Professional Documents
Culture Documents
1
لمَـانـي دَهْـرَا عنِينَا بِا َ
فَقَد ُ شعْـرى ع ال َّأ ْقصَى أَما ِنيّ طُلُو ُ
سعْـرَا وَماءُ هذَا ال َوجْ ِه أَغْلى ِ حرّ أَعْلـى قَـدْرا وَكانَ هذَا ال ُ
فِي دَارِ دَارَا وَإِوَانِ ِكسْـرى سرّا ِقبَابا خُـضْـرَا ض َربْتُ لِل ّ َ
عنْدي ُن ْكرَا ع ْرفُ ال َعيْشِ ِ َوعَادَ ُ ب الدّ ْهرُ ِل َبطْنٍ ظَـهْـرا فَانْقَلَ َ
ُثمّ إِلى الـيَ ْومِ هَـلُـمّ جَـرّا ل ِذكْـرَا َلمْ ُي ْبقِ مِنْ َوفْـرِى ِإ ّ
جبَالِ بُـصْـرَى وََأ ْفرُخٌ دونَ ِ عجُوزٌ لِي ِبسُـرّ مَـنْ رَا َلوْل َ
َقتَلْتَ يَا سَادَ ُة نَفْسي صَـبْـرَا قَ ْد جَلَبَ الدّ ْهرُ عََل ْيهِـمْ ضُـرّا
جعَلْتُ َأنْفيهِ وَُأثْبتُهُ ،وََأ ْن ِكرُهُ َو َكَأنّيعنّا فَرَاحََ .ف َ عرَضَ َ ن ِهشَامٍ ،فَانَ ْلتُ ُه مَا تَاحَ .وََأ ْ قَالَ عِيسَى بْ ُ
خشْفاَ ،ووَافانا جِلْفا، ن فَارَ َقنَا ِ س َك ْندَريّ وَاللّهِ ،فَ َقدْ كَا َ
لْ ع ِرفُهُُ ،ثمّ دَّل ْتنِي عَلَي ِه َثنَاياهُ ،فَقُلْتُ :ا ِ
أَ ْ
صرِهَِ ،وقُلْتُ :أََلسْتَ َأبَا ال َفتْحِ? أََلمْ ُن َربّكَ فِينا وَلِيدا وََل ِبثْتَ خ ْ َو َنهَضْتُ عَلى إِثرِهَِ ،ثمّ َق َبضْتُ عَلَى َ
حكَ إِليّ َوقَالَ: ضِن رَا? فَ َ سرّ مَ ْ عجُو ِز َلكَ ِب ُ سنِينَ? َفَأيّ َ ع ُم ِركَ ِ فِينا مِنْ ُ
فَلَا َيغُ ّر ّنكَ الـغُـرُورُ حكَ هذَا ال ّزمَان زُورُ َو ْي َ
ُدرْ بِالّليَالِي َكمَا َتدُورُ. لَ تَ ْل َت ِزمْ حَالَةً ،وَلكِـنْ
المَقَامَ ُة الَزَاذِيّةِ
ل ْب ِتيَاعِهِ،
عهِ ِ
عتَامُ مِنْ َأنْوا ِ لزَاذَِ ،فخَ َرجْتُ َأ ْ تاَ ن ِهشَامٍ قَالَُ :كنْتُ ِب َب ْغذَاذَ َوقْ َ ح ّد َثنَا عِيسَى بْ َُ
ع الرّطَبِ َوصَفّ َفهَا، جمَعَ َأنْوَا َصنّ َفهَا َو َصنَافَ ال َفوَاكِهِ َو َ خذَ َأ ْ غ ْيرَ َبعِيدٍ إلى َرجُلٍ َقدْ َأ َ سرْتُ َ فَ ِ
لزَارِ، شيَ ا ِ ج َمعْتُ حَوَا ِ ن َ ج َودَهَُ ،فحِي َ ن كُلِ نَوعٍ َأ ْ حسَنَهَُ ،وقَ َرضْتُ مِ ْ ن ُكلِ شَي ٍء َأ ْ فَ َق َبضْتُ مِ ْ
سطَ َيدَهُسدَهُ ،و َب َ جَ حيَاءًَ ،و َنصَبَ َ ع ْينَايَ َرجُلً َقدْ َلفّ رَ ْأسَهُ ِب ُب ْرقُعٍ َ خذَتْ َ ك الَ ْوزَارِ َأ َ عَلى تِ ْل َ
ص ْدرِهِ ،وَا ْلحَرضَ فِي ض َعفَ فِي َ ت َيدْفَعُ ال ّ ل ِبصَوْ ٍ ع َياَلهَُ ،و َتَأّبطَ َأطْفَالَهُ ،وَهُ َو يَقُو ُ ح َتضَنَ ِ وَا ْ
ظهْرِهِ:
َ
ضرَبُ بالدّقِيقِ حمَةٍ ُت ْ شْ أ ْو َ َويْلِي عَلَى َكفّينِ ِمنْ سَويقِ
عنّا سَطَواتِ الـرّيقِ يَ ْف َتأُ َ خرْدِيقِ ن ِ صعَ ٍة ُتمْلُ مِ ْ أَ ْو قَ ْ
يَارَازِقَ ال ّثرْ َوةِ َب ْعدَ الضّيقِ ج الطَـرِيقِ عنْ َم ْنهَ ِيُقِي ُمنَا َ
عرِيقِ جدِهِ َ ذِي َنسَبٍ فِي َم ْ ف فتىً َلبِـيقِ سهّلْ عَلى كَ ّ َ
ن َيدِ ال ّترْنيقِ عيِشي مِ ْ ُينْ ِقذُ َ َيهْدي إَِليْنا َق َدمَ التّـوْفـيقِ
خذَةً َونُ ْلتُ ُه إِياهَا ،فَقَالَ:ن الكِيس َأ ْ خذْتُ مِ َ قالَ عِيسى ْبنُ هِشامِ :فَأ َ
سرّهِحسْنِ ِ ض إِلى الِ ِب ُ َأفْ ِ ل بِـرّهِ جمِـي ِ عنَانِي ِب َ يَا مَنْ َ
ن ل طَاقَةَ لِي ِبشُ ْكرِهِ ِإنْ كا َ جمِيلَ ستْـرِهِ س َتحْفظِ ال َ وَا ْ
عنْ ل فَُا ْبرُزْ لِي َ ن فِي الكيسِ َفضْ ً ت لَهُ :إِ ّ ن ِهشَامٍ :فَقُلْ ُ فَالُ َربّي مِنْ َورَائي َأجْرِ ِه قَالَ عِيسى بْ ُ
حكَلسْكَندريّ ،فَقُلْتَُ :و ْي َ حاِ خنَا َأبُو ال َفتْ ِش ْي ُ ط ِلثَامَهَُ ،فِإذَا وَالِ َ ن آخِرِهَِ ،فَأمَا َ خرُجْ إَِل ْيكَ عَ ْط ِنكَ َأ ْ
بَا ِ
َأيّ دَا ِهيَ ٍة َأنْتَ? فَقَالَ:
عَلَى النّاسِ َو َتمْويهَا فَقَضّ ال ُع ْمرَ َتشْبيهَا
حكِيهَا
ل َفأَ ْعَلَى حَا ٍ ليّامَ ل َتبْقَـى َأرَى ا َ
? َويَوْما شِ ّرتِي فِيهَا شرّهَـا فِـيّ َفيَوْما َ
الْ َمقَامَ ُة الْبَُلخِيّةُ
شبَابِ َوبَالِ خ ِتجَارَ ُة ا ْل َبزّ فَ َو َردْ ُنهَا وََأنَا ِب ُعذْرَ ِة ال ّ
ح ّدثَنَا عِيسى بْنُ ِهشَامٍ قَالََ :ن َهضَتْ بِي إِلى بَل َ َ
س َت ْأذَنَ
ستَقِيدُهَاَ ،أوْ شَر ُو ٌد مِنَ ا ْلكَِلمِ َأصِيدُهَاَ ،فمَا ا ْ ال َفرَاغِ َوحِ ْليَ ِة ال ّثرْوَةِ ،ل ُي ِه ّمنِي ِإلّ ُم ْهرَ ُة ِفكْرٍ َأ ْ
حنَى الْفِراقُ ِبنَاقَ ْوسَ ُه أَو كَادَ َدخَلَ عَليّ ن كَلِمي ،وَلمّا َ س ْمعِي َمسَافَ ًة مُ َقاِمي??َ ،أ ْفصَحُ مِ ْ عَلَى َ
ب مَاءَ الرّافِ َديْنِ ،وَلَ ِق َينِي مِنَ عيْنَِ ،وطَرفٍ قْد شَرِ َ خدَ َلْي مِلءِ ال َعيْنِ ،وَ ْلحَي ٍة َتشُوكُ ا َ شَابّ في زَ ّ
2
خصَبَ ظعْنا ُترِيدُ? فَقُلْتُِ :إيْ وَالِ ،فَقَالََ :أ ْ الْبرّ فِي السّناءِِ ،بمَا ِز ْدتُهُ فِي الثّناءُِ ،ثمّ قَالََ :أ َ
غدٍ ،فَقَالَ:
غدَاةَ َ ع َزمْتَ? فَقُلْتَُ : ل ضَلّ قَا ِئ ُدكََ ،ف َمتَى َ رَائِ ُدكََ ،و َ
ط ْيرُ الفِراقِ َوطَيرُ ال َوصْلِ ل َ ح انطِـلقٍ صبْ ُ ح الِ ل ُ صبَا ُ
َ
ضيْتَ ال َوطَرََ ،ف َمتَى ال َع ْودُ? قُلْتُ :القَابِلَ، ن تُريدُ? قُلْتُ :ال َوطَنَ ،فَقَالَ:بُّلغْت ال َوطَنََ ،وقَ َ فأَيْ َ
ث َأرَدْتَ ،فَقَالَِ :إذَا حيْ ُ
ن ال َكرَمِ? فَقُلْتُِ :ب َ ت مِ َ فَقَالَ :طَ َويْتُ ال ّر ْيطََ ،و َث َنيْتَ الْخ ْيطََ ،فَأيْنَ َأنْ َ
ن نِجار الصّفْرِ، عدُوّا في ُب ْردَ ِة صَديقٍ ،مِ ْ صحِبْ لي َ ل سَالِما ِمنْ َهذَا الطّريقِ ،فَاسْ َت ْ َأ ْرجَ َعكَ ا ُ
ج َهيْنِ.
ل ال ّديْنَِ ،ويُنافِقُ ِب َو ْ
حطّ ثِقَ ََيدْعُو إِلى الكُ ْفرَِ ،و َي ْرقُصُ عَلَى الظّفرَِ ،كدَارَةِ ال َعيْنَِ ،ي ُ
ك ذلِك نَقْداَ ،و ِمثْلُهُ َوعْداَ ،فَأنْشأَ يَقُولُ: ت َأنّ ُه يَ ْل َتمِسُ دِينارا ،فَقُلْتَُ :ل َ
ن ِهشَامٍَ :فعَلِمْ ُ قَالَ عِيسى بْ ُ
ل زِلْتَ لِل َم ْك ُرمَاتِ أَهْـل طبْتُ َأعْـلَـى خَ رَأ ُيكَ ِممّا َ
طبْتَ َأصْل َوفُقْتَ َفرْعاَ ،و ِ ت جُودا صَُلبْتَ عُوداَ ،و ُدمْ َ
ل ثِـقْـل وَل أُطيقُ السّؤَا َ حمْـلً ستَطيعُ ال َعطَاءَ َ ل َأ ْ
ظ َننْتُ ِفعْـل عمّا َ َوطُلْتَ َ ك ظَنّـا ن ُم ْن َتهَا َ َقصُرْتُ عَ ْ
قَالَ عِيسَى بْنُ ل لَ ِقىَ الدّ ْهرُ ِم ْنكَ ُثكْـل جمَةَ الدّهْر وال َمعَالـي يا ُر ْ
ي الشّرفُ فِي ِهشَامَ :فنُ ْلتُ ُه الدّينَارََ ،وقُلتُ :أَينَ َم ْنبِتُ هَذا ال َفضْلِ? فَقَالََ :ن َم ْتنِي ُقرَيشٌ َو ُم ّهدَ ِل َ
س َكنْدَريِ? أََلمْ َأ َركَ بِا ْلعِراقَِ ،تطُوفُ فِي لْحاْحضَرَ :أََلسْتَ ِبَأبِي الْ َفتْ ِ ن َ ض مَ ْ
حهَا ،فَقالَ َبعْ َُبطَا ِئ ِ
شأَ يَقُولُ: لسْواقُِ ،م َكدّيا بِالَ ْورَاقِ? َفَأنْ ِ اَ
خذُوا ا ْل ُع ْمرَ خَلِيطا َأ َ ن لـلـهِ عَـبِـيدَا إِ ّ
الْ َمقَامَةُ باَ ،و ُيضْحُونَ َنبِيطا ن أَعْـرَا
َف ُهمُ ُي ْمسُو َ
سجِسْتَانّيةُ
ال ّ
ن ِهشَامٍ قَالَ:
ح َد َثنَا عِيسَى بْ ُ
َ
جعَ ْلتُهُ
خرْتُ ال فِي ال َع ْزمِ َ س َت َ
ط ّيتَهُ ،وَا ْ
طيْتُ َم ِ ط َيتّهُ ،وَا ْم َت َن َأرَبٌ ،فَاقْ َت َعدْتُ ِ ستَا َ
سجِ ْ حَدا بِي إِلى ِ
غرُو َبهَا، شمْسُ ُ ت ال ّت دُرُو َبهَا َو َقدْ وَافَ ِ حتّى َهدَانِي إَِل ْيهَا ،فَوَا َفيْ ُ جعَ ْلتُ ُه ِإمَامِي َ ح ْزمِ َ َأمَامِي ،وَا ْل َ
ضيْتُ إِلى جيْشُ ا ْل ِمصْبَاحَِ ،م َ صبَاحَِ ،و َبرَ َز َ ث ا ْن َتهَيْتُ ،فََلمّا ا ْنتُضيَ َنصْلُ ال ّ حيْ ُ
وَاتّ َفقَ ال َمبِيتُ َ
ط ِتهَا، سَ ن قِلدَةِ السّوقِ إِلى وَا ِ ن دَائِرَ ُة ا ْلبََلدِ إِلَى ُن ْقطَ ِتهَاَ ،ومِ ْ ن ا ْن َت َهيْتُ مِ ْ ختَارُ َمنْ ِزلًَ ،فحِي َ السّوقِ َأ ْ
ع ْندَهُ ،فَإذَا رَجُلٌ عَلى حتّى َوقَفْتُ ِ ع ْرقٍ َمعْنىً ،فَا ْن َتحَيْتُ َو ْفدَ ُه َ ن كُلّ ِ ت لَ ُه مِ ْ س ْمعِي صَوْ ٌ خرَقَ َ َ
ع َرفَنيَ ،و َمنْ َلمْ َي ْعرِفني فأَنا عرَفَني فَ َقدْ َ لنِي قَذَالَهُ ،وَهُ َو يَقُولَُ :منْ َ فَ َرسِهِ ،مُخ َتنِقٌ ِبنَفسِهَِ ،قدْ و ّ
ت الحِجالِ، عيّةُ الرّجالِ ،وَُأحْجيّ ُة َربّا ِ حدُوث ُة ال ّزمَنِ َأنَا ُأدْ ِ عرّفُ ُه ِبنَفْسيَ :أنَا با كُورَةُ ال َي َمنِ وَُأ ْ ُأ َ
عيُو َنهَا ،والخيلَ حزُونَها ،وَالوْدية َو ُبطُونَها ،وَالبِحارَ َو ُ سَلُوا عنّي البِلدَ َوحُصُونَها ،وَالجِبالَ َو ُ
حرّ َتهَا? سَلُوا المُلوكَ ج َ س ْمتَهاَ ،ووَلَ َ ج َ سرَارَهَاَ ،و َنهَ َ ع َرفَ َأ ْ ن الذّي مََلكَ َأسْوَارَها ،وَ َ َو ُمتُونَها ،مَ ِ
خطُوبَ َومَغالِ َقهَا، لمُورَ َو َبوَاطِنَها ،وَالعُلُومَ َومَوَاطِنها ،وَال ُ لغْلقَ َومَعا ِدنَها ،وَا ُ خزَا ِئنَها ،وَا َ َو َ
ع َرفَ خ َت َزنَها ،وََلمْ ُي َؤدّ َث َم َنهَا? َو َمنِ الذّي مََلكَ مَفَا ِتحَها ،وَ َ خذَ ُم ْ ن الذّي َأ َ وَالحُروبَ َو َمضَايِ َقهَا ،مَ ِ
خطُوبِ السّودَِ ،أنَا ستَارَ ال ُت ذِلكََ ،وسَ َفرْتُ َبيْن المُلُوكِ الصّيدَِ ،و َكشْفُت َأ ْ َمصَاِلحَها? َأنَا وَالِ َفعَلْ ُ
صرْتُ ال ُغصُونَ حدَاقِ ،وَ َه َ لْ ضاَ حتّى ِلمَرَ ِ ت َ حتّى مَصا ِرعَ ال ُعشّاقَِ ،و َمرِضْ ُ ت َ شهِدْ ُ ل َ وَا ِ
عنْ طبْعِ ا ْل َكرِيمِ َن ال ّد ْنيَا ُنفُورَ َ ت مَعَ ذَِلكَ عَ ْ خدُودِ ا ْلمُ َورّداتَِ ،ونَ َفرْ ُ ج َت َنيْتُ َورْ َد ا ْل ُ النّاعِماتِ ،وََأ ْ
صبْحُ شنْيعِ ا ْلكَلمِ وَالنَ َلمّا َأسْ َفرَ ُ ن َ سمْعِ الشّريفِ عَ ْ ن ا ْل ُمخْزِياتِ ُن ُبوَ ال ّ ُوجُو ِه الّلئَامَِ ،و َنبَوتُ عَ ْ
طرِيقا أَ ْهدَى عدَادِ الزّادِ ،فََلمْ َأرَ َ ح َأ ْمرِ ا ْل َمعَادِ ،بإِ ْ ت لِصْل ِ ع َمدْ ُ ا ْل َمشِيبِ ،وَعََل ْتنِي ُأبَه ُة ا ْل ِكبَرَِ ،
ح ُد ُكمْ رَاكِبَ َفرَسٍ ،نَا ِثرَ هَوَسٍ ،يَقُولُ :هذاَ َأبُو ا ْل َعجَبِ ،لَ إِلى ال ّرشَادِ ِممّا َأنْا سَاِلكُهَُ ،يرَانِي َأ َ
صعْبا لقَِ : س ْي ُتهَا ،وََأخُو الْغْ َ س ُتهَا َوقَا َجاِئبِ ،عَا َي ْن ُتهَا وَعَا َن ْي ُتهَا ،وَُأمّ ا ْل َكبَائِ ِر قَا َي ْ وََل ّك ِنيَ َأبُو ا ْل َع َ
حبْت لهَا ا ْلمَواكِبَ، صِ ش َت َريْ ُتهَاَ ،و َرخِيصا ا ْب َت ْع ُتهَا ،فَ َقدْ والِ َ ض ْع ُتهَا ،وَغَالِيا ا ْ ج ْد ُتهَا ،وَهَوْنا َأ َ َو َ
3
ت إِلى َمكَارِ َه َن َذرْتُ َم َعهَا َألّ ضيْتَ ا ْلمَراكِبَ ،دُ ِفعْ ُ ت ا ْلكَواكِبَ ،وَأ ْن َ عيْ ُحمْتُ ا ْل َمنَاكِبََ ،ورَ ََوزَا َ
ع َناِق ُكمْ،
عنُقِي إِلَى أَ ْلمَانَة مِنْ ُ ل ُبدّ لِي َأنْ َأخْلَ َع ِربْقَةَ َه ِذهِ ا َ ن َمنَا ِف َعهَاَ ،و َعنِ ال ُمسِْلمِي َخرَ ََأ ّد ِ
ل َيَأنَفُ ِمنْ ن مَ ْو ِقفِ ا ْل َعبِيدِ ،و َ
ن لَ َيتَ َق ّززُ مِ ْ ض دَوائِي هَذا فِي َأسْوَا ِق ُكمْ ،فَ ْل َيشْ َترِ ِمنّي مَ ْ عرِ َ وَأَ ْ
جدُودُهَُ ،وسَقَى بِا ْلمَا ِء الطّا ِهرِ عُ ُودُهُ. جبَتْ ُ صنْهُ َمنْ َأ ْن َ
كَِلمَ ِة ا ْلتّوحِيدِ ،وَ ْل َي ُ
س َك ْندَ ِريّ،لْ ش ْيخُنَا َأبْو الْفتْحِ ا ِل َلعَْلمَ عِ ْلمَه َفِإذَا هُوَ وَا ِ جهِهِ َ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :ف ُدرْتُ إِلَى َو ْ
ظرْتُ َإجْفَالَ ال ّنعَامَ ِة َبيْنَ َي َديْهُِ ،ثمّ َت َع ّرضْتُ فَقُلْتَُ :كمْ ُيحِلّ دَوَا َءكَ َهذَا? فَقَالَُ :يحِلّ ا ْلكِيسُ وَا ْن َت َ
صرَفْتُ. شئْتََ ،فتَ َر ْكتُهُ وَا ْن َ مَا ِ
الْ َمقَامَ ُة الكُوفِيَةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ َُ
حتّى شَ ِربْتُ طرْفَي إِلَى كلّ غِوَا َيةٍَ ، عمَايَةٍ ،وََأ ْركُضُ ِ شدّ َرحْلِي ِلكُلّ َ ن َأ ُ
ُكنْتُ وََأنَا َف ِتىّ السّ ّ
ج َمعْتُ ح ال ّنهَارُ ِبجَانِبِ َليْلَىَ ،و َ ن الدّهْرِ سا ِبغَهُ ،فََلمّا ا ْنصَا َ ت مِ َ ن ال ُعمْرِ سَا ِئغَهُ ،وََل ِبسْ ُ مِ َ
ق َلمْ حبَني فِي الطّريقِ رَفي ٌ صِظهْرَ ال َمرُوضةِ ،لدا ِء المَ ْفرُوضَةَِ ،و َ لل َمعَادِ َذيْليَ ،وطِئتُ َ
عنْ أصْلٍ كُوفيَّ ،و َمذْهَبٍ خّبرْنا بحاَليْنا ،سَ َفرَتِ ال ِقصّةُ َ ن سُوءٍ ،فََلمّا تجَاَليْناَ ،و َ ُأ ْنكِرْ ُه مِ ْ
خضَرّ سرْنا فََلمّا َأحَّلتْنا الكُوفَ ُة مِلْنا إِلى دَارِهَِ ،ودَخ ْلنَاهَا َوقَدْ َبقَلَ َوجْ ُه ال ّنهَارِ وَا ْ صُو ِفيَّ ،و ِ
ن القا ِرعُ ال ُمنْتابُ? طرّ شَا ِربُهُُ ،قرِعَ عََليْنا البابُ ،فَقُلْنا :مَ ِ ن الّليْلِْ َو َ ض جَفْ ُ غ َتمَ َ جَا ِنبُهُ وَلّما ا ْ
ضيْفٌ ضرّ ،وال ّزمَنُ ال ُمرَّ ،و َ حرّ قَادَهُ ال ّ فقالََ :و ْفدُ الّليْلِ َوبَريدُهَُ ،وفَلّ الجُوعِ َوطَريدُهَُ ،و ُ
غرِيبٌ ب المَ ْرقُوعَِ ،و َ ستَ ْعدِى عَلى الجُوعِ ،وَالجْي ِ َوطْؤُ َه خَفيفٌَ ،وضَالّتُ ُه رَغيفٌَ ،وجَارٌ َي ْ
حصَيّاتَُ ،و ُك ِنسَتْ َب ْعدَهُ ت خَلْفَ ُه ال ُ ت النّارُ عَلى سَ َفرِهَِ ،و َنبَحَ ال َعوّاءُ عَلَى َأ َثرِهَِ ،و ُن ِبذَ ْ أَوقِدَ ِ
خيْهِ َمهَامِ ُه فِيحٌ. ن دُونِ َف ْر َ ع ْيشُهُ َتبْريحٌَ ،ومِ َ ال َعرَصاتَُ ،فنِضْ ُوهُ طَليحٌ َ ،و َ
ن كِيسي قَ ْبضَةَ الّليْثَِ ،و َب َع ْثتُها إِلَيهِ َوقُلْتُِ :زدْنا سُؤَالً، قَالَ عِيسى ْبنُ ِهشَامٍ :فَ َق َبضْتُ مِ ْ
حرّ ِمنْ نَارِ الجُودِ ،وَل لُ ِقيَ َو ْفدُ ال ِبرّ، ع ْرفُ العُودِ ،عَلى َأ َ عرِضَ َ َن ِز ْدكَ نَوَالً ،فَقَالَ :ما ُ
ن الِ وَالنّاسِ ،وََأمّا شكْرَِ ،و َمنْ مََلكَ ال َفضْلَ فَ ْليُؤَاسِ ،فَلَنْ َيذْهَبَ ال ُع ْرفُ َبيْ َ حسَنَ ِمنْ بَريدِ ال ّ بَأ ْ
جعَلَ ال َيدَ العُلْيا َلكَ. ق الُ آمَاَلكََ ،و َ ت َفحَقّ َ َأنْ َ
ش ْيخُنا َأبُو ال َف ْتحِ
ل َ ن هِشامٍ :فَ َف َتحْنا َل ُه البَابَ َوقُلْنا :ا ْدخُلَْ ،فإِذا هُوَ وَا ِ قَالَ عِيسى بْ ُ
سمَ سكَ ْندَريّ ،فَقُلْتُ :يا َأبَا ال َفتْح ،شَ ّد مَا بَلَغتْ ِم ْنكَ الخصَاصَةُ .وَهذَا ال ّزيّ خَاصّةٌ ،فَ َت َب ّ لْاِ
وََأنْشأَ يَقولُ:
َأنَا فيهِ ِمنَ الطّلَـبْ لَ َيغُـرّنَـكَ الـذِي
طرَبْ قّ َلهَا ُبرْدَ ُة ال ّ َأنَا فِي ثَـرْوَ ٍة تُـشَ
المَقَامَةُ ن الذَهَبْ تُ سُقُوفا مِ َ لتّـخَـذْ شئْتُ َ َأنَا َل ْو ِ
سدِيةُ
الَ َ
ن ِهشَامٍ قَالَ:
ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ
َ
لسْ َك ْندَريّ َومَقَالتِ ِه مَا َيصْغَى إَِل ْيهِ النّفُورَُ ،و َي ْنتَفِضُ َلهُ ال ُعصْفُورُ، تاِ ن َيبُْل ُغنِي ِمنْ مَقَامَا ِكا َ
سأَلُ
ن َأوْهَامِ ال َك َهنَةِ ِدقَةً ،وََأنَا َأ ْ ج بَأجْزَا ِء النّفْسِ رقّةًَ ،و َي ْغمُضُ عَ ْ ش ْعرِ ِه مَا َي ْمتَزِ ُ
َو َيرْوَي َلنَا مِنْ ِ
ب الدّ ْهرُحسْنِ آَل ِتهَِ ،و َقدْ ضَرَ َ ن ُقعُودِ ِه ّمتِ ِه ِبحَالَتِهِ ،مَ َع ُ حتْى ُأ ْرزَقَ ِلقَاءَهُ ،وََأ َت َعجّبُ مِ ْ ل بَقَاءَهَُ ، ا ُ
ت إِل َيهَا الحِرصَ ،فِي شحَذْ ُ حمْصَ َف َ ت ِليَ حَاجَ ٌة ِب ِ ن اتّفَقَ ْ جرّا ،إِلَى أَ ْ سدَادِ دُو َنهُ ،وَهَّلمَ َ شُؤُو َنهَِ ،بأَ ِ
س َتأْصِلُب َمسَا َفتَهَُ ،و َن ْ ق َن ْنتَهِ ُ طرِي َظهُورِ الخَيلِ ،وَأَخذْنَا ال َ حبَةِ َأ ْفرِادٍ َك ُنجُومِ اللّيلَِ ،أحْلسٍ ِل ُ صْ ُ
ن كَالْ ِقسِيَّ ،وتَاخَ جعْ َ صرْنَ كَا ْل ِعصِيَّ ،و َر َ حتّى ِ جيَادَِ ، س ِنمَةَ ال ّنجَادِ ِبتِ ْلكَ ا ْل ِ
شأْ َفتَهُ ،وََل ْم َنزَلْ نَ ْفرِي َأ ْ
ن ال َغدَائِرََ ،ومَالتِ س ِرحْنَ الضّفَا ِئرََ ،و َي ْنشُرْ َ جبَلٍ ذِي أَلءٍ وَأثْلٍ ،كَال َعذَارَى ُي ّ ح َ َلنَا وَادٍ فِي سَفْ ِ
لمْراسَِ ،ومِلنَا مَعَ الّنعَاسِ ،فَمَا لفْرَاسَ بِا َ طنَا ا َ الهَاجِرَ ُة ِبنَا إِل ْيهَاَ ،و َنزَ ْلنَا ُنغَ ّورُ َو َنغُورَُ ،ورَ َب ْ
4
حبْلِ جذُ قُوَى ال َ ح ِب َع ْينَيهَِ ،ي ّ طمَ َت إِلى فَ َرسِي َو َقدْ َأرْ َهفَ ُأ َذ َنيِهَِ ،و َ صهِيلُ الخَيلَِ ،و َنظَر ُ ل َ عنَا ِإ ّ رَا َ
حبَالَ، طعَتِ ال ِ ل ْبوَالََ ،و َق ّ خيْلُ َفَأرْسَلَتِ ا َ ط َربَتِ ال َ ض ِبحَوافرهُِ ،ث ّم اضْ َ خ ّد الَرْ ِ خدّ َ ِب َمشَا ِفرِهَِ ،و َي ُ
سبُعُ فِي َفرْوَ ِة المَوتَِ ،قدْ طَلَعَ ِمنْ ح ٍد ِمنّا إِلَى سِلحِهِ؛ فإِذَا ال ّ جبَالَِ ،وطَارَ كُلّ وَا ِ خذَتْ َنحْ َو ال ِ وََأ َ
ص ْدرٍ شىَ َأنَفَاَ ،و َ حِ طرْفٍ َقدْ مُِلئَ صَلَفا ،وََأ ْنفٍ َقدْ ُ عنْ َأ ْنيَابِهِِ ،ب َ غَابِهُِ ،م ْنتَفِخا فِي إِهَا ِبهِ ،كَاشِرا َ
سرْعَانِ ل َيسْ ُكنُ ُه الرّعْبَُ ،وقُ ْلنَا خطْبٌ مُِلمٌَ ،وحَادِثٌ ُم ِهمٌَ ،و َتبَاد َر إَِليِهِ ِمنْ ُ لَ َي ْب َرحُهُ القَلْبُ ،و َ
الرّفْ َقةِ َف َتىً:
َيمْلُ الدّ ْلوً إِلَى عَ ْقدِ الكَـرَبْ ت العَرَبْ ضرُ الجِ ْلدَةِ فِي َبيْ ِ خ َ َأ ْ
حتّى سَ َقطَ ِل َيدِ ِه َوفَمِهِ، ض َقدَمِهَِ ، لسَ ِد فَخَا َنتْهُ َأرْ ُ ف كُلّهُ َأ ْثرٌَ ،ومََل َكتْ ُه سَ ْورَ ُة ا َ سيْ ٍ ب سَاقَ ُه قَ ْدرٌَ ،و َ بِقَلْ ٍ
ن َأخَاهُِ ،ب ِمثْلِ مَا دَعَاهُ ،فَصارَ إَِل ْيهِ، حيْ َ ن َمعَهَُ ،ودَعَا ا ْل َ ن كَا َ صرَعَهُ ،إِلَى مَ ْ سدُ َم ْ لَ َو َتجَا َوزَ ا َ
ث صَ ْدرَهُ ،وََل ّكنْي َر َم ْيتُ ُه ِب ِعمَا َمتِيَ ،وشَغلتُ َفمَهُ، خذَ َأرْضَهُ ،وَافْتَرشَ اللّي ُ ل الرّعْبُ َيدَيهَِ ،فَأ َ َوعَقَ َ
جأَ ِة في جَوفِهِ، سدُ لِلْ َو ْ
لَ طنَهُ ،حتّى هََلكَ ال َفتَى ِمنْ خَ ْوفِهِ ،وا َ جأَ َب ْ حتّى حَ َقنْتُ َدمَهَُ ،وقَامَ ال َفتَى فَ َو َ َ
جهّزَهُ ع ْدنَا إِلى الرّفِيقِ ِل ُن َ خيْلِ َف َتأَلّفْنا ِم ْنهَا ما َثبَتََ ،و َت َر ْكنَا مَا َأفْلَتََ ،و ُ و َنهَضْنا فِي َأ َثرِ ال َ
ي سَاعَ ِة َمجْ َزعِ عنَا وََلكِنْ َأ ّ جزِ ْ حثَونَا الّترْبَ فَ ْوقَ َرفِي َقنَا َ فَلمّا َ
حتّى ِإذَا ضَ ِمرَتِ ال َمزَادَُ ،ونَ ِفدَ الزّادُ َأوْ كَادَ ُي ْد ِركُهُ سرْنَا َ ضهَاَ ،و ِ طنَا َأرْ َ ع ُدنَا إِلَى الفَلةِ ،وَ َه َب ْ َو ُ
ص َم ْدنَا ن َلنَا فَارِسٌ فَ َ ظ َمأَ وَالجُوعَ ،عَ ّ ل ال ّرجُوعََ ،وخِ ْفنَا القَاتِلِينَ ال ّ ا ْلنّفادُ ،وََل ْم َنمِْلكِ الذّهَابِ َو َ
لرْضَ ِبشَ َفتَيهِ ،ويَ ْلقِي الّترَابَ شاَ ن حُ ّر فَ َرسَهَ َينْقُ ُ ص ْمدَهَُ ،و َقصَ ْدنَا َقصْدَهُ ،وََلمّا بََل َغنَا َنزَلَ عَ ْ َ
جهٌ َي ْب ُرقُ ظرْتُ َفِإذْا هُوَ َو ْ جنَابِيَ ،و َن َ ل رِكَابِيَ ،و َتحّ َرمَ ِب َ جمَاعَةِ ،فَ ّقبَ َ ن ال َ ع َم َدنْي ِمنْ َبيْ ِ ِب َي َديْهَِ ،و َ
خضَرَّ ،وشَارِبٌ َقدْ سهّلَ ،وعَارِضٌ َقدِ ا ْ ن فِيهِ َت َ َبرْقَ العَارِضِ ال ُم َتهَلّلَِ ،وقَوَا ٌم َمتَى مَا َترَقّ ال َعيْ ُ
ل َأبَالكَ? فَقَالََ :أنَا ب َريّانُ ،و ِنجَارٌ ُت ْر ِكيٌَ ،و ِزيٌ مََلكِيٌ ،فَقُ ْلنَا :مَاَلكَ َ ع ٌد مَلنٌَ ،و َقضِي ٌ طَرَّ ،وسَا ِ
ش ِهدَتْ شَوَا ِهدُ حيْثُ تَرانِيَ ،و َ جهِي إِلى َ ع ْبدُ َبعْضِ ا ْلمُلوكَِ ،ه ّم مِنْ َقتْلي ِب َهمَّ ،ف ِهمْتُ عَلى َو ْ َ
شرَى َلكَ َو ِبكََ ،أدّاكَ ع ْب ُدكََ ،ومَالِي مَاُلكَ ،فَقُلْتُُ :ب ْ صدْقِ مَقَاِلهُِ ،ثمّ قَالََ :أنَا اليَومَ َ حالهِ ،على ِ
ل ي ْنظُرُ َفتَ ْقتَُلنَا أَ ْلحَاظَهَُ ،و َي ْنطِقُ جعَ َجمَاعَةَُ ،و َ عيْشٍ َرطْبٍ ،وَ َه ْنَأ ْتنِي ا ْل َ سيْ ُركَ إِلَى ِفنَاءٍ َرحْبٍَ ،و َ َ
خذُوا ِمنْ ُهنَاِلكَ ع ْينَاَ ،و َقدْ َركِ ْب ُتمْ فُلَةً عَ ْورَاءََ ،ف ُ جبَلِ َ َفتَ ْفتٌِننَا أَلْفَاظَهُ ،فَقَالَ :يَا سَادَةُ ِإنّ فِي سَ ْفحِ ال َ
جنَادِبُ ل ْبدَانََ ،و َركِبَ ال َ ص َهرَتِ الهَاجِرَ ُة ا َ ع َنةَ إِلى حَيثُ أشَارََ ،وبََل ْغنَاهُ َو َقدْ َ ا ْلمَاءَ ،فَلَ َو ْينَا الَ ِ
ت َوذَاكَ َفنَزَلَ عَنْ ن فِي الظّلّ ا ْل ّرحْبِ ،عَلى هَذا المَا ِء ا ْل َعذْبِ? فَقُ ْلنَاَ :أنْ َ ا ْلعِيدَانَ ،فَقَالََ :ألَ َتقِيلُو َ
صمَ ش َك ْكنَا َأنّهُ خَا َ عنْ َب َدنِهَِ ،فمَا َ عنّا ِإلّ ِبغِلَلَ ٍة َت ِنمّ َ س َترَ َفرَسِهَِ ،وحَلّ ِم ْنطَ َقتَهَُ ،و َنحَى قُ ْرطَ َقتَهُ َفمَا ا ْ
لفْراسِ طهَا ،وإِلَى ا َ ج َفحَ ّ سرُو ِ ع َمدَ إِلَى ال ّ جنَانَ ،وَ َهرَبَ ِمنْ ِرضْوَانٍ ،وَ َ الوِ ْلدَانَ ،فَفَا َرقَ ا ْل ِ
ل ْبصَارُ عََليْهِ ،فَقُلْتُ :يَا َفتَى مَا ت ا ْلبَصَا ِئرُ فِيهَِ ،و َوقَفْتِ ا َ شهَاَ ،و َقدْ حَارَ ِ ل ْمكِن ِة َفرَ ّ شهَا ،وإِلَى ا َ فَح ّ
شكْرُ ن رَافَ ْقتَهُ ،فَ َك ِيفَ ُ ن فَا َر ْقتَهَُ ،وطُوبَى ِلمَ ْ ل ِلمَ ْ جمْلَةِ ،فَالْ َويْ ُ س َنكَ فِي ال ُ حَ خ ْدمَةِ ،وََأ ْ أَ ْلطَ َفكَ فِي اٍل ِ
س ِنيَ فِي حْ خ ْدمَةَِ ،و ُ ج ُب ُكمْ خِفّتي فِي ال ِ ستَرُو َنهُ ِمنّي َأ ْك َثرَُ ،أ ُت ْع ِ الِ عَلَى ا ْل ِن ْعمَ َة ِبكَ? فَقَالَ :مَا َ
شغَفَا? فَقٌ ْلنَا: ح ْذ ِقيَ طُ َرفَاِ ،ل َت ْزدَاُدوا بِي َ جمْلَةِ? َف َكيِفَ َلوْ رََأ ْي ُتمُونِي فِي ا ْلرّفْ ًقةِ? ُأرِيكُ ْم مِنْ ِ ال ُ
خرَ فَشَقّهُ في س ْهمَا فَ َرمَا ُه فِي السّماءِ ،وََأ ْت َبعَ ُه بِآ َ ح ِدنَا َفأَ ْو َترَهَُ ،وفَ ّوقَ َ س َأ َ
هَاتِ :فَ َع َمدَ إِلَى قَوْ ِ
حدَنا خذَهَا ،وإِلَى فَ َرسِي َفعَلهَُ ،و َرمَى َأ َ ع َمدَ إِلى ِكنَانَتي َفَأ َ خرَُ ،ثمّ َ سأُرِيك ْم نَوعَا آ َ الهَواءَِ ،وقَالََ :
سكُتْ يَا ُلكَعُ، صنَعُ? قَالَ :ا ْ حكَ مَا تَ ْ ظهْرِهِ ،فَقُلْتُ َو ْي َ ن َ طيّرَ ُه م ْ خرَ َ صدْرِهِ ،وَآ َ س ْهمٍ َأ ْث َبتَهُ فِي َ ِب َ
سنَا َم ْربُوطَةٌ، صنَعْ وََأ ْفرَا ُ صنّ ُه بِ ِريِقهِ ،فََلمْ َن ْدرِ مَا َن ْ غ ِ ن كُلٌ ِم ْن ُكمْ َيدَ َر ِفيِقِهِ ،أَ ْو لُ ِ ل َل َيشُدّ َ وَا ِ
شقُ ِبهَا س فِي َيدِهِ َي ْر ِ ح ُتنْا َبعِيدَةٌ ،وَ ْهوَ رَاكِبٌ َو َنحْنُ َرجّالَةٌ ،وَالقَوْ ُ حطُوطَةٌ ،وََأسِْل َ جنَا َم ْ َوسُرو َ
شدّ َب ْعضُنَا َب ْعضَا، خ ْذنَا الْ ِقدَّ ،ف َ جدَّ ،أ َ ن رَأَ ْينَا ا ْل ِ صدُورََ ،وحِي َ شقُ ِبهَا ا ْل ُبطُونَ وا ْل ّ ظهُورََ ،و َي ْم ُ ال ّ
خ َرجْتُ ُثمّ َنزَلَ عَنْ عنْ ِثيَا ِبكََ ،ف َ خرُجْ بإِهَا ِبكََ ، شدّ َيدِي ،فَقَالَ :ا ْ جدُ َمنْ َي ُ ح ِديَ لَ َأ ِ َوبَ َقيْتُ َو ْ
جدِيدانِ ،فَقَالَ: ن َ ح َد ِمنّا َب ْعدَ الخَرَِ ،و َي ْن َزعُ ِثيَابَهُ َوصَارَ إَِليّ َوعَليّ خُفّا ِ ل ِيصْفَعُ الوا ِ جعِ ِفَ َرسِهِِ ،و ِ
عهُ ،فَقَالَ :عََليّ خَ ْلعُهُُ ،ثمّ َدنَا ستُهُ َرطْبا فََليْسَ ُي ْم ِكنُي َنزْ َ خفٌ َل ِب ْ ل ُأمّ َلكَ ،فَقُلْتُ :هَذا ُ اخَْل ْع ُهمَا َ
طنِهِ، شغْلِهِ َفَأ ْث َبتّهُ فِي َب ْ خفّ وَهْ َو فِي ُ ن َمعْي فِي ال ُ ن كَا َ سكْي ٍ ت َيدْي إِلَى ِ خفَّ ،و َم َددْ ُ إَِليّ ِل َي ْن َزعَ ال ُ
صحَابِي َفخَلَلْتُ َأ ْي ِد ِي ِهمْ، حجَرَهَُ ،و ُقمْتُ إِلى َأ ْ ن َ َمتْنهِ ،فَمَا زَادَ عَلى َفمٍ فَ َغرَهُ ،وأََل َقمَ ُه َ وََأ َب ْنتَ ُه مِ ْ
5
ص ْرنَا إِلى الطّرِيقِ، ب ال َقتِيلَينِ ،وَأ َد َر ْكنَا الرّفِيقَ َو َقدْ جَادَ ِبنَ ْفسِهِِ ،وصِارَ ِل َر ْمسِهَِ ،و ِ عنَا سَلَ َ
َوتَ َوزْ َ
ن سُو ِقهَا رََأيْنَا َرجُلً َقدْ قَامَ عَلى رأَسِ خمْسٍ ،فََلمّا ا ْن َت َه ْينَا إِلى ُفرْضَ ِة مِ ْ ص َب ْعدَ َليَالٍ َ حمْ َ َو َو َردْنا ِ
سكْينٍ خفَّ ،و َم َددْتُ َيدْي إِلَى ِ عصِيةٍ ،و ُهوَ يَقُولُ:عُهُُ ،ثمّ َدنَا إَِليّ ِل َي ْن َزعَ ال ُ ابْنٍ َو ُبنَيةٍِ ،بجِرابٍ َو َ
ن َ َمتْنهِ ،فَمَا زَادَ عَلى َفمٍ َفغَرَهُ، طنِهِ ،وََأ َب ْنتَ ُه مِ ْ
شغْلِهِ َفَأ ْث َبتّهُ فِي َب ْ
ن َمعْي فِي الخُفّ وَ ْهوَ فِي ُ كَا َ
ب ال َقتِيلَينِ ،وَأ َد َر ْكنَا الرّفِيقَ َو َقدْ عنَا سَلَ َ صحَابِي َفخَلَلْتُ َأ ْي ِد ِي ِهمَْ ،وتَ َوزْ َ ت إِلى َأ ْ جرَهَُ ،وقُمْ ُ حَوأَلَ َق َمهُ َ
خمْسٍ ،فََلمّا ا ْن َت َه ْينَا ل َ حمْصَ َب ْعدَ َليَا ٍ ص ْرنَا إِلى الطّرِيقِ ،وَ َو َردْنا ِ جَادَ ِبنَ ْفسِهِِ ،وصِارَ ِل َر ْمسِهَِ ،و ِ
عصِيةٍ ،وهُ َو يَقُولُ: ن َو ُبنَيةٍِ ،بجِرابٍ وَ َ إِلى ُفرْضَ ِة مِنْ سُوقِهَا رََأ ْينَا َرجُلً َقدْ قَامَ عَلى رأَسِ ابْ ٍ
جرَابِي َمكَارِمَهْ فِي ِ حشَـا ن َحمَ الُ مَ ْ َر ِ
سعِيدٍ َوفَاطِـمَـهْ ِل َ ل َمـنْ َرنَـا َرحِمَ ا ُ
شكّ خَا ِدمَهْ ل َ وَ ْهيَ َ ِإنّـهُ خَـا ِدمٌ لَـكُـمْ
عنْهَُ ،فإِذَا سأَلْتُ َ س ِمعْتُ بِهَِ ،و َ س َك ْندَ ِريّ الّذي َ لْ ن هَذا ال ّرجُلَ ُهوَ ا ِ ت إِ ّقَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فَقُلْ ُ
ح ْك َمكَ فَقَالَ :دِرْ َهمٌ ،فَقُلْتُ: ح َت ِكمْ ُ
ت إَلَيهَِ ،وقُلْتُ :ا ْ ُهوَ ُهوَ ،فَدَلَفْ ُ
س ِعدُنِي النّفَسْ مَا دَامَ ُي ْ َلكَ ِدرْ َهمٌ فِي ِمثْـلِـهِ
َك ْيمَا ُأنِيلُ الْم ْلتَـمَـس حسَا َبكَ وَال َتمِس حسُبْ ِ فَا ْ
شرِينَُ ،ثمّ قُلْتُ: حتّى ا ْن َت َهيْتُ إِلَى ال ِع ْ خ ْمسَةٍَ ، َوقُلْتُ لَهُِ :درْ َهمٌ فِي ا ْثنَينِ فِي ثَلثَ ٍة فِي َأ ْربَع ٍة فِي َ
خذَلَنَِ ،ولَ حِيلَ َة مَعَ صرَ مَ َع ال ِ ل نَ ْ ت لَ ُه ِبهَاَ ،وقُلْتَُ : عشْرونَ رَغِيفاَ ،فَأمَرْ ُ َكمْ َم َعكَ? قَالَِ :
ح ْرمَانِ. ا ْل ِ
ال َمقَامَ ُة الغَيْلنِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح َد َثنْي عِيسَى بْ ُ َ
حدّثَُ ،و َم َعنَا يَ ْو َم ِئذٍ َرجُلُ ال َعرَبِ حِفْظاُ َورِوَايةً ،وَهَوَ ج َتمَعٍ لنَا َن َت َ جرْجَانَ ،فِي ُم ْ ن ِب َُب ْينَا َنحْ ُ
صمِ ِه حِلْماِ ،ومِنْ خ ْ عنْ َ عرَضَ َ لمُ إِلَى ِذكْرِ َمنْ َأ ْ ن َب ْدرٍ ال َفزَارِيّ ،فَأفْضَى ِبنَا الكَ َ عصْمَ ُة بْ ُ ِ
حتِقَا ِر جَريرٍ ناْ ن مِ ْ حتّى َذ َكرْنَا الصَّلتَانَ ا ْل َع ْب ِديّ وَال َبيِثََ ،ومَا كَا َ حتِقَاراَ ، صمِ ِه ا ْخ ْ عنْ َ عرَضَ َ َأ ْ
غيْريَ ،ب ْينَمَا َأنَا عنْ َح ّد ُث ُكمْ َ
عيْنيَ ،ولَ ُأ َ ح ِد َثكُم ِبمَا شَا َه َدتْهُ َ سُأ َعصْمَةَُ : ق َل ُهمَا ،فَقَالَ ِ وَال َف َر ْزدَ ِ
ج ْعدِ الّلغَامِ ،فَحَاذَانِي ن ليَ رَاكِبٌ عَلىَ َأ ْورَقٍ َ جنِيبَةً ،ع ّ جيَبةً ،وَقائِدا َ َأسِيرُ فِي بِلدِ َتمِيمٍ ُم ْر َتحِلً َن ِ
حمَ ُة الِشبَحِ َرفَعَ صَ ْوتَ ُه بِالسّلمُ عََل ْيكَ ،فَقُلْتُ :وعََل ْيكَ السّلمُ َو َر ْ ح بِال ّ شبَ ُ
صكّ ال ّ حتّى إِذا َ َ
ن بْنُ عُ ْق َبةَ ،فَقُلتُ: غيْلَ ُ
لمِ? فَقَالََ :أنَا َ لسْ َ حيّي ِبتَحيّة ا ِ لمِ ال ُم َ ب الجَهيرُ الكَ َ َو َبرَكاتُهُ ،مَنِ الرّاكِ ُ
ن َأنْتَ? ع ّز َناِد َيكَ ،فَمَ ْ سبُهُ ،السّا ِئرُ َم ْنطِقُهُ ،فَقَالَ :رَحُبَ وَادِيكَ ،وَ َ شهِيرِ َن َ حسَبهُ ال ّ َم ْرحَبا بِالكَرِيم َ
س ْرنَا فَلَمّا ب وال ّرفِيقَُ ،و ِ ل ِن ْعمَ الصّدِيقُ ،وَالصَاح ُ عصْم ُة بْنُ بَدرٍ ال َفزَا ِريّ ،قَالَ :حَياّكَ ا ُ قُلْتُِ :
شمْسُ? فَقُلْتَُ :أنْتَ َوذَاكََ ،فمِ ْلنَا إِلِى شَجراتٍ َألَءٍ صهَ َر ْتنَا ا ْل ّ عصْم ُة فَ َقدْ َ جرْنا قَالََ :ألَ ُنغَ ّورُ يَا ِ َه ّ
ططْنَا ِرحَاَلنَاَ ،ونِ ْلنَا مِنَ حَحهُنّ ،فَ َ ث ُتنَا ِو ُشرْنَ غَدائِرَهُنِّ ،لثَل ٍ َكَأ ْنهُنّ عَذارَى ُم َتبَرّجاتٌ ،قَد َن َ
حدٍ ِمنّا إِلى ظِلّ َأثَل ٍة ُيرِيدُ ا ْلقَائِلَةَ، ل كُلّ وَا ِ ن ذُو الرّمَ ِة زَهِيدَ الَكلَِ ،وصَّل ْينَا َبعْدُ ،وَآ َ طعَامِ ،وَكا َ ال ّ
ع ْينَاي لَ لرْضَ ،وَ َ ظ ْهرِي ا َ صنِيعِهِ ،فَوَّليْتُ َ صنَعَ ِمثَلَ َ ن َأ ْطجَعَ ذُو الرّمّةِ ،وََأ َردْتُ أَ ْ ضَ وَا َ
طهَا مُلْقىً ،وَِإذَا َرجُلٌ قَا ِئمٌ غبِي ُ حيَتْ َو َ ضِ غ ْيرَ َبعِيدٍ إِلَى نَاقَةٍ َك ْومَاءَ َقدْ َ غمْضٌَ ،ف َنظَرْتُ َ َيمِْل ُك ُهمَا ُ
عمّا لَ َي ْعنِينِي? َونَام ذُو ال ّرمّةِ ع ْن ُهمَا ،وَما َأنَا وَالسّؤالَ َ عسِيفٌ َأوْ َأسِيفٌ فََلهِيتُ َ َيكْلُهَا كَأنّهُ َ
ن ذِلكَ فِي َأيّامِ ُمهَاجاتِ ِه ِلذَلكَ ا ْل ُم ّريَّ ،فرَفَعَ عَقِي َرتَهُ وََأ ْنشَدَ َيقُولُ: غرَاراُ ،ثمّ ا ْن َتبَهََ ،وكاَ َ ِ
صفُ الرّامِسُ أََلظّ بِ ِه العَا ِ ن َميّ َة الطّلَلُ الـدّارِسُ َأمِ ْ
ستَ ْو َقدٌ مَا َلهُ قَـابِـس َو ُم ْ شجِيجُ الْقَـذَالِ ل َ فَلَمْ َي ْبقَ ِإ َ
حتَفَلٌ دَارِسٌ طامِـسُ َو ُم ْ ن جَانِـبَـيْهِ ض َتثَّلمَ مِ ْ َوحَوْ ٌ
لنْـسُ وَالِنـسُ َو َميّهُ وَا ِ عهْدي بِهِ َو ِبهِ سَـكْـنُـهُ وَ َ
غزَالً ترَاءَى َلهُ عَاطِسٌ َ َكَأنّي ِب َميّ َة ُمسْـتَـنْـفِـرٌ
رَقِيبٌ عََليْها َلهَا حَـارِسٌ ج ْئ ُتهَا َردّنيِ عَـابِـسٌ ِإذَا ِ
6
ُي َغنّي بِها العَا ِبرَ الجَالِـسُ س َم ْأثُورَةٌ
س َتأْتِي ا ْمرِأَ الْ َقيْ ِ
َ
أََلظّ بِ ِه دَا ُؤهُ الـنّـاجِـسُ س قَـدْ ن امْرأَ ال َقيْ ِ أََلمْ َترَ أَ ّ
جرُ ا ْليَابِـسُ حَ وَهَلْ َيأََلمُ ال َ ُهمُ ال َق ْومُ لَ َيأََلمُونَ ا ْل ِهجَاءَ
ل َل ُهمُ فِي الوَغَى فَارِسُ َو َ َفمَا َل ُهمُ في ا ْلعُلَ رَاكِـبٌ
ل َدمَ الدّاعِـسُ ساْ َكمَا دَعَ َ لمِ ُم َم ْرطَلةٌ فِي حِياضِ المَ َ
ط ِرقُ النّاعِسُ َفطَ ْر ُفهُمُ ال ُم ْ س لِ ْل َمكْرُماتِ طمَحَ النّا ُ ِإذَا َ
َفكًلّ َأيَامَاهُـمُ عـانِـسُ صهَارَهُـمْ لكَا ِرمُ ِإ ْ َتعَافُ ا َ
ع ْي َنيْهَِ ،ويَقُولَُ :أذُو ال ّر َم ْيمَ ِة َي ْمنَ ُعنِي النّ ْو َم ِبشِعْر
ل َي ْمسَحُ َ جعَ َ فََلمّا بَلَغَ هَذا ال َبيْتَ َت َنبّ َه ذَِلكَ النّا ِئمَُ ،و َ
حمِى ذُو ال ّرمّ ِة فَقَالَ: ن هَذا? فَقَالَ :ا ْل َفرَ ْز َدقَُ ،و َ غيْلَنُ ،مَ ْ غ ْيرِ ُمثَ ّقفٍ َولَ سَائِر? فَقُلْتُ يَا َ
سقِ َم ْنبِ َتهُـمْ رَاجِـسُ فلَم َي ْ ل ْرذَلُـونَ وََأمّا مُجاشِـعٌ ا َ
حبِس ُهمُ حَـابِـسُ عِقَالٌَ ،و َي ْ ن َمسَاعِي ا ْل ِكرَام س َيعْقَِلهُمُ عَ ْ
َ
ن قَالَُ :ق ْبحَال مَا زَادَ ال َف َر ْزدَقُ عَلى أَ ْ ش َرقُ فَ َيثُورَُ ،و َي ُعمّ هذا وَقبِيَلتُهُ بِال ِهجَاءِ ،فَوَا ِ فَقُلْتُ :النَ َي ْ
شيْئاَ ،وسَارَ ذُو ض ِل ِمثْلي ِبمَقالٍ ُم ْن َتحَلٍ? ُثمّ عَادَ فِي َن ْومِ ِه َكأَنْ َل ْم َيسْمَ ْع َ ك يا ذَا ال ّر َم ْيمَةِ! َأ َتعْرِ ُ لَ
حتّى ا ْفتَ َرقْنَا. لرَى فِيهِ ا ْن ِكسَارا َ ت َمعَهُ ،وَِإنّي َ ال ّرمّةِ َوسِرْ ُ
ال َمقَامَةُ الَذْرَبِيجَانِيّةُ
ص ْبتُهُ،
ت ِبمَالٍ سَل ْبتُهُ ،أَو َكنْزٍ َأ َ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :لمّا نَطّ َقنِي ا ْل ِغنَى بِفَاضِلِ َذيْلِهِ ،اّتهِم ُ
ت إَِل ْيهَاس ْيرَُ ،ولَ ا ْه َتدَ ْ خيْلَُ ،وسَلكتُ فِي َهرَبِي َمسَاِلكَ َلمْ َي ُرضْهَا ال ّ سرَتْ بِي ال َ َفحَفَزَنيِ الّليْلَُ ،و َ
جدْتُ َب ْردَهُ، ن َوَو َ لمْ ِ حمَى ا َ صرْتُ إِلى ِ حدّهَُ ،و ِ ت َ ت َأرْضَ الرّعْبِ َوتَجا َوزْ ُ حتّى طَ َويْ ُ ط ْيرَُ ،
ال ّ
ت الرّوَاحِلُ ،وَأكََل ّتهَا ال َمرَاحِلُ ،وََلمّا بََل ْغ ُتهَا: ن و َقدْ حَ ِفيَ ِ َوبََلغْتُ َأ ْذ َربِيجَا َ
شهْراحتّى َأ َق ْمنَا بِها َ فَطَابَتْ َلنَا َ ن المُـقَـامَ ثَـلثَةٌ َنزَ ْلنَا عَلى أَ ّ
ع َت َمدَها ،وَدنّيّ ٍة َقدْ ضدَهَا َوعَصا قَدِ ا ْ ع َت َض َأسْوَاقِها ِإذْ طَلَعَ َرجُلٌ ِب َركْوَ ٍة َقدِ ا ْ َف َب ْينَا أَنا يَوْما في ِبعْ ِ
ح ِييَ ا ْل ِعظَامِ شيَاءِ َومُعيدَهَاَ ،و ُم ْ لْ سهَاَ ،فرَفَعَ عَقِي َرتَهُ َوقَالَ :الّل ُهمّ يا ُمبْ ِدئَ ا َ سهَاَ ،وفُوط ٍة ق ْد تَطَّل َ تَقَّل َ
لصْباحِ َو ُمنِيرَهَُ ،ومُوصِلَ اللءِ سا ِبغَ ًة إَِليْنا، ق ا ْلمِصْباحِ َو ُمدِيرَهُ ،وفاِلقَ ا ِ َو ُمبِيدَهاَ ،وخَالِ َ
سمِاءِ سَقْفا س سِرَاجا ،وال ّ شمْ ِ سمِ َأزْواجا َوجَاعِلَ ال ّ ن تَقَعَ عََل ْينَاَ ،وبَا ِرئَ ال ّن َ سمَا ِء أَ ْ
َو ُم ْمسِكَ ال ّ
عقِ ل الصّوا ِ ب ثِقَالًَ ،و ُمرْسِ َ سحَا ِ شئَ ال ّ سكَنا وَال ّنهَارِ َمعَاشا ،و ُم ْن ِ ل َ لرْضِ ِفرَاشاَ ،وجَاعِلَ الّليْ ِ وا َ
ح ّمدٍ وآلِهِ س ّيدِ ال ُم ْرسَلينَُ ،م َ سأََلكَ الصّلةَ عَلى َ ِنكَالً ،وَعَاِلمَ ما فَ ْوقَ ال ّنجُومِ وما َتحْتَ ال ّتخُومَِ ،أ ْ
سهّلَ لِي عَلى ن ُت َ
عدُو ظِلّها ،وأَ ْ حبَْلهَا ،وَعلى ال ُعسْرَ ِة أَ ْ ن ُتعِينَني على ال ُغ ْربَةِ َأ ْثنِي َ الطّاهِرينَ ،وأَ ْ
حقّ ا ْل ُمبِينِ، ن ال َس ِعدَ بالدّينِ ا ْل َمتِينِ ،وََل ْم َي ْعمَ عَ ِ ط ْهرَةَُ ،و َ ط َرتْهُ ال ِفطْرَةُ ،وََأطَْل َعتْهُ ا ْل ّ ن فَ ََي َديْ مِ ْ
س ُعنِي وال ّرفِيقَ. طرِيقَ ،وزَادا َي َ رَاحِل ًة َتطْوِى َهذَا ال ّ
س َك ْندَ ِر ّينَا َأبِي ال َف ْتحِ ،وَا ْلتَفَتّن هذَا ال ّرجُلَ َأ ْفصَحُ ِمنْ ِإ ْ جيْتُ نَ ْفسِي ِبأَ ّ ن ِهشَامٍَ :فنَا َ قَالَ عيسَى بْ ُ
شعْبِ لرْضَ َك ْي ُدكَ ،وا ْنتَهى إِلى هذَا ال ّ ت يَا َأبَا ال َفتْحِ بَلَ َغ هذِ ِه ا َلَ ْف َتةً َفِإذَا ُهوَ والِ َأبُو الْ َفتْحِ ،فَقُلْ ُ
شأَ يَقُولُ: صيْ ُدكَ? َفَأنْ ََ
لفُـقْ دِ وجَوّا ِبةُ ا ُ أِنا جَوّالةُ الـبِـل
طرُقْ عمّارَ ُة ال ّ نِ َو َ خ ْذرُوَف ُة الزّمـا َأنَا ُ
دُ عَلَى ُك ْديَتي و ُذقْ لَ َتُل ْمنِي َلكَ الّرشَا
الْ َمقَامَ ُة الجُ ْرجَانِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ:
ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ
َ
7
س بِالطّويلِ ال ُم َت َم ّددِ ،ول الْقصيرِ ال ُمتَ َر ّددِ ،كَ ّ
ث ل ِمنّاِ ،إذْ َو َقفَ عَل ْينَا َرجُلٌ َليْ َ حدّثُ وما فينا ِإ ّ جمَعٍ َلنَا َن َت َن ِبجُرجَانَ ،فِي َم ْ َب ْينَا َنحْ ُ
لسْلمِ ،فَ َولّنا جميلً ،وَأوَْليْنا ُه جَزيلً ،فَقَالَ :يا قَ ْو ُم ِإنّي امْرؤٌ ِمنْ حيّ ِة ا ِ
ح ا ْلكَلمَ بِالسّلمَِ ،و َت ِ صغَارٌ فِي َأطْمارٍ ،فا ْف َتتَ َ ال ُع ْثنُونَِ ،يتْلُوهُ ِ
ضرَ ،ودَارَيْ صيْتُ ال ِعرَاقََ ،وجُلْتُ ا ْل َبدْ َو وَا ْلحَ َ جبْتُ الفاق ،وتَ َق ّ س ُعبْ ٌت بِي َ حبَ ْ
لمَويّ ِة َن َمتْني سَُل ْيمٌ و َر ّ س َكنْ َد ِريّةِ ،مِنَ ال ُثغُورِ ا َ
لْلاِ أَهْ ِ
ل مِنْ أَ ْهلِ َثمّ َورَمُّ ،نرْغِي َلدَى سمَلي وَأطْماري ،فَلَ َقدْ ُكنّا وَا ِ عنْد ُكمْ ما َترَ ْو َنهُ مِن َ ن بِي ِ حيْثُ ُكنْتُ ،فَل ُي ْزرِيَ ّ َر ِب َيعَةَ َو ُمضَرَ ،ما ُهنْتَُ ،
ع ًندَ الرّواحِ ح و ُن ْثغِى ِالصّبا ِ
ل وال ِفعْلُ. وَأ ْن ِديَةٌ يَنتَابُها القَوْ ُ حسَانٌ ُوجُو ُههُم ت ِ وفينَا مَقَامَا ٌ
ُثمّ ِإنّ الدّ ْهرَ يا قَ ْو ُم قَلَبَ لِي سمَاحَةُ وال َبذْلُن ال ّ ع ْندَ المُقِلّي َن َي ْع َترِي ِهمُ َو ِ
عَلَى ُم ْكثِرِي ِهمْ َرزْقُ مَ ْ
ث ال ّزمَ ِ
ن سهَر ،وبالِقامَ ِة السّ َفرََ ،ت َترَامى بِي ال َمرَامي ،و َت َتهَادَى بِي المَوَامِيَ ،وقََل َعتْنِي حَوَادِ ُ ت بِالنّ ْومِ ال ّ
عتَضْ ُ ظ ْهرَ ا ْل ِمجَنّ ،فا ْ
ن َب ْينِهمْ َ
مِ ْ
لسْفارِ، لنَاءِ ،مالِي إِلّا كَآبَ ُة ا َت فَا ِرغَ الفِناءِ ،صَ ِفرَ ا ِ صبَحْ ُن صَ ْفحَةِ ا ْلوَليدِ ،وَأ ْ
عرَى مِ ْ
صبِحُ وُأ ْمسِي َأنْقَى مِنَ الرّاحَةِ وَأ ْ صمْغَةَِ ،فُأ ْ قلْعَ ال ّ
جرُ.حَو ُم َعَاقَرَ ُة السّفَارُِ ،أعَانِي الفَ ْقرَ ،وأمَاني الْقَ ْفرَ ،فِراشِي ا ْل َمدَرَُ ،و ِوسَادِي ال َ
حيَانا ِب َميّا فَـا ِرقِـينَـا وَأ ْ بِآم َد مَرّ ًة َوبِـرأْسِ عَـيْنٍ
طرَحُ بيِ ت النّوَى َت ْ فَما زَالَ ِ وَازِ َرحْلِي وَلَيلَ ًة بِا ْل ِعرَاقِ َليْلَ ًة بِالشّآمِ ثُـمّـتَ بِـالهْ
ج ْفنَةً،
ظمِهشمْ َ
عَت لِ ْحبّاؤُهَا ،وَل ِكنّي مِلْ ُ
شرَأَبّ إَِلىّ َأ ِ حيَاؤُهَا ،وََأ ْ
جرِ وََأحَلّتنِي بََلدَ َه َمذَانَ ،فَ َقبَِلنِي َأ ْحَ
طئْتُ بِلدَ ال َ
حتّى َو ِ طرَحٍَ ،
كُلّ َم ْ
وََأزْ َهدِ ِهمْ جَفْوةً:
ضجَعاَ ،و َم ّهدَطأَ لِي َم ْ
فَ َو ّ ن أُ ْل ِبسَتِ الْ ِقنَاعَاِإذَا النّيرا ُ َل ُه نَارٌ ُتشَبّ عَلَى يَفَـاعٍ
ع ْنهَا َقدْرِي ،وَا ّتسَعَ ِبهَاغ ْيرِ َقتَمانٍ ،وَأَوْلني ِنعَما ضَاقَ َ ل َبدَا فِي َ س ْيفٌ َيمَانٍ ،أَ ْو هِلَ ٌ ن كَأنّهُ َ َ ب ِليَ ابْ ٌلِي َم ْهجَعا ،فَإِنْ َونَى ِليَ َونْي ًة هَ ّ
ن طُلُوعَ حيْثُ تَوَاَلتْ ،وَال ّد َيمُ َلمّا ا ْنثَالتْ ،فَطََلعْتُ ِمنْ َه َمذَا َ
طّي َر ْتنِي إِل ّال ّن َعمُ َ
خرُها أَ ْلفُ دِينَارٍ ،فَمَا َ صَ ْدرِيَ ،أوّ ُلهَا َفرْشُ الدّارِ ،وَآ ِ
ي خَلّفْتُ ُأ ّم ّمثْوَايَ َوزُغْل ُولً لِي. الشّا ِردَِ ،ونَ َفرْتُ نِفَارَ الْآ ِبدَِ ،أفْرِي ا ْل َمسَاِلكَ ،وََأ ْقتَفِرُ ال َمهَاِلكَ ،وََأعَانِي ا ْل َممَالِكَ ،عَلَى َأّن َ
ت بِي إَِل ْي ُكمْ رِيحُ
َو َقدْ َهبّ ْ حيّ مَ ْفصُومُ عذَارَى ال َ ب مِنْ َفِي مَ ْلعَ ٍ كَأنّ ُه ُ ْدمُـلٌـج مِـنْ فِـضّ ٍة نَـبَـهٌ
ن اَلَأنْقَاضِ َم ْهزُولٍَ ،ه َدتْ ُه الحَاجَةَُ ،و َك ّدتْ ُه الْفَاقَةُ: ض مِ َح َم ُكمُ الُ ِلنِقْ ٍ ظرُوا َر ِ ح ِتيَاجَِ ،و َنسِيمُ الِلْفَاجِ ،فَانْ ُ
لْاِ
خ ْيرِ عََل ْي ُكمْ
ل الُ لِل َ جعَ ََ غبَـرُ شعَثُ َأ ْ بِ ِه فَلَوَاتٌ؛ َفهْوَ َأ ْ ب َأرْضٍ ،تَقَاذَفَتْ َأخَا سَ َفرٍ ،جَوّا َ
سبِيلً.
