقترح علمى الطممالب‬
‫أن يكون هو حفظه الجديد وعليه الحكم الدقيق الصممحيح علممى نفسممه‬
‫لن المراد الحصول على حفظ متقممن للقممرآن ينتفممع بممه فممي الممدنيا‬
‫والخرة وليس المسابقة أو المباهاة ‪.‬‬
‫‪-8‬من أراد أن يحفظ القرآن كامل فمي دورة مكثفمة فعليمه أن يكمون‬
‫مستعدا لتطبيق جدول المراجعة التالي‪:‬‬
‫ملحظات‬ ‫إلى‬ ‫من‬
‫النساء‬ ‫البقرة‬ ‫السبت‬
‫التوبة‬ ‫المائدة‬ ‫الحد‬
‫النحل‬ ‫يونس‬ ‫الثنين‬
‫الفرقان‬ ‫السراء‬ ‫الثلثاء‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪65‬‬

‫يس‬ ‫الشعراء‬ ‫الربعاء‬


‫الحجرات‬ ‫الصافات‬ ‫الخميس‬
‫الناس‬ ‫ق‬ ‫الجمعة‬
‫‪-9‬وهذا الجدول يوافق تحزيب الصحابة رضي ال عنهم للقممرآن حيممث‬
‫كانوا يختمون القرآن كل أسبوع ‪.‬‬
‫‪-10‬وهذه المراجعة تكون أثناء وبعد الدورة لمدة ستة أشممهر أو سممنة‬
‫ثم بعدها يمكن توزيعه على أسبوعين أو ثلثة إن صعب الستمرار كل‬
‫أسبوع‪.‬‬
‫ما سبق ذكره مثال‪ ،‬ويقاس عليه الحالت الخرى‪ ،‬فيكون لكممل طممالب‬
‫جداوله الخاصة به حسب مستواه وقدراته وحسب مدة الدورة‪.‬‬
‫إضاءة ‪:‬‬
‫يوجد العديد من الشباب اشتركوا فممي دورات مكثفممة لحفممظ القممرآن‬
‫الكريم وبعد انتهائها لممم يتمكنمموا مممن متابعممة المشمموار نظممرا لفقممد‬
‫المحفزات التي توفرت لهم في الدورة ومن أهمها‪ :‬الفممراغ‪ ،‬والصممحبة‪،‬‬
‫والبيئة‪ ،‬فنقمول لهؤلء ل تيأسوا وأعيدوا التجربة مممرة أخممرى وفممق‬
‫هذه المعايير وواصلوا المسير وسترون أن حلمكم في إنجمماز مشممروع‬
‫حفظ القرآن كله أو بعضه قد بعثت فيه الحياة من جديد ‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المسألة السادسة ‪ :‬حفظ القرآن في مللدارس‬ ‫‪‬‬


‫تحفيظ القرآن‪:‬‬

‫يلحظ أن الحفظ في مدارس تحفيظ القممرآن الكريممم قممائم علممى‬


‫مبدأ الحفظ المنفصل ) احفظ وانس ( وهو النظممام المتبممع فممي كممل‬
‫المواد باستثناء ما يعتبر متطلبا سابقا لمقرر حالي وهذا يكون في مثل‬
‫قواعد اللغة العربية والملء والرياضيات ونحوها من المممواد حيممث ل‬
‫يستطيع الطالب السير فممي المنهممج الحممالي دون استحضممار الخممبرات‬
‫السابقة أمما ماعمدا ذلمك ممن الممواد كالتاريمخ والجغرافيما والفقمه‬
‫والتوحيد والحديث ونحوها فهي تسير علممى مبممدأ الحفممظ المنفصممل‬
‫فالطالب خلل دراسته من البتدائية إلى الجامعية يسير على هذا الخط‬
‫فإذا وصل إلى المحطة الخيرة تبين له أنه لم يحمل علما‪ ،‬وهذا يعتبر‬
‫أحد أسباب ضعف التكوين العلمي للطلب ‪.‬‬
‫والمقترح فيمما يتعلمق بمالقرآن الكريمم أن يطبمق مبمدأ الحفمظ‬
‫التربوي ومنه تطبيق نظام الحفظ السبوعي وهذا قممد يتطلممب تقليممل‬
‫المقدار ول مانع من ذلك مقابل الحصمول علمى نتمائج قويممة ونمماذج‬
‫ممتازة وبهذا يحافظ الطالب على كل ما يحفظممه مممن السممنة الولممى‬
‫ابتدائي إلى أن يتخرج من المرحلة الثانوية‪ ،‬يتخرج الطالب وقد أتقممن‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪67‬‬

‫ما قرر عليه حفظه وهو في غاية الثقة بما حفممظ ل أن يتخممرج وهممو‬
‫يتحسر على ما حفظ ويراه تفلت منه وضاع ويتمنى رجوعه‪.‬‬
‫الطالب في مراحممل التعليممم العممام ل يممزال قليممل الخممبرة حممديث‬
‫التجربة ل يدري كيف يتصرف‪ ،‬ويخطئ في حقه من يجعله يسير في‬
‫هذا الطريق‪ ،‬فقليل يدوم خير من كثير منقطع‪.‬‬
‫لقد سلكت )نظام الحفظ السبوعي( مع بعض الطلب وكنت أسميه‬
‫)الحفظ التراكمي( أو )احفظ و احفظ( فكان التذمر والشكوى يحصل‬
‫منهم أثناء الفصل الدراسي أما في آخممره فكممان الفممرح والسممرور همو‬
‫المسيطر على مشاعرهم حين يرون ثمرة جهدهم ‪.‬‬
‫وقد طبقته مع طلب دبلوم القراءات في عام ‪1423‬همم فممي حفممظ‬
‫الشاطبية في الفصل الول وكانت نتائج اختبار الفصل الول مشممجعة‬
‫جدا ‪ ،‬ثم مراعاة للمطالبة بتركه تركته في الفصل الثاني فلممما جمماء‬
‫الختبار النهائي تعبوا في المراجعة وكانت النتائج ضعيفة فكان الفرق‬
‫شاسعا بين الحالين‪ ،‬وبشهادة الطلب أنفسهم فقد لمسوا الفرق الواضح‬
‫بين ما حفظ بالطريقة الولى وما حفظ بالطريقة الثانيممة حممتى بعممد‬
‫انتهاء الدبلوم ومضي سنوات على الحفظ ‪.‬‬
‫إضاءة ‪:‬‬
‫‪68‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫هل تعلم أنه يمكنك حفظ الشاطبية كاملة خلل ثلث سنوات دون‬
‫أي جهد يذكر من خلل تطبيق نظام الحفظ السبوعي ؟‬

‫المسللألة السللابعة ‪ :‬تللدريس القللراءات فللي‬ ‫‪‬‬


‫مدارس تحفيظ القرآن‪:‬‬

‫الملحظ أن منهج القراءات في المرحلة الثانوية مضغوط بصممورة‬


‫كبيرة ل تتوافق مع المنهجية في التعلم فلم تممراع الفممروق الفرديممة‬
‫للطلب بل لم تراع الساعات المعتمدة للمقرر ولممم تممراع أن تممدريس‬
‫القراءات يقوم على الطريقة الفردية فليسممت كالتفسممير أو الحممديث‬
‫التي يمكن تدريسها للمجموعة في آن واحد)‪ (1‬فمممن أجممل ذلممك تكممثر‬
‫الشكوى في هذا الجانب وما ذاك إل أن الطالب يراد منه تحقيق مهارات‬
‫عالية ومتداخلة في وقت وجيز مع النقطاع في الجازات الطويلة فكل‬
‫هذا يشكل صعوبة وحرجا على المعلم والمعلمة والطالب والطالبة فممي‬
‫تنفيذ هذا المنهج‪ ،‬صحيح أن الطالب النابه الذي تمموفرت لممه الظممروف‬

‫وقد يأتي بعض المعلمين فيضيف إليها مقررا آخر وهو توجيه القراءات ‪ ،‬ينبغي أن ل نثقل الطالب‬
‫‪()1‬‬
‫في مراحل التعليم العام بمثل هذه المعلومات بل تؤجل للمرحلة الجامعية ‪ ،‬وإن كان ول بد فيخصص لها‬

‫كتاب مستقل وساعات مستقلة‬


‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪69‬‬

‫لتكوين نفسه خارج أسوار المدرسة يمكنممه السممير أممما مممن عممداه فل‬
‫يستطيع اللحاق بالركب إل بشيء من التفكيك وعدم المنهجية‪.‬‬
‫إن مادة القراءات من أهم المواد الممتي تحتمماج الحفممظ السممبوعي‪،‬‬
‫وتطبيقه ل يمكن إل بإعادة النظر في المنهج ومممما أقممترحه فممي هممذا‬
‫المجال ما يلي‪:‬‬
‫تكون السنة الولى بفصليها للقسم النظممري أي شممرح الشمماطبية ‪،‬‬
‫والتدريب على استخراج القراءة منها مباشرة دون الحاجة للرجوع إلى‬
‫أي شرح خاصة في باب )فرش الحروف(‪ ،‬ول يتعرض للتطبيق في هذه‬
‫المرحلة إل ما له تعلق بفهم الشاطبية‪.‬‬
‫وتكون الفصول الثلثة التي تشكل السنة الثانية والفصل الول من‬
‫السنة الثالثة كل فصل منها لرواية واحدة ) شعبة ‪ ،‬قالون ‪ ،‬ورش (‬
‫الفصل الثاني من السنة الثالثة يكون للتدريب علممى الجمممع ضمممن‬
‫الروايات التي تمت دراستها سابقا ‪.‬‬
‫ثم بعد هذا تأتي المراحل الجامعية لتكمل المسيرة على أن يتخممرج‬
‫الطالب من البكالوريس وهو مؤهل تماما لتدريس المادة أما إذا اختممار‬
‫تخصصا آخر فيكون قد أتقن أربممع روايممات فممإن رغممب فممي الكمممال‬
‫بنشاطه الخاص وجهده الذاتي على أيدي المقرئين في المسمماجد كممان‬
‫بها وإل فقد حصل بعض المستويات في علم القراءات ‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫أكثر من ثلثين سنة من التعليم في مدارس تحفيظ القممرآن الكريممم‬


‫وفي الجامعات ومازالت البلد تعاني من ندرة المدرسين في هذه المممادة‬
‫أليست هذه علمة واضحة على ضعف المخرجات وكل هذا بسبب فقممد‬
‫المنهج الصحيح لتدريس هذه المادة‪(1).‬‬

‫بقي أن أنبه إلى أن ما دعوت إلى تطبيقه هو المنهج عند المتقدمين‬


‫في تلقي القراءات‪ ،‬فالفراد هو السنة‪،‬وهو منهج السلف في تلقي القممرآن ‪،‬‬
‫ولم يظهر الجمع إل عند ظهور الحاجة إليه لممما طممالت السممانيد وتعممددت‬
‫الروايات وتشعبت الطرق ‪ ،‬وذلك في القرن الخامس الهجري ‪ ،‬ومع هذا فقد‬
‫اشترطوا له شروطا منها ‪ :‬إفراد كل راو بختمة‪.‬‬
‫قال أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري القيرواني ‪:‬‬
‫عليهم فابدأ بالمممممممممممممممام‬ ‫وأذكمممر أشياخي الذين قرأتها‬
‫ِر‬
‫أبي بك‬
‫بدأت ابن عشر ثم أكملت في‬ ‫قرأت عليه السمممبع تسعين ختمة‬
‫ِر‬
‫عش‬
‫وقال أبو شامة في إبراز المعاني ص ‪" :12‬والقارئ المبتدئ ‪ :‬من أفممرد‬
‫إلى ثلث روايات ‪ ،‬والمنتهي من نقل منها أكثرها " اهم‬

‫قبل أربع سنوات قامت كلية المعلمين بالرياض بفتح مسار خاص بالقراءات في مرحلة البكالوريس‬
‫‪()1‬‬
‫‪،‬ومازال العدد فيه محدودا بسبب ضعف التأهيل لهذا المسار في مراحل التعليم العام‬
‫المبحث الثالث‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‬
‫‪71‬‬

‫ويقول ابن الجزري في النشر ‪ " :2/192 :‬وكان بعض الئمة يكره‬
‫ذلك من حيث إنه لم تكن عادة السلف عليه ‪ ،‬ولكممن الممذي اسممتقر عليممه‬
‫العمل هو الخذ به والتقرير عليه وتلقيه بالقبول " اهم‬
‫وقال نظما ‪:‬‬
‫إفراد كل قارئ بختمه‬ ‫وقد جرى من عادة الئمه‬

‫وقال الصفاقسي في غيث النفع ص ‪ " :25‬لم يكن في الصمدر الول هممذا‬
‫الجمع المتعارف عليه في زماننا بل كانوا لهتمامهم بالخير وعكوفهم عليه‬
‫يقرؤون على الشيخ الواحد العدة من الروايات والكثير مممن القممراءات كممل‬
‫ختمة برواية ل يجمعون رواية إلى رواية‪ ،‬واستمر العمل على ذلك إلى أثناء‬
‫المائة الخامسة عصر الداني ومكي وغيرهم فمن ذلممك المموقت ظهممر جمممع‬
‫القراءات في الختمة الواحدة واستمر عليه العمل إلممى هممذا الزمممان وكممان‬
‫بعض الئمة ينكره من حيث إنه لم يكن عادة السلف‪ ،‬قلت ‪ :‬وهممو الصممواب ‪،‬‬
‫إذ من المعلوم أن الحق والصواب مع الصدر الول في كل شمميء " إلممى أن‬
‫قال ‪ " :‬فما بالك بأمر ل يترتب عليه كبير نفع وربما يترتب عليممه الفسمماد‬
‫والغلط والتخليط والداعي إليممه النفممس لتحصمميل حظوطهمما مممن الراحممة‬
‫وتقصير العبادة‪ ،‬جنح إلى هذا الكسممالى والمقصممرون ووافقهممم علممى ذلممك‬
‫شفقة عليهم وخوفا من انسلخهم ممن الخيممر بالكليمة الئممة المجتهمدون‬
‫المشمرون والمتنزل ل يستدل بفعله فيما تنزل فيه"اهم‬
‫‪72‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫فالجمع بهذه الصورة لم يظهر إل عنممد المتممأخرين لممما ضممعفت‬


‫الهمم وضعفت الحوافر واشتغل الناس بكسب معاشهم وقل المتفرغممون‬
‫لخذ القراءات وخشي ضياعها‪،‬أما اليوم فإن مثل هذا التعليممم النظممامي‬
‫الذي تنفق عليه الدولة حفظها ال أوجد القبال على هذا العلم والعناية‬
‫به والحرص عليه فلم ل نعود إلى منهجية السلف في تلقي القراءات ‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪73‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬

‫المسألة الولى ‪ :‬نظام حفظ المعاني‬ ‫‪‬‬

‫لو تأملنا في منهج التكوين والبناء الذي رسمممه ال م تعممالى لنممبيه‬


‫صلى ال عليه وسلم ولتباعه حينما اختارهم لحمممل رسممالته ودعمموته‬
‫لوجدنا أنه سهل واضح خال من كل تعقيد وغموض يفهمه كممل أحممد‬
‫وفي الوقت نفسه قوي مممؤثر يتغلغممل إلممى أعممماق النفمموس فيربيهمما‬
‫ويشكلها بالشكل الذي تريد‪.‬‬
‫إن هذا المنهج يتضمن قواعد تربوية ونفسيه لممو اجتمممع مفكممروا‬
‫العالم من شتى حضاراته وأفنوا أعمممارهم فممي البحممث والتنقيممب لممما‬
‫توصلوا إلى مثلها ذلك أنها من عند العليم الحكيم أل يعلممم مممن خلممق‬
‫وهو اللطيف الخبير‪.‬‬
‫هذا المنهج جاء تقريره وتأصيله في ثاني سورة نزلت مممن المموحي‬
‫المبارك القرآن الكريم إنها سورة المزمممل ويتمثممل هممذا المنهممج فممي‬
‫النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪}-1‬قم{‬
‫‪74‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪}-2‬الليل{‬
‫‪}-3‬إل قليل{ أي كثيرا من الليل‬
‫‪}-4‬إن ناشئة الليل هي اشد وطأ وأقوم قيل{‬
‫‪}-5‬ورتل القرآن ترتيل{‬
‫‪}-6‬إنا سنلقي عليك قول ثقيل{‬
‫لماذا قم أل يكفي اجلس؟ ولماذا الليممل بالممذات ؟ ولممماذا كممثيرا ؟‬
‫وماذا يصنع إذا قام ؟ وما الهدف من هممذا كلممه ؟ هممذه هممي الخطمموط‬
‫العريضة لهذا المنهج ثم يأتي تطبيق النبي صلى ال عليه وسلم ليزيده‬
‫وضوحا ‪.‬‬
‫لقد فرض ال عز وجل على نبيه محمد صلى ال عليه وسلم ومممن‬
‫معه القيام بالقرآن سنة كاملة ‪ ،‬نعم سنة كاملة من التدريب المكثف ‪،‬‬
‫والنتيجة صناعة النسان‪ ،‬إنتاج نماذج إنسانية فذة فريدة ل يماثلهمما أي‬
‫نموذج في العالم‪ ،‬هذه الفئة القليلة هي التي أوكل ال عز وجل إليهمما‬
‫حفظ دينه وتبليغ رسالته وإقامة دولة الحق ‪.‬‬
‫قد يتصور البعض من علماء النفس أو الخبراء العسكريين أو بعض‬
‫المفكرين أن إعداد القوة للفئة التي يناط بها التغييممر يكممون بممدورات‬
‫علمية وتدريبات عسكرية هذا الذي يتبادر للذهن وقممد يعتقممده أمثممال‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪75‬‬

‫هؤلء لكن ال تعالى وهو الحكيم العليم قد اختممار لهممذه الصممفوة مممن‬
‫خلقه أمرا آخر وهو ما سبق ذكره‪.‬‬
‫لقد كممان القيممام بممالقرآن بالمواصممفات السممالف ذكرهمما الداة‬
‫التربوية التي ركز عليها النبي صلى ال عليه وسلم في بنمماء الجنممود‬
‫الذين يحملون الحق ويبلغونه للناس كافة‬
‫إنها الداة التي يمكن بها صياغة النسان وصناعته ومممن كممان فممي‬
‫شك فليجرب‪ ،‬الباب مفتوح والخير متاح‪ ،‬جرب أن تقوم بالقرآن سممنة‬
‫كاملة كل ليلة ثلث ساعات على القل ترتممل القممرآن تممرتيل حفظمما‬
‫وجهرا وتكرارا ثم انظر النتيجة كيف تكون إن النتيجة مؤكدة لكممن‬
‫مثل هذا العمل ل يتيسر إل لمن يسره ال له ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن هي الطريق لتحقيق الركن الثاني من أركممان‬
‫الحفظ التربوي وكان بيانها وتفصمميلها فممي كتمماب مسممتقل بعنمموان‬
‫)مفاتح تدبر القرآن والنجاح( في الحيمماة وألخممص هنمما نظممام حفممظ‬
‫المعاني‪:‬‬
‫‪ -1‬فهم وفقه مفاتح تدبر القرآن متطلب أساسي للسممير فممي نظممام‬
‫حفظ المعاني ‪.‬‬
‫‪ -2‬تحديد مقدار معين مممن القممرآن سممبق حفظممه بنظممام الحفممظ‬
‫السبوعي‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪ -3‬تقسيم هذا المقدار على أيام السبوع لكل يوم قدر محدد‬
‫‪ -4‬يتم قراءة هذا المقدار في صلة في ليل بجهممر وتغممن وتكممرار‬
‫وترتيل وتمهل ومناجاة‪.‬‬
‫‪ -5‬ليس هناك زمن محدد لقراءة آية أو سورة فربما آية تقف فيها‬
‫ربع ساعة وربما مئة آية تقرؤها في ساعة‬
‫‪ -6‬إذا لم يمكن أداء هذا العمل في موعده ليل فيقضى بموعد آخممر‬
‫يكون فيما بين صلة الفجر وصلة الظهر ‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا انتهى الوقت المحممدد للقيممام بممالقرآن ولممم ينتممه المقممدار‬
‫المحدد للقراءة وهذا يحصل بسبب تطويل الركوع أو السجود أحيانمما‬
‫أو بسبب التوقف عند بعض اليات طممويل ‪ ،‬فهممل يفممرض وقممت آخممر‬
‫لكماله؟ أو يقرأ في الليلة التي تليها؟ خياران كلهما ممكممن المهممم‬
‫التأكد من عدم بخس القرآن حقه من الوقت وتفضيل غيره عليه ‪.‬‬
‫‪ -8‬الوقت اليومي اللزم لمثل هذا العمل مابين ثلث الليل إلى نصفه‬
‫إلى أدنى من ثلثيه أي من ثلث ساعات إلى ست ساعات إلى ثمان ساعات‬
‫وهو يختلف صيفا وشتاء‪.‬‬
‫‪ -9‬ل يتوقع الوصول إلى هممذا المسممتوى مممن البدايممة وإنممما يتممم‬
‫الصعود بالتدريج وقد يتطلب المر إلى سمنوات حمتى تصمل إلمى همذا‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪77‬‬

‫المستوى‪ ،‬فتكون البداية بنصف ساعة مثل ثم بعد ستة أشهر تزاد إلممى‬
‫ساعة ثم بعد سنة تزاد إلى ساعة ونصف ‪.‬‬
‫‪-10‬كلما زادت قناعتك بأهمية هذا العمل وقوي إيمانك بضممرورته‬
‫لحياتك كلما سهل عليك زيادة الزمن المخصص له ‪.‬‬
‫‪ -11‬القيام بالقليل مع التطبيق التام للمفاتيح خير من الكثير الذي‬
‫يهمل فيه تطبيق المفاتيح‬
‫‪ -12‬من المفيد إن أمكن تحضير ما يراد قراءته أثنمماء النهممار مممع‬
‫قراءة تفسير موجز لياته‪ ،‬أو تكون القراءة بعد القيام به لحل ما طممرأ‬
‫من أسئلة أثناء القراءة السابقة ‪ ،‬أو الجمع بينهما أي قبله وبعده ‪.‬‬
‫‪ -13‬التوقف حين القراءة طويل والتفكير في معاني اليات‪.‬‬
‫‪ -14‬ما يفتح لك من معان وفهم لليات يلزم عرضه على أهل العلم‬
‫إن كان مما يتطلب ذلك ‪.‬‬
‫‪ -15‬تطبيق هذه المفاتيح يفيد في تعميق فهم اليات والنزول إلممى‬
‫أعماق المعاني فهذه المفاتيح تشبه أدوات الغوص في البحممار فممالقرآن‬
‫له ظاهر وباطن فظاهره اللفاظ التي يشترك في رؤيتها وسماعها كل‬
‫الناس وباطنه ل حد له وكل يصل إلى ما يفتح ال عليه ‪ ،‬بعض النماس‬
‫يسبح فوق سطح البحر من العقبة إلى عدن فإذا وصل قال لم أجممد ممما‬
‫تذكرون من اليممواقيت والجممواهر واللؤلممؤ والمرجممان وغيرهمما مممن‬
‫‪78‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الكنوز الثمينة فنقول له المممر يحتمماج إلممى أدوات غمموص وأنممت لممم‬
‫تستخدمها‪.‬‬
‫‪ -16‬نريد بالمعاني‪ :‬الفهم الدقيق العميق لما تعنيه اللفاظ‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫ذلك‪:‬‬
‫مثال ‪:1‬‬
‫إذا سمعت كلمة )جنة( عليك أن تقممف عنممدها لتتخيممل وتتصممور‬
‫ظللها وأنهارهمما ولباسممها وأراضمميها وأثاثهمما وخضممرتها ومجالسممها‬
‫ونساءها‪ ....‬تتصورها بكل تفصيلتها الدقيقة من لون وطعممم ورائحممة‬
‫ومنظر وطول وعرض وملمس‪.‬‬
‫مثال ‪:2‬‬
‫ًة‬
‫َد‬
‫ْر‬‫َو‬
‫ْت‬‫َكممان‬
‫َ‬ ‫ُء ف‬
‫َ‬ ‫َما‬ ‫ِت ال‬
‫َسم‬
‫ّ‬ ‫َق‬
‫َشم‬
‫ّ‬ ‫ْن‬ ‫ِإ‬
‫َذا ا‬‫َم‬
‫وإذا قرأت قممول الم تعممالى ‪ }:‬ف‬
‫ِ‬
‫ِن { ]سورة الرحمن ‪ -‬الية ‪ [37 :‬تقف لتتصور هذا المعنى مممن كافممة‬
‫َها‬
‫ّد‬
‫كال‬
‫َ‬
‫أبعاده وتحاول تعميقه في قلبك ‪.‬‬
‫‪ -17‬يتم زيادة المقدار إذا وجدت إمكانية لزيادة الوقت المخصممص‬
‫لحفظ معاني القرآن الكريم ‪.‬‬
‫‪ -18‬إذا لم يمكن زيادة الوقت فل يسمح بزيادة المقدار لنه يممؤدي‬
‫إلى النقص في تطبيق مفاتح التدبر ‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪79‬‬

‫‪ -19‬القراءة تكون حسب ترتيب القرآن فمن وصل إلى سورة عبممس‬
‫مثل فإنه يبدأ بها ثم التكوير ثم النفطار إلى سورة الناس‬
‫‪ -20‬القلب هممو الميممدان الممذي يممدور فيممه الصممراع بيممن النفممس‬
‫والشمميطان وتطممبيق حفممظ المعمماني يمل القلممب بالصممور والمشمماهد‬
‫والفكار الحية المفيدة مما ل يبقى معه للشمميطان ووساوسممه مسمماحة‬
‫يتحرك فيها فهو بهذا العتبار أقوى الدوية لتحقيممق طمأنينممة القلممب‬
‫وسمكينة النفمس والخلص ممن الوسماوس وقموة التحكمم بمالخواطر‬
‫والفكار ومن ثم التحكم بالسلوك والفعال وما يترتب على ذلممك مممن‬
‫قوة معنوية في كافة مجالت الحياة ‪.‬‬
‫‪ -21‬يمكن في البداية التدريب على القيام بالقرآن نهارا حتى يسهل‬
‫ثم نقله إلى الليل‪.‬‬
‫‪ -22‬دائما تأكد أنك تطبق المفاتيممح كاملممة وعممدم النقممص فممي‬
‫أحدها أو في جزء منها ‪.‬‬
‫‪ -23‬الهدف النهائي الذي تسعى إليه أن تختم القرآن كامل حفظمما‬
‫كل أسبوع في صلة في ليل جهرا بترتيل وتكرار مما يؤدي إلى قمموة‬
‫ربط القرآن بواقع الحياة واليمان بال وكلماته فإن أمكنك بلوغ همذا‬
‫الهدف في حياتك وإل فأنت على نيتك مادامت نية صادقة حاضرة فمممن‬
‫سأل ال الشهادة بصدق بلغه ال منازل الشهداء وإن مات على فراشه ‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬أيهما أولللى حفللظ القللرآن أم‬ ‫‪‬‬


‫تدبره ؟‬

‫الصل أن هذا السؤال غير وارد لنه ل تعارض بيممن حفممظ ألفمماظ‬
‫القرآن وتدبر معانيه فيجب أن يسيرا معا ‪ ،‬ولم يكن هذا السممؤال واردا‬
‫في أذهان الصحابة رضي ال عنهم فمنهجهم في هممذه القضممية واضممح‬
‫ظاهر وإنما نشأت الحاجة للكلم في هذه المسألة بعد وفاة النبي صمملى‬
‫ال عليه وسلم وتوسع الفتوحات وتعمدد أجنمماس وفئات المداخلين فممي‬
‫السلم حين خفي على البعض الهدف والغايممة الممتي مممن أجلهمما أنممزل‬
‫ُلممو‬
‫ُأو‬‫َ‬
‫َر‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫َذ‬
‫َت م‬‫ِل‬
‫َي‬ ‫ِه‬
‫َو‬‫ِت‬
‫َيمما‬
‫َآ‬
‫ُروا‬
‫َ‬‫َد‬
‫ّب‬‫ّ‬ ‫ِل‬
‫َيم‬‫ك‬
‫ٌ‬ ‫َر‬
‫َبا‬
‫ُم‬
‫َك‬
‫ْي‬‫ِإ‬
‫َل‬‫ُه‬
‫َنا‬
‫ْل‬
‫َز‬
‫ْن‬
‫ٌب أ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫َتا‬
‫ك‬ ‫القرآن }‬
‫[ فنسوا أن حفظ اللفاظ وسيلة إلى تممدبر‬ ‫] سورة ص ‪ -‬الية ‪29 :‬‬ ‫ِب {‬
‫َبا‬
‫ْل‬
‫ال‬
‫َ‬
‫المعاني ومن ثم العمل بها فقصروا همتهم وغايتهم وهدفهم على حفظ‬
‫اللفاظ فصار جل وقتهم وجهدهم وانتبمماههم ووعيهممم منصممب علممى‬
‫تثبيت صور الكلمات وحروفها مع نسيان للمعاني‪ ،‬وحتى حفظ اللفاظ‬
‫ل يتم بصورة منهجية بل ما يحفظ اليوم ينسى غممدا ثممم يعممود للول‬
‫وينسى الثاني وهكذا دأبه طول حياته تعاقب بين الحفظ والنسيان‪.‬‬
‫وقد جاهد الصحابة رضي ال عنهم فممي علج هممذه القضممية ومممن‬
‫أقوالهم في هذه المسألة ‪:‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪81‬‬

