You are on page 1of 38

‫مقامات السيوطي‬

‫"بسم ال الرحمن الرحيم" وبه أكتفي‬

‫قال مولنا مجتهد العصر جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى‪ :‬سأل سائل عن أمثل الوسائل‪ ،‬ويرصد‬
‫لديوان الرسائل عن الخضروات السبعة‪ ،‬المنفردة بالرواء واللمعة‪ ،‬وما أجدى منها نفعه‪ ،‬وأجدر وقعه‪،‬‬
‫وأسرع وضعه‪ ،‬وأوضع سرعة‪ ،‬وأنصع في فن الطب شرعه‪ .‬فقال‪ :‬على الخبير سقطتم‪ ،‬ومن البحر لقطتم‪،‬‬
‫ولقد أقسطتم في سؤالكم وما قسطتم‪ ،‬وسأنبيكم بما يفوق حكمة بقراط‪ ،‬من غير تفريط ول إفراط‪.‬‬

‫القرع ‪Cucurbita Pepo‬‬

‫وما أدراك ما القرع‪ ،‬ذو الفضل الذي انتشر‪ ،‬والذي كان يحبه سيد البشر‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وشرف‬
‫وعظم وكرم‪ ،‬كم فيه من حديث ورد‪ ،‬وخبر مقبول ورد‪ .‬ففي الصحيح أنه صلى ال عليه وسلم كان يتتبعه من‬
‫حوالي الصفحة‪ .‬وروى النسائي عن أنس رضي ال تعالى عنه قال‪) :‬كان النبي صلى ال عليه وسلم يحب‬
‫القرع( وكفى بذلك تحفة‪ .‬وفي حديث رواه الحافظ من المتقنين المبرزين )إذا طبختم قدرًا فأكثروا فيها من‬
‫الدباء فإنه يشد قلب الحزين(‪ .‬وفي حديث رواه أئمة البلغ )عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ( بارد رطب‬
‫في الدرجة الثالثة‪ ،‬دواء نافع من الدواء العايثة العابثة‪ ،‬وهو أقل الثمار الصيفية مضرة‪ ،‬وأيسرها في المعدة‬
‫لبثة‪ ،‬مذكور في المشهورين‪ ،‬ومشهور في المذكورين‪ ،‬وهو من طعام المحرورين‪ ،‬جيد لصحاب الصفراء‪،‬‬
‫ولصحاب الكبد الحارة أصلح وأحرى‪ ،‬لم يداوى المبرسمون والمحررون بمثله صنعًا‪ ،‬ول أعجل منه نفعًا‪،‬‬
‫ول أعظم منه وقعًا‪ ،‬يبرد ويطفي ويلين البطن‪ ،‬ويغفي ويسكن العطش واللهيب‪ ،‬وله في نفع الحميات نصيب‪،‬‬
‫ومرقة الفروج المطبوخ في منعشة من الغثيات الناشئة من حدة الخلط الصفراوية في الحميات‪ ،‬وذا ضمد‬
‫به شيء من الورام الحادة بردها وأطفأها‪ ،‬وسواء في ذلك الدماغ والعين والنقرس وما سواها‪ ،‬وماؤه إذا‬
‫شرب أو غسل به الرأس سكن الصداع‪ ،‬وينوم من يبس دماغه من مرض الزكام تقطيرًا في النف بل نزاع‪،‬‬
‫وإذا لطخ بعجين وشوي واستخرج ماؤه سكن حرارة الحمى الملتهبة‪ ،‬وقطع العطش‪ ،‬وحسن غذاؤه وان‬
‫شرب بخيار شنبر وبنفسج مربى‪ ،‬أحدر صفرا محضة‪ ،‬وأزال كربا‪ ،‬وان كحل بمائه المذكور العينان اذهب‬
‫عنهما صفرة اليرقان‪ ،‬وجرادة القرع إذا لطخ به الرأس سكن من الصداع‪ ،‬أو ضمدت به العين من الرمد‬
‫الحاد سكن منه الوجاع‪ ،‬أو الحمرة حصل لمادتها الرداع‪ ،‬وماء قشر القرع إذا استعط به نفع من وجع‬
‫السنان‪ ،‬أو قطر مع دهن ورد نفع الوجع الحاد في الذان‪ ،‬وإذا طبخ القرع بالخل نقص من غلظه وانهضم‪،‬‬
‫وكان اشد تطفية للصفراء والدم‪ ،‬وسو يقه نافع من السعال ووجع الحلق والصدر الصادرين حرًا‪ ،‬ومن‬
‫الكرب الحادث من الصفراء‪ ،‬ودهن القرع نحو دهن البنفسج والنيلوفر جيد للحر والسهر‪ ،‬وهو مناجل الدوية‬
‫لتنويم المحمومين والمسلولين‪ .‬كيف ما استعمله البشر‪ ،‬وإذا اكتحل بماء زهرة اذهب الرمد الحاد واقلعه‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫وقشر القرع اليابس إذ احرق وزر على الورم المنبعث قطعه‪ ،‬وإذا عجن والحالة هذه بخل وطلى به على‬
‫البرص نفعه‪ ،‬وينفع من قروح الذكر والعضاء اليابسة المزاج‪ ،‬وهو جيد لتطهير الصبيان ولحرق النار‬
‫معجونا بسمن النعاج‪ ،‬وإذا قشر حبه ودق واستخرج منه الدهان نفع وجع المعاء الحادة ووجع الذان‪ .‬ولب‬
‫بزره ينفع من السعال الحاد المواد‪ ،‬ويرطب الصدر ويبرئ حدقة المثانة المتولدة من خلط حاد‪ .‬ولو لم من‬
‫فضله المبين إل أنه داوى ال عز وجل به رسول من أصفيائه المرسلين‪ .‬قال تعالى‪) :‬فنبذناه بالعراء وهو‬
‫سقيم‪ ،‬وأنبتنا عليه شجرة من يقطين( )‪145 ،144‬الصافات(‪ .‬وفيه يقول الشاعر‪:‬‬
‫خراطيم أفيال لطخن بذنجار‬ ‫وقرع تبدى للعـيون كـأنـه‬
‫فأعجب منا حسنه كل نظار‬ ‫مررنا فعايناه بـين مـزارع‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫في كف حلو الدل بغـداذ‬ ‫باكورة من قرعنا ناضـر‬
‫في خرق خضر من اللذ‬ ‫كأنها كافـورة أقـبـلـت‬

‫الهندبا ‪cichorium intybus‬‬

‫وما أدراك ما الهندبا فيه أحاديث عديدة‪ ،‬طرق بعضها لبعض شهيدة‪ ،‬ما من ورقة من ورق الهندبا إل عليها‬
‫قطرة من الجنة‪ ،‬وهذه منقبة جليلة وفضيلة ومّنة‪ ،‬من الطباء من يسميها البقلة المباركة‪ ،‬لنهم حمدوا في‬
‫قانونها الطبي مسالكه‪ ،‬بارد رطب في الولى‪ ،‬جيد للمعدة مأكول‪ ،‬ينفع من ضعف القلب والمعد‪ ،‬ويفتح من‬
‫الكبد والطحال السدد‪ ،‬وهو من أفضل دواء للمعدة والكبد الحادين‪ ،‬ويطفي حرارة الدم والصفراء‪ ،‬وينقي‬
‫مجاري الكلى من الرين‪ ،‬وإذا أكلت مطبوخة عقلت‪ ،‬وتسكن التهاب المعدة والكبد ضمد بها أو أكلت‪ ،‬وينفع‬
‫من الحميات والستسقاء والورام ومن نفث الدم وأكثر السموم ولسع الهوام‪ ،‬وتسكن الغثيان‪ ،‬ويضمد بها من‬
‫الحمرة والخفقان‪ ،‬ومن النقرس والورم الحاد في عين النسان‪ ،‬ويضمد بأصلها من لسع الحية والعقربان‪،‬‬
‫وماؤه إذا على وصفى وشرب بسكنجبين ينقي الرطوبات العفنة‪ ،‬وينفع من الحميات المزمنة‪ ،‬وإذا طلي به‬
‫الورام بردها وأسعف‪ ،‬وبزره قريب الفعل من مائه المعتصر إل أنه اضعف‪ .‬وقال في القانون‪ :‬وهو أبرها‪،‬‬
‫أنفع الهندبا للكبد أمرها‪ ،‬وليحذر الهندبا أصحاب السعال‪ ،‬فإنه ل يوافقهم مجال‪ .‬وفيه يقول الشاعر القوال‪:‬‬
‫منافعها جـمة نـافـعة‬ ‫أل حبذا الهنـدبـا بـقـلة‬
‫خضر بأطرافها طالـعة‬ ‫لها ورقات كلـين الـرياط‬
‫ولم يخش من بعده واقعة‪.‬‬ ‫وإذا ناله ذو سـقـام أبـل‬