شرّ إَِل ْي ُكمْ َجعَلَ لِل ّدَلِيلًَ ،ولَ َ
عنّا حَامِدا عرَضَ َ ح فِي ذِلكَ الْ َوقْتِ ،وَأ ْ لمِ ِه ال ُعيُونَُ ،ونُ ْل َناُه مَا تَا َ طفِ ك َ غرَ ْو َرقَتْ لُِل ْقَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :فرَقّتْ وَالِ َل ُه الْقُلُوبُ ،وَا ْ
سكَ ْن َدرِيّ.
لْ خنَا َأبُو الْ َفتْح ا ِ ش ْي ُ
لَناَ ،ف َت ِب ْعتُهُ ،فَِإذَا ُهوَ وَالِ َ
صفَهَانِيّةُ
ال َمقَامَ ُة ا ْلأَ ْ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسَى ْب ُ َ
ل َ ْلمَحةٍ ،وََأ َت َرقّبُع َت ِزمُ ال َمسِيرَ إِلى ال ّريَّ ،فحَلَ ْل ُتهَا حُلُولَ أَ ْل َفيَّ ،أ َت َوقّعُ الْقَافِلةَ كُ ّ ت ِبأَصْ َفهَانَ ،أَ ْ ُكنْ ُ
لجَابَةِ، صاِ ن فَرْ ُ س ِم ْعتُهُ ،و َت َعيّ َ حمّ مَا َت َو ّقعْتُ ُه نُو ِديَ لِلصّل ِة ِندَاءً َ صبْحَةٍ ،فََلمّا ُل ّ الرّاحِلَةَ ك ّ
س َت َعنْتُت القَافِلَةِ َأ ْت ُركَهاَ ،ل ِكنّي ا ْ خشَى فَوْ َ ج َماَع َة ُأ ْد ِر ُكهَا ،وَأ ْ
غ َت ِنمُ ال َ
صحَابةِ ،أَ ْن َبيْنِ ال ّ فَا ْنسَلَلْتُ مِ ْ
ل َماُمت لِلْ ُوقُوفَِ ،وتَ َق ّدمَ ا ِ ت إِلَى أَوّلِ الصَُفُوفَِ ،و َمثَلْ ُ عثَا ِء الفَلةَِ ،فصِرْ ُ ِببَركاتِ الصّلةِ ،عَلى وَ ْ
ح ْمزَةََ ،مدّةً وَ َه ْمزَةًَ ،وبِي ا ْل َغمّ ا ْلمُقِيمُ ا ْلمُ ْق ِع ُد في فَ ْوتِ حرَابِ ،فَ َقرَأَ فَا ِتحَةَ الكتَابِ ،بِقِراءَ ِة َ إِلى ال ِم ْ
صبْرِ وََأ َتصَلّبُ ،وََأتَقَلّى عنِ الرّاحِلَةِ ،وَا ْتبَ َع الفَا ِتحَةَ الوَا ِقعَةَ ،وََأنَا َأتَصَلّى نَارَ ال ّ القَافِلَةِ ،وَال ُب ْعدِ َ
خشُونَةِ ع َرفْتُ ِمنْ ُ لمُ وَالْ َق ْبرُ؛ ِلمَا َ صبْرُ ،أَ ِو الكَ َ سكُوتُ وَال ّ ل ال ّ ج ْمرِ ال َغيْظِ وَأتَقَلّبَُ ،وَ ْليَس ِإ ّ عَلى َ
ضرُورَةِ ،على تِ ْلكَ ن السّلم ،فَ َوقَفْتُ بِ َق َدمِ ال ّ طعًتِ الصّلةُ دُو َ ك المَقامَِ ،أنْ َلوْ ُق ِ القَو ِم فِي ذَل َ
حنَى قَ ْوسَهُ ن ال ّرحْلِ وَالرّاحِلَةُِ ،ثمّ َ الصّورَ ِة إِلَى ا ْن ِتهَاءِ السّو َرةَِ ،و َقدْ َقنِطْتُ ِمنَ القَافِلَةِ ،وَِأ ِيسْتُ مِ َ
ن َقبْلُُ ،ثمّ َرفَعَ رََأسَهُ َو َيدَهُ، ع َه ْدهُ مِ ْ
خضُوعَِ ،لمْ أَ ْ خشُوعَِ ،وضَرْبٍ من ال ُ لِ ْل ّركُوعِ ،بنَ ْوعِ ِمنَ ال ُ
ج ِبيِنهِ،ب ِل َ
ضرَبَ ِب َي ِم ِينِهِ ،وََأكَ ّ ش َككْتُ َأنّهُ َقدْ نَامَُ ،ثمّ َ حتّى مَا َ ح ِمدَهَُ ،وقَامََ ، ن َ سمِعَ الُ ِلمَ ْ َوقَالََ :
سجُودِ، ن الصّفُوفِ ُف ْرجَةًَ ،ف ُعدْتُ إِلَى ال ّ جهِهَِ ،و َر َفعْتُ رََأسِي َأ ْنتَهزُ ُفرْصةً ،فََلمْ َأرَ َبيْ َ ُثمّ ا ْنكَبّ ِل َو ْ
ع ْمرَ ستَ ْوفَى بِها ُ حتّى كبّر لِلْ ُقعُودِ ،وَقامَ إِلى الرّكْع ِة الثّا ِنيَةِ ،فَقَرََأ الفَا ِتحَةَ وَالقَارِعَةَِ ،قرَاءَ ًة ا ْ َ
8
ل إِلَى ح َييْهَِ ،ومَا َ ش ّهدِ بَِل ْ ن َر ْكعَ َتيْهِ ،وََأ ْقبَلَ عَلى ال ّت َ عةِ ،فََلمّا فَ ِرغَ مِ ْ جمَا َالسّاعَةِ ،وَاستَ ْن َزفَ َأرْوَاحَ ال َ
ن ِم ْنكُمْن كا َ سهّلَ الُ اَلمْخرَجََ ،و َقرّبَ ال َفرَجَ ،قَامَ َرجُلٌ َوقَالَ :مَ ْ عيْهَِ ،وقُلْتَُ :قدْ َ خدَ َ
حيّ ِة ِبَأ ْ
ال ّت ِ
س ْمعَ ُه سَاعَةً. عةَ ،فَلْ ُي ِع ْرنِي َ جمَا َ ب الصّحَابَةَ وال َ ُيحِ ّ
غيْرَن لَ َأقُولَ َ صيِانَةَ ِل َع ْرصِي ،فَقَالَ :حَقِيقٌ عََليّ أَ ْ ن ِهشَامٍ :فَلَ ِزمْتُ َأ ْرضِيِ ، عيَسى بْ ُ قَالَ ِ
حتّى ُيطَ ّهرَ الُ هَذا شاَرةٍ ِمنْ َنبِي ُكمْ ،ل ِكنّي لَ ُأ َؤدّيهَا َ ج ْئ ُتكُ ْم ِببِ َ
ص ْدقَِ ،قدْ ِ ل بِال ّ ش َهدَ ِإ ّحقْ ،وَل َأ ْ ال َ
حدُ ُنبُو َءتَهُ.
جَ ن كُلّ َنذْلٍ َي ْ ال َمسْجدَ مِ ْ
ل السّودُِ ،ث ّم قَالَ :رَأ ْيتُهُ صَلّى الُ عََليْهِ حبَا ِ
شدّني بِال ِ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :ف َربَطني بِالْ ُقيُودَِ ،و َ
سحَبُ ال ّذيْلَ ت الغَمامِ ،وَال َب ْدرِ َليْلَ ال ّتمَامَِ ،يسِيرُ وَال ّنجُومُ ت َت ْبعَهُ ،و َي ْ شمْسِ َتحْ َ َوسَّلمَ فِي ال َمنَامِ ،كال ّ
ل ْورَاق ِبخَلُوقٍ ن أُعَّل َم ذَلِك ُأ ّمتَهَُ ،ف َكتَ ْبتُهُ عَلَى هذِهِ ا َ والمَل ِئكَ ُة َترْ َفعُهُ ،ثمّ عَلمَني دُعَاءً َأ ْوصَانِي أَ ْ
خ ْذتُهُ.
ن ال ِق ْرطَاسِ َأ َ ن َردّ عََليّ َثمَ َ ستَوْ َهبَ ُه مِنيّ وَ َه ْبُتهَُ ،ومَ ْ سكٍَ ،فمَنِ ا ْ سكٍَ ،وزَعْ َفرَانٍ َو ُ َو ِم ْ
ح ْذقِهِ
جبَا مِنْ ِ خرَجَ َف َت ِبعْتُ ُه ُم َت َع ّ حّي َرتْهَُ ،و َحتّى َ ن ِهشَامٍ :فَلَ َقدِ ا ْنثِالَتْ عَليهِ ال ّدرَا ِهمُ َ قَالَ عِيسى بْ ُ
حتَهُ ت فَصَا َ سكْتَُ ،و ِب ُمكَالَ َمتِ ِه فَسكَتَّ ،و َتَأمّلْ ُ ن حَالِ ِه فََأ ْم َ سأََلتِهِ عَ ْ ِبزَ ْرقِهَِ ،و َت َمحّلِ ِرزِقِهِ ،و َه َممْتُ ِب َم ْ
ظرْتُ فإِذَا خ َذهُ المَالَ ب َوسِيَلتِهَِ ،و َن َ س ِتمَاحَتِهَِ ،و َربْطَ ُه النّاسَ بِحيَلتِهِ ،وََأ ْ حتَهُ في ا ْ فِي َوقَاحَتِهَِ ،ومَل َ
شأَ يَقُولَ: سمَ وَأ ْن َ ت إِلَى هذِ ِه الحِيلَ ِة فَ َت َب ّ ف ا ْه َتدَيْ َسكَ ْن َدرِيّ ،فَقُلْتَُ :كيْ َ لْ حاِ هُ َو َأبُو الْ َفتْ ِ
وا ْبرُزْ عََل ْي ِهمْ و َب ّرزْ ح ْمرٌ َفجَـ ّوزْ النّاسُ ُ
ش َتهِي ِه فَفَرْ ِوزْ مَا َت ْ ت ِم ْنهُـمْ حتّى ِإذَا نِلْ َُ
ال َمقَامَ ُة الَهْوَازِيّةُ
سهّلَِ ،ليْسَ فِينَا ن فِيهِمْ َت َ ت بِالَهْوازِ ،في ُرفْقَ ِة َمتَى مَا َترَقّ ال َعيْ ُ ح ّدثَنَا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قالُ :كنْ ُ َ
ضنَا فِي ال ِعشْرَ ِة َكيْفَ لقْبالَِ ،م ْرجُوّ اليّامِ وَاللّيالَ ،فَأفَ ْ ناِ حسَ ُختَطّ َ ل َأ ْمرَدُ ب ْكرُ المالِ ،أَ ْو ُم ْ ِإ ّ
شرْبِ فِي َأيّ حكِمُ َمعَا ِقدَهَا ،وَالسّرورِ فِي َأيّ َوقْتٍ َنتَقَاضَاهُ ،وال ّ لخُوّ ِة َك ْيفَ ُن ْ عدَهَا ،وَا ُ َنضَعُ قَوَا ِ
حصّلُهُ، ن ُن َ شرَابِ ِمنْ َأيْ َ حظّ َكيْفَ َنتَلفَاهُ ،وَال ّ ت ال َ َوقْتٍ َنتَعاطاهُ ،وَالنْسِ َك ْيفَ َن َتهَاداهَُ ،وفَائِ ِ
خرُ :عََلىّ الشّرابُ وَالنّقْلُ ،وََلمّا حدُنا :عََلىّ ا ْل َبيْتُ والّنزْلُ ،وَقالَ آ َ ل َأ َوَال َمجْلِسِ َك ْيفَ ُن َزيّنُهُ .فَقَا َ
طّي ْرنَا َلمّا ج َناَزةٌَ ،فتَ َعكّازَةٌ ،وَعَلى َكتِ َفيْهِ ِ ط ْم َريْنِ فِي ُي ْمنَاهُ ُ ل فِي ِ ستَ َقبَلنَا َرجُ ٌ ج َم ْعنَا عَلى المَسيرِ ا ْ َأ ْ
لرْضُ ص ْيحَ ًة كَادَ تْ ا َ ع ْنهَا صَفْحاَ ،وطَ َو ْينَا ُد َونَها َكشْحا ،فَصَاحَ ِبنَا َ ضنَا َع َر ْ جنَازَةَ وَأَ ْ
رََأيْنَا ال ِ
ن مِنْ طيّرو َ صغْرا وََل َت ْر َكبُ ّنهَا َكرْها َو َقسْرا ،مَا ل ُكمْ َت ّ طرُ ،وَال ّنجُومُ َت ْن َك ِدرَُ ،وقَالََ :لتَر ُو ّنهَا ُ لهَا َتنْ َف ِ
سيَطؤُ ُه َأ ْبنَا ُؤ ُكمَْ ،أمَا طئَهُ آبَا ُؤ ُكمَْ ،و َ سرِيرا َو ِ ن َ ل ُفكُمَْ ،و َتتَ َق ّذرُو َ
س َيرْ َك ُبهَا َأخْ َلفُ ُكمْ ،و َ َمطّي ٍة رَ ِك َبهَا َأسْ َ
ح ُكمْ
جيَادِ ،إِلَى تِ ْل ُكمُ الوِهادَِ ،و ْي َ ن ِب َهذِ ِه ال ِ
حمَلُنّ عَلَى هذِ ِه العِيدَانِ ،إِلَى تِ ْل ُكمُ الدّيدَانِ ،وََل ُتنْقَلُ ّ والِ َل ُت ْ
جرَةُ? . ط َيرَُ ،يِا فَ َخيّرونََ ،و َت َتكَرّهونَ ،كَأ ّنكُمْ ُم َنزّهُونََ ،هلْ َتنَفَ ُع هَذهِ ال ّ طّيرُونَ ،كَأ ّنكُمْ ُم َ َت َ
ض مَا ُكنّا عَ َق ْدنَاهُ ،وَأ ْبطَلَ مَا ُكنّا َأرَ ْدنَاهَُ ،فمِلنَا إِلَيهِ َوقُلنَا لَهُ :مَا ن ِهشَامٍ :فَلَ َقدْ نقَ َ عيَسى بْ ُ قَالَ ِ
شئْتَ َل ِزدْتَ قَالَ :إِنّ َورَا َء ُكمْ مَوَا ِردَ َأنْتمْ وَارِدُوهَا، ظكَ ،وَلَ ْو ِ عشَ َقنَا لِلَ ْف ِ
ظكَ ،وَأ ْ عِ جنَا إِلى وَ ْ َأحْ َو َ
حجَةً: ن ِ عشْري َ س ْرتُمْ إَِل ْيهَا َِو َقدْ ِ
إِلى َم ْنهَلٍ مِنْ ِو ْردِ ِه لِقَـرِيبُ حجَةً
ن ِ عشْرِي َ ن امْرأَ قَ ْد سَارَ ِ وإِ ْ
ستَا َر ُكمُْ ،يعَامِِلكُمْ فِي ال ّد ْنيَا ِبحِلمٍَ ،ويَ ْقضِي عََل ِي ُكمْ ن فَ ِو ِق ُكمْ مِنْ َيعَْلمُ َأسْرا َركُمْ ،وََلوْ شَا َء َل َه َتكَ َأ ْ َومِ ْ
شعَ ْر ُتمُوهُ َلمْس َت ْ
خرَ ِة ِبعِلمٍ ،فَ ْل َيكُنِ المَوتُ ِم ْن ُكمْ على ُذكْرٍِ ،لئَل َتَأتْوا ِب ُنكْرٍَ ،فإِ ّن ُكمْ ِإذَا ا ْ فِي ال ِ
ع ْنهُ َفهُ َو ثَائِر ُكمْ ،وإِنْ ن َنسِي ُتمُو ُه فَهْ َو ذَا ِك ُركُمْ ،وِإنْ ِن ْم ُتمْ َ ج َمحُواَ ،ومَتى َذ َك ْر ُتمُو ُه َلمْ َت ْمرَحوا ،وإِ ْ َت ْ
ن ُت َعدّ ،قُ ْلنَا:
ن أَ ْ حدّ ،وَأ ْك َثرُ مِ ْ َكرِ ْه ُتمُو ُه فهُوَ زَا ِئ ُركُمْ ،قُ ْلنَاَ :فمَا حَاجَ ُتكَ? قَالََ :أطْوَلُ ِمنْ َأنْ ُت َ
شئْتَ مِنْ ك إَِل ْينَا ،وََل ِكنْ مَا ِ لمْرِ ،قُ ْلنَاَ :ليْسَ ذَِل َ َفسَانِحُ ال َوقْتِ ،قَالََ :ردّ فَائِتِ ال ُع ْمرَِ ،و َدفَعُ نَازِلِ ا َ
خدُوا َأ ْكثَ َر مِنْ َأنْ َتعُوا. جتِي َب ْعدَ هَذا َأنْ َت ِ ل ل حَاجَ َة لِي فِيهَا ،وإِنمَا حَا َ خرِ ِفهَا ،قَا َ متَاعِ ال ُد ْنيَا َو ُز ْ
ال َمقَام ُة الْبَغْدَاذِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ:
عيَسى بْ ُ
ح ّد َثنَا ِ
َ
9
حتّى َأحَّلنِي ت َأ ْن َتهِزُ َمحَالّ ُه َ خرْجْ ُ س َمعْي عَ ْقدٌ عَلى نَ ْقدٍَ ،ف َ لزَاذَ ،وَأنَا ِب َب ْغدَاذَ ،وََليِ َ ش َت َهيْتُ ا َاْ
صيْدٍ، حمِارَهَُ ،و َيطَ ّرفُ بِالعَ ْقدِ ِإزَارَهُ ،فَقُلْتُ :ظَفِ ْرنَا وَالِ ِب َ ج ْهدِ ِ ال َكرْخََ ،فِإذَا َأنَا ِبسَوا ِديّ َيسُوقُ بِال َ
ن َأ ْقبَلْتَ? وََأ ْينَ َنزَلْتَ? َو َمتَى وَا َفيْتَ? وَهَُلمّ إِلَى ال َبيْتِ ،فَقَالَ حيّاكَ الُ َأبَا َز ْيدٍِ ،منْ َأيْ َ َو َ
ن الُ الشّيطَانَ ،وََأ ْب َعدَ ال ّنسْيانَ، ع َب ْيدٍ ،فَقُلْتَُ :ن َعمَْ ،لعَ َ
السّوا ِديَّ :لسْتُ ِبَأبِي َز ْيدٍ ،وََل ِكنّي َأبْو ُ
ب َب ْعدِي? فَقَالََ : ل َأبِيكَ ? َأشَابٌ َك َعهْديَ ،أمْ شَا َ ل ال ُبعْدَِ ،ف َكيْفَ حَا ُ ل ال َع ْهدِ ،وَا ْتصَا ُ َأ ْنسَانِيكَ طُو ُ
جعُونَ، ج ّنتِهِ ،فَقُلْتُِ :إنّا لِ وِإنّا إَِليْ ِه رَا ِ صيّرَ ُه الُ إِلَى َ ق ْد َنبَتَ ال ّربِيعُ عَلَى ِد ْم َنتِهِ ،وََأ ْرجُو َأنْ ُي َ
ل العَِليّ ال َعظِيمَ ،و َم َددْتُ َيدَ ال ِبدَارِ ،إِلي الصِدَارُِ ،أرِيدُ َت ْمزِيقَهُ ،فَ َقبَضَ ل بِا ِ ل قُوةَ ِإ ّ َولَ حَ ْولَ و َ
غدَاءً، ل ل َمزّ ْقتَهُ ،فَقُلْتُ :هَُلمّ إِلى ال َبيْتِ ُنصِبْ َ شدْ ُتكَ ا َ
ج ُمعْهَِ ،وقَالََ :ن َ خصْرِي ِب ِ السّوا ِديّ عَلى َ
عطَ َفتْهُحمَ ُة ال َق َرمِ ،وَ َ ستَ َفزّتْ ُه ُ طيَبُ ،فَا ْ طعَامُ ُه َأ ْ
ش َترِ شِواءً ،وَالسّوقُ َأ ْقرَبَُ ،و َ أَ ْو إِلَى السّوقِ َن ْ
عرَقاَ ،و َت َتسَايَلُ جُوذَابَاتُهُ طمِعَ ،وََلمْ َيعَْلمْ َأنّهُ َوقَعَُ ،ثمّ َأ َت ْينَا شَوّا ًء َيتَقَاطَ ُر شِوَا ُؤهُ َ عَاطِفُ ُة اللّ َقمَِ ،و َ
خ َترْ َلهُ ِمنْ تِ ْلكَ ن هَذا الشّواءُِ ،ثمّ زِنْ َلهُ ِمنْ تِ ْلكَ الحَلْواءِ ،وا ْ لبِي َز ْيدٍ مِ ْ َمرَقا ،فَقُلْتُ :ا ْفرِزْ َ
سمّاقِ ،لِيَأكُلَ ُه َأبُو زَ ْيدٍ هَنيّا، ن مَاءِ ال ّ ش ْيئَا مِ ْضدْ عََل ْيهَا َأ ْورَاقَ الرّقَاقَِ ،ورُشّ عََل ْيهِ َ لطْباقِ ،وا ْن ِ اَ
ن َدقْاُ ،ثمّ جَلسَ سحْقاَ ،وكَالطّحْ ِ جعَلها كَال َكحْلِ َ فَأ ْنخّى الشّوا ُء ِبسَاطُورِهِ ،عَلَى ُز ْبدَةِ َتنّو ِرهَِ ،ف َ
ستَو َف ْينَاَ ،وقُلْتُ ِلصَاحِبِ الحَلْوَى :زِنْ لَبي َز ْيدٍ مِنَ حتّى ا ْ َوجََلسْتُ ،ول َيئِسَ وَل َي ِئسْتَُ ،
ن َليْلّي ال ُعمْرِ ،يَ ْو ِميّ جرَى فِي الحُلْوقِ ،وََأمْضَى فِي ال ُعرُوقِ ،وَ ْل َيكُ ْ اللّوزِينج ِرطَْليْنِ َفهْ َو َأ ْ
صمْغَِ ،قبْلَ ال َمضْغِ، ب كَال ّ حشْو ،لُؤُْل ِؤيّ الدّهْنِ ،كَ ْوكَبيّ اللّوْنَِ ،يذُو ُ شرَِ ،كثِيفِ ال َ ال ّنشْرِ ،رَقِيقَ ال ِق ْ
ستَ ْوفَ ْينَاهُُ ،ثمّ قُلْتُ :يَا َأبَا ىاْ ج ّردْتُ ،حَت ّ ج ّردَ َو َِل َي ْأكُلَهُ َأبَو َز ْيدٍ َه ِنيّا ،قَالَ :فَ َو َزنَهُ ُثمّ َق َعدَ َوقَعدْتَُ ،و َ
شعْشِعُ بِالثّلْجِِ ،ليَ ْقمَ َع َهذِ ِه الصّارّةََ ،و َيفْثأَ هذِ ِه اللّ َقمَ الحَارّةَ ،اجْلِسْ يَا َأبَا َ جنَا إِلَى مَا ٍء ُي َ َزيْدٍ مَا َأحْ َو َ
ث َأرَاهُ ولَ َيرَانِي َأ ْنظُرُ مَا حيْ ُ حتّى ن ْأتِيكَ ِبسَقّاءٍَ ،ي ْأتِيكَ ِبشَرْب ِة ماءٍُ ،ث ّم خَ َرجْتُ َوجََلسْتُ ِب َ زيْدٍ َ
ن ما ن َثمَ ُعتََلقَ الشّوّاءُ ِبِإزَارِهَِ ،وقَالََ :أيْ َ حمَارِهِ ،فَا ْ َيصْنَعُ ،فََلمّا َأبْطَأتُ عََليْ ِه قَامَ السّوا ِديّ إِلَى ِ
طمَةٍُ ،ثمّ قَالَ الشّوّاءُ :هَاكََ ،و َمتَى ضيْفَا ،فََل َكمَ ُه َل ْكمَةًَ ،و َثنّى عََليْهِ بَِل ْ َأكَلْتَ? فَقَالََ :أبُو َز ْيدٍَ :أكَ ْلتُ ُه َ
سنَانِهِ َويَقُولَُ :كمْ قُلْتُ ع َقدَ ُه ِبأَ ْ
جعَلَ السّوَا ِديّ َي ْبكِي َو َيحُلّ ُ شرِينََ ،ف َ عْ ن يَا َأخَا ال ِقحَةِ ِ دَعَ ْونَاكَ? زِ ْ
ع َب ْيدٍ ،وَ ْهوَ يَقُولَُ :أنْتَ َأبُو َز ْيدٍَ ،فَأ ْنشَدْتُ: ِلذَاكَ ال ُق َريْدَِ ،أنَا َأبُو ُ
ن ِبكُلّ حَـالَـهْ لَ تَ ْق ُعدَ ّ ل آلـهْ عمِلْ ِل ِرزْ ِقكَ كُ ّ َأ ْ
ل َمحَالَهْفَالمَرْ ُء َي ْعجِزُ َ عظِـيَمةٍ ض ِبكُلّ َ وَا ْنهَ ْ
ال َمقَامَ ُة الْبِصْرِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد ّثنِي عِيسَى بْ ُ َ
ن ال ِغنَى فَي بَ َقرٍ َوشَاءٍ، ح َبرٍ َو ِوشَاءٍَ ،ومِ َ سنّي في فَتَاءٍَ ،و ِمنَ ال ّزيّ فِي ِ صرَةَ وََأنَا ِمنْ ِ ت البَ ْ َدخَلْ ُ
ك ال ُم َتنَزّهَاتِ ،فِي تِ ْلكَ غ ْيرَ َبعِي ٍد إِلى َبعْضِ تِ ْل َ شيْنَا َ خذُ ُهمُ ال ُعيُونَُ ،و َم َ َفأَ َتيْتُ ال ِم ْر َبدَ فِي رُفْ َقةٍ َت ْأ ُ
شمَةِ ِإ ْذ َلمْ َيكُنْحْ ط ّرحِينَ لِ ْل ِ ح الّلهْ ِو َفأَجَ ْلنَاهَاُ ،م َ ع َم ْدنَا لِ ِقدَا ِ
ض فَحَلَ ْلنَاهَا ،وَ َ
جهَاتَِ ،ومََل َك ْتنَا َأرْ ٌ ال ُمتَ َو ّ
عنّ َلنَا سَوادٌ َتخْ ْفضُهُ وِهَادَُ ،و َت ْرفَعُ ُه ِنجَادٌ، ن ِبَأسْ َرعَ ِمنْ ا ْر ِتدَادِ الطّ ْرفِ حتّى َ فِينَا ِإلّ ِمنّا ،فَمَا كَا َ
لسْلَمَِ ،و َر َد ْدنَا عَ ْليْ ِه مُ ْقتَضى حيَ ِة ا ِس ْيرُهُ وَلَ ِق َينَا ِب َت ّ
حتّى َأدّاهُ إِل َي ْناَ ََوعَِل ْمنَا َأنّ ُه َيهُ ّم ِبنَاَ ،فَأتْلَ ْعنَا َلهَُ ،
حزْراَ ،ومَا س ُعنِي َ ظنِي شَزْراَ ،ويُو ِ حُ طرْفَهُ َوقَالَ :يا قَ ْومُ ما ِم ْن ُكمْ ِإلّ َمنْ يَ ْل َ السّلمُِ ،ثمّ أَجالَ فِينَا َ
ي ال َفضْلُ طأَ ِل َ لمَ ِويّةَِ ،قدْ َو ّ س َكنْ َد ِريّةِ ِمنَ الّثغُو ِر ا َ لْ لاِ ص َدقُ ِمنّيَ ،أنَا َرجُلٌ ِمنْ أَهْ ِ عنّيَ ،أ ْ ُي ْن ِب ُئ ُكمْ َ
حمْرَ ل ُ ن َثمّهِ َو َرمّهِ ،وََأتْلنِي زَغَالي َ ج ْعجَعَ بِي الدّ ْهرُعَ ْ عيْشٌَ ،و َنمَانِي َبيْتٌُ ،ثمّ َ ب بِي َ َكنَفَهَُ ،ورَحّ َ
حوَاصِل: ال َ
س ّم ُهمْ
فَلَ ْو َيعَضّونَ َل َذكّي َ حيّاتُ َأرْضِ َمحَْلةٍ َكَأ ّن ُهمْ َ
وِإنْ َرحَ ْلنَا َر ِكبُونِي كُّل ُهمْ ِإذَا َنزَ ْلنَا َأرْسَلُونِي كَاسِبا
ح ْمرُ ،وَا ْنتَا َبنَا َأبُو مَاِلكٍ، طمَ ْتنَا ال ُ
حّ ش َمسَتْ ِمنّا الصّ ْفرُ ،وََأكََل ْتنَا السّودَُ ،و َ شزَتُ عََل ْينَا البِيضَُ ،و َ وَ َن َ
َفمَا يَلْقَانَا َأبُو جَا ِبرٍ ِإلّ عَنْ عُ ْفرٍ ،وَ َهذِ ِه ال َبصْرَ ُة مَاؤُهَا َهضُومٌَ ،وفَقِيرُهَا َم ْهضُومٌ ،وَال َمرْءُ ِمنْ
شغْلٍَ ،و ِمنْ نَ ْفسِ ِه في كَلّ ،فَ َك ْيفَ ِبمَنْ: ضِ ْرسِ ِه فِي ُ
10
حدّدَ ِة العُـيُو ِ
ن ب ُم َ إِلَى زُغْ ٍ ف ثُـمّ َيَأوِي ُيطَ ّوفُ مَا يُطَ ّو ُ
جيَاعَ النّابِ ضَامِرَ َة ال ُبطُونِ ِ شعْثا َف ُت ْمسِـي ن ا ْلبِلَى ُ َكسَاهُ ّ
ل ُكفّ عَلَى َليْتَ، ل َبيْتٍ ،وَقّلبْنَ ا َ حيّ َك َميْتٍَ ،و َبيْتٍ ك َ ن الطّ ْرفَ فِي َ ص َبحْنَ ا ْل َي ْومَ َوسَ ّرحْ َ
وَلَ َقدْ َأ ْ
سمِ الجُوعِ. عيْنَ بِا ْن مَاءَ ال ّدمُوعَِ ،و َتدَا َ ضضْنَ عُ َقدَ الضّلُوعِ ،وََأفَضْ َ فَفَ َ
لمَهْ
مِ ِلكُلّ ذِي َك َرمٍ عَ َ وَال َف ْقرُ فِي َزمَنِ الـلّـئَا
ط الْ ِقيَامَهْ
شرَا ُمِ َ ،وتِ ْلكَ َأ ْ رَغِبَ ال ِكرَامُ إِلَى اللّـئَا
ن َفتَىً
ن فِي ِهمْ َل َدسَماَ ،فهَلْ مِ ْ سعَادَةَُ ،وقُلْتُ قَسَما ،إِ ّ خ ِترْ ُتمْ يَا سَادَةَُ ،ودَّلتْنِي عََل ْيكُ ُم ال ّ وَلَ َق ِد ُا ْ
ل مَا حرّ ُي َغدّيهِنَّ ،أ ْو يُ َردّيهِنّ? قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فَوَا ِ ن ُ ُي َعشّيهِنَّ ،أوْ ُي َغشّيهِنّ? وَهَلْ مِ ْ
حنَا
س َت َم ْ لجَ َرمَ َأنّا ا ْ ت ِمنْهَُ ، سمِعْ ُ لمٌ رَائعٌ َأ ْب َرعُ ،وََأ ْرفَعُ وََأ ْب َدعُِ ،ممّا َ سمْعي ك َ ب َ حجَا ِ س َتأْذَنَ عَلَى ِ اْ
خذِيَ ،وقُ ْلنَا عةُ ِإ ْ جمَا َخذَتِ ال َ طرَفِي ،وََأ َ جيُوبََ ،ونُ ْلتُ ُه َأنَا ُم ْ ح ْينَا ال ُ ل ْكمَامََ ،و َن ّ
الَ ْوسَاطََ ،ونَ َفضْنَا ا َ
شرٍ مَلَأ بِ ِه فاهُ. شكْرٍ َوفّاهَُ ،و َن ْعنّا َبعْ َد ُ عرَضَ َ حقْ ِبأَطْفَاِلكََ ،فأَ ْ َلهُ :ا ْل َ
ال َمقَامَ ُة الفَزَارِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
سبْحا ،وََأنَا أَ ِهمّ بِالْ َوطَنِ، ن بِي َ سبَحَا ِ جنِيبَةًَ ،ي ْض بلدِ َفزَارَ َة ُمرْ َتحِلً َنجِيبَةً ،وَقائِدا َ ت فِي َبعْ ِ ُكنْ ُ
سيَار خبِطُ َو َرقَ ال ّنهَارِِ ،بعَصَا ال ّت ْ ت َأ ْل ال ُب ْعدُ يَلْوِينِي ِببِيدِهِ ،فَظَلِلْ ُ ل َي ْثنِينِي بِ َوعِيدِهَِ ،و َ فَلَ الّليْ ُ
خيْلِ ،فَ َب ْينَا َأنَا فِي َليْلَ ٍة َيضِلّ فِيها الغَطاطُ ،وَل ُي ْبصِ ُر فِيهَا ض َبطْنَ اللَيلِِ ،بحَوَا ِفرِ ال َ وََأخُو ُ
ب تامّ اللَتِ، عنّ لِي رَاكِ ٌ ضيُعُِ ،إذْ َ ل بَارِحَ ِإلّ ال ّ سبُعَُ ،و َ ل ال ّسيْحا ،وَل سَانِح ِإ ّ ح َ سيَ ُ
ال َوطْواطَُ ،أ ِ
ن شَاكِي السّلَحِ ،ل ِكنّي عزَلَ مِ ْ خذَني ِمنْهُ ما َي ْأخُ ُذ الَ ْ لثَلَتَِ ،يطْوي إَِلىّ َم ْنشُورَ الفََلوَاتَِ ،فأَ َ َي ُؤمّ ا َ
ح ِميّةٌخمٌَ ،و َ خصْ ٌم ضَ ْ خ ْرطَ الْ َقتَادَِ ،و َ حدَادَِ ،و َ ط ال ِشرْ ُ ضكَ لَ ُأمّ َلكََ ،فدُو َنكَ َ َتجَلدْتُ فَقُلْتَُ :أ ْر َ
صبْتَ ،فَقُلتُ: حرْبٌ ِإنْ َأ َردْتَ ،فَقُلْ لِي :مَنْ َأنْتَ? فَقَالَ :سِلْما َأ َ شئْتََ ،و َ ن ِ َأ ْزدِيّةٌ ،وََأنَا سِ ْلمٌ إِ ْ
سمِي ِلثَامٌ ،لَ ن حَاوَرتََ ،ودُونَ إ ْ ح إِ ْن شَا َورْتَ فَصِي ٌ ح إِ ْن َأنْتَ? قَالََ :نصِي ٌ جبْتََ ،فمَ ْ خيْرا َأ َ َ
حتّى َأقَعَ عَلى جَ ْف َنةِ جَوادٍ ،وَلِي لدَِ ، ب البِ َجيُو َ ط ْعمَةُ? قَالََ :أجُوبُ ُ لمُ ،قُلْتَُ :فمَا ال ّ لعْ َ تُميطُهُ ا َ
ض إِليّ حَقِي َبتَهُ، جنِيبَتَهَُ ،و َينْفُ ُن َيرْ ُقمُ ُه َبنَانٌ َوقٌصَارَاي َكرِيمٌ َيخْفِضُ لِي َ فُؤَا ٌد َيخْ ِدمُ ُه ِلسَانٌَ ،و َبيَا ٌ
عنّي ِب ُغرُوبِها ،ل ِكنّهُ غَابَ وَل ْم َيغِبْ ع الشّمسِ ،وَغَربَ َ حرّةٍ طَلَعَ عََليّ بِالمْسِ ،طُلُو َ ن ُ كَابْ ِ
ن َل ِبسَهُ ،فَقُلْتُ: ش ّي ْعتَني آثَارُهُ ،وَل ُي ْن ِب ُئكَ ع ْنهَاَ ،أقْرَبُ ِم ُنهَا ،وََأوْمأَ إِلى ما كا َ َتذْكارُهُ ،وَ َو ّدعَ َو َ
ل هُ َو فِيها ُأسْتاذٌَ ،ولَ ُب ّد مِنْ َأنْ َت ْرشَحَ َلهُ، ص ْنعَ ِة نَفَاذٌ ،بَ ْ
ب ا ْل َكعْبةِ آخّاذُ ،لَ ُه فِي ال ّ شحّاذٌ َورَ ّ َ
لمِكَ? فَقَالَ :وََأيْنَ كَلمِي مِنْ ن كَ َ ش ْع ُركَ مِ ْ عبَا َر َتكََ ،فَأيْنَ ِ َو َتسِحّ عََليْهِ ،فَقُلْتُ :يَا َفتَى قَدْ جَّليْتَ ِ
شأَ يَقُولُ: غرِيزَتَهَُ ،ورَفَعَ عَقِي َرتَهُِ ،بصَوْتٍ ملَ الوَادِي ،وََأ ْن َ س َت َمدّ َ
شعْرِي? ُثمّ ا ْ ِ
لرْضَ لكِن كَلَ س َتمَسّ ا َ خمْ ُ ع أَ ْهدَا ُه ِليَ الّليْلُ وَالْفَل َو َ وَأرْ َو َ
َولَ
سيَادَةِن ُمعِماّ في ال ّ فَكا َ
عرَضْتُ عَلَى نَارِ المَكارِمِ عُوَدهُ َ
ُمخْ ِولَ
سهّلَ ن ِبرّهِ َف َت َ َوسَاهَ ْلتُهُ مِ ْ عُتهُن مَالِ ِه َفخَدَ ْ عتُهُ عَ َْوخَادَ ْ
ظمِ ال َقرِيضِ بِـمَـا حمَ َد َمنْطِقِيبَلَ ِبيَ ِمنْ َن ْ وََلمّا َتجَاَل ْينَا وََأ ْ
بَـلَ
سبْقِ َأ ّولَ ن َه ّزنِيوِِلمْ يَلْ َقنِي ِإلّ إِلَى ال ّ َفمَا َه ّز ِإلّ صَارِما حي َ
حجّلَ غرّ ُم َ ل أَ َحتَهُ ِإ ّ َومَـا ت ْ غ ّر مُحجّلَ وََلمْ َأرَ ُه ِإلَ أَ َ
ح ْك ُمكَ ،فَقَالَ :الحَقِيبَ ُة ِبمَا فِيهَا ،فَقُلْتُ :إِنّ حبُنِي ُ صَ ك فِيمَا َي ْ ت لَهُ :عَلَى ِرسْلِكَ يَا َفتَى ،وََل َ فَقُلْ ُ
خمْسا ،لَ حدَةٍ َ ج ْمعِي عََل ْيهَِ ،وقُلْتُ :لَ وَاّلذِي أَ ْل َه َمهَا َلمْساَ ،وشَ ّقهَا ِمنْ وَا ِ َوحَامَِلتَهَاُ ،ثمّ َقبَضْتُ ب ُ
سكَ ْن َدرِيَّ ،فمَا لْ حاِ خنَا َأبُو ال َفتْ ِ
ش ْي ُجهِهِ ،فَِإذَا ُهوَ وَالِ َ ن َو ْ ُتزَايُلنِي َأوْ َأعَْلمَ علْمكََ ،فحَ َدرَ ِلثَامَهُ عَ ْ
ن قُلْتُ:ت أَ َْل ِبثْ ُ
11
ختَا ً
ل سيْفِ ُم ْ
ِب َهذَا ال ّ شحْتَ َأبَا الْ َفتْـ ِ
ح َت َو ّ
ِإذَا َلمْ َتكُ َقتّـالً? صنَعُ بِالسّيفِ َفمَا َت ْ
سيْ َفكَ خَلْخـال ِبهِ َ فَصُغْ مَا َأنْتَ حَّليْتَ
ال َمقَامَ ُة الجَاحِظيّة
ل الِ عنْ َرسُو ِ ث ال َم ْأثُور َ حدِي ِ جبْتُ إَِل ْيهَا ،لِ ْل َن ِهشَامِ قَالَ :أثَا َرتْنِي َورُفْقَ ًة وَِليَمةٌ َفَأ َ ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
ي ِذرَاعٌ َل َقبِلْتُ" فأَ ْفضَى ِبنَا جبْتُ وََلوْ أُ ْه ِديَ إَِل ّ لَ ت إِلَى ُكرَاعٍ َ صَلّى الُ عََليْهِ َوسَّلمَ " :لَ ْو دُعِي ُ
س ْيرُ إِلى دَارٍ. ال ّ
َت ْنتَقِي ِمنْهُ َو َتنْـتَـحِـبُ حسْنَ تـ ْأخُـذُهُ ُت ِركَتْ وَال ُ
طهَاَ ،و ُب َقدْ ُفرِشَ ِبسَا ُ ض مَا َتهَبُ ستَزَادَتْ َبعْ َ وَا ْ فَا ْنتَقَتْ ِمنْـ ُه طَـرَائِفَـهُ
عكَ ْف
خضُودٍَ ،و َورْ ٍد َمنْضُودٍَ ،و َدنّ مَ ْفصُودٍَ ،ونَايٍ وَعُودٍَ ،فصِ ْرنَا إَِل ْي ِهمْ َوصَارُوا إَِل ْينَاُ ،ثمّ َ ن آسٍ َم ْ خذُوا ال َوقْتَ َبيْ َ طهَاَ ،وقَ ْومٍ َقدْ َأ َ اَ ،و ُم ّد سِما ُ
طعَامِ
ن قَانٍ تِلْقَا َءهُ فَاقِعٌَ ،و َمعَنا عَلى ال ّ ختَلَفَتْ أَ ْلوَانُ ُه َفمِنْ حَاِلكٍ ِبِإزَائِهِ نَاصِعٌَ ،ومِ ْ صطَفّتْ جِفانُهُ ،وَا ْ حيَاضُهَُ ،ونَ ّورَتْ رياضُهُ ،وَا ْ ت ِ ن قَدْ مُِلئَ ْ ٍ
خ في صعَةِ ،كَالرّ ّ ل في ال َق ْ ض الجِيرانَِ ،و َتجُو ُ ن الجِفانَِ ،و َترْعَى َأرْ َ عيُو َ
خذُ ُوجُوهَ الرّغفَانَِ ،وتَفْقأُ ُ دُهُ عَلَى الخِوَانَِ ،و َتسْ ِفرُ َبيْنَ الَ ْلوَانَِ ،و َت ْأ ُ
حتّى َوقَفَ ِبنَا عَلَى ِذ ْكرِ ال ث َنجْري َمعْهَُ ، حدِي ِ ن فِي ال َ ل َي ْنبِسُ ِبحًرفٍَ ،و َنحْ ُ ضغَةِ المْضغَة ،وَهْ َو مَعَ ذَِلكَ ساكِتٌ َ باِللّ ْقمَ ِة اللّ ْق َمةََ ،و َي ْهزِ ُم بِالمَ ْ
حدِيثِ اّلذِي ُك ْن ُتمْ فيِهِ? ن ال َن ذَِلكَ المَكانِ ،فَقَالَ ال ّرجُلَُ :أ ْينَ َأ ْن ُتمْ مِ َ خوَانَِ ،وزُلْنَا عَ ْ خرَ ال ِ حدِيثَ آ ِ ن المُقَفّعِ َو َذرَابتِهِ ،وَوَا َفقَ َأوّلُ ال َ صفِ ابْ ِ هِ ،وَ َو ْ
سكّانٌ ،وِلكُل ل ِرجَالٌ ،وَِلكُلّ مَقَامٍ مَقَالُ ،وَِلكُلّ دَارٍ ُ عمَ ٍع َر ْفنَاهُ ،فَقَالَ :يَا قَ ْومِ ِلكُلّ َ س َننِهِ ،فِيما َ س َننِ ِه فِي الفَصاحَةِ َو ُ حسْنِ َ سنِهَِ ،و ُ
حظِ وَل َ فِ الجَا ِ
ع ْندَهَُ ،وقُلْتَُ :أ ِفدْنا َو ِزدْنا ،فقَا ب ما ِ حكْتُ َلهُ لَجلُ َ ضِ ل ْكبَارَِ ،و َ شمّ ِبَأنِْف ا ِل ْنكَارِ ،وََأ َ ن نابِ ا ِ شرَ َلهُ عَ ْ عتَ َق ْد ُتمَْ ،فكُلّ َك َ
،وََلوِ ا ْنتَ َق ْد ُتمَْ ،ل َبطَلَ مَا ا ْ
شعْرا ن للْجاحِظِ ِ شعْرِهَِ ،فهَل َترْوُو َ عنْ َن ْثرِهِ ،وَلمْ ُيزْرِ كَلمَ ُه ب ِ صرْ َنظْمُهُ َ ن َلمْ يُ َق ّ طفُ ،وفِي الخَرِ ي َقفُ ،والبَليغُ مَ ْ غةِ يَ ْق ِحدِ شِ ّقيِ البَلَ َ في َأ َ
ن ُم ْعتَاصِ ِه ُي ْهمِلُ ُه ستَ ْعمِلُهُ ،نَفُورٌ مِ ْ لمِ ي ْ ن الكَ َ س ِتعَاراتِ ،قَرِيبُ ال ِعبَارَاتُ ،منْقادٌ ل ُعرْيَا ِ لمِهَِ ،فهْوَ َبعِيدُ الِشارَاتِ ،قَلِيلُ ال ْ لَ ،قَالََ :فهَُلمّوا إِلَى كَ َ
عنْ َم ْن ِك َب ْيكََ ،و َي ِنمّ علَى مَا في َي َد ْيكَ? لمِ مَا ُيخَ ّففُ َ ن الكَ َ سمَعَ مِ َ ن َت ْ
ل ُتحِبّ أَ ْ سمُوعَةٍ? فَقُ ْلنَا :لَ ،فَقَالَ :هَ ْ غ ْيرَ َم ْ
صنُوعَةًَ ،أوْ كَِلمَةً َ لَ ُه لَ ْفظَ ًة مَ ْ
ش ْكرِكََ ،فنُلْتُ ُه ِردَائِي ،فَقالَ: خ ْنصِ ِركَِ ،بمَا ُيعِينُ على ُ عنْ ِ ق لِي َ إِي وَالِ ،قَالَ :فَأطْلِ ْ
جدَا ب بِهِ َم ْ شيَتْ ت ْلكَ الّثيا ُ حِ َع ْمرُ الّذي أَلقَى عََليّ ِثيَا َبهُلَ َقدْ ُ
صبَتْ َن ْردَا ل نَ َض َربَتْ ِقدْحا و َ َومَا َ فَتىً َقمَ َرتْ ُه ال َمكْ ُرمَاتُ ِردَاءَهُ
ليّامَ َت ْه ِد ُمنِي َهدّا
ل َت َدعِ ا َ َو َ حبَانِي ثِيابَهُ عدْ َنظَرا يا َمنْ َ أَ ِ
سعْدا غمّةٍ طَلعُوا َ ن َأسْ َفرُوا َأسْ َفرُوا ضُحىًوإِنْ طََلعُوا في ُ ولَى إِ ْ
ن ِهشَامٍ :فَ قَالَ عِيسَى بْ ُ خ ْيرُ ال ّندَى ما سَحّ وَاِبلُ ُه نَ ْقدَا صِلُوا َرحِمَ العَلْياَ ،وبُلّوا َلهَا َنهَا َف َ
ن َأيْنَ َمطْلُع هَذَا ال َبدْرِ? فَقالَ:
سنَا :مِ ْ
عةُ إَِل ْيهِ ،وَا ْنثَالَتِ الصّلَتُ عَلَيهَِ ،وقُلْتُ َلمّا تآ َن ْ
جمَا َ
ال َ
َلوْ َقرّ فِيها قَرَارِي سكَـنْـ َد ِريّةُ دَارِيِإ ْ
ال َمقَامَ ُة المَ ْكفُوف حجَا ِز نَهارِي. َوبِال ِ ن َليْلِى ِبنَـجْـدٍ
لكِ ّ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
س َتزِيدُهَا،شرُودٌ َأصِيدُهَاَ ،وكَِلمَ ٌة بَِل َيغٌة َأ ْ لدِ الَ ْهوَازَِ ،وقُصَارَايَ َل ْفظَةٌ َ جتَازُ ،فِي َبعْضِ بِ َ ُكنْتُ َأ ْ
ل َيسْ َت ِمعُونَ إَِليْهِ،ج َت ِمعُونَ عَلى رَجُ ٍ ن البََلدِ ،وَِإذَا ُهنَاكَ قَ ْومٌ ُم ْ سيْ ُر إِلَى رُ ْقعَ ٍة فَسِيحَ ٍة مِ َ َفأَدّانِي ال ّ
لنَالَن مَعَ الِيقَاعِ َلحْنا ،وََلمْ َأ ْب ُعدْ َ ت أَ ّختَِلفُ ،وَعَِلمْ ُ لرْضَ بعصا على إِيقَاعٍ لَ َي ْ خ ِبطُ ا َ
وَ ُهوَ َي ْ
حتّى ح لَفْظاَ ،فمَا زِلْتُ بال ّنظّارَ ِة َأ ْزحَمُ هَذا وََأ ْدفَعُ ذَاكَ َ ن ال َفصِي ِ سمَعَ مِ َ حظّا ،أَ ْو َأ ْ سمَاعِ َ ن ال ّ مِ َ
شمْلَةِح ُزقّةٍ كَالَ َق َر ْنبَي أَعمى َمكْفُوفٍ ،فِي َ طرْفَ ِمنْ ُه إِلَى ُ س ّرحْتُ ال ّ َوصَلْتُ إِلى ال ّرجُلَِ ،و َ
لرْضَ خبِطُ ا َ لجِلُ َي ْ خذْرُوفُِ ،م َتبَ ْرنِسا ِبَأطْوَلَ ِمنْهُُ ،م ْع َتمِدا على عَصا فِيهَا جَ َ صُوفٍَ ،يدُورُ كَال ُ
حرِجٍ ،وَهْ َو يَقُولُ: ص ْدرٍ َشجٍِ ،منْ َ ن َهزِجٍَ ،وصَوْتٍ َ غنِجٍ ،بَِلحْ ٍ
ِبهَا عَلى إِيقَاعٍ َ
َوطَالَ َب ْتنِي طَّلتِي بالمَـهْـرِ ظهْـرِي يا قَ ْو ُم قَ ْد َأثْقَلَ َد ْينِي َ
سَاكِنَ قَ ْفرٍ َوحَلِيفَ فَـقْـرٍ ن َب ْعدُ غِنىً وَ َو ْفرِ ص َبحْتُ مِ ْ َأ ْ
ف الدّهْرِ ُي ِعيُننِي على صُرُو ِ ن حُـرّ ل َب ْي َنكُمُ مِـ ْ
يا قَ ْومُ هَ ْ
12
ستْ ِر ل ال ّ ت عنّي ُذيُو ُ وَا ْن َكشَفَ ْ ص ْبرِي ل لِفَقْري َ يا قَ ْومُ َقدْ عِي َ
ن ِفضّةٍ َو ِتبْـرِ ما كانَ بِي مِ ْ َوفَضَ ذَا الدّ ْهرُ ِبَأ ْيدِي ال َبتْـرِ
صغِـيرِ قِـ ْدرِ خَامِلَ َقدْرِ َو َ ت كَقِـي ِد شِـبْـرِ آوِي إِلَى َبيْ ٍ
عسُرٍ بِـ ُيسْـرِ عنْ ُ َأعْ َق َبنِي َ ل بِـخَـيْ ٍر َأمْـرِي خ َتمَ ا ُ
َلوْ َ
عظِيمَ الجْـرِ ح َتسِبٍ ِفيّ َ ُم ْ جرِ ن فَتىً فِيكم َكرِيم ال ّن ْ ل مِ ْ هَ ْ
ع ْينِي ،فَنُ ْلتُهُ
غرَ ْو َرقَتْ لَهُ َ ن ِهشَامٍ :فَ َرقّ َلهُ والِ قَ ْلبِي ،وَا ْ ش ْكرِ? قَالَ عِيسَى بْ ُ ن ُم ْغتَ َنمِا لل ّ
ن َلمْ َيكُ ْ
إِ ْ
ن قَالَ:ث أَ ْ دينارا كانَ َمعِي ،فَمَا َلبِ َ
َممْشوقَ ٌة َمنْقُوشَ ٌة قَـ ْورَاءُ س َنهَا فا ِقعَةٌ صَفْـراءُ حْ يا ُ
َقدْ َأ ْث َم َرتْها ِهمّةٌ عَـلْـياءُ طرَ مِنهَا المَـاءُ ن يَ ْق ُِيكَادُ أَ ْ
صرِفً ُه فِيهِ كمَـا َيشَـاءُ َي ْ سخَـاءُ س فَتىً َيمِْلكُ ُه ال ّ نَفْ ُ
لطْرَاءُ ما َيتَ َقضّى قَ ْد َركَ ا ِ يا ذَا اّلذِي َيعْنيهِ ذَا الثّنـاءُ
سهَا بُأخُتِها ،فَنَالَ ُه النّاسُ ما شدّهَا فِي َقرَنِ ِمثْلِها ،وَآ َن َ ل مَنْ َ حمَ ا ُ