‫‪-1‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال كان الفاضل مممن أصممحاب رسممول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم في صدر المة ل يحفممظ القممرآن إل السممورة‬
‫ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن وإن آخر المة يقرؤون القممرآن منهممم‬
‫الصبي والعمى ول يرزقون العمل به)‪(1‬‬

‫‪-2‬وقال ابن مسعود رضي ال عنه ‪ :‬إنا صعب علينا ألفاظ القرآن وسهل‬
‫علينا العمل به وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم‬
‫العمل به)‪(2‬‬

‫‪-3‬وعن أبي عبد الرحمن السلمي قممال حممدثنا مممن كممان يقرئنمما مممن‬
‫أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم أنهم كان يقترئون من رسممول ال م‬
‫عشر آيات فل يأخذون في العشر الخرى حتى يعلموا ما في هممذه مممن‬
‫العلم والعمل قالوا‪ :‬فعلمنا العلم والعمل)‪(3‬‬

‫وقد حذر النبي صلى ال عليه وسلم من الفصل بين حفممظ اللفممظ‬
‫وتدبر المعنى حين وصف طائفة من المسلمين أنهم يقرؤون القرآن ل‬
‫يجاوز تراقيهم‪ ،‬وأن مثل هذا النقممص فممي تممدبر القممرآن يكممون سممببا‬

‫تنمية القدرة على تدبر القرآن ص ‪ ،15‬محمد الدويش‬


‫‪()1‬‬
‫المصدر السابق‪.‬‬
‫‪()2‬‬
‫مسند أحمد ‪) -‬ج ‪ / 47‬ص ‪22384(464‬‬
‫‪()3‬‬
‫‪82‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫للخروج من الدين والزيغ عن الصممراط المسممتقيم ‪،‬ويصممبحون شممؤما‬


‫على المة وسببا في تفريق صفوفها وتمزيق وحدتها ‪.‬‬
‫فالمنهجية في هذه القضية أنه عندنا ثلثة أمور ل بد مممن العنايممة‬
‫بها‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الحفظ المتقن لللفاظ ولو كان المحفوظ قليل ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬التأكيد على هدف التفكر والتدبر وأنه الصل‪ ،‬والجتهمماد‬
‫في الخذ بالسباب المؤدية إليه‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الجتهاد في ربط العلم المكتسب بالعمل بتممدريب مسممتمر‬
‫مكثممف إلممى أن يحصممل النجمماح فممي اقممتران العلممم بالعمممل والنظممر‬
‫بالتطبيق ‪.‬‬
‫إن تحقيق هذه المور هو الطريق إلى التربية على أخلق القرآن ‪،‬‬
‫أما القتصار على الحفظ المهلهل أو غياب قصد التدبر أو فقد محاولة‬
‫ربط العلم بالعمل فهو السبب في أنك ربما وجدت من يقال إنه يحفممظ‬
‫القرآن كامل ومع هذا تصدر عنه أمور ل ترضى ول تحمد بل يصعب‬
‫التصديق بأن فاعلها يحفظ القرآن ‪ ،‬فمتى تتفطن مدارسنا ومحاضممننا‬
‫التربوية إلى هذه القضية المهمة الخطيرة في مستقبل أجيالها‪.‬‬
‫إن الحفظ التربوي يربي التفكير وينمممي البممداع ويحقممق الفهممم‬
‫السديد للحياة لنه بأركمانه الثلثمة يوسمع مممدارك النسممان وينممي‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪83‬‬

‫ملكاته الذهنية ويصقل مهاراته العمليممة‪ ،‬أممما القتصممار علممى الركممن‬


‫الول والكتفاء به فقد كممان مممدخل للطمماعنين فممي سمملح الحفممظ‬
‫التربوي الذي وهبه ال لهذه المة الوسط خيممر أمممة أخرجمت للنمماس‬
‫تحمي به نفسها وتحقق لدين ال تعالى النصر والتمكين ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬التكرار التربوي‬ ‫‪‬‬

‫)لن تقرأ كتابا ثلث مرات خير من أن تقرأ ثلثة كتب( قاعممدة‬
‫سمعتها عن بعض مشايخنا‬
‫التكرار التربوي ركن أساسي في التربية ينبغي أن يراعيه المربمي‬
‫أيا كان موقعه‪ ،‬في البيت‪ ،‬في المسجد‪ ،‬فممي المدرسممة‪ ،‬فممي المجتمممع‪،‬‬
‫وكون المعلومة تذكر ول تكرر فإنها تنسى‪ ،‬والعلم بحر ل ساحل لممه‬
‫فليس أمامك إل أن تقتصر على قدر معين تكرره باستمرار لكي يحفظ‬
‫فل ينسى ويحدث أثره في النفوس‪.‬‬
‫النفس تمل من التكرار وما ذاك إل بسبب فراغ اللفاظ من المعاني‬
‫وإل اعتبرته تكرارا‪.‬‬
‫لقد كان النبي صلى ال عليه وسلم يطبممق التكممرار الممتربوي فممي‬
‫القراءة في الصلة فكان غالب قراءته من المفصل‪ ،‬وانظر إلى أي كتاب‬
‫‪84‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫في الصلة تجده يذكر هذا المر)‪ (1‬حتى إن كتب الفقمه حيمن تمبين‬
‫القراءة في الصلة تقسم المفصل إلى ثلثممة أقسممام ‪ :‬طمموال وأوسمماط‬
‫وقصار ‪ ،‬قال ابن قدامه ‪ " :‬ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة سورة تكون فممي‬
‫الصبح في طوال المفصل وفي المغرب في قصاره وفممي سممائرهن مممن‬
‫أوساطه لما روى جابر بن سمرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم كان يقرأ في الفجر بم } ق { رواه مسمملم ‪ ،‬وعنممه ‪ :‬أن النممبي‬
‫صلى ال عليه وسمملم كممان يقممرأ فممي الظهممر والعصممر بمم }السممماء‬
‫والطارق { و } السماء ذات البروج { ونحوهما مممن السممور رواه أبممو‬
‫داود ‪ ،‬وعنه قال ‪ :‬كان رسول ال صمملى ال م عليممه وسمملم إذا دحضممت‬
‫الشمس صلى الظهر ويقممرأ بنحممو ‪ } :‬والليممل إذا يغشممى { والعصممر‬
‫كذلك والصلوات كلها إل الصبح فإنه كان يطيلها رواه أبو داود وممما‬
‫قرأ به بعد أم كتاب في ذلك كله أجممزأه"اهم م)‪ (2‬نعممم ورد أن النممبي‬
‫صمملى الم عليممه وسمملم قممرأ بسممور أخممرى مثممل العممراف والنفممال‬
‫والمؤمنون والروم وغيرها لكن الغالب على قراءته المفصل حتى قممال‬
‫َلى‬
‫َصمم‬
‫ّ‬ ‫ِبمم‬
‫ُي‬
‫ّ‬ ‫َن‬
‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫كا‬
‫َ‬ ‫ِتي‬
‫َل‬
‫ّ‬ ‫ِئ‬
‫َر ا‬ ‫َن‬
‫َظا‬‫ُت ال‬
‫ّ‬ ‫ْف‬
‫َر‬
‫َع‬
‫ْد‬
‫َق‬
‫َل‬
‫ابن مسعود رضي ال عنه ‪:‬‬

‫صفة صلة النبي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها ‪ ،‬اللباني ‪ ،‬ص ‪ 89‬وما بعدها ‪ ،‬زاد المعاد ل‬
‫‪()1‬‬
‫بن القيم ‪ 1/193 :‬وما بعدها‬

‫الكافي لبن قدامه ] جزء ‪ - 1‬صفحة ‪[ 242‬‬


‫‪()2‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‬
‫‪85‬‬

‫ِل)‪، (3‬‬
‫َصمم‬
‫َف‬
‫ّ‬‫ُم‬
‫ْل‬ ‫ِممم‬
‫ْن ا‬ ‫ًة‬
‫َر‬
‫ُسممو‬‫ِري‬
‫َن‬ ‫ِع‬
‫ْش‬‫َر‬
‫ك‬
‫َ‬ ‫َن ف‬
‫َذ‬
‫َ‬ ‫ُه‬
‫ّ‬‫َن‬
‫ْي‬
‫ُن ب‬
‫َ‬ ‫ُر‬
‫ْق‬
‫َي‬‫َل‬
‫َم‬‫َس‬
‫ّ‬ ‫ِه‬
‫َو‬‫ْي‬
‫َل‬
‫َع‬‫َل‬
‫ُه‬‫ال‬
‫ّ‬
‫ومن التكرار التربوي السبوعي قراءة سورة السجدة وسممورة النسممان‬
‫في كل جمعة في صلة الفجر وسبح والغاشية أو الجمعة والمنممافقون‬
‫في صلة الجمعة ‪ ،‬ومن التكرار التربوي اليومي قراءة سورة الفاتحممة‬
‫في كل ركعة من صلة فريضة أو نافلة ‪ ،‬وقراءة سممورتي الكممافرون‬
‫والخلص في راتبة الفجر ‪ ،‬هذا التكرار التربوي في قراءة القرآن في‬
‫الصلة أممما التكممرار الممتربوي فممي الذكممار والدعيممة داخممل الصمملة‬
‫وخارجها فأمر معلوم وهو كثير ‪.‬‬
‫إن السنة في قراءة القرآن في الصلة واضحة وضمموح الشمممس إل‬
‫أن البعض غفل عنها فتجد بعض أئمة المساجد منهج قراءته في الصلة‬
‫الجهرية انتقاء المقاطع من القرآن طول العام طلبا للتجديد والتنويممع‬
‫‪-‬حسب رأيه ‪-‬أو ليسمع الناس معظم القممرآن‪ ،‬وبعضممهم يقممرأ القممرآن‬
‫متتابعا في الصلوات الجهرية فيختمه في السنة مممرة أو مرتيممن وإلممى‬
‫كل هؤلء أقول‪ :‬أأنتم أعلم أم رسول ال صلى ال عليه وسلم المربي‬
‫ِلحهم ويعممرف أسممرار‬
‫ْص م‬
‫ُي‬
‫ُلح للنمماس وممما‬
‫ْص م‬
‫َي‬
‫الحكيم الذي يعرف ما‬
‫النفوس وما تحتاجه من منهجية في الوعظ بالقرآن‪.‬‬

‫صحيح البخاري ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪ ، (234‬صحيح مسلم ‪) -‬ج ‪ / 4‬ص ‪ ، (259‬سنن الترمذي ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص‬
‫‪()3‬‬
‫‪(479‬‬
‫‪86‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إن من يتأمل ويمعن النظر في هممذه المسممألة ويقممف فيهمما وقفممة‬


‫صادقة يتبين له الحق أما من ليس لديه وقت لكي يقرأ ويتدبر فأنى له‬
‫أن يصل إلى المنهجية الصحيحة في أموره كلها‪.‬‬
‫وليس من التكرار التربوي التزام أواخر وأواسط سور معينممة‪ ،‬لن‬
‫فيه مخالفة للسنة‪ ،‬قال ابن تيمية في الفتاوى ‪ " :13/412‬وأما القراءة‬
‫بأواخر السور وأوساطها فلم يكن غالبا عليهم ولهذا يتورع في كراهة‬
‫ذلك‪ ،‬وفيه النزاع المشهور في مذهب أحمد وغيره‪ ،‬ومن أعدل القمموال‬
‫قول من قال ‪ :‬يكره اعتياد ذلك دون فعله أحيانا‪ ،‬لئل يخرج عما مضممت‬
‫به السنة وعادة السلف من الصحابة والتابعين"اهم‬
‫المبحث الخامس‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‬
‫‪87‬‬

‫المبحث الخامس ‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‬

‫حفظ العمل هممو الركممن الثممالث مممن أركممان الحفممظ الممتربوي‬


‫وحقيقته ربط العلم بالعمل أي بالواقع ‪ ،‬بحيث يتم تطبيق ممما تضمممنه‬
‫القرآن الكريم من توجيهات في جميع أمور الحياة ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ًة‬
‫َل‬
‫ْم‬
‫ُج‬
‫ُن‬
‫َآ‬
‫ْر‬
‫ُق‬
‫ْل‬ ‫ِ‬
‫ْيه ا‬
‫َل‬
‫َع‬‫َل‬ ‫ّز‬
‫ُ‬‫ْول ن‬ ‫َل‬‫ُروا‬ ‫َف‬‫ك‬‫َ‬ ‫ِذي‬
‫َن‬ ‫َل‬
‫َل ا‬
‫ّ‬ ‫َقا‬‫َو‬ ‫قال ال تعالى ‪} :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك { ]سورة الفرقان ‪ -‬الية ‪[32 :‬‬‫َ‬‫د‬
‫َ‬ ‫ؤا‬
‫َ‬‫ُ‬‫ف‬ ‫ه‬‫ب‬‫ِ‬‫ت‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ّ‬‫َث‬‫ِل‬
‫ُن‬‫َك‬‫ِل‬
‫َذ‬
‫ك‬
‫َ‬ ‫ًة‬‫ِح‬
‫َد‬‫َوا‬
‫في هذه الية سؤال عن هدف التمهل فممي إنمزال القممرآن وتفريقمه‬
‫على سنوات حياة النبي صلى ال عليه وسلم كلها طيلة ثلث وعشرين‬
‫سنة وكان سبحانه وتعالى قادرا أن ينزل القرآن الكريم جملة ‪ ،‬ينزله‬
‫كله في ليلة واحدة ‪ ،‬فيأتي الجواب الذي يعتبر منهجا لكل مسمملم فممي‬
‫هذه الحياة إنه ‪} :‬لنثبت به فؤادك{‪ ،‬وتثبيت الفؤاد يعنممي قمموة القلممب‬
‫وصحة النفس التي هي شممرط لتحقيممق النجمماح فممي جميممع مجممالت‬
‫الحياة ‪ ،‬ومثل هذا البناء التربوي ل يتناسب معه العجلة بل يحتاج إلممى‬
‫التدرج والتمهل‪ ،‬لن بناء النفوس يختلف عن بنمماء أي شمميء فممي هممذه‬
‫الحياة يحتاج إلى قاعدة ‪ } :‬ورتلناه ترتيل { ‪ ،‬فثبات اللفممظ ورسمموخ‬
‫المعنى الذي يسهل ربط العلم بالعمل وتكوين المهارات التربوية يحتاج‬
‫‪88‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إلى ترتيل أي تمهل وطول نفس وصبر وأناة أما السممتعجال فل يبنممي‬
‫الرجال ‪.‬‬
‫فمن أجل ذلك كان نزول القرآن منجما على اليام والسنين تربية‬
‫للنبي محمد صلى ال عليه وسلم وأصحابه حال بعد حممال وسممنة بعممد‬
‫سنة ‪ ،‬وهو منهج لتربية الناس في كل العصور‬
‫فهذا سر عظيم من أسرار التربيممة بممالقرآن الكريممم فمممن أراد أن‬
‫يحصل على طمأنينة القلب وسكينة النفس وثبات الفؤاد فعليممه بحفممظ‬
‫القرآن رويدا ومهل وتؤدة وسكينة وليحذر من العجلة ‪.‬‬
‫إن ما نسمع عنه من المفاخرة في حفظ القرآن في شممهرين أو ‪56‬‬
‫يوما أو حفظ البقرة في يوم أو حفظ ‪ 47‬وجها في يوم كل هذا ليس‬
‫على الهدي الصحيح وإن كان القصد والنية صالحة‪ ،‬فالمنافسة ينبغممي‬
‫أن تكون بطول المدة وليس بقصرها وبقلة العدد ل كثرته فهممذا هممو‬
‫المنهج المأثور عن السلف المقرر في القرآن والسنة‪.‬‬
‫قد يقول بعضهم أحفظ اللفظ أول ثممم أتفممرغ بعممد ذلممك للتممدبر‬
‫فنقول له لم تفصل بين المرين ؟ وقد رأيت الصحابة رضي ال عنهممم‬
‫لم يفصلوا بينهما ثم لم العجلة وما الذي يمنعك مممن التمهممل والتممأني‬
‫وجمع أركان الحفظ جميعا ‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‬
‫‪89‬‬

‫إن حفظ القرآن يكون بالتدريج مع اجتهاد شديد في التطممبيق لممما‬


‫يتم حفظه حتى يرسخ علما وعمل ‪.‬‬
‫من يحفظ القرآن متبعا هذا المنهج الرباني يحصل له ما وعد المم‬
‫تعالى نبيه محمدا صلى ال عليه وسلم من تثبيت الفممؤاد وممما يممترتب‬
‫عليه من نجاح في كافة مجالت الحياة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك ‪:‬‬
‫المثال الول‪ :‬في حالة الغضب‬
‫من يسير على منهج الحفظ التربوي بأركانه الثلثة مدة كافيممة‬
‫فإنه إذا تعرض لمثل هذا الموقف فإنه يتصدر انتباهه ووعيه قول المم‬
‫ِني‬
‫َن {‬ ‫ِس‬
‫ْح‬
‫ُم‬
‫ْل‬ ‫ِح‬
‫ُب ا‬
‫ّ‬‫ُي‬‫َل‬
‫ُه‬ ‫ِس‬
‫َوال‬
‫ّ‬ ‫َنا‬
‫ِن ال‬
‫ّ‬ ‫َع‬‫ِفي‬
‫َن‬ ‫َعا‬
‫ْل‬
‫َوا‬
‫َظ‬
‫ْي‬
‫َغ‬
‫ْل‬
‫َن ا‬ ‫ِظ‬
‫ِمي‬‫َكا‬
‫ْل‬
‫َوا‬
‫تعالى‪} :‬‬
‫] سورة آل عمران ‪ -‬الية ‪ ،[134 :‬ويسرح خياله فيما أعده ال تعالى لمممن يملممك‬
‫نفسه عند الغضب من أجر وثواب‪ ،‬ويرد إلى قلبه بكممل قمموة قممول ال م‬
‫ِمي‬
‫ُع‬ ‫َس م‬
‫َو ال‬
‫ّ‬ ‫ُه م‬ ‫َ‬
‫ُه‬‫ِإ‬
‫ّن‬ ‫ِه‬
‫َل‬
‫ِبال‬
‫ّ‬ ‫ِع‬
‫ْذ‬‫َت‬
‫ْس‬‫َفا‬ ‫غ‬
‫ٌ‬ ‫ِن ن‬
‫ْز‬
‫َ‬ ‫َطا‬‫َش‬
‫ْي‬‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫ِم‬ ‫َك‬ ‫َن‬
‫َغ‬
‫ّ‬ ‫َز‬
‫ْن‬
‫َي‬ ‫ِإ‬
‫َما‬
‫ّ‬ ‫َو‬‫تعالى‪} :‬‬
‫ِإ‬
‫َن‬
‫ّ‬ ‫ِلي‬
‫ُم{ ] سممورة فصمملت ‪ -‬اليممة ‪ ،[36 :‬ويسمع نممداء ال م ينمماديه قممائل ‪} :‬‬ ‫َع‬
‫ْل‬
‫ا‬
‫ِب‬ ‫َحا‬
‫ْصمم‬
‫َ‬ ‫ِم‬
‫ْن أ‬ ‫ُنوا‬
‫ُكو‬‫ِل‬
‫َي‬‫ُه‬
‫َ‬ ‫ِح‬
‫ْزب‬ ‫ُعو‬‫ْد‬
‫َي‬ ‫َ‬
‫َما‬‫ِإ‬
‫ّن‬‫ًوا‬
‫ُد‬
‫ّ‬‫َع‬‫ُه‬‫ُذو‬ ‫ِخ‬‫َت‬
‫َفا‬
‫ّ‬ ‫ٌو‬
‫ُد‬
‫ّ‬ ‫َع‬ ‫ْم‬
‫ُك‬‫َل‬‫َن‬
‫َطا‬ ‫َش‬
‫ْي‬‫ال‬
‫ّ‬
‫ِر{ ] سورة فاطر ‪ -‬الية ‪ [6 :‬وتنهال عليه اليات مممن كممل جهممة كلهمما‬‫ِعي‬
‫َس‬
‫ال‬
‫ّ‬
‫تقول له‪ :‬اثبت اثبت ‪ ،‬وهكذا تتسلسل الروابط ويشممتد تممداعيها حممتى‬
‫ربما يتعجب من حاله من يراه ويراقبه فيقول‪ :‬ممما هممذا الممبرود؟ أهممو‬
‫‪90‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫أعمى لم ير؟ أو أنه أصم لم يسمع؟ ل ليس المممر كممذلك بممل إنممه ‪:‬‬
‫لنثبت به فؤادك ‪.‬‬
‫ثم قارن هذه المنزلة العالية والمرتبة الرفيعة من سممكينة النفممس‬
‫وثبات القلب لمن كانت صناعته بالقرآن وبين بعممض التمممارين الممتي‬
‫يذكرها المستوردون لفكر الغرب وثقافتهم ومن ذلك‪:‬‬
‫تمرين ‪:1‬‬
‫"أنه أذا أغضبك شخص فعليك أن تعد من العشرة إلى الواحد لمممدة‬
‫عشرين ثانية فإنك بهذا تنجو من كثير من الحماقات "اهم‬
‫تمرين ‪: 2‬‬
‫"أنه إذا جاءك ما يغضبك فإنك تتخيل أنه سهم يريد الممدخول إلممى‬
‫دماغك وأن في يدك ريموت ليزر فتشير إليممه بيممدك وتقمموم برفعهمما‬
‫تجاهه ثم إنزالها بقوة من العلى إلى السفل مع النطق بكلمة )شسممت(‬
‫فأنت بذلك تقوم بإحراقه والقضاء عليممه وهممذا مجممرب واسممتفاد منممه‬
‫الكثيرون "اهم‬

‫المثال الثاني‪ :‬حالة الشدائد والمصائب‬


‫في هذه الحالة تتوارد عليك اليات الممتي صممحبتها طممول السممنوات‬
‫الماضية تعزيك وتسليك وتثبتك فيأتي إليك ‪ :‬ل تحزن إن ال م معنمما‬
‫َل‬
‫ُه‬‫َنا ال‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ّب‬
‫َر‬
‫ُلوا‬
‫َقا‬‫ِذي‬
‫َن‬ ‫َل‬
‫ّ‬ ‫ِإ‬
‫َن ا‬
‫ّ‬‫وتكون قوية مؤثرة ويأتيك قول ال تعالى ‪} :‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‬
‫‪91‬‬

‫ُروا‬ ‫ِش م‬ ‫ْب‬‫َوأ‬


‫َ‬ ‫حَزُنللوا‬ ‫خللاُفوا َول ت َ ْ‬ ‫ُة َأل ت َ َ‬ ‫َك‬ ‫ِئ‬
‫َمل‬ ‫ْل‬
‫ُم ا‬ ‫ِه‬‫ْي‬‫َل‬‫َع‬ ‫ُل‬ ‫َز‬‫ّ‬‫َن‬ ‫َت‬
‫َت‬ ‫ُموا‬ ‫َقا‬‫َت‬
‫ْس‬ ‫َم ا‬‫ّ‬‫ُث‬
‫َيا{ أي‬ ‫ُد‬
‫ْن‬‫ّ‬‫ِة ال م‬ ‫َيمما‬ ‫َح‬ ‫ْل‬ ‫ِفممي ا‬ ‫ْم‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ُؤ‬ ‫َيا‬ ‫ِل‬‫ْو‬
‫َ‬‫ُن أ‬ ‫ْح‬ ‫َن * ن‬
‫َ‬ ‫ُدو‬ ‫َع‬ ‫ُتو‬ ‫ْم‬ ‫ُت‬
‫ْن‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ِتي‬ ‫َل‬
‫ّ‬ ‫ِة ا‬‫َن‬
‫ّ‬‫َج‬ ‫ْل‬‫ِبا‬
‫ِة{ في عرصات القيامة‬ ‫َر‬ ‫ِخ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِفي ا‬ ‫َو‬ ‫الن في مثل هذه المواقف العصيبة }‬
‫ن ] سممورة‬ ‫َ‬‫ُعو‬ ‫َد‬
‫ّ‬‫َت م‬ ‫َما‬ ‫َها‬ ‫ِفي‬ ‫ْم‬‫ُك‬ ‫َل‬‫َو‬ ‫ْم‬ ‫ُك‬ ‫ُس‬ ‫ُف‬‫ْن‬‫ِهي أ‬
‫َ‬ ‫َت‬‫ْش‬‫َت‬ ‫َما‬ ‫َها‬ ‫ِفي‬ ‫ْم‬ ‫ُك‬‫َل‬ ‫َو‬ ‫وكرباتها }‬
‫َة‬‫َن‬ ‫ِكي‬‫َس‬
‫ّ‬ ‫َل ال‬ ‫َز‬‫ْن‬‫ِذي أ‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫َو ا‬ ‫ُه‬ ‫فصلت ‪ -‬اليتان ‪ [31 ، 30 :‬ويرد إليك قول ال تعالى‪}:‬‬
‫ِت‬ ‫َوا‬‫َما‬‫َسمم‬ ‫ّ‬‫ُد ال‬ ‫ُنممو‬ ‫ُج‬ ‫ِه‬ ‫َلمم‬
‫ّ‬‫ِل‬
‫َو‬ ‫ْم‬ ‫ِه‬‫ِن‬‫َما‬ ‫ِإي‬ ‫َع‬‫َم‬ ‫ًنا‬ ‫َما‬‫ِإي‬ ‫ُدوا‬ ‫َدا‬ ‫ْز‬ ‫َي‬‫ِل‬ ‫َن‬ ‫ِني‬ ‫ِم‬ ‫ْؤ‬‫ُم‬‫ْل‬‫ِب ا‬ ‫ُلو‬‫ُق‬ ‫ِفي‬
‫ًما{ ]سورة الفتح ‪ -‬اليممة ‪ [4 :‬فتحس بالسممكينة‬ ‫ِكي‬
‫َح‬ ‫ًما‬ ‫ِلي‬‫َع‬ ‫ُه‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫َن ال‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫َو‬ ‫ِض‬ ‫ْر‬‫َوال‬
‫َ‬
‫ِن‬ ‫ْذ‬‫ِإ‬
‫ِب م‬ ‫ِإل‬ ‫ٍة‬‫ِصمميب‬
‫َ‬ ‫ُم‬ ‫ْن‬ ‫ِم م‬ ‫َب‬ ‫َصا‬ ‫َما أ‬
‫َ‬ ‫تغمر قلبك ‪ ،‬ويأتيك قول ال تعالى ‪} :‬‬
‫ِ‬
‫م{ ]سورة التغممابن ‪ -‬اليممة ‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫َعلي‬ ‫ٍ‬
‫ْيء‬ ‫َش‬ ‫ّل‬ ‫ُك‬ ‫ِب‬ ‫ُه‬‫َل‬
‫ّ‬‫َوال‬ ‫ُه‬
‫ْلب‬
‫َ‬ ‫َق‬ ‫ِد‬ ‫ْه‬‫َي‬ ‫ِه‬‫َل‬
‫ّ‬‫ِبال‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬‫ْؤ‬‫ُي‬ ‫ْن‬ ‫َم‬‫َو‬ ‫ِه‬‫َل‬
‫ال‬
‫ّ‬
‫[ فتحس ببرد اليمان واليقين يثلج صدرك ويطفئ حممرارة حزنممك‬ ‫‪11‬‬

