You are on page 1of 262

‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫السيرة النبويةلبن اسحاق‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ ،‬قال‪ :‬نا يونس بن بكي قال‪ :‬كل شيء من حديث ابن إسحق‬
‫مسند‪ ،‬فهو أمله علي‪ ،‬أو قرأه علي‪ ،‬أو حدثن به‪ ،‬وما ل يكن مسندا‪ ،‬فهو قراءة؛ قرئ‬
‫على ابن إسحق‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس‪ ،‬عن ممد بن إسحق‪ ،‬قال بينا عبد الطلب ابن هاشم بن عبد‬
‫مناف نائما ف الجر‪ ،‬عند الكعبة‪ ،‬أتى‪ ،‬فأمر بفر زمزم‪.‬‬
‫ويقال إنا ل تزل دفينا بعد ولية بن إساعيل الكب وجرهم‪ ،‬حت أمر با عبد الطلب‪،‬‬
‫فخرج عبد الطلب إل قريش‪ ،‬فقال‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬إن قد أمرت أن أحفر زمزم‪ ،‬فقالوا‬
‫له‪ :‬أبي لك أين هي? فقال‪ :‬ل‪ ،‬قالوا‪ :‬فارجع إل مضجعك الذي أريت فيه ما أريت‪،‬‬
‫فإن كان حقا من ال عز وجل بي لك‪ ،‬وإن كان من الشيطان ل يعد إليك‪ ،‬فرجع فنام‬
‫ف مضجعه‪ ،‬فأتى فقيل له‪ :‬احفر زمزم‪ ،‬إنك إن حفرتا ل تندم‪ ،‬هي تراث من أبيك‬
‫القدم‪ ،‬ل تنف فيها ناذر لنعم‪ ،‬فهي مياث وعقد مكم‪ ،‬ليست كبعض ما قد يقسم‪،‬‬
‫ينذر فيها ناذر لنعم‪ ،‬فهي مياث وعقد مكم‪ ،‬ليست كبعض ما قد يعلم‪ ،‬وهي بي‬
‫الفرث والدم‪.‬‬
‫فقال حي قيل له ذلك‪ :‬أين هي? فقيل له‪ :‬عند قرية النمل‪ ،‬حيث ينقر الغراب غدا‪ ،‬فغدا‬
‫عبد الطلب ومعه الارث ابنه‪ ،‬ليس له ولد غيه‪ ،‬فوجد قرية النمل‪ ،‬ووجد الغراب ينقر‬
‫عندها‪ ،‬بي الوثني‪ :‬إساف ونائلة‪ ،‬اللذين كانت قريش تنحر عندها‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال ابن أب بكر بن‬
‫حزم‪ ،‬عن عمرة ابنة عبد الرحن بن أسعد بن زرارة‪ ،‬عن عائشة زوج النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أنا قالت‪ :‬ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة رجل وامرأة من جرهم زنيا ف الكعبة‪،‬‬
‫فمسخا حجرين‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ ،‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فجاء عبد الطلب بالعول‪ ،‬فقام ليحفر‪ ،‬فقالت‬
‫له قريش حي رأوا جده‪ :‬وال ل ندعك تفر بي صنمينا هذين اللذين ننحر عندها‪،‬‬
‫فقال عبد الطلب لبنه الارث‪ :‬دعن ‪ -‬أو ذد عن ‪ -‬حت أحفر‪ ،‬فوال لمضي لا أمرت‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫به‪ ،‬فلما رأوا منه الد‪ ،‬خلوا بينه وبي الفر‪ ،‬فكفوا عنه‪ ،‬فلم يكث إل قليلً حت بدا له‬
‫الطوي‪ ،‬فكب‪ ،‬فعرفت قريش أنه قد صدق وأدرك حاجته‪ ،‬فقاموا إليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنا بئر أبينا‬
‫إساعيل‪ ،‬وإن لنا فيها حقا‪ ،‬فأشركنا معك فيها‪.‬‬
‫قال‪ :‬ما أنا بفاعل‪ ،‬وإن هذا لمر قد خصصت به دونكم‪ ،‬وأعطيته من بينكم‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫فأنصفنا‪ ،‬فإنا غي تاركيك حت ناصمك فيهان قال‪ :‬فاجعلوا بين وبينكم من شئتم‬
‫أخاصمكم إليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬كاهنة بن سعد بن هذي‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬وكانت بأشرف الشام‪.‬‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ ،‬قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن أب حبيب‬
‫الصري عن مرثد بن عبد ال اليزن عن عبد ال بن زرير الغافقي قال‪ :‬سعت علي بن أب‬
‫طالب‪ ،‬وهو يدث حديث زمزم فقال‪ :‬بينا عبد الطلب نائم ف الجر‪ ،‬أتى‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫احفر برة‪ ،‬فقال‪ :‬وما برة? ث ذهب عنه‪ ،‬حت إذا كان الغد نام ف مضجعه ذلك‪ ،‬فأتى‪،‬‬
‫فقيل له‪ :‬احفر الضنونة‪ ،‬فقال‪ :‬وما الضنونة? ث ذهب عنه‪ ،‬حت إذا كان الغد عاد فنام ف‬
‫مضجعه‪ ،‬فأتى‪ ،‬فقيل له‪ :‬احفر طيبة‪ ،‬فقال‪ :‬وما طيبة? ث ذهب عنه‪ ،‬فلما كان الغد عاد‬
‫لضجعه فنام فيه‪ ،‬فأتى فقيل له‪ :‬احفر زمزم‪ ،‬فقال‪ :‬وما زمزم? فقال‪ :‬ل تنف ول تذم‪،‬‬
‫ث نعت له موضعها‪.‬‬
‫فقام فحفر حيث نعت‪ ،‬فقالت له قريش‪ :‬ما هذا يا عبد الطلب? فقال‪ :‬أمرت بفر زمزم‪،‬‬
‫فلما كشف عنه‪ ،‬وأبصروا الطوي‪ ،‬قالوا‪ :‬يا عبد الطلب إن لنا لقا فيها معك‪ ،‬إنا لبئر‬
‫أبينا إساعيل‪ ،‬فقال‪ :‬ما هي لكم‪ ،‬لقد خصصت با دونكم‪ ،‬قالوا‪ :‬فحكمنا‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬بيننا وبينك كاهنة بن سعد بن هذي‪ ،‬وكانت بأشرف الشام‪.‬‬
‫فركب عبد الطلب ف نفر من بن أبيه‪ ،‬وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر‪ ،‬وكانت‬
‫الرض إذ ذاك مفاوز فيما بي الشام والجاز‪ ،‬حت إذا كانوا بفازة من تلك البلد‪ ،‬فن‬
‫ماء عبد الطلب وأصحابه حت أيقنوا اللكة‪ ،‬فاستسقوا القوم‪ ،‬قالوا ما نستطيع أن‬
‫نسقيكم‪ ،‬وإنا لنخاف مثل الذي أصابكم‪ ،‬فقال عبد الطلب لصحابه‪ :‬ماذا ترون? قالوا‪:‬‬
‫ما رأينا إل تبع لرأيك‪ ،‬قال‪ :‬فإن أرى أن يفر كل رجل منكم حفرته با بقي من قوته‪،‬‬
‫فكلما مات رجل منكم‪ ،‬دفعه أصحابه ف حفرته‪ ،‬حت يكون آخركم يدفعه صاحبه‪،‬‬
‫فضيعه رجل أهون من ضيعة جيعكم‪ ،‬ففعلوا‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ث قال‪ :‬وال إن إلقاءنا بأيدينا للموت‪ ،‬ل نضرب ف الرض ونبتغي‪ ،‬عجز‪ .‬فقال‬
‫لصحابه‪ :‬ارتلوا‪ ،‬فارتلوا‪ ،‬وارتل‪ ،‬فلما جلس على ناقته‪ ،‬وانبعث به‪ ،‬انفجرت عي من‬
‫تت خفها باء عذب‪ ،‬فأناخ وأناخ أصحابه‪ ،‬فشربوا‪ ،‬واستقوا وسقوا‪ ،‬ث دعوا أصحابم‪:‬‬
‫هلموا إل الاء‪ ،‬فقد سقانا ال عز وجل‪ ،‬فجاؤوا فاستقوا وسقوا‪ ،‬ث قالوا‪ :‬يا عبد الطل‪،‬‬
‫قد وال قضى لك‪ ،‬إن الذي سقاك هذا الاء بذه الفلة‪ ،‬لو الذي سقاك زمزم‪ ،‬انطلق‪،‬‬
‫فهي لك‪ ،‬فما نن بخاصميك‪.‬‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬فانصرفوا ومضى عبد‬
‫الطلب فحفر‪ ،‬فلما تادى به الفر‪ ،‬وجد غزالي من ذهب‪ ،‬وها الغزالن اللذان كانت‬
‫جرهم دفنت حي أحرجت من مكة‪ ،‬وهي بئر إساعيل بن إبراهيم‪ ،‬الت سقاه ال عز‬
‫وجل حي ظمئ‪ ،‬وهو صغي‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن إسحق‪ ،‬تقال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب نيع‪ ،‬عن ماهد‪ ،‬قال‪ :‬ما‬
‫زلنا نسمع أن زمزم هزة جبيل بعقبه لساعيل حي ظمئ‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن سعيد بن ميسرة البكري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أنس بن مالك أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬لا طردت هاجر أم إساعيل القبطية سارة‪ ،‬ووضعها إبراهيم‬
‫بكة‪ ،‬عطشت هاجر‪ ،‬فنل عليها جبيل‪ ،‬فقال لا‪ :‬من أنت? فقالت‪ :‬هذا ولد إبراهيم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أعطشانة أنت? قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فبحث بناحه الرض‪ ،‬فخرج الاء‪ ،‬فأكبت عليه هاجر‬
‫تشربه‪ ،‬فلول ذلك لكانت أنارا جارية‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬حدثنا يونس‪ ،‬عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬فلما حفر عبد الطلب زمزم‪ ،‬ودله ال عز‬
‫وجل عليها‪ ،‬وخصه با‪ ،‬زاده ال عز وجل شرفا وخطرا ف قومه‪ ،‬وعطلت كل سقاية‬
‫كانت بكة حي ظهرت‪ ،‬فأقبل الناس عليها التماس بركتها ومعرفة فضلها‪ ،‬لكانا من‬
‫البيت‪ ،‬وأنا سقيا ال عز وجل اساعيل‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا يونس عن طلحة بن يي‪ ،‬عن عائشة بنت طلحة زوج النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أنا قالت‪ :‬ماء زمزم طعام طعم‪ ،‬وشفاء سقم‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬ثنا يونس‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬ووجد عبد الطلب أسيافا مع الغزالي‪،‬‬
‫فقالت قريش‪ :‬لنا معك يا عبد الطلب ف هذا شرك وحق‪ ،‬فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن هلموا إل أمر‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نصف بين وبينكم‪ ،‬نضرب عليها بالقداح‪ ،‬فقالوا ‪:‬فكيف تصنع? قال‪ :‬أجعل للكعبة‬
‫قدحي‪ ،‬ولكم قدحي‪ ،‬ول قدحي‪ ،‬فمن خرج له شيء كان له‪ ،‬فقالوا‪ :‬قد أنصفت‪،‬‬
‫وقد رضينا‪ ،‬فجعل قدحي أصفرين للكعبة‪ ،‬وقدحي أسودين لعبد الطلب‪ ،‬وقدحي‬
‫أبيضي لقريش‪ ،‬ث أعطوها الذي يضرب بالقداح‪ ،‬وقام عبد الطلب يدعو ال و يقول‪:‬‬
‫اللهم أنت اللك الحمـود‬
‫ومسك الراسية اللمـود‬ ‫رب وأنت البدىء العيد‬
‫من عندك الطارف و التليد إن شئت ألمت مـا تـريد‬
‫فبي الـيوم لـمـا تـريد‬ ‫لوضع اللية و الـديد‬
‫أجعله رب فـل أعـود‬ ‫إن نذرت عاهد العهـود‬

‫وضرب صاحب القداح‪ ،‬فخرج الصفران على الغزالي للكعبة‪ ،‬فضربما عبد الطلب ف‬
‫باب الكعبة‪ ،‬فكانا أول ذهب حليته‪ ،‬وخرج السودان على السيوف والدرع لعبد‬
‫الطلب فأخذها‪.‬‬
‫وكانت قريش ومن سواهم من العرب إذا اجتهدوا ف الدعاء‪ ،‬سجعوا وألفوا الكلم‪،‬‬
‫وكانت فيما يزعمون قلما ترد إذا دعا با داع‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب نيح‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن عبيد بن عمي عن عبد ال بن خريت ‪ -‬وكان قد أدرك الاهلية ‪ -‬قال‪ :‬ل يكن‬
‫من قريش فخذ إل ولم ناد معلوم ف السجد‪ ،‬إذ أقبل إلم‪ ،‬فدخل من باب السجد‬
‫مسرعا حت تعلق بأستار الكعبة‪ ،‬فجاء بعده شيخ يريده‪ ،‬حت انتهى إليه‪ ،‬فلما ذهب‬
‫ليتناوله يبست يداه‪ ،‬فقلنا ما أخلق هذا أن يكون من بن بكر‪ ،‬فتحقبناه العرب مع ما‬
‫تدث به عنا‪ ،‬فقمنا إليه‪ ،‬فقلنا‪ :‬من أنت? فقال‪ :‬من بن بكر‪ ،‬فقلنا‪ :‬ل مرحبا بك‪ ،‬مالك‬
‫ولذا اللم? فقال اللم‪ :‬ل وال‪ ،‬إل أن أب مات ونن صبيان صغار‪ ،‬وأمنا مؤتة ل‬
‫أحد لا‪ ،‬فعاذت بذا البيت‪ ،‬فنقلتنا إليه وأوصت فقالت‪ :‬إن ذهبت وبقيتم بعدي فظلم‬
‫أحد منكم‪ ،‬أو ركب بكم أمر‪ ،‬فمن رأى هذا البيت فليأته فيتعوذ به فإنه سنعه‪ ،‬وإن هذا‬
‫أخذن واستخدمن سني‪ ،‬واسترعان إبله‪ ،‬فجلب من إبله قطيعا‪ ،‬فجاء ب معه‪ ،‬فلما‬

‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رأيت البيت ذكرت وصاة أمي‪ ،‬فقلنا‪ :‬قد وال أرى منعك‪ ،‬فانطلقنا بالرجل‪ ،‬وإن يديه‬
‫لثل العصوين قد يبستا‪ ،‬فأحقبناه على بعي من إبله‪ ،‬وشددناه بالبال‪ ،‬ووجهنا إبله‪،‬‬
‫وقلنا‪ :‬انطلق لعنك ال‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد الرحن بن القاسم عن أبيه‬
‫القاسم بن ممد عن أب بكر أنه قال‪ :‬كنت امرءا تاجرا‪ ،‬فسلكت ثنيه ف سفر ل‪ ،‬فإذا‬
‫هو نيش قد أنيبته حيه أصابته‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد ال هل أنت مبلغي إل أهلي ها هنا‪ ،‬تت‬
‫هذه الثنية? فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فاحتملته على بعيي‪ ،‬فأتيت به على أهله‪ ،‬فقال ل رجل من‬
‫القوم‪ :‬يا عبد ال من أنت? فقلت‪ :‬رجل من قريش‪ ،‬فقال‪ :‬وال إن لظنك مصنوعا لك‪،‬‬
‫وال ما كان لص أعدى منه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأضلن ناقة ل قد كنت أعلفها العجي‪ ،‬فلما أيست منها‪ ،‬اضطجعت عند رحلي‪،‬‬
‫وتقنعت بثوب‪ ،‬فوال ما أهبن إل حس مشفرها ترك به قدمي‪ ،‬فقمت إليها‪ ،‬فركبتها‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬حدثن من سع عكرمة يذكر عن ابن‬
‫عباس قالك بينا أنا جالس عند عمر بن الطاب‪ ،‬وهو يعرض الناس على ديوانم‪ ،‬إذ مر‬
‫شيخ كبي أعمى ييد? قائده جبذا شديدا‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ما رأيت كاليوم منظرا أسوأ‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقال له رجل‪ :‬يا أمي الؤمني هذا ابن صبغاء البهزي‪ ،‬ث السلمي‪ ،‬بيك بريق‪ ،‬فقال‬
‫عمر‪ :‬قد أعلم أن بريقا لقب‪ ،‬فما اسم الرجل? قالوا‪ :‬عياض‪ ،‬قال عمر‪ :‬ادعوا ل عياضا‪،‬‬
‫فدعى‪ ،‬فقال‪ :‬أخبن خبك وخب بن صبغاء ‪ -‬وكانوا عشرة نفر ‪. -‬‬
‫فقال عياض‪ :‬شيء كان ف الاهلية قد جا ال بالسلم‪ ،‬فقال عمر‪ :‬اللهم غفرا‪ ،‬ما كنا‬
‫أحرانا نتحدث عن أمر الاهلية منا حي هدانا ال عز وجل للسلم‪ ،‬وأنعم علينا به!‬
‫فقال‪ :‬يا أمي الؤمني كنت امرءا قد نفان أهلي‪ ،‬وكان بنو صبغاء عشرة‪ ،‬وكانت بين‬
‫وبينهم قرابة وجوار‪ ،‬فتنقصون ما ب وتذللون‪ ،‬فسألتهم بال والرحم والوار إل ما كفوا‬
‫عن‪ ،‬فلم يفعلوا‪ ،‬ول ينعن ذلك منهم‪ ،‬فأمهلتهم حت دخل الشهر الرام‪ ،‬ث رفعت يدي‬
‫إل ال عز وجل فقلت‪:‬‬
‫اللهم أدعوك دعاء جـاهـدا اقتل بن الصبغاء إل واحدا‬
‫ث اضرب الرجل فذره قاعدا أعمى إذا ما قيد عن القائدا‬

‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فتتابع منهم تسعة ف عام واحد‪ ،‬وضرب ال عز وجل هذا‪ ،‬وأعمى بصره‪ ،‬فقائده يلقي‬
‫منه ما رأيت‪ ،‬فقال عمر‪ :‬إن هذا لعجب‪.‬‬
‫فقال رجل من القوم‪ :‬يا أمي الؤمني شأن أب تقاصف الناعي‪ ،‬ث الذل‪ ،‬وأخوته‬
‫أعجب من هذا‪ ،‬فقال عمر‪ :‬وكيف كان شأن أب تقاصف وأخواته? فقال‪ :‬كان جار هو‬
‫منهم بنلة عياض من بن صبغاء‪ ،‬فتنقصوه وتذللوه‪ ،‬فذكرهم ال والرحم والوار‪ ،‬فلم‬
‫يعطفهم ذلك عليه‪ ،‬فأمهلهم حت إذا دخل الشهر الرام‪ ،‬رفع يديه ث قال‪:‬‬
‫اللهم رب كل آمن وخـائف وسامع هتاف كل هاتـف‬
‫ان الناعي أبا تقـاصـف ل يعطن الق ول يناصف‬
‫فاجع له الحبة اللطـف بي قران ث والتـواصـف‬
‫قال فنلوا ف قليب لم يفرونه حيث وصف‪ ،‬فتهور عليهم‪ ،‬فإنه لقبهم إل يومهم هذا‪.‬‬
‫فقال رجل من القوم‪ :‬شأن بن مؤمل من بن نصر أعجب من هذا‪ ،‬كان بطن من بن‬
‫مؤمل‪ ،‬وكان لم ابن عم قد استول على أموال بطن منهم وراثة فألأ نفسه وماله إل‬
‫ذلك البطن‪ ،‬فتنقصوا ماله وتذللوه وتضعفوه‪ ،‬فقال‪ :‬يا بن مؤمل‪ ،‬إن قد ألأت نفسي‬
‫ومال إليكم لتمنعون وتكفوا عن‪ ،‬فقطعتم رحي‪ ،‬وأكلتم مال وتذللتمون‪ ،‬فقام رجل‬
‫منهم يقال له رياح‪ ،‬فقال‪ :‬يا بن مؤمل صدق‪ ،‬فاتقوا ال فيه وكفوا عنه‪ ،‬فلم ينعهم ذلك‬
‫منه‪ ،‬ول يكفوا عنه‪ ،‬فأمهلهم حت إذا دخل الشهر الرام وخرجوا عمارا‪ ،‬رفع يديه فقال‪:‬‬
‫اللهم زلم عن بن مـؤمـل وارم على أقفائهم بنـكـل‬
‫إل رياحا إنـه لـم يفـعـل‬ ‫بصخرة أو بعض جيش جحفل‬
‫فخرجوا حت إذا كانوا ببعض الطريق نزلوا إل جبل فأرسل ال عز وجل من رأس البل‬
‫صخرة تر ما مرت به من حجر أو شجر‪ ،‬حت دكتهم به دكة واحدة‪ ،‬إل رياحا وأهل‬
‫خبائه‪ ،‬لنه ل يفعل‪.‬‬
‫فقال عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ :‬إن هذا للعجب‪ ،‬ل ترون هذا كان? فقالوا‪ :‬يا أمي‬
‫الؤمني أنت أعلم‪ ،‬فقال‪ :‬أما ان قد علمت ذاك‪ ،‬كان الناس أهل الاهلية ل يعرفون ربا‬
‫ول بعثا‪ ،‬ول قيامة ول جنة ول نارا‪ ،‬فكان ال عز وجل يستجيب لبعضهم على بعض‪،‬‬
‫للمظلوم على الظال‪ ،‬ليكف بذلك بعضهم عن بعض‪ ،‬فلما بعث ال عز وجل هذا‬

‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الرسول‪ ،‬وعرفوا ال عز وجل والبعث والقيامة‪ ،‬والنة والنار‪ ،‬وقال ال عز وجل‪ :‬بل‬
‫الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر فكانت الدد والملء‪.‬‬
‫نذر عبد الطلب‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان عبد الطلب‬
‫بن هاشم فيما يذكرون‪ ،‬قد نذر حي لقي من قريش ‪ -‬عند حفر زمزم ‪ -‬ما لقي‪ :‬لئن‬
‫ولد له عشرة نفر‪ ،‬ث بلغوا معه حت ينعوه‪ ،‬لينحرن أحدهم ل عز وجل عند الكعبة‪ ،‬فلما‬
‫تواف بنوه عشرة‪ :‬الارث‪ ،‬والزبي‪ ،‬وحجل‪ ،‬وضرار‪ ،‬والقوم‪ ،‬وأبو لب‪ ،‬والعباس‪،‬‬
‫وحزة‪ ،‬وأبو طالب‪ ،‬وعبد ال‪ ،‬وعرف أنم سيمنعونه‪ ،‬جعهم ث أخبهم بنذره الذي‬
‫نذر‪ ،‬ودعاهم إل الوفاء ل بذلك‪ ،‬فأطاعوا له‪ ،‬وقالوا له‪ :‬كيف تصنع? فقال‪ :‬يأخذ كل‬
‫رجل منكم قدحا‪ ،‬فيكتب فيه اسه‪ ،‬ث تأتون‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬ث أتوه‪ ،‬فدخل كل رجل منكم‬
‫قدحا‪ ،‬فيكتب فيه اسه‪ ،‬ث تأتون‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬ث أتوه‪ ،‬فدخل بم على هبل ف جوف الكعبة‪،‬‬
‫وكان هبل عظيم أصنام قريش بطة‪ ،‬وكان على بئر ف جوف الكعبة‪ ،‬وكانت تلك البئر‬
‫الت يمع فيها ما يهدي للكعبة‪ ،‬وكان عند هبل سبعة أقداح‪ ،‬ف لك قدح منها كتاب‪،‬‬
‫قدح فيه العقل‪ ،‬إذا اختلفوا ف العقل من يمله منهم ضربوا بالقداح السبعة‪ ،‬فعلى من‬
‫خرج حله‪ ،‬وفيها قدح الغفل‪ ،‬وقدح فيه نعم للمر إذا أرادوه ضرب به ف القداح‪ ،‬فإن‬
‫خرج قدح نعم‪ ،‬عملوا به‪ ،‬وقدح فيه ل‪ ،‬فإذا أرادوا أمرا ضربوا به ف القداح‪ ،‬فإذا خرج‬
‫ذلك القدح‪ ،‬ل يفعلوا ذلك المر‪ ،‬وقدح فيه منكم وقدح فيه من غيكم وقدح فيه‬
‫ملصق وقدح فيه الياه فإذا ارادوا أن يفروا للماء ضربوا بالقداح‪ ،‬وفيها ذلك‪ ،‬فحيثما‬
‫خرج عملوا به‪ ،‬وكانوا إذا ارادوا أن يتنوا إلما‪ ،‬أو ينكحوا منكحا‪ ،‬أو يدفنوا ميتا‪ ،‬أو‬
‫شكوا ف نسب أحد منهم‪ ،‬ذهبوا به إل هبل‪ ،‬وذهبوا معهم بزور ومائة درهم إل‬
‫صاحبه صاحب القداح الت يضرب با‪ ،‬فأعطوها إياه‪ ،‬ث قربوا صاحبهم الذي يريدون به‬
‫ما يريدون‪ ،‬وقالوا‪ :‬اضرب‪ ،‬اللهم أخرج على يديه اليوم الق‪ ،‬ث استقبلوا هبل‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫إلنا‪ ،‬هذا فلن بن فلن كما زعم أهله‪ ،‬يريدن كذا وكذا‪ ،‬فإن كان كذلك فأخرج فيه‬
‫الغفل‪ ،‬أو نعم أو منكم واقبل هديته فإن خرج من هؤلء الثلثة كتب ف قومه وسيطا‪،‬‬
‫وإن خرج عليه من غيكم كان حليفا‪ ،‬وإن خرج عليه ملصق كانت منلته فيهم ل‬

‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نسب ول حلف‪ ،‬وإن خرج فيه شيء ما سوى هذا ما يعملون به نعم عملوا به‪ ،‬وإن‬
‫خرج ل أخروه عامه ذلك حت يأتوا به مرة أخرى‪ ،‬ينتهون من أمورهم إل ذلك ما‬
‫خرجت به القداح‪.‬‬
‫فقال عبد الطلب‪ :‬اضرب على بن هؤلء بقداحهم هذه‪ ،‬وأخبه بنذرن‪ ،‬وأعطاه كل‬
‫رجل منهم قدحه الذي فيه اسه‪ ،‬وكان عبد ال بن عبد الطلب‪ ،‬أبو رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أصغر بن أبيه‪ ،‬كان هو والزبي وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائد بن‬
‫عبد ال بن عمران بن مزوم‪ ،‬وكان ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬أحب ولد عبد الطلب إليه‪،‬‬
‫وكان عبد الطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى‪ ،‬فلما أخذ صاحب القداح‬
‫القداح ليضرب با‪ ،‬قام عبد الطلب عند هبل يدعو ويقول‪:‬‬
‫اللهم ل يرج عليه القدح إن أخاف أن يكون قدح‬
‫إن كان صاحب للـذبـح إن اراه اليوم خي قـدح‬
‫حت يكون صاحب للمنح يغن عن اليوم كل سرح‬
‫فخرج القدح على عبد ال‪ ،‬فاخذ عبد الطلب بيده‪ ،‬وأخذ الشفرة‪ ،‬ث أقبل به إل إساف‬
‫ونائلة‪ ،‬الوثني اللذين تنحر عندها قريش ذبائحها‪ ،‬ليذبه‪ ،‬فقامت إليه قريش من أنديتها‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬ماذا تريد يا عبد الطلب? فقال‪ :‬أذبه‪ ،‬وأنشأ يقول‪:‬‬
‫عاهدت رب وأنا موف عهده أيام أحفـر وبـنـي وحـده‬
‫وال ل أحد شـيئا حـمـده كيف أعاديه وأنـا عـبـده‬
‫إن أخاف إن أخرت وعـده أن أضل إن تركت عـهـده‬
‫ما كنت أخشى أن يكون وحده مثل الذي لقيت يوما عنـده‬
‫أوجع قلب عند حفـري رده وال رب ل أعيش بـعـده‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ذكروا أن العباس بن عبد الطلب اجتره‬
‫من تت رجل أبيه حت خدش وجه عبد ال خدشا‪ ،‬ل يزل ف وجهه حت مات‪.‬‬
‫قال ابن إسحق‪ :‬فقالت قريش وبنوه‪ :‬وال ل تذبه أبدا ونن أحياء حت نعذر فيه‪ ،‬لئن‬
‫فعلت هذا ل يزال رجل يأت بابنه تت يذبه‪ ،‬فما بقاء الناس على ذلك‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قال ابن إسحق‪ :‬وقال الغية بن عبد ال بن عمرو بن مزوم ‪ -‬وكان عبد ال بن عبد‬
‫الطلب بن أخت القوم ‪ : -‬وال ل تذبه أبدا حت نعذر فيه‪ ،‬فإن كان فداء‪ ،‬فديناه‬
‫بأموالنا‪ ،‬وقال فيما يزعمون ف ذلك شعرا حي أجع عبد الطلب ف ذبح عبد ال ب‬
‫أجع‪:‬‬
‫واعجبن من قتل عبد الـطـلـب وذبه خرقا كتمـثـال الـذهـب‬
‫يا شيب ل تعجل علينا بالـعـجـب فما ابننا بشرط القـوم الـنـجـب‬
‫ول ابنكم بالستذل الـغـتـصـب نفاديه بالال حـتـى نـحـتـرب‬
‫فسوف أفديه بالـي والـسـلـب وسوف ألقى دونه من الغـضـب‬
‫أشوس آباء قبيحـات الـحـطـب ما ذبح عبد ال فينا بـالـلـعـب‬
‫ذبا كما مـعـتـور الـنـصـب كل ورب البيت مستور الـجـب‬
‫ضربا يزيل الام من بعد الغضـب‬ ‫ل يعجل الذبوح حت نضـطـرب‬
‫بكل مصقول رقـيق ذي شـطـب كالبق أو كالنار ف الثوب العطب‬
‫قال أبو عمر‪ :‬ويقال‪ :‬القطب والعطب‪ ،‬القطن‪.‬‬
‫قال ابن إسحق‪ :‬وقد قال أبو طالب حي أراد عبد الطلب ذبح عبد ال ‪ -‬وكان ابن أمه‬
‫‪ -‬وحي قال الغية بن عبد ال بن عمرو بن مزوم ما قال‪:‬‬
‫كل ورب البيت ذي النصاب ورب ما أضى من الركـاب‬
‫كل قريب الدار أو منـتـاب يزور بيت ال ذا الـجـاب‬
‫ما قتل عبد ال بـالـلـعـاب من بي وهط عصبة شبـاب‬
‫ابن نساء سـطة النـسـاب أغر بي البيض من كـلب‬
‫أهل الياد القب والقـبـاب‬ ‫وبي مزوم ذوي الحسـاب‬
‫لستم علـى ذلـك بـالذنـاب حت تذوقوا حس الضـراب‬
‫بكل عضب ذائب الـلـعـاب ذي رونق ف الكف كالشهاب‬
‫إن ل يعجل أجل الـكـتـاب‬ ‫تلقاه ف القـران ذا أنـداب‬
‫يا شيب إن الور ذو عقـاب‬ ‫قلت وما قول بالـمـعـاب‬
‫أخوال صدق كأسود الغـاب‬ ‫إن لنا إن جرت ف الطـاب‬

‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حت يص القاع ذو التـراب‬ ‫لن يسلموه الدهر لـلـعـذاب‬
‫دماء قوم حـرم السـلب‬

‫فقال عبد الطلب عند ذلك‪:‬‬


‫أخاف رب إن عصيت أمره‬ ‫ال رب وأنا مـوف نـذره‬
‫فهو وليي وإليه عـمـره‬ ‫وال ل يقدر شـيء قـدره‬
‫فإن تؤخره وتقبـل عـذره‬ ‫هذا بن قد أردت نـحـره‬
‫وتصرف الوت فل يضره‬ ‫وتصرف الوت له وحذره‬
‫سواك رب ويكـن قـره‬ ‫من جهد إنسان ول تـعـره‬
‫أعطيته رب فل تـعـره‬ ‫لكل عي ناظـر تـسـره‬
‫لزن يوعنـي مـسـره‬
‫فقالت له قريش وبنوه ل تفعل وانطلق إل الجاز فإن به عرافة يقال لا ناح‪ ،‬لا تابع‬
‫فسلها‪ ،‬ث أنت على رأس أمرك‪ ،‬فإن أمرتك بذبه ذبته‪ ،‬وإن أمرتك بغي ذاك ما لك وله‬
‫فيه فرج قبلته‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فانطلقوا حت قدموا الدينة‪ ،‬فوجدوها فيما يزعمون بيب‪ ،‬فركبوا تت جاءوها‪ ،‬فسألوها‪،‬‬
‫وقص عليها عبد الطلب شأنه وشأن ابنه وما كان نذر فيه‪ ،‬فقالت لم‪ :‬ارجعوا عن اليوم‬
‫حت يأتين تابعي‪ ،‬فأسأله‪ ،‬فخرجوا من عندها‪ ،‬وقام عبد الطلب يدعو ال عز وجل‬
‫ويقول‪:‬‬
‫يا رب ل تـقـق حـذري واصرف عنه شر هذا القدر‬
‫لن يكون سيدا للـبـشـر‬ ‫فإن أرجو لـمـا قـد أذر‬
‫ث غدوا إليها‪ ،‬فقالت‪ :‬نعم‪ ،‬قد جاءن الب‪ ،‬فكم الدية فيكم? فقالوا‪ :‬عشرة من البل‪،‬‬
‫وكانت كذلك‪ ،‬فقالت‪ :‬فارجعوا إل بلدكم‪ ،‬فقدموا صاحبكم‪ ،‬وقدموا عشرا من‬
‫البل‪ ،‬ث اضربوا عليها بالقداح‪ ،‬فإن خرجت القداح على صاحبكم فزيدوا من البل حت‬

‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يرضى ربكم عز وجل‪ ،‬فإذا خرجت القداح على البل‪ ،‬فقد رضي ربكم‪ ،‬فانروها عنه‪،‬‬
‫وني صاحبكم‪.‬‬
‫فخرجوا حت قدموا مكة‪ ،‬فلما أجعوا لذلك المر‪ ،‬قام عبد الطلب يدعو ال عز وجل‪،‬‬
‫ويقول‪:‬‬
‫اللهم إنك فـاعـل لـمـا تـرد إن شئت ألمت الصواب والرشد‬
‫إن مواليك على رغـم مـعـد وسـاقـي حـجـيجـك البـد‬
‫أورثن سقـياهـم أبـي وجـد فإن وجدي فاعلمن وجـد وجـد‬
‫أنت الذي تعـلـم كـل صـمـد فل تـقـق حـذري بـولـد‬
‫واجعل فداه ف الله العـد‬

‫حدثنا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فلما قربوا عبد ال وعشرا‬
‫من البل‪ ،‬وعبد الطلب ف جوف الكعبة يدعو ويقول‪:‬‬
‫اللهم رب العشر بعد العشر ورب من يأت بكل نـذر‬
‫أنج عبد ال عند النـحـر ونه من شفعها والوتـر‬
‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا فبلغت البل عشرين‪ ،‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫يا رب عشرين ورب الشـفـع‬

‫أنج عبد اللـه رب الـنـفـع‬


‫من ضربة القدح الت ف الذع‬

‫وأعطه الرفع الذي ف الرفع‬


‫ول يكون ضربـه كـالـلـذع‬

‫‪11‬‬ ‫‪11‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫كلذعة النار الت ف السـفـع‬
‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل ثلثي‪ ،‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ال ويقول‪:‬‬
‫رب الثلثي ول الـنـعـم‬

‫أمنن علينا أن نصاب بالـدم‬


‫هذا اللم جنة لـم يعـلـم‬

‫فطار قلب فهو مثل الغرم‬


‫لذكر عبد ال حت يسـلـم‬

‫وتنحر الذود الت ل تقسـم‬


‫ونه من ضربة ل تكلـم‬

‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل أربعي‪ ،‬فقام عبد‬
‫الطلب يدعو ال ويقول‪:‬‬
‫اللهم رب الربعي إذ بلغت‬

‫أنج بن من قداح كتـبـت‬


‫وانر الذود الت هـلـت‬

‫وجللت ف قتلـه وذيـت‬


‫بلغ رضاك ربنا إذ جعلـت‬

‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عدل بن عبد مناف وقعت‬
‫ث ضربوا فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل خسي‪ ،‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ال عز وجل ويقول‪:‬‬
‫يا رب خسي سان بـدن‬

‫من كل كوماء له ل تعطن‬


‫إل لرب ماجد مـمـكـن‬

‫أنج عبد ال رب الركـن‬


‫وانر الذود الت ل تسكن‬

‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزدادوا عشرا فبلغت البل الستي‪ .‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫اللهم رب الستي ورب الشعر‬

‫ورب من حج لـه وكـبـر‬


‫يسعى لرب قـادر لـيغـفـر‬

‫أنج عبد ال عند الـنـحـر‬


‫وعافه من ضربة ل تـبـر‬

‫لتبلغ العظم بـا فـيكـسـر‬


‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا‪ ،‬فبلغ البل سبعي‪ ،‬وقام عبد الطلب‬
‫يدعو ويقول‪:‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يا رب سبعي له قد جعت‬

‫فاذبح الذود الت قد عطلت‬


‫وحسبت ف قتله وخسـيت‬

‫وأخرج السهم لا إذ بذلت‬


‫حت تكون دية قد كملـت‬

‫عن كل مقتول له إذ قبلت‬


‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج اسهم على عبد ال‪ ،‬فزدادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل ثاني وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫يا رب الثماني ورب الهـلل‬

‫ورب يأتـيك لـلجـــلل‬


‫اجعل فـداء ولـدي ذود أبـال‬

‫سوف ترى شكري عند الحلل‬


‫كشكر من يسعى بغي أنـعـال‬

‫أمنن به علي رب الفـضـال‬


‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزدادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل تسعي‪ ،‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫يا رب تسعي ورب الشرع‬

‫ورب من يدفع عند الدفع‬

‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حت ييزوا معشرا للمجمع‬

‫أنج ل عبد ال عند الذرع‬


‫ونه من ضربة ل ترجع‬

‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على عبد ال‪ ،‬فزادوا عشرا‪ ،‬فبلغت البل مائة‪ ،‬وقام عبد الطلب‬
‫يدعو ويقول‪:‬‬
‫اللهم رب مائة ل تقـسـم‬

‫ورب من يهوى بكل معلم‬


‫ورب من أهدى لكل مرم‬

‫قد بلغت مائة ل تقـسـم‬


‫أرغم أعدائي با ليغموا‬

‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على البل‪ ،‬فقالت قريش ومن حضرة‪ :‬قد رضي ربك‪ ،‬وخلص‬
‫لك ابنك‪.‬‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فذكروا أن عبد الطلب‬
‫قال‪ :‬ل وال حت أضرب عليها ثلث مرات‪ ،‬فضربوا على البل وعلى عبد ال‪ ،‬وقام عبد‬
‫الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫اللهم أنت هديتـي لـزمـزم‬

‫إن بن أحب من تـكـلـم‬

‫‪15‬‬ ‫‪15‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فل ترينه الغداة فـي الـدم‬

‫فإن حزن يدخل ف العظم‬


‫فاجعل فداه مائة ل تقـسـم‬

‫حت نفاديه بكـل أعـجـم‬


‫أمت علي ذا اللل النعـم‬

‫وأرقع الوت لذوذ عـتـم‬


‫وث رب فاجعلـن مـا تـم‬

‫ث اصرف الوت إليها يسلم‬


‫بولك اللهـم عـيش خـرم‬

‫وأنت إن سلمته لـم يكـلـم‬


‫فبلغ العـيش بـه فـيهـزم‬

‫حت أراه عند كل مـقـدم‬


‫يبي الي لـن تـوسـم‬

‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على البل‪ ،‬ث أعادوا الثانية‪ ،‬وعبد الطلب مكانه عند هبل‪ ،‬فلما‬
‫أرادوا أن يضربوا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫يا رب ل تشمت ب العادي‬

‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫إن بنـي ثـمـرة فـؤادي‬
‫فل تسيل دمه ف الـوادي‬

‫واجعل فداه اليوم من تلدي‬


‫ذود لقـاح بـدنـا أنـدادي‬

‫حت تكـون فـدية الولد‬


‫ول تـرثـنـــيه الذواد‬

‫إن بنـي رب لـم يفـادي‬


‫لكن يي قسـم الـجـواد‬

‫فقد تران رب ل أضـادي‬


‫ث ضربوا‪ ،‬فخرج السهم على البل‪ ،‬ث أعادوا الثانية‪ ،‬وقام عبد الطلب يدعو ويقول‪:‬‬
‫يا رب قد أعطيتن سؤالـي‬

‫أكثرت بعد قـلة عـيالـي‬


‫فاجعل فداه اليوم جل مالـي‬

‫معقلت تسحب الجـلل‬


‫ول ترينـه بـشـر حـال‬

‫فإنه يدخلـنـي سـللـي‬


‫بأن يكون النحر لـلـهـلل‬

‫‪17‬‬ ‫‪17‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أو تصرف الوت فل أبال‬
‫عن ابن الصغر ذا اللل‬

‫أنت الول العم الفضـال‬


‫فأنعم الـيوم لـذاك بـالـي‬

‫فإنه قد نزل الـمـوالـي‬


‫كلهم يبكي مـن الـسـؤال‬

‫كل فت أبيض كالـهـلل‬


‫وقالت آمنة أم النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫يا رب بارك ف اللم الزهر‬

‫ف الاشي والكري العنصر‬


‫ث ضربوا بالقداح على البل‪ ،‬فنحرت‪ ،‬ث تركت ل يصد عنها أحد‪.‬‬
‫تزويج عبد ال بن عبد الطلب‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا يونس‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬ث انصرف عبد الطلب‬
‫آخذا بيد عبد ال‪ ،‬فمر به ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬على امرأة من بن أسد ابن عبد العزى بن‬
‫قصي‪ ،‬وهي عند الكعبة‪ ،‬فقالت له حي نظرت إل وجهه ‪ -‬فيما يذكرون ‪ : -‬أين‬
‫تذهب يا عبد ال? قال‪ :‬مع أب؛ قالت‪ :‬لك عندي مثل البل الت نرت عنك‪ ،‬وقع علي‬
‫الن‪ ،‬فقال‪ :‬إن معي أب الن‪ ،‬ول أستطيع خلفه ول فراقه‪ ،‬ول أريد أن أعصيه شيئا‪،‬‬
‫فخرج به عبد الطلب حت أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ‪ -‬ووهب يومئذ سيد بن‬
‫زهرة نسبا وشرفا ‪ -‬فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة‪ ،‬وهي يومئذ أفضل‬
‫امرأة ف قريش نسبا وموضعا‪ ،‬وهي لبة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن‬

‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قصي‪ ،‬وأم برة‪ :‬أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي‪ ،‬وأم حبيب بنت أسد لبة‬
‫بنت عوف بن عبيد بن كعب بن لؤي‪.‬‬
‫قال ابن إسحق‪ :‬فذكروا أنه دخل عليها حي ملكها مكانه‪ ،‬فوقع عليها عبد ال‪ ،‬فحملت‬
‫برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فخرج من عندها حت أتى الرأة الت قالت له ما قالت‪،‬‬
‫وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى‪ ،‬وهي ف ملسها‪ ،‬فجلس إليها‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫مالك ل تعرضي علي اليوم مثل الذي عرضت علي أمس? قالت‪ :‬فارقك النور الذي كان‬
‫فيك‪ ،‬فليس ل بك اليوم حاجة‪.‬‬
‫حدثنا أحد قالك نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكانت ‪ -‬فيما ذكروا‪ ،‬تسمع من أخيها‬
‫ورقة بن نوفل‪ ،‬وكان قد تنصر واتبع الكتب ‪ -‬ويقول‪ :‬أنه لكائن ف هذه المة نب من‬
‫بن إساعيل‪ ،‬فقالت ف ذلك شعرا‪ ،‬واسها أم قبال ابنة نوفل بن أسد‪ ،‬كذا قال‪ :‬أم قبال‪:‬‬
‫الن وقد ضيعت ما كنت قادرا‬

‫عليه وفارقك الذي كان جابكا‬


‫غدوت علي حافلً قد بذلـتـه‬

‫هناك لغيي فالقن بشأنكـا‬


‫ول تسبن اليوم جلوا وليتن‬

‫أصبت حبيبا منك يا عبد داركا‬


‫ولكن ذاكم صار ف آل زهرة‬

‫به يدعم ال البية نـاسـكـا‬


‫فأجابا عبد ال فقال‪:‬‬
‫تقولي قولً لست أعلم مـا الـذي‬

‫‪19‬‬ ‫‪19‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يكون وما هو كائن قبـل ذلـك‬
‫فإن كنت ضيعت الذي كان بيننـا‬

‫من العهد واليثاق ف ظل دارك‬


‫فمثلك قد أصبت عند كل حـلـه‬

‫ومثلي ل يستام عند الـفـوارك‬


‫فقالت له أيضا أم قبال‪:‬‬
‫عليك بآل زهرة حيث كانوا‬

‫وآمنة الت حلت إلمـا‬


‫يرى الـمـهـدي ين يرى‬

‫عليه نور قد تقدمه أمامـا‬


‫فيمنع كل مصنة خـريد‬

‫إذا ما كان مرتديا حسامـا‬


‫وتفره الشمال وبان منهـا‬

‫رياح الدب تسبه قتاما‬


‫فأنبه ابن هاشم غي شك‬

‫وأدته كريته هـمـامـا‬


‫فكل اللق يرجو جيعـا‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يسود الناس مهتديا إمامـا‬
‫براه ال من نور مصفـى‬

‫فأذهب نوره عنا الظلما‬


‫وذلك صنع ربك إذ حبـاه‬

‫إذا ما سار يوما أو أقامـا‬


‫فيهدي أهل مكة بعد كفـر‬

‫ويفرض بعد ذلكم الصياما‬


‫وقال عبد الطلب‪:‬‬
‫دعوت رب مفـيا وجـهـرا‬

‫أعلنت قول وحدت الصبـرا‬


‫يا رب ل تنحر بنـي نـحـرا‬

‫وفاده بالال شفـعـا ووتـرا‬


‫أعطيتك من كل سوام عـشـرا‬

‫أو مائة دها وكمتا وحـمـرا‬


‫معروفة أعلمهـا وصـحـرا‬

‫ل من مالـي وفـاء ونـذرا‬


‫عفوا ول تشمت عيونا خـزرا‬

‫‪21‬‬ ‫‪21‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بالواضح الوجه الزين عـذرا‬
‫فالمد للـه الجـل شـكـرا‬

‫أعطان البيض بنـي زهـرا‬


‫ث كفان فـي المـور أمـرا‬

‫قد كان أشجان وهد الظهـرا‬


‫فلست والبيت الغطى سـتـرا‬

‫واللت والركن الحاذى حجرا‬


‫منك لنعمك إلـهـي كـفـرا‬

‫ما دمت حيا وأزور القـبـرا‬


‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن والدي إسحق بن يسار‬
‫قال‪ :‬حدثت أنه كان لعبد اله بن عبد الطلب امرأة مع آمنة ابنة وهب بن عبد مناف‪،‬‬
‫فمر بامرأته تلك‪ ،‬وقد أصابه أثر طي عمل به‪ ،‬فدعاها إل نفسه‪ ،‬فأبطأت عليه لا رأت به‬
‫أثر الطي‪ ،‬فدخل فغسل عنه أثر الطي‪ ،‬ث دخل عامدا إل آمنة‪ ،‬ث دعنه صاحبته الت كان‬
‫أراد إل نفسها‪ ،‬فأب للذي صنعت به أول مرة‪ ،‬فدخل على آمنة فأصابا‪ ،‬ث خرج فدعاها‬
‫إل نفسه‪ ،‬فقالت‪ :‬ل حاجة ل بك‪ ،‬مررت ب وبي عينيك غرة‪ ،‬فرجوت أن أصيبها‬
‫منك‪ ،‬فلما دخلت على آمنة‪ ،‬ذهبت با منك‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬حدثنا يونس بن بكي عن ممد بن إسحق قال‪ :‬حدثت أن امرأته تلك‬
‫كانت تقول‪ :‬لر ب وإن بي عينيه لنورا مثل الغرة‪ ،‬فدعوته رجاء أن يكون ل‪ ،‬ودخل‬
‫على آمنة فأصابا‪ ،‬فحملت برسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪22‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حدثنا أحد نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فكانت آمنة بنت وهب أم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم تدث أنا أتيت حي حلت ممدا صلى ال عليه وسلم فقيل لا‪ :‬إنك قد‬
‫حلت بسيد هذه المة‪ ،‬فإذا وقع إل الرض فقول‪:‬‬
‫أعـيذه بـالــواحـــد‬

‫من شـر كـل حـاسـد‬


‫ف كـل بـر عـابـــد‬

‫وكـل عــبـــد رائد‬


‫نزول غــــــي زائد‬

‫فإنه عبد الميد الـاجـد‬


‫حت أراه قد أتى الشاهد‬

‫فإنه آية ذلك أن يرج معه نور يل قصور بصرى من أرض الشام‪ ،‬فإذا وقع فسميه‬
‫ممدا‪ ،‬فإن اسه ف التوراة أحد‪ ،‬يمده أهل السماء وأهل الرض‪ ،‬واسه ف الفرقان ممد‬
‫فسميه بذلك‪.‬‬
‫فلما وضعته‪ ،‬بعثت إل عبد الطلب جاريتها ‪ -‬وقد هلك أبوه عبد ال وهي حبلى‪ ،‬ويقال‬
‫أن عبد ال هلك والنب صلى ال عليه وسلم ابن ثانية وعشرين شهرا‪ ،‬فال أعلم أي ذلك‬
‫كان ‪ -‬فقالت‪ :‬قد ولد لك الليلة إلم فانظر إليه‪ ،‬فلما جاءها‪ ،‬أخبته خبه‪ ،‬وحدثته با‬
‫رأت حي حلت به‪ ،‬وما قيل لا فيه‪ ،‬وما أمرت أن تسميه‪ ،‬فأخذه عبد الطلب فأدخله‬
‫على هبل ف جوف الكعبة‪ ،‬فقام عبد الطلب يدعو ال‪ ،‬ويشكر ال أعطاه إياه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫السعد ل الذي أعـطـانـي‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫هذا اللم الطـيب الردان‬
‫قد ساد ف الهد على الغلمان‬

‫أعيذه بالـلـه ذي الركـان‬


‫حت يكون بلغة الـفـتـيان‬

‫حت أراه بالـغ الـبـنـان‬


‫أعيذه من كـل ذي شـنـئان‬

‫من حاسد مضطرب العنـان‬


‫ذي هة ليس لـه عـينـان‬

‫حت أراه رافع الـلـسـان‬


‫أنت الذي سيت ف الفرقان‬

‫ف كتب ثابتة الـثـانـي‬


‫أحد مكتوبا على اللسـان‬

‫وقال عبد الطلب حي فرغ من شأن عبد ال‪ ،‬وفرج عنه ما كان فيه من البلء وألم‬
‫بذبه‪:‬‬
‫دعوت رب دعوة النـاصـح‬

‫دعوة مبتـاع رضـاه رابـح‬


‫فال عند قـسـمة الـمـنـائح‬

‫‪24‬‬ ‫‪24‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫أعطى على الشح من الشاحح‬


‫زمزم ل يتاحها الـمـمـائح‬

‫إل الدلء الزبد الـسـوافـح‬


‫كم من حجيج مـغـتـد ورائح‬

‫جاد با من بعد لـوح الـلئح‬


‫سقيا على رغم العدو الاشـح‬

‫بعد كنوز اللي والصـفـائح‬


‫حلي لبيت ال ذي الـسـارح‬

‫بيت عليه النور كالصـابـح‬


‫بنيان إبراهيم ذي الـسـابـح‬

‫بناه بالرفق وحـلـم راجـح‬


‫بي البال الصم والـصـرادح‬

‫فهو مثاب لـذوي الـطـلئح‬


‫يتابـه مـن كـل فـج نـازح‬

‫مشتبه العلم والصحـاصـح‬


‫وقال عبد الطلب‪:‬‬
‫المد للخالق ل الـعـبـاد‬

‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫لا رأى جدي واجتهـادي‬

‫وانن موفيه بالـمـيعـاد‬

‫والعهد إن العهد ذو معـاد‬

‫فرج عن كربة الـفـؤاد‬

‫ونال من فدية الـفـادي‬

‫فاديت عبد ال من تـلدي‬

‫إن البني فلـذ الكـبـاد‬

‫ثاره كالقـرع لـلـفـؤاد‬

‫أدم وحر كلـهـا تـلد‬

‫قلت للحباسـي لـهـا ذواد‬

‫هل منكم من صيت ينادي‬

‫البل نب بي أهل الوادي‬

‫‪26‬‬ ‫‪26‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فتركوها وهي ف عصواد‬

‫يركبهـا بـاللة الـحـداد‬

‫كأنا رهو من الـمـزاد‬

‫يردي با ذو أحبل صـياد‬

‫وراح عبد ال ف البراد‬


‫يغيظ أعدائي من السـاد‬

‫نيته من كـرب شـداد‬

‫وقال عبد الطلب أيضا‪:‬‬


‫المد ل على مـا أنـعـمـا‬

‫أعطى على رغم العدو زمزما‬


‫تراث قوم ل يكـن مـهـدمـا‬

‫والاسدون يرقـون الدمـا‬


‫ول يكن حافرهـا لـينـدمـا‬

‫‪27‬‬ ‫‪27‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أصاب فيها حلية فتسـلـمـا‬
‫ل ما أجرى عليه السـهـمـا‬

‫وال أوف نذره إذ أقـسـمـا‬


‫أعطى بني عصـبة وخـدمـا‬

‫فلست واللـه أريد مـأثـمـا‬


‫ف النذر أو اهريق للـه دمـا‬

‫منهم وقد أوفيتهم فـتـمـمـا‬


‫من بعد ما كنت وحـيدا أيـا‬

‫يران العداء قرنا أعصـمـا‬


‫أعضب أو ذا ارتياب أعسمـا‬

‫وقال عبد الطلب‪:‬‬


‫دعوت رب دعوة الغـلـوب‬

‫ونعم مدعى السائل الكروب‬


‫فالمد للمستمع الـعـجـيب‬

‫أعطى على رغم ذوي الذنوب‬


‫إل والشحـنـاء والـعـيوب‬

‫‪28‬‬ ‫‪28‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫زمزم ذات الوضع العجيب‬
‫بي سواد الصنم التـصـوب‬

‫وبي بيت ال ذي الـجـوب‬


‫وتت فرث النعم الغصوب‬

‫مولد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬


‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ ،‬نا يونس بن بكي‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن الطلب بن عبد‬
‫ال بن قيس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده قيس بن مرمة قال‪ :‬ولدت أنا ورسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عام الفيل‪ ،‬كنا لدين‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم عام‬
‫عكاظ ابن عشرين سنة‪.‬‬
‫قال ابن إسحق‪ :‬فدفع رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أمه‪ ،‬والتمس له الرضعاء‪،‬‬
‫واسترضع له حليمة ابنة أب ذؤيب‪ ،‬وأبو ذؤيب عبد ال بن الارث بن شجنة بن جابر بن‬
‫رزام ابن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة ابن‬
‫خصفة بن قيس بن عيلن بن مضر‪ ،‬واسم أب رسول ال الذي أرضعه الارث بن عبد‬
‫العزى بن رفاعة بن فلن بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن‪.‬‬
‫وأخوته من الرضاعة‪ :‬عبد ال بن الارث‪ ،‬وأنيسة ابنة الارث‪ ،‬وحذافة ابنة الارث‪،‬‬
‫وهي الشيماء‪ ،‬غلب عليها ذلك‪ ،‬ول تعرف ف قومها إل به‪ ،‬وهي الليمة أم رسول ال‪،‬‬
‫وذكروا أن الشيماء كانت تضن رسول ال صلى ال عليه وسلم مع أمه إذ كان عندهم‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ ،‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن جهم بن أب جهم ‪ -‬مول لمرأة من‬
‫بن تيم‪ ،‬كانت عند الارث بن حاطب‪ ،‬فكان يقال مول الارث بن حاطب ‪ -‬قال‪:‬‬
‫حدثن من سع عبد ال بن جعفر بن أب طالب‪ ،‬يقول‪ :‬حدثت عن حليمة ابنة الارث ‪-‬‬
‫أم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الت أرضعته ‪ -‬أنا قالت‪ :‬قدمت مكة ف نسوة من‬

‫‪29‬‬ ‫‪29‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بن سعد بن بكر‪ ،‬نلتمس با الرضعاء‪ ،‬وف سنة شهباء‪ ،‬فقدمت على أتان ل قمراء كانت‬
‫أذمت بالركب‪ ،‬ومعي صب لنا‪ ،‬وشارفنا لنا‪ ،‬وال ما ننام ليلنا ذلك أجع مع صبينا ذاك‪،‬‬
‫ما ند ف ثديي ما يغنيه‪ ،‬ول ف شارفنا ما يغذيه‪ ،‬فقدمنا مكة‪ ،‬فوال ما علمت منا امرأة‬
‫إل وقد عرض عليها ‪ -‬رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فإذا قيل إنه يتيم تركناه‪ ،‬وقلنا‪:‬‬
‫ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه‪ ،‬إنا نرجو العروف من أب الوليد‪ ،‬فأما أمه فما عسى أن‬
‫تصنع إلينا? فوال ما بقي من صواحب امرأة إل أخذت رضيعا غيي‪ ،‬فلما ل أجد غيه‪،‬‬
‫قلت لزوجي الارث بن عبد العزى‪ :‬وال إن أكره أن أرجع من بي صواحب ليس معي‬
‫رضيع‪ ،‬لنطلقن إل ذلك اليتيم فلخذنه‪ ،‬قال‪ :‬ل عليك‪ ،‬فذهبت‪ ،‬فأخذته‪ ،‬فوال ما‬
‫أخذته إل أن ل أجد غيه‪.‬‬
‫فما هو إل أن أخذته‪ ،‬فجئت به رحلي‪ ،‬فأقبل عليه ثدياي با شاء من لب‪ ،‬فشرب حت‬
‫روي‪ ،‬وشرب أخوه حت روي‪ ،‬وقام صاحب إل شارفنا تلك فإذا إنا لافل‪ ،‬فحلب ما‬
‫شرب وشربت حت روينا‪ ،‬فبتنا بي ليلة‪ ،‬فقال صاحب‪ :‬يا حليمة‪ ،‬وال إن لراك قد‬
‫أخذت نسمة مباركة‪ ،‬أل تري إل ما بتنا به الليلة من الب حي أخذناه?! فلم يزل ال‬
‫يزيدنا خيا‪ ،‬حت خرجنا راجعي إل بلدنا‪ ،‬فو ال لقطعت أتان بالركب حت ما يتعلق‬
‫با حار‪ ،‬حت أن صواحب ليلقي‪ :‬ويلك‪ ،‬يا بنت أب ذؤيب‪ ،‬أهذه أتانك الت خرجت‬
‫عليها معنا? فأقول‪ :‬نعم‪ ،‬وال إنا لي‪ ،‬فيقلن‪ :‬وال إن لا لشأنا‪ ،‬حت قدمنا أرض بن‬
‫سعد‪ ،‬وما أعلم أرضا من أرض ال عز وجل أجدب منها‪ ،‬حت قدمنا أرض بن سعد‪،‬‬
‫وما أعلم أرضا من أرض ال عز وجل أجدب منها‪ ،‬فإن كانت غنمي لتسرح ث تروح‬
‫شباعا‪ ،‬لبنا‪ ،‬فنحلب ما شئنا‪ ،‬وما نولنا أحد تبض له شاة بقطرة لب‪ ،‬وإن أغنامهم‬
‫لتروح جياعا‪ ،‬حت أنم ليقولون لرعيانم‪ :‬ويكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أب‬
‫ذؤيب‪ ،‬فاسرحوا معهم‪ ،‬فيسرحون مع غنمي حيث نسرح‪ ،‬فييون أغنامهم جياعا وما‬
‫فيها قطرة لب‪ ،‬وتروح غنمي شباعا‪ ،‬لبنا نلب ما شئنا‪ ،‬فلم يزل ال عز وجل يرينا‬
‫البكة‪ ،‬ونتعرفها حت بلغ سنتيه‪ ،‬وكان يشب شبابا ل يشبه الغلمان‪ ،‬فو ال ما بلغ سنتيه‬
‫حت كان إلما جفرا‪ ،‬فقدمنا به على أمه‪ ،‬ونن أضن شيء به ما رأينا فيه من البكة‪،‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فلما رأته أمه‪ ،‬قلنا لا‪ :‬يا ظئر دعينا نرجع ببنينا هذه السنة‪ ،‬فإنا نشى عليه أولء مكة‪،‬‬
‫فوال ما زلنا با حت قالت‪ :‬فنعم‪ ،‬فسرحته معنا‪.‬‬
‫فأقمنا به شهرين أو ثلثة‪ ،‬فبينا نن خلف بيوتنا‪ ،‬وهو مع أخ له من الرضاعة ف بم لنا‪،‬‬
‫جاءنا أخوه يشتد‪ ،‬فقال‪ :‬ذاك أخي القرشي قد جاءه رجلن عليهما ثياب بياض‪،‬‬
‫فأضجعاه فشقا بطنه‪ ،‬فخرجت أنا وأبوه نشتد نوه‪ ،‬فنجده قائما منتفعا لونه‪ ،‬فاعتنقه‬
‫أبوه‪ ،‬وقال‪ :‬أي بن‪ ،‬ما شأنك? قال‪ :‬جاءن رجلن عليهما ثياب بياض‪ ،‬فأضجعان فشقا‬
‫بطن‪ ،‬ث استخرجا منه شيئا فطرحاه‪ ،‬ث رداه كما كان‪ ،‬فرجعنا به معنا‪ ،‬فقال أبوه‪ :‬يا‬
‫حليمة لقد خشيت أن يكون ابن قد أصيب‪ ،‬انطلقي بنا‪ ،‬فنرده إل أهله قبل أن يظهر به‬
‫ما يتخوف‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فاحتملناه‪ ،‬فلم ترع أمه إل به قد قدمنا به عليها‪ ،‬فقالت‪ :‬ما رد كما به‪ ،‬قد كنتما‬
‫عليه حريصي?! فقلنا‪ :‬ل وال يا ظئر‪ ،‬إل أن ال عز وجل قد أدى عنا وقضينا الذي‬
‫علينا‪ ،‬وقلنا‪ :‬نشى التلف والحداث‪ ،‬نرده إل أهله‪ ،‬فقالت‪ :‬ما ذلك بكما‪ ،‬فاصدقان‬
‫شأنكما‪ ،‬فلم تدعنا حت أخبناها خبه‪ ،‬فقالت‪ :‬أخشيتما عليه الشيطان‪ ،‬كل وال ما‬
‫للشيطان عليه سبيل‪ ،‬وإنه لكائن ل بن هذا شأن‪ ،‬أل أخب كما ببه? قلنا‪ :‬بلى‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫حلت به‪ ،‬فما حلت حلً قط أخف منه‪ ،‬فأريت ف النوم حي حلت به كأنه خرج من‬
‫نور أضاءت له قصور الشام‪ ،‬ث وقع حي ولدته وقوعا ما يقعه الولود‪ ،‬معتمد أعلى يديه‪،‬‬
‫رافعا رأسه إل السماء‪ ،‬فدعياه عنكما‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن ثور بن يزيد عن خالد بن‬
‫معدان‪ ،‬عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أنم قالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أخبنا عن‬
‫نفسك‪ ،‬فقال‪ :‬دعوة أب إبراهيم‪ ،‬وبشرى عيسى‪ ،‬ورأت أمي حي حلت ب أنه خرج‬
‫منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام‪ ،‬واسترضعت ف بن سعد بن بكر‪،‬‬
‫فبينا أنا مع أخ ل ف بم لنا‪ ،‬أتان رجلن عليهما ثياب بياض‪ ،‬معهما طست من ذهب‬
‫ملوءة ثلجا‪ ،‬فأضجعان‪ ،‬فشقا بطن‪ ،‬ث استخرجا قلب فشقان‪ ،‬فأخرجا منه علقة سوداء‪،‬‬
‫فألقياها‪ ،‬ث غسل قلب وبطن بذاك الثلج‪ ،‬حت إذا أنقياه‪ ،‬رداه كما كان‪ ،‬ث قال أحدها‬

‫‪31‬‬ ‫‪31‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫لصاحبه‪ :‬زنة بعشرة من أمته‪ ،‬فوزنن بألف‪ ،‬فوزنتم‪ ،‬ث قال‪ :‬زنه بألف من أمته‪ ،‬فوزنن‬
‫بألف‪ ،‬فوزنتهم‪ ،‬فقال‪ :‬دعه عنك‪ ،‬فلو وزنته بأمته لوزنم‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن أب سنان الشيبان‪ ،‬عن حبيب ابن أب ثابت‪ ،‬عن‬
‫يي بن جعدة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ملكي جاءان ف صورة‬
‫كركيب‪ ،‬معهما ثلج وماء بارد‪ ،‬فشرح أحدها صدري‪ ،‬ومج الخر منقاره‪ ،‬فغسله‪.‬‬
‫حديث تبع الميي‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬ث إن تبعا أقبل من‬
‫مسيه الذي كان سار يول الرض فيه‪ ،‬حت نزل على الدينة‪ ،‬فنل بوادي قباء‪ ،‬فحفر‬
‫فيها بئرا‪ ،‬فهي اليوم تدعى بئر اللك‪ ،‬وبالدينة إذ ذاك يهود‪ ،‬والوس والزرج‪ ،‬فنصبوا له‬
‫فقاتلوه‪ ،‬فجعلوا يقاتلوه بالنهار‪ ،‬فإذا أمسى أرسلوا إليه بالضياقة وإل أصحابه‪ ،‬فلما فعلوا‬
‫ذلك به ليال استحي‪ ،‬فأرسل إليهم يريد صلحهم‪ ،‬فخرج إليه رجل من الوس يقال له‪:‬‬
‫أحيحة بن اللح بن حريش بن جحجبا بن كلده بن عوف بن عمرو بن عوف بن‬
‫مالك بن الوس‪ ،‬وخرج إليه من يهود بنيامي القرظي‪ ،‬فقال له أحيحة‪ :‬أيها اللك نن‬
‫قومك‪ ،‬وقال بنيامن‪ :‬أيها اللك هذه بلدة ل تقدر أن تدخلها لو جهدت بميع جهدك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ول? قال‪ :‬لنا منل نب من النبياء‪ ،‬يبعثه ال عز وجل من قريش‪ ،‬وجاء تبعا مب‬
‫خبه عن اليمن أنه بعث ال عليها نارا ترق كل ما مرت به‪ ،‬فخرج سريعا‪ ،‬وخرج معه‬
‫بنفر من يهود فيهم بنيامي وغيه‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬
‫إن نذرت يينا غي ذي خلف‬

‫أل أجوز وبالجاز مـلـد‬


‫حت أتان من قريظة عالـم‬

‫حب لعمرك ف اليهود مسود‬


‫ألقى إل نصيحة كي أزدجر‬

‫‪32‬‬ ‫‪32‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عن قرية مجورة بحمـد‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ث خرج يسي حت إذا كان بالدف من جدان‪،‬‬
‫من مكة على ليلتي أتاه ناس من هذيل بن مدركة‪ ،‬وتلك منازلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬أيها اللك أل‬
‫ندلك على بيت ملوء ذهبا وياقوتا وزبرجدا تصيبه وتعطينا منه? فقال‪ :‬بلى‪ ،‬فقالوا‪ :‬هو‬
‫بيت بكة‪ ،‬فراح تبع وهو ممع لدم البيت‪ ،‬فبعث ال عز وجل عليه ريا فقفعت يديه‬
‫ورجليه‪ ،‬وشجت جسده‪ ،‬فأرسل إل من كان معه من يهود‪ ،‬فقالوا أحدثت نفسك‬
‫بشيء? قال‪ :‬نعم جاءن نفر منأهل هذا النل رحنا منه‪ ،‬فدلون على بيت ملوء ذهبا‬
‫وياقوتا وزبرجدا‪ ،‬ودعون إل تريبه وإصابة ما فيه‪ ،‬على أن أعطيهم منه شيئا‪ ،‬فرأيت‬
‫لم بذلك‪ ،‬فرحت‪ ،‬وأنا ممع لدمه‪ ،‬فقال النفر الذين كانوا معه من يهود‪ :‬ذلك بيت ال‬
‫الرام‪ ،‬ومن أراده هلك‪ ،‬فقال‪ :‬ويكم فيما الخرج ما دخلت فيه? قالوا‪ :‬تدث نفسك‬
‫أن تطوف به كما يصنع به أهله وتكسوه وتدي له‪ ،‬فحدث نفسه بذلك‪ ،‬فأطلقه ال عز‬
‫وجل وقال ف شعره‪:‬‬
‫بالدف من جدان فوز مصعـد‬

‫حت أتان من هـذيل أعـبـد‬


‫ذكروا إل البيت‪ ،‬قالوا كـنـزه‬

‫در ياقـوت وفـيه زبـرجـد‬


‫فأردت أمرا حال ربـي دونـه‬

‫والرب يدفع عن خراب السجد‬


‫ث سار حت دخل مكة‪ ،‬فطاف بالبيت‪ ،‬وسعى بي الصفا والروة‪ ،‬فأري ف النام أن‬
‫يكسو البيت فكساه الصف‪ ،‬وكان أول من كساه‪ ،‬ث أري أن يكسوه أحسن من ذلك‬
‫فكساه العافري‪ ،‬ث أري أن يكسوه أحسن من ذلك‪ ،‬فكساه الوصائل‪ ،‬وصائل اليمن‪،‬‬
‫وأقام بكة ستة أيام أيام ‪ -‬فيما ذكر ل ‪ -‬ينحر با الناس‪ ،‬ويطعم من كان با من أهلها‬

‫‪33‬‬ ‫‪33‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ويستقيهم العسل‪ ،‬قال‪ :‬فكان تبع فيما ذكر ل أول من كساه وأوصى به ولدته من‬
‫جرهم‪ ،‬وأمرهم بتطهيه‪ ،‬ول يقربوه ميتة‪ ،‬ول دما ول مئلنا ‪ -‬وهو الائض ‪ -‬وجعل‬
‫بابا ومفتاحا‪ ،‬وقال تبع ف الشعر‪:‬‬
‫ونرنا بالشعب ستة ألـف‬

‫ترى الناس نوهن ورودا‬


‫وكسونا البيت الذي حرم ال‬

‫ملء معـضـدا وبـرودا‬


‫وأقمنا با من الشهر ستـا‬

‫وجعلنا لبـابـه اقـلـيدا‬


‫وأمرنا به الرهي خيا‬

‫وكانوا لافيته شـهـودا‬


‫وأمرنا أل يقربن مـئلنـا‬

‫ول ميتا ول دما مفصـودا‬


‫ث سرنا نؤم قصد سـهـيل‬

‫قد رفعنا لواءنا معـقـودا‬


‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فلما أراد الشخوص إل اليمن‪ ،‬أراد أن‬
‫يرج حجر الركن‪ ،‬فيخرج به معه‪ ،‬فاجتمعت قريش إل خويلد بن أسد بن عبد العزى‬
‫بن قصي‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما دخل علينا يا خويلد أن ذهب هذا بجرنا‪ ،‬قال‪ :‬وما ذاك? قالوا‪ :‬تبع‬
‫يريد أن يأخذ السيف‪ ،‬وخرج وخرجت معه قريش بسيوفهم حت أتوا تبعا‪ ،‬فقالوا‪ :‬ماذا‬

‫‪34‬‬ ‫‪34‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫تريد يا تبع إل الركن? فقال‪ :‬أردت أن أرج حت أتوا الركن‪ ،‬فقاموا عنده‪ ،‬فحالوا بينه‬
‫وبي ما أراد من ذلك‪ ،‬فقال خويلد ف ذلك شعرا‪:‬‬
‫دعين أم عمرو ول تلومـي‬

‫ل عاذل ل تعذلـينـي‬
‫ومه ً‬
‫دعين ل أخذت السف منهم‬

‫وبيت ال حت يقتـلـونـي‬
‫فما عذرن وهذا السيف عندي‬

‫وعضب نال قائمة يـينـي‬


‫ولكن ل أجد عنهـا مـحـيدا‬

‫وغن راهق ما أرهقونـي‬


‫حدثنا أحد قال‪ :‬حدثنا يونس عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬ث خرج متوجها إل اليمن مدينتان‬
‫يقال لحدها مأرب‪ ،‬والخرى ظفار‪ ،‬وكان منل اللك ف مأرب مبينا بصفائح الذهب‪،‬‬
‫وكان منله ف ظفار‪ ،‬وكان منل اللك ف مأرب مبنيا بالرخام‪ ،‬وكان إذا شت ف‬
‫مأرب‪ ،‬وإذا صاف‪ ،‬صاف ف ظفار‪ ،‬وكانت مأرب با ينشأ أبناء اللوك ويتعلمون‬
‫الكلم‪ ،‬وكان ابن الميي إذا بلغ قال‪ :‬أرسلوا به إل مأرب يتعلم النطق‪ ،‬وكان ف‬
‫ظفار اصطوان من البلد الرام مكتوب ف أعلها بكتاب من الكتاب الول‪ :‬لن اللك‪،‬‬
‫ظفار‪ ،‬لمي الخبار‪ ،‬فلما قدمها تبع نشرت يهود التوراة‪ ،‬وجعلوا يدعون ال عز وجل‬
‫على النار حت أطفأها ال عز وجل‪.‬‬
‫وكان لهل اليمن شيطان يعبدونه‪ ،‬قد بنوا له بيتا من ذهب‪ ،‬وجعلوا بي يديه حياضا‪،‬‬
‫فكانوا يذبون له فيها‪ ،‬فيخرج‪ ،‬فيصيب من ذلك الدم‪ ،‬ويكلمهم‪ ،‬ويسألونه‪ ،‬فكانوا‬
‫يعبدون فلما أطفأت يهود النار قالوا لتبع‪ :‬إن ديننا هذا الذي نن عليه خي من دينك‪ ،‬فلو‬

‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أنك تابعتنا على ديننا‪ ،‬فقد رأيت أن إلك هذا ل يغن عنك شيئا‪ ،‬ول عن قومك عند‬
‫الذي نزل بكم‪ ،‬فقال تبع‪ :‬فكيف نصنع به ونن نرى منه ما ترون من العاجيب? قالوا‪:‬‬
‫أفرأيت إن أخرجناه عنك تتبعنا على ديننا? قال‪ :‬نعم‪ ،‬فجاءوا إل باب ذلك البيت‪،‬‬
‫فجلسوا علبه بتوراتم ث جعلوا يذكرون أساء ال عز وجل‪ ،‬فلما سع الشيطان‪ ،‬ل يثبت‬
‫وخرج جهارا حت وقع ف البحر‪ ،‬وهم ينظرون‪ ،‬وأمر تبع ببيته الذي كان فيه‪ ،‬فهدم‪،‬‬
‫وتود بعض ملوك حي‪ ،‬ويزعم بعض الناس أن تبعا قد كان تود‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن زكريا بن يي الدن قال‪ :‬حدثنا عكرمة قال‪ :‬سعت ابن‬
‫عباس يقول‪ :‬ل يشبهن عليكم أمر تبع‪ ،‬فإنه كان مسلما‪.‬‬
‫مقتل تبع‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬لا فعل تبع ما فعل‪،‬‬
‫غضبت ملوك حي‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما كان يرضى أن يطيل غزونا‪ ،‬ويبعدنا ف السي من أهلينا‬
‫حت طعن أيضا ف ديننا وعاب آباءنا‪ ،‬فاجتمعوا على أن يقتلوه‪ ،‬ويستخلفوا أخاه من‬
‫بعده‪ ،‬فاجتمع رأي اللوك على ذلك كلهم إل ذا غمدان فإنه أب‪ ،‬ياليهم على ذلك‪،‬‬
‫فثاروا به‪ ،‬فأخذوه ليقتلوه فقال لم‪ :‬أتراكم قاتلي? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬اما أنا فإذا قتلتمون‬
‫فادفنون قائما‪ ،‬فإنه ل يزال لكم ملك قائم ما دمت قائما‪ ،‬فلما قتلوه‪ ،‬قالوا‪ :‬وال ل‬
‫يلكنا حيا وميتا‪ ،‬فنكسوه على رأسه‪ ،‬فقال ف ذلك ذو غمدان‪ ،‬ف الذي كان من أمره‪:‬‬
‫إن تك حي غدرت وخانت‬

‫فمعذرة الله لذي رعـي‬


‫أل من يشتري سهرا بنـوم‬

‫سعيد من يبيت قرير عي‬


‫وقال ف ذلك عبد كلل بعد قتل أخيه واستخلفهم إياه حي قتل وجوه حي‪:‬‬
‫شفيت النفس من كان أمسى‬

‫‪36‬‬ ‫‪36‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قرير العي قد قتلوا كريي‬
‫فلما أن فعلت أصاب قلبـي‬

‫با قد جئت من قتل رغـيم‬


‫أشاروا ل بقتـل أخ كـري‬

‫وليس لذي الضرائب باللئيم‬


‫فعدت كأن قلب ف جنـاح‬

‫بعيش ليس يرجع ف نعـيم‬


‫وعاد القلب كالجنون ينمـي‬

‫إل الغابات ليس بذي حيم‬


‫فلما أن قتلت بـه كـرامـا‬

‫وصاروا كلهم كالستـلـيم‬


‫رعت إل الذي قد كان من‬

‫كأن القلب ليس بذي كلـوم‬


‫جزى رب البية ذار عـي‬

‫جزاء اللد من داع كـري‬


‫فإن سوف أحفظه وربـي‬

‫وأعطيه الطريف مع القدي‬

‫‪37‬‬ ‫‪37‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وقال عبد كلل أيضا يرثى أخاه‪:‬‬
‫أطعت القوم إذ غشوا جـيعـا‬

‫وقد اتمت ف غش النصـيح‬

‫ولو طاوعت ف رأيي رعينـا‬

‫لقلت له وقـولـي ذو نـدوح‬

‫فلم أرفع بقوله لـي كـلمـا‬

‫وعدت كأننـي عـبـد أسـيح‬

‫فلما أن قبلت الـقـول مـنـه‬

‫على الرواح من حق الفضوح‬

‫فمن أمسى يطاوعنـي فـإنـي‬

‫سأجهد ف القال بـه أبـوح‬

‫فلما أن لقيتهم أقـامـت‬

‫لذاك النفس ف هم مريح‬

‫‪38‬‬ ‫‪38‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫ث استخفلوا أخا له‪ ،‬يقال له عبد كلل‪ ،‬فزعموا أنه كان ل يأتيه النوم بالليل‪ ،‬فأرسل إل‬
‫من كان ث من يهود‪ ،‬فقال‪ :‬ويكم‪ ،‬ما ترون شأن? فقالوا‪ :‬إنك غي نائم حت تقتل جيع‬
‫من مالك على قتل أخيك‪ ،‬فتتبعهم‪ ،‬فقتل رؤوس حي ووجوههم‪ ،‬ث خرج ابن لتبع يقال‬
‫له دوس‪ ،‬حت أتى قبصر‪ ،‬فهو مثل ف اليمن يضرب بعد‪ :‬ل كدوس ول كمعلق رحله‬
‫فلما انتهى إل قيصر‪ ،‬دخل عليه‪ ،‬فقال له‪ :‬إن ابن ملك العرب‪ ،‬وإن قومي عدوا على‬
‫أخي فقتلوه‪ ،‬فجئت لتبعث معي من يلك لك بلدي‪ ،‬وذلك لن ملكهم الذي ملكهم‬
‫بعد أب قد قتل أشرفهم ورؤوسهم‪ ،‬فدعا قيصر بطارقته فقال‪ :‬ما ترون ف شأنه هذا?‬
‫قالوا‪ :‬ل نرى أن تبعث معه أحدا إل بلد العرب‪ ،‬وذلك لنا ل نأمن هذا عليهم ليكون‬
‫إنا جاء ليهلكم‪ ،‬فقال قيصر‪ :‬فكيف أصنع به وقد جاءن مستغيثا? قالوا‪ :‬اكتب له إل‬
‫النجاشي ملك البشة‪ ،‬وملك‬
‫البشة يدين للك الروم‪.‬‬
‫فكتب له إليه‪ ،‬وأمره ان يبعث مع رجالً إل بلده‪ ،‬فخرج دوس بكتاب قيصر حت أتى‬
‫به النجاشي‪ ،‬فلما قرأه نر وسجد له‪ ،‬وبعث معه ستي ألفا‪ ،‬واستعمل عليهم روزبه‪،‬‬
‫فخرج ف البحر‪ ،‬حت أرسى إل ساحل اليمن‪ ،‬فخرج عليهم هو وقومه‪ ،‬فخرجت عليهم‬
‫حي ‪ -‬وحي يومئذ فرسان أهل اليمن ‪ -‬فقاتل أهل اليمن قتالً شديدا على اليل‪،‬‬
‫فجعلوا يكردسونم كراديس‪ ،‬ث يملون عليهم‪ ،‬فكلما مضى منهم كردوس تبعه آخر‪،‬‬
‫فلما رأى ذلك روزبه قال لدوس‪ :‬ما جئت ب ههنا إل تفعل أيها اللك‪ ،‬ولكن أشي‬
‫عليك فتقبل من‪ ،‬قال‪ :‬نعم فأشر علي‪ ،‬قال له دوس‪ :‬أيها اللك‪ ،‬إن حي قوم ل يقاتلون‬
‫إل على اليل‪ ،‬فلو أنك أمرت أصحابك‪ ،‬فألقوا بي أيديكم ترسهم ودرقهم‪ ،‬ففعلوا‬
‫ذلك‪ ،‬فجعلت حي تمل عليهم فتزلق اليل على الترسة والدرق‪ ،‬فتطرح فرسانا‪ ،‬فيقتل‬
‫الخرون‪ ،‬فلم يزالوا كذلك حت دقوا‪ ،‬وكثرهم الخرون‪ ،‬وإنم ساروا حت دخلوا‬
‫صنعاء‪ ،‬فملكوها وملكوا اليمن‪ ،‬وكان ف اصحاب روزبة رجل يقال له أبرهة بن‬