جزِاءُ و َر ِ ك ال ِ ض إلِى الِ ِل ِ امْ ِ
ع َرفَ الدّينَارَ ،فََلمّا َنظَ َم ْتنَا خَلْ َوةٌَ ،م َددْتُ سرْعَ ِة ما َ نالُوهُُ ،ثمّ فَا َر َقهُمْ َو َت ِب ْعتُهَُ ،وعَِلمْتُ َأنّ ُه ُم َتعَامٍِ ،ل ُ
عنْ َتوَْأ َمتَيْ َل ْوزٍ، س ْت َركَ ،فَ َفتَحَ َ ل ْكشِفَنّ ِ ض َديْهِ َوقُلْتُ :والِ َل ُترَينّي سِ ّركَ ،أَ ْو َ ع ُ ُي ْمنَايَ إِلى ُيسْرَى َ
ت أَبو ال َفتْحِ? فَقَالَ: س َك ْندَ ِريّ ،فَقُلْتَُ :أنْ َ
لْ ش ْيخُنَا َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ ل َ جهِهِ ،فِإذَا وَا ِ ت ِلثَامَهُ عَنْ َو ْ حدَرْ ُ َو َ
ل
ن َأكُـونُ فِي كُلّ َلوْ ٍ َأنَا َأبُـو قَـلَـمُـونٍ
فإِنّ دَهْــ َركَ دُونُ ن ال َكسْبِ دُونا خ َترْ مِ َ َأ ْ
ن َزبُـونُ ن ال ّزمَا َ إِ ّ حمْـقٍ ن َب ُج الزّمَا َ زَ ّ
جنُونُ ل ِإلّ ال ُ ما العَقْ ُ ل ُت َك َذبَنّ بِـعَـقْـلٍ
ال َمقَامَ ُة البُخَارِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
ل الجَامِعُ ِبأَهْلِ ِه طَلَعَ حتَفَ َ
س ْمطِ الّث َريّاَ ،وِحينَ ا ْ ظمْتُ مَعَ ِرفْقَ ٍة في ِ َأحَّلنِي جَامِعَ ُبخَارى يَ ْومٌ َو َقدِ ا ْن َت َ
خذُهُ ال ُقرّ
سعُهُ ،وَي ْأ ُ ضرّ ُو ْ ع ْريَانَاَ ،يضِيقُ بِال ّ س َتتْلى طِْفلً ُ طمْرِينِ َقدْ َأ ْرسَلَ صِوانا ،وَا ْ إَِل ْينَا ذُ ْو ِ
ظرُ ِلهَذا عدَةٍ ،فَ َو َقفَ ال ّرجُلُ َوقَالَ :لَ َي ْن ُ حمَايَ ِة رِ ْ ل َي ْكتَفِي ِل ِ شرَةِ ُب ْردَةٍَ ،و َ غيْ َر ال ِق ْعهُ ،لَ َيمِْلكُ َ و َيدَ ُ
صحَابَ الجُدودِ ن ِمثْلَهُ ،يا َأ ْ ن ل ي ْأمَ ُ ل مَ ْ ق لِهذا الضّرّ ِإ ّ ل طَفّلَهَُ ،ولَ َيرِ ّ ل مَنِ ا ُ الطّفْلِ ِإ ّ
ن َتَأ َمنُوا حَادِثا ،وَلَنْ جدَةِ ،وال ُقصُورِ ال َمشّيدَةِِ ،إ ّن ُكمْ لَ ْ ل ْردِيةِ ال ْمطُروزَةِ ،وَالدّورِ ال ُم ّن َ المَفْروزَةِ ،وَا َ
س ْكبَاجَ، طعِ ْمنَا ال ّ ل َ حسَنَ ،فَ َقدْ وا ِ سنُوا مَ َع الدّ ْهرِ ما َأ ْ حِ َت ْعدَمُوا وارِثا ،فَبا ِدرُوا الخْيرَ ما َأ ْمكَنَ ،وَأ ْ
ب الدّ ْهرِ ِب َغدْرِهِ، ل هُبو ُ عنَا ِإ ّ حشَايَا ،بِالعَشَايَاَ ،فمَا رَا َ شنَا ال َ سنَا الدّيبَاجَ ،وَا ْفتَ َر ْ َو َركِ ْبنَا ال ِهمْلجَ ،وََل ِب ْ
جرّا إِلى ما ُتشَاهِدونَ ب ال ّديَباجُ صُوفا ،وَهَُلمّ َ ظهْرِهَِ ،فعَا َد ال ِهمْلَجُ قَطُوفا ،وانْقَلَ َ نلَ ب ال ِمجَ ّوانْقِل ُ
ظ ْهرَ َبهِيمٍ ،فَل َن ْرنُو ن الفَ ْقرِ َ ن الدّهْرِ َثدْي عَقيمٍَ ،و َن ْركَبُ مِ َ ن حالي َو ِزيّيَ ،فهَا َنحْنُ َن ْر َنضِعُ مِ َ مِ ْ
شبَا ه ِذهِ ب هذِهِ ال ُبؤُوسَِ ،ويَفُلّ َ ن كَرِيمٍ َيجْلو غَياهِ َ ل َيدَ ال َعدِيمَِ ،فهَلْ مِ ْ ل ِب َعيْنِ ا ْليَتيمَِ ،ولَ َن ُمدّ ِإ ّ ِإ ّ
ش ْا ُنكَ ،فقالَ :ما عَسى َأنْ َأقُولَ وَهذا الكلمُ لَ ْو لَ ِقيَ النّحوسِ? ُثمّ َق َعدَ ُمرْتَفِقا وَقالَ ل ْلطّفْلَِ :أنْتَ َو َ
س ِم ْع ُتمْ يَا قَ ْومُ ،مَا َلمْن قَلْبا َلمْ ُي ْنضِجْ ُه ما قُلْتَ لنِيءٌَ ،وقَدْ َ صخْرَ َلفَلَقهُ ،وإِ ّ شعْرَ َلحَلَ َقهُ ،أَ ْو ال ّ
ال ّ
غ َدهُ ،وَاقِيا ِبيَ وَل َدهُ ،وا ْذ ُكرُونِي ل ِم ْن ُكمْ بِالجُودِ َيدَهُ ،وَ ْل َي ْذ ُكرْ َ شغَلْ كُ ّ سمَعُوا َقبْلَ اليَ ْومِ ،ف ْليِ ْ َت ْ
شكُ ْر ُكمْ.عطُوني َأ ْ َأ ْذ ُك ْركُمْ ،وَأ ْ
شأَ يصِفُ خ ْنصَرَهُ ،فََلمّا َتنَاوَلَ ُه أ ْن َ خ ّتمْتُ بِ ِه ِ ح َدتِي ِإلّ خَا َتمُ َ قَالَ عِيسَى ْبنُ هشَامٍَ :فمَا آ َنسَني فِي َو ْ
ل يَقُولُ: جعَ َصبَعَِ ،و َ الخَا َتمَ عَلى الِ ْ
بِقِلدَ ِة الجَوزَاءَ حُـسْـنَـا ن نَـفْـسِـهِ و ُم َم ْنطَقٍ مِـ ْ
شغَفا وحُـزْنَـا ضمّهُ َ بَ َف َ َك ُم َتيّمٍ لَـقِـيَ الْـحَـبـي
13
ليّامِ خِـدْنَـا َرتِهِ عَلـى ا َ ُمتَـأَلّـفٍ مِـنْ غَـيْرِ أَسْ
ن مَنْ أَهْـدَا ُه َأسْـنـى لكِ ّ عِلْـقٌ سَـنِـيّ قَـــدْرُهُ
جدِ َلفْظا ُكنْتَ َم ْعنَى في ال َم ْ ن الـوَرى سمْتُ َل ْو كَـا َ َأقْ َ
حتّى سَفَرتِ عنّا ،حَامِدا َلنَاَ ،ف َتبِ ْعتُ ُه َ عرَضَ َ قالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :فنُ ْلنَاهُ ما تَاحَ َلنْا منَ ال َف ْورَِ ،فأَ ْ
س َك ْندَ ِريّ ،وِإذَا الطّلَ زُغْلُولُهُ ،فَقُلْتُ: لْ ش ْيخُنَا َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ ل َ
جهِهَِ ،فإِذا هُوَ وَا ِ الخَلْ َوةُ عَنْ َو ْ
لمُ?لمُ ،وََأيْنَ الكَ َ ن السّ َ َفأَيْ َ ب الغُلَمُ شبْتََ ،وشَ ّ ح ِ َأبَا ال َفتْ ِ
فَقَالَ:
طبَتيَ ،ف َترَ ْكتُهُ ت َأنّ ُه َيكْرَ ُه ُمخَا َ
خيَامُ َفعَلِمْ ُج َم َع ْتنَا الطّرِي ُقأَليفا ِإذَا َنظَ َم ْتنَا ال ِ
غرِيبا ِإذَا َ
َ
صرَفْتُ. وا ْن َ
ال َمقَامَ ُة القَزْوِينيّةُ
ن ِهشَامِ قَالَ: ح ّد ّثنَا عِيسَى بْ ُ َ
حتّى طنَا بَطْناَ ، ل َه َب ْحزْناِ ،إ ّ ج ْزنَا َ غزَاهُ ،فَما َأ َ س ْبعِينَِ ،ف َيمْن َ خمْسٍ َو َ سنَةَ َ غزَوْتُ ال ّث ْغرَ بِ َقزْوِينََ ، َ
ن كَِلسَانِ عيْ ٌ
حجْر َتهِا َ ل َأثَلثٍ ،في ُ سيُر ِبنَا عَلَى َبعْضِ ُقرَاهَاَ ،فمَالتِ الهَاجِرَ ُة ِبنَا إِلى ظِ ّ َوقَفَ ال َم ِ
طعَامِ مَا نِ ْلنَاُ ،ثمّ ضنَاضِ َ ،فنِ ْلنَا مِنَ ال ّ سيْحَ الّن ْ ض َ ش ْمعَةَِ ،أصْفَى ِمنَ ال ّد ْمعَةَِ ،تسِيحُ فِي ال ّرضْرَا ِ ال ّ
حمَارٍَ ،و َرجْعا َأضْ َعفَ ن صَوْتِ ِ س ِمعْنَا صَوْتا َأ ْنكَ َرمِ ْ حتّى َ مِ ْلنَا إِلى الظّلّ فَقِ ْلنَا ،فَمَا مََل َكنَا النّ ْومُ َ
عنِ القَومِ ،رَائِدَ سدٍَ ،فذَادَ َ خِارٌج ِمنْ ما ضِ َغيْ َأ َ طبْلٍ َكَأنّهُ َ ت َ ن رَجْ ِع الحُوَارَِ ،يشْ َف ُع ُهمَا صَوْ ُ مِ ْ
ص َغيْتُ َفِإذَا هُ َو يَقُولُ ،عَلى ِإيَقاعِ شجَارُ دُونَهُ ،وََأ ْ لْت التّوَْأ َم َتيْنِ إَِل ْيهِ َو َقدْ حَالَتِ ا َ النّ ْومَِ ،وفَ َتحْ ُ
طبُولِ: ال ّ
خصِيبْ إِلي ذَرا َرحْبٍ َو َمرْعىً َ ل مِنْ مُـجِـيبْ ل فَهَ ْ َأدْعُو إِلَى ا ِ
ُقطُوُفهـا دَانِـيَةً مَـا تَـغِـيبْ َوجَـنّةٍ عَـالِـيَ ٍة مَـا تَـنِــى
عجِـيبْ ن بََلدِ الكُ ْفرِ وَأ ْمرِي َ مِ ْ يَاقَـومُ ِإنّـي َرجُـلٌ تَـــائِبٌ
حدْتُ َربّي وََأ َتيْتُ الـمُـريبْ جَ ن َأكُ َآمَـنْـتُ فَـكَـمْ لَــيْلَةٍ إِ ْ
ح َرزْتُ ِمنْ ُه الّنصِـيبْ سكِرٍ َأ ْ َو ُم ْ خنْزي ٍر تَـمَـشّـشْـتُـهُ يَا رَبّ ِ
ج ِتهَادُ ال ُمصِـيبْ ن ذِلّ ِة الكُ ْفرِ ا ْ مِ ْ ُثمّ َهدَاني اللـهُ وَانْـتَـاشَـنِـي
ع ِبدُ الَ بِـقَـلْـبٍ مُـنِـيبْ وَأ ْ س َرتِـي ت َأخْفِي الدّينَ في ُأ ْ فَظَلْ ُ
ف الرّقِيبْ وَل َأرَى ال َك ْعبَ َة خَ ْو َ جدُ لـلّتِ حِـذَارَ الـعِـدَى سِ َأ ْ
ضنَانِـيَ يَ ْومٌ عَـصِـيبْ َليْلٌ وَأ ْ وََأسْـأَلُ الـلـهَ إِذا جَـنّـنِـي
جنِي ِإنّـيَ فـ ِيهِـمْ غَـرِيبْ َف َن ّ ب َكمَـا َأنّـكَ َأنْـقَـ ْذتَـنِـي رَ ّ
جنِـيبْ َومَا سِوَى ال َع ْزمِ َأمَامَي َ ل لَـي مَـرْكـبـا خذْتُ الّليْ َ ُثمّ ا ّت َ
ل فيهَـا َيشِـيبْ ِيكِادُ رأَسُ الطّفْ ِ س ْيرِيَ فـشـي لَـيْلةٍ ن َ فَ َق ْدكَ مِ ْ
حمَى الدّين نَ َفضْتُ ال َوجِيبْ إِلَى ِ ت بِـلدَ الـعِـدَى جزْ ُ حتّى ِإذَا ُ َ
ن الِ َوفَـتْـحٌ قَـرِيبْ صرٌ مِ َ َن ْ شعَـارُ الـهُـدَى فَقُلْتُِ :إذْ لَحَ ِ
شقُ شاقَهَُ ،ولَ الفْ َق ْر سَاقَهَُ ،وقَدْ َت َركْتُ ت دَا َر ُكمْ ِب َعزْ ٍم ل ال ِع ْ طئْ ُ َفمَا بَلَغَ هَذا ال َبيْتَ قَالَ :يا قَ ْومُ َو ِ
عدِيدا، عدّةً وَ َ
خيْلً ُمسَ ّومَةًَ ،وقَنَاطِيرَ مُ َق ْنطَرةًَ ،و ُ عبَ َأ ْترَاباَ ،و َ عنَاباَ ،وكَوا ِ حدَا ِئقَ وََأ ْظهْري َ َورَاءَ َ
حرِهَِ ،و َب َرزْتُ ُبرُوزَ الطّا ِئرِ مِنْ َو ْكرِهِ ،مُ ْؤثِرا جْ ج الحّيةِ ِمنْ ُ خرُو َ خ َرجْتُ ُ عبِيداَ ،و َ َومَراكِبَ و َ
سيْري ِ ُبسَرايَ ،فَلَ ْو دَ َف ْع ُتمُ النّارَ ِبشَرَارهَا، سرَايَ ،وَاصِلً َ دِيني عَلى ُدنْيَايَ ،جَامِعا ُي ْمنَايَ إِلى ُي ْ
شطَطَ سعَادا ،ومُرا َفدَةً وِإرْفَادا وَل َ عدَةً وِإ ْ غزْوِهاُ ،مسَا َ ع ْن ُتمُونِي عَلى َ حجَارِها ،وأَ َ َو َرمَ ْي ُتمُ الرّومَ ِب ِ
ل الذّرّةََ ،ولَ َأ ُردّ ال ّت ْمرَةَ ،وَِلكُلّ س َت ْكثِ ُر ال َبدْرَةَ ،وَأقْبَ ُحسَبِ َثرْ َوتِهِ ،وَل َأ ْ فكُلّ عَلى َقدْرِ ُق ْدرَتِهَِ ،و َ
ن قَوْسِ سمَاءِ ،عَ ْ ب ال ّ
شقُ بِ ِه َأبْوا َ خرُ ُأفَ ّوقَ ُه بِالدّعَاءِ ،وََأ ْر ُ س ْهمٌ ُأذَلّقُ ُه لِلّقَاءِ وآ َ
سهْمَانَِ : ِمنّي َ
الظّ ْلمَاءِ.
14
ت إِلى ال َق ْومَِ ،فِإذَا عدَوْ ُ
ت جِ ْلبَابَ النّ ْومَِ ،و َ سرَوْ ُ
ستَ َف ّزنِي رَائ ُع أَلْفاظِهَِ ،و َ ن ِهشَامٍ :فَا ْ عيَسى بْ ُقَالَ ِ
غ َم َزنِي ِب َع ْينِهِ،
ي قّدْ َن ّكرَهُ ،فََلمّا رآنِي َ شهَرَهَُ ،وزِ ّ س ْيفٍ َقدْ َ لسْ َك ْن َدرِيّ ِب َحاِ ش ْيخُنا َأبُو ال َفتْ ِ
والِ َ
خذََ ،وخَلْوتُ ِبهِ فَقُلْتُ: خذَ مَا َأ َ
ن َنيْلهُِ ،ثمّ َأ َ
سمَ لنَا مِ ْ
ل مَنْ َأعَا َننَا بِفَاضِلَ َذيْلَهَِ ،و َق َ حمَ ا ُ َوقَالَ :رَ ِ
ن أَوْلدِ ال ّنبِيطِ? فَقَالَ: ت مِ ْأََأنْ َ
ن َكحَالِي مَ َع النّسـبْ ِ َأنَا حَالِي مِـن الـزّمَـا
ن ِإذَا سَامَهُ ا ْنقَـلَـبْ َ سبِي فَـي َيدِ الـ ّزمَـا َن َ
ن ال َعرَبْ ضحِي مِ َ طِ وُأ ْ ن النّـبِـي َأنَا َأ ْمسِي مِ َ
ال َمقَامَةُ السّاسَانِيّةُ
شقَ َبعْضُ َأسْفارِيَ ،ف َب ْينَا َأنَا يَوْما عَلى بَابِ دارِيِ ،إ ْذ ح ّدثَنَا عِيسى بْنُ ِهشَامٍ قَالََ :أحَّل ْتنِي ِد َم ْ َ
حدٍس ُهمَْ ،و َتَأبّطَ كلّ وَا ِ ي مِنْ َبنِي سَاسانَ َكتِيبَ ٌة قَ ْد لَفّوا رُؤُ َوسُهمَْ ،وصَلَوْا با ْلمَ ْغرَ ِة َلبُو َ طَلعَ عََل ّ
ل وَ ُهمْ ُيرَاسِلو َنهَُ ،ويْدعُو َو ُيجَاوبُونَهُ ،فََلمّا رآني ق بِهِ ص ْدرَهَُ ،وفِي ِهمْ زَعِيمٌ َل ُهمْ يَقُو ُ حجَرا َيدُ ّ ِم ْن ُهمْ َ
قَالَ:
َيعْلُو خُوانا َنظِيفـا ك رَغِيفـا ُأرِيدُ ِم ْن َ
ل قَطِيفـا ُأرِيدُ بَقْ ً جرِيشـا ُأرِيدً مِلُحا َ
ل ثَقِـيفَـا ُأرِيدُ خَ ً ُأرِيدُ َلحْما غَريضا
خرُوفَا سخْلً َ ُأرِيدُ َ جدْيا رَضِيعـا ُأرِيدُ َ
َي ْغشَى إِنا ًء طَرِيفاَ أُريدُ مَا ًء بِـثَـلـج
عنْ ُه نَـزِيفَـا َأقُومُ َ ُأرِيدُ َدنّ مُـــدَامٍ
علَى القُلُوبِ خَفِيفَا س َتهَـشّـا َوسَاقِيا ُم ْ
َوجّبةً َو َنصِـيَفـا ك قَمِيصـا ُأرِيدُ ِم ْن َ
بِها َأزُو ُر ال َكنِيفَـا ل َكثِـيفـا ُأرِيدُ َنعْ ً
سطْلً وَلِيفَـا ُأرِيدُ َ ُأرِيدُ ُمشْطا َومُوسَى
َل ُكمْ وََأنْتَ ُمضِيفـا ح ّبذَا أَنا ضَـيْفـا يَا َ
وََلمْ َأ ِردْ َأنْ َأحِيفـا رَضِيتُ ِم ُنكَ ِبهَـذا
جدّ، ج َت ِهدُ َو َن ِ
س َتعِدَّ ،و َن ْ س ُنعِدّ َو َن ْ
ت بِالدّعْ َوةِ َو َ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :فنُ ْلتُ ُه دِرْهَماَ ،وقُلْتُ َلهُ :قَدْ آ َذنْ ُ
ظرِ المَ ْوعُودََ ،فَأخَذَهُ خذِ ال َمنْقُودَ ،وا ْنتَ ِ عدُ ِمنْ َب ْعدُ ،وَهَذا ال ّدرْ َهمُ َت ْذكِر ٌة َم َعكََ ،ف ُ وََلكَ عََل ْينَا الوَ ْ
ظ َننْتُ أَّن ُه يَلْقَا ُه ِب ِمثْلِ مَا َل ِق َينِي ،فَقَالَ:
خرَ َ َوصَارَ إِلى َرجُلٍ آ َ
ن قَـدّا َكَأنّـهُ الـغُـصْـ ُ يا فَـاضِـلً قَـدْ تَـبَـدّى
فَاجِْلدْ ُه بِالخُـبْـ ِز جَـلْـدا شتَهى الّلحْمض ضِ ْرسِي قَ ِد ا ْ
جعَلْ ُه لِلْـ َوقْـتِ نَـقْـدا وا ْ وامنُـنُ عـلّـي بِـشَـيءٍ
ن الكِيسِ عَـقْـدا ل مِ َ واحْلُ ُ َأطْلِقْ ِمنَ الـ ِيدِ خَـصْـرا
إِلَى جَـنَـاحِـكَ عَـمْـدا لجْـلـي واضْـمُـمُ َي َد ْيكَ َ
حتّى ت أَنّ ورا َءهُ َفضْلًَ ،ف َت ِب ْعتُهُ َ َ سمْعي ِمنْهُ هَذا الكَلمُ ،عَِلمْ ُ ن ِهشَامٍ :فََلمّا فَ َتقَ َ ع ِيسَى بْ ُ قَالَ َ
ل يَراني وَأرَاهُ ،وََأمَاطَ السّادَةُ ُل ُث َم ُهمْ ،فِإذَا زَعِي ُم ُهمْ َأبُو حيْثُ َ صَارَ إِلى ُأمّ َمثْواهَُ ،و َوقَفْتُ ِمنْ ُه ِب َ
حكَ? فأَنشأَ يَقُولُ: ت إِليهِ َوقُلْتُ :مَا هَذ ِه الحِيلَةُ َو ْي َ س َك ْندَ ِريَّ ،ف َنظَرْ ُ لْال َف ْتحِ ا ِ
غشُـومُ َكمَا تَراهُ َ هَذا ال ّزمَانُ َمشُـومُ
عيْبٌ وَلُومُ والعِقْلُ َ قَ فِي ِه مَـلِـيحٌ حمْ ًال ُ
حوْلَ اللئّامِ يحـومُ َ ل طَ ْيفٌ ،ولكِنْ والمَا ُ
ال َمقَامَ ُة القِرْدِيّةُ
15
ن ِهشَامٍ قَالَ: حدّثنَا عِيسَى بْ ُ َ
ل مِنَ البََل ِد الحرَامَِ ،أمِيسُ َميْسَ ال ّرجْلَةِ ،على شاطئِ ال ّدجْلَةَِ ،أ َتَأمّلُ َب ْينَا أَنا ِبمَديِنَ ِة السّلمِ ،قَافِ ً
طرَبُ ن يَلْوي ال ّ طرَا ِئفَ ،وََأتَ َقصّى تِ ْلكَ ال ّزخَا ِرفَِ ،إ ْذ ا ْن َت َهيْتُ إِلَى حَلْ َقةِ ِرجَالٍ ُم ْز َدحِمِي َ تِ ْلكَ ال ّ
سمَعِ صَوتِ ت ِبمَ ْ حتّى َوقَفْ ُ ص إِلى مَا سا َقهُمَْ ، حكُ َأشْدا َق ُهمَْ ،فسَا َقنِي الحِر ُ ضِشقُ ال َ عنَا َقهُمَْ ،و َي ّ
أَ ْ
حكُ مَنْ ضِ
حمَةَِ ،فِإذَا هُ َو قَرّادٌ ُي ْرقِصُ قِ ْردَهَُ ،ويُ ْ جمَةِ َو َفرْطِ ال ّز ْشدّ ِة ال َه ْ
جهِهِ ِل ِ
ن مَرَأيَ َو ْ َرجُلٍ دُو َ
ظنِي عَاتِقُ هَذا عرَجِ ،فَ ْوقَ ِرقَابِ النّاسِ يَلْ ِف ُ لْ سيْرَ ا َت َ حرّجَِ ،وسِر ُ ع ْندَهُ ،فَر َقصْتُ َرقْصَ ال ُم َ ِ
خجَلُ َبرِيقهِ ،وََأرْهَ َقنِي شرَ َقنِي ال َ
حيَ َة رَجَُليْنَِ ،وقَ َعدْتُ َب ْعدَ ال ْينََ ،و َقدْ َأ ْ حتّى ا ْف َت َرشْتُ ِل َ ِلسُرّ ِة ذَاكََ ،
عنْ أَهِْلهِ ،قُمْتُ َو َقدْ َكسَانِي الدّهَشُ شغْلِهِ ،وا ْنتَفَضَ ال َمجْلِسُ َ ضيِقِهِ ،فََلمّا فَ َرغَ القّرادُ مِن ُ المَكانُ ِب ِ
حكَ، س َكنْ َد ِريّ ،فَقُلتُ :مَا َهذِ ِه ال ّدنَاءَةُ َو ْي َ لْ حاِ لرَى صُو َرتَهَُ ،فإِذا هُو والِ أَبو ال َفتْ ِ ت َ حُّلتَهُ ،وَ َوقَفْ ُ
َفَأ ْنشَأَ َيقُولُ:
عتِبْ عَلَي صَ ْرفِ اللّيالِي فَا ْ الـذّنْـبُ لِـ ْلَأيَام لَ لِــي
جمَـالِ ل ال َ
ت فَي حُلَ ِ َورَفَلْ ُ حمْقِ َأ ْد َركْتُ الـمُـنَـى بِال ْ
صلِيةُ
المَقَامَ ُة ال ُم ْو ِ
ن ِهشَامٍ قالَ: ح ّدثَنا عيسَى بْ ُ
خذَ ِمنّا ال ّرحْلُ والرّاحِلةُ ،جَرَتْ ن المُوصِلِ ،وَ َه َم ْمنَا بِا ْل َمنْزَلَِ ،ومُِلكَتْ عََل ْينَا القَافِلةُ ،وََأ َ َلمّا قَفِ ْلنَا مِ َ
ن مِنَ الحِيَلةِ? فَقَالَ: ن َنحْ ُسكَ ْن َدِيّ َأبُو ال َفتْحِ ،فَقُلْتَُ :أيْ َ لْ حشَاشَ ُة إِلَى َبعْضِ ُقرَاهَاَ ،و َمعِي ا ِ ِبي ال ُ
ت بِ َق ْومٍ َقدْ كَوَى الجَزعُ حتَفَل ْ حبُهاَ ،وقَامَتْ نَوا ِد ُبهَا ،وا ْ َيكْفِي الَُ ،ودُ ِف ْعنَا إِلَى دَارٍ َقدْ مَاتَ صَا ِ
شدَدْنَ
ن صُدُورَهُنَّ ،و َ ن شعُورَهُنَّ ،يضْ ِربْ َ جيُو َب ُهمْ ،و ِنسَاءٍ قد َنشَرْ َ قلو َب ُهمَْ ،وشَقّتِ ال َفجِيعَ ُة ُ
سخْلَةٌ، س َك ْندَ ِريَّ :لنَا فِي هَذا السّوادِ َنخْلَةٌَ ،وفِي هذا ال َقطِيعِ َ لْ ن خدُودَهُنّ ،فَقَالَ ا ِ طمْ َ عقُ ُودَ ُهنّ ،يَ ْل ِ
ئ تَابُوتُهُسخّنَ ماؤُ ُه ِل ُيغْسَلَ ،و ُهّي َ عصَا َبتُهُ ِل ُينْقَلََ ،و ُ شدّتْ ِ ظرَ إِلى ال َميّتِ َو َقدُ ُ َو َدخَلَ الدّارَ ِل َي ْن ُ
خذَ حَ ْلقَهَُ ،فجَسّ لسْ َك ْن َدرِيّ َأ َ ت َأثْوَابُ ُه ِل ُيكَفّنََ ،وحُ ِفرَتُ حُ ْف َرتُ ُه ِل ُيدْفَنَ ،فََلمّا رَآ ُه ا ِ حمَلََ ،وخِيطَ ْ ِل ُي ْ
ع َرتْ ُه َب ْهتَةٌَ ،وعَلت ُه سَكتَةٌ ،وََأنَا ُأسَّلمُهُ حيّ ،وِإ ّنمَا َ ل ل َت ْد ِفنُو ُه فَهْ َو َ عرْقَهُ ،فَقَالَ :يَا قَ ْومُ اتّقُوا ا َ ِ
ستُهُ ،وَهذَا ن ال ّرجُلَ إِذا ماتَ َب َردَ ا ْ ن َلكَ ذَِلكْ? فَقَالَ :إِ ّ ن َأيْ َح ال َع ْي َنيْنَِ ،بعْ َد يَ ْو َميْنِ ،فَقَالُوا :مِ ْ مَ ْفتُو َ
لمْ ُر على مَا َذ َكرَ ،فَا ْفعَلُوا ستِهِ ،فَقَالوا :ا َ جعَلوا َأ ْيدِ َي ُهمْ فِي ا ْ حيَّ ،ف َ ال ّرجُلُ َقدْ َلمْستُ ُه فعَِلمْتُ َأنّ ُه َ
شدّ ل ُه ال َعمَائِمََ ،وعَّلقَ عَل ْيهِ تَما ِئمَ ،وَأَلعَقَهُ س َك ْندَ ِريّ إِلى ال َميّتَِ ،فنَزَع ثِيابَ ُه ُثمّ َ لْ َكمَا َأ َمرََ ،وقَامَ ا ِ
ج مِنْ س ِم ْع ُتمْ لَ ُه َأنِينا فَلَ ُتجِيبُوهَُ ،وخَرَ َ ال ّزيْتَ ،وََأخْلَى َلهُ ال َبيْتََ ،وقَالَ :دَعُوهُ وَل ُترَوّعُوهُ ،وَِإنْ َ
ن كُلّ دَارٍ ،وَا ْنثَالَتْ عََليْنا خ َذ ْتنَا المَبارّ ،مِ ْ ت َقدْ ُنشِرَ ،وََأ َ خبَرُ وا ْن َتشَرَِ ،بأَنّ ال َميّ َ ع ال َ ع ْندِهِ َو َقدْ شَا َِ
ن َن ْن َتهِزَ ج َهدْنا أَ ْسنَا فِضّةً َو ِتبْرا وا ْمتَلَ َرحُْلنَا َأقِطا َو َتمْراَ ،و َ حتّى َو ِرمَ كِي ُ ل جَارَ ، ال َهدَايا مِنْ كُ ّ
ع ُد ال َمكْذُوبُ فَقَالَ س ُت ْنجِزَ الوَ ْ لجَلُ ال َمضْرُوبُ ،وا ْ لاَ حتّى حَ ّ جدْهَاَ ، فُ ْرصَة في ال َهرَبِ فََلمْ َن ِ
ن َلمْ َيكُنْ س ِم ْعتُمْ ِل َهذَا العَُليِلِ ِركْزا ،أَ ْو رََأ ْيتُمْ ِم ْنهُ َرمْزا? فَقَالوا :ل ،فَقالَ :إِ ْ ل َ س َك ْندَ ِريّ :هَ ْ لْ اِ
س ِم ْعتُمْ صَ ْو َتهَُ ،أ ِم ْنتُمْ َم ْوتَهُُ ،ثمّ غدٍ َفِإ ّنكُ ْم إِذا َت ُمذْ فَارَ ْقتُهُ ،فَلَ ْم َيجِيئْ َب ْعدُ َو ْقتُهُ ،دَعُوهُ إِلَى َ صَوّ َ
غدٍ ،قَالَ: عنْ َ خرْ ذَِلكَ َ حتَالَ في عِلجِهِ ،وِإصْلحِ ما َفسَ َد مِنْ ِمرَاجِهِ ،فَقَالوا :ل ُت َؤ ّ لْ ع ّرفُونِي َ َ
ح الضّوّ ،في ُأ ُفقِ الجَوّ ،جا َءهُ ال ّرجَالُ َأفْوَاجا ،والنّساءُ صبْحِ وا ْن َتشَر جَنا ُ ل ،فََلمّا ا ْب َتسَمَ َث ْغرُ ال ّ
س َك ْندَ ِريّ :قُومُوا بِنا إَِل ْيهُِ ،ثمّ لْ ي العَلِيلََ ،و َت َدعَ القَالَ والقِيلَ ،فَقَالَ ا ِ ن َتشْفِ َب أَ َْأزْوَاجاَ ،وقَالواُ :نحِ ّ
جهِهَِ ،فأُنِيمَُ ،ثمّ قَالََ :أقِيمُوهُ سدِهَِ ،وقَالََ :أنِيمُو ُه على َو ْ جَ ن َ ل العَمائِمَ ع ْ ن َيدِهَِ ،وحَ ّ ح َدرَ ال ّتمَائِمَ عَ ْ َ
لسْ َك ْن َدرِيّ بِفِيهِ َوقَالَُ :هوَ َميّتٌ ناِ ن َي َديْهَِ ،فسَقَطَ رَأسْاَ ،وطَ ّ على ِرجَْليْهَِ ،فأُقِيمُُ ،ثمّ قَالَ :خَلّوا عَ ْ
عنْهُ َيدٌ َو َقعَتْ عََليْ ِه ُأخْرَىُ ،ثمّ ل ُكفَّ ،وصَارَ ِإذَا ُر ِفعَتْ َ خذَ ُه الخُفَّ ،ومََل َكتُ ُه ا َ حيِيهِ? فََأ َ َك ْيفَ ُأ ْ
طرّفُها وَالمَاءُ سيْلُ ُي َحتّى َأ َت ْينَا قَرْي ًة على شَفِيرِ وَادٍ ال ّ ن َ َتشَاغَلوا ِب َتجْهيزِ ال َميّتِ ،فا ْنسَل ْلنَا هَارِبي َ
س َكنْ َد ِريّ :يَا قَ ْومُ َأنَا لْ سيْلِ ،فَقَالَ ا ِ شيَةِ ال ّ
خْ ن َ ض الّليْلِ ،مِ ْ غمْ ُ ن ل َيمِْل ُكهُم ُ حيّفُها .وأَهُْلهَا م ْغ َتمّو َ َي َت َ
ض ّرتَهُ ،فَأَطيعوني ،ول ُت ْب ِرمُوا َأمْرا دُونِي، ن هذ ِه ال َق ْريَةِ َم َ َأكْفِيكمْ هَذا المَاءَ َو َمعَ ّرتَهُ ،وَأرَدّ عَ ْ
فَقَالوا :ومَا َأ ْم ُركَ? فَقَالَ :أ ْذ َبحُوا في
16
ع ْن ُكمْ
ن الُ َ ن َيثْ ِعذْراءََ ،وصَلّوا خَلْفِي َر ْك َعتَيْ ِ جرَى هَذا المَا ِء بَ َقرَةً صَ ْفرَاءَ ،وَأتُونِي ِبجَارِيةٍ َ َم ْ
صحْراءَِ ،فإِنْ َل ْم َي ْنثَنِ المَا ُء فَ َدمِي عََل ْي ُكمْ حَللٌ ،قَالوا :نَ ْفعَلُ عِنان هذا المَاءِ ،إِلى َهذِ ِه ال ّ
ح َفظُوان يُصَلّيهِماَ ،وقَالَ :يَا قَ ْومُ ا ْ ذَِلكَ ،فَ َذ َبحُوا البَ َقرَةََ ،وزَ ّوجُو ُه الجَارِيَةََ ،وقَامَ إِلى ال ّركْ َع َتيْ ِ
سهْوٌَ ،أوْ فِي ال ُقعُودِ سجُودِ َ ع هَفْوٌَ ،أوْ في ال ّ سكُ ْم لَ يَقَ ْع ِم ْنكُمْ فِي القِيامِ َكبْوٌَ ،أوْ فِي ال ّركُو ِ َأنْ ُف َ
عمَلُنا بَاطِلً ،وَاصْ ِبرُوا عَلى ال ّر ْك َعتَينِ خرَجَ َأمَُلنَا عَاطِلًَ ،وذَهَبَ َ سهَ ْونَا َ َلغْوٌَ ،ف َمتَى َ
شكَوا َوجَعَ الضّلْعِ، حتّى َ ج ْذعَِ ، ب ا ْنتِصَابَ ال ِ َفمَسَافَ ُت ُهمَا طَوِيلَةٌَ ،وقَامَ لِ ْل َر ْكعَ ِة الُولَى فَا ْنتَصَ َ
حتّى َكّبرَ لِ ْلجُلُوسُِ ،ثمّ عَادَ إِلى جعُوا ِل َرفْعِ الرّؤُوسَِ ، شُجدَ ولمْ َي ْ ظنّوا َأنّهُ َقدْ َه َ حتّى َ سجَدََ ، َو َ
خذْنَا الوَا ِديَ َو َت َر ْكنَا ال َق ْومَ سَاجِدينَ ،لَ َنعَْلمُ مَا صَنَ َع الدّهْرُ جدَ ِة الثّانِيَةِ ،وَأَ ْو َمَأ إَِليَّ ،فَأ َ سْال ّ
عذْراءََ ،وصَلّوا شأَ َأبُو ال َف ْتحِ يقُولُ:رَى هَذا المَا ِء بَ َقرَ ًة صَفْرَاءَ ،وَأتُونِي ِبجَارِيةٍ َ ِب ِهمَْ ،فَأنْ َ
ن المَاءُ َف َدمِي ع ْن ُكمْ عِنان هذا المَاءِ ،إِلى َهذِ ِه الصّحْراءَِ ،فإِنْ َلمْ َي ْنثَ ِ ن الُ َ ن َيثْ ِ
خَلْفِي َر ْك َعتَيْ ِ
عََل ْي ُكمْ حَللٌ ،قَالوا :نَ ْفعَلُ ذَِلكَ ،فَ َذ َبحُوا البَ َقرَةََ ،وزَ ّوجُو ُه الجَا ِريَةََ ،وقَامَ إِلى الرّ ْك َع َتيْنِ
ع هَفْوٌَ ،أوْ س ُكمْ لَ يَقَ ْع ِم ْنكُ ْم فِي القِيامِ َك ْبوٌ ،أَ ْو فِي ال ّركُو ِ ُيصَلّيهِماَ ،وقَالَ :يَا قَ ْومُ احْ َفظُوا َأنْ ُف َ
عمَلُنا بَاطِلً، ج َأمَُلنَا عَاطِلًَ ،وذَهَبَ َ خرَ َ سهَ ْونَا َ سهْوٌ ،أَ ْو فِي ال ُقعُودِ َل ْغوٌَ ،فمَتَى َ سجُو ِد َ في ال ّ
ج ْذعِ،صبِرُوا عَلى ال ّر ْك َعتَينِ َف َمسَا َف ُت ُهمَا طَوِيلَةٌَ ،وقَامَ لِ ْل َر ْكعَةِ الُولَى فَانْ َتصَبَ ا ْن ِتصَابَ ال ِ وَا ْ
حتّى شجُعُوا ِل َرفْعِ الرّؤُوسَِ ، جدَ ولمْ َي ْ ظنّوا َأنّ ُه َقدْ َه َحتّى َ سجَدََ ، شكَوا َوجَ َع الضّلْعَِ ،و َ حتّى َ َ
خذْنَا الوَا ِديَ َو َت َر ْكنَا ال َق ْومَ سَاجِدينَ، جدَ ِة الثّانِيَةِ ،وَأَ ْو َمَأ إَِليَّ ،فَأ َسْ َكّبرَ لِ ْلجُلُوسُِ ،ثمّ عَادَ إِلى ال ّ
شأَ َأبُو ال َف ْتحِ يقُولُ: صنَعَ الدّ ْهرُ ِبهِمَْ ،فَأنْ َل َنعْلَ ُم مَا َ َ
ن مثْلِي َأ ْينَـا? وََأيْ َ ل ِمثْلـي ل ُي ْبعِدُ ا َُ
غ ِن ْمتُهَا بِا ْلهُ َو ْينَـا!َ لِ غَـفْـَلةُ قَـ ْومٍ
الَمقَامَةُ ت زُورا َو َميْنا َوكِلْ ُ خيْرا عََل ْي ِهمْا ْكتَلْتُ َ
المَضِيرِيّة
ن هِشامٍ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
لسْ َك ْن َدرِيّ َرجُلُ ال َفصَاحَ ِة َيدْعُوهَا َفتُجِيبُهُ ،وَالبَلغَ ِة َيَأمُرُهَا حاِ ُكنْتُ بِال َبصْرَةَِ ،و َمعِي َأبُو ال َفتْ ِ
حضَارَةِ، عوَ َة َبعْضِ ال ّتجّارِ ،فَ ُق ِدمَتْ إَِل ْينَا مَضِيرَةٌُ ،ت ْثنِي على ال َ ضرْنَا َم ْعهُ دَ ْح َ َفتُطِيعُهَُ ،و َ
صعَةٍ َيزِلّ لمَامَة ِ ،فِي قَ ْ ش َهدُ ِل َمعَا ِويَ َة َرحِمَ ُه الُ بِا ِ
لمَةَِ ،و َت ْ ج في ال َغضَارَةَِ ،وتُ ْؤ ِذنُ بِالسّ َ َو َت َت َرجْرَ ُ
ب أَ ْوطَا َنهَا ،قَامَ ن القُلُو ِ ن مَكانَهَاَ ،ومِ َ ت مِنَ الخِوا ِ خذَ ْ ظرْفُ ،فَلَمّا َأ َ طرْفَُ ،و َيمُوجُ فِيهَا ال ّ ع ْنهَا ال ّ َ
ظ َننّاهُ َي ْمزَحُ َفِإذَا
ح َبهَاَ ،و َيمْ ُق ُتهَا وَآكَِلهَاَ ،و َيثِْل ُبهَا َوطَا ِبخَهَاَ ،و َس َك ْندَ ِريّ يَ ْل َع ُنهَا َوصَا ِ
لْ َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ
لخْوَانَِ ،ورَ َف ْعنَاهَا عدَ َة ا ِخوَانِِ ،و ِت ِركِ ُمسَا َ عنِ اُ ْل ِجدَّ ،و َت َنحَى َ ع ْينُ ال ِل ْمرُ بِالضّدّ ،وَِإذَا ال ِمزَاحُ َ اَ
لفْوَاهَُ ،وتََل ّمظَتْ َلهَا الشّفَاهُ، ت َم َعهَا القُلُوبَُ ،وسَافَرَتْ خَلْ َفهَا ال ُعيُونَُ ،و َتحَّلبَتْ َلهَا ا َ فَارْتَ َفعَ ْ
عنْ َأ ْمرِهَا، سأَ ْلنَاهُ َ
جرِهَاَ ،و َ ع ْدنَاهُ على َه ْ ل ْكبَادَُ ،ومَضَى فِي ِإ ْثرِهَا الفُؤَادُ ،وَل ِكنّا سَا َ ت َلهَا ا َ وَاتّ َقدَ ْ
ح ّد ْث ُتكُمْ ِبهَا َل ْم آمَنِ ال َمقْتَ ،وَِإضَاعَةَ ال َوقْتِ، ل مِنْ ُمصِيبَتي فِيهَا ،وَلَ ْو َ صتِي َم َعهَا َأطْوَ ُ فَقَالَ :قِ ّ
قُ ْلنَا :هَاتِ :قَالَ :دَعَاني َبعْضُ ال ّتجّارِ إِلَى َمضِيرَةٍ وََأنَا ِب َبغْدَادَ ،وََل ِز َمنِي مُلَ َزمَ َة الغَريمِ ،وَالكَلْبِ
جتِهَِ ،ويُ َفدّيهَا
طرِيقِ ُي َثنِي عَلَي زَ ْو َ ل طُولَ ال ّ ج ْبتُهُ إَِل ْيهَاَ ،و ُق ْمنَا َفجَعَ َ
ن َأ َ
صحَابِ ال ّرقِيمِ ،إِلَى أَ ْ ل ْ َ
خرْقَةُ ليَ َل ْو رَأَ ْي َتهَا ،وَال َ خهَا َويَقُولُ :يَا مَو ْ ط ْب ِص ْن َع ِتهَاَ ،و َتَأنّ َقهَا فِي َ
ح ْذ َقهَا فِي َ ِب ُم ْهجَتِهََ ،و َيصِفُ ِ
ن ال ّتنّورِ إِلَى ال ُقدُورِ َو ِمنَ ال ُقدُورِ إِلَى ال ّتنّورِ َتنْ ُفثُ بفِيهَا طهَا ،وَ ْهيَ َتدُورُ فِي الدّورِ ،مِ َ سِ فِي َو َ
جمِيلِ ،وََأّثرَ فِي ذَِلكَ غّبرَ فِي ذَِلكَ ال َوجْ ِه ال َ لبْزَارَ ،وَلَ ْو رََأيْتَ ال ّدخَانَ َو َقدْ َ النّارََ ،و َت ُدقّ ِب َي َد ْيهَا ا َ
سعَادَ ِة ال َمرْءِ َأنْ ن َ ل ّنهَا َت ْعشَ ُقنِيَ ،ومِ ْعشَ ُقهَا َخدّ الصّقِيلَِ ،لرََأيْتَ َم ْنظَرا تَحارُ فِي ِه العيُوُنُ :وََأنَا أَ ْ ال َ
عمّي ن طِي َنتِهِ ،وَ ْهيَ ا ْبنَةُ َ س َيمّا ِإذَا كانَتْ مِ ْ ظعِي َنتِهَِ ،ولَ ِ سعَدَ ِب َن َي ْ
عدَةَ ِمنْ حَلِيَلتِهِ ،وَأَ ْ ُيرْ َزقَ ال ُمسَا َ
عمُو َمتِي ،وََأرُو َمتَها َأرُومَتيَ ،ل ِكنّها َأ ْوسَعُ ِمنّي عمُو َم ُتهَا ُ ط ِي َنتِيَ ،و َمدِي َن ُتهَا َمدِينَتي ،وَ ُ ّلحَا ،طِينَتُها ِ
حتّى ا ْن َتهَينَا إِلَى َمحَّلتِهُِ ،ثمّ قَالَ :يَا مَوْلي َترَى جتِهَِ ، عنِي ِبصِفَاتِ َز ْو َ ن خَلْقا َوصَدّ َ حسَ ُخُلْقا ،وََأ ْ
خيَا ُر في ُنزُولِهاَ ،و َيتَغا َيرُ ال ِكبَارُ فِي حُلُوِلهَا، لْل َبغْدَادََ ،ي َتنَافَسُ ا َ شرَفُ َمحَا ّ َهذِ ِه ال َمحَلّةَ? ِهيَ َأ ْ
17
ن قِلدَ ِتهَا ،وَالنّ ْقطَ ِة من غيْ ُر ال ّتجّارِ ،وَِإ ّنمَا ال َمرْءُ بِا ْلجَارِ َودَارِى فِي السّطَ ِة مِ ْ سكُ ُنهَا َ ل َي ْ ُثمّ َ
ن َلمْ َت ْعرِفُ ُه يَقِينا ،قُلْتُ :ال َكثِيرُ، خمِينا إِ ْ ل دَارٍ ِم ْنهَا? قُلْهُ َت ْ ي ُأنْ ِفقَ عَلى كُ ّ دَائِر َتهَاَ ،كمْ تُ َق ّدرُ يَا مَوْل َ
س ْبحَانَ مَنْ صعَدَاءََ ،وقَالَُ : س ال ّ ن الِ! مَا َأ ْكبَرَ هَذا الغََلطَ! تَقُولُ ال َكثِيرَ فَ َقطْ? َو َتنَفّ َ سبْحَا َ فَقَالَ :يَا ُ
ت على ه ِذهِ ي َأنْفَقْ ُب دَارِهِ ،فَقَالََ :هذِ ِه دَارِيَ ،كمْ تُ َق ّدرُ يَا مَوْل َ لشْيَاءَ ،وَا ْن َت َه ْينَا إِلَى بَا ِ َيعَْلمُ ا َ
ت بالِ شكَْلهَا? َأرََأيْ َ ص ْنعَ َتهَا َو َ
الطّاقَةِ? َأنْفَ ْقتُ والِ عََل ْيهَا فَ ْوقَ الطّاقَةِ ،وَ َورَاءَ الفَاقَةَِ ،ك ْيفَ ترى َ
ظرْ إِلى ط بِالبِرْكارِ وَا ْن ُ جهَاَ ،ف َكَأ ّنمَا خُ ّ ن َت ْعرِي َ حسْ َ ص ْنعَ ِة فِيهَاَ ،و َتَأمّلْ ُ ظرْ إِلَى َدقَائِقِ ال ّ ِمثَْلهَا? انْ ُ
طعَةٍ ج مِنْ ِق ْ ن َكمْ? قُلَْ :ومِنْ َأ ْينَ َأعَْلمُُ ،هوَ سَا ٌ خذَ ُه مِ ْ ص ْنعَةِ هذَا البَابِ ،ا َت َ حذْقِ ال ّنجّارِ فِي َ ِ
خذَ ُه َأبُو س ّيدِي? ا ّت َ خذَ ُه يا َ ح َرِكَ أَنّ ،وَِإذَا نُ ِقرَ طَنَّ ،منِ ا ّت َ حدَ ٍة لَ َم ْأرُوضٌ وَل عَ ِفنٌِ ،إذَا ُ وَا ِ
ب خَفِيفُ ال َيدِ لبْوَا ِ صنْعِة ا َ لثْوَابِ ،بَصِيرٌ ِب َ ل َرجُلٌ َنظِيفُ ا َ ح ّمدٍ ال َبصْريّ ،وَهْ َو وا ِ ن َم َ سحَاقَ بْ ُ ِإ ْ
شتَ َر ْي ُتهَا س َت َعنْتَ إِل بِهِ عَلى ِمثْلِهِ ،وَ َهذِ ِه الحَلَقَ ُة َترَاهَا ا ْ فِي ال َعمَلِ ،لِ َدرّ ذَِلكَ ال ّرجُلِ! ِبحَياتِي ل ا ْ
شبَهِ? س ّيدِي ِمنَ ال ّ ن الطّرَائِ ِفيّ ِبثَلثَ ِة َدنَانِيرَ ُم ِعزّيّةَ ،و َكمْ فِيهَا يَا َ ع ْمرَا َ فِي سُوقِ الطّرَا ِئفِ مِنْ ِ
ب فِي البَابِ ،بِالِ َد ّورْهَاُ ،ثمّ انْ ُقرْهَا وَ ْأ ْبصُرْهَاَ ،و ِبحَياتِي ي َتدُورُ بِلَوْلَ ٍ ستّ ُة َأ ْرطَالٍ ،وَ ْه َ فِيهَا ِ
لقَُ ،ثمّ قَ َرعَ البَابَ َو َدخَ ْلنَا الدّهْلِيزََ ،وقَالَ: ل الَعْ َ ش َت َريْتَ الحََلقَ ِإلّ ِم ْنهُ؛ فََليْسَ َيبِيعُ ِإ ّ عََل ْيكَ ل ا ْ
سكَِ ،تَأمّلْ جدَارَُ ،فمَا َأ ْمتَنَ حِيطَا َنكِ ،وََأ ْو َثقَ ُب ْنيَانَكِ ،وََأقْوى َأسَا َ ك يَا ِ خ ّربَ َ ل َ ل يَا دَارُ َو َ ع ّمرَكِ ا ُ َ
حتّى حتَ ْل َتهَاَ ، ن حِيلَ ٍة ا ْ حصّ ْل َتهَا? َو َكمْ مِ ْ جهَاَ ،وسَلْنيَ :ك ْيفَ َ ن دَواخَِلهَا َوخَوا ِر َ بِالِ َمعَا ِرجَهَاَ ،و َت َبيّ ْ
خزْنُ، سعُهُ ال ْ ن المَالِ مَا ل َي َ سكُنُ َه ِذهِ ال َمحَلّةَ ،وَلَ ُه مِ َ ن لِي جَارٌ ُيكْنى َأبَا سَُل ْيمَانَ َي ْ عَ َق ْد َتهَا? كا َ
خ ْمرِ وَال ّزمْرِ، حمَهُ الُ َوخَّلفَ خَلْفا َأتَْلفَ ُه َبيْنَ ال َ ت َر ِ حصُرُهُ ال َوزْنُ ،مَا َ ن الصّامِتِ مَا لَ َي ْ َومِ َ