‫الخس‬

‫وما أدراك ما الخس بارد رطب أشد من الهندبا ترطيبا وأوفى في التطفئة‪ ،‬وتسكين العطش نصيبا‪ ،‬مبرد‬
‫للبطن منوم‪ ،‬مدر للبول إذا عليه دوم‪ ،‬وإذا طبخ فهو أكثر في الغذاء‪ ،‬وإذا أكل كما قلع غير مغسول وافق من‬
‫يشتكي من معدته أذى‪ ،‬وينفع من الحمرة والورم الحار‪ ،‬وليكثر من أكله من معدته تولد المرار‪.‬‬
‫قال ابن البيطار‪ :‬ولم أجد شيئا من البقول يداوى به السهر غيره‪ ،‬والخلط المتولد منه بارد رطب ل يوازي بقل‬

‫‪2‬‬
‫خيره‪ ،‬إذ ليس يعرض له رداءة الستمرار كما يعرض لسائر البقول‪ ،‬والبطن معه ل هو مطلق ول هو‬
‫معقول‪ ،‬وهو يهيج للنسان بشهوة المأكول‪ ،‬وينفع من اللدغ العارض في المعدة‪ ،‬ومن حرقة المثانة التي هي‬
‫من خلط صفراوي متولد في السعال الذي ل نفث معه‪ ،‬وهو من مادة رقيقة تنجلب من الرأس الدمعة‪ ،‬ويغزر‬
‫اللبن ويذهب اليرقان‪ ،‬ويسكن حرارة الرأس والهذيان‪ ،‬ويسكن وجع الثدي‪ ،‬وهو دواء لختلف المياه‬
‫والرضين والهواء‪ ،‬وإن أكل بالخل سكن المرار والصداع المتولد عن صفراوي البخار‪ ،‬وإذا عجن بمائه‬
‫دقيق الشعير سكن الورم الحار من العين‪ ،‬والكثار من أكله يضعف البصر ويكسبه الغشاوة والعين والغيم‪،‬‬
‫وبزره يسكن وجع الصدر ولدغة العقرب والهوام‪ ،‬وإذا شرب قطع شهوة الجماع والحتلم‪ .‬وفيه يقول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫وقد حم جسمي بخس نضير‬ ‫أتاني الغلم قبيل الطـعـام‬
‫لمبصرها عذبان الحـرير‬ ‫كقضب اللجين بأطرافـهـا‬

‫الرجلة‬

‫وما أدراك ما الرجلة فيها حديث ضعيف بل نزاع‪) ،‬أن فيها شفاء من سبعين داء أدناه الصداع(‪) ،‬وأنه‬
‫صلى ال عليه وسلم دعا لها بالبركة وحيث شاءت نبتت(‪ .‬وذلك حين داوى بها قرحة برجله فبرئت‪ ،‬فلذلك‬
‫تسميها الطباء البقلة المباركة واللينة والحمقاء أسماء متشاركة‪ ،‬باردة في الثالثة رطبة في الثانية‪ ،‬كثيرة‬
‫المنافع في الحاضرة والبادية‪ ،‬عظيمة البركات تمنع المواد المخلبة والنزلت‪ ،‬ل سيما على المرارة والحرارة‬
‫مائلت‪ ،‬مع أنها تغير هذه المواد وتحيل منها المزاج‪ ،‬وكم لها من أثر حسن في العلج‪ ،‬تقمع الصفراء جدا‪،‬‬
‫وتبدل من الحرارة بردا وتبرد تبريدا شديدا‪ .‬وهي من أنفع الشياء كلها لمن يجد في المعدة والكبد لهيبا‬
‫وتوقيدا‪ ،‬أكل لها‪ ،‬وشربا لمائها‪ ،‬ووضعا على فم المعدة‪ ،‬وما دون الشراسيف بإزائها‪ .‬وتشفي من الضرس‬
‫العارض في السنان‪ ،‬ومن قرحة المعاء وحرقتها إذا أكلها النسان‪ .‬ومن الفضول أن يصل إلى المعدة‬
‫بالسيلن‪ ،‬ومن نفث الدم من الصدر والقيء والسهال‪ ،‬ومن نزف النسوان ومن الوجاع والقروح في الكلى‬
‫والمثانة‪ .‬وتنفع المحرورين وأصحاب الحميات الحادة وتزيد في الباه والمني والمزجة الحارة اليابسة المادة‪.‬‬
‫ومن قال أنها تضعف شهوة الجماع فهو من المبرودين بل نزاع‪ .‬وضمادها ينفع من الصداع وأورام العين‬
‫وغيرها‪ ،‬ومن الحمرة والتهاب المعدة والمثانة وحرق النار وضيرها‪ ،‬وعصارتها تنفع من الحميات‬
‫والبواسير وحب القرع شربا‪ ،‬ومن بثور الرأس وصداعه غسل وصبا‪ .‬وقد ينفع في أدوية الرحم وفي أخلط‬
‫الكحال‪ ،‬وإذا حقن به غير مغلي نفع من انصباب المرة الصفراء إلى المعاء وأمسك ما حدث عنها من‬
‫السهال‪ .‬وبزرها ينفع من القلع والحر في أفواه الطفال‪ .‬ويشفي من الحصا ويدر البول ويسهل طبعا‪ ،‬وإذا‬
‫قلى أمسك الطبيعة وقوى المعاء‪ .‬وإذا دلك بالرجلة الثأليل قلعها بالخاصية قلعا‪ ،‬ومن وضعها في فراشه لم‬
‫يرى حلما ول مناما وضعا‪ .‬وهي في الجملة صالحة للعلج في كل حار من الزمان والبلدان والمزاج‪ ،‬غير‬
‫أنها تقطع شهوة الطعام وتحدث في البصر إظلم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫البامية‬

‫وما أدراك ما البامية‪ ،‬باردة رطبة في الثانية وهي أرطب من سائر البقول‪ ،‬والدم المتولد عنها رديء‬
‫الفضول‪ ،‬موافقة لصحاب ا لمزاج الحار‪ .‬وغذاؤها غاية في القلة والستندار‪ ،‬والتوابل الحارة تدفع ما فيها‬
‫من المضار‪ .‬وفيها أقول‪:‬‬
‫ومنظرها مبدع في الجمال‬ ‫وبامية لـهـا طـعـم لـذيذ‬
‫حقاق زمرد ملـئت للـي‬ ‫تحاكي وهي تزهو في رياض‬

‫الملوخيا‬

‫وما أدراك ما الملوخيا باردة في الولى رطبة في الثانية تفتح سدد الكبد الوانية وترطب الصدر وتنفع من‬
‫السعال‪ ،‬وتلين البطن وبزرتها أشد في السهال‪ .‬وصريح كلم القانون في الترجمة عنها أن منافع الخبازي‬
‫جارية فيها لنها نوع منها‪.‬‬