‫‪39‬‬ ‫‪39‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الشرم‪ ،‬وهو أبو يكسوم‪ ،‬فلما ملكوا اليمن‪ ،‬قال أبرهة لروزبة‪ :‬أنا أول بذا المر منك‪،‬‬
‫فقال الخر‪ :‬وكيف‪ ،‬واللك بعثن? قال‪ :‬وإن كان اللك بعثك‪ ،‬فأنا أول بذا المر‬
‫منك‪ ،‬ففاته الخر‪ ،‬واتبع أبرهة ناس من قومه‪ ،‬فخرجوا للقتال‪ ،‬فلما توافقوا ليقتتلوا‪ ،‬قال‬
‫أبرهة لرزوبة‪ :‬ما لك ولن نفن البشة‪ ،‬فيذهب ملكنا من هذه البلد‪ ،‬اخرج‪ ،‬فأينا قتل‬
‫صاحبه كان اللك‪ ،‬فقالك الخر‪ :‬نعم‪ ،‬وكان روزبة رجلً جسيما‪ ،‬وكان أبرهة رجلً‬
‫حادرا قصيا‪ ،‬فقال أبرهة للم له‪ :‬إذا خرجت إليه لبارزه‪ ،‬فائته من خلفه فاقتله‪ ،‬فإن‬
‫أصحابه لن يزدوا على أن يفروا‪ ،‬ولك عندي ما سألن من ملكي‪ ،‬فلما خرجا سل روزبه‬
‫على أبرهة سيفه‪ ،‬فضربه عندي ما سألتن من ملكي‪ ،‬فلما خرجا سل روزبه على أبرهة‬
‫سيفه‪ ،‬فضربه ضربة وسط رأسه بالسيف‪ ،‬وضربه إلم أبرهة من خلفه فقطعه باثنتي‪،‬‬
‫فاحتمله أصحابه‪ ،‬واحتمل هذا أصحابه‪ ،‬ث إنم اصطلحوا على أبرهة‪ ،‬يول يكن فيهم‬
‫بعد صاحبهم مثله‪ ،‬وبلغ ذلك النجاشي‪ ،‬فكتب إليه يتهدده‪ ،‬فحلق أبرهة رأسه‪ ،‬وأخذ‬
‫ترابا من تراب أرضه‪ ،‬فبعث به إليه وقال‪ :‬أيها اللك‪ ،‬هذا رأسي وتراب أرضي‪ ،‬فهو‬
‫تت قدميك‪ ،‬وإنا كنت أنا وروزبه عبديك‪ ،‬فرأيت أن أقوى على أمر اللك منه‪ ،‬فلذلك‬
‫فعلت ما فعلت‪ ،‬فكتب إليه النجاشي بالرضى‪ ،‬وأقره على ملكه‪.‬‬
‫ث إن أبرهة بن الشرم‪ ،‬وهو أبو يكسوم‪ ،‬بن كعبة باليمن وجعل عليها قبابا من ذهب‪،‬‬
‫وأمر أهل ملكته بالج إليها‪ ،‬يضاهي بذلك البيت الرام‪.‬‬
‫حديث الفيل‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ ،‬قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وإن رجلً من بن ملكان‬
‫بن كنانة‪ ،‬وهو من المس‪ ،‬خرج حت قدم أرض اليمن‪ ،‬فدخلها‪ ،‬فنظر إليها‪ ،‬ث قعد‬
‫فخري فيها؛ فدخلها أبرهة‪ ،‬فوجد تلك العذرة فيها‪ ،‬فقال‪ :‬من اجترأ علي بذا? فقال له‬
‫أصحابه‪ :‬هذا رجل من أهل ذلك البيت الذي يجه العرب‪ ،‬قال‪ :‬فعلي اجترأ بذا‪،‬‬
‫ونصرانيت‪ ،‬لهدمن ذلك البيت ولخربنه حت ل يجه حاج أبدا‪ ،‬فدعا بالفيل‪ ،‬وأذن ف‬
‫قومه بالروج‪ ،‬ومن اتبعه من أهل اليمن‪ ،‬وكان أكثر من تبعه من عك‪ ،‬والشعريون‪،‬‬
‫وخثعم‪ ،‬فخرجوا وهم يرتزون‪:‬‬
‫إن البلـد لـبـلـد مـأكـول‬

‫‪40‬‬ ‫‪40‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫يأكله عك والشعريون والفيل‬


‫فخرج يسي‪ ،‬حت إذا كان ببعض طريقه‪ ،‬بعث رجلً من بن سليم‪ ،‬ليدعو الناس إل‬
‫حجد بيته الذي بناه‪ ،‬فتلقاه أيضا رجل من المس‪ ،‬من بن كنانة‪ ،‬فقتله‪ ،‬فازاداد بذلك‬
‫لا بلغه حنقا وحردا‪ ،‬وأحث السي والنطلق‪ ،‬حت إذا أشرف على وادي وج من‬
‫الطائف‪ ،‬خرجت إليه ثقيف‪ ،‬فقالوا‪ :‬أيها اللك‪ ،‬إنا نن عبيدك‪ ،‬وليست ربتنا هذه بالت‬
‫تريد يعنون اللت‪ ،‬صنمهم‪ ،‬وليست بالت تج إليها العرب‪ ،‬وإنا ذلك بيت قريش‪ ،‬الذي‬
‫تئ إليه العرب‪ ،‬قال‪ :‬فابغون دليلً يدلن عليه‪ ،‬فبعثوا مع رجلً من هذيل‪ ،‬يقال له نفيل‪،‬‬
‫فخرج بم يهديهم‪ ،‬حت إذا كانوا بالغمس‪ ،‬نزلوا الغمس من مكة على ستة أميال‪ ،‬فبعثوا‬
‫مقدماتم إل مكة‪ ،‬فخرجت مكة عباديد ف رؤوس البال‪ ،‬وقالوا‪ :‬ل طاقة لنا بقتال‬
‫هؤلء القوم‪ ،‬فلم يبق بكة أحد إل عبد الطلب بن هاشم‪ ،‬أقام على سقايته؛ وغي شيبة‬
‫بن عثمان بن عبد الدار‪ ،‬أقام على حجابة البيت‪ ،‬فجعل عبد الطلب يأخذ بعضادت‬
‫الباب‪ ،‬ث يقول‪:‬‬
‫اللهم إن الرء يـن‬

‫ع حله فامنع حللك‬


‫ل يغلبوا بصليبـهـم‬

‫ومالم غدرا مالك‬


‫أن يدخلوا البلد الرام‬

‫غدا فأمر ما بدا لـك‬


‫يقول‪ :‬أي شئ ما‪ ،‬بدا لك‪ ،‬ل تكن تفعله بنا‪ ،‬ث إن مقدمات أبرهة‪ ،‬أصابت نعما‬
‫لقريش‪ ،‬فأصابت فيها مائت بعي لعبد الطلب بن هاشم‪ ،‬فلما بلغه ذلك‪ ،‬خرج حت أنتهى‬
‫إل القوم‪ ،‬وكان حاجب أبرهة رجلً من الشعريي‪ ،‬وكانت له بعبد الطلب معرفة قبل‬

‫‪41‬‬ ‫‪41‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ذلك‪ ،‬فلما انتهى إليه عبد الطلب‪ ،‬قال له الشعري‪ :‬ما حاجتك? فقال‪ :‬حاجت أن‬
‫تستأذن ل على اللك‪ ،‬فدخل عليه حاجبه‪ ،‬فقال له‪ :‬أيها اللك‪ ،‬جاءك سيد قريش الذي‬
‫يطعم أنيسها ف السهل‪ ،‬ووحوشها ف البل‪ ،‬فقال‪ :‬ائذن له‪ ،‬وكان عبد الطلب رجلً‬
‫جسيما جيلً‪ ،‬فأذن له‪ ،‬فدخل عليه‪ ،‬فلما أن رآه أبو يكسوم‪ ،‬أعظمه أن يلسه تته‪،‬‬
‫وكره أن يلسه معه على سريره‪ ،‬فنل من سريره‪ ،‬فجلس على الرض‪ ،‬وأجلس عبد‬
‫الطلب معه‪ ،‬ث قال‪ :‬ما حاجتك? فقال‪ :‬حاجت مائتان بعي‪ ،‬أصابتها مقدمتك‪ ،‬ل‪ ،‬فقال‬
‫أبو يكسوم‪ :‬وال لقد رأيتك فأعجبتن‪ ،‬ث تكلمت‪ ،‬فزهدت فيك‪ ،‬فقال له‪ :‬ول أيها‬
‫اللك? قال‪ :‬لن جئت إل بيت هو منعتكم من العرب‪ ،‬وفضلكم ف الناس‪ ،‬وشرفكم‬
‫عليهم‪ ،‬ودينكم الذي تعبدون‪ ،‬فجئته لكسره‪ ،‬وأصيب لك مائتا بعي‪ ،‬فسألتك عن‬
‫حاجتك‪ ،‬فكلمتن ف إبلك‪ ،‬ول تطلب إل ف بيتكم! فقال له عبد الطلب‪ :‬أيها اللك‪،‬‬
‫إنا أكلمك ف مال‪ ،‬ولذا البيت رب هو ينعه‪ ،‬لست أنا منه ف شيء‪ ،‬فراع ذلك أبا‬
‫يكسوم‪ ،‬وأمر برد إبل عبد الطلب عليه‪ ،‬ورجع عبد الطلب‪.‬‬
‫وأمسوا ف ليلتهم تلك‪ ،‬فأمست ليلة كالة‪ ،‬نومها كأنا تكلمهم كلما‪ ،‬لقترابم منهم‪،‬‬
‫وأحست أنفسهم بالعذاب‪ ،‬وخرج دليلهم حت دخل الرم‪ ،‬وتركهم‪ ،‬وقام الشعريون‬
‫وخثعم‪ ،‬فكسروا رماحهم وسيوفهم‪ ،‬وبرئوا إل ال تعال أن يعينوا على هدم البيت‪،‬‬
‫فباتوا كذلك باخبث ليلة‪ ،‬ث أدلوا بسحر‪ ،‬فبعثوا فيلهم يريدون أن يصبحوا مكة‪،‬‬
‫فوجهوه إل مكة‪ ،‬فربض‪ ،‬فضربوه فتمرغ‪ ،‬فلم يزالوا كذلك حت كادوا يصبحون‪ ،‬ث‬
‫إنم أقبلوا على الفيل‪ ،‬فقالوا‪ :‬لك ال أل نوجهك إل مكة‪ ،‬فجعلوا يقسمون له‪ ،‬ويرك‬
‫أذنيه‪ ،‬يأخذ عليهم‪ ،‬حت إذا أكثروا من القسم‪ ،‬انبعث‪ ،‬فوجهوه إل اليمن راجعا‪ ،‬فتوجه‬
‫يهرول‪ ،‬فعطفوه حي رأوه منطلقا‪ ،‬حت إذا ردوه إل مكانه الول‪ ،‬ربض وترغ‪ ،‬فلما‬
‫رأوا ذلك‪ ،‬أقسموا له‪ ،‬وجعل يرك أذنيه يأخذ عليهم‪ ،‬حت إذا أكثروا‪ ،‬انبعث‪ ،‬فوجهوه‬
‫إل اليمن‪ ،‬فتوجه يهرول‪ ،‬فلما رأوا ذلك ردوه‪ ،‬فرجع معهم حت إذا كان ف مكانه‬
‫الول‪ ،‬ربض فضربوه‪ ،‬فتمرغ‪ ،‬فلم يزالوا كذلك‪ ،‬فعالوه‪ ،‬حت كان مع طلوع الشمس‪،‬‬
‫طلعت عليهم الطي معها‪ ،‬وطلعت عليهم طي من البحر أمثال اليحاميم سود‪ ،‬فجعلت‬

‫‪42‬‬ ‫‪42‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ترميهم وكل طائر ف منقاره حجر‪ ،‬وف رجليه حجران‪ ،‬فإذا رمت بتلك مضت‪ ،‬وطلعت‬
‫أخرى‪ ،‬فل تقع حجرة من حجارتم تلك على بطن إل خرقته‪ ،‬ول عظم إل أوهاه ونقبه‪.‬‬
‫وثار أبو يكسوم راجعا‪ ،‬قد أصابته بعض الجارة‪ ،‬فجعل كلما قدم أرضا انقطع منه فيها‬
‫أرب‪ ،‬حت إذا انتهى إل اليمن‪ ،‬ول يبق منه شيء إل اباده‪ ،‬فلما قدمها انصدع صدره‪،‬‬
‫وانشق بطنه‪ ،‬فهلك‪ ،‬ول يصب من الشعريي وخثعم أحد‪.‬‬
‫ولا فزعوا إل دليلهم ذلك‪ ،‬يسألون عنه‪ ،‬فجعلوا يقولون‪ :‬يا نفيل‪ ،‬يا نفيل‪ ،‬وقد دخل‬
‫نفيل الرم‪ ،‬ففي ذلك يقول نفيل‪:‬‬
‫أل ردي جالـك يا ردينـا‬

‫نعمناكم مع الصباح عينـا‬


‫فإنك لو رأيت‪ ،‬ولـن نـريه‬

‫إل جنب الحصب ما رأينا‬


‫إذا لشيته وفزعت مـنـه‬

‫ول تأسي على ما فات عينا‬


‫خشيت ال لا رأيت طـيا‬

‫وقذف حجارة ترمي علينـا‬


‫وكلهم يسائل عـن نـفـيل‬

‫كأن علي للحبـشـان دينـا‬


‫وقال الغية بن عبد ال بن عمر بن مزوم‪:‬‬
‫أنت حبست الفيل بالغمـس‬

‫‪43‬‬ ‫‪43‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أهلكت أبا يكسوم والغلس‬
‫كردستهم وأنت غي مكردس‬

‫تدعسهم وأنت غي مدعس‬


‫وقال عبد الطلب‪ ،‬وهو يرتز ويدعو على البشة‪:‬‬
‫يا رب ل أرجو لم سواكا‬

‫يا رب فامنع منهم حاكا‬


‫إن عدو البيت من عاداكا‬

‫إنم لن يقهروا قـواكـا‬


‫وقال عبد الطلب حي انصرفوا‪:‬‬
‫منعت الرض الـتـي حـمـيت‬

‫من للئام فلم تلـق لـهـم دارا‬


‫منعت مكة منهـم إنـنـي رجـل‬

‫ذو أسرة ل نكن ف الب غدارا‬


‫إذ قلت يا صاحب البشان إن لنـا‬

‫من دون أن يهدم العمور أخطارا‬


‫فسار ف جيشه بالفيل مـقـتـدرا‬

‫وسرت مستبسل للموت صبـارا‬


‫ف فتية من قريش ليس ميتـهـم‬

‫‪44‬‬ ‫‪44‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫بورث حيهم شـينـا ول عـارا‬


‫حدثنا أحد‪ ،‬نا يونس بن بكي‪ ،‬عن عبد ال بن عون‪ ،‬عن ممد بن سيين‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن عباس ف قوله‪ :‬وأرسل عليهم طيا أبابيل‪ ،‬قال‪ :‬طي لا خراطيم كخراطيم الطي‪،‬‬
‫وأكف كأكف الكلب‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا أب‪ ،‬ويونس جيعا‪ ،‬عن قيس بن الربيع‪ ،‬عن جابر بن عبد الرحن بن‬
‫أسباط‪ ،‬عن عبيد بن عمي‪ :‬وأرسل عليهم طيا أبابيل قال‪ :‬طيا أقبلت من قبل البحر‬
‫كانا رجال الند ترميهم بجارة من سجيل أصغرها مثل رؤوس الرجال‪ ،‬وأعظمها مثل‬
‫البل الزل‪ ،‬ما رمت أصابت‪ ،‬ما أصابت قتلت‪ ،‬وزاد فيه أب‪ :‬البابيل التتابعة‪ ،‬ما أرادت‬
‫أصابت‪ ،‬وما أصابت قتلت‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر بن حزم‪ ،‬عن‬
‫عمرة ابنة عبد الرحن بن أسعد بن زرارة عن عائشة زوج النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قالت‪ :‬لقد رأيت قائد الفيل‪ ،‬وسائسه أعميي مقعدين‪ ،‬يستطعمان بكة‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ ،‬نا يونس عن ابن أسحق قال‪ :‬حدثن يعقوب بن عتيبة بن الغية ابن الخنس‬
‫قال‪ :‬حدثت أنه أول ما رؤي ف أرض العرب‪ :‬الصبة‪ ،‬والدري‪ ،‬ومرائر الشجر من‬
‫العشر والرمل وأشباه ذلك‪ ،‬عام الفيل‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر بن حزم‬
‫قال‪ :‬قدمت آمنة بنت وهب‪ ،‬أم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬برسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على أخواله من بن عدي بن النجار بالدينة‪ ،‬ث رجعت به‪ ،‬حت إذا كانت‬
‫بالبواء هلكت با‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ابن ست سني‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس‪ ،‬عن ابن إسحق‪ ،‬قال‪ :‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم مع‬
‫جده عبد الطلب‪ ،‬فحدثن العباس بن عبد ال بن معبد‪ ،‬عن بعض أهله قال‪ :‬كان يوضع‬
‫لعبد الطلب جد رسول ال صلى ال عليه وسلم فراش ف ظل الكعبة‪ ،‬فكان ل يلس‬
‫عليه أحد من بنيه إجللً له‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يأت حت يلس عليه‪،‬‬
‫فيذهب أعمامه يؤخرونه‪ ،‬فيقول جده عبد الطلب‪ :‬دعوا بن‪ ،‬فيمسح على ظهره‪،‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪45‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ويقول‪ :‬إن لبن هذا شأنا‪ ،‬فتوف عبد الطلب‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ابن ثان‬
‫سني‪ ،‬بعد الفيل بثمان سني‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس‪ ،‬عن ابن إسحق قال‪ :‬ما عبد ال بن أب بكر بن حزم قال‪ :‬ذهب‬
‫رجل بصنعاء بفر خربة من خربا لبعض ما ينتفع به الناس‪ ،‬فكشف عن عبد ال بن‬
‫التامر‪ ،‬قاعدا يده على شجة برأسه موضوعة‪ ،‬إذا أخروا يده عنها‪ ،‬نبعت دما‪ ،‬وإذا‬
‫أرسلوها ردها فوضعها عليها‪ ،‬ف يده خات‪ ،‬نقشه رب ال‪ ،‬فكتب ف ذلك إل عمر بن‬
‫الطاب‪ ،‬فكتب أن‪ :‬ارددوا عليه ما كان عليه‪ ،‬وأقروه حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن‬
‫إسحق قال‪ :‬وكان على دين عيسى عليه السلم‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن أب خلدة خالد بن دينار قال‪ :‬نا أبو العالية قال‪:‬‬
‫لا فتحنا تستر‪ ،‬وجدنا ف بيت مال الرمزان سريرا عليه رجل ميت‪ ،‬عند رأسه مصحف‬
‫له‪ ،‬فأخذنا الصحف فحملناه إل عمر بن الطاب‪ ،‬فدعا له كعبا‪ ،‬فنسخه بالعربية‪ ،‬فأنا‬
‫أول رجل من العرب قرأه‪ ،‬قرأته مثلما أقرأ القرآن هذا‪ ،‬فقلت لب العالية‪ :‬ما كان فيه?‬
‫فقال‪ :‬سيتكم وأموركم‪ ،‬ولون كلمكم‪ ،‬وما هو كائن بعد‪ ،‬قلت‪ :‬فما صنعتم‬
‫بالرجل? قال‪ :‬حفرنا بالنهار ثلثة عشر قبا متفرقة‪ ،‬فلما كان الليل دفناه‪ ،‬وسوينا القبور‬
‫كلها‪ ،‬لنعميه على الناس‪ ،‬ل ينبشونه‪ ،‬قلت‪ :‬وما يرجون منه? قال‪ :‬كانت السماء إذا‬
‫حبست عليهم‪ ،‬برزوا بسريره فيمطرون‪ ،‬قلت‪ :‬من كنتم تظنون الرجل? قال‪ :‬رجل يقال‬
‫له دانيال‪ ،‬فقلت‪ :‬منذ كم وجدتوه مات? قال‪ :‬منذ ثلثائة سنة‪ ،‬قلت‪ :‬ما كان تغي‬
‫بشيء? قال‪ :‬ل‪ ،‬إل شعيات من قفاه‪ ،‬إن لوم النبياء ل تبليها الرض‪ ،‬ول تأكلها‬
‫السباع‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن إسحق قال‪ :‬لا حضرت عبد الطلب الوفاة‪،‬‬
‫قال لبناته‪ :‬ابكي حت أسع كيف تقلن‪ ،‬وكن ست نسوة‪ ،‬وهم أميمة‪ ،‬وأم حكيم‪ ،‬وبرة‪،‬‬
‫وعاتكة‪ ،‬وصفية‪ ،‬وأروى‪ ،‬فقالت أميمة‪:‬‬
‫أل هلك راعي العشية ذو العقـد‬

‫وساقي الجيج الحامي عن المد‬

‫‪46‬‬ ‫‪46‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن يؤلف الار الغريب لبـيتـه‬

‫إذا ما ساء البيت تبخل بالـرعـد‬


‫وقالت عاتكة‪:‬‬
‫أعن جـودا ول تـبـخـل‬

‫بدمعكما بعـد نـوم الـنـيام‬


‫أعن واسحو فزا واسـكـبـا‬

‫وشوبا بكاء كمـا بـالـنـدام‬


‫على الحفل الغمر ف النائبا‬

‫ت كري الساعي وف الذمام‬


‫على شيبة المد واري الزناد‬

‫وذي مصدق بعد ثبت القـام‬


‫وقالت صفية‪:‬‬
‫أرقت لصوت نـائحة بـلـيل‬

‫على رجل بقارعة الصعـيد‬


‫ففاضت عند ذلكم دمـوعـي‬

‫على خدي كمنحدر الـفـريد‬


‫على الغياض شيبة ذي العال‬

‫‪47‬‬ ‫‪47‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أبيك الي وارث كل جـود‬
‫طويل الباع أروع شيظـمـي‬

‫مطاع فيعشـيتـه حـمـيد‬


‫عظيم اللم من نفـر كـرام‬

‫خضـارمة مـلوئة أسـود‬


‫وقالت البيضاء أم حكيم‪ ،‬والبيضاء جدة عثمان بن عفان‪ ،‬أم أمه‪ ،‬وكانت البيضاء عند‬
‫كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شس فولدت له عامرا وأروى‪:‬‬
‫أل يا عي جودي واستهلـي‬

‫وبكي ذا الندى والكرمات‬


‫أل يا عي ويك أسعفينـي‬

‫بدمع من دموع هاطـلت‬


‫فبكى خي من ركب الطايا‬

‫أباك الي تيار الـفـرات‬


‫طويل الباع شيبة ذا العال‬

‫كري اليم ممود البات‬


‫وصولً للقرابة هـبـرزيا‬

‫وغيثا ف السني المحلت‬


‫فبكيه ول تسمى بـحـزن‬

‫‪48‬‬ ‫‪48‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫وبكى ما بكي البـاكـيات‬


‫وقالت بره‪:‬‬
‫أعينـي جـودا بـدمـع درر‬

‫على جطيب اليم والعتصر‬


‫على ماجد الد واري الـزنـا‬

‫د جيل الحيا عظيم الطـر‬


‫على شيبة المد ذي الكرمـا‬

‫ت وذي الجد والعز والفتخر‬


‫وذي الفضل واللم ف النـائيا‬

‫ت كثي الكارم جم الفـخـر‬


‫له فضل مد علـى قـومـه‬

‫مبي يلوح كضوء الـقـمـر‬


‫أتته النـايا فـلـم تـسـوءه‬

‫بصرف الليال وريب القـدر‬


‫وقالت أروى‪:‬‬
‫بكت عين وحق لا البـكـاء‬

‫على سح سجيتـه الـحـياء‬

‫‪49‬‬ ‫‪49‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫على سهل الليفة أبطـحـي‬

‫كري الد نـيتـه الـعـلء‬


‫على الغياض شيبة ذي العال‬

‫أبيك الي ليس لـه كـفـاء‬


‫طويل الباع أملس شيظـمـى‬

‫أغر كـأن غـرتـه ضـياء‬


‫ومعقل مالك وربـيع فـهـر‬

‫وفاصلها إذا التبس القضـاء‬


‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ومات عبد الطلب‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ابن ثان سني‪ ،‬فلم يبك أحد كان قبله بكاه‪.‬‬
‫وول زمزم والسقاية من بن الطلب بعده العباس بن عبد الطلب‪ ،‬وهو يومئذ أحدث‬
‫إخوته سنا‪ ،‬فلم تزل إليه حت قام السلم وهي بيده‪ ،‬فأقره رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم على ما مضى‪ ،‬فهي إل آل العباس بولية العباس إياها إل هذا اليوم‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ولا هلك عبد الطلب‪ ،‬كانت الرئاسة‬
‫بعده والشرف والسن ف قومه بن عبد مناف لرب بن أمية بن عبد شس بن عبد مناف‪،‬‬
‫فأطعم الناس‪ ،‬وحاط العشية‪ ،‬وشرف قومه‪ ،‬ونصب قبة بكة للضيف‪ ،‬يطعم فيها من‬
‫جاءه‪ ،‬وكان عبد الطلب فيما يزعمون يوصي أبا طالب برسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وذلك أن عبد ال وأبا طالب لم‪ ،‬فقال عبد الطلب فيما يزعمون فيما يوصيه به‪ ،‬واسم‬
‫أب طالب عبد مناف‪:‬‬
‫أوصيك يا عبد مناف بعـدي‬

‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بوحد بـعـد أبـيه فـرد‬
‫فارقه وهو ضجيع الـهـد‬

‫فكنت كالم له ف الـوجـد‬


‫تدنيه من أحشائها والـكـبـد‬

‫حت إذا خفت مداد الوعـد‬


‫أوصيت أرجى أهلنا للتوفـد‬

‫بابن الذي غيبته ف اللـحـد‬


‫بالكره من ث ل بالـعـمـد‬

‫فقال ل والقـول ذو مـرد‬


‫ما ابن أخي ما عشت ف معد‬

‫إل كأدن ولدي فـي الـود‬


‫عندي أرى ذلك باب الرشـد‬

‫بل أحد قد يرتى للرشـد‬


‫وكل أمر فـي المـور ود‬

‫قد علمت علم أهل العهـد‬


‫ان ابن سـيد أهـل نـجـد‬

‫يعلو على ذي البدن الشـد‬

‫‪51‬‬ ‫‪51‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وقال عبد الطلب أيضا‪:‬‬
‫أوصيت من كنيته بطـالـب‬

‫عبد مناف وهو ذو تارب‬


‫بابن الـذي قـد غـاب آئب‬

‫بابن أخ والنسوة البـائب‬


‫بابن البيب أقرب القارب‬

‫فقال ل كشبه العـاتـب‬


‫ل توصن ان كنت بالعاتب‬

‫يثابت الق علـي واجـب‬


‫ممد ذو العرف والـذوائب‬

‫قلب إليه مـقـبـل وائب‬


‫فلست باليس غي الراغـب‬

‫بأن يق ال قول الراهـب‬


‫فيه وأن يفضل آل غـالـب‬

‫إن سعت أعجب العجائب‬


‫من كل حب عال وكـاتـب‬

‫هذا الذي يقتاد كالـنـائب‬

‫‪52‬‬ ‫‪52‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫من حل بالبطح والخاشب‬

‫أيضا ومن ثاب إل الثاوب‬


‫من ساكن للحرم أو مانب‬

‫آخر الزء الول من كتاب الغازي لبن إسحق ‪-‬يتلوه ف الثان إن شاء ال حديث بيا‬
‫الراهب والمد ل حق حده‪ ،‬وصلواته على ممد خي خلقه‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫تسليما كثيا‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيل‪.‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم توكلت على ال‬
‫حديث بيا الراهب‬
‫أخرنا الشيخ أبو السي أحد بن ممد بن النقور البزاز قراءة عليه وأنا أسع قال‪ :‬أخبنا‬
‫أبو طاهر ممد بن عبد الرحن الخلص قال‪ :‬قرئ على أب السن رضوان بن أحد وأنا‬
‫أسع قال‪ :‬حدثنا أبو عمر أحد بن عبد البار العطاردي قال‪ :‬حدثنا يونس بن بكي عن‬
‫ممد بن إسحق قال‪ :‬وكان أبو طالب هو الذي أضاف أمر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إليه بعد جده‪ ،‬فكان إليه ومعه‪.‬‬
‫ث إن أبا طالب خرج ف ركب إل الشام تاجرا‪ ،‬فلما تيأ للرحيل‪ ،‬وأجع السي صب له‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخذ بزمام ناقته وقال‪ :‬يا عم إل من تكلن ل أب ل ول‬
‫أم? فرق له أبو طالب وقال‪ :‬وال لخرجن به معي ول يفارقن ول أفارقه أبدا؛ أو كما‬
‫قال‪.‬‬
‫فخرج به معه‪ ،‬فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام‪ ،‬وبا راهب يقال له بيا ف‬
‫صومعة له‪ ،‬وكان أعلم أهل النصرانية‪ ،‬ول يزل ف تلك الصومعة قط راهب إليه يصي‬
‫علمهم عن كتاب فيهم فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر‪ ،‬فلما نزلوا ذلك العام‬
‫ببحيا وكانوا ما يرون به قبل ذلك ل يكلمهم ول يعرض لم‪ ،‬حت إذا كان ذلك العام‬
‫نزلوا به قريبا من صومعته‪ ،‬فصنع لم طعاما كثيا‪ ،‬وذلك ‪-‬فيما يزعمون‪ -‬عن شيء رآه‬

‫‪53‬‬ ‫‪53‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وهو ف صومعته ف الركب‪ ،‬حي أقبلوا حت نزلوا بظل شجرة قريبا منه‪ ،‬فنظر إل الغمام‬
‫حت أظلت تتها‪ ،‬فلما رأى ذلك بيا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع‪ ،‬ث‬
‫أرسل إليهم فقال‪ :‬إن قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش‪ ،‬وأنا أحب أن تضروا‬
‫كلكم صغيكم وكبيكم‪ ،‬وحركم وعبدكم‪ ،‬فقال له رجل منهم‪ :‬يا بيا إن ذلك اليوم‬
‫لشأنا ما كنت تصنع هذا فيما مضى‪ ،‬وقد كنا نر بك كثيا فما ‪ 2‬شأنك اليوم? فقال له‬
‫بيا‪ :‬صدقت قد كان ما تقول‪ ،‬ولكنكم ضيف‪ ،‬وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم‬
‫طعاما تأكلون منه كلكم صغيكم وكبيكم‪ ،‬فاجتمعوا إليه‪ ،‬وتلف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من بي القوم ‪-‬لداثة سنه‪ -‬ف رحال القوم تت الشجرة‪ ،‬فلما نظر بيا ف‬
‫القوم ل ير الصفة الت يعرف ويد عنده‪ ،‬قال‪ :‬يا معشر قريش ل يتخلف أحد منكم عن‬
‫طعامي هذا‪ ،‬قالوا له‪ :‬يا بيا ما تلف ف رحالم‪ ،‬قال‪ :‬فل تفعلوا ادعوه فليحضر هذا‬
‫الطعام معكم‪ ،‬فقال رجل مع القوم من قريش‪ :‬واللت والعزى إن هذا للؤم بنا‪ ،‬يتخلف‬
‫ابن عبد ال بن عبد الطلب عن الطعام من بيننا! ث قام إليه فاحتضنه‪ ،‬ث أقبل به حت‬
‫أجلسه مع القوم‪ ،‬فلما رآه بيا جعل يلحظه لظا شديدا‪ ،‬وينظر إل أشياء من جسده‬
‫قد كان يدها عنده ف صفته‪ ،‬حت إذا فرغ القوم من الطعام وتفرقوا قام بيا فقال له‪ :‬يا‬
‫إلم أسألك باللت والعزى إل أخبتن عما أسألك عنه‪ ،‬وإنا قال له بيا ذلك لنه سع‬
‫قومه يلفون بما‪ ،‬فزعموا أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال له‪ :‬ل تسلن باللت‬
‫والعزى شيئا‪ ،‬فو ال ما أبغضت شيئا قط بغضهما‪ ،‬فقال له بيا‪ :‬فبال إل أخبتن عما‬
‫أسلك عنه‪ ،‬قال‪ :‬سلن عما بدا لك‪ ،‬فجعل يسأله عن أشياء من حاله‪ :‬من نومه‪ ،‬وهيئته‪،‬‬
‫وأموره‪ ،‬فجعل رسول ال صلى ال عليه وسلم يبه فيوافق ذلك ما عند بيا من صفته‪،‬‬
‫ث نظر إل ظهره فرأى خات النبوة بي كتفيه على موضعه من صفته‪ ،‬ث نظر إل ظهره‬
‫فرأى خات النبوة بي كتفيه على موضعه من صفته الت عنده‪ ،‬فلما فرغ منه أقبل على عمه‬
‫أب طالب فقال له‪ :‬ما هذا اللم منك? قال‪ :‬ابن‪ ،‬قال له بيا‪ :‬ما هو بابنك‪ ،‬وما ينبغي‬
‫لذا اللم أن يكون أبوه حيا‪ ،‬قال‪ :‬فإنه ابن أخي‪ ،‬قال‪ :‬فما فعل أبوه? قال‪ :‬مات وأمه‬
‫حبلى به‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬ارجع بابن أخيك إل بلده‪ ،‬واحذر عليه اليهود‪ ،‬فوال لئن رأوه‬
‫وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا‪ ،‬فإنه كائن لبن أخيك هذا شأن فأسرع به إل بلده‪،‬‬

‫‪54‬‬ ‫‪54‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فخرج به عمه أبو طالب سريعا حت أقدمه مكة حي فرغ من تارته بالشام‪.‬‬
‫فزعموا فيما يتحدث الناس أن زبيا وتاما ودريسا‪ ،‬وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا‬
‫رأوا من رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪-‬ف ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أب‬
‫طالب‪ -‬أشياء‪ ،‬فأرادوه‪ ،‬فردهم عنه بيا‪ ،‬وذكرهم ال عز وجل‪ ،‬وما يدون ف الكتاب‬
‫من ذكره وصفته‪ ،‬أنم إن أجعوا لا أرادوا ل يلصوا إليه‪ ،‬حت عرفوا ما قال لم‪،‬‬
‫وصدقوه با قال‪ ،‬فتركوه وانصرفوا‪ ،‬فقال أبو طالب ف ذلك من الشعر‪ ،‬يذكر مسيه‬
‫برسول ال صلى ال عليه وسلم وما أرادوا منهى‪-‬أولئك النفر‪ -‬وما قال لم فيه بيا‪:‬‬
‫إن ابن آمنة النب مـحـمـدا‬

‫عندي بثل مـنـازل الولد‬


‫لا تعلق لزمام رحـمـتـه‬

‫والعيس قد قلصـن بـالزواد‬


‫فارفض من عين دمع ذارف‬

‫مثل المان مفـرق الفـراد‬


‫راعيت فيه قرابة مـوصـولة‬

‫وحفظت فيه وصية الحـداد‬


‫وأمرته بالسي بي عـمـومة‬

‫بيض الوجوه مصالت أنـاد‬


‫ساروا لبعد طية مـعـلـومة‬

‫فلقد تباعد طـيه الـمـرتـاد‬

‫‪55‬‬ ‫‪55‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حت إذا ما القوم بصرى عاينوا‬

‫لقوا على شرك من الرصاد‬


‫حبا فأخبهم حديثا صادقـا‬

‫عنه ورد معاشر الـسـاد‬


‫قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى‬

‫ظل الغمام وعز ذي الكـياد‬


‫ساروا لقتل ممد فنهـاهـم‬

‫عنه وأجهد أحسن الجهـاد‬


‫فثن زبيا بيا فانـثـنـى‬

‫ف القوم بعد تادل وبعـاد‬


‫ونى دريسا فانتهى عن قوله‬

‫حب يوافق أمـره بـرشـاد‬


‫وقال أبو طالب أيضا‪:‬‬
‫أل ترن من بعد هم هـمـتـه‬

‫بفرقه حـر الـوالـدين كـرام‬


‫بأحد لا أن شددت مـطـيتـي‬

‫برحلي وقد ودعـتـه بـسـلم‬

‫‪56‬‬ ‫‪56‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بكى حزنا والعيس قد فصلت بنـا‬

‫وأخذت بالكفي فـضـل زمـام‬


‫ذكرى أباه ث رقرقـت عـبـرة‬

‫تود من العينـي ذات سـجـام‬


‫فقلت‪ :‬تروح راشدا ف عمـومة‬

‫مواسي ف البأساء غـي لـئام‬


‫فرحنا مع العي الت راح أهلهـا‬

‫شآمي الوى والصل غي شآمي‬


‫فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا‬

‫لنا فوق دور ينظـرون جـسـام‬


‫فجاد بيا عنـد ذلـك حـاشـدا‬

‫لنا بشراب طـيب وطـعـام ‪4‬‬


‫فقال‪ :‬اجعوا أصحابكم لطعامنـا‬

‫فقلنا جعنا الـقـوم غـي إلم‬


‫يتيم‪ ،‬فقال‪ :‬ادعوه إن طعـامـنـا‬

‫كثي‪ ،‬عليه الـيوم غـي حـرام‬


‫فلما رآه مـقـبـلً نـحـو داره‬

‫‪57‬‬ ‫‪57‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫يوقيه حر الشمس ظل غـمـام‬


‫حنا رأسه شبه السجود وضـمـه‬

‫إل نره والصدر أي ضـمـام‬


‫وأقبل ركب يطلبـون الـذي رأى‬

‫بيا من العلم وسـط خـيام‬


‫فثار إليهم خشية لـعـرامـهـم‬

‫وكانوا ذوي دهى معـا وعـرام‬


‫دريسا وتاما وقد كـان فـيهـم‬

‫زبيا وكل الـقـوم غـي نـيام‬


‫فجاءوا وقد هوا بقتل مـحـمـد‬

‫فردهم عنه بـسـن خـصـام‬


‫بتاويله التوراة حتـى تـفـرقـوا‬

‫وقال لم‪ :‬ما أنـتـم بـطـغـام‬


‫فذلك مـن أعـلمـه وبـيانـه‬

‫وليس نـار واضـح كـظـلم‬


‫وقال طالب أيضا‪:‬‬
‫بكى طربا لا رآنـا مـحـمـد‬

‫‪58‬‬ ‫‪58‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫كأن ل يران راجعا لـعـاد‬


‫فبت يافين تـهـلـل دمـعة‬

‫وقربته من مضجعي ووسـادي‬


‫فقلت له‪ :‬قرب قعودك وارتل‬

‫ول تشى من جفوة ببـلدي‬


‫وخل زمام العيسى وارتلن بنـا‬

‫على عزمة من أمرنا ورشـاد‬


‫ورح رائحا ف الراشدين مشيعا‬

‫لذي رحم ف القوم غي معـاد‬


‫فرحنا مع العي الت راح ركبها‬

‫يؤمون على غوري أرض إباد‬


‫فما رجعوا حت رأوا من ممد‬

‫أحاديث تلو غـم كـل فـؤاد‬


‫وحت رأوا حبـار كـل مـدينة‬

‫سجودا له من عصـبة وفـراد‬


‫زبيا وتاما وقد كان شـاهـدا‬

‫‪59‬‬ ‫‪59‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫دريسا وهوا كلهم بـفـسـاد‬
‫فقال لم قولً بيا وأيقـنـوا‬

‫له بعد تكذيب وطـول بـعـاد‬


‫كما قال للرهط الذين تـهـودوا‬

‫وجاهدهم ف ال كل جـهـاد‬
‫فقال ول بلك له النصـح‪ :‬رده‬

‫فإن له أرصاد كـل مـضـاد‬


‫فإن أخاف الـاسـدين وإنـه‬

‫أخو الكتب نكتوب بكـل مـداد‬


‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فشب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يكلؤه ال ويفظه ويوطه من أقذار الاهلية ومعائبها لا يريد به من كرامته ورسالته‪،‬‬
‫وهو على دين قومه‪ ،‬حت بلغ أن كان رجلً أفضل قومه مروءة‪ ،‬وأحسنهم خلقا‪،‬‬
‫وأكرمهم مالطة وأحسنهم جوارا‪ ،‬وأعظمهم خلقا‪ ،‬وأصدقهم حيثا‪ ،‬وأعظمهم أمانة‪،‬‬
‫وأبعدهم من الفحش ‪ 5‬والخلق الت تدنس الرجال تنها وتكرما‪ ،‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيما ذكر ل‪ ،‬يدث عما كان يفظه ال عز وجل به ف صغره‬
‫وأمر جاهليته‪.‬‬
‫حدثنا احد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فحدثن والدي إسحق بن يسار عمن حدثه‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال فيما يذكر من حفظ ال عز وجل إياه‪ :‬إن لع‬
‫غلمان هم أسنان قد جعلنا أزرنا على أعناقنا لجارة ننقلها نلعب با إذ لكمن لكم‬
‫لكمة شديدة ث قال‪ :‬أشدد عليك إزارك‪.‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن عمرو بن ثابت عن ساك بن حرب عن عكرمة عن ابن‬
‫عباس قال‪ :‬حدثن بنت قريش البيت‪ ،‬فأفردت قريش رجلي رجلي‪ ،‬وكان النساء ينقلن‬
‫الشيد‪ ،‬وكان الرجال ينقلون الجارة‪ ،‬فكنت أنقل أنا وابن أخي‪ ،‬فكنا نمل على رقابنا‬
‫وأزرنا تت الجارة‪ ،‬فإذا غشينا الناس ائتززنا‪ ،‬فبينا أنا أمشي وممد صلى ال عليه وسلم‬
‫قدامي ليس عليه سيء‪ ،‬إذ خر ممد فانبطح‪ ،‬فألقت حجري وجئت أسعى وهو ينظر إل‬
‫السماء فوقه‪ ،‬فقلت‪ :‬ماشأنك? فقام فأخذ ازاره ونان أمشي عريانا‪ ،‬فلبثت أكتمها الناس‬
‫مافة أن يقولوا منون‪ ،‬حت أظهر ال عز وجل نبوته‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن عبد ال ابن قيس بن‬
‫مرمة عن السن بن ممد بن علي بن أب طالب عن أبيه عن جده علي بن أب طالب‬
‫قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬ما همت بشيء ما كان أهل الاهلية‬
‫يهمون به من النساء إل ليلتي كلتاها عصمن ال عز وجل فيهما‪ :‬قلت ليلة لبعض فتيان‬
‫مكة ونن ف رعاية غنم أهلنا‪ ،‬فقلت لصاحب‪ :‬أتبصر ل غنمي حت أدخل مكة فأسر‬
‫فيها كما يسمر عزفا بالغرابيل والزامي‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذا? فقيل‪ :‬تزوج فلن فلنة‪،‬‬
‫فجلست أنظر‪ ،‬وضرب ال عز وجل على أذن‪ ،‬فو ال ما أيقظن إل مس الشمس‪،‬‬
‫فرجعت إل صاحب‪ ،‬فقال‪ :‬ما فعلت‪ :‬ما ‪ 6‬فعلت شيئا ث أخبته بالذي رأيت‪ ،‬ث قلت‬
‫له ليلة أخرى‪ :‬أبصر ل غنمي حت أسر بكة‪ ،‬ففعل‪ ،‬فدخلت‪ ،‬فلما جئت مكة سعت‬
‫مثل الذي سعت تلك الليلة‪ ،‬فسألت فقيل‪ :‬فلن نكح فلنة فجلست أنظر‪ ،‬وضرب ال‬
‫عز وجل على أذن‪ ،‬فو ال ما أيقظن إل مس الشمس‪ ،‬فرجعت إل صاحب فقال‪ :‬ما‬
‫فعلت? فقلت‪ :‬ل شيء‪ ،‬ث أخبته الب‪ ،‬فوال ما همت ول عدت بعدها لشيء من‬
‫ذلك حت أكرمن ال عز وجل بنبوته‪.‬‬
‫حديث خدية ابنة خويلد‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكانت خدية ابنة خويلد إمرأة تاجرة ذات‬
‫شرف ومال‪ ،‬تستأجر الرجال ف مالا وتضاربم إياه بشيء تعله لم منه‪ ،‬وكانت قريش‬
‫قوما تارا‪ ،‬فلما بلغها عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه‪،‬‬
‫وعظم أمانته‪ ،‬وكرم أخلقه‪ ،‬بعثت إليه‪ ،‬فعرضت عليه أن يرج ف ما لا تاجرا إل‬

‫‪61‬‬ ‫‪61‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الشام‪ ،‬وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيه من التجار مع إلم لا يقال له ميسرة‪ ،‬حت‬
‫قدم الشام‪ ،‬فنل رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ظل شجرة قريبا من صومعة ارهب‬
‫من الرهبان‪ ،‬فاطلع الراهب على ميسرة‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا الرجل الذي نزل تت هذه‬
‫الشجرة? فقال له ميسرة‪ :‬هذا رجل من قريش من أهل الرم‪ ،‬فقال له الراهب‪ :‬ما نزل‬
‫تت هذه الشجرة قط إل نب‪.‬‬
‫ث باع رسول ال صلى ال عليه وسلم سلعته الت خرج با‪ ،‬واشترى ما أراد أن يشتري‪،‬‬
‫ث أقبل قافلً إل مكة ومعه ميسرة‪ ،‬فكان ميسرة فيما يزعمون‪ ،‬إذا كانت الاجرة واشتد‬
‫الريرى ملكي يظلنه من الشمس‪ ،‬وهو يسي على بعيه‪ ،‬فلما قدم مكة على خدية‬
‫بالا‪ ،‬باعت ما جاء به‪ ،‬فأضعف‪ ،‬أو قريبا‪ ،‬وحدتا ميسرة عن قول الراهب‪ ،‬وعما كان‬
‫يرى من إظلل اللكي إياه‪ ،‬وكانت خدية امرأة حازمة شريفة لبيبة‪ ،‬مع ما أراد ال عز‬
‫وجل با من كرامته‪.‬‬
‫فلما أخبها ميسرة عما أخبها به بعثت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقالت له‬
‫‪-‬فيما يزعمون ‪ :-‬يا ابن عم أن قد رغبت فيك لقرابتك من‪ ،‬وشرفك ف قومك‪،‬‬
‫وسطتك فيهم‪ ،‬وأمانتك عندهم‪ ،‬وحسن خلقك‪ ،‬وصدق حديثك‪ ،‬ث عرضت عليه‬
‫نفسها‪ ،‬وكانت خدية يومئذ أوسط نساء قريش نسبا‪ ،‬وأعظمهم شرفا‪ ،‬وأكثرهم مالً‪،‬‬
‫كل قومها قد كان حريصا على ذلك منها لو يقدر على ذلك‪.‬‬
‫وهي خدية ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلب بن مرة ابن كعب بن‬
‫لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة‪ ،‬وأمها فاطمة ابنة زيد بن الصم بن‬
‫رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي‪ ،‬وأمها هالة بنت عبد مناف بن‬
‫الارث بن عبد منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي‪ ،‬وأمها فلنة ابنة سعيد بن‬
‫سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي‪ ،‬وأمها عاتكة ابنة عبد العزى بن‬
‫قصي‪ ،‬وأمها ريطة ابنة كعب بن سعد ابن تيم بن مرة كعب بن لؤي‪ ،‬وأمها أميمة ابنة‬
‫عامر بن الارث بن فهر‪ ،‬وأمها ابنة سعد بن كعب بن عمرو‪ ،‬من خزاعة‪ ،‬وأمها فلنة‬
‫ابنة حرب بن الارث بن فهر‪ ،‬وأمها سلمى بنت غالب بن فهر‪ ،‬وأمها ابنة مارب بن‬
‫فهر‪.‬‬

‫‪62‬‬ ‫‪62‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فلما قالت لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ما قالت‪ ،‬ذكر ذلك لعمامه‪ ،‬فخرج معه منهم حزة بن عبد الطلب حت دخل‬
‫على أسد بن أسد‪ ،‬فخطبها إليه فتزوجها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فولدت له قبل‬
‫أن ينل عليه الوحي ولده كلهم‪ :‬زينب‪ ،‬وأم كلثوم‪ ،‬ورقية‪ ،‬وفاطمة والقاسم‪ ،‬والطاهر‬
‫والطيب‪ ،‬فأما القاسم‪ ،‬والطاهر والطيب فهلكوا قبل السلم‪ ،‬وبالقاسم كان يكن صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬فأما بناته فأدركن السلم‪ ،‬وهاجرن معه‪ ،‬واتبعنه‪ ،‬وآمن به عليه السلم‪.‬‬
‫قصة الحبار‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكانت الحبار والرهبان أهل الكتابي هم‬
‫أعلم برسول ال صلى ال عليه وسلم قبل مبعثه وزمانه الذي يترقب فيه من العرب‪ ،‬لا‬
‫يدون ف كتبهم من صفاته‪ ،‬وما أثبت فيها عندهم من اسه‪ ،‬وبا أخذ عليهم من اليثاق‬
‫له ف عهد أنبيائهم وكتبهم ف اتباعه‪ ،‬فيستفتحون به على أهل الوثان من أهل الشرك‪،‬‬
‫ويبونم أن نبيا مبعوثا بدين إبراهيم اسه أحد‪ ،‬كذلك يدونه ف كتبهم وعهد أنبيائهم‪،‬‬
‫يقول ال تبارك وتعال‪ :‬الذي يتبعون الرسول النب المي الذي يدونه مكتوبا عندهم إل‬
‫قوله‪" :‬أولئك هم الفلحون" وقال ال تبارك وتعال‪" :‬وإذ قال عيسى بن مري يا بن‬
‫اسرائيل" الية كلها‪ ،‬وقال "ممد رسول ال والذين معه" الية كلها‪ ،‬وقوله‪" :‬وكانوا من‬
‫قبل يستفتحون على الذين كفروا" إل قوله‪" :‬فباءوا بغضب على غضب وللكافرين‬
‫عذاب مهي"‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكانت العرب أميي ل يدرسون كتابا‪،‬‬
‫ول يعرفون من الرسل عهدا‪ ،‬ول يعرفون جنة ول نارا‪ ،‬ول بعثا ول قيامة إل شيئا‬
‫يسمعونه من أهل الكتاب‪ ،‬ول يثبت ف صدورهم‪ ،‬ول يعلمون به شيئا من أعمالم‪.‬‬
‫فكان فيما بلغنا من حديث الحبار والرهبان عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل أن‬
‫يبعثه ال عز وجل بزمان‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة قال حدثن‬
‫أشياخ منا قالوا‪ :‬ل يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول ال صلى ال عليه وسلم منا‪،‬‬
‫كان معنا يهود‪ ،‬وكانوا آهل كتاب‪ ،‬وكنا أصحاب وثن‪ ،‬فكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون‬

‫‪63‬‬ ‫‪63‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قالوا‪ :‬إن مبيا مبعوثا الن قد أظل زمانه نتبعه‪ ،‬فنقتلكم معه قتل عاد وإرم‪ ،‬فلما بعث ال‬
‫رسوله اتبعناه وكفروا به‪ ،‬ففينا وال وفيهم أنزل ال عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون‬
‫على الذين كفروا فلما جاءهم الية‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن صال بن إبراهيم ين عبد الرحن‬
‫بن عوف عن يي بن عبد ال بن عبد الرحن بن سعد بن زرارة قال‪ :‬حدثن من شئت‬
‫من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال‪ :‬وال إن للم يفعة ابن سبع سني أو ابن ثان‬
‫سني أعقل كل ما سعت إذ سعت يهوديا وهو ‪ 96‬على أطمه بيثرب‪ ،‬يصرخ‪ :‬يا معشر‬
‫يهود‪ ،‬فلما اجتمعوا إليه قالوا‪ :‬ويلك مالك? قال‪ :‬طلع نم أحد‪ ،‬الذي يبعث به‪ ،‬الليلة‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن صال بن إبراهيم عن ممود بن لبيد عن‬
‫سلمة بن سلمة بن وقش قال‪ :‬كان بي أبياتنا يهودي‪ ،‬فخرج على نادي قومي بن عبد‬
‫الشهل ذات غداة‪ ،‬فذكر البعث والقيامة‪ ،‬والنة والنار‪ ،‬والساب واليزان‪ ،‬فقال ذاك‬
‫لصحاب وثن ل يرون أن بعثا كائن بعد الوت‪ ،‬وذلك قبيل مبعث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ويلك يا فلن‪ ،‬وهذا كائن‪ ،‬إن الناس يبعثون بعد موتم إل دار فيها‬
‫جنة ونار‪ ،‬يزون من أعمالم? قال‪ :‬نعم والذي يلف به‪ ،‬لوددت أن حظي من تلك‬
‫النار‪ ،‬أن توقدوا أعظم تنور ف داركم فتحمونه‪ ،‬ث تقذفون فيه‪ ،‬ث تطينون على‪ ،‬وإن‬
‫أنو من النار غدا‪ ،‬فقيل‪ :‬يا فلن فما علمة ذلك? قال‪ :‬نب يبعث من ناحية هذه البلد‪،‬‬
‫وأشار بيده نو مكة واليمن قالوا‪ :‬فمت تراه? فرى بطرفه فرآن وأنا مضطجع بفناء باب‬
‫أهلي‪ ،‬فقال وأنا أحدث القوم إن يستنفذ هذا اللم عمره يدركه‪ ،‬فما ذهب الليل والنهار‬
‫حت بعث ال عز وجل رسوله صلى ال عليه وسلم وإنه لي بي أظهركم فآمنا به‪،‬‬
‫وصدقناه‪ ،‬وكفر به بغيا وحسدا‪ ،‬فقلنا له‪ :‬يا فلن ألست الذي قلت ما قلت‪ ،‬وأخبتنا?‬
‫قال‪ :‬ليس به‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ‬
‫من بن قريظة قال‪ :‬هل تدري عما كان اسلم أسيد وثعلبة بن سعية‪ ،‬وأسد بن عبيد‪ ،‬نفر‬
‫من هذيل‪ ،‬ل يكونوا من بن قريظة ول النضي‪ ،‬كانوا فوق ذلك? فقلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإنه‬
‫قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له ابن اليبان‪ ،‬فأقام عندنا‪ ،‬وال ما رأينا رجلً‬

‫‪64‬‬ ‫‪64‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قط ل يصلي المس خيا منه‪ ،‬فقدم علينا قبل مبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بسني‪ ،‬فكنا إذا قحطنا‪ ،‬وقل علينا الطر نقول‪ :‬يا بن اليبان اخرج فاستسق لنا‪ ،‬فيقول ل‬
‫وال حت تقدموا أمام مرجكم صدقة‪ ،‬فنقول‪ :‬كم? فيقول‪ :‬صاعا من تر‪ ،‬أو مدين من‬
‫شعي‪ ،‬فنخرجه‪ ،‬ث نرج إل ظاهر حرتنا‪ ،‬ونن معه فيستسقي‪ ،‬فو ال ما يقوم من ملسه‬
‫حت تر الشعاب‪ ،‬قد فعل ذلك غي ‪ 10‬مرة ول مرتي ول ثلثة‪ ،‬فحضرته الوفاة‪،‬‬
‫فاجتمعنا إليه فقال‪ :‬يا معشر يهود ما ترونه أخبن من أرض المر والمي إل ارض‬
‫البؤس والوع? قالوا‪ :‬أنت أعلم‪ ،‬قال‪ :‬فإنا أخرجن‪ ،‬أتوقع خروج نب قد أظل زمانه‪،‬‬
‫هذه البلد مهاجره‪ ،‬فاتبعه‪ ،‬فل تسبقن إليه إذا خرج يا معشر يهود‪ ،‬فإنه يبعث بسفك‬
‫الدماء‪ ،‬وسب الذراري والنساء من خالفه‪ ،‬فل ينعكم ذلك منه‪ ،‬ث مات فلما كانت الليلة‬
‫الت فتحت فيها قريظة‪ ،‬قال أولئك الفتية الثلثة‪ ،‬وكانوا شبابا أحداثا‪ :‬يا معشر يهود‬
‫وال إنه الذي كان ذكر ابن اليبان‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما هو به‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى وال إنه لصفته‪ ،‬ث نزلوا‬
‫فأسلموا‪ ،‬وخلوا أموالم وأولدهم وأهاليهم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كانت أموالم ف الصن مع الشركي‪ ،‬فلما‬
‫فتح رد ذلك عليهم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن قيس بن الربيع عن يونس بن أب مسلم عن عكرمة أن ناسا من‬
‫أهل الكتاب آمنوا برسلهم‪ ،‬وصدقوهم‪ ،‬وآمنوا بحمد صلى ال عليه وسلم قبل أن‬
‫يبعث‪ ،‬فلما بعث كفروا به‪ ،‬فذلك قوله تبارك وتعال‪ :‬فأما الذين اسودت وجوههم‬
‫أكفرت بعد ايانم وكان قوم من أهل الكتاب آمنوا برسلهم وبحمد صلى ال عليه وسلم‬
‫قبل أن يبعث‪ ،‬فلما بعث ممد آمنوا به فذلك قوله‪ :‬والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم‬
‫تقواهم‪.‬‬
‫إسلم سلمان الفارسي‬
‫نا أحد قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ممد بن إسحق قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة‬
‫عن ممود بن لبيد عن عبد ال بن عباس قال‪ :‬حدثن سلمان الفارسي قال‪ :‬كنت رجلً‬
‫من أهل فارس من أهل أصبهان من قرية يقال لا جي‪ ،‬وكان أب دهقان أرضه‪ ،‬وكان‬
‫يبن حبا شديدا‪ ،‬ل يبه شيئا من ماله ول ولده‪ ،‬فما وال به حبه إياي حت حبسن ف‬

‫‪65‬‬ ‫‪65‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫البيت كما يبس الارية‪ ،‬واجتهدت ف الجوسية حت كنت قطن النار الت يوقدها ل‬
‫يتركها تبو ساعة‪ ،‬فكنت كذلك ل أعلم من أمر الناس شيئا إل ما أنا فيه حت بن أب‬
‫بنيانا له‪ ،‬وكانت له ضيعة فيها بعض العمل‪ ،‬فدعان فقال‪ :‬أي بن إنه قد شغلن ما ترى‬
‫من بنيان عن ضيعت هذه‪ ،‬ول بد ل من اطلعها‪ ،‬فانطلق إليهم فمرهم بكذا وكذا ول‬
‫تتبس عن فإنك إن احتبست عن شغلتن عن كل شيء‪ ،‬فخرجت أريد ضيعته‪ ،‬فمررت‬
‫بكنيسة النصارى‪ ،‬فسمعت أصواتم ‪ 11‬فيها‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذا? فقالوا‪ :‬هؤلء النصارى‬
‫يصلون‪ ،‬فدخلت أنظر فأعجبن ما رأيت من حالم‪ ،‬فو ال ما زلت جالسا عندهم حت‬
‫غربت الشمس‪ ،‬وبعث أب ف طلب ف كل وجه حت جئته حي أمسيت‪ ،‬ول أذهب إل‬
‫ضيعته‪ ،‬فقال‪ :‬أي بن أين كنت‪ ،‬أل أكن قلت لك?! فقلت يا أبتاه مررت بأناس يقال‬
‫لم النصارى فأعجبن صلتم ودعاؤهم‪ ،‬فجلست أنظر كيف يفعلون‪ ،‬فقال‪ :‬أي نب‬
‫دينك ودين آبائك خي من دينهم‪ ،‬فقلت‪ :‬ل وال ما هو بي من دينهم‪ ،‬هؤلء قوم‬
‫يعبدون ال ويدعونه ويصلون له‪ ،‬ونن إنا نعبد نارا نوقدها بأيدينا‪ ،‬إذا تركناها ماتت‪،‬‬
‫فخافن‪ ،‬فجعل ف رجلي حديدا وحسبن ف بيت عنده‪ ،‬فبعثت إل النصارى فقلت لم‪:‬‬
‫أين أهل هذا الدين الذي أراكم عليه? فقالوا‪ :‬بالشام‪ ،‬فقلت‪ :‬فإذا قدم عليكم من هناك‬
‫أناس فآذنون‪ ،‬فقالوا‪ :‬نفعل‪ ،‬فقدم عليهم أناس من تارهم‪ ،‬فبعثوا إل‪ :‬إنه قد قدم علينا‬
‫تار من تارنا‪ ،‬فبعث إليهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرحيل بعثوا إل بذلك‪ ،‬فطرحت‬
‫الديد الذي ف رجلي‪ ،‬ولقت بم‪ ،‬فانطلقت معهم حت قدمت الشام فلما قدمتها‪،‬‬
‫قلت‪ :‬من أفضل أهل هذا الدين? قالوا‪ :‬السقف صاحب الكنيسة‪ ،‬فجئته فقلت له‪ :‬إن‬
‫قد أحببت أن أكون معك ف كنيستك‪ ،‬وأعبد ال فيها معك‪ ،‬وأعلم منك الي? قال‪:‬‬
‫فكن معي‪ ،‬فكنت معه‪ ،‬وكان رجل سوء‪ ،‬كان يأمرهم بالصدقة‪ ،‬ويرغبكم فيها‪ ،‬حت إذا‬
‫جعتموها إليه اكتنها ول يعطها الساكي‪ ،‬فقالوا‪ :‬وما علمة ذلك? فقلت‪ :‬أنا أخرج‬
‫لكم كنه‪ ،‬فقالوا‪ :‬فهاته فاخرجت لم سبع قلل ملوءة ذهبا وورقا‪ ،‬فلما راوا ذلك‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬وال ل يدفن أبدا فصلبوه على خشبة ورموه بالجارة‪ ،‬وجاءوا برجل آخر فجعلوه‬
‫مكانه‪ ،‬فل وال يا بن عباس ما رأيت رجلً قط ل يصلي المس أرى أنه أفضل منه‪،‬‬
‫أشد اجتهادا‪ ،‬ول أزهد ف الدنيا‪ ،‬ول أدأب ليل ول نارا منه‪ ،‬ما أعلمن أحببت شيئا‬

‫‪66‬‬ ‫‪66‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قط قبله حبه‪ ،‬فلم أزل معه حت حضرته الوفاة‪ ،‬فقلت‪ :‬يا فلن قد حضرك ما ترى من‬
‫أمرل ال عز وجل وإن وال ما ‪ 12‬أحببت شيئا قط حبك‪ ،‬فماذا تأمرن‪ ،‬وإل من‬
‫توصين? قال‪ :‬أي بن وال ما أعلمه إل رجلً بالوصل‪ ،‬فاتيه فإنك ستجده على مثل‬
‫حال‪ ،‬فلما مات وغيب‪ ،‬لقت بالوصل‪ ،‬فأتيت صاحبها‪ ،‬فوجدته على مثل حاله من‬
‫الجتهاد والزهاد ف الدنيا فقلت له‪ :‬إن فلنا أوصن إليك أن آتيك‪ ،‬وأكون معك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأقم أي بن فأقمت عنده على مثل أمر صاحبه حت حضرته الوفاة‪ ،‬فقلت له‪ :‬إن فلنا‬
‫أوصان إليك‪ ،‬وقد حضرك من أمر ال ما ترى‪ ،‬فإل من? قال‪ :‬وال ما أعلمه أي بن إل‬
‫ل بنصيبي هو على مثل ما نن عليه‪ ،‬فالق به‪ ،‬فلما دفناه لقت بالخر فقلت له‪ :‬يا‬ ‫رج ً‬
‫فلن إن فلنا أوصان إل فلن وفلن أوصان إليك‪ ،‬قال‪ :‬فأقم أي بن‪ ،‬فأقمن عنده على‬
‫مثل حالم حت حضرته الوفاة‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا فلن إنه قد حشرك من أمر ال ما ترى‪ ،‬وقد‬
‫كان فلن أوصان إل فلن وأوصان فلن إل فلن‪ ،‬وأوصان فلن إليك‪ ،‬فإل من? قال‪:‬‬
‫أي بن وال ما أعلم أحدأ على مثل ما نن عليه إل رجلً بعمورية من أرض الروم فاتيه‬
‫فإنك ستجده على مثل ما كنا عليه‪ ،‬فلما واريته خرجت حت قدمت على صاحب‬
‫عمورية فوجدته على مثل حالم‪ ،‬فأقمت عنده‪ ،‬واكتسبت حت كانت ل غنيمة‬
‫وبقرات‪ ،‬ث حضرته الوفاة‪ ،‬فقلت‪ :‬يا فلن إن فلنا كان أوصان إل فلن‪ ،‬وفلن إل‬
‫فلن‪ ،‬وفلن إليك‪ ،‬وقد حضرك من أمر ال ما ترى‪ ،‬فإل من توصين? قال‪:‬‬
‫أي بن وال ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرتك أن تأتيه‪ ،‬ولكنه قد أظلك‬
‫زمان نب يبعث من الرم‪ ،‬مهاجره بي حرتي إل أرض سبخة ذات نل‪ ،‬وإن فيه‬
‫علمات ل تفى‪ ،‬بي كتفيه خات النبوة‪ ،‬يأكله الدية‪ ،‬ول يأكل الصدقة‪ ،‬فإن استطعت‬
‫أن تلص إل تلك البلد فافعل فإنه أظلك زمانه‪ ،‬فلما واريناه أقمت على خي‪ ،‬حت مر‬
‫ب رجال من تار العرب‪ ،‬من كلب‪ ،‬فقلت لم تملون معكم حت تقدمون أرض العرب‬
‫وأعطيكم غنيمت هذه وبقرات? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فأعطيتهم إياها وحلون حت إذا جاءوا ب‬
‫وادي القرى ظلمون فباعون عبدا من رجل من يهود بوادي القرى‪ ،‬فوال لقد رأيت‬
‫النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت ل صاحب‪ ،‬وما حقت عندي حت قدم رجل‬
‫‪ 13‬من بن قريظة من يهود وادي القرى‪ ،‬فابتاعن من صاحب الذي كنت عنده‪ ،‬فخرج‬

‫‪67‬‬ ‫‪67‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ب حت قدم الدينة هو ال ما هو إل أن رأيتها‪ ،‬فعرفت نعته‪ ،‬فأقمت ف رقي مع صاحب‪،‬‬
‫وبعث ال عز وجل رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة‪ ،‬ل يذكر ل شيء من أمره ما‬
‫أنا فيه من الرق حت قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم قباء‪ ،‬وأنا أعمل لصاحب ف نلة‬
‫له‪ ،‬فو ال إن لفيها إذ جاء ابن عم له‪ ،‬فقال‪ :‬فلن‪ ،‬قاتل ال بن قيلة‪ ،‬وال إنم الن لفي‬
‫قباء متمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نب‪ ،‬فو ال ما هو إل أن سعتها‪،‬‬
‫فأخذن العرواء ‪-‬يقول الرعدة‪ -‬حت ظننت لسقطن على صاحب‪ ،‬ونزلت أقول ما هذا‬
‫الب‪ ،‬ما هو? فرفع مولي يده فلكمن لكمة شديدة وقال‪ :‬ما لك ولذا‪ ،‬أقبل قبل‬
‫عملك‪ ،‬فقلت‪ :‬ل شيء إنا سعت خبا‪ ،‬فأجبت أعلمه‪ ،‬فلما أمسيت وكان عندي شيء‬
‫إنا سعت خبا‪ ،‬فأحببت أعلمه‪ ،‬فلما أمسيت وكان عندي شيء من طعام‪ ،‬فحملته‬
‫وذهبت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو بقياء‪ ،‬فقلت‪ :‬إن بلغن أنك رجل‬
‫صال‪ ،‬إن معك أصحابا لك غرباء‪ ،‬وقد كان عندي شيء للصدقة فرأيتكم أحق من بذه‬
‫البلد به‪ ،‬فها هو هذا فكل منه‪ ،‬فأمسك رسول ال صلى ال عليه وسلم يده وقال‬
‫لصحابه‪ :‬كلوا ول يأكل‪ ،‬فقلت ف نفسي‪ :‬هذه خلة ما ووصف ل صاحب‪ ،‬ث رجعت‪،‬‬
‫وتول رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة‪ ،‬فجمعت شيئا كان عندي‪ ،‬ث جئته به‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬إن رأيتك ل تأكل الصدقة‪ ،‬وهذه هدية وكرامة ليست بالصدقة‪ ،‬فأكل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأكل أصحابه‪ ،‬فقلت هذه خلتان‪ ،‬ث جئت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهو يتبع جنازة‪ ،‬وعلي شلتان ل وهو ف أصحابه‪ ،‬فاستدرت به لنظر إل‬
‫الات ف ظهره‪ ،‬فلما رآن رسول ال صلى ال عليه وسلم استدبر عرف أن استثبت من‬
‫شيء قد وصف ل‪ ،‬فوضع رداءه عن ظهره‪ ،‬فنظرت إل الات بي كتفيه كما وصف ل‬
‫صاحب‪ ،‬فأكببت عليه أقبله‪ ،‬وأبكي‪ ،‬فقال‪ :‬تول يا سلمان هكذا‪ ،‬فتحولت‪ ،‬فجلست‬
‫بي يديه‪ ،‬وأحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه‪ ،‬فحدثته يا بن عباس كما حدثتك‪ ،‬فلما‬
‫فرغت قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كاتب يا سلمان‪ ،‬فكاتبت صاحب على‬
‫ثلثائة نلة أحييها له‪ ،‬وأربعي أوقية‪ ،‬فأعانن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بالنخلة ثلثي ودية ‪ 14‬عشر‪ ،‬كل رجل منهم علي قدر ما عنده‪ ،‬فقال ل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬فقر لا فإذا فرغت فآذن حت أكون أنا الذي أضعها بيدي‪ ،‬ففقرتا‬

‫‪68‬‬ ‫‪68‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأعانن أصحاب ‪-‬يقول حفرت لا حيث توضع ‪ -‬حت فرغنا منها‪ ،‬ث جئت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقلت‪ :‬يا رسول ال قد فرغنا منها‪ ،‬فخرج معي حت جاءها‪ ،‬فكنا‬
‫نمل إليه الودي فيضعه بيده ويسوي عليه‪ ،‬فو الذي بعثه بالق ما ماتت منها ودية‬
‫واحدة‪.‬ي بن وال ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرتك أن تأتيه‪ ،‬ولكنه قد‬
‫أظلك زمان نب يبعث من الرم‪ ،‬مهاجره بي حرتي إل أرض سبخة ذات نل‪ ،‬وإن فيه‬
‫علمات ل تفى‪ ،‬بي كتفيه خات النبوة‪ ،‬يأكله الدية‪ ،‬ول يأكل الصدقة‪ ،‬فإن استطعت‬
‫أن تلص إل تلك البلد فافعل فإنه أظلك زمانه‪ ،‬فلما واريناه أقمت على خي‪ ،‬حت مر‬
‫ب رجال من تار العرب‪ ،‬من كلب‪ ،‬فقلت لم تملون معكم حت تقدمون أرض العرب‬
‫وأعطيكم غنيمت هذه وبقرات? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فأعطيتهم إياها وحلون حت إذا جاءوا ب‬
‫وادي القرى ظلمون فباعون عبدا من رجل من يهود بوادي القرى‪ ،‬فوال لقد رأيت‬
‫النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت ل صاحب‪ ،‬وما حقت عندي حت قدم رجل‬
‫‪ 13‬من بن قريظة من يهود وادي القرى‪ ،‬فابتاعن من صاحب الذي كنت عنده‪ ،‬فخرج‬
‫ب حت قدم الدينة هو ال ما هو إل أن رأيتها‪ ،‬فعرفت نعته‪ ،‬فأقمت ف رقي مع صاحب‪،‬‬
‫وبعث ال عز وجل رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة‪ ،‬ل يذكر ل شيء من أمره ما‬
‫أنا فيه من الرق حت قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم قباء‪ ،‬وأنا أعمل لصاحب ف نلة‬
‫له‪ ،‬فو ال إن لفيها إذ جاء ابن عم له‪ ،‬فقال‪ :‬فلن‪ ،‬قاتل ال بن قيلة‪ ،‬وال إنم الن لفي‬
‫قباء متمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نب‪ ،‬فو ال ما هو إل أن سعتها‪،‬‬
‫فأخذن العرواء ‪-‬يقول الرعدة‪ -‬حت ظننت لسقطن على صاحب‪ ،‬ونزلت أقول ما هذا‬
‫الب‪ ،‬ما هو? فرفع مولي يده فلكمن لكمة شديدة وقال‪ :‬ما لك ولذا‪ ،‬أقبل قبل‬
‫عملك‪ ،‬فقلت‪ :‬ل شيء إنا سعت خبا‪ ،‬فأجبت أعلمه‪ ،‬فلما أمسيت وكان عندي شيء‬
‫إنا سعت خبا‪ ،‬فأحببت أعلمه‪ ،‬فلما أمسيت وكان عندي شيء من طعام‪ ،‬فحملته‬
‫وذهبت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو بقياء‪ ،‬فقلت‪ :‬إن بلغن أنك رجل‬
‫صال‪ ،‬إن معك أصحابا لك غرباء‪ ،‬وقد كان عندي شيء للصدقة فرأيتكم أحق من بذه‬
‫البلد به‪ ،‬فها هو هذا فكل منه‪ ،‬فأمسك رسول ال صلى ال عليه وسلم يده وقال‬
‫لصحابه‪ :‬كلوا ول يأكل‪ ،‬فقلت ف نفسي‪ :‬هذه خلة ما ووصف ل صاحب‪ ،‬ث رجعت‪،‬‬

‫‪69‬‬ ‫‪69‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وتول رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة‪ ،‬فجمعت شيئا كان عندي‪ ،‬ث جئته به‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬إن رأيتك ل تأكل الصدقة‪ ،‬وهذه هدية وكرامة ليست بالصدقة‪ ،‬فأكل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأكل أصحابه‪ ،‬فقلت هذه خلتان‪ ،‬ث جئت رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهو يتبع جنازة‪ ،‬وعلي شلتان ل وهو ف أصحابه‪ ،‬فاستدرت به لنظر إل‬
‫الات ف ظهره‪ ،‬فلما رآن رسول ال صلى ال عليه وسلم استدبر عرف أن استثبت من‬
‫شيء قد وصف ل‪ ،‬فوضع رداءه عن ظهره‪ ،‬فنظرت إل الات بي كتفيه كما وصف ل‬
‫صاحب‪ ،‬فأكببت عليه أقبله‪ ،‬وأبكي‪ ،‬فقال‪ :‬تول يا سلمان هكذا‪ ،‬فتحولت‪ ،‬فجلست‬
‫بي يديه‪ ،‬وأحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه‪ ،‬فحدثته يا بن عباس كما حدثتك‪ ،‬فلما‬
‫فرغت قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كاتب يا سلمان‪ ،‬فكاتبت صاحب على‬
‫ثلثائة نلة أحييها له‪ ،‬وأربعي أوقية‪ ،‬فأعانن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بالنخلة ثلثي ودية ‪ 14‬عشر‪ ،‬كل رجل منهم علي قدر ما عنده‪ ،‬فقال ل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬فقر لا فإذا فرغت فآذن حت أكون أنا الذي أضعها بيدي‪ ،‬ففقرتا‬
‫وأعانن أصحاب ‪-‬يقول حفرت لا حيث توضع ‪ -‬حت فرغنا منها‪ ،‬ث جئت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقلت‪ :‬يا رسول ال قد فرغنا منها‪ ،‬فخرج معي حت جاءها‪ ،‬فكنا‬
‫نمل إليه الودي فيضعه بيده ويسوي عليه‪ ،‬فو الذي بعثه بالق ما ماتت منها ودية‬
‫واحدة‪.‬‬
‫وبقيت علي الدراهم‪ ،‬فأتاه رجل من بعض العادن بثل البيضة من الذهب‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪:‬أين الفارسي السلم الكاتب? فدعيت له‪ ،‬فقال‪ :‬خذ هذه يا‬
‫سلمان فأدبا ما عليك‪ ،‬فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لم منها أربعي أوقية‪ ،‬فأديتها‬
‫إليهم‪- ،‬وعتق سلمان‪ -‬وكان الرق قد حبسن حت فاتتن مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بدر وأحد‪ ،‬ث عتقت فشهدت الندق‪ ،‬ث ل يفتن معه مشهد‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة قال‪ :‬حدثن من‬
‫سع عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وحدث هذا من حديث سلمان‪ ،‬فقال‪ :‬حدثت عن سلمان أن‬
‫صاحب عمورية قال لسلمان‪ ،‬حي حضرته الوفاة‪ :‬إئت غيضيتي من أرض الشام فإن‬
‫رجلً يرج من إحداها إل الخرى ف لك سنة ليلة‪ ،‬يعترضه ذوو السقام‪ ،‬فل يدعو‬

‫‪70‬‬ ‫‪70‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫لحدبه مرض إل شفي‪ ،‬فسله عن هذا الدين الذي تسلن عنه‪ ،‬عن النيفية دين ابراهيم‪،‬‬
‫فخرجت حت أقمت با سنة‪ ،‬حت خرج تلك الليلة من إحدى الغيضيتي إل الخرى‪،‬‬
‫وإنا كان يرج مستجيا‪ ،‬فخرج وغلبن عليه الناس حت دخل ف الغيضة الت يدخل فيها‬
‫حت ما بقي إل منكبه‪ ،‬فاخذت به فقلت‪ :‬رحك ال أخبن عن النفيفية دين ابراهيم?‬
‫فقال‪ :‬إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم‪ ،‬قد أظلك زمان نب يرج عند هذا‬
‫البيت‪ ،‬بذا الرم‪ ،‬يبعث بسفك الدم‪ ،‬فلما ذكر ذلك سلمان لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬لئن كنت صدقت يا سلمان لقد رأيت عيسى بن مري عليه السلم‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن أب حبيب عن رجل من‬
‫عبد القيس عن سلمان قالك لا أعطان رسول ال صلى ال عليه وسلم ذلك الذهب‬
‫فقال‪ :‬اقض به عنك‪ ،‬فقلت يا رسول ال‪ ،‬وأين تقع ‪ 15‬هذه ما علي? فقلبها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم على لسانه‪ ،‬ث قذفها إل‪ ،‬ث قال‪ :‬إنطلق با فإن ال عز وجل‬
‫سيؤدي با عنك‪ ،‬فانطلقت فوزنت لم منها حت أوفيتهم منها أربعي أوقية‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن أب ليلى قال‪ :‬نا عتاب البكري قال‪ :‬كنا نالس أبا سعيد‬
‫الدري فيبسط له على بابه بساط ث يعل عليه وسادة‪ ،‬ويتكئ على الوسادة ونن حوله‬
‫نق به‪ ،‬فسألته عن الات الذي كان بي كتفي رسول ال صلى ال عليه وسلم ما كان?‬
‫قال فأشار أبو سعيد بالسبابة ووضع البام على أول أسفل من ذلك‪ .‬قال يونس‪ :‬أخرج‬
‫الفصل كله‪ ،‬قال‪ :‬كانت بضعة ناشزة كتفي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا أحد يونس قال‪ :‬قال ابن اسحق‪ :‬وكانت قريش يعظمون الكعبة ويطوفون با‬
‫ويستغفرون عندها مع تعظيم الوثان والشرك ف ذبائحهم‪ ،‬ويجون‪ ،‬ويقفون الواقف‪.‬‬
‫أثر الكعبة‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن سعيد بن ميسرة البكري قال‪ :‬حدثن أنس بن مالك أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬كان موضع البيت ف زمن آدم شيا أو أكثر علما‪ ،‬فكانت‬
‫اللئكة تج إليه قبل آدم‪ ،‬ث حج آدم فاستقبلته اللئكة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا آدم من أين جئت?‬
‫قال حججت البيت‪ ،‬قالوا‪ :‬قد حجته اللئكة قبلك‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪71‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد يونس عن ثابت بن دينار عن عطاء قال‪ :‬أهبط آدم بالند‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب مال ل‬
‫أسع صوت اللئكة كما كنت أسعها ف النة? فقال له‪ :‬بطيئتك يا آدم‪ ،‬فانطلق فابن‬
‫ل بيتا فتطوفون‪ ،‬فانطلق حت أتى مكة فبن البيت‪ ،‬فكان موضع قدمى آدم قرى وأنار‬
‫وعمارة‪ ،‬وما بي خطاه مفاوز‪ ،‬فحج آدم البيت من الند أربعي سنة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يي بن كهيل عن أبيه عن ماهد قال‪ :‬لا قيل لبراهيم‪ :‬أذن ف‬
‫الناس ف بالج قال يا رب كيف أقول? قال‪ :‬قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم‪ ،‬فصعد البل‬
‫فنادى أيها الناس أجيبوا ربكم‪ ،‬فأجابوه لبيك اللهم لبيك‪ ،‬فكان هذا أول التلبية‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن وهب بن سنان قال‪ :‬سعت عائد ابن عمي‬
‫الليثي يقول‪ :‬لا آمر إبراهيم بدعاء الناس إل الج استقبل الشرق‪ ،‬فدعا إل ال عز وجل‬
‫فأجيب لبيك لبيك‪ ،‬ث استقبل الغرب فدعا إل ال عز وجل فأجيب‪ :‬لبيك لبيك‪ ،‬ث‬
‫استقبل الشام فدعا إل ال عز وجل فأجيب لبيك ‪ 16‬لبيك‪ ،‬ث استقبل اليمن فدعا إل‬
‫ال عز وجل فأجيب لبيك لبيك‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ثقة من أهل الدينة عن عروة بن الزبي أنه‬
‫قال‪ :‬ما من نب إل وقد حج البيت‪ ،‬إل ما كان من هود وصال‪ ،‬ولقد حجه نوح‪ ،‬فلما‬
‫كان من الرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الرض‪ ،‬فكان البيت روثة‬
‫حراء‪ ،‬فبعث ال تعال هودا‪ ،‬فتشاغل بأمر قومه‪ ،‬حت قبضه ال عز وجل إليه‪ ،‬فلم يجه‬
‫حت مات‪ ،‬ث بعث ال تعال صالا فتشاغل بأمر قومه‪ ،‬فلم يجه حت مات‪ ،‬فلما برأه‬
‫ال عز وجل لبراهيم حجه‪ ،‬ث ل يبق نب إل حجه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬ما يونس عن ابن اسحق عن عطاء بن أب رباح عن كعب الب قال‪ :‬شكت‬
‫الكعبة إل ربا عز وجل‪ ،‬وبكت إليه فقالت‪ :‬أي رب‪ ،‬قل زواري‪ ،‬وجفان الناس‪ ،‬فقال‬
‫ال عز وجل لا‪ :‬إن مدث لك إنيل‪ ،‬وجاعل لك زوارا ينون إليك حني المامة إل‬
‫بيضاتا‪.‬‬
‫نا أحد قال‪ :‬حدثن أب قال‪ :‬نا جرير بن عبد الميد عن منصور عن ماهد عن عبد ال‬
‫بن عمرو وقال‪ :‬خلق البيت قبل الرض بألفي عام‪ ،‬ث دحيت الرض منه‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫‪72‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن السباط بن نصر المدان عن إساعيل بن عبد الرحن السدي قال‪:‬‬
‫خرج آدم من النة معه حجر ف يده وورق ف الكف الخرى‪ ،‬فبث الورق بالند فمنه ما‬
‫ترون من الطيب‪ ،‬وأما الجر فكان ياقوتة بيضاء يستضاء با‪ ،‬فلما بن إبراهيم البيت فبلغ‬
‫موضع الجر قال إساعيل‪ :‬إئتن بجر من البل‪ ،‬فقال‪ :‬غي هذا‪ ،‬فرده مرارا ل يرضى با‬
‫يأتيه‪ ،‬فذهب مرة‪ ،‬وجاءه جبيل بالجر من الند الذي أخرج به آدم من النة فوضعه‪،‬‬
‫فلما جاءه اساعيل قال‪ :‬من جاءك بذا? قال‪ :‬من هو أنشط منك‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن السري بن اساعيل عن عامر عن عمر بن الطاب أنه قال‪ :‬الجر‬
‫السود من أحجار النة أهبط إل الرض وهو أشد بياضا من الكرسف‪ ،‬فيما اسود إل‬
‫من خطايا بن آدم‪ ،‬ولول ذلك ما مسه أبكم ول أصم ول أعمى إل برأ‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن سلمة بن كهيل عن رجل عن علي أنه‬
‫قال‪ :‬السكينة لا وجه كوجه النسان وهي ف ذلك ريح هفافة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابراهيم بن اساعيل عن يزيد الرقاشي عن ابيه عن اب موسى‬
‫الشعري ان رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬لقد مر بالصخرة من الروحاء سبعون‬
‫نبيا حفاه عليهم العبأ يؤمون بيت ال العتيق منهم موسى عليه السلم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ‪ 17‬سعيد بن ميسرة عن أنس بن مالك أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬كان الجر من ياقوت النة فمسحه الشركون فاسود من مسحهم إياه‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن مسلمة بن عبد القرشي عن عبد الكري أب أمية قال‪ :‬كان البيت‬
‫ياقوتة من ياقوتات النة‪ ،‬فلما كان زمن الطوفان رفع إل السماء الدنيا‪ ،‬وقع الن وقع‬
‫على موضع البيت‪ ،‬يطوف به كل ليلة سبعون ألف ملك‪ ،‬واستودع جبيل أبا قبيس‬
‫الجر‪ ،‬وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت النة‪ ،‬فلما بن إبراهيم البيت أتاه جبيل‪ ،‬فاخرج له‬
‫الجر‪ ،‬فوضعه ف قواعد البيت؛ وهو يوم القيامة أعظم من أحد له لسان يشهد به‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال السعودي عن سعيد بن أب بردة الشعري‬
‫عن عبد ال بن عمر أنه قال لبيه أب بردة‪ :‬اتدري ما كان قومك يقولن ف الاهلية إذا‬
‫طافوا بالبيت? قال‪ :‬وما كانوا يقولون? قال‪ :‬كانوا يقولون‪:‬‬
‫اللهم هذا واحد إن تـا‬