ضطِرَارِ ،إِلَى َبيْ ِع الدّارَِ ،ف َيبِي َعهَا فِي َأ ْثنَاءِ ن ال ّن ْردِ وَال َق ْمرِ ،وََأشْفَ ْقتُ َأنْ َيسُ َوقُه قَا ِئدُ ال ْ َو َم ّزقَهُ َبيْ َ
سرَاتٍ ،إِلَى حَ شرَاهَاَ ،فَأتَقَطّعُ عََل ْيهَا َ خطَرُِ ،ثمّ َأرَاهاَ ،و َقدْ فَا َتنِي ِ عرْضَ ًة لِ ْل َ جعَلَهَا ُ ضجَرِ ،أَ ْو َي ْ ال ّ
ض ُتهَا عََل ْيهَِ ،وسَا َو ْمتُهُ عَلَى عرَ ْ حمَ ْل ُتهَا إَِليْهَِ ،و َل َتنِضّ ِتجَا َر ُتهَا َف َ َي ْومِ المَماتَِ ،ف َع ِمدْتُ إِلَى َأ ْثوَابٍ َ
سأَ ْلتُهُ َوثِيقَ ًة ِبَأصْلِ طيّةً ،وال ُم َتخَّلفُ َي ْع َتدّهَا هَديّةًَ ،و َ عِ سيّةَ َ حسَبُ ال ّن ِ سيّةً،وَال ُم ْد ِبرُ َي ْ شتَرِيهَا َن ِ ن َي ْ أَ ْ
حتّى كَادَتْ حَاشِيَ ُة حَالِ ِه َترِقَّ ،فأَ َت ْيتُهُ ن ا ْقتِضَائِهَِ ، المَالِ ،فَ َفعَلَ َوعَ َقدَهَا لِيُ ،ثمّ َتغَافَلْتُ عَ ِ
جعَلَ دَارَهُ سأَ ْلتُهُ َأنْ َي ْ
ضرْتُهَُ ،و َ ن ال ِثيّابِ َفَأحْ َ غ ْيرَهَا مِ َ ظ ْرتُهُ ،وَا ْل َتمَسَ َ س َت ْمهَلَنِي َفَأنْ َ ض ْيتُهُ ،وا ْ فَاقْ َت َ
جدّ ت لِي ِب َ حتّى حَصَلَ ْ ت إِلَى َب ْي ِعهَا َ رَهِينَ ًة َل َديّ ،وَ َوثِي َقةً فِي َي َديّ ،فَ َفعَلَُ ،ثمّ َد ّرجْتُ ُه بِال ُمعَامَل ِ
جدُودٌ ،وَفي ِمثْلِ هَذهِ ح ْمدِ الِ َم ْ عدٍ ،وََأنَا ِب َ عدٍَ ،ورُبّ سَاعٍ لِقَا ِ عدٍَ ،وقُوّة ِسَا ِ ت ُمسَا ِ عدٍَ ،و َبخْ ٍ صَا ِ
ت مَعَ َمنْ َفيِ ِه ِإذْ قُ ِرعَ عََل ْينَا ت ُم ْنذُ َليَالٍ نَائِما في ال َبيْ ِ سبُكَ يَا مَ ْولَي َأنّي ُكنْ ُ حْ حمُودٌَ ،و َ ل َم ْ لحْوَا ِ اَ
البَابُ
ن الطّا ِرقُ ال ُم ْنتَابَُ ،فِإذَا ا ْمرَأَ ٌة َم َعهَا عِ ْق ُد للٍ ،فِي جِ ْلدَ ِة مَاءٍ َورِقّ ِة آلٍَ ،ت ْعرِضُ ُه لِ ْل َبيْعِ، فَقُلْتُ :مَ ِ
س َيكُونُ َلهُ نَفْ ٌع ظَاهِرٌَ ،و ِربْحٌ وَا ِفرٌِ ،بعَ ْونِ الِ شتَر ْيتُ ُه ِب َثمَنٍ َبخْسٍَ ،و َ خذَ َة خَلْسٍ ،وَ ْا َ خذْتُ ُه ِم ْنهَا ِإ َْفَأ َ
سعَادَ ُة ُت ْن ِبطُ المَاءَ ج ّديَ فِي ال ّتجَارَةِ ،وَال ّ سعَادَةَ َ حدِيثِ ِل َتعَْلمَ َ ح ّد ْث ُتكَ ِب َهذَا ال َ َتعَالَى َودَوَْل ِتكَ ،وَِإ ّنمَا َ
حصِيرَ ش َت َريْتُ هَذا ال َ سكَ ،ا ْ ل َأقْرَبُ ِمنْ َأ ْم ِ سكََ ،و َ صدَقُ ِمنْ نَ ْف ِ حجَارَةِ ،الُ َأ ْك َبرُ لَ ُي ْن ِب ُئكَ َأ ْ ن ال ِ مِ َ
خرِجَ ِمنْ دُو ِر آلِ ال ُفرَاتَِ ،وقْتَ ال ُمصَا َدرَاتَِ ،و َزمَنَ الغَارَاتِ َو ُكنْتُ َأطْلُبُ فِي ال ُمنَادَاتَِ ،و َقدْ ُأ ْ
ضرْتُ بَابَ ح َ س ُيدْرَى مَا يَِلدُُ ،ثمّ اتّ َفقَ َأنّي َ حبْلَى َليْ َ جدُ ،وَالدّ ْهرُ ُ ن اَل ْأطَوِل فَل َأ ِ ِمثْلُهُ ُم ْنذُ ال ّزمَ ِ
ص ْن َعتَهُض بِالَسْوَاقِ ،فَ َو َزنْتُ فِيهِ َكذَا َو َكذَا دِينَاراَ ،تَأمّلْ بِالِ ِد ّقتَهُ وَلِينَهَُ ،و َ الطّاقِ ،وَهَذا ُي ْعرَ ُ
ن الحَصِيريّ ع ْمرَا َ س ِمعْتَ ِبَأبِي ِ ن ُكنْتَ َ عظِيمُ ال َق ْدرِ ،ل يَقَ ُع ِمثْلُ ُه ِإلّ فِي ال ّن ْدرِ ،وَإِ ْ وََل ْونَهَُ ،فهْوَ َ
ع ْن َدهُ؛ َف ِبحَياتِي لَ صرِ ِإلّ ِ ح ُ لقُ ال ُ جدُ اعْ َ ن فِي حَانُوتِ ِه لَ يُ ْو َ عمَلُهُ ،وََلهُ ا ْبنٌ َيخْلُ ُفهُ ال َ َفهْوَ َ
ح ّرمَ ِبخُوَانِهَِ ،و َنعُودُ إِلَى سيّما مَنْ َت َ ل ِ لخْوانِهَِ ، ح ِ ن نَاصِ ٌ ن ُدكّانِهِ ،فَالمُ ْؤمِ ُ حصُرَ إِل مِ ْ ش َت َريْتَ ال ُ اْ
ل َأ ْك َبرُُ ،ر ّبمَا قَرُبَ ل ُم الطّسْتَ وَالمَا َء فَقُلْتُ :ا ُ ت الظّهِيرَةِ ،يَا غُ َ حدِيثِ ال َمضِيرَةِ ،فَ َقدْ حَانَ َوقْ ُ َ
عرَا ِقيّ لصْلِِ ، لمَ? ِإنّ ُه رُو ِميّ ا َ لمُ ،فَقَالَ :تَرى هذَا الغُ َ خرَجُ ،وَت َق ّدمَ الغُ َ سهُلَ ال َم ْ ال َفرَجَُ ،و َ
عكَ ،وَافْ َترّ عَنْ ن ذِرَا ِ عنْ سَا ِقكَ ،وانْضُ عَ ْ ش ّمرْ َ سكََ ،و َ ن رَأْ ِ حسِرْ عَ ْ لمُ وَا ْ النّشْءِ .تَ َق ّدمْ يَا غُ َ
ش َترَاهُ وَالِ َأبُو ش َترَاهُ? ا ْ جرُ :بالِ منَ ِا ْ لمُ ذَِلكََ ،وقَالَ :التّا ِ سنَا ِنكَ ،وََأ ْقبِلْ وََأ ْدبِرْ ،فَ َفعَلَ الغُ َ َأ ْ
جرُ َوقَلّبَهُ وََأدَارَ خذَهُ التّا ِ لمُ ،وََأ َ ضعَ ُه الغُ َ لبْريقَ ،فَ َو َ تاِ طسْتَ ،وَهَا ِ ن ال ّنخّاسِ ،ضَعِ ال ّ ال َعبّاسِ ،مِ َ
18
شبَ ُه طعَةٌ ِمنَ الذّهَبَِ ، جذْ َوةُ الّلهَبَِ ،أوْ ِق ْ شبَ ِه َكَأنّهُ ِفِي ِه ال ّنظَرَ ُثمّ نَ َقرَهُ ،فَقَالَ :ا ْنظُ ْر إِلى َهذَا ال ّ
سنَهُ حْع َرفَ دُورَ المُلُوكِ ودَارَهَاَ ،تَأمّلْ ُ لقِ َقدْ َ ن الَعْ َ ن خُلْقَا ِ س مِ ْ ص ْنعَ ُة العِراقِِ ،ليْ َ الشّامَِ ،و َ
لبْرِيقُ، ل ُم ا ِ عةِ ،يَا غُ َ شتَ َر ْيتُهُ والِ عَامَ ال َمجَاعَةِ ،وَا ّدخَ ْرتُ ُه ِل َهذِهِ السّا َ شتَ َر ْيتُهُ? ا ْ َوسَ ْلنِي َمتَى ا ْ
ل َيصْلِحُ طسْتََ ،و َ لبْرِيقُ ِإلّ ِلهَذا ال ّ خذُه التّاجِرُ فَقَّل َبهُ ُثمّ قَالَ وَُأ ْنبُوبُ ُه ِمنْ ُه لَ َيصْلُحُ هَذا ا ِ فَ َق ّدمَهُ وََأ َ
جمُلُ هذَا ال َبيْتُ حسُنُ هَذا ال ّدسْتُ ِإلّ فِي هَذا ال َبيْتَِ ،ولَ َي ْ ت ِإلّ مَعَ َهذَا ال ّدسْتَِ ،ولَ َي ْ هَذا الطّسْ َ
طعَامِ ،بالِ تَرى َهذَا المَا َء مَا َأصْفَاهُ، لمُ ،فَ َقدْ حَانَ َوقْتُ ال ّ ض ْيفَِ ،أ ْرسِلِ المَا َء يَا غُ َ ل مَعَ هَذا ال ّ ِإ َ
ل َب ْعدَ ال َبيَاتَِ ،فجَاءَ س ُتعْمِ َ ى مِنَ ال ُفرَاتِ ،وَا ْ ستُقِ َب البِلّ ْورِ ،ا ْ ف كَ َقضِي ِ سنّ ْورَِ ،وصَا ٍ ق َك َعيْنِ ال ّ أَزرَ ُ
ل َيدُّلكَ عَلَى لنَاءَِ ، ن فِي ا ِ ن فِي السّقّاءِ ،الشّا ُ شمْعَةِ ،فِي صَفَاءِ ال ّد ْمعَةِ ،وََليْسَ الشّا ُ ن ال ّ كَِلسَا ِ
ج ْرجَانَ، عنْ ِقصّتِهَِ ،فهُ َو َنسْجُ ُ ن َنظَافَ ِة شَرَابِهِ ،وَهذَا ال ِم ْندِيلُ سَ ْلنِي َ سبَابِهَِ ،أصْ َدقُ مِ ْ َنظَافَ ِة َأ ْ
خذْتُ َب ْعضَهُ ِم ْندِيلً، سرَاوِيلً ،وَا ّت َ خذَتَ ا ْمرََأتِي َبعْضَ ُه َ ل َأ ّرجَانََ ،وقَعَ إَِليّ فَاشْ َت َر ْيتُهُ ،فَا ّت َ وَعَم ُ
ط ّرزِ ت مِنْ َيدِهَا َهذَا ال ْق َدرَ ا ْنتِزاعا ،وَأسَْل ْمتُهُ إِلى المُ َ شرُونَ ِذرَاعا ،وا ْن َتزَعْ ُ عْ سرَاوِيلهَا ِ َدخَلَ فِي َ
ظرَافِ، خ ْرتُهُ لِ ْل ّ
خزَ ْنتُ ُه في الصّ ْندُوقِ ،وََأ ّد َ ن السّوقَِ ،و َ ط ّرزَهُُ ،ثمّ َردَ ْدتُ ُه مِ َ ص َنعَهُ َكمَا َترَاهُ َو َ حتّى َ َ
ل آلَةٍ ل ال ّنسَا ُء ِلمَآقِيهَا ،فَِلكُلّ عِ ْلقٍ يَ ْومٌ ،وَِلكُ ّ عرَبُ العَامّض ِة ِبَأ ْيدِيهَاَ ،و َ ضيَافِ َلمْ ُتذِلّهُ َ ل ْ ناَ مِ ْ
طعَامَ ،فَ َقدْ َك ْثرَ الكَلمَ، لمُ ا ْلخُوَانَ ،فَ َقدْ طَالَ ال ّزمَانُ ،وَال ِقصَاعَ ،فَ َقدْ طَالَ ال ِمصَاعُ ،وال ّ قَ ْومٌ ،يَاغُ َ
ع ّمرَ لسْنَانَِ ،وقَالََ : جمَ ُه بِا َ عَ جرُ عَلَى المَكانَِ ،ونَ َقرَ ُه بِال َبنَانِ ،وَ َ لمُ بَالخُوَانَِ ،وقَّلبَهُ التّا ِ َفأَتَى الغُ َ
ض َم ْتنِهِ، عرْ ِ عهَاَ ،تَأمّلْ بِالِ َهذَا الخِوَانُ ،وَا ْنظُرْ إِلَى َ صنّا َعهَا ،وََأظْ َرفَ ُ ل َبغْدَادَ فَما َأجْ َو َد َمتَا َ ا ُ
عجّلْ لكْلُ? فقَالَ :النََ ، شكْلَُ ،فمَتى ا َ شكْلِهِ ،فَقُلْتُ :هَذا ال ّ حسْنِ َ َوخِفّةِ َو ْزنِهَِ ،وصَلَبَةَ عُودِهَِ ،و ُ
ت نَ ْفسِي َوقُلْتُ َقدْ بَ ِقيَ س َك ْندَ ِريّ َفجَاشَ ْ لْ طعَامَ ،ل ِكنّ الخِوَانَ قَوَا ِئ ُمهُ ِمنْهُ ،قَالَ َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ لمُ ال ّ يَاغُ َ
حمْلًَ ،وفِي ش ُت ِريَتْ َأصْلًَ ،و َكيْفَ ا ْكتَرى َلهَا َ ح ْنطَةُ ِمنْ َأ ْينَ ا ْ خ ْبزُ َوصِفاتُهُ وَال ِ خ ْبزُ وآَلتُهُ وَال ُ ال َ
حطَبُ ِمنْ َأ ْينَ جرََ ،وبَ ِقيَ ال َ س َتأْ َ
خبّازٍ ا ْ سجَرََ ،و َ جنَ ،وََأيّ َتنّو ٍر َ عَ طحَنَ ،وَِإجّانَةٍ َ َأيّ رَحىً َ
خبّازُ وَ َوصْ ُفهُ، ي ال َ حتّى َيبِسََ ،وبَ ِق َ حبِسََ ، حتّى جُ ّففَ? َو ُ حتُطِبََ ،و َمتَى جُلِبَ? َو َك ْيفَ صُ ّففَ َ اْ
سكُرّجاتُ َمنِ ت ال ّ حتُ ُه َوبَ ِقيَ ِ لَ ح ومَ َ ش ْرحُهُ ،وَالمِلْ ُ خمِيرُ َو َ وَالتّ ْلمِيذُ َو َن ْعتُهُ ،وَال ّدقِيقُ َو َم ْدحُهُ ،وَا ْل َ
ش ُترِيَ ع َنبُهُ ،أَ ْو ا ْ عمِلَها? والخَلّ كَيفَ ا ْنتُقِى ِ س َت ْعمَلَهاََ ?،ومَنْ َ ناْ خذَهاَ ،و َك ْيفَ ا ْنتَ َقذَهَاَ ،ومَ ِ ا ّت َ
حبّهُ? َو َكمْ يُساوِي َدنّهُ? َوبَ ِقيَ ص ُلبّهُ? َو َك ْيفَ ُقيّرَ َ ستُخْلِ َ ص َرتُهُ? وَا ْ صهْ ِرجَتْ ِم ْع َ طبُهَُ ،وكَيفَ ُ ُر َ
ظفَ? َوبَقيتِ حتّى ُن ّ صفَ? َو َك ْيفَ تُ ُؤّنقَ َ ي َمبْقَلَ ٍة رُ ِ حتّى ُقطِفَ? َوفِي َأ ّ حتِيلَ لَ ُه َ البَقْ ُل كيفَ ا ْ
ت نَارُهاَ ،و ُدقّتْ َأزَارُها، ججَ ْ صبَتْ ِق ْدرُها ،وََأ ّ ح ُمهَا? و ُن ِ شْ حمُها? َو ُوفّيَ َ ش ُت ِريَ َل ْال َمضِيرَ ُة َكيْفَ ا ْ
طمّ ،وَأ ْمرٌ ل َي ِتمّ ،فَ ُقمْتُ ،فَقَالََ :أيْنَ ُترِيدُ? فَقُلْتُ: خطْبٌ َي ُ ط ْبخُها َوعُ ِقدَ َم َرقُها? وَهذَا َ حتّى ُأجِيدَ َ َ
جصّصَ لمِيرَِ ،وخَريِ ِفيّ ال َوزِيرَِ ،قدْ ُ ياَ حَاجَةً َأ ْقضِيها ،فَقَالَ :يَامَوْليَ ُترِيدُ َكنِيفا ُيزْري ب َر ِبيِع ّ
عنْ حا ِئطِ ِه الذّرّ فَلَ ح سَقْفُهَُ ،وفُ ِرشَتْ بِال َم ْرمَرِ َأ ْرضُهَُ ،يزِلّ َ سطّ َ ج َأسْفَلُهَُ ،و ُ صهْرِ َ لهَُ ،و ُ أَعْ َ
ي ساجٍ َوعَاجٍُ ،مزْدَوجَينِ ن خَلِيط ْ غ ِيرَانُهُ مِ ْ َيعَْلقَُ ،و َي ْمشِي عَلَى َأ ْرضُهُ ال ّذبَابُ َف َي ْنزَلِقُِ ،عََليْ ِه بَابٌ ِ
ت مِنْ هَذا الجِرابَِ ،لمْ َي ُكنِ ال َكنِيفُ ل َأنْ َ ن َيَأكُلَ فِيهِ ،فَقُلْتُ :كُ ْ ض ْيفُ أَ ْ ن ا ْزدِواجٍِ ،ي ِتمِنّى ال ّ حسَ َ َأ ْ
عدُو وَهُ َو َي ْت َبعُنشي َويَصِيحُ: جعَلْتُ َأ ْ ت فِي الذّهَابِ ،وَ َ سرَعْ ُ حوَ البَابِ ،وََأ ْ خ َرجْتُ َن ْ فِي الحِسابَِ ،و َ
حدَ ُهمْ ن المَضِيرَةَ َلقَبٌ لِي فَصاحُوا صِياحَهُ ،فَ َر َميْتُ َأ َ ن أَ ّ ن الصّ ْبيَا ُ يَا َأبَا ال َف ْتحِ ال َمضِيرَةََ ،وظَ ّ
ن ال ّنعَالِ بِما خذْتُ مِ َ جرَ ِبعِما َمتِهَِ ،فغَاصَ فِي ها َمتِهَِ ،فُأ ِ حَجرِ ،فَلقِي َرجُلٌ ال َ ضَ ن َفرْطِ ال ّ جرٍ ،مِ ْ حَ ِب َ
ن فِي ذلكَ حبْسَِ ،فأَ َقمْتُ عامَي ِ شرْتُ إِلَى ال َ حِ خبُثََ ،و ُ ن الصّفْعِ ِبمَا طَابَ َو َ حدُثَُ ،ومِ َ قَ ُدمَ َو َ
عشْتَُ ،فهَلْ َأنَا فِي ذَا يَاَل َه ْمدَانَ ظَالمُ?. ل مَضِيرَةً ما ِ ن ل آك َ ت أَ ْ ال ّنحْسَِ ،فنَذرْ ُ
حرَارِ، لْ ت المَضِيرةُ عَلَى ا َ جنَ ِ ع ْذرَهَُ ،و َن َذ ْرنَا َنذْرَهَُ ،وقُلْناَ :قدِيما َ ن ِهشَامٍ :فَ َقبِ ْلنَا ُ قَالَ عِيسَى بْ ُ
لخْيارِ. ت الَرَاذِلِ عَلى ا َ َوقَ ّدمَ ِ
ال َمقَامَ ُة الحِرْزِيّةُ
ليَابِ،ن ال َغنِيمَةِ بِا ِل ْبوَابَِ ،و َرضِيتُ مِ َ ت ِبيَ ال ُغرْبَ ُة بَابَ ا َ ن ِهشَامٍ قَالََ :لمّا بََلغَ ِ ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
خرْتُ الَ فِي القُفُولَِ ،و َق َعدْتُ س َت َ
عسّافٌ بِرا ِكبِهِ ،ا ْ ن السّفُنِ َ حرِ َوثّابٌ ِبغَاربِهَِ ،ومِ َ َودُو َنهُ منِ َال َب ْ
ل ْمطَارِ شيَ ْتنَا سَحابَةٌ َت ُمدّ ِمنَ ا َ
غِ جنّ عََل ْينَا الّلْيلُ َ
حرُ َو َن الفُ ْلكِِ ،ب َمثَابَ ِة الهُ ْلكِ ،وََلمّا مََل ْكنَا ال َب ْ
مِ َ
19
لمْطَارَ َأفْوَاجاَ ،وبَقِينا فِي َيدِ لمْواجَ َأزْوَاجا ،وَا َ ح ُترْسِلُ ا َ جبَالًِ ،برِي ٍ حدُو ِمنَ ال َغ ْيمِ ِ حبَالًَ ،و َت ْ ِ
غ ْيرَ ال ّرجَاءِ، صمَةً َ ع ْ غ ْيرَ الدّعَاءِ ،وَل حِيلَ ًة ِإلّ ال ُبكَاءَ وَل ِ عدّةً َ ح َريْنِ ،لَ َنمِْلكُ ُ الحِينَِ ،بيْنَ ال َب ْ
ع ْيُنهُ،
ل جَ ْفنُهُ ،وَل َت ْبتَلّ َ حنَا َنتَباكَى َو َنتَشاكَىَ ،وفِينَا َرجُلٌ ل َيخْضَ ّ ص َب ْ
َوطَ َو ْينَاهَا َليْلةً نَا ِب ِغيّةً ،وََأ ْ
ل ال َعجَبَِ ،وقُ ْلنَا لَهُ :مَا اّلذِي َأ ّم َنكَ مِنَ ج ْبنَا والِ كُ ّ ب َفرِخُهَُ ،ف َع ِ ش ِرحُهَُ ،نشِيطُ القَلْ ِ صدْرِ ُم ْن َ خيّ ال ّ َر ِ
ل رَغِبَ حرْزا َل َفعْلتُ ،فَكُ ّ ح كُلّ ِم ْن ُكمْ ِ ن َأ ْمنَ َ
شئْتُ أَ ْ حبُهُ ،وَلَ ْو ِ
ح ْرزٌ ل َي ْغ َرقُ صَا ِ ال َعطَبِ? فَقَالَِ :
حدٍ ِم ْنكُ ْم دِينارا النَ، ط َينِي كُلّ وَا ِ حتّى ُي ْع ِ ك َ سأَلَةِ عَليْهِ ،فَقَالََ :لنْ َأ ْفعَلَ ذَِل َ ح فِي ال َم ْ إَِل ْيهِ ،وَأَلَ ّ
َو َي ِع َدنِي دِينارا إِذا سِِلمَ.
خرَجَ ج ْيبِهَِ ،فَأ ْ
ت َيدُهُ إِلَى َ خطَبَ ،وَآبَ ْ ع ْدنَا ُه مَا َ ن ِهشَامٍَ :فنَ َقدْنَا ُه مَا طَلَبََ ،ووَ َ قاَلَ عِيسَى بْ ُ
حدَ ٍة ِم ْنهَا، ح ٍد ِمنّا بِوَا ِ
حذَفَ كُلّ وَا ِ صدْرُها ِرقَاعاَ ،و َ ن َ ضمّ َطعَةَ ِد ْيبَاجٍ ،فِ ْيهَا حُقّةُ عَاجٍ ،قَدْ ُ ُق ْ
ل ْمرُ إِليّ عدُوهَُ ،فنَ َقدُوهُ ،وَا ْن َتهَى ا َ س ما َو َ فَلمّا سَلَمتِ السّفِينَةِ ،وََأحَّل ْتنَا ال َمدِينَةَ ،ا ْف َتضَى النّا َ
لسْ َك ْن َدرِيّةِ ،فَقُلْتُ: ن بِلدِ ا ِ سرّ حَاِلكَ ،قَالََ :أنَا مِ ْ فَقَالَ :دَعُوهُ ،فَقُلْتَُ :لكَ ذَِلكَ َب ْعدَ َأنْ ُتعِْل َمنِي ِ
شأَ يَقُولُ:
خذََلنَا? فََأ ْن َ صبْرُ َو َ ص َركَ ال َ ف نَ َ َكيْ َ
ت الكِيسَ ِت ْبرَا تُ مَلَ ُ ص ْبرُ مَا كُنْ َو ْيكَ َل ْولَ ال ّ
قَ بِما َيغْشا ُه صَـدْرا ن ضَا جدَ م ْ ن يَنالَ ال َم ْ لَ ْ
ضرّاعطِيتُ َ عةَ مَا ُأ ْ َ ُثمّ مَا أَعْ َق َبنِـي الـسّـا
جبُـرُ كَـسْـرَا َو ِبهِ ُأ ْ ل بِـهِ َأشْـتَـدّ َأزْرا بَ ْ
المَقَامَةَ قَى َلمَا كُلّفْتُ عُـذْرا وَلَ َو َأّنيَ اليَ ْومَ في ال َغرْ
المَارِسْتانِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسِى بْ ُ َ
عنِي ع ْيُنهُ َو َتدَ ُن َت ْأخُ ُذنِي َ جنُو ٍ صرَةِ َو َمعِي َأبُو دا ُودَ ال ُم َتكَّلمَُ ،ف َنظَرْتُ إِلَى َم ْ ت مَارسْتانَ ال َب ْ َدخَلْ ُ
ن ال َق ْومُ لِ َأبُو ُهمْ? فَقُلْتَُ :أنَا عِيسَى غرَباءُ ،فَقُ ْلنَا :كَذِلكَ ،فَقَالَ :مَ ِ ط ْيرُ فََأ ْن ُتمْ ُن َتصْ ُدقِ ال ّ فَقالَ :إِ ْ
س َك ِريّ? قُلْتَُ :ن َعمْ ،فَقَالَ :شَاهَتِ ال ُوجُوهُ وَأَهُْلهَا إِنّ ن هِشامٍ وَ َهذَا َأبُو دَا ْودَ ال ُم َتكَّلمُ فَقالَ :ال َع ْ ابْ ُ
جبْراَ ،و َتمُوتُونَ لمّ ِة َتعِيشُونَ َ ل ل ِب َيدِهِ وََأ ْن ُتمْ يا َمجُوسَ هذِ ِه ا ُ لمُورَ ِب َيدِ ا ِ خيْرَ َة لِ ل ِل َع ْبدِهِ ،وَا َ ال َ
ل إِلى ن إِلى المَ ْقدُورِ َقهْرا ،وَلَ ْو ُك ْنتُمْ في ُبيُو ِت ُكمْ َل َب َرزَ الّذينَ ُكتِبَ عََل ْيهِم ال َقتْ ُ صبْرا َو ُتسَاقُو َ َ
ل ْمرُ َكمَا َتصِفُونَ? َوتَقُولونَ :خاِلقُ الظُ ْلمِ ظَالِمٌ! َأفَل ن كَانَ ا َ جعِ ِهمَْ ،أفَل ُت ْنصِفُونَ ،إِ ْ َمضَا ِ
ن ِإبْليسَ دِينا? قَالَ :رَبّ ِبمَا َأغْ َو ْيتَني، ث مِ ْ خبَ ُ
ن يَقِينَاَ ،أ ّن ُكمْ َأ ْ ك هَاِلكٌ? َأ َتعَْلمُو َ تَقُولُونَ :خَالِقُ الهُ ْل َ
ل يَفْ َقأُطنَهَُ ،و َ ل ُي ْبعَجُ َب ْ ن ال ُمخْتارَ َ ختَارََ ،وكَلّ َفإِ ّ خّيرَ فَا ْ َفأَ َقرّ وََأ ْن َك ْرتُمْ وَآمَنَ َوكَ َف ْر ُتمَْ ،وتَقُولونَُ :
ل ْكرَا ُه َمرّةً بِال َمرّةِ َو َمرّةً بِال ّدرّةِ. لكْرَا ُه ِإلّ مَا تَرَاهُ? وَا ِ لاِ ن حالِقِ ا ْب َنهُ ،فَهَ ِ ع ْينُهُ وَل َي ْرمِى مِ ْ َ
ل فَل هَادِيَ َلهُ " س ِم ْع ُتمَْ " :منْ ُيضْلِلِ ا ُ ظ ُكمِْ ،إذَا َ ضكُمْ ،وََأنّ الحَديثَ َيغِي ُ ن ال ُقرْآنَ َبغِي ُ خ ِزكُ ْم أَ ّ فَ ْليُ ْ
س ِم ْعتُمْ" :حدْ ُتمْ وَِإذَا َ جَلرْضُ َفُأرِيتُ َمشَا ِر َقهَا َو َمغَا ِربَهَا " َ ت ِليَ ا َ س ِم ْع ُتمْ " :زُ ِويَ ْ ح ْدتُمْ وَِإذَا َ أَ ْل َ
حرّهَا ت َ حتّى اتّ َقيْ ُ عرِضَتْ عََليّ النّارُ َ طفَ ِثمَارَهَاَ ،و ُ ن َأقْ ِ ت أَ ْحتّى َه َممْ ُ جنّةُ َ ي ال َ ع ِرضَتْ عََل ّ ُ
طّي ْرتُم ،وَِإنْ قيلَ " :الصّراطُ ب ال َق ْبرِ " تَ َ عنَا َق ُكمْ وَِإنْ قِيلَ " :عَذا ُ سكُمْ وَلَ َو ْي ُتمْ َأ ْ
ض ُتمْ رُؤُو َ ِب َيدِي " َأ ْنغَ ْ
ب قُ ْلتُمْ :مِنَ ال ِقدّ َد ّفتَاهُ ،يَان ُذكِرَ الكِتا ُ ن ال ِف ْرغِ كِ ّفتَاهُ ،وَإِ ْ ن ُذ ِكرَ المِيزَانُ قُ ْل ُتمْ :مِ َ " َتغَا َم ْزتُمْ وَإِ ْ
ت مَا ِرقَةُ س َت ْه ِزئُونَ?ِ .إنّما َمرَق ْ طيّرُونَ? أَبالِ وَآياتِهِ َورَسُوِلهِ َت ْ عدَا َء الكِتابِ وَالحْديثِ ،بِماذَا َت ّ أَ ْ
ن رَأَ َي ُهمْ ِإلّ ث الخَوارجَِ ،ترَوْ َ خبِيثِ ،يَا َمخَابِي َ ث ال َ خبَ ُ ث الحَديثُِ ،ثمّ َم َر ْقتُمْ ِمنْها َفَأ ْنتُمْ َ خبَ َ َفكَانُوا َ
س ِمعْتُ َأ ّنكَ ا ْف َت َرشْتَ مِنهُمْ ن ِب َبعْضِ ال ِكتَابِ َو َتكْ ُفرُ ِب َبعْضِ? َ ن هِشا ٍم تُ ْؤمِ ُ ت يا ابْ َ ال ِقتَالَ! وََأنْ َ
ظرْتَ خيّرْتَ ِل ُنطْ َف ِتكََ ،و َن َ ك هَل َ? َت َ خذَ ِم ْنهُ ْم بِطَانَةً?َ .ويَْل َ ن َت ّت ِل أَ ْ
عزّ َوجَ ّ شيْطَانَةً! أََلمْ َي ْن َهكَ الُ َ َ
ش ِهدْنِي مَل ِئ َك َتكَ. خيْرا ِم ْن ُهمْ ،وََأ ْ ِلعَ ِق ِبكَ? ُث ّم قَالَ :الّل ُهمّ ْأَ ِبدْلِني بِهؤُلءِ َ
ع ِرفُ فِي عنْ ُه ِبشَرٍ وِإنّي لَ ْ جعْنَا َ جوَاباَ ،و َر َ ن ِهشَامٍَ :فبَقِيتُ َو َبقِي َأبُو دَا ُودَ ل ُنحِيرُ َ قَالَ عِيسَى بْ ُ
حدِيثَُ ،فمَا الّذي َأرَادَ حتّى ِإذَا َأ َردْنَا ال ْفتِراقَ قَالَ :ياعِيسَى هَذا وََأبِيكَ ال َ أَبي دَا ُودَ ا ْن ِكسَاراَ ،
20
حدّثَ بِما حدِ ِهمْ وََلمْ ُأ َ
خطُبَ إِليّ َأ َ ن َأ ْ
غيْ َر َأنّي َه َممْتُ أَ ْ
بِالشّ ْيطَانَةِ? قُلْتُ :لَ والِ مَا َأ ْدرِيَ ،
ج ْعنَا إَِليْهِ،
ن فِي َأشْطَانٍَ ،فرَ ِ شيْطَا ٌ
ل َ َه َممْتُ بِ ِه َأحَدا ،وَالِ ل َأ ْفعَلُ ذَِلكَ َأبَدا ،فَقَالَ :مَا هَذا وَالِ ِإ ّ
َو َوقَ ْفنَا عََليْهِ ،فَا ْب َتدَرَ بِا ْلمَقَالَِ ،وبَدَأنَا بِالسّؤَالِ ،فَقالََ :لعَّل ُكمَا آثَ ْر ُتمَاَ ،أنْ َت ْع ِرفَا مِنْ َأ ْمرِي ما
سرْ َلنَا صدُو ِرنَا ،فَ َف ّن َقبْلُ ُمطِّلعَا على ُأمُو ِرنَا ،وََل ْم َتعْدُ النَ مَا في ُ َأ ْنكَ ْر ُتمَا ،فَقُ ْلنَاُ :كنْتَ مِ ْ
سرّكَ ،فَقالَ: ف َلنَا ِ
َأ ْم َركَ ،وَا ْكشِ ْ
ح ِتيَالِي ذُو َمرَاتِبْ
فِي ا ْ ع الـعَـجَـائِبْ َأنَا َي ْنبُو ُ
َأنَا في البَاطِلِ غَارِبْ َأنَا فِي الحَـقّ سَـنَـامٌ
فِي بِل ِد الِ سِارِبْ َأنَا إِس َك ْن َدرُ دَارِي
جدِ رَاهِبْ. غ َتدِي فِي ال ّد ْيرِ ِقسّيسا ،وَفي ال َمسْ ِ َأ ْ
المَقَامَ ُة المَجَاعِيّةُ
ط الثّ َريّا، سمْ ُ ض ّم ُهمْ ِعةٍ ،قَدْ َ ت ِب َب ْغدَادَ عَامَ مَجاعَ ٍة َفمِلْتُ إِلى جَما َ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالَُ :كنْ ُ َ
نل طبُكَ ،قُلْتُ :حَالَ ِ خ ْج ِبَأسْنَانِهِ ،فَقَالَ :مَا َ ى ذُو َل ْث َغةٍ بِِلسَانِهَِ ،وفَلَ ٍ شيّاَ ،وفِيهمْ فَت ً َأطْلُبُ ِم ْن ُهمْ َ
سدّها? ن نُ َق ّدمُ َي الثّ ْل َمتَي ِع فَقَالَ الغُلمَُ :أ ّ غرِيبٌ ل ُي ْم ِكنُهُ ال ّرجُو ُ ح ُبهُما فَقِيرٌ َكدّهُ الجُوعُ وَ َ ح صَا ِ يُفْلِ ُ
ل قَطِيف ن نَظيفٍَ ،وبَقْ ٍ خوَا ٍ ل فِي رَغيفٍ ،عَلى ِ ع فَ َقدْ بَلَغَ ِمنّي َمبْلَغا! قَالَ :فَمَا تَقو ُ قُلْتُ :الجُو ُ
حرّيفٍَ ،وشِوَاءٍ صَفِيفٍ ،إِلَى مِ ْلحٍ خَفِيفٍ ،يُ َق ّدمُهُ إَِل ْيكَ خ ْردَلٍ ِ ن َلطِيفٍ ،إِلَى َ إِلى خَلّ َثقِيفٍ ،وََلوْ ٍ
ع َن ِبيّةٍ?
صبْرٍُ ،ثمّ َيعُلكَ َب ْعدَ ذَِلكَ ِبَأقْداحٍ ذَ َهبِيةٍ ،مِنْ راحٍ ِ عدٍ وَل ُي َع ّذ ُبكَ ِب َ ن مَنْ ل َي ْمطُلُكَ ِبوَ ْ ال َ
ضدَةٌ ،وََأ ْنوَارٌ ل ُم َعدّدَةٌَ ،وفُرُشٌ ُم َن ّ ب َممْلُوّةٌ ،وََأنْقَا ٌحشُوّةٌ ،وََأكْوا ٌ ك َأمْ أَ ْوسَاطٌ َم ْ َأذَاكَ َأحَبّ إَِل ْي َ
حمٍ عيْنٌ َوجِيدٌ? َفإِنْ َل ْم ُترِدْ هذَا وَل ذَاكََ ،فمَا قَوُْلكَ في َل ْ طرِبٌ ُمجِيدٌَ ،ل ُه مِنَ ال َغزَالِ َ ُمجَ ّودَةٌَ ،ومُ ْ
طيّ ،عَلَى َمكَانٍ ضجَعٍ َو ِ ج ِنيٍَ ،و َم ْن مَقْليَّ ،ورَاحٍ ُقطْ ُربّليَّ ،وتُفّاحٍ َ س َمكٍ َن ْه ِريٍَ ،وبَاذِ ْنجَا ٍ ط ِريَّ ،و َ َ
ع ْبدُن ِهشَامٍ :فَقُلْتَُ :أنَا َ جنّ ٍة ذَاتِ َأ ْنهَارٍ? قَالَ عِيسَى بْ ُ ض َث ْرثَارٍَ ،و َ جرّارٍَ ،وحَوْ ٍ حذَا َء َنهْرٍ َ عَليِّ ،
ن ال َيأَسُ ت قَدْ كَا َ شهَوَا ٍ ح َييْتَ َحيّاكَ الَُ ،أ ْ لمُ :وََأنَا خَا ِد ُمهَا َلوْ كَانَتْ ،فَقُلْتُ :ل َ لثَةِ ،فَقَالَ الغُ َ الثّ َ
خرَابَاتِ َأنْتَ? فَقالَ: ي ال ََأمَاتَهاُ ،ثمّ َق َبضْتَ َلهَا َتهَا ،فَمنْ َأ ّ
ن َن ْبعَةٍ فِيهِـمْ ِزكِـيّةْ مِ ْ سكَنْـدَ ِريّةْ لْ َأنَا ِمنْ َذوِي ا ِ
طيّهْي مَ ِ سخْف ِ ن ُ ت مِ ْ
َف َركِبْ ُ سخُفَ ال ّزمَانُ وَأَهْـلُـهُ َ
عظِيّةُ
المَقَامَ ُة الوَ ْ
ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ: َ
ظ ُهمْ وَ ْهوَ س ْيرُ إِلَى ُفرْضَ ٍة َقدْ َك ُثرَ فِيها قَ ْومٌ عَلَى قَائِ ٍم َيعِ ُ حتّى َأدّانِي ال ّ َب ْينَا أَنا بِا ْل َبصْرَ ِة َأمِيسَُ ،
ن مَعَ ال َي ْومِ غَدا ،وَِإ ّنكُمْ وَاردُو ُهوّةٍَ ،فأِعّدوا لهَا مَا سدَى ،وَإِ ّ يَقُولَُ :أيّها النّاسُ ِإ ّن ُكمْ َلمْ ُت ْت َركُوا ُ
حجّةُ، ت َل ُكمُ ال َم َع ْذرَ فَ َقدْ ُب ّينَ ْ
عدّوا ل ُه زَادا ،أَل لَ ُ ن َب ْعدَ ال َمعَاشِ مَعاداَ ،فأَ ِ ن قُوّةٍ ،وَإِ ّ طعْ ُتمْ مِ ْس َت َ
اْ
لرْضِ بَال ِع َبرِ ،أَل وَِإنّ اّلذِي َبدَأَ الخَ ْلقَ عَلِيما، خبَرَِ ،و ِمنَ ا َ ن السّماءِ بِال َ حجّةُ ،مِ َ خذَتُ عََل ْي ُكمُ ال ُوََأ ِ
عمَرها ع َبرَها سَلِمََ ،و َمنْ َ جهَازٍَ ،و َق ْنطَرَ ُة جَوَازٍ ،مَنْ َ ن ال ّدنْيا دَارُ َ حيِ العَظامَ َرمِيما ،أَل وَإِ ّ ُي ْ
ن َيرْتَعْ ،يَقَعَْ ،و َمنْ يَلْ ُقطَْ ،يسْ ُقطْ ،أَل وَإِنّ ت َل ُكمُ الفَخّ َونَثرَتْ َل ُكمُ ا ْلحَبّ؛ َفمَ ْ صبَ ْ َندِمَ ،أَل َو َقدْ نَ َ
حدِينَ ،اّلذَينَ ن المُ ْل ِ ظنْو ُ ط ْغيَانِ فَلَ تَ ْل َبسُوهاَ ،ك َذبَتْ ُ الفَ ْقرَ حِ ْل َيةُ َن ِب ّي ُكمْ فَا ْك َتسُوهَا ،وَالغِنى حُلّ ُة ال ّ
حرّ حذَارِ َ عبَثاَ ،ف َ جدَثا ،وَإ ّن ُكمْ َلمْ ُتخْلَقُوا َ ن َب ْعدَ الحَدثِ َ ن إِ ّ
عضِي َ جعَلُوا ال ُقرْآنَ ِ حدُوا الدّينََ ،و َ جَ َ
ل َأ ْقبَحُ عَلَى حَالتِهِ وَِإ ّنكُمْ جهْ َ
لتِهِ ،وَال َ حسَنُ عَلىَ عِ ّ ن العِلْم َأ ْالنّارَِ ،و َبدَارَ عُ ْقبَى الدّارِ ،أَل وَإِ ّ
ن انْقَادُوا ِبَأ ِز ّم ِتهِمَْ ،نجَوْا س ِبَأ ِئمّتِهمْ ،فإِ ِن شَ ِقيَ ِب ُكمُ العُلماءُ ،النّا ُ ن َأظَّلتْهُ السّماءُ ،إِ ْ َأشْقَى مَ ْ
ن هامِلُ نَعامٍَ ،ورَاتِعُ َأ ْنعَامٍَ ،ويْلُ سعَى ،وَالبَاقُو َ س َرجُلَنِ :عَاِلمٌ َيرْعَىَ ،و ُم َتعَلّمٌ َي ْ ِب ِذ ّمتِهمْ ،وَالنّا ُ
ن قَائِما َي ِعظُ سيْنِ كَا َ حَن ال ُ س ِمعْثت َأنّ عَِليّ بْ ُ ن جاهِلِهَِ ،و َقدْ َ شيْءٍ مِ ْ ل ُأ ِمرَ مِنْ سَافِلِهَِ ،وعَاِلمِ َ عَا ٍ
ت ِبمَنْ ع َتبَرْ ِسكُ ُو ُنكِ? أَما ا ْ عمَا َر ِتهَا ُ
حتّامَ إِلى الحَيا ِة رُكُو ُنكِ ،وَإِلَى ال ّد ْنيَا َو ِ س َ النّاسَ َو َيقُولُ :يا نَفْ ُ
خوَا ِنكَِ ،ونُقِلَ إِلَى دَارِ ت بِهِ ِمنْ ِإ ْ جعْ ِن فُ ِ ل ِفكَِ ،ومَ ْلرْضُ ِمنْ ُأ ّ ل ِفكَِ ،و ِب َمنْ وَا َرتْهُ ا َ َمضَى ِمنْ َأسْ َ
البِلَى ِمنْ َأقْرانِكِ??
21
ل دَوَا ِثرُ
س ُنهُمْ فِيهَا بَوَا ٍ
مَحا ِ ض َب ْعدَ ظُهورها لرْ ِ َ ُفهْم في بُطُونِ ا َ
ص ُهمْ َوسَا َق ْت ُهمُ َنحْ َو المَنايَا المَقا ِدرُ عرَا ُ خَلَتْ دُورُهُمْ ِم ْن ُهمْ وََأقْوَتْ ِ
ت التّرابِ الحَفا ِئرُ ض ّمتْ ُهمُ َتحْ َ ج َمعُوا لهَا َو َ ن ال ّدنْيا وِما َ َوخَلّوْا عَ ِ
غ ّيبَتْ َأ ْك َثرَ ال ّرجَالِ في غّيرَتْ ِببِلهَا ،وَ َ ن قُرُونٍ َب ْعدَ ُقرُونٍ? َو َكمْ َ ختََلسَتْ َأيْدي ال َمنُونِ ،مِ ْ َكمْ ا ْ
َثرَاها???
ص مُكاثِـرُ خطّابِها فيها حَري ٌ ِل ُ وََأنْتَ عَلَى ال ّدنْيا ُمكِبٌ مٌنافِـسٌ
ت تُخاطِـرُ َأ َتدْري ِبمَاذَا َلوْ عَقَلْ َ ح لهِيا صبِ ُ
خطَرٍ َت ْمشِي َوتُ ْ عَلَى َ
شكّ خَاسِرُ خرَاهُ ل َ ن ُأ ْ َو ُيذْهَلُ عَ ْ ن ا ْمرَأً َيسْعى ِل ُدنْيا ُه جـاهِـدا وَإِ ّ
حمَامُ? فَا ْن َمحَتْ ليّامُ ،وََأ ْفنَا ُهمُ ال ِ ل َممِ الخَالِيةِ ،وَالمُلُوكِ الفَا ِنيَةَِ ،ك ْيفَ ا ْن َتسَ َف ْت ُهمُ ا َ ظرْ إِلى ا ُ ا ْن ُ
آثارُ ُهمَْ ،وبَ ِقيَتْ َأخْبارُهمْ.
عطّلَتْ َومَقَاصِرُ ضحَوْا َرمِيما في الّترَابِ وََأقْ َف َر ْتمَجالِسُ ِم ْنهُمْ ُ َفأَ ْ
غ ْيرُ مَنْ ُهوَ ج َمعُوا بِهاوَما فَازَ ِم ْن ُهمْ َ ن ال ّدنْيَا وَما َ َوخَلّوْا عَ ِ
صَا ِبرُ
سكّانِ القُبورِ اتزَا ُورُ وََأنّى ِل ُ َوحَلوا ِبدَارٍ لَ َتزَا ُورَ َب ْي َن ُهمْ
طحَةً ًتسْفِي عََليْها الَعَاصِرُ سّ ل رُمُوسا ثَوَوْا بِهامُ َ َفمَا ِإنْ َترَى ِإ ّ
ل ِم ْنهَا ُمنَاهُ ،فَ َبنَى عوَانٍَ ،قدْ تَمكّنَ ِمنْ ُدنْياهُ ،وَنا َ جنُودٍ وَأَ ْ عزّةٍ َوسُلْطانٍَ ،و ُ َكمْ عَا َينْتَ مِن ذِي ِ
لقَ وَالعَسا ِكرَ جمَعَ الَعْ َ ن وَالدّسَا ِكرََ ،و َ حصُو َ ال ُ
مُبا ِدرَ ًة ًتهْوِى إَِليْ ِه الـذّخـا ِئرُ صرَفَتْ َكفّ ال َم ِنيّ ِة ِإذْ َأتَتْ َفمَا َ
ت بِها َأنْهارُها والـدّسـاكِـرُ َوحَفّ ْ ن الّتي َبنَـى عنْ ُه الحُصو ُ وَل دَ َفعَتْ َ
ع ْنهُ العَساكِرُ ت في الذّبّ َ طمِعَ ْ وَل َ عنْ ُه الـمَـنِـيّ َة حِـيلَةٌ وَل قَارَعَتْ َ
صبَتْ ل ُكمْ من مَصا ِيدِهاَ ،و َتجَلّتْ ح َذرَ ،وَالبِدارَ البِدارَِ ،منْ ال ّدنْيا َومَكايدِهَاَ ،ومَا َن َ ح َذرَ ال َيا قَ ْومُ ال َ
ج ِتهَا. شرَفَتْ َل ُكمْ ِمنْ َب ْه َ س َت ْ َل ُكمْ ِمنْ زِي َنتِها ،وا ْ
ضهَا دَاعٍ وَبالزّ ْهدِ آ ِمرُ إِلَى َرفْ ِ ت مِنْ َفجَعا ِتهَا عاَينْ َ وَفي دُونِ مَا َ
ت إِلَى دارِ ال َم ِنيّ ِة صـائِرُ وََأنْ َ جدّ وَل َتغْفُلْ َفعَـيْشُـكَ بَـائِدٌ َف ِ
ك ضَا ِئرُ غ َبةً َل َن نِلْتَ ِم ْنهَا رَ ْ وَإِ ْ وَل َتطْلُبِ ال ّدنْيا َفإِنّ طِلبَـهـا
ن يَنامُ ل َت ْعجَبُونَ ِممّ ْ ن َفنَا ِئهَا? َأ َ سرّ ِبهَا أَريبٌ ،وَ ْهوَ عَلى ثِ َقةٍ مِ ْ حرِصُ عََليْها لَبيبٌَ ،أوْ ُي َ َو َك ْيفَ َي ْ
وَ ْهوَ َيخْشى ا ْلمَوتَ ،وَل َي ْرجُو الفَوْتَ?
عمّا ُنحَاذِرُ َو َتغَُلهَـا الّلذّاتُ َ َألَ ،لَ ،وَل ِكنّا َن ُغرّ نُفوسنا
سرَائِرُ حيْثُ ُتبْلى ال َ ل َ عدْ ٍ َو َك ْيفَ يََلذّ ال َعيْشَ َمنْ ُهوَ مُو ِقنٌ ِبمَ ْو ِقفِ َ
س َدىً ،مَا َلنَا َبعْ َد ال َفنَاءِ َمصَائِرُ! َكَأنّا نَرى َأنْ ل ُنشُورَ ،وََأ ّننَا ُ
ع ْث َرتِهِ? وََلمْ تُقِ ْل ُه مِنْ ن ُمكِبّ عََل ْيهَا؛ فََلمْ ُت ْن ِعشْهُ مِنْ َ ت مِ ْ ت ال ّدنْيا ِمنْ ُمخِْلدٍ إَِل ْيهَا َوصَرَعَ ْ غرّ ِ َكمْ َ َ
ن أََلمِهِ.ع ِتهِ ،وََلمْ تُدا ِوهِ ِمنْ سَ َقمِهِ ،وََلمْ َتشْفِ ِه مِ ْ صَرْ َ
ن مصا ِدرُ مَوَا ِردَ سُو ٍء ما َلهُ ّ عزّ َو ِرفْعَةِ بَلـى َأ ْو َر َدتْهُ َبعْـدَ ِ
ل ُي ْنجِيهِ ِمنْ ُه المُؤا ِزرُ ل َنجَاةَ وََأ ّن ُههُوَ ال َموْتُ َ فََلمّا رَأَى َأنْ َ
عََليْهِ وََأبْكت ُه ال ّذنُوبُ ال َكبَا ِئرُ ل َندَامَةٍ َت َن ّدمَ لَ ْو أَغْناهُ طُو ُ
س ِتعْبَارُ ،وََلمْ لْ ث َلمْ َينْ َفعُ ُه ا ِحيْ ُ ن ُد ْنيَاهَُ ، سرَ عَلى مَا خَّلفَ مِ ْ خطَايَاهَُ ،و َتحَ ّ ن َ َبكَى عَلى مَا سََلفَ مِ ْ
ع َتذَارُ. ُي ْنجِهَ ال ْ
ج َزتْـ ُه المَعاذِرُ عَ وََأبْلَسَ َلمَا َأ ْ حزَانُهُ وَهُمومهُ َأحَاطَتْ ِبهِ َأ ْ
س لَ ُه َممّا يُحاذِرُ نَاصِرُ وََليْ َ ت فَارِجٌ ن ك ْربَ ِة امَوْ ِ س لَ ُه مِ ْ فَلَيْ َ
جرُحنَا ِس ُه ُت َردّدُهَا ِمنْ ُه الّلهَى وَال َ ت فَ ْوقَ ال َم ِنيّةِ نَ ْف ُ خسِئَ ْ َوقَ ْد َ
22
ب في ذاكَ هوَاكَ? ِإنّي َأرَاكَ ضَعيفَ اليَقينِ ،يَا رَاقِعَ َفإِلَى َمتَى ُت َرقّعُ بِآخِ َر ِتكَ ُد ْنيَاكََ ،وتَ ْركَ ُ
ال ّد ْنيَا بِالدّينَِ ،أبِهذا َأ َم َركَ ال ّرحْمنَْ ،أمْ عَلى هَذا دَّلكَ ال ُقرْآنُ?