‫الخبازي‬

‫وما أدراك ما الخبازي بارد رطب في الولى رديء للمعدة الرطبة فضول‪ ،‬مغزر للبن نفاع‪ ،‬يفتح لسدد‬
‫الكبد وينفع للقلع‪ ،‬وينفع من السعال اليابس بالغتذاء‪ ،‬ومن أوجاع المثانة وما بها من أذى‪ ،‬ويدر البول‬
‫ويلين طبعا ويصلح خشونة الصدر والرئة‪ ،‬وبزره في ذلك أشد نفعا‪ .‬وقضبانه نافع للمثانة والمعاء وورقه إذا‬
‫مضغ نيئا وضمد به العين نقى البواسير وأنبت فيها اللحم وأزال الغين‪ ،‬وإذا ضمد به للسع النحل والزنابير‬
‫نفع‪ ،‬وإذا دق وخلط بزبد أو تمسح به لم يضره منها ما لسع‪ ،‬وإذا ضمد به مع البول أبرأ الرطبة من قروح‬
‫الرأس‪ ،‬وإذا طبخ ودق وخلط به زيت ووضع على الجمرة وحرق النار أذهب عنها البأس‪ ،‬وإذا وضع وحده‬
‫على الورام سكنها أو على الدماميل فجرها وأخرج ما فيها من الدناس‪ ،‬وإذا جلست النساء على طبيخه‬
‫سكن صلبة الرحم والمقعدة‪ ،‬وإذا أضيف بزرها إلى أدوية الجفن أمال ضرر الدوية الحادة وبرده‪ ،‬وإذا‬
‫طبخ ورقه بأصوله نفع من لسعة الرتيل والدوية القتالة‪ ،‬وينبغي أن يشرب ويتقيأ فإنه يبرأ ذلك ل محالة‪ .‬وقد‬
‫قلت فيه شعرا‬
‫تحكي قباب زبرجد‬ ‫خبا زيات نـراهـا‬
‫مقامها فيه أمجـد‬ ‫كثيرة النفع طـبـا‬
‫على لجين وعسجد‬ ‫تفوق في الطب حقا‬
‫وهذا آخر ما قصدت إيراده ول الحمد والمنة وأسأل ال سبحانه الغفران والجنة لي ولمؤلفه وكاتبه وقارئه‬
‫وسامعه والمسلمين أجمعين عنه وكرمه‪.‬‬

‫المقامة الفستقية‬

‫‪4‬‬
‫لمولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال ونفع به المسلمين‪ :‬مشتملة على ذكر ثمانية قلوب من‬
‫النقل ومنافعها‪ :‬الفستق‪ ،‬واللوز الخضر والجوز والبندق والقسطل وحب الزلم وحب الصنوبر‪ .‬قال مولنا‬
‫شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى ورضي عنه‪ :‬مرت من النقول طائفة‪ ،‬على النقول‬
‫عائفة‪ ،‬تروم الفصاح عن منافعها واليضاح عن طبا يعها‪ ،‬فأجابها من أجاب من اللباء النجاب‪ ،‬أن‬
‫استمعوا ما ألقي إليكم وعوا ما أملي عليكم‪:‬‬

‫الفستق‬

‫حار ورطب في الثانية‪ ،‬أشد حرارة من الجوز واللوز متناهية‪ ،‬يفتح السدد‪ ،‬وينقي الكبد والمعد‪ ،‬لنجزتها‬
‫التي ترقى إلى أعلى قامع‪ ،‬ولعلل الصدر والرئة نافع‪ ،‬وينقي منافذ الغذاء ويزيل مل فيها من ثقل وأذى‪،‬‬
‫ويذهب المغص والغثيان‪ ،‬ويقوي فم المعدة وقلب النسان‪ ،‬ويعد في المفرحات والترياقات‪ ،‬وقشره إذا نقع في‬
‫الماء وشرب نفع العطش والقيء والطلقات ويطيب النكهات لما فيه من العطريات‪ ،‬ودهنه يضر بالمعدة‬
‫وذلك من الخاصيات وفيه يقول الشاعر‪:‬‬
‫تصان عن الحداق في بطن تابوت‬ ‫من الفستق الشامي كل مـصـونة‬
‫مضمنة درا مغـشـى بـياقـوت‬ ‫زبرجدة ملـفـوفة فـي حـريرة‬
‫وقال آخر‬
‫بها ثمرا يبدو بحسن مـجـرد‬ ‫تفكرت في معنى الثمار فلم أجد‬
‫زهي بمعان زينت بـتـجـدد‬ ‫سوى الفستق الرطب الجني فإنه‬
‫واحشا ياقوت وقلب زبرجـد‬ ‫غللة مرجان على جسم فـضة‬
‫وقال آخر‬
‫وقد عاينتها مقلتي بنـعـيم‬ ‫وفستقة شبهتهـا إذ رأيتـهـا‬
‫بحقة عاج في غـلف أديم‬ ‫زبرجة خضراء وسط حريرة‬
‫وقال آخر‬
‫وقلبه كواد العـاشـق الـكـلـف‬ ‫وفستق قد حكى جلبـابـه شـقـقـا‬
‫طور وطورا تراه غير ملتـحـف‬ ‫تراه ملتحفا ثوب الـحـيا خـجـل‬
‫زرقا وصفرا لها غلف من الصدف‬ ‫يحكي فصوص يواقيت مـفـصـلة‬
‫مواصل لحبـيب دائم الـصـلـف‬ ‫كان أكله من طـيب مـطـعـمـه‬

‫وأما اللوز‬

‫في رطب في وسط الدرجة الولى‪ ،‬يصلح بلة المعدة ويقذف ما فيها رطوبة وفصول‪ ،‬ويجلو العضاء‬
‫الباطنة وينقيها‪ ،‬ويغدو المعاء ويلز ق ما فيها‪ ،‬ويدر البول ويسكن حرقة المبال‪ ،‬ويفتح السدد من الكبد‬
‫والطحال‪ ،‬ويلين الحلق وينفع اليابس من السعال‪ ،‬ويسمن ويقوي البصر المضطرب‪ ،‬وينفع من القوانج ومن‬
‫عضة الكلب الكلب‪ ،‬وهو جيد للصدر والرئة والمثانة الخشنة‪ ،‬وإذا أكل بالسكر زاد المني ودفقه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وأما اللوز المقلي‬

‫أنفع للمعدة بالدباغ‪ ،‬وإذا أكل اللوز والجوز بالسكر غذيا كثيرا وأخصبا البدن وزاد في المخ والدماغ‪.‬‬

‫وأما اللوز الخضر‬

‫فإنه يدبغ اللثة والفم ويسكن ما فيهما من الحرارة والدم‪.‬‬


‫وفيه يقول الشاعر‬
‫يا من محاسنه تاهت على التيه‬ ‫انظر إلى اللوز إذ وافاك أخضره‬
‫قولي لتنظر فيه حسن تشبيهي‬ ‫انظر إليه بعين الزهو مستمعـا ً‬
‫من الزبرجد جل الله منـشـيه‬ ‫كأنه حب در صـانـه صـدف‬
‫وقال آخر‬
‫مثاله لـيس يوجـد‬ ‫رأيت في اللوز معنى‬
‫عليه قفل زبرجـد‬ ‫كأنـه حـــب در‬
‫وقال آخر‬
‫لمبصرها فلبن فيها تلصقا‬ ‫ومهد إلينا لوزة قد تضمنـت‬
‫على غفلة في جلسة فتعانقا‬ ‫‪ 3‬وكأنهما خلن فإذا بخلـوة‬

‫وأما الجوز‬

‫فشديد الحرارة والسخان‪ ،‬وكثير الضرار بالنسان‪ ،‬وله في المعدة الباردة نفع‪ ،‬ومن منافعه أن يسهل‬
‫الديدان وحب القرع‪ ،‬وهو دواء لجميع السموم‪ ،‬وتسكينه للمغص معلوم‪ ،‬وأكثر نفعه للمعالج في الطلء من‬
‫خارج‪ ،‬على القوبا والملتوي من العصاب‪ ،‬والثدي الوارم وعضة البشر والكلب‪.‬‬
‫وفيه يقول الشاعر‬
‫راووق حسن عليه غير مخطوط‬ ‫تأمل الجوز في أطبـاق لـتـرى‬
‫فيها بدا يع من نقش وتخطـيط‬ ‫كأنه اكر من صنـدل خـرطـت‬
‫وقال آخر‬
‫مفصص مقشـر‬ ‫يا رب جوز اخضر‬
‫مضغه علك الكندر‬ ‫كأنـمـا أربـاعـه‬

‫وأما البندق‬

‫فأغلظ وأغذى من الجوز‪ ،‬وفي الحرارة دون اللوز‪ ،‬ولفظه فارسي‪ ،‬واسمه العربي الجلوز‪ ،‬وهو إلى الحرارة‬
‫واليبوسة قليلة‪ ،‬وفيه خواص ومنافع جليلة‪ ،‬منها انه يزيد أكله في الدماغ‪ ،‬وينفع من السموم ولدغ العقرب اللداغ‪،‬‬
‫ويقوي المعا المدعو بالصايم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وينفي الضرر عنه بالخاصية ويل يم‪ ،‬وينفع من السعال المزمن والنفث الحادث من الرئة والصدر‪ .‬وذكر‬
‫ابن البيطار‪:‬أن قومًا يعلقونه في أعضا دهم من لدغ العقارب‪ ،‬وذلك نفع جليل القدر‪ ،‬ويقشر من قشره ليكون‬
‫أسرع انهناما وانحدارًا‪ ،‬واقل من النفخ والقراقر ضررًا‪ ،‬فإن في القشر الباطن قبضًا شديدًا‪ ،‬وبه يعقل البطن‬
‫ويكثر للنفخ توليدًا‪ ،‬وإذا قله من أراده أكله أعانه على إنضاج النزلة‪.‬‬