‫‪73‬‬ ‫‪73‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫أته ال وقـد أتـمـا‬


‫إن تغفر اللهم تغفر جا‬

‫وأي عبد لك ل ألـا‬


‫نا أحد نا يونس عن قيس بن الربيع عن منصور عن ماهد قال‪ :‬كان أهل الاهلية يقولون‬
‫حي يطوفون بالبيت‪:‬‬
‫إن تغفر اللهم تغفر جا‬

‫وأي عبد لك ل ألـا‬


‫نا أحد نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه قال‪ :‬ل يكن أحد يطوف بالكعبة عليه ثبات‬
‫إل المس‪ ،‬وكان بقية الناس الناس للرجال والنساء ويطوفون عراة‪ ،‬إل أن تتسب عليهم‬
‫المس فيعطون الرجل أو الرأة الثوب يلبسه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن أب معشر الدين عن ممد بن قيس قال‪ :‬كان أهل الاهلية من ل‬
‫يكن من المس فإن طابت نفسه أن يرمي بالثوب الذي عليه إل الكعبة إذا طاف بالبيت‬
‫أو وجد عارية من أهل نكة‪ ،‬طاف فيه‪ ،‬فإن ل تطب نفسه بالثوب الذي عليه‪ ،‬ول يد‬
‫عارية من أهل مكة طاف عريانا‪ ،‬فقالوا‪ :‬وجدنا آباءنا عليها‪ ،‬وال أمرنا با حت بلغ‬
‫خاصة يوم القيامة؛ قال ممد بن قيس‪ :‬هي للذين آمنوا ف الياة الدنيا يشركهم فيها‬
‫الكفار‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة خلص با الؤمني‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬كانت قريش ومن يدين‬
‫دينها‪ ،‬وهم المس‪ ،‬يقضون عشية عرفة بالزدلفة يقولون‪ 18 :‬نن قطن البيت‪ ،‬وكان‬
‫بقية الناس والعرب يقفون بعرفات‪ ،‬فأنزل ال تعال‪ :‬ث أفيضوا من حيث أفاض الناس‬
‫فتقدموا فوقفوا مع الناس بعرفات‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر عن عثمان بن أب‬
‫سليمان عن نافع بن جبي بن مطعم قال‪ :‬لقد رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو‬

‫‪74‬‬ ‫‪74‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫على دين قومه‪ ،‬وهو يقف على بعي له بعرفات‪ ،‬من بي قومه حت يدفع معهم توفيقا من‬
‫ال عز وجل له‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن أب اسحق عن عمرو بن ميمون عن عمر‬
‫قال‪ :‬كان الشركون بمع يقلون‪ :‬أشرق ثبي فيما نغي‪ ،‬قال‪ :‬فكانوا ل يفيضون من جع‬
‫حت تطلع الشمس‪ ،‬فنهانا رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ذاك‪ .‬قال زكريا‪ :‬فنفر‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل أن تطلع الشمس‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس بن ميمون عن السن قال‪ :‬كان الناس ف الاهلية إذا أتوا العرف قام‬
‫الرجل فوق جبل فقال‪ :‬أنا فلن بن فلن‪ ،‬فعلت كذا‪ ،‬وفعل أب كذا‪ ،‬وفعل جدي كذا‬
‫فأنزل ال عز وجل‪ :‬فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا ال كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا‬
‫يوقل‪ :‬كما كنتم تذكرون آباءكم ف الاهلية‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم حي‬
‫نزلت هذه الية‪ :‬يا أيها الناس‪ ،‬إن ال قد رفع عنكم هذه النخوة والتفاخر ف الباء‪،‬‬
‫فنحن ولد آدم‪ ،‬وخلق آدم من تراب‪ ،‬وقال ال عز وجل‪ :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من‬
‫ذكر وأنثى إل قوله أتقاكم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يوسف بن ميمون التميمي عن عطاء بن أب رباح أن إنسانا سأله‬
‫عن السعي بي الصفا والروة فقال‪ :‬إن هاجر لا وضعها آبراهيم هي وابنها إساعيل أصابا‬
‫عطش شديد حت أريت أن اساعيل سيقتله العطش‪ ،‬فلما خشيت ذلك منه‪ ،‬وضعته ف‬
‫موضع البيت‪ ،‬وانطلقت حت أتت الصفا‪ ،‬فصعدت فوقه تنظر هل مات بعد أم ل‪،‬‬
‫فجعلت تدعو ال تعال له‪ ،‬ث نزلت حت أتت بطن الوادي فسعت فيه ث خرجت تشي‬
‫حت أتت الروة‪ ،‬فصعدت فوقها تنظر هل مات بعد أم ل‪ ،‬وكانا حجرين إل البيت‪،‬‬
‫ففعلت ذلك سبع مرات‪ ،‬فهذا أصل السعي بي الصفا والروة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه‪ ،‬ف هذه الية‪" :‬إن الصفا والروة من شعائر‬
‫ال" ‪ 19‬الية‪ ،‬فقلت لعائشة‪ :‬لو أن انسانا حج فلم يطف بي الصفا والروة ما ظننت أن‬
‫عليه برحا‪ ،‬قالت‪ :‬فاتل علي‪ ،‬فتلوت عليها‪" :‬فل جناح عليه أن يطوف بما" فقال‪ :‬لو‬
‫كان كما تقول كان‪ :‬فل جناح عليه أل تطوف بما" فقالت‪ :‬لو كان كما تقول كان‪:‬‬
‫فل جناح عليه أل يطوف بما‪ ،‬وإنا نزلت هذه الية ف أناس من قريش كانوا يرمون‬

‫‪75‬‬ ‫‪75‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫لناة ول يل ف دينهم أن يطوفوا بي الصفا والروة‪ ،‬فلما أسلموا قالوا لرسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬إنا كنا نرم لناة فل يل لنا ف ديننا أن نطوف بي الصفا والروة فأنزل‬
‫ال عز وجل الية‪" :‬إن الصفا والروة من شعائر ال" فقالت‪ :‬عائشة‪ :‬ها من شعائر ال‪،‬‬
‫فما أت حج من ل يطف بما‪.‬‬
‫نا أحد يونس عن يوسف بن ميمون عن عطاء بن أب رباح أنه سئل عن رمي المار‬
‫فقال‪ :‬إن إبراهيم أتى البيت الرام فصلى به‪ ،‬ث راح حت أتى من ف بعض الليل فانطلق‬
‫حت أتى الشجرة فعرض له الشيطان‪ ،‬فرماه إبراهيم بسبعة أحجار‪ ،‬يكب مع كل حجر‪،‬‬
‫فذهب عنه‪ ،‬ث مضى حت أتى مكان المرة الت يليها عرض له الشيطان‪ ،‬فرماه بسبعة‬
‫أحجار‪ ،‬يكب مع كل حجر‪ ،‬فذهب عنه‪ ،‬ث مضى حت أتى موضع المرة الثالثة عرض له‬
‫الشيطان‪ ،‬فرماه بسبعة أحجار يكب مع كل حجر‪ ،‬فذهب عنه‪ ،‬فلما بعث ال عز وجل‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم اقتص ما صنع إبراهيم فصنع مثله‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن أب بكر الذل‪ :‬نا السن قال‪ :‬كان الناس ف الاهلية إذا ذبوا‬
‫لطخوا بالدماء وجه الكعبة‪ ،‬وشركوا اللحوم فوضعوها على الجارة‪ ،‬وقالوا ل يل لنا‬
‫نأكل شيئا جعلناه ل عز وجل حت تأكله السباع والطي‪ ،‬فلما جاء السلم حاء الناس‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا له‪ :‬شيئا كنا نصنعه ف الاهلية أل نصنعه الن‪،‬‬
‫فإنا هو ل عز وجل‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪" :‬فكلوا منها وأطعموا" فقال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬ل تفعلوا فإن ذلك ليس ل عز وجل‪ .‬قال السن‪ :‬فلم يعزم عليهم‬
‫الكل‪ ،‬فإن شئت فكل وإن شئت فدع‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬سألت ابن أب نيح عن قول رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم "إن الزمان قد استدار حت صار كهيئته يوم خلق ال السموات والرض"‬
‫فقال‪ :‬كانت قريش يدخلون ف كل سنة شهرا‪ ،‬وإنا كانوا يوافقوا ذا الجة ف كل اثنت‬
‫عشر سنة مرة‪ ،‬فوفق ال تعال لرسوله ‪ 20‬ف حجته الت حج ذا الجة فحج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فيها‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن الزمان قد استدار‬
‫حت صار كهيئة يوم خلق ال السموات والرض" فقلت لبن أب نيع‪ :‬فكيف بجة أب‬

‫‪76‬‬ ‫‪76‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بكر وعتاب بن أسيد? فقال‪ :‬على ما كان الناس يجون عليه‪ ،‬ث فسر ابن أب نيع فقال‪:‬‬
‫كانوا يجون ف ذي الجة ث العام القبل ف الحرم ث صفر حت يبلغوا اثن عشر شهرا‪.‬‬
‫حدثنا أحد قال‪ :‬نا يونس عن أب ليلى وابن أب أنيسة عن عبد ال بن أب مليكة عن عبد‬
‫ال بن عمرو بن العاص أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬نزل جبيل على ابراهيم‬
‫صلى ال عليهما‪ ،‬فراح به فصلى به الصوات با‪ ،‬قال يي‪ :‬الظهر‪ ،‬والعصر والغرب‪،‬‬
‫والعشاء‪ .‬ث اجتمعا‪ ،‬فبات به حت صلى الفجر ث سار به يوم عرف حت نزل به النل‬
‫الذي ينل الناس‪ ،‬فصلى به الصلتي ‪ -‬قال يي‪ :‬جيعا ‪ -‬ث اجتمعا‪ ،‬قال‪ :‬فسار حت‬
‫وقف به ف الوقف حت كان كأعجل ما يصلى أحد من السلمي صلة الغرب‪ ،‬ث أفاض‬
‫حت أتى به جيعا فصلى به الصلتي‪ ،‬قال يي‪ :‬الغرب والعشاء جيعا‪ .‬قال‪ :‬ث بات با‬
‫حت إذا كان كأعجل ما يصلى أحد من السلمي صلة الفجر أفاض به حت أتى به‬
‫المرة فرماها‪ ،‬ث ذبح وحلق ت أتى به البيت فطاف به‪ -‬قال ابن أب ليلى‪ :‬ث رجع به إل‬
‫من فأقام فيها تلك اليام‪ ،‬ث أوحى ال عز وجل إل ممد صلى ال عليه وسلم أن اتبع‬
‫ملة إبراهيم حنيفا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن أب اسحق عن زيد بن يثيع عن علي قال‪:‬‬
‫بعثن رسول ال صلى ال عليه وسلم حي نزلت براءة أل يطوف بالبيت عريان‪.‬‬
‫نا احد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكانت قريش ‪ -‬ل أدري قبل بناء الكعبة أو بعده‬
‫‪ -‬ابتدعت رأي المس‪ ،‬رأيا رأوه وأداروه بينهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬نن بنو إبراهيم وأهل الرم‪،‬‬
‫وولة البيت‪ ،‬وقاطنو مكة وسكانا‪ ،‬فليس لحد من العرب مثل حقنا‪ ،‬ول مثل منلتنا‪،‬‬
‫ول يعرف له العرب مثل ما تعرف لنا‪ ،‬فل تعظموا شيئا من الل كما تعظمون له العرب‬
‫مثل ما تعرف لنا‪ ،‬فل تظموا شيئا من الل كما تعظمون الرم‪ ،‬فإنكم إن فعلتم ذلك‬
‫استخف العرب حركتكم‪ ،‬وقالوا‪ :‬قد عظموا من الل مثل ما عظموا من الرم‪ ،‬فتركوا‬
‫الوقوف على عرفة والفاضة منها‪ ،‬وهم يقرون ويعرفون أنا من الشاعر ‪ 21‬والج ودين‬
‫إبراهيم عليه السلم‪ ،‬فيون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها‪ ،‬إل أنم قالوا‬
‫نن أهل الرم فليس ينبغي لنا أن نرج من الرمة ول نعظمن غيها كما يعظمها‬
‫المس‪ ،‬والمس أهل الرم‪ ،‬ث جعلوا لن ولدوا من العرب من ساكن الل والرم مثل‬

‫‪77‬‬ ‫‪77‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الذي لم بولدتم إياهم‪ ،‬يل لم ما يل لم‪ ،‬ويرم عليهم‪ ،‬وكانت كنانة وخزاعة قد‬
‫دخلوا معهم ف ذلك‪ ،‬ث ابتدعوا ف ذلك أمورا ل تكن‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل ينبغي للحمس أن‬
‫يأقطوا القط‪ ،‬ول يسلوا السمن وهم حرم‪ ،‬ول يدخلوا بيتا من شعر ول يستظلوا إل ف‬
‫بيوت الدم ما داموا حراما‪ ،‬ث رفعوا ف ذلك فقالوا‪ :‬ل ينبغي لهل الل أن يأكلوا من‬
‫طعام جاءوا به معهم من الل ف الرم إذا جاءوا حجاجا أو عمارا‪ ،‬ول يطوفوا بالبيت‬
‫إذا قدموا أول ظوافهم إل ف ثياب المس‪ ،‬فإن ل يدوا شيئا منها طافوا بالبيت عراة‪،‬‬
‫فإن تكرم منهم متكرم من رجل أو امرأة ل يد ثوبا من ثياب المس‪ ،‬فطاف ف ثيابه‬
‫الت جاء با من الل‪ ،‬ألقاها إذا فرغ من طوافه‪ ،‬ل ينتفع با‪ ،‬ول يسها‪ ،‬ول أحد غيه‬
‫أبدا‪ ،‬وكانت العرب تسمى تلك الثياب اللقى‪ ،‬فحملوا العرب على ذلك فدانت به‪،‬‬
‫ووقفوا على عرفات‪ ،‬وأفاضوا منها‪ ،‬فأطافوا بالبيت عراة‪ ،‬وأخذوا با شرعوا لم من‬
‫ذلك‪ ،‬فكان أهل الل بأتون حجاجا وعمارا‪ ،‬فإذا دخلوا الرم وضعوا أزوادهم الت‬
‫جاءوا با‪ ،‬وابتعاعوا من طعام الرم والتمسوا ثيابا من ثياب الرم إما عارية وإما بإجارة‪،‬‬
‫فطافوا فيها‪ ،‬فإن ل يدوا طافوا عراة‪ ،‬أما الرجال فيطوفون عراة‪ ،‬وأما النساء فتضع‬
‫احداهن ثيابا كلها إل درعا تطرحه عليها‪ ،‬ث تطوف فيه‪ ،‬فقالت امرأة من العرب وهي‬
‫كذلك تطوف‪:‬‬
‫اليوم يبدو بعضه أو كله‬

‫وما بدا منه فل أحلـه‬


‫ومن طاف منهم ف ثيابه الت جاء فيها ألقاها فلم ينتفع با هو ول غيه‪ ،‬فقال قائل من‬
‫العرب يذكر شيئا تركه ل يقربه به وهو يبه‪:‬‬
‫كفى حزنا كري عليه كأنـه‬

‫لقى بي أيدي الطائفي حري‬


‫يقول‪ :‬ل تس‪ .‬فكانوا كذلك حت بعث ال عز وجل نبيه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫حديث بنيان الكعبة‬

‫‪78‬‬ ‫‪78‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حدثنا أحد بن عبد البار‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن اسحق قال‪ :‬فأقامت قريش ف كل‬
‫قبيلة منها أشراف‪ ،‬فليس بينها اختلف ول نائرة‪ .‬ث إن قريشا أجعوا على بنيان الكعبة‪،‬‬
‫وكانوا يهمون بذلك فيهابون هدمها‪ ،‬وإنا كانت رضما فوق القامة‪ ،‬فأرادوا رفعا‬
‫وتسقيفها وذلك أن نفرا من قريش سرقوا كن الكعبة‪ ،‬وكان يكون ف بئر جوف الكعبة‪.‬‬
‫وكان الذي وجد عنده الكن دويل ‪-‬أو دويد‪ ،‬شك أبو عمر‪ -‬مول لنب مليح بن عمرو‬
‫من خزاعة‪ ،‬فقطعت قريش يده من بينهم‪ ،‬وكان من اتم ف ذلك الارث بن عامر بن‬
‫نوفل‪ ،‬وكان أخا الارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف لمه أبو وهب بن عبد الطلب‪،‬‬
‫فهو الذي تزعم قريش أنم وضعوا كن الكعبة حي أخذوه عند وديل ‪ -‬أو دويد ‪ -‬فلما‬
‫أتتهم قريش دولم على دويل ‪ -‬أو دويد ‪ -‬فقطعوه‪ ،‬ويقال‪ :‬إنم وضعوه عنده‪ ،‬وذكروا‬
‫أن قريشا حي استيقنوا بأن ذلك كان عند الارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف‪،‬‬
‫فخرجوا به إل كاهنة من كهان العرب‪ ،‬فسجعت عليه من كهانتها بأن ل يدخل مكة‬
‫عشر سني با استحل من حرمة العبة‪ ،‬فزعموا أنم أخرجوه من مكة‪ ،‬فكان فيما حولا‬
‫عشر سني‪.‬‬
‫وكان البحر قد رمى بسفينة إل جدة لرجل من الروم فتحطمت‪ ،‬فأخذوا خشبها فأعدوه‬
‫لسقفها‪ ،‬وكان بكة رجل قبطي نار‪ ،‬فتهيأ لم ف أنفسهم ف بعض ما يصلحها‪ .‬وكانت‬
‫حية ترج من بئر الكعبة الت كان يطرح فيها ما يهدي لا كل يوم‪ ،‬فتشرق على جادر‬
‫الكعبة‪ ،‬وكانت ما يهابون‪ ،‬وذلك أنم زعموا قلما كان يتقرب من بئر الكعبة أحد إل‬
‫احزألت وكشت‪ ،‬وفتحت فاها فكانوا يهابونا‪ ،‬فبينما هي يوما تشرق على جدار الكعبة‬
‫كما كانت تصنع‪ ،‬بعث ال عز وجل عليها طائرا ل يدرون ما هو فاختطفها من‬
‫متشرقها‪ ،‬فذهب با‪ ،‬فقالت قريش‪ :‬إنا نرجو أن يكون ال عز وجل قد رضي ما أردنا‪،‬‬
‫عندنا عامل رفيق‪ ،‬وعندنا الشب‪ ،‬وقد ذهب ال تعال بالية‪ ،‬وذلك بعد الفجار بمس‬
‫عشرة سنة‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم إذ ذاك ابن خس وثلثي سنة‪.‬‬
‫فلما أجعوا أمرهم على هدمها وبنائها قام أبو وهب عامر بن عائذ بن عبد بن عمران بن‬
‫مزوم ‪ 23‬فتناول من الكعبة حجرا‪ ،‬فوثب من يده حت رجع إل موضعه ‪-‬فيما يزعمون‬

‫‪79‬‬ ‫‪79‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫‪-‬فقال‪ :‬يا معشر قريش ل تدخلن ف بنيانا من كسبكم إل طيبا ول تدخلن فيها مهر‬
‫بغي‪ ،‬ول بيع ربا‪ ،‬ول وظلمة من أحد من الناس‪ ،‬وينحلون هذا الكلم الوليد ب الغية‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب نيع أنه حدث عن عبد ال‬
‫بن صفوان بن أمية أنه رأى ابنا لعدة بن هبية بن أب وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد‬
‫عمران بن مزوم يطوف بالبيت فسأل عنه‪ ،‬فقيل هذا ابن جعدة بن هبية بن أب وهب‪،‬‬
‫فقال عبد ال بن صفوان‪ :‬إن جده يعن أبا وهب هو الذي أخذ من الكعبة حجرا حي‬
‫أرادت قريش هدمها فوثب من يده حت رجع إل موضعه‪ ،‬فقال عند ذلك‪ :‬يا معشر‬
‫قريش ل تدخلوا فيها من كسبكم إل طيبا‪ ،‬ل تدخلوا مهر بغي‪ ،‬ول بيع ربا‪ ،‬ول مظلمة‬
‫لحد من الناس‪ ،‬وأبو وهب خال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان شريفا‪ ،‬وله‬
‫يقول شاعر من العرب‪:‬‬
‫لو بأب وهب أنـخـت مـيتـي‬

‫لرحت وراحت رحلها غي خائب‬


‫وأبيض من فرعي لؤي بن غالب‬

‫إذا حصلت أنسابـه لـلـذوائب‬


‫أب لخذ الضيم يرتاح لـلـنـدى‬

‫توسط جـداه فـروع الطـايب‬


‫عظيم رماد القدر يل جـفـانـه‬

‫من الب يعلوهن مثل السبـائب‬


‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزأت قريش الكعبة‪ ،‬فكان شق الباب لبن‬
‫مزوم وتيم وقبائل من قريش الكعبة‪ ،‬فكان شق الباب لبن عبد مناف‪ ،‬وبن زهرة‪ ،‬وكان‬
‫ما بي الركني السود والركن اليمان لبن مزوم وتيم وقبائل من قريش ضموا إليهم‪،‬‬

‫‪80‬‬ ‫‪80‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وكان ظاهرها لسهم وجع‪ ،‬وكان شق الجر‪ ،‬وهو الطيم‪ ،‬لبن عبد الدار بن قصي‪،‬‬
‫ولبن أسد بن عبد العزى بن قصي‪ ،‬وبن عدي بن كعب‪ ،‬ث إن الناس هابوا هدمها‪،‬‬
‫وفرقوا منه‪ ،‬فقال الوليد بن الغية‪ :‬أنا أبؤوكم ف هدمها‪ ،‬فأخذ العول‪ ،‬فقام عليها‪ ،‬ث‬
‫قال‪ :‬اللهم ل تردع‪ ،‬اللهم إنا ل نريد إل الي‪ ،‬ث هدم من ناحية الركني فتربص الناس‬
‫تلك الليلة وقالوا‪ :‬ننظر ماذا يصيبه‪ ،‬فإن أصيب ل ندم منها شيئا ورددناها كما كانت‪،‬‬
‫وإن ل يصبه شيء فقد رضي ال عز وجل ما صنعناه‪ ،‬فأصبح غاديا يهدم وهدم الناس‬
‫معه فلما انتهى الدم إل أس الكعبة اتبعوه حت انتهوا إل ‪ 24‬حجارة خضر كالسنة‬
‫آخذ بعضها بعضا‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثت أن رجالً من قريش من كان يهدمها‬
‫قالوا أدخل رجل بي حجرين منها العثلة ليقلع إحدها‪ ،‬فلما ترك الجر تنقضت مكة‬
‫بأسرها‪ ،‬فهابوا عند ذلك تريك ذلك الس‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثنا يي بن عباد بن عبد ال بن الزبي عن‬
‫أبيه عباد قال‪ :‬حدثت أنم وجدوا ف أس الكعبة أو ف بعضها شيئا من صفر مثل بيض‬
‫النعام مكتوب ف احدها‪ :‬هذا بيت ال عز وجل الرام رزق أهله من كذا‪ ،‬ل يله أول‬
‫من أهله‪ ،‬وف الخرى‪ :‬براءة لبن فلن حي من العرب‪ ،‬من حجة ل حجوها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وحدثت أن قريشا وجدت ف الركن‪ ،‬أو ف بعض‬
‫القام كتابا بالسريانية ل يدورا ما هو حت قرأه عليهم رجل من يهود‪ :‬أنا ال ذو بكة‬
‫خلقتها يوم خلقت السموات والرض وصنعت الشمس والقمر‪ ،‬وحففتهما بسبعة‬
‫أملحك حنفاء ل يزولون حت تزول أخاشبها‪ ،‬مبارك لهلها ف الاء واللب‪.‬‬
‫وحدثت أنم وجدوا ف القام كتابا فيه‪ :‬مكة الرام يأتيها رزقها من ثلثة سبل‪ ،‬ل يلها‬
‫أول من أهلها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب قال‪ :‬حدثن من قرأ ف أسفل‬
‫القام أو ف تتجة ف سقف البيت‪:‬؛ أنا ال ذو بكة‪ ،‬بنيته على وجه سبعة أملك حنفاء‪،‬‬
‫باركت لهله ف اللحك‪ ،‬والاء‪ ،‬وجعلت رزقهم من ثلثة سبل‪ ،‬ول يستحل حرمتها أول‬
‫من أهلها‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫‪81‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن النذر بن ثعلبة عن سعيد بن حرب قال‪ :‬شهدت عبد ال بن الزبي‬
‫وهو يقلع القواعد الت أسس إبراهيم صلى ال عليه وسلم لبناء البيت فأتوا تربة صفراء‬
‫عند الطيم‪ ،‬فقال ابن الزبي‪ :‬هذا قب اساعيل عليه السلم فواراه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث جعت القبائل من قريش لبنائها كل قبيل تمع‬
‫على جدتا ث بنوا حت بلغ البناء موضع الركن فاختصموا ف رفع الركن‪ ،‬كل قبيلة تريد‬
‫أن ترفعه دون الخرى‪ ،‬فقالت كل قبيلة نن نرفعه حت تازبوا أو تالفوا‪ ،‬وأعدوا‬
‫القتال‪ ،‬فقربت بنو عبد الدار جفنة فملؤوها دما‪ ،‬ث تالفوا هم وبنو عدي بن كعب على‬
‫الوت‪ ،‬فأدخلوا أيديهم ف تلك الفنة فغمسوها ف الدم‪ ،‬فقال ف ذلك عكرمة بن عامر‬
‫بن هاشم ‪ 25‬بن عبد مناف بن عبد الدار‪:‬‬
‫وال ل نأتـي الـذي قـد أرتـم‬

‫ونن جيع او نضب بـالـدم‬


‫ونن ولة البيت ل تنكـرونـه‬

‫فكيف على علم البية نظـلـم‬


‫لنبغي به المد الذي هو نـافـع‬

‫ونشى عقاب ال ف كل مرم‬


‫فكيف ترومونا وعز قـنـاتـنـا‬

‫له مكسر صلب على كل معلـم‬


‫فهيهات أن يقرب الركن سالـم‬

‫ونن جيع عنده حي يقـسـم‬


‫فإما تلونا وبـيت حـجـابـنـا‬

‫‪82‬‬ ‫‪82‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫وإما تنوؤا ذلك الركن بالـرم‬


‫فأجابه وهب بن عبد مناف‪:‬‬
‫أبلغ قريشا إذا ما جئت أكرمـهـا‬

‫أنا أبيتا فل نـؤتـيكـم غـلـبـا‬


‫إنا أبينا إل الغصـب ظـاهـرة‬

‫إنا وجدك ل نؤتـيكـم سـلـبـا‬


‫نن الكرام فل حـي يقـاربـنـا‬

‫نن اللوك ونن الكرمون أبـا‬


‫وقد أرى مدثا ف حلفنا ظهـرا‬

‫كما ترى ف حجاب اللك متجبا‬


‫أبا لنا عـزنـا مـاذا أراد بـنـا‬

‫قوم أرادوا بنا ف حلفهم عجـبـا‬


‫قوم أرادوا بنا خسفا لنـقـبـلـه‬

‫كل وربك ل نؤتيهـم غـضـبـا‬


‫حدثنا احد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فمكثت قريش اربع ليال‪ ،‬أو خسا‪ ،‬بعضهم‬
‫من بعض‪ ،‬ث أنم اجتمعوا ف السجد فتشاوروا‪ ،‬وتناصفوا‪ ،‬فزعم بعض أهل العلم‬
‫والرواية أن أبا امية‪ ،‬وكان كبيا‪ ،‬وسيد قريش كلها‪ ،‬قال‪ :‬يا معشر قريش اجعلوا بينكم‬
‫فيما تتلفون فيه أول من يدخل عليكم من باب السجد‪ ،‬فلما توافقوا على ذلك‪ ،‬ورضوا‬

‫‪83‬‬ ‫‪83‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫به‪ ،‬دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬رأوا قالوا‪ :‬هذا المي قد رضينا با قضى بيننا‪،‬‬
‫فلما انتهى إليهم أخبوه الب‪ ،‬فقال‪ :‬هلموا ثوابا‪ ،‬أوه به‪ ،‬فوضع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم الركن فيه بيديه ث قال‪ :‬لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب‪ ،‬ث ارفعوا جيعا‪،‬‬
‫فرفعوه حت إذا بلغوا به موضعه وضعه رسول ال صلى ال عليه وسلم بيده‪ ،‬ث بن عليه‪،‬‬
‫فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يسمى ف الاهلية المي قبل أن يوحى إليه‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كنت جالسا مع أب جعفر ممد بن علي فمر بنا‬
‫عبد الرحن العرج‪ ،‬مول ربيعة بن الارث بن عبد الطلب‪ ،‬فدعاه فجاءه ‪ 26‬فقال‪ :‬يا‬
‫اعرج ما هذا الذي تدث به أن عبد الطلب هو الذي وضع حجر الركن ف موضعه?‬
‫فقال‪ :‬أصلحك ال حدثن من سع عمر ابن عبد العزيز يدث أنه حدث عن حسان بن‬
‫ثابت يقول‪ :‬حضرت بنيان الكعبة‪ ،‬فكأن أنظر إل عبد الطلب جالسا على السور شيخ‬
‫كبي قد عصب له حاجباه حت رفع إليه الركن‪ ،‬فكان هو الذي وضعه بيديه‪ ،‬فقال‪ :‬انفذ‬
‫راشدا‪ ،‬ث اقبل علي أبو جعفر فقال‪ :‬إن هذا الشيء ما سعنا به قط‪ ،‬وما وضعه إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بيده‪ ،‬اختلفت فيه قريش فقالوا‪ :‬أول من يدخل عليكم من باب‬
‫السجد فهو بينكم‪ ،‬فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا المي‪،‬‬
‫فحكموه‪ ،‬فأمر بثوب فبسط‪ ،‬ث أخذ الركن بيديه‪ ،‬فوضعه على الثوب‪ ،‬ث قال‪ :‬لتأخذ‬
‫كل قبيلة من الثوب بناحية‪ ،‬وارفعوا جيعا‪ ،‬فرفعوا جيعا‪ ،‬حت إذا انتهوا به إل موضعه‬
‫أخذه رسول صلى ال عليه وسلم فوضعه ف موضعه بيده ث بن عليه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ ابن خس‬
‫وثلثي سنة‪ ،‬ونزل عليه الوحي بعد بناء الكعبة بمس سني‪ ،‬وهو ابن أربعي سنة‪ ،‬وأقام‬
‫بكة ثلثة عشرة سنة ث هاجر إل الدينة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث سقفت فكان ذلك أول ما سقفت الكعبة‪ ،‬فلما‬
‫فرغوا من البنيان وبنوها على ما ارادوا قال الزبي بن عبد الطلب فيما كان من أمر الية‬
‫الت كانت قريش تاب بنيان الكعبة لا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫عجبت لا تصوبت الـعـقـاب‬

‫‪84‬‬ ‫‪84‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫إل الثعبان وهي لا اضطراب‬
‫وقد كانت يكون لـا كـشـيش‬

‫واحيانـا يكـون لـهـا وئاب‬


‫إذا قمنا إل الـبـنـيان شـدت‬

‫تيبنا البـنـاء وقـد تـهـاب‬


‫فلما أن خشينا الرجـز جـاءت‬

‫عقاب قد يظل لا الضـبـاب‬


‫فضمنها إلـيهـا ثـم خـلـت‬

‫لنا البنيان ليس لـه حـجـاب‬


‫فقمنا حاشدين عـلـى بـنـاء‬

‫لنا منه القـواعـد والـتـراب‬


‫غداة نرفع التـأسـيس مـنـه‬

‫وليس على مسـاوينـا ثـياب‬


‫أعز به اللـك بـنـي لـؤي‬

‫فليس لصله منـهـم ذهـاب‬


‫وقد حشدت هناك بـنـو عـدي‬

‫ومرة قد تقـدمـهـا كـلب‬

‫‪85‬‬ ‫‪85‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فبوأنا الـمـلـيك بـذاك عـزا‬

‫وعند ال يلتمس الـثـواب ‪27‬‬


‫وقال الوبي بن عبد الطلب ف ذلك أيضا‪:‬‬
‫لقد كان ف أمر العقاب عجـيبة‬

‫ومطفها الثعبان حي تـدلـت‬


‫فكان مدى البصار آخر عهدنـا‬

‫با بعدما باتت هناك وطـلـت‬


‫إذا جاء قوم يرفعـون عـمـاده‬

‫من البيت شدت نوهم واحزألت‬


‫فما برحت تت ظننا جـمـاعة‬

‫بأن علينا لعنة الـلـه حـلـت‬


‫فقلنا جيعا قد علمنـا خـطـية‬

‫فعسى لنا واللم منا أضـلـت‬


‫وقال الوليد بن الغية ف بنيان الكعبة وشأن الية‪:‬‬
‫لقد كان ف الثعبان يا قوم عبـرة‬

‫ورأي لن رام المور على ذعر‬


‫غداة هوى النسر الحلق يرتـي‬

‫‪86‬‬ ‫‪86‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫به غي حد منكم يا بن فـهـر‬
‫على حي ما ضلت حلوم سراتكم‬

‫وخفتم بأن ل ترفعوا آخر الدهر‬


‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وأنزل ال عز وجل علة نبيه ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم حي أحكم أمره‪ ،‬وشرع له سنن حجه ث أفيضوا من حيث أفاض الناس‬
‫واستغفروا ال‪ .‬الية يعن قريشا والناس العرب ف سنة الج إل عرفات والوقوف عليها‪،‬‬
‫والفاضة منها‪ ،‬وأنزل ال تعال فيما كانوا حرموا على الناس من طعامهم ولباسهم عند‬
‫البيت حي طافوا عراة وحرموا ما جاءوا به من الطعام ولباسهم عند البيت حي طافوا‬
‫عراة وحرموا ما جاءوا به من الطعام من الل‪" :‬يا بن آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‬
‫وكلوا واشربوا ول تسرفوا إنه ل يب السرفي‪ .‬قل من حرم زينة ال" إل آخر الية‪.‬‬
‫فوضع ال تعال امر المس وما كانت قريش ابتدعن من ذلك على الناس ف السلم‬
‫حي بعث ال عز وجل رسوله ممدا صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر عن عثمان بن أب‬
‫سليمان عن نافع بن جبي بن مطعم عن أبيه جبي بن مطعم أنه قال‪ :‬لقد رأيت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يقف على بعي له بعرفات من بي قومه حت يدفع معهم توفيقا من‬
‫ال عزز وجل له‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق‪ ،‬قال وكانت الحبار من اليهود‪ ،‬والرهبان من‬
‫النصارى‪ ،‬والكهان من العرب قد تدثوا بأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل مبعثه‬
‫لا تقارب من زمانه‪ .‬أما الحبار من يهود‪ ،‬والرهبان من النصارى فيما وجدوا من صفته‬
‫ف كتبهم وصفة زمانه لا كان ف عهد انبيائهم اليهم ‪ 28‬فيه‪ ،‬واما الكهان من العرب‬
‫فتأتيهم به الشياطي من الن فيما يستقون من السمع اذ كانت وهي ل تجب عن ذلك‬
‫بالقذف بالنجوم‪ ،‬وكان الكاهن والكاهنة من العرب ل يقع منهما ذكر بعض امره ل‬
‫تلقى العرب فيه بالً حت بعثه ال عز وجل‪ ،‬ووقعت تلك المور الت كانوا يذكرون‪،‬‬
‫فعرفوها‪ ،‬فلما تقارب أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وحضر مبعثه حجبت‬

‫‪87‬‬ ‫‪87‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الشياطي عن السمع‪ ،‬وحيل بيتها وبي القاعد الت كانت تقعد لستراق السمع فيها‬
‫فرموا بالنجوم‪ ،‬فعرفت الن أن ذلك لمر حدث من ال عز وجل ف العباد يقول ال‬
‫تعال لنبيه عليه السلم حي بعثه‪ ،‬وهو يقص عليه خب الن إذ حجبوا عن السمع‪ ،‬فعرفوا‬
‫ما عرفوا وما أنكروا من ذلك حي رأوا ما رأوا‪" :‬قل اوحي إل انه استمع" إل قوله‪" :‬ام‬
‫أراد بم ربم رشدا"‪.‬‬
‫فلما سعت الن القول عرفت انا منعت من السمع قبل ذلك له لن ل يشاكل الوحي‬
‫شيء من خب السماء‪ ،‬فيلتبس على أهل الرض ما جاءهم من ال عز وجل وقطع الشبه‪،‬‬
‫فآمنوا وصدقوا ث "ولوا إل قومهم منذرين‪ .‬قالوا يا قومنا إنا سعنا كتابا" إل آخر الية‪.‬‬
‫وكان قول الن أنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الن فزادهم رهقا انه كان‬
‫رجال من العرب‪ ،‬من قريش وغيهم‪ ،‬إذا سافر الرجل فنل ببطن واد من الرض ليبيت‬
‫به قال ان أعوذ بعزيز هذا الوادي من الن الليلة‪ ،‬من شر ما فيه‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن بعض اهل العلم أن امرأة من بن سهم يقال‬
‫لا العيطاله كانت كاهنة ف الاهلية جاءها صاحبها ليلة من الليال فانقض تتها فقال‪:‬‬
‫إذن من أذن يوم عقر ونر‪ ،‬فقالت قريش حي بلغها ذلك‪ :‬ما يريد? جاءها ليلة اخرى‪،‬‬
‫فانقض تتها فقال‪ :‬شعوب ما لشعوب تصرع فيه كعب لنوب‪ ،‬فلما بلغ ذلك قريشا‬
‫قالوا‪ :‬ماذا يريد? إن هذا المر هو كائن‪ ،‬فعروفا أنه كان الذي جاء به إل صاحبته‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا السن عن جرير بن عبد الميد عن منصور عن ابراهم ف قوله تعال‪" :‬وإنه‬
‫كان رجال من النس يعوذون برجال من الن فزادهم رهقا" قال‪ :‬كانوا إذا نزلوا واديا‬
‫قالوا‪ :‬إنا نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه ‪ 29‬قال‪ :‬فيقول النيون تتعوذون بنا نن‬
‫ل نلك لنفسنا ضرا ول نفعا! قال‪" :‬فزادهم رهقا" قال‪ :‬فازادوا عليهم جرأة‪.‬‬
‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان هذا الي من النصار يتحدثون ما‬
‫كانوا يسمعون من يهود من ذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أن أول ذكر وقع‬
‫بالدينة‪ ،‬قبل مبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أن فاطمة ام النعمان بن عمرو‪ ،‬اخي‬
‫بن النجار ‪ -‬وكانت من بغيا الاهلية‪ -‬وكان لا تابع‪ ،‬فكانت تدث انه كان إذا جاءها‬

‫‪88‬‬ ‫‪88‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫اقتحك البيت الذي هي فيه‪ ،‬اقتحاما على من فيه حت جاءها يوما‪ ،‬فوقع على الدار ول‬
‫يصنع كما كان يصنع‪ ،‬فقالت له‪ :‬ما لك اليوم? قال‪ :‬بعث نب بتحري الزنا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يعقوب بن عقبة بن الغية بن الخنس عن‬
‫ل من ثقيف يقال له عمرو بن‬ ‫عبيد ال بن عبد ال بن عتيبة بن مسعود أنه حدثه‪ :‬أن رج ً‬
‫أمية‪ ،‬وكان منادهى العرب‪ ،‬وكان يضن برأيه على الناس؛ قال يعقوب‪ :‬فلما رمي‬
‫بالنجوم‪ ،‬كان أول حي فزع لا من الناس ثقيف‪ ،‬فجاءوا إل عمر بن أمية فقالوا له‪ :‬هل‬
‫علمت بذا الدث الذي كان? فقال‪ :‬وما هو? فقالوا‪ :‬نوم السماء يرمى با‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ويكم انظروا فإن كانت هي العال الت يهتدي با ف الب والبحر‪ ،‬وتعرف با النواء من‬
‫الشتاء والصيف لصلح معايش الناس‪ ،‬فهو وال فناء الدنيا‪ ،‬وفناء هذا اللق‪ ،‬وأن كان‬
‫غيها‪ ،‬فهو لمر حدث اراد ال عز وجل به هذا اللق‪ ،‬فانظروا ما هو?‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن الزهري عن علي بن حسي عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬حدثن رهط من النصار قالوا‪ :‬بينا نن جلوسا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ذات ليلة‪ ،‬إذ رأى كوكبا‪ ،‬فقال ما تقولن ف هذا الكوكب الذي رمي به? فقلنا‪ :‬يولد‬
‫مولود‪ ،‬يهلك هالك‪ ،‬يلك ملك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ليس كذلك‪،‬‬
‫ولكن ال عز وجل إذا قضى امرا ف السماء سبح بذلك كله العرش فيسبح لتسبيح إل‬
‫السماء الدنيا فيقول أهل السماء الدنيا لن يليهم من اللئكة مم سبحتم? فيقولون‪ :‬ما‬
‫ندري‪ ،‬سعنا من فوقنا من اللئكة سبح فسبحنا ال عز وجل لتسبيحهم‪ ،‬ولكنا نسل‪،‬‬
‫فيسلون من فوقهم‪ ،‬فما يزالون كذلك حت ينتهي إل حلة العرش‪ ،‬فيقولون‪ :‬قضى ال عز‬
‫وجل كذا وكذا‪ ،‬فيخبون به من يليهم حت ينتهوا إل أهل السماء الدنيا ‪ 30‬فيسترق‬
‫الن ما يقولون‪ ،‬فينلون به إل أوليائهم من النس فيلقونه على ألسنتهم‪ ،‬بتوهم منهم‬
‫فيخبون الناس‪ ،‬فيكون بعضه حقا‪ ،‬وبعضه كذبا‪ ،‬فلم يزل الن كذلك حت رموا بذه‬
‫الشهب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن سعيد بن جبي عن ابن عباس‪ :‬إن‬
‫الشياطي كانوا يصعدون إل السماء‪ ،‬فيستمعون الكلمة من الوحي‪ ،‬فيهبطون با إل‬
‫الرض‪ ،‬فيزيدون معها تسعا‪ ،‬فيجد أهل الرض تلك الكلمة حقا والتسع باطلً‪ ،‬فلم‬

‫‪89‬‬ ‫‪89‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يزالوا بذلك حت بعث ال عز وجل ممدا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فمنعوا تلك القاعد‪،‬‬
‫فذكروا ذلك لبليس‪ ،‬فقال‪ :‬حدث ف الرض حدث‪ ،‬فبعثهم‪ ،‬فوجدوا رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يتلو القرآن بي حبلي نل‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا وال الدث‪ ،‬وإنم ليمون فإذا‬
‫توارى النجم عنكم فقد ادركه ل يطئ أبدا‪ ،‬ولكنه ل يقتله‪ ،‬يرق وجهه وجنبه ويده‪.‬‬
‫نا أحدك نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقد كانت خدية بنت خويلد قد ذكرت لورقة‬
‫بن نوفل بن أسد‪ ،‬وكان ابن عمها‪ ،‬وكان نصرانيا قد تبع الكتب‪ ،‬وعلم من علم الناس ما‬
‫ذكر لا إلمها ميسرة من قول الراهب‪ ،‬وما كان يرى منه‪ ،‬إذ كان اللكان يظلنه‪ ،‬فقال‬
‫ورقة‪ :‬لئن كان هذا حقا يا خدية‪ ،‬أن ممدا لنب هذه المة‪ ،‬قد عرفت أنه كائن لذه‬
‫المة نب ينتظر‪ ،‬هذا زمانه‪ -‬أو كما قال‪.‬‬
‫فجعل ورقة يستبطئ المر ويقول‪ :‬حت مت‪ ،‬فكان فيما يذكرون يقول أشعارا يستبطئ‬
‫فيها خب خدية‪ ،‬ويتريث ما ذكرت له‪ ،‬فقال ورقة بن نوفل‪:‬‬
‫أتـبـكـر أم أنـت الـعـشـية رائح‬

‫وف الصدر من اضمارك الزن قادح‬


‫لفـرقة قـوم ل أحـب فـراقـهــم‬

‫كأنك عنـهـم بـعـد يومـي نـازح‬


‫وأخبار صدق خبت عـن مـحـمـد‬

‫يبهـا عـنـه إذا غـاب نـاصـح‬


‫فتاك الـذي وجـهـت يا خـي حـرة‬

‫بغوري والنجدين حيث الصـحـاصـح‬


‫إل سوق بصرى ف الركاب الت غدت‬

‫‪90‬‬ ‫‪90‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وهن من الحـال قـعـص دوالـح‬
‫فخبنا عن كـل حـبـر بـعـلـمـه‬

‫وللحـق أبـواب لـهـن مـفـاتـح‬


‫بأن ابن عبد الـلـه أحـمـد مـرسـل‬

‫إل كل من ضمت علـيه البـاطـح‬


‫وظن به أن سوف يبـعـث صـادقـا‬

‫كما أرسل العبـدان هـود وصـالـح‬


‫وموسى وإبـراهـيم حـتـى يرى لـه‬

‫باء ومنشور من الذكـر واضـح ‪31‬‬


‫ومـتـبـعـه حـيا لـؤي جـمـاعة‬

‫شبابم والشـيبـون الـجـحـاجـح‬


‫فإن أبق حتـى يدرك الـنـاس دهـره‬

‫فإن به مسـتـبـشـر الـود فـارح‬


‫وإل فإنـي يا خـدية فـاعـلـمـي‬

‫عن ارضك ف الرض العريضة سائح‬


‫حدثنا احد‪ :‬نا يونس عن ممد بن اسحق قال‪ :‬وكانت قريش حي رفعوا بنيان الكعبة‬
‫وسقوفها يترافدون على كسوتا كل عام‪ ،‬تعظيما لقها‪ ،‬وكانوا يطوفون با‪،‬‬
‫ويستغفرون ال عندها‪ ،‬ويذكرونه مع تعظيم الوثان والشرك ف ذبائحهم ودينهم كله‪،‬‬

‫‪91‬‬ ‫‪91‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وقد كان نفر من قريش‪ :‬زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬وورقة بن نوفل بن اسد بن عبد العزى‪،‬‬
‫وعثمان بن الارث بن أسد بن عبد العزى‪ ،‬وعبد ال بن جحش بن رئاب‪ ،‬وكانت أمه‬
‫أميمة بنت عبد الطلب بن هاشم حليف بن أمية‪ ،‬حضروا قريشا عند وثن لم كانوا‬
‫يذبون عنده لعيد من أعيادهم‪ ،‬فلما اجتمعوا خل بعض أولئك النفر إل بعض‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض‪ ،‬فقال قائلهم‪ :‬تعلمون وال ما قومكم على شيء لقد‬
‫أخطأوا دين إبراهيم عليه السلم وخالفوه‪ ،‬ما وثن يعبد ل يضر ول ينفع‪ ،‬فابتغوا‬
‫لنفسكم‪ ،‬فخرجوا يطلبون ويسيون ف الرض يلتمسون أهل الكتاب من اليهود‬
‫والنصارى واللل كلها‪ ،‬النيفية دين إبراهيم عليه السلم‪.‬‬
‫فأما ورقة بن نوفل فتنصر‪ ،‬فاستحكم ف النصرانية‪ ،‬واتبع الكتب من أهلها‪ ،‬حت علم‬
‫علما كثيا من أهل الكتاب‪.‬‬
‫فلم يكن فيهم أعدل أمرا‪ ،‬ول أعدل شأنا من زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬اعتزل الوثان‬
‫وفارق الديان من اليهود والنصارى واملل كلها إل دين إبراهيم يوحد ال عز وجل‬
‫ويلع من دونه‪ ،‬ول يأكل ذبائح قومه‪ ،‬باداهم بالفراق لا هم فيه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن هشام بن عروة عن أبيه عن أساء بنت أب‬
‫بكر قالت‪ :‬لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إل الكعبة يقول‪ :‬يا معشر‬
‫قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيي‪ ،‬ث يقول‪ :‬اللهم‬
‫لو أن أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به‪ ،‬ولكن ل أعلمه‪ ،‬ث يسجد على راحته‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن بعض آل زيد بن عمرو بن نفيل أن زيدا‬
‫كان إذا دخل الكعبة قال‪ :‬لبيك حقا حقا تعبدا ورقا‪ ،‬عذت با عاذ به إبراهيم‪ ،‬وهو‬
‫قائم‪ ،‬إذ قال‪ :‬أنفي لك عان راغم ‪ 32‬مهما تشمن فإن جاشم‪ ،‬الب أبغي ل الال ‪-‬‬
‫يقول‪ :‬ل الفخر ‪ -‬ليس مهجر كمن قال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحت قال‪ :‬حدثن هشام بن عروة قال‪ :‬روان عروة بن الزبي‬
‫أن زيد بن عمرو بن نفيل قال‪:‬‬
‫أربا واحـدا أم ألـف رب‬

‫‪92‬‬ ‫‪92‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أدين إذا تقسمـت المـور‬
‫عزلت اللت والعزى جيعا‬

‫كذلك يفعل اللد الصبـور‬


‫فل عزى أدين ول ابنتيهـا‬

‫ول صنمي بن عمرو أدير‬


‫ول غنما أدين وكان ربا لنـا‬

‫ف الدهر إذ حلمي يسـي‬


‫عجبت وف الليال معجبات‬

‫وف اليام يعرفها البصي‬


‫بأن ال قد أفـنـى رجـالً‬

‫كثيا كان شأنم الفجـور‬


‫وأبقى آخرين بـبـر قـوم‬

‫فيبك منهم الطفل الصغي‬


‫وبيننا الرء يعثر ثاب يومـا‬

‫كما يتروح الغصن النضي‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقال زيد بن عمرو بن نفيل أيضا‪:‬‬
‫أسلمت وجهي لن أسلـمـت‬

‫‪93‬‬ ‫‪93‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫له الرض تمل صخرا ثقال‬
‫وأسلمت وجهي لن أسلمـت‬

‫له الزن تمل عذبـا زلل‬


‫إذا هي شيقـت إلـى بـلـدة‬

‫أطاعت فصبت عليها سجـال‬


‫وأسلمت وجهي لن أسلمـت‬

‫له الريح تصرف حال فحال‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكان الطاب بن نفيل قد آذى زيد ابن عمرو بن‬
‫نفيل حت خرج عنه إل أعلى مكة‪ ،‬فنل حراء‪ ،‬مقابل مكة‪ ،‬ووكل به الطاب شبابا من‬
‫شباب قريش وسفهاء من سفائهم‪ ،‬فقال‪ :‬ل تتركوه يدخل مكة‪ ،‬فكان ل يدخلها إل‬
‫سرا منهم‪ ،‬فإذا علموا بذلك آذنوا به الطاب‪ ،‬فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم‬
‫دينهم‪ ،‬وأن يتابعه أحد منهم على فراقهم‪ ،‬وكان الطاب عم زيد‪ ،‬وأخاه لمه‪ ،‬وكان‬
‫الطاب عمه وأخوه لمه مع سنه‪ ،‬فكان يعاتبه على فراق دين قومه حت آذاه‪ ،‬فقال زيد‬
‫بن عمرو وهو يعظم حرمته على من استحل من قومه ما استحل‪:‬‬
‫اللهم إن مـرم ل أحـلة‬

‫وإن بيت أوسط الـحـلة‬


‫عند الصفا ليس بذي مظلة‬

‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فحدثت أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‬
‫وهو يدث عن زيد بن عمرو بن نفيل‪ :‬إن كان لول ‪ 33‬من عاب علي الوثان‪ ،‬ونان‬

‫‪94‬‬ ‫‪94‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عنها‪ ،‬أقبلت من الطائف ومعي زيد بن حارثة حت مررت بزيد بن عمرو وهو بأعلى مكة‬
‫وكانت قريش قد شهرته بفراق دينها حت خرج من بي أظهرهم‪ ،‬وكان بأعلى مكة‪،‬‬
‫فجلست إليه ومعي سفرة ل فيها لم يملها زيد بن حارثة من ذبائحنا على أصنامنا‪،‬‬
‫فقربتها له‪ ،‬وأنا إلم شاب‪ ،‬فقلت‪ :‬كل من هذا الطعام أي عم‪ ،‬قال‪ :‬فلعلها أي ابن أخي‬
‫من ذبائحكم هذه الت تذبون لوثانكم? فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬اما إنك يا ابن أخي لو‬
‫سألت بنات عبد الطلب أخبنك أن ل آكل هذه الذبائح‪ ،‬فل حاجة ل با‪ ،‬ث عاب‬
‫علي الوثان ومن يعبدها ويذبح لا‪ ،‬وقال‪ :‬إنا هي باطل ل تضر ول تنفع‪ ،‬أو كما قال‪.‬‬
‫قال؛ قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬فما تسست بوثن منها بعد ذلك على معرفة‬
‫با‪ ،‬ول ذبت لا حت أكرمن ال عز وجل برسالته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن السعودي عن نفيل بن هشام عن أبيه قال‪ :‬مر زيد بن نفيل على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلى زيد بن حارثة‪ ،‬فدعواه إل سفرة لما‪ ،‬فقال زيد‪:‬‬
‫يا ابن أخي إن ل آكل ما ذبح على النصب‪ ،‬قال‪ :‬فما رئي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بعد ذلك اليوم يأكل شيئا ذبح النصب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقد كان زيد أجع على الروج من مكة يضرب‬
‫ف الرض‪ ،‬يطلب النيفية دين إبراهيم‪ ،‬فكانت إمرأته صفية ابنة الضرمي كلما أبصرته‬
‫قد نض إل الروج وأراده‪ ،‬آذنت به الطاب بن نفيل‪ ،‬فخرج زيد إل الشام يلتمس‬
‫ويطلب ف أهل الكتاب الول دين إبراهيم‪ ،‬ويسأل عنه‪ ،‬فلم يزل ف ذلك حت أتى‬
‫الوصل‪ ،‬أو الزيرة كلها‪ ،‬ث أقبل حت أتى الشام‪ ،‬فجال فيها حت أتى الوصل‪ ،‬أو الزيرة‬
‫كلها‪ ،‬ث أقبل حت إليه علم النصرانية‪ ،‬فيما يزعمون‪ ،‬فسأله عن اليفية دين إبراهيم‪ ،‬فقال‬
‫الراهب‪ :‬إنك لتسأل عن دين نا أنت بواجد من يملك عليه اليوم‪ ،‬لقد درست علمه‪،‬‬
‫وذهب من يعرفه‪ ،‬ولكنه قد أظلك خروج نب يبعث بأرضك الت خرجت منها بدين‬
‫إبراهيم‪ ،‬النيفية‪ ،‬فعليك ببلدك فإنه مبعوث الن‪ ،‬هذا زمانه‪ ،‬وقد كان شام اليهودية‬
‫والنصرانية‪ ،‬فلم يرض شيئا منهما فخرج شريعا‪ -‬حي قال له الراهب ما قال‪ -‬يريد‬
‫مكة‪ ،‬حت إذا كان بأرض لم‪ ،‬عدوا عليه فقتلوه فقال ورقة بن نوفل‪ ،‬وكان قد اتبع مثل‬
‫أثر زيد‪ ،‬لوم يفعل ف ذلك ‪ 34‬ما فعل‪ ،‬فبكاه ورقه فقال‪:‬‬

‫‪95‬‬ ‫‪95‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنـا‬

‫تنبت تنورا من النـار حـامـيا‬


‫بدينك ربا ليس رب كـمـثـلـه‬

‫وتركك أوثان الطواغي كما هـيا‬


‫وقد تدرك النسان رحـمة ربـه‬

‫ولو كان تت الرض ستي واديا‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن أسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن جعفر بن الزبي‪ ،‬أو ممد بن عبد‬
‫الرحن بن عبد ال بن الصي التميمي أن عمر بن الطاب‪ ،‬وسعيد ابن زيد قال‪ :‬يا‬
‫رسول ال نستغفر لزيد? فقال‪ :‬نعم‪ ،‬فاستغفروا له‪ ،‬فإنه يبعث أمة وحده‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن السعودي عن نفيل بن هشام عن أبيه أن جده سعيد بن زيد سأل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم عن أبيه ويد بن عمرو فقال‪ :‬يا رسول ال إن أب زيد بن‬
‫عمرو كان كما رأيت‪ ،‬وكما بلغك‪ ،‬فلو أدركك آمن بك‪ ،‬فأستغفر له? قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فاستغفر له فإنه ييء يوم القيامة أمة وحده‪ ،‬وكان فيما ذكروا يطلب الدين‪ ،‬فمات وهو‬
‫ف طلبه‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكان حي أراد ال عز وجل كرامة نبيه صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ورحة العباد به واتاذ الجة عليهم‪ ،‬والعرب على أديان متلفة متفرقة‪ ،‬مع‬
‫ما يمعهم من تعظيم الرمة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬والتمسك با كان بي أظهرهم من آثار‬
‫إبراهيم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهم يزعمون أنم على ملته‪ ،‬وكانوا يجون البيت على‬
‫اختلف من أمرهم فيه‪.‬‬
‫فكانت المس‪ :‬قريش وكنانة‪ ،‬وخزاعة‪ ،‬ومن ولدت قريش من سائر العرب يلهون‬
‫بجهم‪ ،‬فمن اختلفهم أن يقولوا‪ :‬لبيك‪ ،‬ل شريك لك إل شريك هو لك‪ ،‬تلكه‪ ،‬وما‬
‫ملك‪ .‬فيوحد فيه بالتلبية‪ ،‬ث يدخلون معه أصنامهم ويعلون ملكها بيده‪ -‬يقول ال عز‬

‫‪96‬‬ ‫‪96‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وجل لحمد صلى ال عليه وسلم‪" :‬وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون" ول‬
‫يرجون من الرم ول يدفعون من الزدلفة‪ ،‬يقولون‪ :‬نن أهل الرم‪ ،‬فل نرج منه‪،‬‬
‫وكانوا يسكنون البيوت إذا كانوا حرما‪ ،‬وكان أهل ند من مضر يهلون إل البيت‬
‫ويقفون على عرفة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة‬
‫عن عائشة أنا قالت ‪ :‬أول ما ابتدئ به رسول ال صلى ال عليه وسلم من النبوة حي‬
‫أراد ال عز وجل كرامته ورحته ورحة العباد به أل يرى شيئا إل جاءت كفلق الصبح‪.‬‬
‫‪ 35‬فمكث على ذلك ما شاء ال عز وجل أن يكث‪ ،‬وحبب ال عز وجل إليه اللوة‪،‬‬
‫فلم يكن شيء أحب إليه من أن يلو وحده‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد اللك بن عبد ال بن أب سفيان بن‬
‫العلء بن جارية الثقفي‪ ،‬وكان واعية‪ ،‬عن بعض أهل العلم أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم حي أراد ال عز وجل كرامته‪ ،‬وابتدأه بالنبوة‪ ،‬كان ل ير بجر ول شجر إل سلم‬
‫عليه وسع منه‪ ،‬فيلتفت رسول ال صلى ال عليه وسلم خلفه وعن يينه وعن شاله فل‬
‫يرى إل الشجر وما حوله من الجارة وهي تييه بتحية النبوة‪ :‬السلم عليك‪ ،‬رسول ال‪،‬‬
‫فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يرج إل حراء ف كل عام شهرا من السنة ينسك‬
‫فيه‪ ،‬وكان من نسك ف الاهلية من قريش يطعم من جاءه من الساكي‪ ،‬حت إذا انصرف‬
‫من ماورته وقضاه ل يدخل بيته حت يطوف بالكعبة حت إذا كان الشهر الخر الذي‬
‫أراد ال عز وجل ما أراد من كرامته من السنة الت يبعثه فيها‪ ،‬وذلك شهر رمضان‪،‬‬
‫فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم كما كان يرج لواره‪ ،‬وخرج معه بأهله‪ ،‬حت‬
‫إذا كانت الليلة الت أكرمه ال عز وجل فيها برسالته‪ ،‬ورحم العباد به جاءه جبيل بأمر‬
‫ال تعال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬جاءن وأنا نائم فقال‪ :‬إقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما‬
‫اقرأ? حت ظننت أنه الوت‪ ،‬ث كشطه عن فقال‪ :‬إقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما أقرأ فعاد ل مثل ذلك‬
‫ث قال‪ :‬إقرأ‪ ،‬فقلت‪ :‬وما أقرأ? وما أقولا إل تنجيا أن يعود ل بثل الذي صنع ب فقال‪:‬‬
‫"إقرأ بسم ربك الذي خلق‪ .‬خلق النسان من علق‪ .‬إقرأ وربك الكرم الذي علم بالقلم‬
‫علم النسان ما ل يعلم" ث انتهى فانصرف عن‪ ،‬وهببت من نومي‪ ،‬وكأنا صور ف قلب‬

‫‪97‬‬ ‫‪97‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫كتاب‪ ،‬ول يكن ف خلق ال عز وجل أحد أبغض إل من شاعر أو منون‪ ،‬كنت ل أطيق‬
‫أنظر إليهما‪ ،‬فقلت‪ :‬إن البعد‪ -‬يعن نفسه‪ ،‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لشاعر أو منون‪ ،‬ث‬
‫قلت‪ :‬ل تدث قريش عن بذا أبدا‪ ،‬لعمدن إل حالق من البل‪ ،‬فلطرحن نفسي منه‪،‬‬
‫فلقتلنها‪ ،‬فلسترين‪ ،‬فخرجت ما أريد غي ذلك‪ ،‬فبينا أنا عامد لذلك سعت مناديا‬
‫ينادي من الساء يقول‪ :‬يا ممد! أنت رسول ال‪ ،‬وأنا جبيل‪ ،‬فرفعت رأسي إل السماء‬
‫أنظر‪ ،‬فإذا جبيل ف صورة رجل صاف قدميه ف أفق السماء يقول‪ :‬يا ممد! أنت رسول‬
‫ال‪ ،‬وأنا جبيل‪ ،‬فوقعت أنظر إليه‪ ،‬وشغلن عن ذلك وعما أريد‪ ،‬فوقعت ما أقدر على أ‪،‬‬
‫‪ 93‬أتقدم ول أتأخر ول أصرف وجهي ف نية من السماء إل رأيته فيها‪ ،‬فما زلت واقفا‬
‫ما أتقدم ولتأخر حت بعث خدية رسلها ف طلب حت بلغوا مكة ورجعوا‪ ،‬فلم أزل‬
‫كذلك حت كاد النهار يتحول‪ ،‬ث انصرف عن‪ ،‬وانصرفت راجعا إل أهلي حت أتيت‬
‫خدية فجلست إل فخذها مضيفا إليها‪ ،‬فقالت‪ :‬يا أبا القاسم أين كنت فو ال لقد‬
‫بعثت رسلي ف طلبك حت بلغوا مكة ورجعوا‪ ،‬فقلت لا‪ :‬إن البعد لشاعر أو منون‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬أعيذك بال يا أبا القاسم من ذلك‪ ،‬ما كان ال عز وجل ليفعل بك ذلك معما‬
‫أعلم من صدق حديثك‪ ،‬وعظم أمانتك‪ ،‬وحسن خلقك‪ ،‬وصلة رحك‪ ،‬وما ذاك يا ابن‬
‫عن‪ ،‬لعلك رأيت شيئا أو سعته? فأخبتا الب‪ ،‬فقالت‪ :‬أبشر يا بن عم‪ ،‬واثبت له‪ ،‬فو‬
‫الذي تلف به إن لرجو أن تكون نب هذه المة‪ ،‬ث قامت فجمعت ثيابا عليها‪ ،‬ث‬
‫انطلقت إل مروقة بن نوفل‪ -‬وهو ابن عمها‪ ،‬وكان قد قرأ الكتب‪ ،‬وكان قد تنصر‪،‬‬
‫وسع التوراة والنيل‪ ،‬فاخبته الب‪ ،‬وقصت عليه ما قص عليها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه رأى وسع‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬قدوس قدوس‪ ،‬والذي نفس ورقة بيده لئن كنت‬
‫صدقتن يا خدية‪ ،‬إنه لنب هذه المة‪ ،‬وإنه ليأتيه الناموس الكب الذي كان يأت موسى‬
‫عليه السلم‪ ،‬فقول له فليثبت‪ ،‬ورجعت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبته ما‬
‫قال لا ورقة‪ ،‬فسهل ذلك عليه بعض ما هو فيه من الم با جاءه فلما قضى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم جواره صنع كما كان يصنع‪ ،‬بدأ بالكعبة فطاف با‪ ،‬فلقيه ورقة‬
‫وهو يطوف بالكعبة‪ ،‬فقال ورقة‪ :‬والذي نفس ورقة بيده إنه ليأتيك الناموس الكب الذي‬
‫كان يأت موسى عليه السلم‪ ،‬وإنك لنب هذه المة‪ ،‬ولتؤذين‪ ،‬ولتكذبن‪ ،‬ولتقاتلن‪،‬‬

‫‪98‬‬ ‫‪98‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ولتنصرن‪ ،‬ولئن أنا أدركت ذلك لنصرنك نصرا يعلمه ال‪ ،‬ث أدن إليه رأسه فقبل يا‬
‫فوخه‪ ،‬ث انصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم إل منله وقد زاده ال عز وجل من‬
‫قول ورقة ثباتا‪ ،‬وخفف عنه بعض ما كان فيه من الم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن قرة بن خالد قال‪ :‬حدثن أبو رجاء العطاردي قال‪ :‬أول سورة‬
‫نزولت على ممد صلى ال عليه وسلم‪" :‬إقرأ باسم ربك الذي خلق"‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقد قال ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن‬
‫قصي فيما كانت ذكرت ‪ 37‬له خدية من أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيما‬
‫يزعمون‪:‬‬
‫إن بك حقا يا خدية فاعـلـمـي‬

‫حديثك إيانا فأحـمـد مـرسـل‬


‫وجبيل يأتيه وميكال معـهـمـا‬

‫من ال وحي يشرح الصدر منل‬


‫يفوز به من فاز فـيهـا بـتـوبة‬

‫ويشقى به العات الغوي الضلل‬


‫فريقان منهم فرقة ف جـنـانـه‬

‫وأخرى بأحواز الحيم تـغـلـل‬


‫إذا ما دعوا بالويل فيها تتابـعـت‬

‫مقاطع ف هاماتم ث من عـل‬


‫فسبحان من توى الرياح بأمـره‬

‫‪99‬‬ ‫‪99‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن هو ف اليام ما شاء يفعـل‬
‫ومن عرشه فوق السموات كلهـا‬

‫وأقضاؤه ف خلقـه ل تـبـدل‬


‫وقال ورقة ف ذلك أيضا‪:‬‬
‫يا للرجال لصرف الدهر والـقـدر‬

‫وما لشيء قضاه اللـه مـن غـي‬


‫حت خدية تدعونـي لخـبـرهـا‬

‫وما لا بفي الغيب مـن خـبـر‬


‫جاءت لتسألن عنـه لخـبـرهـا‬

‫أمرا أراه سيأتيالنـاس مـن اخـر‬


‫فخبن بأمر قـد سـمـعـت بـه‬

‫فميا مضى من قدي الدهر والعصر‬


‫بأن أحـمـد يأتـيه فـيخـبـــره‬

‫جبيل إنك مبعوث إل الـبـشـر‬


‫فقلت على الذي ترجـي ينـجـزه‬

‫لك الله فرجي الي وانتـظـرى‬


‫وأرسلـيه إلـينـا كـي نـسـائلـه‬

‫‪100‬‬ ‫‪100‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عن أمر ما يرى ف النوم والسهـر‬
‫فقال حي أتانا منطـقـا عـجـبـا‬

‫يقف منه أعال اللد والـشـعـر‬


‫إن رأيت أمي الـلـه واجـهـنـي‬

‫ف صورة أكملت ف أهيب الصور‬


‫ث استمر فكاد الـوف يذعـرنـي‬

‫ما يسلم ما حول من الـشـجـر‬


‫فقلت ظن وما أدري أيصـدقـنـي‬

‫أن سوف يبعث يتلو منل السـور‬


‫وسوف أبليك إن أعلنت دعـوتـهـم‬

‫من الهـاد بـل مـن ول كـدر‬


‫حدثنا أحد‪ :‬نا يونس بن بكي عن ممد بن إسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال ابن أب بكر عن‬
‫أب جعفر قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم تصيبه العي بكة‪ ،‬فتسرع إليه قبل أن‬
‫ينل عليه الوحي فكانت خدية إبنة خويلد تبعث إل عجوز بكة ترقيه‪ ،‬فلما نزل عليه‬
‫القرآن فأصابه من العي تو ما كان يصيبه‪ ،‬فقالت له خدية‪ :‬يا رسول ال أل أبعث إل‬
‫تلك العجوز فترقيك? فقال‪ :‬أما الن فل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن هشام بن عروة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬مت من‬
‫نب إل وقد رعى الغنم‪ ،‬فقيل‪ :‬وأنت يا رسول ال? قال‪ :‬وأنا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يونس بن ‪ 38‬عمرو عن أبيه عن عبيدة النصري قال‪ :‬تفاخر رعاء‬
‫البل ورعاء الغنم عند رسول ال صلى ال عليه وسلم فأوطأهم رعاء البل غلبة‪ ،‬فقالوا‪:‬‬

‫‪101‬‬ ‫‪101‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ما أنتم يا رعاء النقد‪ ،‬هل تمون أو تصيدون‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس‪،‬‬
‫فتكلم فقال‪ :‬بعث موسى عليه السلم وهو راعي غنم‪ ،‬وبعث داود وهو راعي غنم‪،‬‬
‫وبعث أنا‪ ،‬وأنا راعي غنم أهلي بأجياد‪ ،‬فغلبهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن عبيد بن عتيبة العيذي عن وهب بن كعب بن عبد ال بن سور‬
‫الزدي عن سلمان الفارسي أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫إنه ليس من نب إل وله وصي وسبطان‪ ،‬فمن وصيك وسبطاك? فسكت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ل يرجع شيئا‪ ،‬فانصرف سلمان يقول‪ :‬يا ويله‪ ،‬يا ويله كلما لقيه ناس من‬
‫السلمي قالوا‪ :‬مالك سلمان الي? فيقول سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬
‫شيء‪ ،‬فلم يرد علي‪ ،‬فخفت أن يكون من غضب‪ ،‬فلما صلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم الظهر قال‪ :‬أدن يا سلمان‪ ،‬فجعل يدنو ويقول‪ :‬أعوذ بال من غضبه وغضب‬
‫رسوله‪ ،‬فقال‪ :‬سألتن عن شيء ل يأتن فيه أمر‪ ،‬وقد أتان أن ال عز وجل قد بعث أربعة‬
‫آلف نب‪ ،‬وكان أربعة آلف وصي وثانية آلف سبط‪ ،‬فو الذي نفسي بيده لنا خي‬
‫النبيي‪ ،‬وإن وصيي لي الوصيي‪ ،‬وسبطاي خي السباط‪.‬‬

‫آخر الزء الثان –‬


‫يتلوه ف الثالث إن شاء ال‪ :‬نا أحدك نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث بعث ال عز وجل‬
‫ممدا صلى ال عليه وسلم رحة للعالي‪ ،‬وكافة للناس‪.‬‬
‫والمد ل حق حده وصلواته على ممد سيد الرسيلن وعلى أله الطيبي الظاهرين وسلم‬
‫تسليما كثيا‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيل‪.‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم توكلت على ال ‪:‬‬


‫أخبنا الشيخ أبو السي أحد بن ممد النقور البزاز‪ -‬قراءة عليه وأنا أسع ‪ -‬قال‪ :‬اخبنا‬
‫أبو طاهر ممد بن عبد الرحن الخلص قال‪ :‬قرئ على أب السن رضوان بن أحد وأنا‬
‫أسع قال‪ :‬نا أبو عمر أحد بن عبد البار العطاردي قال قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ممد‬
‫بن إسحق قال‪ :‬ث بعث ال عز وجل ممدا صلى ال عليه وسلم رحة للعالي‪ ،‬وكافة‬
‫للناس‪ ،‬وكان ال قد أخذله ميثاقا على كل نب بعثه قبله‪ ،‬وباليان به‪ ،‬والتصديق له‪،‬‬

‫‪102‬‬ ‫‪102‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫والنصر له على من خالفه‪ ،‬وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إل من آمن بم وصدقهم‪ ،‬فأوا‬
‫من ذلك ما كان عليهم من الق فيه‪ ،‬يقول ال تبارك وتعال لحمد صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"وإذ أخذ ال ميثاق النبيي لا آتيتكم من كتاب وحكمة ث جاءكم رسول مصدق لا‬
‫معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررت وأخذت على ذلكم" إى آخر الية‪ ،‬فأخذ ال ميثاق‬
‫النبيي جيعا بالتصديق له والنصر له على من خالفه‪ ،‬فأدوا ذلك إل من آمن بم وصدقهم‬
‫من أهل هذين الكتابي‪ ،‬فبعثه ال بعد بنيان الكعبة بمس سني‪ ،‬ورسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يومئذ ابن أربعي سنة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فابتدئ رسول ال صلى ال عليه وسلم بالتنيل ف‬
‫شهر رمضان‪ .‬بقول ال تبارك وتعال‪" :‬شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" إل آخر‬
‫الية‪ ،‬وقال ال تعال‪" :‬إنا أنزلناه ف ليلة القدر" إل آخر السورة‪ ،‬وقال‪" :‬حم‪ .‬والكتاب‬
‫البي‪ .‬إنا أنزلناه ف ليلة مباركة إنا كنا منذرين"‪ ،‬وقال‪" :‬إن كنتم آمنتم بال وما أنزلنا‬
‫على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى المعان" وذلك التقى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫والشركي ببدر‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن أبو جعفر ممد بن علي السن أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم التقى هو والشركون يوم بدر صبيحة المعة لسبع عشرة من‬
‫شهر رمضان‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن أسباط بن اساعيل بن عبد الرحن قال‪ :‬كان يوم بدر يوم المعة‬
‫لسبع عشرة من شهر رمضان‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن قرة بن خالد قال‪ :‬سألت عبد الرحن بن قاسم عن ليلة القدر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كان زيد بن ثابت يعظم سابعة عشر ويقول‪ :‬هي وقعة بدر‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن بسر بن أب حفص الكندي الدمشقي قال‪ :‬نا مكحول أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال لبلل‪ :‬أل ل يغادرك صيام الثني‪ ،‬وأوحى إل يوم الثني‪،‬‬
‫وهاجرت يوم الثني ‪ ،‬وأموت يوم الثني‪.‬‬
‫نا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا ممد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن عبد ال‬
‫بن عباس قال‪ :‬كنت عند عمر بن الطاب رحه ال وعنده أصحابه‪ ،‬فسألم فقال‪ :‬أرأيتم‬

‫‪103‬‬ ‫‪103‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قول رسول ال صلى ال عليه وسلم ف ليلة القدر‪ :‬التمسوها ف العشر ‪ 46‬الواخر وترا‪،‬‬
‫أي ليلة ترونا? فقال بعضهم‪ :‬ليلة إحدى‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ليلة ثلث‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ليلة‬
‫خس‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ليلة سبع‪ ،‬وأما ساكت‪ ،‬فقالك مالك ل تتكلم? فقلت‪ :‬إنك أمرتن‬
‫أل أتكلم حت يتكلموا‪ ،‬فقال‪ :‬ما أرسلت إليك إل لتكلم‪ ،‬فقالك إن سعت ال يذكر‬
‫السبع فذكر "سبع سوات ومن الرض مثلهن"‪ ،‬وخلق النسان من سبع‪ ،‬ونبات الرض‬
‫من سبع‪ ،‬فقال عمر‪ :‬هذا‪ ،‬أخبتن ما أعلم‪ ،‬أرأيت ما ل أعلم قولك نبات الرض سبع?‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬قال ال‪" :‬شققنا الرض شقا‪ .‬فأنبتنا فيها حبا‪ .‬وعنبا وقضبا‪ .‬وزيتونا ونلً‪.‬‬
‫وحدائق غلبا" فالدائق غلبا اليطان من النخل والشجر‪ ،‬وفاكهة وأبا‪ ،‬قال‪ :‬الب ما‬
‫أنبتت الرض ما تأكل الدواب والنعام ول يأكله الناس‪ ،‬فقال عمر لصحابه‪ :‬أعجزت أن‬
‫تقولوا كما قال هذا اللم الذي ل تتمع له شؤون رأسه‪ ،‬وال إن لرى القول كما‬
‫قال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬تتام الوحي إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وهو مؤمن بال مصدق لا جاءه‪ ،‬قد تقبله بقول وتمل منه ما حله ال على رضا العباد‬
‫وسخطهم‪ ،‬وللنبوة أثقالً ومؤونة ل يملها ول يستطيعها إل أهل القوة والعزم من الرسل‬
‫بعون ال وتوفيقه لا يلقون من الناس‪ ،‬وما يرد عليهم ما جاء به من عند ال تعال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يوسن عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ربيعة بن أب عبد الرحن قال‪ :‬سعت ابن‬
‫منبه وهو ف مسجد من‪ ،‬وذكر له يونس النب عليه السلم فقال‪ :‬كان عبدا صالا وكان‬
‫ف خلقه ضيق‪ ،‬فلما حلت عليه أثقال النبوة‪ -‬ولا أثقال‪ ،‬فلما حلت عليه تفسح الربع‬
‫تت المل الثقيل‪ ،‬فألقاها عنه وخرج هاربا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كانت خدية أول من آمن بال ورسوله وصدق ما‬
‫جاء به‪ ،‬فخفف ال بذلك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل يسمع شيئا يكرهه من‬
‫رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إل فرج ال عنه با‪ ،‬إذا رجع إليها تثبيته وتفف عنه‪،‬‬
‫وتصدقه وتون عليه أمر الناس‪ ،‬رحها ال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن الزهري عن عروة عن عائشة قالت‪ :‬أول ما‬
‫ابتدئ به رسول ال صلى ال عليه وسلم من النبوة حي أراد ال كرامته ورحة العباد به‬

‫‪104‬‬ ‫‪104‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ل يرى شيئا إل جاءت كفلق الصبح‪ ،‬يكث على ذلك ما شاء ال أن يكث‪ ،‬وحبب إليه‬
‫اللوة‪ ،‬فلم يكن شيء أحب إليه من أن يلو وحده‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يونس بن عمرو عن أب ميسرة عم ر بن شرحبيل أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قال لدية‪ :‬إن إذا خلوت ‪ 47‬وحدي أسع نداء‪ ،‬وقد وال حشيت‬
‫أن يكون هذا المر‪ ،‬فقالت‪ :‬معاذ ال ما كان ال ليفعل بك ذلك فوال إنك لتؤدي‬
‫المانة‪ ،‬وتنصل الرحم وتصدق الديث‪ ،‬فلما دخل أبو بكر رحه ال‪ .‬وليس رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث ذكرت خدية حديثه له‪ ،‬فقالت‪ :‬يا عتيق إذهب مع ممد إل‬
‫ورقة‪ ،‬فلما دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده‪ :‬فقال‪ :‬انطق بنا إل‬
‫ورقة‪ ،‬فقال‪ :‬ومن أخبك? قال‪ :‬خدية‪ ،‬فانطلقا إليه فقصا عليه‪ ،‬فقال‪ :‬إذا خلوت وحدي‬
‫سعت نداء خلفي‪ :‬يا ممد‪ ،‬يا ممد‪ ،‬فانطلق هاربا ف الرض‪ ،‬فقال له‪ :‬ل تفعل إذا أتاك‬
‫فاثنت حت تسمع ما يقول‪ ،‬ث ائتن فأخبن فلما خل ناداه يا ممد قل‪ :‬بسم ال الرحن‬
‫الرحيم‪ .‬المد ل رب العالي حت بلغ "ول الضالي" قل‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬فأتى ورقة فذكر‬
‫ذلك له‪ ،‬فقال له ورقة‪ :‬أبشر ث أبشر‪ ،‬فأنا أشهد أنك الذي بشر بك ابن مري‪ ،‬وأنك‬
‫على مثل نا موسى موسى‪ ،‬وأنك نب مرسل‪ ،‬وأنك ستؤمر بالهاد بعد يومك هذا‪ ،‬ولئن‬
‫أدركن ذلك لجاهدن معك؛ فلما توف ورقة قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لقد‬
‫رأيت القس ف النة عليه ثياب الرير لنه آمن ب وصدقن‪ -‬يعن ورقة‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه قال‪ :‬ساب أخ لورقة‪ ،‬فتناول الرجل ورقة فسبه‪،‬‬
‫فبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال لخيه‪ :‬ل علمت أن رأيت لورقة جنة أو‬
‫جنتي‪ ،‬فنهى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن سبه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن اساعيل بن أب حكيم‪ ،‬مول الزبي‪ ،‬انه‬
‫حدث عن خدية بنت خويلد أنا قالت لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فيما تثبتته به‪،‬‬
‫فيما أكرمه ال به من نبوته‪ :‬يا ابن عم هل تستطيع أن تبن بصاحبك هذا الذي يأتيك‬
‫إذا جاءك? قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقالت‪ :‬إذا جاءك فأخبن‪ ،‬فبينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عندها يوما‪ ،‬إذ حاء جبيل‪ ،‬فرآه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬ي خدية هذا‬
‫جبيل قد جاءن‪ ،‬فقالت أتراه الن? قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فاجلس إل شقي اليسر فجلس‪،‬‬