فَلَ ذَاكَ َم ْوفُورٌَ ،ولَ ذَاكَ
ُتخَـرّبُ مَـا َيبْقَى ،وَت ْعمُرُ فَانِيا
عَامرُ
خ ْيرَا َلدَى الِك َب ْغتَةًوََلمْ َت ْك َتسِبْ َ حتْ ُف َ
َفهَلْ َلكَ ِإنْ وَافَاكَ َ
عَا ِذرُ??
َودِينُـكَ َمنْقُوصٌ َومَالكَ
ن تُ ْقضَى الحَياةُ َو َتنْ َقضِي َأ َت ْرضَى ِبأَ ْ
وَافِرُ??
عرِفُ طرَأَ لَ َأ ْ غرِيبٌ َقدْ َ ن هَذا? قَالََ : ضرِينَ :مَ ْ ت ِل َبعْضِ الحَا ِ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فَقُلْ ُ
ت فَقَالََ :ز ّينُوا العِ ْل َم بِالعَمَلِ،صبَرْ ُ لمَتِهَِ ،ف َخرِ مَقَا َمتِهَِ ،لعَلّ ُه ُي ْن ِبئُ ِبعَ َصبِرْ عََليْ ِه إِلَى آ ِ خصَهُ ،فَا ْ شَْ
خذُوا الصّفْوَ َودَعوا ال َك َدرََ ،يغْ ِفرِ الُ لِي وََل ُكمُْ ،ثمّ َأرَادَ الذّهَابَ، شكُرُوا ال ُق ْدرَ َة بِا ْلعَفْوَِ ،و ُ
وَا ْ
حتّىغّي ْرتَهاَ ، ن الِ! َل ْم َترْضَ بِا ْلحِ ْليَةِ َ سبْحَا َ
شيْخُ? فَقَالَُ : ن َأنْتَ يَا َ َف َمضَيْتُ عَلى َأ َثرِهِ ،فَقُلْتُ :مَ ْ
شيْبُ? ظكَ الَُ ،فمَا هَذا ال ّ سكَ ْن َدرِيّ ،فَقُلْتُ :حَ ِف َ
لْحاِ ع َمدْتَ إِلى ال َمعْرِف ِة فََأ ْن َكرْ َتهَا! َأنَا َأبُو ال َفتْ ِ
َ
فَقَالَ:
ضعِيفٌ ،وََل ِكنّهُ شَامِتُ َو َ َنذِيرٌ ،وََل ِكنّهُ سَـاكِـتُ
ش ّيعَ ُه ثَـابِـتُ إِلَى َأنْ ُأ َ شخَاصُ َموْتٍ ،وََل ِكنّهُ وََأ ْ
س َودِيّةُ
لْالمَقَامَة ا َ
جهِي هَا ِربَا ح ّتىّ َأ َتيْتُ البَا ِديَ َة ص ْبتُهَُ ،ف ِهمْتُ عَلى َو ْ ن ِهشَامٍ قَالَُ :كنْتُ ُأ ّت َهمُ ِبمَالٍ َأ َ ح ّدثَنا عِيسَى بْ َُ
شدُل ْترَابَِ ،و ُي ْن ِ ب بِالتّرَابِ ،مَعَ ا َ طنَابِهَا فَتىً ،يَ ْلعَ ُ ع ْندَ َأ ْ خ ْيمَةٍ ،فَصَادَفْتُ ِ ل َ فَآ ّدتْنِي ال َه ْيمَةُ ،إِلى ظِ ّ
حمَ َنسِيجَهُ ،فَقُلْتُ :يَا َفتَى ال َعرَبِ ل يَ ْق َتضِي ِه ا ْر ِتجَالهُ ،وََأ ْب َعدْتُ َأنْ يُ ْل ِ شعْرا يَ ْق َتضِي ِه حَالهَُ ،و َ ِ
شدَ يَقُولُ:ع ِزمُهُ ،وََأ ْن َ ش ْعرَ َأمْ َت ْع ِزمُهُ? فَقَالَ :بَلْ َأ ْ َأ َترْوِي هَذا ال ّ
ن نُـبُـوّ عَـنّـي َوكَانَ فِي ال َعيْ ِ صغِـيرَ الـسّـنّ ن ُكنْتُ َ ِإنّي وَإِ ْ
ش ْعرِ كُـلّ فَـنّ ب بِي في ال ّ َيذْهَ ُ ش ْيطَـانِـي َأمِـيرُ الـجِـنّ َفإِنّ َ
عنّي غرُبْ َ فَامْضِ عَلَى ِرسْلِكِ وَا ْ ض الـتّـظَـنّـي حتّى َي ُردّ عَارِ َ َ
ن َنزَلْتَ ،وََأرْضَ لمْ ِع ْن َدكَ َأ ْمنٌ َأوْ قِرىً? قَالََ :بيْتَ ا َ فَقُلْتُ :يَا َفتَى ال َعرَبِ َأ ّد ْتنِي إَِل ْيكَ خِيفَ ٌة َفهَلْ ِ
حيّ، س ْترُهَاُ ،ثمّ نَادَى :يَا َفتَاةَ ال َ سبِلَ ِ خ ْيمَ ٍة َقدْ ُأ ْشيْتُ َم َعهُ إِلى َ ال ِقرَى حَلَلْتََ ،وقَامَ َفعَِلقَ ِب ُكمّيَ ،فمَ َ
س ِمعَهُ ،أَ ْو ِذ ْكرٌ بََلغَهَُ ،فأَجِي ِريِهِ، حدَا ُه إَِل ْينَا صِيتُ َ هَذا جَارٌ َنبَتّ ِبهِ َأ ْوطَانُهَُ ،وظََلمَهُ سُ ْلطَانُهَُ ،و َ
ض ِريّ. سكُنْ يَا حَ َ ت ال َفتَاةُ :ا ْ فَقَالَ ِ
ن قِـنَـانِ لسْ َودِ بْ ِ ت ِب َبيْتِ ا َ َفأَنْ َ سكُنْ وَل َتخْشَ خِي َفةً ض ِريّ ا ْ ح َ َأيَا َ
عهْدا بِـكُـلّ مَـكـانِ وَأَ ْوفَا ُهمُ َ ن ُأ ْنثَي مِنْ َم َعدٍ َو َيعْـرُبٍ عزّ ابْ ِ َأ َ
ط َع ُنهُ ْم مِنْ دُونِـهِ بِـسِـنَـانِ وََأ ْ ن دُونِ جَارِهِ وََأضْ َر َب ُهمْ بِالسّ ْيفِ مِ ْ
ن مُ ْؤتَـلِـفَـانِ سحَابان مَ ْقرُونَا ِ َ ن ال َمنَايَا وَال َعطَـايا بِـكَـفّـهِ َكأَ ّ
غ ّر َيمَانِـي ص أَ َلقَي إِلَى عِي ٍ تَ َ جبِينِ ِإذَا ا ْن َتمَىوََأ ْبيَضَ َوضّاحِ ال َ
َيحُلّ ْو َنهُ شَ ّف ْعتَـهُـمْ بِـثَـمَـانِ َفدُو َنكَ ُه َبيْتِ الجِـوَارِ َوسَـبْـعَةٌ
عيْني ِإلّ خذَتْ َ س ْبعَةُ نَ َف ٍر فِيهَِ ،فمَا َأ َظرْتُ َفِإذَا َ ت إَِليْهَِ ،فنَ َ ت اّلذِي أَوْمأَ ْ خذَ ال َفتَى ِبيَدِي إِلَى ال َبيْ َِفأَ َ
حكَ ِبَأيّ َأرْضٍ َأنْتَ? فَقَالَ: جمَْل ِت ِهمْ فَقُلْتُ َلهَُ :و ْي َ لسْ َك ْن َدرِيّ فِي ُ حاِ َأبَا ال َفتْ ِ
طيّبِ َأ ْثمَارِهَـا ختَارُ ِمنْ َ َأ ْ لسْـ َو ِد فِـي دَارِهِ َنزَلْتُ بِا َ
ن ثَارِهَا ت ِبيَ الخِيفَ ُة مِ ْ هَامَ ْ فَقُلْتُِ :إنّي َرجُـلٌ خَـائِفٌ
فِي َه ِذهِ الحَالِ وََأطْوَارِهَـا حِيلَةُ َأ ْمثَالِي عَلَى مِـثْـلِـهِ
ن آثـارِهَـا َومَاحِـيا بَـيّ َ حتّى َكسَانِي جَابِرا خَلّـتِـي َ
23
ن دَارهَا
ن ًتنْقَلَ عَ ْ ل أَ ْ
ن قَبْ ِ
مِ ْ ل مَا صَفَا ن الدّ ْهرِ َونَ ْ
خذْ مِ َ
َف ُ
غبَارِهَـال ِبأَ ْ
َأوْ َت ْكسَعَ الشّوْ َ ِإيّاكَ َأنْ ُتبْـقِـيَ ُأمْـنِـيَةً
شنَا َزمَانا فِي ذَِلكَ
عْق ال ُكدْيَ ِة َلمْ َتسُْل ْكهَا? ُثمّ ِ
طرِي ِس ْبحَانَ الِ!َأيّ َ ن ِهشَامٍ :فَقُلْتُ :يَا ُ قَالَ عِيسَى بْ ُ
شرّقا َو ُرحْتُ ُم َغرّبَا. حتّى َأ ِمنّاَ ،فرَاحَ ُم َ
جنَابِ َ ال َ
المَقَامَ َة العِرَا ِقيّةُ
حتّى شعَرَاءَِ ، ن ال ّ حتّى بََلغْتُ ال ِعرَاقََ ،و َتصَ ّفحْتُ دَوَاوي َ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالَ:طِفْتُ الفَاقََ ، َ
عنّ لِي َفتَىً فِي شطّ ِإذْ َ س ِمنْ َزعَ ظَ َفرٍ ،وََأحَّل ْتنِي َب ْغدَادُ َفبَ ْي َنمَا َأنَا عَلَى ال ّ ظ َن ْنتُني َل ْم ُأ ْبقِ فِي القَوْ ِ َ
ن َأصْلِهِ َودَارِهِ ،فَقَالَ: سأَلَهُ عَ ْ حتُهُ ،فَ ُقمْتُ إَِليْ ِه َأ ْ ج َب ْتنِي فَصَا َ عَ سأَلُ النّاسَ َو َيحْ ِرمُو َنهُ ،فَأَ ْ طمَارٍَ ،ي ْ َأ ْ
ن ا ْلعِ ْلمِ، ن هذَا البَيانُ? فَقَالَ :مِ َ ن َأيْ َي الدّارِ ،فَقُلْتُ :مَا هَذا الّلسَانُ? َومِ ْ سكَ ْن َدرِ ّل ِإ ْ
سيّ الَصْ ِ ع ْب ِ
َأنَا َ
سهْمٌ َفَأ ّيهَا ت ِبحَارَهُ ،فَقُلْتُِ :بَأيّ العُلُومِ َت َتحَلَى? فَقَالَ :لِي فِي كُلّ كِنانَ ٍة َ صعَابَهُ? َوخُضْ ُ ُرضْتُ ِ
ت َم ْدحَا َل ْم ُيعْ َرفْ ل َنظَمَ ْ ن حَلّهُ? وَهَ ْ ت ال َعرَبُ َبيْتا ل ُي ْمكِ ُ ل قَالَ ِ ش ْعرَ :فَقَالَ :هَ ْ حسِنُ? فَقُلْتُ :ال ّ ُت ْ
ت َيثْقُلُل َيرْ َقأُ َد ْمعُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ طعُهُ? وََأيّ َبيْتٍ َ حسُنَ َق ْ سمُجَ َوضْعُهَُ ،و َ ت َ ل َلهَا َبيْ ٌ أَهْلُهُ? وَهَ ْ
خطْبُهُ? وََأيّ ص ُغرُ َ ت َي ْعظُمُ وَعِيدُهُ َو َي ْ عرْضُهُ َو َي ْأسُو ضَ ْربُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ ت َيشُجّ َ َو ْقعُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ
ن المَظْلُومِ ،وَال ِمنْشَارِ ال َمثْلُومِ? وََأيّ ِبيْتٍ سنَا ِ
ت هُ َو َأ ْكثَ ُر رَمْلً ِمنْ َيبْرينَ? وََأيّ َبيْتٍ ُه َو َكأَ ْ َبيْ ٍ
ل ُيخْلَقُ عكَ ظَا ِهرُهُ? وََأيّ َبيْتٍ َ خدَ ُ ي َبيْتٍ َيصْ َف ُعكَ بَاطِنُهَُ ،و َي ْ خرُهُ? وََأ ّ س ّركَ أَوُّلهُ َو َيسُو ُءكَ آ ِ َي ُ
ت هُوَ ع ْكسُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ ت َيسْهُلُ َ ن َل ْمسُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ ي َبيْتٍ ل ُي ْمكِ ُ حتّى ُت ْذ َكرَ جَوَا ِمعُهُ? وََأ ّ سَامِعُهَُ ،
حذْفٍ??? قَالَ ن ِب َ حرْفٍَ ،ورَهِي ٌ ن ِب َ ن ِمثْلِهَِ ،و َكَأنّ ُه َليْسَ ِمنْ أَهِْلهِ? وََأيّ َبيْتٍ ُهوَ َمهِي ٌ ل مِ َْأطْوَ ُ
جهِ صَوَا ِبهِِ ،إلّ ل َأعَْلمُ. جوَابهِ ،وَل ا ْه َت َديْتُ لِ َو ْ ت ِق ْدحَا في َ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فَ َو الِ مَا َأجَلْ ُ
شأَ يَقُولُ: فَقَالََ :ومَا لَ َتعَْلمُ َأ ْك َثرُ ،فَقُلْتَُ :ومَا َلكَ مَعْ هَذا ال َفضْلِ ،تَ ْرضَى ِبهَذا ال َعيْشِ ال ّرذْلِ? َفَأنْ َ
عجَبُ كُلّ َتصَارِيفِ َأ ْمرِهِ َ ن مِنْ َزمَنٍ بُؤْسا ِلهَذا ال ّزمَا ِ
لدَبُ َكَأ ّنمَا سَـاءَ ُأمّـ ُه ا َ ل ذِي َأدَبٍ ح حَرْبا ِلكُ ّ صبَ َ
َأ ْ
حيّاكَ الُ لسْ َك ْن َدرِيّ ،فَقُلْتَُ : حاِ جهِهِ َنظَريَ ،فإِذَا هُ َو َأبُو ال َفتْ ِ َفَأجَلْتُ فِي ِه بَصَريَ ،وكَ ّررْتُ فِي َو ْ
جمَلْتََ ،فعَلْتَ ،فَقَالَ: ن َتمُنّ عََليّ ِبتَفْسيرِ مَا َأ ْنزَلْتََ ،وتَ ْفصِيلِ مَا َأ ْ ن رََأيْتَ أَ ْ عكَ إِ ْ صرْ َوََأ ْنعَشَ َ
عشَى. ل الَ ْ ن حَلّ ُه َفكَثيرٌَ ،و ِمثَالُهُ قَوْ ُ تَفْسيرُهَُ :أمّا ال َبيْتُ ل ُي ْمكِ ُ
حبَسّنا ِب َتنْقَادِهَا فَل َت ْ دَراهِ ُمنَا كُلّها جَـ ّيدٌ
وَأمّا ال َمدْحُ اّلذِي َل ْم ُيعْ َرفْ أَهْلُ ُه َفكَثيرٌَ ،ومِثالُ ُه قَوْلُ ال ُهذَِليّ:
ن مَاجِ ٍد َمحْضِ ن أَلْقَى عََليْ ِه رِداءَ ُهعَلَى َأنّهُ َقدْ سُلّ عَ ْ وِِلمْ ِأ ْدرِ مَ ْ
طعُهُ ،فَ َقوْلُ أَبي ُنوَاسِ: حسُنَ َق ْ ضعُهَُ ،و َ سمُجَ َو ْ وََأمّا ال َبيْتُ الذّي َ
ُتجَ ّررُ َأ ْذيَالَ ال ُفسُوقِ ،وَل َفخْرُ َفبِ ْتنَا َيرَانَا الُ شَـرّ عِـصَـابَةٍ
ل ذِي ال ّرمّةِ: ت اّلذِي لَ َي ْر َفأُ َد ْمعُهُ فَقَوْ ُ وََأمّا ال َبيْ ُ
سرَبَ ن كُلىً مَ ْف ِريّةٍ َ َكَأنّ ُه مِ ْ سكِبُ ع ْي ِنكَ ِم ْنهَا المَاءُ َي ْن َ مَا بَالُ َ
شقَّ ،أوْ سكَابٌ ،أَ ْو بَوْلٌ ،أَ ْو نَشيئَةٌ ،أَ ْو َأسْفَلُ مَزادَةٍ ،أَ ْو ِ عيْنٌَ ،أوْ ا ْن ِ َفإِنّ جَوا ِم َعهُِ :إمّا َماٌء ،أَوْ َ
سيَلنٌ. َ
ن الرّو ِميّ: ل ابْ ِ ت اّلذِي َيثُقلُ َو ْقعُهُ َف ِمثْلُ قَوْ ِ وََأمّا البَي ُ
س َأ ْمهِلي ل ِلنَفْسيَ :أيّها النّفْ ُ ن َي ُمّنهُ َوقَا َِإذَا مَنّ َل ْم َي ْمنُنْ ِبمَ ّ
عرِ:عرُوضُهُ َو َيَأسُو ضَ ْربُ ُه َف ِمثْلُ قَوْلِ الشّا ِ وََأمّا ال َبيْتُ الّذي َتشُجّ َ
24
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي َكمَا َي ْدنُو ال ُمصَافِحُ لِلسّلمِ شرَ ِفيّ
ت لَ ُه ِبَأ ْبيَضَ َم ْ
دَلَفْ ُ
ن كُ ْلثُوم:
عمْرو ابْ ِ طبُهُ َف ِمثَالُ ُه قَوْلُ َ
خ ْظمُ َوعِيدُهُ َو َيصْ ُغرُ َ َي ْع ِ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي ُهوَ مَخارِيقٌ ِبَأ ْيدِي لعِبينَا سيُوفَنا ِمنّا َو ِم ْنهُمْ َكأَنّ ُ
ل ذِي ال ّرمّةِ: َأ ْكثَ ُر رَمْلً ِمنْ َي ْبرِينَ َف ِمثُلُ قَوْ ِ
ت اّلذِي ُهوَح ْيرَى لَها في الجَ ّو َتدْوِيمُ وََأمّا ال َبيْ ُ شمْسُ َ ضهُوَال ّضرَاضِ َي ْركُ ُ ض الرّ ْ ُمعْرَ ْورِيا َرمَ َ
عشَى: ل الَ ْ ن ال َمظْلُومِ ،وَال ِم ْنشَارِ ال َمثْلُومِ؛ َفكَقَو ِ َكَأسْنَا ِ
شَاوٍ ِمشَلّ شَلُولٌ شُ ْلشُلٌ شَـوِلُ وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي ت َي ْت َب ُعنِيت إِلى الحَانُو ِ غدَوْ ُ َوقَدْ َ
خرُ ُه َفكَقَوْلِ ا ْمرِئ ال َقيْسِ: َيسُ ّركَ َأوّلُهُ َو َيسُو ُؤكَ آ ِ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي سيْلُ ِمنْ عَلِ حطّهُ ال ّ خرٍ َ صْل ُم ْدبِرٍ مَعا َكجُ ْلمُودِ َ ِم َكرّ مِ َفرّ مُ ْقبِ ٍ
عكَ ظَا ِهرُ ُه فَكَ َقوُلُ القَائِل:
خدَ ُ
طنُهُ َو َي ْ
ك بَا ِ
َيصْ َفعُ َ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي ل ع ْتبِي
َنجّاكَ رَبّ ال َعرْشِ مِنْ َ عَا َتبْ ُتهَا َف َبكَتَْ ،وقَالَتْ يَا فَتىً
طرِفَةَ: حتّى ُتذْ َكرَ جَوَا ِم ُعهُ ،فَكَ َقوْلِ َ
ُيخَْلقُ سَا ِمعُهَُ ،
َفإِنّ السّامِعَ َيظُنّ طيّ ُت ُه ْميَقُولُونَ :لَ َتهِْلكْ أَسىً َو َتجَّلدِ
صحْبِي عََلىّ َم ُِوقُوفا ِبهَا َ
شدُ قَوْلَ ا ْمرِئ ال َقيْسِ. َأ ّنكَ ُت ْن ِ
خبْز ُرزّيّ: ل ال ُ ل ُي ْمكِنُ َل ْمسُ ُه َفكَقَوْ ِ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي َ
َوكَ َقوْلِ أَبي نُوَاسٍ: شرَقَ نُورُ الصّلْحِ ِمنْ ظُ ْلمَ ِة ال َعتْبِ حبّوََأ ْ
عنْ َق َمرِ ال ُ
جرِ َ
غ ْيمُ ال َه ْ
تَ َقشّعَ َ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي َو َت ْمثَالُ نُورٍ فِي َأدِيمِ َهوَاءٍ عبِيرٍ فِي غِلََلةِ مَاءٍ
َنسِيمُ َ
حسّانَ:
ع ْكسُ ُه َفكَقَوْلِ َ
سهُلُ َ
َي ْ
وََأمّا ال َبيْتُ اّلذِي ُهوُ ن الطّرَازِ الَوّلِ
لنُوفِ مِ َشمّ ا ُ ُ حسَا ُب ُهمْ
بِيضُ ال ُوجُو ِه َكرِيمَ ٌة َأ ْ
حمَاقَ ِة ال ُم َتنَبي:
ن ِمثْلِه فَ َك َ
ل مِ َْأطْوَ ُ
ل وََأمّا
ن نَ ْ
ع دِلِ ابْ ِ ع زَ ْ
ب رُ ْغزُ اسْ ِ حمِ ا ْ
سرُفُ ْه ُتسَ ْلغِظِ ا ْرمِ صِبِ ا ْ ج ْد ُق ْد مُر َأنْه ا ْ
س ْد ُس ُم ُ
قاْ
عِش ا ْب َ
ل َأبِي نُوَاسِ:حذْفٍَ ،فكَقَوْ ِ ن ِب َح ْرفٍَ ،ورَهِي ٌ ت اّلذِي هُ َو َمهِينٌ ِب َ ال َبيْ ُ
خرِ:ل ال َ َوكَقَوْ ِ ع دُرّ عَلَى خَاِلصَهْ َكمَا ضَا َ ش ْعرِي عَلَى بَا ِب ُكمْ
لَ َقدْ ضَاعَ ِ
شدَ "
ِي ْعنِي َأنّ ُه ِإذَا َأ ْن َ ن كَلما عََل ْيهِ ضَاءَ
كَا َ ِإنّ كَلَما َترَا ُه َمدْحـا
ش َد "ضَاءَ" كانَ َمدْحا. ضَاعاَ" كَانَ ِهجَاءً ،وَِإذَا َأ ْن َ
ن بِهِ عَلَى َتغْييرِ حَالهِ ،وَافْ َترَ ْقنَا.
س َتعِي ُ
ط ْيتُ ُه مَا َي ْ
عَ ن مَقَالِه ،وَأَ ْ جبْتُ والِ مِ ْن ِهشَامٍَ :فتَ َع ّ
قَالَ عِيسَى بْ ُ
ال َمقَامَةُ الحَ ْمدَانِيّةُ
ن هِشامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
عرِضَ عََل ْيهِ َفرَسٌ َمتَى مَا َت َرقّ ال َعيْنُ فِيهِ ن يَوْماَ ،و َقدْ ُ ح ْمدَا َ
سيْفِ الدّوْل ِة بْنِ َ س َ ضرْنَا َمجْلِ َ ح َ َ
ج ْهدَهُ،ج ْهدَ َ جعَ ْلتُ ُه صِلتَهَُ ،فكُلّ َن صِ َفتَهَُ ، حسَ َس ْيفُ الدّوْلةَِ :أ ّيكُمْ َأ ْ
عةَُ ،وقَالَ َ جمَا َظتْهُ ال َ
حَ سهّلِ ،فَل ََت َ
ل يَطأُ ال َفصَاحَ َة ِب َنعَْليْهِ، لمْسِ َرجُ ً ت بِا َلمِيرَ! رَأَيْ ُ لاَ خ َدمِهَِ :أصْلَحَ ا ُ حدُ َ ع ْندَهُ ،فَقَالََ :أ َ
َو َبذَلَ مَا ِ
لمِيرُ ِبِإحْضَارِهِ ،لَ َفضََلهُمْ سأَلُ النّاسََ ،و َيسْقِى اليَاسَ ،وَلَ ْو َأ َمرَ ا َ ل ْبصَارُ عََليْهَِ ،ي ْ َوتَ ِقفُ ا َ
خ َدمُ فِي طََلبِهُِ ،ثمّ جَاءُوا لِلْ َوقْتِ ِبهِ ،وََلمْ س ْيفُ الدّوْلةِ :عََليّ ِبهِ فِي َه ْي َئتِهَِ ،فطَارَ ال َ حضَارِهِ ،فقَالَ َ ِب َ
شرِبَ، ن َقدْ َأكَلَ الدّ ْهرُ عََل ْي ِهمَا َو َ ط ْمرَيْ ِ
س ُت ْدنِىَ ،وَ ْهوَ فِي ِ عيَُ ،ثمّ قرّبَ وَا ْ ليِة حَالٍ دُ ِ ُيعِْلمُو ُه ّ
ضهَا ع ِر ْ ع ْنكَ عَا ِرضَةٌ فَا ْ س ْيفُ الدّوْلةِ :بََل َغتْنَا َ سمَاطََ ،ل َثمَ ال ِبسَاطََ ،و َوقَفَ ،فَقَالََ : ضرَ ال ّح َ َوحِينَ َ
عيُوبهِشفِ ُ لمِيرَ َك ْيفَ ِبهِ َقبْلَ ُركُوب ِه وَ ُوثُوبهَِ ،و َك ْ لاَ في هذا ال َفرَسَ وَ َوصْفِهِ ،فَقَالََ :أصْلَحَ ا ُ
ل ُذ َنيْنِ ،قَلِيلُ
لمِيرَ هُ َو طَويلُ ا ُ ح الُ ا َ جرَاهُُ ،ثمّ قَالََ :أصْلَ َ غيُوبهِ? فَقَالَ :ا ْر َكبْهُ ،فَ َر ِكبَهُ وََأ ْ وَ ُ
25
شدِيدُ النّفْسَِ ،لطِيفُ لرْبَعَِ ، ضاَ لكْرُع ،غَامِ ُ ل ْث َنيْنِ ،وَاسِعُ ال َمرَاثَِ ،ليّنُ الثّلَثِ ،غَلِيظُ ا َ اِ
ض الثّمانِ، عرِي ُ سبْعَِ ،دقِيقُ الّلسَانَِ ، ظ ال ّ سمْعِ ،غَلِي ُ حدِيدُ ال ّضّيقُ القَلْتَِ ،رقِيقُ السّتَّ ، خمْسَِ ، ال َ
خذُ بِالسّابحَِ ،ويُطِْلقُ بِالرّامِحِ .يَطلُعُ جرَِ ،بعِيدُ ال َعشْرَِ ،ي ْأ ُ شْ َمدِيدُ الضّلعَ ،قَصِيرُ ال ّتسْعَ ،وَاسِعُ ال ّ
سيْلِ ِإذَا ضرُ كَال َبحْرِ ِإذَا مَاجَ ،وال ّ ح ِ حدِيدُِ ،ي ْ جزّ َوجْ َه الجَديدِِ ،ب َمدَاقّ ال َ ن قَارِحٍ َي ُ حكُ ع ْ بِلئِحٍ َو َيضْ َ
لفْرَاسَ، حاَ لنْفَاسََ ،و َت ْمنَ ُ خذُ ا َ س ُمبَارَكا فِيهِ ،فَقَالَ :لزِلْتَ َت ْأ ُ س ْيفُ الدّوَْلةَِ :لكَ ال َفرَ ُ هَاجَ ،فَقَالَ َ
صرَفَ َو َت ِب ْعتُهُ َوقُلْتُ َلكَ عََليّ مَا يَلِيقُ ِبهَذا ال َفرَسُِ ،ثمّ ا ْنصَ َرفَ َو َت ِبعْتُ ُه َوقُلْتُ َلكَ عََليّ مَا ُثمّ ا ْن َ
ح َببْتَ ،فَقُلتُ :مَا َم ْعنَى قَوِْلكَ عمّا َأ ْ سرْتَ مَا َوصَفْتَ ،فَقَالَ :سَلْ َ ن فَ ّ ن خِ ْلعَ ٍة إِ ْ ق بِهذَا ال َفرَسِ مِ ْ يَلِي ُ
ع َرتَيِنَِ ،ومَا ح َييْنَِ ،ومَا َبيْنَ ال َو ْقبَيْينِ ،وَالجَا ِ ظرِ وَا ْلخَطْ ِو وَأَعَالِي الّل ْ شرِ ،فقَالََ :بعِيدُ ال ّن َ َبعِيدُ ال َع ْ
سبَاقِ، خ َريْنَِ ،ومَا َب ْينَ ال ّرجَْليْنَِ ،ومَا َب ْينَ ال َمنْقَبِ وَالصّفَاقَِ ،بعِيدُ الغَايَ ِة فِي ال ّ ن ال ُغرَابَيْنِ وَال ِم ْن ََبيْ َ
طرَةِ َقصِيرُ ل ْشعْرَ ِة َقصِيرُ ا ُ ض فُوكْ َفمَا َم ْعنَى قَوِْلكَ َقصِيرُ ال ّتسْعِ ،قَالَ :قصِيرُ ال ّ فَقُلْتُ :لَ فُ ّ
ظ ْهرَِ ،قصِيرُ ال َوظِيفِ. سغَينشَ ،قصِيرُ ال ّنسَاَ ،قصِيرُ ال ّ ض َديْنَِ ،قصِيرُ ال ّر ْ سيْبَِ ،قصِيرُ ال َع ُ ال َع ِ
عرِيضُ عرِيضُ ال َو ِركَِ ، ج ْبهَةَِ ، ض ال َ عرِيضُ ال ّثمَانِ? قَالَ :عَري ُ فَقُلْتُ :لِ َأنْتَ َفمَا َم ْعنَى قَوِْلكََ :
عرِيضُ صَ ْفحَةِ عرِيضُ البَ ْل َدةَِ ، عرِيضُ ال َعصَبَِ ، جنْبَِ ، عرِيضُ ال َ صهْ َوةِ ،عَريضُ ال َك ِتفَِ ، ال ّ
ال ُع ُنقِ.
حزَمِ ،غَلِيظُ ال ُعكْ َوةِ، سبْعِ? قَالَ :غَلِيظُ ال ّذرَاعِ ،غَلِيظُ ال َم ْ حسَنْتََ ،فمَا َم ْعنَى قَوِْلكَ :غَلِيظُ ال ّ فَقُلْتَُ :أ ْ
خ َذيْنِ ،غَليظُ ا ْلحَاذِ. غَلِيظُ الشّوى ،غَلِيظُ ال ّرسْغِ ،غَلِيظُ ال َف ْ
جحْفَلةِ، ق ال َ ل دَ ّركَ! َفمَا َم ْعنَى قَوِْلكَ :رَقيقُ السّتّ? قَالَ :رَقيقُ الجَفْنَِ ،رقِيقُ السّالِ َفةَِ ،رقِي ُ قُلْتُِ :
ل ْذ َنيْنَِ ،رقِيقُ ال ُعرُضَينِ. لدِيمِ ،رَقِيقُ أَعَالِي ا ُ رَقِيقُ ا َ
ف ال ّنسْرَِ ،لطِيفُ خمْسِ? فَقَالََ :لطِيفُ الزّ ْورَِ ،لطِي ُ جدْتََ ،فمَا َم ْعنَى قَوِْلكََ :لطِيفُ ال َ فَقُلْتَُ :أ َ
ج ْبهَةَِ ،لطِيفُ ال ّركْبَةَِ ،لطِيفُ ال ُعجَايَةِ. ال َ
ل ْربَعِ?
حيّاكَ الَُ ،فمَا َم ْعنَى قَوِْلكَ :غَامِضُ ا َ فَقُلْتَُ :
حجَاجَيْن ،غَامِضُ الشّظى .قُلْتُ :فَمَا ض ال ِ ض المَ ْرفَ َقيْنِ ،غَامِ ُ قَالَ:غَامِضُ َأعَالشي ال َكتِ َفيْنِ ،غَامِ ُ
ك قَلِيلُ ن ال ِعنَانِ قُلْتَُ :فمَا َم ْعنَى قَوِْل َ غ َتيْنِ َليّنُ ال ُع ْرفِ َليّ ُ َم ْعنَى قَوِْلكَ َليّنُ الثّلَثِ ،قَالََ :ليّنُ ا ْل َم ْردَ َ
ت هَذا ال َفضْلِ? قَالَ :مِنَ ن َأيْنَ َم ْنبِ ُ حمِ ال َم ْت َنيْنِ ،قُلْتَُ :فمِ ْ حمِ ال َوجْ ِه قَلِيلُ َل ْ ل ْث َنثْنِ قَالَ :قَلِيلُ َل ْاِ
شأَ ج َهكَ ِلهَذا اَل َبذْلِ? فََأ ْن َ ل ُتعَرّضُ َو ْ س َك ْندَ ِريّةِ ،فَقُلْتَُ :أنْتَ مَ َع هَذا ال َفضْ ِ لْ لمَ ِويّةِ والبِلدِ ا ِ الّثغُو ِر ا َ
يَقُولُ:
سخِيفْ ِإنّ ال ّزمَانَ َ جدّاسَاخِفْ َزمَا َنكَ ِ
خيْرٍ َورِيفْ ش ِب َ وَعِ ْ ح ِميّةَ نِـسْـيا َدعِ ال َ
َيجِيئُنَا بِـرَغِـيفْ َوقُلْ ِل َعبْـ ِدكَ هَـذا
ال َمقَامَ ُة الرّصَافِيّة
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ
َ
طرِيقَ حمَارّ ُة ال َق ْيظِ َتغْلِي ِبصَ ْدرِ ال َغ ْيظِ ،فََلمّا َنصَفْتُ ال ّ لفَةَِ ،و َن ال ّرصَافَ ِة ُأرِيدُ دَارَ الخَ َ خ َرجْتُ مِ َ َ
سرّهُ َوفِيهِ قَومٌ َي َتَأمّلُونَ ن ِ حسْ ٍ ن كُلّ ُ خذَ مِ ْجدٍ َقدْ َأ َسِع َو َزنِي الصّ ْبرُ َفمِلْتُ إِلى َم ْ شتَ ّد الحَرّ وَأَ ْ اْ
طرَارِينَ حيَِل ِهمْ وَال ّ
ث إِلى ِذكُ ِر الّلصُوصِ َو ِ حدِي ِ جزُ ال َ عُن وقُوفَهُ ،وََأدّا ُهمْ َ سُقُوفَهُ َو َي َتذَا َكرُو َ
ن َي ْعمَلُ بِا ْلطّفِ، ص مِنَ الّلصُوصِ وَأَهْلَ ال َكفّ وَالَقّف َومَ ْ ب ال ُفصُو ِ عمَِلهِمَْ ،فذَكَروا َأصْحَا َ َو َ
ن ُي ْمكِنَ الّلفَّ ،ومَنْ ن فِي ال ّرفّ ،إِلَى أَ ْ ن َي ْكمُ ُخ ُنقُ بِالدّفَّ ،ومَ ْ حتَالُ في الصّفِّ ،و ِمنْ ِي ْ ن َي ْ
َومَ ْ
ن َقمَشَ س ِرقُ بِالنّصْحَِ ،ومَنْ َيدْعُو إِلى الصّلْحَِ ،ومَ ْ خذُ بِال َمزْحَِ ،ومَنْ َي ْ ُي َبدَِلُ بِال َمسْحَِ ،و َمنْ َي ْأ ُ
ن كَابَرَ بِا ْل ّريْطِ ،مَعَ ت بالنّ ْردَِ ،ومَنْ غَاَلطَ بِالْ ِق ْردَِ ،ومَ ْ طرْفَِ ،و َمنْ بَاهَ َ س بِال ّ ص ْرفَِ ،و َمنْ َأ ْنعَ َ بِال ّ
حتَالَن نَ ّو َم بِالبَنْجُِ ،أوْ ا ْ ن سُفْلَِ ،ومَ ْ لرْضَ م ْ شقّ ا َ ن َ ن جَا َءكَ بِال ُقفْلَِ ،ومَ ْ خيْطَِ ،ومَ ْ لبْرَ ِة وال َ اِ
صعَ ُد في البِيرِ َومَنْ سَارَ ن َي ْ سيْفَِ ،ومَ ْ حبَْليْهَِ ،ومَنْ كَا َبرَ بِال ّ
شدّ ِب َ
ن َبدّل َنعَْليْهِ ،و َمنْ َ ِبنِي َرنْجٍَ ،ومَ ْ
ن الخَ ْوفِ ن لذَ مِ َ ن فَرّ ِمنَ الطّ ْوفِ َومَ ْ لمَاتِ َو َمنْ َيَأتِي المَقَامَاتِ َومَ ْ ب العَ َ صحَا ُ مَعَ العِيرِ ،وََأ ْ
26
سرِقُ بِالبَوْلِ َو َمنْ ِي ْن َت ِهزُ ن َي ْ ض ْيرٌ َومَ ْب بِالسّ ْيرِ َوقَالَ :اجْلِسْ وَل َ طيْرِ َومَنْ لعَ َ ن طَ ّيرَ باِل ّ َومَ ْ
صحَابُ ال َبسَاتِينِ َوسُرّاقُ ستُوقٍ ،وََأ ْ خ فِي البُوقِ َومَنْ جَا َء ِب َب ْ ط َعمَ فِي السّوقِ ِبمَا َينْفُ ُ ن َأ ْالهَوْلَ َومَ ْ
ن طِينٍ سكّينٍ عَلى الحَائطِ مِ ْ ن دَبّ ِب ِ سطْحِ َومَ ْ صرْحِ َومَنْ سَّلمَ في ال ّ ضبَ َر فِي ال ّ ن َ الرّوَازِينِ َومَ ْ
ب ِبَأنِينٍ ن الدّوَاوِينِ َومَنْ دَ ّ عوَا ِ ن َكأَ ْب الطّ ْب َرزِي ِ حيّي بِالْ ّريَاحِينِ وََأصْحَا ُ ن ُي َ
ن جَا َءكَ فِي الحِي ِ َومَ ْ
حمُ البَابَ ،علَى ِزيّ مَنِ ن يَ ْق َت ِ
ن وَالرّيحَِ ،ومَ ْ سمِ ال َمجَانِينِ وََأصْحَابُ ال َمفَاتِيحِ وَأَهْلَ ال ُقطْ ِ عَلى َر ْ
ن زَارََ ،و َمنْ َي ْدخُلُ بِالّلينِ ،عَلَى ِزيّ ال َمسَاكِينِ، ن َي ْدخُلُ فِي الدّارِ ،عَلَى صُورَ ِة مَ ْ ا ْنتَابََ ،ومَ ْ
ن حَّلفَ بِال ّديْنَِ ،ومَنْ خوْضَِ ،و َمنْ سَلّ ِبعُو َديْنَِ ،ومَ ْ ن فِي ال َ سرِقُ فِي الحَ ْوضِِ ،إذَا َأ ْمكَ َ ن َي ْ
َومَ ْ
ن أَعْطى ف بِا ْلكِيسَِ ،و َمنْ زَجّ ِب َتدْلِيسَِ ،ومَ ْ ن خَالَ َ ج بِال ّديْنَِ ،ومَ ْ ن سَ ْفتَ َ غَاَلطَ بِالرّهْنَِ ،ومَ ْ
ن قَالَ :أََلمْ صدْرَِ ،ومَ ْ ح ُكمَْ ،و َمنْ خَاطَ عَلى ال َ ص مِنَ ال ُكمَّ ،وقَالَ :ا ْنظُرْ وَا ْ المَفَالِيسََ ،و َمنْ قَ ّ
غ ّركَ عدَّ ،و َمنْ َلجّ مَ َع القَ ْومِ َوقَالََ :ليْسَ ذَا َن ْومٍ َو َمنْ َ ن دَسّ ِإذَا َ شدَّ ،ومَ ْ َت ْدرِ? َو َمنْ عَضَّ ،و َمنْ َ
صمَ في ن خَا َ ن صَافَعَ بِال ّنعْلِ َومَ ْ ن َيأََلمُ لِ ْل َك ْيدِ َومَ ْسرِقُ بِال َق ْيدِ َومَ ْ
ج إِلَى خَ ْلفٍ َو َمنْ َي ْ بِالَ ْلفِ َو َمنْ زَ ّ
خطَاطِيفِ عَلى صحَابِ ال َ سرْبِ َو َمنْ َي ْن َت ِهزُ النّقْبَ وََأ ْ شقِ َو َمنْ َي ُدخُلُ في ال ّ حقِ َومَنْ عاَلجَ بِال ّ ال ّ
س َك ْندَ ِريّ لْلبِي ال َف ْتحِ ا ِ حدِيثُ إِلى ِذكُرِ َمنْ َربِحَ عََل ْي ِهمْ ،وََأتَى ِب ِقصّةٍ َ جرّ ال َ ن الّل ِيفِ وَا ْن َحبْلِ مِ َال َ
حذفناها لعدم الفائدة فيها مع وجود ألفاظ تنافي آداب هذه اليام وليس فيها شيء يستحق الذكر
سوى أن الليلة القمراء يقال فيها ليلة في غير زيها وأنشد يقول:
غ ْيرِ ِز ّيهِوِوِافِا ُه ِبدْرٌ ال ّتمّ فَا ْبيَضَ مَ ْف ِرقَهُ ل فِي َ سرَى وَالّْليْ ُ طيْفٌ َ َو َ
ال َمقَامَةُ المِغْزلِيّة
ي َفتَيَانِ،ت َكثِيرُ ال ّذ ْكرَِ ،ف َدخَلَ عََل ّ ت ال َبصْرَةَ وََأنَا ُمتّسِعُ الصّي ِ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالََ :دخَلْ ُ َ
سطِ ِه زُنّارٌ، سنّارٍِ .برَ ْأسِهِ دُوَارٌ ،بِ َو َ خذَ َفنَجَ ُ ل َهذَا ال َفتَى دَا َرنَاَ ،فَأ َ شيْخََ ،دخَ َل ال ّ حدُ ُهمَاَ :أ ّيدَ ا ُ
فَقَالَ َأ َ
جرّ ،نَحيفُ ال ُم َنطّقِ، ل ال ّذيْلِ ِإنْ َن صَرّ ،سَرِيعُ ال َكرّ ِإنْ َفرّ ،طَوي ُ ت إِ ْ
َوفََلكٌ دَوّارٌَ ،رخِيمُ الصّوْ ِ
شيْئا َردّ ،وَإِنْ ن السّ َفرِِ ،إنْ أَو ِدعَ َ ج َزرِ ،مُقِي ٌم بِالحَضرِ ،ل َيخْلُو مِ َ طقِ ،في َقدْرِ ال َ ف المُ َقرْ َضَعي ُ
خشَبٌ ،وَفيهِ مَالٌ َو َنشَبٌَ ،و َقبْلٌ َو َب ْعدٌ ،فَقَالَ عظْمٌ َو َ ل َمدُّ ،هنَاكَ َ حبْ ًجرّ َ جدّ ،وَِإنْ َأ َسيْرا َ كُّلفَ َ
ص َبنِي عَلَى: غ َلنّهُ َ شيْخَ َ ل ال ّ ال َفتَىَ :ن َعمْ َأ ّيدَ ا ُ
ُمذَلّـقٍ َأسْـنَـانُـهُ ُمرَ ّهفٍ سِـنـانُـهُ
شمْلٍ شَانُـهُ تَ ْفرِيقُ َ لدُهُ َأعْـوانُـــهُ َأ ْو َ
ق بِـشَـا ِربِـهِ ُمعَلّ ٌ ُموَاثِبٌ ِلصَـاحِـبِـهْ
شبَابِ في الشّيبِ وَال ّ لنْـيَابِ شتَـبِـكُ ا َ ُم ْ
لكْـلِ ضَاوٍ زَهِيدُ ا َ ح الشّـكْـلِ حُ ْلوٌ مَلي ُ
سبْلِ حَ ْوفَ اللّحى وال ّ رَامٍ كَثيرُ الـنّـبْـلِ
ط ِليَ ُردّ عََل ْيكَ ال ِم ْغزَلَ.لوّلِ :رُدّ عََليْ ِه ال ُمشْ َ فَقُلْتُ ل َ
ال َمقَامَةُ الشّيرَازِيّةُ
ن ال َيمَنِ ،وَ َه َممْتُ بِال َوطَنِ ،ضَمّ إَِليْنا رَفيقٌ َرحْلَهُ، ت مِ َ ن هِشامٍ قَالََ :لمّا قَفَلْ ُ ح ّدثَنا عِيسى بْ ُ َ
غرّبََ ،و َن ِدمْتُ شرّقْتُ وَ َ صعّدْتُ َوصَوّبََ ،و َ جدٌ ،وَالتَ َق َمهُ وَ ْهدٌَ ،ف َج َذبَني َن ْحتّى َ َفتَرَافَ ْقنَا ثَلثَةَ َأيّامٍَ ،
خذَ ُه الغَ ْورُ َو َبطْنُ ُه فَ َو الِ لَ ْق َد تَ َركَني فِرَاقُهُ وَأَنا
ح ْزنُهُ ،وَأ َ جبَلُ َو َعَلَى مُفَا َر َقتِهِ َب ْعدَ َأنْ مََل َكنِي ال َ
ضرَبَ ت فَا َرقْتُ ُه ذَا شَارَةٍ َوجَمالٍ ،وَ َه ْيئَةٍ َوكَمالٍَ ،و َ شتَاقُهُ ،وَغا َدرَنِي َب ْعدَ ُه َأقَاسِي ُب ْعدَهَُ ،و ُكنْ ُ َأ ْ
س ِعدُني ل َل ْمحَةٍ ،وَل َأظُنّ َأنّ الدّ ْهرَ ُي ْ الدّ ْهرُ بِنا ضُروبَهُ ،وَأَنا َأ َت َمثّلُهُ في كُلّ َوقْتٍ ،وََأ َت َذ ّكرُهُ في كُ ّ
جهِهِغّبرَ في َو ْ ل قَدْ َج َرتِي ِإذْ َدخَلَ َكهْ ٌ حْت شِيرَازََ ،ف َبيْنا أَنا يَوما في ُ حتّى َأ َتيْ ُسعِفُني فيهَِ ، بِهِ َو ُي ْ
ال َف ْقرُ ،وَا ْنتَ َزفَ ما َءهُ الدّ ْهرُ ،وَأَمالَ َقنَاتَهُ السّ ْقمَُ ،وقَّلمَ َأظْفَارَهُ ال ُع ْدمُ ،بِ َوجْ ٍه َأ ْكسَفَ ِمنْ بالِهَِ ،و ِزيّ
جرَعهَا الضّرّ ن حالِهِ ،وَِلثَةٍ َنشِ َفةٍَ ،وشَ َفةٍ َقشِفَةَِ ،و ِرجْلٍ َوحِلَةٍَ ،و َيدٍ َمحِلَةٍ ،وََأ ْنيَابٍ َقد َ َأ ْوحَشَ مِ ْ
سطْتُ خ ْيرَا ِممّا ُيظَنّ بِناَ ،فبَ َ جعَلْنا َ ج ْبتُهُ ،فَقالَ :الّل ُهمّ ا ْ
عيْني ،ل ِكنّي َأ َ وَال َعيْشُ ال ُمرَّ ،وسَّلمَ فَا ْزدَ َرتْهُ َ
27
ح ْرمَةٍَ ،وشَا َركْ ُت َ
ك س ْمعِي،وَقُلْتُ لَهُ :إِيهِ ،فَقَالََ :قدْ َأ ْرضَ ْع ُتكَ َث ْديَ ُ ت لَ ُه َ
جهِيَ ،و َفتَقْ ُ سرّةَ َو ْلَ ُه َأ ِ
عشِيريّ فَقَالَ ت َأمْ َح َمةٌ ،فَقُلْتَُ :أبََل ِديّ َأنْ َ
ح ْرمَةٌ ،وَال َم َودّةُ ُل ْ ع ْندَ ال ِكرَامِ ُ
صمَةٍ ،وَال َم ْعرِفَةُ ِ
ع ْ عنَانَ ِ ِ
ش ّدنَا في قَرَنٍ? قَالَ: ج َمعُنا ِإلّ بََل ُد ال ُغرْبَةِ وَل َي ْنظِمُنا إِل َرحِمُ ال ُقرْبَ ِة فَقُلْتَُ :أيّ الطّريقِ َ مَا َي ْ
طَريقُ ال َيمَنِ.
شدّ مَا ُهزِلْتَ س َك ْندَ ِريّ? فَقَالَ :أَنا ذَاكَ ،فَقُلْتَُ : لْ ن ِهشَامٍ :فَقُلْتَُ :أنْتَ َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ قَالَ عِيسَى بْ ُ
ضرَاءَ خ ْ ختِلَِلكَ ،فَقالََ :ن َكحْتُ َ سبَبَ ا ْ جمْلَ َة حاِلكََ ،و َ ض إِلىّ ُ عهْدي! فانْفُ ْ عنْ َ َب ْعدِي! َوحُلْتَ َ
ش ْيبَتي ،فَقُلْتُ :هَلّ ت مَاءَ َ حرِيبَتي ،وََأرَاقَ ْ ت َ حنَةٍَ ،قدْ َأكَلَ ْت مِنهَا بِا ْبنَةٍَ ،فَأنَا مِنهَا في ِم ْ ِد ْمنَةٍَ ،وشَقِي ُ
س َترَحْتَ. سَ ّرحْتَ وَا ْ
ض فِيهِ.
ن ِذ ْكرِهِ وَالخَوْ َ جهُ الَدب فَتعفّ ْفنَا عَ ْ ُثمّ َذكَر كَلَما َي ْندَى لَهُ َو ْ
حلْوَانِيّة
الْ َمقَامَ ُة ال ُ
ن ِهشَامِ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
ش ْعرِي طَوِيلًَ ،و َقدْ ا ّتسَخَ جدُ َ ن قَفَلََ ،و َنزَلْتُ مَ َع مَنْ نَزلَ ،قُلْتُ ِلغُلميَ :أ ِ ج فِيمَ ْ ن الحَ ّ ت مِ َ َلمّا قَفَلْ ُ
حمّامُ وَاسِعَ الرّ ْقعَةَِ ،نظِيفَ ستَ ْعمِلهُ ،وَِل َيكُنْ ال َ حجّامَا َن ْ حمّامَا َن ْدخُلهَُ ،و َ خ َترْ َلنَا َ َب َدنِي قَليلً ،فَا ْ
حدِيدَ المُوسَى ،نَظيفَ الثّيابِ، حجّامُ خَفِيفَ ال َيدَِ ، ب الهَوَاءُِ ،م ْع َتدِلَ المَاءِ ،وَ ْل ِي ُكنْ ال َ البُ ْق َعةِ ،طَيّ َ
سمْتَ، حمّامَ ال ّسمْتََ ،فَأخَ ْذنَا إِلَى ال َ خ َت ْرتُ ُه َكمَا رَ َ طيّا ،وَقالَ :قَدْ ا ْ ج مَِليّا َوعَادَ َب ِ قَليلَ ال ُفضُولَِ ،فخَرَ َ
ن فَلطّخَ بِها طعَ ِة طِي ٍ ع َمدَ إِلى قِ ْ وََأ َتيْنا ُه فَلَمْ َنرَ قَوّا َمهَُ ،ل ِكنّي َدخَلْتُ ُه َو َدخَلَ عَلى َأ َثرِي َرجُلٌ وَ َ
ل َيدْلِ ُكنِي دَ ْلكَا َي ُكدّ العِظامََ ،و َي ْغ ِم ُزنِي خرُ َفجَعَ َ خرَجَ َو َدخَل آ َ جبِينِيَ ،و َوضَعَها على رَأسِيُ ،ثمّ َ َ
ع َم َد إِلى رََأسِي َي ْغسِلْهُ ،وَإِلَى المَاءِ غ ْمزَا َي ُهدّ الَوْصالَ َو ُيصَ ّفرُ صَفِيرا َيرُشُ ال ُبزَاقَُ ،ثمّ َ َ
خ َدعَ الثّانِي ِبمَضُمومَ ٍة َقعْ َقعَتْ َأنْيابَهَُ ،وقَالَ :يَا ُلكَعُ مَا َلكَ حيّا َأ ْ لوّلُ َف َ ن َدخَلَ ا َ ث أَ ُْي ْرسِلهَُ ،ومَا َلبِ َ
ل َهذَا حجَابَهُ ،وَقالَ :بَ ْ ت ِ عةٍ َه َتكَ ْ جمُو َ ل ِب َم ْف الثّاني عَلى الَوّ ِ عطَ َ وَِلهَذا الرّأْسِ وَ ُهوَ لي? ُثمّ َ
حمّامِ، ع ِييَاَ ،و َتحَا َكمَا لِما بَقِياَ ،فأَتَيا صَاحِبَ ال َ حتّى َ الرّأْسُ حَقّي َومِ ْلكِي َوفِي َيدِيُ ،ثمّ تَل َكمَا ّ
طيَنهَُ ،وقَالَ الثّاني :بَلْ جبِينَهَُ ،و َوضَعْتُ عََليْ ِه ِ طخْتُ َ لنّي َل ّ لوّلَُ :أنَا صَاحِبُ هَذا الرّأْسِ؛ َ فَقَالَ ا َ
حمّا ِميّ :ا ْئتُونِي بِصَاحِبِ الرّأْسِ غ َمزْتُ مَفَاصِلَهُ ،فَقَالَ ال َ َأنَا مَاِلكُهُ؛ لَنشي دََلكْتُ حَامِلَهُ ،وَ َ
شئْتُ َأمْ شمْ ،فَ ُقمْتُ وََأ َتيْتُِ ، شهَادَ ٌة َف َتجَ ّع ْن َدكَ َ ك هذَا الرّأْسُ َأمْ َلهَُ ،فأَ َتيَانِي َوقَالَ :لنَا ِ سأَلهُ ،أََل ََأ ْ
حقَّ ،وقُلْ لِي :هذَا الرّأْسُ شهَدْ ِب َغ ْيرِ ال َ صدْقِ ،وَل َت ْ غ ْيرَ ال ّ ل تَقُل َ حمّامِي :يَا َرجُلُ َ َأ َبيْتُ ،فَقَالَ ال َ
طرِيقَِ ،وطَافَ َمعِي بِا ْل َبيْتِ ال َعتِيقِ، ح َبنِي فِي ال ّ صِ ل ّي ِهمَا ،فَقُلْتُ :يَا عَافَاكَ الُ هذَا رأْسِيَ ،قدْ َ
ص َميَنِ فَقَالَ :يَا َهذَا إِلَى َكمْ خ ْ حدِ ال َ سكُتْ يِا ُفضُوِليُّ ،ث ّم مالَ إِلى َأ َ ت َأنّهُ لِي ،فَقالَ لِي :ا ْ َومَا شَككْ ُ
ب أَنّ حرّ سَ َقرِهِ ،وَهَ ْ طرِهِ ،إِلى َل ْعنَ ِة الِ َو َ خَ عنْ قَلِيلِ َ َهذِ ِه المُنافَسَ ُة مَعَ النّاسِ ،بِهذَا الرّأْسِ? َتسَلّ َ
هَذا الرّأْسَ َليْسَ ،وََأنَا َلمْ َنرَ هذَا ال ّتيْسَ.