‫وأما الشاهبلوط‬

‫وهو القسطل فبارد ذو بياس نافخ مصدع للرأس‪ ،‬وغذاؤه ليس محمودًا للناس‪ ،‬قابض بطيء النهضام‪ ،‬فانه‬
‫خلط بالسكر قلل ما به يضام‪ ،‬وفيه تقوية للعضاء‪ ،‬ومنع للنزف وجلء‪ ،‬ومن الحج وقروح المعاء‪ ،‬ونفع‬
‫من رطوبة المعدة ونفث الدماء‪ ،‬ولحمه جيد للسموم‪ ،‬وتغزيره للبول معلوم‪.‬‬

‫وأما حب الزلم‬

‫ل‪ ،‬وطعمه ومذاقه ما ألذه وأطيبه‪ ،‬وإذا مضغ‬


‫محار في الثانية رطب في الولى‪ ،‬يزيد في المني كثيرًا مأكو ً‬
‫ووضع على كلف الوجه أذهبه‪.‬‬

‫وأما حب الصنوبر‬

‫ل‪ ،‬شديد السخان‪ ،‬صالح للمشايخ دون الشبان‪،‬‬


‫فحار في الثانية رطب في الولى‪ ،‬وقيل يابس في الثانية نزو ً‬
‫للرعشة والفالج والربو نافع‪ ،‬وللرطوبات العفنة والبلغم قالع‪ ،‬ينقي الكلى والمثانة من الحصى والرمل‬
‫ويشفيها‪ ،‬ويقوي المثانة على إمساك البول الذي فيها‪ ،‬ويزيد في الباه ويكثر الرياح‪ ،‬ويسخن الكلى لمن كان له‬
‫بالسخان نجاح‪ ،‬وينفع ما عرض في البلدان من السترخاء ويجفف الرطوبات الفاسدة المتولدة في العضاء‪،‬‬
‫وهو بطيء الهضم فليحذر فيه الكثار‪ ،‬ول ينبغي للمحرومين أن يقربوه ولسيما في الزمن الحار‪ .‬تمت‬
‫والحمد ل تعالى وحده‪ ،‬وصلى ال وسلم على من ل نبي بعده‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحزابه‪ ،‬وغفر‬
‫ال تعالى لمؤلفها‪ ،‬وكاتبها وقارئها وسامعها آمين‪.‬‬
‫المقامة التفا حية لمولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى ورضي عنه ونفع المسلمين‬
‫ببركاته بسم ال الرحمن الرحيم سألت طائفة فاقهة عن مناقب الفاكهة‪ ،‬وصفاتها المتشاكهة‪ ،‬وما ضرب لها‬
‫من المثال والمشابهة‪ ،‬وما قاله فيها من كل طبيب أريب‪ ،‬وكل شاعر أديب واختارت منها سبعة زهراء‬
‫وبضعة‪ ،‬جهر الزمان يحسنها جهرًا‪ ،‬فأجبناها لما طلبت‪ ،‬وسالت قناة القلم بالبلغة فيها لما سالت ورغبت‪،‬‬
‫وبدأنا باللطف فاللطف في الذات‪ ،‬والشرف فالشرف في الصفات‪.‬‬

‫الرمان‬

‫‪7‬‬
‫وما أدراك ما الرمان‪ ،‬مصرح بذكره في القرآن‪ ،‬في قوله تعالى في سورة الرحمن‪) ،‬فيهما فاكهة ونخل ورمان( وفي‬
‫الحديث )ليس في الرض رمان تلقح إل بحبة من حب الجنة(‪.‬‬
‫وقال علي بن أبي طالب رضي ال عنه فيما رواه البيهقي وأسنده‪) :‬كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة(‪،‬‬
‫من غير أن يضر بعصبها‪ ،‬ويحدر منها الرطوبات المرية العفنة ويبريء من وصبها‪ ،‬ويحط الطعام إذا مص‬
‫بعده عن فمها‪ ،‬وينفع من الحميات الغب المتطاولة وألمها‪ ،‬ومن الجرب والحكة والخفقان‪ ،‬وإذا أديم مص مع‬
‫الطعام أخصب البدان‪ ،‬ويقوي الصدر‪ ،‬ويجلو الفؤاد‪ ،‬وإذا أكل بالخبز منعه من الفساد‪ ،‬جيد الكيموس قليل‬
‫الغذاء‪ ،‬صالح للمحرورين دافع للذى ويتغط لما يحدثه من قليل رياح‪ ،‬ويكون نفخه سريع التغشي ل يحتاج‬
‫إلى إصلح وفيه قبض لطيف‪ ،‬ويسير تجفيف‪ ،‬وحبه أشد في ذلك من قشره‪ ،‬ثم جنبذه الذي يسقط من الشجر‬
‫إذا عقد زهره‪ ،‬وإذ وضع في شمس حادة ماؤه المعتصر‪ ،‬واكتحل به بعد غلظه أحد البصر‪ ،‬وكلما عتق كان‬
‫أجود وأبر‪ ،‬وإذا طبخ ماؤه في إناء نحاس نفع من القروح والعفن والروايح المنتنة في النف والذن‪،‬‬
‫وحامض أنفع للمعدة الملتهبة وأكثر للبول إدرارا‪ ،‬وأقوى في تسكين البخرة الحارة مقدارا وأشد تبريدا للكبد‬
‫ولسيما أن أولى إدمانا وإكثارا‪ ،‬ويطفئ نارية الصفراء والدم‪ ،‬ويقطع القيء ويقطع من المعدة البلغم‪ ،‬وإذا‬
‫عصر النوعان مع شحمهما وشرب منه نصف رطل مع سكر عشرين درهما أسهل المرة الصفراء‪ ،‬وقوى‬
‫المعدة وأذهب عنها ضرا‪ ،‬وإن شرب أواق مع عسرة دراهم سكر‪ ،‬فإن هذا يقارب الهليلج الصفر‪ ،‬وفي‬
‫الشراب المتخذ منهما خاصية في منع أخلط البدان من التعفن‪ ،‬والرب المتخذ من الرمانين يقوي المعدة‬
‫الحادة ويقطع العطش والقيء والغثيان وإذا عصر الرمانتان بشحمهما وتمضمض بمائها نفع من القلع‬
‫المتولد في أفواه الصبيان وإذا طبخ في إناء نحاس ماؤهما المعتصر وأكتحل بهما أذهبا الحكة والجرب‬
‫والسلق وقوى البصر‪ ،‬والولى أن يمتص المحموم من الزمنة بعد غذائه ليمنع صعود البخار ول يقدمه‬
‫فيصرف المواد عن النحدار‪ ،‬وإذا شويت الرمانة الحلوة وضمدت بها سكنت وجع العين الرمدة‪ ،‬وزهر‬
‫الرمان يقطع القيء الزريع المفرط إذا خمدت به المعدة‪ ،‬وإذا فرغت رمانة من حبها وملئت بدهن ورد عن‬
‫لبها‪ ،‬وفترت على نار هادية تفتيرا‪ ،‬سكن وجع الذن تقطيرا‪ ،‬ومع دهن بنفسج ينفع للسعال اليابس كثيرا‪،‬‬
‫وحب الرمان الحامض إذا جفف في الشمس ودق للنعام ودر وطبخ مع الطعام‪ ،‬منع الفضول أن تسيل على‬
‫المعدة والمعاء‪ ،‬وإذا نقع في ماء المزن وشرب نفع من نفث الدم نفعا‪ ،‬وقشر الرمان إذا سحق وسفى منه‬
‫عشرة دراهم أخرج الدود‪ ،‬وإذا عجن بعسل وطلى به آثار الجدري وغيرها أياما متوالية أذهبها وحصل‬
‫المقصود‪ ،‬وإذا طبخ في ماء وتمضمض به قوى لثة الفم‪ ،‬وإن شربه أمسك استرسال البول وإسهال البطن‬
‫وانضم‪ ،‬وإن استنجى به قوى المعدة وقوى ما انبعث من أفواه البواسير‪ ،‬وإن جلس فيه النساء نفع من النزف‬
‫وسدده‪ ،‬أو الطفال نفعهم من خروج المقعدة وجلناره يشد اللثاث ويلزق الجراحات‪ ،‬ويتمضمض بطبيخه للثة‬
‫التي تدمي كثيرا والسنان المتحركات‪ .‬وزعم قوم أولوا عدد وعددا أن من ابتلع منه ثلث حبات صغار لم‬
‫يحدث له تلك السنة رمد‪ ،‬وأصل شجر الرمان إذا شرب طبيخه بنار موهجة قتل حب القرع وأخرجه‪.‬‬
‫فسبحان من أوجده من العدم‪ ،‬وأودعه هذه المنافع والحكم‪ ،‬وصوره كرة للعب‪ ،‬أو نهد لكاعب‪ ،‬ومله بحبات‬