‫وهمك‪.‬‬
‫إن بعض الناس حينما يقعون في مثل هذه الحوال ويمممرون بمثممل‬
‫هذه المواقممف ل يجممدون ممما يسممعفهم وينقممذهم حممتى إنهممم أحيانمما‬
‫ليتشبثون بقشة الغريق طلبا للنجاة فتراهم يرددون بعض الكلمات التي‬
‫ِ‬
‫ّبرون بها أنفسهم ويحاولون بها شممد أزرهممم وهممي ل تغنممي عنهممم‬
‫ُيص‬
‫شيئا‪.‬‬
‫الفرق بين من يطبق الحفظ التربوي ومن ل يطبقه أن الثاني فممي‬
‫مثل تلك المواقف يذهل ول يتذكر هذه اليات أبدا ولو ذكر بها فممإن‬
‫‪92‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫يقينه بها ضعيف ل يفيده شيئا ‪ ،‬بينما الول تممرد إليممه اليممات تلقائيمما‬
‫وفي سرعة خاطفة وبقوة مثبته ففرق بين الثنين ومن جد وجد ومن‬
‫زرع حصد والمكارم ل تنال إل بالمكاره أي بالجد والعمل علممى منهممج‬
‫صحيح فالحياة معادلة فبقدر ما تتعب وتجتهد بقدر ما تجنممي وتربممح‬
‫وخاصة في مثل هذا الميدان فهذا الجزاء وهذه النتيجة وعد صادق من‬
‫ْم‬ ‫َن‬
‫ُه‬‫ّ‬ ‫ِد‬
‫َي‬ ‫ْهمم‬
‫َن‬
‫َل‬ ‫ِفي‬
‫َنا‬ ‫ُدوا‬‫َه‬
‫َجا‬‫َن‬‫ِذي‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫َوا‬
‫عند ال تعالى كما قال ال عز وجل ‪}:‬‬
‫َن{ ] سورة العنكبوت ‪ -‬الية ‪ ، [ 69 :‬وقال سبحانه ‪:‬‬‫ِني‬
‫ِس‬‫ْح‬‫ُم‬‫ْل‬
‫َع ا‬‫َم‬‫َل‬ ‫َل‬
‫َه‬‫ّ‬‫َن ال‬
‫ّ‬‫ِإ‬
‫َو‬‫َنا‬
‫َل‬‫ُسب‬
‫ُ‬
‫ن { ] سممورة‬‫َ‬‫ِمي‬‫َل‬
‫َعمما‬‫ِن ا‬
‫ْل‬ ‫َع م‬‫ٌي‬
‫ّ‬‫ِن م‬‫َغ‬‫َل‬‫َل‬
‫َه‬‫ّ‬ ‫ِإ‬
‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫ِه‬
‫ِس‬
‫ْف‬‫ِل‬
‫َن‬ ‫ُد‬‫ِه‬
‫َجا‬‫ُي‬ ‫َ‬
‫َما‬
‫ّن‬‫ِإ‬
‫َد ف‬
‫َ‬ ‫َه‬‫َجا‬ ‫ْن‬‫َم‬‫َو‬‫}‬
‫العنكبوت ‪ -‬الية ‪[ 6 :‬‬
‫المثال الثالث‪ :‬عند وساوس الشيطان‬
‫عندما يهم الشيطان بإزعاجك بالوسواس والفكار التي تسيء إليممك‬
‫فإن آيات التوكل والستعانة بال تعالى التي تم تثبيتها بقوة في القلب‬
‫تتفاعل في قلبك فتؤيدك وتحوطك وتحرسك‪ ،‬وكذا آيممات التحصممين‬
‫من الشياطين وغيرها فتكون محفوظا محروسا مممن كممل فتنممة ومممن‬
‫كل شدة ومن كل شبهة‪.‬‬
‫مثل هذا الربط ومثل هذه القوة القلبية النفسية قممد ل يتممأتي مممن‬
‫أول موقف أو الثاني والثالث لكنه يرسخ بعد تكرار المجاهدة ومحاولة‬
‫الربط‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‬
‫‪93‬‬

‫وسهولة الربط وصعوبته تتوقف على مقدار الجهد الذي يبذل فممي‬
‫الركنين الول والثاني فكلممما قمموي تطبيقهممما كممان تطممبيق الثممالث‬
‫وحصول الربط أسرع وأسهل ‪.‬‬
‫إنها روابط كثيرة جدا كفيلة بأن تمل على النسان تفكيره حممتى‬
‫ربما ل يجد وقتا للتفكير في كثير من المور وخاصة تلك الخممواطر‬
‫التي تعيق النسان عن تحقيق طموحمماته ونجاحمماته فممي الحيمماة مثممل‬
‫النظر أو التفكير في الصور المحرمة ‪ ،‬أو الحسد والغيممرة ‪ ،‬أو شممرود‬
‫الذهن في الصلة و عند قراءة القرآن‪.‬‬
‫فمن يقيم هذا الركن من أركان الحفظ الممتربوي يحصممل علممى‬
‫نسبة عالية في تركيز الذهن مما يساعده جدا في تحقيق أهممدافه فممي‬
‫الحياة والتخلص مممن كممل صممور المعانمماة الممتي تعيقممه عممن التقممدم‬
‫والتطوير‪.‬‬
‫إنه ما من أمر من المور العلمية أو العملية التطبيقية الممتي يممراد‬
‫تأصيلها وتوصيلها في حياة الناس إل ويمكن تحقيقه من طريق القرآن‬
‫َول‬‫والسنة وخاصة فيما يتعلق بصناعة النسان كما قال ال تعممالى ‪} :‬‬
‫ِ‬
‫ِسي‬
‫ًرا{ ] سورة الفرقان ‪ -‬الية ‪[ 33 :‬‬ ‫ْف‬
‫َت‬
‫َن‬
‫َس‬
‫ْح‬
‫َأ‬
‫َو‬
‫ّق‬
‫َح‬‫ِبا‬
‫ْل‬ ‫َك‬
‫َنا‬
‫ْئ‬‫ِإل‬
‫ِج‬ ‫ٍل‬
‫َث‬‫ِب‬
‫َم‬‫َك‬ ‫ْأ‬
‫ُتون‬
‫َ‬ ‫َي‬
‫‪94‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إنه يمكن لبناء المسلمين أن يكتبوا في مثل هذه المجممالت كتابممة‬


‫مستقلة تماما وصممافية ونقيممة‪ ،‬كتابممات تفمموق بكممثير كتابممات أهممل‬
‫الحضارات الخرى‪.‬‬
‫إن ما أدعو إليه من الستقلل في الطرح يحتاج إلى قناعة أول ثم‬
‫تشمير وجد في التفكير والمعالجة والتنظير‪ ،‬أما الترجمة والنقل فل‬
‫تحتاج أكثر من قص ولصممق فممإذا النكهممة نكهتهممم والنغمممة نغمتهممم‬
‫والطعممم طعمهمم والممذاق مممذاقهم فممأنى لمممة همذا نهمج مصملحيها‬
‫ومفكريها ومثقفيها ومدربيها أن تتفوق على غيرها‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪95‬‬

‫المبحث السادس ‪ :‬مفاتيح حفظ القرآن الكريم‬

‫مفاتيح إنجاز مشروع حفظ القممرآن سمبعة مجموعمة فممي قولمك‪:‬‬


‫)حور عين(‬
‫الول ‪ :‬حدد‪ ،‬وله سبع أدوات مجموعة في قولك ‪) :‬كم أملك(‬
‫الثاني ‪ :‬حدث‬
‫الثالث ‪ :‬وكل‬
‫الرابع‪ :‬ركز‬
‫الخامس ‪ :‬عقب‬
‫السادس ‪ :‬يسر‬
‫السابع ‪ :‬نفذ‬

‫المفتاح الول ‪ :‬حدد‬ ‫‪‬‬

‫حدد تعني قرر أي اتخذ القرار الحازم الكيممد القمموي لممما تريممد‬
‫فعله أي اعقد النية الجازمة التي ل تردد فيها‪.‬‬
‫إن هناك فرقا بين أحدد وبين أرغب‪ ،‬الفرق بينهما هو الفممرق بيممن‬
‫الجد والكسل بين الحقيقة والخيال بين العزائم والماني‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫جرب أثر اتخاذ القرار على أمممر حيمموي يمممر معممك يوميمما وهممو‬
‫الستيقاظ من النوم فحين يكون القرار حازممما وصممريحا وواضممحا ل‬
‫يقبل الشك فإن الستيقاظ يتم في الموعممد المحممدد وفممي كممثير مممن‬
‫الحيان يحصل الستيقاظ تلقائيا دون منبه ‪ ،‬أما إذا لممم يوجممد القممرار‬
‫أصل أو كان رخوا ضعيفا هزيل فيه تممردد وتنممازعه رغبممات متعممددة‬
‫فالغالب في مثل هذه الحال ل يحصل الستيقاظ حتى مع وجود المنبممه‬
‫أو يحصل النتباه ثم مواصلة النوم مرة أخرى‪.‬‬
‫ومما يكشف صدق أحدد أو أقرر ويوضممحها سممت أدوات فممي غايممة‬
‫الهمية متى أمكنك تطبيقها اكتشفت الفرق‪ ،‬وهي ست أدوات مجموعة‬
‫في قولك‪) :‬كم أملك(‬
‫ك‪ :‬كم‬
‫م ‪ :‬متى‬
‫أ ‪ :‬أين‬
‫م ‪ :‬ماذا‬
‫ل ‪ :‬لماذا‬
‫ك ‪ :‬كيف‬
‫وتفصيلها كما يلي ‪:‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪97‬‬

‫الداة الولى ‪ :‬كم‬ ‫‪‬‬

‫القياس مهم جدا لنجاز أي مشروع أو هدف في هذه الحياة‪ ،‬يقممول‬


‫بعضهم‪ :‬أي هدف ل يمكنك قياسه الولى لممك أن تنسمماه ‪ .‬وهممذا كلم‬
‫حق وواقع فالقياس من الدوات المهمة وخاصة في هممذا المموقت بعممدما‬
‫تطورت الليات وتشعبت أمور الحياة صار لبد من القياس لتعرف ماذا‬
‫تحتاج وما حجم المشروع ومتطلباته ثم لتعرف ما مضى وكممم بقممي‬
‫في كل مرحلة من مراحل المشروع‪.‬‬
‫وتطبيق هذه الداة على مشروع حفممظ القممرآن الكريممم أن تحممدد‬
‫المقدار الذي تريد حفظه هل القرآن الكريم كامل أو نصفه أو ربعممه‬
‫أو عشره الخيار لك لكن ل بد أن تتخذ قرارا واقعيا ل تتراجع عنه ول‬
‫تتركه إل بقرار آخر يعدل القرار السابق ‪.‬‬
‫ثم تحدد المدة الكافية تماما لنجاز هذا القدر أو الكميممة المحممددة‬
‫هل شهر أو سنة أو خمس سنوات‪.‬‬
‫ومن القواعد المهمة ضمن هذه الداة قاعدة كم بقي ؟ فإذا حممددت‬
‫كمية معينة لنجازها خلل مدة محددة ربطت بموعد محممدد وكممان‬
‫هذا الموعد بعيدا فمن المهم يوميا أو أسبوعيا معرفة المنجز ومعرفة‬
‫كم بقي سواء في ذلك الكمية أو الزمن أي المدة‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫فمثل حددت أن تحفظ عشر سور من القممرآن خلل ثلثممة أشممهر‪،‬‬


‫ابتداء من أول شهر محرم إلى نهاية شهر ربيع الول‪ ،‬فمن المهممم بممل‬
‫الضروري يوميا وكل صباح أو مساء أن تعرف كممم أنجممزت؟ وكممم‬
‫بقي عليك؟ وهل تطبيق الخطة يسير بخطوات صحيحة أول ‪.‬‬
‫إن عدم التحديد ودعموى المشممي بالبركممة كممما يقولممون يعتممبر‬
‫فوضى وليست من البركة فممي شمميء‪ ،‬بممل الصممحيح أن تحممدد حسممب‬
‫طاقتك وتسأل ال تعالى التسهيل والتيسمير والبركمة بمأن تنجمز مما‬
‫حددت من الكمية في المدة المحددة لها أو قبل ذلك‪ ،‬أما ترك التحديممد‬
‫فهو من أبرز العلمات على عدم اتخاذ القرار ‪.‬‬

‫الداة الثانية ‪ :‬متى‬ ‫‪‬‬

‫وهذه أداة عظيمة النفع والفائدة من يستطيع أن يمتلكهمما ويتعامممل‬


‫معها يصبح من الناجحين البارزين في تحقيق الهداف وإدارة المشاريع‬
‫والعمال وتنظيم الوقت‬
‫بعد أن حددنا كم الكمية وكم المدة‪ ،‬نكون حددنا المسافة وحددنا‬
‫الزمن بقي علينا أن نحسب وقت الوصول‪ ،‬وهو الموعممد الممذي تحممدده‬
‫لنجاز الكمية المطلوبة على خط الزمن وهو موعد عام يممدخل تحتممه‬
‫مواعيد تفصيلية صغيرة تؤدي إليه‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪99‬‬

‫يمثل تطبيق هذه الداة جداول الحفظ التي سبق شرحها في حفممظ‬
‫ألفاظ القرآن الكريم‪.‬‬
‫ونحتاج إضافة إليها تحديد مواعيد مؤكدة لتطبيق كل جدول من‬
‫تلك الجداول فمثل نحتاج تحديد موعممد للمراجعممة العامممة ‪ ،‬وموعممد‬
‫لمراجعة المرحلة ‪ ،‬وموعد لحفظ الجديممد ويشمممل مراجعممة السممورة‬
‫وحفظ مقطع جديد منها ‪.‬‬
‫ولتعلم أن النجاح في تحقيق مشروع حفظ القممرآن يتوقممف علممى‬
‫نجاحك في تحديد هذه المواعيد وتنفيذها وبدونها فلممن تتقممدم شمميئا‬
‫يذكر‪ ،‬والنجاح فيها متوقف على فقه المفاتيح السبعة علميا ثممم فقممه‬
‫تطبيقها عمليا وكثرة التدريب عليها‪.‬‬
‫تذكر أنك أنت المدير وأنت الموظف فتابع نفسك بنفسك ‪.‬‬
‫ل بد من تحديد مواعيد لحفظ القرآن ‪ ،‬مواعيد تحترمها وتحرص‬
‫تمام الحرص عليها‪.‬‬
‫إن البعض يريد حفظ القرآن في الفراغ أي خارج الربع وعشممرين‬
‫ساعة لنك لو سألته أين المواعيد اليومية لحفظ القرآن لم تجد جوابا‬
‫إن مثل هذا هو العاجز الذي يتمنى على ال الماني فأنى له أن يحفممظ‬
‫القرآن مادامت هذه حاله‪ ،‬أين الجممود والكممرم والسممخاء بممالوقت علممى‬
‫القرآن أل تجود نفسك أن تخصص له يوميا ساعة أو ساعتين من بيممن‬
‫‪100‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫تلك الساعات التي تذهب هباء منثورا وتضيع سدى ‪ ،‬إنممك لممو خصصممت‬
‫ساعة يوميا لحفظ القرآن من خالص وقتك فإنك سممتحفظه بممإذن الم‬
‫مهما كنت ومهما كانت قدراتك لكن تبقى مسألة وقت ‪.‬‬
‫إن من يصرف للقرآن ثلثمائة وخمسين ساعة كل سنة فإنه علممى‬
‫خير‪.‬‬

‫الداة الثالثة ‪ :‬أين‬ ‫‪‬‬

‫وهذه الداة تبين مكان تنفيذ المشروع وممما يتطلبممه مممن إمكانممات‬
‫وأدوات وعوامل مساعدة فقد تحتاج مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم أو‬
‫معهدا مميزا وقد تحتاج زملء من نوع خاص تختارهم بعناية ليكونمموا‬
‫عامل مساعدا على تحقيق المشروع وقد يتطلب المر بعممض الجهممزة‬
‫والدوات المكتبية والنماذج وغيره فكممل هممذا تجيممب عنممه هممذه الداة‬
‫الصغيرة في حجمها الكبيرة في فائدتها بعض النمماس ممممن يتمنممى ول‬
‫يقرر يقول في نفسه إنه يريد حفظ القرآن الكريم ويتمنى ذلممك لكممن‬
‫لو سألته ‪ :‬أين ؟ فجوابه ‪ :‬ل أدري المهم أني سأحفظ ‪.‬‬

‫الداة الرابعة ‪ :‬ماذا‬ ‫‪‬‬

‫أن تعرف ماذا تريد هو البوابة الولى لتخاذ القرار الصحيح‪.‬‬


‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪101‬‬

‫)ماذا( تعني العلم العميق الواسع المفصممل بمضمممون الهممدف الممذي‬


‫تسعى لتحقيقه من كل جوانبه‪ ،‬علما مكتوبا بل حاضرا في القلب كممل‬
‫حين‪ ،‬وفي مشروع حفظ القرآن الكريم الجواب على هذه الداة واضممح‬
‫ومحدد‪.‬‬

‫الداة الخامسة ‪ :‬لماذا‬ ‫‪‬‬

‫هذا السؤال هو الفيصل والفارق بيممن النمماجحين والفاشمملين فمممن‬


‫يملك الجابة الواضحة المحددة القوية العميقة عن هذا السممؤال تجمماه‬
‫الهدف الذي يسعى لتحقيقه في الغالب أنه ينجح فيممه ويقفممز خطمموات‬
‫كبيرة وسريعة في تحقيقه‪.‬‬
‫وتشغيل هذه الداة يتطلب جهدا غير عممادي والملحممظ أن العديممد‬
‫ممن يحاول تحقيق أهدافه أنه ل يولي هذه الداة العناية التي تستحقها‬
‫أو الرتبة الممتي تتطلبهمما والمقصممود بهممذه الداة أن تعممرف المقاصممد‬
‫والغايات للهدف الذي تسعى لتحقيقه أي المكاسب الممتي تحصممل عليهمما‬
‫عندما يتحقممق والخسممائر الممتي توجممد عنممدما ل يتحقممق أي المنممافع‬
‫والضرار‬
‫وفي مشروع حفظ القرآن الكريممم يلزمممك أن تكتممب بخممط يمدك‬
‫وبقلمك كل آمالك وأحلمك وأمنياتك التي تتوقع أن تحصل لك حين‬
‫‪102‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫تنجز هذا الهدف وتقوم بقراءتهمما يوميمما أو أسممبوعيا قممراءة تربويممة‬


‫متكاملة ذلك أن النقص فممي تحقيممق هممذه الداة هممو الفيممروس الممذي‬
‫يفترس مشروعك فيذهب به عن النظار ويلقيمه فممي غيمماهب النسمميان‬
‫فاختر لنفسك ما شئت فإن كنت حقا تريد حفظ القرآن الكريم فعليك‬
‫بهذه الداة المهمة والتي ل تكلفك شيئا في مقابل ما تحققممه لممك مممن‬
‫أرباح‪.‬‬

‫الداة السادسة ‪ :‬كيف‬ ‫‪‬‬

‫وهذه أيضا أداة مهمة جدا يحتاجها كل من يريد النجاح في تحقيق‬


‫أهدافه وإنجاز مشاريعه وإنه من الخطأ والخطر التقليل من شأنها ذلك‬
‫أنه ربما فرق يسير في الكيفيمة يكممون مفمترق الطريمق بيممن النجماح‬
‫والفشل ‪ ،‬وحفظ القرآن له كيفيات وطرق وأساليب بينتها فممي نظممام‬
‫الحفظ السممبوعي فعليممك بتعلممم مفممردات هممذه الطريقممة ومحاولممة‬
‫تطبيقها بمفردك أو بمساعدة زميل أو معلم أو مستشار أو مدرب‪.‬‬

‫دث(‬
‫ح ّ‬
‫المفتاح الثاني ‪َ ) :‬‬ ‫‪‬‬

‫بعد أن انتهيت من تصميم هممدفك وتخطيطممه بشممكل متكامممل مممن‬


‫كافة جوانبه أنت محتاج إلمى حفمظ المشماعر والحاسميس والفكمار‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪103‬‬

‫والمعلومات التي صاحبت هذا التصميم وعليه فأنت بأمس الحاجة إلممى‬
‫ِ‬
‫ّدث( وهو يعنممي تلخيممص المخطممط وحفظممه وتكممرار‬
‫َح‬‫هذا المفتاح )‬
‫التفكير به طوال الوقت ليكون في مقدممة الموعي والهتممام فيحصمل‬
‫التركيز عليه وتذكره ويسممتمر الحممماس لتنفيممذه فتقممل المقاومممة‬
‫المضادة له وخاصة من بعض المثبطين من زملء وأقران وربما أقارب‬
‫وقبل ذلك الشيطان الذي يوسوس لك على ممدار السماعة فمأنت بمأمس‬
‫الحاجة إلى سلح قوي يكون مضادا لكافة أنواع المقاومممات احممذر مممن‬
‫من المثبطين من يقول لك صعب‪ ،‬ل يمكممن‪ ،‬مسممتحيل‪ ،‬واقممترب ممممن‬
‫يشجعك‪ ،‬ويعينك‪.‬‬
‫ِ‬
‫ّدث( تمثل الجهاز العلمي في شخصمميتك فبعممد أن أصممدرت‬
‫َح‬‫إن )‬
‫القرار يجب نشره بكل ما أوتيت من قوة وبكافة الوسائل والدوات‪ ،‬فأي‬
‫قرار مهم يراد تنفيذه وتطممبيقه ل يصممح أن يبقممى حممبيس الدراج أو‬
‫حبيس النسيان بل ل بد من إعلنه مرارا وتكرارا سرا وجهارا واستعمل‬
‫في هذا جميع المكانات المتاحة لك من طباعة وألوان‪ ،‬ولوحممات إعلن‬
‫وجدران‪ ،‬وتسجيل صوتي ومرئي‪ ،‬يلحقك في كممل مكممان يلمح عليممك‬
‫ويطالبك بالتنفيذ‪.‬‬
‫ومن الساليب المفيممدة اسممتخدام بعممض الصممفحات فممي مفكرتممك‬
‫لتحتوي على نسخ من مخططاتك ‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ومن الوسائل المفيدة في هذا المجال سممبورة العلنممات اللصممقة‬


‫تكون في غرفتك أو مكتبك أو مكتبتك بحيث تراها معظم اليمموم تعلممق‬
‫عليها جميع مخططاتك وعباراتممك التحفيزيممة إنهمما بمثابممة المممذكر‬
‫الدائم تجبرك على القراءة في كل وقممت‪ ،‬يجممب تجديممدها باسممتمرار‬
‫وإعادة كتابة ما يممراد اسممتمراره اسممتعملها بشممكل متحممرك وحيمموي‬
‫ونشيط واخدمها لتخدمك تفنممن فممي الخممراج تعلممم أسمماليب العلن‬
‫وادرس أسراره واستفد منه في التأثير والتغيير ‪.‬‬

‫المفتاح الثالث ‪ :‬وَك ّ ْ‬


‫ل‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح هو الول من حيث الهمية وجمماء ترتيبممه الثممالث مممن‬


‫أجل الترتيب الموضوعي للمبحث ‪.‬‬
‫التوكل على ال وحسن الظن بال تعالى وقوة اليقين هو الطريممق‬
‫لتحقيق الهداف والوصول إلى التطلعات و الحلم وتحقيممق الرغبممات‬
‫والمنيات فال سبحانه وتعالى عند ظن عبده بممه فممإن ظممن بممه خيممرا‬
‫َن بال خيرا ظنا جازما ل تردد ول شك فيممه ول تجريمب‪،‬‬
‫ُظ‬
‫ّ‬‫أعطاه)‪ (1‬ف‬
‫اعزم المسألة‪ ،‬وادع ال تعممالى وأنممت ممموقن بالجابممة ‪ ،‬تخيممر أوقممات‬

‫راجع الحاديث ذات الرقام ‪ 120 ، 8‬من معجم السنة التربوي‬


‫‪()1‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪105‬‬

‫الستجابة‪ ،‬وعليك بالدعية المأثورة‪ ،‬فهي أبلغ في النممص علممى المممراد‬


‫وأثرها في النفس أقوى متى وجد فهمها وإدراك معانيها‪.‬‬
‫أكثر من الدعاء وتيقن الجابة في كل وقت وإن لم تر ذلك فال‬
‫سبحانه وتعالى يختبر عباده ويمتحن صدقهم ثم بعد ذلك يغدق عليهم‬
‫الخيرات وينزل عليهم البركات فاصبر ول تيأس من روح ال م تعممالى‬
‫ول تقنط من رحمة ربك اثبت على الطريممق وتوقممع الفممرج وحصممول‬
‫المطلوب في أي لحظة ‪ .‬وفي هذا المقام أؤكد على عدم النسياق مممع‬
‫الفكار المستوردة من الغرب التي تمموجه فممي مثممل هممذه الحالممة إلممى‬
‫العتماد على النفس وتنسي العتممماد علممى ال م عممز وجممل أو تخلممط‬
‫المرين معا خلطا يفسد صفاء الخلص وينقص قمموة السممتعانة بممال‬
‫تعالى ومن المثلة على ذلك ‪ :‬قولهم ‪ :‬أنا قادر على ذلك ‪ ،‬أنا أستطيع ‪،‬‬
‫أنا جدير بذلك‪ ،‬أنا استحق ذلك إلى غير ذلك من ) النا ( التي لم نجممد‬
‫لها مثال يحتذى في هدي النبي صلى ال عليه وسمملم ‪ ،‬وفممي تطبيقممات‬
‫السلف لهذه المسألة ‪ ،‬بل ما وجدناه هو التحذير الشديد من مثل هممذه‬
‫العبارات وأنها ربما دون قصد تكون ذريعة ووسيلة إلى العجب بممالنفس‬
‫وهو من الشرك بال تعالى‪.‬‬
‫إن المعنى والهدف الذي يراد تحقيقه من همذه العبمارات وأمثالهما‬
‫هو إيجاد الثقة والقوة واليقين بسهولة ويسممر ممما يممراد تنفيممذه مممن‬
‫‪106‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫أهداف ومشاريع وهذا يتحقق وبشكل أقوى وأفضممل فممي حممال إخلص‬
‫العبودية والستعانة بال تعالى وحده ل شريك لممه ‪ ،‬ول مقارنممة بيممن‬
‫الحالين‪.‬‬

‫المفتاح الرابع ‪ :‬ركز‬ ‫‪‬‬

‫وما يدري خراش وما يصيد‬ ‫تكاثرت الظباء على خراش‬


‫هذا البيت مثل من أمثلة العرب وأصل قصته أن خراشا كلب صيد‬
‫أرسله صاحبه على عدد من الغزلن أو الظباء وكانت كممثيرة فاحتممار‬
‫وتردد أيها يصيد إلى أن ذهبت وأفلتت من يده فلم يصممد شمميئا ‪ ،‬وهممو‬
‫يصور حال الكثير من الشباب في بداية صحوتهم ونهوضممهم وإرادتهممم‬
‫البناء تجده يريد أن يصبح كل شيء وفي يوم وليلممة تجممده قممد وزع‬
‫وشتت نفسه بين كثير من مجالت البناء والتكوين وتمضي اليام وهو‬
‫لم يتقدم شيئا يذكر‪.‬‬
‫ومن التطبيقات الخاطئة في هذا المفتاح أنك تممرى أحممدهم يسممعى‬
‫جاهدا لحفظ القرآن كله في شهرين مثل بينما طاقته أقممل مممن ذلممك‬
‫بكثير فتراه يحفظ هذه السورة ثم ينتقل للتي بعدها ثم ينسى الولممى‬
‫وهكذا يدور في حلقة مفرغة ل أول لها ول آخر‪ ،‬وترى بعضممهم مممن‬
‫محدودي القدرة إما بسبب القدرة الذهنيممة أو بسممبب النشممغال بطلممب‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪107‬‬

‫المعاش تراه يكابد في حفظ السبع الطوال بينما ل يحفظ قصار السور‬
‫حتى ربما لو طلبت منه قراءة سورة البروج أو الفجر لما استطاع إلممى‬
‫ذلك سبيل‪.‬‬
‫إن الشخص إذا ركز جهده على هدف معين واستفرغ وسعه وأخممذ‬
‫المور بالتدريج وبدأ سلم الترقي من أوله فإنه ينجممز أهممدافه واحممدا‬
‫بعد الخر في وقت يسير وهكذا ينتقل من نجاح إلى نجاح وفممق خطممة‬
‫مدروسة وبخطوات رتيبة تؤدي السابقة منها للحقتها‪.‬‬
‫إن الستعجال هو الداء العضال الذي يقضي على جهممود المصمملحين‬
‫والمربين فالحماس غير الواعي وفي غير مكانه مرض تربمموي خطيممر‬
‫جدا يجب على المربي أن يشخصه فيمن تحت يده ويسمملك فممي سممبيل‬
‫علجه كافة الوسائل والسبل الحكيمممة بممالمنطق والحجممة والتجربممة‬
‫وضرب المثل والمقارنة بين الناجحين والفاشلين ومما يؤكد عليه في‬
‫هذا المقام قياس القدرات واكتشافها فل يهضم ذا المواهب فيعطل عما‬
‫يمكنه تحقيقه ول يظلم القل قدرة وموهبة فيقاس بمن فوقه بل يجب‬
‫القياس الدقيق المدروس وإعطاء الرقام الصحيحة لكل فرد مع إقنمماع‬
‫كل بمستواه بطريقة مناسبة وأنه في كل خير وليحذر المربون أشد‬
‫الحذر في هذه القضية إذ الملحظ أن الخطأ فيها يقضممي علممى الهمممم‬
‫‪108‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ويحطم العزائم ويؤدي إلى الفشل في التربية وتسرب الطلب والشباب‬


‫وانحرافهم عن طريق الخير ‪.‬‬
‫البعض لو قلت له‪ :‬هل تريد حفظ القرآن كامل بأناة وهمدوء فمي‬
‫خمس سنوات؟ فإنه يقول‪ :‬الخمس كثيرة جدا بل أستطيع حفظممه فممي‬
‫أقل من سنة‪ ،‬ثم تمضي الخمس ومعها خمممس أخممرى وربممما أضممعافها‬
‫وهو لم يحفظ شيئا‪.‬‬

‫المفتاح الخامس عقب‬ ‫‪‬‬

‫التعقيب‪ :‬هو تعقب الشيء أي السير وراء المشممروع بآليممات تممؤدي‬


‫إلى متابعة سيره إلى أن يتم إنجازه‪.‬‬
‫وينقسم التعقيب إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬المتابعة ‪ ،‬وتنقسم إلى جهتين‪:‬‬
‫الجهة الولى ‪ :‬متابعة التنفيذ‬
‫ومن صور متابعة التنفيذ وضع جداول تبين المواعيممد التفصمميلية‬
‫لنجاز المشروع ومن ثم النظر فممي مممدى المطابقممة بيممن التخطيممط‬
‫والتنفيذ وتعديل ما يلزم باستمرار‪.‬‬
‫يوصى بالمرونة التامة في هذا المر فالتحديد الول كان اجتهممادا‬
‫وظنا وحكممما علممى أمممر مسممتقبلي‪ ،‬فقممد تتغيممر بعممض المعطيممات أو‬
‫المؤثرات فيوصى بعدم التحجر على التحديد الول ولوم النفس علممى‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪109‬‬