حمّامِ ن ال َ خجِلً ،وََل ِبسْتُ الثّيابَ َوجِلً ،وَا ْنسَلَلْتُ مِ ْ ن َ ن ذَِلكَ ال َمكَا ِ ن ِهشَامٍ :فَ ُقمْتَ مِ ْ قَالَ عِيسَى بْ ُ
حجّامٍ خرَ :اذْهَبْ َف ْأتِني ِب َ لمَ بِالعَضّ وَالمصَّ ،ودَقَ ْقُتهُ َدقّ الجِصَّ ،وقُلْتْ ل َ س َببْتُ الغُ َعجِلًَ ،و َ َ
ح الحِ ْليَةِ ،في صُورَ ِة ال ّدمْيَةِ ،فا ْرتَحْتُ عنّي هَذا الثّ َقلََ ،فجَاءَني ِب َرجُلِ َلطِيفِ ال ِب ْنيَةِ ،مَلِي ِ َيحُطّ َ
ن َأرْضِ حيّاكَ الُ! مِ ْ ن قُمّ ،فَقَالََ : ن َأيّ بََلدٍ َأنْتَ? فَقُلْتُ :مِ ْ لمُ عل ْيكََ ،ومِ ْ إَِل ْيهَِ ،و َدخَلَ فَقَالَ :السّ َ
شعِلَتْ فِيهِ شهْ ِر رَمضانَ جَا ِمعَها َو َقدْ ُأ ْ ضرْتُ فِي َ ح َ جمَاعَةِ ،وَلَ َقدْ َ سنّةِ وَال َال ّن ْعمَةِ وَال ّرفَاهَةِ َوبََلدِ ال ّ
صنَعَ ن َ شعَرْنا ِإلّ ِب َمدّ النّيلَِ ،وقَدْ َأتَى عَلَى تِ ْلكَ ال َقنَادِيلِ ،لكِ ْ ال َمصَابِيحُ ،وَُأ ِقيَمتِ ال ّترَاويحَُ ،فمَا َ
حصُلْ طِرَازُ ُه على ُكمّهِ ،وَعَادَ الصّبيّ إِلِى ُأمّهَِ ،بعْ َد أَنْ ستُ ُه رطْبا فََلمْ َي ْ خفّ َقدْ ُكنْتُ َل ِب ْ الُ لِي ِب ُ
سكَ ُه كَما َوجَبََ ،وصَاحُوا ت م َناَ ِ جكَ? َهلْ َقضَيْ َ حّ ن كَيفَ كَانَ َ ع َتدَلَ الظّلّ ،وََلكِ ْ صَّليْتُ ال َع َتمَةَ وا ْ
جدْتُ ال َهرِيسَةَ عَلى حرْبَ عَلى النّظّارَةِ ،وَو َ ن ال َ ت إِلى ال َمنَارَةَِ ،ومَا أَ ْهوَ َ ال َعجَبَ ال َعجَبَ? َف َنظَرْ ُ
سبْتُ غدُ ،وَال ّ ضجَرُ? وَاليَ ْومُ وَ َ ل ْمرَ بِ َقضَا ٍء ِمنَ الِ َوقَدرٍ ،وَإِلَى َمتَى َهذَا ال ّ حاِلهَاَ ،وعَِلمْتُ َأنّ ا َ
حدِيدُ
حوِ َ ن ال ُم َب ّردَ فِي ال ّن ْ ح َببْتُ َأنْ َتعَْلمَ أَ ّ ن َأ ْ حدُ ،وَل َأطِيلُ َومَا هَذا القَالَ وَالقِيلَ? وََلكِ ْ لَ وَا َ
ت رََأسَكََ ،فهَلْ ل َل ُكنْتُ َقدْ حَلَقْ ُ ستِطاعَ ُة َقبْلَ ال ِفعْ ِ ل العَامّةِ؛ فَلَ ْو كَانَتْ ال ْ ش َتغِلْ بِقَوْ ِ المُوسَى فَلَ َت ْ
َترَى َأنْ َن ْب َت ِدئَ?.
28
ن يَطُولَ َمجِْلسَهُ ،فَقُلْتُ: ت أَ ْخشِي ُ
ن َبيَانِهِ ،فِي َه َذيَانِهَِ ،و َحيّرا مِ ْ
قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :فبَ َقيْتُ ُم َت َ
س َك ْندَ ِريّ ِة َلمْ يُوَافْ ُقهُلْ ضرَ ،فَقَالوا :هَذا َرجُلٌ ِمنْ بِلدِ ا ِ ح َ ع ْنهُ َمنْ َ
سأَلْتُ َ غدٍ ِإنْ شَا َء الَُ ،و َإِلى َ
ل النّهارِ َي ْهذِي َكمَا َترَى ،وَ َورَا َءهُ َفضْلٌ َكثِيرٌ ،فَقُلْتُ: هَذا المَاءَُ ،فغََلبَتْ عَ ْليِ ِه السّ ْودَاءُ ،وَهُو طُو َ
جنُو ُنهُ ،وََأنْشأْتُ َأقُولُ:
عزّ عََليّ ُ س ِمعْتُ بِهِ ،وَ ََقدْ َ
ع ْقدَا
مُحكَما في ال ّن ْذرِ َ عطِي الَ عَـهْـدا َأنَا أُ ْ
تُ وَلَ ْو ل َقيْتُ جَـهْـدَا ت الرّأْسَ مَا عِشْ ل حَلَقْ ُ
ال َمقَامَ ُة النّهيديّةُ
ن هِشامٍ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
حزُقَةٌ، خرَجَ إَِل ْينَا َرجُلٌ ُ ن أَهْلِهاَ ،ف َ س القِرى مِ ْ خ ْيمَةٍ أَ ْل َتمِ ُ ت مَعَ نَ َفرٍ ِمنْ َأصْحابي إِلى ِفنَا ِء َ مِلْ ُ
حنَحَُ ،ث ّم قَالََ :فمَا رَ ْأيُ ُكمْ عدُوفا ،قَالََ :ف َت َن ْ فَقَالََ :منْ َأ ْن ُتمْ? فَقُ ْلنَاَ :أضْيافٌ لمْ َيذُوقُوا ُمنْ ُذ ثَلثٍ َ
خ ْي َبرَ مِنْ َأكْتارِ لصْلَعِ ،في جَ ْف َنةٍ رَوْحاءَُ ،مكَلّلَ ٍة ِب َعجْوَ ِة َ يَا ِف ْتيَانُ فِي َنهِيدَ ِة فِ ْرقٍ كَهامَةِ ا َ
خمْسَِ ،يغِيبُ فِيهَا عطْشِ ِ خمْصٍ ُ ن جَماعَ ٍة ُ حدَةُ ِم ْنهَا َتمْلُ ال َفمَ ،مِ ْ جبّارٍ َربُوضٍ الوَا ِ َ
حتُلِبنَ ِمنَ الجِلدِ ن فِيهَا ال ّنهِيدَ َة مَعْ َأ ْقعُبٍ َقدِ ا ْ جحَفُو َ طيْرِ َي ْ ن ال ّ الضّرْسَُ ،كأَنّ َنوَاهَا أَ ْلسُ ُ
ع ّم ُكمْ شيْخُ وَقالََ :و َ شتَهُو َنهَا يا ِفتْيَانُ? فَقُ ْلنَا :إِي وَالِ ْنَشَتهيهَا ،فَ َقهْقَ َه ال ّ ال َه ْز ِميّةِ ال ّربِْليّ ِة َأ َت ْ
جرْثمُ عَلى سُ ْفرَةٍ سبَا ِئكِ ُت َ ن فِي َدرْ َمكٍ َكَأ ّنهَا ِقطَعُ ال ّ ش َتهِيهَاُ ،ثمّ قَالَ :فَما رَ ْأ ُي ُكمْ يا ِف ْتيَا ُ َأ ْيضَا َي ْ
غ ْيرِ أَن َي ْرجُفَهُ ح ال َق َرظِ َف َيثِبُ إَِل ْيهَا ِم ْن ُكمْ فتى َرفِيفٌَ ،ل ِبقٌ خَفِيفٌَ ،ف َي َعجُنُ ُه مِنْ َ ح ْر ِتيّةٍ بِها رِي ُ َ
غزِيراُ ،ثمّ َي ْع َمدُ إَِليْ ِه فَيَلْويهِ سمَارِ ُأوْ ال َم ْذقِ َلتّا َ عمٍُ ،ثمّ يَُلتّهُ بِال ّ ك نِا ِ خشِفَهَُ ،ف ُي ِزيُلهُ دُونَ مَ ْل ٍ َأوْ َي ْ
شعَلَ فِيهِ صدِ الغَضَا َفَأ ْ ع َمدَ إِلى َق َ ن َي ْتزُرَ َ غ ْيرِ أَ ْخ مِنْ َ حتّى ِإذَا تَ ّ ص ْيدَاءَِ ، حيَةِ ال ّ عهُ في نَا ِ َو َيدَ ُ
طحَهُ َب ْعدَ مَا َأ ْن َعمَ تَلْو ِيثَهُُ ،ثمّ عجِينِهَ فَ َف ْر َ ع َمدَ إِلى َ ت نَارُهَُ ،م ّهدَ ِل ُق ْرمُوصِهُِ ،ثمّ َ النّا َر فَلَمّا خبَ ْ
ن ال ّرضْفِ ما يَ ْلتَقِي بِ ِه الَوَارَانِ، ب أَحالَ عَلَيهِ مِ َ خمّرَ ُه فََلمّضا َقفّ َوقّ ّ َدحَا بِهِ عََل ْيهَاُ ،ث ّم َ
ج شِقَاقَاَ ،وحَكى ِقشْرُها ُرقَاقا، غطّا ُهمَا عَلى المَلّ ِة المُشا ِكهَ ِة ِبطَ َبقٍ َوتَفَلّ َ حتّضى ِإذَا َ َ
ن طَابٍ شُنّ عََل ْيهَا ع ِذقِ بْ ُ ن أَوْ َ جرْذَا ِ شهُورِ ِبُأمّ ال ِ سرِ الحِجازِ ال َم ْ حمِرارَ ُب ْ حمِرَارُهَا ا ْ وَا ْ
ب الدّ ْر َمكِ ما عََليْهِ شرَبُ لُ ّ ل الدّهانَِ ،و َي ْ ن رُسُوخِها فِي خِل ِ ج إِلَى َأوَا ِ ب َبيْضاءُ كَالثّلْ ِ ضَرْ ٌ
شرَأَبّ ت إَِل ْيكُمْ َفتَلْ َقمُونَها َل ْقمَ جُ َو ْينٍ َأوْ َز ْنكَلٍ َأ َف َتشْ َتهُو َنهَا يَا فِ ْتيَانُ? قَالَ :فَا ْ ن الضّرْبِ ،قُ ّدمَ ْ مِ َ
شيْخُ شتَهيها ،قَالَ :فَ َقهْ َقهَ ال ّ طقَ ،قُ ْلنَا :إِي وَالِ َن ْ ب رِيقُهُ َوتََل ّمظََ ،و َتمَ ّ ل ِمنّا إِلى َوصْفِهَِ ،و َتحَلّ َ كُ ّ
ج ِديٍة ،عُلْ ِويّةٍ َب ّريّةٍَ ،قدْ عنَاقٍ َن ْ ن في َ ل ل ُي ْب ِغضُهَا ُثمّ قَالَ :ما رَ ْأ ُيكُ ْم يا ِفتْيِا ُ ع ّم ُكمْ وا ِ َوقَالَ :وَ َ
حمِيمََ ،وتَملتْ ِمنَ ال َقصِيصِ ج ِديّ وَال َق ْيصُومَ وَال َهشِيمَِ ،و َت َبرّضَتِ ال َ ت ال َبرَمَ وَالشّيحَ ال ّن ْ َأكَلَ ِ
غ ْيرِ حتّى َت ْنضَجَ ِمنْ َ حطُ ُم ْع َتبَطَ ٍة ُثمّ ُت ْنكَسُ في َوطِيسٍ َ شَش َيتُهَا ُت ْ فَوَرى ُمخّهاَ ،وزَ ِهمَتْ ُك ْ
ن ُم َنضّدٍ حمَةٍ َبيْضاءَ عَلَى خِوا ٍ شْ ن َ عطّ إِهَا ُبهَا عَ ْ ا ْم ِتحَاشٍ أَ ْو ِإ ْنهَاءٍُ ،ثمّ ُت َقدّ َم إَِل ْيكُمْ َو َقدْ ُ
صنَابٌ حتَ ّفتْها نُ ْقرَاتٌ فِيها ِ طيّ ال ُم َنشّرُ ،أَ ِو القُو ِهيّ ال ُم َمصّرَُ ،و ًقدْ ا ْ لئَق َكَأ ّنهَا ال َقبَا ِ ِبصَ ِ
ش َتهُو َنهَا يا ِف ْتيَانُ? قُلْنا :إِي عرَقاَ ،وتَسايَلُ َمرَقاَ ،أفَ َت ْ شتّىَ ،فتُوضَعُ َب ْي َن ُكمْ َتهَادَرُ َ وََأصْباغٌ َ
سيْفَِ ،وقَالَ :مَا َيكْفِي مَا ضنَا إَِليْ ِه بِال ّ ب َبعْ ُ ل َيرْقُصُ َلهَا ،فَ َوثَ َ ع ّم ُكمْ وا ِ ش َتهِيها ،قَالََ :و َ وَالِ َن ْ
ت َمثْوَانَا، حثَالَةٌ وَلَ ِويّةٌ وََأ ْكرَمَ ْ طبَق عََليْ ِه جِلْ َفةٌ َو ُ سخَرَ ِبنَا? َفأَتتْنا ا ْب َنتُهُ ِب َ حتّى َت ْ ِبنَا ِمنَ ال ّدقَعِ َ
صرَ ْفنَا َلهَا حَا ِمدِينَ ،وََلهُ ذَامّينَ. فَانْ َ
ال َمقَامَ ُة الِ ْبلِيسِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ:ح ّد َثنْا عِيسَى بْ ُ َ
شجَارٌ بَاسِ َقةٌ،
ص ّردَةٌ ،وََأ ْ
خضِرَ ،فِإذَا َأ ْنهَا ٌر مُ َ ت بِوادٍ َ خ َرجْتُ فِي طََلبِهَا ،فَحَلَلْ ُ ل لِيَ ،ف ََأضْلَلْتُ ِإبِ ً
عنِي ِم ْنهُ مَا َيرُوعُ ال َوحِيدَ شيْخٌ جَالِسٌ ،فَرَا َ وََأ ْثمَارٌ يَا ِنعَةٌ ،وََأزْهَارٌ ُمنَ ّورَةٌ ،وََأ ْنمَاطٌ َم ْبسُوطَةٌ ،وَِإذَا َ
ن حَالِي سأََلنِي عَ ْ
ن ِمثْلِهِ ،فَقَالَ :لَ َبأْسَ عََل ْيكََ ،فسَّلمْتُ عََليْهِ ،وََأ َم َرنِي بالجُلُوسِ فَا ْم َتثَلْتَُ ،و َ مِ ْ
شيْئا? قُلْتُ: شعَارِ ال َعرَبِ َ ن َأ ْ ل تَرْوِي مِ ْ ت ضَاّل ِتكَ ،فَهَ ْ جدْ َ صبْتَ دَاّل َتكَ وَ َو َ
ل لِيَ :أ َخ َبرْتُ ،فَقَا َ َفأَ ْ
29
ك مشِنْ شدُ َ
ن ذِلكَ ،وَقالَُ :أ ْن ِ ش ْيئٍ مِ ْ طرَبُ ِل َ ل ْم ِرئِ ال َقيْسَِ ،وعَبيدٍ وََلبِيدٍ َوطَ َرفَةَ فََلمْ َي ْ شدْتُ ِ َن َعمَْ ،فَأنْ َ
شدَ: شعْري? فَقُلتُ َلهُ :إِيهَِ ،فَأنْ َ ِ
حبَالِ ال َوصْلِ َأ ْقرَانا طعُوا مِنْ ِ ت ما بَانَا َوقَ ّ ن الخَلِيطُ وََلوْ طَوّعْ َ بَا َ
ع َرفَها ص ْبيَانُ ،وَ َ ظ ْتهَا ال ّ جرِيرٍ َقدْ حَ ِف َ خ َهذِ ِه ال َقصِيدَ ُة ِل َ شيْ ُحتّى َأتَى عَلىَ ال َقصِيدَ ِة كُلّها ،فَقُلُتُ :يَا َ َ
ن ُكنْتَ َترْوِي لَبي ُنوَاسٍ ن هذَا ،وَإِ ْ ل ْن ِديَة ،فقالَ :دَعْني مِ ْ خبِيةَ .وَ َو َردِتْ ا َ لْ تاَ ال ّنسْوانُ ،وَوَلَج ِ
شدْتُهُ:ش ْدنِيهِ ،فََأ ْن َشعْرا َفَأنْ ِ ِ
صبُو إِلَى الحَادِينَ سوََلسْتُ َأ ْ غ ْيرَ َم ْأنُو ِل َأ ْندُبُ الدّ ْهرَ َربْعا َ
بِالْـعِـيسِ
غ ْيرُ
حبِيبِ عََل ْيهَا َ ل ال َ َوصْـ ُ
جرِ َم ْنزِلَةٌ حقّ َم ْنزِلَ ٍة بِالهَ ْ َأ َ
مَ ْلبُوسِ
خوَا ِننَـا ط َيبَهَاوَا ْلكُوسُ َت ْعمَلُ فِي ِإ ْ ن َأ ْغ َبرَتْ مَا كَا َ يَا َليَْلةً َ
الـشّـوسِ
سبِيحِ َوتَقدِيسِ ُمزَ ّنرٍ ح ْلفَ َت ْ سحْرِ مُقَْلُتهُ ت بِا ْل ّ َوشَادِنٍ َنطَقَ ْ
شيْخِسكِ ال ّ ص ْهبَا َء صَا ِفيَ ًةَفِي زيّ قَاضٍ َو ُن ْ عتُ ُه الرّيقَ وِال ّ نَازَ ْ
ِإبْلِـيسِ
عتَ ُه ِإيّاي بِالكُوسِ ت صَرْ َ َوخِفْ ُ س قَدْ َثمِلوُا َلمّا َثمِ ْلنَا وَكلّ النَا ِ
ت مُقْلتَا ُه النّ ْومَ مِن شعَرَ ْ سهُفَاسْ َت ْ ل ْن ِع َ
ت ُمسْ َت ْنعِسا نوْما ُ غطَطْ ُ َ
كِيسِي
عرْشِ ش ّعثِهِ ِمنْ َ عَلـى ت َ
ق بِي سرِيرٍ كَانَ َأ ْرفَ َ وَا ْم َتدّ فَ ْوقَ َ
بَلْقِيسِ
ح َأصْوَاتُ صبْ ِ صبَاحِ َو َق ْددَلّتْ عَلى ال ّ جعَ ُه َقبْلَ ال ّ ضَ ت مَ ْ َوزُرْ ُ
النّوَاقِيسِ
شمِيسِ ن َت ْ ل ُبدّ ِل َد ْي ِركَ مِ ْ س زَارََ ،و َ ن ذَا? فَقُلْتُ :القَ ّ فَقَالَ :مَ ْ
قِسْـيسِ
ت مِنْ َرجُلٍفَقُ ْلتُ :كَلّ َفِإنّي َلسْتُ س َل َعمْرِي َأنْ َ فَقَالَِ :بئْ َ
بِـإِبْـلـيسِ
جرِيرٍ ش ْعرَ َ خ لَ َأدْري َأبِا ْنتِحَاِلكَِ ، شيْ ٍ حكَ الُ ِمنْ َ عقَ ،فَقُلْتَُ :ق ّب َ ش َهقَ َوزَ َ شيْخُ َو َ قَالَ :فَطَربَ ال ّ
ن هَذاَ وَامْضِ عنِي مِ ْ عيّارٌ?? .فَقَالَ :دَ ْ سقٌ َ شعْرِ أَبي نُوَاسٍ وَهْ َو فُ َو ْي ِ ن ِ سخَفُ َأ ْم ِبطَ َر ِبكَ مِ ْ ت َأ ْ َأنْ َ
ل ال ُقدُورِ، صغِيرٌ َيدُورُ فِي الدّورِ ،حَوْ َ ت فِي طَرِي ِقكَ َرجُلً َمعَ ُه نِحيٌ َ ج ِهكََ ،فِإذَا لَقِي َ عَلى َو ْ
طفِ خَ ض البُحورُِ ،م ْ صرُورٍ ،فِي َبعْ ِ ت مَ ْ ل لَهُ :دُّلنِي عَلَى حُو ٍ ح َيتِهِ ،فَقُ ُْيزْهِى ِبحِ ْل َيتِهَِ ،و ُيبَاهِي بِِل ْ
سمُ ُه َلهَبٌ، حجَرٌ ،وَُأمّهُ َذ َكرٌَ ،ورَ ْأسُهُ ذَهَبٌ ،وَا ْ غ كال ّز ْنبُورَِ ،و َي ْع َتمّ بِالنّورَِ ،أبُو ُه َ الخُصورِ ،يَ ْلدَ ُ
شرّيبٌ ل َينْقَعَُ ،أكُولٌ ل السّوسِ ،وَ ُهوَ في ال َبيْتِ ،آفَ ُة الزّيْتِِ ، عمَ ُوَباقِيهِ َذنَبٌ ،ل ُه فِي المَ ْلبُوسَِ ،
سرّهُ،ك مَا َي ُ ص مَالُهُ ِمنْ جُودٍَ ،يسُو ُء َ ل َينْقَ ُ صعُودَِ ،و َ ل ل َي ْمنَعُُ ،ينْمى إِلى ال ّ ل َيشْبَعَُ ،بذُو ٌ
حدٌ ت َفخُذَ النَ ،فَمَا َأ َ حدِيثي ،وََأعِيشُ َم َعكَ في َرخَاءٍَ ،ل ّك َنكَ َأ َبيْ َ ت َأ ْك ُت ُمكَ َ ضرّهَُ ،و ُكنْ ُ َو َينْ َف ُعكَ مَا يَ ُ
خ َأبُو مُرّةَ. شيْ ُجرِيرٍ هذِ ِه ال َقصِيدَةَ ،وََأنَا ال ّ ش َعرَاءِ ِإلّ َو َمعْ ُه ُمعِينٌ ِمنّا ،وََأنَا َأمَْليْتْ عَلَى َ ن ال ّ مِ َ
ت َرجُلً فِي َي ِدهِ َم َذبّةُ ،فَقُلْتَُ :هذَا جهِي ،فَلَقِي ُ ت لِ َو ْن ِهشَامٍُ :ثمّ غَابَ وََل ْم َأرَهُ َو َمضَيْ ُ قَالَ عِيسَى بْ ُ
ل ُمظْلِمٍ ،فَقَالَ: جبَ ِس َرجَةً ،وََأ ْو َمأَ إِلَى غَا ٍر فِي ال َ س ِمعْتُ ِمنْ ُه فَنَاوَلنِي ِم ْ وَالِ صَاحِبيَ ،وقُلْتُ َلهُ مَا َ
س ْم َتهَا ،فَلَ َويْتُ َوجُو َههَا َو َر َد ْد ُتهَا، خذَتْ َ دُو َنكَ الغَارََ ،ومَعكَ النّار ،قَالََ :ف َدخَ ْلتُهُ َفِإذَا َأنَا بِإبِلي َقدْ َأ َ
لسْ َك ْن َدرِيّ تَلَقّانِي بِالسّلَمش، حاِ خ َمرَِ ،إ ْذ ِبَأبِي ال َفتْ ِ ض َأدُبّ ال َ َو َب ْينَا َأنَا في تِ ْلكَ الحَال ِة في ال ِغيَا ِ
لنَامِ، ناَ ع َدمُ ال ِكرَامِ ،مِ َ حكَامِ ،وَ َ لْ ليّامِ ،فِي ا َ حكَ إِلَى َهذَا المَقامِ? قَالَ :جَ ْورُ ا َ حدَاكَ َو ْي َ فَقُلْتُ :مَا َ
30
حمِلنِي عَلَى َقعُودٍ ،وََأ ِرقْ لي مَاءً فِي عُودٍ ،فَقلْتَُ :لكَ ح ْك َمكَ يا َأبَا ال َفتْحِ ،فَقَالَ :ا ْ
ح ُكمْ ُ
قُلتُ :فَا ْ
شأَ يَقُولُ: ذَِلكََ ،فأَ ْن َ
ططَا َفَأسْـجَـحْ شَ كَلّ ْفُتهُ َ نَ ْفسِي فِـدَاءُ مُـحَـكّـمٍ
حنَحََمسَحَ ال ُمخَاطََ ،ولَ َت َن ْ حكّ لِـحْـ َيتَـهَُ ،ولَ مَا َ
شحَذْتَح َ عمَا َمتِهَِ ،وقَالََ :ه ِذهِ َث َمرَةُ ِبرّهِ ،فَقُلتُ :يَا َأبَا ال َفتْ ِ شيْخَِ ،فأَوْمأَ إِلى ِ خ َب ْرتُهُ ِبخَبرِ ال ّ
ُثمّ َأ ْ
شحّاذٌ!! عَلى ِإبْلِيسَ? ِإ ّنكَ َل َ
ال َمقَامَ ُة الَرْمَنِيّةَ
ع َثرْنَا ِب ِهمْ لةُ إِلَى َأطْفَاِلهَاَ ،و َ ن ِتجَارَةِ ِإ ْر ِم ِي ّنيَة أَ ْه َد ْتنَا الفَ َ ن ِهشَامٍ قَالََ :لمّا قَفَ ْلنَا مِ ْ ح َد ّث َناَ عِيسَى بْ ُ
س َت ْنظَفُوا حَقَا ِئبَنا ،وَأرَاحُوا َركَائِبنَا ،وَبقِينَا بَياضَ حتّى ا ْ ض َنعَامَةٍَ ، فِي َأ ْذيَاِلهَا ،وََأنَاخُونَا ِبأَرْ ِ
غ ِتصَابا. خيُوُلنَا ا ْ حزَاباَ ،و ُر ِبطَتْ ُ ال َي ْومَِ ،وقَدء َنظَمَنا ال ِق ّد َأ ْ
جرّا، صدْرَها ،وَهَُلمّ َ خ ْذنَا َ لةِ ،وََأ َ جزَ الفَ َ عُ طنَابَهُُ ،ثمّ ا ْن َتحَوْا َ جمُ َأ ْ حتّى َأ ْر َدفَ الّليْلُ َأ ْذنَابَهَُ ،و َمدّ ال ّن ْ
ن ِقرَابِ الظّ ْلمَةَِ ،فمَا طََلعَتْ صبْحِ مِ ْ س ْيفُ ال ّ ضىَ َ حشْمَةِ ،وا ْنتُ ِ ب ال ِ ن نِقَا ِ جرِ مِ ْ ن ال َف ْحسْ ُ حتّى طَلَعَ ُ َ
ت نَ ْقطَعُج َبهَاَ ،وبِالْفََلوَا ِ حُ ل ْبشَارَِ ،ومَا زِ ْلنَا بِالَهْوَالِ َن ْدرَأُ ُ شعَارِ وَا َ لْ شمْسُ ال ّنهَارَِ ،إلّ عَلَى ا َ َ
ضمّ إَِلىّ شَابّ َيعْلُوهُ طرِيقٍ ،وَا ْن َ خذَ فِي َ ظمَ إِلى َرفِيقٍ ،وََأ َ ل ِمنّا ا ْنتَ َ غةََ ،وكُ ّ حتّى حَلَلْنا ال َمرَا َ جبَهاَ ، َن َ
ج ْدنَاهُ َيطْلُعُ مِنْ س ْرنَا فِي طَلَبِ أَبي جَابرٍ فَ َو َ س َكنْ َد ِريَّ ،و ِ لْ حاِ طمَارٌُ ،ي ْكنَى َأبَا ال َفتْ ِ صَفَارٌ ،وَتعْلو ُه َأ ْ
خبّازِ:ستَمَاحَ ُه كفّ مِلحٍَ ،وقَالَ لِ ْل َ س َك ْندَ ِريّ إِلى َرجُلٍ فَا ْ لْ جرُ بِالغَضَا ،فَ َع َمدَ ا ِ سَ ذَاتِ لَظيًُ ،ت ْ
خ ِبرُهُمْ
ث القَ ْو َم ِبحَالِهَِ ،و ُي ْ ل ُيحَدّ ُ جعَ َسنَامَهُ َ ع ْرنِي رَأْسَ ال ّتنّورِ ،فَِإنّي مَ ْقرُورٌ ،وََلمّا َف َرعَ َ أَ ِ
خبّازُ :مَا َلكَ ن َتحْتِ َأ ْذيَالهِ ،يُو ِه ُم ُهمْ َأنّ َأ َذىً ِب ِثيَابِهِ ،فَقَالَ ال َ ختِلَلَهَِ ،و َي ْنشُرُ المِ ْلحَ فشي ال ّتنّورِ مِ ْ بِا ْ
س َك ْندَ ِريّ لْ جعَل ا ِ ن َفرَمَاهَاَ ،و َ خ ْبزَ عََل ْينَاَ ،وقَامَ إِلَى الرّغْفَا ِ سدْتَ ال ُ جمَعْ َأ ْذيَاَلكَ فَ َقدْ َأ ْف َ ل َأبَا َلكَ?! ا ْ
ل ْدمِ ،فَلَ حتَالَ عَلَى ا َ حتّى َأ ْ صبِرْ عََليّ َ حيَلتُهُ فِيمَا َفعَلَ ،وَقاَل :ا ْ ج َبتَني ِ عَ طهَاَ ،فأَ ْ طهَاَ ،و َي َتَأبّ ُ يَ ْلتَ ِق ُ
ل ْثمَانِ، ناَ حِيلَةَ مَ َع ال ُع ْدمَِ ،وصَارَ إِلى َرجُلٍ َقدْ صَ ّففَ أَوانيَ َنظِيفةً فيها أَلوانُ الَ ْلبَانِ ،فَسأَلَهُ عَ ِ
ض ّيعَهُُ ،ث ّم قَالََ :ليْسَ ش ْيئَا َ صبَعَهَُ ،كَأنّ ُه َيطْلُبُ َ ن في الذّ ْوقِ ،فَقَالَ :أ ْفعَلَْ ،فَأدَارَ في النِي ِة ِإ ْ س َتأْذَ َ
وَا ْ
عرَاضِهِ لْ حجّامٌ? قَالََ :ن َعمَْ ،ف َعمَدَ َ ت َ حكَ الُ ! َأنْ َ حجَامَةِ? فَقالََ :ق ّب َ غبَ ٌة في ال ِ َمعِي َث َمنُهُ ،وَهَلْ رَ ْ
خذْهَا لَ بُو ِركَ َلكَ شيْطانِ ،فَقالَُ : س َك ْندَ ِريّ :آثِ ْرنِي عَلَى ال ّ لْ ص ّبهَا ،فَقَالَ ا ِ س ّبهَا ،وإِلَى ال ِنيَةِ َي ُ َي ُ
ط َعمْنا أَهَْلهَاَ ،فبَادَرَ ستَ َ
حتّى َأ َت ْينَا قَ ْريَ ًة ا ْ س ْرنَا َ خذَهَا وََأ َو ْينَا إِلى خَ ْلوَةٍ ،وََأكَ ْلنَاهَا ِب َد ْفعَةٍَ ،و ِ فِيها ،فََأ َ
جعَلْنا سهَاَ ،ف َ حتّى بَلَغَ رَ ْأ َ ن َأنْفاسَهاَ ، سدّ الّلبَ ُعةِ فَتىً إِلَى َم ْنزِلِهِ ،فَجا َءنَا ِبصَ ْفحَ ٍة َقدْ َ جمَا َ ن َبيْنِ ال َ مِ ْ
سكَ ْن َدرِيّ :مَا َل ُكمْ َتجُودُونَ لْ ل بِال ّثمَنِ ،فَقَالَ ا ِ خ ْبزََ ،فَأبَوا ِإ َ سأَلْنا ُهمُ ال ُ ستَو َفيْناها ،و َ حتّى ا ْ َن َتحَسّاهاَ ،
ت فَيهَ فَارَةٌ، غضَارةٍَ ،قدْ َوقَعَ ْ ن فِي َ ن َهذَا الّلبَ ُ لمُ :كَا َ ل الغُ َ خ ْبزَ ِإلّ بِال َثمَنِ? فَقَا َ ن ال ُ بِالّلبَنَِ ،و َت ْم َنعُو َ
لمُ: سرَهَاَ ،فصَاحَ الغُ َ صحْفَ َة َفكَ َ خذَ ال ّ لسْ َك ْن َدرِيِّ :إنّا لِ! وََأ َ لاِ سيّارَةِ ،فَقا َ صدّقُ ِبهِ على ال ّ َف َنحْنُ َن َت َ
ضنَا مَا ُكنّا َأكَ ْلنَاهَُ ،وقُلْتُ: حرَبَاهُ ،وَا َمحْرُوبَاهُ ،فَا ْقشَ َعرّتْ ِمنّا الجِ ْلدَةُ ،وَانْقََلبَتْ عََل ْينَا ال َم ِعدَةَُ ،ونَ َف ْ وَا َ
ي يَقُولُ: سكَ ْن َدرِ ّ
لْ حاِ لمْسِ َفعَ ْلنَاهُ ،وََأنْشأَ َأبُو ال َفتْ ِ هَذا جَزَا ُء مَا بِا َ
ل َيتَـغَـثّـا شهْـمُ َ فَال ّ ل َتتَـغَـثّـى يَا َنفْسُ َ
سمِـينـا وَغَـثّـا فِيهِ َ صحَبِ الدّ ْهرِ َيأْكلْ ن يَ ْ مَ ْ
وَا ْلبَـسْ لخَـرَ َرثّـا فَا ْلبَسْ ِلدَهْـ ٍر جَـدِيدا
ال َمقَامَ ُة النّاجِمِيّةُ
ن رُفَقَائِيَ ،ف َتذَاكَ ْرنَا ال َفصَاحَةََ ،ومَا ت ذَاتَ َليْل ٍة في َكتِيبَةِ َفضْلٍ مِ ْ ن ِهشَامٍ قَالَ :بِ ّح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
ل الجُوعِ ن ال ُم ْنتَابُ? فَقَالََ :وفْ ُد الّليْلِ َوبَرِيدُهَُ ،وفَ ّ حتّى ُق ِرعَ عََل ْينَا البَابُ ،فَقُلْتُ :مَ ِحدِيثَ َ عنَا ال ََودّ ْ
ضيْفٌ ظِلّهُ خيْهِ َمهَامِ ُه فِيحٌَ ،و َ ن دُونِ َف ْر َ ع ْيشُهُ َت ْبرِيحٌَ ،ومِ ْ
غرِيبٌ ِنضْ ُوهُ طَلِيحُ َو َ طرِيدُهُ ،وَ َ َو َ
ج َم ْعنَا
خنَا رَاحِلَتَهَُ ،و َ ح البَابِ وََأ َن ْ خَفِيفٌَ ،وضَاّلتُهُ رَغِيفَُ ،فهَلْ ِم ْنكُمْ ُمضِيفٌ? َفتَبَا َدرْنَا إِلى فَتْ ِ
ح ْبنَا ِبهِ ،وََأ َر ْينَاهُ
ضحِ ْكنَا إَِل ْيهَِ ،و َر ُّرحَْلتَهَُ ،وقُ ْلنَا :دَا َركَ َأ َتيْتَ ،وَأَهَْلكَ وَا َفيْتَ ،وَهَّل ّم ال َبيْتََ ،و َ
ش ِرقِهِ ،الفَاتِنُ ِب َم ْنطِقِهِ?? ن الطّالِعُ ِبمَ ْ حتّى َأنِسََ ،وقُ ْلنَا :مَ ِشبِعََ ،وحَا َد ْثنَا ُه َ
حتّى َ ع ْدنَا ُه َ
ضَاّلتَهَُ ،وسَا َ
31
خ ُبرَهُ ،فَ َعصَرْ ُ
ت لْ عَاشْرتُ الدّ ْهرَ َ جمِ ،وََأنَا ال َم ْعرُوفُ بِالنّاجِمَِ ، ل َيعْ ِرفُ العُو َد كَالعَا ِ فَقَالََ :
غ ّثهُمْ َوسَمي َنهُمْ ،وَال ُغ ْربَةَ عرِ َف ُهمَْ ،ف َعرَفْتُ ِم ْن ُهمْ َ س لَ ْ ج ّربْتُ النّا َ طرَهَُ ،و َ ت َأشْ ُ صرَهَُ ،وحََلبْ ُ ع ُ أَ ْ
شرْقِ ت َب ْينَهاَ ،فأَنَا في ال ّ ظمَتْ رُفْ َقةٌ ِإلّ وََلجْ ُ ع ْي َنهَا ،وَل ا ْن َت َ ض ِإلّ فَ َقأْتُ َ حتْني َأرْ ٌ لذُو َقهَا ،فَما َل َم َ َ
سمَاطِهَُ ،ومَا خ َرقْتُ ِ خطْبٌ ِإلّ َ طئْتُ بِساطَهُ ،وَل َ ب ل ُأ ْن َكرُ ،فَما مَِلكٌ ِإلّ َو ِ ُأ ْذ َكرُ ،وفي الغَرْ ِ
جهِي سهِ ،وَلَ ِق َينِي ِب َو ْ ج ّر َبنِي الدّ ْهرُ فِي َز َمنَي َرخَائِهِ َوبُو ِ حرْبٌ ِإلّ َو ُكنْتُ فِيها سَفِيراَ ،قْد َ س َكنَتْ َ َ
ل بَِلبُوسِهِ: عبُوسِهَِ .فمَا ُبحْتُ ِلبُوسِهِ ِإ ّ ِبشْرِهِ َو ُ
حمّلُ حمَّلنِي مِنْ َر ْيبِ ِه مَا ُي َ ضرّ بِي َو َ ص ْرفُ الدّهْ ِر قِدْما َأ َ ن َكاَنَ َ وَإِ ْ
ع ْنهَا مُـحَـوّلُ صدْقٍ َليْسَ َ ث َأحَّلنِي َمحَلّةَ ِ حيْ ُحسَانِ َ لْفَ َقدْ جَاءَ بِا ِ
طقُ ِإلّ َلكََ ،فمِنْ ت ِإلّ عََل ْيكَ ،وَل َيحِلّ الّن ْ سكُو ُ ض فُوكَ ،والِ َأنْتَ وََأبْوكَ ،مَا َيحْ ُرمُ ال ّ قُ ْلنَا :ل فُ ّ
ضكَ قُدّا َمكَ?? قَالََ :أمّا غ َر َ حدُو َأمََلكَ َأمَا َمكََ ،و َيسُوقُ َ ن طَلَعْتَ? وََأيَْ َت ْغرُبُ? َومَا اّلذِي َي ْ َأيْ َ
ش ال ُمرّ ،قُ ْلنَا :فَلَ ْو َأ َقمْتَ ِب َهذَا ضرّ ،وَا ْل َعيْ ُ طرُ ،وََأمّا السّا ِئقُ فَال ّ طرُ فَالمَ َ ن فَال َيمَنُ ،وََأمّا ال َو َ ال َوطَ ُ
لنْوَاءِ ما ُي ْكرَع، لمْطَارِ ما ُي ْزرَعَُ ،و ِمنَ ا َ ناَ س ْمنَاكَ ال ُع ْمرَ َفمَا دُونَهُ ،وََلصَا َدفْتَ مِ َ ال َمكَانِ لَقَا َ
ن َأ ْمطَا َر ُكمْ مَاءٌ وَالمَاءُ ل ُيرْوِي جدْتُ ِفنَا َء ُكمْ َرحْبا ،وََلكِ ّ صحْبا ،وَلَ َقدْ َو َ ختَارُ عََل ْي ُكمْ َ قَالَ :مَا َأ ْ
شأَ يَقُولُ: طرٌ خَل َفيّ ،وََأ ْن َ لمْطَارِ ُيرْوِيكَ? قَالََ :م َ ال ِعطَاشَ ،قُ ْلنَا َفَأيّ ا َ
َو َبحْرا يَ ّؤمّ ال ُمنَى سَاحِـلَـهْ ن َأ ّيتُـهَـا الـرّاحِـلَةْ ستَا َ سجِ ْ ِ
ِبوَاحِـدَ ٍة مَـائَةٍ كَـامِــلَةْ ن ُز ْرتَـهـا صدُ َأرْجان إِ ْ ستَ ْق َِ
كَ َفضْلِ ُقرَيْشٌ عَلَى بَاهِـلَةْ ن ال َعمِيدِ
لمِيرِ عَلَى ابْ ِ َوفَضْلُ ا َ
ن ِبيَ ْومِ شتَاقُهَُ ،ويُؤِْل ُمنَا ِفرَاقُهَُ ،ف َب ْينَا َنحْ ُ ن ِهشَامٍَ :فخَرَجَ وَ َودّعْناهُ وََأ َق ْمنَا َب ْعدَ ُه ُبرْهَةً َن ْ قَالَ عِيسَى بْ ُ
جمَ عََل ْينَا ،فَقُ ْلنَا: جنَائِبُ تُقَادُ ،وَِإذَا َرجُلٍ َقدْ َه َ ب ُتسَاقُ ،وَا ْل َ س ْمطِ الّثرَيّا جُلُوسٌ ِإ ْذ المَرَاكِ ُ غ ْيمٍ فِي ِ َ
جمُ ،يَ ْرفُلُ في َنيْلِ ال ُمنَىَ ،و َذيْلِ ال ِغنَى ،فَ ُق ْمنَا إَِل ْيهِ ُمعَانِقِينََ ،وقُ ْلنَا :مَا خنَا النّا ِش ْي ُ
ن الهَاجِمُ? َفِإذَا َ مَ ِ
شأَ يَقُولُ: عصَامُ ،فَقَالَ :جِمالٌ ُم َوقَرَةٌَ ،و ِبغَالٌ ُمثْقَلَةٌَ ،وحَقَائِبَ مُقْفََلةٌ ،وََأ ْن َ َورَا َءكَ يَا ِ
خََلفٌ? وََأيّ َفضِيلَةٍ َل ْم َي ْأتِهـا? مَوْليَ َأيّ َرذِيلَ ٍة لَـ ْم َيَأبَـهَــا
س ُيجَابُ ِإلّ هَاتِهـا لَفْظا ،وََليْ َ ل هَـاكَـهَـا سمِعُ العَافِينَ ِإ ّ مَا ُي ْ
جنَا ِتهَا ن الخَالَ في َو َ بِيضٍَ ،وكَا َ عنْ َأ ْوجُـهٍ ِإنّ ال َمكَارِ َم َأسْ َفرَتْ َ
حرَكَا ِتهَا َويَدا َترَى ال َب َركَاتِ فِي َ شمَائِل ُه اّلتِي َتجْلو الـعُـلَ ِبَأبِي َ
سنَاتِهَـا حَ ِممّنْ َي ُعدّ الدّ ْهرَ ِمنْ َ سنَاتِ دَ ْهرٍ ِإنّـنِـي حَ عدّهَا َ مَنْ َ
جمُ َأيّامَا مُ ْق َتصِرا ِمنْ ِلسَانِهِ، سأَ ْلنَا الُ بَقَاءَهُ ،وََأنْ َي ْرزُ َقنَا لِقَاءَهُ ،وََأقَامَ النّا ِ ن ِهشَامٍ :فَ َ قَالَ عِيسَى بْ ُ
حدّثِ ِبِإ ْنعَامِهِ. لمِهِِ ،إلّ في َمدْحِ َأيّامِهِ ،وَال ّت َ ن كَ َ حسَانِهِ ،وَل َي َتصَ ّرفُ مِ ْ شكْ ِر ِإ ْ عَلَى ُ
خ ْلفِيّة
ال َمقَامَ ُة ال َ
صحِ َبنِي ضرَةَِ ، ح ْعنْ ال َ ح َدرْتُ إَِل ْيهَا َ ت َأحْكامَ ال َبصْرةِ ،وَا ْن َ ن ِهشَامٍ قَالََ :لمّا وُلّي ُ ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
طرَا ِفهَا ضَائِعٌَ ،ل ِكنّي لرْضِ وََأ ْ عطَافِ ا َ ب َكَأنّهُ العَافيَةُ فَي ال َبدَنِ ،فَقَالَِ :إنّي في َأ ْ فِي ال َم ْركَبِ شَا ٌ
صنِيعَةً ،وَل َتطْلُبَ ِمنّي َذرِيعَةً ،فَقُلْتُ: خذَني َ ن َت ّت ِ
ل َلكَ أَ ْ صفّ ،وَهَ ْ عدّ ُم َعدّ أَ ْلفٍ ،وََأقُومُ مَقَامَ َ ُأ َ
خ ْدمَ َة ال ّرفِيقِ، خ ِدمُكَ ِ ل َأ ْ ظمُ مِنْ عَقِْلكَ?? ل بَ ْ عَ ن فَضِْلكَ? وََأيّ َوسِيلَ ٍة أَ ْ وََأيّ َذرِيعَ ٍة آ َكدُ مِ ْ
ت ِل َغ ْي َبتِهِعنّي َأيّامَا ،فَضِقْ ُ صرَةَ غَابَ َ سعَةِ وَالضّيقَِ ،وسِ ْرنَا فََلمّا َوصَ ْلنَا ال َب ْ ك في ال ّ وََأشَا ِركُ َ
ج ْدتُهُ ،فَقُلْتُ :مَا اّلذِي َأ ْنكَرْتَ? وَِلمَ حتّى َو َ ب البََلدِ َ جيُو َ خذْتُ ُأ َفتّشُ ُ صبْرا ،فََأ َ ك َ َذرْعا ،وََلمْ َأمِْل ْ
صدْرِ ا ْق ِتدَاحَ النّارِ فِي ال ّزنْدَِ ،فإِنْ ُأطْ ِفئَتُ بَادَتْ َوتَلشَتْ، حشَةَ َت ْقدَحُ فِي ال َ جرْتَ? فَقَالَِ :إنّ ال َو ْ َه َ
لنَاءِ ا ْمتَلَ َوفَاضَ ،وَال َعتَبُ ِإذَا ُت ِركَ َفرّخَ طرُ ِإذَا َتتَابَعَ على ا ِ وَإِنْ عَاشَتْ ،طَارَتْ َوطَاشَتْ ،وَال َق ْ
ظرُ مِنْ ل حالٍَ ،ن ْن ُ طرُدُ ُه سَ ْوطٌ كَالجَفَاءِ ،وَعَلَى كُ ّ ش َركٌ كَال َعطَاءِ ،وَل َي ْ حرّ ل َيعْلَ ُقهُ َ َوبَاضَ ،وَال ُ
خرْطُومِ عَالٍ ،عَلى الكَريمِ َنظَرَ ِإدْللٍَ ،وعَلى الّْلئِيمِ َنظَرَ ِإذْللٍَ ،فمَنْ َلقِينَا ِبَأنَفٍ طَويلٍَ ،لقِيناهُ ِب ُ
ل َمكَ ،وَل سنِي ِليَ ْقتَِل ُعنِي غُ َ ش ْزرٍِ ،ب ْعنَا ُه ِب َثمَنٍ َن ْزرٍ ،وََأنْتَ َلمْ َت ْغ ِر ْظنَا ِب َنظَرٍ َ حَفِيلٍَ ،ومَنْ َل َ
32
شيْئا
ن جَفَاؤُ ُهمْ َع ْنوَانِهَِ ،فإِنْ كَا َ
خدّا َمكَ ،وَال َمرْءُ مِنْ غِ ْلمِانِهِ ،كَا ْل ِكتَابِ مِنْ ُ شتَ َر ْيتَني ِل َتبِيعَني ُ
اْ
عجَبَ!! ُثمّ قَالَ: ن أَ ْ
ن َلمْ َتكُنْ عَِلمْتَ ِبهِ كَا ََأ َمرْتَ ِبهِ َفمَا اّلذِي َأ ْوجَبَ? وَإِ ْ
سهْلُ ال ِفنَا ِء مُـ َؤدّبُ الـخُـدّامِ َ ح َمدَ؛ ِإنّهُ ن َأ ْ
ظَ ِفرَتْ َيدَا خََلفِ بْ ِ
ل مِنْ َيدِ ِه بِـدَارِ مُـقَـامِ َو َيحِ ّ جتَازُ الوَرى ت الجُودَ َي ْ َأوْ مَا رَأَيْ َ
حتّى ا ْنصَرفََ ،ب ْعدَ َأنْ ستَ ْعطِفُهَُ ،ومَا زِلْتُ أُلطِفُ ُه َ عرَضَ َو َت ِب ْعتُ ُه َأ ْ ن ِهشَامٍُ :ثمّ أَ ْقَالَ عِيسَى بْ ُ
ح ْر َمتَهُ.
ش َرتَهُ ،فَوَ َهبْتُ َلهُ ُ
عْن َأسَاءَ ِ ت مَ ْ ن ل َأ ْورَدْ ُ حََلفَ أَ ْ
ال َمقَامَ ُة النّيْسابُورِيّةُ
ضرْتُ المَ ْفرُوضَةَ ،وََلمّا َقضَ ْي ُتهَا ج ُمعَةٍَ ،فحَ َ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالَُ :كنْتُ ِب َنيْسابُو َر يَ ْومَ ُ َ
سل جنْبيَ :منْ هَذا? قَالَ :هَذا سُو ٌ س ّنيّةً ،فَقُلْتُ ِل ُمصَلّ ِب َح ّنكَ ُ جتَازَ بِي َرجُلٌ َقدْ َلبِسَ َد ّنيّةً َو َت َ اْ
خزَانَةَ ب ِإلّ ِ ص ل َينْقُ ُ حرَامِ وَلِ ّ جرَادٍ ل َيسْ ُقطُ ِإلّ عَلى ال ّز ْرعِ ال َ ليْتامَِ ،و َ ل فِي صُوفِ ا َ يَقَعُ ِإ ّ
ل َبيْنَ ال ّركُوعِ عبَادَ الِ ِإ ّ ضعَافَِ ،و ِذئْبٌ ل يَ ْف َترِسُ ِ ل ُيغِيرُ ِإلّ عَلى ال ّ ل ْوقَافَِ ،و ُك ْردِيّ َ اَ
شهُودِ َو َقدْ َلبِسَ َد ّن ّيتَهَُ ،وخَلَ َع دِي ِنيّتَهُ، ل الِ ِإلّ َبيْن ال ُعهُودِ وَال ّ ب ل َي ْنهَبُ مَا َ سجُودَِ ،و ُمحَارِ ٌ وَال ّ
غطّي حبَالَهُ ،وََأ ْبدَى شَقَاشِ َقهَُ ،و َ سبَالَهُ ،وََأطَالَ ِ صرَ ِ حرّفَ َيدَ ُه وَِلسَانَهَُ ،وقَ ّ طيَْلسَانَهَُ ،و َ َوسَوّى َ
ل َهذَا َفمَنْ طمَعَ ُه فَقُلْتُ َل َعنَ ا ُ س َترَ َعهَُ ،و َ ظهَرَ َورَ َ صحِي َف َتهُ ،وََأ ْح َيتَهَُ ،وسّ َو َد َ ض ِل ْ
َمخَارِقَهُ َو َبيّ َ
ل َأرْضَا َأ ْن َبتَتْ هَذا ال َفضْلَ ،وَأَبا خَّلفَ س َك ْندَ ِريّ ،فَقُلْتُ :سَقي ا ُ ف بِالِ ْ عرَ ُ َأنْتَ? قَالََ :أنَا َرجْلٌ ُأ ْ
طبَخَْ ،و َنحْنُ إِذا رِفَاقٌ فَقَالَ: خ ِبَأكِْلهَا وَلَما ُت ْن ُترِيدُ? قَالَ :ال َك ْعبَةَ ،فَقُلْتَُ :بخّ بَ ّ هذا ال ّنسْلَ ،فََأيْ َ
ت ُمصَوّبُ?! قُلْتَُ :ف َك ْيفَ ُتصَ ّعدُ إِلَى ا ْل َك ْعبَةِ? قَالََ :أمَا ِإنّي ُأرِيدُ َك ْعبَةَ ص ّعدٌ وََأنْ َف ذِلكَ وََأنَا ُم َ َكيْ َ
س ْبيِ ،ل َبيْتَ ال َه ْديَِ ،وقِبْلَةَ ح َرمَِ ،و َبيْتَ ال ّ ل َمشْ َعرَ ال َ شعَرَ ال َك َرمَِ ، حجّاجَِ ،و َم ْ حتَاجِ ،لَ َك ْعبَ َة ال ُال ُم ْ
شأَ
ن َهذِهِ ال َمكَا ِرمُ? فََأ ْن َ خ ْيفِ ،قُلْتُ :وََأيْ َ ض ْيفِ ،ل ِمنَى ال َ الصّلتِ ،ل قِبْلِ َة الصّلةَِ ،و ِمنَى ال ّ
يَقُولُ:
ت بِهِ مُـ َو ّردْ خدّ ال َم ْكرُمَا ِ
َو َ ِبحَيثُ الدّينُ وَالمَِلكُ المُـ َؤ ّيدْ
ح َمدُ.