‫‪105‬‬ ‫‪105‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فقالت هل تراه الن? قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فاجلس إل شقي الين‪ ،‬فتحول فجلس‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫هل تراه الن? قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فتحول فاجلس ف حجري‪ ،‬فتحول رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فجلس‪ ،‬فقالت‪ :‬هل تراه الن? قال‪ :‬نعم‪ ،‬فتحسرت فألقت خارها ورسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم جالس ف حجرها‪ ،‬فقالت‪ :‬هل تراه الن? قال‪ :‬ل‪ ،‬قالت‪ :‬ما‬
‫هذا الشيطان‪ ،‬إن هذا للك يا بن عم فاثبت‪ ،‬وأبشر‪ ،‬ث آمنت به‪ ،‬وشهدت أن الذي جاء‬
‫به الق‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فحدثت ‪ 48‬عبد ال بن السن هذا الديث‪،‬‬
‫فقال‪ :‬قد سعت فاطمة بنت السي تدث بذا الديث عن خدية‪ ،‬إل أن سعتها تقول‪:‬‬
‫أدخلت رسول ال صلى ال عليه وسلم بينها وبي درعها‪ ،‬فذهب عند ذلك جبيل عليه‬
‫السلم‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب قال‪ :‬سئل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم مت استنبئت? فقال‪ :‬بي خلق آدم ونفخ الروح فيه‪.‬‬
‫نا يونس عن إبراهيم بن اساعيل بن ممع النصاري عن رجل عن سعيد ابن السيب قال‪:‬‬
‫نزل الوحي على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو ابن ثلث وأربعي‪ ،‬فأقام بكة‬
‫عشرا‪ ،‬وبالدينة عشرا‪.‬‬
‫نا أحدك نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ونزل الوحي على رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وهو ابن أربعي سنة‪ ،‬فأقام بكة ثلث عشرة سنة‪ ،‬وبالدينة عشرا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم بالصب ل‬
‫على رسالته وتبليغ ما أمر به‪.‬‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التيمي عن الربيع بن أنس عن أب العالية‪" :‬فاصب كما‬
‫صب أول العزم من الرسل"‪ :‬نوح‪ ،‬وهود‪ ،‬وإبراهيم‪ ،‬فأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أن يصب كما صب هؤلء‪ ،‬وكانوا ثلثة ورسول ال صلى ال عليه وسلم رابعهم‪ ،‬عليهم‬
‫السلم ورحة ال‪ ،‬قال نوح‪" :‬يا قوم أن كان كب عليكم مقامي وتذكيي بآيات ال"‬
‫إل آخرها‪ ،‬فأظهر لم الفارقة‪ ،‬وقال هود حي قالوا‪" :‬إن نقول أل اعتراك بعض آلتنا‬
‫بسوء قال إن أشهد ال واشهدوا أن برئ ما تشركون فأظهر لم الفارقة‪ ،‬وقال إبراهيم‪:‬‬

‫‪106‬‬ ‫‪106‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫"قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم" إل آخر الية‪ ،‬فاظهر لم الفارقة‪ ،‬وقال ممد‪:‬‬
‫"إن نيت أن أعبد الذين تدعون من دون ال" فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم عند‬
‫الكعبة‪ ،‬فقرأها على الشركي فأظهر لم الفارقة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث فتر الوحي عن النب صلى ال عليه وسلم فترة مل‬
‫ذلك حت شق عليه وأحزانه‪ ،‬ث قال ف نفسه ما أبلغ ذلك منه‪ :‬لقد خشيت أن يكون‬
‫صاحب قد قلن وودعن‪ ،‬فجاء جبيل بسورة والضحى‪ ،‬يقسم له به‪ ،‬وهو الذي أكرمه‬
‫"ما ودعك ربك وما قلى" فقال‪" :‬والضحى والليل إذا سجى" يقول‪" :‬ما ودعك ربك‬
‫وما قلى" ما صرمك وتركك‪ ،‬وما قلى‪ :‬ما أبغضك منذ أحبك‪ ،‬وللخرة خي لك من‬
‫الول أي ما عندي من مرجعك إل خي لك ما عجلت لك من الكرامة ف الدنيا‪،‬‬
‫"ولسوف يعطيك ربك فترضى" من الفتح ف الدنيا والثواب ف الخرة‪" ،‬أل يدك يتيما‬
‫فآزى ووجدك ضالً فهدى ووجدك عائلً فأغن" يعرفه ما ابتدأه به من كرامته ف عاجل‬
‫أمره ومنه عليه ف يتمه ‪ 49‬وعيلته وضللته‪ ،‬وستنقاذه من ذلك كله برحته "فأما اليتيم‬
‫فل تقهر وأما السائل فل تنهر" ل تكون جبارا ول متكبا ول فاحشا فظا على الضعفاء‬
‫من عباد ال "واما بنعمة ربك فحدث اذكرها وادع إليها‪ ،‬يذكره ما أنعم ال به عليه‬
‫وعلى العباد من النبوة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن خدية أنا قالت‪ :‬لا أبطأ على رسول‬
‫ال حروف الوحي جزع من ذلك جزعا شديدا‪ ،‬فقلت له ما رأيت من جزعه‪ :‬لقد قلك‬
‫ربك ما يرى من جزعك‪ ،‬فأنزل ال "ما ودعك ربك وما قلى"‪.‬‬
‫نا يونس عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبي عن ابن عباس ان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال لبيل ما ينعك أن تزورنا أكثر ما تزورنا? فأنزل ال تعال‪" :‬وما نتنل‬
‫إل بأمر ربك له ما بي أيدينا" إل قوله‪" :‬ما كان ربك نسيا"‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث إن جبيل أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حي افترضت عليه الصلة‪ ،‬فهمز له بعقبة ف ناحية الوادي فانفجرت منه عي ماء مزن‪،‬‬
‫فوضأ وجهه ومضمض واستنشق ومسح برأسه وأذنيه ورجليه إل الكعبي‪ ،‬ونضج فرجه‪،‬‬
‫ث قام فصلى ركعتي‪ ،‬وسجد أربع سجدات على وجهه‪ ،‬ث رجع النب صلى ال عليه‬

‫‪107‬‬ ‫‪107‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وسلم قد أقر ال عينه وطابت نفسه‪ ،‬وجاءه ما يب من ال‪ ،‬فأخذ بيد خدية حت أتى‬
‫با العي‪ ،‬فتوضأ كما توضأ جبيل‪ ،‬ث ركع ركعتي وأربع سجدات هو وخدية يصليان‬
‫سرا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن صال بن كيسان عن عروة بن الزبي عن‬
‫عائشة أن الصلة أول ما افترضت ركعتي‪ ،‬ث أكملت أربعا‪ ،‬وأثبتت للمسافر‪ .‬قال‪:‬‬
‫فحدثت ذلك عمر بن عبد العزيز‪ ،‬فقال لروة‪ :‬حدثتن أن عائشة كانت تصلي ف السفر‬
‫أربعا‪ ،‬فجاء عروة فقلت ف نفسي ل يكون هذا ب‪ ،‬فسألته عن الديث‪ ،‬فحدثه فقال‬
‫عمر‪ :‬ما أدري ما أحاديثكم هذه! ث حول وركه ونزل عن سريره ودخل‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنا قالت‪ :‬أول ما افترضت الصلة‬
‫ركعتي فأثبت للمسافر وأكملت للمقيم أربعا‪.‬‬
‫نا يونس عن سال مول أب الهاجر قال‪ :‬سعت ميمون بن مهران يقول‪ :‬كان أول الصلة‬
‫مثن مثن مثن‪ ،‬ث صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم أربعا فصارت سنة‪ ،‬وأقرت‬
‫الركعتي للمسافر وهي تام‪.‬‬
‫اسلم علي بن أب طالب‬
‫نا أحد‪ :‬حدثن‪ :‬حدثي يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث ‪ 50‬إن علي بن أب طالب جاء بعد‬
‫ذلك بيومي فوجدها يصليان‪ ،‬فقال علي‪ :‬ما هذا يا ممد? فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬دين ال الذي اصطفى لنفسه وبعث به رسله‪ ،‬فأدعوك إل ال وحده‪ ،‬وإل عبادته‪،‬‬
‫وكفر باللت والعزى‪ ،‬فقال له علي‪ :‬هذا أمر ل أسع به قبل اليوم فليت بقاض أمرا حت‬
‫أحدث أبا طالب‪ ،‬فكره رسول ال حروف أن يفشي عليه شره قبل أن يستعلن أمره‪،‬‬
‫فقال له‪ :‬يا علي إذا ل تسلم فاكتم‪ ،‬فمكث علي تلك الليلة‪ ،‬ث إن ال أوقع ف قلب علي‬
‫السلم‪ ،‬فأصبح غاديا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم حت جاءه فقال‪ :‬ما عرضت‬
‫علي يا ممد? فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬تشهد أل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وتكفر باللت والعزى‪ ،‬وتبأ من النداد‪ ،‬ففعل علي وأسلم‪ ،‬ومكث علي‬
‫يأتيه على خوف من أب طالب‪ ،‬وكتم علي إسلمه ول يظهر به‪.‬‬

‫‪108‬‬ ‫‪108‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأسلم زيد بن حارثة فمكث قريبا من شهر يتلف علي إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكان ما أنعم ال به على علي أنه كان ف حجر رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قبل السلم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب نيع‪-‬قال‪ :‬أراه عن ماهد‪-‬‬
‫قال‪ :‬أسلم عب بن أب طالب وهو ابن عشر سني‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يي بن أب الشعث الكندي ‪-‬من اهل‬
‫الكوفة‪ -‬قال‪ :‬حدثن اساعيل بن اياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف أنه قال‪ :‬كنت‬
‫امرءا تاجرا فقدمت أيام من‪ ،‬أيام الجن وكان العباس بن عبد الطلب امرءا تاجرا‪،‬‬
‫فأتيته أبتاع منه وأبيعه؛ قال فبينا نن إذ خرج رجل من خباء يصلي فقام تاه الكعبة‪ ،‬ث‬
‫خرجت امرأة‪ ،‬فقامت تصلي مع‪ ،‬وخرج إلم‪ ،‬فقام يصلي معه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا عباس ما هذا‬
‫الدين‪ ،‬إن هذا الدين ما ندري ما هو? فقال العباس‪ :‬هذا ممد بن عبد ال يزعم أن ال‬
‫أرسله وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه‪ ،‬وهذه امراته خدية بنت خويلد آمنت به‪،‬‬
‫وهذا اللم تب عمه علي بن أب طالب آمن به؛ قال العفيف‪ :‬فلينتن آمنت يومئذ وكنت‬
‫أكون ثانيا‪.‬‬
‫نا يونس عن يوسف بن صهيب عن عبد ال بن بريدة قال‪ :‬أول الرجال إسلما علي بن‬
‫أب طالب ث الرهط الثلثة‪ :‬أبو ذر‪ ،‬وبريدة‪ ،‬وابن عم لب ذر‪.‬‬
‫اسلم أب بكر الصديق‬
‫نا أحد قال‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ث إن أبا بكر لقي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬أحق ما تقول قريش يا ممد من تركك آلتنا‪ ،‬وتسفيهك عقولنا وتكفيك‬
‫آباءنا? فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا ابا بكر إن رسول ال ونبيه‪ ،‬بعثن لبلغ‬
‫رسالته وأدعوك إل ‪ 51‬ال بالق‪ ،‬فو ال إنه للحق أدعوك‪ ،‬إل ال يا أبا بكر‪ ،‬وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬ول يبعد غيه‪ ،‬والولة على طاعته أهل طاعته‪ ،‬وقرأ عليه القرآن‪ ،‬فلم يفر‪ ،‬ول‬
‫ينكر‪ ،‬فأسلم وكفر بالصنام‪ ،‬وخلع النداد‪ ،‬وأقر بق السلم‪ ،‬ورجع أبو بكر وهو‬
‫مؤمن مصدق‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫‪109‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن عبد الرحن بن عبد ال بن‬
‫الصي التميمي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ما دعوت أحدا إل السلم إل‬
‫كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إل أبا بكر ما عتم حي ذكرته له‪ ،‬وما تردد فيه‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فابتدأ أبو بكر أمره‪ ،‬وأظهر إسلمه‪ ،‬ودعا الناس‪،‬‬
‫وأظهر علي وزيد بن حارثة إسلمهما فكب ذلك على قريش‪.‬‬
‫وكان أول من اتبع رسول ال صلى ال عليه وسلم خدية بنت خويلد‪ ،‬زوجته‪ ،‬ث كان‬
‫أول ذكر آمن به علي‪ ،‬وهو يومئذ ابن عشر سني‪ ،‬ث زيد بن حارثة‪ ،‬ث أبو بكر الصديق‬
‫رضي ال عنهم‪.‬‬
‫فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلمه ودعا إل ال ورسوله‪ ،‬وكان أبو بكر رجلً مآلفا‬
‫لقومه‪ ،‬مببا شهلً‪ ،‬وكان أنسب قريش لقريش‪ ،‬وأعلم قريش با كان فيها من خي أو‬
‫شر‪ ،‬وكان رجلً تاجرا‪ ،‬ذا خلق ومعروف‪ ،‬وكان رجال قومه بأتونه ويألفونه لغي واحد‬
‫من المر لعلمه وتارته وحسن مالسته‪ ،‬فجعل بدعو إل السلم من وثق به من قومه من‬
‫يغشاه ويلس إليهن فأسلم على يديه فيما بلغن الزبي بن العوام‪ ،‬وعثمان بن عفان‪،‬‬
‫وطلحة بن عبيد ال‪ ،‬وسعد بن أب وقاص‪ ،‬وعبد الرحن بن عوف‪ ،‬ومعهم أبو بكر‪،‬‬
‫فانطلقوا حت أتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فعرض عليهم السلم‪ ،‬وقرأ عليهم‬
‫القرآن‪ ،‬وأنبأهم بق السلم‪ ،‬وبا وعدهم ال من كرامة فآمنوا‪ ،‬وأصبحوا مقرين بق‬
‫السلم‪ ،‬فكان هؤلء النفر الثمانية الذين سبقوا إل السلم فصلوا وصدقوا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وآمنوا با جاء من عند ال تعال‪.‬‬
‫اسلم أب ذر رضي ال عنه‬
‫نا يونس عن يوسف بن صهيب عن عبد ال بن بريدة قال‪ :‬انطلق أبو ذر وبريدة معهم‬
‫ابن عم لب ذر يطلبون رسول ال صلى ال عليه وسلمن وهو بالبل مكتتم بطائفة من‬
‫مكة‪ ،‬وأتوه وهو نائم ف البل مسجا بثوبه‪ ،‬خارجة قدميه‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من أحسن الناس قدما‪ ،‬فقال أبو ذر‪ :‬إن كان نب بذه البلد فهو هذا النائم‪،‬‬
‫فمشوا حت قاموا عليه‪ ،‬ومع أب ذر عصا يتوطأ عليها‪ ،‬فقال أبو ذر‪ :‬أنائم الرجل‪ ،‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم نائما‪ ،‬فلم يبه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث نادى‬

‫‪110‬‬ ‫‪110‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أبو ذر‪ :‬أنائم الرجل فلم يبه‪ ،‬ث أعاد عليه أبو ذر‪ :‬أنائم الرجل وغمز بعصاه ف باطن قدم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ 52‬فاستيقظ رسول ال صلى ال عليه وسلم فقعد‪ ،‬فقال‬
‫له أبو ذر‪ :‬يا ممد أتيناك لنسمع ما تقول‪ ،‬وإل ما تدعو‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬أقول‪ :‬ل إله إل ال وأن رسول ال‪ ،‬فآمن به أبو ذر وصاحباه وكان علي رضي‬
‫ال عنه ف حاجة لرسول ال صلى ال عليه وسلم أرسله فيها‪.‬‬
‫نا يونس عن جعفر بن حيان عن السن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬أنتم‬
‫توفون بسبعي أمة‪ ،‬أنتم خيها وأكرمها على ال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن ثابت بن شرحبيل عن أم الدرداء‬
‫قالت‪ :‬قلت لكعب الب‪ :‬كيف تدون صفة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف التوراة?‬
‫قال‪ :‬نده ممد رسول ال‪ ،‬اسه التوطل‪ ،‬ليس بفظ ول غيظ‪ ،‬ول سخاب ف السواق‪،‬‬
‫وأعطي الفاتيح ليبصر ال به أعينا عورا‪ ،‬ويسمع به آذنا وقرأ‪ ،‬ويقيم به ألسنا معوجة‪،‬‬
‫حت تشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬يعي الظلوم وينعه‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن عمرو بن مرة عن أب عبيدة عن أب موسى قال‬
‫سى لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم نفسه أساء منها ما حفظنا‪ ،‬قال‪ :‬أنا ممد‪ ،‬وأحد‬
‫والقضي‪ ،‬والاشر‪ ،‬ونب التوبة واللحمة‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث عن عائشة رضي ال عنها قال‪:‬‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم مكتوب ف النيل‪ ،‬لفظ‪ ،‬ول غليظ‪ ،‬ول سخاب‬
‫بالسواق ول يزي بالسيئة مثلها‪ ،‬ولكن يعفو ويصفح‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن زيادة مول مصعب عن السن قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬مضت تسع وستون أمة وأهنتم توفون سبعي أمة‪ ،‬أنتم خيها‬
‫وأكرمها على ال‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬أخبن الزهري عن ممد بن جبي بن مطعم عن‬
‫أبيه قال سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ل خسة أساء‪ ،‬أنا ممد‪ ،‬وأحد‪،‬‬
‫وأنا الاحي الذي يحو ال به الكفر‪ ،‬وأنا العاقب‪ ،‬وأنا الاشر الذي يشر الناس على‬
‫قدميه‪.‬‬

‫‪111‬‬ ‫‪111‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫اسلم الهاجرين رضي ال عنهم‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث انطلق أبو عبيدة بن الارث‪ ،‬وأبو سلمة بن عبد‬
‫السد‪ ،‬وعبد ال بن الرقم الخزومي‪ ،‬وعثمان بن مظعون حت أتوا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فعرض عليهم السلم‪ ،‬وقرأ عليهم القرآن‪ ،‬فأسلموا وشهدوا أنه على هدى‬
‫ونور‪.‬‬
‫ث أسلم ناس من قبائل العرب منهم‪ :‬سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬أخو بن عدي بن‬
‫كعب‪ ،‬وامرأته فاطمة بنت الطاب بن نفيل بن عبد العزى‪ ،‬أخت عمر بن الطاب‪،‬‬
‫وأساء بنت أب بكر‪ ،‬وعائشة بنت أب بكر وهي صغية‪ ،‬وقدامة بن مظعون‪ ،‬وعبد ال بن‬
‫مظعون المحيان‪ ،‬وخباب بن الرت حليف بن زهرة‪ ،‬وعمي بن أب وقاص الزهري‬
‫‪ 53‬وعبد ال بن مسعود حليف بن زهرة‪ ،‬ومسعود بن القاري وسليط بن عمرو أخو بن‬
‫عامر ب لؤي‪ ،‬وعياش بن أب ربيعة الخزومي وامرأته أساء بنت سلمة بن مرمة التميمي‪،‬‬
‫وخنيس ابن حذافة السهمي‪ ،‬وعامر بن ربيعة حليف بن عدي بن كعب‪ ،‬وعبد ال بن‬
‫جحيش السدي‪ ،‬وأبو أحد بن جحش‪ ،‬وجعفر بن أب طالب وامرأته أساء بنت عميس‪،‬‬
‫وحاطب بن الارث المحي وامرأته أساء بنت يسار‪ ،‬ومعمر بن الارث بن معمر‬
‫المحي‪ ،‬والسائب بن عثمان بن مظعون‪ ،‬والطالب بن أزهر بن عبد عوف الزهري‬
‫وامرأته رملة بنت أب عوف بن صبي بن سعد بن سهم‪ ،‬والنحاس واسه نعيم بن أسد‬
‫أخو بن عدي بن كعب‪ ،‬وعامر بن فهية مول أب بكر الصديق‪ ،‬وخالد بن سعيد بن‬
‫العاصي وامرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة من خزاعة‪ ،‬وحاطب بن‬
‫عمرو بن عبد شس أخو بن عامر ب لؤي‪ ،‬وأبو حذيفة بن عقبة بن ربيعة‪ ،‬وواقد بن فائد‬
‫بن عبد ال بن عزيز بن ثعلبة التميمي حليف بن عدي بن كعب‪ ،‬وخالد بن البكي‪،‬‬
‫وعامر بن البكي‪ ،‬وعاقل بن البكي‪ ،‬وإياس بن البكي بن عبد ال بن ناشب من بن سعد‬
‫بن ليث‪ ،‬حلفاء بن عدي بن كعب‪ ،‬وعمار بن ياسر حليف بن مزوم‪ ،‬وصهيب بن‬
‫سنان حليف نب تيم‪.‬‬
‫ث دخل الناس ف السلم أرسال من النساء والرجال حت فشا ذكر السلم وتدث به‪،‬‬
‫فلما أسلم هؤلء النفر وفشا أمرهم بكة أعظمت ذلك قريش‪ ،‬وغضبت له‪ ،‬وظهر فيهم‬

‫‪112‬‬ ‫‪112‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم البغي والسد‪ ،‬وشخص له منهم رجال فبادوه العداوة‪،‬‬
‫وطلبوا له الصومة منهم‪ :‬أبو جهل بن هشام‪ ،‬وأصحابه وأبو لب‪ ،‬وعبيد بن عبد‬
‫يغوث‪ ،‬وعمرو بن الظلظلة‪ ،‬والوليد بن الغية‪ ،‬والعاصي بن وائل‪ ،‬وأمية بن خلف‪ ،‬وأب‬
‫ب خلف‪ ،‬وهو الذي أصاب وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة‪ ،‬وأبو قيس بن‬
‫الفاكة بن الغية‪ ،‬وأبو قيس بن السلت والضي أو الضي بن الارث بن سعيد بن‬
‫الجاج وهو زهي بن أب أمية بن الغية والسائب بن صيفي بن عائذ‪ ،‬والسود بن عبد‬
‫السد‪ ،‬والعاصي بن سعيد‪ ،‬وعتيبة بن ربيعة‪ ،‬وشيبة بن ربيعة‪ ،‬وأبو شفيان بن حرب‪ ،‬وأبو‬
‫العاصي بن هشام‪ ،‬وعقبة بن أب معيط‪ ،‬وأبو الصد الذل‪ ،‬نطحته أروى فسقط فتقطع‪،‬‬
‫والكم بن أب العاصي‪ ،‬وعدي بن جب الثقفي‪ ،‬وزمعة بن السود‪.‬‬
‫وكان الذين يؤذونه‪ :‬أبو لب‪ ،‬وعقبة بن أب معيط‪ ،‬والكم بن أب العاصي‪ ،‬وعدي بن‬
‫جب الثقفي‪ ،‬ورجل آخر‪.‬‬
‫قوله عز وجل "وأنذر عشيتك القربي"‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان الذي تنتهي إليه عداوة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬يتمع إليه فيها أبو جهل‪ ،‬حسدا وبغيا‪ ،‬لا خص ال به رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم من كرامته‪.‬‬
‫ث إن ال تعال أمر رسوله صلى ال عليه وسلم أن يصدع با جاء به‪ ،‬وأن ينادي الناس‬
‫بامره‪ ،‬وأن يدعو إل ل تعال‪ ،‬وكان ربا أخفى الشيء‪ ،‬واستسر به إل أن أمر بإظهاره‪،‬‬
‫فلبث سني من مبعثه‪ ،‬ث قال ال تعال‪" :‬فاصدع با تؤمر وأعرض عن الشركي"‪ .‬وقال‪:‬‬
‫"وأنذر عشيتك القربي‪ .‬واخفض جناحك لن اتبعك من الؤمني‪ .‬وقل إن أنا النذير‬
‫البي"‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن من سع عبد ال بن الارث ابن نوفل‬
‫واستكمن اسه عن ابن عباس عن علي بن أب طالب رضي ال عنه قال‪ :‬لا نزلت هذه‬
‫الية على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬وأنذر عشيتك القربي‪ .‬واخفض جناحك‬
‫لت اتبعك من الؤمني "قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬عرفت أن إن بدأت با‬
‫قومي رأيت منهم ما أكره‪ ،‬فصمت عليها‪ ،‬فجاءن جبيل فقال‪ :‬يا ممد إنك إن ل تفعل‬

‫‪113‬‬ ‫‪113‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ما أمرك ربك تعال عذبك ربك‪ ،‬قال علي‪ :‬فدعان رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫يا علي إن ال قد أمرن أن أنذر عشيت القربي‪ ،‬فعرفت أن إن بادأتم بذلك رأيت‬
‫منهم ما أكره‪ ،‬فصمت عن ذلك حت جاءن جبيل فقال‪ :‬يا ممد إن ل تفعل ما أمرت‬
‫به عذبك ربك‪ ،‬فاصنع لنا يا علي رجل شاة على صاع من طعام؛ وأعد لنا عسى لب‪ ،‬ث‬
‫ل أم ينقصون؛ فيهم‬ ‫اجع بنس عبد الطلب ففعلت‪ ،‬فاجتمعوا له وهم يومئذ أربعون رج ً‬
‫أعمامه‪ :‬أبو طالب‪ ،‬وحزة‪ ،‬والعباس‪ ،‬وأبو لب الكافر البيث‪ ،‬فقدمت إليهم تلك الفنة‬
‫فأخ منها رسول ال صلى ال عليه وسلم حذية فشقها بأسنانه‪ ،‬ث رمى با ف نواحيها‪ ،‬ث‬
‫قال‪ :‬كلوا باسم ال‪ ،‬فأكل مثلها‪ ،‬ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اسقهم يا علي‪،‬‬
‫فجئت بذلك القعب فشربوا حت نلوا جيعا‪ ،‬وأي ال إن كان الرجل منهم ليشرب مثله‪،‬‬
‫فلما أراد رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يكلمهم بدوره أبو لب إل الكلم فقال‪:‬‬
‫لد‪ ،‬ما سحركم صاحبكم! فتفرقوا ول يكلمهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلما‬
‫كان الغد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم يا علي عد لنا بثل الذي كنت صنعت لنا‬
‫بالمس من الطعام والشارب‪ ،‬فإن هذا الرجل قد بدرن إل ما قد سعت قبل أن أكلم‬
‫القوم‪ ،‬ففعلت‪ ،‬ث جعهم له‪ ،‬فصنع رسول ال صلى ال عليه وسلم كما صنع بالمس‪،‬‬
‫فأكلوا حت نوا عنه‪ ،‬ث سقيتهم فشربوا من ذلك القعب حت نلوا عنه‪ ،‬واي ال إن‬
‫الرجل منهم ليأكل مثلها‪ ،‬ويشرب مثله‪ ،‬ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ 55 :‬يا‬
‫بن عبد الطلب‪ ،‬وال ما أعلم شابا من العرب حاء قومه بأفضل ما جئتكم به قد جئتكم‬
‫بأمر الدنيا والخرة‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬سأل الارث بن‬
‫هشام رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬كيف ينل عليك الوحي? فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬كل ذلك يأتين اللك أحيانا ف مثل صلصة الرس‪ ،‬وهو أشقه‬
‫علي‪ ،‬فيفصم عن قد وعيته‪ ،‬ويتمثل ل اللك أحيانا ف صورة رجل فيكلمن فأعي ما‬
‫يقول‪.‬‬
‫نا يونس عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬كان إذا نزل علي رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم الوحي ثقل عليه‪ ،‬وتربد له جلده‪ ،‬وأمسك الناس عن كلمه‪.‬‬

‫‪114‬‬ ‫‪114‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن عمر بن ذر عن ماهد قال‪ :‬كان إذا نزل القرآن على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قرأه على رجال ث على النساء‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر عن سعيد القبي عن أب هريرة أن رسول ال حروف قال‪ :‬يا بن‬
‫عبد الطلب‪ ،‬يا فاطمة بنت ممد‪ ،‬يا صفية عمة رسول ال اشتروا أنفسكم من ال‪ ،‬ل‬
‫أغن عنكم من ال شيئا‪ ،‬سلون من مال ما شئتم‪ ،‬واعلموا أن أول آت يوم القيامة‬
‫التقون‪ ،‬فإن تكونوا يوم القيامة مع قرابتكم فذاك وإياي ل يأتون الناس بالعمال وتأتون‬
‫بالدينا تملونا على أعناقكم فأصد وجهي عنكم‪ ،‬فتقولون‪ :‬يا ممد‪ ،‬فأقول هكذا‪،‬‬
‫فصرف وجهه‪ ،-‬فتقول يا ممد فأقول هكذا‪ -‬وصرف وجهه إل الشق الخر‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا‬
‫صلوا ذهبوا إل الشعاب‪ ،‬واستخفوا بصلتم عن قومهم‪ ،‬فبينا سعد بن أب وقاص ف نفر‬
‫من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ف شعب من شعاب مكة‪ ،‬إذ ظهر عليهم‬
‫نفر من الشركي وهم يصلون‪ ،‬فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حت قاتلوهم‪،‬‬
‫واقتتلوا‪ ،‬فضرب سعد بن أب وقاص رجلً من الشركي بلحى بتغي فشجه‪ ،‬فكان أول‬
‫دم اهريق ف السلم‪ ،‬فلما رأت قريش رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يعتبهم من‬
‫شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلتهم‪ ،‬ورأوا عمه أبا طالب قد حدب عليه‪ ،‬وقام‬
‫دونه فلم يسلمه لم‪ ،‬مشى رجال من أشرف قريش إل أب طالب فيهم‪ :‬عتبة بن ربيعة‪،‬‬
‫وشيبة‪ ،‬وأبو سفيان‪ ،‬وأبو البحتري‪ ،‬والسود بن الطلب‪ ،‬والوليد بن الغية‪ ،‬وأبو جهل‪،‬‬
‫والعاصي بن وائل‪ ،‬ومنبه ونبيه ابنا الجاج‪ ،‬أو من مشى فيهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أبا طالب إن‬
‫ابن أخيك قد شب آلتنا‪ ،‬وعاب ديننا‪ ،‬وسفه أحلمنا‪ ،‬وضلل آباءنا‪ ،‬فإما أن تكفه عنا‪،‬‬
‫وإما أن تلى بيننا وبينه فنكفيكه وإنك على مثل ما نن عليه من ‪ 56‬خلفه‪ ،‬فقال أبو‬
‫طالب قو ًل رفيقا‪ ،‬ورد ردا جيلً‪ ،‬فانصرفوا عنه‪ ،‬ومضى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫على ما هو عليه يظهر دين ال‪ ،‬ويدعو إليه‪ ،‬ث إن قريشا تآمروا بينهم على من فيها من‬
‫السلمي يعذبونم ويفتنونم عن دينهم‪ ،‬ومنع رسوله بعمه أب طالب‪ ،‬وقد قال أبو‬
‫طالب‪ ،‬حي رأى قريشا تصنع ف بن هاشم وبن الطلب‪ ،‬دعاهم إل ما هو عليه من منع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم والقيام دونه‪ ،‬فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوا إل ما‬

‫‪115‬‬ ‫‪115‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫دعاهم إليه من دفع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم إل ما كان من أب لب‪ ،‬وهو‬
‫يرض بن هاشم‪ ،‬وإنا كانت بنو الطلب تدعى لاشم إذا دعوا باللف الذي كان بي‬
‫بن هاشم وبي بن الطلب دون بن عبد مناف‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫حت مت نن على فـتـنة‬

‫يا هاشم والقوم ف مفـل‬


‫يدعون باليل علـى رقـبة‬

‫منا لدى الوف وف معزل‬


‫كالرحبة السوداء يعلو بـا‬

‫سرعان ف سبسب مفـل‬


‫عليهم النك على رعـلـه‬

‫مثل القطا الشارب لهمـل‬


‫يا قوم ذودوا عن جاهيكم‬

‫بكل مفضال على مسـبـل‬


‫وقد شهدت الرب ف فتية‬

‫عند الوغا ف عثي القسطل‬


‫فلما اجتمعت بنو هاشم وبنو الطلب معه ورأى أن قد امتنع بم وأن قريشا لن يعاوده‬
‫معهم قال أبو طالب‪ ،‬وبادى قومه بالعداوة‪ ،‬ونصب لم الرب فقال‪:‬‬
‫منعنا الرسول رسول الليك‬

‫‪116‬‬ ‫‪116‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ببيض تلل كلمع البوق‬
‫بضرب بزبر دون التهـاب‬

‫حذار البوادر كالنفقـيق‬


‫أذب وأحي رسول الليك‬

‫حاية حام عليه شـفـيق‬


‫ومـا أن أدب لعـــدائه‬

‫دبيب البكار حذار الفنـيق‬


‫ولكن أزئر لـم سـامـيا‬

‫كما زأر ليث بغيل مضيق‬


‫فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره من جدهم معه‪ ،‬وحدبم عليه جعل يدحهم ويذكر‬
‫قديهم‪ ،‬ويذكر فضل رسول ال صلى ال عليه وسلم فيهم‪ ،‬ومكانه منهم‪ ،‬ليشتد لم‬
‫رأيهم فيه‪ ،‬وليحدبوا معه على أمرهم‪ ،‬فقال أبو طالب‪:‬‬
‫إذا اجتمعت يوما قريشا لـفـخـر‬

‫فعبد مناف سرها وصميمـهـا ‪57‬‬


‫وإن حصلت أشراف عبد منافـهـا‬

‫ففي هاشم أشرافهـا وقـديـهـا‬


‫وإن فخرت يوما فـإن مـحـمـدا‬

‫هو الصطفى من سرها وكريها‬

‫‪117‬‬ ‫‪117‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫تداعت قريش غثها وسـمـينـهـا‬

‫علينا فلم تظفر وطاشت حلومـهـا‬


‫وكنا قـديـا لى نـقـر ظـلمة‬

‫إذا ما ثنوا صعر الدود نقيمـهـا‬


‫ونمي حاهـا كـل يوم كـريهة‬

‫ونضرب على أحجارها من يرومها‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ث أقبل أبو طالب على أب لب حي ظافر عليه‬
‫قومه‪ ،‬ونصب لعداوة رسول ال صلى ال عليه وسلم مع من نصب له‪ ،‬وكان أبو لب‬
‫للخزاعية‪ ،‬وكان أبو طالب وعبد ال أبو رسول ال والزبي لفاطمة بنت عمرو بن عائذ‬
‫بن عمران بن مزوم‪ ،‬فغمزه أبو طالب بأم له يقال لت اساحيج‪ ،‬وأغلظ له ف القول‪:‬‬
‫مستعرض القوام يبـرهـم‬

‫عذري وما إن جئت من عذر‬


‫فاجعل فلنة وابنها عـوضـا‬

‫لكرائم الكفاء والـصـهـر‬


‫واسع نوادر من حديث صادق‬

‫توين مثل جنادل الصـخـر‬


‫إنا بنو أم الزبي وفـحـلـهـا‬

‫حلت بنا للطيب والطـهـر‬

‫‪118‬‬ ‫‪118‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فحرمت منا صاحبا ومـؤازرا‬

‫وأخا على السراء والـضـر‬


‫قال‪ :‬فلما مضى أبو طالب على أمره من خلف قومه فيما أراد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬واجتمعت قريش على عدوانه وخلفه‪ ،‬قال أبو طالب ف ذلك‪:‬‬
‫ما إن جـنـينـا مـن قـريش عـظـــيمة‬

‫سوى مـن وطــئ الـــتـــربـــا‬


‫أخـاثـقة لـلـنـائيات مـورا كـريـــا‬

‫ثنـــاه ل لـــئيمـــا ول ذربــــا‬


‫فيا أخـوينـا عـبـد شـمـس ونـوفـــل‬

‫فإياكـمـا أن تـسـعـرا بـينـنـا حــرا‬


‫وإن تصبحوا من بعدود ما كان ف حرب داحس‬

‫ورهط أب يكـسـوم إذ مـل والـشـعـبـا‬


‫فوالـلـه لـــول ل شـــيء غـــيه‬

‫لصبحتـم ل تـمـلـكـون لـنـا سـربـا‬


‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن أب ممد عن سعيد بن جبي‪ ،‬أو‬
‫عكرمة عن ابن عباس أن الوليد بن الغية اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سن فيهم‪،‬‬
‫وقد حضر الوسم‪ ،‬فقال‪ :‬يا معشر إنه قد حضر الوسم‪ ،‬وإن وفود العرب ستقدم عليكم‬
‫‪ 58‬وقد سعوا بأمر صاحبكم هذا‪ ،‬فاجتمعوا فيه رأيا واحدا‪ ،‬ول تتلفوا فيكذب‬
‫بعضكم بعضا‪ ،‬ويرد قول بعضكم بعضا‪ ،‬فقالوا‪ :‬فأنت يا أبا عبد شس فقل وأقم لنا رأيا‬

‫‪119‬‬ ‫‪119‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نقوم به‪ ،‬فقال‪ :‬بل أنتم؛ قولوا أسع‪ ،‬فقالوا‪ :‬نقول‪ :‬كاهن‪ ،‬فقال‪ :‬ما هو بكاهن‪ ،‬لقد‬
‫رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسجعه فقالوا‪ :‬مقول منون‪ ،‬فقال‪ :‬ما هو بجنون‪،‬‬
‫لقد رأينا النون وعرفناه‪ ،‬فما هو تنقه‪ ،‬ول تاله‪ ،‬ول وسوسته‪ ،‬فقالوا‪ :‬نقول‪ :‬شاعر‪،‬‬
‫فقال ما هو بشاعر قد عرفنا الشعر بزجره وقريضه‪ ،‬ومقبوضه‪ ،‬ومبسوطه‪ ،‬فما هو‬
‫بالشعر‪ ،‬قالوا‪ :‬فنقول‪ :‬ساحر‪ ،‬قال‪ :‬ما هو ساحر‪ ،‬قد رأينا السحار وسحرهم‪ ،‬ما هو‬
‫بنفثه ول عقده‪ ،‬قالوا‪ :‬فما نقول يا أبا عبد شس? قال‪ :‬وال إن لقوله للوة‪ ،‬إن أصله‬
‫لغدق‪ ،‬وإن فرعه لنا‪ ،‬فما أنتم بقائلي من هذا شيئا إل عرف أنه باطل‪ ،‬وإن أقرب‬
‫القول لن تقولوا‪ :‬ساحر‪ :‬فقولوا ساحر يفرق بي الرء وبي أبيه‪ ،‬وبي الرء وبي أخيه‪،‬‬
‫وبي الرء وزوجته‪ ،‬وبي الرء وعشيته‪ ،‬فتفرقوا عنه بذلك‪ ،‬فجعلوا يلسون يسألون‬
‫الناس حي قدموا الوسم ل ير بم أحد إل حذروه إياه‪ ،‬وذكروا لم أمره‪ ،‬فأنزل ال‬
‫تعال ف الوليد بن الغية‪ ،‬وف ذلك من قوله‪" :‬ذرن ومن خلقت وحيدا" إل قوله‪:‬‬
‫"سأصليه سقر"‪ ،‬وأنزل ال عز وجل ف النفر الذين كانوا معه يصنفون له القول ف رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وفيما جاء به من عند ال تعال‪" :‬الذين جعلوا القرآن عضي" أي‬
‫أصنافا "فو ربك لنسئلنهم أجعي" أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم لن لقوا من الناس‪ ،‬وصدرت العرب من ذلك الوسم بأمر رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وانتشر ذكره ف بلد العرب كلها‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر عن ممد بن قيس ف قوله‪" :‬وقالوا قلوبنا ف أكنة" قال‪ :‬قالت‬
‫قريش لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ما تقول حق‪ ،‬فو ال إن قلوبنا لفي أكنة منه‬
‫ما نعقله‪ ،‬وف آذاننا وقر فما نسمعه‪ ،‬ومن بيننا وبينك حجاب فما ندري ما تقول‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث إن قريشا حي عرفت أن أبا طالب أب خذلن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإسلمه‪ ،‬وإجاعه لفراقهم ف ذلك‪ ،‬وعدوانم‪ ،‬مشوا‬
‫إليه ومعهم عمارة بن الوليد بن الغية‪ ،‬فقالوا له فيما بلغنا‪ :‬يا أبا طالب قد جئناك بفت‬
‫قريش عمارة بن الوليد جال‪ ،‬وشبابا‪ ،‬ونادة‪ ،‬فهو لك نصره وعقله‪ ،‬فاتذ ولدا ل تنازع‬
‫فيه‪ ،‬وخل بيننا وبي ابن أخيك هذا ‪ 59‬الذي فارق دينك ودين آبائك‪ ،‬وفرق جاعة‬
‫قومه‪ ،‬وسفه أحلمهم‪ ،‬فغنما رجل كرجل لنقتله‪ ،‬فإن ذلك أجع للعشية‪ ،‬وأفضل ف‬

‫‪120‬‬ ‫‪120‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عواقب المور مغبة‪ ،‬فقال لم أبو طالب‪ :‬وال ما أنصفون‪ ،‬تعطون ابنكم أغذوه لكم‪،‬‬
‫وأعطيكم ابن أخي تقتلونه‪ ،‬هذا وال ل يكون أبدا‪ ،‬أفل تعلمون أن الناقة إذا فقدت‬
‫ولدها ل تن إل غيه‪ ،‬فقال له الطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف‪ :‬لقد أنصفك‬
‫قومك يا أبا طالب؛ وما أراك تريد أن تقبل ذلك منهم‪ ،‬فقال أبو طالب للمطعم بن‬
‫عدي‪ :‬وال ما أنصفتمون ولكنك قد أجعت على خذلن ومظاهرة القوم علي‪ ،‬فاصنع‬
‫ما بدا لك‪ ،‬أو كما قال أبو طالب‪ ،‬فحقب المر عند ذلك‪ ،‬وجعت للحرب‪ ،‬وتنادى‬
‫القوم‪ ،‬وبادى بعضهم بعضا‪ ،‬فقال أبو طالب عند ذلك‪ -‬وإنه يعرض بالطعم‪ -‬ويعم من‬
‫خذله من بن عبد مناف‪ ،‬ومن عاداه من قبائل‪ ،‬ويذكر ما سألوه فيما طلبوا منه وما تباعد‬
‫من أمرهم‪.‬‬
‫أل ليت حظي من حياطـتـكـم بـكـر‬

‫يرش على الساقي من بولـه قـطـر‬


‫من الور حبـحـاب كـثـي رغـاؤه‬

‫إذا ما عل الفيفاء تـحـسـبـه وبـر‬


‫أرى أخـوينـا مـن أبـينـا وأمـنــا‬

‫إذا سئل قـال إلـى غـينـا المـر‬


‫بل لمـا أمـر ولـكـن تـرجـمـان‬

‫كما ترجت من رأس ذي الفلق الصخر‬


‫ها أغمزا للـقـوم فـي أخـويهـمـا‬

‫وقد أصبحا منهم أكفـهـمـا صـفـر‬


‫أخص خصوصا عبد شـس ونـوفـل‬

‫‪121‬‬ ‫‪121‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫ها نبذانا مثل مـا نـبـذ الـجـمـر‬


‫فأقسمت ل ينفـك مـنـهـم مـجـاور‬

‫يادرنا ما دام من نـسـلـنـا شـفـر‬


‫ها أشركا ف الجد مـن ل أخـا لـه‬

‫من الـنـاس إل أن يرش لـه ذكــر‬


‫ولـيدا أبـوه كـان عـبـدا لـجـدنـا‬

‫إل علجة زرقاء جاش با الـبـحـر‬


‫وتـيم ومـخـزوم وزهـرة مـنـهـم‬

‫وكانوا لنا مول إذا ابتغـى الـنـصـر‬


‫وقد سفهت أحلمـهـم وعـقـولـهـم‬

‫وكانوا كجفر شرها ضغطـت جـفـر‬


‫باب ما نال أصحاب رسول ال من البلء والهد‬
‫ث إن قريشا مشوا إل أب طالب تارة أخرى فكلموه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما نن يا أبا طالب‪ ،‬وإن‬
‫كنت فينا ذا منلة بسنك وشرفك وموضعك‪ ،‬بتاركي ابن أخيك على هذا حت نلكه أو‬
‫يكف عنا ما قد أظهر بيننا من شتم آلتنا‪ ،‬وسب آبائنا‪ ،‬وعيب ‪ 60‬ديننا‪ ،‬فإن شئت‬
‫فاجع لربنا‪ ،‬وإن شئت فدع‪ ،‬فقدر أعذرنا إليك‪ ،‬وطلبنا التخلص من حربك وعداوتك‬
‫فكل ما نظن أن ذلك ملصا‪ ،‬فانظر ف أمرك‪ ،‬ث اقض إلينا قضاك‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يعقوب بن عتبة بن الغية بن الخنس أنه‬
‫حدث أن قريشا حي قالت لب طالب هذه القالة بعث إل رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪122‬‬ ‫‪122‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وسلم فقال له‪ :‬يا بن أخي إن قومك قد جاءون فقالوا‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬للذي قالوا له‪،‬‬
‫وآذون قبل‪ ،‬فأبق علي على نفسك‪ ،‬ول تملن من المر ما أطيق أنا ول أنت‪ ،‬واكفف‬
‫عن قومك نا يكرهون من قولك هذا الذي فرق بيننا وبينهم‪ ،‬فظن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قد لعمه فيه بداء‪ ،‬وأنه خاذله ومسلمه؛ وضعف عن نصرته والقيام معه‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا عم لو وضعت الشمس ف يين والقمر ف‬
‫يساري ما تركت المر حت يظهره ال أو أهلك ف بلغ المر برسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬أقبل يا ابن أخي‪ ،‬فأقبل عليه‪ ،‬فقال‪ :‬امض على أمرك وافعل ما أحببت‪ ،‬فو ال ل‬
‫نسلمك بشيء أبدا‪.‬‬
‫نا يونس عن طلحة بن يي بن طلحة بن يي بن طلحة بن عبيد ال عن موسى بن طلحة‬
‫قالك أخبن عقيل بن أب طالب قال‪ :‬جاءت قريش إل أب طالب فقالوا‪ :‬إن ابن أخيك‬
‫هذا قد آذانا ف نادينا ومسجدنا‪ ،‬فانه عنا‪ ،‬فقال يا عقيل انطلق فائتين بحمد‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فانطلقت إليه‪ ،‬فاستخرجته من خيس‪ ،‬يقول بيت صغي‪ ،‬فجاء به ف الظهية‬
‫ف شدة الر‪ ،‬فجعل يطلب الفئ يشي فيه من شدة الر الرحض‪ ،‬فلما أتاهم قال أبو‬
‫طالب‪ :‬إن ابن عمك هؤلء قد زعموا أنك تؤذيهم ف ناديهم ومسجدهم‪ ،‬فانته عن‬
‫أذاهم‪ ،‬فحلق رسول ال صلى ال عليه وسلم ببصره إل السماء فقال أترون هذه‬
‫الشمس? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها‬
‫شعلة فقال أبو طالب‪ :‬وال ما كذبنا ابن أخي فارجعوا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق‪ :‬ث قال أبو طالب من شعر قاله حي أجع لذلك من‬
‫نصرة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والدفاع عنه على ما كان من عداوة قومه وفراقهم‬
‫له‪:‬‬
‫وال لن يصلوا إليه بمـعـهـم‬

‫حت أوسد ف التراب دفـينـا‬


‫إمضي لمرك ما عليك غضاضة‬

‫‪123‬‬ ‫‪123‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وابشر وقر بذاك منك عـيونـا‬
‫ودعوتن وعلمت أنك نـاصـح‬

‫فلقد صدقت وكنت قديا أمينـا‬


‫وعرضت دينا قد عرفت بـأنـه‬

‫من خي أديان البـر دينـا ‪61‬‬


‫لول اللمة أو حـذاري سـبة‬

‫لوجدتن سحا لذاك مـبـينـا‬


‫فلما قالت قريش‪ :‬لقد سفه أحلمنا‪ ،‬وعاب ديننا‪ ،‬وسب آباءنا‪ ،‬فو ال ل نقر بذا أبدا‪،‬‬
‫وقام أبو طالب دون رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان أحب الناس إليه‪ ،‬فشمر ف‬
‫شأنه‪ ،‬ونادى قومه‪ ،‬قال قصيدة تعوذ فيها منهم‪ ،‬وبأدأهم ف آخرها‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫لـا رأيت الـقـوم ل ود بـينـهـم‬

‫وقد قطعوا كل العرى والـوسـائل‬


‫وقد صارحونـا بـالـعـداوة والذى‬

‫وقد طاوعوا أمر العـدو الـمـزايل‬


‫وقد حالفوا قومـا عـلـينـا أظـنة‬

‫يعطون غيظا خلفـنـا بـالنـامـل‬


‫صبت لم نفسي بصفراء سـمـحة‬

‫وأبيض غضب من سيوف القـاول‬

‫‪124‬‬ ‫‪124‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأحضرت عند البيت رهطي وأسرت‬

‫وأمسكت من أثوابـه بـالـوصـائل‬


‫عكوفا معا مسـتـقـبـلـي وتـاره‬

‫لدى حيث يقضي حلفه كل نـافـل‬


‫وحيث ينيخ الشعـريون ركـابـهـم‬

‫بفضى السيول بي سـاف ونـائل‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فلما مضى رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫الذي بعث به‪ ،‬وقامت بنو هاشم‪ ،‬وبنو الطلب دونه‪ ،‬وأبوا أن يسلموه‪ ،‬وهم من خلفه‬
‫على مثل ما قومهم عليه‪ ،‬إل أنم أنفوا أن يستذلوا‪ ،‬ويسلموا أخاهم لن فارقه من قومه‪،‬‬
‫فلما فعلت ذلك بنو هاشم‪ ،‬وبنو الطلب‪ ،‬وعرفت قريش أنه ل سبيل إل ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم معهم‪ ،‬اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بن هاشم وبن الطلب أل‬
‫يناكحوهم ول ينكحوا إليهم‪ ،‬ول يبايعونم ول يبتاعون منهم‪ ،‬فكتبوا صحيفة ف ذلك‪،‬‬
‫وكتب ف الصحيفة عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار‪ ،‬وعلقوها بالكعبة‪ ،‬ث‬
‫عدوا على من أسلم فأوثقوهم‪ ،‬وآذوهم‪ ،‬واشتد البلء عليهم‪ ،‬وعظمت الفتنة فيهم‬
‫وزلزلوا زلزالً شديدا‪ ،‬فخرج أبو لب عدو ال يظاهر عليهم قريش‪ ،‬وقال‪ :‬قد نصرت‬
‫اللت والعزى يا معشر قريش‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪" :‬تبت يدا أب لب" إل آخرها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن اسحق قال‪ :‬وقالت‪ :‬صفية بنت عبد الطلب‪:‬‬
‫أل من مبلغ عن قـريشـا‬

‫ففيم المر فينـا والمـار‬


‫لنا المر القدم قد علمـتـم‬

‫‪125‬‬ ‫‪125‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ول توقد لنا بالـغـدو نـار‬
‫مازيل العطا إذا وهبـنـا‬

‫وأيسار إذا ابتغى الـيسـار‬


‫وكل مناقب اليات فـينـا‬

‫وبعض المر منقصة وعار‬


‫فل والعاديات غداه جـمـع‬

‫بايديها إذا سطع الغـبـار‬


‫لنصطبن لمر ال حـتـى‬

‫يبي ربـنـا أين الـقـرار‬


‫وقال إبو طالب‪:‬‬
‫ال أبلغا عن على ذات نـأيهـا‬

‫لؤيا وخصا من لؤي بن كعب‬

‫أل تعلموا أنا وجدنا مـحـمـدا‬

‫نبيا كموسى خط ف أول الكتب‬

‫وأن علـيه فـي الـعـبـاد مـحـبة‬

‫ول خي فيمن خصه اللـه بـالـخـب‬

‫‪126‬‬ ‫‪126‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأن الذي أضفتـم فـي كـتـابـكـم‬

‫لكم كائن نسا كراغـية الـسـقـب‬


‫أفيقوا أفيقوا قبل أن تـفـر الـثـرى‬

‫ويصبح من ل ين ذنبا كذي الـذنـب‬


‫ول تتبعوا أمر الغـواة وتـقـطـعـوا‬

‫أياصرنا بعـد الـمـودة والـقـرب‬


‫وتستجلبوا حـربـا عـوانـا وربـمـا‬

‫أمر على من ذاقه حلـب الـحـرب‬


‫ولسنا ورب البيت نـسـلـم أحـمـدا‬

‫على الال من عض الزمان ول كرب‬


‫ألـيس أبـونـا هـاشـم شــد أزره‬

‫وأوصى بنيه بالطعان وبـالـضـرب‬


‫ولسنا نل الرب حـتـى تـمـلـنـا‬

‫ول نتشكى ما ينوب مـن الـنـكـب‬


‫ولكننا أهـل الـحـفـاظ والـنـهـى‬

‫إذا طار أرواح الكماة من الـرعـب‬

‫‪127‬‬ ‫‪127‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫وقال أبو طالب‪:‬‬


‫أل أبلـغـا عـنـي لـؤيا رسـالة‬

‫بق وما تغن رسـالة مـرسـل‬


‫بن عمنا الدني تيما نـصـهـم‬

‫وأخوتنا من عبد شـس ونـوفـل‬


‫أظاهرت قـومـا عـلـينـا ولية‬

‫وأمر غوي من غـواة وجـهـل‬


‫يقولون إن قد قتلـنـا مـحـمـدا‬

‫أقرب نواصي هاشم بـالـتـذلـل‬


‫كذبتم ورب الدي تدمى نورهـا‬

‫بكة والركن العتيق الـمـقـبـل‬


‫تناولونه أو تعطلون لقتله صـوارم‬

‫تفري كل عـظـم ومـفـصـل‬


‫وتدعو بويل أنتـم إن ظـلـمـتـم‬

‫مقابله ف يوم أغـر مـحـجـل‬

‫‪128‬‬ ‫‪128‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فمهل ولا تنجح الرب بكـرهـا‬

‫ويأت تاما أو بآخـر مـعـجـل‬


‫وانا مت ما نرهـا بـسـيوفـنـا‬

‫تلجل وتعرك من نشا بكـلـكـل‬


‫ويعلو ربيع البطحـي مـحـمـد‬

‫على ربوة من راس عنقاء عيكـل‬


‫ويأوي إليها هاشـم إن هـاشـمـا‬

‫عراني كعـب آخـر بـعـد أول‬


‫فإن كنتم ترجون قتـل مـحـمـد‬

‫فروموا با جعتم نـقـل يدبـل‬


‫فإنا سنمنـعـه بـكـل طـمـرة‬

‫وذي ميمة ند الراكل هـيكـل‬


‫وكل ردينـي طـمـى كـعـوبة‬

‫وغصب كما ماض الغمامة مفصل‬


‫بأيـان شـم مـن ذوابة هـاشـم‬

‫مغاوير بالبطال ف كل مـفـل‬

‫‪129‬‬ ‫‪129‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فلما سعت قريش بذلك‪ ،‬ورأوا منه الد وأيسوا‬
‫منه‪ ،‬فأبدوا لبن عبد الطلب الفاء‪ ،‬فانطلق بم أبو طالب فقاموا بي أستار الكعبة‪ ،‬فدعوا‬
‫ال على ظلم قومهم لم‪ ،‬وف قطيعتهم أرحامهم واجتماعهم على ماربتهم‪ ،‬وبتأولم‬
‫سفك دمائهم‪ ،‬فقال أبو طالب‪ :‬اللهم إن أب قومنا إل النصر علينا‪ ،‬فعجل نصرنا‪ ،‬وحل‬
‫بينهم وبي قتل إبن أخي‪ ،‬ث أقبل إل جع قريش وهم ينظرون إليه وإل أصحابه‪ ،‬فقال أبو‬
‫طالب‪ :‬ندعو برب هذا البيت على القاطع النتهك للمحارم‪ ،‬وال لتنتهن عن الذين‬
‫تريدون‪ ،‬أو لينلن ال بكم ف قطيعتنا بعض الذي تكرهون‪ ،‬فأجابوه إنكم يا بن عبد‬
‫الطلب ل صلح بيننا وبينكم ول رحم إل على قتل هذا الصب السفيه‪.‬‬
‫ث عمد أبو طالب فأدخل الشعب إبن أخيه وبن أبيه ومن اتبعهم من بي مؤمن‪ ،‬دخل‬
‫لنصرة ال‪ ،‬ونصره رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن بي مشرك يمي‪ ،‬فدخلوا‬
‫شعبهم‪ ،‬وهو شعب ف ناحية من مكة‪ ،‬فلما قدم عمرو وعبد ال بن أب ربيعة إل قريش‬
‫وأخبوهم بالذي قال النجاشي لحمد صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬اشتد وجدهم‪،‬‬
‫وآذوا النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه أذى شديدا وضربوهم ف كل طريق‬
‫وحصروهم ف شعبهم وقطعوا عنهم الادة من السواق‪ ،‬فلم يدعوا أحدا من الناس يدخل‬
‫عليهم طعاما ول شيئا ما يرفق بم‪ ،‬وكانوا يرجون من الشعب إل الوسم‪ ،‬وكانت‬
‫قريش تبادرهم إل السواق فيشترونا ويغلونا عليهم‪ ،‬ونادى منادي الوليد بن الغية ف‬
‫قريش‪ :‬أيا رجل وجدتوه عند طعام يشتريه فزيدوا عليه‪.‬‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن الربيع بن أنس قال‪ :‬نزلت ف الوليد بن‬
‫الغية‪ :‬عتل بعد ذلك زنيم قال‪ :‬فاحش مع ذلك لئيم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن إبن إسحق ف حديثه عن الوليد‪ :‬فمن رأيتموه عند طعام يشتريه‬
‫فزيدوا عليه‪ ،‬وحولوا بينهم وبينه ومن ل يكن عنده نقد فليشتر وعلي النقد‪ ،‬ففعلوا ذلك‬
‫ثلث سني حت بلغ القوم الهد الشديد‪ ،‬وحت سعوا أصوات صبيانم يتضاغون من‬
‫وراء الشعب‪ ،‬وكان الشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلء‪ ،‬حت كره عامة قريش‬
‫ما أصاب بن هاشم‪ ،‬وأظهروا لكراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالة الذي تعاهدوا فيها‬
‫على ممد صلى ال عليه وسلم ورهطه‪ ،‬وحت أراد رجال منهم أن يبءوا منها‪ ،‬وكان أبو‬

‫‪130‬‬ ‫‪130‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫طالب ياف أن يغتالوا رسول ال صلى ال عليه وسلم ليلً أو سرا‪ ،‬فكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إذ أخذ مضجعه أو رقد بعثه أبو طالب عن فراشه وجعله بينه وبي‬
‫بنيه خشية أن يقتلوه‪ ،‬وتصبح قريش فيسمعوا من الليل أصوات صبيان بن هاشم الذين ف‬
‫ف الشعب يتضاغون من الوع‪ ،‬فإذا أصبحوا جلسوا عند الكعبة فيسأل بعضهم بعضا‪،‬‬
‫فيقول الرجل لصاحبه‪ :‬كيف بات أهلك البارحة? فيقول‪ :‬بي‪ ،‬فيقول‪ :‬لكن اخوانكم‬
‫هؤلء الذين ف الشعب بات صبيانم يتضاغون من الوع حت أصبحوا‪ ،‬فمنهم من يعجبه‬
‫ما يلقى ممد صلى ال عليه وسلم ورهطه‪ ،‬ومنهم من يكره ذلك‪ ،‬فقال أبو طالب‪ ،‬وهو‬
‫يذكر ما طلبوا من ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وما حشدوهم ف كل موسم ينعونم أن‬
‫يبتاعوا بعض ما يصلحهم‪ ،‬وكر ف الشعر‪:‬‬
‫أل من لم آخر الـلـيل مـعـتـم‬

‫طوان وأخرى النجم ل يتقـحـم‬


‫طوان وقد نامت عـيون كـثـية‬

‫وسائر أخرى سـاهـر لـم ينـوم‬


‫لحـلم أقـوام أرادوا مـحـمـدا‬

‫بسوء ومن ل يتقي الظلم يظـلـم‬


‫سعوا سفها واقتـادوهـم سـوء رأ‬

‫يهم على قائل من رأيهم غي مكم‬


‫رجا أمور ل ينالـوا نـظـامـهـا‬

‫وإن حشدوا ف كل نفر ومـوسـم‬


‫يرجون أن نسخا بقتـل مـحـمـد‬

‫‪131‬‬ ‫‪131‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫ول تتضب سر العوال من الدم‬


‫يرجون منا خـطة دون نـيلـهـا‬

‫ضراب وطعن بالوشيخ الـقـوم‬


‫كذبتم وبيت ال ل تـقـتـلـونـه‬

‫جاجم تلقى بالـطـيم وزمـزم‬


‫وتقطع أرحام وتنـسـى حـلـيلة‬

‫حليلها ونغشا مرما بعد مـحـرم‬


‫وينهص قوم ف الـدروع إلـيكـم‬

‫يذبون عن أحسابم كـل مـجـرم‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن إبن إسحق‪ :‬فأقامت قريش على ذلك من أمرهم ف بن هاشم وبن‬
‫الطلب سنتي أو ثلثا‪ ،‬حت جهد القوم جهدا شديدا ل يصل إليهم شيء إل سرا‪ ،‬أو‬
‫مستخفا من أراد صلتهم من قريش‪ ،‬فبلغن أن حكيم بن حزام خرج يوما ومعه انسان‬
‫يمل طعاما إل عمته خدية ابنة خويلد‪ ،‬وهي تت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ومعه ف الشعب‪ ،‬إذ لقيه أبو جهل فقال‪ :‬تذهب بالطعام إل بن هاشم وال ل تبح أنت‬
‫وطعامك حت أفضحك عند قريش‪ ،‬فقال له أبو البختري بن هاشم بن الارث بن أسد‪:‬‬
‫تنعه أن يرسل إل عمته بطعام كان لا عنده‪ ،‬فأب أبو جهل أن يدعه‪ ،‬فقام إليه أبو‬
‫البختري بساق بعي فشجه ووطئه وطئا شديدا‪ ،‬وحزة بن عبد الطلب قريبا يرى ذلك‬
‫وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بم‪ ،‬فقال‬
‫أبو البختري بن هاشم ف ذلك‪:‬‬
‫ذق يا أبا جهل لقيت غما‬

‫‪132‬‬ ‫‪132‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫كذلك الهل يكونـذمـا‬


‫سوف ترى عودي إن ألا‬

‫كذلك اللوم يعـود ذمـا‬


‫تعلم أنا نفرج الهـمـا‬

‫وننع البلج أن يطمـا‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث إن ال عز وجل برحته أرسل على صحيفة‬
‫قريش الت كتبوا فيها تظاهرهم على بن هاشم‪ ،‬الرضه‪ ،‬فلم تدع فيها اسم هو ل عز‬
‫وجل إل أكلته‪ ،‬وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان‪ ،‬فأخب ال عز وجل بذلك رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأخب أبا طالب‪ ،‬فقال أبو طالب‪ :‬يا ابن أخي من حدثك هذا‪،‬‬
‫وليس يدخل إلينا أحد ول ترج أنت إل أحد‪ ،‬ولست ف نفسي من أهل الكذب‪ ،‬فقال‬
‫له رسول ال صلى ال عليه وسلم أخبن رب هذا‪ ،‬فقال له عمه‪ :‬إن ربك لق‪ ،‬وأنا‬
‫أشهد أنك صادق‪ ،‬فجمع أبو طالب رهطه ول يبهم با أخبه به رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كراهية أن يفشوا ذلك الب فيبلغ الشركي‪ ،‬فيحتالوا للصحيفة البث والكر‪،‬‬
‫فانطلق أبو طالب برهطه حت دخلوا السجد‪ ،‬والشركون من قريش ف ظل الكعبة‪ ،‬فلما‬
‫أبصروه تباشروا به‪ ،‬وظنوا أن الصر والبلء حلهم على أن يدفعوا إليهم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فيقتلوه‪ ،‬فلما انتهى إليهم أبو طالب ورهطه رحبوا بم وقالوا‪ :‬قد آن لك‬
‫أن تطيب نفسك عن قتل رجل ف قتله صلحكم وجاعتكم‪ ،‬وف حياته فرقتكم‬
‫وفسادكم! فقال أبو طالب‪ :‬قد جئتكم ف أمر لعله يكون فيه صلح وجاعة فاقبلوا ذلك‬
‫منا‪ ،‬هلموا صحيفتكم الت فيها تظاهركم علينا‪ ،‬فجاءوا با‪ ،‬ول يشكون إل أنم‬
‫سيدفعون رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم إذا نشروها‪ ،‬فلما جاءوا بصحيفتهم قال‬
‫أبو طالب‪ :‬صحيفتكم بين وبينكم‪ ،‬وإن ابن أخي قد خبن ول يكذبن أن ال عز وجل‬
‫قد بعث على صحيفتكم الرضة‪ ،‬فلم تدع ال فيها إسا إل أكلته وبقي فيها الظلم‬

‫‪133‬‬ ‫‪133‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫والقطيعة والبهتان‪ ،‬فإن كان كاذبا فلكم علي أن أدفعه إليكم تقتلونه‪ ،‬وإن كان صادقا‬
‫فهل ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا? فأخذ عليهم الواثيق‪ ،‬وأخذوا عليه‪ ،‬فلما نشروها‬
‫فإذا هي كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكانوا هم بالغدر أول منهم‪،‬‬
‫واستبشر أبو طالب وأصحابه‪ ،‬وقالوا‪ :‬أينا أول بالسحر والقطيعة والبهتان? فقال الطعم‬
‫بن عدي بن نوفل بن عبد مناف‪ ،‬وهشام بن عمرو‪ ،‬أخو عامر بن لؤي بن حارثة‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬نن براء من هذه الصحيفة القاطعة العادية الظالة‪ ،‬ولن نالئ أحدا ف فساد أنفسنا‬
‫وأشرافنا‪ ،‬وتتابع على ذلك ناس من أشراف قريش‪ ،‬فخرج أقوام من شعبهم وقد أصابم‬
‫الهد الشديد‪ ،‬فقال أبو طالب ف ذلك من أمر ممد صلى ال عليه وسلم وما أرادوا من‬
‫قتله‪:‬‬
‫تطاول ليلـي بـهـم وصـب‬

‫ودمع كسح السقاء السـرب‬


‫للعب قصي بـأحـلمـهـا‬

‫وهل يرجع اللم بعد اللعـب‬


‫ونفي قصي بـنـي هـاشـم‬

‫كنفي الطهاة لطاف الطـب‬


‫وقول لحـمـد أنـت امـرء‬

‫خلوف الديث ضعيف النسب‬


‫وإن كان أحد قـد جـاءهـم‬

‫بق ول يأتـم بـالـكـذب‬


‫علـى أن أخـوتـنـا وازروا‬

‫‪134‬‬ ‫‪134‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫بن هاشم وبن الـطـلـب‬


‫ها أخوان كعظـم الـيمـي‬

‫أمر علينا كعقـد الـكـرب‬


‫فيا لقصي أل تبـروا بـمـا‬

‫قد مضى من شؤون العـرب‬


‫فل تـمـسـكـن بـأيديكـم‬

‫بعد النوف بعجب الـذنـب‬


‫علم عـلم تـلفـيتـــم‬

‫بأمر مزاح وحـلـم عـزب‬


‫ورمتم بأحـد مـا رمـتـم‬

‫على الصرات وقرب النسب‬


‫فأن وما حـج مـن راكـب‬

‫لكعبة مكة ذات الـحـجـب‬


‫تنالون أحدا وتـصـطـلـوا‬

‫طبات الرماح وحد القضـب‬


‫وتغترفـوا بـي أبـياتـكـم‬

‫‪135‬‬ ‫‪135‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫صدور العوال وحبل عصب‬
‫تراهن من بي صاف السبيب‬

‫قصي الزام طويل اللبـب‬


‫وجرداء كالطي سـحـوجة‬

‫طواها القانع بعد الـلـب‬


‫عليها صنـاديد مـن هـاشـم‬

‫هم النبون مع النتـجـب‬


‫وقال أبو طالب ف شأن الصحيفة حي رأى قومه ل يتناهون وقد رأوا فيها العلم من العلم‬
‫ما رأوا‪:‬‬
‫أل من لم آخر الليل مـنـصـب‬

‫وشعب العصا من قومك التشعب‬


‫وحرب أبينا من لؤي بن غـالـب‬

‫مت ما تزاحها الصحيفة ترب‬


‫إذا ما مشي قام فـيهـا بـخـطة‬

‫الذؤابة ذنبـا ولـيس بـمـذنـب‬


‫وما ذنب من يدعو إل الب والتقـى‬

‫ول يستطع أن يا رب الشعب يأرب‬


‫وقد جربوا فيمـا غـب أمـرهـم‬

‫‪136‬‬ ‫‪136‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫وما عال أمرا كمـن لـم يـرب‬


‫وقد كان ف أمر الصحيفة عـبـرة‬

‫مت ما يب غائب القوم يعجـب‬


‫مى ال منها كفرهم وعقوقـهـم‬

‫وما نقموا من باطل الق معـرب‬


‫فأصبح ما قالوا من المر بـاطـلً‬

‫ومن يتلق ما ليس بالق يكـذب‬


‫وأمسى ابن عبد ال فينا مصـدقـا‬

‫على سخط من قومنا غي معتـب‬


‫فل تسبوا يا مسلمـي مـحـمـدا‬

‫لذي عربة منـا ول مـتـغـرب‬


‫ستمنـعـه مـنـا يد هـاشـمـية‬

‫مركبها ف الناس خي مـركـب‬

‫فلما باداهم أبو طالب بالعداوة‪ ،‬وباداهم بالرب‪ ،‬عدت قريش على من أسلم منهم‬
‫فأوثقوه وآذوه واشتد البلء عليهم‪ ،‬وعظمت الفتنة فيهم‪ ،‬وزلزلوا زلزالً شديدا‪ .‬وعدت‬

‫‪137‬‬ ‫‪137‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بنو جح على عثمان بن مظعون‪ ،‬وفر أبو سلمة بن عبد السد بن هلل بن عبد ال بن‬
‫عمر بن مزوم إل أب طالب ليمنعه‪ ،‬وكان خاله فجاءت بنو مزوم ليأخذوه‪ ،‬فمنعهم‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا أبا طالب منعتنا ابن أخيك‪ ،‬أتنع منا ابن أخينا?! فقال أبو طالب‪ :‬أمنع ابن اخت‬
‫ما أمنع ابن أخي‪ ،‬فقال أبو لب ‪ -‬ول يتكلم بكلم خي قط‪ ،‬ليس يومئذ ‪ :-‬صدق أبو‬
‫طالب ل يسلمه إليكم‪ ،‬فطمع فيه أبو طالب حي سع منه ما سع‪ ،‬ورجا نصره والقيام‬
‫معه‪ ،‬فقال شعرا استجلبه بذلك‪:‬‬
‫وإن امرءا أبـو عـتـيبة عـمـه‬

‫لفي روضة من أن يسام الظالـا‬


‫أقول له وأين من نـصـيحـتـي‬

‫أبا معتب ثبـت سـوادك قـائمـا‬


‫ول تقبلن الدهر ما عـشـت خـطة‬

‫تسب با لا هبطت الـواسـمـا‬


‫وحارب فإن الرب نصف ولن ترى‬

‫أخا الرب يعطي الضيم إل مسالا‬


‫وول سبيل العجز غيك مـنـهـم‬

‫فإنك لن تلحق على العجز لزمـا‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث إنه قلم ف نقض الصحيفة الت تكاتبت قريش‬
‫على بن هاشم‪ ،‬وبن الطلب‪ ،‬نفر من قريش‪ ،‬ول يبل أحد فيها بلء أحسن بلء من‬
‫هشام بن عمرو بن ربيعة بن الارث بن حبيب بن جرية بن نصر بن مالك بن حسل بن‬
‫عامر بن لؤي‪ ،‬وذلك أنه كان ابن نضلة بن هاشم بن عبد مناف لمه‪ ،‬وكان عمرو‬

‫‪138‬‬ ‫‪138‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ونضلة أخوين لم‪ ،‬وكان هشام لبن هاشم واصلً‪ ،‬وكان ذا شرف ف قومه‪ ،‬وكان فيما‬
‫ل طعاما‪ ،‬حت‬ ‫بلغن يأت بن الغية وبن هاشم وبن الطلب ف الشعب ليلً‪ ،‬قد أوقر ح ً‬
‫إذا أقبله ف الشعب حل حطامه من رأسه ث ضرب جنبه‪ ،‬فدخل الشعب عليهم‪ ،‬ويأت به‬
‫قد أوقره برا أو بزا فيفعل به مثل ذلك‪.‬‬
‫ث إنه مشى إل زهي بن أب أمية بن الغية بن عبد ال بن عمر بن مزوم‪ ،‬وكانت أمه‬
‫عاتكة بنت عبد الطلب‪ ،‬فقال لزهي‪ :‬قد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح‬
‫النساء‪ ،‬واخوانك حيث قد علمت ل يباعون ول يباع منهم‪ ،‬ول ينكحون ول ينكح‬
‫إليهم‪ ،‬ول يأمنون ول يؤمن عليهم‪ ،‬أما إي أحلف بال لو كانوا أخوال أب الكم بن‬
‫هشام ث دعوته إل مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا‪ ،‬قال‪ :‬ويك فما أصنع أنا‬
‫رجل واحد?! قال‪ :‬فقال‪ :‬قد وجدت ثانيا‪ ،‬قال‪ :‬ومن هو? قال‪ :‬أنا أقوم معك فقال له‬
‫زهي‪ :‬أبغنا ثالثا؛ قال‪ :‬وذهب إل الطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقال له يا‬
‫مطعم قد رضيت أن تلك بطن من بن عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق عليه‪ ،‬أما‬
‫وال لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنم إليها سراعا ًمنكم‪ ،‬فقال‪ :‬ويك فما أصنع إنا أنا‬
‫رجل واحد?! فقال‪ :‬قد وجدت ثانيا‪ ،‬قال‪ :‬فمن هو? قال أنا‪ ،‬قال‪ :‬فابغنا ثالثا‪ ،‬قال‪ :‬قد‬
‫فعلت‪ ،‬قال‪ :‬ومن هو? قال‪ :‬زهي بن أب أمية‪ ،‬قال‪ :‬فابغنا رابعا يتكلم معنا‪ ،‬قال‪ :‬فذهب‬
‫إل أب البختري بن هشام فذكر قرابتهم وحقهم‪ ،‬فقال‪ :‬هل من أحد يعي على هذا?‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬الطعم بن عدي‪ ،‬وزهي بن أب أميه‪ ،‬فقال‪ :‬ابغنا خامسا‪ ،‬فذهب إل زمعة بن‬
‫السود بن الطلب بن أسد فكلمه‪ ،‬وذكر له قرابتهم وحقهم‪ ،‬فقال له زمعة‪ :‬هل معك‬
‫على هذا المر الذي تدعون إليه من أحد? فقال‪ :‬نعم ث سى له القوم‪ ،‬فتواعد عند خطم‬
‫الحون ليلً بأعلى مكة‪ ،‬فاجتمعوا هناك وأجعوا أمرهم‪ ،‬وتعاهدوا على القيام ف‬
‫الصحيفة حت ينقضوها‪ ،‬فقال زهي‪ :‬أنا أبدؤ فأكون أولكم‪.‬‬
‫فلما أصبحوا غدوا على أنديتهم‪ ،‬وغدا زهي بن أب أمية ف حلة له فطاف بالبيت سبعا‪،‬‬
‫ث أقبل على الناس فقال‪ :‬يا أهل مكة أنأكل الطعام ونشرب الشراب‪ ،‬ونلبس الثياب‪،‬‬
‫وبنو هاشم بنوا الطلب هلكى ل يباعون ول يباع منهم‪ ،‬ول ينكحون ول ينكح إليهم‪،‬‬
‫وال ل أذوق طعاما ول شرابا حت تشق هذه الصحيفة الظالة القاطعة‪ ،‬فقال أبو جهل‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫‪139‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫كذبت وال ‪ -‬وهو ف ناحية السجد ‪ -‬ل تشق هذه الصحيفه‪ ،‬فقال زمعة ابن السود‪:‬‬
‫بل أنت وال أكذب‪ ،‬ما رضينا كتابا حي كتبت‪ ،‬فقال أبو البختري‪ :‬صدق زمعة بن‬
‫السود‪ ،‬ل نرضى با كتب فيها ول نعرفه‪ ،‬فقال الطعم بن عدي صدقتما وكذب من‬
‫قال غي ذلك‪ ،‬نبأ إل ال عز وجل منها وما كتب فيها‪ ،‬وقال هشام بن عمرو مثل ما‬
‫قالوا ف نقضها وردها‪ ،‬فقال أبو جهل‪ :‬هذا أمر قضي بليل تشور فيه ‪ -‬يعن بغي هذا‬
‫الكان ‪ -‬وأبو طالب جالس ف ناحية السجد يرى ما يصنع القوم‪ ،‬ث إن الطعم بن عدي‬
‫قام إل الصحيفة فشقها فوجد الرضة قد أكلها إل بسمك اللهم وكان الذي كتب‬
‫الصحيفة منصور بن عكرمة ابن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار فشلت يده فيما‬
‫يزعمون‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫فلما مزقت وبطل ما فيها قال أبو طالب ف ذلك ما كان ف أمر أولئك النفر ف نقضها‬
‫يدحهم‪:‬‬
‫أل هل أتى العداء رأفة ربـنـا‬

‫على نأيهم وال بالـنـاس أرود‬


‫فيخبهم أن الصحيفة مـزقـت‬

‫وأن كل ما ل يرضه ال مفسـد‬


‫تداعى لا إفك وسحر مـمـع‬

‫ول يلف سحر آخر الدهر يصعد‬


‫تداعى لا من ليس فيها بـقـربة‬

‫فطائرها ف وسطـهـا يتـردد‬


‫أل تك حقا وقـعة صـيلـمـية‬

‫‪140‬‬ ‫‪140‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ليقطع فيها ساعـد ومـقـلـد‬
‫ويظعن أهل ماكثون فيهـربـوا‬

‫فرائصهم من خشية الوت ترعد‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقد كان عمارة بن الوليد بن الغية‪ ،‬وعمرو بن‬
‫العاص بعد مبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومشي قريش بعمارة إل أب طالب قد‬
‫خرجا تاجرين إل أرض البشة‪ ،‬وكانت لقريش ملجأ ووجها‪ ،‬وها على شركهما‪،‬‬
‫وكلها كان شاعرا غازيا فاتكا‪ ،‬وكان عمارة رجلً جيلً وسيما‪ ،‬يفت النساء‪،‬‬
‫صاحب مادثة‪ ،‬فركب البحر‪ ،‬ومع عمرو بن العاص إمرأته حت إذا سارا ف البحر لياليا‬
‫أصابا من خر معهما‪ ،‬فلما انتشى عمارة بن الوليد قال لمرأة عمرو قبلين‪ ،‬فقال عمرو‪:‬‬
‫قبلي ابن عمك‪ ،‬فقبلته‪ ،‬فألقاها عمارة بن الوليد فجعل يريدها عن نفسها‪ ،‬فامتنعت منه ث‬
‫إن عمرا قعد على منجاف السفينة يبول فدفعه عمارة ف البحر‪ ،‬فلما وقع فيه سبح حت‬
‫أخذ بنجاف السفينة‪ ،‬فقال له عمارة‪ :‬أما وال لو عرفت يا عمرو أنك تسبح ما‬
‫طرحتك‪ ،‬ولكن كنت أظنك ل تسن السباحة‪ ،‬فلما قال ذلك عمارة لعمرو ضغن عليه‬
‫عمرو ف نفسه‪ ،‬وعرف أنه قد أراد قتله ومضيا ف وجههما حت قدما أرض البشة كتب‬
‫عمرو إل أبيه العاصي بن وائل أن اخلعن وتبأ من جريرت إل بن الغية وجيع بن‬
‫مزوم‪ ،‬وخشي على أبيه أن يتبع بريرته‪ ،‬فلما قدم الكتاب على العاصي مشى إل رجال‬
‫من بن مزوم‪ ،‬ورجال من بن الغية فقال‪ :‬إن هذين الرجلي قد خرجا حيث قد علمتم‪،‬‬
‫وكلها فاتك صاحب شر‪ ،‬غي مأموني على أنفسهما‪ :‬ول أدري ما يكون‪ ،‬إن أتبأ‬
‫إليكم من عمرو وجريرته فقد خلعته‪ ،‬فقالت له عند ذلك بنو الغية ورجال من بن‬
‫مزوم‪ :‬وأنت تاف عمرا على عمارة ونن قد خلعنا عمارة وتبأنا إليك من جريرته‪،‬‬
‫فخل بي الرجلي‪ ،‬فقال‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فخلعوها وتبأ كل واحد من صاحبهم‪ ،‬وما جر‬
‫عليهم‪.‬‬
‫فلما اطمأنا ل يلبث عمارة أن دب لمرأة النجاشي‪ ،‬وكان رجلً جيلً وسيما‪ ،‬فأدخلته‬
‫فاختلف إليها‪ ،‬وجعل إذا رجع من مدخله ذلك يدث عمرا با كان من أمره‪ ،‬فجعل‬

‫‪141‬‬ ‫‪141‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عمرو يقول‪ :‬ما أصدقك إنك قدرت على هذا‪ ،‬شأن الرأة رفع من هذا! فلما أكثر عليه‬
‫عمارة‪ ،‬وكان عمرو قد صدقه وعرف أنه قد دخل عليها‪ ،‬ورأى من هيئته وما يصنع به‬
‫والذهاب إذا أمسى وبيتوتته عنه حت يأت من السحر ما عرف به ف ذلك‪ ،‬وكانا ف منل‬
‫واحد‪ ،‬ولكنه كان يريد أن يأتيه بشيء ل يستطيع دفعه إن هو رفع شأنه إل النجاشي‪،‬‬
‫فقال له ف بعض ما يذكر له من أمرها‪ :‬إن كنت صادقا أنك بلغت منها ما تقول‪ ،‬فقل‬
‫لا فلتدهنك من دهن النجاشي الذي ل يدهن به غيه‪ ،‬فإن أعرفه‪ ،‬وائتن منه بشيء حت‬
‫أصدقك با تقول‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬قال‪ :‬فجاءه ف بعض ما يدخل عليها‪ ،‬فدهنته وأعطته منه‬
‫شيئا ف قارورة‪ ،‬فلما شه عمرو عرفه‪ ،‬وقال له عند ذلك أشهد أنك قد صدقت‪ ،‬ولقد‬
‫أصبت شيئا ما أصاب أحد من العرب مثله‪ ،‬امرأة اللك‪ ،‬ما سعنا مثل هذا‪ ،‬وكانوا أهل‬
‫جاهلية‪ ،‬وكان ذلك ف أنفسهم فصلً لن أصابه وقدر عليه‪ ،‬ث إنه سكت عنه حت إذا‬
‫اطمأن دخل عمرو على النجاشي فقال‪ :‬أيها اللك معي سفيه من سفهاء قريش‪ ،‬وقد‬
‫خشيت أن يعزى عندك أمره‪ ،‬وقد أردت أن أرفع إليك شأنه ول أعلمك ذلك حت‬
‫استثبت أنه قد دخل على بعض نسائك فأكثر‪ ،‬وهذا دهنك قد أعطته وادهن به‪ ،‬فلما شم‬
‫النجاشي الدهن‪ ،‬قال‪ :‬صدقت هذا دهن الذي ل يكون إل عند نسائي‪ ،‬ث دعي بعمارة‬
‫بن الوليد‪ ،‬ودعا بالسواحر فجردنه من ثيابه ث أمرهن فنفخن ف احليله‪ ،‬ث خلى سبيله‬
‫فخرج هاربا ف الوحش‪ ،‬فلم يزل بأرض البشة حت كانت خلفة عمر بن الطاب‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬فخرج إليه رجال من بن الغية منهم عبد ال بن أب ربيعة بن الغية‪،‬‬
‫وكان اسم عبد ال قبل أن يسلم بي‪ ،‬فلما أسلم ساه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عبد ال‪ ،‬فرصده بأرض البشة باء كان يرده مع الوحش‪ ،‬فذكروا أنه أقبل ف حر من‬
‫حر الوحش يرد معها‪ ،‬فلما وجد ريح النس هرب حت أجهد العطش‪ ،‬فورد فشرب‬
‫حت إذا امتل خرجوا ف طلبه‪ ،‬قال عبد ال بن أب ربيعة‪ :‬فسبقت إليه فالتزمته‪ ،‬فجعل‬
‫يقول‪ :‬أي بي أرسلن فإن أموت إن أمسكتن‪ ،‬قال عبد ال‪ :‬فضبطته فمات ف يدي‬
‫مكانه‪ ،‬فواريته ث انصرفنا‪ ،‬وكان شعره فيما يزعمون قد غطى كل شيء منه‪ ،‬فقال‬
‫عمرو‪ ،‬وهو يذكر ما صنع به وما أراد من امرأته‪:‬‬
‫تعلم عمار أن من شر شـيمة‬