‫التقصير بل يتم التعديل الفوري المباشر بما يضمن سير العملية وعدم‬
‫توقفها‪.‬‬
‫ومن المهم في إدارة المشماريع تسمجيل نتمائج التنفيمذ أول بمأول‬
‫موثقة بوقتها وملبساتها كاملة بطريقة منهجيممة ثممم قيمماس الفممرق‬
‫والمقارنة بين التجممارب المتنوعممة والسممتفادة مممن التاريمخ والتأمممل‬
‫الطويل فيها وكثرة قراءتها ففيها تنشيط وحافز وفيها إصلح وتغيير‬
‫‪ ،‬وفيها دروس وعبر‪.‬‬
‫ومن المفيد في المتابعة توثيق مراحممل النجمماز بمماليوم والتاريممخ‬
‫واللحظة والمشاعر وكل ما يحتف بالتجربة من مممؤثرات‪،‬إن الكتابممة‬
‫بحد ذاتها حافز على النجاز وقراءة التاريخ بعد مرور الوقت عليه لممه‬
‫أثر مهم ويكون مرجعا لتجارب أخرى فالتوثيق مهم جدا لكل تجربممة‬
‫مهما كانت ويستوي في ذلك التوثيق الفردي أو المؤسسي ومممن ذلممك‬
‫المدارس الخيرية التي لوحظ على بعضها عدم عنايتها بجانب الدراسات‬
‫وتوثيق الخبرات و الستشارات ‪.‬‬
‫الجهة الثانية ‪ :‬متابعة الداء ومراقبة الجودة‬
‫متابعة الجودة يعني تطبيق مقاييس وأنظمة الحفظ المذكورة في‬
‫ُتنسممى‬
‫هذا الكتاب وغيرها بمعنى أل تتنازل عممن مسممتوى الجممودة وأل‬
‫أثناء النشغال بالتنفيذ فيحصل النقص والضعف دون وعي وانتباه ‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫القسم الثاني ‪ :‬التحفيز‬


‫وله وسائل متعددة من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬التذكير المستمر بمقاصد المشممروع واتبمماع كافممة الوسممائل‬
‫العلنية والعلميممة ليصممالها بقمموة إلممى أعممماق النفممس ‪ ،‬ومقاصممد‬
‫وأهداف مشروع حفظ القرآن تجمعها النصمموص الممواردة فممي فضمائل‬
‫حفظه وفقهه والعناية به وهي كثيرة جدا كل نص منها يممبين نوعمما‬
‫من أنواع الجوائز والمكافمآت والعطيمات والهبمات المتي لمو أدركنما‬
‫قيمتها لما انشغلنا بغير القممرآن طرفممة عيممن ولكممن أكممثر النمماس ل‬
‫يعلمون ‪.‬‬
‫‪ -2‬اختيار شيخ تثق بعلمه ودينه ومنهجه تعاهده علممى إنجمماز هممذا‬
‫المشروع العظيم ويكون لك مستشارا ومربيا وموجها وناصحا يرشدك‬
‫إلى الصلح والفضل إلى أن تصمل إلمى نهايمة الطريمق وينبغمي علمى‬
‫المعلمين والمعلمات في المدارس أو الحلقات أن يعتنمموا بهممذه المهمممة‬
‫لن لها أقوى الثر في بناء اللبنات الجديدة فالناشئة بأمس الحاجة إلى‬
‫التوجيه الفردي ونقل الخبرات الصحيحة بطريقة منهجية وهو أولممى‬
‫من التوجيه العام في الحلقة أو الصف فل بد أن يكون لكل طالب موجه‬
‫مسؤول عنه يتممابعه إلممى أن يصممل إلممى النهايممة ول مممانع مممن تعممدد‬
‫الموجهين بشرط التنسيق بينهم فمثل يمكن أن يوجه الطالب من قبممل‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪111‬‬

‫معلمه في الحلقة ومعلمه فمي المدرسمة ووالمده ووالمدته فمي المبيت‬


‫وبعض أقاربه ‪ ،‬كلهم يتابعونه ويحثونه ويرشدونه ‪.‬‬
‫‪ -3‬وبالنسبة للكبار يمكن معاهدة شخص تحترمه وتقممدره فتبلغممه‬
‫قرارك وتقول له مثل ‪ :‬قد قررت أن أحفظ ربع القرآن من سورة يس‬
‫إلى سورة الناس خلل ستة أشهر أي سأنهي هممذا المشممروع بممإذن ال م‬
‫تعالى في اليوم الول من الشهر السابع‪.‬‬
‫أعرف أحد المشايخ أثابه ال له جهود مميزة في هذا المجال وذلك‬
‫عن طريق الهاتف فيتصل بمن يتممابعهم فممي الموعممد المحممدد وينصممح‬
‫ويوصي ويحث وقد نفع ال بجهوده‪.‬‬
‫وآخر يطلب ممن يريد الحفظ عليه مبلغا من المممال يكممون رمممزا‬
‫لثبات الجدية وتأمينا للمصداقية يعاد في حال النجمماز ويفمموت علممى‬
‫الطالب في حال الخفاق‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تعلن ذلك في السرة وأكثر من مرة وأن يكممون ذلممك بنيممة‬
‫الحث والتحفيز وليس بنية المفاخرة والعمال بالنيات فأنت ل ترجممو‬
‫منهم نفعا ول تخاف منهم ضررا إنما هو مجرد التذكير‪ ،‬وقد يصحب‬
‫مثل هذا العلن وعد بهديمة أو مكافمأة لشمخص معيمن إن تمم إنجماز‬
‫المطلوب في موعده المحدد‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-5‬اختيار زميل يكون قريبا منك مكانا وطموحا تتحداه ويتحداك‬


‫تتنافس أنت وإياه على إنجاز المشروع فهذا له أكبر الثر في مواصلة‬
‫السير وحضور الهدف في كل وقت والتغلب على كثير من المعوقممات‬
‫النفسية وطارد فعال للكسممل والخمممول ومنشممط مجممرب علممى الجممد‬
‫والسير ‪ ،‬والمثلة في تاريخ سلفنا الصالح كثيرة جدا وقد أمر ال عز‬
‫وجل بهذا المبدأ فمي آيمات كمثيرة ممن كتمابه منهما قموله تعمالى ‪:‬‬
‫} وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة { ‪،‬وقوله تعالى ‪ } :‬وفي ذلممك‬
‫فليتنافس المتنافسون{‪.‬‬
‫‪ -6‬تذكر تحدي الشيطان وهو من الحوافز المهمة التي ل يصح أن‬
‫نغفل عنها أو ننساها طرفة عين وقد جاء تقريره فممي القممرآن الكريممم‬
‫في مواضع كثيرة جدا ‪.‬‬
‫تذكر دائما أن الشيطان يحاول إبعادك عن هذا الكتاب العظيم الذي‬
‫ِ‬
‫َول‬‫ُل‬
‫ّ‬‫ِضم‬
‫َي‬‫َفل‬ ‫َي‬‫َدا‬
‫ُهم‬ ‫َع‬‫َتب‬
‫َم‬ ‫ِن‬
‫ّا‬‫َمم‬
‫َف‬
‫ًدى‬‫ُه‬ ‫ِم‬
‫ّني‬ ‫ْم‬‫َن‬
‫ُك‬ ‫ِت‬
‫َي‬
‫ّ‬ ‫ْأ‬
‫َي‬ ‫ِإ‬
‫َما‬
‫ّ‬‫قال ال فيه ‪} :‬ف‬
‫َ‬
‫فهذا القرآن هو الهمدى المذي وعممد الم‬ ‫] سورة طه ‪ -‬اليممة ‪[ 123 :‬‬ ‫َقى{‬
‫ْش‬
‫َي‬
‫بإرساله إلى آدم وذريته من بعده وهو موضوع الصممراع بيممن النسممان‬
‫والشيطان‪ ،‬فهذا القرآن أخبر ال عنه أنه روح ونور للنسان كما فممي‬
‫َت‬
‫ْنم‬‫ك‬
‫ُ‬ ‫َممما‬ ‫ِرن‬
‫َمما‬ ‫ْم‬‫َ‬ ‫ِمم‬
‫ْن أ‬ ‫ًحمما‬‫ُرو‬
‫َك‬ ‫ْي‬‫َل‬‫ِإ‬‫َنا‬
‫ْي‬‫َح‬‫ْو‬
‫َك أ‬
‫َ‬ ‫ِل‬ ‫َذ‬
‫ك‬‫َ‬‫َو‬ ‫قول ال تعالى ‪} :‬‬
‫ِم م‬
‫ْن‬ ‫ُء‬
‫َشمما‬ ‫ْن ن‬
‫َ‬ ‫َم م‬‫ِه‬‫ِب‬‫ِدي‬
‫ْه‬‫ًرا ن‬
‫َ‬ ‫ُنو‬
‫ُه‬
‫َنا‬‫ْل‬‫َع‬‫َج‬ ‫ْن‬‫ِك‬
‫َل‬
‫َو‬ ‫ُن‬‫َما‬‫ِلي‬
‫َول ا‬‫ُب‬ ‫ِك‬
‫َتا‬‫ْل‬ ‫ِري‬
‫َما ا‬ ‫ْد‬
‫َت‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪113‬‬

‫] سممورة الشممورى ‪ -‬اليممة ‪[ 52 :‬‬ ‫ِقي‬


‫ٍم {‬ ‫َت‬
‫ْس م‬‫ٍط‬
‫ُم‬ ‫ِص م‬
‫َرا‬ ‫َلممى‬‫ِدي‬
‫ِإ‬ ‫ْه‬
‫َت‬
‫َل‬‫َ‬
‫َك‬‫ِإ‬
‫ّن‬‫َو‬ ‫ِد‬
‫َنا‬ ‫ِع‬
‫َبا‬
‫والشيطان قطع على نفسه العهد أن يبعد هذا النسان عن مصدر هدايته‬
‫َك‬
‫َط‬ ‫ِص م‬
‫َرا‬ ‫ْم‬
‫ُه م‬‫َن‬
‫َل‬‫َد‬
‫ّ‬‫ُع م‬‫ِني ل‬
‫ْق‬
‫َ‬ ‫َت‬
‫ْي‬
‫َو‬
‫ْغ م‬ ‫ِب‬
‫َممما أ‬
‫َ‬ ‫َل ف‬
‫َ‬ ‫َقمما‬
‫إلى الصراط المستقيم }‬
‫ِقيم{ ]سورة العراف الية ‪[16‬‬
‫َت‬
‫ْس‬
‫ُم‬
‫ْل‬
‫ا‬
‫َ‬
‫إن ما يسميه المستوردون لعلوم الغرب بالرسائل السلبية المثبطممة‬
‫المعوقة مصدرها الشيطان‪ ،‬فكلما وردك عليممك شمميء منهمما وأنممت فممي‬
‫طريق تحقيقك لهذا المشروع العظيم مشروع الحفظ التربوي للقرآن‬
‫الكريم فاستعذ بال منه كما وجهك ال عز وجل إلى ذلممك ودع عنممك‬
‫تلك الطرق والساليب السطحية في التعامل مع هذه القضممية الكممبيرة‬
‫الخطيرة‪.‬‬
‫‪ -7‬ومن طرق تحفيز الخامل إكسابه أي نجاح مهما كممان صممغيرا‬
‫ومن ثم تكبيره والشادة به فهممذا يبعممث فممي نفسممه المممل والطممموح‬
‫ويكسبه نشاطا وتأثيره يفوق أثر أي جائزة ذلك لنه يعدل من اعتقاده‬
‫عن نفسه ويطلعه على ممماوهبه ال م تعممالى مممن قممدرة علممى التفمموق‬
‫والنجاح‪.‬‬

‫وأنبه هنا إلى بعض ما يلحظ على نظام التحفيز في الحلقات‪:‬‬


‫‪114‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫من ذلك التركيز على الحمموافز الدنيويممة ويقتصممر عليهمما بينممما‬


‫ينسى التحفيز الخروي أو الشرعي‬
‫ومن الملحظ أيضا في مجال الحوافز الغفلة عن بعممض الجمموانب‬
‫التربوية في التحفيز من ذلك ‪-‬وهو خطأ شائع ‪-‬القتصار على تشممجيع‬
‫وتحفيز المثالي وإهمال من دونه أو إشممعاره بممالنقص والدونيممة مممن‬
‫خلل ما يعلن من الممدرجات أو يمنممح مممن الجمموائز والمكافممآت غيممر‬
‫ملتفتين لما يحدث من وراء الكواليس والخفاء بيممن الطلب والقممران‬
‫إنها مسألة حساسة وتحتاج مممن المربممي إلممى يقظممة وانتبمماه وفطنممة‬
‫وصدق‪.‬‬
‫إن مكافأة أحسن طالب ‪ ،‬وأفضل بحث ‪ ،‬وأجود مقال ‪ .....‬الخ أسلوب‬
‫تربوي يهدم أكثر مما يبني فهو يلغي جهود الباقين ويقتممل الطممموح‬
‫ويشل البداع ‪ ،‬ويحصر التشجيع في أفراد معدودين ويهمل الخرين‪.‬‬
‫إن القتصار على مكافأة الموهوب والمثالي)‪ (1‬ل يعني أبدا النجمماح‬
‫الداري للحلقات والمدارس إنما النجاح في هذا المجال أن تصممنع مممن‬
‫الفاشل ناجحا وأن تستطيع أن تثير همم الجميع وتنشط عممزائم كممل‬
‫الصف بحيث يصبح الجميع مثالي والجميع موهوب لكن كل على قممدر‬

‫انظر‪ :‬الحلقات القرآنية‪ ،‬عبد المعطي طليمات ص ‪ ، 144‬حياة في الدارة‪ ،‬غازي القصيبي ص ‪، 55‬‬
‫‪()1‬‬
‫ومعظم المصادر في الدارة والنجاح تكلمت عن هذه القضية‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪115‬‬

‫طاقته وقدرته‪ ،‬فمثل طالب طاقته حفظ خمس آيات فممي اليمموم وآخممر‬
‫طاقته حفظ خمسين آية هم متساوون في المكافممأة والجممائزة مممع أن‬
‫مقدار الحفظ متفاوت جدا بل لو حفظ الول خمس آيات بينما حفممظ‬
‫الثاني عشرين آية فممإن الول أجممدر بالمكافممأة والجممائزة مممن الثمماني‬
‫فالقياس بالكم وحده وإهمال القممدرة خطممأ تربمموي شممائع فممي نظممام‬
‫التحفيز‬
‫وأختم الكلم في هذا المفتاح بالتنبيه على أمر مهم وهو أنه إذا تم‬
‫تشغيل المفتاح الثالث بشكل صحيح تقل الحاجة جدا إلى هممذا المفتمماح‬
‫ذلك أن حسن الظن بال تعالى يصنع العجائب فكلما قوي اليقين بوعممد‬
‫ال واليمان بسعة رحممة الم تعمالى وعظيمم فضمله وكرممه وبمره‬
‫وإحسانه كان هذا من أقوى الدوافع وأعظممم الحمموافز ول يعنممي هممذا‬
‫الكلم إلغاء ومسح ما سبق ذكره فهي أسباب وهي أدوية يجب على من‬
‫أحتاج إليها أن يتداوى بها ‪.‬‬

‫المفتاح السادس ‪ :‬يسر‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح العظيم الجليل القدر رسمه النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫لنا وذلك حين سئل عن أحب العمل إلى ال فقال ‪ :‬أدومه وإن قل ‪ ،‬إنهمما‬
‫ثلث كلمات لكنها مدرسة تربوية متكاملة فما من أمر فممي الحيمماة إل‬
‫‪116‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫وتجد نفسك محتاجا فيه إلى هذه القاعممدة وإن مممن المعمماني الكممبيرة‬
‫العظيمة لهذه القاعدة ما عبر عنه الحكماء بقولهم ‪) :‬الوقاية خير مممن‬
‫العلج( ذلك أن البناء والتربية والتكوين للنفس أو للجسم ل يمكممن أن‬
‫يسير على منهج الطوارئ ول يمكممن أن يممأتي دفعممة واحممدة وبكميممات‬
‫مضغوطة فصناعة النسان ل يفيمد فيهمما الضمغط أبممدا بمل ل بمد مممن‬
‫استغلل وقت الرخاء للبناء والتكوين بالتدريممج لقامممة نفممس وجسممم‬
‫قويين يتحملن معظم الصممدمات والزمممات الممتي يتوقممع أن يواجههمما‬
‫النسان في هذه الحياة ‪ ،‬أما طلب الحلول السممريعة لمشمماكل كممبيرة‬
‫تراكمت على مر اليام والسنوات فهذا طلب عسير وهو مثل من تممرك‬
‫الكل مدة عشرة أيام فجاء في اليوم العاشر ليأكل كمية العشرة أيام‬
‫مرة واحدة وتطبيق هذه القاعدة على حفظ القرآن أنممه ينبغممي السممير‬
‫البطيء المستمر بمعنى أن يحفظ كل يوم باستمرار لكن بمقدار قليل‬
‫جدا وفي هذا المعنى يقول الناظم‪:‬‬
‫من نخب العلممممممم التي‬ ‫اليوم شيء وغدا مثلمممممممه‬
‫تلتقط‬
‫وما السيل إل اجتماع النقط‬ ‫يحصل المرء بها حكمة‬
‫إن تحميل النسان نفسممه ممما ل يطيممق نهممايته معروفممة ونممتيجته‬
‫مؤكدة إنها الفشل وغالبا ما يكون مثل هذا التصرف دفممع إليمه مممؤثر‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪117‬‬

‫وقتي إما مسابقة عامة أو اختبار أو النتصار على القران أو غير ذلممك‬
‫من السباب الدنيوية أما إذا كان الحفظ لوجه ال تعالى فل يمكممن أن‬
‫يسلك هذا المسلك الخاطئ المخالف لمنهج النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫إن الطريق الطويل يقطع على مراحل بيممن كممل مرحلممة وأخممرى‬
‫فاصل يتم فيه إعلن نهاية المرحلممة السممابقة وتحديممد موعممد لبدايممة‬
‫المرحلة التالية وموعد لنهايتها وكلما كان تخطيممط هممذه المراحممل‬
‫مناسبا كلما كان السير أثبممت وأدوم وتممذكر دائممما أن )مممن كممبر‬
‫ًة‬
‫اللقمة غص( فاجعل إنجازك لهدافك مثل أكلك لطعامك لقمة لقممم‬
‫ووجبة وجبة ل توقف فيه ول اندفاع بل يوما بيوم باستمرار‪.‬‬
‫ومن تطبيقات هذا المفتاح المرونة مع المتغيرات وعممدم التحجممر‬
‫على نمط معين أو مستوى محدد ل تحيد عنه بل يجب التكيف التام مع‬
‫المتغيرات نفسيا وعمليا بمعنى أنه في حال النشاط والفممراغ وحصممول‬
‫الفرص يكون لك مقياس‪ ،‬وفي حال الفتور أو النشغال أو عممدم تمموفر‬
‫الفرص يكون لك مقياس آخر وبين هذا وهذا تدرجات يلممزم أن تكممون‬
‫خبيرا بها وتعطي كل ظرف ما يستحقه ‪ ،‬وتحذر مممن إكممراه النفممس‬
‫إلى أن تسقط بل يجب سياستها حال الفتور إلى أن تنقشع تلك الحالممة‬
‫وتزول وتكون قد سرت في تلك الفترة بالحد الدنى مما يمكن تحقيقه‬
‫بدل الفلس التام ‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫وقد ذكرت في كتاب مفاتح تممدبر السممنة فممي المفتمماح الخممامس‬


‫أقوال عن السلف تؤكد معنى هذا المفتاح وتقرره‪.‬‬
‫ل تقف أبدا استمر في السير ولو آية كل يمموم فممإن الوقمموف هممو‬
‫الداء العضال الذي قعد بالسائرين في مشممروع حفمظ القممرآن الكريممم‬
‫فالنسان إذا توقف ضاع عليه الوقت ومرت اليام دون إنجاز ‪ ،‬الممم تممر‬
‫حين تسافر برا كيف تسممبقك السمميارة الكممبيرة ذات السممرعة البطيئة‬
‫بسبب توقف دقائق معدودة فكونك تسير بسرعة بطيئة وباستمرار خير‬
‫ألف مرة من السير بسرعة عالية ثم التوقف المفاجئ ثم معاودة السير‬
‫بعد مدة فهذا النقطاع المتكممرر وتنمماوب حممالت اليممأس والسممتعجال‬
‫يبعثر الجهود ويقضي على النجاز فما من أسلوب للنجاز أفضممل مممن‬
‫أسلوب أدومه وإن قل ‪.‬‬
‫عليك بالتعلم التطبيقي لهذا المفتاح حتى التقان ‪.‬‬
‫ومما يبين الجانب التطبيقي لهذا المفتاح قول النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪) :‬صل قائما فممإن لممم تسممتطع فقاعممدا فممإن لممم تسممتطع فعلممى‬
‫جنب ‪ ( .....‬أي المرونة مممع المتغيممرات والتيسممير عنممد كممل تعسممير‬
‫والرخاء حين تشتد المور والشد حين الرخمماء والصممفاء فممي عمليممة‬
‫مستمرة متوافقة مع الحال‪ ،‬وتطبيق ذلك في مشممروع حفممظ القممرآن‬
‫تنويع الجدول حسب الظروف وسرعة التكيممف مممع المتغيممرات وعممدم‬
‫المبحث السادس‪ :‬مفاتيح حفظ بالقرآن الكريم‬
‫‪119‬‬

‫التحجر لطلب أعلى مستوى بل لبد من المرونة التامة ليستمر السممير‬


‫وعدم التعمق في المقارنة بين المممس واليمموم وبيممن فلن وفلن بممل‬
‫السماحة التامة في هذا الشأن ليحصل النبساط والسير‬
‫إضاءة‪:‬‬
‫إذا خصصت كل يوم ‪ 15‬دقيقة لحفظ القرآن الكريم فإنممك تنهممي‬
‫حفظه خلل سنتين ‪.‬‬
‫عند تطبيق هذا المفتاح يمكنك حفظ عدة متون فممي وقممت واحممد‬
‫دون تعارض أو تداخل‪.‬‬

‫المفتاح السابع ‪ :‬نفذ‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح هممو النتيجممة التلقائيممة للتطممبيق الصممحيح للمفاتيممح‬


‫السابقة ‪ ،‬أما حين يتعذر التنفيذ أو يتعثر فيجب مراجعممة النفممس فممي‬
‫تطبيق المفاتيح واحدا بعد الخممر حممتى يتممم اكتشمماف مكممان الخلممل‬
‫ويتبين سبب النقص فيتم إصلحه فتعود النفس إلى السير مرة أخممرى‬
‫فنحصل على نفذ وعند الصباح يحمد القوم السرى ‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المبحث السابع ‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬


‫مقدمة‬ ‫‪‬‬

‫َك‬ ‫ْيمم‬ ‫ِإ‬


‫َل‬ ‫َنا‬
‫ْل‬‫َز‬
‫ْن‬
‫َ‬‫َوأ‬ ‫قد سمى ال تعالى كتابه المبين ذكرا فقال تعالى ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ] سورة النحل ‪ -‬الية ‪[ 44 :‬‬‫َ‬‫ُرو‬ ‫َ‬
‫ّك‬
‫َف‬
‫َت‬
‫َي‬‫ْم‬
‫ُه‬ ‫َ‬
‫ّل‬‫َع‬‫َل‬‫َو‬‫ْم‬‫ِ‬
‫ْيه‬ ‫ِ‬
‫َل‬
‫َل إ‬‫ّز‬ ‫ُ‬‫َما ن‬ ‫ِ‬
‫َناس‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫َن لل‬‫ّي‬ ‫ِ‬
‫ُتب‬
‫َر ل‬‫ك‬‫ْ‬‫ّذ‬
‫ال‬
‫َ‬
‫ن{ ] سورة النبياء ‪ -‬اليممة ‪[ 50 :‬‬‫َ‬‫ُرو‬‫ِك‬
‫ْن‬‫ُم‬ ‫ُه‬ ‫َل‬
‫ْم‬‫ُت‬
‫ْن‬‫َأ‬
‫َ‬ ‫َف‬
‫ُه أ‬‫َنا‬‫ْل‬ ‫َز‬
‫ْن‬
‫َ‬‫كأ‬‫ٌ‬‫َر‬‫َبا‬
‫ُم‬ ‫ٌر‬‫ك‬
‫ْ‬ ‫ِذ‬‫َذا‬
‫َه‬
‫َو‬‫}‬
‫ن{ ] سممورة يوسممف ‪ -‬اليممة ‪[ 104 :‬‬‫َ‬‫ِمي‬‫َل‬ ‫َعا‬
‫ْل‬‫ِل‬‫ٌر‬‫ك‬‫ْ‬ ‫ِذ‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫ِإ‬ ‫َو‬ ‫ُه‬ ‫ْن‬‫ِإ‬‫وقال عز وجل ‪} :‬‬
‫فهذه الغاية من إنزاله أن يكون ذكرا للعممالمين يتممذكرونه فممي كممل‬
‫ْم‬ ‫َل‬
‫ُه م‬‫َع‬
‫ّ‬‫َل‬
‫َك‬ ‫ِن‬ ‫ِل‬
‫َسمما‬‫ِب‬
‫ُه‬
‫َنا‬
‫ْر‬
‫َس م‬
‫َي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫َما‬‫ِإ‬
‫ّن‬‫وقت وبأعمق مستوى كما قال تعالى } ف‬
‫َ‬
‫َن{ ] سورة الدخان ‪ -‬الية ‪ [ 58 :‬فإذا كانت ذاكممرة النسممان تعمممل‬ ‫َ‬
‫ُرو‬
‫ك‬
‫ّ‬ ‫َذ‬
‫َت‬
‫َي‬
‫بشكل صحيح أمكنه النتفاع بكتاب ربه وإل حرم منه وعلى قممدر قمموة‬
‫الذكر تكون المنزلة‪.‬‬
‫وقد عاب ال تعالى النسيان في مواضع كثيرة من كتابه المبين‪،‬منهمما‬
‫قوله تعالى‪ } :‬فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء {‬
‫] سورة النعام ‪ [44‬ومنها قوله تعالى } حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪121‬‬

‫{ ]سورة الفرقان ‪ ،[ 18‬ومنها قوله تعالى} استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم‬


‫ذكر ال { ]سورة المجادلة ‪(1)[19‬‬

‫فالذاكرة أمرها عظيم وعليها مممدار نجمماة النسممان ونجمماحه فممي‬


‫ِج‬
‫ْد‬ ‫ْم ن‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫َو‬ ‫ِس‬
‫َي‬ ‫َن‬
‫ُل ف‬
‫َ‬ ‫ْب‬
‫َق‬‫ْن‬‫ِم‬‫َم‬
‫َد‬
‫َآ‬ ‫ِإ‬
‫َلى‬ ‫َنا‬‫ِه‬
‫ْد‬‫َع‬
‫ْد‬
‫َق‬‫َل‬
‫َو‬
‫الحياة ‪ ،‬قال ال تعالى ‪} :‬‬
‫ًما{ ]سورة طه ‪ -‬الية ‪ [ 115 :‬فما دخل النقص علممى آدم وأوقعممه فممي‬
‫ْز‬
‫َع‬
‫ُه‬
‫َل‬
‫الخطيئة إل النسيان الذي أورث ضعف العزيمة والرادة ‪ ،‬وهذا عام فممي‬
‫ُه‬
‫َم‬‫ّب‬‫َر‬ ‫َعمما‬‫َد‬‫ٌر‬
‫ّ‬‫ضم‬ ‫ُ‬ ‫َن‬‫َسمما‬ ‫ِل‬
‫ْن‬‫ْ‬‫َس ا‬‫ّ‬‫َم‬‫َذا‬‫ِإ‬‫َو‬ ‫كل بني آدم كما قال ال تعالى ‪} :‬‬
‫َل‬
‫َع‬ ‫َج‬‫َو‬ ‫ُل‬
‫ْب‬‫َق‬‫ْن‬‫ِم‬ ‫ِه‬
‫ْي‬ ‫ِإ‬
‫َل‬ ‫ُعو‬ ‫ْد‬
‫َي‬ ‫َن‬‫كا‬‫َ‬ ‫َما‬ ‫َي‬‫ِس‬‫ُه ن‬
‫َ‬ ‫ِم‬
‫ْن‬ ‫ًة‬
‫َم‬‫ْع‬‫ِن‬ ‫ُه‬‫َل‬
‫َو‬
‫ّ‬‫خ‬
‫َ‬ ‫َذا‬‫ِإ‬‫َم‬
‫ّ‬‫ُث‬‫ِه‬‫ْي‬
‫َل‬ ‫ِإ‬‫ًبا‬‫ِني‬‫ُم‬
‫ِر‬
‫َنمما‬
‫ّ‬‫ِب ال‬ ‫َحا‬‫ْص‬ ‫َ‬‫ْن أ‬‫ِم‬ ‫َك‬ ‫َ‬‫ِإ‬
‫ّن‬ ‫ِليل‬‫َق‬ ‫َك‬‫ِر‬ ‫ْف‬‫ُك‬‫ِب‬ ‫َت‬
‫ْع‬‫ّ‬‫َم‬
‫َت‬ ‫ْل‬
‫ُق‬‫ِه‬‫ِل‬‫ِبي‬‫َس‬ ‫ْن‬‫َع‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫ِض‬‫ُي‬‫ِل‬‫ًدا‬‫َدا‬‫ْن‬
‫َ‬‫ِه أ‬‫َل‬
‫ّ‬‫ِل‬
‫ففي حال الضر والشدة يحصممل الممذكر فيوجممد‬ ‫] سورة الزمر ‪ -‬الية ‪[8 :‬‬ ‫{‬
‫التوحيد والخلص ل رب العالمين وفي حال الرخاء يحصممل النسمميان‬
‫فيعود النسان إلى شركه وغفلته مرة أخرى‪.‬‬
‫هذا النسان ما هو إل هذا القلب الذي عليه مدار صمملحه أو فسمماده‬
‫وما الجسد إل حامل له ووسيط بينه وبين العالم الخممارجي فممالحواس‬
‫الخمس هي وسائط نقل المعلومات من وإلممى العممالم الخممارجي‪ ،‬وأممما‬
‫الدماغ فهو وسيط بين الحواس وبين القلب‪ ،‬جاء في الحديث الصحيح‪:‬‬