‫‪8‬‬
‫العقيق والياقوت‪ ،‬وجعله لما شاء من طعام وشراب وتفكه ودواء وقوت‪ ،‬وذكرنا به رمان الجنان‪ ،‬الذي كل‬
‫رمانة منه قدر المقتب من البعران‪ ،‬كما ورد عن سيد ولد عدنان‪ ،‬وشرف وكرم‪ .‬وقد أكثر الشعراء فيه من‬
‫التشبيه‪ ،‬وأجادوا في النظر والتمويه‪ .‬فقال شاعر‬
‫تزهى بشكل ولون غير مذموم‬ ‫رمانة مثل نهد الكاعـب الـريم‬
‫من اليواقيت نشرا غير منظم‬ ‫كأنها حقة من عسجد مـلـئت‬
‫وقال آخر‬
‫فتبسمت في ناضر الغصان‬ ‫رمانة صبغ الزمـان أديمـهـا‬
‫قد أودعت خرزا من المرجان‬ ‫فكأنما هي حقة من عسـجـد‬
‫وقال آخر‬
‫لسانا عن الوصاف غير قصير‬ ‫خذوا صفة الرمان عني فإن لـي‬
‫فصوص بلخش في غشاء حرير‬ ‫حقاق كأمثال العقيق تضمـنـت‬
‫وقال آخر‬
‫سبحان خالق ذا وذا من عـود‬ ‫طعم الوصال يصونه طعم النوى‬
‫خضر الثياب على نهود الغيد‬ ‫فكأنما والخضر من أوراقـهـا‬
‫وقال آخر‬
‫ثدي عذارى في ملبسها الخدر‬ ‫وأشجار رمان كأن ثـمـارهـا‬

‫فصوص عقيق في حقاق من الدر‬ ‫إذا فض عنه قـشـره فـكـأنـه‬


‫وماء ولكن في مخازن من حجر‬ ‫فدر لكـن لـم يدنـسـه عـارض‬
‫وقال آخر‬
‫بين صحيح وبين مفـتـوت‬ ‫ولح رماننا فـأبـهـجـنـا‬
‫تفوق في الحسن كل منعوت‬ ‫من كل مصفرة مزعـفـرة‬
‫فصرة من فصوص ياقوت‬ ‫كأنها حقة فـإن فـتـحـت‬
‫وقال آخر في الجلنار‬
‫قراضة من ذهب في خرقة‬ ‫وجلنار مشرف على أعالـي‬
‫معصفرة‬ ‫شـجـره‬
‫وقال آخر‬
‫بدا لنا في غضون خضر من الري‬
‫وجلـنـار بـهـن ضـرامة يتـوقـد‬
‫ميد‬
‫يحكي فصوص عقيق=في قبة من زبرجد‬

‫الترج‬

‫وما أدراك ما الترج‪ ،‬مذكور في التنزيل‪ ،‬ممدوح في الحديث منوه له بالتفصيل‪.‬‬


‫قال تعالى )واعتدت لهن متكأ(‪ .‬فسر بالترج عن من روى ومن رأى‪ .‬وفي الحديث الصحيح وهو الوابل‬

‫‪9‬‬
‫الصيب‪) ،‬مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الترجة طعمها طيب‪ ،‬وريحها طيب(‪ .‬وفي حديث آخر‬
‫استخرجه الحفاظ من اللج‪ ،‬أنه صلى ال عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الترج‪ .‬بارد رطب في الولى‪،‬‬
‫يصلح غذاء ودواء مشموما ومأكول‪ ،‬يبرد عن الكبد جدا ويزيد في شهوة الطعام دسرا‪ ،‬ويقمع حدة المرة‬
‫الصفراء‪ ،‬ويزيل الغم العارض منها ويبدله بشرا‪ ،‬ويسكن العطش وينفع اللقوة جهرا ويقطع القيء والسهال‬
‫المزمنين دهرا‪ .‬وحماضه يقوي القلب الشديد حرا‪ ،‬وينفع الماليخوليا المتولدة من احتراق الصفراء‪ ،‬ويقمع‬
‫البخار الحار والصفراء والقيء والخفقان‪ ،‬وينفع شربا وطلء من لسعة العقربان‪ ،‬واكتحال من الرمد‬
‫واليرقان‪ ،‬وطلء من القوبا والكلف ويجلو البدان ويحبس ما يتجلب من الكبد إلى المعدة والمعاء‪ ،‬وكم له‬
‫في السهال العارض من قبل الكبد نفعا‪ ،‬وإذا نقع في ماء الورد وقطر في العين نفع الرمد المزمن وأبرأه من‬
‫الشين‪ ،‬وربه دابغ للمعدة من الرين‪ ،‬والمربى جيد للحلق والرئة من الغين‪ ،‬وطبيخه مسمن ونافع من الحمى‬
‫يزيل وهجها‪ .‬وإذا ألين طبخ بالخل وشرب قتل العلق المبلوعة وأخرجها‪ ،‬وعصارته تسكن علة النساء‪،‬‬
‫وقشرة في الثالثة حرارة ويبسا‪ ،‬يقوي المعدة منه اليسير وينفع أكله من البواسير‪ ،‬وإمساكه في الفم يطيب‬
‫لفاكهة المشمومة‪ .‬وفي الثوب يمنع السوس أن يحومه‪ ،‬وعصارته إذا شربت نفع من نهش الفاعي والدوية‬
‫المشمومة‪ ،‬وحراقته طلء جيد للبرص معلومة‪ .‬ورائحة الترج تصلح فساد الهواء والوباء‪ ،‬وحبه ينفع من‬
‫لدغ العقارب مدقوق طلء ومقشرا مشوبا‪ .‬وبزره يقوي اللثة ويحلل الورام‪ ،‬وورقه مقوي للمعدة والحشا‬
‫ضم من الكل ما يشاء للمعدة‪ ،‬مسخن موسع وللسدد البلغمية مفتح‪ ،‬ودهنه نافع للمعالج من استرخاء العصب‬
‫والفالج‪ .‬قالت طائفة من الحكماء جمع أنواعا من المحاسن والحسان قشره مشموم وشحمه فاكهة‪ ،‬وحماضه‬
‫إدام‪ ،‬وبذره دهان‪ .‬وقد أكثر فيه الشعراء ونظم فيه الدباء‪.‬‬
‫قال شاعر‪:‬‬
‫أظهر في الرض من أعاجيب‬ ‫أنظر صنعة الـمـلـيك ومـا‬
‫ركب في الحسن أي تركـيب‬ ‫جسم لجين قـمـيصـه ذهـب‬
‫لون محب وريح مـحـبـوب‬ ‫فيه لمـن شـمـه وأبـصـره‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫زان بجناتنا تصنـيعـه‬ ‫كأن أترجنا النضير وقـد‬
‫من جوهر فانثنت تجمعه‬ ‫أيد من التبر أبصرت بدرا‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ناعمة مغـدودة غـضة‬ ‫حباك من تهوى بأتـرجة‬
‫وجسمها الناعم من فضة‬ ‫فجلدها من ذهـب سـائل‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫كأنها كافورة لها غشاء من ذهب‬ ‫يا حبذا أترجة تحدث للنفس طرب‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫إن كنت للتشبيه أي محقـق‬ ‫انظر إلى الترج وهو مصنع‬
‫منها ليدخل في إناء ضـيق‬ ‫فكأنه كـف يضـم أنـامـل‬
‫وقال آخر‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫عليه من الوراق خضر الغلئل‬ ‫يا حسن أترج يلوح لـنـاظـري‬
‫وقد عد أيام النوى بـالنـامـل‬ ‫حكى سمتها ما غير البين حـالـه‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫في صفرة اللون من بعض‬
‫أمسيت أرحـم أتـرج وأحـبـسـه‬
‫المساكين‬
‫من فرقة الغصن أم خوف‬
‫عجبت منه فمـا أدرى صـفـرتـه‬
‫السكاكين‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫وصفراء من الترج في وسط‬
‫يحاكي وجوه العاشقين إصفـرارا‬
‫مجلس‬
‫كأيدي جوار الترك لول احمرارها‬ ‫تشير إذا لحظـتـهـا بـأصـابـع‬
‫وقال آخر‬
‫تذكر الناس بأحر النـعـيم‬ ‫لله بل للـحـسـن أتـرجـه‬
‫من هيبة الفاضل عبد الرحيم‬ ‫كأنها قد جمعت نـفـسـهـا‬