‫‪142‬‬ ‫‪142‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫لثلك أن يدعا ابن عم لكائن ما‬


‫أإن كنت ذا بردين أحوى مرحل‬

‫فلست ترأى لبن عمك مرمـا‬


‫إذا الرء ل يترك طعاما يبـه‬

‫ول ينه قلبا غاويا حيث يـمـا‬


‫قضى وطرا منها يسيا فأصبحت‬

‫إذا ذكرت أمثاله تل الـفـمـا‬


‫أصبت من المر الدقيق جلـيلـه‬

‫وعيشا إذا لقيت من قد تلوهـا‬


‫أل فارفع عن مطامع خـشـية‬

‫وعال أمر الجد ل يتـنـدمـا‬


‫فليس الفت ولو نت عـروقـه‬

‫بذي كرم إل بـأن يتـكـرمـا‬


‫اسلم حزة بن عبد الطلب‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فحدثن رجل من أسلم‪ ،‬وكان واعية أن أبا جهل‬
‫اعترض رسول ال صلى ال عليه وسلم عند الصفا‪ ،‬فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من‬
‫العيب لدينه‪ ،‬والتضعيف له‪ ،‬فلم يكلمه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومولة لعبد ال‬
‫بن جدعان التيمي ف مسكن لا فوق الصفا تسمع ذلك‪ ،‬ث انصرف عنه فعمد إل نادي‬

‫‪143‬‬ ‫‪143‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫لقريش عند الكعبة‪ ،‬فجلس معهم‪ ،‬ول يلبث حزة بن عبد الطلب أن أقبل متوشحا‬
‫قوسه‪ ،‬راجعا من قنص له‪ ،‬وكان إذا فعل ذلك ل ير على نادي من قريش إل وقف‬
‫وسلم وتدث معهم‪ ،‬وكان أعز قريش وأشدها شكيمة‪ ،‬وكان يومئذ مشركا على دين‬
‫قومه‪ ،‬فلما مر بالولة وقد قام رسول ال صلى ال عليه وسلم فرجع إل بيته‪ ،‬فقالت له‪،:‬‬
‫أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك من أب الكم آنقا قبيل‪ ،‬وجده ها هنا فآذاه وشتمه‬
‫وبلغ منه ما يكره‪ ،‬ث انصرف عنه ول يكلمه ممد‪ ،‬فاحتمل حزة الغضب لا أراد ال عز‬
‫وجل به من كرامته‪ ،‬فخرج سريعا ل يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف‬
‫بالبيت‪ ،‬معدا لب جهل أن يقع به‪ ،‬فلما دخل السجد نظر اليه جالسا ف القوم‪ ،‬فأقبل‬
‫نوه حت قام من رأسه‪ ،‬رفع القوس وضربه با ضربه شجه با شجة منكرة‪ ،‬وقامت‬
‫رجال من قريش من بن مزوم إل حزة لينصروا أبا جهل منه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما تراك يا حزة إل‬
‫قد صبأت?! فقال حزة‪ :‬وما ينعن منه وقد استبان ل منه ذلك‪ ،‬وأنا أشهد أنه رسول‬
‫ال‪ ،‬وأن الذي يقول حق‪ ،‬فو ال ل أنزع فامنعون إن كنتم صادقي‪ ،‬فقال أبو جهل‪:‬‬
‫دعوا أبا عمارة فإن وال لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ًءوت حزة على إسلمه وعلى ما‬
‫بايع عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم من قوله‪ ،‬فلما أسلم حزة عرفت قريش أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حزه سيمنعه‪ ،‬فكفوا عن بعض ما‬
‫كانوا ينالون منه‪ ،‬فقال ف ذلك شعرا ضرب أبا جهل وأسلم‪:‬‬

‫ذق يا أبا جهل با عسـيت‬

‫من أمرك الظال إذ مشيت‬


‫ستسعط الرغم بـا أتـيت‬

‫تؤذي رسول ال إذ نـيت‬


‫عن أمرك الظال إذ عتـيت‬

‫لو كنت ترجو ال ما شقيت‬

‫‪144‬‬ ‫‪144‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ول تركت الق إذ دعـيت‬

‫ول هويت بعدمـا هـويت‬


‫تؤذي رسول ال قد غـويت‬

‫ما كنت حبا بعدما غـدرت‬


‫فحت تذوق الزي قد لقيت‬

‫فقد شفيت النفس وأشفـيت‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث رجع حزة إل بيته فأتاه الشيطان فقال أنت سيد‬
‫قريش اتبعت هذا الصابئ‪ ،‬وتركت دين آبائك‪ ،‬للموت كان خي لك ما صنعت فأقبل‬
‫على حزة بثه فقال‪ :‬ما صنعت اللهم‪ ،‬إن كان رشدا فاجعل تصديقه ف قلب‪ ،‬وإل فاجعل‬
‫ل ما وقعت فيه مرجا‪ ،‬فبات بليلة ل يبت بثلها من وسوسة الشيطان وتزيينه حت‬
‫أصبح‪ ،‬فغدا على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا ابن أخي إن قد وقعت ف أمر‬
‫ل أعرف الخرج منه وإقامة مثلى على ما ل أدري ما هو أرشدا هو أم غي شديدة?‬
‫فحدثن حديثا فقد اشتهيت يا بن أخي أن تدثن‪ ،‬فأقبل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فذكره ووعظه وخوفه وبشره‪ ،‬قال‪ :‬فألقى ال عز وجل ف نفسه اليان با قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال أشهد أنك صادق‪ ،‬شهادة الصدق العارف‪ ،‬فأظهر يا بن أخي‬
‫دينك‪ ،‬فو ال ما أحب أن ل ما أظلته السماء وأن على دين الول فكان حزة من أعز‬
‫ال به الدين‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقال حزة بن عبد الطلب‪:‬‬
‫حدت ال حي هدى فؤادي‬

‫إل السلم والدين النيف‬


‫لدين جاء من رب عـزيز‬

‫‪145‬‬ ‫‪145‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫خبي بالعبادة بم لطـيف‬


‫إذا تليت رسـائلـه عـلـينـا‬

‫تدر دمع ذي اللب الصيف‬


‫رسائل جاء أحد من هداهـا‬

‫بآيات مبينـات الـحـروف‬


‫وأحد مصطفى فينا مـطـاع‬

‫فل تغشوه بالقول العـنـيف‬


‫فل وال نسـلـمـه لـقـوم‬

‫ولا نقضي فيهم بالـسـيوف‬


‫ونترك منهم قتـلـى بـقـاع‬

‫عليها الطي كالورد العكوف‬


‫وقد خبت ما صنعت ثقـيف‬

‫به فجزى القبائل من ثقـيف‬


‫إله الناس شـر جـزاء قـوم‬

‫ول أسقاهم صوب الـريف‬


‫ما جاء ف هجرة اصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إل ارض البشة نا أحد‪ :‬نا‬
‫يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬ومنع ال بأب طالب رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلما رأى‬

‫‪146‬‬ ‫‪146‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أصحابه وما يصيبهم من البلء والشدة‪ ،‬وأن ال تعال قد‬
‫أعفاه من ذلك‪ ،‬وأنه ل يقدر على أن ينعهم من قومهم‪ ،‬وأنه ليس ف قومهم من ينعهم‬
‫كما منعه عمه أبو طالب‪ ،‬أمرهم بالجرة إل أرض البشة‪ ،‬وقال لم‪ :‬إن با ملكا ل‬
‫يظلم الناس ببلده ف أرض صدق فتحرزوا عنده يأتيكم ال عز وجل بفرح منه‪ ،‬ويعل‬
‫ل ولكم مرجا‪ ،‬فهاجر رجال من أصحابه إل أرض البشة مافة الفتنة‪ ،‬وفروا إل ال عز‬
‫وجل بدينهم‪ ،‬واستخفى آخرون بإسلمهم‪.‬‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن الربيع بن أنس عن أب العالية ف قوله عز‬
‫وجل‪" :‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالات ليستخلفنهم" الية‪ ،‬فمكث رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بكة عشر سني بعدما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه يدعون ال‬
‫عز وجل سرا وعلنية‪ ،‬ث أمروا بالجرة إل الدينة‪ ،‬وكانوا با خائفي يسون ويصبحون‬
‫ف السلح‪ ،‬فقال رجل من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا رسول ال أما‬
‫يأت علينا يوم نأمن فيه ونضع السلح? فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لن تعبوا‬
‫إل يسيا حت يلس الرجل منكم ف الل العظيم ليس فيه حديد‪ ،‬فأنزل ال عز وجل هذه‬
‫الية‪" :‬وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالات" إل آخر الية‪ ،‬لقول الرجل ولقول رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقوله‪" :‬فمن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" قال‪ :‬ومن‬
‫كفر بذه النعمة‪ ،‬ليس يقول‪ :‬من كفر بال‪ ،‬وكانوا كذلك حت قبض ال عز وجل‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث كانوا كذلك ف إمرة أب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان ث غيوا‬
‫فغي ما بم‪ ،‬كفروا بذه النعمة فأدخل ال عز وجل عليهم الوف الذي كان قد وضعه‬
‫عنهم‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم قال‪ :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على ثلث فرق‪ :‬فرقة بالدينة‪ ،‬وفرقتي بكة‪ ،‬فرقة كانوا يؤذون بكة عشر‬
‫سني فيعفون عن الشركي‪ ،‬وفرقة كانوا إذا أوذوا انتصروا منهم‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‬
‫عليهم جيعا‪ ،‬فقال‪" :‬الذين يتنبون كبائر الث" وهو الشرك والفواحش وهو الزنا وإذا ما‬
‫غضبوا هم يغفرون هؤلء الذين كانوا ل ينتصرون من الشركي " والذين استجابوا لربم‬
‫وأقاموا لصلة وأمرهم شورى بينهم" الذين كانوا بالدينة ل يكن عليهم أمي‪ ،‬كان رسول‬

‫‪147‬‬ ‫‪147‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بكة وهم بالدينة‪ ،‬يتشاورون ف أمرهم "والذين إذا أصابم البغي‬
‫هم ينتصرون" هؤلء الذين انتصروا "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على‬
‫ال" الذين عفوا‪ ،‬ولن انتصر بعد ظلمه‪ ،‬إل قوله‪" :‬ف الرض بغي الق" الشركي الذين‬
‫كانوا يظلمون الناس السلمي "لم عذاب أليم"‪.‬‬
‫تسمية من هاجر إل أرض البشة من مكة نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان‬
‫من هاجر من مكة إل أرض البشة‪ ،‬قبل هجرة جعفر وأصحابه من بن أمية بن عبد‬
‫شس بن عبد مناف‪ :‬عثمان بن عفان معه إمرأته رقية ابنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وأبو حذيفة بن عتبة بن عبد شس معه لرأته سهلة ابنة سهيل بن عمرو بن عبد شس بن‬
‫عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل‪ ،‬ولدت هناك ممد بن أب حذيفة‪.‬‬
‫ومن حلفائهم‪ :‬عبد ال بن جحش بن رئاب‪.‬‬
‫ومن بن نوفل بن عبد مناف‪ :‬عتبة بن غزوان بن جابر‪ ،‬حليف لم من قيس عيلن‪.‬‬
‫ومن بن اسد بن عبد العزي بن قصي‪ :‬الزبي بن العوام بن خويلد بن أسد‪.‬‬
‫ومن بن عبد الدار بن قصي‪ :‬مصعب بن عمي بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد‬
‫الدار‪.‬‬
‫ومن بن عبد بن قصي‪ :‬طليب بن عمي بن وهب بن أب كثي بن عبد ابن قصي‪.‬‬
‫ومن بن زهرة بن كلب‪ :‬عبد الرحن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الارث بن‬
‫زهرة‪ ،‬وعبد ال بن مسعود‪ ،‬حليف لم‪ ،‬والقداد‪ ،‬حليف لم‪.‬‬
‫ومن بن مزوم بن يقظة بن مرة‪ :‬أبو سلمة بن عبد السد معه امرأته أم سلمة بنت أب‬
‫أمية‪ ،‬وسلمة بن هشام بن الغية‪ ،‬حبس بكة فلم يقدم إل بعد بدر‪ ،‬وأحد‪ ،‬والندق‪،‬‬
‫وعياش بن أب ربيعة بن الغية هاجر معه إل الدينة ولق به أخوه لمه‪ :‬أبو جهل بن‬
‫هشام والارث بن هشام فرجعا به إل مكة فحبساه با حت مضى بدر وأحد والندق‪.‬‬
‫ومن حلفائهم‪ :‬عمار بن ياسر يشك فيه أكان خرج إل البشة أم ل‪ ،‬ومعتب بن عوف‬
‫بن عامر بن خزاعه من بن عدي بن كعب بن لؤي بن عامر بن ربيعة‪ ،‬حليفا لم‪ ،‬مع‬
‫امرأته ليلى ابنة أب حثمة بن غان‪.‬‬

‫‪148‬‬ ‫‪148‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن بن جح بن عمرو بن هصيص‪ :‬عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن‬
‫جح‪ ،‬وابنه السائب‪ ،‬وقدامة بن مظعون‪.‬‬
‫ومن بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب‪ :‬خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي‪،‬‬
‫وهشام بن العاصي بن وائل‪.‬‬
‫ومن بن عامر بن لؤي‪ :‬حاطب بن عمرو بن عبد شس‪ ،‬وهو أول من هاجر‪ ،‬فيما يقال‪،‬‬
‫وسليط بن عمرو بن عبد شس‪ ،‬معه امرأته أم يقظة بنت علقمة‪ ،‬ولدت له‪ ،‬ث سليط بن‬
‫سليط‪ ،‬والسكران بن عمرو بن عبد شس‪ ،‬معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس‪ ،‬مات‬
‫بكة قبل هجرة رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة‪ ،‬فخلف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على امرأته سودة ابنة زمعة‪.‬‬
‫ومن حلفائهم‪ :‬سعيد بن خولة‪.‬‬
‫ومن بن الارث بن فهر بن مالك‪ :‬أبو عبيدة بن الراح‪ ،‬وسهيل بن بيضاء‪ ،‬وعمرو بن‬
‫أب شريح بن ربيعة‪ ،‬وعمرو بن الارث بن زهي بن أب شداد‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فأقاموا حت بلغهم أن أهل مكة قد أسلموا‬
‫وسجدوا‪ ،‬وذلك أن سورة النجم أنزلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقرأها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأنصت لا كل مسلم ومشرك‪ ،‬حت انتهى إل قوله‪:‬‬
‫"أفرأيتم اللت والعزى" فأصاخوا له والؤمنون يتصدقون وارتد ناس حي سعوا سجع‬
‫الشيطان‪ ،‬فقال‪ :‬وال لنعبدهن ليقربونا إل ال زلفا‪ ،‬وعلم الشيطان بتيك اليتي كل‬
‫مشرك وذلت با ألسنتهم‪ ،‬وكب ذلك على رسول ال صلى ال عليه وسلم حت أتاه‬
‫جبيل عليه السلم‪ ،‬فشكا إليه هاتي اليتي وما لقي من الناس فيهما‪ ،‬فتبأ جبيل عليه‬
‫السلم منهما وقال‪ :‬لقد تلوت على الناس ما ل آتك به عن ال عز وجل‪ ،‬وقلت ما ل‬
‫يقل لك‪ ،‬فحزن رسول ال صلى ال عليه وسلم حزنا شديدا‪ ،‬وخاف‪ ،‬فأنزل ال عز‬
‫وجل تعزية له‪" :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول ول نب إل إذا تن ألقى الشيطان ف‬
‫أمنيته" إل قوله "عليم حكيم"‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فلما بلغ من بالبشة من السلمي سجود أهل مكة‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم أقبلوا‪ ،‬أو من شاء ال عز وجل منهم‪ ،‬وهم يرون أنم‬

‫‪149‬‬ ‫‪149‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قد تابعوا رسول ال صلى ال عليه وسلم فلما دنوا من مكة بلغهم المر فثقل عليهم أن‬
‫يرجعوا إل أرض البشة‪ ،‬وتوفوا أن يدخلوا مكة بغي جوار‪ ،‬فمكثوا على ذلك حت‬
‫دخل كل رجل منهم بوار من بعض أهل مكة‪ ،‬وقدم عثمان بن مظعون بوار من الوليد‬
‫بن الغية‪ ،‬وأبو سلمة بن عبد السد بوار من أب طالب‪ ،‬وكان خاله‪ ،‬وأم أب سلمة برة‬
‫بنت عبد الطلب‪.‬‬
‫فأما عثمان بن مظعون فكان من خبه أن يونس بن بكي‪ :‬نا عن ممد بن اسحق قال‪:‬‬
‫فحدثن صال عن إبراهيم بن عبد الرحن بن عوف عمن حدثه قال‪ :‬لا رأى عثمان ما‬
‫يلقى رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه من الذى‪ ،‬وهو يغدو ويروح بأمان الوليد‬
‫بن الغية قال عثمان‪ :‬وال إن غدوي ورواحي آمنا بوار رجل من أهل الشرك‪،‬‬
‫وأصحاب وأهل بيت يلقون من البلء والذى ف ال عز وجل ما ل يصيبن لنقص كثي ف‬
‫نفسي‪ ،‬فمشى إل الوليد بن الغية وهو ف السجد‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا عبد شس وفت ذمتك‪،‬‬
‫قد كنت ف جوارك‪ ،‬وقد أحببت أن أخرج منه إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول‬
‫به وبأصحابه أسوة‪ ،‬قال الوليد‪ :‬فلعلك يا لب أخي أوذيت‪ ،‬أو انتهكت? فقال‪ :‬ل ولكن‬
‫أرضي بوار ال تعال ول أريد أن أستجي بغيه‪ ،‬قال ‪ :‬فانطلق إل السجد‪ ،‬فاردد علي‬
‫جواري علنية كما أجرتك علنية‪ ،‬فقال‪ :‬انطلق قال‪ :‬فخرجا حت أتيا السجد فقال‬
‫الوليد‪ :‬هذا عثمان بن مظعون قد جاء ليد علي جواري‪ ،‬فقال عثمان‪ :‬صدق‪ ،‬وقد‬
‫وجدته وفيا كري الوار‪ ،‬وقد أحببت أل أستجي بغي ال‪ ،‬وقد رددت عليه جواره‪ ،‬ث‬
‫انصرف عثمان بن مظعون ولبيد بن ربيعة ابن جعفر بن كلب القيسي ف ملس قريش‪،‬‬
‫فجلس معهم عثمان‪ ،‬فقال لبيد وهو ينشدهم‪ :‬أل كل شيء ما خل ال باطل فقال‬
‫عثمان‪ :‬صدقت‪ ،‬فقال لبيد‪:‬‬
‫وكل نعيم ل مالة زائل‬
‫فقال عثمان‪ :‬كذبت‪ ،‬فالتفت إليه القوم وقالوا للبيد‪ :‬أعد علينا‪ ،‬فأعاد لبيد‪ ،‬وعادله‬
‫عثمان بتصديقه مرة وتكذيبه مرة‪ ،‬وإنا يعن عثمان إذ قال‪ :‬كذبت‪ ،‬يعن نعيم النة ل‬
‫يزول‪ ،‬فقال لبيد‪ :‬وال يا معشر قريش ما كانت مالسكم هكذا! فقام سفيه منهم إل‬
‫عثمان ولطم عينه فاخضرت‪ ،‬فقال له من حوله‪ :‬وال يا عثمان لقد كنت ف ذمة منيعة‪،‬‬

‫‪150‬‬ ‫‪150‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وكانت عينك غنية عما لقيت! فقال عثمان‪ :‬جوار ال آمن وأعز‪ ،‬وعين الصحيحة فقية‬
‫إل ما لقيت أختها ول برسول ال صلى ال عليه وسلم أسوة‪ ،‬وبن معه أسوة‪ ،‬فقال‬
‫الوليد‪ :‬هل لك ف جواري? قال عثمان‪ :‬ل إرب ل ف جوار أحد إل جوار ال‪ ،‬ث قال‬
‫عثمان ف ذلك‪:‬‬
‫ل إرب ل يا ابن الغية ف الذي‬

‫تقول ولكنـي بـأحـمـد واثـق‬


‫رسول عظيم الشان يتلو كـتـابـه‬

‫له كل من يبغي التـلوة وامـق‬


‫مب عليه كـل يوم طـلوة وإن‬

‫قال قولً فـالـذي قـال صـادق‬


‫فيا رب إن مؤمن لحمد وجبـريل‬

‫إذ جبـريل بـالـوحـي طـارق‬


‫وما نزل الرحن من كل آية لـا‬

‫كل قلـب حـي يذكـر خـافـق‬


‫من الوف ما ينذر ال خـلـقـه‬

‫إذا صد عن آيات ذي العرش وامق‬


‫ترى الناس ضللً وقد ضل سعـيه‬

‫وبالي مغبون وبالشـر سـابـق‬

‫‪151‬‬ ‫‪151‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫اسلم عمر بن الطاب‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ممد بن اسحق قال كان اسلم عمر بن الطاب بعد خروج من‬
‫خرج من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أرض البشة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال حدثن عبد الرحن بن الارث عن عبد العزيز بن‬
‫عبد ال عن عبد ال بن عامر بن ربيعة عن أمه ليلى قالت‪ :‬كان عمر بن الطاب من أشد‬
‫الناس علينا ف اسلمنا‪ ،‬فلما تيأنا للخروج إل أرض البشه‪ ،‬جاءن عمر بن الطاب وأنا‬
‫على بعيي نريد ان نتوجه‪ ،‬فقال‪ :‬اين يا أم عبد ال? فقلت له‪ :‬آذيتمونا ف ديننا فنذهب‬
‫إل أرض ال عز وجل حيث ل نؤذى ف عبادة ال‪ ،‬فقال‪ :‬صحبكم ال‪ ،‬فذهب‪ ،‬ث‬
‫جاءن زوجي عامر ابن ربيعة‪ ،‬فأخبته با رأيت من رقة عمر فقال‪ :‬أترجي يسلم?‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬وال ل يسلم حت يسلم حار الطاب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث إن قريشا بعثت عمر بن الطاب ‪ -‬وهو يومئذ‬
‫مشرك ‪ -‬ف طلب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫دار ف أصل الصفا‪ ،‬ولقيه النحام وهو نعيم بن عبد بن اسد‪ ،‬اخو بن عدي بن كعب‪ ،‬قد‬
‫اسلم قبل ذلك‪ ،‬وعمر متقلد سيفه‪ ،‬فقال‪ :‬يا عمر اين تراك تعمد? فقال‪ :‬اعمد إل ممد‬
‫هذا الذي سفه احلم قريش‪ ،‬وسفه آلتها‪ ،‬وخالف جاعتها‪ ،‬فقال له النحام‪ :‬وال لبئست‬
‫المشى مشيت يا عمر‪ ،‬ولقد فرطت‪ ،‬واردت هلكة بن عدي بن كعب‪ ،‬او تراك تنفلت‬
‫من بن هاشم‪ ،‬وبن زهرة وقد قتلت ممدا صلى ال عليه وسلم?! فتحاورا حت ارتفعت‬
‫أصواتما‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬إن لظنك قد صبأت‪ ،‬ولو اعلم ذلك لبدأت بك‪ ،‬فلما رأى‬
‫النحام انه غي منته قال‪ :‬فإن اخبك‪ ،‬إن اهلك واهل ختنك قد أسلموا وتركوك وما انت‬
‫عليه من ضللتك‪ ،‬فلما سع عمر تلك القالة يقولا قال‪ :‬فأيهم? قال‪ :‬خنتك وابن عمك‬
‫واختك‪ ،‬فانطلق عمر حت اتى اخته‪.‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا اتته الطائفة من اصحابه من ذوي الاجة نظر‬
‫إل اول السعة فيقول‪ :‬عندك فلن فليكن إليك‪ ،‬فوافق ذلك ابن عم عمر وختنه زوج‬
‫اخته سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فدفع إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم خباب بن‬
‫الرت‪ ،‬مول ثابت بن ام انار حليف بن زهرة‪ ،‬وقد انزل ال عز وجل "طه ما انزلنا‬

‫‪152‬‬ ‫‪152‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عليك القرآن لتشقى إل تذكرة لن يشى" وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم دعا ليلة‬
‫الميس فقال‪ :‬اللهم اعز السلم بعمر بن الطاب او بأب الكم بن هشام‪ ،‬فقال ابن عم‬
‫عمرو واخته‪ :‬نرجو ان تكون دعوة رسول ال صلى ال عليه وسلم لعمر‪ ،‬فكانت‪.‬‬
‫فأقبل عمر حت انتهى إل باب اخته ليغي عليها ما بلغه من اسلمهما‪ ،‬فإذا خباب بن‬
‫الرت عند اخت عمر يدرس عليها طه‪ ،‬ويدرس عليها إذا الشمس كورت‪ ،‬وكان‬
‫الشركون يدعون الدراسة الينمة‪ ،‬فدخل عمر فلما ابصرته اخته عرفت الشر ف وجهه‬
‫فخبأت الصحيفة‪ ،‬وراغ خباب فدخل البيت‪ ،‬فقال عمر لخته‪ :‬ما هذه الينمة ف بيتك?‬
‫قالت‪ :‬ما عدا حديثا نتحدث به بيننا‪ ،‬فعذلا وحلف ال يرج حت تبي شأنا‪ ،‬فقال له‬
‫زوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل‪ :‬إنك ل تستطيع ان تمع الناس على هواك يا‬
‫عمر وإن كان الق سواه‪ ،‬فبطش به عمر فوطئه وطئا شديدا وهو غضبان‪ ،‬فقامت إليه‬
‫اخته تجره عن زوجها فنفحها عمر بيده فشجها‪ ،‬فلما رأت الدم قالت‪ :‬هل تسمع يا‬
‫عمر‪ ،‬أرأيت كل شيء بلغك عن ما يذكر من تركي آلتك وكفري باللت والعزى فهو‬
‫حق‪ ،‬اشهد ال إله إل ال وحده ل شريك له وان ممدا عبده ورسوله‪ ،‬فائتمر امرك‪،‬‬
‫واقض ما انت قاض‪ ،‬فلما رأى ذلك عمر سقط ف يديه‪ ،‬فقال عمر لخته‪ :‬أرأيت ما‬
‫كنت تدرسي اعطيك موثقا من ال ل اموها حت اردها إليك‪ ،‬ول اريبك فيها‪ ،‬فلما‬
‫رأت ذلك اخته‪ ،‬ورأت حرصه على الكتاب رجت ان تكون دعوة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم له‪ ،‬فقالت‪ :‬إنك نس ول يسه إل الطهرون‪ ،‬ولست آمنك على ذلك‪،‬‬
‫فاغتسل غسلك من النابة‪ ،‬واعطن موثقا تطمئن إليه نفسي ففعل عمر‪ ،‬فدفعت إليه‬
‫الصحيفة‪ ،‬وكان عمر يقرأ الكتاب‪ ،‬فقرأ طه حت إذا بلغ إن الساعة آتية أكاد أخفيها‬
‫لتجزى كل نفس با تسعى إل قوله فتردى وقرأ إذا الشمس كورت حت بلغ علمت‬
‫نفس ما أحضرت فأسلم عند ذلك عمر‪ ،‬فقال لخته‪ ،‬وختنه‪ :‬كيف السلم? قال‪ :‬تشهد‬
‫أل إله إل ال وحده ل شريك له وأن ممدا عبده ورسوله‪ ،‬وتلع النداد‪ ،‬وتكفر باللت‬
‫والعزى‪ ،‬ففعل ذلك عمر‪ ،‬وخرج خباب‪ ،‬وكان ف البيت داخلً‪ ،‬فكب خباب وقال‪:‬‬
‫أبشر يا عمر بكرامة ال فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد دعا لك أن يعز ال‬
‫السلم بك‪ ،‬قال عمر‪ :‬فدلون على النل الذي فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‬

‫‪153‬‬ ‫‪153‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫له خباب بن الرت‪ :‬أنا أخبك‪ ،‬فأخبه أنه ف الدار الت ف أصل الصفا‪ ،‬فأقبل عمر‪ ،‬وهو‬
‫حريص على أن يلقى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد بلغ رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أن عمر يطلبه ليقتله ول يبلغه اسلمه‪ ،‬فلما انتهى عمر إل الدار استفتح‪ ،‬فلما رأى‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عمر متقلدا بالسيف‪ ،‬أشفقوا منه‪ ،‬فلما رأى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وجل القوم قال‪ :‬افتحوا له فإن كان ال عز وجل يريد‬
‫بعمر خيا اتبع السلم وصدق الرسول‪ ،‬وإن كان يريد غي ذلك ل يكن قتله علينا هينا‪،‬‬
‫فابتدره رجال من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يوحى إليه‪ ،‬فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم حي سع صوت عمر‪ ،‬وليس‬
‫عليه رداء‪ ،‬حت أخذ بجمع قميص عمر‪ ،‬ورداءه فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ما أراك منتهيا يا عمر حت ينل ال بك من الرجز ما أنزل بالوليد بن الغية‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫اللهم اهد عمر‪ ،‬فضحك عمر‪ ،‬فقال‪ :‬يا نب ال أشهد أل إله إل ال وأشهد أن ممدا‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬فكب أهل السلم تكبية واحدة سعها من وراء الدار والسلمون يومئذ‬
‫بضعة وأربعون رجلً واحدى عشرة امرأة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق‪ :‬قال ‪ :‬قال عمر حي أسلم‪:‬‬
‫المد ل ذي الن الذي وجبـت‬

‫له علينا أيادي ما لـهـا غـي‬


‫وقد بدأنا فكذبنا فـقـال لـنـا‬

‫صدق الديث نب عنده الب‬


‫وقد ظلمت ابنة الطاب ث هدى‬

‫رب عشية قالوا قد صبا عمر‬


‫وقد ندمت على ما كان من زلل‬

‫‪154‬‬ ‫‪154‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بظلمها حي تتلى عندها السور‬
‫لا دعت ربا ذا العرش جاهدة‬

‫والدمع من عينها عجلن يبتدر‬


‫أيقنت أن الذي تدعوه خالفـهـا‬

‫فكاد يسبقن من عـبـرة درر‬


‫فقلت أشهد أن ال خـالـقـنـا‬

‫وأن أحد فينا اليوم مشتـهـر‬


‫نب صدق أتى بالق من ثـقة‬

‫واف المانة ما ف عوده خور‬


‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحاق قال‪ :‬قال عمر عند ذلك‪ :‬وال لنحن بالسلم أحق أن‬
‫ننادي منا بالكفر‪ ،‬فليظهرن لكة دين ال‪ ،‬فإن أراد قومنا بغيا علينا ناجزناهم‪ ،‬وإن قومنا‬
‫أنصفونا قبلنا منهم‪ ،‬فخرج عمر وأصحابه‪ ،‬فجلسوا ف السجد‪ ،‬فلما رأت قريش إسلم‬
‫عمر سقط ف أيديهم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن نافع عن ابن عمر قال‪ :‬لا أسلم عمر بن‬
‫الطاب قال‪ :‬أي أهل مكة أنقل للحديث? قالوا‪ :‬جيل بن معمر المحي‪ ،‬فخرج عمر‪،‬‬
‫وخرجت وراء أب وأنا اليم أعقل كلما رأيت‪ ،‬حت أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬يا جيل هل علمت أن‬
‫أسلمت? فو ال ما راجعه الكلم حت قام ير رداءه‪ ،‬وخرج عمر معه‪ ،‬وأنا مع أب‪ ،‬حت‬
‫إذا قام على باب السجد الكعبة صرخ بأعلى صوته‪ :‬يا معشر قريش إن عمر قد صبا‪،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬كذبت ولكن أسلمت‪ ،‬فبادروه فقاتلهم وقاتلوه حت قامت الشمس على‬
‫رؤوسهم وبلح‪ ،‬فجلس وعرشوا على رأسه قياما وهو يقول‪ :‬اصنعوا ما بدا لكم فأقسم‬
‫بال لو قد كنا ثلثائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم‪ ،‬فبينا هم على ذلك إذ‬

‫‪155‬‬ ‫‪155‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبه وقميص قومسي‪ ،‬فقال‪ :‬مه? فقالوا‪ :‬خيا‪ ،‬عمر بن‬
‫الطاب صبا‪ ،‬فقال فمه?????! رجل اختار لنفسه دينا أترون بن عدي بن كعب‬
‫يسلمون لكم صاحبهم هكذا?! عن الرجل فو ال لكأنا كان ثوب كشف عنه‪ ،‬فلما‬
‫قدمنا الدينة قلت‪ :‬يا أبه من الرجل صاحب اللة الذي صرف القوم عنك? قال‪ :‬ذاك‬
‫العاص بن وائل السهمي‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن النكدر أن أعرابيا من بن الدئل قال حيث‬
‫بلغه أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وظهوره واختلف الناس با قال‪ :‬فما فعل‬
‫الصلع الطوال العسر‪ ،‬مع أي الزبي هو‪ ،‬فو ال ليملنا غدا خيا أو شرا‪ ،‬يعن عمر‬
‫بن الطاب‪.‬‬
‫نا يونس عن النضر أب عمر عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬اللهم أيد السلم بأب جهل بن هشام أو بعمر بن الطاب‪ ،‬فأصبح عمر فغدا على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فأسلم‪ ،‬ث خرج فصلى ف السجد ظاهرا‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن القاسم عن عبد ال بن مسعود أنه قال‪ :‬كان‬
‫اسلم عمر بن الطاب فتحا‪ ،‬وهجرته نصرا‪ ،‬وإمارته رحة‪ ،‬وما استطعنا أن نصلي‬
‫ظاهرين عند الكعبة حت أسلم عمر رحه ال‪.‬‬
‫ما جاء ف أول من جهر بالقرآن بكة‬
‫نا يونس عن ممد بن اسحق قال‪ :‬حدثن يي بن عروة بن الزبي بن العوام عن أبيه قال‪:‬‬
‫كان أول من جهر بالقرآن بكة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم عبد ال بن مسعود‪،‬‬
‫اجتمع يوما أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا‪ :‬وال ما سعت قريش هذا‬
‫القرآن يهر لا به قط‪ ،‬فمن رجل يسمعهم? فقال عبد ال بن مسعود‪ :‬أنا‪ ،‬قالوا‪ :‬إنا‬
‫نشاهم عليك إنا نريد رجلً له عشية تنعه من القوم إن آذوه‪ ،‬فقال‪ :‬دعون فإن ال عز‬
‫وجل سيمنعن‪ ،‬فغدا عبد ال حت أتى القام ف الضحى وقريش ف انديتها حت قام عند‬
‫القام فقال رافعا صوته‪ :‬بسم ال الرحن الرحيم "الرحن علم القرآن" فاستقبلها فقرأها‪،‬‬
‫فتأملوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن أم عبد‪ ،‬ث قالوا‪ :‬إنه يتلو بعض ما جاء به ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬فقاموا فجعلوا يضربون ف وجهه‪ ،‬وجعل يقرأ حت بلغ منها ما شاء ال‬

‫‪156‬‬ ‫‪156‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أن يبلغ‪ ،‬ث انصرف إل أصحابه وقد أثروا بوجهه‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا الذي خشينا عليك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ما كان أعداء ال قط أهون علي منهم الن‪ ،‬ولئن شئتم لغادينهم بثلها غدا‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫حسبك قد أسعتهم ما يكرهون‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن الطعم قال‪ :‬كان أول من أفشى القرآن بكة‬
‫وعذب ف رسول ال صلى ال عليه وسلم عبد ال بن مسعود رضي ال عنه‪.‬‬
‫آخر الزء الثالث يتلوه إن شاء ال من عذب ف ال بكة من الؤمني وحسبنا ال وصلى‬
‫ال على سيدنا النب ممد وآله وسلم‪.‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم توكلت على ال‬
‫من عذب ف ال بكة من الؤمني‬
‫أنا الشيخ أبو السي أحد بن ممد بن النقور البزاز قراءة عليه وأنا أسع قال ‪ :‬أنا أبو‬
‫طاهر ممد بن عبد الرحن الخلص قال‪ :‬قرئ على أب السي رضوان بن أحد وأنا أسع‬
‫قال‪ :‬نا أبو عمر أحد بن عبد البار العطاردي قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن اسحق‬
‫قال‪ :‬نا الزهري قال‪ :‬حدثت أنا أبا جهل وأبا سفيان والخنس بن الشريق خرجوا ليلة‬
‫ليسمعوا من رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يصلي بالليل ف بيته‪ ،‬وأخذ كل رجل‬
‫منهم ملسا ليستمع فيه‪ ،‬وكل ل يعلم بكان صاحبه‪ ،‬فباتوا يسمعون له حت إذا أصبحوا‬
‫أو طلع الفجر تفرقوا‪ ،‬فجمعهم الطريق‪ ،‬فتلوموا وقال بعضهم لبعض ل تعودون لو‬
‫رآكم بعض سفهائكم لوقعتم ف نفسه شيئا‪ ،‬ث انصرفوا حت إذا كانت الليلة الثانية عاد‬
‫كل رجل منهم إل ملسه فباتوا يستمعون له حت إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق‪،‬‬
‫فقال بعضهم لبعض مثلما قالوا أول مرة‪ ،‬ث انصرفوا‪ ،‬فلما كانت الليلة الثالثة أخذ كل‬
‫رجل منهم ملسه فباتوا يستمعون له‪ ،‬حت إذا طلع الفجر تفرقوا‪ ،‬فجمعهم الطريق‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬ل نبح حت نتعاهد ل نعود‪ ،‬فتعاهدوا على ذلك ث تفرقوا‪ ،‬فلما أصبح الخنس‬
‫بن شريق أخذ عصا ث خرج حت أتى أبا سفيان ف بيته‪ ،‬فقال‪ :‬حدثن يا أبا حنظلة عن‬
‫رأيك فيما سعت من ممد? فقال‪ :‬يا أبا ثعلبة‪ ،‬وال سعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد‬
‫با‪ ،‬وأشياء ما أعرف معناها ول ما يراد با‪ ،‬فقال الخنس‪ :‬وأنا والذي حلفت له‪ ،‬ث‬
‫خرج من عنده حت أتى أبا جهل فدخل عليه بيته‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا الكم‪ :‬ما رأيك فيما‬

‫‪157‬‬ ‫‪157‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫سعت من ممد? فقال ماذا سعت‪ ،‬تنازعنا نن وبنو عبد مناف الشرف‪ ،‬أطعموا‬
‫فأطعمنا‪ ،‬وحلوا فحملنا‪ ،‬وأعطوا فأعطينا‪ ،‬حت إذا تاثينا على الركب وكنا كفرسي‬
‫رهان قالوا‪ :‬منا نب يأتيه الوحي من السماء‪ ،‬فمت تدرك هذه?! وال ل نؤمن به أبدا‪ ،‬ول‬
‫نصدقه؛ فقام عنه الخنس بن شريق‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث عدوا على من أسلم واتبع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من أصحابه‪ ،‬فوثبت كل قبيلة على من فيها من السلمي فجعلوا يعذبونم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن هشام بن عروة عن أبيه قال‪ :‬كان ورقة بن‬
‫نوفل ير ببلل وهو يعذب على السلم‪ ،‬وهو يقول أحد‪ ،‬أحد‪ ،‬فيقول ورقة‪ :‬أحد‪ ،‬أحد‬
‫وال يا بلل لن تفن‪ ،‬ث يقبل على من يفعل ذلك به من بن جح وعلى أمية فيقول‪:‬‬
‫أحلف بال لئن قتلتموه على هذا لتذنه حنانا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فبلغن أن عمار بن ياسر قال‪ :‬وهو يذكر بلل بن‬
‫رباح‪ ،‬وأمه حامه وأصحابه‪ ،‬وما كانوا فيه منالبلء‪ ،‬وعتاقة أب بكر رضي ال عنه إياهم‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫جزى ال خيا عن بلل وصحـبـه‬

‫عتيقا وأخزى فاكها وأبـا جـهـل‬


‫عشية هوا فـي بـلل بـسـوءة‬

‫ول يذروا ما يذر الرء ذو العقل‬


‫بتـوحـيده رب النـام وقـولــه‪:‬‬

‫شهدت بأن ال رب علـى مـهـل‬


‫فإن تقتلون تقتلـونـي ولـم أكـن‬

‫لشرك بالرحن من خيفة للقـتـل‬

‫‪158‬‬ ‫‪158‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فيا رب إبراهيم والـعـبـد يونـس‬

‫وموسى وعيسى نن ث ل تلـي‬


‫لن ظل يهوى الغي من آل غالـب‬

‫على غي بركان مـنـه ول عـدل‬


‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر أعتق من كان يعذب ف ال عز وجل‬
‫سبعة‪ ،‬أعتق‪ :‬بللً‪ ،‬وعامر بن فهية‪ ،‬والزنية‪ ،‬وجارية بن عمرو بن مؤمل‪ ،‬والنهدية‬
‫وابنتها‪ ،‬وأم عبيس‪ ،‬وذكر أنه مر بالنهدية ومولتا تعذبا‪ ،‬تقول وال ل أعتقك حت‬
‫تعتقك حياتك‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬أجل يا أم فلن‪ ،‬قالت‪ :‬فاعتقها إذا فإنا على دينك‪ ،‬قال‬
‫أبو بكر فبكائن? قالت‪ :‬بكذا وكذا‪ ،‬فقال‪ :‬قد أخذتا وأعتقتها‪ ،‬ردي عليها طحينها‪،‬‬
‫قالت‪ :‬دعن أطحنه لا‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه قال‪ :‬ذهب بصر الزبية‪ ،‬وكانت من تعذب ف ال‬
‫عز وجل على السلم‪ ،‬فتأب إل السلم‪ ،‬فقال الشركون‪ :‬ما أصاب بصرها إل اللت‬
‫والعزى‪ ،‬فقالت‪ :‬كذا?! وال ما هو كذلك‪ ،‬فرد ال علها بصرها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن أبو عبد ال عن أب عتيق عن عامر بن عبد‬
‫ال بن الزبي قال‪ :‬لا جعل أبو بكر يعتق أولئك الضعفاء بكة قال له قحافة‪ :‬أي بن لو‬
‫أنك إذا أعتقت أعتقت رجالً جلدا ينعونك ويقومون معك‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أبه إنا أريد ما‬
‫أريد ل عز وجل قال‪ :‬فيحدث أن هذه اليات نزلن ف أب بكر‪ :‬فأما من أعطى واتقى‪،‬‬
‫وصدق بالسن‪ ،‬فسنيسره لليسرى إل آخر السورة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فحدثن رجال من آل عمار بن ياسر أن سية أم‬
‫عمار عذبا هذا الي من بن الغية بن عبد ال بن مزوم على السلم وهي تأب غيه‬
‫حت قتلوها‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم ير بعمار وبأمه وهم يعذبون بالبطح‬
‫ف رمضاء مكة‪ ،‬فيقول‪ :‬صبا آل ياسر موعدكم النة‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫‪159‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ : :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬وكان ياسر عبدا لبن بكر من بن الشجع بن‬
‫ليث فاشتروه منهم‪ ،‬فزوجوه سية أم عمار‪ ،‬فولدت عمار‪ ،‬وكانت سية أمة لم‪ ،‬فأعتقوا‬
‫سية‪ ،‬وعمارا‪ ،‬وياسرا‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد ال بن عون عن ممد بن سيين قال‪ :‬مر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بعمار بن ياسر وهو يبكي بذلك عينيه فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫مالك‪ ،‬أخذك الكفار‪ ،‬فغطوك ف الاء‪ ،‬فقلت كذا‪ ،‬وكذا‪ ،‬فإن عادوا لك فقل كما قلت‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن حكيم بن جبي عن سعيد بن جبي قال‪:‬‬
‫قلت لبن عباس‪ :‬يا أبا عباس أكان الشركون يبلغون من السلمي ف العذاب ما يعذرون‬
‫به ف ترك دينهم? فقال ‪ :‬نعم وال إن كانوا ليضربون أحدهم وييعونه ويعطشونه حت ما‬
‫يقدر على أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي به حت أنه ليعطيهم ما سألوه من الفتنة‬
‫وحت يقولوا‪ :‬أاللت والعزى إلك من دون ال? فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬وحت أن العل ليمر بم‬
‫فيقولون أهذا العل إلك من دون ال? فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬إفتداء منهم لا يبلغون من جهده‪.‬‬
‫نا يونس عن العيزار بن حريث قال‪ :‬مر خالد بن الوليد على اللت والعزى فقال‪:‬‬
‫كفرانك ل سبحـانـك‬

‫إن رأيت ال قد أهانك‬


‫ث مضى‪.‬‬
‫نا يونس عن حبيب بن حسان السدي عن مسلم بن صبيح قال‪ :‬قال أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنا قد كثرنا‪ ،‬فلو أمرت كل عشرة منا فأتوا رجلً من صناديد‬
‫قريش ليلً وأخذوه فقتلوه‪ ،‬فتصبح البلد لنا? فسر النب صلى ال عليه وسلم بذلك حت‬
‫رؤي ف وجهه‪ ،‬فقام عثمان بن عفان فقال‪ :‬يا رسول ال أبناءنا‪ ،‬آباءنا‪ ،‬إخواننا‪ ،‬فما زال‬
‫عثمان يردد ذلك حت سلم رسول ال صلى ال عليه وسلم قولم الول ورؤي ف وجهه‪،‬‬
‫حت رفض ذلك‪ ،‬وأخذنا الشركون حي أمسينا فما من أحد من أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ال قد أعطى الفتنة غي بلل فإنه قال‪ :‬الحد الحد‪.‬‬

‫‪160‬‬ ‫‪160‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال حدثن صال بن كيسان عن بعض آل سعد عن‬
‫سعد بن أب وقاص قال‪ :‬كنا قوما يصيبنا صلف العيش بكة مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وشدته‪ ،‬فلما أصابنا البلء اعترافنا لذلك‪ ،‬وصبنا له‪ ،‬وكان مصعب بن عمي أنعم‬
‫إلم بكة‪ ،‬وأجوده حلة مع أبويه‪ ،‬ث لقد رأيته جهد ف السلم جهدا شديدا حت لقد‬
‫رأيت جلده يتحشف تشف جلد الية عنها حت أن كنا لنعرضه على قسينا فنحمله ما‬
‫به من الهد‪ ،‬وما يقصر عن شيء بلغناه‪ ،‬ث أكرمه ال عز وجل بالشهادة يوم أحد‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن زياد عن ممد بن كعب القرظي‬
‫قال‪ :‬حدثن من سع علي بن أب طالب رضي ال عنه يقول‪ :‬إنا للوس مع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ف السجد إذ طلع علينا مصعب بن عمي ما عليه إل بردة له مرقوعة‬
‫بفرو‪ ،‬قال‪ :‬فلما رآه رسول ال صلى ال عليه وسلم بكى للذي كان فيه من النعمة وما‬
‫لو هو فيه اليوم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كيف بك إذا غدا أحدكم ف‬
‫حلة وراح ف حلة‪ ،‬ووضعت بي يديه صحفة ورفعت أخرى‪ ،‬وسترقم جدر بيوتكم كما‬
‫تستر الكعبة‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال نن يومئذ خي منا اليوم نتفرغ للعبادة ونكفى الؤنة?‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنتم اليوم خي منكم يومئذ‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن صال بن كيسان عن بعض آل سعد عن‬
‫سعد بن أب وقاص قال‪ :‬لقد رأيتن مع رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة فخرجت من‬
‫الليل أبول فإذا أنا أسع قعقعة شيء تت بول فنظرت فإذا قطعه جلد بعي فأخذتا‬
‫فغسلتها ث أحرقتها فرضضتها بي حجرين ث استففتها‪ ،‬فشربت عليها من الاء‪ ،‬فقويت‬
‫عليها ثلثا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن زياد عن ممد بن كعب القرظي‬
‫قال‪ :‬حدثن من سع علي بن أب طالب رضي ال عنه يقول‪ :‬خرجت ف يوم شات من‬
‫بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم ولقد أخذت إهابا معطوفا فخويت وسطه فأدخلته‬
‫ف عنقي‪ ،‬وشددت وسطي وحزمته بوص النخل‪ ،‬وإن لشديد الوع فلو كان ف بيت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم طعام لطعمت منه‪ ،‬فخرجب ألتمس شيئا‪ ،‬فمررت‬
‫بيهودي ف مال له وهو يستقي ببكرة له‪ ،‬فاطلعت عليه من ثلمة ف الائط فقال‪ :‬مالك يا‬

‫‪161‬‬ ‫‪161‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عرب‪ ،‬هل لك ف كل دلو بتمرة? فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فافتح حت أدخل‪ ،‬ففتح فدخلت فأعطان‬
‫دلوه فلما نزعت دلوا أعطان ترة‪ ،‬حت إذا انتلت كفي أرسلت الدلو وقلت‪ :‬حسب‪،‬‬
‫فأكلتها‪ ،‬ث نزعت ف الاء فشربت‪ ،‬ث جئت السجد فوجدت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬كان ضجاع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أدما حشوه ليف‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق عن الزهري عن عبيد ال بن أب ثور عن عمر بن‬
‫الطاب رضي ال عنه قال‪ :‬دخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو مضطجع‬
‫على خصفة وإن بعضه لفي التراب‪ ،‬متوسدا وسادة أدم مشوة ليفا‪ ،‬فوق رأسه إهاب‬
‫معطون معلق ف سقف العلية‪ ،‬وف زاوية شيء من قرط‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر الدن عن سعيد القبي قال‪ :‬كان لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حصي يفرشه بالنهار حت إذا كان الليل احتجره ف السجد فصلى فيه‪.‬‬
‫نا يونس عن السعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال قال‪:‬‬
‫اضطجع رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات يوم على حصي فقام وقد أثر بلده‪ ،‬فل‬
‫استيقظ جعلت أمسح عنه وأقول‪ :‬أل آذنتنا حت نبسط لك على الصي شيئا يقيك منه‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وما أنا والدنيا‪ ،‬ما أنا والدنيا‪ ،‬إل كراكب استظل‬
‫تت شجرة ث راح وتركها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن عبد اللك بن أب سفيان الثقفي قال‪ :‬قدم‬
‫رجل من إراش بإبل له مكة‪ ،‬فابتاعها منه أبو جهل بن هشام فمطله بأثانا‪ ،‬وأقبل‬
‫الراشي حت وقف على نادي قريش ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس ف ناحية‬
‫السجد فقال‪ :‬يا معشر قريش من رجل يؤدين على أب الكم بن هشام فإن غريب ابن‬
‫سبيل‪ ،‬وقد غلبن على حقي‪ ،‬وأنا غريب ابن سبيل? فقال أهل الجلس‪ :‬ترى ذلك الرجل‬
‫‪ -‬وهم يهزؤون به‪ ،‬إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لا يعلمون بينه وبي أب جهل‬
‫من العداوة ‪ -‬إذهب إليه فهو يؤديك عليه‪ ،‬فأقبل الراشي حت وقف على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا عبد ال إن أبا الكم بن هشام قد غلبن على حق ل قبله‪،‬‬

‫‪162‬‬ ‫‪162‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأنا غريب إبن سبيل‪ ،‬وقد سألت هؤلء القوم عن رجل يؤدين عليه‪ ،‬يأخذ ل حقي منه‬
‫فأشاروا ل إليك‪ ،‬فخذ ل حقي منه‪ ،‬رحك ال؛ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫إنطلق إليه‪ ،‬وقام معه‪ ،‬فلما رأوه قام معه قالوا لرجل من معهم‪ :‬إتبعه فانظر ماذا يصنع‪،‬‬
‫فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم حت جاءه‪ ،‬فضرب عليه بابه‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا?‬
‫فقال‪ :‬ممد فاخرج إل‪ ،‬فخرج إليه وما ف وجهه رائحة‪ ،‬قد امتقع لونه‪ ،‬فقال له‪ :‬أعط‬
‫هذا الرجل حقه‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ل يبح حت أعطيه الذي له‪ ،‬فدخل‪ ،‬فخرج إليه بقه فدفعه‬
‫إليه‪ ،‬ث انصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال للراشي‪ :‬الق بشأنك فأقبل‬
‫الراشي حت وقف على ذلك الجلس فقال‪ :‬جزاه ال خيا فقد أخذ الذي ل‪ ،‬وجاء‬
‫الرجل الذي بعثوا معه‪ ،‬فقالوا له‪ :‬ويك ماذا رأيت? فقال‪ :‬عجبا من العجب‪ ،‬وال إل‬
‫أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه فقال‪ :‬أعط هذا الرجل حقه‪ ،‬قال‪ :‬نعم ل يبح‬
‫حت أخرج إليه حقه‪ ،‬فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه إياه؛ ث ل يلبث أن جاء أبو جهل‬
‫فقالوا له‪ :‬ويلك مالك فو ال ما رأينا مثل ما صنعت?? قال‪ :‬ويكم وال ما هو إل أن‬
‫ضرب على باب وسعت صوته فملئت رعبا ث خرجت إليه وإن فوق رأسي لفحل من‬
‫البل ما رأيت مثل هامته ول قصرته ول أنيايه لفحل قط‪ ،‬وال لو أبيت لكلن‪.‬‬
‫???حديث النب حيث خاصمه الشركون‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن شيخ من أهل مكة قدي منذ بضع وأربعي‬
‫سنة عن عكرمة عن ابن عباس أن عتبة وشيبة إبن ربيعة‪ ،‬وأبا سفيان بن حرب‪ ،‬والنضر‬
‫بن الارث أخا بن عبد الدار‪ ،‬وأبا البختري أخا بن أسد‪ ،‬والسود بن الطلب بن أسد‪،‬‬
‫وزمعة بن السود والوليد بن الغية‪ ،‬وأبا جهل بن هشام‪ ،‬وعبد ال بن أمية‪ ،‬وأمية بن‬
‫خلف‪ ،‬والعاصي ابن وائل‪ ،‬ونبيه ومنبه ابن الجاج السهميي اجتمعوا‪ ،‬أو من اجتمع‬
‫منهم بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض‪ :‬ابعثوا إل ممد وكلموه‬
‫وخاصموه حت تعذروا فيه‪ ،‬فبعثوا إليه‪ :‬إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك‪،‬‬
‫فجاءهم رسول ال صلى ال عليه وسلم سريعا وهو يظن أن قد بدا لم ف أمره بداء‪،‬‬
‫وكان عليهم حريصا يب رشدهم ويعز عليه عنتهم‪ ،‬حت جلس إليهم فقالوا له‪ :‬يا ممد‬
‫إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك‪ ،‬وإنا وال ما نعلم رجلً من العرب أدخل على قومه ما‬

‫‪163‬‬ ‫‪163‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أدخلت على قومك‪ ،‬ولقد شتمت الباء‪ ،‬وعبت الدين‪ ،‬وسفهت الحلم وشتمت اللة‪،‬‬
‫وفرقت الماعة‪ ،‬فما بقي أمر قبيح إل جئته فيما بيننا وبينك‪ ،‬فإن كنت إنا جئت بذا‬
‫الديث تطلب به مالً جعنا لك من أموالنا حت تكون أكثرنا مالً‪ ،‬وإن كنت إنا تطلب‬
‫به الشرف فينا سودناك علينا‪ ،‬وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان هذا الذي‬
‫يأتيك با يأتيك به رئى تراه قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الن رئى‪ ،‬فربا‬
‫كان ذلك بذلنا أموالنا ف طلب الطب لك حت نبئك منه‪ ،‬أو نعذر فيك‪ ،‬فقال لم‬
‫رسول صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما أدري ما تقولون ما جئتكم با جئتكم به لطلب أموالكم‪،‬‬
‫ول الشرف فيكم‪ ،‬ول اللك عليكم‪ ،‬ولكن ال بعثن إليكم رسولً وأنزل علي كتابا‪،‬‬
‫وأمرن أن أكون لكم بشيا ونذيرا فبلغتكم رسالة رب‪ ،‬ونصحت لكم فإن تقبلوا من ما‬
‫جئتكم به فهو حظكم ف الدنيا والخرة‪ ،‬وإن تردوا علي أصب لمر ال حت يكم ال‬
‫بين وبينكم‪ ،‬أو كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬يا ممد فإن كنت غي قابل منا ما عرضنا عليك فإنك قد علمت أنه ليس أحد من‬
‫الناس أضيق بلدا ول أقل ماء‪ ،‬ول أشد عيشا منا‪ ،‬فسل لنا ربك الذي بعثك با بعثك به‬
‫فليسي عنا هذه البال الت قد ضيقت علينا‪ ،‬وليبسط لنا بلدنا‪ ،‬وليجري فيها أنارا‬
‫كأنار الشام والعراق‪ ،‬وليبعث لنا من مضى من آبائنا‪ ،‬وليكن فيمن يبعث لنا فيهم قصي‬
‫بن كلب فإنه كان شيخا صدوقا‪ ،‬نسلهم عما تقول أحق هو أم باطل‪ ،‬فإن صنعت لنا‬
‫ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منلتك من ال‪ ،‬وأنه بعثك رسولً كما تقول‪،‬‬
‫فقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما بذا بعثت إنا جئتكم من ال با بعثن به‪،‬‬
‫وقد بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوا من فهو حظكم من الدنيا والخرة وإن تردوه علي‬
‫أصب لمر ال حت يكم ال بين وبينكم‪.‬‬
‫فقالوا فإن ل تفعل لنا هذا فخذ لنفسك‪ ،‬فسل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك با‬
‫تقول ويراجعنا عنك وسله فليجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة يغنيك با‬
‫عما نراك تبتغي‪ ،‬فإنك تقوم بالسواق وتلتمس العاش كما نلتمسه‪ ،‬وحت نعرف فضلك‬
‫ومنلتك من ربك إن كنت رسولً كما تزعم‪ ،‬فقال لم رسول صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما‬
‫أنا بفاعل‪ ،‬وما أنا بالذي يسل ربه هذا ول بعثت إليكم بذا‪ ،‬ولكن ال بعثن بشيا‬

‫‪164‬‬ ‫‪164‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ونذيرا‪ ،‬فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم ف الدنيا والخرة‪ ،‬وإن تردوه علي أصب‬
‫لمر ال حت يكم ال بين وببينكم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا ل نؤمن لك إل أن تفعل‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ذلك إليه إن شاء فعل ذلك بكم؛ قالوا‪ :‬يا ممد‬
‫فاعلم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب‪ ،‬فيتقدم‬
‫إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويبك ما هو صانع ف ذلك بنا إذا ل نقبل منك ما جئتنا به‪،‬‬
‫فقد بلغنا أنه إنا يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحن‪ ،‬وإنا وال ل نؤمن بالرحن‬
‫أبدا فقد أعذرنا إليك يا ممد‪ ،‬وإنا وال ل نتركك وما بلغت منا حت تلك أو تلكنا‪،‬‬
‫وقال قائلهم‪ :‬نن نعبد اللئكة وهن بنات ال‪ ،‬وقال قائلهم‪ :‬لن نؤمن لك حت تأتينا بال‬
‫واللئكة قبيلً‪ ،‬فلما قالوا له ذلك قام رسول ال صلى ال عليه وسلم عنهم‪ ،‬وقام معه‬
‫عبد ال بن أب أمية بن الغية بن عبد ال بن عمر بن مزوم‪ ،‬وهو ابن عمته‪ ،‬ابن عاتكة‬
‫بنت عبد الطلب‪ ،‬فقال له‪ :‬يا ممد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ث‬
‫سألوك لنفسهم أمورا ليعرفوا با منلتك من ال فلم تفعل‪ ،‬ث أن تعجل لم بعض ما‬
‫توفهم به من العذاب‪ ،‬فو ال ل أومن بك أبدا حت تتخذ إل السماء سلما ث ترقى فيه‬
‫وأنا أنظر حت تأتيها‪ ،‬ث تأت معك بصك منشور ومعك أربعة من اللئكة يشهدون أنك‬
‫كما تقول‪ ،‬وإي ال أن أن لو فعلت ذلك ما ظننت أن أصدقك‪ ،‬ث انصرف عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وانصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أهله حزينا آسفا‬
‫لا فاته ما كان فيه يطمع من قومه حي دعوه‪ ،‬ولا رأى من مباعدتم إياه فلما قام عنهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال أبو جهل‪ :‬يا معشر قريش إن ممدا قد أب إل ما‬
‫ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلمنا‪ ،‬وسب آلتنا‪ ،‬وإن أعاهد ال لجلس له‬
‫غدا بجر ما أطيق حله‪ ،‬فإذا سجد ف صلته فضخت به رأسه‪ ،‬فأسلمون عند ذلك‬
‫وامنعون فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لم ث جلس لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ينتظره‪ ،‬وغدا رسول ال صلى ال عليه وسلم كما كان يغدوا‪ ،‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بكة وقبلته إل الشام وكان إذا صلى صلى بي الركني السود‬
‫واليمان‪ ،‬وجعل الكعبة بينه وبي الشام‪ ،‬فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي وقد‬

‫‪165‬‬ ‫‪165‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫غدت قريش فجلسوا ف أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل‪ ،‬فلما سجد رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم احتمل الجر‪ ،‬ث أقبل نوه‪ ،‬حت إذا دنا منه رجع متهيبا منتفعا قد تغي‬
‫لونه مرعوبا قد يبست يده على حجره حت قذف الجر من يده‪ ،‬وقامت إليه رجال‬
‫قريش فقالوا‪ :‬ما لك يا أبا الكم? فقال‪ :‬قمت إليه لفعل ما قلت لكم البارحة‪ ،‬ولا‬
‫دنوت منه عرض ل دونه فحل من البل وال ما رأيت مثل هامته ول قصرته ول أنيابه‬
‫لفحل قط‪ ،‬فهم بأن يأكلن‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فذكر ل أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫ذلك جبيل لو دنا لخذه‪.‬‬
‫نا يونس قال‪ :‬ث رجع الديث إل الول قال‪ :‬فلما قال له ذلك أبو جهل قام النضر بن‬
‫الارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فقال‪ :‬يا معشر قريش‬
‫إنه وال قد نزل بكم أمر ما اشلتم له نبله بعد‪ ،‬لقد كان ممد فيكم إلما حدثا‪ ،‬أرضاكم‬
‫فيكم‪ ،‬وأصدقكم حديثا‪ ،‬وأعظمكم أمانة حت إذا رأيتم ف صدغيه الشيب وجاءكم با‬
‫جاءكم قلتم‪ ،‬ساحر‪ ،‬ول وال ما هو بساحر‪ ،‬قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم‪ ،‬وقلتم‪:‬‬
‫كاهن‪ ،‬ول وال ما هو بكاهن‪ ،‬وقد رأينا الكهنة وحالم وسعنا سجعهم‪ ،‬وقلتم‪ :‬شاعر‪،‬‬
‫ول وال ما هو بشاعر ولقد روينا الشعر وأصنافه كلها هزجه ورجزه وقريضه‪ ،‬وقلتم‪:‬‬
‫منون‪ ،‬ول وال ما هو بجنون‪ ،‬ولقد رأينا النون فما هو بنقه ول وسوسته ول تليطه‪،‬‬
‫يا معشر قريش انظروا ف شأنكم‪ ،‬فإنه وال قد نزل بكم أمر عظيم‪.‬‬
‫وكان النضر من شياطي قريش‪ ،‬ومن كان يؤذي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وينصب له العداوة‪ ،‬وكان قد قدم الية وتعلم با أحاديث ملوك فارس‪ ،‬وأحاديث رستم‬
‫وأسفندباذ وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا جلس ملسا يذكر فيه بال ويذر‬
‫قومه ما أصاب من قبلهم من المم من نقمة ال‪ ،‬خلفه ف ملسه إذا قام‪ ،‬ث يقول‪ :‬أنا‬
‫وال يا معشر قريش أحسن حديثا منه‪ ،‬فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه‪ ،‬ث يدثهم‬
‫عن ملوك فارس ورستم وأسفندباذ‪ ،‬ث يقول‪ :‬باذا ممد أحسن حديثا من‪.‬‬

‫‪166‬‬ ‫‪166‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن رجل من أهل مكة عن سعيد ابن جبي عن‬
‫ابن عباس قال‪ :‬أنزل ال ف النضر ثان آيات‪ ،‬قول ال تعال‪ :‬إذا تتلى عليه آياتنا قال‬
‫أساطي الولي وكل ما ذكر فيه الساطي من القرآن‪.‬‬
‫فلما قال النضر ذلك بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أب معيط إل أحبار يهود بالدينة فقالوا‬
‫لما‪ :‬سلوهم عن ممد‪ ،‬وصفوا لم صفته‪ ،‬وأخبوهم بقوله‪ ،‬فإنم أهل الكتاب الول‪،‬‬
‫وعندهم علم ما ليس عندنا من علم النبياء‪ ،‬فخرجا حت قدما الدينة فسأل أحبار يهود‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ووصفوا لم أمره‪ ،‬وأخبوهم ببعض قوله‪ ،‬وقالوا‬
‫لم‪ :‬إنكم أهل التوراة فقد جئناكم لتخبونا عن صاحبنا هذا‪ ،‬فقالت لم أحبار يهود‪:‬‬
‫سلوه عن ثلث يأمركم بن فإن أخبكم بن فهو نب مرسل‪ ،‬وإن ل يفعل فالرجل‬
‫متقول‪ ،‬فروا فيه رأيكم‪ ،‬سلوه عن فتية ذهبوا ف الدهر الول ما كان من أمرهم‪ ،‬فإنه‬
‫كان لم حديث عجب‪ ،‬وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الرض ومغاربا ما كان‬
‫بناؤه‪ ،‬وسلوه عن الروح ما هو‪ ،‬فإن أخبكم بذلك فهو نب فاتبعوه‪ ،‬وإن ل يبكم فهو‬
‫رجل متقول فاصنعوا ف أمره ما بدا لكم‪.‬‬
‫فأقبل النضر وعقبة حت قدما مكة على قريش فقال‪ :‬يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما‬
‫بينكم وبي ممد‪ ،‬قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور‪ ،‬فأخبوهم با‪ ،‬فجاءوا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فقالوا‪ :‬يا ممد أخبنا‪ ،‬فسألوه عما أمروهم به فقال لم رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أخبكم عما سألتم عنه غدا‪ ،‬ول يستثن فانصرفوا عنه‪ ،‬فمكث‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم خس عشرة ليلة ل يدث ال تعال إليه ف ذلك وحيا‪،‬‬
‫ول يأتيه جبيل عليه السلم حت أرجف أهل مكة وقالوا‪ :‬وعدنا ممد غدا واليوم خس‬
‫عشرة وقد أصبحنا فيها ل يبنا بشئ ما سألناه عنه‪ ،‬حت حزن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم مكث الوحي عنه‪ ،‬وشق عليه ما تكلم به أهل مكة‪ ،‬ث جاءه جبيل من ال بسورة‬
‫أصحاب الكهف‪ ،‬فيها معاتبته إياه على حزنه وخب ما سألوه عنه من أمر الفتية‪ ،‬والرجل‬
‫الطواف‪ ،‬يقول ال تعال‪ :‬ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر رب وما أوتيتم من‬
‫العلم إل قليل‪.‬‬

‫‪167‬‬ ‫‪167‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فبلغن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم افتتح‬
‫السورة فقال‪ :‬المد ال الذي أنزل على عبده الكتاب يعن ممدا إنك رسول من‪ ،‬تقيقا‬
‫لا سألوه عنه من نبوته ول يعل له عوجا‪ ،‬قيما أي معتد ًل ل اختلف فيه لينذر بأسا‬
‫شديدا من لدنه قال‪ :‬عاجل عقوبة ف الدنيا‪ ،‬وعذابه ف الخرة من عند ربك الذي بعثك‬
‫رسولً‪.‬‬
‫باب أحاديث الحباروأهل الكتاب بصفة النب‬
‫نا يونس عن العمش عن إبراهيم عن عبد ال قال كنت مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فهو يشي ف حرث ومعه عسيب يتوكأ عليه فمر على ناس من اليهود فقال‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬سلوه عن الروح‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ل يسلوه‪ ،‬فقام إليه بعضهم فقال‪ :‬أخبنا‬
‫يا ممد عن الروح ما هو? فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم ساكتا ل يتكلم‪ ،‬فعرفت‬
‫أنه يوحى إليه‪ ،‬وكنت وراءه فتأخرت‪ ،‬ث تكلم رسول ال فقال‪ :‬ويسألونك عن الروح‬
‫قل الروح من أمر رب إل قوله قليلً فقالوا‪ :‬أليس قد نيناكم أن تسألوه?!‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن رجل بكة عن سعيد بن جبي عن ابن‬
‫عباس أن أحبار يهود قالوا لرسول ال صلى ال عليه وسلم بالدينة‪ :‬يا ممد أرأيت قولك‬
‫وما أوتيتم من العلم إل قليلً إيانا تريد أم قومك? فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫كل‪ ،‬فقالوا‪ :‬ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء? فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنا ف علم ال قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه‪،‬‬
‫فأنزل ال عز وجل فيما سألوه عنه من ذلك‪ :‬ولو أن ما ف الرض من شجرة أقلم إل‬
‫قوله‪ :‬ما نفدت كلمات ال إن أرى التوراة ف علم ال قليل‪.‬‬
‫نا يونس عن بسام مول علي بن أب الطفيل قال‪ :‬قام علي بن أب طالب على النب فقال‪:‬‬
‫سلون قبل أل تسألون ولن تسألوا بعدي مثلي؛ فقام ابن الكواء فقال‪ :‬يا أمي الؤمني ما‬
‫ذو القرني‪ ،‬أنب أو ملك? فقال‪ :‬ليس بلك ول نب ولكن كان عبدا صالا أحب ال‬
‫فأحبه وناصح ال بنصحه فضرب على قرنه الين فمات ث بعثه‪ ،‬ث ضرب على قرنه‬
‫اليسر فمات وفيكم مثله‪.‬‬

‫‪168‬‬ ‫‪168‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن عمرو بن ثابت عن ساك بن حرب عن رجل من بن أسد قال‪ :‬سأل رجل‬
‫عليا‪ :‬أرأيت ذا القرني كيف استطاع أن يبلغ الشرق والغرب? فقال‪ :‬سخر له السحاب‬
‫ومد له ف السباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فلما جاءهم رسول ال صلى ال عليه وسلم با‬
‫عرفوا من الق وعرفوا صدقه فيما حدث وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب‬
‫حي سألوه عما سألوه عنه‪ ،‬فحال السد منهم له بينهم وبي أتباعه وتصديقه‪ ،‬فعتوا على‬
‫ال وتركوا أمره عيانا‪ ،‬ولوا فيما هم عليه من الكفر فقال قائلهم‪ :‬ل تسمعوا لذا القرآن‬
‫وألغوا فيه لعلكم تغلبون‪ ،‬أي اجعلوه لعبا وباطلً‪ ،‬واتذوه هزوا‪ ،‬أي لعلكم تغلبون‪،‬‬
‫تغلبوه بذلك‪ ،‬فإنكم إن وافقتموه وناصفتموه غلبكم‪ ،‬فلما ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا‬
‫جهر رسول ال صلى ال عليه وسلم بالقرآن وهو يصلي يتفرقون عنه ويأبون أن يسمعوا‬
‫له‪ ،‬وكان الرجل منهم إذا أراد أن يسمع من رسول ال صلى ال عليه وسلم بعض ما يتلو‬
‫من القرآن وهو يصلي استتر واستمع دونم‪ ،‬فرقا منهم‪ ،‬فإن رأى أنم عرفوا أنه يستمع‬
‫ذهب خشية أذاهم ول يستمع‪ ،‬وإن خفض رسول ال صلى ال عليه وسلم صوته فظن‬
‫الذين يستمعون أنم ل يسمعوا من قراءته شيئا وسع هو دونم أشاح له ليستمع منه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن داود بن السي عن عكرمة عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا عنه وأبوا‬
‫أن يستمعوا منه‪ ،‬وكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بعض ما يتلو وهو يصلي يسترق السمع دونم فرقا منهم‪ ،‬فإن رأى أنم قد عرفوا أنه‬
‫يستمع ذهب خشية أذا هم ول يستمع‪ ،‬وإن خفض رسول ال صلى ال عليه وسلم صوته‬
‫فظن الذي يستمع أنم ل يسمعوا شيئا من قراءته وسع من دونم أشاح له يستمع‪ ،‬فأنزل‬
‫ال تعال‪ :‬ول تهر بصلتك فيتفرقوا عنك ول تافت با فل يسمع من أراد أن يستمعها‬
‫من يسترق ذلك دونم لعله يرعوي إل بعض ما يسمع فيقتنع به وابتغى بي ذلك سبيلً‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ول تهر بصلتك ولتافت با قالت‪:‬‬
‫نزلت ف الدعاء‪.‬‬

‫‪169‬‬ ‫‪169‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن رجل عن ماهد ف قول ال تعال‪ :‬فاصدع‬
‫با تؤمر قال‪ :‬أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يهر بالقرآن بكة‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو المدان عن أبيه عن سعد بن عياض اليمان قال‪ ،‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من أقل الناس منطقا‪ ،‬فلما أمر بالقتال شر‪ ،‬فكان من أشد‬
‫الناس بأسا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن زياد مول بن هاشم عن ممد بن‬
‫كعب قال‪ :‬حدثت أن عتبة بن ربيعة كان سيدا حليما قال ذات يوم وهو جالس ف‬
‫نادي قريش ورسول ال صلى ال عليه وسلم جالس وحده ف السجد‪ :‬يا معشر قريش‬
‫أل أقوم إل هذا فأكلمه أمورا لعله أن يقبل بعضها فنعطه أيها شاء ويكف عنا‪ ،‬وذلك‬
‫حي أسلم حزة بن عبد الطلب‪ ،‬ورأوا أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يزيدون‬
‫ويكثرون? فقالوا‪ :‬بلى يا أبا الوليد فقم فكلمه‪ ،‬فقام عتبة حت جلس إل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة ف العشية والكان‬
‫ف النسب‪ ،‬وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جاعتهم وسفهت به أحلمهم‬
‫وعبت به آلتهم ودينهم‪ ،‬وكفرت من مضى من آبائهم فاسع من أعرض عليك أمورا‬
‫تنظر فيها لعلك أن تقبل منها بعضها‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل يا أبا‬
‫الوليد أسع‪ ،‬فقال يا بن أخي إن كنت إنا تريد با جئت من هذا القول مالً جعنا من‬
‫أموالنا حت تكون أكثرنا مالً‪ ،‬وإن كنت إنا تريد شرفا شرفناك علينا حت ل نقطع أمرا‬
‫دونك‪ ،‬وإن كنت تريد ملكا ملكناك‪ ،‬وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه ول تستطيع‬
‫أن ترده عن نفسك طلبنا لك الطب‪ ،‬وبذلنا فيه أموالنا حت نبئك منه فإنه ربا غلب‬
‫التابع على الرجل حت يداوى منه‪ ،‬ولعل هذا الذي تأت به شعر جاش به صدرك‪ ،‬فإنكم‬
‫لعمري يا بن عبد الطلب تقدرون منه على ما ل يقدر عليه أحد‪ ،‬حت إذا فرغ عتبة‬
‫ورسول ال صلى ال عليه وسلم يستمع منه قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أفرغت‬
‫يا أبا الوليد? قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فاستمع من‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬بسم ال الرحن الرحيم حم‪ .‬تنيل من الرحن الرحيم‪ .‬كتاب فصلت آياته قرآنا‬
‫عربيا فمضى رسول ال صلى ال عليه وسلم يقرأها عليه‪ ،‬فلما سعها عتبة أنصت له‪،‬‬

‫‪170‬‬ ‫‪170‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وألقى بيده خلف ظهره معتمدا عليها يستمع منه حت انتهى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إل السجدة فسجد فيها‪ ،‬ث قال‪ :‬قد سعت يا أبا الوليد ما سعت فأنت وذاك‪ ،‬فقام‬
‫عتبة إل أصحابه‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬نلف بال لقد جاءكم أبو الوليد بغي الوجه الذي‬
‫ذهب به‪ ،‬فلما جلس إليهم قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد? فقال‪ :‬ورائي‪ ،‬إن وال قد‬
‫سعت قولً ما سعت بثله قط‪ ،‬وال ما هو بالشعر ول بالسحر ول الكهانة‪ ،‬يا معشر‬
‫قريش أطيعون واجعلوها ب‪ ،‬خلوا بي هذا الرجل وبي ما هو فيه واعتزلوه‪ ،‬فو ال‬
‫ليكونن لقوله الذي سعت نبأ‪ ،‬فإن تصيبه العرب فقد كفيتموه بغيكم‪ ،‬وإن يظهر على‬
‫العرب فملكه ملككم وعزه عزكم‪ ،‬وكنتم أسعد الناس به‪ ،‬قالوا‪ :‬سحرك وال يا أبا‬
‫الوليد بلسانه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا رأي لكم فاصنعوا ما بدا لكم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن بن إسحق قال‪ :‬ث إن السلم جعل يفشو بكة حت كثر ف الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬وقريش تبس من قدرت على حبسه‪ ،‬وتفت من استطاعت فتنته من الناس‪ ،‬فقال‬
‫أبو طالب يدح عتبة بن ربيعة حي رد على أب جهل‪ ،‬فقال‪ :‬ما تنكر أن يكون ممد‬
‫نبيا?!‬
‫عجبت لـحـلـم يا ابـن شـيبة‬

‫وأحلم أقوام لـديك سـخـاف‬


‫يقولون شايع من أراد مـمـد‬

‫بسوء وقم ف أمره بـخـلف‬


‫فل تركب الدهر من ظـلمة‬

‫وأنت امرؤ من خي عبد مناف‬


‫ول تتركنه ما حييت لطـمـع‬

‫وكن رجلً ذا ندة وعـفـاف‬

‫‪171‬‬ ‫‪171‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫تدور العدى عن دورة هاشـية‬

‫أل فهم ف النـاس خـي آلف‬


‫فإن لـه قـربـا لـديك قـريبة‬

‫وليس بذي حلف ول بضـاف‬


‫ولكن من هاشم ف صميمـهـا‬

‫إل أبر فوق البحور صواف‬


‫وزاحم جيع الناس فيه وكن له‬

‫ظهيا على العداء غي ماف‬


‫فإن غضبت فيه قريش فقل لم‬

‫‪:‬بن عمنا ما قومكم بضعـاف‬


‫فما بالكم تغشون منـا ظـلمة‬

‫وما بال أحلم هناك خـفـاف‬


‫وما قومنا بالقوم يغشون ظلمنـا‬

‫وما نن فيما ساءهم بـفـاف‬


‫ولكنا أهل الفـاظ والـنـهـى‬

‫وعز ببطحاء الطـيم مـواف‬

‫‪172‬‬ ‫‪172‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن إبن إسحق قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬يا معشر‬
‫قريش اتبعون وأطيعوا أمري فإنه الدى ودين الق يعززكم وينعكم من الناس ويددكم‬
‫بأموال وبني فقالت قريش‪ :‬إن نتبع الدى معك نتخطف من أرضنا‪ ،‬فأنزل ال تعال‪ :‬أو‬
‫ل نكن لم حرما آمنا إل قوله‪ :‬أكثرهم ل يعلمون‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول‪ :‬اللهم أن أدعو قريشا لتملك بتلك برا وبرا‪ ،‬وقد جعلوا طعامي كطعام‬
‫الجلة‪ ،‬يا معشر قريش أطيعون يطأ الناس أعقابكم إل يوم القيامة‪ ،‬قال أبو جهل‪ :‬وال‬
‫لئن بايعناك يا بن أخي ل تبايعك مضر ول ربيعة‪ ،‬قال‪ :‬بلى وال طوعا وكرها‪ ،‬وفارس‬
‫والروم‪.‬‬
‫نا يونس عن ممد بن أب حيد الدين عن ممد بن الكندر قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فقيل له‪ :‬إن قريشا يتواعدونك ليقتلوك‪ ،‬فخرج رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم من باب الصفا حت وقف عندها فأتاه جبيل عليه السلم فقال له يا ممد إن ال‬
‫قد أمر السماء أن تطيعك‪ ،‬والرض أن تطيعك‪ ،‬وأمر البال أن تطيعك‪ ،‬فإن أحببت فمر‬
‫السماء أن تنل عليهم عذابا منها‪ ،‬وإن أحببت فمر الرض أن تسف بم‪ ،‬وإن أحببت‬
‫فمر البال أن تنضم عليهم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أوخر عن أمت لعل ال‬
‫أن يتوب عليهم‪.‬‬
‫نا أحد بن عبد البار قال‪ :‬نا أبو معاوية عن العمش عن أب النهال عن سعيد وعبد ال‬
‫بن الارث عن ابن عباس قال‪ :‬لا أتى موسى قومه فأمرهم بالزكاة جعهم قارون فقال‪:‬‬
‫هذا جاءكم بالصوم والصلة وأشياء تملونا‪ ،‬أفتحتملون أن تعطوه أموالكم? قالوا‪ :‬ما‬
‫نتمل أن نعطيه أموالنا فما ترى? قال‪ :‬أرى أن ترسلوا إليه بغي بن اسرائيل فتأمروها أن‬
‫ترميه بأنه أرادها على نفسها‪ ،‬فرمت موسى على رؤوس الناس بأنه قد أرادها على‬
‫نفسها‪ ،‬فدعا ال عليهم‪ ،‬فأمر ال الرض ان تطيعه‪ ،‬فقال للرض‪ :‬خذيهم فأخذتم إل‬
‫أعقابم فجعلوا يقولون‪ :‬يا موسى يا موسى‪ ،‬فقال‪ :‬خذيهم‪ ،‬فأخذتم إل ركبهم‪ ،‬فجعلوا‬
‫يقولون‪ :‬يا موسى يا موسى‪ ،‬فقال‪ :‬خذيهم‪ ،‬فأخذتم إل حجزهم فجعلوا يقولون‪ :‬يا‬