‫وانظر العراف ‪ ، 165 ،51‬التوبة ‪ ، 67‬ص ‪ ، 26‬الكهف ‪28‬‬


‫‪()1‬‬
‫‪122‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫)أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد‬
‫الجسد كله أل وهي القلب(‪.‬‬
‫ْع‬‫ِطم‬ ‫ُت‬ ‫َول‬ ‫فالذكر والنسيان محله القلب كما قال الم تعممالى ‪} :‬‬
‫طا{ ] سممورة الكهممف ‪-‬‬‫ً‬‫ُر‬‫ُ‬
‫ُه ف‬‫ُر‬‫ْم‬ ‫َن أ‬
‫َ‬ ‫كا‬
‫َ‬ ‫َو‬ ‫ُه‬
‫َوا‬ ‫َه‬ ‫َع‬‫َتب‬
‫َ‬ ‫َوا‬
‫ّ‬ ‫ِر‬
‫َنا‬‫ك‬‫ْ‬‫ِذ‬‫ْن‬‫َع‬‫ُه‬
‫ْلب‬
‫َ‬ ‫َق‬‫َنا‬
‫ْل‬‫َف‬‫ْغ‬‫ْن أ‬
‫َ‬ ‫َم‬
‫ْن‬‫ِك‬‫َل‬
‫َو‬ ‫ِه‬‫ِب‬‫ْم‬ ‫ْأ‬
‫ُت‬ ‫َط‬
‫ْخ‬‫َما أ‬
‫َ‬ ‫ِفي‬ ‫ٌح‬‫َنا‬‫ُج‬‫ْم‬‫ُك‬
‫ْي‬‫َل‬
‫َع‬ ‫َس‬ ‫ْي‬
‫َل‬‫َو‬ ‫الية ‪ [ 28 :‬وقال ال تعالى ‪} :‬‬
‫ما{ ] سممورة الحممزاب ‪ -‬اليممة ‪[ 5 :‬‬ ‫ًمم‬‫ِحي‬ ‫َر‬ ‫ًرا‬‫ُفو‬ ‫َغ‬‫ُه‬‫َل‬
‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫كا‬
‫َ‬ ‫َو‬‫ْم‬‫ُك‬
‫ُلوب‬
‫ُ‬ ‫ُق‬
‫ْت‬ ‫َد‬‫َم‬
‫ّ‬‫َع‬‫َت‬‫َما‬
‫فالقلب هو محل الذاكرة ومحممل الدراك ومعالجممة المعلومممات وهممو‬
‫محل الرادة وإصدار الوامر ومنه تتشكل شخصية النسان‪.‬‬
‫من ينظر ويتأمل يدرك أن النسان ما هو إل ذاكرة‪ ،‬فعلم النفممس‬
‫حقيقته علم الذاكرة وكل علومه تتفرع عنه وتدور عليممه بشممكل أو‬
‫آخر وهذا يفسر لنا بوضوح سممر رواج )البرمجممة اللغويممة العصممبية(‬
‫لنها ركزت على هذا الجانب وما يتصل به من أمور الحيمماة وبطممرق‬
‫عملية لذلك استحوذت علممى اهتمممام كممثير مممن النمماس مممن مختلممف‬
‫الطبقات ‪.‬‬
‫وما يسمى بغسيل الدماغ ما هو إل نوع من مسممخ النسممان وجعلممه‬
‫بدون ذاكرة أو بذاكرة ضعيفة أو بسلبه بعض المعلومات وهممذا يتممم‬
‫بطرق وحيل نفسية معروفة‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪123‬‬

‫فالنسان ما هو إل ذاكرة تم تخزين محتوياتها النظرية والعمليممة‬


‫مع مرور الوقت منذ السنوات الولى بل ربما منذ كان جنينا في بطممن‬
‫أمه إلى آخر لحظة من حياته ‪ ،‬ولتغيير هذا النسان أو صممناعته يجممب‬
‫التعديل أو التغيير في هذه الذاكرة )القلب( ‪.‬‬
‫ولقد قالت العرب قديما ‪ :‬المرء بأصغريه قلبه ولسانه‪.‬‬
‫ونظمها زهير بن أبي سلمى فقال ‪:‬‬
‫فلم يبق إل صورة اللحم‬ ‫لسان الفتى نصف ونصف فؤاده‬
‫والدم‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬ليست العبقرية أكثر من تركيز الذهن‪.‬‬
‫القلب يتكون من جهتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬الذاكرة ‪ :‬وهي مخزن المعلومممات ومسمتودع المذكريات‬
‫والتجارب والخبرات‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الذكاء أو الوعي أو النتباه أو الفهم ‪ :‬وبممه يتممم معالجممة‬
‫مخزون التجارب والخبرات والقناعممات والمعتقممدات وتطبيقهمما علممى‬
‫المواقف اليومية‪.‬‬
‫هناك أمور تعزى إلى الذكاء والحقيقة أن مرجعها إلممى الممذاكرة‬
‫لكن الذكاء ساعد على تحصيلها‪ ،‬المهم أن الممذكاء والممذاكرة أمممران‬
‫‪124‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫منفصلن من حيث التقنية لكن يؤثر كل منهما في الخر‪ ،‬وبناء عليممه‬


‫فإن نقص الذكاء عند النسان يمكن تغطيته بتقوية الذاكرة ‪.‬‬
‫فالعقل هو مجممموع الممذكاء والممذاكرة ‪ ،‬فممذكي بممدون ذاكممرة‬
‫أحمق ‪ ،‬ولو وجد ذو ذاكممرة دون ذكمماء أو فهممم فهممو أيضمما أحمممق ‪،‬‬
‫وبتفاعل الذكاء )الفهم( مع الذاكرة ) الحفظ ( يتم إصدار الحكم ‪.‬‬
‫والعقل عمل القلب كما أن السمع عمل الذن والبصر عمل العين ‪.‬‬
‫اللغة أصلها صوت يعممبر عممن معنممى وتممم ترجمممة وتحويممل تلممك‬
‫الصوات إلى صور الحروف والكلمات فأصبح عندنا ثلثة أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬المعنى‬
‫‪-2‬الصوت‬
‫‪-3‬الصورة‬
‫الصوت يسمع بالذن ‪ ،‬والصورة ترى بالعين ‪ ،‬والمعنى يفهم بالقلب‬
‫‪ ،‬فهذه أدوات التعلم الثلثة التي جاء ذكرها معا في مواضع من القرآن‬
‫ُم‬
‫ُكمم‬
‫َل‬
‫َل‬‫َعمم‬
‫َج‬‫َو‬ ‫ًئا‬
‫ْي‬
‫َش‬ ‫َن‬‫ُمو‬ ‫َل‬
‫ْع‬
‫َت‬‫ْم ل‬‫ِت‬
‫ُك‬‫َها‬‫َم‬
‫ُ‬
‫ّ‬‫ِن أ‬
‫ُطو‬ ‫ِم‬
‫ْن ب‬
‫ُ‬ ‫ْم‬‫ُك‬
‫َج‬‫َر‬
‫ْخ‬ ‫َل‬
‫ُه أ‬
‫َ‬ ‫ّ‬‫َوال‬
‫منها ‪} :‬‬
‫َن{ ] سورة النحل ‪ -‬الية ‪ [ 78 :‬فالقلب‬‫ُرو‬‫ُك‬‫ْش‬ ‫َت‬
‫ْم‬‫َل‬
‫ُك‬‫َع‬
‫ّ‬ ‫َل‬
‫َة‬‫ِئ‬
‫َد‬‫ْف‬‫َوال‬
‫َ‬ ‫َر‬‫َصا‬‫ْب‬‫َوال‬
‫َ‬ ‫َع‬
‫ْم‬‫َس‬
‫ّ‬‫ال‬
‫هو المترجم للمعاني دخممول وخروجمما وهممو الممذي يحفظهمما ويقمموم‬
‫بتخزينها إلى أن نحتاج إليها فيقوم بمعالجتها وإخراجها على الصممورة‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪125‬‬

‫المطلوبة‪ ،‬والذن والعين وباقي الحواس أدوات نقل ووسيطة بينه وبين‬
‫العالم الخارجي ‪.‬‬
‫وتقسيم الناس إلى أنماط ثلثممة ‪ :‬سمممعي وبصممري وحسممي كممما‬
‫يقول ذلك أهل البرمجة غير صحيح ‪ ،‬وما يوجد من اختلف في طبمماع‬
‫الناس ل يمكن تقسيمه بهممذه الصممورة بممل لممه كلم آخممر ليممس هممذا‬
‫موضعه ‪ ،‬ومن يقرأ كتممب البرمجممة أو يحمماور مممدربيها يجممد أنهممم‬
‫يتناقضون حين يناقشون بأمثلة من الواقع فيلجؤون إلى القول بالنمط‬
‫الغالب ‪ ....‬الخ‬
‫ما يؤثر في تكوين شخصية النسان أمران هما‪ :‬الصوت والصممورة‬
‫وطريقهما السمع والبصر أما باقي الحواس فهي لتمييممز الشممياء مممن‬
‫حولنا والحكم عليها بالقبول أو الرفض ومممن ذلممك الممروائح وملمممس‬
‫السطح وحرارتها وذوق الطعمممة والشممربة‪ ،‬أممما ممما يتعلممق بممالعلم‬
‫والدراك الذي يتوقف عليه البناء النفسي فهممو مقصممور علممى السمممع‬
‫والبصر لذلك اقتصر التنويه بهما في القرآن في كممل المواضممع الممتي‬
‫ورد فيها أدوات التعلم‪.‬‬
‫ووجه إفراد السمع وجمع البصر في القرآن الكريم ‪-‬وال أعلم ‪-‬أن‬
‫النسان ل يستطيع أن يستمع إلى متكلمين في وقت واحد ‪ ،‬أممما البصممر‬
‫‪126‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫فيمكنه رؤية عشرات الشخاص أو الشياء في وقت واحد‪ ،‬وقيممل غيممر‬


‫ذلك ‪.‬‬
‫ووجه تقديم السمع على البصر فممي القممرآن الكريممم ‪-‬وذلممك فممي‬
‫اليات التي تحدثت عن النسان ‪-‬لن الصل في التواصممل هممو اللغممة أو‬
‫الكلم وطريقه الصلي السمع وهو الغالب والسريع في الستعمال فهممو‬
‫أهم وهو أبلغ وأكثر استعمال في التصالت اليومية‪.‬‬
‫قد يسممأل بعضممهم فيقممول أيهممما أقمموى فممي توصمميل المعلومممات‬
‫التلفزيون أو الذاعة ) مع افتراض تساوي المتغيرات الخرى( ؟‬
‫الجواب ‪ :‬التلفزيون أقوى لنه جمع بيممن الصمموت والصممورة بيممن‬
‫السمع والبصر ‪ ،‬أما لو كان التلفزيون صورة دون صوت لكان أثممره ل‬
‫يقممارن مطلقمما بالذاعممة ‪ ،‬فممالجمع بيممن الصمموت والصممورة فممي نقممل‬
‫المعلومات من أقوى الطرق ‪ ،‬يليه الصوت وحده ‪ ،‬ثم الصورة وحدها ‪.‬‬
‫أيهما أقوى في التركيز الستماع إلى القرآن من شريط فيممديو أو‬
‫من شريط الكاسيت ‪.‬‬
‫إذا كان شريط الفيديو يعرض صورة الصفحة التي تقممرأ دون أي‬
‫ملهيات أخرى فهو أقوى ‪ ،‬أما إذا كان يعرض صورة القارئ أو يعرض‬
‫رسومات متحركة ومسممتمرة مممع القممراءة فهممذا يشممغل الممذهن عممن‬
‫التركيز ول يليق بالقرآن‪ ،‬وإذا وجد مع السممتماع لشممريط الكاسمميت‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪127‬‬

‫المتابعة في المصحف فهو أقمموى‪ ،‬وأقمموى مممن هممذه كلهمما أن يقممرأ‬


‫النسان بنفسه حفظا وأن يتخيل صورة الصفحة الممتي يقممرأ ‪ ،‬ويجهممر‬
‫بالقراءة ويركز أذنه لستماع قراءته هذه أعلى المراتب‪.‬‬
‫إن حلقات التلقين تعتمممد علممى السمممع دون البصممر فممي الحفممظ‪،‬‬
‫والمنهجية في تعليم الطفل القرآن الكريم‪ ،‬وخاصة مممن سممن الرابعممة‬
‫الجمع بينهما وهذا يكون حسب الخطوات التالية‪:‬‬
‫الولى‪ :‬تعليم الحروف والقراءة‬
‫الثانية‪ :‬تعليمه قراءة القرآن نظرا من المصحف‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يحفظ من المصحف بنفسه‬
‫أعرف أن همذا المنهمج متبمع فمي بعمض البلمدان السملمية منهما‬
‫الباكستان حيث يتعلم الطالب قممراءة الحممروف والكلمممات ثممم يختممم‬
‫القرآن نظرا ثم يبدأ بالحفظ أممما إشممغال همماتين السممنتين بممالتلقين‬
‫والشتغال باختراع وتصنيع الجهزة لهذا الغممرض مممع تمموفر وسممائل‬
‫ومناهممج التعليممم فهممو قصممور فممي تربيممة الطفممل‪ ،‬وهضممم لقممدراته‬
‫ومواهبه)‪(1‬‬

‫بإذن ال تعالى يأتي مزيد بيان لهذه القضية التربوية المهمة في ‪) :‬مشروع تعليم اللغة‬
‫‪()1‬‬
‫العربية‪،‬ومعجم اللغة التربوي( ‪ ،‬وهو يعالج تعليم اللغة من جوانبها الثلثة ‪ :‬القراءة )الهجاء( ‪ ،‬والكتابة‬

‫)الملء( ‪ ،‬والتحدث )التعبير والنشاء(‪ ،‬وهذا المشروع بديل لما يعرف بالقاعدة البغدادية‪ ،‬أو القاعدة‬
‫‪128‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫لم تتضمن مفاتيح الذاكرة تمارين عملية لنها ليست مممن صممميم‬
‫الكتاب وقد تلحق فممي مممذكرة مسممتقلة‪ ،‬أو يممترك المجممال لجتهمماد‬
‫المعلمين والمعلمات فيهمما خاصممة أن المممادة العلميممة لهممذه المفاتيممح‬
‫تضمنت ما يساعد على البتكار والبداع في هذا الجانب ‪.‬‬
‫جرب أن تحفظ مستخدما ما تستطيع من هذه المفاتيمح واكتشمف‬
‫الفرق ما تجد أنك تنتفع منه أكبر ركز عليه بصورة أكبر وأدخلممه‬
‫ضمن استراتيجياتك وتدرب عليه حتى تتقنه‪.‬‬
‫البعض ل يزال يشتكي من تأخره وهو لو سممألته ممما هممي مفاتيممح‬
‫ل يعرف ما هي فضل عن فهمهمما وحفظهمما‬ ‫الذاكره يقول ل أدري !‬
‫والتدريب عليها‬
‫إن تطبيقك الكامل والمفصل لهذه المفاتيح أثناء حفممظ القممرآن ل‬
‫يقتصر نفعه عليه فقط بل يتعداه إلى كل مجالت الحياة على العكممس‬
‫من شخص يحفظ دون تعلم مفاتيح الذاكرة ومحاولة تطبيقها ‪.‬‬
‫تعلم هذه المفاتيح وافهمها وتدرب عليها في كل فرصة‬
‫سجل مستواك الن ثم بعد مضي ستة أشممهر أعممد الختبممار نفسممه‬
‫وقارن وانظر الفرق فإن وجدت نفعا فالحمد ل م وإن لممم تجممد فأعممد‬

‫النورانية‪ ،‬ونحوهما من طرق تعليم القراءة للمبتدئين ‪ ،‬من خلل معجم ميسر يبدأ بالحروف المفردة‬

‫وينتهي بالتراكيب اللغوية العالية ويعالج في طريقه كل مشاكل الملء‪.‬‬


‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪129‬‬

‫النظر وارجع البصر لعلك تكتشف موطن النقممص ومحممل العلممة فيتممم‬
‫علجه ويتم الشفاء بإذن ال تعالى‪.‬‬
‫هذه ‪ 31‬مفتاحا لدارة ذاكرتك وترقيتها وإصلحها‪ ،‬اسممأل نفسممك‬
‫كم مفتاحا من هذه المفاتيح تستخدم فممي حياتممك اليوميممة وبصممورة‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫لعلك تلحظ أن مفاتيح تدبر القرآن هي جزء من هذه المفاتيح‪.‬‬
‫يمكنك التوقف عن لوم ذاكرتك واتهامها بالنسيان والعتراف بممأن‬
‫التقصير منك حيث لم تسعفها بممالوقود اللزم لعملهمما فمماحزم أمممرك‬
‫واستدرك ما تبقى من عمممرك لتسممتمع بحياتممك بممدل أن تعيممش بيممن‬
‫تفريط ولوم ‪.‬‬
‫إذا أخذت المممر بمأخممذ الجممد وسممعيت فممي تعلممم هممذه المفاتيممح‬
‫وتطبيقها فبعون ال تعالى سيتضاعف مستوى ذاكرتك ثلث مممرات أو‬
‫أكثر عما هي عليه الن وستوصف بأنك فعل قد تغيرت‪.‬‬
‫لقد وهبنا ال طاقات وقدرات من اجتهد فممي تنميتهمما واسممتثمارها‬
‫استفاد ومن قصر وأهمل فقد جنى على نفسه‪.‬‬
‫أهمية الذاكرة ليس للدنيا فقط‪ ،‬بل هي للدين والممدنيا وللخممرة‪،‬‬
‫إنه أمضى سلح في وجه الشيطان‪ ،‬وأقوى حصن من المراض النفسممية‬
‫‪130‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫بإذن ال تعالى‪ ،‬وذلك حينما يتم بناء ذاكممرة الطفممل بشممكل مممدروس‬
‫ومنهجي‪ ،‬نضع فيه بعناية ما نريد مما يفيد‪.‬‬
‫حياة النسان متوقفة على ما يتذكره مممن معلومممات فلممو قممدر أن‬
‫اختلت هذه الذاكرة لم يستطع أن يسير فممي حيمماته حممتى فممي نممومه‬
‫وطعامه وشرابه ومسكنه ولباسه فضل عن عملممه وممما يممراد منممه مممن‬
‫إنجازات حضارية‪.‬‬
‫مفاتيح الذاكرة هي مفاتيح النفس هممي مفاتيممح صممناعة النسممان‬
‫فليس الموضمموع ترفمما علميمما أو بحثمما أكاديميمما إنهمما تقنيممة مهمممة‬
‫وضرورية لكل إنسان عليه أن يتعلمها بأي ثمن وان يستفيد منهمما فممي‬
‫كل لحظة من حياته وفي كل جهة من جهاته‪.‬‬
‫هذه المفاتيممح حقيبممة تدريبيممة متكاملممة لصممناعة نفممس النسممان‬
‫وتشكيلها الشكل المطلوب وأجزم أني لم أوفها حقها ذلك أنهمما تحتمماج‬
‫إلى زيادة جمع وإلى تكامل وربط وتحتاج إلى طول ممارسمة وكمثرة‬
‫تجارب ‪.‬‬

‫مفاتيح الذاكرة ‪ 31‬مفتاحا مجموعة في قولك ‪:‬‬


‫تحرت نجاحا تترى تمنت أن تتميز لذا تنصت ‪.‬‬
‫وتفصيلها كما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬التاء ‪ :‬تكرار‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪131‬‬

‫‪-2‬الحاء ‪ :‬حب وحماس‬


‫‪ -3‬الراء ‪ :‬ربط‬
‫‪-4‬التاء ‪ :‬تركيز‬
‫‪-5‬النون ‪ :‬نية وقصد وهدف‬
‫‪-6‬الجيم ‪ :‬الجهر والتغني‬
‫‪-7‬اللف ‪ :‬أناة وعدم استعجال‬
‫‪-8‬الحاء ‪ :‬حسن الظن بال والثقة بعونه وتأييده‪.‬‬
‫‪-9‬اللف ‪ :‬أدومه وإن قل‬
‫‪-10‬التاء ‪ :‬ترتيب‬
‫‪ -11‬التاء ‪ :‬تحدي‬
‫‪-12‬الراء ‪ :‬رسم‬
‫‪ -13‬اللف ‪ :‬إعلم ‪ ،‬إعلن ‪ ،‬إلقاء‬
‫‪-14‬التاء ‪ :‬تصوير‬
‫‪-15‬الميم ‪ :‬مذاكرة مدارسة مناقشة‬
‫‪ -16‬النون ‪ :‬نوم‬
‫‪-17‬التاء ‪ :‬تنفس‬
‫‪-18‬اللف ‪ :‬اتخاذ القرار‬
‫‪-19‬النون ‪ :‬نفهم‬
‫‪132‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫‪-20‬التاء ‪ :‬تبكير‬
‫‪-21‬التاء ‪ :‬تقسيم‬
‫‪-22‬الميم ‪ :‬مكان‬
‫‪-23‬الياء ‪ :‬يلخص‬
‫‪-24‬الزاي‪ :‬زمان‬
‫‪ -25‬اللم ‪ :‬لغة‬
‫‪ -26‬الذال ‪ :‬ذكر ال‬
‫‪-27‬اللف ‪ :‬استعاذة‬
‫‪-28‬التاء ‪ :‬تسميع‬
‫‪-29‬النون ‪ :‬نشاط البدن‬
‫‪-30‬الصاد‪ :‬صيام‬
‫‪-31‬التاء ‪ :‬تدريب وتمرين ‪.‬‬

‫المفتاح الول ‪ :‬التكرار‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح أجمع كل من تكلم عن الذاكرة أنه ل غنى عنممه لمممن‬


‫يريد الحفظ فالتكرار أساس المهارات‪،‬فل حفظ أبدا دون تكرار‪ ،‬ومممن‬
‫يروم الحفظ بدونه كمن يريد الري بل شرب أو الشبع بل أكل‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪133‬‬

‫التكرار المفيد هو التكرار المبرمج ‪ ،‬ومعنى المبرمممج أي الممموزع‬


‫على مواعيد مناسبة تتقارب أول ثم تتباعد شيئا فشيئا‬
‫التكرار ليس له عدد محدد بل له مواعيد محددة وبرمجة مدروسة‬
‫والمطلوب هو التكرار في كل جلسة أو موعد إلى التقان ‪.‬‬
‫الحفظ عرضة للتبخر بعد بضع ثوان من الحفظ بسممبب النشممغال‬
‫ذهنيا عما تم حفظه الن بممأمور أخممرى وكلممما كممان المشممغل قويمما‬
‫وعميقا كانت فرصة النسيان والتبخر أكبر ولهذا السبب تتفاوت قوة‬
‫الحفظ بين الصغير والكبير وبين المتحمس للحفظ ومن يجاهد نفسه‬
‫عليه‪.‬‬
‫ذكرت في نظام الحفظ السبوعي المواعيد المناسبة للتكرار ليتممم‬
‫المحافظة على ما تم حفظه ‪.‬‬
‫حفظ العمل يحتاج هممذا المفتمماح حاجممة شممديدة فحفممظ العممادات‬
‫وحفظ السلوك الجديد يتطلب تكرارا كممثيرا حممتى يرسممخ خاصممة إن‬
‫كان بديل لسلوك آخر فيحتاج وقتا أطول حتى يتم حفظمه والعتيمماد‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المفتاح الثاني الحب‬ ‫‪‬‬

‫هذا هو القانون الكبر للذاكرة ومتى وجمدت الرغبمة والهتممام‬


‫والحماس لما يراد حفظه و تذكره فإن حاجتك للمفاتيح الخرى تقل‬
‫ويمكنك قطع المسافات الطويلة في وقت قصير ‪ ،‬وأما كيفية تحصيله‬
‫فتم بيانه في كتاب مفاتح تدبر القرآن‪.‬‬
‫بسبب هذا المفتاح تجد أن الناس يتفمماوتون فممي تممذكرهم لمممور‬
‫اشتركوا فيها سويا مثل مجلس أو رحلة أو اجتماع فكل يتذكر ما لم‬
‫يتذكره الخر والسبب هو تفاوت الهتمام أي الميل والرغبة‪ ،‬وبعممض‬
‫أهل البرمجة يعزون هذا إلى اختلف النمط من سمعي وبصري وحسي‬
‫وليس المر كذلك بل مرده إلى ما ذكممرت وأيضمما فبعممض المفاتيممح‬
‫الخرى للذاكرة لها أثر في هذا المر‪.‬‬
‫مفتاح الحب ليس هو المفتاح الوحيد للذاكرة لذلك ل تقلق حيممن‬
‫يكون ضممعيفا لممديك أو ل يمكنممك تحصمميله فبقيممة المفاتيممح يمكنهمما‬
‫تعويضك وتحقيق ما تريد ‪.‬‬

‫المفتاح الثالث ‪ :‬الربط‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح يكاد يكون هو التفسير الشامل لكيفيمة عممل المذاكرة‬


‫وتقنياتها فالمتتبع لما كتب فممي هممذا الموضمموع يكمماد يجممزم بممأنهم‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪135‬‬

‫يدورون في فلك هذا المفتاح والمتأمل في حممالت النسمميان والتممذكر‬


‫على نفسه أو من حوله يجد أن هذا القانون يتحكم فممي نسممبة كممبيرة‬
‫من حالت التذكر والنسيان ‪.‬‬
‫وتكاد المفاتيح الخرى ترجع ونؤول إلى هذا المفتاح فكلها تساعد‬
‫على تكوين الرابط لنه متى تشكل وكان قويا تم الحفممظ والتخزيممن‬
‫وإل فل ‪.‬‬
‫تتنوع الروابط التي تقوم الذاكرة ببنائها أثنمماء عمليممة الحفممظ ‪،‬‬
‫وهي مرتبطة بقنوات التواصل بين الممذاكرة والعممالم الخممارجي فهممي‬
‫خمسة ‪ :‬صوتي ‪ ،‬صوري ‪ ،‬شمي ‪ ،‬ذوقي ‪ ،‬لمسي ‪ ،‬ويلحظ أن أقوى هذه‬
‫الروابط هو ‪ :‬الصوت ‪ ،‬الصورة وهما اللذان يعتمد عليهما في التعامممل‬
‫اليومي‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم يتم من خلل هاتين القنمماتين ‪ :‬الصمموت‬
‫والصورة ‪ ،‬الصمموت يحققممه الجهممر بممالقراءة مممع التغنممي ‪ ،‬والصممورة‬
‫يحققها النظر في المصحف ومحاولممة تصمموير الصممفحة ‪ ،‬لممذلك مممن‬
‫يحاول الحفظ دون جهر بالقراءة فإنه يفقد خمسين بالمائة مممن قمموة‬
‫الحفظ‪.‬‬
‫والربط يشبه ربط وعقل البل لئل تشرد فكممذلك اللفمماظ تماممما‬
‫نقوم بربطها برباط معنوي يمسك بها ‪ ،‬والربط يكون بشيء تم حفظه‬
‫سابقا ورسخ مثل اسم شممخص جديممد نربطممه باسممم شممخص نحفظممه‬
‫‪136‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫سابقا ‪ ،‬والربط يكون لمممر معقممول بممأمر محسمموس ملممموس يسممهل‬