‫السفرجل‬

‫وما أدراك ما السفرجل‪ .‬ورد في حديث عن طلحة صحيح السناد )أن النبي صلى ال عليه وسلم دفع إليه‬
‫سفرجلة وقال دونكها فإنها تجم الفؤاد(‪ .‬وفي رواية أخرجها إمام عالي القدر‪) ،‬فإنها تشد القلب وتطيب النفس‬
‫وتذهب بطخاوة الصدر( وفي حديث له رواء وبريق )كلوا السفرجل على الريق(‪ .‬وفي حديث رواه من اسند‬
‫واستند‪) ،‬كلوا السفرجل فإنه يجم الفؤاد ويشجع القلب ويحسن الولد(‪ .‬بارد في آخر الولى‪ ،‬يابس في أول‬
‫الثانية‪ ،‬فيه منافع وقبض وتقوية يقوي المعدة القابلة للفضول‪ ،‬والشهوة الساقطة جدًا للمأكول ويسكن العطش‬
‫والقيء ويدر‪ ،‬وينفع من الدوسنطاريا ويقر‪ ،‬ويحبس النزف والعرق‪ ،‬وإذا دخل البطن على الطعام انطلق‬
‫وعصارته نافعة من الربو وانتصاب النفس‪ ،‬وإذا قطرت في الحليل نفعت من حرقة البول الذي انحبس‪،‬‬
‫ولعابه يرطب ما في قصبة الرئة من اليبس‪ ،‬وحبه ملين ل قبض فيه لمن شاء‪ .‬وهو يمنع سيلن الفضول في‬
‫الحشاء‪ ،‬وينفع الحلق من الخشونة‪ ،‬ويحدث في قصبة الرئة ليونة‪ ،‬ودهنه نافع من النملة والشقاق‪ ،‬ومن‬
‫الجروح الجربية على الطلق‪ ،‬ومن وجع الكلى والمثانة وما في البول من الحتراق ومشويه يوضع على‬
‫العين للحار من الورام‪ ،‬ويحقن بطيخة لنتوء المعدة والرحام وإذا أدمنت الحامل أكله كان ولدها أحسن‬
‫الصورة‪ ،‬وإذا وضع مطبوخه على الثدي نفع الورام من انعقاد اللبن وأزال منه الضرورة‪ ،‬وكم له من منافع‬
‫وخواص مذكورة وفيه أشعار كثيرة مشهورة‪.‬‬
‫قال الشاعر‬
‫فكأن لها كل معنى عجيب‬ ‫سفرجلة جمعـت أربـعـا‬
‫ولون المحب وريح الحبيب‬ ‫صفاء النضار وطعم العقار‬
‫وقال آخر‬

‫‪11‬‬
‫على الفواكه بالتفضيل مشهورا‬ ‫حاز السفرجل لذات الورى وغدا‬
‫والتبر لونا ً وشكل البدر تـدويرا‬ ‫كالراح طعما ً ونشر المسك رائحة‬
‫وقال آخر‬
‫محبا ً شداه للحبيب فـراق‬ ‫سفرجلة صفراء تحكي بلوبها‬
‫بريح حبيب لذ منه عنـاق‬ ‫إذا شمها المشتاق شبه ريحها‬
‫وقال آخر‬
‫مثل ثدايا النـهـد‬ ‫سفـرجـل كـأنـه‬
‫صبغة لون العسجد‬ ‫يحكى اصفرار لونه‬
‫وقال آخر‬
‫مقنعات بـرقـاق خـضـر‬ ‫ململمات من كرات الـتـبـر‬
‫أطيب من نشق سلف الخمر‬ ‫بنكهة العطر وفوق العـطـر‬

‫التفاح ‪Pyrus malus‬‬

‫وما أدراك ما التفاح بارد رطب في الولى‪ ،‬مقو لفم المعدة‪ ،‬إذا صادف فيها غليظا أحدره فضول‪ ،‬طيب في‬
‫المذكورين‪ ،‬موافق قل أن يضر المحرورين له خاصية عظيمة في تفريج القلب وتقويته‪ ،‬ذو عطرية تعد من‬
‫أغذية الروح وأدويته من أنفع الشياء للموسوسين والمذبولين أكل وشما‪ ،‬ويقوي الدماغ وينفع هو وعصارته‬
‫وورقه سما‪ ،‬ويضمد بها العين الرمد إذا شوي شيئا‪ ،‬والمشوي منه في العجين ينفع قلة الشهوة ومن الدود‬
‫والدوسنطاريا‪ .‬ومن خاصيته فيما ذكره الطباء توليد النسيان‪ ،‬وروي فيه أثرا إل أنه في غاية النكران‬
‫وشرابه يعقل الطبيعة ويقمع حرا‪ ،‬ويصلح الغثي والقيء الكائنتين من المرة الصفراء‪ ،‬وعصارته لرجل‬
‫النقرس طلء‪ ،‬وهو يسر النفس ويحسن الخلق شما ومأكل‪ ،‬والحذر من فاكهة لم تنضج على شجرها فإنها‬
‫حمى طويلة‪ ،‬وجعل ابن البيطار السفرجل نوع من أنواع التفاح‪ ،‬وجعل منها‬
‫عليلة ومن أكثر من ذلك حمى ُ‬
‫غالب ما أوردناه‪ ،‬في هذا المراح‪ ،‬فسمي الترج بالتفاح المائي نسبة إلى بلدماه‪ ،‬والخوخ بالتفاح الفارسي‬
‫سماه‪ ،‬والمشمش بالتفاح الرمني دعاه‪ ،‬وهذا يدل على شرف التفاح لمن وعاه‪ ،‬ومن محاسنه الدبية أنه‬
‫اجتمع فيه الصفرة الدرية‪ ،‬والبياض الفضي والحمرة الذهبية‪ .‬وأنه يلذذ من الحواس ثلثا بجرمه العين‬
‫لحسنه‪ ،‬والنف لعرفه‪ ،‬والفم لطعمه‪ ،‬وكم قال فيه من شاعر ماهر وأديب باهر‪ .‬حيث قال أحدهم‪:‬‬
‫مخضبة بالطيب من كل جانب‬ ‫وتفاحة فيها احمرار وخضـرة‬
‫تورد خد فوق خضرة شارب‬ ‫تكامل فيها الحسن حتى كأنهـا‬
‫وقال آخر‬
‫يرفل في أثوابه الحمـر‬ ‫كأنما التفـاح لـمـا بـدا‬
‫في أكر من جامد الخمر‬ ‫شهد بماء الورد مستـودع‬
‫نستشف الند من الجمـر‬ ‫كأننا حـين نـحـيا بـه‬
‫وقال آخر‬
‫خدي حبيب ومحبوب قد اعتنقـا‬ ‫تفاحة جمعت لونين خلـنـهـمـا‬
‫فاحمر إذا خجل واصفر ذا فرقا‬ ‫تعانقا فبدا الواشي فراعـهـمـا‬

‫‪12‬‬
‫وقال آخر‬

‫جناها من الغصن الذي مثل قده‬ ‫وتفاحة من كف ظبي أخذتـهـا‬


‫وطعم لماه ثم حـمـرة خـده‬ ‫بها لين عطفيه وطيب نسـيمـه‬
‫وقال أخر‬
‫كذلك التفاح حمر حجد‬ ‫الخمر تفاح جرى ذائبـا‬