‫‪173‬‬ ‫‪173‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫موسى يا موسى‪ ،‬فقال‪ :‬خذيهم‪ ،‬فأخذتم فغيبتهم فيها‪ ،‬فأوحى ال إليه أن يا موسى‬
‫سألك عبادي وتضرعوا إليك فلم تبهم‪ ،‬لو إياي دعوا لجبتهم‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن الغية بن شعبة قال‪ :‬إن أول يوم‬
‫عرفت فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬إن أمشي أنا وأبو جهل بن هشام ف بعض‬
‫أزقة مكة إذ لقينا رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وسلم لب جهل‪ :‬يا أبا الكم هلم إل ال وإل رسوله‪ ،‬إن أدعوك إل ال‪ ،‬فقال أبو‬
‫جهل‪ :‬يا ممد هل أنت منته عن سب آلتنا‪ ،‬هل تريد إل أن تشهد أن قد بلغت‪ ،‬فنحن‬
‫نشهد أن قد بلغت‪ ،‬فو ال لو أن أعلم أن ما تقول حقا ما تبعتك‪ ،‬فانصرف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وأقبل علي فقال‪ :‬وال إن لعلم أن ما يقول حق ولكن بن قصي‬
‫قالوا‪ :‬فينا الجابة‪ ،‬فقلنا‪ :‬نعم؛ قالوا‪ :‬فينا الندوة‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم؛ قالوا‪ :‬فينا اللواء‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم؛‬
‫قالوا‪ :‬فينا السقاية‪ :‬قلنا‪ :‬نعم؛ ث أطعموا وأطعمنا حت إذا تاكت الركب قالوا‪ :‬منا نب‬
‫فل وال ل أفعل‪.‬‬
‫نا يونس عن البارك بن فضالة عن السن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬إن‬
‫لكل أمة فرعون‪ ،‬فإن فرعون هذه المة أبو جهل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن حكيم بن حكيم عن عباد بن حنيف عن‬
‫عكرمة عن ابن عباس أنه تل والشجرة اللعونة ف القرآن قال‪ :‬يقول الذمومة نزلت ف أب‬
‫جهل بن هشام‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن ميمون الودي قال‪ :‬نا عبد ال بن‬
‫مسعود قال بينا رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي عند القام‪ ،‬فقال أبو جهل‬
‫لصحابه‪ ،‬وهم جلوس عنده‪ :‬من يذهب فيأتينا بسلي الزور عند بن فلن‪ ،‬فقام غاو‬
‫منهم فجاء به فقيل له‪ :‬إذا رأيت ممدا ساجدا فضعه بي كتفيه‪ ،‬فلما سجد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وضعه بي كتفية‪ ،‬فلم يتحلل حت فرغ من سجوده‪ ،‬وبلغ فاطمة‬
‫فجاءت وهي جارية فأخذته وجعلت تسح عن ظهر رسول ال صلى ال عليه وسلم ث‬
‫أقبلت عليهم تشتمهم واستضحكوا حت صرعوا فلما قضى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم صلته استقبل الكعبة ورفع يديه فدعا عليهم‪ :‬اللهم عليك بعمرو بن هشام‪ ،‬وعتبة‬

‫‪174‬‬ ‫‪174‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بن ربيعة‪ ،‬وشيبة بن ربيعة‪ ،‬والوليد بن عتبة وعمارة بن الوليد‪ ،‬وأمية بن خلف‪ ،‬وعقبة بن‬
‫أب معيط‪ ،‬قال عبد ال بن مسعود‪ :‬وأنا يومئذ إلم غي ذي منعة ف القوم‪ ،‬فو الذي أنزل‬
‫الكتاب على ممد لقد رأيتهم صرعى ف الطوي طوي بدر‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقد قال عمر بن الطاب فيما يزعمون بعد اسلمه‬
‫يذكر ما رأت قريش من العبة فيما كان أبو جهل هم به من رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقائل يقول قالا أبو طالب‪ ،‬فال أعلم بن قالا‪:‬‬
‫أفيقوا بن غالـب وانـتـهـوا‬

‫عن البغي ف بعض ذا النطق‬


‫وإل فـإنــي إذا خـــائف‬

‫بوائق ف داركم تـلـتـقـي‬


‫تكون لـغـابـركـم عـبـرة‬

‫ورب الغارب والـمـشـرق‬


‫كما ذاق من كان من قبـلـكـم‬

‫ثود وعاد فـمـن ذا بـقـي‬


‫غداة أتاهم بـهـا صـرصـرا‬

‫وناقة ذي العرش إذ تستـقـي‬


‫فحل عليهم با سخطة من اللـه‬

‫ف ضــــــربة الزرق‬
‫غداة يعض بعرقوبا حـسـام‬

‫‪175‬‬ ‫‪175‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫من الـهـنـد ذو رونـــق‬


‫وأعجب من ذاك من أمـركـم‬

‫عجائب ف الجر اللـصـق‬


‫بكف الذي قـام مـن حـينـه‬

‫إل الصابر الصادق التـقـي‬


‫فأيبـسـه الـلـه فـي كـفـه‬

‫على رغم ذا الائن الحـق‬


‫أحيمق مزومـكـم إذ غـوى‬

‫بغي الـغـواة ولـم يصـدق‬


‫نا يونس عن البارك بن فضالة عن السن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬أيها‬
‫الناس انظرون وقريشا فإن غلبون فسترون ذاكم‪ ،‬وإن غلبهم ال ل فانتظروا‪ ،‬فكف ناس‬
‫وقالوا‪ :‬صدق إن غلب قريشا فما ذاك إل من ال ليس من هذا فكفوا عن قتاله‪ ،‬وأب‬
‫آخرون فهلكوا‪.‬‬
‫نا يونس عن قيس بن الربيع عن حكيم بن الديلم عن الضحاك بن مزاحم عن عبد ال بن‬
‫عباس ف قوله تعال‪ :‬وأنتم سامدون قال‪ :‬كانوا يرون على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وهو يصلي أل تر إل البعي يكون ف البل فتراه يطر بذنبه شائحا‪.‬‬
‫حديث الجرة الول إل البشة‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فلما اشتد البلء وعظمت الفتنة تواثبوا على‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وكانت الفتنة الخرة الت أخرجت من كان‬
‫هاجر من السلمي بعد الذين كانوا خرجوا قبلهم إل أرض البشة‪.‬‬

‫‪176‬‬ ‫‪176‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن الزهري عن أب بكر بن عبد الرحن بن‬
‫الارث بن هشام عن أم سلمة زوج النب صلى ال عليه وسلم أنا قالت‪ :‬لا ضاقت علينا‬
‫مكة وأوذي أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلء‬
‫والفتنة ف دينهم وأن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يستطيع دفع ذلك عنهم‪ ،‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ف منعة من قومه وعمه ل يصل إليه شئ ما يكره ما ينال‬
‫أصحابه‪ ،‬فقال لم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن بأرض البشة ملكا ل يظلم أحد‬
‫عنده‪ ،‬فالقوا ببلده حت يعل ال لكم فرجا ومرجا ما أنتم فيه‪ ،‬فخرجنا إليها أرسالً‬
‫حت اجتمعنا با فنلنا بي دار إل خي جار‪ ،‬أمنا على ديننا‪ ،‬ول نش منه ظلما‪.‬‬
‫فلما رأت قريش أن قد أصبنا دارا وأمنا أجعوا على أن يبعثوا إليه فينا ليخرجنا من بلده‬
‫وليدنا عليهم‪ ،‬فبعثوا عمرو بن العاصي‪ ،‬وعبد ال بن أب ربيعة‪ ،‬فجمعوا له هدايا‬
‫ولبطارقته‪ ،‬فلم يدعوا منهم رجلً إل هيأوا له هدية على ذي حده‪ ،‬وقالوا لما‪ :‬ادفعا إل‬
‫كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم‪ ،‬ث ادفعوا إليه هداياه‪ ،‬وإن استطعتم أن يردهم‬
‫عليكما قبل أن يكلمهم فافعل‪.‬‬
‫فقدما عليه‪ ،‬فلم يبق بطريق من بطارقته إل قدموا له هديته وكلموه وقالوا له‪ :‬إنا قدمنا‬
‫على هذا اللك ف سفهاء من سفهائنا فارقوا أقوامهم ف دينهم ول يدخلوا ف دينكم‪،‬‬
‫فبعثنا قومهم فيهم ليدهم اللك عليهم‪ ،‬فإذا نن كلمناه فأشيوا عليه بأن يفعل‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫نفعل‪ ،‬ث قدما إل النجاشي هداياه‪ ،‬وكان أحب ما يهدى إليه من مكة الدم‪ ،‬فلما‬
‫أدخلوا عليه هداياه قالوا له‪ :‬أيها اللك إن فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم‪ ،‬ول يدخلوا‬
‫ف دينك‪ ،‬وجاءوا بدين مبتدع ل نعرفه‪ ،‬وقد لأوا إل بلدك‪ ،‬فبعنا إليك فيهم عشائرهم‪:‬‬
‫آباؤهم‪ ،‬وأعمامهم‪ ،‬وقومهم لتردهم عليهم‪ ،‬فهم أعلى بم عينا‪ ،‬فقالت بطارقته‪ :‬صدقوا‬
‫أيها اللك لو رددتم عليهم كانوا هم أعلى بم عينا‪ ،‬فإنم ل يدخلوا ف دينك فتمنعهم‬
‫بذلك‪ ،‬فغضب ث قال‪ :‬ل لعمر ال ل أردهم عليهم حت أدعوهم وأكلمهم وأنظر ما‬
‫أمرهم‪ ،‬قوم لأوا إل بلدي واختاروا جواري على جوار غيي‪ ،‬فإن كانوا كما يقولون‬
‫رددتم عليهم‪ ،‬وإن كانوا على غي ذلك منعتهم ول أخل بينهم وبينهم‪ ،‬ول أنعمهم عينا‪.‬‬

‫‪177‬‬ ‫‪177‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم ول يكن شيء أبغض إل عمرو بن العاصي وعبد ال بن‬
‫أب ربيعة من أن يسمع كلمهم‪ ،‬فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقالوا‪ :‬ماذا‬
‫تقولون? فقالوا‪ :‬وماذا نقول‪ ،‬نقول وال ما نعرف‪ ،‬وما نن عليه من أمر ديننا‪ ،‬وما جاء‬
‫به نبينا كائن ف ذلك ما كان‪ ،‬فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أب‬
‫طالب‪ ،‬فقال له النجاشي‪ :‬ما هذا الدين الذي أنتم عليه‪ ،‬فارقتم دين قومكم‪ ،‬ول تدخلوا‬
‫ف يهودية ول نصرانية‪ ،‬فما هذا الدين? فقال جعفر‪ :‬أيها اللك كنا قوما على الشرك‪:‬‬
‫نعبد الوثان‪ ،‬ونأكل اليتة‪ ،‬ونسيء الوار‪ ،‬ونستحل الحارم بعضنا من بعض ف سفك‬
‫الدماء وغيها‪ ،‬ل نل شيئا ول نرمه‪ ،‬فبعث ال إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه‬
‫وأمانته فدعانا إل أن نعبد ال وحده ل شريك له‪ ،‬ونصل الرحم‪ ،‬ونسن الوار‪ ،‬ونصلي‬
‫ونصوم‪ ،‬ول نعبد غيه‪ ،‬فقال‪ :‬هل معك شيء ما جاء به ‪ -‬وقد دعا أساقفته فأمرهم‬
‫فنشروا الصاحف حوله ‪ ?-‬فقال جعفر‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬هلم فاتل علي ما جاء به‪ ،‬فقرأ عليه‬
‫صدرا من كهيعص فبكا وال النجاشي حت أخضل ليته‪ ،‬وبكت أساقفته حت أخضلوا‬
‫مصاحفهم‪ ،‬ث قال‪ :‬إن هذا الكلم ليخرج من الشكاة الذي جاء با موسى‪ ،‬انطلقوا‬
‫راشدين‪ ،‬ل وال ل أردهم عليكم ول أنعمكم عينا‪ ،‬فخرجا من عنده‪ ،‬وكان أتقى‬
‫الرجلي فينا عبد ال بن أب ربيعة‪ ،‬فقال له عمرو بن العاصي‪ :‬وال لتينه غدا با أستأصل‬
‫به خضراءهم‪ ،‬لخبنه أنم يزعمون أن إله الذي يعبد ‪ -‬عيسى بن مري ‪ -‬عبد‪ ،‬فقال له‬
‫عبد ال بن ربيعة‪ :‬ل تفعل فإنم وإن كانوا خالفونا فإن لم رحا ولم حقا‪ ،‬فقال‪ :‬وال‬
‫لفعلن‪.‬‬
‫فلما كان الغد دخل عليه فقال‪ :‬أيها اللك إنم يقولون ف عيسى قولً عظيما‪ ،‬فأرسل‬
‫إليهم فسلهم عنه‪ ،‬فبعث إليهم‪ ،‬ول ينل بنا مثلها‪ ،‬فقال بعضنا لبعض‪ :‬ماذا تقولون له ف‬
‫عيسى إن هو سألكم عنه? فقالوا‪ :‬نقول وال الذي قاله فيه‪ ،‬والذي أمرنا نبينا أن نقوله‬
‫فيه‪ ،‬فدخلوا عليه‪ ،‬وعنده بطارقته‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقولون ف عيسى بن مري? فقال له جعفر‪:‬‬
‫نقول‪ :‬هو عبد ال ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إل مري العذراء البتول‪ ،‬فدل النجاشي‬
‫يده إل الرض فأخذ عويدا بي أصبعيه فقال‪ :‬ما عدا عيسى ابن مري ما قلت هذا العود‬
‫فتنا خرت بطارقته‪ ،‬فقال‪ :‬وإن تناحرت وال‪ ،‬إذهبوا فأنتم شيوم بأرضي‪ ،‬والشيوم‪:‬‬

‫‪178‬‬ ‫‪178‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫المنون‪ ،‬ومن سبكم غرم‪ ،‬ومن سبكم غرم‪ ،‬ومن سبكم غرم‪ ،‬ثلثا‪ ،‬ما أحب أن ل‬
‫ل منكم‪ ،‬والدبي بلسانم الذهب‪ ،‬فو ال ما أخذ ال من الرشوة‬ ‫دبيا‪ ،‬وأن آذيت رج ً‬
‫حي رد علي ملكي‪ ،‬فآخذ الرشوة فيه‪ ،‬ول أطاع الناس ف فأطيع الناس فيه‪ ،‬ردوا عليهما‬
‫هداياها فل حاجة لنا با‪ ،‬واخرجا من بلدي‪ ،‬فخرجا مقبوحي مردود عليهما ما جاءا‬
‫به‪.‬‬
‫فأقمنا مع خي جار ف خي دار‪ ،‬فلم ينشب أن خرج عليه رجل من البشة ينازعه ف‬
‫ملكه‪ ،‬فو ال ما علمنا حزنا قط كان أشد منه‪ ،‬فرقا أن يظهر ذلك اللك عليه فيأت ملك‬
‫ل يعرف من حقنا ما كان يعرف‪ ،‬فجعلنا ندعوا ال ونستنصره للنجاشي‪ ،‬فخرج إليه‬
‫سائرا‪ ،‬فقال أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بعضهم لبعض‪ :‬من رجل يرج‬
‫فيحضر الوقعة حت ينظر على من تكون فقال الزبي ‪ -‬وكان من أحدثهم سنا ‪ :-‬أنا‪،‬‬
‫فنفخوا له قربة‪ ،‬فجعلها ف صدره ث خرج يسبح عليها ف النيل حت خرج من شقه الخر‬
‫إل حيث التقى الناس‪ ،‬فحضر الوقعة‪ ،‬فهزم ال ذلك اللك وقتله‪ ،‬وظهر النجاشي عليه‪،‬‬
‫فجاءنا الزبي فجعل يليح إلينا بردائه ويقول‪ :‬أل أبشروا فقد أظهر ال النجاشي‪ ،‬فو ال ما‬
‫علمنا فرحنا بشئ قط فرحنا بظهور النجاشي‪ ،‬ث أقمنا عنده حت خرج من خرج منا‬
‫راجعا إل مكة‪ ،‬وأقام من أقام‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬قال الزهري‪ :‬فحدثت بذا الديث عروة بن الزبي‬
‫عن سلمة‪ ،‬فقال عروة‪ :‬هل تدري ما قوله‪ :‬ما أخذ ال من الرشوة حي رد علي ملكي‪،‬‬
‫فآخذ الرشوة فيهن ول أطاع الناس ف فأطيع الناس فيه? فقال الزهري‪ :‬ل‪ ،‬ما حدثن ذاك‬
‫أبو بكر بن عبد الرحن بن الارث عن أم سلمة‪ ،‬فقال عروة‪ :‬فإن عائشة حدثتن أن أباه‬
‫كان ملك قومه‪ ،‬وكان له أخ من صلبه اثنا عشر رجلً‪ ،‬ول يكن لب النجاشي ولد غي‬
‫النجاشي‪ ،‬فأدارت البشة رأيها بينها فقالوا‪ :‬لو إنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإن له‬
‫اثن عشر رجلً من صلبه فيتوارثوا اللك لبقيت البشة عليهم دهرا طويلً ل يكون بينها‬
‫اختلف‪ ،‬فغدوا عليه فقتلوه وملكوا أخاه‪ ،‬فدخل النجاشي لعمه حت غلب عليه فل يدير‬
‫أمره غيه‪ ،‬وكان لبيبا فلما رأت البشة مكانه من عمه قالوا‪ :‬لقد غلب هذا اللم على‬
‫أمر عمه‪ ،‬فما نأمن أن يلكه علينا‪ ،‬وقد عرف أنا قتلنا أباه وجعلناه مكانه‪ ،‬وإنا ل نأمن‬

‫‪179‬‬ ‫‪179‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أن يلكه علينا فيقتلنا‪ ،‬فإما أن نقتله وإما أن نرجه من بلدنا‪ ،‬فقال‪ :‬ويكم قتلتم أباه‬
‫بالمس‪ ،‬وأقتله اليوم بل أخرجوه من بلدكم‪ ،‬فخرجوا به فوقفوه بالسوق فباعوه من‬
‫تاجر من التجار‪ ،‬فقذفه ف سفينته‪ ،‬بستمائة درهم أو سبعمائة درهم‪ ،‬فانطلق به‪ ،‬فلما‬
‫كان العشي هاجت سحائب الريف‪ ،‬فخرج عمه يتمطر تتها فأصابته صاعقة فقتلته‪،‬‬
‫ففزعوا إل ولده فإذا هم ممقون ليس ف أحد منهم خي‪ ،‬فمرج على البشة أمرهم‪،‬‬
‫فقال بعضهم لبعض‪ :‬تعلمن وال إن ملككم الذي ل يصلح أمركم غيه للذي بعتم‬
‫الغداة‪ ،‬فإن كان لكم بأمر البشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب‪ ،‬فخرجوا ف طلبه حت‬
‫أدركوه فردوه فعقدوا عليه تاجه وأجلسوه على سريره وملكوه‪ ،‬فقال التاجر ردوا علي‬
‫مال كما أخذت من إلمي‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل نعطيك‪ ،‬فقال‪ :‬إذا وال أكلمه‪ ،‬فقالوا‪ :‬وإن؛‬
‫فمشى إليه فقال‪ :‬أيها اللك إن ابتعت إلما فقبض من الذين باعوه ثنه‪ ،‬ث عدوا على‬
‫إلمي فنعوه من يدي ول يردوا علي مال‪ ،‬فكان أول ما اختب من صلبة حكمه وعدله‬
‫أن قال‪ :‬لتردن عليه ماله أو ليجعلن إلمه يده ف يده فليذهب به حيث شاء? فقالوا‪ :‬بل‬
‫نعطه ماله‪ ،‬فأعطوه إياه‪ ،‬فلذلك يقول‪ :‬ما أخذ ال من رشوة فآخذ الرشوة فيه حي رد‬
‫إل ملكي‪ ،‬ول أطاع الناس ف فأطيعهم فيه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن رومان عن عروة ابن الزبي قال‪:‬‬
‫إنا كان يكلم النجاشي عثمان بن عفان‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وليس كذلك‪ ،‬إنا كان يكلمه جعفر بن أب‬
‫طالب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن بعض أهل العلم أن فتية من البشة قد رأوا‬
‫رقية بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي هناك مع زوجهتا عثمان بن عفان‪،‬‬
‫وكانت فيما يقال أجل وأحسن البشر‪ ،‬وكانوا يقفون إليها ينظرون إليها ويدركلون لا‬
‫إذا رأوها عجبا منها حت آذاها ذلك من أمرهم‪ ،‬وهم يتقون أن يؤذون أحدا منهم‬
‫للغربة‪ ،‬ولا رأوا من حسن جوارهم‪ ،‬فلما سار النجاشي إل عدوه‪ ،‬ساروا معه فقتلهم ال‬
‫جيعا ل يفلت منهم أحد‪.‬‬

‫‪180‬‬ ‫‪180‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث قدم على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو‬
‫بكة عشرون رجلً أو قريبا من ذلك من النصارى‪ ،‬حي ظهر خبه من البشة فوجدوه‬
‫ف السجد فجلسوا إليه فكلموه وسألوه‪ ،‬ورجال من قريش ف أنديتهم حول الكعبة‪ ،‬فلما‬
‫فرغوا من مسألتهم رسول ال صلى ال عليه وسلم عما أرادوا‪ ،‬دعاهم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وتل عليهم القرآن‪ ،‬فلما سعوا فاضت أعينهم من الدمع‪ ،‬ث استجابوا له‬
‫وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لم ف كتابم من أمره‪ ،‬فلما قاموا من‬
‫عنده اعترضهم أبو جهل ف نفر من قريش فقالوا‪ :‬خيبكم ال من ركب بعثكم من‬
‫وراءكم من أهل دينكم ترتادون لم لتأتوهم بي الرجل‪ ،‬فلم تطمأن مالسكم عنده حت‬
‫فارقتم دينكم‪ ،‬فصدقتموه با قال لكم‪ ،‬ما نعلم ركبا أحق منكم‪ ،‬أو كما قالوا لم؛‬
‫فقالوا‪ :‬سلم عليكم لناهلكم‪ ،‬لنا أعمالنا ولكم أعمالكم‪ ،‬ل نألوا أنفسنا خيا‪ ،‬ويقال‬
‫إن النفر النصارى من أهل نران‪ ،‬فال أعلم أي ذلك كان‪ ،‬ويقال‪ -‬وال أعلم‪ -‬أن فيهم‬
‫نزلت هؤلء اليات‪ :‬الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إل قوله‪ :‬ل نبتغي‬
‫الاهلي‪.‬‬
‫نا يونس عن أسياط بن نصر المدان عن اساعيل بن عبد الرحن قال‪ :‬بعث النجاشي إل‬
‫ل يسألونه ويأتونه ببه‪ ،‬فقرأ عليهم رسول‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم اثن عشر رج ً‬
‫ال صلى ال عليه وسلم القرآن‪ ،‬فبكوا وكان فيهم سبعة رهبان وخسة قسيسي‪ ،‬أو‬
‫خسة رهبان وسبعة قسيسي‪ ،‬ففيهم أنزل ال‪ :‬وإذا سعوا ما أنزل إل الرسول ترى‬
‫أعينهم تفيض من الدمع إل آخر الية‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬سألت الزهري عن اليات‪ :‬ذلك بأن منهم‬
‫قسيسي ورهبانا وأنم ل يستكبون وإذا سعوا ما أنزل إل الرسول إل قوله‪ :‬مع‬
‫الشاهدين وقوله‪ :‬وإذا خاطبهم الاهلون قالوا سلما? فقال‪ :‬ما زلت أسع علماءنا‬
‫يقولون نزلت ف النجاشي وأصحابه‪.‬‬

‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن الزهري عن سعيد بن السيب عن أب‬
‫هريرة قال‪ :‬خرج بنا رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الصلى‪ ،‬فصفنا خلفه‪ ،‬وكب بنا‬

‫‪181‬‬ ‫‪181‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أربعا فلما انصرف قلنا‪ :‬يا رسول ال على من صليت? فقال على أخيكم النجاشي‪ ،‬مات‬
‫اليوم‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد ال بن عمر عن شهاب قال‪ :‬كب رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫النجاشي أربعا‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبي عن‬
‫عائشة زوج النب صلى ال عليه وسلم أنا قالت‪ :‬ما كان يزال يرى على قب النجاشي‬
‫نور‪.‬‬
‫نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كان اسم النجاشي أصحمه وهو بالعربية عطية‪ ،‬وإنا‬
‫النجاشي اسم اللك‪ ،‬كقولك كسرى وهرقل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن يونس اليلي عن الزهري قال‪ :‬قال ابن عمر لرجل جالس معه تنه‬
‫فقال‪ :‬ل أفعل‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬لكن لوددت أن ل مثل أحد ذهبا أحصي وزنه وأودي‬
‫زكاته‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنا قالت‪ :‬إذا تن أحدكم فليستكثر‬
‫فإنا يسأل ربه عز وجل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن والدي اسحق بن يسار قال‪ :‬رأيت أبا نيزر‬
‫ابن النجاشي فما رأيت رجلً قط عربيا ول عجميا أعظم ول أطول ول أوسم منه‪،‬‬
‫وجده علي بن أب طالب مع تاجر بكة فابتاعه منه وأعتقه مكافأة للنجاشي لا كان ول‬
‫من أمر جعفر وأصحابه‪ ،‬فقلت لب‪ :‬أكان أبا نيزر أسود كسواد البشة? فقال‪ :‬لو رأيته‬
‫لقلت رجل من العرب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن السن أن أمه فاطمة بنت‬
‫السي حدثته قالت‪ :‬قدم على أب نيزر بن النجاشي‪ -‬وكان علي أعتقه‪ -‬ناس من البشة‬
‫فأقاموا عنده شهرا ينحر لم علي بن أب طالب ويصنع لم الطعام‪ ،‬فقالوا له‪ :‬إن أمر‬
‫البشة قد مرج عليهم‪ ،‬فانطلق معنا نلكك عليهم‪ ،‬وإنك ابن من قد علمت‪ ،‬فقال‪ :‬أما‬
‫إذ أكرمن ال بالسلم ما كنت لفعل‪ ،‬فلما أيسوا منه رجعوا وتركوه‪ ،‬وكان أيا رجل‬
‫غي أنه كان رجلً يتلمز ويصيب المر‪.‬‬

‫‪182‬‬ ‫‪182‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكان ما قيل ف البشة من الشعر أن عبد الطلب‬
‫بن الارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم‪ ،‬حي أمنوا بأرض البشة وحدوا جوار‬
‫النجاشي‪ ،‬وعبدوا ال ل يافون على دينهم أحدا‪ ،‬وكان قد أحسن النجاشي جوارهم‬
‫حي نزلوا به فقال‪:‬‬
‫أل أبـلـغـا عـــنـــي مـــغـــلـــغـــلة مـــن‬
‫كـــان‬

‫يرجـــو بــــــلغ الـــــــلـــــــه‬


‫والـــــــدين‬
‫كل امـرئ مـن عــبـــاد الـــلـــه‬
‫مـــضـــطـــهـــد‬

‫ببـــطـــن مـــكة مـــقـــهـــور‬


‫ومـــفـــتــــون‬
‫أنـا وجـدنـــا بـــلد الـــلـــه واســـعة‬
‫تـــنـــجـــي‬

‫من الـــذل والـــمـــخـــــزاة‬


‫والـــــــهـــــــون‬
‫فل تـــقـــيمـــوا عـــلـــى ذل الـــحـــياة ول‬
‫خـــزي‬

‫الـــمـــمـــات وعـــيب غـــي‬


‫مــــــأمـــــــون‬

‫‪183‬‬ ‫‪183‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫إنـا تـبـعـــنـــا رســـول الـــلـــه‬
‫فـــاطـــرحـــوا‬

‫قول الـــنـــبـــي وغـــالـــوا فـــي‬


‫الـــمــــوازين‬
‫وقال أبو طالب أيضا‪:‬‬
‫تعلم خيار الناس أن مـحـمـدا‬

‫وزير لوسى والسيح بن مري‬


‫أتى بدي مثل الـذي أتـيا بـه‬

‫وكل بأمر ال يهدي ويعـصـم‬


‫وأنكم تتلونه فـي كـتـابـكـم‬

‫بصدق حديث ل حديث الترجم‬


‫وأنك ما يأتيك منـا عـصـابة‬

‫لفضلك إل أرجعوا بالتـكـري‬


‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب عن أساء بنت عميس أنا انطلقت إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول ال إن ناسا من الهاجرين يفخرون‬
‫علينا ويزعمون أنا لسنا من الهاجرين الولي‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لكم‬
‫هجرتان‪ :‬هاجرت إل أرض البشة ونن مدهنون بكة‪ ،‬وهاجرت بعد‪ ،‬وكانوا قدموا عليه‬
‫خبي‪.‬‬
‫نا يونس عن إبراهيم بن اساعيل عن الزهري عن قبيضة بن ذؤيب عن أب سلمة بن عبد‬
‫السد‪ ،‬وكان ابن عمة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأول من هاجر بظعينته إل أرض‬

‫‪184‬‬ ‫‪184‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫البشة ث ‪ 108‬إل الدينة‪ ،‬وكانت تته أم سلمة الت هاجر با‪ ،‬فلما توف عنها تزوجها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بعده‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن صال بن إبراهيم عن عبد الرحن بن عوف‬
‫عن أبيه قال‪ :‬منا نسي مع عثمان بن عفان ف طريق مكة إذ رأى عبد الرحن بن عوف‬
‫فقال‪ :‬ما يستطيع أحد أن يعيد على هذا الشيخ فضلً ف الجرتي جيعا‪ -‬يعن هجرته إل‬
‫البشة وهجرته إل الدينة‪.‬‬
‫تسمية من هاجر إل أرض البشة‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬هذه تسمية من هاجر إل أرض البشة من‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم من شهد بدرا‪ ،‬ومن تلف حت قدوم بعد بدر‬
‫منهم‪ ،‬ومن تلف حت بعث قفيهم رسول ال صلى ال عليه وسلم عمرو بن أمية‬
‫الضمري‪ ،‬فجعلهم ف سفينة ث بعث بم إليه فقدموا عام الديبية سنة سبع؛ وكان من‬
‫قدم عليه وشهد معه بدرا من بن أمية بن عبد شس بن عبد مناف‪ :‬عثمان بن عفان‪،‬‬
‫ضرب له رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بدر بسهمه وأجره‪ ،‬وكان يلف على رقية‬
‫بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكانت معه بأرض البشة‪ ،‬وله عقب‪ .‬وأبو حذيفة‬
‫بن عتبة بن ربيعة بن عبد شس بن عبد مناف‪ ،‬قتل يوم اليمامة شهيدا‪ ،‬وكانت معه امرأته‬
‫بأرض البشة سهلة بنت سهيل بن عمرو أخي بن عامر بن لؤي‪ ،‬ولدت له بأرض‬
‫البشة ممد بن أب حذيفة‪ ،‬ل عقب له‪.‬‬
‫ومن بن أسد بن عبد العزى‪ :‬الزبي بن العوام‪.‬‬
‫ومن بن عبد الدار بن قصي‪ :‬مصعب بن عمي‪.‬‬
‫ومن بن زهرة‪ :‬عبد الرحن بن عوف‪.‬‬
‫ومن بن مزوم‪ :‬أبو سلمة بن عبد السد بن هلل بن عبد ال ب عمر بن مزوم‪ ،‬معه‬
‫امرأته أم سلمة بنت أب أمية‪.‬‬
‫ومن بن جح بن عرمو بن هصيص‪ :‬عثمان بن مظعون‪.‬‬
‫ومن بن عدي بن كعب‪ :‬عامر بن ربيعة حليف آل الطاب‪ ،‬معه امرأته ليلى أب حثمة‪.‬‬

‫‪185‬‬ ‫‪185‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن بن عامر بن لؤي‪ :‬أبو سبة بن أب رهم بن عبد العزى‪ ،‬ويقال‪ :‬بل هو أبوه حاطب‬
‫بن عبد شس بن عبد ود بن نصر بن مالك‪ ،‬ويقال‪ :‬بل هو كان أول من قدمها‪.‬‬
‫ومن بن الارث بن فهر‪ :‬سهيل بن بيضاء‪ ،‬وهو سهيل بن ربيعة بن هلل ابن أهيب‪،‬‬
‫وكانوا هؤلء العشرة أول من خرج من السلمي إل أرض البشة‪ ،‬فيما بلغن‪.‬‬
‫ث جعفر بن أب طالب‪.‬‬
‫ومن بن نوفل بن عبد مناف بن قصي‪ :‬عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب‪ ،‬حليف لم‪،‬‬
‫رجل‪ ،‬ولم عقب‪.‬‬
‫ومن بن عبد الدار‪ :‬سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد‬
‫الدار‪ ،‬وجهم بن قيس بن عبدين شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار‪ ،‬معه‬
‫امرأته أم حرملة بنت السود بن خزية بن أقيش بن ‪ 109‬عامر بن بياضة بن تبيع بن‬
‫خعثمة بن خزاعة‪ ،‬وابناه عمرو بن جهم‪ ،‬وأبو الروم ب عمي بن هاشم بن عبد مناف بن‬
‫عبد الدار‪ ،‬وفراس بن النضر ب الارث بن كلدة بن علمقة ابن عبد مناف بن عبد الدار‪.‬‬
‫ومن بن عبد قصي‪ :‬طليب بن عميي بن وهب بن أب كبي بن عبد بن قصي‪ ،‬رجل ل‬
‫عقب له‪.‬‬
‫ومن بن زهرة بن كلب‪ :‬عبد الرحن بن عوف له عقب‪ :‬وعلقمة بن أب وقاص‪،‬‬
‫ووقاص‪ ،‬وأبو وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة‪ ،‬والطلب بن أزهر بن عبد‬
‫عوف بن عبد الارث بن زهرة‪ ،‬معه امرأته رملة بنت أب عوف بن ضبية‪ ،‬ولدت له‬
‫بأرض البشة عبد ال بن الطلب ومن حلفائهم‪ :‬عبد ال بن مسعود وأخوه عتبة بن‬
‫مسعود‪.‬‬
‫ومن براء‪ :‬القداد بن عمرو‪ ،‬وكان يقال القداد بن السود بن عبد يغوث ابن وهب بن‬
‫عبد مناف بن زهرة‪ ،‬وذلك أنه كان تباناه‪ ،‬وحالفه‪ ،‬ستة نفر‪.‬‬
‫ومن بن مزوم شاس بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرم بن عمر بن مزوم‪ ،‬وكان‬
‫اسم شاس عثمان‪ ،‬ول عقب له‪ ،‬وهبار بن سفيان بن عبد السد بن هلل‪ ،‬وأخوه عبد‬
‫ال بن سفيان‪ ،‬وهشام بن أب حذيفة‪ .‬ومن حلفائهم‪ :‬معتب بن عوف بن عامر بن الفضل‬
‫بن عفيف‪ ،‬وهو الذي يدعى عيهلة‪ ،‬بن فليت بن سلول بن كعب بن خزاعة‪.‬‬

‫‪186‬‬ ‫‪186‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن بن عامر بن لؤي‪ :‬عبد ال بن سهيل بن عمرو‪ ،‬وله عقب‪ ،‬أبو سبة بن أب رهم‬
‫معه امرأته أم كلثوم ابنة سهيل بن عمرو‪ ،‬وعبد ال بن مرمة بن عبد العزى بن أب قيس‬
‫بن عبد ود‪ ،‬وسليط بن عمرو عبد شس بن عبد ود‪ ،‬وأخوه السكران بن عمرو‪ ،‬معه‬
‫امرأته سودة بنت زمعة‪ ،‬ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شس بن لؤي‪ ،‬ومعه امرأته‬
‫عمرة بنت السعدي‪ ،‬وسعيد حليف لم‪.‬‬
‫ومن بن جح بن عمرو بن هصيص‪ :‬عثمان بن مظعون‪ ،‬وابنه السائب ابن عثمان‪ ،‬ل‬
‫عقب لما‪ ،‬وأخوه قدامة بن مظعون‪ ،‬له عقب‪ ،‬وحاطب بن الارث بن الغية بن حبيب‬
‫بن حذافة‪ ،‬معه امرأته فاطمة بنت الحجل بن عبد ال‪ ،‬وابناه ممد بن حاطب‪ ،‬والارث‬
‫بن حاطب وها لبنه النحجل‪ ،‬وابنه الارث بن حاطب معه امرأته فكيهة بنت يسار‪،‬‬
‫وسفيان بن معمر بن حبيب‪ ،‬معه أبناءه جابر بن سفيان‪ ،‬وجنادة بن سفيان‪ ،‬ومعه امرأته‬
‫حسنة‪ ،‬وهي أمهما‪ ،‬وأخوها من أمهما شرحبيل بن حسنة‪ ،‬وعثمان بن ربيعة بن أهبان‪،‬‬
‫أحد عشر رجلً‪.‬‬
‫ومن بن سهم بن عمرو بن هصيص‪ :‬خنيس بن حذافة‪ ،‬قتل يوم بدر شهيدا‪ ،‬ل يكن له‬
‫عقب إل امرأته‪ ،‬وكانت عنده حفصة بنت عمر بن الطاب‪ ،‬خلف عليها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ 110‬بعده‪ ،‬وعبد ال بن الارث بن قيس‪ ،‬وهشام بن العاصي بن‬
‫وائل‪ ،‬وأبو قيس بن الارث‪ ،‬والجاج بن الارث‪ ،‬ومعمر بن الارث‪ ،‬وأخ له من أمه‬
‫من بن تيم يقال له سعيد بن عمرو‪ ،‬وسعيد بن الارث ب قيس‪ ،‬والسائب بن الارث بن‬
‫قيس‪ ،‬وعمران بن رئاب بن حذيفة؛ وممية ب جزء حليف لم من بن زبيد‪ ،‬إثنا عشر‬
‫رجلً‪.‬‬
‫ومن بن الارث بن فهر‪ :‬أبو عبيدة‪ ،‬وهو عامر بن عبد ال بن الراح‪ ،‬هلك بعمواس من‬
‫أرض الشام أميا لعمر بن الطاب‪ ،‬ل عقب له‪ .‬وسهيل بن بيضاء‪ ،‬وهو سهيل بن بيضاء‬
‫بن سهيل بن وهب‪ ،‬والبيضاء أمه‪ -‬كذا ف الصل‪ -‬وهو سهيل بن وهب بن ربيعة‪ ،‬ول‬
‫عقب له‪ ،‬ولكن أمه غلبت على نسبهن فهو ينسب إليها وهي دعد بنت جحدم بن أمية‬
‫بن ضرب‪ ،‬وكانت تدعى البيضاء‪ ،‬قتل يوم بدر شهيدا‪ ،‬وعياض بن زهي بن أب شديد‬

‫‪187‬‬ ‫‪187‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بن ربيعة‪ ،‬ل عقب له‪ ،‬ويقال ابن ربيعة بن هلل بن مالك‪ ،‬والارث بن عبد قيس بن‬
‫عامر بن أمية‪ ،‬وعرمو بن أب سرح بن ربيعة بن هلل‪ ،‬ثانة نفر‪.‬‬
‫ث تتابع السلمون حت اجتمعوا بارض البشة‪ ،‬فكانوا با منهم من خرج بنفسه وأهله‬
‫معه‪ .‬من بن هاشم بن عبد مناف‪ :‬جعفر بن أب طالب‪ ،‬قتل بوم مؤته شهيدا‪ ،‬أميا‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬له عقب‪ ،‬وكان يقال إنه أول من عقر من السلمي دابته‬
‫له عند الرب‪ ،‬معه امرأته أساء بنت عميس بن كعب بن مالك بن قحافة من خثعم‪،‬‬
‫ولدت له بأرض البشة عبد ال بن جعفر‪ ،‬رجل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يي بن عباد بن عبد ال بن الزبي عن أبيه‬
‫عباد عن رجل من بن مرة بن رباب‪ ،‬ويقال ابن ذبيان‪ ،‬قال‪ :‬كأن أنظر إل جعفر حي‬
‫لمته الرب عقر فرسا له شقراء‪ ،‬ث قاتل حت قتل‪.‬‬
‫ومن بن أمية بن شس‪ :‬خالد بن سعيد بن العاصي‪ ،‬معه امرأته أمينة ينت خلف بن أسعد‬
‫بن عامر بن بياضه‪ ،‬من بن سبيع بن خثعمة من خزعة‪ ،‬ولدت به أرض البشة سعيد بن‬
‫خالد‪ ،‬وأمه ابنة خالد‪ ،‬فتزوج أمة الزبي بن العوام‪ ،‬فولدت له عمرو بن الزبي‪ ،‬وخالد بن‬
‫الزبي‪ ،‬قتل خالد يوم مرج الصفر بأرض الشام‪ ،‬وعمرو بن سعيد بن العاصي‪ ،‬معه امراته‬
‫فاطمة بنت صفوان بن أمية بن شفي بن مرب ابن شفي الكنان‪ ،‬قتل يوم أجنادين‪،‬‬
‫ولعمرو يقول أبو سعيد‪:‬‬
‫بكيت بشعـري عـنـك يا عـمـرو‬

‫سائلً إذا شب واشتدت بدماه تبلـجـا‬


‫أتترك أمـر الـقـوم فـيه بـلبـل‬

‫وتكشف غيظا كان ف الصدر موهجا‬


‫ومن حلفائهم من بن أسد ين خزية‪ :‬عبد ال بن جحش‪ ،‬معه امرأته بركة بنت يسار‪،‬‬
‫‪ 111‬ومعيقب بن أب فاطمة‪ ،‬وهو أبوه سعيد بن العاصي‪ ،‬وله عقب‪.‬‬

‫‪188‬‬ ‫‪188‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن بن عبد الدار بن قصي‪ :‬جهم من قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن‬
‫عبد الدار‪ ،‬وعمرو بن جهم‪ ،‬وأبو الروم بن عمي بن وهب‪.‬‬
‫ومن بن عبد بن قصي‪ :‬طليب بن عمي بن أب كبي‪ ،‬ل عقب له‪.‬‬
‫ومن بن أسد بن عبد العزى بن قصي‪ :‬السود بن نوفل بن خويلد ومن بن زهرة بن‬
‫كلب‪ :‬عامر بن أب وقاص‪ ،‬وهو مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة‪ ،‬وله عقب؛‬
‫وعتبة بن مسعود بن الارث‪.‬‬
‫ومن بن تيم بن مرة‪ :‬الارث بن خالد بن ضخر بن عامر بن كعب بن ربيعة بن تيم بن‬
‫مرة‪ ،‬معه امرأته ريطة بنت الارث من بن تيم‪ ،‬ولدت له بأرض البشة‪ :‬موسى بن‬
‫الارث‪ ،‬وعائشة بنت الارث‪ ،‬وزينب بنت الارث‪ ،‬وعمرو بن عثمان بن كعب بن‬
‫سعد بن تيم‪ ،‬رجلن‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكان جيع من لق بأرض البشة وهاجر إليها من‬
‫السلمي‪ ،‬سوى أبنائهم الذين خرجوا بم معهم‪ ،‬أو ولدوا با نيفا وثاني رجلً‪ ،‬إن كان‬
‫عمار بن ياسر فيهم‪ ،‬وهو يشك فيه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق فقالت هند بنت عتبة‪ ،‬تجو أبا حذيفة حي أسلم‪:‬‬
‫الحـــوال البـــلـــق الـــمـــقـــلـــوب‬
‫كـــلـــيتــــه‬

‫أبـــو حـــذيفة شـــر الـــنــــاس فـــــــي‬


‫الـــــــدين‬
‫ماذا جـــزيت أبـــا ربــــك مـــــــن‬
‫صـــــــغـــــــر‬

‫ثـــت إذا عـــبـــــــر‬


‫مـــــــحـــــــجـــــــون‬

‫‪189‬‬ ‫‪189‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وهذا كتاب النب صلى ال عليه وسلم إل‬
‫النجاشي‪:‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‪.‬‬


‫هذا كتاب من ممد النب إل النجاشي الصحم‪ ،‬عظيم البشة‪.‬‬
‫سلم على من اتبع الدى‪ ،‬وآمن بال ورسوله‪ ،‬وشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫ل يتخذ صاحبه ول ولدا وان ممدا عبده ورسوله‪ ،‬وأدعوك بدعاية ال فإن أنا رسوله‪،‬‬
‫فأسلم تسلم‪" ،‬ويا أهل الكتاب تعالوا إل كلمة سواء بيننا وبينكم أل نعبد إل ال ول‬
‫نشرك به شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال" فإن أبيت فعليك إث النصارى‬
‫قومك‪.‬‬
‫نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فقال عبد ال ب الارث السهمي يذكر نفي قريش إياهم‪:‬‬
‫تلك قريش تـحـد الـلـه حـقـه‬

‫كما جحدت عاد ومدين والـجـر‬


‫فإن أنا ل أبـرق فـل يسـعـنـي‬

‫من الرض بر ذو فضاء ول بـر‬


‫بأرض با عبـد اللـه مـحـمـد‬

‫أبي ما ف النفس إذ بلغ الثغر ‪112‬‬


‫حديث ما لقي رسول ال من أذى قومه‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن تاسحق قال‪ :‬حدثن يي بن عروة عن أبيه عروة بن الزبي قال‪:‬‬
‫قلت لعبد ال بن عمرو بن العاصي‪ :‬ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فيما كانت تظهر من عدوانه? فقال لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما‬

‫‪190‬‬ ‫‪190‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ف الجر فقالوا فذكروا رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا‪ :‬ما رأينا مثل ما صبنا‬
‫عليه من هذا الرجل قط‪ :‬سفه أحلمنا وشتم آباءنا‪ ،‬وعاب ديننا‪ ،‬وفرق جاعاتنا‪ ،‬وسب‬
‫آلتنا‪ ،‬وصبنا منه على أمر عظيم‪ ،‬أو كما قال؛ فبيناهم ف ذلك طلع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فأقبل يشي حت استلم الركن‪ ،‬ث مر بم طائفا بالبيت‪ ،‬فغمزوه ببعض القول‪،‬‬
‫فعرفت ذلك ف وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فمضى فلما مر بم الثانية غمزوه‬
‫بثلها‪ ،‬فعرفتها ف وجهه‪ ،‬فمضى‪ ،‬ث مر الثالثة فغمزوه بثلها فوقف ث قال‪ :‬أتسمعون يا‬
‫معشر قريش أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح‪ ،‬فأخذت القوم كلمته حت ما من‬
‫رجل إل ولكأنا على رأسه طائر واقع‪ ،‬وحت أنه ليقول‪ :‬إنصرف يا أبا القاسم راشدا‪ ،‬فو‬
‫ال ما أنتا بهول‪ ،‬فانصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم حت إذا كان من الغد‬
‫اجتمعوا ف الجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض‪ :‬ذكرت ما بلغ منكم وما بلغكم عنه‬
‫حت إذا باداكم با تكرهون تركتموه‪ ،‬فبينا هم على ذلك طلع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فوثبوا إليه وثبة رجل‪ ،‬وأحاطوا به ويقولن أنت الذي يقول كذا وكذا‪ ،‬لا كان‬
‫يبلغهم من عيب آلتهم ودينهم‪ ،‬فيقول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬نعم أنا الذي‬
‫أقول ذلك‪ ،‬لقد رأيت رجلً منهم أخذ بجامع ردائه‪ ،‬وقام أبو بكر الصديق دونه يبكي‬
‫ويقول‪ :‬ويلكم أتقتلون رجلً أن يقول رب ال?! ث انصرفوا عنه‪ ،‬فإن ذلك لكثر ما‬
‫رأيت قريشا بلغت منه قط‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن بعض آل كلثوم بنت أب بكر أنا كانت‬
‫تقول‪ :‬لقد رجع أبو بكر ذلك اليوم‪ ،‬ولقد صدعوا فرض رأسه با جبذوه‪ ،‬وكان رجلً‬
‫كثي الشعر‪.‬‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن ‪ 113‬الربيع بن أنس البكري قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي فلما سجد جاءه أبو جهل فوطئ عنقه‪ ،‬فأنزل ال‬
‫فيه‪" :‬أرأيت الذي ينهي‪ .‬عبدا إذا صلى" أبو جهل "أرأيت إن كان على الدى" ممدا‬
‫"أرأيت إن كذب وتول" أبو جهل "كل لئن ل نتنه" أبو جهل "سندع الزبانية" قالكهم‬
‫تسعة عشر خزنة النار‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وال لئن عاد لتأخذنه‬
‫الزبانية‪ ،‬فانتهى فلم يعد‪.‬‬

‫‪191‬‬ ‫‪191‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن البارك بن فضاله عن السن قال‪ :‬بات جهلة قوم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عامة ليلة يقولون له‪ :‬يا ممد‪ ،‬تكفر آباءك وتراد أمرهم‪ ،‬وتفعل وتفعل‪ ،‬فأنزل ال‬
‫تعال‪" :‬أفغي ال تأمرن أعبد أيها الاهلون" إل قوله‪" :‬وكن من الشاكرين"‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر عن ممد بن قيس قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫جالسا وعنده عتبة بن ربيعة‪ ،‬وابن أم مكتوم العمى‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال عملن القرآن‪،‬‬
‫فعبس رسول ال صلى ال عليه وسلم ف وجهه وصرفه عنه كراهتة أن يزهد اقباله عليه‬
‫عتبة ف السلم‪ ،‬يقول‪ :‬إنا تيبع هذا العميان والساكي‪ ،‬فانزل ال تعال‪" :‬عبس وتول"‬
‫إل قوله‪" :‬فأنت له تصدى" عتبة "وأما من جاءك يسعى‪ ،‬وهو يشى" ابن أم مكتوم‪ ،‬فلم‬
‫يعذر رسول ال صلى ال عليه وسلم بثل ذلك‪.‬‬
‫نا يونس عن مسعر بن كدام عن أشعث بن أب الشعثاء عن رجل من كنانة قال‪ :‬سعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يقولك يا أيها الناس قولوا‪ :‬ل إله إل ال تفلحوا‪.‬‬
‫قصة النب لا عرض نفسه على العرب‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم علة مثل‬
‫ذلك من أمره يدعو القبائل إل ال وإل السلم‪ ،‬يعرض عليهم نفسه وما جاء به من ال‬
‫تعال من الدى والرحة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن الزهري قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ناسا من كندة ف مياه لم‪ ،‬وفيهم سيد لم له فليح‪ ،‬فدعاهم إل ال وعرض عليهم‬
‫نفسه‪ ،‬فأبوا أن يقبلوا منه نقمة عليه‪.‬‬
‫ث أتى حيا من كلب يقال لم بنو عبد ال‪ ،‬فقال لم‪ :‬يا بن عبد ال إن ال قد أحسن‬
‫اسم أبيكم‪ ،‬فلم يقبلوا‪ ،‬فأعرض عنه‪.‬‬
‫نا يونس عن يزيد بن زيادة عن أب العدي عن جافع بن شداد عن طارق قال‪ :‬رأيت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم مرتي‪ :‬رأيته ‪ 114‬بسوق ذي الجاز وأنا ف بياعه ل‪،‬‬
‫فمر وعليه حلة حراء فسمعته يقول‪ :‬أيها الناس قولوا‪ :‬ل إله إل ال تفلحوا‪ ،‬ورجل يتبعه‬
‫يويه بالجارة وقد أدمى كعبه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬يا أيها الناس ل تطيعوا هذا فإنه كاذب‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬من هذا? فقيل هذا إلم من بن عبد الطلب‪ ،‬فقلت من هذا الذي يوميه بالجارة?‬

‫‪192‬‬ ‫‪192‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فقيل‪ :‬عمه عبد العزى‪ ،‬أبو لب‪ ،‬بن عبد الطلب‪ ،‬فلما أظهر ال السلم خرجنا من‬
‫الربذة ومعنا ظعينة لنا حت نزلنا قريبا من الدينة‪ ،‬فبينا نن قعودا إذا أنا برجل عليه ثوبان‪،‬‬
‫فسلم علينا فقال‪ :‬من أين أقبل القوم? فقلت‪ :‬من الربدة‪ ،‬ومعنا جل أخر‪ ،‬فقال‪ :‬تبيعون‬
‫المل? فقلنا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬بكم? فقلنا‪ :‬بكذا وكذا صاعا من تر‪ ،‬فقال‪ :‬قد أخذنه وما‬
‫استنقصنا‪ ،‬وأخذ بطام المل فذهب به حت توارى بيطان الدينة‪ ،‬فقال‪ :‬بعضنا لبعض‪:‬‬
‫أتعرفون الرجل? فلم يكن منا أحد منا يعرفه‪ ،‬فلم القوم بعضهم بعضا وقالوا‪ :‬تعطون‬
‫جلكم من ل تعرفون! فقالت الظعينة‪ :‬فل تلوموا فلقد رأيت وجه رجل ل يغدر بكم ما‬
‫رأيت شيئا أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه‪ ،‬فلما كان العشي أتانا رجل فقال‪ :‬السلم‬
‫عليكم ورحة ال‪ ،‬أأنتم الذين جئتم من الربذة? فقلنا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬أنا رسول رسول ال‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬إليكم وهو يأمركم أن تأكلو من هذا التمر حت تشبعوا وتكتالوا‬
‫حت تستوفوا‪ ،‬فأكلنا من التمر حت شبعنا‪ ،‬واكتلنا حت استوفينا‪ ،‬ث قدمنا الدينة من الغد‪،‬‬
‫فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم فائم يطب الناس على النب‪ ،‬فسمعته يقول‪ :‬يد‬
‫العطي العليا‪ ،‬وأبدا بن تعول أمك وأباك واختك وأخاك‪ ،‬وأدناك أدناك‪ ،‬وث رجل من‬
‫النصار‪ ،‬فقال يا رسول ال هؤلء بنو ثعلبة بن يربوع الذين قتلوا فلنا ف الاهلية فخذلنا‬
‫بثأرنا‪ ،‬فرفع رسول صلى ال عليه وسلم يده حت رأيت بياض ابطيه‪ ،‬فقال‪ :‬ل تن أم‬
‫على ولد‪ ،‬ل تن أم على ولد‪.‬‬
‫يونس عن يونس بن عمرو عن أب السفيان سعيد بن أحد الثوري قال‪ :‬بعث أبو طالب‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬أطعمن من عنب جنتك‪ ،‬وابو بكر الصديق‬
‫جالس عند ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال ابو بكر‪" :‬إن ال حرمها على الكافرين"‪.‬‬
‫نا يونس قال‪ :‬قال ابن اسحق‪ :‬ولا سع أبو سفيان بإسلم خفاف بن اياء بن رحضة قال‪:‬‬
‫لقد صبأ الليلة سيد بن كنانة‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يعقوب بن عتيبة عن سال بن عبد ال ابن‬
‫عمر قال‪ :‬جاء رجل ‪ 115‬من قريش بكة إل رسول ال حروف فقال‪ :‬يا ممد أل‬
‫يبلغن أنك تنهي عن السباء‪ ،‬يقول عن سباء العرب‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬بلى‪ ،‬فتحول الرجل فكشف عن أسته ف وجه رسول ال حروف‪ ،‬فلعنه رسول‬

‫‪193‬‬ ‫‪193‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ودعا عليه‪ ،‬فأنزل ال تعال فيه‪" :‬ليس لك من المر شيء أو‬
‫يتوب عليهم أو يعذبم فإنم ظالون" فأسلم الرجل بعد ذلك وحسن إسلمه‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه قال‪ :‬شج إلم من قريش فاطمة بنت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وهي غاية‪ ،‬فنادت يال عبد شس‪ ،‬فخرج أبو سفيان‪ ،‬وخرج أبو‬
‫جهل فقال‪ :‬يا ابا سفيان هذه يدي فرجع‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن الشعب أنه سئل عن الزنيم‪ ،‬فقال هو الرجل تكون له‬
‫الزنة من الشر يعرف با‪ ،‬وهو الخنس بن شريق الثقفي نزلت فيه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن والدي اسحق بن يسار عن رجال من بن‬
‫سعد بن بكر قال‪ :‬قدم الارث بن عبد العزى‪ ،‬أبو رسول ال صلى ال عليه وسلم من‬
‫الرضاعة‪ ،‬على رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة‪ ،‬فقالت له قريش حي أنزلت عليه‪:‬‬
‫أل تسمع يا حار ما يقول ابنك هذا! قال‪ :‬وما يقول? قالوا‪ :‬يزعم أن ال يبعث بعد‬
‫الوت‪ ،‬وأن ل دارين يعذب فيهما من عصاه‪ ،‬ويكرم فيهما من أطاعه‪ ،‬وقد شتت أمرنا‪،‬‬
‫وفرق جاعتنا‪ ،‬فأتاه فقال‪ :‬أي بن مالك ولقمك يشكونك ويزعمون أنك تقوم أن الناس‬
‫يبعثون بعد الوت‪ ،‬ث يصيون إل جنة ونار?! فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬نعم‪،‬‬
‫أنا أزعم ذلك‪ ،‬ولو قد كان ذلك اليوم يا أبة لقد أخذت بيدك حت أعرفك حديثك‬
‫اليوم‪ ،‬فأسلم الارث بعد ذلك‪ ،‬فحسن اسلمه‪ ،‬وكان يقول حي أسلم‪ :‬لو قد أخذ ابن‬
‫بيدي فعرفن ما قال ل يرسلن إن شاء ال حت يدخلن النة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان‬
‫لب بكر بفناء داره‪ ،‬فكان إذا صلى فيه وقرأ القرآن بكى بكاء كبيا‪ ،‬فتجمع إليه النساء‬
‫والصبيان والعبيد يعجبون ما يرون من رقته‪ ،‬وقد كان استأذن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف الجرة حي أوذوا بكة‪ ،‬فأذن به رسول ال صلى ال عليه وسلم فخرج حت‬
‫كان من مكة على يومي لقيه ابن الدغنة‪ ،‬رجل من بن الارث بن عبد مناة بن كنانة‪،‬‬
‫وكان سيد الحابيش‪ ،‬فقال له‪ :‬أين يا ابا بكر? فقال‪ :‬آذان قومي وأخرجون من بلدي‪،‬‬
‫فأود أن أؤم بلدا أكون فيه‪ ،‬أستريح من أذاهم‪ ،‬وآمن منهم‪ ،‬فقال‪ :‬ول? فو ال إنك‬
‫لتزين العشية‪ ،‬وتعي على النائبة‪ ،‬وتفعل العروف‪ ،‬وتكسب العدوم‪ ،‬ارجع فأنت ف‬

‫‪194‬‬ ‫‪194‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫جواري‪ ،‬فرجع‪ ،‬فلما دخل مكة قام ‪ 226‬فصرخ بكة‪ :‬يا معشر قريش إن قد أجرت‬
‫ابن أب قحافة‪ ،‬فل يؤذيه أحد‪ ،‬وكانوا إذا عقدوا فنخ‪ ،‬وكف عنه هذا الي من قريش‪،‬‬
‫وكان إذا صلى ف مصلة ذلك بكة كان من أمره ما وصفت‪ ،‬فمشى إليه رجال من‬
‫قريش‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا ابن الدغنة إن هذا الرجل الذي أجرت‪ ،‬رجل له حال ما هو لغيه‪ ،‬إنه‬
‫إذا تل ما جاء به ممد بكى بكاء ل يبكيه أحد‪ ،‬فيق لذلك منه ضعفاؤنا ونساؤنا‬
‫وخدمنا‪ ،‬فمره فليكف عنا‪ ،‬يتخذ مصلى غي هذا ف بيته‪ ،‬فمشى إليه ابن الدغنة فقال‪ :‬يا‬
‫أبا بكر إن ل أجرك لتؤذي قومك‪ ،‬فاتذ مصلى غي هذا‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬أو غي ذلك?‬
‫فقال‪ :‬وما هو? قال‪ :‬أرد عليك جوارك‪ ،‬وأرضى بوار ال فقال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬لقد‬
‫رددت عليك جوارك‪ ،‬فقال ابن الدغنة‪ :‬يا معشر قريش إن أبا بكر قد رد علي جواري‪،‬‬
‫فشأنكم بصاحبكم‪.‬‬
‫وفاة أب طالب وما جاء فيه‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فقال أبو جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة‪ ،‬والعاصي‬
‫بن سعيد‪ ،‬وأمية بن خلف‪ :‬يا معشر قريش إن هذا المر يزداد وإن أبا طالب ذو رأي‬
‫وشرف وسن‪ ،‬وهو على دينكم‪ ،‬وهو اليوم مدنف‪ ،‬فامشوا إليه فأعطوه السواء يأخذ لكم‬
‫وعليكم ف ابن أخيه‪ ،‬فإنكم إن خلوت بعمر بن الطاب وبمزة بن عبد الطلب وقد‬
‫خالفا دينكم تكون الرب بينكم وبي قومكم‪ ،‬فأقبلوا يشون إل أب طالب حت جاءوه‬
‫فقالوا‪ :‬أنت سيدنا وأنصفنا ف أنفسنا‪ ،‬وقد رأيت الذي فعل هؤلء السفهاء مع ابن‬
‫أخيك‪ ،‬من تركهم آلتنا وطعنهم ف ديننا‪ ،‬وقد فرق بيننا ممد وأكفر آلتنا وسب آباءنا‪،‬‬
‫فأرسل إل ابن أخيك‪ ،‬فأنت بيننا عدل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأرسل أبو طالب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأتاهن فقال‪ :‬هؤلء قومك‬
‫وذووا أسنانم وأهل الشرف منهم‪ ،‬وهم يعطونك السواء‪ ،‬فل تل عليهم كل اليل‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬قولوا أسع قولكم‪ ،‬فقال أبو جهل بن هشام‪ :‬ترفضنا من‬
‫ذكرك‪ ،‬ول تلزمنا ول من آلتنا‪ ،‬ف شيء فندعك وربك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬إن أعطيتكم ما سألتم‪ ،‬أمعطى أنتم كلمة واحدة لكم فيها خي‪ ،‬تلكون با العرب‬
‫وتدين لكم با العجم‪ ،‬فقال أبو جهل‪ ،‬وهو مستهزئ نعم ل أبوك كلمة نعطيكها‬

‫‪195‬‬ ‫‪195‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وعشرة أمثالا‪ ،‬فقال‪ :‬قولوا‪ :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬فنفروا من كلمه وخرجوا‬
‫مفارقينه وقاوا‪" :‬امشوا واصبوا على آلتكم إن هذا لشيء يراد‪ .‬ما سعنا بذا ف اللة‬
‫الخرة إن هذا إل اختلق‪ .‬أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم ف شك من ذكري بل لا‬
‫يذوقوا عذاب"‪ .‬وكان مشاهم إل أب طالب لا لقوا من عمر‪ ،‬وسعوا منه‪.117 .‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ممد بن اسحق قال فلما رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تكذيبهم بالق قال‪ :‬لقد دعوت قومي إل أمر ما اشتططت ف القول‪ ،‬فقال عمه‪ :‬أجل ل‬
‫تشتط‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم عند ذلك‪ -‬وأعجبه قول عمه‪ :-‬يا عم بك‬
‫علي كرامة ويدك عندي حسنة‪ ،‬ولست أجد اليوم ما أجزيك به‪ ،‬غي أن أسألك كلمة‬
‫واحدة تل ل با الشفاعة عند رب‪ ،‬أن تقول‪ :‬ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬تصيب‬
‫با الكرامة عند المات‪ ،‬فقد حيل بينك وبي الدنيا‪ ،‬وتنل بكلمتك هذه الشرف العلى‬
‫ف الخرة‪ ،‬فقال له عمه‪ :‬وال يا ابن أخي لول رهبة أن ترى قريش إنا ذعرن الزع‪،‬‬
‫وتعهدك بعدي سبة تكون عليك وعلى بن أبيك غضاضة لفعلت الذي تقول‪ ،‬وأقررت با‬
‫عينك‪ ،‬لا أرى من شدة وجدك ونصحك ل‪.‬‬
‫ث إن أبا طالب دعا بن عبد الطلب فقال‪ :‬إنكم لن تزوالوا بي ما سعتم قول ممد‬
‫واتبعتم أمره‪ ،‬فاتبعوه وصدقوه ترشدوا‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم عند‬
‫ذلك‪ :‬نأمرهم بالنصحية وتدعها لنفسك?! فقال له عمه‪ :‬أجل لو سأتلن هذه الكلمة وأنا‬
‫صحيح لا ل تبعتك على الذي تقول‪ ،‬ولكن أكره الزع عند الوت ورى قريش أن‬
‫أخذتا عند الوت‪ ،‬وتركتها وأنا صحيح‪ ،‬فأنزل ال تعال‪" :‬إنك ل تدي من أحببت‬
‫ولكن ال يهدي من يشاء وهو أعلم بالهتدين"‪.‬‬
‫نا يونس عن ممد بن أب أنيسة عن الزهري عن سعيد بن السيب عن أبيه قال‪ :‬لا‬
‫حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول ال صلى ال عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد‬
‫ال بن أب امية‪ ،‬فقال رسول ال حروف لب طالب‪ :‬يا عمارة‪ ،‬قل ل إله إل ال‪ ،‬كلمة‬
‫أشهد لك با عند ال‪ ،‬فقال أبو جهل وعبد ال‪ :‬يا أبا طالب أترغب عن ملة الطلب‪ ،‬فلم‬
‫يزل رسول ال صلى ال عليه وسلم يعرضها عليه‪ ،‬ويعيد له تلك القالة حت قال له أبو‬
‫طالب‪ ،‬آخر ما كلمهم‪ :‬هو على ملة عبد الطلب‪ ،‬ويأب أن يقول ل إله إل ال‪ ،‬فقال‬

‫‪196‬‬ ‫‪196‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أما وال لستغفرن لك ما ل أنه عنك‪ ،‬فأنزل ال ف‬
‫ذلك‪" :‬ما كان للنب والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركي ولو كانوا أول قرب من بعد ما‬
‫تبي لم أنم أصحاب الحيم"‪ ،‬وأنزل ال ف أب طالب‪" :‬إنك ل تدي من أحببت ولكن‬
‫ال يهدي من يشاء وهو أعلم بالهتدين"‪.‬‬
‫نا يونس عن قيس بن الربيع عن حبيب بن أب ياسر قال‪ :‬حدثن من سع ابن عباس يقول‬
‫ف قوله تعال‪" :‬وهم ينهون عنه وينأون عنه" نزلت ف أب طالب‪ ،‬كان ينهي عن أذى‬
‫ممد‪ ،‬وينأى عما ييء به أن يتبعه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن العباس بن عبد ال بن معبد عن بعض أهله‬
‫عنابن اسحق قال‪ :‬لا أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم أبا طالب ‪ 118‬ف مرضه فقال‬
‫له‪ :‬يا عم قل ل إله إل ال أستحل با لك الشفاعة يوم القيامة‪ ،‬قال‪ :‬وال يا ابن أخي لو‬
‫أن تكون سبة عليك وعلى أهل بيتك من بعدي‪ ،‬يرون أن قلتها جزعا حي نزل ب‬
‫الوت لقلتها‪ ،‬ل أقولا إل لسرتك با‪ ،‬فلما نثقل أبو طالب رؤي يرك شفتيه‪ ،‬فأصغى‬
‫إليه العباس ليسمع قوله‪ ،‬فرفع العباس عنه فقال‪ :‬يا رسول ال قد وال قال الكلمة الت‬
‫سألته‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل أسع‪.‬‬
‫نا يونس عن سنان بن اساعيل النفي عن يزيد الرقاشي قال‪ :‬قيل لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬أبو طالب ونصرته لك وحيطته عليك أين منلته? فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬هو ف ضحضاح من نار‪ ،‬فقيل‪ :‬وإن فيها لضحضاحا وغمرا?‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬نعم‪ ،‬وغن أدن أهل النار منلة لن يذى له نعلن‬
‫من نار يغلي من وهجهما دماغه حت يسيل على قوائمه‪ ،‬قال سنان‪ :‬فبلغن أنه ينادي‬
‫ترى أل يعذب أحد عذابه من شدة ما هو فيه?! نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه‬
‫عن ناجيه بن كعب عن علي بن أب طالب قال‪ :‬لا مات أبو طالب أتيت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فقلت‪ :‬إن أبا طالب‪ ،‬عمك الكافر‪ ،‬قد مات‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم إذهب فواره‪ ،‬فقلت‪ :‬وال ل أواريه‪ ،‬قال‪ :‬فمن يواريه إن ل تواره‪ ،‬فانطلق‬
‫فواره ث ل تدث شيئا حت تأتين‪ ،‬فانطلقت فوراينه ث رجعت إل رسول ال صلى ال‬

‫‪197‬‬ ‫‪197‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عليه وسلم فقال انطلق فاغتسل ث ائتن‪ ،‬ففعلت ث أتيته‪ ،‬فلما أن أتيته دعا ل بدعوات ما‬
‫أحب أن ل بن ما على الرض من شيء‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول ال حروف قال‪ :‬ما زالت قريش كأعي‬
‫عن حت مات ابو طالب‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا وينس عن ابن اسحق قال‪ :‬وقال علي أب طالب يرثي أباه لا مات‪:‬‬
‫أرقت لنوح آخر الليل غردا لـش‬

‫خي بنعي والرئيس الـمـسـودا‬


‫أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى‬

‫وذا اللم ل جلفا ول يك قعـددا‬


‫أخا اللك خل ثلمة سـيشـدهـا‬

‫بنو هاشم أو تستباح وتضـهـدا‬


‫فأمست قريش يفرحون لفـقـده‬

‫ولست أرى حيا لشيء مـلـدا‬


‫أرادوا أمورا زينتها حلـومـهـم‬

‫ستوردهم يوما من الغي مـوردا‬


‫يرجون تكذيب النبـي وقـتـلـه‬

‫وإن يفترون بتا عليه وجـحـدا‬


‫كذبتم وبيت ال حت نـذيقـكـم‬

‫‪198‬‬ ‫‪198‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫صدور العوال والصفح الهندا‬
‫ويبدو منا مـنـظـر ذو كـريهة‬

‫إذا ما تسربلنا الديد الـسـردا‬


‫فإما تبيدونا وإمـنـا نـبـيدكـم‬

‫وإما تروا سلم العشـية أرشـدا‬


‫وإل فإن الـي دون مـحـمـد‬

‫بنو هاشم خي البية متدا ‪119‬‬


‫وإن له منكم من اللـه نـاصـرا‬

‫ولست بلق صاحب ال أوحـدا‬


‫نب أتى من كل وحي بـظـه‬

‫فسماه رب ف الكتاب ممـدا‬


‫أغر كضوء الشمس صورة وجهه‬

‫جل الغيم عنه ضوءه فتـعـددا‬


‫أمي على ما استودع ال قلـبـه‬

‫وإن قال قولً كان فيه مـسـددا‬


‫آخر الزء الرابع بمد ال وعونه يتلوه وفاة خدية بنت خويلد رضي ال عنها‪.‬‬
‫الزء الامس من كتاب الغازي رواية يونس بن بكي عن ممد بن اسحق بسم ال‬
‫الرحن الرحيم‬

‫‪199‬‬ ‫‪199‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وفاة خدية بنت خويلد‬
‫أنا الشيخ أبو السي أجد بن ممد بن النقور الزاز قراءة عليه وأنا أسع قال‪ :‬أنا أبو طاهر‬
‫ممد بن عبد الرحن الخلص قال‪ :‬قرئ على أب السي رضوان بن أحد وأنا أسع قال‪:‬‬
‫نا أبو عمر أحد بن عبد البار العطاردي قال‪ :‬نا يونس بن بكي عن ابن اسحق قال‪ :‬ث‬
‫إن خدية بنت خويلد وأبا طالب ماتا ف عام واحد فتتابعت على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم الصائب بلك خدية وأب طالب‪ ،‬وكانت خدية وزيرة صدق على السلم‪،‬‬
‫كان يسكن إليها‪.‬‬
‫نا يونس عن فايد بن عبد الرحن العبدي عن عبد ال بن أوف أن رسول ال حروف قال‪:‬‬
‫أتان آت من ال عز وجل يبشر خدية ببيت ف النة من قصب ل صخب فيه ول‬
‫نصب‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬ما غرت على امرأة لرسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ما غرت على خدية ما كنت أسع من ذكره لا‪ ،‬وما تزوجن إل‬
‫بعد موتا بثلث سني‪ ،‬ولقد أمر ربه أن يبشرها ببيت ف النة من قصب ل نصب ول‬
‫صخب‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الواحد بن أين الخزومي قال‪ :‬نا أبو نيع أوب عبد ال بن أب نيع‬
‫قال‪ :‬أهدي لرسول ال صلى ال عليه وسلم جزورا ولم‪ ،‬فأخذ عظما منها فناوله‬
‫الرسول بيده فقال له‪ :‬اذهب بذا إل فلنة‪ ،‬فقالت له عائشة‪ :‬ل عمرت يدك? فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن خدية أوصتن با‪ ،‬فغارت عائشة‪ ،‬وقالت‪ :‬لكأنه‬
‫ليس ف الرض امراة إل خدية! فقام يا رسول ال مالك ولعائشة إنا حدث وأنت أحق‬
‫من تاوز عنها‪ ،‬فأخذ بشدق عائشة وقال‪ :‬ألست القائلة كأنه ليس على الرض إمرأة إل‬
‫خدية?! وال لقد آمنت ب إذ كفر قومك‪ ،‬ورزقت من الولد وحر متموه‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد ال بن جعفر عن علي بن أب طالب قال‪:‬‬
‫سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬خي بناتا مري ابنة عمران وخي نسائها‬
‫خدية بنت خويلد‪.‬‬

‫‪200‬‬ ‫‪200‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن السن بن دينار عن السن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬حسبك‬
‫من نساء العالي أربع مري ابنة عمران‪ ،‬وآسية امرأة فرعون‪ ،‬وخدية بنت خويلد‪،‬‬
‫وفاطمة ابنة ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا يونس قال‪ :‬كل شيء من ذكر أزواج النب صلى ال عليه وسلم فهو إملء ابن اسحق‬
‫حرفا حرفا‪.‬‬
‫نا يونس عن ‪ 121‬ابن اسحق قال‪ :‬كان أول امرأة تزوجها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم خدية بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي‪ ،‬وتزوج خدية قبل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهي بكر‪ -‬عتيق بن عائذ بن عبد ال بن عمر بن مزوم‪ ،‬فولدت‬
‫له امرأة ث هلكت عنها‪ ،‬فتزوجها بعده أبو خالة النبشي بن زرارة أحد بن عمرو بن تيم‪،‬‬
‫ل وامرأة‪ ،‬ث هلك عنها‪ ،‬فتزوجها رسول ال صلى‬ ‫حليف بن عبد الدار‪ ،‬فولدت له رج ً‬
‫ال عليه وسلم فولدت له بناته الربع‪ :‬زينب‪ ،‬ورقية‪ ،‬وأم كلثوم‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وولدت بعد‬
‫البنات القاسم‪ ،‬والطاهر‪ ،‬والطيب‪ ،‬فذهب الغلمة جيعا وهم يرضعون‪.‬‬
‫نا يونس عن ابراهيم بن عثمان عن الكم عن مقسم عن ابن عباس قال‪ :‬ولدت خدية‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم إلمي وأربع نسوة‪ :‬القاسم‪ ،‬وعبد ال‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وأم‬
‫كلثوم‪ ،‬وزينب‪ ،‬ورقية‪.‬‬
‫نا يونس عن أب عبد ال العفي عن جابر ممد بن علي قال‪ :‬كان القاسم ابن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قد بلغ أن يركب الدابة‪ ،‬ويسي على النجيبة؛ فلما قبضه ال عزوجل‬
‫قال عمرو بن العاص‪ :‬لقد أصبح ممد أبتر من ابنه‪ ،‬فإنزل ال عز وجل‪" :‬إنا أعطيناك‬
‫الكوثر" عوضا‪ ،‬يا ممد من مصيبتك بالقاسم "فصل لربك وانر‪ .‬إن شانئك هو البتر"‬
‫نا أحد عن يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وعاشت رقية حت تزوجها عثمان بن عفان‪ ،‬فلما‬
‫ماتت زوجه رسول ال صلى ال عليه وسلم أم كلثوم‪ ،‬ويزعمون أنه قد ولد له من رقية‬
‫إلم‪ ،‬فذهب وهو صغي رضيع‪ ،‬وبه كان يكن عثمان‪ ،‬أبا عبد ال‪.‬‬
‫أنا أحد‪ :‬أنا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وكانت زينب عند أب العاصي بن الربيع‪ ،‬فولدت‬
‫له أمامة‪ ،‬وعليا‪ ،‬فذهب علي وهو إلم‪ ،‬وبقيت أمامة حت تزوجها علي بعد فاطمة‪،‬‬
‫فتزوجت بعد قتلى علي الغية بن نوفل بن الارث بن عبد الطلب‪ ،‬فهلكت عنده‪.‬‬

‫‪201‬‬ ‫‪201‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫تزويج فاطمة‬
‫أنا أحد‪ :‬أنا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أبيب نيع عن ماهد عن علي‬
‫قال‪ :‬خطبت فاطمة إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت ل مولة ل‪ :‬هل سعت‬
‫أن فاطمة قد خطبت إل رسول ال صلى ال عليه وسلم? فقلت‪ :‬ل‪ ،‬قالت‪ :‬فقد خطبت‪،‬‬
‫فما ينعك أن تأت رسول ال صلى ال عليه وسلم فيزوجك‪ ،‬فقلت‪ :‬وعندي شيء أتزوج‬
‫به?! فقالت‪ :‬إنك إن جئت رسول ال صلى ال عليه وسلم زوجك فو ال ما زالت‬
‫‪ 122‬ترجين حت دخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان لرسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم جلل وهيبة‪ ،‬فلما قعدت بي يديه أفحمت‪ ،‬فو ال ما استطعت أن أتكلم‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما جاء بك‪ ،‬ألك حاجة? فسكت‪ ،‬فقال‪ :‬ما جاء‬
‫بك‪ ،‬ألك حاجة? فسكت‪ ،‬فقال‪ :‬لعلك جئت تطب فاطمة? فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬وهل‬
‫عندك من شيء تستحلها به? فقلت‪ :‬ل وال يا رسول ال‪ ،‬فقال‪ :‬ما فعلت درع‬
‫سلحكتها‪ ،‬فوا الذي نفس علي بيده إنا لطيمة ما ثنها أربعة دراهم‪ ،‬فقلت‪ :‬عندي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬قد زوجتكما فابعث با إليها فاستحلها با‪ ،‬فإن كانت لصداق فاطمة ابنة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أنا يونس عن عباد بن منصور عن عطاء بن أب رباح قال‪ :‬لا خطب علي فاطمة أتاها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬إن عليا قد ذكرك‪ ،‬فسكتت‪ ،‬فخرج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فزوجها‪.‬‬
‫أنا أحد‪ :‬نا يونس قال‪ :‬سعت ابن اسحق قال‪ :‬فولدت فاطمة لعلي‪ :‬السن‪ ،‬والسي‪،‬‬
‫ومسن‪ ،‬فذهب مسن صغيا‪ ،‬وولدت له‪ :‬أم كلثوم وزينب‪.‬‬
‫أنا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن هانئ عن علي قال‪ :‬لا ولدت حسن سيته‬
‫حربا‪ ،‬قال‪ :‬فجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬أرون بن‪ ،‬ماذا سيتموه? فقلت‪:‬‬
‫سيته حربا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل عليه‪ ،‬ل ولكن اسه حسن‪ ،‬فلما‬
‫ولدت ولدت حسينا سيته حربا‪ ،‬فقال‪ :‬ل ولكن أسه حسي‪ ،‬فلما ولدت الثالث سيته‬
‫حربا‪ ،‬فجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬أرون ابن ماذا سيتموه? فقلنا‪ :‬سيناه‬

‫‪202‬‬ ‫‪202‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حربا‪ ،‬فقال‪ :‬ل ولكن اسه مسن‪ ،‬ث قال‪ :‬إن سيتهم ببن عرون‪ :‬شبه وشبيا‪ ،‬يقول‬
‫حسن وحسي‪.‬‬
‫تزويج عمر بن الطاب أم كلثوم بنت علي‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬وتزوج أم كلثوم ابنة علي من فاطمة ابنة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم عمر بن الطاب‪ ،‬فولدت له زيد بن عمر وامرأة مع‪ ،‬فمات عمر‬
‫عنها‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فحدثن عاصم بن عمر بن قتادة قال‪ :‬خطب عمر‬
‫بن الطاب إل علي بن أب طالب ابنته أم كلثوم‪ ،‬وكانت لفاطمة بنت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬فاعتل علي عليه‪ ،‬وقال‪ :‬هي صغية‪ ،‬فقال عمر‪ :‬ل وال ما ذاك بك‬
‫ولكن أردت منعي‪ ،‬فإن كان كما تقول ‪ 123‬فابعثها إل‪ ،‬فرجع علي فدعاها حلة فقال‪:‬‬
‫انطلقي بذه إل أمي الؤمني فقول‪ :‬يقول لك أب كيف ترى هذه اللة‪ ،‬فأتته با‪ ،‬فقالت‬
‫له ذلك‪ ،‬فأخذ بدرعها فاجتبذتا منه‪ ،‬وقالت‪ :‬أرسل‪ ،‬فأرسلها وقال‪ :‬حصان كري‪،‬‬
‫انطلقي فقول له‪ :‬ما أحسنها وأجلها‪ ،‬ليست وال كما قلت‪ ،‬فزوجها إياه‪.‬‬
‫نا يونس عن خالد بن صال عن واقد بن ممد بن عبد ل بن عمر عن بعض أهله قال‪:‬‬
‫خطب عمر بن الطاب إل علي بن أب طالب ابنته أم كلثوم‪ ،‬وأمها فاطمة بنت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال له علي‪ :‬إن علي فيها أمراء حت استأذنم‪ ،‬فأتى ولد‬
‫فاطمة‪ ،‬فذكر ذلك لم فقالوا‪ :‬زوجه‪ ،‬فدعا أم كلثوم وهي يومئذ صبية فقال‪ :‬انطلقي إل‬
‫أمي الؤمني فقول‪ :‬إن أب يقرئك السلم ويقول لك‪ :‬إنا قد قضينا حاجتك الت طلبت‪،‬‬
‫فأخذها عمر فضمها إليه وقال‪ :‬إن خطبتها إل أبيها فزوجنيها‪ ،‬فقيل‪ :‬يا أمي الؤمني ما‬
‫كنت تريد إليها وهي صب صغية? قال‪ :‬إن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول‪ :‬كل سبب منقطع يوم القيامة إل سبب‪ ،‬فأردت أن يكون بين وبي رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم سبب صهر‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن أبو جعفر عن أبيه علي بن السي قال‪ :‬لا‬
‫تزوج عمر بن الطاب أم كلثوم ابنة علي أتى ملسا ف مسجد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بي القب والنب للمهاجرين ل يكن يلس فيه غيهم‪ ،‬فدعوا له بالبكة فقال‪:‬أما‬