‫تذكره وحفظه مثل ربط اسم شخص بطوله أو وزنممه ‪ ،‬ويممدخل فممي‬
‫هذا النوع ضرب المثلة ‪.‬‬
‫الحفظ على السور يحقق حفظ مواقع اليات بشكل واضممح وهممذا‬
‫نوع من الربط الذي يقوي الحفظ ويثبته فأنت تحفظ اليممة وتحفممظ‬
‫ترتيبها أو موقعها من السورة‪.‬‬
‫والتشابه اللفظي في القرآن يعين جدا علممى حفممظ القممرآن إذ أنممه‬
‫يساعد على تكوين الروابط بين اليات فيمسك بعضها ببعض‪.‬‬
‫هذا التشابه ميزة عظيمممة وسممر أودعممه الم فممي كتممابه العظيممم‬
‫لنستفيد منه في ترسيخ الحفظ ومزيد من التدبر ليات الكتاب الكريم‬
‫ومن فوائد هذا التشابه أيضا إيقاظ القارئ كلما غفل أو سها فهممو‬
‫يولد يقظة شديدة وهذا أمر ظاهر يدركه كل حممافظ للقممرآن فللممه‬
‫الحمد والمنة‬
‫إنه من غير المنهجية أن تحاول ضبط المتشابه مممن خلل الكتممب‬
‫التي ألفت في المتشابه اللفظي بل ضبطه يكون بجهدك الشخصممي مممن‬
‫خلل مفتاحين من مفاتيح الذاكرة‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الربط‬
‫الثاني التكرار‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪137‬‬

‫فتكرار دون ربط يعني عدم انتباه وعدم وعي ‪ ،‬وربممط دون تكممرار‬
‫يعني نسيان الرابط وعدم تثبيته‪.‬‬
‫وأي جهد يقوم علممى تجميممع المشممابه تجميعمما مجممردا ومحاولممة‬
‫المقارنة بينها دون ارتباط بقواعد فهو جهد قاصر وقد يزيممد التشممابه‬
‫على الحافظ‪.‬‬
‫والتشابه أمر نسبي يتفاوت فيه الحافظون فقد يشتبه على أحممدهم‬
‫مال يشتبه على الخر ‪.‬‬
‫يمكنك الستفادة من برنامج )المكتبة الشاملة( الصدار الثاني‪ ،‬حيث‬
‫يمكنك البحث عن اليات المتشابهة‪ ،‬فيسردها لك البرنامج فتتأمل فيهمما‬
‫وتقارن بينها ثم تستنتج قاعممدة تربممط بينهمما فيممزول بممذلك التشممابه‬
‫ويسهل عليك حفظها‪ ،‬ومن لم يتوفر له البرنامج فيمكنه الستفادة مممن‬
‫)معجم ألفاظ القرآن الكريم( لمحمد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫وقواعد ضبط المتشابه كثيرة منها ‪:‬‬
‫أول‪ :‬قاعدة كليات المتشابه‪:‬‬
‫ويراد بها ضبط ما ورد متشابها بضابط كلي يزيل التشابه‪.‬‬
‫مثال ‪:1‬‬
‫} له ما في السماوات والرض { وردت في البقرة ‪ ، 116‬والنحممل‬
‫‪ ،52‬والحشر ‪ 24‬وبقية القرآن ‪ :‬له ما في السماوات وممما فممي الرض ‪،‬‬
‫وهو في تسعة مواضع‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫مثال ‪:2‬‬
‫} أفلم يروا{ وردت فقط في سورة سبا الية ‪9‬‬
‫}ألم يروا { وردت في خمسة مواضع ‪ :‬النعممام ‪ ، 6‬العممراف ‪ 148‬مم‪،‬‬
‫النحل ‪ ، 79‬النمل ‪ ، 86‬يس ‪31‬‬
‫وبقية القرآن } أولم يروا{ في ‪ 12‬موضعا أولها في الرعد ‪، 41‬وكل‬
‫ما في العنكبوت بالواو ‪.‬‬
‫مثال ‪:3‬‬
‫} سيروا في الرض ثم انظممروا { وردت فممي النعممام ‪ 11‬فقممط‬
‫وبقية القرآن بالفاء وهو في خمسة مواضع أولها آل عمران ‪137‬‬
‫مثال ‪:4‬‬
‫} أفل تتذكرون { في موضعين فقممط‪ :‬النعممام ‪ ، 6‬والسممجدة ‪،4‬‬
‫وباقي القرآن بتاء واحدة وهو في سبعة مواضع‪.‬‬
‫مثال ‪:5‬‬
‫‪ } -1‬ولكن أكثرهم{ ‪ }-2 ،‬ولكن أكثر الناس{‬
‫كل ما في النعام‪ ،‬ويونس ‪ ،‬والنمل ‪ ،‬والقصص‪ ،‬والزمر‪ ،‬والممدخان‪،‬‬
‫والطور‪ ،‬فمن الول‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪139‬‬

‫وكل ما في البقرة ‪ ،‬وهممود‪ ،‬ويوسممف )خمسممة مواضممع(‪،‬والرعممد‪،‬‬


‫والنحمممل‪ ،‬والسمممراء‪ ،‬والفرقمممان‪ ،‬والمممروم )موضمممعان(‪ ،‬وسمممبأ‬
‫)موضعان(‪،‬وغافر)ثلثة مواضع(‪ ،‬والجاثية‪ ،‬فمن الثاني‪.‬‬
‫أما سورة العراف فموضعان‪ ،‬الول من الول ‪ ،‬والثاني من الثاني‪.‬‬
‫ومجموع ما ورد من النوعين في القرآن الكريم ‪ 29‬موضعا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قاعدة مجموعة في قولك‪:‬‬
‫وهذه القاعدة تفيد في ربط ما يتشابه من أواخر اليات ‪:‬‬
‫مثال ‪: 1‬‬
‫أواخر آيات الوصايا العشر في آخر سورة النعممام ختمممت الولممى‬
‫بقوله ‪ } :‬تعقلون { والثانية بقوله ‪ } :‬تذكرون { والثالثة بقمموله ‪:‬‬
‫} تتقون { فيمكن جمع الحرف الثمماني مممن كممل هممذه الكلمممات فممي‬
‫قولك ‪ ) :‬عذق ( ويمكن بواسطة هذه الكلمة حفظ ختام كل آيممة دون‬
‫تشابه أو تداخل ‪.‬‬
‫مثال ‪:2‬‬
‫اليات من ‪ 176‬إلى ‪ 178‬من آل عمران جمماء ختامهمما كممما يلممي‪:‬‬
‫} ولهم عذاب عظيم{‪ } ،‬ولهم عذاب أليممم{ } ولهممم عممذاب مهيممن{‬
‫يمكن جمعها في كلمة )عام(‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬قاعدة الربط بحرف من اسم السورة ‪:‬‬


‫‪140‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫مثال‪:‬‬
‫جاء في سورة السراء قوله تعالى } ولقد صرفنا للناس فممي هممذا‬
‫القرآن { وجاء في سورة الكهف قوله تعالى ‪ } :‬ولقد صرفنا في هممذا‬
‫القرآن للناس{ ولضبط هاتين اليتين نقول جماء فمي سممورة السمراء‬
‫تقديم كلمة الناس وبينها وبين اسم السورة حرف مشترك هو حممرف‬
‫السين ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قاعدة الربط بالتجويد‪:‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫جاء في سورة المجادلة الية ‪ 17‬قوله تعممالى‪ } :‬لممن تغنممي عنهممم‬
‫أموالهم ول أولدهممم مممن الم شمميئا أولئك أصممحاب النممار هممم فيهمما‬
‫خالدون{ ولنه قد تشتبه كلمة }أولئك{ هل هي بمالواو أو بمالهمزة‬
‫نقول إن الحكم هنا إظهار وليس إدغام‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬قاعدة الترتيب‪:‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫ِب‬
‫َممما‬‫ْم‬
‫ُه‬
‫ُل‬
‫ُج‬
‫ْر‬
‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ْم‬‫ِدي‬
‫ِه‬ ‫ْي‬
‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ْم‬
‫ُه‬
‫ُت‬‫ِس‬
‫َن‬‫ْل‬ ‫ِه‬
‫ْم أ‬
‫َ‬ ‫ْي‬
‫َل‬
‫َع‬
‫ُد‬
‫َه‬
‫ْش‬
‫َت‬
‫َم‬
‫ْو‬
‫َي‬
‫قول ال تعالى ‪} :‬‬
‫] سورة النور ‪ -‬الية ‪[ 24 :‬‬ ‫َن{‬
‫ُلو‬
‫َم‬
‫ْع‬
‫َي‬
‫ُنوا‬
‫كا‬
‫َ‬
‫جاءت بالترتيب من العلى إلى السفل بالنسبة لجسم النسان‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬قاعدة ليس‬
‫مثال‪:‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪141‬‬

‫مما يشتبه على بعض الحفاظ اليتان في عدة المتوفى عنها زوجهمما‬
‫في سورة البقرة الية ‪ ، 234‬والية ‪ 240‬ومما يضممبط حفممظ همماتين‬
‫اليتين ويزيل التشابه أن تدرك أن الية الولى تكررت فيها الباء سممبع‬
‫مرات ‪ ،‬بينما الية الثانية ليس فيها حرف الباء مطلقا‪.‬‬

‫المفتاح الرابع ‪ :‬التركيز‬ ‫‪‬‬

‫التركيز يعني القبال الكامل الكلي على ممما يممراد تممذكره وعممدم‬
‫انشغال الذهن عنه بأمر آخر داخليا أو خارجيا ‪.‬‬
‫ويتحكم في تحقيق هذا المفتاح بعض المفاتيح الخرى للممذاكرة‬
‫مثل‪ :‬مفتاح الحب‪ ،‬ومفتاح الجهر‪ ،‬ومفتاح المكممان حيممث ل صمموت ول‬
‫صورة ‪ ،‬ومفتاح التدريب والرياضة‪،‬فكلها تساعد على تقويته‪.‬‬
‫هناك الكثير من التدريبات تحاول تنمية هذه المهارة وينتممج عنهمما‬
‫قوة الملحظة والنظر الدقيق العميق لما يراد تذكره وفهمه وإن مممن‬
‫أقوى التدريبات لهذا المفتاح هو الصلة وقراءة القممرآن حفظمما‪ ،‬إنهممما‬
‫تدريبان مهمان يكشفان لك عن مستوى قدرتك علممى الممتركيز ومممدى‬
‫حاجتك لزيادته ورفعه‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫ومن فوائد هذا المفتاح تمموفير المموقت‪ ،‬فممما يحتمماج حفظممه إلممى‬
‫عشرين دقيقة بدون هذا المفتاح يمكن حفظممه فممي سممبع دقممائق عنممد‬
‫تطبيقه ‪.‬‬
‫ِن‬ ‫ْبم‬ ‫َة‬ ‫َم‬ ‫ْقب‬ ‫ُع‬ ‫ومن تطبيقات مفتاح التركيز في الحياة ما جاء في حممديث‬
‫ِتي‬ ‫ْوب‬
‫َ‬ ‫َم‬ ‫ْت ن‬ ‫َء‬ ‫َجمما‬ ‫ِل ف‬
‫َ‬ ‫ِب م‬ ‫ِل‬ ‫ُة ا‬ ‫َي م‬ ‫َعا‬‫ِر‬ ‫َنمما‬ ‫ْي‬
‫َل‬ ‫َع‬ ‫ْت‬ ‫كممان‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫َقمما‬ ‫ٍر رضي ال عنه‬ ‫ِم‬ ‫َعا‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُث‬ ‫ّد‬ ‫َح م‬ ‫ُي‬ ‫ًما‬ ‫ِئ‬‫َقا‬ ‫َم‬‫َل‬
‫ّ‬‫َس‬‫َو‬ ‫ِه‬ ‫ْي‬ ‫َل‬‫َع‬ ‫ُه‬ ‫َل‬
‫ّ‬‫َلى ال‬ ‫ّ‬ ‫َص‬ ‫ِه‬ ‫َل‬
‫ّ‬ ‫َل ال‬ ‫ُسو‬ ‫َر‬ ‫ُت‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫َر‬ ‫ْد‬‫َأ‬
‫َ‬ ‫ّي ف‬ ‫ِش‬‫َع‬ ‫ِب‬ ‫َها‬ ‫ُت‬‫ْح‬ ‫َو‬
‫ّ‬ ‫َر‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫ُم‬‫ُقممو‬ ‫َي‬ ‫َم‬
‫ّ‬ ‫ُث‬ ‫ُه‬‫َء‬ ‫ضو‬ ‫ُ‬ ‫ُو‬ ‫ُن‬ ‫ِس‬ ‫ْح‬ ‫ُي‬‫ُف‬
‫َ‬ ‫ضأ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َو‬‫َت‬‫َي‬ ‫ٍم‬ ‫ِل‬‫ْس‬ ‫ُم‬ ‫ْن‬‫ِم‬ ‫َما‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬ ‫ْو‬ ‫َق‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬ ‫ُت‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫َر‬‫ْد‬‫َأ‬
‫َ‬ ‫َس ف‬ ‫َنا‬‫ّ‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫َل‬ ‫َقمما‬ ‫ُة‬ ‫َن م‬
‫ّ‬ ‫َج‬ ‫ْل‬ ‫ُه ا‬‫َل م‬ ‫ْت‬ ‫َجب‬
‫َ‬ ‫َو‬ ‫ِإل‬ ‫ِه‬
‫ِه‬ ‫ْج‬ ‫َو‬ ‫َو‬ ‫ِه‬ ‫ِب‬‫ْل‬‫َق‬‫ِب‬ ‫َما‬‫ِه‬ ‫ْي‬‫َل‬ ‫َع‬ ‫ٌل‬ ‫ِب‬‫ْق‬ ‫ُم‬ ‫ِن‬ ‫ْي‬ ‫َت‬‫َع‬‫ك‬ ‫ْ‬ ‫َر‬ ‫ّلي‬ ‫َص‬ ‫ُي‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫ُت‬ ‫ْر‬ ‫َظم‬ ‫َن‬‫َ‬‫ُد ف‬ ‫َو‬ ‫ْجم‬ ‫َهمما أ‬
‫َ‬ ‫َل‬‫ْب‬ ‫َق‬ ‫ِتي‬ ‫َل‬
‫ُل ا‬
‫ّ‬ ‫ُقو‬ ‫َي‬ ‫َي‬‫ّ‬ ‫َد‬ ‫َي‬ ‫َن‬ ‫ْي‬
‫ٌل ب‬
‫َ‬ ‫ِئ‬ ‫َقا‬ ‫َذا‬‫ِإ‬ ‫ِه ف‬
‫َ‬ ‫ِذ‬ ‫َه‬ ‫َد‬ ‫َو‬‫ْج‬ ‫َما أ‬
‫َ‬ ‫ُت‬‫ْل‬‫ُق‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ّض مأ‬ ‫َو‬ ‫َت‬ ‫َي‬ ‫ٍ‬
‫َح مد‬ ‫ْن أ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ْم م م‬ ‫ُك م‬ ‫ِ‬
‫ْن‬
‫َما م‬ ‫َل‬ ‫َقا‬ ‫ًفا‬ ‫ِ‬
‫َت آن‬ ‫ْئ‬‫ِ‬
‫َك ج‬ ‫ُت‬ ‫ْي‬ ‫َرأ‬
‫َ‬ ‫ْد‬‫َق‬ ‫ّني‬ ‫ِإ‬ ‫َل‬ ‫َقا‬ ‫ُر‬‫َم‬ ‫ُع‬ ‫َذا‬ ‫ِإ‬‫ف‬
‫َ‬
‫ًدا‬‫َم م‬
‫ّ‬ ‫َح‬ ‫ُم‬ ‫َن‬
‫ّ‬ ‫َوأ‬
‫َ‬ ‫ُه‬ ‫ِإل ال‬
‫َل م‬
‫ّ‬ ‫َه‬ ‫ِإ‬
‫َل م‬ ‫ْن ل‬ ‫ُد أ‬
‫َ‬ ‫َه‬ ‫ْش‬ ‫َ‬‫ُل أ‬ ‫ُقو‬ ‫َي‬ ‫َم‬
‫ّ‬ ‫ُث‬ ‫َء‬ ‫ضو‬ ‫ُ‬ ‫َو‬ ‫ْل‬ ‫ُغ ا‬ ‫ِب‬ ‫ْس‬‫ُي‬ ‫ْو ف‬
‫َ‬ ‫ُغ أ‬
‫َ‬ ‫ِل‬‫ْب‬ ‫ُي‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َء‬‫َشمما‬ ‫َها‬ ‫ّي‬ ‫ْن أ‬
‫َ‬ ‫ِم‬ ‫ُل‬ ‫خ‬‫ُ‬‫ْد‬‫َي‬ ‫ُة‬ ‫َي‬ ‫ِن‬‫َما‬ ‫َث‬‫ِة ال‬
‫ّ‬ ‫َن‬
‫َج‬
‫ّ‬ ‫ْل‬‫ُب ا‬ ‫َوا‬ ‫ْب‬
‫ُه أ‬
‫َ‬ ‫َل‬ ‫ْت‬ ‫َح‬ ‫ِت‬ ‫ِإل ف‬
‫ُ‬ ‫ُه‬ ‫ُل‬‫ُسو‬ ‫َر‬ ‫َو‬ ‫ِه‬ ‫َل‬
‫ُد ال‬
‫ّ‬ ‫ْب‬ ‫َع‬
‫)‪(1‬‬
‫ِه‬
‫ْي م‬‫َف‬
‫ك‬
‫ّ‬‫َ‬ ‫َلممى‬ ‫َع‬ ‫َغ‬‫َر‬‫ْف‬
‫َ‬ ‫ٍء ف‬
‫َ مأ‬ ‫ِإن‬
‫َمما‬ ‫ِب‬ ‫َعا‬
‫َد‬ ‫َن رضي ال عنه أنه‬ ‫َفا‬
‫ّ‬‫َع‬ ‫َن‬‫ْب‬‫َن‬‫َما‬‫ْث‬
‫ُع‬‫وعن‬
‫َم‬
‫ُم‬
‫ّ‬ ‫َق ث‬
‫َش م‬‫ْن‬‫َت‬
‫ْس‬ ‫َوا‬ ‫َض‬ ‫َم‬‫ْض م‬‫َم‬‫ِء ف‬
‫َ‬ ‫َنا‬‫ِل‬‫ِفي ا‬ ‫ُه‬‫ِمي‬
‫َن‬ ‫َي‬‫َل‬‫خ‬
‫َ‬ ‫ْد‬‫َم أ‬
‫َ‬ ‫ّ‬‫ُث‬ ‫َما‬‫ُه‬ ‫َل‬
‫َس‬‫َغ‬‫ٍر ف‬
‫َ‬ ‫َرا‬‫ِم‬
‫َث‬‫َثل‬
‫َم‬
‫ُثمم‬
‫ّ‬ ‫ِه‬
‫ِسمم‬ ‫ْأ‬
‫َر‬‫ِب‬ ‫َح‬‫َس‬‫َم‬ ‫َم‬
‫ُث‬
‫ّ‬ ‫ٍر‬
‫َرا‬‫ِم‬ ‫َث‬ ‫َثل‬ ‫ِن‬
‫ْي‬
‫َق‬‫ْرف‬
‫َ‬ ‫ِم‬‫ْل‬
‫َلى ا‬‫ِإ‬‫ِه‬‫ْي‬‫َد‬
‫َي‬‫َو‬ ‫ًثا‬‫َثل‬ ‫ُه‬
‫َه‬‫ْج‬‫َو‬
‫َل‬‫َس‬
‫َغ‬
‫َلمم‬
‫ُه‬ ‫َلى ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِه‬
‫َصمم‬‫َل‬
‫ُل ال‬
‫ّ‬ ‫ُسو‬
‫َر‬
‫َل‬
‫َقا‬
‫َل‬
‫َقا‬
‫َم‬‫ِن‬
‫ُث‬
‫ّ‬ ‫ْي‬
‫ْعب‬
‫َ‬ ‫َك‬
‫ْل‬ ‫ِإ‬
‫َلى ا‬‫ٍر‬ ‫ِم‬
‫َرا‬‫َث‬ ‫ِه‬
‫َثل‬‫ْي‬
‫َل‬‫ِر‬
‫ْج‬‫َل‬
‫َس‬
‫َغ‬

‫]صحيح مسلم ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪[(25‬‬


‫‪()1‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪143‬‬
‫ِ‬
‫ُث‬
‫ّد‬
‫َح م‬‫ِن ل‬
‫ُي‬ ‫ْي م‬
‫َت‬
‫َع‬
‫ك‬
‫ْ‬ ‫َلى‬
‫َر‬ ‫َص م‬
‫ّ‬ ‫َم‬
‫ُم‬
‫ّ‬‫َذا ث‬
‫َه‬ ‫ِئي‬
‫ضو‬‫ُو‬
‫ُ‬ ‫َو‬‫ْح‬‫َن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضأ‬‫ّ‬‫َو‬
‫َت‬‫ْن‬‫َم‬‫َم‬‫َل‬
‫َس‬
‫ّ‬‫َو‬ ‫ِه‬
‫ْي‬
‫َل‬‫َع‬
‫ِه )‪(1‬‬‫ِب‬
‫ْن‬‫َذ‬‫ِم‬
‫ْن‬ ‫َد‬
‫َم‬‫ّ‬‫َق‬‫َت‬
‫َما‬‫ُه‬
‫َل‬ ‫ِف‬
‫َر‬ ‫ُغ‬‫ُه‬‫َس‬‫ْف‬
‫َما ن‬
‫َ‬ ‫ِه‬‫ِفي‬
‫إن قوة التحكم بالخواطر وحديث النفس من أهم مفاتيح الذاكرة‬
‫فمن تدرب على هذه المهارة حتى يتقنها فإنه يستفيد منها ومممن كممان‬
‫مهمل لها قد ترك العنان لنفسه تفكر كيف شاءت ومممتى شمماءت فممإنه‬
‫يكون مثل الطفل الذي تربى على الفوضى فهو معرض للخطر والهلك‬
‫في أي وقت ‪ ،‬ويصعب قيادته وتوجيهه للوجهة المطلوبة حين الحاجة‪.‬‬
‫إن كنت نشأت على هذه الطريقة في التفكير فيجب عليممك الن أن‬
‫تبدأ بالتدريب والتربية لتفكيرك ليكون طوع أمرك يذهب حيث تأمره‬
‫فإن فعلت ذلك أمكنك تحقيق النجاح في كثير من المجممالت الدينيممة‬
‫والدنيوية ‪.‬‬
‫التركيز قسمان‪ :‬تركيممز الصمموت وتركيممز الصممورة وتشممغيل‬
‫أحدهما دون الخر يؤدي إلى انشغال الذهن بأمر غير المطلوب‬
‫مثال ‪:1‬‬
‫من يقرأ حفظا جهرا فإنه قام بتشممغيل الصمموت ‪ ،‬فممإن قممام بتخيممل‬
‫الصفحة ومكان الية التي يقرؤها فإنه يتم تشغيل الصورة ومثل هذا ل‬

‫]صحيح البخاري ‪) -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ ، (277‬صحيح مسلم ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪[ (8‬‬


‫‪()1‬‬
‫‪144‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫يمكنه أن يسرح خياله بعيدا عما يقرأ أما من يكتفممي بتشممغيل الصمموت‬
‫دون الصورة فتجد ذهنه ينشغل بينما هو يقرأ ‪.‬‬
‫مثال ‪:2‬‬
‫من يتابع الذان بأذنه أي بالصوت فقط بينما عينه أي الصورة تدور‬
‫في كل مكان فهذا ل يمكنه التركيز ‪.‬‬
‫مثال ‪:3‬‬
‫ِ‬
‫ّبح بعد الصلة بلسانه وعينه تدور في كممل جهممات المسممجد‬
‫ُيس‬‫من‬
‫فمثل هذا غير منتبه لما يقول ‪.‬‬
‫قد ذكرت في مفاتح تدبر السنة أنواعا من التركيز فممي المفتمماح‬
‫الثالث من مفاتح تدبر السنة ‪.‬‬
‫شرود الذهن أثناء الحفظ علجه يكون بضغط الموقت فتحمدد مثل‬
‫عشر دقائق تقول يجب أن أحفظ هذا المقطع قبل أن ينتهي هذا الوقت‪.‬‬
‫ومنه تقسيم الوقت الطويل إلى فترات قصيرة يفصممل بينهمما وقممت‬
‫راحة مثل كل نصف ساعة منها خمس دقائق راحة فهذا يفيد جدا فممي‬
‫توليد التركيز ‪.‬‬
‫وإن مما يحقممق الممتركيز وخاصممة عنممد التسممميع الممذاتي مسممك‬
‫المصحف وتركيز النظر إليممه فهممو يعطممي نوعمما مممن الراحممة حيممن‬
‫القراءة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪145‬‬

‫كيف يحصل شرود الذهن ؟‬


‫هذا سؤال مهم والهم منه سؤال ‪:‬‬
‫كيف يمكن التركيز ؟‬
‫وجوابه أنه يحصل بتطبيق مفاتيح الذاكرة أو بعضها ومممن أهمهمما‬
‫الجهر بما يدور في القلب والتصوير والربط والتكرار ‪.‬‬
‫عند ضعف التركيز حين القراءة حفظا يحصل النتقال من موضع‬
‫إلى آخر مشابه له في اللفظ مثال ذلك‪ :‬كان أحممد الطلب يقممرأ فممي‬
‫سممورة الجممن فانتقممل إلممى سممورة مريممم بسممبب التشممابه فممي قمموله‬
‫} فسيعلمون من { في السورتين ‪ ،‬وآخر كان يقممرأ المزمممل فانتقممل‬
‫إلى سورة نوح بسبب التشابه في قوله ‪} :‬إنا أرسلنا{ فممي السممورتين ‪،‬‬
‫وأمثال هذا كثير جدا‪.‬‬

‫المفتاح الخامس ‪ :‬النية‬ ‫‪‬‬

‫إن حضور النية ومعرفة الهدف سممبب مهممم فممي تقويممة وتنشمميط‬
‫الذاكرة فمن يملك إجابة واضحة ومكبرة عممن سممؤال ‪ :‬لممماذا أحفممظ‬
‫هذا ؟ أو لماذا أريد تذكر هذا الشيء ؟ فإنه يمكنه حفظممه أو تممذكره‬
‫ومن ل يملك هذه الجابة أو تكون غامضة وصغيرة في ذهنه فحري به‬
‫أن ينسى أو أل يحفظ أصل ‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫إنك في اللحظة التي تتذكر فيها هذا السؤال وتكون الجابة قويممة‬
‫ومقنعة فإن قلبك يفتح أبوابه ويرحب بهذه المعلومممة ويختزنهمما فممي‬
‫مكان أمين ‪.‬‬
‫إن التكرار إذا تم لمرات كثيرة دون حضممور لنيممة الحفممظ ونيممة‬
‫العلم وغيرها من النيات الصحيحة فإن أثر التكرار في تثممبيت الحفممظ‬
‫يكون أقل فل بد من حضور النية والهدف أثناء الحفظ من أجل زيادة‬
‫كفاءة الذاكرة وتسريع عملية الحفظ ‪.‬‬

‫المفتاح السادس ‪ :‬الجهر والتغني‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح من جزأين‪:‬‬


‫الول‪ :‬الجهر‪ ،‬وهو رفع طبقة الصوت‬
‫الثاني‪ :‬التغني‪ ،‬وهو تلحين الصوت‬
‫وكل جزء منهما له أثر معين في تحقيق الحفظ وتقوية التذكر‪،‬‬
‫والقوال في هذا كثيرة مشممهورة والتجربممة تغنيممك عممن كممل قممول‬
‫فجرب بنفسك ثم انظر الفرق وكلما ارتفع الصوت كممان أقمموى فممي‬
‫الحفظ والسر في هذا أمران‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنه يحقق التركيز أي يطرد الفكار والوسمماوس المتطفلممة‬
‫خارج الموضوع وهو من القوانين المهمة للذاكرة‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪147‬‬

‫الثاني‪ :‬أنه يولد روابط صوتية سمعية تعين على تثبيت الحفظ‪ ،‬أل‬
‫تلحظ أن بعضهم حين يعجممز عممن تممذكر معلومممة فممإنه يحمماول أن‬
‫ينطقها بلحن معين فتجده يتذكرها‪.‬‬
‫وكلما كانت القراءة مشدودة قوية كان الحفظ أقوى وأسرع‬
‫إن القراءة الخاملة الرخوة ل توجد إل حفظا يشبهها ‪.‬‬
‫ومن الملحظ في الونة الخيرة على حلقات تحفيظ القممرآن فممي‬
‫ِ‬
‫ّيع مفتمماح الجهممر وأثممره‬
‫ُيض‬
‫المساجد عدم جهر الطلب بالقراءة وهذا‬
‫المهم في سرعة وقوة الحفظ ‪ ،‬وحين تناقش بعض المعلمين فممي هممذه‬
‫القضية يعتذر بأن الجهر يسبب تشويش بعضهم على بعض‪ ،‬هذا صحيح‬
‫إذا كان الذي يجهممر بممالقراءة بعضممهم دون الخممر وبطبقممات صمموت‬
‫متباينة لكن إذا جهر الجميع وبطبقة صوت متقاربة فإن هذا التشممويش‬
‫ل يوجد ومثاله قراءة المنتظرين لصمملة الجمعممة فممإنه يوجممد جهممر‬
‫متناسق والكل يستفيد من مفتاح الجهر لزيادة الحفظ أو زيادة التدبر‬
‫والفهم ‪ ،‬لقد كانت الحلقات القرآنية إلى وقممت قريممب تطبممق مفتمماح‬
‫الجهر حتى إن المعلم ليدرك انشغال الطلب وانصرافهم عممن القممراءة‬
‫بذهاب صوتهم فيعيدهم إلى الجهر مرة أخرى ‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المفتاح السابع ‪ :‬الناة وعدم الستعجال‬ ‫‪‬‬