سحَا َبهَا خََلفُ ْبنُ َأ ْ ن َ ِلأَ ّ ت المَالُ فِـيهَـا ِبَأرْضٍ َت ْنبُ ُ
ال َمقَامَ ُة ال ِعلْمِيّة
خرَ: للَ جتَازَاَ ،فإِذَا َأنَا ِب َرجُلٍ يَقُو ُح ال ُغرْبَ ِة ُم ْت فِي َبعْضِ َمطَار ِ ح ّدثَنا عَيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَُ :كنْ ُ َ
سمُسهَامِ ،وَل يُ ْق َ صطَا ُد بِال ّج ْدتُهُ َبعِيدَ ال َمرَامِ ،ل ُي ْ ت العِ ْلمَ? وَ ُهوَ ُيجِيبُهُ ،قَالَ :طََل ْبتُ ُه فَ َو َ ِبمَ َأ ْدرَكْ َ
س َتعَارُ ِمنَ عمَامِ ،وَل ُي ْ ن الَ ْ ض َبطُ بِالّلجَامِ ،وَل يُورَثُ عَ ِ بالَزْلمِ ،وَل ُيرَى في ال َمنَامِ ،وَل يُ ْ
خطَرِ ،وَِإ ْدمَانِ ب ال َ ضجَرَِ ،و ُركُو ِ جرَِ ،و َردّ ال ّ حَ ستِنَادِ ال َ
ال ِكرَامَِ ،فتَ َوسّلْتُ إَِليْ ِه بِافْ ِترَاشِ ال َم َدرِ ،وَا ْ
ح ِإلّ لِ ْل َغرْسِ، شيْئا ل َيصْلُ ُ ج ْدتُهُ َ
عمَالِ ال ِف َكرِ ،فَ َو َب السّ َفرَِ ،و َكثْر ِة ال ّنظَرِ ،وَِإ ْ طحَا ِ صِ سهَرِ ،وِا ْ ال ّ
ص ْدرَِ ،وطَائِرا ل صيْدا لَ يَقَ ُع ِإلّ فِي ال ّن ْدرِ ،وَل َي ْنشَبُ ِإلّ فِي ال ّ ل بِالنّفْسَِ ،و َ ل ُيغْرَسُ ِإ ّ َو َ
ستُهُ عَلى العَينِ. ح َب ْ
حمَ ْلتُهُ عَلى الرّوحَِ ،و َ ح ُفظَِ ،ف َشرَكُ ال ِ ل َ ص الّل ْفظَِ ،ولَ َيعْلَ ُقهُ ِإ ّل قَنَ ُ عهُ ِإ ّ
خدَ َُي ْ
ن ال ّنظَ ِر إِلى ال ّتحْقِيقِ، س َت َرحْتُ مِ َ ح ّررْتُ بِال ّدرْسِ ،وَا ْ ت فِي القَلْبَِ ،و َ خزَنْ ُ
ن ال َعيْشَِ ،و َ ت مِ َ وََأنْفَقْ ُ
سمْعَ س َت َعنْتُ فِي ذَِلكَ بِالتّ ْوفِيقَِ ،فسَ ِمعْتُ ِمنَ الكَلمِ مَا فَ َتقَ ال ّ ن ال ّتحْقِيقِ إِلى ال ّتعْلِيقِ ،وِا ْ ِومِ َ
جعَلَ شمْسِ? َف َ ن َأيْنَ َمطْلَعُ َه ِذهِ ال ّ َو َوصَلَ إِلَى القَ ْلبِ َو َتغَ ْلغَلَ فِي الصّ ْدرِ ،فَقُلْتُ :يَا َفتَىَ ،ومِ ْ
يَقُولُ:
َلوْ َقرّ فِيهَا قَرَارِي سكَـنْـدَ ِريّ ُة دَارِي ِإ ْ
وَبا ْلعِرَاقِ نَهارِي. ن بِالشّامِ لَـيْلِـي لكِ ّ
ال َمقَامَ ُة ال َوصِيّةَ
س َك ْندَ ِريّ وََلدَهُ لِ ْل ّتجَارَ ِة ِأقْ َعدَ ُه يُ َوصّيهِ ،فَقَالَ
لْج ّهزَ َأبُو ال َف ْتحِ ا ِ
ن ِهشَامٍ قَالََ :لمّا َ ح َد ّثنَا عِيسَى بْ ُ َ
ح ِمدَ الَ وََأ ْثنَى عََليْهَِ ،وصَلّى عَلَى َرسْولِ ِه صَلّى الُ عََليْ ِه َوسَلّمَ :يَا ُب َنيّ ِإنّي وَإِنْ َوثِقْتُ َب ْعدَ مَا َ
ك النّفْسَسيّئُ الظّنّ ،وََلسْتُ آمَنُ عَلْي َ طهَارَةُ َأصِْلكَ ،فَِإنّي شَفِيقٌ ،وَالشّفِيقُ َ ِب َمتَانَةِ عَقِْلكََ ،و َ
ظهَارَتُهُس َتعِنْ عَل ْيهِما نَها َركَ باِلصّ ْومِ وََليَْلكَ بِالنّ ْومِِ ،إنّهُ َلبُوسُ ِ ش ْيطَانَهَا ،فَا ْ
شهْوَةَ َو َ
َوسُلْطَا َنهَا ،وَال ّ
33
خشَى خبِيثَةِ? َو َكمَا َأ ْ س ُهمَا َأسَ ّد ِإلّ لنَتْ َث ْو َرتُهَُ ،أفَ ِه ْم َت ُهمَا يَابْنَ ال َ الجُوعَُ ،و ِبطَا ُنتُهُ ال ُهجُوعَُ ،ومَا َل ِب َ
ن ال َكرَمَ خرِ ال َق َرمُ ،فإِيّاكَ وَِإيّا ُهمَا؛ إِ ّ سمُ ال َ حدُ ُهمَا ال َكرَمُ ،وَا ْ صيْنَِ :أ َ عََل ْيكَ ذَاكَ ،فَلَ آمَنُ عََل ْيكَ ِل ّ
ن الَ َكرِيمٌ " ن قَوِْل ِهمْ " إِ ّعنِي مِ ْ ن ال َبسُوسَِ .و َد ْ شَأمُ مِ َ
ن السّوسِ ،وَِإنّ ال َقرَمَ َأ ْ س َرعُ فِي المَالِ مِ َ َأ ْ
ل َيزِي ُدنَا وَل َينْ ُقصُهَُ ،و َينْ َف ُعنَا وَل ن َكرَمَ ا ِ ن الّلبَنِ ،بَلَى ِإنّ الَ َل َكرِيمٌ ،وََلكِ ّ صبّي عَ ِ خدْعَ ُة ال ّ ِإ ّنهَا ُ
شكَ حتّى َينْ ُقصِني ،وَل َيرِي ُ خصَالُهُ ،فََأمّا َكرَم ٌل َيزِي ُدكَ َ ن كَانَتْ هذِ ِه حَالُهُ ،فَ ْل َتكْ ُرمُ ِ ضرّهَُ ،ومَ ْ َي ُ
ن ال َمشْؤُومَةِ? ِإ ّنمَا ال ّتجَارَةُ، ن بُ َقرِيَّ .أ َف ِهمْ َت ُهمَا يَا ابْ َ
عبْ َق ِريّ ،وََلكِ ْن ل َأقُولُ َ حتّى َي ْب ِر َينِي ،فَخِذلَ ٌ َ
نل غيْ َر أَ ْ
طرَ ،وَالصّينُ َ خَ نل َ حرَِ ،ب ْيدَ أَ ْ ح ال َب ْ
لكْلَةِ رِي ُ لكَْلةِ وَا َحجَارَةَِ ،و َبيْنَ ا َ ن ال ُِت ْنبِطُ المَا َء مِ َ
ل فَل سَ َفرََ ،أ َف َتتْ ُركُهُ وَ ْهوَ ُم ْعرِضٌ ٌث ّم تَطُْلبُهُ وَ ْهوَ ُم ْع َوزٌ? َأ َفهِ ْم َتهَا ل ُأ ّم َلكَ? ِإنّ ُه المَالُ عَافَاكَ ا ُ
خصَةٌ مَا َلمْ ُت ِذ ّمهُمَا ،وََلمْ ك في الخَلّ وال َبصَلِ ُر ْ ك بِالخُ ْبزِ واَلمِلْحِ ،وََل َ ن ال ّربْحِ ،وَعََل ْي َ ل مِ ْ ُتنْفِ َقنّ ِإ ّ
ج ْن َبيْ ِه يَقَعُ،
طعَامُ َمنْ ل ُيبَالي عَلى َأيّ َ ح ُمكَ َومَا َأرَاكَ َت ْأكُلُهُ ،وَالحُلْ ُو َ حمُ َل ْ جمَعْ َب ْي َن ُهمَا ،وَالّل ْ َت ْ
عيَ ُة المَوْتُِ ،ثمّ شبَعِ دَا ِ عيْشُ الصَاِلحِينَ ،وَالكْلُ على الجُوعِ وَا ِقيَ َة ال َفوْتَِ ،وعَلى ال ِ جبَاتُ َ وَال َو َ
ل مَا َم َعكَ. خذْ كُلّ مَا َم َعهُمْ ،وَاحْ َفظْ كُ ّ ط َرنْجُِ : ب الشّ ْ س كَلعِ ِ ن مَعَ النّا ِ كُ ْ
حسِي ُبكََ ،وصَلّى الُ عَلى ت فَالُ َ حسْ ُبكَ ،وَِإنْ َأ َبيْ َ ن َقبِلْتَ فَالُ َ س َمعْتُ وََأبَْلغْتُ ،فَإِ ْ يَا ُب َنيّ َقدْ َأ ْ
ج َمعِينَ. حبِ ِه َأ ْصْ حمّدٍ وَعَلى آلِهِ َو َ س ّي ِدنَا ُم َ
َ
ال َمقَامَ ُة الصّيْمَرِيّة
ص ْيمَ ِريِّ :إنّ ِممّا سحَاقَ ال َم ْعرُوفُ ِبَأبِي ال َع ْنبَسَ ال ّ ن ِإ ْح ّمدُ بْ ُ ن ِهشَامٍ قَالَ :قاَلَ ُم َ ح َدثّنا عِيسى بْ ُ َ
ع ْبرَةٌ وََأدَبٌ عظَةٌ َو ِ شدَا ِئدِ مَا فِيهِ ِ خبْ ُت ُهمْ وَا ّدخَ ْر ُت ُهمْ لِل ّ
صطَ َف ْي ُتهُمْ وَا ْن َت َ
َنزَلَ بِي ِمنْ ِإخْوانِي اّلذِينَ ا ْ
ع َت َبرَ وَا ّت َعظَ َو َتَأدَبَ. ِلمَنْ ا ْ
خ ْرثِيّ وَاللَةِ ن ال ُ جرَابُ َدنَانِيرَ َومِ َ ص ْيمَرَ ِة إِلَى َمدِينَ ِة السّلمَِ ،و َمعِي ِ َوذَِلكَ َأنّي َق ِدمْتُ ِمنَ ال ّ
ت مِنْ أَ ْهلِ ال ُبيُوتَاتِ وال ُكتّابِ وال ّتجّارَِ ،و ُوجُوهِ صحِبْ ُ حدٍَ ،ف َ ج َمعَهُ إِلى َأ َ حتَا ُ غ ْيرِ ذَِلكَ مَا ل َأ ْ َو َ
حبَةِ ،وَا ّدخَ ْر ُت ُهمْ لِ ْل ّن ْكبَةِ ،فَلَمْ خ َت ْر ُت ُهمْ لِ ْلصُ ْ
عةً ا ْ جمَا َجدَةِ والعَقَارَِ ، ل ال َثرْوَ ِة وَال َيسَارِ ،وَال ِ ال ّثنَا ِء مِنْ أَهْ ِ
لبْرَاهِي ِميّةِ، تاِ ت الفَا ِرسِيّةِ ،وَال ُمدَقّقَا ِ طبَا ِهجَا ِ جدَايا الرّضَعِ وَال ّ غبُوقٍَ ،ن َت َغذّى بِال َ َنزَلْ في صَبُوحٍ وَ َ
حسِنَاتِ ن ال ُم ْ عنَا مِ َ سمَا ُب الرّشِيدِي وَالحُملنَِ ،وشَرَا ُبنَا َنبِيذُ ال َعسَلَِ ،و َ حرِقَةِ وَال َكبَا ِ ليَا ال ُم ْوَالقَ َ
طبَ ْر َزدَُ ،و َر ْيحَا ُننَا ال َو ْردُ سكّرُ وَال ّ شرُ وَال ّ حذّاقِ ،المَ ْوصُوفَاتِ فِي الفَاقَِ ،ونَقُْلنَا اللّ ْوزُ المُ َق ّ ال ُ
سخَى مِنْ ظ َرفَ مِنْ أَبي نُواسٍ ،وََأ ْ عبّاسٍ .وََأ ْ ع ْب ِد الِ بْن َ عقَلَ مِنْ َ ع ْندَ ُهمْ أَ ْ
َو ًبخُو ُرنَا ال ّندَّ ،و ُكنْتُ ِ
عذَبَ ن جَرِيرٍ ،وَأَ ْ ش َعرَ مِ ْ حبَانِ وَائِلٍ وََأدْهَى ِمنْ َقصِيرٍ ،وََأ ْ سْ ن َ عمْرو ،وََأبْلَ َغ مِ ْ شجَعَ مِنْ َ حَا ِتمٍ ،وََأ ْ
خفّ ال َمتَاعُ، ب مِنَ العَا ِفيِةِ ،ل ِبذَ ْليِ َو ُمرُو َءتِي ،وَِإتْلفِ َذخِي َرتِي ،فَلَمّا َ طيَ َ ن َماِء ال ًفرَاتِ ،وََأ ْ مِ ْ
حسّوا بِال ِقصّةَِ ،وصَارَتْ في قُلُو ِبهِم جرَابَُ ،تبَا َدرَ القَ ْو ُم البَابََ ،لمّا َأ َ شرَاعُ َو َف َرغَ ال ِ حطّ ال ّ وَا ْن َ
ضجْرَةُ ،فَا ْنسَلّوا َقطْرَةً خ َذ ْت ُهمُ ال ّ
شرَارِ ،وَأ َ ع ْونِي َبرْصَةً ،وَ ْا َن َبعُثوا لِلْ ِفرَارِ َك َر ْميَةِ ال ّ غصّةًَ ،ودَ َ ُ
ش َتمَلَتْ ِم ْن ُهمْ عَلى سرَةَ ،وَا ْ حْجرّةِ ،قَدْ َأ ْو َرثُونِي ال َ طرَةًَ ،وتَ َف ّرقُوا َي ْمنَةً َو َيسْرَةًَ ،وبَقِيتُ عَلى ال ُ قَ ْ
ت فِي ِه َلمْ ال َع ْبرَ ُة ل ُأسَاوِي َب ْعرَةًَ ،وحِيدا َفرِيدا كَالُبومِ ،المَوسُومِ بَالشّومَِ ،أقَعُ وََأقُومَُ ،كأَنّ اّلذِي ُكنْ ُ
ت بِي طُ ْرشَةٌَ ،أ ْقبَحُ ِمنْ حشَةًَ ،وصَارَ ْ جمَالِ َو ْ ن َلمْ َتنْ َف ْعنِي ال ّندَامَةَُ ،ف ُبدّلْتُ بِال َ َيكُنَْ ،و َن ِدمْتُ حِي َ
حصَلَ ِب َيدِي َذنَبُ ال َع ْنزِ، طنْزَُ ،و َ ب المَالُ َو َب ِقيَ ال ّ عبَادِيَّ ،و َقدْ ذَهَ َ رَ ْهطَةَ ال ُمنَادِىَ ،كَأنّي رَاهِبٌ ِ
خدّي ،أْع ُمرُ َم ْن ِزلً ت ُدمُوعِي َ جدّيَ ،قدْ َقرّحَ ْ حدِي ُمتَ َف ّتتَ ًة َك ِبدِيِ ،ل َتعْسِ َ حصَلْتُ في َب ْيتِي َو ْ َو َ
سيُولُهَُ ،فَأضْحَى وََأ ْمسَى ِب َر ْبعِهِ ال ُوحُوشَ ،تجُولُ َو َتنُوشَُ ،و َقدْ عفَتْ َمعَاِلمَ ُه ُ َد َرسَتْ طُلُوُلهُ ،وَ َ
لخَوَانُ ضنِي الّن َدمَاءِ ،وَا ِ ب جَاهِيَ ،و َن ِفدَتْ صِحاحِيَ ،وقَلّ َمرَاحِيَ ،وسََلحْتُ فِي رَاحِيَ ،و َرفَ َ ذَهَ َ
ن َبزِيع ال َهرّاسِ َو َرزِينٍ المّراسَِ ،أ َترَ ّددُ عدّ ِمنَ النّاسِ ،أَ ْو َتحُ مِ َ ال ُق َدمَاءُ ،ل ُي ْرفَعُ لِي رَأْسٌ ،وَل أُ َ
سخِينَةٌَ ،ونَ ْفسِي رَهِينَةٌ، ع ْينِي َ شطَّ ،كَأنّي رَاعِي ال َبطَّ ،أ ْمشِي وََأنَا حَافي ،وََأ ْتبَعُ ال َفيَافِيَ ، عَلى ال ّ
صخْرٍ. خ ْنسَاءِ عَلى َ حزْنا ِمنَ ال َ شدّ ُ ح ْيرَِ ،أ َ ع ْيرٌ َيدٌورٌ فَي ال َ ن َد ْيرٍ ،أَوْ َ ن َقدْ َأفْلَتَ مِ ْ جنُو ٌ َكَأنّي َم ْ
ت صُرّتيَ ،وفَرّ غُلمِيَ ،و َكثُرَتْ حتِيَ ،وفَرَغَ ْ صّلشَتْ ِ عمْرو َو َقدْ تَاهَ عَقْلِيَ ،وتَ َ ن ِه ْندٍ عَلى َ َومِ ْ
ظهَر بِالّليْلِ ن الدّارَِ ،أ ْ شيْطا ِ صرْتُ ِب َم ْنزِلَةِ ال ُعمّارَِ ،و َ س المِ ْقدَارََ ،و ِ ت في ال َوسْوِا ِ جزْ ُ َأحْلمِيَ ،و ِ
ح َمقُ مِنْ طيْطَىءِ ال َقصّارِ وََأ ْ ن َ ن مِ ْ ن حَفّارٍ وََأثْقَلُ ِمنْ كِراء الدْارِ وَ ْأرَعَ ُ وََأخْفَى بِال ّنهَارِ أَشَأمُ مِ ْ
34
خ َرجْتُ ِمنَ المِلّةِ ،وََأ ْب َغضْتُ فِي الَِ ،و ُكنْ ُ
ت شمَلَ ْتنِي الذّلْةُ َ ،و َ دَا ُودَ ال َعصّارِ َو َقدْ حَالَ َف ْتنِي القِلّةُ َو َ
جدُ لِي نَاصِرا، حجّةُ ،ل َأ ِ حجّةََ ،وصَارَتْ عََليّ ال ُ ت ال َم َ عمَلّسِ .قَدْ ضَلِلْ ُ صرْتُ َأبَا َ َأبَا ال َع ْنبَسِ ،فَ ِ
صعُبَ ،وَال ّزمَانَ َقدْ كَلِبَ ،ال َت َمسْتُ ال ّدرْ َهمَ لمْرَ َقدْ َ تاَ ع ْندِي َأرَا ُه حَاضِرا ،فَلَمّا رََأيْ ُ لفْلسُ ِ وَا ِ
ت َأسِيحُ َكَأّنيَ ال َمسِيحُ، خرَجْ ُ ن ال َف ْر َقدَيْنَِ .ف َ ح َريْنِ ،وََأ ْب َعدَ مِ ْ ع ْندَ ُمنْ َقطِعِ ال َب ْ س َريْنَِ ،و ِ َفِإذَا هُ َو مَعَ ال ّن ْ
ستَانَ وَإِلَى ط ْبرِ ْ ن إِلَى ُ ستَانَ ،وَجيلَ َ سجِ ْ ب ِم ْنهَا وَال ُع ْمرَانَ ،إِلَى َك ْرمَانَ َو ِ خرَاسَانَ ،وَالخَرا َ َفجُلْتُ ُ
ل ال َبرَارِيّ طِائِفَ ،أجُو ُ حجَازَِ ،و َمكّةَ ،وَال ّ س ْندِ ،وَال ِه ْندِ ،وَالنّوبَةِ ،وَال ُق ْبطِ ،وَال َيمَنِ ،وَال ِ ن إِلَى ال ّ عمَا َ ُ
خصْ َيتَايَ، ت ُ ج َنتَايََ ،وتَقَّلصَ ْ حتّى اسْ َودّتْ َو ْ حمَارَِ ، صطَلِي بِالّناِر ،وَآوِي مَ َع ال ِ وَالْقِفَارِ ،وََأ ْ
خفِ سْشعَارِ ا ْل ُم َتطَ ّرفِينََ ،و ُ لسْمَارِ ،وَالفَوَا ِئدِ وَالثَارِ ،وََأ ْ خبَارِ وَا َ لْ ن النّوَا ِدرِ وَا َ ج َمعْتُ مِ َ َف َ
شعْ ِوذِينََ ،و َنوَامِيسِ ال ُم َت َمخْ ِرقِينَ، حيَلِ ال ُم َحكَامِ ال ُمتَفَ ْلسِفِينََ ،و ِ سمَا ِر ال ُم َتيّمِينَ ،وََأ ْ المُ ْلهِينَ ،وََأ ْ
جرَابِذَةِ، خمَسَ ِة ال َ خ ّنثِينََ ،و َد ْ ط ّببِينََ ،و ِك ِيَادِ ال ُم َ ق ال ُم َنجّمِينَ ،وَُلطْفِ ال ُم َت َ َو َنوَادِرِ ال ُمنَا ِدمِينََ ،و َرزْ ِ
س ْترَ ْفدْتُض ِبيّ .وَعِ ْلمُ الكَ ْل ِبيّ .فَ ْا َ شعْ ِبيَّ ،وحِ ْفظُ ال ّ عنْ ُه ُف ْتيَا ال ّصرَ َ لبَاِلسَةَِ ،ومَا قَ ّ طنَةِ ا َ ش ْي َ
َو َ
خذْتُ مِنْ ن المَالِ ،وَا ّت َ سبْتُ َثرْوَ ًة مِ َ حتّى َك َ جيْتَُ ، ج َتدَيْتَُ ،وتَ َوسّلْتُ َو َت َك ّديْتَُ ،و َم َدحْتُ وَهَا َ وَا ْ
طيّةِ، خّ ع السّا ِب ِريّةِ .وَال ّد َرقِ الّتبّتيّةِ ،وَال ّرمَاحِ ال َ ح ال ِه ْندِيّةِ ،وَال ْقضُبِ ال َيمَا ِنيّةِ ،وَال ّدرُو ِ الصّفَائ ِ
سيّةِ ،وَال ّديَابِيجِ ح ْمرُ ال َمرِي ِ ل ْر َمنِيّةِ ،وَال ُ ج ْردِيّةِ ،وَال ِبغَالِ ا َ خيْلِ ال ِعتَاقِ ال ُ حرَابِ ال َب ْر َب ِريّةِ ،وَال َ وَال ِ
حسْنِ الحَالِ، حفِ ،مَ َع ُ طفِ ،وَال َهدَايَا وَال ّت َ ط َرفِ وَالّل ُ سيّةِ ،وََأنْواعِ ال ّ خزُوزِ السّو ِ الرّو ِميّةِ ،وَا ْل ُ
سرّوا ِبمَ ْق َدمِي، خبَريَ ،ومَا رُز ْقتُهُ فِي سَ َفرِيّ ، جدَ ال َق ْومُ َ َو َكثْر ِة المَالِ ،فََلمّا َق ِدمْتُ َب ْغدَادَ وَ َو َ
شدّةَشكَوْا ِ حشَةِ ِلفَ ْقدِيَ ،ومَا نَاَل ُهمْ ِل ُب ْعدِيَ ،و َ ع ْندَهُمْ ِمنَ ال َو ْ ن مَا ِ شكُو َ ج َم ِعهِمْ إَِليَّ ،ي ْ َوصَارُوا ِبَأ ْ
ظ ِهرُ ال ّن َدمَ عَلى مَا صَنَعَ، حدٍ ِم ْن ُهمْ َي ْع َتذِ ُر ِممّا فَعَلََ ،و ُي ْ جعَلَ كُلّ وَا ِ الشّ ْوقَِ ،و ُرزْءَ التّ ْوقِ َو َ
سهُمْ، جدَةِ عَلَي ِهمْ ِبمَا تَ َق ّدمََ ،فطَابَتْ نُفُو ُ ظهِ ْر َل ُهمْ َأ َثرَ المَ ْو ِ ع ْن ُهمْ ،وََلمْ ْأ ْ َفأَوْ َه ْم ُتهُمْ َأنّي َقدْ صَ َفحْتُ َ
ع ْندِي، ستُ ُهمْ ِ ح َب ْ
صرَفُوا عَلى ذَِلكَ ،وَعَادُوا إِليّ فِي اليَ ْومِ الثّانِيَ ،ف َ ح ُهمْ ،وَا ْن َ س َكنَتْ جَوَار ُ َو َ
طبّاخَةٌ حَا ِذقَةٌ؛ ت ِبشِرَائِ ِه ِإلّ َأتَى بِهَِ ،وكَانَتْ َلنَا َ ش ْيئَا تَ َق ّدمْ ُ
ق فَلَمْ َي َدعْ َ جهْتُ َوكِيلي إِلَى السّو ِ وَ َو ّ
طبَا ِهجَاتٍَ ،ونَوا ِدرَ ُم َعدّاتٍ ،وََأكَ ْلنَا وَا ْنتَقَ ْلنَا ح ِرقَاتٍ ،وَأَلْوَانا ِمنْ َ ليَا ُم ْ ن قَ َ شرِينَ َل ْونَا مِ ْ عْ فَا ْتخَذْتُ ِ
خذُوا فِي سنَاتٌَ ،فأَ َ ن ُمحْ ِ حسَا ٌ سيّةٌَ ،و ُم َغ ّنيَاتٌ ِ خ ْن َدرِي ِضرَتْ َل ُهمْ زَ ْهرَاءٌ َ س الشّرَابَِ ،فُأحْ ِ إِلَى َمجْلِ ِ
صنّا شرَ َ عَ خمْسَةَ َ س َت ْع َددْتُ َل ُهمْ ِب َع َددِهِ ْم َ ن يَ ْومٍ َيكُونَُ ،و َقدْ ُكنْتُ ا ْ حسَ ُ ش ِر ْبنَاَ ،فمَضَى َلنَا َأ ْ ش ْأ ِن ِهمْ َو ََ
حمّالٍ حمّالً ،كلّ َ حدٍ ِم ْن ُهمْ َ لمِي ِلكُلّ وَا ِ س َت ْأجَرَ غُ َ ل صَنّ ِبَأ ْر َبعَةِ آذَانٍ ،وا ْ صنَانِ البَا ِذ ْنجَانِ ،كُ ّ ن ِ مِ ْ
خرَةَِ ،وتَ َق ّدمْتُ إِلى ع ّرفَ الحَمالِينَ َمنَازِلَ ال َق ْومَِ ،وتَ َق ّدمَ إَِل ْي ِهمْ بِالمُوَافَاةِ ِبعِشاَءِ ال ِ ِب ِدرْهَمينِ ،وَ َ
خرُ َبيْنَ َأ ْي ِد ِي ِهمْ ال ّندّ ص ِرفَ َل ُهمْ ،وََأنَا ُأ َب ّ ن َي ْدفَعَ إِلَى ال َق ْومِ بِا ْلمَنّ وَال ّرطْلَِ ،ويَ ْ غُلَمي َوكَانَ دَا ِهيَ ًة أَ ْ
ع ْندَت لَ َيعْقِلُونَ َووَافَانَا غِ ْلمَا ُنهُمْ ِ س ْكرِ َأمْوَا ُ عةٌ ِإلّ وَ ُهمْ ِمنَ ال ّ وَالعُودَ وَال َع ْن َبرََ ،فمَا َمضَتْ سَا َ
ع ْندِي الّلْيلَ َة بَا ِئتُونَ، حدٍ ِم ْن ُهمْ ِبدَابّةٍ َأ ْو حِمارٍ َأوْ َبغْلَةٍَ ،ف َعرّ ْف ُت ُهمْ َأ ّن ُهمْ ِ شمْسِ كلّ وَا ِ ب ال ّ غرُو ِ ُ
طعَاما َفَأكَلََ ،وسَ َق ْيتُ ُه مِنَ ض ْرتُهَُ ،و َق ّدمْتُ إَِليْ ِه َ جهْتُ إِلى بِلَلٍ ال ُم َزيّنِ َفَأحْ َ فَا ْنصَ َرفُواَ ،و َو ّ
ش ْأ َنكَ وَالقَ ْومَ، ح َمرَينَِ ،وقُلْتَُ : ن َأ ْ جعَلْتُ فِي فِيهِ دِينَارَيْ ِ حتّى َثمِلََ ،و َ ب َ طرُ بّلىًَ ،فشَرِ َ ب ال ُق ْالشّرَا ِ
ح َيةَ جعَلْتُ ِل ْ جنّةَِ ،و َ جرْدا ُمرْداَ ،كأَهْلِ ال َ حيَةًَ ،فصَارَ ال َق ْومُ ُ شرَةَ ِل ْ عْ خمْسَ َ ح َدةٍ َ َفحَلَقَ فِي سَاعَةٍ وَا ِ
ض َمرَ ِبصَدِيقِ ِه ال َغ ْدرَ صرُورَ ًة فِي َث ْوبِهَِ ،و َم ْعهَا ُر ْقعَةٌ َم ْكتُوبٌ فِيهَاَ " :منْ َأ ْ حدٍ ِم ْن ُهمْ مَ ْ كُلَِ وَا ِ
صنَانَِ ،ووَافَى شدَ ْدنَا ُهمْ فِي ال ّ ج ْيبِهَِ ،و َ جعَ ْل ُتهَا فِي َ جزَا َء "َ .و َ ن َهذَا ُم َكاَفَأتَهُ وَال َ َو َت ْركَ ال َوفَاءِ ،كَا َ
سرَةٍَ ،فحَصَلُوا فِي َمنَازِِلهِمْ ،فََلمّا َأصْ َبحُوا رَأَوْا فِي حمَلُو ُهمْ ِب َكرّةٍ خَا ِ خرَةَِ ،ف َ عشَاءَ ال ِ حمّالُونَ ِ ال َ
لخْوانِهِ، ظهَ ُر ِ ب إِلَى ِديَوَانِهِ ،وَل َي ْ خرُجُ ِم ْن ُهمْ تَاجِ ٌر إِلَى ُدكّانِهِ ،وَل كَاتِ ٌ عظِيما ،ل َي ْ س ِهمْ َهمّا َ نُفُو ِ
ش ِتمُو َننِي َويُ َزنّو َننِي، ن َورِجَالٍ َي ْ خوَِل ِهمَْ ،و ِمنْ ِنسَاءٍ وَغِ ْلمَا ٍ ن كُلّ َي ْومٍ َي ْأتِي خَ ْلقٌ َكثِيرٌ ِمنْ َ َفكَا َ
خ َبرُ ِب َمدِينَةِ ع َبأُ ِبمَقَاِل ِهمَْ ،وشَاعَ ال َ ن الَ عَليّ ،وََأنَا سَاكِتٌ ل َأرْدّ عَلَي ِهمْ جَوَابا ،وََل ْم أَ ْ ح ِكمُو َ ستَ ْ َو َي ْ
ع َب ْيدِ اللُهَ .وذَِلكَ َأنّهُ طَلَبَ سمَ بْنَ ُ حتّى بَلَغَ ال َوزِيرَ القَا ِ ل ُمرُ َي ْزدَادُ َ السّلمِ بِ ُفعْلِي َم َع ُهمْ ،وََلمْ َيزَلِ ا َ
صنَعَ ن َأجْلِ مَا َ خرُوجِ ،قَالَ :وَِلمَ? قِيلَ :مِ ْ كَاتِبا لَ ُه فَا ْفتَ َقدَهُ ،فَقِيلَِ :إنّ ُه فِي َم ْنزِلِ ِه ل يَ ْق ِدرُ عَلى ال ُ
سرَاوِيلِ ِه أَ ْو بَالَ، حتّى كَادَ ُيبَ ِولُ فِي َ حكَ َ ش َرتِهِ َو ُمنَادَ َمتِهَِ ،فضَ ِ ن ا ْم ُتحِنَ ِب ِع ْ لنّهُ كَا َ َأبُو ال َع ْنبَسِ؛ َ
طأَ فِيمَا فَعَلََ ،ذرُو ُه َفِإنّهُ َأعَْلمِ النّاسِ ِب ِهمُْ ،ثمّ َوجّ َه إَِليّ خَ ل لَ َقدْ َأصَابَ َومَا َأ ْ ل أَعَْلمُْ .ثمّ قَالَ :وا ِ وا ُ
35
س ِتحْسَانِ ِه فِعْلِيَ ،و َم َكثْتُ فَي ن أَ ْلفَ ِدرْ َهمٍ ،ل ْ خ ْمسِي َ ل إَِليّ َ حمَ َس ِنيّةًَ ،وقَادَ َفرَسا ِبمَ ْركَبٍَ ،و َ خِ ْلعَةً َ
صنَعَ ض ُهمْ ِلعِ ْلمِ ِه ِبمَا َ حنِي َبعْ ُ ت َبعْ َد السْ ِتتَارَِ ،فصَاَل َ ظهَرْ ُ شرَبُُ ،ثمّ َ ن ُأنْ ِفقُ وَآكلُ وََأ ْ شهْ َريْ َِم ْنزِلِي َ
ن رَ ْأسِهِ َأبَدا، ل ُيكَّلمُنيِ مِ ْ جوَارِيهِ َأنّهُ َ ض ُهمْ بِالطّلَقِ الثّلَثِ َو ِب ِع ْتقِ غِ ْلمَانِهِ َو َ الوَِزيرَُ ،وحََلفَ َبعْ ُ
ل ُأ ُذنِي ،وَل حكّ َأصْ ُ ل العَظِيمِ شَانُهُ ،العَِليّ ُبرْهَانَهُ ،مَا ا ْكتَ َرثْتُ ِبذَِلكَ ،وَل بَاَليْتُ ،وَل ُ فَل وا ِ
شرِبَ ب َقضَاهَا ْ.رُ بّلىً ،فَ َ س َيعْقو َ س ّرنِي ،وَِإ ّنمَا كانَتْ حَاجَةٌ فِي نَفْ ِ ص ّرنِي ،بَلْ َ أَ ْوجَ َع َبطْنِي ،وَل َ
حدَةٍش ْأ َنكَ وَالقَ ْومَ ،فَحََلقَ فِي سَاعَةٍ وَا ِ حمَرَينَِ ،وقُلْتَُ : ن َأ ْ
ت فِي فِي ِه دِينَا َريْ ِ جعَلْ ُ حتّى َثمِلََ ،و َ َ
حدٍ ِم ْن ُهمْحيَ َة كُلَِ وَا ِجعَلْتُ ِل ْ جنّةَِ ،و َ جرْدا مُرْداَ ،كأَهْلِ ال َ حيَةً ،فَصَارَ ال َق ْومُ ُ شرَ َة ِل ْ
عْ خمْسَ َ َ
ض َمرَ ِبصَدِي ِقهِ ال َغ ْدرَ َو َت ْركَ ال َوفَاءِ ،كَانَ َمصْرُورَ ًة فِي ثَ ْوبِهَِ ،و َم ْعهَا رُ ْقعَ ٌة َم ْكتُوبٌ فِيهَا " :مَنْ َأ ْ
عشَاءَ حمّالُونَ ِ صنَانِ ،وَوَافَى ال َ ش َد ْدنَا ُهمْ فِي ال ّج ْيبِهَِ ،و َ جعَ ْل ُتهَا فِي َ جزَاءَ "َ .و َ َهذَا ُم َكاَفَأتَهُ وَال َ
س ِهمْ َهمّا ص َبحُوا رَأَوْا فِي نُفُو ِ سرَةٍَ ،فحَصَلُوا فِي َمنَازِِل ِهمْ ،فََلمّا َأ ْ حمَلُو ُهمْ ِب َكرّ ٍة خَا ِ الخِرَةَِ ،ف َ
ن كُلّ لخْوانِهَِ ،فكَا َ ظ َهرُ ِ جرٌ إِلَى ُدكّانِهِ ،وَل كَاتِبٌ إِلَى ِديَوَا ِنهِ ،وَل يَ ْ ج ِم ْنهُمْ تَا ِعظِيما ،ل َيخْرُ ُ َ
س َتحْ ِكمُونَ ش ِتمُو َننِي َو ُي َزنّو َننِيَ ،و َي ْ ن خَوَِل ِهمَْ ،و ِمنْ ِنسَاءٍ وَغِ ْلمَانٍ َو ِرجَالٍ َي ْ ق َكثِيرٌ مِ ْ َي ْومٍ َي ْأتِي خَلْ ٌ
خ َبرُ ِب َمدِينَ ِة السّلمِ بِ ُفعْلِي ع َبأُ ِبمَقَاِل ِهمَْ ،وشَاعَ ال َ الَ عَليّ ،وََأنَا سَاكِتٌ ل َأ ْردّ عَلَي ِهمْ جَوَابا ،وََل ْم أَ ْ
ع َب ْيدِ اللُهَ .وذَِلكَ َأنّهُ طَلَبَ كَاتِبا َلهُ سمَ بْنَ ُ حتّى بَلَغَ ال َوزِيرَ القَا ِ ل ُمرُ َي ْزدَادُ َ َم َع ُهمْ ،وََلمْ َيزَلِ ا َ
صنَعَ َأبُو ل مَا َ خرُوجِ ،قَالَ :وَِلمَ? قِيلَِ :منْ َأجْ ِ فَافْتَ َقدَهُ ،فَقِيلَِ :إنّ ُه فِي َمنْزِلِ ِه ل يَ ْق ِدرُ عَلى ال ُ
سرَاوِيلِ ِه أَ ْو بَالَ ،والُ حتّى كَادَ ُي َبوِلُ فِي َ ضحِكَ َ ش َرتِهِ َو ُمنَادَ َمتِهَِ ،ف َ ن ِبعِ ْ ن ا ْم ُتحِ َ لنّهُ كَا َ ال َع ْنبَسِ؛ َ
س ِب ِهمُْ ،ثمّ َوجّهَ إَِليّ طأَ فِيمَا َفعَلَ ،ذَرُو ُه فَِإنّ ُه أَعَْلمِ النّا ِ خََأعَْلمُْ .ثمّ قَالَ :والِ َل َقدْ َأصَابَ َومَا َأ ْ
س ِتحْسَانِ ِه فِعْلِيَ ،و َم َكثْتُ فَي ن أَ ْلفَ ِدرْ َهمٍ ،ل ْ خ ْمسِي َ ل إَِليّ َ حمَ َس ِنيّةًَ ،وقَادَ َفرَسا ِبمَ ْركَبٍَ ،و َ خِ ْلعَةً َ
صنَعَ ض ُهمْ ِلعِ ْلمِ ِه ِبمَا َ حنِي َبعْ ُ ت َبعْ َد السْ ِتتَارَِ ،فصَاَل َ ظهَرْ ُ شرَبُُ ،ثمّ َ ن ُأنْ ِفقُ وَآكلُ وََأ ْ شهْ َريْ َِم ْنزِلِي َ
ن رَ ْأسِهِ َأبَدا، ل ُيكَّلمُنيِ مِ ْ جوَارِيهِ َأنّهُ َ ض ُهمْ بِالطّلَقِ الثّلَثِ َو ِب ِع ْتقِ غِ ْلمَانِهِ َو َ الوَِزيرَُ ،وحََلفَ َبعْ ُ
ل ُأ ُذنِي ،وَل حكّ َأصْ ُ ل العَظِيمِ شَانُهُ ،العَِليّ ُبرْهَانَهُ ،مَا ا ْكتَ َرثْتُ ِبذَِلكَ ،وَل بَاَليْتُ ،وَل ُ فَل وا ِ
ب قَضَاهَا. سرّنِي ،وَِإ ّنمَا كانَتْ حَاجَ ٌة فِي نَفْسِ َيعْقو َ ل َ طنِي ،وَل صَ ّرنِي ،بَ ْ َأ ْوجَعَ َب ْ
ل ْنذَالِ لخْوانِ ا َ ن َأ ْبنَاءِ ال ّزمَنَِ ،و ُت ْت َركَ الثّ َقةُ بِا ِح َذرُ مِ ْ خذَ ال َ
وَِإ ّنمَا َذ َكرْتُ هَذا َو ّنهْتُ عََليْ ِه ِليُ ْؤ َ
س َتعِيرُ ُك ُت َب ُهمْ ل س َتخِفّ ِب ِهمَْ ،و َي ْ ل َدبَاءَِ ،و َي ْ
حقّ ا ُ لنٍ ال َورّاقِ ال ّنمّامِ ال ّزرّافِ اّلذِي ُي ْن ِكرُ َ السّفَلَِ ،وبِفُ َ
س َتعَانَُ ،وعََليْهِ ال ُتكْلَنُ. َي ُردّهَا عََل ْي ِهمْ ،وَالُ ال ُم ْ
ال َمقَامَ ُة الدّينَارِيّة
حذِ َرجُلٍ ِب َب ْغدَادَ، شَ ص ّدقُ بِهِ عَلى َأ ْ ن هِشامٍ قَالَ :اتّ َفقَ لي َن ْذرٌ َن َذ ْرتُهُ في دِينَارٍ َأ َت َ ح ّد َثنَا عِيسَى بْ ُ َ
جدْتُ ُه فِي ل َتصَ ّدقَ بِهِ عََل ْيهِ ،فَ َو َ ضيْتُ إَِليْ ِه َ س َك ْندَ ِريّ ،فَم َ لْ ع ْنهُ ،فَدُلِلْتُ عَلى َأبِي ال َفتْحَ ا ِ سأَلْتُ َ َو َ
حذُ في شَعرَفُ ِبسِ ْل َعتِه ،وََأ ْ ج َت َمعَتْ عََليْ ِه في حََلقَةٍ ،فَقُلْتُ :يَا بَني سَاسَانََ ،أ ّي ُكمْ َأ ْ رُفْ َقةٍَ ،قدْ ا ْ
ل َأنَاُ .ثمّ عةِ :لَ ،بَ ْ جمَا َ
خرُ ِمنَ ال َ س َك ْندَ ِريَّ :أنَاَ ،وقَالَ آ َ لْ عطِيهُ هذَا الدّينَارَ? فَقَالَ ا ِ صنْ َعتِهََ ،فأُ ْ
َ
عزّ َبزّ ،فَقَالَ ب سَلَبََ ،ومَنْ َ حبَهَُ ،فمَنْ غَلَ َ شتُ ْم كُلّ ِم ْن ُكمَا صَا ِ حتّى قُلْتُِ :ل َي ْ َتنَا َقشَا َو َتهَا َرشَا ّ
حدِيثَ سخَ الكُوزِ ،يَا ِدرْهَما ل َيجُوزُ ،يَا َ سكَ ْن َدرِيّ :يَا َب ْردَ ال َعجُوزِ ،يَا ُكرْبَ َة َتمّوزَ ،يَا َو َ لْ اِ
ح َبيْنِ ،يَا خمَ َة الرّؤُسِ ،يَا ُأمّ ُ طأَ الكابُوسِ ،يَا ُت ْ سنَ َة ا ْلبُوسِ ،يَا َك ْوكَبَ ال ّنحُوسِ ،يَا َو َ ا ْل َمغّنينَ ،يَا َ
ن يَا سيْنِ يَا ِثقَلَ ال ّديْ ِ حَل ال ُ
ن يَا مَ ْقتَ َ حيْ ِح ّبيْن ،يَا سَاعةَ ال َ غدَا َة ا ْل َبيْنِ ،يَا ِفرَاقَ ال ُم َِرمَدَ ال َع ْينِ ،يَا َ
سنَةَ ن يَا َ شيْنِ يَا بَريدَ الشّو ِم يَا طَرِيدَ اللّومِ يَا َثرِيدَ الثّومِ يَا بَادِي َة الزّقّو ِم يَا َمنْعَ المَاعُو ِ سمَ َة ال ّ ِ
شتّى ،يَا حتّى ،في َموَاضِعَ َ ن يا َب ْغيَ ال َعبِيدِ ،يَا آيَ َة الوَعِيدِ ،يَا كَلمَ ال ُمعِيدِ ،يَا َأ ْقبَحَ ِمنْ َ الطّاعُو ِ
خمُورِ، جشَاءَ ال َم ْ ف ِإذَا ُكسِ َر الرّغِيفُ ،يَا ُ حنُحَ ال ُمضِي ِ دُو َدةَ ال َكنِيفِ ،يَا فَرْ َوةً فِي ال َمصِيفِ ،يَا َت َن ْ
طمَعَ المَ ْقمُورِ ،يَا ل َتدُورُ ،يَا َ خذْرُوفَ َة ال ُقدُورِ ،يَا َأ ْر ُبعَاءَ َ يَا َن ْكهَةَ الصّقُورِ ،يَا َو ِتدَ الدّورِ ،يَا ُ
ص ْبيَانِ ،يَا سبْتَ ال ّ خصْيَانِ ،يَا ُمؤَاكَلَ َة ال ُع ْميَانِ ،يَا شَفَاعَ َة ال ُع ْريَانش ،يَا َ ل ال ِ جرَ الّلسَانِ ،يَا بَوْ َ ضََ
ضعْتَ ل الرّازِي ،والِ َلوْ َو َ ِكتَابَ ال ّتعَازِي ،يَا قَرَارَ َة المَخازِي ،يَا ُبخْلَ الَهْوَازِي ،يَا فُضُو َ
ت ال َغيْ َم فِي ك قَوْسَ ُقزَحََ ،و َندَفْ َ ت ِب َيدِ َ
خذْ َخرَى عَلَى ُدنْبا َو ْندَ ،وََأ َ لْ حدَى ِرجَْل ْيكَ عَلى َأرْ َو ْندَ ،وَا ُ ِإ ْ
ل حَلّجا. جبَابِ المَل ِئكَةَ ،مَا ُكنْتَ ِإ َ ِ
36
عدَما فِي ُوجُودٍ ،يَا كَ ْلبَا فِي لسُودِ ،يَا َ َوقَالَ الخَرُ :يَا َقرّا َد ال ُقرُودِ ،يَا َلبُودَ ال َيهُودِ :يَا َن ْكهَةَ ا ُ
ن النّ ْفطِ ،يَا صُنَانَ عيّ ًة ِبمَاشٍ ،يَا َأقَلّ ِمنْ لشٍ ،يَا ُدخَا َ ال ِهرَاشِ ،يَا قِرْدا فِي ال ِفرَاشِ ،يَا قَرء ِ
صدَاقِ ،يَا َوحْلَ لقَِ ،و َمنْعِ ال ّ ن بَاءَ ِبذُلّ الطّ َ خبَثَ ِممّ ْ ل لهُلكِ ،يَا َأ ْ ل ْبطِ ،يَا زَوَالَ المُ ْلكِ ،يَا هِلَ َ اِ
سنَانِ ،يَا َوسَخَ الذَانِ ،يَا لْضمِ يا قَلَحَ ا َ ظمِ يَا ُم َعجّلَ ال َه ْ ك العَ ْ حرّ َ الطّرِيقِ ،يَا مَاءً عَلى الرّيقِ يَا ُم َ
خفّ ،يضا ن ِإ ْبرَةٍ ،يَا َمهَبّ ال ُ ع ْبرَةٍ ،يَا َأ ْبغَى مِ ْح مِنْ َ ن قَلْسٍ ،يَا َأقَلّ ِمنْ فَلْسٍ ،يَا َأفْضَ َ جرّ مِ ْ َأ َ
س َتكَ عَلَى ضعْتَ أ ْ ل ُكفّ ،يَا كِلمَةَ َليْتَ ،يا َو ْكفَ البيْتِ ،يَا َكيْتَ َو َكيْتَ ،والِ لوْ َو َ َم ْد َرجَةَ ا َ
جعَلْتَ السّما َء ِمنْوَالً، ش ْعرَى خُفّا ،وَال ُث َريّا رَفّاَ ،و َ خذْتَ ال ّ ال ّنجُومَِ ،ودَّليْتَ ِرجَْلكَ في ال ّتخُومِ ،وَا ّت َ
ت ِإلّ حَائِكا. ح ْمتَ ُه بالفََلكِ الدّا ِئرِ ،ما ُكنْ َسرِ الطّائِرِ ،وَأَ ْل َ سرْبالًَ ،فسَ ّد ْيتَ ُه بِا ْلنّ ْ
حكْتَ الهَوَاءَ ِ َو ِ
عجِيبُ لمَِ ، ل َبدِيع ا ْلكَ َ ي ال ّرجُلَين أُو ِثرُ?! َومَا ِم ْنهُما ِإ ّ قَالَ عِيسَى ْبنُ هِشامٍ :فَ َو الِ مَا عَِلمْتُ َأ ّ
خصَامَِ ،فتَ َر ْكتُهما ،وَالدّينَارُ مُشاعٌ َب ْي َن ُهمَا ،وا ْنصَ َرفْتُ َومَا َأ ْدرِي مَا صَنَ َع الدّهْرُ المَقَامِ ،أََلدّ ال ِ
ِب ِهمَا.