‫‪203‬‬ ‫‪203‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وال ما دعان إل تزويها إل أن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬كل سبب‬
‫ونسب منقطع يوم القيامة إل ما كان من نسب وسبب‪.‬‬
‫أنا يونس عن هشام بن سعد القرشي عن عطاء الرسان عن عمر بن الطاب أنه قال‪ :‬ل‬
‫تغالوا ف مهور النساء فإنه لو كان تقوى ل أو مكرمة ف الدنيا كان نبيكن أولكم‬
‫بذلك‪ ،‬ما أصدق أحدا من نسائه ول أصدق بناته أكثر من اثنت عشرة أوقية أربعمائة‬
‫وثانون درها‪ ،‬ث أن عمر بن الطاب بعد خطب أم كلثوم ابنة علي بن أب طالب‬
‫فأصدقها أربعي ألفا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فلما عمر بن الطاب عن أم كلثوم ابنة علي‬
‫تزوجت عون بن جعفر‪ ،‬فهلك عنها عون ول يصب منها ولد‪.‬‬
‫تزويج أم كلثوم عون بن جعفر بن أب طالب‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن والدي إسحق بن يسار عن حسن بن حسن‬
‫عن علي بن أب طالب ‪ 124‬أنه قال‪ :‬لا أيت أم كلثوم ابنة علي من عمر بن الطاب‬
‫دخل عليها حسن وحسن أخواها فقال لا‪ :‬إنك من قد عرفت سيدة نساء السلمي وابنة‬
‫سيدتن وإنك وال لئن أمكنت عليا من زمتك لينكحنك بعض أيتامه‪ ،‬ولئن أردت أن‬
‫تصيب بنفسك مالً عظيما لتصيبنه‪ ،‬فو ال ما قاما حت طلع علي متوكلً على عصاه‪،‬‬
‫فجلس فحمد ال وأثن عليه ث ذكر منلتهم من رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‪ :‬قد‬
‫عرفتم منلتكم يا بن فاطمة واثرتكم على سائر ولدي لكانكم من رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وقرابتكم منه‪ ،‬فقالوا‪ :‬صدقت رحك ال وجزاك عنا خيا‪ ،‬فقال‪ :‬أي بنية إن‬
‫ال عز وجل قد جعل أمرك بيدك فأنا أحب أن تعليه بيدي‪ ،‬فقالت‪ :‬أي أبة‪ ،‬وال إن‬
‫لمرأة أرغب فيما يرغب فيه الناس‪ ،‬وأحب أن أصيب ما تصيبه النساء من الدنيا‪ ،‬فأنا‬
‫أريد أن أنظر ف أمر نفسي‪ ،‬فقال‪ :‬ل وال يا بنية ما هذا من رأيك‪ ،‬ما هو إل من رأي‬
‫ل منهما أو تفعلي‪ ،‬فاخذا بثيابه فقال‪ :‬إجلس يا أبة‬ ‫هذين‪ ،‬ث قام فقال‪ :‬وال ل أكلم رج ً‬
‫فو ال ما على هجرتك من صب‪ ،‬اجعلي أمرك بيده‪ ،‬فقالت‪ :‬قد فعلت‪ ،‬قال‪ :‬فإن قد‬
‫زوجتك عون بن جعفر‪ ،‬وإنه للم‪ ،‬ث رجع إل بيته فبعث إليها بأربعة آلف‪ ،‬وبعث إل‬
‫ابن أخيه فأدخله عليها‪ ،‬قال حسن‪ :‬فو ال ما سعت بثل عشق منها له منذ خلقك ال‪،‬‬

‫‪204‬‬ ‫‪204‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فما نشب عون أن هلك‪ ،‬فرجع إليها علي فقال‪ :‬أي بنية اجعلي أمرك بيدي ففعلت‪،‬‬
‫فزوجها ممد بن جعفر‪ ،‬ث خرج فبعث إليها بأربعة آلف درهم ث أدخله عليها‪.‬‬
‫أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬فمات عون بن جعفر عن أم كلثوم ابنة علي فتزوجها‬
‫ممد بن جعفر بن أب طالب فمات عنها ول يصب منها‪.‬‬
‫تزويج زينب بنت علي‬
‫وأمها فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كانت زينب ابنة علي تت عبد ال ابن جعفر بن‬
‫أب طالب؛ فولدت له علي بن عبد ال بن جعفر‪ ،‬وأم أبيها‪ ،‬فتزوج أم أبيها عبد اللك بن‬
‫مروان وطلقها فتزوجها علي بن عبد ال بن عباس‪.‬‬
‫نا يونس عن ثابت بن دينار عن أب جعفر قال‪ :‬خطب معاوية بن أب سفيان إل عبد ال‬
‫بن جعفر ابنته من زينب ابنة علي وأمها فاطمة؛ وقال له معاوية‪ :‬أقضى عنك دينك‪،‬‬
‫فوعده‪ ،‬فقال عبد ال‪ :‬إن علي أميا لست أستطيع أن أزوجها حت استأمره‪ ،‬فقال له‬
‫معاوية‪ :‬فاستأمره‪ ،‬وأتى حسي بن علي ‪ 125‬وقال‪ :‬إن معاوية خطب إل ابنت ووعدن‬
‫قضاء دين‪ ،‬وإنا أنت والد‪ ،‬أنت خالا فما ترى? قال له‪ :‬أحب أن تعل أمرها بيدي‪،‬‬
‫قال‪ :‬هو بيدك‪ ،‬قال‪ :‬فدخل حسي بن علي على الارية فقال‪ :‬إن أباك قد جعل أمرك‬
‫بيدي فاجعلي أمرك بيدي‪ ،‬فقالت‪ :‬هو بيدك‪ ،‬فخرج حسي فقال‪ :‬اللهم أقدر لا خي من‬
‫تعلم‪ ،‬فلقي شابا منهم فقال‪ :‬يا فلن اجعل أمرك بيدي‪ ،‬فقال‪ :‬هو بيدك‪.‬‬
‫وكتب معاوية إل مروان بن الكم‪ ،‬وهو أمي الدينة‪ :‬إنن خطبت إل أب جعفر ابنته‬
‫فاشترط رضى حسي فادعه إليك حت يسلم‪ ،‬فجمع مروان الناس وجاء بالدف والسكر‪،‬‬
‫ودعا حسينا فقال‪ :‬إن أمي الؤمني كتب إل أنه خطب إل عبد ال بن جعفر‪ ،‬واشترط‬
‫رضاك‪ ،‬فسلم له‪ ،‬فحمد ال حسي وأثن عليه ث قال‪ :‬أشهدكم أن قد زوجتها فلنا يعن‬
‫الشاب الذي لقيه‪ ،‬فقال مروان‪ :‬أبيتم يا بن هاشم إل غدرا‪ ،‬فقال له حسي‪ :‬نشدتك‬
‫بال هل تعلم أن السن بن علي خطب ابنة عثمان بن عفان فاجتمع الناس مثل اجتماعهم‬
‫الن‪ ،‬وحضر السن لذلك‪ ،‬فجئت أنت فخطبت ث زوجتها غيه? فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‬
‫السي‪ :‬فمن الغادر نن أم أنتم‪ ،‬ث أعطى حسي عبد ال بن جعفر أرضا له يقال لا‬

‫‪205‬‬ ‫‪205‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫البغيبغة فباعها من معاوية بألفي ألف‪ ،‬وأعطى الشاب الذي زوج أرضا له أخرى قومت‬
‫ألفي ألف‪ ،‬وأعطى من صلب ماله قيمة أربعة آلف الف‪.‬‬
‫ما جاء ف تزويج عثمان بن عفان‬
‫نا يونس عن السن بن دينار عن السن قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬
‫عثمان وهو مهموم‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬مالك? قال‪ :‬خطبت إل‬
‫عمر فردن‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أفل أدلك على خت خي لك من‬
‫عمر‪ ،‬وأدل عمر على خت خي له منك‪ ،‬فتزوج رسول ال حفصة ابنة عمر وزوج النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ابنته عثمان بن عفان‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن سنب عن يي بن أب كثي عن الهاجر بن عكرمة الخزومي قال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا اراد أن ينكح امرأة من بناته جلس عند خدرها‬
‫فقال‪ :‬إن فلنا يريد فلنة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن من ل أتم أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم كان يغار لبناته غية شديدة‪ ،‬وكان ل ينكح بناته على ضرة‪.‬‬
‫نا أحد نا وينس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن عمرو بن عبيد عن السن أن ‪ 126‬رسول‬
‫ال حروف قال لمرأة عثمان‪ :‬أي بنية انا ل امرأة لرجل ل يأت ما يهوى ودمه ف وجهه‬
‫وإن أمرها أن تنقل من جبل أسود إل جبل أحر‪ ،‬أو من جبل أحر إل جبل أسود‬
‫فاستصلحي زوجك‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب قفال‪ :‬خطب علي ابنة أب جهل إل‬
‫عمها الارث‪ ،‬فاس‪-‬امر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬عن أي شأنا تسلن‪ ،‬عن‬
‫حسبها? قال‪ :‬ل ولكن تأمرن با‪ ،‬فقال‪ :‬فاطمة مضغة من ول احب أن تزع‪ ،‬فقال‪ :‬ل‬
‫آت شيئا تكرهه‪.‬‬
‫تزويج النب سودة بنت زمعة‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فماتت خدية بنت خويلد قيل مهاجر النب صلى‬
‫ال عليه وسلم بثلثة سني‪ ،‬ل يتزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم عليها امراة حت‬
‫ماتت هي وأبو طالب ف سنة‪ ،‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد خدية سودة‬

‫‪206‬‬ ‫‪206‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫بنت زمعة‪ ،‬وكانت قبله عند السكران بن عمرو‪ ،‬أخي سهيل بن عمرو‪ ،‬وكان ابن عمها‬
‫تزوجها وهي بكر‪ ،‬فهاجر إل أرض البشة‪ ،‬ث قاما مكة فمات عنها مسلما بكة‪.‬‬
‫فتزوجها رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يصب منها ولدا حت مات‪.‬‬
‫نا يونس عن النعمان بن ثابت عن اليثم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال لسودة‬
‫ابنة زمعة‪ :‬اعتدي‪ ،‬فتعرضت له ف طريقه فقالت له‪ :‬نشدتك بال أل راجعتن ولك يومي‬
‫أجعله لي نسائك شئت فإنا أريد أن أحشر من أزواجك يوم القيامة فراجعها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‬
‫تزويج النب عائشة بنت أب بكر الصديق‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن ابن أبيه عروة بن الزبي قال‪ :‬لا دخلت سودة ف السن‬
‫جعلت يومها لعائشة فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقسم به لا‪.‬‬
‫قال ابن اسحق‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد سودة بنت زمعة عائشة بعد‬
‫موت خدية بثلث سني‪ ،‬وعائشة يومئذ ابنة ست سني‪ ،‬وبن با رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهي ابنة تسع سني‪ ،‬ومات رسول ال صلى ال عليه وسلم وعائشة ابنة ثان‬
‫عشرة سنة‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫أريتك ف ‪ 127‬النام مرتي‪ ،‬أرى أن رجلً يملك ف سرقة حرير فيقول‪ :‬هذه امرأتك‬
‫فأكشف فأراك فأقول إن كان هذا من عند ال يضه‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قالت‪ :‬كانت أمي تعالن تريد لتسمعن‬
‫بعض السمن لتدخلن على رسول ال صلى ال عليه وسلم فما استقام لا بعض ذلك حت‬
‫أكلت التمر بالقثاء‪ ،‬فسمنت عليه كأحسن ما يكون من السمن‪.‬‬
‫نا يونس قال‪ :‬تدث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬إن للعب مع جواري من‬
‫النصار ف ارجوحة بي نلتي إذ أتت أمي فأخذت بيدي ما أدري ما تصنع ب فجعلت‬
‫أضع يدي على بطن لرد نفسي لكي ترى ما ب‪ ،‬فذهبت ب أمي ونطقتن وأدخلتن على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪207‬‬ ‫‪207‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن يي بن عباد عن أبيه عباد عباد بن عبد ال‬
‫بن الزبي عن عائشة قالت‪ :‬لا قدمنا مهاجرين سلكنا ف ثنية صعبة فنفر ب جل كنت‬
‫عليه‪ ،‬قوي منكر‪ ،‬فو ال ما أنسى قول أمي‪ :‬واعروساه‪ ،‬فركب ب رأسه فسمعت قائلً‬
‫يقول‪ :‬وال ما أراه ألقى خطامه‪ ،‬فألقيته فقام يستدير عليه كأنا انسان جالس تته يسكه‪.‬‬
‫تزويج النب حفصة بنت عمر‬
‫نا احد‪ :‬نا يونس عن ممد بن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد‬
‫عائشة حفصة بنت عمر‪ ،‬وكانت قبله عند خنيس بن حذافة‪ ،‬أحد بن سهم‪ ،‬فمات‬
‫رسول ال حروف ول يصب منها ولدا‪.‬‬
‫نا يونس عن سليمان العمش عن أب صال عن ابن عمر قال‪ :‬دخل عمر على أخت‬
‫حفصة وهي تبكي‪ ،‬فقال لا‪ :‬ما يبكيك‪ ،‬لعل رسول ال صلى ال عليه وسلم طلقك‪ ،‬إنه‬
‫قد كان طلقك مرة ث راجعك‪ ،‬وال إن كان طلقك أخرى ل أكلمك كلمة أبدا‬
‫تزويج النب زينب بنت خزية‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد حفصة‬
‫زينب ابنة خزية الللية‪ ،‬أم الساكي‪ ،‬وكانت قبله عند الصي بن الارث أو عند أخيه‬
‫الطفيل بن الارث بن عبد الطلب بن عبد مناف‪ ،‬ماتت بالدينة‪ ،‬أول نسائه موتا‪ ،‬ول‬
‫يصب رسول ال صلى ال عليه وسلم منها ولدا‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب قال‪ :‬قلن النسوة لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬أينا أسرع بك لوقا? قال‪ :‬فقال‪ :‬أطولكن يدا‪ ،‬فأخذن يتنازعن عن أطولن‬
‫يدا‪ ،‬فلما توفيت زينب علموا أنا كانت أطولن يدا ف الي والصدقة‪.‬‬
‫تزويج النب أم حبيبة‬
‫نا أحد‪ :‬نا وينس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال حروف بعد زينب أم حبيبة‬
‫بنت أب سفيان‪ ،‬كانت قبله عند عبيد ال بن جحش بن رئاب‪ ،‬أحدبن أسد أخي عبد‬
‫ال بن جحش‪ ،‬كان تزوجها وهي بكرن وكان له منها حبيبة ابنة عبيد ال‪ ،‬فمات عنها‬
‫بأرض البشة وقد تنصر بعد اسلمه‪ ،‬وكانت مهاجرة معه بأرض البشة‪ ،‬فلم يصب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم منها ولدا‪.‬‬

‫‪208‬‬ ‫‪208‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن أبو جعفر قال‪ :‬بعث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إل النجاشي‪ ،‬فزوجه أم حبيبة ابنة أب سفيان وساق‬
‫عنه أربعمائة دينار‪.‬‬
‫تزويج النب أم سلمه‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد أم‬
‫حبيبة أم سلمة هند بنت أب أمية‪ ،‬وكانت قبله عند أب سلمة عبد ال بن عبد السد بن‬
‫هلل بن عبد ال بن عمر بن مزوم هاجرا جيعا إل أرض احبشة‪ ،‬ث قدما الدينة‪،‬‬
‫فأصابته جراحة بأحد‪ ،‬فمات با من جراحته‪ ،‬كان تزوجها وخي بكر‪ ،‬فولدت له سلمة‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬ودرة‪ ،‬وزينب‪ ،‬ول يصب رسول ال صلى ال عليه وسلم منها ولدا‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن أب سلمة بن عبد الرحن بن عوف قال‪ :‬كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يطب أم سلمة يلس على اسكفة الباب ويضع ثوبه‬
‫ويتكئ عليه ويقول عليه السلم‪ :‬إن كان إنا أن أزيدك ف الصداق زدتك‪ ،‬وإن أردت‬
‫أزد النسوة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن والدي اسحق بن يسار قال‪ :‬كان لرسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ف كل يوم من سعد بن عبادة جفنة طعام يدور با معه حيث‬
‫دار‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا خطب امرأة عرض عليها ما أراد أن يسمي‬
‫لا‪ ،‬ث يقول‪ :‬وجفنة سعد بن عبادة تأتيك كل غداة‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر الدن عن سعيد القبي قال‪ :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إل أم سلمة يطبها‪ ،‬فقالت‪ :‬إن ف خصال ل أقدر على أن أتزوجك يا رسول ال‪ ،‬إن‬
‫امرأة كبية‪ ،‬وأنا أغار على زوجي وأخاف أن أغار على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وأنا امرأة مسوسة سهمي‪ ،‬وأنا مطفل ذات عيال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫أما ما تذكرين من الكب فإنه ليس عليك أن تتزوجي من هو أكب منك‪ ،‬وأما ما تذكرين‬
‫من السهم‪ ،‬فأنا ادعو ال أن يسن سهمك‪ ،‬وأما ما تذكرين من العيال‪ ،‬فمت ترك مالً‬
‫فلورثته‪ ،‬ومن ترك دينا أو عيالً فعلى ال وعلى رسوله فتزوجها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪209‬‬ ‫‪209‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر بن حزم‪ ،‬وعبد الرحن‬
‫بن الارث ومن ل أتم عن عبد ال بن شداد بن الاد قال‪ :‬كان الذي زوج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أم سلمة ابنها سلمة‪ ،‬فزوجه رسول ال صلى ال عليه وسلم ابنة‬
‫حزة وها صبيان صغيان‪ ،‬فلم يتمعا حت ماتا‪ ،‬فقال رسول ال حروف‪ :‬هل جزيت‬
‫سلمة بتزويه إياي أمه‪.‬‬
‫ما أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد اللك بن أب بكر بن عبد الرحن بن‬
‫الارث بن هشام عن أبيه قال‪ :‬تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم أم سلمة ف شوال‬
‫وجعها ف شوال فقالت له‪ :‬سع عندي‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم إن شئت‬
‫فعلت وسبعت عند صواحبك‪ ،‬وإن شئت فلث ث أدور عليهن ف يومك‪ ،‬فقالت‪ :‬ل بل‬
‫ثلث‪.‬‬
‫نا يونس عن النعمان بن ثابت عن اليثم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أول على أم‬
‫سلمة بتمر وسويق‪.‬‬
‫تزويج زينب ابنة جحش‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد أم‬
‫سلمة زينب ابنة جحش أخت عبد ال بن جحش إحدى نساء بن أسد بن خزية‪،‬‬
‫وكانت قبله عند موله زيد بن حارثة‪ ،‬زوجه ال إياها‪ ،‬فمات رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ول يصب منها ولدا‪ ،‬وهي أم الكم‪.‬‬
‫نا يونس عن أب سلمة المذان مول الشعب قال‪ :‬مرض زيد بن حارثة فدخل عليه رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يعوده‪ ،‬وزينب ابنة جحش امرأته جالسة عند رأس زيد‪ ،‬فقامت‬
‫زينب لبعض شأنا فنظر إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث طأطأ رأسه فقال‪ :‬سبحان‬
‫ال مقلب القلوب والبصار‪ ،‬فقال زيد‪ :‬أطلقها لك يا رسول ال? فقال‪ :‬ل‪ ،‬فانزل ال‬
‫عز وجل‪" :‬وإذا تقول للذي أنعم ال عليه وأنعمت عليه" إل قوله‪" :‬وكان أمر ال‬
‫مفعول"‪.‬‬
‫تزويج النب جويرية ابنة الارث‬

‫‪210‬‬ ‫‪210‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬تزويج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد زينب‬
‫بنت جحش ‪ 130‬جويرية ابنة الارث بن أب ضرار‪ ،‬وكانت قبله عند ابن عم لا يقال‬
‫له ابن ذي الشفر‪ ،‬فمات رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يصب منها ولدا‪.‬‬
‫نا احد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن جعفر بن الزبي عن عروة عن‬
‫عائشة أنا قالت‪ :‬لا قسم رسول ال صلى ال عليه وسلم سبايا بن الطلق وقعت جويرية‬
‫ابنة الارث ف السهم لثابت بن قيس ولبن عم له‪ ،‬فكاتبته على نفسها‪ ،‬وكانت امرأة‬
‫حلوة ملحة ل يراها أحد إل أخذت بنفسه‪ ،‬فأنت وسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تستعينه ف كتابتها‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬فو ال ما هو إل أن رأيتها فكرهتها وقلت‪ :‬سيى منها‬
‫مثلما رأيت‪ ،‬فلما دخلت عليه قالت‪ :‬يا رسول ال أنا جويرية ابنة الارث‪ ،‬سيد قومه‪،‬‬
‫وقد أصابن من البلء ما ل يف عليك وقد كاتبت على نفس فأعن على كتابت‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أو خي من ذلك‪ ،‬أودي عنك كتابتك وأتزوجك?‬
‫فقالت‪ :‬نعم‪ ،‬ففعل رسول ال صلى ال عليه‪ ،‬فبلغ الناس أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم تزوجها‪ ،‬فقالوا‪ :‬أصهار رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأرسلوا ما كان ف‬
‫أيديهم من بن الطلق‪ ،‬فلقد أعتق با مائة أهل بيت من بن الطلق‪ ،‬فما أعلم امرأة أعظم‬
‫بركة على أهل بيت منها‪.‬‬
‫تزويج النب صفية ابنة حيي‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن عامر الشعب قال‪ :‬كانت جويرية من ملك يي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فأعتقها واستنكحها وجعل مهرها عتق كل ملوك من بن‬
‫الطلق‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد‬
‫جويرية صفية ابنة حيي‪ ،‬وكانت قبله عند كنانة بن الربيع بن أب القيق‪ ،‬فمات عنها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يصب منها ولدا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن والدي اسحق بن يسار قال لا افتتح رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم حصن ابن أب القيق أت بصفة ابنة حيي ومعها ابنة عم لا جاء‬
‫با بلل فمر بما على قتلى من قتلى يهود‪ ،‬فلما رأتم الت مع صفية صكت وجهها‪،‬‬

‫‪211‬‬ ‫‪211‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وصاحت وحثت التراب على رأسها‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم غربوا هذه‬
‫الشيطانة عن‪ ،‬وأمر بصفية خلفه وغطى عليها ثوبه‪ ،‬فعرف الناس أنه اصطفاها لنفسه‪،‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لبلل‪ ،‬حيت رأى من اليهودية ما رأى‪ :‬يا بلل‬
‫نزعت منك الرحة حي تر بامرأتي على قتلها وقد كانت صفية رأت قبل ذلك ‪331‬‬
‫أن قمرا وقع ف حجرها‪ ،‬فذكرت ذلك لبيها فضرب وجهها ضربة أثر فيه‪ ،‬وقال‪ :‬إنك‬
‫لتمدين عنقك إل أن تكون عند ملك العرب‪ ،‬فلم يزل الثر ف وجهها حت أتى با‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فسألا عنه‪ ،‬فأخبته خبه‪.‬‬
‫يونس عن هشام بن أب عبد ال عن شعيب بن الباب عن أنس بن مالك قال‪ :‬أعتق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم صفية وجعل عتقها صداقها‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد ال بن عبد الزدي عن أنس بن مالك قال‪ :‬لا تزوج رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم صفية ابنة حيي دعا الناس على مأدبته وهي يومئذ باليس والتمر‪.‬‬
‫يونس عن سليمان العمش قال‪ :‬بلغن رسول ال صلى ال عليه وسلم أو ل على بعض‬
‫نسائه بقدر من جشيشه‪.‬‬
‫تزويج رسول ال ميمونة بنت الارث الللية‬
‫نا احد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ث تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد صفية‬
‫ميمونة بنت الارث الللية‪ ،‬وكانت قبله عند أب رهم قيس أحد بن مالك بن حسل من‬
‫بن عامر بن لؤي‪ ،‬مات رسول ال صلى ال عليه وسلم ول يصب منها ولدا‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ثقة عن سعيد بن السيب أنه قال‪ :‬هذا عبد‬
‫ال بن عباس يزعم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نكح ميمونة وهو مرم‪ ،‬وكذب‪،‬‬
‫إنا قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم مكة فحل‪ ،‬فكان الل والنكاح جيعا فشبه ذلك‬
‫على الناس‪.‬‬
‫نا يونس عن جعفر بن برقان عن ميمونة بن مهران عن يزيد بت الصم قال‪ :‬تزوج‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ميمونة وهو حلل‪ ،‬بعث إليها الفضل بن عباس ورجلً‬
‫معه فزوجاها إياه‪.‬‬

‫‪212‬‬ ‫‪212‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن عبد ال بن مزر عن يزيد بن الصمك أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تزوج ميمونة وهو حلل بسؤف‪ ،‬وبن با وهو حلل ف قبة لا‪ ،‬فماتت فيها‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد ال بن مرز عن عطاء بن أب رباح عن ابن عباس قال‪ :‬تزوج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ميمونة وهو مرم‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن الشعب قال‪ :‬تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ميمونة وهو مرم‪.‬‬
‫تزويج أساء بنت كعب الونية وعمرة بنت يزيد‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم تزوج أساء‬
‫ابنة كعب الونية‪ ،‬ول يدخل با حت طلقها‪ ،‬وتزوج عمرة ابنة يزيد إحدى نساء بن‬
‫كلب ‪ 132‬ث بن الوحيد‪ ،‬وكانت قبله عند الفضل بن العباس بن عبد الطلب مطلقها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل أن يدخل با‪.‬‬
‫امرأة من غفار‬
‫نا يونس عن أب يي بن زيد الطائي عن سعد بن زيد النصاري قال‪ :‬تزوج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم امرأة من غفار‪ ،‬فدخل با فأمرها فنعت ثوبا فرأى با بياضا من‬
‫برص عند ثديها فاناز رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‪ :‬خذي ثوبك والقي‬
‫بأهلك‪ ،‬وأكمل لا صداقها‪.‬‬
‫نا يونس عن إبراهيم بن اساعيل عن عثمان بن كعب القرظي أن أخا لتميمة ابنة وهب‬
‫ذكر أختا له لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وذكر حالا‪ ،‬فقال لا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬أتبي أن أتزوجك‪ ،‬فقالت‪ :‬اعوذ بالل منك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬منع ال عائذة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن السي بن عبد ال بن عبيد ال بن عباس‬
‫عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬نظر رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أم حبيب ابنة‬
‫عباس وهي بدر بي يديه فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لئن بلغت هذه وأنا حي‬
‫لتزوجنها‪ ،‬فقبض رسول ال صلى ال عليه وسلم قبل أن تبلغ فتزوجها السود بن عبد‬

‫‪213‬‬ ‫‪213‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫السد أخو أب سلمة‪ ،‬فولدت له رزق بن السود ولبابة ابنة السود‪ ،‬ستها باسها أم‬
‫الفضل وكان اسها لبابة‪.‬‬
‫عدد النسوة اللت وهب أنفسهن‬
‫نا يونس عن زكريا بن أب زائدة عن الشعب قال‪ :‬وهب لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫نساء أنفسهن‪ ،‬فدخل ببعضهن‪ ،‬وأرجأ بعض فلم يقربن حت توف‪ ،‬ول ينكحن بعده‪،‬‬
‫فيهن أم شريك‪ ،‬فذلك قوله‪" :‬ترجى من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت‬
‫مت عزلت فل جناح عليك"‪.‬‬
‫نا احد قال‪ :‬نا أب عن جرير بن عبد الميد عن منصور بن أب رزين ف قول ال تعال‪:‬‬
‫"ترجى من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء" فكان فيمن أرجأ رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم سودة‪ ،‬وأم حبيبة‪ ،‬وميمونة‪ ،‬فأراد فراقهن فقلن ل تفارقنا ودعنا لعى حالنا واقسم‬
‫لنا ما شئت من نفسك ومالك‪ ،‬قال‪ :‬فتركهن على حالن وقسم لن ما شاء‪ ،‬قال‪ :‬وكان‬
‫ما آوى‪ :‬عائشة‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وزينب‪ ،‬وحفصة‪ ،‬وكانت قسمتة من نفسه وماله بينهن‬
‫سواء‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‪ :‬كنت أغار‪ ،‬فقلت لمرأة من‬
‫وهبت نفسها لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أما تستحي ‪ 133‬الراة أن تب نفسها‬
‫بغي صداق‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم قد اعتزل بعضهن‪ ،‬وكنت على رجاء‬
‫فلما نزل‪" :‬ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت من عزلت فل‬
‫جناح عليك" أيست وقلت‪ :‬إن لرى ربك يسارع لك ف هواك‪.‬‬
‫نا يونس عن عنبسة بن الزهر عن ساك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال‪ :‬ل يكن‬
‫عند رسول ال صلى ال عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له‪.‬‬
‫نا يونس عن أب سلمة المذان عن الشعب‪ :‬نزل على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬يا‬
‫أيها النب قل لزواجك ان كنت تردن الياة والدنيا وزينتها" إل آخر اليتي‪ ،‬فخيهن‬
‫رسول ال حروف فاخترن ال ورسوله والدار الخرة‪ ،‬فشكر ال لن ذلك وأنزل ال‬
‫عليه‪" :‬ل يل لك النساء من بعد ول تبدل بن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إل ما‬
‫ملكت يينك"‪.‬‬

‫‪214‬‬ ‫‪214‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ما اتذه النب من السراري‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬ومات رسول ال صلى ال عليه وسلم عن التسع‬
‫من مسائه ول تت قبله غي خدية ابنة خويلد وزينب أم الساكي‪ ،‬ومات عن التسع‬
‫البواقي‪ ،‬ول يهاجر منهن إل أرض البشة غيها ول الثلث‪ :‬أم سلمة‪ ،‬وأم حبيبة وفلنة‪،‬‬
‫ول يصب الولد إل من خدية‪ ،‬وكان عند رسول ال صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه‬
‫وسلم ف ملك يينه‪ :‬ريانة ابنة عمرو بن حذافة‪ ،‬فلم يصب منها ولدا حت مات‪ ،‬ومارية‬
‫أم ابراهيم القبطية‪ ،‬ولدت له ابراهيم فلم يصب رسول ال صلى ال عليه وسلم الولد إل‬
‫من خدية ومارية‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن طلحة عن يزيد بن ركانة قال‪:‬‬
‫مات ابراهيم بن رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو ابن ثانية عشر شهرا‪ ،‬فلم يصل‬
‫عليه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد ال بن أب بكر عن عمرة عن عائشة‬
‫بثله‪.‬‬
‫نا يونس عن ابراهيم بن عثمان عن الاكم عن مقسم عن ابن عباس قال‪ :‬ولدت مارية‬
‫القبطية لرسول ال صلى ال عليه وسلم ابراهيم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن‬
‫له لرضعة ف النة‪ ،‬ولو بقي لكان صديقا نبيا‪ ،‬ولو بقي لعتق كل قبطي‪.‬‬
‫نا يونس عن ممد بن عبد الرحن بن أب ليلى عن عطاء بن جابر عن عبد الرحن بن‬
‫عوف قال‪ :‬أخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم بيدي فانطلق ب إل النخل‪ ،‬فوجد فيه‬
‫ابراهيم بن النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأخذه فوضعه ف حجره فذرفت عيناه‪ ،‬ث قال با‬
‫بن ما أملك لك من ال شيئا‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا رسول ال تبكي‪ ،‬يأل تنه عن ‪ 134‬البكاء?‬
‫فقال‪ :‬إنا نيت عن النوح‪ ،‬عن صوتي أحقي فاجرين‪ ،‬صوت عند نعغمة لعب ولو‪،‬‬
‫ومزامي شيطان‪ ،‬وصوت عند مصيبة‪ ،‬خش وجوه‪ ،‬وشق جيوب ورنة شيطان‪ ،‬وهذا‬
‫رحة ومن ل يرحم ل يرحم‪ ،‬يا ابراهيم لول أنه أمر حق‪ ،‬ووعد صدق‪ ،‬وأنا سبيل مأتية‬
‫ل بد منها حت يلحق آخرنا أولنا لزنا عليك حزنا هو أشد من هذا‪ ،‬وإنا بك لحزونون‪،‬‬
‫تبكي العي ويزن القلب‪ ،‬ول نقول ما يسخط الرب‪.‬‬

‫‪215‬‬ ‫‪215‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن البارك بن فضالة عن السن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ولد ل‬
‫البارحة إلم فسميته باسم أب ابراهيم‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ابراهيم بن ممد بن علي بن أب طالب عن‬
‫أبيه عن جده علي بن أب طالب قال؛‪ :‬دعان رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد كان‬
‫كب على مارية أم ابراهيم ف ابن عم لا يزورها ويتلف إليها قبطي‪ ،‬قال‪ :‬خذ هذا‬
‫السيف وانطلق ف إن وجدته عندها فاقتله‪ ،‬فقلت يا رسول ال أكون ف أمرك كالشكة‬
‫الحماة ل يثنين شيء حت أمضي لا أمرتن به‪ ،‬أو الشاهد يرى ما ل يرى الغائب? فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬بل الشاهد برى ما ل يرى الغائب‪ ،‬فأقبلت متوحشا‬
‫السيف فأوجده عندها‪ ،‬فلما رآن اخترت سيفي فعرفت أن أريده‪ ،‬اشتد ف نلة فرقا فيها‬
‫حت إذا كان ف نصفها ودنوت منه رمى بنفسه على ظهره‪ ،‬ث شغر برجله فإذا أنه‬
‫لمسح أجب ما له ما للرجال قليل ول كثي‪ ،‬فغمدت السيف ث جئت رسول صلى ال‬
‫عليه وسلم فأخبته الب فقال‪ :‬المد ل الذي يصرف عنا أهل البيت‪.‬‬
‫ما عوض النب من ابنه‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال حدثن يزيد بن رومان قال‪ :‬كان العاصي بن وائل‬
‫السهمي إذا ذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬دعوه فإنا هو رجل أبتر ل عقب‬
‫له‪ ،‬لو قد هلك قد انقطع ذكره‪ ،‬فاسترحم منه‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪" :‬إنا أعطيناك الكوثر‬
‫فصل لربك وانر" حت قضى السورة‪ ،‬إنا قد أعطيناك الكوثر ما هو خي لك من الدنيا‬
‫وما فيها‪ ،‬أو الكوثر العظيم من المر‪" ،‬إن شانئك هو البتر" العاصي بن وائل‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق‪ :‬حدثن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن عبد ال‬
‫بن مسلم الزهري قال‪ :‬سعت أنس بن مالك يقول‪ :‬قيل لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ما الكوثر الذي ‪ 135‬أعطاك ربك? فقال‪ :‬نر كمثل ما بي صنعاء إل ايلة من أرض‬
‫الشام‪ ،‬آنيته أكثر من عدد نوم السماء‪ ،‬يرده طي لا أعناق كأعناق البخت فقال عمر بن‬
‫الطاب‪ :‬وال يا رسول ال إنا لناعمة? فقال رسول ال‪ :‬أكلها أنعم منها‪.‬‬

‫‪216‬‬ ‫‪216‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن عبد ال بن أب نيع عن أنس بن مالك قال‬
‫ف قول ال عز وجل‪" :‬إنا أعطيناك الكوثر" قال‪ :‬نر ف النة قال ابن أب نيع‪ :‬وقالت‬
‫عائشة‪ :‬هو ف نر ف النة ليس أحديد خل اصبعيه ف أذنيه إل سع ذلك النهر‪.‬‬
‫نا يونس عن يزيد بن زياد بن أب العد عن عاصم الحدري عن علي‪" :‬فصل لربك‬
‫وانر" قال‪ :‬وضع اليمي على الشمال ف الصلة‪.‬‬
‫نا يونس عن فطر بن خليفة قال‪ :‬سألت عطاء عن الكوثر قال‪ :‬نر ف النة‪" ،‬فصل لربك‬
‫وانر" قال‪ :‬أمر أن يصلي الفجر يوم النحر ث ينحر‪.‬‬
‫حديث الستهزئي واليات‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬قام رسول ال صلى ال عليه وسلم على أمر ال‬
‫متسبا مؤديا إل قومه النصيحة على ما كان فيهم من الفائرة والذى والستهزاء‪ ،‬وكان‬
‫عظماء الستهزئي برسول ال صلى ال عليه وسلم كما حدثن يزيد بن رومان عن عروة‬
‫أو غيه من العلماء قال‪ :‬كان الستهزئي برسول ال خسة‪ :‬السود بن عبد يغوث بن‬
‫وهب‪ ،‬والسود بن الطلب بن أسد‪ ،‬والوليد بن الغية‪ ،‬والعاصي بن وائل والارث بن‬
‫الطلجطة أحد بن خزاعة‪ ،‬فكانوا يهزئون برسول ال صلى ال عليه وسلم ويغمزونه‬
‫فأتاه جبيل عليه السلم فوقف به عند الكعبة وهم يطوقون به‪ ،‬فمر به السود بن عبد‬
‫يغوث فأشار جبيل إل بطنه فمات حبنا؛ ومر به السود ابن الطلب فرمى ف وجهه‬
‫بورقة خضراء فعمي‪ ،‬ومر بن الوليد بن الغية فأشار إل جرح ف كعب رجله قد كان‬
‫أصابه قبل ذلك بيسي‪ ،‬فانتقض به فقتله‪ ،‬ومر به العاصي بن وائل فأشار إل أخص رجله‪،‬‬
‫فركب إل الطائف على حار فريض به على شبقة فدخلت ف أخص رجله شوكة‬
‫فقتلته‪ ،‬ومر به الارث بن الطلطلة فأشار إل رأسه فامتخض قيحا حت قتله‪ ،‬ففيهم أنزل‬
‫ال عز وجل‪ :‬إنا كفيناك الستهزئي‪.‬‬
‫نا أحد نا يونس عن ابن اسحق قال حدثن الزهي عن عكاشة بن عبد ال بن أب أحد أنه‬
‫حدث أن رجالً من بن مزوم مشوا إل هشام بن الوليد ‪ 136‬حي أسلم أخوه الوليد‬
‫بن الوليد وقد كانوا أجعوا أن يأخذوا فتية منهم كانوا قد أسلموا‪ :‬سلمة بن هشام‪.‬‬
‫وعياش بن أب ربيعة‪ ،‬فقالوا له‪ -‬وخشوا شره‪ :‬إن قد اردنا أن نعاقب هؤلء الفتية على‬

‫‪217‬‬ ‫‪217‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫هذا الدين الذي أحدثوا فإنا نأمن بذلك ف غيهم فقال‪ :‬من فعل هذا فعليكم به وهذا‬
‫أخي فعاقبوه وإياكم نفسه وقال‪:‬‬
‫أل ل تقتلوا أخي غبيش‬

‫فيبقى بيننا أبدا تـلح‬


‫احذروا على نفسه‪ ،‬فأقسم بال لئن قتلتموه لقتلن أشرفكم رجلً‪ ،‬فقالوا‪ :‬اللهم العنة من‬
‫يغرر بذا البيث‪ ،‬فو ال لو أصيب ف أيدينا لقتل أشرفنا رجلً‪ ،‬فتركوه ونزعوا عنه‪،‬‬
‫فكان ما دفع ال به عنهم‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر عن ممد بن كعب قال‪ :‬كلمت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قريش فقالوا‪ :‬يا ممد تبنا أن موسى كان معه عصا ضرب با الجر فانفجرت منه اثنتا‬
‫عشرة‪ ،‬وتبنا أن عيسى كان ييي الوتى‪ ،‬وتبنا أن ثود كانت له ناقة‪ ،‬فأتنا ببعض‬
‫تلك اليات تت نصدقك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أي شيء تبون أن‬
‫آتيكم به قالوا‪ :‬تعل لنا الصفا ذهبا‪ ،‬قال‪ :‬فإن فعلت تصدقون? قالوا نعم وال لئن فعلت‬
‫لنتبعنك أجعي‪ ،‬فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو فجاءه جبيل عليه السلم‬
‫فقال له‪ :‬ما شئت إن شئت أصبح ذهبا‪ ،‬ولكن ل أرسل آية لوم يصدقوا عند ذلك إل‬
‫عذبتهم‪ ،‬وإن شئت فاتركهم حت يتوب تائبهم فأنزل ال عز وجل‪ :‬وأقسموا بال جهد‬
‫إيانم لئن جاءتم آية ليؤمنن با" إل قوله‪" :‬ما كانوا ليؤمنوا إل أن يشاء ال"‪.‬‬
‫نا يونس عن عيسى بن عبد ال التميمي عن الربيع بن أنس البكري قال‪ :‬قال الناس‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لو جئتنا بآية كما جاء با صال والنبيون‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن شئتم دعوت ال فأنزلا عليكم‪ ،‬فإن عصيتم هلكتم‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫ينل العذاب‪ ،‬قالوا‪ :‬ل نريدها‪.‬‬
‫نا يونس عن أب معشر الدين عن ممد بن كعب القرطي قال‪ :‬كلمت قريش لرسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فقالوا‪ :‬يا ممد إنا ف واد ضيق قليل الاء فسي عنا بقرآنك هذه‬
‫البال‪ ،‬وأخرج لنا من الرض ينبوعا حت نشرب منه الاء‪ ،‬وأخرج لنا آباءنا نكلمهم‬
‫فنسألم‪ :‬ماذا لقوا‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪" :‬ولو أن قرآنا سيت به البتال أو قطعت به‬

‫‪218‬‬ ‫‪218‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الرض أو كلم به الوتى" يقول يا ممد لو أن قرآنا ‪ 137‬صنعت به هكذا لصنعته‬
‫بقرآنك‪.‬‬
‫نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عروة قال‪ :‬كل شيء نزل على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من القرآن فيه ذكر المم والقرون وما يثبت به الرسول فإنا نزل بكة‪ ،‬وما‬
‫كان من الفرائض والسنن فإنا نزل بالدينة‪.‬‬
‫نا يونس عن مبارك بن فضالة عن السن قال‪ :‬قدم عبد ال الكوفة فرأى أناسا من الزط‬
‫ففزع منهم فقال‪ :‬ما هؤلء? فقيل الزط‪ ،‬فقال‪ :‬هؤلء أشبه من رأيت بالن الذي أقراهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا يونس عن العمش قال‪ :‬بلغن أن الن الذي خاطبوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫كانوا تسعة‪.‬‬
‫حديث ركانة بن عبد يزيد‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ .‬والدي اسحق بن يسار أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال لركانة بن عبد يزيد‪ :‬أسلم ‪ ،‬قال‪ :‬لو أعلم ما تقول حقا لفعلت فقال له‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪-‬وكان ركانة من أشد الناس‪ :-‬أرأيت إن صرعتك تعلم‬
‫أن ذلك حق? قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم فصرعه فقال له‪ :‬عد يا‬
‫ممد‪ ،‬فعاد له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأخذه الثانية فصرعه‪ ،‬وانطلق ركانة‬
‫يقول‪ :‬هذا ساحر‪ ،‬ل أر مثل سحر هذا قط‪ ،‬وال ما ملكت من نفسي شيئا حت وضع‬
‫جنب إل الرض‪.‬‬
‫أعلم النبوة‬
‫نا يونس عن العمش عن النهال بن عمرو عن يعلى بن مرة عن أبيه قال‪ :‬سافرت مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم سفرا‪ ،‬فرأيت منه شيئا عجبا‪ ،‬نزلنا منلً فقال‪ :‬انطلق إل‬
‫هاتي الشاءتي فقل‪ :‬إن رسول ال يقول لكما أن تتمعا‪ ،‬فانطلقت فقلت لما ذلك‪،‬‬
‫فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها فمرت كل واحدة إل صاحبتها فالتقتا جيعا‪،‬‬
‫فقضى رسول ال صلى ال عليه وسلم حاجته من ورائهما ث قال انطلق فقل لما لتعود‬

‫‪219‬‬ ‫‪219‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫كل واحدة منهما إل مكانا‪ ،‬فأتيتهما فقلت ذلك لما‪ ،‬فمرت كل واحدة حت عادت‬
‫إل مكانا‪.‬‬
‫وأتته امرأة فقالت‪ :‬إن ابن هذا به لم منذ سبع سني يأخذه كل يوم مرتي فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أذنيه‪ ،‬فأدنته منه‪ ،‬فتفل ف فيه وقال‪ :‬اخرج عدو ال‪ ،‬أنا رسول‬
‫ال‪ ،‬ثن قال لا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إذا رجعنا فاعلمينا ما صنع‪ ،‬فلما رجع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم استقبلته ‪ 138‬ومعها كبشان وأقط وسن‪ ،‬فقال ل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬خذ هذا الكبش‪ ،‬فأخذ منه ما أراد‪ ،‬فقالت‪ :‬والذي‬
‫أكرمك ما رأينا به شيئا منذ فارقنا‪.‬‬
‫ث أتاه بعي فقام بي يديه فرأى عينيه تدمعان‪ ،‬فبعث إل أصحابه فقال‪ :‬ما لبعيكم هذا‬
‫يشكوكم? فقالوا‪ :‬كما نعمل عليه‪ ،‬فلما كب وذهب عمله تواعدنا لنحره غدا‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فل تنحروه‪ ،‬واجعلوه‪ ،‬واجعلوا ف البل يكون فيها‪.‬‬
‫نا يونس عن العمش عن شر بن عطية عن بعض أشياخه قال‪ :‬جاءت امرأة بابن لا إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قد ترس فقالت‪ :‬يا رسول ال إن ابن هذا ل يتكلم منذ‬
‫ولد‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أدنيه منه‪ ،‬فقال‪ :‬من أنا فقال‪ :‬أنت رسول‬
‫ال‪.‬‬
‫نا يونس عن اساعيل بن عبد اللك عن أب الزبي عن جابر قال‪ :‬خرجت مع رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ف سفر‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أراد الباز تباعد‬
‫حت ل يراه أحد‪ ،‬فنلنا منلً بفلة من الرض ليس فيها علم ول شجرة‪ ،‬فقال ل‪ :‬يا‬
‫جابر خذ هذه الداوة وانطلق بنا‪ ،‬فلمات الداوة ماء وانطلقنا فمشينا حت ل نكاد نرى‬
‫فإذا شجرتان بينهما أذرع‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا جابر انطلق فقل لذه‬
‫الشجرة‪ :‬يقول لك رسول ال القي بصاحبتك حت أجلس خلفكما ففعلت‪ ،‬فرجعت‬
‫حت لقت بصاحبتها‪ ،‬فجلس خلفها حت قضى حاجته‪ ،‬ث رجعنا فركبنا رواحلنا وسرنا‬
‫كأنا علينا الطي تظلنا‪ ،‬فإذا نن بامرأة قد عرضت لرسول ال صلى ال عليه وسلم معها‬
‫صب تمله فقالت‪ :‬يا رسول ال إن ابن هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلث مرات ل‬
‫يدعه‪ ،‬فوقف رسول ال صلى ال عليه وسلم فتناوله فجعله بينه وبي مقدمة الرحل‪ ،‬فقال‬

‫‪220‬‬ ‫‪220‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اخس عدو ال أنا رسول ال‪ ،‬فأعاد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ذلك ثلث مرات‪ ،‬ث ناولا إياه فلما رجعنا وكنا بذلك الاء عرضت لنا الرأة‬
‫معها كبشان تقودها‪ ،‬والصب تمله‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول ال قبل هديت‪ ،‬فو الذي بعثك‬
‫بالق أن عاد إليه بعد‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬خذوا أحدها منها وذروا‬
‫الخر‪ ،‬ث سرنا ورسول ال صلى ال عليه وسلم بيننا‪ ،‬فجاء جل باد‪ ،‬فلما كان بي‬
‫السماطي خر ساجدا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬من صاحب هذا المل?‬
‫فقال فتية من النصار‪ :‬هو لنا يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬فما شأنه? قال‪ :‬قالوا‪ :‬سنونا عليه‬
‫‪ 139‬منذ عشرين سنة‪ ،‬فلما كبت سنه وكانت عليه شحيمة فأردنا نره لنقسمه بي‬
‫غلمتنا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬تبيعونه? فقالوا‪ :‬يا رسول ال هو لك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأحسنوا إليه حت يأتيه أجله فقالوا‪ :‬يا رسول ال نن أحق أن نسجد لك من البهائم!‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ل ينبغي لبشر‪ ،‬أن يسجد لبشر ولو كان ذلك‪ ،‬كان‬
‫النساء لزواجهن‪.‬‬
‫نا يونس عن البارك بن فضالة عن السن قال‪ :‬خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم إل‬
‫بعض شعاب مكة‪ ،‬وقد دخله من الغم ما شاء ال‪ ،‬من تكذيب قومه‪ ،‬فقال‪ :‬رب أرن ما‬
‫أطمأن إليه ويذهب عن هذا الغم‪ ،‬فأوحى ال عز وجل إليه‪ :‬ادع أي أغصان هذه‬
‫الشجرة شئت‪ ،‬فدعا غصنا فانتزع من مكانه‪ ،‬ث خد ف الرض حت استوى كما كان‪،‬‬
‫فحمد رسول ال صلى ال عليه وسلم ال عز وجل وطابت نفسه‪ ،‬وقد كان قال‬
‫الشركون‪ :‬أيضلل آباءك وأجدادك يا ممد‪ ،‬فأنزل ال عز وجل‪" :‬أفغي ال تأمرون أعبد‬
‫أيها الاهلون" إل قوله‪" :‬وكن من الشاكرين"‪.‬‬
‫نا يونس عن مالك بن مغول عن طلحة بن أب صال قال‪ :‬بينا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ف مسي له إذ نفذت أزوادهم حت هم رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ينحر‬
‫بعض حائلهم‪ ،‬فقال عمر بن الطاب‪ :‬يا رسول ال لو أمرت ما بقي من أزودة القوم‬
‫فجمعته‪ ،‬فدعوت ال فيه بالبكة‪ ،‬فجاء صاحب التمر وصاحب الب ببه‪ -‬قال‪ :‬وقال‬
‫ماهد وذو النوى بنواه‪ ،‬فقلت‪ :‬وما كانوا يصنعون بالنوى? قال‪ :‬كانوا يضغونه‬
‫ويشربون عليه الاء‪ -‬فدعا ال تعال فيه بالبكة‪ ،‬فلما القوم أزودتم‪ ،‬ث قال عند ذلك‬

‫‪221‬‬ ‫‪221‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أشهد أل إله إل ال وأشهد أن ممدا رسول ال من آمن بال غي شاك فيهما ل يجب‬
‫عن النة‪.‬‬
‫نا يونس عن القاسم بن الفضل قال‪ :‬حدثن أبو نضرة العبدي عن أب سعيد الدري أنه‬
‫حدثهم قال‪ :‬بينما راع يرعى ف الرة إذ عرض ذئب لشاة من غنمه‪ ،‬فحال بي الذئب‬
‫وبينها‪ ،‬فأقعى الذئب على ذنبه فقال للراعي‪ :‬أما تتقي ال‪ ،‬تول بين وبي رزق ساقه ال‬
‫إل‪ ،‬قال الراعي‪ :‬عجبا من ذئب مقعى على ذنبه يكلمن كلم الدميي! فقال له الذئب‪:‬‬
‫أل أحدثك بأعجب من‪ ،‬رسول ال صلى ال عليه وسلم سحدث الناس بأنباء ما قد سبق‬
‫فساق الراعي شياهه حت أتى الدينة ‪ 140‬فزواها إل زاوية من زواياها‪ ،‬ث دخل على‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فحدثه با قال الذئب فخرج رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إل الناس فقال للراعي حدثهم‪ ،‬فأخبهم با قال الذئب فقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬صدق الراعي‪ ،‬والذي نفسي بيده‪ ،‬إنا من أشرط الساعة كلم السباع‬
‫النس‪ ،‬ول تقوم الساعة حت تكلم السباع النس‪ ،‬ويكلمه شراك نعله‪ ،‬ويدثه سوطه‪،‬‬
‫ويبه فخذه ما أحدث أهله بعده‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الميد بن برام الفزاري قال‪ :‬حدثن شهر بن حوشب عن أب سعيد أنه‬
‫قال‪ :‬بينا رجل من أسلم ف غنيمة له يهش عليها ببيداء ذي الليفة إذ غدا عليه الذئب‬
‫فانتزع شاة من غنمه‪ ،‬فهجاه الرجل‪ ،‬ورماه حت استنقذ منه شاته‪ ،‬ت أقبل الذئب حت‬
‫أقعى مستقرا بذنبه مقابل الرجل فقال‪ :‬أما اتقيت ال‪ ،‬حلت بين وبي شاة رزقنيها ال‪،‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬تال ما سعت كاليوم قط‪ ،‬فقال الذئب‪ :‬مت تعجب? قال أعجب من‬
‫ماطبتك إياي! فقال الذئب أعجب من ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم بي الرتي‪،‬‬
‫ف النخلت يدث الناس ما خل‪ ،‬ويدثهم با هو آت‪ ،‬وأنت هاهنا مع غنمك‪ ،‬فلما سع‬
‫الرجل قول الذئب ساق غنمه يوزها حت إذا أدخلها قباء‪ ،‬قرية النصار‪ ،‬فسأل عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فصادفه ف بيت أب أيوب‪ ،‬فاخبه بب الذئب‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬صدقت‪ ،‬احضر العشية فإذا رأيت الناس قد اجتمعوا‬
‫فأخبهم ذلك ففعل‪ ،‬فلما صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم الظهر واجتمع الناس‬
‫أخبهم السلمي خب الذئب‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬صدق‪ ،‬صدق‪،‬‬

‫‪222‬‬ ‫‪222‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫صدق‪ ،‬تلك العاجيب بي يدي الساعة‪ ،‬فرددها ثلثا‪ ،‬أما والذي نفس ممد بيده‬
‫ليوشك الرجل أن يغيب عن أهله الروحة أو الغدوة ث يبه سوطه أو عصاه أو نعله با‬
‫أحدث أهله من بعده‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن عبد الرحن العرج عن أب سلمة بن عبد‬
‫الرحن بن عوف عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ -‬وحدث عن‬
‫رجل ركب بقرة فاستحثها يضربا فقال‪ :‬يا عبد ال إن ل أخلق لذا‪ ،‬قال القوم‪ :‬سبحان‬
‫ال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬عجبتم لذلك? قالوا‪ :‬نعم يا رسول ال فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬فأنا أؤمن به‪ ،‬وأبو بكر‪ ،‬وعمر وما ها ث‪.‬‬
‫ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ذئبا عدا على غنم رجل فأخذ منها شاة‬
‫فطلبها الرجل حت نزعها ‪ 141‬منه‪ ،‬فقال الذئب‪ :‬هذا أنت منعتها اليوم من‪ ،‬فمن الذي‬
‫ينعها يوم السبع إذ ليس فيها راعي غيي?! فسبح القوم‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬أتعجبون من هذا? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإن أؤمن به أنا وأبو بكر وعمر وما ها ث‪.‬‬
‫نا يونس عن يي بن أب أنيسة عن الزهري عن سعيد بن السيب عن أب هريرة أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬بينما راعي ف غنمه‪ ،‬فعدا الذئب فأخذ شاة من غنمه‬
‫فطلبها الراعي حت استنقذها منه‪ ،‬فالتفت إليه الذئب فقال له‪ :‬من لا يوم السبع‪ ،‬يوم ليس‬
‫راع? فقال القوم سبحان ال! فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن أؤمن بذلك أنا‬
‫وأبو بكر وعمر‪.‬‬
‫نا يونس عن ابن أنيسة عن الزهري عن سعيد بن السيب وأب سلمة بن عبد الرحن عن‬
‫أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬بينا رجل يسوق بقرة لنفسه قد حل‬
‫عليها‪ ،‬فالتفتت إليه البقرة فقالت‪ :‬إن ل أخلق لذا ولكن خلقت للحرث! فقال الناس‪:‬‬
‫سبحان ال! فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬فإن أؤمن به أنا وأبو بكر وعمر‪.‬‬
‫نا يونس عن السري بن اساعيل عن الشعب قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫بعض أسفاره فنل فأن بأداوة من ماء‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا رسول ال ما معنا ماء غيها‪ ،‬فسكبها‬
‫ف ركوة‪ ،‬ث وضع اصبعه ف وسط الركون غمسها ف الاء‪ ،‬فجعل يئ الناس فيتضئون‪،‬‬

‫‪223‬‬ ‫‪223‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ث يقولون صدرا‪ ،‬فأبصر رسول ال صلى ال عليه وسلم عقب بعضهم ل يصب الاء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬اللهم اغفر لعقابم‪.‬‬
‫يونس عن مالك بن مغول عن طلحة عن أب صال أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬مت ألقى اخوان? فقيل‪ :‬يا رسول ال ألسنا إخوانك? فقال‪ :‬أنتم أصحاب‪ ،‬وإخوان‬
‫قوم من أمت ل يرون يؤمنون ب ويصدقون‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أي‬
‫اللق أعجب إيانا? قالوا‪ :‬ملئكة ال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وما لم أل‬
‫يؤمنوا وهم عند ربم! قالوا‪ :‬فالنبيون‪ ،‬قال‪ :‬وما لم ل يؤمنون وهم موحى إليهم! قالوا‪:‬‬
‫ملئكة ال‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وما لم أل يؤمنوا وهم عند ربم!‬
‫قالوا‪ :‬فالنبي‪ ،‬قال‪ :‬وما لم ل يؤمنون وهم موحى إليهم! قالوا‪ :‬فأصحاب النبيي‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وما لم ل يؤمنوا وأنبياء ال عز وجل فيهم! لكن قوم‬
‫من أمت ل يدركون يؤمنون بكتاب من ربم فيؤمنون به ويصدقون‪.‬‬
‫نا يونس عن العمش عن عمارة بن عمي عن عبد الرحن بن يزيد قال‪ :‬تذكروا فضل‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم فقال عبد ال‪ :‬ما كان أبيه فضله لن رآه‪ ،‬والذي ل‬
‫إله غيه ما آمن مؤمن قط أفضل إيانا من مؤمن بغيب‪ ،‬ث تلعب ال‪" :‬أل ذلك الكتاب‬
‫ل ريب فيه" حت بلغ "اولئك هم الفلحون"‪.‬‬
‫نا ويس عن اساعيل بن عبد اللك عن عطاء أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال يوما‬
‫ل منكم بعث إليكم‬ ‫‪ 142‬لصحابه وهم يتمعون حوله‪ :‬عجب وليس بالعجيب أن رج ً‬
‫فآمن به من آمن منكم‪ ،‬وصدقه من صدقه منكم‪ ،‬فهذا عجب وليس بالعجيب‪ ،‬وعجب‬
‫وهو العجب العجيب لقوم يؤمنون ب ول يرون‪.‬‬
‫نا يونس عن اساعيل قال‪ :‬حدثن يزيد بن أب حبيب عن مزيد بن عبد ال عن أب عبد‬
‫الرحن الهن قال‪ :‬بينا نن عند رسول ال صلى ال عليه وسلم إذ أقبل راكبان من أهل‬
‫اليمن‪ ،‬فلما رآها رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬كنديان‪ ،‬مذحجيان‪ ،‬أتيان رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ليباعاه‪ ،‬فقال أحدها حي أخذ بيده ليبايعه‪ :‬يا رسول ال أرأيت‬
‫من أدركك فآمن بك وصدقك وشهد أن ما جئت به هو الق ماذا له? قال‪ :‬طوب له فما‬
‫سحه ث انصرف‪ ،‬وأقبل الخر فقال‪ :‬يا رسول ال أرأيت من ل يرك وصدقك وشهد أن‬

‫‪224‬‬ ‫‪224‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫من جئت به هو الق ماذا له? قال‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬طوب له فما‬
‫سحه ث انصرف‪.‬‬
‫نا يونس عن فائدة بن عبد الرحن العبدي قال‪ :‬نا عبد ال ب أوف أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬إن لشتاق إل إخوان‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا رسول ال ألسنا إخوانك? فقال‪:‬‬
‫ل أنتم أصحاب‪ ،‬إخوان‪ ،‬قوم آمنوا ب ول يرون‪ ،‬فجاء أبو بكر فأخبه عمر بالذي قال‬
‫له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال رسول ال حروف‪ :‬يا أبا بكر أل تب قوما‬
‫بلغهم أنك تبن فأحبوك‪ ،‬فأحبهم أحبهم ال‪.‬‬
‫إسلم أم شريك الدوسية‬

‫نا يونس عن عبد العلى بن الساور القرشي عن ممد بن عمرو عن عطاء عن أب هريرة‬
‫قال‪ :‬كانت امرأة من دوس بقال لا أم شريك أسلمت ف رمضان‪ ،‬فأقبلت تطلب من‬
‫يصحبها إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلقيت رجلً من اليهود فقال‪ :‬ما لك يا أم‬
‫شريك? قالت‪ :‬أطلب رجلً يصحبن إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬فتعال أنا‬
‫أصحبك‪ ،‬قالت‪ :‬فانتظرن حت أمل سقائي ماء‪ ،‬قال‪ :‬معي ما ل تريدين من ماء فانطلقت‬
‫معهم فساروا يومهم حت أمسوا فنل اليهودي ووضع سفرته فتعشى وقال‪ :‬يا أم شريك‬
‫تعال إل العشاء‪ ،‬فقالت إسقن من الاء فإن عطشى ول أستطيع أن آكل حت أشرب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ل أسقيك حت تودي‪ ،‬قالت‪ :‬ل جزاك ال خيا غررتن ومنعتن أحل ماء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ل وال ل أسقيك منه قطرة حت توين‪ ،‬فقالت‪ :‬ل وال ل أتود أبدا ‪ 143‬بعد إذ هدان‬
‫ال للسلم‪ ،‬فأقبلت إل بعيها فعقلته ووضعت رأسها على ركبته فنامت‪ ،‬قال‪ :‬فما‬
‫أيقظن إل برد دلو قد وضع على جبين‪ ،‬فرفعت رأسي إل دلو أشد بياضا من اللب‬
‫وأحلى من العسل‪ ،‬فشربت حت رويت‪ ،‬ث نضجت على سقائي حت ابتل‪ ،‬ث ملته ث‬
‫رفع بي يدي وأنا أنظر حت توارى عن ف السماء‪ ،‬فلما أصبحت جاء اليهودي فقال‪ :‬يا‬
‫أم شريك‪ ،‬فقلت‪ :‬قد وال سقان ال‪ ،‬قال‪ :‬من أين‪ ،‬أنزل عليك من السماء? قلت‪ :‬نعم‬
‫وال قد أنزل ال علي من السماء‪ ،‬ث رفع بي يدي حت توارى عن ف السماء؛ ث أقبلت‬
‫حت دخلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقضيت عليه القصة‪ ،‬فخطب إليها‬

‫‪225‬‬ ‫‪225‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال لست أرضي بنفسي لك‪ ،‬ولكن‬
‫بضعي لك فزوجن من شئت‪ ،‬فزوجها زيدا‪ ،‬وأمر لا بثلثي صاعا‪ ،‬وقال‪ :‬يكلوا ول‬
‫تكيلوا‪ ،‬وكان معها عكة سن هدية لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقالت لارية لا‬
‫أبلغي هذه العكة رسول ال صلى ال عليه وسلمن وقول‪ :‬أم شريك تقرئك السلم‬
‫وتقول‪ :‬هذه عكة سن أهديناك لك‪ ،‬فانطلقت با‪ ،‬فأخذوها يفرغوها‪ ،‬وقال لا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬علقوها ول توكوها‪ ،‬فعلقوها ف مكانا‪ ،‬فدخلت أم شريك‬
‫فنظرت إليها ملوءة سنا فقالت‪ :‬يا فلنة أليس أمرتك أن تنطقن بذه العكة إل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم? فقالت‪ :‬قد وال انطلقت با كما قلت ث أقبلت با أصوبا ما يقطر‬
‫منها شيء‪ ،‬ولكنه قال‪ :‬علقوها ول توكوها‪ ،‬فعلقتها ف نكانا‪ ،‬وقد أوكتها أم شريك‬
‫حي راتا ماوءة‪ ،‬فأكلوا منها حت فنيت‪ ،‬ث كالوا الشعي فوجدوه ثلثي صاعا ل ينقص‬
‫منه شيء‪.‬‬
‫إسلم أب هريرة من دوس‬
‫نا يونس عن أب خلدة خالد بن دينار عن أب العالية قال‪ :‬لا أسلم أبو خريرة قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬من أنت? فقال‪ :‬من دوس‪ ،‬فوضع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يده على جبينه ث نفها‪ ،‬فقال‪ :‬ما كنت أرى من دوس أحدا فيه خي‪.‬‬
‫نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن بعض أصحاب عن اب هريرة قال‪ :‬كان اسي ف‬
‫الاهلية عبد شس بن صخر‪ ،‬فتسميت ف السلم عبد الرحن‪ ،‬وإنا كنان بأب هريرة أن‬
‫كنت أرعى غنما له فوجدت أولد هرة وحشية فجعلتها ف كمي فلما ‪ 144‬أرحت‬
‫عليه غنمه سع أصواتن ف صفن‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا يا عبد شس? فقلت‪ :‬أولد هر وجدتا‪،‬‬
‫قال‪ :‬فأنت أبو هريرة فلزمتن بعد‪.‬‬
‫نا يونس قال‪ :‬قال ابن اسحق‪ :‬وكان وسيطا ف دوس حيث يب أن يكون منهم‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن هزان بن سعيد قال‪ :‬أتيت بيت القدس فلقيت‬
‫با علي بن عبد ال بن العباس فسلمت عليه‪ ،‬فقال ل‪ :‬من أنت? قلت‪ :‬رجل من أهل‬
‫الرها‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا برجل من قوم أوصى بم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث قال‪ :‬قال‬

‫‪226‬‬ ‫‪226‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أوصيكم بالرهاويي والدوسيي والداريي خيؤا‪ .‬فزعم‬
‫عبد الرحن أن هذه أساء من قبائل العرب‪.‬‬
‫إسلم عدي بن حات‬
‫نا يونس عن عبد العلى بن أب الساور القرشي عن عامر الشعب عن عدي بن حات قال‪:‬‬
‫بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم بالنبوة وما أعلم أحدا من العرب كان أشد بغضا‬
‫ول كراهية له من حت لقت بالروم‪ ،‬فلما بلغن ما يدعو إليه من الخلق السنة وما قد‬
‫اجتمع له من الناس ارتلت حت أتيته‪ ،‬فوقفت عليه وعنده صهيب وسلمان وبلل‪ ،‬فرفع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم رأسه فنظر إل فقال‪ :‬يا عدي بن حات أسلم تسلم‪ ،‬فقلت‬
‫أخ أخ فأنت‪ ،‬ث جئت حت ألصقت ركبت بركبته فضرب على فخذي وقال يا عدي‬
‫بن حات أسلم تسلم‪ ،‬فقلت‪ :‬وما السلم? قال‪ :‬تشهد أل إله إل ال وأن رسول ال‬
‫وتؤمن بالقدار كلها خيها وشرها‪ ،‬حلوها ومرها يا عدي بن حات ل تقوم الساعة حت‬
‫تفتح خزائن قيصر وكسرى يا عدي بن حات‪ :‬ل تقوم الساعة حت تفتح خزائن قيصر‬
‫وكسرى يا عدي بن حات‪ :‬ل تقوم الساعة حت تفتح خزائن قيصر وكسرى يا عدي بن‬
‫حات‪ :‬ل تقوم الساعة حت تأت الظعينة من الية‪ -‬ول يكن يومئذ كوفة‪ -‬فتطوف بذه‬
‫الكعبة بغي جوار‪ ،‬يا عدي بن حات ل تقوم الساعة حت يمل الرجل جراب الال‬
‫فيطوف به‪ ،‬ول يد أحدا يقربه فيضرب به الرض‪ ،‬فيقول‪ :‬ليتك ل تكن ل‪ ،‬ليتك كنت‬
‫ترابا‪.‬‬
‫نا يونس عن سعيد بن عبد الرحن عن ممد بن سيين عن أب عبيدة بن حذيفة بن‬
‫اليمان‪ ،‬ول أر سنه تزيد عليه‪ ،‬وكان يوم رأيته ابن أربعي سنة‪ ،‬عن رجل كان يسمى‬
‫السمي أنه دخل على عدي بن حات فقال‪ :‬إنه بلغن عنك حديث أحببت أن أكون أنا‬
‫أسعه منك‪ :‬فقال‪ :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكنت أشد الناس له كراهية‪،‬‬
‫أو من أشد الناس‪ ،‬فلحقت بأقصى أرض العرب ‪ 145‬من قبل الروم‪ ،‬وكرهت مكان‬
‫أشد من كراهت المر الول‪ ،‬فقلت‪ ،‬لتي هذا الرجل فلئن كان صادقا ل يفي علي‪،‬‬
‫ولئن كان كاذبا ل يفى علي أو ول يضرن شك ممد‪ .‬فقدمت الدينة فاستشرفن‬
‫الناس‪ ،‬فقالوا‪ :‬عدي بن حات‪ ،‬فأتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا عدي بن‬

‫‪227‬‬ ‫‪227‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫حات أسلم تسلم‪ ،‬فقلت‪ :‬إن ل دينا‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أعلم بدينك منك‪ ،‬فقلت‪ :‬ما يعلك أعلم‬
‫بدين من? قال‪ :‬أنا أعلم بدينك منك‪ ،‬فقلت‪ :‬ما يعلك أعلم بدين من? قال‪ :‬ألست‬
‫ترأس قومك ألست تأخذ الرباع? فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فإن ذلك ل يل لك ف دينك‪،‬‬
‫فكان ذلك وهنا ف نفسي‪ ،‬فقال‪ :‬ينعك أن تسلم خصاصة من ترى‪ ،‬وإنك ترى الناس‬
‫ألبوا علينا مأخذا‪ -‬أويدا واحدة‪ ،‬شك ممد‪ -‬فقلت‪ :‬أجل فقال‪ :‬هل أتيت الية?‬
‫فقلت‪ :‬ل‪ ،‬وقد علت مكانا‪ ،‬فقال‪ :‬توشط الظعينة أن ترج من الية حت تطوف‬
‫بالبيت بغي جوار‪ ،‬وتوشك أن تفتح كنوز كسرى بن هرمز‪ ،‬فقلت‪ :‬كنوز كسرى بن‬
‫هرمز?! فقال‪ :‬كنوز كسرى بن هرمز‪ ،‬مرتي‪ ،‬ويوشك أن يرج الرجل الصدقة من ماله‬
‫فل يد من يقبلها‪ ،‬قال‪ :‬فقد رأيت الظعينة ترج من الية حت تطوف بالبيت بغي‬
‫جوار‪ ،‬وقد كنت ف أول جيش أغار على الدائن‪ ،‬وإي ال لتكونن الثالثة‪ ،‬إنه لقول‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نا يونس عن ابراهيم بن عبد الرحن الشيبان عن ممد بن سيين عن عدي بن حات قال‪:‬‬
‫نا رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪ :‬ل تقوم الساعة حت يفتح القصر البيض الذي‬
‫بالدائن‪ ،‬ول تقوم الساعة حت تسي الظعينة من الجاز إل العراق آمنة ل تاف شيئا‪،‬‬
‫فقد رأيتهما جيعا‪ ،‬ول تقوم الساعة حت يكون على الناس إمام يثى الال حثيا‪.‬‬
‫نا يونس عن عنبسة بن الزهر عن سعيد بن مسروق قال‪ :‬كلم عدي بن حات عمر ف‬
‫شيء‪ ،‬فقال له عدي‪ :‬يا أمي الؤمني أل تعرفن? قال عمر بلى آمنت اذ كفروا‪ ،‬وصدقت‬
‫إذ كذبوا‪ ،‬فأعطيت إذ منعوا‪.‬‬
‫نا يونس عن قرة بن خالد قال‪ :‬نا يزيد بن عبد ال بن الشخي قال‪ :‬بينا نن بذا الريد إذ‬
‫أتى علينا أعراب شعث الرأس معه قطعة أدي‪ ،‬أو قطعة جراب فقلنا‪ :‬كأن هذا ليس على‬
‫أهل البلد‪ ،‬فقال أجل هذا كتاب كتبه إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال القوم‪:‬‬
‫هات‪ ،‬فأخذته فقرأته فإذا فيه‪:‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‪:‬‬
‫هذا كتاب من ممد النب رسول ال‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬لنب وهي بن أفبش‪ -‬قال‬
‫أبو العلء‪ :‬وهم حي من عكل‪ -‬إنكم ‪ 146‬إن شهدت أل غله إل ال‪ ،‬وأقمتم الصلة‪،‬‬

‫‪228‬‬ ‫‪228‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وآتيتم الزكاة‪ ،‬وفارقتم الشركي‪ ،‬وأعطيتم من الغنائم المس وسهم النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والصفي‪ -‬وربا قال‪ :‬وصفه‪ -‬فأنتم آمنون بأمان ال وأمان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫فقال القوم‪ :‬هات أصلحك ال حدثنا ما سعت من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول? قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬صوم شهر الصب وثلثة أيام‬
‫من كل شهر يذهب من وحر الصدر‪ ،‬فقام القوم‪ :‬أنت سعت هذا من رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يقول? فقال‪ :‬ل أراكم تافون أن أكون أكذب على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ل وال ل أحدثكم حديثا اليوم‪ ،‬ث أهوى إل الصحيفة فانتزعها‪ ،‬ث انصاع‬
‫مدبرا‪.‬‬
‫نا يونس عن يونس بن عمرو عن أبيه عن أب تيمة الجيمي قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أعراب فقال‪ :‬يا ممد إل ما تدعو? قال‪ :‬أدعوك إل من أصابك ضر فدعوته‬
‫كشف عنك ضرك‪ ،‬وغلى من إن كنت بفلة من الرض فأضللت راحتك فدعوته رد‬
‫عليك‪ ،‬وغلى من إن أصابتك سنة فأجدبت أنبت لك‪ ،‬فقال العراب‪ :‬ما أحسن هذا‪،‬‬
‫أوصن‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أوصيك أل تغتبط الناس‪ ،‬ول تزهد ف‬
‫العروف‪ ،‬والق أخاك حي تلقاه ووجهك منبسط إليه وإن ل يكن لك إل دلو واحد‬
‫فسألك أن تفرغ له من دلوك فأفرغ منه‪ ،‬وإياك وإسبال الزار فإنه من الخيلة‪ ،‬وإن ال‬
‫عز وجل ل يب الخيلة‪.‬‬
‫نا يونس عن يوسف بن ميمون عن السن قال‪ :‬جاء رجل من أشراف أهل البوادي إل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا ممد إل ما تدعو? قال‪ :‬أدعوك إل من إن‬
‫أسنت ث دعوته أنبت لك‪ ،‬وإن أضللت ث دعوته رد عليك‪ ،‬وإن أصابك كرب أو هم أو‬
‫غم ث دعوته كشف عنك‪ ،‬ث أسلم‪ ،‬ث مكث ما شاء ال أن يكث ث قال‪ :‬يا رسول ال‬
‫إن أريد الرجوع إل أهلي فأوصن‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أوصيك بتقوى‬
‫ال وأن تصدق‪ ،‬فقال‪ :‬من أي شيء أتصدق‪ ،‬فقال‪ :‬من إبلك‪ ،‬فقال‪ :‬وكلنا له إبل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فمن غنمك‪ ،‬فقال‪ :‬وكلنا له غنم‪ ،‬قال‪ :‬فمن مالك‪ ،‬فقال‪ :‬وكلنا له مال‪ ،‬فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا هذا تكف لسانك عن الناس فإنا صدقة عليك حسنة‪.‬‬

‫‪229‬‬ ‫‪229‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫إسلم جرير بن عبد ال‬
‫نا يونس عن داود بن زيد عن عامر الشعب عن جرير بن عبد ال انه حدته قال‪ :‬أتيت‬
‫‪ 147‬رسول ال صلى ال عليه وسلم أبايعه فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أرن‬
‫يدك يا جرير‪ ،‬فقلت‪ :‬على مه? فقال على أن تسلم ل‪ ،‬والنصيحة لكل مسلم‪ ،‬فأدركها‬
‫جرير‪ ،‬وكان رجلً فطنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال فيما أطقت‪ ،‬فكانت له وللناس بعد‪ ،‬قال‬
‫جرير‪ :‬وسعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬بن السلم على خس‪ :‬شهادة أل‬
‫إله إل ال‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم رمضان‪.‬‬
‫نا يونس عن قيسش بن الربيع عن ساك بن حرب وعبد ال ب عمر عن جابر بن سرة‬
‫قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬لتفتتحن أرض كسرى عصابة من‬
‫السلمي‪.‬‬
‫نا يونس عن قيس بن الربيع عم جبلة بن سحيم عن مؤثر بن غفارة العبدي قال‪ :‬نزلت‬
‫بابن الصاصية ف ركب من عبد القيس فقال‪ :‬بايعن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫على الصلوات المس‪ ،‬وصيام رمضان‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬والزكاة طيبة با نفسك‪ ،‬والهاد‬
‫ف سبيل ال‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال كل هذا ل أستطيع‪ ،‬أما الزكاة فليس ل إل مال أعيش‬
‫فيه‪ ،‬وأهل يعتملون عليه وأما الهاد فإن أخاف أن تشع نفسي فأفر فأبوء بغضب من‬
‫ال‪ ،‬فكف يده عن فقال‪ :‬ل جهاد ول صدقة‪ ،‬فبم تدخل النة? فقلت يا رسول ال مد‬
‫يدك فأبايعك عليهم كلهن‪ ،‬فبسط يده فبايعه‪.‬‬
‫نا يونس عن يي بن أب حية الكلب عن زاذان عن جرير بن عبد ال قال‪ :‬خرجنا مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على أبل آكله نواء فلما بلغنا إل الصحراء طلع راكب‬
‫يوضع نونا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم إياكم يريد هذا‪ ،‬فلما دنا قال رسول‬
‫ال حروف‪ :‬من أين أقبلت? قال‪ :‬من مال وولدي وعشيت‪ ،‬فقال‪ :‬أين تريد? قال‪:‬‬
‫أردت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال له‪ :‬قد أصيب‪ ،‬فقال له‪ :‬يا رسول ال علمن‬
‫السلم‪ ،‬فلما رأينا رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أقبل عليه حففنا ببعيه‪ ،‬فقال له‪:‬‬
‫تشهد أل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬أقررت‪ ،‬قال‪ :‬وتصلي الصلوات الكتوبة‪،‬‬
‫قال‪ ::‬أقررت‪ ،‬قال‪ :‬وتؤدي الزكاة الفروضة‪ ،‬قال‪ :‬أقررت‪ ،‬قال‪ :‬وتج البيت‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪230‬‬ ‫‪230‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أقررت‪ ،‬قال‪ :‬وتصوم رمضان‪ ،‬قال‪ :‬أقررت‪ ،‬فقتال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬هذا‬
‫ارسلم‪ ،‬فسار مع رسول ال صلى ال عليه وسلم فوقعت رجل بعيه ف شبكة جرذان‬
‫فعثر‪ ،‬فوقع الرجل على رأسه‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم أخاكم‪ ،‬فوثب إليه‬
‫حذيفة وعمار فأسنداه فقال‪ :‬يا رسول اله قد مضى الرجل فأعرض ‪ 148‬عنه ما شاء‬
‫ال‪ ،‬ث أقبل بوجهه فقال‪ :‬أل ترون حي أعرضت فإن رأيت ملكي يشوان ف فيه من‬
‫ثار النة‪ ،‬فعرفت أن الرجل كان جائعا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬عمل‬
‫قليلً وأجر كثيا‪ ،‬هذا وال من "الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم أولئك لم المن‬
‫وهم مهتدون" احلوا أخاكم فاحتملناه فلما انتهينا به إل الاء قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬اغسلوه وكفنوه وحنطوه‪ ،‬ففعلنا‪ ،‬ث صلى عليه‪ ،‬ث جلس رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم على شفي القب فقال‪ :‬ألدوا له فإن اللحد لنا والشق لغينا‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن أمي الكنان قال‪ :‬حدثن ممد بن علي بن السي بن علي‬
‫بن أب طالب؛ وحدثن الزهري‪ ،‬قال‪ :‬جاء أعراب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬إن قومي أسلموا فزادهم السلم فقرا‪ ،‬فالتفت رسول ال صلى ال عليه وسلم إل‬
‫رجل كان دفع إليه نفقه فقال‪ :‬قد أنفقت ما كان معي‪ ،‬فقال يهودي خلف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬هذا رجل يعطيك ورقالً‪ ،‬يسلفك ف تر حائط كذا وكذا‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل نسمي لك حائطا ولكن تسلفنا ف تر مسمى ف كيل‬
‫معلوم إل أجل معلوم‪ ،‬فبايعه اليهودي‪ ،‬ث حل ورقا معه فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬ادفعها ل العراب‪ ،‬الق فأغث با قومك‪ ،‬فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ف جنازة‪ ،‬فلما وضع اليت ف قبه وحثوا عليه‪ ،‬قام اليهودي فقال‪ :‬يا ممد أل تقضي‬
‫تري‪ ،‬فو ال ما أعلمكم يا بن عبد الطلب إل تطلون الناس بقوقهم‪ ،‬فقال عمر بن‬
‫الطاب بضي ال عنه‪ :‬وال لول ملسه لوجأت أنفك‪ ،‬وقال الزهري‪ :‬فوجأت خطمك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا عمر أنت إل غي هذا أحوج أن تأمره فيحسن‬
‫طلب‪ ،‬وتأمر فأحسن قضاءه‪ ،‬إنطلق معه إل حائط كذا وكذا‪ ،‬وهو الذي كان أراد من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فأب أن يسميه له‪ ،‬فأدخله فقل لفلن يكشف له عن‬
‫الطعام لييه إياهن فإن رضيه فمره فليوفه ماله‪ ،‬وكل له كذا وكذا صاعا بشتمك إياه‪،‬‬

‫‪231‬‬ ‫‪231‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فانطلق به عمر‪ ،‬فأراده فرضي فكال له ما أمره به رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‬
‫اليهودي لعمر‪ :‬إنه ل يكن بقي شيء ما وجدنا فيكتابنا ما وصف لنا موسى عليه السلم‬
‫إل قد رأينا ف ممد صلى ال عليه وسلم إل اللم فقد رأيناه الن منه فأنا أشهدك أن‬
‫أشهد ‪ 149‬أل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وأشهد أن نصف ما أملك صدقة على‬
‫من آمن بحمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬إنه قد حقت علي نصيحتك‪ ،‬ل‬
‫يسعهم كلهم ولكن اجعله لن مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ففعل‪ ،‬ث إن هذا‬
‫اليهودي مات فخرج رسول ال صلى ال عليه وسلم فحمل سريره على عاتقه الين‬
‫وحل علي أيضا سريره على عاتقه اليسر‪.‬‬
‫نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن ممد بن إبراهيم بن الارث التيمي قال‪ :‬كان عبد‬
‫ال ب مزينة ذو البجادين بينما هو ف حجر عمه‪ ،‬وكان يعطيه‪ ،‬وكان مسنا إليه‪ ،‬فبلغ‬
‫عمه أنه قد تابع دين ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال له‪ :‬لئن فعلت وتبعت ممدا‬
‫لنزعن منك كل شيء أعطيتك‪ ،‬فقال‪ :‬إن مسلم فنع منه كل شيء أعطاه حت جرده‬
‫من ثوبه‪ ،‬فأتى أمه فقطعت له بادا لا باثني‪ ،‬فإئتز نصفا وارتدى نصفا‪ ،‬ث أصبح فصلى‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم الصبح‪ ،‬فلما صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫تصفح الناس ينظر من أتاه‪ ،‬وكذلك كان يفعل‪ ،‬فرآه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬من أنت? قال‪ :‬أنا عبد العزى‪ ،‬فقال‪ :‬بل أنات عبد ال ذو البجادين‪ ،‬فالزم باب‪،‬‬
‫فكان يلزم باب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان يرفع صوته بالقرآن والنحيب‬
‫والتسبيح‪ ،‬فقال عمر بن الطاب‪ :‬يا رسول ال أمرائي هو? قال‪ :‬دعه عنك فإنه أحد‬
‫الواهي‪.‬‬
‫حديث السراء برسول ال إل بيت القدس‬
‫ليلة أسري بالنب صلى ال عليه وسلم‪ .‬نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬فدعا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قوما إل السلم وكلمهم وأبلغ إليهم فيما بلغن‪ ،‬قال‬
‫زمعة‪ :‬لو جعل معك ملك يدث معك الناس ويرى معك‪ ،‬قوله تعال "لول أنزل عليه‬
‫ملك"‪ ،‬قال‪ :‬ث إن رسول ال صلى ال عليه وسلم أسري به من السجد الرام إل‬
‫السجد القصى‪ ،‬وهو بيت القدس من إيلياء‪ ،‬وقد فشي السلم بكة وفشي ف القبائل‬