‫من المشاهد أثناء القراءة حفظا أن بعضهم حين يتعثر في القممراءة‬


‫تجده يكرر آخر آية قرأها أو يرجع إلى الوراء بضع آيات ثم يتممذكر‬
‫ما نسيه ويستمر فممي القممراءة‪ ،‬ممما سممبب هممذا التممذكر ؟ السممبب أن‬
‫الذاكرة كانت بحاجة إلى شيء من المموقت للتممذكر وهممذا الرجمموع‬
‫والتكرار يعطيها هذه الفرصة‪.‬‬
‫بعض الطلب يقول ‪ :‬ل بد أن أسرع حتى ل أخطئ‪.‬‬
‫هذا سببه ضعف الحفظ فيعالجه بالسرعة ليزيد من قوة الممتركيز‬
‫فهو علج لضعف بضعف آخر ‪.‬‬
‫ل بد من الناة والتمهل والترسمل فالعجلمة همي السمبب فمي عمدم‬
‫الحفظ خاصة إذا اجتمع معها عدم التركيز ‪.‬‬
‫ومن تطبيقات هذا المفتاح تقليل الحفظ وكثرة تكممراره والصممبر‬
‫والتأني حتى يثبت تماما ويمضي على ثبوته وقت فهممذا أفضممل طريممق‬
‫للحفظ القوي المكين‪.‬‬

‫المفتاح الثامن ‪ :‬حسن الظن بالله واليقين‬ ‫‪‬‬

‫دائما ثق بفضل ال تعالى وتأييده وأنه يعطيك ما تريد وبل حممدود‬


‫كن حسن الظن بربممك‪ ،‬تممذكر أنممه أكممرم الكرميممن وانممه أرحممم‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪149‬‬

‫الراحمين‪ ،‬دائما توقع حصول الخير‪ ،‬وثق أنك ستحفظ‪ ،‬وأنك تتممذكر‪،‬‬
‫إذ هو سبحانه المعين‪ ،‬وهذا خير من اليممأس مممن رحمممة المم‪ ،‬وتوقممع‬
‫النقممص فممي كممل وقممت ‪ ،‬واتهممام نفسممك بضممعف الحفممظ‪ ،‬وضممعف‬
‫الذاكرة‪،‬احرص دائما أن تسأل ال عز وجل زيادة العلم والعانممة علممى‬
‫الذكر من خلل الدعية المأثورة الواردة في هذا المعنى‪.‬‬
‫وأنبه في هذا المقام إلى عدم نسبة الفضممل إلممى النفممس وأحممذر مممما‬
‫يقوله بعض المدربين ‪ :‬ثق بنفسك ‪ ،‬أو أنا قادر ونحو هممذا بممل دائممما‬
‫تيقن أن ال يعطيك وأن ال سبحانه وتعالى عند ظممن عبممده بممه فممإن‬
‫َلى‬
‫ّ‬‫َص‬ ‫ِه‬
‫َل‬
‫ّ‬‫ِل ال‬‫ُسو‬‫َر‬‫ْن‬
‫َع‬‫َة‬
‫َر‬‫ْي‬
‫َر‬
‫ُه‬‫ِبي‬
‫ْن أ‬
‫َ‬ ‫َع‬‫ظننت به خيرا أعطاك أخرج أحمد‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َن بممي‬
‫ّ‬‫َظ م‬ ‫ِ‬
‫ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْبدي بي إ‬
‫َع‬‫ّن‬‫َظ‬‫َد‬‫ِع‬
‫ْن‬ ‫َنا‬
‫َل أ‬
‫َ‬ ‫َل‬
‫َقا‬‫ّ‬
‫َج‬‫َو‬‫َز‬
‫ّ‬‫َع‬ ‫َه‬‫َل‬
‫َن ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َل‬
‫َم أ‬
‫َ‬ ‫ّ‬‫َس‬ ‫ِه‬
‫َو‬ ‫ْي‬
‫َل‬
‫َع‬ ‫ُه‬‫َل‬
‫ال‬
‫ّ‬
‫ُه‪(1).‬‬
‫َل‬‫ًرا ف‬
‫َ‬ ‫َش‬
‫ّ‬ ‫َن‬
‫ّ‬‫َظ‬ ‫ْن‬‫ِإ‬
‫َو‬
‫ُه‬
‫َل‬‫ًرا ف‬
‫َ‬ ‫ْي‬‫خ‬
‫َ‬

‫المفتاح التاسع ‪ :‬أدومه وإن قل‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح نحتاج إليه في مشاريع الحفممظ الطويلممة مثممل حفممظ‬


‫القرآن الكريم ‪ ،‬وفي هذا المعني قولهم ‪) :‬النمماقوط يخممرق الحجممر(‬
‫وهو إشارة إلى القليل المستمر فإنه مهما كان يعطي قوة وصلبة مممع‬

‫الصحيحة ‪ ، 4/224‬صحيح الجامع ‪4315 ، 1905‬‬


‫‪()1‬‬
‫‪150‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫الوقت فهذا الماء القليل على لطافته وضعفه فإنه اكتسب قمموة بسممبب‬
‫الستمرار والتتابع حتى استطاع أن يخرق الحجر ‪.‬‬
‫وبناء عليه فيجب الستمرار في تكرار ما يراد تثبيته وعدم تركممه‬
‫إطلقا ومما يساعد على الستمرار كونه قليل إذ يصبح سممهل خفيفمما‬
‫تتحمس النفس للقيام به أما إذا كان كثيرا فهذا ممدعاة إلمى التعمثر‬
‫والتوقف كما جاء في الثر ‪ :‬كالمنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقممى ‪،‬‬
‫وكقولهم ‪) :‬من كبر اللقمة غص( فمن أجل تحسين الذاكرة وحفظ‬
‫قوي متين يجب تطبيق هذا المفتاح ‪.‬‬

‫المفتاح العاشر ‪ :‬الترتيب‬ ‫‪‬‬

‫بل ريب أن حفظ المرتب أسهل بمممرات كممثيرة مممن حفممظ غيممر‬
‫المرتب فلو طلب منك حفظ عشرة أسممماء أو أرقممام وكممانت مبعممثرة‬
‫فاستطعت ترتيبها بأي شكل ستجد أن حفظها بعممد ترتيبهمما وترقيمهمما‬
‫برقم مسلسل يختصر المموقت اللزم لحفظهمما ويكسممب الحفممظ ثباتمما‬
‫وقوة‪.‬‬
‫وكذلك حفظ موجودات مكان معين إن كانت مرتبة أمكن حفظها‬
‫ومثله الكتاب والمجلة والجريدة كلما كان الترتيب فيها أقوى كممان‬
‫حفظ واستحضار ما فيها أسهل‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪151‬‬

‫وتطبيق هذا المفتاح علممى حفممظ القممرآن أن يكممون الحفممظ علممى‬


‫ترتيب السور فإنه يعطي سهولة في حفظ الترتيب العام ويساعد بعممد‬
‫الحفظ على الستفادة من هذا الممترتيب فممي الستشممهاد والقممراءة فممي‬
‫الصلة أو خارجها المهم أن حفظ ترتيب السور بأسمائها إذا كمان همو‬
‫الخط المرسوم للحفظ فإنه يحصل حفظه تلقائيا خاصممة مممع تطممبيق‬
‫نظام الحفظ السبوعي وهذا يعطي دعامة قوية جدا للحفظ فهو يمثممل‬
‫حفظ الخط العام أو الطار الكلي لما يممراد حفظممه فهممذه مممن قواعممد‬
‫الحفظ المهمة‪.‬‬
‫ولعلك تلحظ أن عددا ممن يحفظون القرآن أو بعضممه ل يحفممظ‬
‫ترتيب السور وهذا نقص في تطبيق مفاتيح الذاكرة لن حفظ ترتيممب‬
‫السور يعين جدا على الحفظ‪ ،‬والسبب في هذا هو عدم الحفظ التربوي‬
‫المبني على التكرار المنظم ‪ ،‬وثمت سبب آخر هو الحفظ على الجممزاء‬
‫والثمان إذ أن التركيز على الثمان يصرف الذهن عن السور وينسب‬
‫اليات إليها بدل نسبتها إلى سورها فترى بعضهم يقول آيممة كممذا فممي‬
‫الثمن الول من الجزء الرابع ولو سألته في أي سمورة ربمما ل يعمرف‬
‫وقد مر معي بعض المواقممف مممن قبممل الطلب الممذي يشممتركون فممي‬
‫المسابقات أو في المقابلت يحفظ لكن ل يدري في أي سورة يقرأ ‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المفتاح الحادي عشر ‪ :‬التحدي‬ ‫‪‬‬

‫التحدي المسبق لحفممظ ممما يممراد مممن أهممم المنشممطات الذهنيممة ‪،‬‬
‫والتحدي قد يكون من النسان لنفسه أو من غيره وقد يكون من طرف‬
‫واحد أو منافسة بين مجموعات فاستفد من هممذا المعنممى النفسممي فممي‬
‫تنشيط ذاكرتك‪.‬‬
‫ومن صور التحدي أن تعد أحدا بوعممد كلممما حصممل منممك حفممظ‬
‫وتحقيق لما تريد وقد سبق ذكر هذا المبدأ في مفاتح حفممظ القممرآن‬
‫ضمن المفتاح الخامس )عقب(‪.‬‬

‫المفتاح الثاني عشر ‪ :‬الرسم‬ ‫‪‬‬

‫ومن التجارب القيمة ول زال يعمل بها حتى الن ‪ :‬الحفظ بطريقة‬
‫اللوح وهو في بعض بلد أفريقيا مثل موريتانيا والصممومال والسممودان‬
‫حيث يكتب الستاذ للطالب اليات بالرسممم العثممماني علممى اللمموح ثممم‬
‫ُيقرئها للطالب لفظا وخطا وبعد حفظهمما يقمموم الطممالب بمحوهمما ثمم‬
‫كتابتها من حفظه مرة أخرى‪.‬‬
‫ويمكن في الوقت الحاضر اسممتعمال السممبورة البيضمماء ذات القلم‬
‫الملونة وذلك للقيام برسم ما تم حفظه من المصحف لجممل الختبممار‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪153‬‬

‫وتقوية الحفظ بواسطة الرسم حيث إن هذه الطريقممة تعطممي الحفممظ‬


‫قوة ومتانة ‪.‬‬
‫يكون الرسم مطابقا تماما للمصحف من حيث جهة الصفحة وبداية‬
‫السطر ونهايته ومكان فواصممل اليممات مممن السممطر ‪ ،‬وطريقممة رسممم‬
‫الحرف والكلمات بالرسم العثماني‪.‬‬
‫صحيح أن هذه الطريقة تأخذ وقتا لكنها مفيدة جممدا وخاصممة مممع‬
‫الصغار إذ ترغبهم في كثرة المراجعة‪.‬‬
‫إن تطبيق مفتاح الرسم يفيد جدا في تحسين الخممط وقمموة الملء‪،‬‬
‫لن صحة الملء يقوم على حفظ الرسم الصحيح للكلمممة وهممو الحممل‬
‫العملي للبناء اللغوي للمتعلم‪ ،‬أما دراسة القواعد فهي تيسر هذا الحفظ‬
‫وتقويه‪.‬‬
‫تجد الكثير منا يكتب إملء صحيحا لكن لو سألته عن القاعممدة لممم‬
‫يعرف وأكثر ما يتبين هذا المر في كتابة الهمزة‪.‬‬

‫المفتللللاح الثللللالث عشللللر ‪ :‬العلم والعلن‬ ‫‪‬‬


‫واللقاء‬

‫إن التحديث بما حفظت وإعلم الخرين به يعد من مفاتيح الحفظ‬


‫الفعالة وقد ورد عن الزهري رحمه ال أنه إذا رجع من مجلس الحديث‬
‫‪154‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫فإنه يوقظ جاريته ويحدثها بما حفظ فتقول لممه ‪ :‬ل افقممه شمميئا مممما‬
‫تقول ‪ ،‬فيجيبها بقوله ‪ :‬إنما أريد الحفظ‪.‬‬
‫ومن تطبيقات هممذا المفتمماح المامممة بممما تحفممظ فممي الصمملوات‬
‫الجهرية ويعتبر شهر رمضان من أهم المواسم لتطبيق هذا المفتاح ‪.‬‬
‫وقد تتبنى حلقات تحفيظ القرآن مثمل همذا العممل حيمث يتنمماوب‬
‫الطلب المامة بزملئهم ‪ ،‬ويمكن تطبيقه في السرة ‪.‬‬
‫ومن تطبيقات هذا المفتاح أيضا أن يقوم الحممافظ بتفسممير اليممات‬
‫حفظا في درس خاص او عام‪.‬‬
‫ومن تطبيقاته في الفوائد والقصص والخبممار أن تقممرأ أو تسممتمع‬
‫بنية من سيحدث الخرين بذلك فالملحظ أن وجود هذه النية لها أثممر‬
‫كبير في التركيز والنتباه وضبط ما يقرأ أو يسمع ‪.‬‬

‫المفتاح الرابع عشر ‪ :‬التصوير‬ ‫‪‬‬

‫نعني به أن يتم التركيز على تصوير ما يراد حفظه فيتممم النظممر‬


‫والتأمل طويل في الصفحة ثم تغميض العينين ومحاولة التممذكر ثممم‬
‫النظر مرة أخرى واكتشاف جوانب النقص وتكرار هذه العمليممة عممدة‬
‫مرات حتى يحصل التصوير الدقيق للصفحة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪155‬‬

‫ومن تطبيقات هذا المفتاح ما نسمع عنه مممن حفممظ أرقممام اليممات‬
‫ومكان الية من الصفحة كل هذا ليس معجزا إنما يحتاج إلممى تشممغيل‬
‫هذا المفتاح ومن ثم يعطي الحفظ قوة ومتانة‪.‬‬
‫ِ‬
‫ّمع له ‪ -‬يقفز من سورة إلى سممورة ومممن‬
‫ُتس‬‫تجد الشخص ‪ -‬وأنت‬
‫وجه إلى آخر دون وعي والسبب في هذا عدم التصموير أثنماء الحفمظ‪،‬‬
‫فحفظ موقع ومكان ما يراد حفظه له أثممر قمموي فممي سممرعة الحفممظ‬
‫وتثبيته‬
‫قام بعضهم بلعبة تصوير أثاث غرفتممه يقممول‪ :‬فممي البدايممة كممانت‬
‫اللعبة تستغرق دقيقة أو دقيقتين ولكن في كل مرة أعيد فيها التجربة‬
‫تستغرق وقتا أطول لقد حاولت رؤية كل قطع الثاث وأي شيء عليها‬
‫ثم تفاصيل أي شيء وأخيرا تفاصيل التفاصيل مثل سن صغيرة جدا أو‬
‫قشرة خشبية أو حافة مكسورة أو نقطة طلء لقد وجممدت أنممه كلممما‬
‫فكرت أكثر أحصل على تفاصيل أكممثر نصممفها شممبه منسممي أو غيممر‬
‫ملحظ "اهم)‪ (1‬هذا مثل ذكرته لبين أن تكممرار التصمموير يفيممد فممي‬
‫اكتشاف أشياء جديدة في كل مرة ويسممتفاد منممه هنمما فممي التصمموير‬
‫الدقيق للصفحة التي تحفظهمما وأن ذلممك يحصممل مممرة بعممد مممرة ول‬

‫كيف تضاعف قدرتك على الدراسة والنجاح ص ‪45‬‬


‫‪()1‬‬
‫‪156‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫يتصور أن يكتمل من أول مرة بل في كل مرة تكتشف شيئا جديدا لم‬


‫تلحظه من قبل‪.‬‬
‫لماذا ننسى السماء ول ننسى صورة الوجه أو مكان العمل السبب أن‬
‫هذه ملموسة لها معان محسوسة بينما السم ما زال مجرد كلمات فمن‬
‫أجل حفظه يجب تحويله بواسطة التصوير إلى شيء له معنى ملممموس‬
‫فيتم ربطه بشيء في شخصيته ‪.‬‬

‫المفتاح الخامس عشر ‪ :‬المذاكرة‬ ‫‪‬‬

‫والمذاكرة تعني المناقشة بين اثنين فممأكثر ‪ ،‬فالسممئلة لهمما أثممر‬


‫مفيد ونافع في تثممبيت المعلومممات إذا كممانت بيممن طرفيممن اثنيممن أو‬
‫مجموعتين‬
‫ومن أمثلة ذلك في حفظ ألفاظ القرآن‪:‬‬
‫س‪ :‬هل ذكر حرف كذا في آية كذا‬
‫س‪ :‬كم مرة وردت كلمة كذا في سورة ‪ ....‬أوفي صفحة ‪...‬‬
‫س ‪ :‬كم مرة ورد يا أيها الذين آمنوا في هذه السورة ‪.‬‬
‫س ‪ :‬كم مرة ورد )صراط مستقيم( في سورة الزخرف مثل ‪.‬‬
‫س‪ :‬قارن بين اليات الواردة في قصة لوط في القرآن ‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪157‬‬

‫س‪ :‬كم مرة ورد ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتممم صممادقين (‬
‫وأين ؟‬
‫س‪ :‬من هم النبياء والمم الذين ورد ذكرهم في سورة ص‪.‬‬
‫س‪ :‬قارن بين اليات الواردة في بسط الرزق ‪.‬‬
‫س‪) :‬غساقا( ‪) ،‬غساق( أين ورد كل من الكلمتين‪.‬‬
‫س‪ :‬اذكر ما ورد في البحر ‪ ،‬السماء ‪ ،‬الرض‪.‬‬
‫ونحو هذا من السئلة كثير جدا وهي تفيد في زيادة قوة الحفممظ‬
‫وفي تنشيط الذهن وتدريب قوة الملحظة حين القراءة ‪ ،‬وفيهمما إثممارة‬
‫ومتعة يمكن شغل وقت فراغ الطلب بها وخاصة في الدورات المكثفممة‬
‫في الوقات المخصصة للراحة ‪.‬‬

‫المفتاح السادس عشر ‪ :‬النوم‬ ‫‪‬‬

‫الحفظ قبيل النوم أو بعد الستيقاظ مممن أفضممل الوقممات هممذا إن‬
‫كان النوم كافيا وكان ليل وكونه بعد الستيقاظ أقوى لنه يضمماف‬
‫إليه قوة ونشاط البدن‪.‬‬
‫والنوم يريح النفس والروح ويعيد إليها نشاطها حيمث تمسمك عمن‬
‫الحركة فترة ثم تعود إلى نشاطها‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫والنوم إذا كان وفق هدي النبي صلى ال عليه وسمملم كممان عونمما‬
‫للذاكرة لتعمل بشكل صحيح‪ ،‬ويتلخص في أمرين ‪:‬‬
‫الول‪ :‬النوم المبكر بعد العشاء مباشرة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الستيقاظ قبل الفجر ثم الوضوء والصلة‪.‬‬
‫هذان أمران مهمان لنشاط الذاكرة وعملها بشكل صحيح‪.‬‬
‫إن عجزت عن الولى فل يصح أبدا أن تعجز عممن الثانيممة يجممب أن‬
‫تستيقظ قبل الفجر ولو بدقائق بقممدر ممما تتطهممر وتصمملي ركعممتين‬
‫خفيفتين إنه عمل يستحق الهتمام بل هو كنز عظيم ل ينفد ‪ ،‬واظممب‬
‫على هذه العادة وسترى أثرها على حياتك اليومية‪.‬‬
‫وقد جاء بيان هذين المرين وأهميتهممما فممي عممدد مممن الحمماديث‬
‫وليس هذا موطن تفصيل الكلم عنها‪.‬‬

‫المفتاح السابع عشر ‪ :‬التنفس‬ ‫‪‬‬

‫هناك علقة متينة بين التنفس والقلب)‪ ، (1‬والقلب هو آلة الحفظ‪.‬‬


‫ومما يحقق تقوية القلب بالتنفس أمران مهمان ‪:‬‬

‫انظر كتاب‪ :‬التنفس أسلوب لحياة جديدة للدكتورة جوديث كرافيتز‬


‫‪()1‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪159‬‬

‫الول ‪ :‬الجهر بالقرآن فهو من أقوى تمارين التنفممس وخاصممة إن‬


‫كان الجهر بدرجة كافية‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬الصلة فحركات الصلة وأوضاعها تعين جدا على التنفس‬
‫الرادي وهو الشهيق والزفير العميق وكلما طالت مممدته كممان أثممره‬
‫على الصحة أعلى وأفضل جاء في كتاب وفي الصلة صحة ص ‪: 129‬‬
‫" عند السجود يكون الرأس أخفض مممن الجممذع وهممذا يسمممح لعضمملة‬
‫الحجاب الحاجز أن تدفع الهواء باتجاه جوف الصدر مدعومممة بضممغط‬
‫الحشاء عليها ‪ ،‬وتتقلص عضلت جدار البطن وهذا يسمماعد علممى نفممث‬
‫معظم الهواء خلل الزفير ‪ ... ....‬الجهر بالتسبيح والدعاء يجعل الهواء‬
‫يخرج عن آخممره أثنمماء الزفيممر ‪ ،‬وكلممما زاد التسممبيح طممال الزفيممر‬
‫القسري وبلغ أوجه ‪ ،‬وكلما كان الممدعاء بنفممس واحممد كممان أقمموى‬
‫"اهم ‪.‬‬
‫يطالب بعضهم بالتنفس العميق مع حفظ كل آية وهذا ل حاجة له‬
‫بل ربما صرف التركيز من الحفظ إلى التنفس وأشغل القارئ‪.‬‬
‫أثر التنفس العميق على قموة الحفممظ يحصمل بصمورة بطيئة مممن‬
‫خلل الجهر بالقراءة ومن خلل حركممات الصمملة وهممذا كمماف جممدا‬
‫لتحصيل المقصود ‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫هناك العديد من الكتب التي تخصصت في الحديث عممن التنفممس أو‬


‫خصصت له فصممول وتؤكممد علممى أهميتممه وتممذكر بعممض التمممارين‬
‫الخاصة به ‪ ،‬ولست بحاجة إلى مثل هذه الكتب إن استفدت من تدريبات‬
‫التنفس التي تحققها الصلة ويحققها الجهر بقراءة القرآن ‪.‬‬

‫المفتاح الثامن عشر ‪ :‬اتخاذ القرار‬ ‫‪‬‬

‫هناك علقة طردية بين القدرة على الحفممظ وبيممن قمموة العزيمممة‬
‫واتخاذ القرار ‪ ،‬فل شيء يعيق الحفظ ويعيق التذكر مثل التردد ‪ ،‬فإذا‬
‫كنت تريد الحفظ فاعزم وقرر واقطع التردد‪.‬‬
‫وبإمكانك تجربة أثر هذا المفتاح على سممرعة وقمموة الحفممظ فممي‬
‫تجربتين منفصلتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬أن تعزم وتقرر حفظ مقطع محدد من القمرآن فمي وقمت‬
‫محدد ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن تحاول حفظ هذا المقطع وتتمنى لو تيسر لك ذلك في‬
‫أقرب فرصة ممكنة ‪.‬‬
‫ينبغي أل تضيع أعمارنا في الماني بل نكون أصممحاب قممرار حاسممم‬
‫في كل أمورنا ونتربى على هذه العادة المفيدة جدا فممي جميممع أمممور‬
‫الحياة ومنها حفظ القرآن الكريم‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪161‬‬

‫المفتاح التاسع عشر ‪ :‬الفهم‬ ‫‪‬‬

‫الفهم هو صديق الذاكرة الحميم‪،‬وهو المرشممد والناصممح الميممن‪،‬‬


‫يختصر عليها كثيرا من الجهود‪،‬ويختصر كثيرا من المسافات‪ ،‬فافهم‬
‫لتحفظ‪.‬‬
‫كون الفهم من أهم مفاتيح الممذاكرة ل يختلممف عليممه اثنممان ول‬
‫يجادل فيه إنسان‪ ،‬لكن تبقى المسألة متى نحتاج هذا المفتاح؟ وكيممف‬
‫نطبقه؟‬
‫الحاجة إليه مستمرة مع كل ممما يممراد تممذكره‪ ،‬وأحيانمما نحتمماج‬
‫الفهم لمضمون ما نريد تذكره دون تفصيل وأحيانا لما يحيط به مممن‬
‫أمور‪.‬‬
‫وهذا تمرين لتجريب أثر الفهم على الحفظ ‪:‬‬
‫‪248163264‬‬ ‫جرب حفظ هذا الرقم مستخدما مفتاح الفهم‪:‬‬
‫حاول إيجاد علقة بين الرقام المكونة لهذا الرقم ليسهل حفظه‪.‬‬

‫المفتاح العشرون ‪ :‬التبكير والمبادرة‬ ‫‪‬‬

‫هذا المفتاح يعني التحضير المبكر لكل ما يراد تذكره قبممل وقتممه‬
‫بمدة كافية سواء كانت مواعيد أو أشممياء يممراد اصممطحابها أو كممان‬
‫اختبارا تحريريمما أو شممفهيا أو كممانت خطبممة أو خطابمما أو تحضمميرا‬
‫‪162‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫لجتماع كل هذا ونحوه يجب الستعداد المبكمر لمه ليكمون للمذاكرة‬


‫فرصة للتحضمير والتجهيمز فالمذاكرة ل ينفمع معهما التسمويف ثمم‬
‫الستعجال‪ ،‬إنها ترتبك في مثل هممذه الحممال وبسممببه يحصممل الحممرج‬
‫والنقص فمتى فقهت هذا الدرس وفهمت هذا المعنممى فعليممك التطممبيق‬
‫والعمل وعندها تجد النتائج المشجعة وتسر بما تحصل عليه ‪.‬‬
‫إن من ل يبكر يفوته مكاسب كثيرة كان بإمكانه الحصممول عليهمما‬
‫وفرص مهمة تطير من بين يديه كل هذا بسبب عدم إعطاء الممذاكرة‬
‫الوقت الكافي لتعمل على مهل‪ ،‬فيا ترى من المقصمر أنمت أم ذاكرتممك‬
‫التي لم تتح لها الفرصة لتعمل؟‬
‫ومن تطبيقات هذا المفتاح في الحياة المبادرة إلى صيد الخممواطر‬
‫وتدوينها لحظة ورودها قبل أن تطير أو تضعف‪.‬‬
‫هذه العادة تربي القدرة على التفكير والبداع في أي مسألة يممراد‬
‫علجها ودراستها وبهذه الطريقة تتاح الفرصممة للفكممار البداعيممة أن‬
‫تتوارد والحلول المبتكرة أن تتوالد‪ ،‬فالمبدعون ما هم إل أناس رحبمموا‬
‫بأفكارهم وقدموا لها واجب الضيافة فصارت تزورهم باستمرار أما من‬
‫يعرض عنها ول يأبه بها فإنها تهجممره وتممتركه‪ ،‬فممإن أردت أن تكممون‬
‫مبدعا في المجال الذي أنت فيه فعليك بهذه العملية المهمة على أصول‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪163‬‬

‫إن الفكار البداعية تحلق في سمائك فإن أمسكت بها استفدت منهمما‬
‫وإل ذهبت وتركتك‪.‬‬
‫كل الناس تمر بهم هذه الخواطر والفكممار لكنهممم يختلفممون فممي‬
‫الهتمام بها وصيدها‪ ،‬فكممم مممن الخممواطر اليمانيممة‪ ،‬خممواطر التوبممة‬
‫والصلح والتغيير والتطوير تزور النسان فإن لممم يممأبه بهمما رحلممت‬
‫وتركته يعيش في نقصه وضعفه ‪.‬‬

‫المفتاح الحادي والعشرون ‪ :‬التقسيم‬ ‫‪‬‬

‫وهذا المفتاح يفيد فممي حفممظ الكتممب أو النصمموص أو القمموائم أو‬


‫الرقام الطويلة فيتم تقسيمها وتجزئتها‬
‫وينبغي أن تكون هذه التجزئة موضوعية قدر المكان فهممذا أسممهل‬
‫من كون هذا التقسيم ل معنى له أو كونه قائما علممى الموضممع مثممل‬
‫تقسيم الصفحات‪.‬‬
‫والحفظ على السور نوع مممن التقسمميم الموضمموعي الجمممالي لن‬
‫كل سورة تمثل وحدة موضوعية‪ ،‬وكممل سممورة مقسمممة إلممى آيممات ‪،‬‬
‫ويمكن تقسيم السورة الطويلة إلى مقاطع حسب الموضوع‪ ،‬فممإن وافممق‬
‫التقسيم الموضوعي نهاية الوجه كممان هممذا مفيممدا وإل فل ينبغممي أن‬
‫تتحكم الوجه في التقسيم‪.‬‬
‫‪164‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫التقسيم الموضوعي يحقق الفهم وتكوين الروابط وتقوية الحفظ‪،‬‬


‫وإل لو تم التقسيم على الوجه فإنه يحقق تسهيل الحفظ لكممن يفمموت‬
‫معه هذه المزية وهما طريقان مؤديان للغرض‪.‬‬
‫هذا التقسيم نحتاج إليه عند البداية في الحفظ ثم تتلشى الحاجممة‬
‫إليه كلما زاد ضبط السورة وعند حصوله يمكن للحافظ أن ينظر إلى‬
‫السورة نظرة كلية مهما كانت طويلة‪.‬‬