ال َمقَامَةُ الشّعْرِيّةُ
ج َت َمعْنا ذَاتَ يَوْم فِي حََلقَةٍ، ضمّ إِلَى ُرفْقَةٌ ،فَا ْ ت ِببِل ِد الشّامِ ،وَا ْن َ ن ِهشَامٍ قَالَُ :كنْ ُ ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
سمَعُ َو َكَأنّهُ ت َمعَانِيِهَ ،و َنتَحاجى ِب َمعَامِيهَِ ،و َقدْ َو َقفَ عَل ْينَا فَ َتىً َي ْ ش ْعرَ َفنُورِدُ َأ ْبيَا َ جعَلْنا َن َتذَا َكرُ ال ّ َف َ
ن َت ْب ُعدَ ،فَقالَ :ل ن تَ ْق ُعدَ ،وَِإمّا أَ ْسكُت َو َكَأنّ ُه َي ْندَمُ ،فَقُلْتُ :يَا َفتَى قَدْ آذَانَا ُوقُوُفكَ؛ َفِإمّا أَ ْ يَ ْف َهمَُ ،و َي ْ
خصِهِ، شْ ب َفأَعُودُ ،فَال َزمُوا مَكا َن ُكمْ هَذا ،قُلْنَا :نَ ْفعَلُ َو َكرَامَةًُ ،ثمّ غَابَ ِب َ ُي ْم ِك ُننِي ال ُقعُودُ ،وََل ِكنْ َأذْهَ ُ
ع ْنهَا، ل ْبيَاتِ? َومَا َفعَلْ ُتمْ بِال ُم َعمّياتِ? سَلُونِي َ ن تِ ْلكَ ا َ ن َأ ْن ُتمْ مِ ْ
ن عادَ ِل َوقْتِهَِ ،وقَالََ :أيْ َ ث أَ َْومَا َلبِ َ
خزَائِنَ، ضنَا ال َكنَائِنَ ،وََأ ْف َن ْينَا ال َ ن َم ْع َنىً ِإلّ َأصَابَ ،وََلمّا نَ َف ْ ت ِإلّ َأجَابَ ،وَل عَ ْ عنْ َبيْ ٍ سأَ ْلنَاهُ ََفمَا َ
طرُ ُه َيدْفَعُ? وََأيّ َبيْتٍ شطْرُ ُه َيرْفَعُ َوشَ ْ ت َ ع ّرفُوني َأيّ َبيْ ٍ عطَفَ عََل ْينَا سائِلًَ ،وكَ ّر ُمبَاحِثا ،فَقَالََ : َ
جرَبُ? وََأيّ َبيْتٍ ت ِنصُفُ ُه َيغْضَبَُ ،و ِنصْفُ ُه يَ ْلعَبُ? وََأيّ َبيْتٍ كُلّهُ َأ ْ كُلّ ُه يَصْفَعُ? وََأيّ َبيْ ٍ
حسُنَ ضعُهَُ ،و َ سمُجَ َو ْ ضرْبُ ُه يُقَارِبُ وََأيّ َبيْتٍ كُلّهُ عَقَارِبُ? وََأيّ َبيْتٍ َ عرُوضُهُ ُيحَارِبَُ ،و َ َ
ي َبيْتٍ لَ ُي ْع َرفُ أَهْلُهُ? وََأيّ ي َبيْتٍ َي ْأ ِبقُ كُلّهُِ ،إلّ ِرجْلُهُ? وََأ ّ ت ل َي ْرقَُأ َدمْعُهُ? وََأ ّ طعُهُ? وََأيّ َبيْ ٍ قَ ْ
حتَ َفرُ َأ ْرضُهُ? ن َنبْضُهُ ،وَل ُت ْ ت ل ُي ْمكِ ُ ن أَهْلِهِ? وََأيّ َبيْ ٍ س مِ ْ ن ِمثْلِهَِ ،كَأنّهُ َليْ َل مِ ْ َبيْتٍ ُهوَ َأطْوَ ُ
سرّ ع ّدُتهُ? وََأيّ َبيْتٍ ُيرِيكَ مَا ُي َ سرَابِلُ? وََأيّ َبيْتٍ ل ُتحْصَى ِ وََأيّ َبيْتٍ ِنصْفُ ُه كَامِلٌ َو ِنصْفُهُ َ
ح ّركَ حكُ َو ِنصْفُهُ َيأََلمُ? وََأيّ َبيْتٍ ِإنْ ُ ي َبيْتٍ ِنصْفُ ُه َيضْ َ ِبهِ? وََأيّ َبيْتٍ ل َيسَعُ ُه العَاَلمُ? وََأ ّ
ن َأفَْل ْتنَاهَُ ،أضْلَ ْلنَاهُ? وََأيّ ي َبيْتٍ إِ ْ ج َم ْعنَاهُ ،ذَهَبَ َم ْعنَاهُ? وََأ ّ سنُهُ? وََأيّ َبيْتٍ ِإنْ َ حْ ب ُ غصْنُهُ ،ذَهَ َ ُ
ت حَلّهُ عِ ْقدٌَ ،وكُلّهٌ غمّ? وََأيّ َبيْ ٍ حتَهُ َ ي َبيْتٍ لَ ْفظُ ُه حُلْوٌ َو َت ْ سمّ? وََأيّ َبيْتٍ َم ْدحُ ُه َذمّ? وََأ ّ ش ْهدُهُ َ َبيْتٍ َ
ط ْردُهُ ي َبيْتٍ َ ت نِصْ ُفهُ َرفْعٌَ ،ورَ ْفعُ ُه صَفْعٌ? وََأ ّ نَ ْقدٌ? وََأيّ َبيْتٍ ِنصْفَ ُه َمدَّ ،و ِنصْفُ ُه رَدّ? وََأيّ َبيْ ٍ
ي َبيْتٍ ُهوَ فِي طَ ْوفٍ صَلَ ُة الخَ ْوفِ? وََأيّ َبيْتٍ َي ْأكُلُ ُه الشّاءُ َمتّى شَاءَ? ع ْكسُ ُه َقدْحٌ? وََأ ّ َمدْحٌ? وَ َ
ستّ َة َأرْطَالٍ? وََأيّ َبيْتٍ حتّى بَلَغَ ِ ضرَاسَ ،وََأيّ َبيْتٍ طَالََ ، ل ْ شمَ ا َ ت ِإذَا َأصَابَ الرّاسَ َه َ وََأيّ َبيْ ٍ
حرَبَ ب َفعَادَ? وََأيّ َبيْتٍ َ ص َفزَادَ? وََأيّ َبيْتٍ كَادَ َيذْهَ ُ قَامَُ ،ثمّ سَ َقطَ َونَامَ? وََأيّ َبيْتٍ َأرَادَ َأنْ َينْقُ ُ
شبَابَ? ل ال ّ ي َبيْتٍ شَابَ ،قَبْ َ ت ال َعذَابَ? وََأ ّ صرَةَ? وََأيّ َبيْتٍ ذَابََ ،تحْ َ ت َفتَحَ ال َب ْ ال ِعرَاقَ? وََأيّ َبيْ ٍ
س َتمَرّ? وََأيّ َبيْتٍ ت ُأمِرَُ ،ثمّ ا ْ ت حَلُّ ،ثمّ اضْ َمحّلَ? وََأيّ َبيْ ٍ وََأيّ َبيْتٍ عَادَ َقبْلَ المِيعَادَ? وَأيّ َبيْ ٍ
ع ْي ِن ِهمْ? وََأيُ َبيْتٍ خرَجَ مِنْ َ ي َبيْتٍ َ ط ِرمّاحِ? وََأ ّ سهْمِ ال ّ ن َ س َبقَ مِ ْ ي َبيْتٍ ا ْ حتّى صَلَحَ? وََأ ّ َأصْلَحََ ،
ضَاقََ ،و َوسِعَ الفَاقَ? وََأيّ َبيْتٍ َرجِعَ ،فَهَاجَ ال َوجَعَ? وََأيّ َبيْتٍ ِنصْ ُفهُ ذَهَبٌَ ،وبَاقِي ِه َذنَبٌ? وََأيّ
ت كُلّهُ جعَلَ فَاعُِلهُ مَ ْفعُولً ،وَعَاقِلُ ُه َمعْقُولً? وََأيّ َبيْ ٍ ي َبيْتٍ َ َبيْتٍ ِب ْعضُهُ ظَلمٌَ ،و َب ْعضُهُ ُمدَامٌ? وََأ ّ
طيَ َرتُ ُه فِي الفَالِ? ت ِ ت َي ْنزِلُ مِنْ عَالٍ? وََأيّ َبيْ ٍ لبِلِ? وََأيّ َبيْ ٍ ن ُهمَا كَ ِقطَارِ ا ِ ح ْرمَةٌ? وََأيّ َب ْي َتيْ ِ ُ
خرُهُ َي ْنهَبُ?. ي َبيْتٍ َأوّلُ ُه َيهِبُ ،وَآ ِ خرُهُ َي ْهرُبُ ،وََأوّلُ ُه َيطْلُبُ? وََأ ّ تآِ وََأيّ َبيْ ٍ
س ْبنَاهُ أَلْفَاظا َقدْ حِ سأَ ْلنَا ُه التّ ْفسِيرَ َف َم َن ْعنَاهَُ ،و َ
سمِ ْعنَاهَُ ،و َن َ شيْئا َلمْ َنكُ ْ س ِم ْعنَا َن ِهشَامٍ :فَ َ قَالَ عِيسَى بْ ُ
ج َت ِهدُوا فِي ل َفسّرَهَا ،وَا ْ خمْسا ُ ن هذِهِ ال َمسَائِلِ َ ختَاروا مِ ْ حتَها ،فَقَالَ :ا ْ ح ُتهُا ،وَل َمعَا ِنيَ َت ْ جُ ّودَ َن ْ
سرَ س َتَأنِفُوا التّلَ ِقيَ ،لُ َف ّ ج ْز ُتمْ فَا ْ عِسمَحُُ ،ثمّ إِنْ َ طرَ ُكمْ َي ْالبَاقِي َأيّامَا ،فََلعَلّ ِإنَا َء ُكمْ َيرْشَحُ ،وََلعَلّ خَا ِ
37
عنْهُ فَقالَُ :هوَ قُوْلُ سأَ ْلنَاهُ َحسُنَ َقطْعُهَُ ،ف َ سمُجَ َوضْعُ ُه َو َ ت اّلذِي َ ختَ ْرنَا ال َبيْ َ
ن ِممّا ا ْ البَا ِقيََ ،وكَا َ
أَبي ُنوَاسٍ:
خرُج ّررُ َأ ْذيَالَ ال ُفسُوقِ وَل َف ْ ُت َ ل شَرّ عِـصَـابَةٍ َف ِبتْنا َيرَانا ا ُ
عشَى: ل الَ ْ ع ْقدٌَ ،وكُلّ ُه نَ ْقدٌ ،فَقَالَ :قُوْ ُ قُ ْلنَا :فَا ْل َبيْتُ اّلذِي حَلّهُ َ
سنّا ِب َتنْقادِهَا
حبِ َ
فَل َت ْ َدرَاهِ ُمنَا كُّلهَا جَـ ّيدٌ
ج ِبهَذا الحَلّ عَنْ َو ْزنِ ِه قُلْنَا :فَا ْل َبيْتُ اّلذِي ِنصْفُ ُه َمدّ، ج ّيدٌ كُّلهَا وَل َيخْرِ ُ ن يُقَالَ َدرَا ِه ُمنَا َ َوحَلّ ُه أَ ْ
َو ِنصْفُ ُه َردّ ،فَقَالَ :قَوْلُ ال َب ْك ِريّ:
س ّتيَن فَ ْلسَـا ص ِ ِينْقُ ُ َأتَاكَ ِديَنارُ صِـ ْدقٍ
َأصْلً َوفَرْعا َونَفْسا ن َأكُ َرمِ النّاسِ ِإلّ مَ ْ
ت اّلذِي َيَأكُلُهُ الشّاءَُ ،متَى شَاءَ ،قالََ :بيْتُ القَائِلِ قُ ْلنَا :فَالْ َبيْ ُ
جذّ النّوَىُ ،قطِعَ النّوَىرََأيْتُ النّوَى َفطّاعَ ًة لَلْ َقرَائِنِ َفمَا لِ ْلنَوى? ُ
ن الرّو ِميّ: ت ابْ ِستّ َة َأرْطالٍ ،قَالََ :بيْ ُ حتّى بَلَغَ ِ ت اّلذِي طَالََ ، قُ ْلنَا فَا ْلبَيْ ُ
س َأ ْمهِلي ل ِلنَفْسيَ :أ ّيهَا النّفْ ُ ن ًي ُمّنهُ َوقَا َ
ِإذَا مَنّ َل ْم َي ْمنٌنْ ِبمَ ٍ
جدْناَ ،و َبعْضَهاج َتهَ ْدنَاَ ،ف َب ْعضَها َو َ ن ِهشَامٍَ :فعَلِ ْمنَا َأنّ ال َمسَائِلََ ،ل ْيسَتْ عَواطِلَ ،وَا ْ قَالَ عِيسَى بْ ُ
ستَ َفدْنا ،فَقُلْتُ عَلى َأ َثرِهِ وَ ُهوَ عَادٍ: اْ
ض َبعْضَا شبَهَ ال َبعْ ُ وََأ ْ س فَضْـلً تَفَاوَتَ النّا ُ
عرْضا عمْقا وَ َ طُولً َو ُ ت كَ َرضْـوَى لَوْلهُ كُن ُ
ال َمقَامَ ُة ال ُملُوكِيّةُ
سرِى جهِي إلى َنحْوِ ال َوطَنَِ ،أ ْ ن ا ْليَمنَِ ،و َت َو ّ
صرَفي مِ َ ت في ُمنْ َ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالَُ :كنْ ُ َ
جبِينُ صبَاحَِ ،و َبرَزَ َ سبُعُ ،فََلمّا ا ْنتَضَى َنصْلُ ال ّ ضبُعُ ،وَل بَارِحَ ِإلّ ال ّ ل ال ّ ت َليْلَ ٍة ل سَانِحَ ِبهَا ِإ ّ ذَا َ
عزَلَِ ،منْ ِمثْلِ ِه إِذا لْ خ َذنِي ِمنْهُ ما يَأخُذُ ا َ ن لي في ا ْل َبرَاحِ ،رَاكِبٌ شَاكي السّلحِ ،فَأ َ صبَاحِ ،عَ ّ ال ِم ُ
ح ِميّةٌ
خ ْرطُ القَتادَِ ،و َ حدَادَِ ،و َ شرْطُ ال ِ ضكَ ل ُأمّ َلكََ ،فدُونِي َ ت فَ َوقَفْتُ َوقُلْتَُ :أ ْر َ َأ ْقبَلَ ،ل ِكنّي َتجَّلدْ ُ
خيْرا ح َببْتَ ،فَقُلْتُ َ : ن َأنْتَ? فَقَالَ :سِلْما َأصَبْتََ ،و َرفِيقا َكمَا َأ ْ ُأ ْز ِديّةٌ ،وََأنَا سِلْمٌ ِإنْ ُكنْتََ ،فمَ ْ
عنْ سأََلنِي َ سكَ ْن َدرِيَّ ،و َ
لْ حاِ ن أَبي ال َفتْ ِ ن َتجَاَليْنَاَ ،أجْلَتِ ال ِقصّةُ عَ ْ
س ْرنَا فََلمّا َتخَاَليْنَاَ ،وحِي َ جبْتََ ،و ِ َأ َ
ك الشّامَِ ،و َمنْ ِبهَا ِمنَ ال ِكرَامَِ ،ومُلُوكَ ال ِعرَاقِ َو َمنْ ِبهَا ن المُلُوكِ ،فَ َذ َكرْتُ مُلُو َ ن لَ َق ْيتُ ُه مِ َ
َأ ْك َرمِ مَ ْ
ح ّد ْثتُهُ،
ت مَا رََأيْتَُ ،و َ صرََ ،فرَ َويْ ُ ك مِ ْ ت ال ّذكْرَ ،إِلَى مُلو ِ لطْرَافَِ ،وسُقْ ُ لشْرافِ ،وَُأ َمرَاءِ ا َ ناَ مِ َ
س ْيفِ الدّوَْلةِ ،فََأنْشأَ يَقُولُ: جمْلَةَِ ،ب ِذكْرِ َ ت ال ُخ َتمْ ُ
ِبعَوا ِرفِ مُلُوكِ ال َيمَنِ ،وََلطَائِفِ مُلُوكَ الطّائِفَِ ،و َ
خطَرَا شمْسَ َلمْ َي ْع ِرفْ َلهَا َ حهَاوَلَ ْو رَأَى ال ّ ل َيمْ َد ُ يَا سَاريا ِب ُنجُومِ الّليْ ِ
خبَرا َووَاصِفا لِ ْلسّوَاقِي َه ْبكَ َلمْ َت ُزرِ ال َبحْرَ ال ُمحِيطَ أََلمْ َت ْع ِرفْ لَ ُه َ
حجَرا َو َمنْ رَأَى خَلَفا لَم َي ْذكُرِ ا ْل َبشَـرا ن َأ ْبصَ َر الدّرّ َل ْم َي ْعدِلْ بِ ِه َ مَ ْ
ظرْ إِلَـيٍ ِه تَـرَى حدٌ وَا ْن ُ
ُزرْهُ َت ُزرْ مَلِكا ُي ْعطِي ِبأَ ْر َبعَةٍَلمْ َيحْوِهَا أَ? َ
38
س ْيبَ ُه َمطَرَا
ع ْزمَهُ َقدَراَ ،و َ
َو َ جهَ ُه َقمَرا،
غرَرا ،وَ َو ْ َأيّامَهُ ُ
قَا َ
ل ع ْندَ ُه َكدَرَا
ظّنهُ ْمصَفْوَ ال ّزمَانِ؛ َفكَانُوا ِ
ح َأقْواما َأ ُ
ت َأ ْمدَ ُ
مَا زِلْ ُ
ظنُونُ? ك الرّ?حِيمُ ال َكرِيمُ? فَقَالََ :ك ْيفَ َيكُونُ ،مَا َلمْ َتبُْلغْهُ ال ّ ن هَذا المَِل ُ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فَقُلْتُ :مَ ْ
ن َب َعثَتْ بِال ّدرَاهِم? وَالذّ?هَبُ، لكَارِمَ ،إِ ّ ك َي ْأنَفُ ا َ
ف َأقْولُ ،مَا َلمْ تَ ْقبَلُ ُه العُقُولُ? َو َمتَى كَانَ مَِل ٌ َو َكيْ َ
ل َفكَ ْيفَ ل ُي َؤّثرُ ل ال ُكحْلِ َقدْ َأضَرّ ِبهِ المِي ُ جبَ ُ سرُ مَا َيهَبُ ،وَال ْلفُ ،ل َي ُعمّ ٌه ِإلّ الخَ ْلفُ ،وَهَذا َ َأ ْي َ
ن الخُ ْلقِ إِلَى س َرفِهَِ ،ومِ َ
ن ال َبذْلِ إِلَى َ ن مَِلكٌ َيرْجعُ مِ َ ن َيكُو َ
جزِيلُ? وَهَلْ َيجُوزُ أَ ْ ذَِلكَ ال َعطَاءُ ال َ
ن ال ّنسْلِ إِلى خَلَ ِفهِ: لصْلِ إِلى سَلَفِهَِ ،ومِ َ ناَ ن المُ ْلكِ إِلى َكنَفِهَِ ،ومِ َن إِلَى كَلَ ِفهِ َومِ َ
شَ َرفِهَِ ،و ِمنَ ال ّديْ ِ
ال َمقَامَةُ ظرُ?!. غ ال ّنجْ ِم َي ْنتَ ِن َهذِي مَآ ِثرُهُماذَا اّلذِي ِببُلُو ِ شعْ ِريَ مَ ْفََليْتَ ِ
صفْرِيّةُ
ال ّ
ع ْندِي َرجُلٌ ِم ُ
ن ى فَقَالَِ : ل إَِليّ َفتَ ً
حجَّ ،دخَ َ ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالََ :لمّا َأ َردْتُ القُفُولَ ِمنَ ال َ َ
سبَ ُة إَِل ْيكَ،
حِْنجَارِ الصّ ْفرَِ ،يدْعُو إِلَى الكُ ْفرَِ ،و َيرْقُصُ عَلى الظّ ْفرَِ ،و َقدْ َأ ّد َبتْ ُه ال ُغرْبَةُ ،وََأ ّد ْتنِي ال ِ
سرّ النّاظِرِينََ ،فإِنْ خطَبَ ِم ْنكَ جَا ِريَةً صَ ْفرَاءَُ ،ت ْعجِبُ الحَاضِرينَُ ،و ُت ِ ل َمثّلَ حَالهُ َل َد ْيكََ ،و َقدْ َُ
خ ْيطَ،سمَاعََ ،فِإذَا طَ َويْتَ هَذا ال ّريْطَ ،و?? َث َنيْتَ هَذا ال َ لْ ب ِمنَهما وََلدٌ َي ُعمّ البِقاعَ وَا َ ح َببْتَ َي ْنجُ َُأ ْ
سبَقكَ إِلى بَل ِدكََ ،فرَ ْأ َيكَ فِي َنشْرِ مَا فِي َي ِدكَ. ن َقدْ َ َيكُو ُ
شأَ يَقُولُ: ج ْبتُهُ فِي مُرادِهِ ،فََأ ْن َ ن إِيرَادِهِ ،وَُلطْفِ ِه فِي سُؤَالِهِ ،وََأ َ جبْتُ مِ ْ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍَ :ف َع ِ
َو َيدُ ال َكرِيمِ َورَ ْأيُهُ أَ?عْلَى .ال َمقَامَةُ السّارِيّةُ خ َدعُ بِال َيدِ السّفْلِـى جدُ ُي ْ
ال َم ْ
ع ْندَ وَاليهاِ ،إذْ َدخَلَ عََليْ ِه فَ َتىً ِبهِ َر ْدعُ صُفَارٍ، ن ِبسَا ِريّةَِ ، ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالََ :ب ْينَا َنحْ ُ َ
عنْ ن َمسْأََلتِي ِإيّاهُ َ شمَ ُة لَ ُه مِ ْ حْ عظَاماَ ،و َم َن َع ْتنِي ال ِ صدْرِ ِه إِ ْ س لَ ُه قِيَاما ،وَُأجْلِسَ فِي َ فَا ْنتَفَضَ ال َمجْلِ ُ
جعَ ْلتَهُ في ال َم ْنسِي?! فَقَالََ :معَاذَ ل ْمسِيَ ،لعَّلكَ َ ثاَ حدِي ِ سمِهِ ،وَا ْبتَدأَ فَقَالَ لِلْوالي :مَا َفعَلْتَ فِي ال َ اْ
ل الدّاخِلُ:يَا هَذا َقدْ جرْحُهُ ،فَقَا َ ش ْرحُهُ ،وَل ُيؤْسى ُ ع ْذرٌ ل ُي ْمكِنُ َ ن بُلُوغِهِ ُ الُ ،وََلكِنْ عَا َقنِي عَ ْ
ش ّبهُكَ فِي سكََ ،فمَا ُأ َ غ َدكَ فِي ِه ِإلّ َكيَ ْو ِمكَ ،وَل يَ ْو َمكَ فِي ِه ِإلّ َكَأ ْم ِ جدُ َ عدِ ،فَمَا َأ ِطَالَ ِمطَالُ َهذَا الوَ ْ
شجَرِ الخِلفٍ ،زَ ْهرُ ُه َيمْلُ ال َعيْنَ ،وَل َث َمرَ فِي ال َبيْنِ. ل ِب َ لفِِ ،إ ّ لخْ َ اِ
س َكنْ َد ِريّ? لْ سكَ الُ! أََلسْتَ ا ِ ح َر َ
طعْتُ عََل ْيهِ ،فَقُلْتَُ : قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فََلمّا بَلَغَ هَذا ال َمكَانَ َق َ
لمِ ،وَأَهْلً ِبضَالّةِ ال ِكرَامَِ ،ل َقدْ ن فِرَاسَتكَ! فَقُلْتُ :مَرحَبا ِبَأمِيرِ الكَ َ حسَ َ س َتكَ ،مَا َأ ْحرَا َفَقَالَ :وََأدَامَ ِ
جدٌ ،وَلَ ِقمَهُ وَ ْهدٌ، ج َت َذبَني َن ْ حتّى ا ْ ص ْب ُتهَاُ ،ثمّ َترَافَ ْقنَا َ
حتّى َأ َ ج ْد ُتهَاَ ،وطََل ْب ُتهَاَ ،حتّى َو َ ش ْد ُتهَا َ
َن َ
غرّبْ ،فَقُلْتُ عَلَى َأ َثرِهِ: شرّقْتُ َو َ ص ّعدِتُ َوصَوّبََ ،و َ َو َ
ل صيتُهْ ضَاقَتْ َيدَاهُ َوطَا َ ن أَخٍشعْريَ عَ ْ يَاَليْتَ ِ
ن َليَْلتَنا َمبِيتهْ
َفأَيْ َ قَ ْد بَاتَ بَا ِرحَةً لَ َديّ
طرِيدُهُ َوبِهِ ُرزِيتُهْ لَ َدرّ َدرّ الفَ ْق ِر فَهْ وَ َ
خََلفِ بْ ِن َأ ْح َمدَ مَ ْن ُيمِيتُهْ الَمَقامَةُ ل سَلّطَنّ عََل ْيهِ مِنْ َ
التّمِيمِيّةُ
ن ِهشَامٍ قَالَ:ح َدثّنا عِيسَى بْ ُ َ
س ْعدُ بْنُ َب ْدرٍ َأخُو َفزَارَةََ ،وقَدْ وُّليَ ال ِوزَارَةَ،
لدِ الشّامِ ،وَ َو َردَهَا َ ن بِ َ ليَاتِ مِ ْ ت َبعْضَ ال ِو َ وُلِي ُ
ض َبنِي َثوَابَةََ ،وقَدْل ال َمظَاِلمَِ ،و َبعْ ُ عمَ ِ
ن سَاِلمٍ ،عَلَى َ ل ال َبرِيدَِ ،وخََلفُ بْ ُ عمَ ِ
ح َمدُ الوَلِيدِ ،عَلَى َ وََأ ْ
حطّ ت ُتحْفَ َة ال ُفضَلءَِ ،و َم َ ن أَهْلِ الشّامَِ ،فصَارَ ْ ل ال ّزمَامِ ،إِلَى َرجُلٍ مِ ْ عمَ ُ
جعِلَ َ وُّليَ ال ِكتَابَةِ َو ُ
ن الحَاضِرِينََ ،وثَقُلُوا عَلَى ن مِ َ
حتّى ا ْمتَلتِ ال ُعيُو ُ حدَِ ، ح ُد َب ْعدَ الوَا ِ ِرحَاِل ِهمْ ،وََلمْ َيزَلْ َي ِردُ الوَا ِ
ت لَ ُه القُلوبُ،القُلُوبَِ ،و َورَدَ ِف ْيمَنْ َو َردَ َأبُو ال ّندَى ال ّتمِيمِيّ ،فَلَمْ َت ِقفْ عََليْ ِه ال ُعيُونُ ،وَل صَفَ ْ
لسْتاذُ صدْرِهَِ ،وقُلْتَُ :ك ْيفَ ُي َرجّى ا ُ ن ال َمجْلِسِ فِي َ حقّ َق ْدرِهِ ،وََأ ْق َعدْتُ ُه مِ ََو َدخَلَ َيوْما إَِليّ فَ َق َد ْرتُهُ َ
سرَانِ وَالخَسارِ، خْ ت ال َيمِينِ َوذَاتَ ال َيسَارِ ،فَقَالََ :ب ْينَ ال ُ ظرَ ذَا َ ع ْمرَهُ? َو َك ْيفَ َيرَى َأمْرَهُ? َفنَ َ ُ
39
سنُونَ،
ن إَِل ّي ِهمْ فَل ُيحْ ِ حسِ ُل ْقبَالُ وَ ُه ْم ُم ْن ِتنُونََ ،و ُي ْ
ش ّمهُم ا ِ
حمَارَِ ،ي ُ ث ال ِوَالذّلّ وَالصّغارِ َوقَ ْومٌ َكرَوْ ِ
ل يَقُولُ:
جعَ َ
غ ْيرُ الرّأْسِ وَالّلبَاسَِ ،و َ ش ِب ُه ُهمْ مِنَ النّاسَِ ، َأمَا وَالِ َل َقدْ َو َردْتُ ِم ْن ُهمْ عَلَى قَ ْومٍ مَا ُي ْ
ك ال ِعبَـادُ وَلِ ْلمَِلكِ ال َكرِيمِ ِب ِ لدُ
ستَانُ البِ َجْ سِ ِف َدىً َلكِ يَا ِ
ُتبَّلغُـنِـيهِ رَاحِـلَةٌ َوزَادُ س ِع ُدنِي وَ َه ْبنِي
ليّامَ ُت ْ
هَبِ ا َ
َوبِال ُع ْمرِ اّلذِي ل ُي ْس َتعَادُ? .ال َمقَامَةُ ت ِمنْهُ ن لِي بِاّلذِي َقدْ مَا َ َفمَ ْ
الخَمْرِيّةُ
صحِيحٌَ ،ف َعدّلْ ُ
ت سجِيحٌَ ،ورَ ْأيٌ َ شبِيبَ ِة خُُلقٌ َ ن ال ّ عنْ ُفوَا ِ
ق ليِ في ُ ن ِهشَامٍ قَالَ:اتّ َف َ ح ّد َثنَا عِيسى بْ ُ َ
جعَلْتُ ال ّن َهَارَ خرِينَ للنّ َفقَةَِ ،و َ خذْتُ ِإخْوانا لِ ْلمِ َقةِ ،وَآ َ جدّي وَ َهزْلِي ،وَا ّت َ ت َبيْنَ ِ عدَلْ ُ
عقْليِ ،وَ َ مِيزَانَ َ
لِلنّاسِ ،وَالّليْلَ لْلكاَسِ.
ج َتمَعَ إَِليّ فِي َبعْضِ َليَاِليّ ِإخْوانُ الخَ ْلوَةِ ،ذَوُو ال َمعَاني الحُلْ َوةَِ ،فمَا زِلْنَا َن َتعَاطَى ُنجُومَ قَالَ :وا ْ
ن الرّاحِ. حتّى نَ َف َد مَا َم ْعنَا مِ ْ ل ْقدَاحَِ ، اَ
ص َدفِ بِل ُدرَّ ،أوْ ت كَال ّ سهَاَ ،وبَ ِقيَ ْ صدِ ال ّدنَانَِ ،فأَسَ ْلنَا نَ ْف َ ج َتمَعَ رَأْيُ ال ّن ْدمَانِ ،عَلَى فَ ْ قَالَ :وا ْ
ال ِمصْرِ بِل حُرّ.
خضَرُ الدّيبَاجِ، ل َأ ْ خمّارَةِ ،وَالّْليْ ُ شطَارَةِ ،إِلَى حَانِ ال َ ع ْتنَا َدوَاعِي ال ّ س ْتنَا حَاُلنَا تِ ْلكَ دَ َ قَالَ :وََلمّا َم ّ
صبْ َوةَِ ،و َتبَادَ ْرنَا إِلَى ش ْيطَانُ ال ّ خنَسَ َ صبْحِ ،فَ َ سبْحَِ ،ثوّبَ ُمنَادِي ال ّ خ ْذنَا فِي ال ّ لمْواجِ ،فََلمّا َأ َ ُم ْغتَِلمُ ا َ
ت مَ ْوزُونَةٍ ،فَِلكُلّ ِبضَاعَةٍ ح َركَا ٍ سكِينَةٍَ ،و َ لمَامِِ ،قيَامِ ال َب َررَةِ ال ِكرَامِِ ،ب َوقَارٍ َو َ الدّعْ َوةَِ ،و ُق ْمنَا َورَا َء ا ِ
حتّى جدّ فِي خَ ْفضِهِ َورَ ْفعِهَِ ،و َيدْعُونَا ِبِإطَاَلتِهِ إِلَى صَ ْفعِهَِ ، سمْتٌ ،وَِإمَا ُمنَا َي ِ صنَاعَ ٍة َ َوقْتٌ ،وَِلكُلّ ِ
صحَابِهِ، جهِهِ عَلى َأ ْ ل بِ َو ْ ن ِمحْرَابِهِ ،وََأقْبَ َ لمِ عَقِي َرتَهُ ،تَ َربّعَ فِي ُركْ ِ ِإذَا رَاجَ َع بَصِي َرتَهَُ ،و َرفَعَ بِالسّ َ
ط فِي سِي َرتِهِ ،وا ْبتُِليَ بِقَاذُو َرتِهِ، ن خَلَ َ س مَ ْ س ِت ْنشَاقَهُُ ،ثمّ قَالََ :أ ّيهَا النّا ُ طرَاقِهَِ ،و ُيدِيمُ ا ْ جعَلَ ُيطِيلُ ِإ ْ َو َ
ض القَ ْومِ، ح أُمّ ال َكبَائِرِ ِمنْ َبعْ ِ جدُ ُم ْنذُ اليَومِ ،رِي َ لِ سنَا َأنْفَاسَهُِ ،إنّي َ ن ُت َنجّ َ
ن أَ ْ سعْهُ دِيماسُهُ ،دُو َ فَ ْل َي َ
ن ُترْفَعََ ،و ِبدَابِرِ ل أَ ْ صرِيعَ الطَاغُوتُِ ،ثمّ ا ْب َت َكرَ إِلَى ه ِذهِ ال ُبيُوتِ ،اّلتِي َأذِنَ ا ُ ن بَاتَ َ جزَاءُ مَ ْ َفمَا َ
لقْ ِفيَةُ،لرْ ِديَةَُ ،و َد ِميَتِ ا َ تاَ حتّى ُمزّقَ ِ عةُ عََل ْينَاَ ، جمَا َ َهؤُلءِ َأنْ يُ ْقطَعْ ،وََأشَارَ إَِل ْينَا ،فَ َتأَّلبَتِ ال َ
ن َب ْي ِن ِهمْ َومَا ِك ْدنَاَ ،وكُّلنَا ُم ْغتَ ِفرٌ لِ ْلسَلمَةِِ ،مثْلَ َهذِ ِه الفَةِ، ع ْدنَا ،وََأفْلَ ْتنَا مِ ْ
س ْمنَا َل ُهمْ ل ُ حتّى َأقْ َ َو َ
سكَ ْن َدرِيّ، لْ حاِ ن ِإمَامِ تِ ْلكَ ال َق ْريَةِ ،فَقَالُوا :ال ّرجُلُ التّ ِقيَّ ،أبُو ال َفتْ ِ صبْيَةِ ،عَ ْ ن ال ّ ن َمرّ ِبنَا مِ َ سأَ ْلنَا مَ ْ
َو َ
س َرعَ فِي أَ ْو َبتِهِ ،وَل ح ْمدُ للِه لَ َقدْ َأ ْ ع ْفرِيتٌ ،وَال َ عمّيتٌ ،وَآمَنَ ِ ن الِ! ُر ّبمَا َأ ْبصَرَ ِ سبْحَا َفَقُ ْلنَاُ :
سكِهِ ،مَعَ مَا ُكنّا َنعَْلمُ مِنْ ِفسْقِهِ. جعَلنَا بَ ِقيّ َة يَ ْو ِمنَا َن ْعجَبُ ِمنْ ُن ْ ل ِمثْلَ تَ ْو َبتِهَِ ،و َ حرَ َمنَا ا ُ َ
ل ال َبهِيمِ، ل ال ّنجُومِ ،في الّْليْ ِ ج ال ّنهَارُ َأوْ كَادََ ،نظَ ْرنَا َفإِذَا بِرَايَاتِ الحَانَاتِ َأ ْمثَا ُ حشْرَ َ قَالَ:وََلمّا َ
جعَ ْلنَاخ ِمهَا كِلباَ ،و َقدْ َ خ ِمهَا بَابا ،وََأضْ َ غرّاءَ ،وَ َوصَ ْلنَا إِلَى َأ ْف َ ش ْرنَا بَِليْلَةٍ َ َفتَهَا َد ْينَا ِبهَا السّرّاءََ ،و َتبَا َ
ظهَا، ت أَ ْلحَا ُ شكْلٍ َودَلَّ ،و ِوشَاحِ ُم ْنحَلِّ ،إذَا قَتَلَ ْ س ِت ْهتَارِ ِلزَاما ،فَ ُد ِفعْنَا إِلَى ذَاتِ َ الدّينَارَ ِإمَاما ،وَال ْ
ن العُلُوجِ ، سرَعَ َمنْ َم َعهَا مِ َ سنَا وََأ ْيدِينَا ،وََأ ْ ت تُ َقبّلُ رُؤُو َ سرَعَ ْ سنَتْ تَلَقّينَا ،وََأ ْ ظهَاَ ،فَأحْ َ ت أَلْفَا ُحيَ ْ َأ ْ
خ ْمرِهَا ،فَقَالَتْ: عنْ َ سأَ ْلنَاهَا َ سرُوجَِ ،و َ حطّ ال ّرحَالِ وَال ّ إِلَى َ
خمْـرٌ كَـرِيقِـي فِـي الــعُـــذُو َبةِ وَالّـلـــذَاذَةِ وَالـــحَـــلوَةْ َ
َكَأ ّنمَا َتذَرُ الحَلِيمَ َومَا عََليْهِ ِلحِ ْل ِمهِ َأ ْدنَى طُلَوَةْ
جدّي. جدَادُ َ خدّيَ ،أ ْ صرَهَا ِمنْ َ ع َت َاْ
سرُورَِ ،ومَا زَالَتْ ب ال ّ
جيْ ِ
خبِيئَةُ َ صدّيَ ،ودِيعَ ُة الدّهُورَِ ،و َ جرِي َو َ ن القَارِِ ،ب ِمثْلِ َه ْ س ْربَلُوها مِ َ َو َ
شعَاعٌ،وَوَ ْهجٌ َلذّاعَُ ،ر ْيحَانَةُ حتّى َلمْ َي ْبقَ ِإلّ َأرَجٌ َو ُ خذُ ِم ْنهَا الّْليْلُ وَال ّنهَارَُ ،خيَارَُ ،و َي ْأ ِ لَْتتَوا َر ْثهَا ا َ
عجُوزُ المَ ْلقِ ،كَالّلهَبِ في ال ُعرُوقَِ ،و َك َب ْردِ ال ّنسِيم فِي شمْسَِ ،فتَا ُة ال َب ْرقَِ ، ضرّةُ ال ّ النّفْسَِ ،و َ
ل ْكمَهُ َفَأ ْبصَرَ،
شرََ ،ودُو ِويَ ا َ ع ّززَ ال َميّتُ فَا ْنتَ َصبَاحُ ال ِفكْرَِ ،و ِت ْريَاقُ سَ ّم الدّهْرِِ ،ب ِمثِْلهَا ُ الحُلُوقِ ،مِ ْ
طرِبُ فِي نَادِيكِ?. قُ ْلنَا :هذِ ِه الضّالّ ُة وََأبِيكِ ،فَمنِ ال ُم ْ
طبْعِ ،طَرِيفَ ال ُمجُونَِ ،مرّ ظرِيفَ ال ّ شيْخا َ شرْبِ ،برِي ِقكِ ال َعذْبِ ،قَالَتِْ :إنّ لِي َ ش ْعشَعُ لِل ّ
وََلعَّلهَا ُت َ
40
ت ال ِغبْطَةَُ ،و َذكَ َر ت الخُ ْلطَةَُ ،و َت َكرّرَ ِ سرّنِي ،فَ َوقَعَ ِ حتّى َ حدِ فِي َديْرِ ال ِم ْر َبدَِ ،فسَا ّرنِي َلَبِي َي ْومَ ا َ
س َيكُونُ ع ْندِيَ ،و َ ظيَ بِهِ ِ حِ طفَ بِهِ ُودّيَ ،و َ عَ شرَفِ قَ ْو ِمهِ فِي َأ ْرضِهِ ،مَا َ عرْضِهَِ ،و َ لِي مِنْ ُوفُورِ ِ
س َكنْ َدرِينَا َأبُو ال َفتْحِ ،فَقُلْتُ :يَا َأبَا
خهَا َفِإذَا هُ َو ِإ ْت ِبشَ ْي ِ
حرْصٌ ،قَالََ :ودَعَ ْ َل ُكمْ بِ ِه ُأنْسٌ ،وَعََل ْيهِ ِ
عنْ ِلسَا ِنكَ اّلذِي يَقُولُ: طقَ َ ال َفتْحِ ،والِ َكَأ ّنمَا َنظَرَ إَِل ْيكََ ،و َن َ
ستِقَامَةْ
ى عَقْلٌ َودِينٌ وَا ْ ن لِي فِيمَـا مَـضَ كَا َ
ل فِقْها بِـحِـجـامَةْ ا ِ ُثمّ َقدْ ِب ْعنَـا بِـحَـمْـدِ
خرَةَ خرَ ِن ْقَالَ :فَ َن َ لمَةْ
نَسأَلُ الَ الـسّـ َ عشْـنَـا قَـلِـيلً وََلئِنْ ِ
حتّى َقهْقَهَ.
حكَ َ ضِ
ال ُم ْعجَبَِ ،وصَاحَ َو َز ْمهَرََ ،و َ
ل ْمثَالُ ?? ُثمّ قَالَ :أَِل ِمثْلِي يُقَالُ ،أَ ْو ِب ِمثْلِي ُتضْرَبُ ا َ
ن الـلّـــ ْومِ وَلَـــكِـــنْ َأيّ َدكّـــاكٍ تَـــرَانِـــــي َدعْ مِـ َ
َأنَـا مَـنْ َيعْـــرِفُـــ ُه كُـــلّ َتهَـــامٍ َويَمـــانِـــــــي
ن كُـــلّ مَـــكَـــانِ ن كُـــلّ غُـــبـــارٍ َأنَـا مِـ ْ َأنَـا مِــ ْ
ت حَانِ خرَى َبيْ َ سَاعَ َة أَلزَ ُم ِمحْرَا با ،وَُأ ْ
ل فِـي هَـــذَا الـــ ّزمَـــانِ قَالَ عِيسَى ُ َو َكذَا يَ ْفعَلُ َمنْ َي ْعقِ
ط ْبنَا َم َعهُ
ن َأ ْمثَالِهشَ ،و ِ
جبْتُ ِل ُقعُودِ ال ّر ْزقِ عَ ْ عِن ِمثْلِ حَالِهِ ،وَ َس َت َعذْتُ بِالِ مِ ْ ن ِهشَامٍ :فَا ْ بْ ُ
عنْهُ.
عنَا ذَِلكََ ،و َرحَ ْلنَا َ
سبُو َ
ُأ ْ
طلَبِيّةُ
ال َمقَامَ َة المَ ْ
ن ِهشَامٍ قَالَ: ح ّدثَنا عِيسَى بْ ُ َ
ضيّةٍ ،وََأخْلقٍ ج َت َمعْتُ َيوْما ِبجَماعَ ٍة َكَأ ّنهُمْ زَ ْهرُ ال ّربِيعَِ ،أوْ ُنجُو ُم الّليْلِ َب ْعدَ َهزِيعٍ ،بِ ُوجُوهٍ ُم ِ اْ
خذْنَا َن َتجَاذَبُ َأ ْذيَالَ لحْوَالَِ ،فَأ َ حسْنِ ا َ سبُوا فِي ال ّزيّ وَالحَالَِ ،و َتشَا َبهُوا في ُ ضيّةٍ ،قَدْ َتنَا َ َر ِ
سبَالِ، ن ال ّرجَالَِ ،محْفُوفُ ال ّ ن َبيْ ِ
طنَا شَابّ َقصِيرٌ مِ ْ سِ ضرَةٍَ ،وفِي َو َ ب ال ُمحَا َ ح َأبْوا َ ال ُمذَاكَرَةَِ ،ونَ ْفتَ ُ
لمُ إِلَى َمدْحِ ال ِغنَى وَأَهِْلهِ، حتّى ا ْن َتهَى ِبنَا الكَ َ ل َي ْنبِسُ ِبحَ ْرفٍ ،وَل َيخُوضُ َمعَنا في َوصْفٍَ ،
حضَ َر َبعْدَ ن رَ ْقدَةٍ ،أَ ْو َ ب مِ ْ َو ِذكْرِ المَالِ َو َفضْلِهِ ،وََأنّهُ زِينَةُ ال ّرجَالَِ ،وغَايَةُ ال َكمَالَ ،ف َكأَ ّنمَا هَ ّ
ص ْرتُمْ عَنْ ع ِد ْم ُتمُوهَُ ،وقَ ّ ن شَيئٍ َ ج ْزتُمْ عَ ْ عَح دِيوَانَهُ ،وََأطَْلقَ ِلسَانَهُ ،فَقَالَ :صَ ْه ل َقدْ َ غ ْيبَةٍَ ،و َفتَ َ َ
ل ُمنَاخُ ل ال ّد ْنيَا ِإ ّعنْ النّائِي بِالدّانِي ،هَ ْ شغِ ْل ُتمْ َعنْ البَاقِي بِالفَانِيَ ،و ُ ع ُتمْ َ خدِ ْج ْن ُتمُوهَُ ،و ُ طََلبِ ِه َفهَ ّ
جعَةٌَ ،و َودِيعَةٌ ُمنْتزَعَةٌ? ُينْقَلُ ِمنْ قَ ْو ٍم إِلَى ل المَالُ ِإلّ عَا ِريَ ٌة مُ ْر َت َ رَاكِبٍَ ،و َتعِلّةُ ذَاهِبٍ? وَهَ ْ
جهّالِ ن ال ُكرَماءِ ،وَال ُ ع ْندَ ال ُبخَلَءُِ ،دوَ َ ل ِإلّ ِ خرِينَ ،هَلْ َترَ ْونَ المَا َ لوَائِلُ لِل ِ خ ُزنُهُ ا َ خرِينََ ،و َت ْ آَ
حدَى ج َه َتيْنِ ،وَل التّ َق ّدمُ ِإلّ ِبِإ ْ حدَى ال ِ ل في ِإ ْ خرُ ِإ ّخدَاعَ فََليْسَ ال َف ْ ن العَُلمَاءِ? ِإيّا ُكمْ وَال ْن ِ دُو َ
س حَامِلُهُ ،وَل َي ْيأَسُ حمَلُ عَلى الرّؤُو ِ شرِيفٌَ ،أوْ عِ ْلمٌ ُمنَيفٌ ،وََأ ْك ِرمْ ِبشَيءٍ ُي ْ س َم َتيْنِِ :إمّا َنسَبٌ َ ال ِق ْ
ع ِرفُ َمطَْلبَيْنِ، ل ّننِي أَ ْلرْضَِ ، غنَى أَهْلِ ا َ صيَانَ ُة النّفْسِ وَال ِعرْضَِ ،ل ُكنْتُ َأ ْ ِمنْ ُه آمِلُهُ ،وَالِ َل ْولَ ِ
خبَايَا البَطارِقَةِ ،فِي ِه مَائَةُ ن َذخَائِرِ ال َعمَالِقَةَِ ،و َ ض طَ ْرسُوسََ ،تشْرَ ُه فِيهِ النّفُوسُ ،مِ ْ حدُ ُهمَا ِبأَرْ ِ َأ َ
ن ُكنُوزِ ل الثّقَلْينِ ،مِ ْ ن سُورَا وَالجَا ِم َعيْنِ ،فِي ِه مَا َي ُعمّ أَهْ َ خرُ َفهْوَ مَا بَي َ أَ ْلفِ ِمثْقالٍ ،وََأمّا ال َ
ج ّمعَةٌ فََلمّا صعَةٌ َو ِب َدرٌ ُم َ ن ُمرَ ّ ح َمرَُ ،و ُدرّ َوجَوْ َهرٌ َوتِيجَا ٌ جبَا ِبرَةَِ ،أ ْكثَرُ ُه يَاقُوتٌ َأ ْ ع َددِ ال َ لكَاسِرَةِ ،وَ ُ اَ
ع ِب َيسِيرِ ال َمكَاسِبِ ،مَ َع َأنّهُ س َت ْعجِز رََأيَهُ ،فِي ال ُقنُو ِ خ ْذنَا َن ْ س ِم ْعنَا ذَِلكَ َأ ْقبَ ْلنَا عََليْهِ َومِ ْلنَا إَِل ْيهِ ،وََأ َ َأنْ َ
لخْوَانِ ،فَقُ ْلنَا ناِ حدٍ مِ َ عَارِفٌ ِب َهذِ ِه ال َمطَالِبَِ ،فَأشَارَ إِلَى َأنّهُ يَ ْف َزعُ ِمنْ السّلْطانِ ،وَل َي ِثقُ إِلى َأ َ
حدَ َه َذيْنِ حسِنَ إَِل ْينَاَ ،و َتمُنّ عََل ْينَاَ ،و ُت َعرّ ْفنَا َأ َ ن ُت ْ ن رََأيْتَ أَ ْ جتُكََ ،و َقبِ ْلنَا َم ْعذِ َر َتكََ ،فإِ ْ حّ س ِم ْعنَا ُ لَهَُ :قدْ َ
ع َرفَ مَا جدَهَُ ،ومَنْ َ شيْئا َو َ ل إَِل ْينَا َيدَهَُ ،وقَالَ :مَنْ َق ّدمَ َ ك الثُّل َثيْنِ؛ فَعَلْتَ ،فَأما َ ال َمطَْل َبيْنِ ،عَلى َأنّ َل َ
لنَا كَفّهَُ ،رفَعَ ق إِلى مَا َذ َكرَ ،فََلمّا مَ ْ حضَرََ ،و َتشَ ّو َ حبَا ُه بِما َ ل المَالَِ ،فكُلّ ِمنّا َ ُينَالُ ،هَانَ عََل ْيهِ َبذْ ُ
عدُ غَدا سكُ َرمَقاَ ،وقَدْ ضَاقَ َو ْق ُتنَا ،وَالمَ ْو ِ ل مَا ُي ْم ِ ن يَ ْقضِيَ عَلَقاَ ،و َننَا ُ إَِل ْينَا طَ ْرفَهَُ ،وقَالَ :ل ُبدّ أَ ْ
هَا ُهنَا ِإنْ شَا َء الُ َتعَالَى.
41
عةُ ،قَ َعدْتُ َب ْعدَ ُهمْ سَاعَةًُ ،ثمّ َت َق ّدمْتُ إَِليْهَِ ،وجََلسْتُ جمَا َ قَالَ عِيسَى ْبنُ ِهشَامٍ :فََلمّا تَ َف ّرقَتْ تِ ْلكَ ال َ
ت نَ ْفسِي إِلَى ُمحَادَ َثتِهَِ :كَأنّنيِ عَا ِرفٌ ِب َنسَ ِبكََ ،و َقدْ غبْتُ في َم ْعرِ َفتِهَِ ،وتَاقَ ْ ن َي َديْهَِ ،وقُلْتُ َو َقدْ رَ ِ
َبيْ َ
غّي َركَ عََليّ ال ّزمَانَُ ،ومَا ت لِي رَفِيقٌ ،فَقُلْتَُ :قدْ َ طرِيقُ ،وََأنْ َ ض ّمنَا َج َت َمعْتُ ِبكَ! فَقَالََ :ن َعمْ َ اْ
شأَ يَقُولُ: شيْطَانَُ ،فأَ ْن َ
ل ال ّ َأ ْنسَانِيكَ ِإ ّ
سخْفِ َمعَانِي ن ال ّ لِي مِ َ جبّـارُ الـزّمَـانِ َأنَا َ
لمَانِي ن كِيسِ ا َ مَالِ مِ ْ وََأنَا ال ُمنْ ِفقُ بَـعْـدَ ال
ع ْزفِ ال َمثَانِي فَ عَلَى َ صفَ وَال َغرْ مَنء َأرَادَ ال َق ْ
ن فُـلَنٍ َوفُـــلَنِ مِ ْ جهْلً وَاصْطَفَى ال ُم ْردَانَ َ
ال َمقَامَ ُة البِشْرِيّة ل تَـرَا ُه فِـي َأمَـانِ ٍ ن مَالٍ وَِإقْـبَـا صَارَ مِ ْ
صعْلُوكا .فَأَغَا َر عَلَى َركْبٍ فِيهِ ُم امْرَأَةٌ عوَانَةُ ال َع ْب ِديّ ُ
شرُ بْنُ َ
ح ّدثَنا عِيسَى بْنُ ِهشَامٍ قَالَ :كَانَ ِب َْ
جمِيلَةٌَ ،ف َتزَوّجَ ِبهَا ،وَقالَ :مَا رََأيْتُ كَا ْليَومِ ،فَقالَتْ:
َ
ض كالّـلـجَـيْنِ عدٌ َأ ْبيَ ُ
َوسَا ِ ع ْينِي
عجَبَ ِبشْرا حَ َورٌ في َ َأ ْ
حجْلَـينِ خمْصَانَ ٌة َترْفُلُ فَي ِ َ ح طَ ْرفِ العَـيْنِ َودُونَ ُه َمسْر َ
شرٌ َب ْي َنهَا َوبَـيْنـي
ضمّ ِب ْ َلوْ َ ن َيمْشِي عَلى ِرجْليَنِ ن مَ ْحسَ َُأ ْ
صبْحُ ِلذِي لسْ َفرَ ال ّ
َ س َز ْينَهَـا بِـزَ ْينِـي وََلوْ يَقِي ُ جرِي وََأطَالَ بَـ ْينِـي َأدَامَ َه ْ
حيْثُ
ن ِب َ
حسْ ِ ي مِنَ ال ُ
طمَةَ ،فَقالَ :أَ ِه َك فَا ِ ع ّم َ ع َنيْتِ? فَقَالَتِْ :بنْتَ َ حكِ مَنْ َ
ل ِبشْرٌَ :و ْي َ ن قَا َ ع ْي َنيْ ِ
َ
َوصَفْتِ? قالَتْ :وََأ ْز َيدُ وََأ ْك َثرَُ ،فَأ ْنشَأ يَقُولُ:
مَا خِ ْل ُتنِي ِم ْنكِ ِبمُـسْـتَـعـيضِ ت الثّـنَـايَا الـبِـيضِ حكِ يَا ذَا ََو ْي َ
جوّا فَاصْفِري َوبِـيِضـي خََلوْتِ َ ن ِإذْ َل ّوحْتِ بِـالـتّـعْـرِيضِ فَال َ
ن الحَضِيضِ فَقَالَتْ: ع ْرضِي مِ َ مَا َل ْم ُأشُلْ ِ ل ضُمّ جَ ْفنَايَ عَلى تَـغْـمِـيضِ َ
عمّ ِهُثمّ َأ ْرسَلَ إِلَى َ عمّ َلحّـا ك ا ْبنَةُ َ وَ ْهيَ إِلْي َ َكمْ خَاطِبٍ فِي َأمْرِهَا أَلحّا
جهُ ا ْب َنتَهُُ ،ثمّ َك ُثرَتْ
حدٍ ِم ْن ُهمْ ِإنْ َلمْ ُيزَ ّو َعىَ عَلى َأ َ ل يُرْ ِ ب ا ْب َنتَهَُ ،و َم َنعَ ُه ال َعمّ ُأ ْم ِن ّيتَهُ ،فَآلى َأ ّ
َيخْطُ ُ
جنُو َنكَ، عنّا َم ْعمّهَِ ،وقَالُواُ :كفّ َ حيّ إِلَى َ ل ال َ ج َتمَعَ ِرجَا َُمضَرّاتُ ُه فِي ِهمْ ،وَاّتصَلَتْ َم َعرّاتُ ُه إَِل ْي ِهمْ؛ فَا ْ
حيَلِ ،فَقَالُواَ :أنْتَ َوذَاكَُ ،ثمّ قَالَ َلهُ حتّى أُهِْلكَ ُه ِب َبعْضِ ال ِ ل تُ ْل ِبسُونشي عَارا ،وََأ ْمهِلُونِي َ فَقَالََ :
ق إَِل ْيهَا أَ ْلفَ نَاقَةٍ َمهْرا ،وَل َأ ْرضَاهَا ِإلّ مِنْ ل ِممّنْ َيسُو ُ ج ا ْب َنتِي َهذِهِ ِإ ّ ن لَ ُأزَوّ َ ت أَ ْ عمّهُِ :إنّي آَليْ ُ َ
لسَدُ؛ لَنّ خزَاعَ َة َفيَ ْفتَ ِرسَ ُه ا َن ُطرِيقَ َب ْينَهُ َو َبيْ َ شرٌ ال ّ ن َيسْلُكَ ِب ْ ن أَ ْض ال َعمّ كَا َ غرَ ُ عةَ ،وَ َ خزَا َ نُوقِ ُ
شجَاعا ،يَقُولُ حيّ ٌة ُتدْعَى ُ سمّى دَاذاَ ،و َ سدٌ ُي َك الطّريقَِ ،وكَانَ فِي ِه َأ َ عنْ ذَل َ ال َعرَبَ َقدْ كَانَتْ َتحَامَتْ َ
ِفيِ ِهمَا قَائِلهُمْ:
لفَاعي سيّدَ ُة ا َ
َفِإ ّنهَا َ سبَـاعِسيّدَ ال ّ ِإنْ ِيكُ دَا ٌذ َ شجَاعٍ ن ُ َأ ْفتَكُ ِمنْ دَاذٍ َومِ ْ
سدََ ،و َقمَصَ ُم ْهرُهُ ،فَ َنزَلَ وَعَ َقرَهُُ ،ث ّم
لَ حتّى لَ ِقيَ ا َك ذَِلكَ الطّرِيقََ ،فمَا َنصَفَ ُه َ
ن ِبشْرا سََل َُثمّ إِ ّ
عمّهِ:
سدِ عَلى قَميصِ ِه إِلَى ا ْبنَةِ َ لَ ب ِبدَمِ ا َ
ع َترَضَهَُ ،وقَطّهُُ ،ثمّ َكتَ َ
لسَدِ ،وَا ْ
سيْفَهُ إِلَى ا َ
خ َت َرطَ َ
اْ
42
َوقَ ْد لَقى ال ِه َزبْ ُر َأخَاكِ ِبشْـرَا ش ِهدْتِ ِب َبطْنِ خَـبْـتٍ طمُ لَ ْو َ َأفَا ِ
ِه َزبْرَا َأغْلَباُ لقـى هِـ َزبْـرَا إِذا لَـرََأيْتِ لَـيْثـا زَارَ لَـيْثـا
ُمحَا َذرَةً ،فَقُلْتُ :عُ ِقرْتَ ُمهْـرَا عنْ ُه ُمهْـرِي َت َب ْهنَسَ ِإذْ تَقاعَسَ َ
ظهْرَات ِم ْنكَ َلرْضَ َأ ْثبَ َ رََأيْتُ ا َ لرْضِ؛ ِإنّـي ظ ْهرَ ا َ ل قَ َد َميّ َ َأنِ ْ
حدّدَةً َو َوجْها مُـكْـفَـهِـراّ ُم َ َوقُلْتُ لَ ُه َوقَدْ َأبْـدَى نِـصـالَ
سطُ للْ ُوثُوبِ عَلـىّ ُأخْـرَى َو َي ْب ُ ُيكَفْـكِـفُ غِـيلَ ًة ِإحْـدَى َي َديْهِ
س ُبهُنّ جَـمْـرَا حَ َوبِالّلحَظاتِ َت ْ ُيدِلّ ِب ِمخْـلَـبٍ َوبِـحَـدّ نَـابٍ
ِب َمضْرِب ِه قِراعُ المْـوتِ ُأثْـرَا حدّ َأبْقَـىي مَاضِي ال َ وَفي ُي ْمنَا َ
غدَا َة لَقِـيتَ عَـمْـرَا ظمَةٍ َ أََلمْ َيبُْل ْغكَ مَا فَعَـلَـتْ ظُـبـاهُ ِبكَا ِ
عرَا ?! َوقَ ْلبِي ِمثْلُ قَ ْل ِبكَ َليْسَ َيخْـشَـى ُمصَاوَل ًة َفكَيفَ َيخَافُ ذَ ْ
لشْـبَـالِ قُـوتـا وََأطْلُبُ ل ْبنَ ِة الَعْمامِ مَـهْـرَا ت َترُومُ ل َ وََأنْ َ
سرَا? س قَ ْ جعَلَ في َي َد ْيكَ النّفْ َ فَفِيمَ َتسُومُ مِـثْـلـي َأنْ ُيوَلّـي َو َي ْ
حمِي كَـانَ مُـرّا ن َل ْ طعَاما؛ إِ ّ َ ح ُتكَ فَا ْل َتمِسْ يا َليْثُ غَـ ْيرِي َنصَ ْ
ت هُـجْـرَا وَخالَ َفنِي َكَأنِي قُلْ ُ ن الغِشّ نُـصْـحِـى ن أَ ّفََلمّا ظَ ّ
ن ِإذْ طَلَبـاهُ وَعْـرَا َمرَاما كا َ ن رَامـا س َديْ َ
ت مِنْ َأ َ شيْ َُمشَى َو َم َ
ت بِ ِه َلدَى الظّلْما ِء فَجْـرَا سَلَلْ ُ حسَامَ َفخِلْتُ َأنّـي ت لَ ُه ال ُ َهزَزْ ُ
ن َك َذ َبتْهُ مَا مَـنّـتْـهُ غَـ ْدرَا ت لَـهُ بِـجَـا ِئشَ ٍة َأ َرتْـهُ ِبأَ ْ جدْ ُ َو ُ
لعِ عَـشْـرَا لضْ َ ناَ ن َيمِـيِنـي فَ َقدّ لَ ُه مِ َ وََأطْلَقْتُ ال َم ّهنَد مِـ ْ
َه َدمْتُ بِ ِه بِناءً مُـشْـمَـخِـرا َفخَرّ مُـجَـ ّدلً بِـ َدمٍ كَـأنـيّ
َوقُلْتُ َلهَُ :يعِـزّ عَـلّـي َأنّـي َقتَلْتُ ُمنَاسِبي جَلَدا َوفَـخْـرَا?
صبْـرَا طقْ ياَليْثُ َ ت شَـيْئا لـمْ َي ُرمْـهُ سِوَاكَ ،فَلمْ ُأ ِ ن رُمْ َ وََلكِ ْ
ن ُتعَلّمـنِـي فِـرَارا! َل َعمْ ُر َأبِيكَ قَدْ حَاوَلْتَ نُـكْـرَا! ل أَ ْ تُحاوِ ُ
ُيحَا ِذرُ َأنْ ُيعَابَ؛ َفمُـتّ حُـرّا ج َزعْ؛ فَ َقدْ لقَـيْتَ حُـرّا فَلَ َت ْ
فَلمّا بََلغَتِ ن حُـرّا ل َقيْتَ ذا طَ َرفَـيْ ِ فَ َقدْ َ ت فَلـيْسَ عَـارا ن َتكُ َقدْ قُتِلْ َ َفإِ ْ
حيّةُ ،فَقَامَ في أَثرِهَِ ،وبََلغَ ُه َوقَدْ ن َت ْغتَالَهُ ال َشيَ أَ ْ خِ جهَاَ ،و َ عمّهُ َن ِدمَ عَلَى ما َم َنعَهُ َتزْوِي َ ل ْبيَاتُ َ اَ
سيْفَهُح ّكمَ َ حيّةِ َو َح ِميّ ُة الجَاهِِليّةِ ،فَجَعلَ َي َدهُ فِي َفمِ ال َ خ َذتْهُ َ عمّ ُه َأ َ حيّةِ ،فَلمّا رَأَى َ مَل َكتَ ُه سَ ْورَ ُة ال َ
فِيهَا ،فَقَالَ:
عمّـهُ َلمّا رآهُ بِال َعرَاءِ َ جدِ َبعِيدٌ َهمّهُ شرٌ إِلَى ال َم ْ ِب ْ
جَاشَتْ ِبهِ جَا ِئشَةٌ َت ُهمّهُ قدْ َثكَِلتْ ُه نَ ْفسُـهُ وَُأمّـهُ
سمّي َونَ ْفسُ ُه نَ ْفسِي َو َ َفغَابَ فِي ِه َيدُهُ َوكُـمّـهُ ل يَ ُؤمّـهُ ن للفَ َ قَامَ إِلَى ابْ ٍ
سمّ ُه
َ
جكَ لزَ ّو َ
ع ْنهُ ،فا ْرجِعْ َ عنَانِي َ طمَعا في َأ ْمرٍ قَدْ َثنَى الُ ِ ض ُتكَ َ
عرّ ْ عمّهُ :إِنيّ َ حيّ َة قَالَ َفََلمّا َقتَلَ ال َ
شقّ ال َق َمرِ على فَ َرسِ ِه ُم َدجّجَا في حتّى طَلَ َع َأمْ َردُ َك ِ جعَلَ بِشرٌ َيمْلُ َفمَ ُه فَخْراَ ، ا ْب َنتِي ،فََلمّا َرجَعَ َ
خرَجَ َفِإذَا ِبغُلمٍ عَلى قَ ْيدٍ ،فَقالََ :ثكَِل ْتكَ ُأ ّمكَ يا صيْدٍَ ،و َ س َسمَعُ حِ ّ عمّ إِني َأ ْشرٌ :يَا َ لحِهِ ،فَقَالَ ِب ْ سِ َ
ك فَقَالَ ِبشْرٌ َمنْ ن سّلمْتَ ع ّم َ ن إِ ْل ماضِ َغ ْيكَ َفخْرا? َأنْتَ في َأمَا ٍ ن َقتَلْتَ دُودَةً َو َبهِيمَ ًة تمَ ُ ِبشْرُ! أَ ْ
ح ْتكَ ،فَقالَ :يَا ِبشْرُ ن سََل َشرٌَ :ثكَِل ْتكَ مَ ْ حمَرُ ،فَقالَ ِب ْ لْتاَ
لسْ َودُ والمَوْ ُ َأنْتَ ل ُأّم لكَ قَالَ ال َي ْومُ ا َ
عشْرُونَ لمَ ِ شرٌ ِمنْهُ ،وَأَم َكنَ الغُ َ حبِهِ ،فََلمْ َيتَمكّنْ ِب ْ حدٍ ِم ْن ُهمَا علَى صَا ِ ن سََلحَ ْتكََ ،و َكرّ كُلّ وَا ِ َومَ ْ
شرُ َكيْفَ عنْ َب َدنِ ِه إبِ ْقاَءً عََليْهُِ ،ثمّ قَالَ :يَا ِب ْ
حمَاهُ َ شبَا السّنانِ َ طعْنَ ًة في كُ ْليَ ِة ِبشْرٍ ،كُّلمَا َمسّهُ َ َ
ب ِبشْراسيْ َفهُ َفضَر َ ستَلّ َ طعَ ْم ُتكَ َأ ْنيَابَ ال ّرمْحِ? ُثمّ أَلْقَى ُر ْمحَ ُه وا ْ ل ْس لَ ْو َأ َردْتُ َ َترَى? أََليْ َ
43
ع ّمكَ وَاذْهَبْ
حدَةٍُ ،ثمّ قَالَ :يَا ِبشْرُ سَّلمْ َ ن ِبشْ ٌر مِنْ وَا ِ سيْفِ ،وََل ْم َي َتمَكّ ْ ض ال ّ ن ضرْب ًة ِبعَرْ ِ عشْري َ
ِ
ن الِ مَا
سبْحَا َ
ن َأنْتَ ،فَقَالََ :أنَا ا ْب ُنكَ ،فقالَ :يَا ُ لمْ ن ِبشَريطَةِ َأنْ َتقُو َ فِي أَمانٍ ،قَالََ :ن َعمْ ،وََلكِ ْ
ع ّمكَ ،فَقالَ
ن المَرْأَ ِة التّي دَّل ْتكَ عَلى ا ْبنَةِ َ
قَارَنْتُ عَ ِقيَلةً َقطّ َفَأنّى لِي َهذِهِ ال ِم ْنحَةُ?? فَقَالََ :أنَا ابْ ُ
شرٌ:
ِب ْ
َوحََلفَ لَ َركِبَ ل الحَـيّةْ! حيّةَ ِإ ّهَلْ تَِل ُد ال َ صيّةْ
ن َهذِ ِه ال ُع َ
تِ ْلكَ ال َعصَا مِ ْ
ع ِمهِ ل ْبنِهِ.
ج حَصَاناُ .ثمّ زَوّجَ ا ْبنَةَ َ
حِصانا ،وَل َتزَوّ َ
وال سبحانه وتعالى أعلى واعلم ،وصلى ال على سيدنا محمد خاتم الرسل وإمام المتقين،
وعلى أله وصحبه وسلم.
وهذا آخر ما تيسر لنا من التعليق على مقامات أبي الفضل بديع الزمان الهمذاني ،وال
المسئول أن يجعله عملً مقبولً ،وأن يحسن جزاءنا عليه ،إنه وحده الذي عنده الجزاء ،والحمد
ل رب العالمين ،وسلم على المرسلين ول عدوان إل على الظالمين.
44