‫الكمثري‬

‫وما أدراك ما الكمثري بارد في الثانية رطب في الولى‪ ،‬يشاكل التفاح في طبيعته ولكن التفاح خير منه‬
‫وأولى‪ ،‬ويقوي القلب والمعدة من العتلل‪ ،‬ويقطع القيء والعطش والسهال‪ ،‬ومن اشتدت حرارة معدته‬
‫والتهبت وارتفعت عن درجة المبرودين وذهبت حصل له به نجاح‪ ،‬ولم يحتج منه إلى إصلح‪ .‬قال بعضهم‪:‬‬
‫إن الكمثري أسرع إنهضاما من التفاح‪ ،‬وما يتولد منها في البدن أحد منه وأقرب إلى الصلح‪ .‬وقال قوم‪ :‬إن‬
‫أكلها على الريق يضر بآكله ويسيء بفاعله‪ .‬وخصه ابن البيطار بمن أكل على سبيل اللذة والغذاء‪ ،‬ل على‬
‫سبيل الحاجة والدواء‪ ،‬فأما للداء فهو على الريق أفضل وأجدر‪ ،‬لنه بعد الطعام مطلق وزائد في ضعف‬
‫المعدة وأوقى‪ ،‬والحامض من الكمثرى دابغ للمعدة‪ ،‬زائد في الشدة مشه للكل‪ ،‬مدر للبول‪ ،‬وشرابها وبزرها‬
‫للمعدة يشدان‪ ،‬وللسهال الصفراوي يقطعان ويسدان‪ .‬وقد شبهه الشعراء بالنهد والسرة وناهيك بحسن هذا‬
‫التشبيه في المسرة‪ .‬قال شاعر‪:‬‬
‫على الغصان مخصر الثياب‬ ‫وكمثري تـراه حـين يبـدوا‬
‫له طعم ألذ مـن الـشـراب‬ ‫كثدي ملـيحة أبـدتـه تـيهـا‬
‫وقال آخر‬
‫محب زائد الصـفـرة‬ ‫حبا بكمثراية لـونـهـا‬
‫وهي لها إن قلبت سرة‬ ‫يشبه نهدا لثيب قـعـدت‬
‫وقال آخر‬
‫كطعم المسك شيب بماء ورد‬ ‫وكمثري سباني منـه طـعـم‬
‫نهود السمر في معنى وقـد‬ ‫لذيذ خـلـتـه لـمـا أتـانـا‬
‫وقال آخر‬
‫شهي الطعم والمنظر‬ ‫وكمـثـري بـسـتـان‬
‫عليها السندس الخضر‬ ‫كأثـداء الـدمـاجـات‬
‫كماء الورد والسكـر‬ ‫لهـا طـعــم إذا ذيق‬

‫النبق ‪Rhammus frangula‬‬

‫‪13‬‬
‫وما أدراك ما النبق‪ .‬قال الملك المعبود‪) :‬في سدر مخضود( ]الواقعة ‪ .[28‬وفي الحديث عن سيد البشر‬
‫)رأيت سدرة المنتهى فإذا نبقها كقلل هجر(‪ .‬والسدرة المذكورة في القرآن وفي عدد من الحاديث الصحاح‬
‫الحسان بارد يابس في وسط الدرجة الولى‪ ،‬نافع للمعدة يحدر عنها فضول‪ ،‬يسهل المرة والصفراء‪،‬‬
‫والمجتمعة في المعدة والمعاء‪ ،‬وهو للحرارة قميع وينفع للسهال الذريع‪ ،‬فهو مطلق وعاقل كالهليلج الذي‬
‫هو للبرد والعفونة فاعل‪ .‬فسبحان خالق الضداد‪ ،‬والشباه والنداد‪ .‬يقوي المعدة من الضعف‪ ،‬وينفع من‬
‫قروح المعاء والنزف وهو يمنع تساقط الشعر ويقويه ويطوله‪ ،‬وورقه يلين الورم الحار ويحلله‪ ،‬ويصلح‬
‫أمراض الرئة وللربو يزيله ويعد له‪ ،‬وطبيخ السدر لسيلن الرحميبطله وصمغه يذهب البرية والخرار اذابه‬
‫يغسله‪ ،‬وكم فيه من شعر يصفه ويفضله‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫من حسنها في فنـون‬ ‫وسـدرة كـــل يوم‬
‫وقد بـدا لـلـعـيون‬ ‫كأنما النـبـق فـيهـا‬
‫قد علقت في الغصون‬ ‫جلجل مـن نـضـار‬
‫وقال آخر‬
‫والشمس قد أخذت تجلوه في‬ ‫انظر إلى النبق في الغصان‬
‫القضب‬ ‫منتظمـا ً‬
‫تحكي جلجل قد صيغت من‬
‫كأن صفرته للنـاظـرين قـد غـدت‬
‫الذهب‬
‫وقال آخر‬
‫فيه الشفاء لكـل ذائق‬ ‫انظر إلى النبق الـذي‬
‫والليل ممدود السرادق‬ ‫فكـأنـه فــي دوحة‬
‫فصار حبا ً للمجانـق‬ ‫ذهب تبهرجه الصيارف‬
‫وقال آخر‬
‫فأهديت لك النبـقـا‬ ‫تفاءلت لكي تبـقـى‬
‫وفي النعمة ل تشقى‬ ‫فل زلت ول زلـنـا‬

‫الخوخ ‪Pronus Spinosa‬‬

‫وما أدراك ما الخوخ بارد في آخر الولى رطب في مبدأ الثانية‪ ،‬ينفع البدان اليابسة الحارة الواهية‪ ،‬جيد‬
‫للمعدة الحارة يقطع اللهيب والعطش ومضاره ويشهي الطعام‪ ،‬ويزيد في الباه والغتلم‪ ،‬ويطفئ الحرارة‬
‫المطلقة وينفع المحموم وقت صعود الحمى الحادة إذا كانت غبًا خالصة أو محرقة‪ .‬وورقه إذا دق وعصر‬
‫وشرب مرات متوالية أسهل حب القرع والحيات وإذا ضمد به السرة قتل ما في البطن من الديدان‪ ،‬وإذا دلك‬
‫به بعد الطلء بالنورة طيب البدان‪ ،‬ودهنه ينفع من الشقيقة ومن أوجاع البدان والذان‪.‬‬
‫وكم فيه للشعراء من تشبيهات حسان قال الشاعر‬

‫‪14‬‬
‫من المسك والكافور قد كسبت‬
‫وخوخة بستان ذكـي نـسـيمـهـا‬
‫نشرا‬

‫مصاغا ً وباقيها كياقوتة حمرا‬ ‫مليسة ثوبا ً من التبر نصفـهـا‬


‫وقال آخر‬
‫ومنظرا ً يا له من منظـر حـسـن‬ ‫وخوخة جمعـت طـعـمـا ً ورائحة‬
‫طعم الفواكه مجنى من الغـصـن‬ ‫فيها من الطعم أصناف مضـاعـفة‬
‫من كل داء جرى في الرأس‬ ‫وفي وسطها عجوه تشفي إذا‬
‫والبدن‬ ‫عصرت‬
‫زين الفواكه في المصار والمـدن‬ ‫أضحت شفاء وريحـانـا ً وفـاكـهة‬
‫وقال آخر‬
‫وقد بدا أحمره العندمي‬ ‫كأنما الخوخ على دوحـه‬
‫قد خضبت أنصافها بالدم‬ ‫بنادق من ذهب أصـفـر‬
‫وقال آخر‬
‫وجنة معشوق رآه الرقـيب‬ ‫وخوخة يحكى لنا نصـفـهـا‬
‫بلون صب غاب عنه الحبيب‬ ‫ونصفه الخـر شـبـهـتـه‬
‫وقال آخر‬
‫محمره المغموس في البيضاض‬ ‫يا حـبـذا الـخـوخ ويا حـبـذا‬
‫يبصر فيه أثـر الـعـضـاض‬ ‫كأنـه خـد رشــا لـــم يزل‬
‫وقال آخر‬
‫وحسنها المستكمل الفائق‬ ‫يا حبذا الخوخة والـذائق‬
‫توريد خد مصه عاشـق‬ ‫كأنما توريد حافـاتـهـا‬
‫ونختم هذه المعاني بقول ابن شرف القيرواني‬
‫مغذا بالـنـدا وبـرد وظـلل‬ ‫سقى الله عيشي تحت ريان يانـع‬
‫مسحت على بردى درع غوالي‬ ‫كأني إذا امتدت علـى ظـللـه‬
‫نظام لئال أو نـجـوم لـيالـي‬ ‫كأن على أوراقه أدمع الـحـيا‬
‫سواتر من حر الهجير كوالـي‬ ‫كأن على أعتابـه سـنـدسـية‬
‫هوابط خلخال قلبين عـوالـي‬ ‫كأن مديران العرايش فـوقـنـا‬
‫جنا النخل ممزوجا ً بمـاء زلل‬ ‫كأن جنا المقطوف من ثمارتهـا‬
‫سنا الجمر تذكى باللوة صالي‬ ‫كانسنا النازنج فوق غـصـونـه‬
‫مطرقة من دامـيات نـبـال‬ ‫كأن ميادي الجلـنـار أنـامـل‬
‫جلهن في أعلى المنصة جالي‬ ‫كأن در الرمان غـيد نـواهـد‬
‫بغير سنا شمس ونـور هـلل‬ ‫كأن ثمار النبق أنجم عـسـجـد‬
‫خدودا ً من التخميش ذات بـلل‬ ‫كأن ثمار الخوخ تبدي جنوبـهـا‬
‫عقيق ودر في تـراب حـال‬ ‫كأن جنا ورد به جمعـا مـعـا ً‬
‫جميل ثناء عن جـزيل نـوال‬ ‫كأن ذكى الياسمين وحـسـنـه‬
‫بهذا وذا لونـان سـرى خـال‬ ‫فيا حبذا حالي إذا رحت حـالـيا‬