‫المفتاح الثاني و العشرون ‪ :‬المكان )ل صللوت‬ ‫‪‬‬


‫ول صورة(‬

‫الذاكرة مثل آلة التصوير كلما كان المكان الذي يمراد التصموير‬
‫فيه خاليا من الصوات والمناظر الملهية كان الحفممظ أسممهل وأقمموى‬
‫فالعين هي عدسة الكاميرا والذن هي اللقط فوجممود صممور وأصمموات‬
‫كثيرة في المكان يؤدي إلى انطباع ضعيف لما يراد تصويره خاصة إن‬
‫كان تطبيق المفاتيح الخرى ضعيفا‪ ،‬فمثل لو تصورنا طالبمما يحمماول‬
‫الحفظ وبجواره من يتكلم وهو بجاهد نفسه على الحفظ ولممم يجهممر‬
‫بصوته وهناك مناظر تشغل تفكيره فكيف يحفظ مثل هذا‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪165‬‬

‫المفتاح الثالث والعشرون ‪ :‬التلخيص‬ ‫‪‬‬

‫التلخيص مفتاح مهم من مفاتيممح الممذاكرة يفيممد جممدا فممي ربممط‬


‫المعلومات الكثيرة بكلمات قليلة لكن هذا الربط يحتاج إلى جهد‪.‬‬
‫التلخيص مهارة قوية من يتقنهمما ويتممدرب عليهمما يسممتثمرها فممي‬
‫مهمات كثيرة مثل كتابة الخممواطر‪ ،‬تلخيممص المقممررات الدراسممية ‪،‬‬
‫استماع المحاضرات والبرامج‪.‬‬
‫هذا المفتاح يحقق الربط أي ربط الكلمات الكثيرة بكلمممات قليلممة‬
‫ومن تطبيقاته في الحياة موجز الخبار‪ ،‬ومنه أن يلخص الخطيممب أو‬
‫المدرس أو الواعظ ما يريد من المستمع أن يحفظه‪.‬‬
‫بعضهم يرى أن يكون التلخيص بالصور ويسمتبعد الكلممات ويقلمل‬
‫من شأنها)‪ (1‬وهذا قد يصح في حفظ المواعيد والسماء ونحوها لكنممه‬
‫ل يصح في مجال النصوص الطويلة والمعلومات الكثيرة‪.‬‬

‫المفتاح الرابع والعشرون ‪ :‬الزمان‬ ‫‪‬‬

‫أثر الزمان على الذاكرة له جهتان ‪:‬‬


‫الولى ‪ :‬مراحل حياة النسان‬

‫طوني بوزان في معظم كتبه ومنها قوة الذكاء البداعي‬


‫‪()1‬‬
‫‪166‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫من المعلوم أن مرحلة الطفولة وزمن الصبا يعتبر أقمموى وأفضممل‬


‫الوقات للحفظ والبعض يجعله كل شيء فتجده قد يئس من الحفممظ‬
‫في الكبر ويقول‪ :‬فات علينا الحفظ في الصممغر ولممم ينظممر للمفاتيممح‬
‫الخرى وكم من كبير في السن فاق فممي قمموة حفظممه الصممغار لممما‬
‫اجتمعت له المفاتيح الخرى للذاكرة‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬الوقت‬
‫وقت السحر أو بعد الفجر يعتبر أقوى الوقات للحفظ لمن كممان‬
‫متبعا لهدي النبي صلى ال عليه وسلم في النوم والستيقاظ أما مممن ل‬
‫ينممام أول الليممل ولممو سمماعات معممدودة فليبحممث عممن وقممت آخممر‬
‫يناسبه‪،‬والمراد أن وقت السحر أو بعد الفجر يجتمع فيه ميزات مهمممة‬
‫منها ‪ :‬صفاء الذهن‪ ،‬ونشاط البدن ‪ ،‬والهدوء لنقطاع حركة الناس في‬
‫هذا الوقت فل أصوات ول مقاطعات‪.‬‬
‫حقيقة هذا المفتاح ليس مستقل إنما هو مبني على مفاتيح أخممرى‬
‫فبعضهم حين يسمع أن أجود أوقات الحفظ السممحار يلممزم نفسممه بممه‬
‫ويكابد على تحصيله وهو ليس من أهله إذ أنه سهر معظم الليل ومنهك‬
‫البدن فصرف نشاطه في أمور أخرى فينبغي فقه المقصود وتحقيقه‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪167‬‬

‫المفتاح الخامس والعشللرون ‪ :‬اللغللة )الللثروة‬ ‫‪‬‬


‫اللغوية(‬

‫اللغة هي الصل الذي نعبر به عممن المعمماني فممالثراء اللغمموي هممو‬


‫الطريق إلى التعبير عن الفكار واقتناصها وحفظها ثم استرجاعها فممي‬
‫الوقت المناسب فمن هنا تبرز أهمية اللغة في تنشمميط الممذاكرة فمممن‬
‫كان عنده ثروة لغوية يمكنممه ربممط ممما يريممد مممن المعمماني بأشممكال‬
‫مختلفة ومن ليس كذلك فليس لديه العدة الكافية ليقوم بهذه العملية‬
‫المهمة‪.‬‬
‫عندما تضيف إلى مفرداتك اللغوية كلمة واحدة كل يمموم فسمموف‬
‫تزيد حصيلتك اللغوية على ثلثمائة وخمسين كلمة جديدة كل عممام‬
‫وهذا يعني أنك ستحصل على أكثر من ثلثمممائة وخمسممين مسممتودعا‬
‫للمعاني وهذا يعني زيادة مساحة ذاكرتك وترقيتها‪.‬‬
‫اعلم أن السبيل الصحيح إلى توسيع الذاكرة وترقيتهمما هممو زيممادة‬
‫الثروة اللغوية على أسس صحيحة‪.‬‬
‫تذكر دائما أن تضيف إلى ذاكرتك كل يمموم ألفاظمما جديممدة تحمممل‬
‫معاني جديدة فهذا معناه اتساع عقلك وزيادة مسمماحة تفكيممرك ورفممع‬
‫درجة إبداعك‪ ،‬وأقولهمما وحقمما أقولهمما مممن أراد قمموة الممذاكرة وقمموة‬
‫التفكير فعليه بالحفظ التربوي للقرآن والسنة‪،‬ومن اختار المضي فممي‬
‫‪168‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫هذا الطريق فأمامه عمل واضح وكثير ل يبقي وقتا للهو واللعممب بممل‬
‫هو المتعة واللهو واللذة‪،‬قيل للشافعي ‪ :‬كيف شممهوتك للعلممم ؟ قممال ‪:‬‬
‫أسمع بالحرف –أي الكلمة‪ -‬مما لم أسمعه فتود أعضائي أن لها أسممماعا‬
‫تتنعم به ما تنعمت الذنان)‪(1‬‬

‫وقال أيضا‪:‬‬
‫مممممممن وصل غانية‬ ‫سهري لتنقيح العمممممملوم ألذ لي‬
‫وطيب عناق‬
‫أحمممممممملى من الدوكاء‬ ‫وصرير أقلمي على صفحاتها‬
‫والعشاق‬
‫نقممممري للقي‬ ‫وألذ ممممممن نقر الفتممممماة لممممدفها‬
‫الرمل عن أوراقي‬
‫في الدرس أشهى‬ ‫وتمايلي طممممممممربا لحممل عويصة‬
‫من مدامة ساق‬
‫نوممممممممما وتبغي‬ ‫وأبيت سهممممران المممدجى وتبيته‬
‫بعد ذاك لحاقي؟)‪(2‬‬

‫إيقاظ الهمة لطلب علم الكتاب والسنة عادل السعيدان ص ‪18‬‬


‫‪()1‬‬
‫ديوان الشافعي ص ‪63‬‬
‫‪()2‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪169‬‬

‫إن أفضل وسيلة لزيادة ثروتك اللغوية وفي المموقت نفسممه الممثروة‬
‫اليمانية هو تدبر القرآن وتممدبر السممنة هممذا هممو الطريممق الصممحيح‬
‫للبرمجة اللغوية النفسية للنسان فهل يصح بعد هذا البيممان أن يقممول‬
‫أحد كيف أقوي إيماني ؟ كيف أطور ذاتي وأغير ممن حمالي ؟ كيمف‬
‫أحل مشاكلي وأصلح أحوالي ؟‬

‫المفتاح السادس والعشرون ‪ :‬ذكر الله‬ ‫‪‬‬

‫ِسي‬
‫َت{ ] سورة الكهف ‪ -‬الية ‪ [ 24 :‬قال‬ ‫َ‬ ‫ِإ‬
‫َذا ن‬‫َك‬
‫ّب‬
‫َ‬‫َر‬
‫ْر‬
‫ك‬
‫ُ‬‫ْذ‬
‫َوا‬
‫قال ال تعالى ‪} :‬‬
‫ابن كثير‪" :‬ويحتمل في الية وجه آخر وهو أن يكون ال م تعممالى قممد‬
‫أرشد من نسي الشيء في كلممه إلمى ذكمر الم تعمالى لن النسميان‬
‫منشؤه الشيطان كما قال فتى موسى ‪ } :‬وما أنسممانيه إل الشمميطان أن‬
‫أذكره { وذكر ال تعالى يطرد الشيطان فممإذا ذهممب الشمميطان ذهممب‬
‫النسيان فذكر ال تعالى سبب للذكر "اهم)‪(1‬‬

‫فذكر ال تعالى أهم مفتاح من مفاتيح الذاكرة ‪،‬فمن كان ذاكرا‬


‫ل تعالى بلسانه وقلبه فهو بعيد كل البعد عن النسيان‪.‬‬
‫وقد سبق في مفتاح حسن الظن بال بيان أهمية تعلق بالقلب بال‬
‫تعالى واعتماده عليه سبحانه ورجاء رحمته وفضله ‪.‬‬

‫] جزء ‪ - 3‬صفحة ‪[ 108‬‬ ‫تفسير ابن كثير‬


‫‪()1‬‬
‫‪170‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫المفتاح السابع والعشرون ‪ :‬الستعاذة‬ ‫‪‬‬

‫أي الستعاذة بال العظيم من الشيطان الرجيممم فهممو مممن مفاتيممح‬


‫الذاكرة العظيمة التي ل غنى للنسان عنها أبدا مهممما كممان قممال الم‬
‫تعالى ‪ } :‬وإما ينسينك الشيطان فل تقعممد بعممد الممذكرى مممع القمموم‬
‫الظالمين { وقال ال تعالى مخبرا عن فتى موسى ‪ } :‬وما أنسممانيه إل‬
‫الشيطان أن أذكره { وقال ال تعالى ‪ } :‬فأنساه الشيطان ذكممر ربممه‬
‫فلبث في السجن بضع سنين { ‪.‬‬
‫ل يشك مسلم في العلقة القوية جدا بين النسيان وبيممن الشمميطان‪،‬‬
‫ِه‬‫َل م‬
‫ّ‬‫َل ال‬‫ُسممو‬ ‫َر‬‫َن‬‫ّ‬‫َة رضي ال م عنممه أ‬
‫َ‬ ‫َر‬‫ْي‬
‫َر‬‫ُه‬ ‫ِبي‬ ‫َ‬‫ْن أ‬ ‫َع‬ ‫أخرج البخاري ومسلم‬
‫َتى‬‫ّ‬ ‫َح‬ ‫ٌط‬ ‫َرا‬‫ض‬‫ُ‬ ‫ُه‬‫َل‬ ‫ُن‬‫َطا‬ ‫َش‬
‫ْي‬‫ّ‬‫َر ال‬‫ْدب‬
‫َ‬ ‫ِن أ‬
‫َ‬ ‫َذا‬‫ِبال‬
‫َ‬ ‫َي‬ ‫ِد‬
‫ُنو‬ ‫َذا‬‫ِإ‬‫َل‬‫َقا‬‫َم‬‫َل‬
‫َس‬
‫ّ‬ ‫َو‬ ‫ِه‬
‫ْي‬‫َل‬
‫َع‬‫ُه‬‫َل‬
‫َلى ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬‫َص‬
‫ِ‬
‫َي‬‫ِض م‬ ‫ُق‬ ‫َذا‬ ‫ِإ‬
‫َم‬
‫َر ف‬ ‫َم‬
‫ْدب‬‫َأ‬ ‫ِب‬
‫َهمما‬ ‫َب‬ ‫ّو‬‫ُث م‬ ‫َذا‬‫ِإ‬
‫َم‬‫َل ف‬‫ْقب‬
‫َ‬ ‫ُن أ‬
‫َ‬ ‫َذا‬‫َ‬‫َي ال‬ ‫ِض‬ ‫ُق‬ ‫ِإ‬
‫َذا‬ ‫َن ف‬
‫َ‬ ‫َذا‬‫َع ال‬
‫َ‬ ‫َم‬‫ْس‬
‫َي‬ ‫ل‬
‫َذا‬‫كم‬ ‫َ‬ ‫ْر‬ ‫كم‬‫ُ‬ ‫ْذ‬
‫َذا ا‬ ‫كم‬‫َ‬ ‫ْر‬‫ك‬
‫ُ‬ ‫ْذ‬
‫ُل ا‬ ‫ُقو‬‫َي‬ ‫ِه‬‫ِس‬‫ْف‬
‫َون‬
‫َ‬ ‫ِء‬‫ْر‬ ‫َم‬‫ْل‬‫َن ا‬‫ْي‬
‫ُر ب‬
‫َ‬ ‫ُط‬ ‫ْخ‬‫َي‬ ‫َل‬‫ْقب‬
‫َ‬ ‫ُب أ‬
‫َ‬ ‫َتث‬
‫ِوي‬ ‫ّ‬‫ال‬
‫ِر‬‫ْد‬
‫َي م‬
‫ْم‬
‫َل م‬ ‫ِإ‬
‫َذا‬ ‫َلى ف‬
‫َم‬ ‫َص‬
‫ّ‬ ‫ْم‬
‫ك‬‫َ‬ ‫ِري‬‫ْد‬‫َي‬ ‫ِإ‬
‫ْن‬ ‫ُل‬‫ُج‬ ‫َر‬
‫ّ‬‫َل ال‬
‫ّ‬
‫َظ‬‫َي‬‫َتى‬
‫ّ‬‫َح‬ ‫ُر‬
‫ك‬‫ُ‬‫ْذ‬
‫َي‬‫ْن‬
‫ُك‬
‫َي‬‫ْم‬
‫َل‬ ‫ِل‬
‫َما‬
‫ٌس )‪ (1‬فهممذه طريقممة‬‫ِل‬
‫َجمما‬‫َو‬‫ُه م‬
‫َو‬‫ِن‬‫ْي‬‫َت‬
‫َد‬‫ْج‬ ‫َس‬‫ْد‬
‫ُج‬‫ْس‬‫َي‬
‫ْل‬‫َلى ف‬
‫َ‬ ‫َص‬
‫ّ‬ ‫ْم‬
‫ك‬‫َ‬ ‫ْم‬
‫ك‬‫ُ‬‫ُد‬‫َح‬‫أ‬
‫َ‬
‫الشيطان في إضعاف ذاكرة النسان إنها تتلخممص فممي إشممغال تفكيممره‬

‫صحيح البخاري ‪) -‬ج ‪ / 2‬ص ‪ (471‬وصحيح مسلم ‪) -‬ج ‪ / 3‬ص ‪(200‬‬


‫‪()1‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪171‬‬

‫بأمور تصرفه عما يريد وتنسيه ما ينفعه وتذكره بما يضممره أو علممى‬
‫القل بما ل ينفعه ‪.‬‬
‫فالشيطان يعمل علمى محمورين ينسميك مصمالحك ويمذكرك مما‬
‫يضرك فكيده قائم على هذين المحورين على مدار الساعة يلهيك بممأي‬
‫طريقة ليس له نظام محدد أو طريق واحدة بل هدفه الوحيد أن يشتت‬
‫تفكيرك ويعيقك عن كل شيء ينفعك والعلج والحمد ل تعالى سممهل‬
‫ميسور إنه في التصال بمصدر القوة في هذا العالم إنه في اللجوء إلممى‬
‫الملك القدير القوي العزيز فهو الكفيل بصد أذاه عنك‪.‬‬
‫والمتأمل في أذكار وأدعية اليوم والليلة يجد مشروعية الستعاذة‬
‫عند كل انتقال من مكان إلى مكان‪،‬من وقت إلى وقت‪،‬ومممن حممال إلممى‬
‫حال‪ ،‬وتطبيق هذه الذكار والدعيممة يفيممد جممدا فممي قمموة الممذاكرة‪،‬‬
‫ويعصم من النسيان الذي يضر بالنسان في أمور دينه أو دنياه‪.‬‬

‫المفتاح الثامن والعشرون ‪ :‬التسميع‬ ‫‪‬‬

‫التسميع نوعان تسميع ذاتي وتسميع على الغير ‪ ،‬وهو مهم جدا فممي‬
‫تثبيت الحفظ‪،‬والتسميع على الغيممر يفمموق التسممميع الممذاتي بممدرجات‬
‫كممبيرة‪ ،‬ومممن منهممج التسممميع‪ :‬التصممحيح الفمموري أو التصممحيح‬
‫المتراخي‪،‬الول‪ :‬يفيد جدا في جعل الطممالب يتأكممد مممن حفظممه قبممل‬
‫‪172‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫مجيئه ويوفر الوقت‪ ،‬والثاني‪ :‬يفيد في ترسيخ بعض نممواقص الحفممظ‬


‫حيث يعطى فرصة للتذكر والمحاولة‪.‬‬
‫وأيضا من يقوم بالتسميع لغيره حفظا يستفيد من هذا المفتاح فممي‬
‫ترسيخ حفظه ‪ ،‬فالتسميع يعتبر مدارسة للحفظ‪ ،‬ويمكن تنظيمممه بيممن‬
‫الحممافظين بطممرق وأشممكال مختلفممة تحقممق ثباتمما للحفممظ وحماسمما‬
‫للمراجعة وتنافسا في الضبط والتقان‪.‬‬
‫ومن تطبيقات التسممميع السممتماع إلممى الشممرطة المسممجلة بنيممة‬
‫التسميع للقارئ‪ ،‬أي تستمع إلى التسجيل وتمثل أنك مطالب بالتصحيح‬
‫له متى أخطأ فتمثيل هممذا الهممدف عنممد السممتماع للشممرطة يجعلممك‬
‫متحفزا ومتيقظا ومدققا في الستماع للقممراءة‪ ،‬ومثممل هممذا السممتماع‬
‫يفيد جدا في كشف أخطائك ‪.‬‬

‫المفتاح التاسع والعشرون ‪ :‬نشاط البدن‬ ‫‪‬‬

‫العلقة بين النفس والبدن وتأثر أحدهما بالخر أوضح من أن تبين‬


‫إذ يلحظ هذا المر على نفسه كممل إنسممان‪ ،‬فسمملمة البممدن وعممافيته‬
‫وأخذه لراحته من أهم القوانين التي يحتاج مراعاتهمما للحفممظ وعليممه‬
‫فيجب أن يختار لحفظ القرآن الكريم أجود هذه الوقات وأصفاها‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬مفاتيح الذاكرة‬
‫‪173‬‬

‫المفتاح الثلثون ‪ :‬الصيام‬ ‫‪‬‬

‫ليس هناك طعام محدد يقوي الحفظ وآخر يؤدي إلى النسمميان بممل‬
‫القاعدة في هذا هي الصيام على هدي النبي عليه الصمملة والسمملم مممع‬
‫مراعاة اجتناب كل طعام فاسد والحرص على الطعمة التي لم يصمملها‬
‫الفساد الصناعي ياي شكل أو لون فمتى استطعت أن تحافظ على قلبممك‬
‫من سموم الطعمة تكون قمت بتقوية ذاكرتك‪.‬‬
‫لحظممت معظممم المشمماهير مممن خلل سمميرهم الذاتيممة أو المقممابلت‬
‫العلمية معهم أو السماع عن حياتهم أنهم يكتفممون بأقممل القليممل مممن‬
‫الطعام وهذا متواتر على مر العصور واقرأ سير علمائنا وما نقل عنهم‬
‫من التحذير من كثرة الطعام وأنها ل تجتمع مع النجمماح فممي الحيمماة‬
‫أبدا واقرأ أيضا ما قاله الطباء مممن القممدامى والمعاصممرين فممي هممذه‬
‫القضية المهمة)‪(1‬‬

‫المفتللاح الحللادي والثلثللون ‪ :‬تللدريب وتمريللن‬ ‫‪‬‬


‫ورياضة‬

‫هذا المفتاح يعني تقوية القلب وتمرينممه علممى الحفممظ والتممذكر‬


‫المستمر بحيث ل ينقطع عن الحفظ أبدا بل يوميا تحفممظ ولممو كممان‬

‫وأحيل هنا على ما كتبته في مفاتح تدبر القرآن في ملحق الصيام‬


‫‪()1‬‬
‫‪174‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسـان‬

‫قليل فهذا مما يحمافظ علمى لياقمة القلمب ويجعلمه مسمتعدا للحفمظ‬
‫باستمرار‪.‬‬
‫كل نشاط ذهني تقمموم بممه يعتممبر تممدريبا للممذاكرة ورفعمما مممن‬
‫مستواها وترقية لها وفي مقدمة ذلك يأتي تطبيق مفاتح تدبر القممرآن‬
‫العشرة فهي بحق تعتبر من أقوى التمارين لتقوية الذاكرة ذلك لنهمما‬
‫تعالج القلب وتصلحه ومتى صلح القلب قويت الذاكرة وقوي الحفظ ‪.‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫‪175‬‬

‫المقدمة‪5...........................................................................‬‬
‫المبحث الول ‪ :‬مفهوم الحفظ التربوي‪8.....................................‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الحفظ التربوي للقرآن ‪8......................‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬محترزات التعريف‪9........................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬صناعة النسان‪11.............................................‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف صناعة النسان‪11..................................‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬منهج صناعة النسان‪12....................................‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬العلقة بين صناعة النسان والشيطان‪24..............:‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬من يقوم بصناعة النسان والحياة؟‪26..................‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬صناعة النسان بين الحفظ والفهم‪28................‬‬
‫المسألة السادسة ‪ :‬مشروعنا الحضاري‪34...................................‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬حفظ ألفاظ القرآن الكريم‪40.............................‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬نظام الحفظ السبوعي التفصيلي‪40....................‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬نظام الحفظ السبوعي العام‪46..........................‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬تحزيب القرآن بالسور‪55..................................‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬لماذا الحفظ السبوعي‪59................................‬‬
‫المسألة ‪ :‬الخامسة ‪ :‬الحفظ السبوعي في الدورات المكثفة‪62..........‬‬
‫المسألة السادسة ‪ :‬حفظ القرآن في مدارس تحفيظ القرآن‪66........:‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسان‬
‫‪176‬‬

‫المسألة السابعة ‪ :‬تدريس القراءات في مدارس تحفيظ القرآن‪68.....:‬‬


‫المبحث الرابع ‪ :‬حفظ معاني القرآن الكريم‪73.............................‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬نظام حفظ المعاني‪73......................................‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬أيهما أولى حفظ القرآن أم تدبره ؟‪80.................‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬التكرار التربوي‪83.........................................‬‬
‫المبحث الخامس ‪ :‬حفظ العمل بالقرآن الكريم‪87..........................‬‬
‫المبحث السادس ‪ :‬مفاتيح حفظ القرآن الكريم‪95..........................‬‬
‫المفتاح الول ‪ :‬حدد‪95.........................................................‬‬
‫الداة الولى ‪ :‬كم‪97.....................................................‬‬
‫الداة الثانية ‪ :‬متى‪98.....................................................‬‬
‫الداة الثالثة ‪ :‬أين‪100...................................................‬‬
‫الداة الرابعة ‪ :‬ماذا‪100..................................................‬‬
‫الداة الخامسة ‪ :‬لماذا‪101...............................................‬‬
‫الداة السادسة ‪ :‬كيف‪102...............................................‬‬
‫ِ‬
‫ّدث(‪102....................................................‬‬
‫َح‬‫المفتاح الثاني ‪) :‬‬
‫ِ‬
‫ْل‪104.....................................................‬‬
‫ك‬‫ّ‬‫َو‬ ‫المفتاح الثالث ‪:‬‬
‫المفتاح الرابع ‪ :‬ركز‪106.....................................................‬‬
‫المفتاح الخامس عقب‪108......................................................‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫‪177‬‬

‫المفتاح السادس ‪ :‬يسر‪115.....................................................‬‬


‫المفتاح السابع ‪ :‬نفذ‪119.......................................................‬‬
‫المبحث السابع ‪ :‬مفاتيح الذاكرة‪120........................................‬‬
‫مقدمة‪120........................................................................‬‬
‫المفتاح الول ‪ :‬التكرار‪132....................................................‬‬
‫المفتاح الثاني الحب‪134.......................................................‬‬
‫المفتاح الثالث ‪ :‬الربط‪134....................................................‬‬
‫المفتاح الرابع ‪ :‬التركيز‪141.................................................‬‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬النية‪145...................................................‬‬
‫المفتاح السادس ‪ :‬الجهر والتغني‪146........................................‬‬
‫المفتاح السابع ‪ :‬الناة وعدم الستعجال‪148................................‬‬
‫المفتاح الثامن ‪ :‬حسن الظن بال واليقين‪148..............................‬‬
‫المفتاح التاسع ‪ :‬أدومه وإن قل‪149..........................................‬‬
‫المفتاح العاشر ‪ :‬الترتيب‪150.................................................‬‬
‫المفتاح الحادي عشر ‪ :‬التحدي‪152..........................................‬‬
‫المفتاح الثاني عشر ‪ :‬الرسم‪152..............................................‬‬
‫المفتاح الثالث عشر ‪ :‬العلم والعلن واللقاء‪153.......................‬‬
‫المفتاح الرابع عشر ‪ :‬التصوير‪154..........................................‬‬
‫الحفظ التربوي للقرآن وصناعة النسان‬
‫‪178‬‬

‫المفتاح الخامس عشر ‪ :‬المذاكرة‪156.....................................‬‬


‫المفتاح السادس عشر ‪ :‬النوم‪157.............................................‬‬
‫المفتاح السابع عشر ‪ :‬التنفس ‪158...........................................‬‬
‫المفتاح الثامن عشر ‪ :‬اتخاذ القرار‪160......................................‬‬
‫المفتاح التاسع عشر ‪ :‬الفهم‪161..............................................‬‬
‫المفتاح العشرون ‪ :‬التبكير والمبادرة‪161...................................‬‬
‫المفتاح الحادي والعشرون ‪ :‬التقسيم ‪163..................................‬‬
‫المفتاح الثاني و العشرون ‪ :‬المكان )ل صوت ول صورة(‪164...........‬‬
‫المفتاح الثالث والعشرون ‪ :‬التلخيص‪165..................................‬‬
‫المفتاح الرابع والعشرون ‪ :‬الزمان‪165......................................‬‬
‫المفتاح الخامس والعشرون ‪ :‬اللغة )الثروة اللغوية(‪167...............‬‬
‫المفتاح السادس والعشرون ‪ :‬ذكر ال‪169.................................‬‬
‫المفتاح السابع والعشرون ‪ :‬الستعاذة‪170..................................‬‬
‫المفتاح الثامن والعشرون ‪ :‬التسميع‪171...................................‬‬
‫المفتاح التاسع والعشرون ‪ :‬نشاط البدن‪172..............................‬‬
‫المفتاح الثلثون ‪ :‬الصيام‪173................................................‬‬
‫المفتاح الحادي والثلثون ‪ :‬تدريب وتمرين ورياضة‪173................‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫‪179‬‬

‫للحصول على الكتاب في ‪:‬‬


‫مكة المكرمة ‪ :‬مكتبة السدي ‪025570506‬‬
‫المدينة المنورة ‪ :‬مكتبة الخضيري ‪048374999‬‬
‫شمال الرياض ‪ :‬بيت القرآن ‪012053433‬‬
‫جنوب الرياض ‪ :‬مكتبة الصميعي ‪014251459‬‬
‫شرق الرياض ‪ :‬مكتبة التدمرية ‪014924706‬‬
‫جده ‪ :‬دار المحمدي ‪0505645507‬‬
‫الطائف ‪ :‬مكتبة الصديق ‪ ،027323337‬مكتبة المؤيد ‪027321851‬‬
‫الدمام ‪ :‬مكتبة ابن الجوزي ‪038412100‬‬
‫الخبر ‪ :‬دار الهجرة ‪038653920‬‬
‫بريده ‪ :‬مكتبممة التدمريممة ‪ ، 063262262 :‬مكتبممة أصممداء المجتمممع‬
‫‪063236277‬‬
‫عنيزه ‪ :‬مكتبة المة ‪063621039‬‬
‫الكويت‪ :‬تسجيلت أحد السلمية‪:‬هاتف ‪ ، 4711071‬نقال ‪6819735:‬‬
‫البحريممممن ‪ :‬مكتبممممة الرقممممم‪ 0097317342400 :‬جمممموال‬
‫‪0097339247759‬‬
‫المارات )دبي( ‪ :‬مكتبة البخاري ‪0097142977766‬‬

You might also like