‫‪232‬‬ ‫‪232‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫كلها‪ ،‬وكان مسراه‪ ،‬وما ذكر منه‪ ،‬بلء وتحيص‪ ،‬وأمر من ال عز وجل ف قدرته‬
‫وسلطانه‪ ،‬عبة لول اللباب‪ ،‬وهدى ورحة وبيان‪ ،‬لن آمن وصدق‪ ،‬وكان من أمر ال‬
‫على بقي‪ ،‬فأسرى به كيف شاء وكما شاء‪ ،‬لييه من آياته ما أراد‪ ،‬حت عاين ما عاين‬
‫من أمر ال عز وجل وسلطانه والعظيم‪ ،‬وقدرته الت صنع با ما يريد‪ ،‬حت ذكر من‬
‫يصدقه‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن اسحق قال‪ :‬حدثن بعض آل أب بكر عن عائشة أنا كانت‬
‫تقول‪ :‬نا فقد جسد رسول ال صلى ال عليه وسلم ولكن ‪ 150‬ال عز وجل أسرى‬
‫بروحه‪ ،‬ث وصف لصحابه إبراهيم وعيسى والنبياء وما أتى به من الاء والمر واللب‬
‫وشربه من آنية جبيل وعيسى بن مري عليهما السلم‪ .‬وقال‪ :‬أريت النة والنار وأريت‬
‫ف السماء كذا وكذا‪ ،‬وقال‪ :‬وفرضت علي الصلة‪.‬‬
‫نا يونس عن ابراهيم بن اساعيل بن ممع بن ممع النصاري قال‪ :‬حدثن بن شهاب‬
‫الزهري قال‪ :‬أخبن سعيد بن السيب أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬لقيت‬
‫إبراهيم وموسى وعيسى عند بيت القدس‪ ،‬فإذا عيسى رجل أحر كأنا خرج من دياس‪،‬‬
‫وإذا موسى رجل شحب ضرب كانه من رجال شنوءة‪ ،‬وأنا أشبه ولدا ابراهيم‪ ،‬فأتيت‬
‫بقدحي‪ ،‬قدح لب وقدح نبيذ‪ ،‬فاخترت قدح اللب‪ ،‬فقال جبيل عليه السلم‪ :‬هديت‬
‫للفطرة‪ ،‬ولو أخذت قدح النبيذ لغوت أمتك‪ ،‬وحانت الصلة فأميتهم‪.‬‬
‫قال ابن شهاب‪ :‬قال عبد ال بن عمر‪ :‬ما قال رسول ال حروف لعيسى بن مري أحر‬
‫كأنا خرج من دياس ولكنه قال‪ :‬أران أطاف بالبيت فإذا رجل أحر حشيم يشي بي‬
‫رجلي ينظف رأسه‪ ،‬أو اهراق من رأسه ماء‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا? فقالوا‪ :‬هذا عيسى بن‬
‫مري‪ ،‬ث التفت فإذا رجل أحر أعور العي اليمي كأنا عينه عنبة طامية‪ ،‬فقلت‪ :‬من هذا?‬
‫فقالوا‪ :‬هذا الدجال‪.‬‬
‫نا يونس عن خالد بن دينار البصري عن فضيل العور قال‪ :‬حضرت جنازة فيها أنس بن‬
‫مالك فجاء أبو العالية وقد صلي على النازة فتخطى الناس حت خلص إل أنس بن مالك‬
‫فقال‪ :‬يا أبا حزة عليك برنس أو برنسان‪ ،‬رأيتك البارحة ف هذا الكان عليك برنسان‪،‬‬
‫فقال‪ :‬الصدق ما رأيت‪ ،‬علي برنسي الذي ترى علي‪ ،‬وعلي برنس السلم فتذكروا‬

‫‪233‬‬ ‫‪233‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الرؤيا‪ ،‬فقال أنس‪ :‬كنت بالدينة فمرضت مرضا أشرفت على الوت‪ ،‬فجاءن إبراهيم‬
‫وموسى عليهما السلم‪ ،‬فجلس ابراهيم عند رأسي وموسى عند رجلي‪ ،‬فاستيقظت‬
‫فبئت‪ ،‬قال أبو العالية‪ :‬وأنا كنت براسان فمرضت مرضا أشرفت على الوت فجاءن‬
‫ابراهيم وموسى فجلس أحدهم عند رأسي والخر عند رجلي‪ ،‬فاستيقظ فبئت‪ ،‬قال أنس‬
‫بن مالك‪ :‬انعتهما ل‪ ،‬إن رؤياك من رؤياي‪ ،‬قال‪ :‬أما ابراهيم فرجل أبيض‪ ،‬أبيض الرأس‬
‫واللحية‪ ،‬معروق اللحم‪ ،‬طويل النف‪ ،‬وأما موسى فرجل أشعر شديد الدمة‪ ،‬عريض‬
‫النكبي‪ ،‬شعره يضرب إل منكبيه‪ ،‬فقال أنس‪ :‬كذا رأيت أنا‪.‬‬
‫نا يونس عن زكريا عن الشعب قال‪ :‬شبه رسول ال ثلثة نفر من أمته قال‪ :‬دحية الكلب‬
‫شبه ببيل وعروة بن مسعود الثقفي شبه بعيسى بن مري‪ ،‬وعبد العزى شبه بالدجال‪.‬‬
‫نا يونس عن عنبسة بن الزهر عن ساك بن حرب عن عكرمة قال‪ :‬لا كان شأن بن‬
‫قريظة بعث إليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم عليا‪ ،‬وجاء جبيل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على فرس أبلق‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬فكان أنظر إل رسول صلى ال عليه وسلم‬
‫يسح الغبار عن وجه جبيل فقلت‪ :‬هذا دحية الكلب يا رسول ال? قال‪ :‬هذا جبيل‪.‬‬
‫نا يونس عن البارك بن فضالة عن السن قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫أتيت على موسى وهو قائم يصلي ف قبه‪ ،‬رجل آدم جعد أشبه من رأيت برجال شنوءة‪،‬‬
‫ومررت على عيسى فسلم علي رجل شاب طويل‪ ،‬مرجل قد تعلوه حرة‪.‬‬
‫نا يونس عن أسباط بن نصر عن اساعيل السدي قال‪ :‬فرض على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم المس ف بيت القدس ليلة أسري به قبل مهاجره بستة شهرا‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال بن عتيبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحن بن أب‬
‫ليلى عن معاذ بن جبل قال‪ :‬أحيلت الصلة ثلث أحوال وأحيل الصيام القدس سبعة‬
‫عشر شهرا‪ ،‬ث إن ال عز وجل حوله إل القبلة‪ ،‬فهذه حال‪ ،‬وكادوا أن ينقسوا عند‬
‫حضرة الصلة‪ ،‬فجاء عبد ال بن زيد النصاري فقال‪ :‬يا رسول ال لو أخبتك أن ل‬
‫أكن نائما صدقتك إن شاء ال‪ ،‬إن بينا أنا بي النائم واليقظان رأيت شخصا عليه ثياب‬
‫خضر‪ ،‬فاستقبل القبلة فقال‪ :‬ال أكب ال أكب‪ ،‬مثن‪ ،‬أشهد أل إله إل ال مرتي‪ ،‬أشهد‬
‫أن ممدا رسول ال مرتي‪ ،‬حي على الصلة مثن‪ ،‬حي على الفلح مثن‪ ،‬ال أكب ال‬

‫‪234‬‬ ‫‪234‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أكب ل إله إل ال‪ ،‬ث أمهل ساعة‪،‬ث قام فقال مثل مقالته غي أنه حي فرغ من قوله حي‬
‫على الفلح قال‪ :‬قد قامت الصلة‪ ،‬قد قامت الصلة‪ ،‬ال أكب ال أكب ل إله إل ال‪،‬‬
‫والذان والقامة مثن مثن‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬علمها بللً‪ ،‬فأمر بلل‬
‫فأذن با‪ ،‬وجاء عمر بن الطاب فقال‪ :‬يا رسول ال لقد رأيت مثل الذي أري‬
‫النصاري‪ ،‬ولكنه سبقن إليك‪ ،‬فهذه حال أخرى‪ ،‬وكان الرجل إذا انتهى إل الناس وهم‬
‫ف الصلة سألم‪ :‬كم صليتم? فيشيون إليه بواحدة واثني بكم كان‪ ،‬فيبدؤون با فاتم‪،‬‬
‫ث يدخلون فيما بقي من الصلة‪ ،‬فجاء معاذ فوجد رسول ال صلى ال عليه وسلم قد‬
‫صلى بعض صلته فثبت على ما أدرك فصلى‪ ،‬فلما فرغ رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫من صلته ‪ 152‬قام معاذ فقضى ما فاته‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬قد بي‬
‫لكم معاذ‪ ،‬فهكذا فافعلوا‪ ،‬فهذه حال‪.‬‬
‫وأما لصيام فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم قدم الدينة فصام يوم عاشوراء وثلثة أيام‬
‫من كل شهر‪ ،‬ث إن ال عز وجل فرض شهر رمضان فأنزل ال عز وجل‪" :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا كتب عليكم الصيام" إل قوله‪" :‬وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكي" فكان من‬
‫شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا‪ ،‬ث إن ال عز وجل أوجب الصيام على الصحيح‬
‫القيم وكتب الطعام للكبي الذي ل يستطيع الصوم فأنزل ال عز وجل‪" :‬فمن شهد‬
‫منكم الشهر فليصمه" إل آخر الية‪ ،‬وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما ل يناموا‪،‬‬
‫فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب واتيان النساء‪ ،‬فكان رجل من النصار يدعى صرمة‬
‫يعمل ف أرض له‪ ،‬فلما كان عند فطره نام فاستيقظ‪ -‬يعن أصبح‪ -‬فأصبح صائما فجهد‬
‫جهدا شديدا‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما ل أراك قد جهدت? فأخبه‬
‫ما كان من حاله‪ ،‬واختلس رجل نفسه بإتيان النساء فأنزل ال عز وجل‪" :‬أحل لكم ليلة‬
‫الصيام الرفث إل نسائكم إل آخر الية‪.‬‬
‫نا يونس عن عبد الرحن بن عبد ال عن القاسم قال‪ :‬أول من أذن بلل‪ .‬نا يونس عن‬
‫ابن إسحق قال‪ :‬حدثن الزهري قال‪ :‬قدم عثمان بن مظعون على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فوجده يصلي فسلم عليه فرد عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو‬
‫يصلي‪.‬‬

‫‪235‬‬ ‫‪235‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال‪ :‬حدثن أبو الزناد عن عامر الشعب عن عبد ال بن‬
‫مسعود‪ :‬دخلت فسلمت على رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يصلي‪ ،‬فأشار ول يرد‬
‫علي السلم‪ ،‬فقلت له‪ :‬ل رددت على عثمان بن مظعون ول ترد علي فقال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ :‬إن ال عز وجل يقلب الليل والنهار كما يشاء‪ .....‬وإن‪ ...‬حدث إل إل وسلم‬
‫ف الصلة‪.‬‬
‫نا أحد‪ :‬نا يونس عن ابن إسحق قال حدثن ممد بن أب ممد مول زيد بن ثابت قال‪:‬‬
‫حدثن‪ .....‬أو عكرمة‪ ،‬شك ممد عن ابن عباس قال‪ :‬صرفت القبلة عن الشام نو‬
‫الكعبة ف رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫الدينة‪ .......‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .....‬عمرو وكعب بن الشرف بن أب‬
‫كعب بن ألشرف والربيع بن الربيع ‪.153‬‬
‫القطعة الثانية من كتاب الغازي أوراق خزانة الظاهرية بدمشق الزء الثالث من كتاب‬
‫الغازي عن أب جعفر عبد ال بن ممد بن علي بن نفيل الران رواية أب شعيب عبد ال‬
‫بن السن الران ما رواه عنه أبو علي ممد بن أحد بن السن الصواف رواية الشيخ‬
‫الفاضل أب الفتح ممد بن أحد بن أب الفوارس ما حدثنا به الشيخ الليل المام الافظ‬
‫أبو بكر أحد بن علي ابن ثابت الطيب البغدادي‪ .‬رضي اله عنه ساع طاهر بن بركات‬
‫بن ابراهيم بن علي بن ممد بن علي الشوعي القرشي‪ .‬نفعه ال به‪.‬‬
‫يتلوه غزوة السويق غزوة ذي أمر ند سنة ثلث قرأ فيه اساعيل بن إبراهيم بن سال‬
‫النصاري عفا ال عنه‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫توكلت على ال‬
‫أخبنا الشيخ المام الافظ أبو بكر أحد بن علي بن ثابت الطيب البغدادي بدمشق ف‬
‫شهر رمضان من سنة أربع وخسي وأربع مائة قال‪ :‬أخبن أبو نعيم الافظ قال‪ :‬نا‪ :‬أبو‬
‫ممد بن أحد بن السن الصواف قال‪ :‬أنا أبو شعيب الران‪ :‬نا النفيلي‪ :‬نا ممد بن‬
‫سلمة عن ممد بن اسحق قال‪ :‬ث قال تبارك وتعال "وإذا زين لم الشيطان أعمالم وقال‬
‫ل غالب لكم اليوم من الناس وإن حار لكم" الية‪.‬‬

‫‪236‬‬ ‫‪236‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وذكر استدراج إبليس إياهم بتشبيه بسراقة بن جعشم لم حي ذكر لم ما بينهم وبي بن‬
‫بكر بن عبد مناه بن كنانة ف الرب الت كانت بينهم وبينه يقول ال عز وجل لنبيه صلى‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬فلما تراءت الفئتان" ونظر عدو ال إل جنود ال من اللئكة قد أمد ال‬
‫بم رسوله والؤمني على عدوهم "نكص على عقبية وقال إن بريء منكم إن أرى ما ل‬
‫ترون" وصدق عدو ال إنه رأى مال يرون فقال‪" :‬إن أخاف ال وال شديد العقاب"‬
‫فأوردهم ث أسلمهم‪ ،‬فذكر ل أنم كانوا يرونه ف كل منل ف صورة سراقة ل ينكرونه‪،‬‬
‫حت إذا كان يوم بدر‪ ،‬والتقى المعان‪ ،‬وكان الذي رآه حي نكص على عقبيه الارث‬
‫بن هشام‪ ،‬وعمي بن وهب المحي‪ ،‬قد ذكر أحدها فقال‪ :‬أين يا سراقة ومثل عدو ال‬
‫فذهب ث ذكر ال أهل الكفر وما يلقون عند موتم فوصفهم بصفتهم فأخب نبيه عنهم‬
‫حت انتهى إل قوله "فإما تثقفنهم ف الرب فشرد بم من خلفهم لعلهم يذكرون" أي‬
‫فنكل بم من ورائهم لعلهم يعقلون‪" .‬وأعدوا لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل‬
‫ترهبون به عدو ال وعدوكم" إل قوله‪" :‬وما تنفقوا من شيء ف سبيل ال يوف إليكم‬
‫وأنتم ل تظلمون" أي ل يضيع لكم أجره عند ال ف الخرة‪ ،‬وعاجل خلفه ف الدنيا ث‬
‫قال‪" :‬وإن جنحوا للسلم فاجنح لا" أي أن دعوك إل السلم‪ ،‬يعن إسلم فصالهم عليه‬
‫"وتوكل على ال" إن ال كافيك إن ال "هو السميع العليم" "وغن يريدوا أن يدعوك‬
‫فإن حسبك ال" هو من وراء ذلك "هو الذي أيدك بنصره" بعد الضعف "وبالؤمني"‬
‫"والف بي قلوبم ولكن ال ألف بينهم" بدينه الذي جعهم عليه "إنه عزيز حكيم"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬يا أيها النب حسبك ال ومن اتبعك من الؤمني‪ ،‬يا أيها النب حرض الؤمني على‬
‫القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتي وإن يكن منكم مائة يغلبوا الفا من‬
‫الذين كفروا بأنم قوم ل يفقهون" أي ل يقاتلون على نية ول حق ول معرفة بي ول‬
‫شر‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال حدثن أبو جعفر ممد بن علي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"نصرت بالرعب‪ ،‬وجعلت ل الرض مساجدا وطهورا‪ ،‬وأعطيت الشفاعة‪ ،‬خس ل‬
‫يؤتن نب قبلي"‪ ،‬ما كان لنب" قبلك "أن يكون له أسرى" مت عدوه "حت يثخن ف‬

‫‪237‬‬ ‫‪237‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫الرض" أي يثخن عدوه حت ينفيه من الرض "ريدون عرض الدنيا" أي التاع‪ ،‬الفداء‬
‫بأخذ الرجال "وال يريد الخرة" أي بقتلهم بظهور الدين الذي يريدون اظهاره الذين‬
‫تدرك به الخرة "لول كتاب من ال سبق لسكم فيما أخذت" من الساري والغان‬
‫"عذاب عظيم أي لول أن سبق أن ل أعذب إل بعد النهي‪ ،‬ول يكن ناهم‪ ،‬لعذبكم فيما‬
‫صنعتم‪ ،‬ث أحلها لم رحة ونعمة وعائدة من الرحن الرحيم فقال‪" :‬فكلوا ما غنتم حللً‬
‫طيبا واتقوا ال أن ال غفور رحيم‪ ،‬يا أيها النب قل لن ف أيديكم من السرى إن يعلم‬
‫ال ف قلوبكم خيا يؤتكم خيا ما اخذ منكم ويغفر لكم وال غفور رحيم" فكان‬
‫العباس بن عبد الطلب يقول‪ :‬ف وال نزلت حي ذكرت لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إسلمي "وسألته أن يقاضي بالعشرين الوقية الت أخذ من‪ ،‬فأب علي‪ ،‬فعوضن ال منها‬
‫عشرين عبدا كلهم تاجرا يصضرب بال‪ ،‬مع ما أرجو من رحته ومغفرته‪ .‬ث حض‬
‫السلمي على التواصل وجعل الهاجرين والنصار ولية ف الدين جون من سواهم‪ ،‬ث‬
‫جعل الكفار بعضهم أولياء بعض قال‪" :‬إل تفعلوه تكن فتنة ف الرض وفساد كبي" أي‬
‫ليتول الؤمن دون الكافر وإن كان ذا رحم‪" ،‬تكن فتنة" أي شبهة ف الق والباطل‪ ،‬ف‬
‫ظهور الفساد ف الرض‪ ،‬بتوال الؤمن الكافر من دون الؤمن‪ ،‬ث رد الواريث إل الرحام‬
‫من أسلم بعد الولية من الهاجرين والنصار وردهم إل الرحام الت بينهم فقال‪:‬‬
‫"والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الرحام بعضهم‬
‫أول ببعض ف كتاب ال" أي الياث "إن ال بكل شيء عليم"‪.‬‬
‫جيع من شهد بدرا من السلمي من الهاجرين والنصار الوس والزرج ومن ضرب له‬
‫سهمه وأجره ثلثائة وأربعة عشر رجلً من الهاجرين دون النصار ثلثة وثانون رجلً‪،‬‬
‫ومن ألوس واحد وستون رجلً‪ ،‬ومن الزرج مائة وسبعون رجلً‪ ،‬واستشهد مع رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم عليه من قريش ث من بن الطلب بن عبد مناف‪ :‬عبيدة بن‬
‫الارث بن الطلب بن عبد مناف‪ ،‬قطع رجله عتبة بن ربيعة بن عبد شس فمات‬
‫بالصفراء‪.‬‬
‫ومن بن زهرة بن كلب‪ :‬عمي بن أب وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة‪ ،‬وذو‬
‫الشمالي عبد عمرو بن نضله حليف لم‪ ،‬من بن غبشان‪.‬‬

‫‪238‬‬ ‫‪238‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ومن بن عدي بن كعب‪ :‬عاقل بن البكي حليف لم‪ ،‬من بن سعد بن ليث بن بكر بن‬
‫عبد مناة بن كنانة‪ ،‬ومهجع مول عمر بن الطاب‪.‬‬
‫ومن بن الارث بن فهر‪ :‬صفوان بن بيضاء‪.‬‬
‫ومن النصار‪ ،‬ث من بن عمرو بن عوف‪ :‬سعد بن خيثمة ومبشرين بن عبد النذر بن‬
‫زبي‪.‬‬
‫ومن بن الارث بن الزرج‪ :‬يزيد بن الارث‪ ،‬وهو الذي يقال له فسحم‪.‬‬
‫ومن بن سلمة‪ ،‬ث من بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة‪ :‬عمي بن المام‪.‬‬
‫ومن بن حبيب أو خبيب بن عبد حارثة بن مالك‪ :‬رافع بن العلى‪.‬‬
‫ومن بن النجار‪ ،‬ث من بن عدي بن النجار‪ :‬حارثة بن سراقة بن الارث‪.‬‬
‫ومن بن غنم بن مالك بن النجار‪ :‬عوف ومعوذ ابنا الارث بن سواد‪ ،‬وها ابنا عفراء‪،‬‬
‫ثانية نفر‪.‬‬
‫وكان الفتية الذين قتلوا مع قريش يوم بدر فنل فيهم القرآن فيما ذكر لنا‪" .‬الذين توفيهم‬
‫اللئكة ظالي أنفسهم قالوا فيم كمنتم قالوا كنا مستضعفي ف الرض قالوا أل تكن‬
‫أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيا"‪ .‬وذلك أنم كانوا‬
‫أسلموا ولا هاجر رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة حبسهم آباءهم وعشائرهم‬
‫بكة وفتنوهم فافتتنوا ث ساروا مع قومهم إل بدر فأصيبوا به جيعا فهم فتنة مفتنون‪.‬‬
‫ومن بن أسد بن عبد العزى بن قصي‪ :‬الارث بن ربيعة وعقيل بن السود بن الطلب بن‬
‫أسد‪.‬‬
‫ومن بن مزوم أبو قيس بن الفاكه بن الغية وأبو قيس بن الوليد ين الغية‪.‬‬
‫ومن بن جح‪ :‬علي بن أمية بن خلف‪.‬‬
‫ومن بن سهم‪ :‬العاص بن منبه بن الجاج‪.‬‬
‫فلما قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم من بدر إللى الدينة وكان فراغه من بدر ف‬
‫عقب رمضان أو ف أول شوال‪ ،‬فلم يقم بالدينة إل سبع ليال حت غزا بنفسه يريد بن‬
‫سليم‪ ،‬حت بلغ ماء من مياههم يقال له الكدر‪ ،‬فأقام عليه ثلث ليال‪ ،‬ث رجع إل الدينة‬
‫ول يلق كيدا‪ ،‬فأقام بقية شوال وذا القعدة وفادى ف إقامته تلك جل السارى من قريش‪.‬‬

‫‪239‬‬ ‫‪239‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫غزوة السويق‬
‫ث غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق ف ذي الجة‪ ،‬وول تلك الجة الشركون من‬
‫تلك السنة‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬حدثنا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪-3 :‬ظ فكان أبو سفيان كما حدثن ممد بن جعفر بن الزبي‪ ،‬ويزيد بن‬
‫رومان‪ ،‬ومن ل اتم‪ ،‬عن عبد ال بن كعب بن مالك‪ ،‬وكان من أعلم النصار‪ ،‬حي‬
‫رجع إل مكة ورجع فل قريش من بدر حلف أل يلمس رأسه ماء من جنابة حت يغزو‬
‫ممدا ‪-‬صلى ال عليه‪ -‬فخرج ف مائت راكب من قريش ليب يينه فسلك النجدية حت‬
‫نزل بصدر قناة إل جانب جبل يقال له تيت‪ :‬من الدينة على بريد أو نوه‪ ،‬ث خرج من‬
‫الليل حت أتى بن النضي من تت الليل فأتى حيي بن أخطب فضرب عليه بابه فخاف‬
‫فلم يفتح له فانصرف إل سلم بن مشكم وكان سيد بن النضي ف زمانه ذلك‪،‬‬
‫وصاحب كنهم‪ ،‬فاستأذن عليه‪ ،‬فأذن لوقراه وسقاه وبطن له من خب الناس‪ ،‬ث خرج‬
‫من عقب ليلته حت أتى أصحابه‪ ،‬فبعث رجالً من قريش إل الدينة‪ ،‬فأتوا ناحية منها‬
‫يقال لا العريض فحرقوا ف أصوار من نل با‪ ،‬ووجدوا رجلً من النصار وحليفا له ف‬
‫حرث لما فقتلوها‪ ،‬ث انصرفوا واجعي‪ ،‬ونذر بم الناس‪ ،‬فخرج رسول ال صلى ال‬
‫عليه ف طلبهم حت انتهى إل قرقة الكدر‪ ،‬ث انصرف راجعا وقد فاته أبو سفيان‬
‫وأصحابه‪ ،‬وقد رأوا أزوادا القوم قد طرحها‪ ،‬ف الرث يتخففون منها للنجاء‪ ،‬فقال‬
‫السلمون حي رجع بم رسول ال صلى ال عليه‪ :‬اتطمع لنا أن تكون لنا غزوة? قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فقال أبو سفيان وهو يتجهز غازيا من مكة إل الدينة أبياتا من الشعر‪:‬‬
‫على يثرب وجعهمفإن ما جعوا لكم نفل ‪4‬و‬
‫إن يك يوم القليب كان لم‬

‫فإن مـــا بـــعـــده لـــكــــم دول‬


‫والات ل أقـــرب الـــنـــســــاء ول‬

‫‪240‬‬ ‫‪240‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫يـس رأسـي وجـلـدي الـــغـــســـل‬
‫حتـى تــبـــيوا قـــبـــائل الوس وال‬

‫خزرج إن الـفـؤاد مـــشـــتـــعـــل‬


‫فأجابه كعب بن مالك‪:‬‬
‫يا لف أم الشجـعـي عـلـى‬

‫جيش ابن حرب ف الرة الفشل‬


‫إذ يطرحون الرمال من نسم الـط‬

‫ير ترقـوا بـقـية الـجـبـل‬


‫جاؤوا بمع لو قيس مـنـزلـه‬

‫ل يك إل كـمـعـرس الـدؤل‬
‫الدؤل دويبة أصغر من القطا ع ط وبة سي أبو السود الدؤل‪.‬‬
‫وقال أبو سفيان بن حرب حي انصرف من الدينة إل مكة‪:‬‬
‫إن تيت الـمـدينة واحـدا‬

‫للف فلم أندم ولـم اتـلـوم‬


‫سقان فروان كميتـا مـدامة‬

‫على عجل من سلم بن مشكم‬


‫فلما تول اليش قلت ول أكن‬

‫لترحه أبشر بعز ومـغـنـم‬

‫‪241‬‬ ‫‪241‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫تأمل فإن القوم ف سرواتـهـم‬

‫صريح لؤي ل شاطيط جرهم‬


‫فما كان إل بعض ليلة راكـب‬

‫أتى ساعيا من غي حلة معدم‬


‫غزوة ذي أمر إل ند سنة ثلث‬
‫فلما رجع رسول ال صلى ال عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالدينة ذا الجة‬
‫والحرم‪ ،‬أو قريبا منه ث غزا ندا يريد بن غطفان وهي غزوة ذي أمر‪ ،‬فأقام بنجد صفرا‬
‫كله‪ ،‬أو قريبا من ذلك‪ ،‬ث رجع إل الدينة ول يلق كيدا‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران ‪-4‬ظ قال‪ :‬حدثنا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن‬
‫ممد بن اسحاق قال‪ :‬حدثن رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور عن عمه قال‪:‬‬
‫حدثن عمي عن عامر الرام أخي النضر قال‪ :‬إن لببلدنا إذ رفعت إل ألوية ورايات‬
‫فقلت‪ :‬ما هذا? قالوا‪ :‬هذا لواء رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأتيته وهو تت شجرة‬
‫قد بسط له تتها كساء وهو جالس عليه‪ ،‬وقد اجتمع إليه أصحابه رضي ال عنهم‬
‫فجلست إليهم‪ ،‬فذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم السقام فقال‪ :‬إن الؤمن إذا أصابه‬
‫السقم‪ ،‬ث أعفاه ال منه كان كفارة لا مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل به‪ ،‬وإن‬
‫النافق إذا مرض ث أعفي كان كالبعي عقله أهله ث أرسلوه ول يدر أرسلوه‪ ،‬فقال رجل‬
‫من حوله‪ :‬وما السقام‪ ،‬وال ما مرضت قط? قال‪ :‬قم عنا فلست منا‪ ،‬قال‪ :‬فبينا نن‬
‫عنده إذ أقبل رجل عليه كساء معه شيء ف يده قد التف عليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال لا‬
‫رأيتك أقبلت فمررت بغيضة من شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتن‬
‫فوضعتهن ف كسائي‪ ،‬فأقبلت أمهن حت استدارت على رأسي‪ ،‬فكشفت لا عنهن‬
‫فوقعت معهن فلففتها‪ ،‬فهن الن معي‪ ،‬فقال‪ :‬ضعهن عنك‪ ،‬قال‪ :‬فوضعتهن بكسائي‬
‫وأبيت إل لزومهن فقال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أتعجبون لرحة أم الفراخ‬

‫‪242‬‬ ‫‪242‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فراخها? قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فو الذي بعثن بالق ل أرحم بعباده من أم الفراخ بفراخها‪،‬‬
‫ارجع بن حت تضعهن من حيث أخذتن وأمهن معهن‪ ،‬قال‪ :‬فرجع بن‪.‬‬
‫ث رجع رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪-5‬و إل الدينة ول يلق كيدا فلبث با شهر ربيع‬
‫الول كله إل قليلً منه‪ ،‬ث غزا يريد قريشا وبي سليم حت بلغ بران معدن بالجاز ف‬
‫ناحية الفرع‪ ،‬وذلك العدن للحجاج بن علظ البهزي فأقام به شهر ربيع الخر وجادى‬
‫الول ث رجع إل الدينة ول يلق كيدا‪.‬‬
‫وقد كان فيها بي ذلك من غزو رسول ال صلى ال عليه وسلم بن قينقاع وكان من‬
‫حديث بن قينقاع أن رسول ال صلى ال عليه وسلم جعهم ف سوق بن قينقاع فقال‬
‫لم‪ :‬يا معشر يهود احذروا من ال مثل ما نزل بقريش من النقمة‪ ،‬واسلموا فإنكم قد‬
‫عرفتم أن نب مرسل‪ ،‬تدون ذلك ف كتابكم‪ ،‬وعهد ال إليكم‪ ،‬قالوا‪ :‬يا ممد إنك ترانا‬
‫كقومك‪ ،‬يغرك إنك لقيت قوما ل علم لم بالرب فأصبت منهم فرصة! إنا وال لو‬
‫حاربناك لتعلمن أنا نن الناس‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬حدثنا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن مول لل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبي أو عكرمة عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬ما نزل هؤلء اليات إل فيهم "قل للذين كفروا ستغلبون وتشرون إل جهنم وبئس‬
‫الهاد" إل قوله" قد كان لكم آية ف فئتي إلتقتا" أي ف أصحاب بدر من أصحاب رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وقريش "فئة تقاتل ف سبيل ال وأخرى كافرة" إل قوله‪" :‬إن ف‬
‫ذلك لعبة لول البصار"‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال حدثنا النفيلي قال‪ :‬نا ممد ابن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة أن بن قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما‬
‫بينهم وبي رسول ال صلى ال عليه وسلم عليه وحاربوا ‪-5‬ظ فيما بي بدر وأحد‬
‫فحاصرهم رسول ال صلى ال عليه وسلم حت نزلوا على حكمه‪ ،‬فقام إليه عبد ال بن‬
‫أب بن سلول حي أمكنه ال منهم فقال‪ :‬يا ممد أحسن ف موال‪ ،‬وكانوا حلفاء‬
‫الزرج‪ ،‬فأبطأ عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا ممد أحسن ف موال‪،‬‬
‫فأعرض عنه رسول ال‪ ،‬فأدخل يده ف جيب درع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪243‬‬ ‫‪243‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فقال رسول ال‪ ،‬وغضب رسول ال‪ ،‬ث قال‪ .‬أرسلن‪ :‬فقال‪ :‬ل وال ل أرسلك حت‬
‫تسن ف موال‪ ،‬اربع مائة حاسر وثلثائة دراع منعون من الحر والسود تصدهم ف‬
‫غواة واحدة‪ ،‬إن ال أمرءا أخشى الدوائر‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬هم‬
‫لك‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا الفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن أب اسحاق بن يسار عن عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت قال‪:‬‬
‫لا حاربت بنو قينقاع تشبث بأمرهم عبد ال بن أب سلول وقام دونم ومشى عبادة بن‬
‫الصامت إل رسول ال صلى ال عليه وسلمن وكان أحد بن عوف بن الزرج‪ ،‬ولم من‬
‫حلفه مثل الذي لم من عبد ال بن أب فخلعهم إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتبأ‬
‫إل ال وإل رسوله من حلفهم فقال‪ :‬يا رسول ال أتول اله ورسوله والؤمني‪ ،‬وأبرأ إل‬
‫ال وإل رسوله من حلف هؤلء الكفار ووليتهم‪ ،‬قال‪ :‬ففيه وف عبد ال بن أب نزلت‬
‫القصة ف الائدة‪" :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء" إل لقوله‪:‬‬
‫"فترى الذين ف قلوبم مرض يسارعون فيهم" يعن عبد ال بن أب لقوله‪ :‬أخشى الدوائر‬
‫"يقولون نشى أن تصيبنا دائرة فعسى ال أن يأت ‪-6‬و بالفتح أو أمر منعنده" إل قوله‪:‬‬
‫"وهم راكعون" وذلك لقوله عبادة بن الصامت‪ :‬أتول ال ورسوله وأبرأ من بن قينقاع‬
‫من حلفهم ووليتهم‪" .‬ومن يتول ال ورسوله والذين آمنوا فإن حزب ال عم الغالبون"‪.‬‬
‫وسرية زيد بن حارثة الت بعثه رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها‪ ،‬حي أصابت عي‬
‫قريش‪ ،‬فيها أبو سفيان بن حرب على القردة‪ ،‬ماء من مياه ند‪.‬‬
‫وكان من حديثهتا أن قريشا كانت قد أخافت طريقها الت تسلك إل الشام‪ ،‬حي كان‬
‫من وقعة بدر ما كان‪ ،‬فسلكوا طريق العراق‪ ،‬وخرج منهم تار فيهم أبو سفيان بن حرب‬
‫ومعه فضة كثية‪ ،‬وهو عظم تارتم‪ ،‬واستأجروا من بن بكر بن وائل رجلً يقال له‪:‬‬
‫فرات بن حيان يدلم على الطريق‪ ،‬وبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم زيد بن حارثة‬
‫ف ذلك الوجه‪ ،‬فلقيهم على ذلك الاء فأصاب تلك العي وما فيها‪ ،‬وأعجزه الرجال‪ ،‬فقدم‬
‫با رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪244‬‬ ‫‪244‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فقال حسان بن ثابت يذكر قريشا وأخذها على ذلك الطريق بعد أحد ف غزوة بدر‬
‫الخرة‪ ،‬وذلك أن رسول ال صلى ال عليه وسلم خرج ليعاد أب سفيان منصرفه من‬
‫أحد‪ ،‬فسار حت نزل بدرا‪ ،‬فأقام با ثان ليال‪ ،‬واخلفه أبو سفيان‪ ،‬فقال حسان بن ثابت‪:‬‬
‫دعـوا‪ ،‬فـلـجـات الـشـام قـــد حـــار دونـــهـــا‬

‫جلد كـــأفـــواه الـــمـــخـــــــاض الوارك‬


‫بأيدي رجـال هـــاجـــروا نـــحـــو ربـــهـــم‬

‫وأنـــصـــاره حـــقـــا وأيدي الـــمـــــلئك‬


‫إذا سـلـكـت لـلـغــور مـــن رمـــل عـــالـــج‬

‫فقـول لـهـا لـيس الـــطـــريق هـــنـــالـــك‬


‫أقـمـنـا عـلـى الـرس الــنـــزوع ثـــمـــانـــيا‬

‫بأرعـــن جـــرار عـــريض الـــمـــبــــارك‬


‫بكـل كـمـيت جــوزه نـــصـــف خـــلـــقـــه‬

‫وقـب طـــوال مـــشـــرفـــات الـــحـــوارك‬

‫فإن نلق ف تطوافنا والتماسنا‬

‫فرات بـن حــيان بـــكـــن رهـــن هـــالـــك‬


‫وإن نـلـق قـيس بـن امـرئ الـــقـــيس بـــعـــده‬

‫يزد فــي ســـواد لـــونـــه لـــون حـــالـــك‬

‫‪245‬‬ ‫‪245‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬

‫وقتل كعب بن الشرف‪ ،‬وكان من حديثه أنه لا أصيب أهل بدر‪ ،‬وقدم زيد بن حارثة‬
‫إل أهل السافلة‪ ،‬وقدم عبد ال بن رواحة إل أهل العالية مبشرين‪ ،‬بعثهما رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إل أهل الدينة من السلمي بفتح ال وقتل من قتل من الشركي‪ ،‬كما‬
‫حدثن عبد ال بن الغيث بن أب بردة الطفري‪ ،‬وعبد ال بن أب بكر بن ممد بن عرمو‬
‫بن حزم‪ ،‬وعاصم بن عمر بن قتادة‪ ،‬وصال بن أب أمامة بن سهل كل قد حدثن بعض‬
‫حديثه قالوا‪ :‬قال كعب بن الشرف‪ ،‬وكان رجلً من طيء‪ ،‬ث أحد بن نبهان‪ ،‬وكانت‬
‫أمه من بن النضي حي بلغه الب‪ :‬ويكم أحق هذا? أترون أن ممدا قتل هؤلء الذين‬
‫يسمي هذان الرجلن ‪-‬يعن زيدا وعبد ال‪ -‬فهؤلء أشراف العرب وملوك الناس‪ ،‬وال‬
‫لئن كان ممدا أصاب هؤلء القوم لبطن الرض خي من ظهرها! فلما تيقن عدو ال‬
‫الب خرج حت قدم مكة‪ ،‬فنل على الطلب بن أي وداعة بن ضبية السهمي وعنده‬
‫عاتكة ابنة أب العاص بن أمية بن عبد شس فأنزلته وأكرمته وجعل يرض على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وينشد الشعار ويبكي على اصحاب القليب من قريش الذين‬
‫أصيبوا؛ ث رجع كعب بن الشرف فشبب بأم الفضل ابنة الرث‪ ،‬ث شبب بنساء‬
‫السلمي‪ ،‬فقال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ -‬كما حدثن عبد ال بن مغيث‪ :-‬من‬
‫ل بابن اقتله‪ ،‬قال‪ :‬افعل إن قدرت على ذلك‪ ،‬فرجع ممد فمكث ثلثا ل يأكل ول ‪-7‬‬
‫و يشرب إل ما يعلق نفسه فذكر ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬لن تركت‬
‫الطعام والشراب? قال‪ :‬يا رسول ال إن قلت لك قولً ل أدري هل أقربه أم ل‪ ،‬قال‪ :‬إنا‬
‫عليك الهد‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول ال إنه ل بد لنا أن نقول‪ ،‬قال‪ :‬قولوا ما بدا لكم فأنتم ف‬
‫حل من ذلك‪ ،‬فأجع ف قتله ممد بن مسلمة‪ ،‬وسلكان بن سلمة بن وقش‪ ،‬وهو أبو‬
‫نائلة أحد بن عبد الشهل‪ ،‬والارث بن أوس بن معاذ احد بن عبد الشهل‪ ،‬ث قدموا إل‬
‫عدو ال ابن الشرف قبل أن يأتوه سلكان بن سلمة أبا نائلة فجاءه‪ ،‬فتحدث معه ساعة‬
‫وتناشدا‪ ،‬وكان أبة نائلة يقول الشعر ث قال‪ :‬ويك يا بن الشرف إن قد جئتك لاجة‬
‫أريد ذكرها لك فاكتمها عن‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬قال‪ :‬كان قدوم هذا الرجل علينا من البلء‪،‬‬
‫عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة‪ ،‬وقطعت عنا السبل حت ضل العيال‪ ،‬وجهدت‬

‫‪246‬‬ ‫‪246‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫النفس‪ ،‬فأصبحنا وقد جهدنا عيالنا‪ ،‬فقال كعب‪ :‬أنا ابن الشرف أما وال لقد كنت‬
‫أخبك يا بن سلمة أن المر سيصي إل ما كنت أقول لك‪ ،‬فقال سلسكان‪ :‬إن قد‬
‫أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك‪ .‬ونوثق لك ونسن ف ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ترهنون أبناءكم? قال‪:‬‬
‫أردت أن تفضحنا إن ل أصحابا على مثل رأيي‪ ،‬وقد أردت أن آتيك بم لتبيعهم وتسن‬
‫ف ذلك ونرهنك من الجلقة مالك فيه وفاء‪ ،‬وأراد سلكان أن ل ينكر السلح إذا جاؤوا‬
‫به‪ ،‬قال‪ :‬إن ف اللقة لوفاء‪ ،‬فرجع سلكان إل أصحابه فأخبهم خبه‪ ،‬وأمرهم أن‬
‫يأخذوا ‪-7‬ظ السلح‪ ،‬ث ينطلقوا فيجتمعوا إليه‪ ،‬فاجتمعوا عند رسول ال صلى ال‬
‫عليه‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن ثور عن عكرمة مول ابن عباس عن ابن عباس قال‪ :‬مشى معهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بقيع الغرقد‪ ،‬ث وجههم وقال‪ :‬انطلقوا على اسم ال‪،‬‬
‫اللهم أعنهم ث رجع إل بيته ف ليلة مقمرة‪ ،‬فانتهوا إل حصنه‪ ،‬فهتف به أبو نائلة وكان‬
‫حديث عهد بعرس‪ ،‬فوثب ف ملحفته‪ ،‬فأخذت امرأته بناحيتها وقالت‪ :‬إنك رجل مارب‬
‫وإن صاحب الجرب ل ينل ف مثل هذه الساعة‪ ،‬قال‪ :‬أبو نائلة لو وجدن نائما ما‬
‫أيقظن‪ ،‬قال‪ :‬فو ال إن لعرف ف صوته الشر‪ ،‬قال‪ :‬يقول لا‪ :‬لو يدعى الفت لطنعة‬
‫لجاب‪ .‬قال أبو شعيب‪ :‬حدثنا التوزي أبو ممد قال قال الصمعي ما تكلم لذه الكلمة‬
‫أو وجدن نائما ما أيقظن أحد ف جاهلية ول إسلم إل قتل قال‪ :‬فنل فتحدث مع‬
‫ساعة‪ ،‬وتدثوا معه‪ ،‬ث قال‪ :‬هل لك يا بن الشراف أن نتماشى إل شعب العجوز‬
‫فنتحدث بقية ليلتنا هذه? قال‪ :‬إن شئتم‪ ،‬فخرجوا يتماشون ساعة‪ ،‬ث أن أبا نائلة شام يده‬
‫ف فود رأسه ث شم يده‪ ،‬ث قال ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط‪ ،‬ث مشى ساعة ث عاج‬
‫لثلها حت اطمأن‪ ،‬ث مشى ساعة ث مشى ساعة ثن عاد لثلها فأخذ بفودي رأسه‪ ،‬ثن قال‬
‫اضربوا عدو ال فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا‪ ،‬قال ممد بن مسلمة‬
‫فذكرت مغولً ف سيفي حي رأيت أسيافنا ل تغن شيئا‪ ،‬فأخذته وقد صاح عدو ال‬
‫صيحة ل تبق حولنا حصن إل أوقدت عليه الناس فوضعته ف ثنته ث تاملت عليه حت‬
‫بلغت ‪-8‬و عانته فوقع عدو ال وقد أصيب الارث بن أوس بن معاذ فجرح ف رأسه أو‬

‫‪247‬‬ ‫‪247‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ف رجله أصابه بعض أسيافنا‪ ،‬قال‪ :‬فخرجنا حت سلكنا على بن أمية بن زيد‪ ،‬ث على بن‬
‫قريظة‪ ،‬ث على بعاث حت اسندنا ف حرة العريض وقد أبطأ عنا صاحبنا الارث بن أوس‬
‫ونزفه الدم‪ ،‬فوقفنا له ساعة‪ ،‬ث أتانا يتبع آثارنا‪ ،‬فاحتملنا فجئنا به رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وهو قائم يصلي‪ ،‬فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبناه بقتل عدو ال‪ ،‬وتفل على‬
‫جرح صاحبنا‪ ،‬ورجعنا إل أهلنا‪ ،‬فأصبحنا وقد خافت يهود تبعتنا‪ ،‬فليس با يهود ال‬
‫وهو ياف على نفسه‪.‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬من ظفرت به من رجال يهود فاقتلوه‪ ،‬فوثب ميصة‬
‫بن مسعود على أب سنينة‪ ،‬رجل من تار يهود ‪ -‬وكان يلبسهم ويبايعهم فقتله‪ ،‬وكان‬
‫حويصة بن مسعود غذ ذاك ل يسلم فقال لحيصة‪ ،‬وكان أسن منه‪ -‬لا قتله‪ ،‬وجعل‬
‫يبصره‪ :‬يا عدو ال أقتلته أما وال لرب شحم ف بطنك من ماله! فقال ميصة‪ :‬وال لقد‬
‫أمرن بقتله من لو أمرن بقتلك لضربت عنقك قال‪ :‬فقال‪ :‬وال إن دينا بلغ بك هذا لدين‬
‫له شأن‪ ،‬انطلق إل صاحبك حت أسع منه‪ ،‬فانطلق إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عليه‪ ،‬فكان أول إسلم حويصة فقال ميصة‪:‬‬

‫يلوم ابن أمي لو أمرت بقتلـه‬

‫لطبقت ذا فراه بابيض قاضب‬


‫حسام كلون اللح أخلص صقله‬

‫مت ما اصوبه فليس بكـاذب‬


‫وما سرن أن قتلتك طـائعـا‬

‫وأن لنا ما بي بصري فمأرب‬


‫وقال علي بن أب طالب عليه السلم ف قتل ابن الشرف‪:‬‬
‫عرفـــت ومـــن يعـــتـــدل يعـــرف‬

‫‪248‬‬ ‫‪248‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫وأيقـنـت حــقـــا فـــلـــم أصـــدف‬
‫رسائل تدرس ف الؤمني‬

‫بـن الـصـطـفـى أحـمـد الـمـصـطـفـى‬


‫فأصـبـح أحــمـــد فـــينـــا عـــزيزا‬

‫عزيز الـمــقـــامة والـــمـــوقـــف‬


‫فيا أيهـا الـمــوعـــدوه شـــفـــاهـــا‬

‫ولـم يأت حــوبـــا ولـــم يعـــنـــف‬


‫ألـسـتـم تـخـافـون أدنـــى الـــعـــذاب‬

‫ومـا أمـــن الـــلـــه كـــالخـــوف‬


‫وأن تـصـرعـوا تـــحـــت أســـيافـــه‬

‫كمـصـرع كـعـب أبـــي الـــشـــرف‬


‫غداة رأى الـــلـــه طـــغـــيانـــــه‬

‫فأعـرض كـالـجــمـــل الحـــنـــف‬


‫فأنـزل جـبـــريل فـــي قـــتـــلـــه‬

‫بوحـي إلـى عــبـــده مـــلـــطـــف‬


‫فدس الـــرســـول رســـولً إلــــــيه‬

‫بأبـــيض ذي هـــبة مـــرهــــــف‬

‫‪249‬‬ ‫‪249‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فبـادتـــت لـــه عـــيون مـــغـــول‬

‫ت ومـن دمـع كـعـب لــهـــا تـــذرف‬


‫فقـلـنـا لحــمـــد ذرنـــا قـــلـــيلً‬

‫فإنـا مـن الـقـوم لـــم نـــشـــتـــف‬


‫فأجـلهـم ثــم قـــال اظـــعـــنـــوا‬

‫دحـــورا عـــلـــى رغـــم النـــف‬


‫فأجـلـى الـنـــضـــي إلـــى غـــربة‬

‫وكـــانـــوا بـــدرا ذوي زخــــــرف‬

‫إل أذرعات رد أفاوهـم‬

‫على كل ذي دبر أعجف‬


‫وكانت إقامة رسول ال صلى ال عليه وسلم بالدينة بعد قدومه من بران جادى الخرة‬
‫ورجبا وشعبان ورمضان وغزته قريش غزوة أحد ف شوال سنة ثلث‪.‬‬
‫غزوة أحد‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬ما النفيلي عن ممد بن سلمة عن ممد بن اسحاق‬
‫قال‪ :‬وكان من حديث أحد كما حدثن ممد بن مسلم بن عبيدة ال الزهري‪ ،‬وممد بن‬
‫يي بن حبان‪ ،‬وعاصم بن عمر بن قتادة والصي بن عبد الرحن بن عمرو بن سعد بن‬
‫معاذ وغيهم من علمائنا كل قد حدثن بعض الديث عن يوم أحد‪ ،‬فاجتمع حديثهم‬
‫كله فيما سقت من هذا الديث عن يوم أحد‪ ،‬قال‪ :‬لا أصيب قريش؛ أو من قاله منهم‬
‫ببدر وأصحاب القليب من ‪-9‬و كفار قريش؛ فرجع فلهم إل مكة‪ ،‬ورجع أبو سفيان بن‬
‫حرب بعيه مشى عبد ال بن أب ربيعة وعكرمة بن أب جهل وصفوان بن أمية ف رجال‬

‫‪250‬‬ ‫‪250‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫من قريش من أصيب آباؤهم وأبناؤهم واخوانم ببدر وكلموا أبا سفيان بن حرب ومن‬
‫كانت له ف تلك العي تارة فقالوا‪ :‬يا معاشر قريش إن ممدا قد أركم وقتل رجالكم‬
‫وخياركم فأعينونا بذا الال على حربه لعنا أن ندرك منه ثأرنا با أصاب منا؛ ففيهم فيما‬
‫ذكر ل بعض أهل العلم أنزل ال "إن الذين كفروا ينفقون أموالم ليصدوا عن سبيل ال‬
‫فسينفقونا ث تكون عليهم حسرة ث يغلبون والذين كفروا إل جهنم يشرون"‪.‬‬
‫فلما فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب تلك العي أجعت قريش لرب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بأحابيشها ومن أطاعهم من قبائل بن كنانة وأهل نامة‪ ،‬كل أولئك قد‬
‫استغووا على حرب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وكان أبو عزيز بن عمرو بن عبد‬
‫ال المحي قد من عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وعاهده أن ل يظاهر عليه‪،‬‬
‫فأجعت قريش السي إل أحد‪ ،‬قال صفوان بن أمية‪ :‬يا أبا عزيز إنك امرؤ شاعر فأعنا‬
‫بلسانك واخرج معنا‪ ،‬فقال‪ :‬إن ممدا قد من علي‪ ،‬ول أريد أن أظاهر عليه أحدا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫بلى فأعنا بنفسك‪ ،‬فلك إن رجعت أن أغيثك‪ ،‬فإن أصبت أجعل بناتك مع بنات يصيبهن‬
‫ما أصابن من عسر ويسر‪ ،‬فخرج أبو عزيز يسي ف تامة يدعو بن كنانة يقول‪:‬‬
‫يا بن عبد مـنـاه الـزرام‬

‫أنتم بنو الرب ضرابوا الام‬


‫أنتم حـاة وأبـوكـم حـام‬

‫ل تعدون نصركم بعد العام‬


‫ل تسلمون ل يل إسـلم‬

‫ث دعا جبي بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف إلما له يقال له وحشي‪ ،‬وكان‬
‫حبشيا يضرب ‪-9‬ظ بربة له قذف البشة قل ما يطئ با فقال‪ :‬اخرج مع الناس فإن‬
‫أنا قتلت عم ممد‪ -‬يعن حزة‪ -‬بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق‪ -‬وكان طعيمة مت‬

‫‪251‬‬ ‫‪251‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قتل ال يوم بدر‪ -‬فخرجت قريش بدها وحديدها وأحابيشها ومن تبعها من كنانة وأهل‬
‫تامة وخرجوا بالظعن التماس الفيظة لئل يفروا‪ ،‬فخرج أبو سفيان وهو قائد الناس معه‬
‫بند إبنة عتبة بن ربيعة‪ ،‬وخرج صفوان بن أمية بن خلف ببزة إبنة مسعود بن عمرو بن‬
‫عمي الثقفية وهي أم عبد ال بن صفوان؛ وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منية بن‬
‫الجاج وهي أم عبد ال بن عمرو‪ ،‬وكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر با‬
‫قالت‪ :‬أباد سة إشف واشتف‪ ،‬وكان وحشي يكن بأب دسة‪ ،‬فأقبلوا حت نزلوا ببطن‬
‫السبخة من قناة على شفي الوادي ما يلي الدينة‪ .‬فلما سع بم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم والسلمون قد نزلوا قال رسول ال صلى ال عليه وسلم للمسلمي‪:‬إن قد رأيت‬
‫نفرا‪ ،‬ورأيت ف ذباب سيفي ثلما‪ ،‬ورأيت أن أدخلت يدي ف درع حصينة‪ .‬فتأولتها‬
‫الدينة‪ ،‬فإن رأيتم أن تقيموا وتدعوهم حيث قد نزلوا‪ ،‬فإن أقاموا أقاموا بشر مقام‪ ،‬وإن‬
‫دخلوا علينا قاتلناهم فيها‪.‬‬
‫ونزلت قريش منلا بأحد يوم الربعاء فأقاموا با ذلك اليوم‪ ،‬وي الميس وي المعة‪،‬‬
‫وراح رسول ال صلى ال عليه وسلم حي صلة المعة فأصبح بالشعب من أحد‪ ،‬فالتقوا‬
‫يوم السبت ف النصف من شوال سنة ثلث‪ ،‬وكان رأي عبد ال بن أب بن سلول مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يرى رأيه ف ذلك "أل يرج إليهم"‪ ،‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يكره الروج من الدينة فقال رجال ‪-10‬و من السلمي‪ ،‬من‬
‫أكرمهم ال بالشهادة يوم أحد‪ ،‬وغيهم من كان فاتته بدر وحضروه‪ :‬يا رسول ال‬
‫أخرج بنا إل أعدائنا ل يرون أنا جبنا عنهم أو ضعفنا‪ ،‬قال عبد ال ابن أب سلول‪ :‬يا‬
‫رسول ال أقم بالدينة فإن أقاموا أقاموا بشر ملس‪ ،‬وإن رجعوا رجعوا خائبي كما جاؤا‪،‬‬
‫وإن دخلوها قاتلهم الرجال ف وجوههم‪ ،‬ورماهم الصبيان والنساء بالجارة من فوقهم‬
‫فلم يزل الناس برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الذين كان من أمرهم حب لقاء ال‪ ،‬حت‬
‫دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم بيته فلبس لمته‪ ،‬وذلك يوم المعة حي فرغ من‬
‫الصلة‪ ،‬وقد مات ف ذلك اليوم رجل من النصار يقال له مالك بن عمرو أحد بن‬
‫النجار‪ ،‬فصلى عليه رسول ال ث خرج وقد نام الناس وقالوا‪ :‬استكرهنا رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال استكر هناك‪ ،‬اقعد‪ ،‬ول يكن لنا ذلك صلى ال‬

‫‪252‬‬ ‫‪252‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫عليك‪ ،‬فقال‪ :‬رسول ال عليه السلم‪ :‬نا ينبغي إذا النبب لبس لمته أن يضعها حت يقاتل‪،‬‬
‫فخرج رسول ال ف ألف من أصحابه حت إذا كان بالشرط بي الدينة وأحد انذل عنه‬
‫عبد ال ابن اب سلول بثلث الناس‪ ،‬وقال‪ :‬أطاعهم وعصان‪ ،‬وال ما ندري على ما نقتل‬
‫أنفسنا ههنا أيها الناس‪ ،‬ث رجع بن معه من قومه من أهل النفاق وأهل الريب‪ ،‬واتبعهم‬
‫عبد ال بن عمرو بن حرام أخو بن سلمة سقول‪ :‬يا قوم أذكركم ال أن تذلوا نبيكم‬
‫وقومكم عندما حضر من عدوكم قالوا‪ :‬لو نعلم ‪-10‬ظ أنكم تقاتلون ما أسلمناكم‬
‫ولكنا ل نرى أن يكون‪ ،‬فقال فلما استصعبوا عليه وأبوا إل النصراف عنهم قال‪:‬‬
‫أبعدكم ال أعداء ال فسيغنن ال عنكم‪ ،‬ومضى رسول ال صلى ال عليه وسلم حت‬
‫سلك حرة بن حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب كلب سيف فاستله فقال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يب الفأل ول يعتاق‪،‬‬
‫لصاحب السيف‪ :‬شم سيفك فإن أرى أن السيوف ستسل اليوم‪ ،‬ث قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم لصحابه‪ :‬من رجل يرج بنا على القوم من كثب‪ -‬أي قريب‪ -‬من طريق‬
‫ل ير بنا عليهم? فقال أبو خيثمة‪ ،‬أخو بن حارثة بن الارث‪ :‬أنا رسول ال فنفذ به ف‬
‫ل منافقا‬
‫حرة بن حارثة‪ ،‬وبي أموالم حت يسلك به ف مال لربعي بن قيطس‪ ،‬وكان رج ً‬
‫ضرير البصر‪ ،‬فلما حس برسول ال ومن معه قام يثو ف وجوههم التراب وهو يقول‪ :‬إن‬
‫كنت رسول ال فل أحل لك أن تدخل حائطي‪ ،‬وقد ذكر ل أنه أخذ حفنة من تراب‬
‫بيده ث قال‪ :‬وال لو أعلم أن ل أصيب با غيك لضربت با وجهك‪ ،‬فابتدره القوم‬
‫ليقتلوه فقال لم‪ :‬هذا العمى‪ ،‬أعمى القلب والبصر‪ ،‬وقد بدر إليه سعد أخو بن عبد‬
‫الشهل قبل ني رسول ال صلى ال عليه وسلم فضربه بالقوس ف رأسه‪ ،‬ومضى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم على وجهه حت نزل بالشعب ‪-11‬و من أحد من عدوة الوادي‬
‫إل البل‪ ،‬فجعل ظهره وعسكره إل أحد‪ ،‬وقال‪ :‬ل يقاتل أحد حت نأمره بالقتال؛ وقد‬
‫سرحت قريش الظهر والكراع ف زروع كانت بالصمغة من قناة‪ ،‬فقال رجل من النصار‬
‫حي نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن القتال‪ :‬أترعى زروع بن قيلة ولا تضارب?!‬
‫وتبعأ رسول ال صلى ال عليه وسلم للقتال ف سبع مائة رجل‪ ،‬وتعبأت قريش وهم ثلثة‬
‫آلف‪ ،‬ومعهم مائتا فرس قد جنبوها‪ ،‬فجعلوا على ميمنة اليل خالد بن الوليد‪ ،‬على‬

‫‪253‬‬ ‫‪253‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ميسرتا عكرمة بن أب جهل‪ ،‬وأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم على الرماة وهم‬
‫خسون رجلً عبد ال بن جبي أخا بن عمرو بن عوف‪ ،‬وهو يومئذ معلم بثياب بياض‪،‬‬
‫وقال‪ :‬إنضح عنا اليل بالنبل ل يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا‪ ،‬اثبت مكانك ل‬
‫نؤتي من قبلك‪ ،‬وظاهر رسول ال عليه السلم بي درعي‪ ،‬وقال‪ :‬من يأخذ هذا السيف‬
‫بقه? فقام إليه رجال‪ ،‬فأمسكه عنهم‪ ،‬حت قام إليه أبو دجانة ساك بن خرشة‪ ،‬أخو بن‬
‫ساعدة‪ ،‬فقال‪ :‬وما حقه يا رسول ال? قال أن تضرب به القوم حت ينثن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنا آخذه يا رسول ال بقه‪ ،‬فأعطاه إياه وكان دجانة رجلً شجاعا يتال عند الرب إذا‬
‫كانت‪ ،‬وكان إذا علم بعصابة له حراء يعصبها على رأسه علم الناس ا‪،‬ه سيقاتل‪ ،‬فلما‬
‫أخذ السيف م يد رسول ال أخرج عصابته تلك فعصب با رأسه‪ ،‬فجعل يتبختر بي‬
‫الصفي‪-11 .‬ظ‪.‬أنا آخذه يا رسول ال بقه‪ ،‬فأعطاه إياه وكان دجانة رجلً شجاعا‬
‫يتال عند الرب إذا كانت‪ ،‬وكان إذا علم بعصابة له حراء يعصبها على رأسه علم‬
‫الناس ا‪،‬ه سيقاتل‪ ،‬فلما أخذ السيف م يد رسول ال أخرج عصابته تلك فعصب با‬
‫رأسه‪ ،‬فجعل يتبختر بي الصفي‪-11 .‬ظ‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قالك حدثن جعفر بن عبد ال بن أسلم مول عمر بن الطاب عن رجل من‬
‫النصار من بن سلمة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حي رأى أبا دجانة‬
‫يتبختر‪ :‬إنا لشية أبغضها ال إل ف هذا الوطن‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ابن سلمة عن ممد بن اسحاق‬
‫قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة أن أبا عامر عبد عمرو بن صفي بن مالك بن‬
‫النعمان بن أمية أحد بن ضبيعة قد كان خرج حي خرج من مكة مباعدا لرسول ال‬
‫عليه السلم بمسي إلما من الوس منهم عثمان بن حنيف‪ ،‬وبعض الناس يقول كانوا‬
‫خسة عشر‪ ،‬فكان أبو عامر بعد قريش‪ ،‬أن لو قد لقي قومه ل يتخلف منهم رجلن‪ ،‬فلما‬
‫التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر ف الحابيش وعبدان أهل مكة فنادى‪ :‬يا معاشر‬
‫الوس أنا أبو عامر‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل نعم ال بك عينا يا فاسق‪ ،‬وكان أبو عامر يسمى ف‬
‫الاهلية الراهب‪ ،‬فسماه رسول ال صلى ال عليه وسلم الفاسق‪ ،‬فلما سع ردهم عليه‪،‬‬

‫‪254‬‬ ‫‪254‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫قال‪ :‬لقد أصاب قومي بعدي شر‪ ،‬ث قاتلهم قتالً شديدا‪ ،‬وأضمخهم بالجارة‪ ،‬فلما‬
‫التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة ف النسوة اللت معها‪ ،‬وأخذن‬
‫الدفوف يضربن با خلف الرجال ويرضنهم‪ ،‬فقال هند فيما تقول‪ :‬نن بنات طارق إن‬
‫تقبلوا نعانق ونفرش النمارق ‪-12‬و وإن تدبروا نفارق فراق غي وامق فاقتتل الناس حت‬
‫حيت الرب وقاتل أبو دجانة ساك ين خرشة حت أمعن ف العدو‪ ،‬وحزة‪ ،‬وعلي بن آب‬
‫طالب ف رجال من السلمي؛ فأنول ال نصره وصدقهم وعده‪ ،‬فحسوهم بالسيوف حت‬
‫كشفوهم‪ ،‬وكانت الزية ل يشك فيها‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬نا يي بن عباد بن عبد ال بن الزبي عن أبيه عن عبد ال بن الزبي عن الزبي‬
‫قال‪ :‬لقد رأينن أنظر إل خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون‬
‫أخذهن قليل ول كثي‪ ،‬إذ مالت الرماة عن العسكر‪ ،‬حي كشفنا القوم عنه‪ ،‬يريدون‬
‫النهب‪ ،‬وخلوا ظهورنا للخيل‪ ،‬فأتينا من أدبارنا‪ ،‬وصرخ صارخ أل إن ممدا قد قتل‪،‬‬
‫فانكفأنا وانكفأوا علينا‪ ،‬بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حت ما يدنوا منه أحد من القوم‪،‬‬
‫فانكشف علينا‪ ،‬بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حت ما يدنوا منه أحد من القوم‪ ،‬فانكشف‬
‫السلمون فأصاب منهم العدو‪ ،‬فكان يوم بلء وتحيص أكرم ال من أكرم بالشهادة‪،‬‬
‫وكان من السلمي ف ذلك اليوم لا أصابم فيه من شدة البلء ثلثا‪ :‬فثلث قتيل‪ ،‬وثلث‬
‫جريح وثلث منهزم‪ ،‬قد لقيته الرب حت ما يدري ما يصنع‪ ،‬حت خلص العدو إل رسو‬
‫لل صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقذف بالجارة حت رقع لشقة‪ ،‬وأصيب رباعيته وشج ف‬
‫وجنتيه‪ ،‬وكلمت شفتاه‪ ،‬وكان الذي أصابه عتبة بن أب وقاص‪.‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم حي غشيه القوم‪ :‬من يشتري لنا نفسه كما حدثن‬
‫حصي ‪-12‬ظ بن عبد الرحن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن ممد بن عمرو بن يزيد‬
‫بن السكن‪ ،‬فقام زياد بن السكن ف خسة نفر من النصار‪ ،‬وبعض الناس يقول إنا هو‬
‫عمارة بن زياد بن السكن‪ ،‬فقاتلوا دون رسول ال صلى ال عليه وسلم رجلً فرجل‬
‫فيقتلوت دونه حت كان آخرهم زياد بن السكن أو عمارة بن زياد‪ ،‬فقاتل حت أثبتته‬
‫الراح‪ ،‬ث فاءت فئة من السلمي فأجهضوهم عنه‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫‪255‬‬ ‫‪255‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أدنو من‪ ،‬فوسده رسول ال صلى ال عليه وسلم قدمه‪ ،‬فمات وخده فوق قدم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وترس أبو دجانة رسول ال بنفسه يقع النبل ف ظهره وهو منحن‬
‫حت كثر فيه النبل‪ ،‬ورمى سعد بن أب وقاص دون رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال‬
‫سعد‪ :‬فلقد رأيته يناولن النبل ويقول‪ :‬ارم فداك أب وأمي‪ ،‬حت أنه ليناولن ما له من نصل‬
‫فيقول ارم به‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن اسحاق‬
‫قال‪ :‬حدثن عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رمى عن قوسه‬
‫حت اندقت سيتها‪ ،‬فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده‪ ،‬وأصيبت يومئذ عي قتادة بن‬
‫النعمان حت وقعت على وجنته‪.‬‬
‫قال ابن اسحاق‪ :‬فحدثن عاصم ين عمر بن قتادة‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ردها به فكانت أحسن عينينه وأحدها‪.‬‬
‫وقاتل مصعب بن عمي دون رسول ال صلى ال عليه وسلم ومعه لواؤه حت فتل‪ ،‬فكان‬
‫الذي أصابه ابن قميئة الليثي‪ ،‬وهو يظن أنه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فرجع إل‬
‫قريش فقال‪ :‬قد قتلت ممدا‪ ،‬فلما قتل مصعب أعطى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫علي بن أب طالب اللواء‪ ،‬وقاتل حزة بن عبد الطلب حت قتل أركاه بن شرحبيل ‪-13‬و‬
‫بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي‪ ،‬وكان أحد النفر الذين يملون لواء‬
‫قريش‪ ،‬ث مر سباع بن عبد العزى الفيشان وكان يكن بأب نيار فقال له حزة‪ :‬هلم إل‬
‫يا لب مقطعة البظور فضربه فكأن ما أخطأ رأسه‪ ،‬وكانت أم نيار مولة شريق بن عمرو‬
‫بن وهب الثقفي ختانة بكة‪ ،‬فلما التقيا ضربه حزة فقتله‪ ،‬وقال وحشي إلم جبي بن‬
‫مطعم‪ :‬وال إن لنظر إل حزة يهد الناس بسيفه ما يليق شيئا مثل المل الوراق إذ‬
‫تقدمن غليه سباع بن عبد العزى فقال له حزة هلم إل يابن مقطعة البظور فضربه فكأنه‬
‫ما أخطأ رأسه‪ ،‬وهززت حربت حت إذا رضيت منها ذففتها عليه حت وقعت ف ثنته حت‬
‫خرجت من بي رجليه‪ ،‬وأقبل فقلب‪ ،‬فأمهلته حت إذا ما مات جئت إليه فأخذت حربت‪،‬‬
‫ث تنحيت إل العسكر‪ ،‬ول يكن ل بشيء حاجة غيه‪ .‬وقد قتل عاصم بن ثابت بن‬
‫القلح أخو بن عمرو بن عرف مسافع بن طلحة وأخاه جلسا‪ ،‬كلها يشعره سهما‪،‬‬

‫‪256‬‬ ‫‪256‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫فيأت أمه سلفة فيضع رأسه ف حجرها‪ ،‬فتقول‪ :‬يا بن ما أصابك? فيقول‪ :‬سعت رجلً‬
‫حي رمان يقول‪ :‬خذها إليك وأنا ابن الفلح فتقول أقلحي هو? فنذرت إن ال أنكنها‬
‫منرأس عاصم أن تشرب فيه المر‪ ،‬وكان عاصم قد أعطى ال عهدا أل يس مشركا ول‬
‫يسه أبدا‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن القاسم بن عبد الرحن بن رافع أخو بن عدي بن النجار قال‪ :‬انتهى‬
‫أنس بن النضر‪ -‬وهو عم أنس بن مالك‪ ،‬وبه سي أنس أنسا‪ -‬إل عمر بن ‪-13‬ظ‬
‫الطاب‪ ،‬وطلحة بن عبيد ال رضي ال عنهم ف رجال من الهاجرين والنصار وقد ألقوا‬
‫بأديهم فقال‪ :‬ما يلسكم? قالوا‪ :‬قتل رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬فما تضنون‬
‫بالياة بعده? قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث استقل‬
‫القوم فقاتل حت قتل‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن حيد الطويل عن انس بن مالك قال‪ :‬لقد وجدنا بأنس بن النضي‬
‫يومئذ سبعي ضربة ما عرفته إل أخته‪ ،‬عرفت بنانه‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬كان أول من عرف رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد الزية‪ ،‬وقول الناس‬
‫قتل رسول ال‪ ،‬كما حدثن ابن شهاب الزهري عن عبد ال بن كعب بن مالك أخو بن‬
‫سلمة قال‪ :‬قال كعب‪ :‬عرفت عينينه تزهران من تت الغفر فناديت بأعلى صوت‪ :‬يا‬
‫معشر السلمي أبشروا هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأشار إل أن أنصت‪ ،‬فلما‬
‫عرف السلمون رسول ال صلى ال عليه وسلم نضوا به‪ ،‬ونض معهم نو الشعب‪ ،‬معه‪:‬‬
‫أبو بكر بن أب قحافة‪ ،‬وعمر الطاب‪ ،‬وعلي بن أب طالب‪ ،‬وطلحة بن عبيد ال‪ ،‬والزبي‬
‫بن العوام‪ ،‬والارث بن الصمة رضي ال عنهم أجعي‪ ،‬ف رهط من السلمي‪ ،‬فلما أسند‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الشعب‪ ،‬أدركه أب بن خلف وهو يقول‪ :‬أين يا ممد‬
‫أين يا ممد لنوت إن نوت‪ ،‬فقال القوم‪ :‬أيعطف عليه يا رسول ال رجل منا? فقال‪:‬‬
‫دعوه فلما دنا تناول رسول ال الربة من الارث بن الصمة‪ ،‬يقول بعض القوم فيما ذكر‬

‫‪257‬‬ ‫‪257‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ل ‪-14‬و‪ .‬فلما أخذها رسول ال صلى ال عليه وسلم انتفض با انتفاضة تطايرنا عنه‬
‫تطاير الشعر من ظهر البعي إذا انتفض با‪ ،‬ث استقبله فطعنه با طعنة تردى با عن فرسه‬
‫مرارا‪.‬‬
‫أخربنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن صال بن ابراهيم ين عب الرحن بن عوف قال‪ :‬كان آب بن خلف‬
‫يلقى رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة فيقول‪ :‬يا ممد إن عندي العوز أعلفه كل يوم‬
‫فرقا من ذرة أقتلك عليه فيقول‪ :‬بل أنا أقتلك إن شاء ال‪ ،‬فرجع إل قريش وقد خدشه ف‬
‫عنقه غي كبي فاحتقن الدم أقالك قتلن وال ممد‪ ،‬قالوا‪ :‬ذهب وال فؤادك إن كان بك‬
‫بأس‪ ،‬قال‪ :‬إنه قد كان قال ل بكة‪ :‬بل أنا أقتلك‪ ،‬فو ال لو بصق علي لتقتلن‪ ،‬فمات‬
‫عدة ال بسرف وهم قافلون به إل مكة‪ .‬فقال حسان بن ثابت ف قتل رسول ال أبيا‬
‫وقوله له بكة ما قال‪:‬‬
‫لقد ورث الضللة عن أبيه‬

‫أب حي بارزه الرسـول‬


‫فلما انتهى رسول ال صلى ال عليه وسلم إل فم الشعب خرج علي بن أب طالب رحة‬
‫ال عليه بالدرقة حت ملها ماء من الهراس‪ .‬ث جاء به إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فوجد له ريا فعافه فلم يشرب منه‪ ،‬وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه‬
‫وهو يقول‪ :‬اشتد غضب ال على من دمى وجه رسول ال‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن صال بن كيسان عمن ‪-14‬ظ حدثة عن سعد بن أب وقاص أنه‬
‫كان يقول‪ :‬ما حرصت على قتل أحد ما حرصت على قتل عتبة بن أب وقاص‪ ،‬وإن كان‬
‫ما علمت لسيء اللق مبغضا ف قومه‪ ،‬ولقد كفان منه قول رسول ال‪ :‬اشتد غضب ال‬
‫على من دمى وجه رسوله‪ ،‬فبينما رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الشعب معه أولئك‬
‫النفر من أصحابه إذ علت علية على البل‪ ،‬فقال رسول ال ‪:‬إنه ل ينبغي لم أن يعلونا‪،‬‬
‫فقاتل عمر بن الطاب ورهط معه من الهاجرين حت أهبطوا عن البل‪ ،‬ونض رسول‬

‫‪258‬‬ ‫‪258‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ال بي درعي‪ ،‬فلما ذهب لينهض ل يستطع‪ ،‬فجلس تته طلحة بن عبيد ال‪ ،‬فنهض به‬
‫حت استوى عليها‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد ين سلمة عن ممد بن اسحاق‬
‫قال‪ :‬حدثن يي بن عباد ال بن الزبي عن الزبي قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يقول أوجب طلحة حي انتهى بعضهم إل النقى دون العوص‪ ،‬وفر عثمان بن‬
‫عفان‪ ،‬وعقبة بن عثمان‪ ،‬وسعد بن عثمان رجلن من النصار‪ ،‬ث من بن زريق حت‬
‫ل بناحية الدينة‪ ،‬فأقاموا به ثلثا ث رجعوا إل رسول ال عليه السلم‪،‬‬‫بلغوا اللب جب ً‬
‫فقال رسول ال فيما زعموا لقد ذهبتم فيها عريضة‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن اسحاق قال‪:‬‬
‫حدثن عاصم بن عمر بن قتادة عن ممود بن لبيد عن حنظلة بن أب عامر أخو بن عمر‬
‫بن عوف أنه التقى هو وأبو ‪-15‬و سفيان بن حرب‪ ،‬فلما استعله حنظلة‪ ،‬رأه شداد بن‬
‫السود‪ ،‬وكان يقال له ابن شعرب قد عل أبا سفيان‪ ،‬فضربه شداد فقتله‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال إن كان صاحبكم ‪-‬يعن حنظلة لتغسله اللئكة‪ -‬فسلوا أهله ما شأنه? فسئلت‬
‫صاحبته‪ ،‬فقالت‪ :‬خرج وهو جنب حي سع الائعة‪ ،‬فقال رسول ال‪ :‬لذلك غسلته‬
‫اللئكة‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬ما مد ين سلمة عن ممد بن‬
‫اسحق قال‪ :‬قد وقفت هند بنت عتبة كما حدثن صال بن كيسان والنسوة التون معها‬
‫يثلن بالقتلى من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعن الذان والناف حت‬
‫اتذت هند من آذان الرجال وأنافهم خذما وقلئدا‪ ،‬وأعطت خذمها وقلئدها وقرطيها‬
‫وحشيا إلم جبي بن مطعم‪ ،‬وبقرت عن كبد حزة فلكتها فلم تستطيع أن تسيغها‪ ،‬ث‬
‫علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتا وقالت‪ ،‬من الشعر حي ظفروا با‬
‫أصابوا من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫نن جزيناكم بيوم بدر‬
‫فأجابتها هند بنت أثاثة بن عباد بن الطلب بن عبد مناف فقالت‪:‬‬
‫خزيت ف بدر وبعد بدر‬

‫‪259‬‬ ‫‪259‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫ث أن أبا سفيان حي أراد النصراف عل البل ث صرخ بأعلى صوته‪:‬‬
‫أنعمـت فـعـال‬

‫إن الرب سجال‬


‫يوم بـيوم بــدر‬

‫أعـل هـبــل‬
‫أي ظهر دينك‪ -‬فقال رسول ال لعمر رحة ال عليه قم فأجبه ‪-15‬ظ‬
‫ال أعل وأجـل‬

‫ل ســــواء‬
‫قتلنا ف الـنة‬

‫وقتلكم ف النار‬
‫فلما أجاب أبا سفيان قال‪ :‬هلم إل يا عمر‪ ،‬فقال له رسول ال‪ :‬إئته فانظر ما شأنه‪ ،‬فقال‬
‫له أبو سفيان‪ :‬أنشد ال يا عمر أقتلنا ممدا? قال‪ :‬اللهم ل‪ ،‬وإنه ليسمع كلمك الن‪.‬‬
‫قال فأنت وال أصدق عندي من ابن قميئة وأبر‪ ،‬لقول ابن قميئة‪ :‬قتلت ممدا‪ ،‬ث نادى‬
‫أبو سفيان‪ :‬إنه قد كان ف قتلكم مثل وال ما رضيت وما سخطت وما أمرت ول‬
‫نيت‪ ،‬ولا انصرف أبو سفيان ومن معه نادى‪ :‬إن موعدكم بدر العام القبل‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال لرجل من أصحاب‪ :‬قل‪ :‬نعم هي بيننا وبينك موعدا‪ ،‬ث بعث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم علي بن أب طالب فقال‪ :‬أخرج ف إثر القوم فانظر ماذا يصنعون‪ ،‬وماذا‬
‫يريدون‪ ،‬فإن كانوا قد جنبوا اليل وامتطوا البل فإنم يريدون مكة‪ ،‬وان ركبوا اليل‬
‫وساقوا البل فإنم يريدون الدينة‪ ،‬والذي نفسي بيده لئن أرادوها لسين إليهم فيها‪ ،‬ث‬
‫لناجزنم‪ ،‬قال علي رحة ال عليه‪ :‬فخرجت ف إثرهم أنظر ماذا يصنعون‪ ،‬فلما جنبوا‬

‫‪260‬‬ ‫‪260‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫اليل‪ ،‬وامتوا البل‪ ،‬ووجهوا إل مكة‪ ،‬أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم ما أمرن به‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لا ب من الفرح إذ رأيتم امصرفوا عن الدينة‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال السن الران قال‪ :‬نا لن فيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحق قال‪ :‬وفزع الناس لقتلهم‪ ،‬فقال رسول ال‪ -‬كما حدثن ممد بن عبد ال بن عبد‬
‫الرحن بن أب صعصه الازن أخو بن النجار‪ :‬من رجل ينظر ل ما فعل سعد بن الربيع‬
‫‪-16‬و أخو بالارث بن الزرج ف الحياء أو ف الموان? فقال رجل من النصار‪ :‬أنا‬
‫أنظر لك يا رسول ال ما فعل‪ ،‬فنظر فوجده جريا ف القتلى‪ ،‬به رمق‪ ،‬فقال له‪ :‬إن‬
‫رسول ال أمرن أن أنظر له ف يالحياء أنت أم ف الموات‪ ،‬قال‪ :‬فأنا ف الموات فأبلغ‬
‫رسول ال عن السلم‪ ،‬وقل له‪ :‬إن سعد بن الربيع يقول‪ :‬جزاك ال عنا خي نا جزى نبيا‬
‫عن أمته‪ ،‬وأبلغ قومك عن السلم وقل‪ :‬إن سعد بن ريع يقول لكم‪ :‬أنه ل عذر لكم عند‬
‫ال إن يلص إل نبيكم ومنكم عي تطرف‪ ،‬قال‪ :‬ثن ل أبرح حت مات رحة ال لعيه‪،‬‬
‫فجثت رسول ال فاخبته خبه‪ ،‬فخرج رسول ال ‪ -‬فيما بلغن‪ -‬يلتمس حزة بن عبد‬
‫الطلب‪ ،‬فوجده ببطن الوادي قد بطنه عن كبده‪ ،‬ومثل به وجدع أنفه وأذناه‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد ابن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن ممد بن سلمة عن ممد بن جعفر بن الزبي أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قال حي رأى ما رأى‪ :‬لول أنتحزن صفية أو تكون سنة من بعدي ما غيبته‬
‫ولتركته حت يكون ف بطون السباع وحواصل الطي‪ ،‬ولئنأنا أظهرن ال على قريش ف‬
‫ل منهم‪ ،‬فلما رأى السلمون حزن رسول ال صلى ال عليه‬ ‫موطن لمثلن بثلثي رح ً‬
‫وسلم وغيظه على ما فعل بعمه‪ ،‬قالوا‪ :‬وال لئن أظهرنا ال لعيهم لنمثلن بم مثله ل يثلها‬
‫أحد من العرب بأحد قط‪.‬‬
‫أخبنا عبد ال بن السن الران قال‪ :‬نا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال حدثن بريدة بن سفيان بن فروة السلمي عن ممد بن كعب القرظي‪،‬‬
‫وحدثن من لأتم عن ابن عباس ا‪ ،‬ال أنزل ف ذلك من قول رسول ال وقول أصحابه‬
‫"وإن عاقبتم فعاقبوا بثل ما عوقبتم به ولئن صبت لو ‪-16‬ظ خي للصابرين" إل آخر‬
‫القضية فعفا رسول ال صلى ال عليه وسلم وصب ونى عن الثل‪.‬‬

‫‪261‬‬ ‫‪261‬‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬ ‫سية ابن اسحاق‬
‫أخبنا عبد ال بن السي قال‪ :‬حدثنا النفيلي قال‪ :‬نا ممد بن سلمة عن ممد بن‬
‫اسحاق قال‪ :‬حدثن حيد الطويل عن السن عن سرة بن جندب أنه قال‪ :‬ما قام فينا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم مقاما ففارقه حت يأمرنا بالصدقة وينهانا عن الثلة‪.‬‬
‫يتلوه إن شاء ال الزء الرابع ممد بن سلمة عن ممد بن اسحاق قال‪ :‬حدثن من ل أتم‬
‫عن مقسم والمد ل رب العالي وصواته على سيدنا ممد وآله وسلم تسليما وحسبنا‬
‫ال ونعم الوكيل‪ ،‬وكتبه طاهر بن بكران الشوعي ف شهر رمضان من سنة أربع‬
‫وخسي وأربع مائة وال العي على كل حال إن شاء ال‪.‬‬

‫‪262‬‬ ‫‪262‬‬

You might also like