‫‪15‬‬
‫المقامة الياقوتية لمولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى ورضي عنه‬

‫مشتملة على ذكر سبعة معادن ومنافعها الياقوت واللؤلؤ والزمرد والمرجان والزبرجد والعقيق والفيروزج‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫قال مولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى‪ :‬اجتمع من اليواقيت لبضعة من المواقيت‪،‬‬
‫وتصر للمفاخرة‪ ،‬ل للمفاخرة وللمكاثرة‪ ،‬ل للمكابرة‪ ،‬أيها في المرتبة أعلى‪ ،‬وفي الزينة أغلى‪ ،‬وفي المنظر‬
‫أحلى‪ ،‬وفي المخبر أجلى‪ ،‬فعقدوا لكل منهم حلقة‪ .‬وسبحوا الذي أحسن كل شيء خلفه‪ ،‬ونصب لكل منهم في‬
‫حلقته منصبه‪ ،‬وأشاروا إليه بالصابع حيث أضحى عين الخاتم وفصه‪.‬‬

‫فقال في الياقوت‬

‫الحمد ل الذي خلقني في أحسن تقويم‪ ،‬وجعلني أبهى في العين من الدر النظيم‪ ،‬وشرفني على كثير من‬
‫القران‪ ،‬حيث ذكرني بصريح اسمي في القرآن‪ ،‬وفي قوله تعالى في سورة الرحمن )كأنهن الياقوت‬
‫والمرجان( ] الرحمن ‪ [58‬وقد منى في الذكر وذلك يدل على كوني من المرجان أنبه‪ ،‬وأشرف منه مقاما‬
‫وأقواما ورتبة‪ ،‬وكم ورد ذكري في الحاديث الصحاح والحسان‪ ،‬وفي صفات ما أودعه ال تعالى من‬
‫المحاسن في الجنان‪ .‬ومن ذلك حديث عمن أفاض ال تعالى عليه المكارم فيضا )بنى ال جنة عدن لبنة من‬
‫ياقوتة حمرا ولبنة من زبرجدة خضراء ولبنة من درة بيضاء(‪ .‬وفي حديث مرفوع رواه حافظ ممجد‬
‫)الدرجة الثالثة من الجنة دورها وبيوتها وسررها ومعاليقها من ياقوت ولؤلؤ وزبرجد( وفي حديث صحيح‬
‫الثبوت ]حصباؤها اللؤلؤ والياقوت[‪ .‬وفي حديث من الحسان )درجها اللؤلؤ والياقوت ورضراضها اللؤلؤ‬
‫وترابها الزعفران( وفي حديث رواه البيهقي وعد به المصلي أجرا )ليس عبد مؤمن يصلي في ليلة من‬
‫رمضان إل بنى ال له بيتا في الجنة من ياقوتة حمراء(‪ .‬وفي أحاديث صحاح وحسان )في الجنة خيل من‬
‫الياقوت لها من الذهب جناحان إذا ركبها صاحبها طارت به في الجنان(‪ .‬فما ذكرت في معرض الترغيب‬
‫والتنبيه‪ ،‬إل وكان لي بذلك فخار ورفعة وتنويه وقد وردت في أحاديث تثبت الشرف والفخر‪) ،‬تختموا‬
‫بالياقوت فإنه ينفي الفقر(‪.‬‬
‫ي فشريفة‪ ،‬والمنافع الموجودة لدي فمنيفة‪ ،‬من ذلك أن التختم بي والتعليق يمنع‬
‫وأما الخواص الموضوعة ف ّ‬
‫من إصابة الطاعون على التحقيق‪ ،‬ولي في التفريح وتقوية القلب الجريح‪ ،‬ومقاومة السموم ومدافعة الهموم‬
‫ي في مورد‬
‫ي المبارد‪ ،‬وإذا صليت بالنار لم تؤثر ف ّ‬
‫والغموم ما هو مشهور معلوم‪ ،‬ومن خواصي أنه ل تعمل ف ّ‬
‫من الموارد‪.‬‬
‫وحسبك بقول الشاعر من شاهد مفرد‬
‫ثم انطفى الجمر والياقوت ياقوت‬ ‫وطالما أصلى الياقوت جمر غضا‬
‫وقال آخر‬

‫‪16‬‬
‫أن الندى يختص بالوجه الندي‬ ‫من باله يجفوا وقد زعم الـورى‬
‫رقت ففي الياقوت طبع الجلمد‬ ‫ل تخدعنك وجـنة مـحـمـرة‬
‫وقد شبه بي الشعراء ما له في الفخر علو‪ ،‬وفي القدر غلو فقال الشاعر‬
‫في روضة البستان للمنظر‬ ‫أما ترى الورد على غصنـه‬
‫في وسطها بالذهب الصفر‬ ‫صحاف ياقوت وقد رصعت‬
‫وقال آخر‬
‫لدى روضة فيها لحبابنـا قـوت‬ ‫ومن مـلـح اليام يوم قـضـيتـه‬
‫وأزرارها من حمرة الورد ياقوت‬ ‫لبست به من أخضر الروض حـلة‬
‫وقال آخر‬
‫أو تلحظهن وسط المـجـلـس‬ ‫أرأيت أحسن من عيون النـرجـس‬
‫قضب الزبرجد فوق بسط‬
‫در تشفق عـن يواقـيت عـلـى‬
‫السندس‬
‫وقال آخر‬
‫غناء قد جمعت شتا من الزهـر‬ ‫انظر إلى نرجس في روضة انف‬
‫في غصنها حولها ست من البدور‬ ‫كأن ياقـوتة قـد طـبـعـــت‬

‫وقال اللؤلؤ‬

‫ي بالتعجيل‪ ،‬وحباني بالتنويه‬


‫الحمد ل الذي ألبسني خلعة البياض وجعلني بين اليواقيت كالنور في الرياض‪ ،‬ومن عل ّ‬
‫والتنزيل‪ ،‬وكرر ذكرى في عدة مواضع في التنزيل‪ ،‬وقدمني في الذكر في القرآن‪ ،‬في قوله تعالى في سورة الرحمن‪:‬‬
‫)يخرج منها اللؤلؤ والمرجان( وشبه بي الحور والولدان‪ ،‬قال تعالى في كتابه المصون‪) :‬وحور عين كأمثال اللؤلؤ‬
‫المكنون( وقال تعالى مرغبًا للمؤمنين ومحذرًا آن يطيعوا أثمًا أو كفورًا‪) :‬ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم‬
‫حسبتهم لؤلؤًا منثورًا( وقال تعالى في الخبار عن أهل الجنة وذلك الفضل الكبير‪) :‬يحلون فيها من أساور من ذهب‬
‫ولؤلؤًا ولباسهم فيها حرير( وقد ذكرت في الحاديث كثيرًا‪ ،‬ونعت في صفة الجنة على لسان من أرسل بشيرًا ونذيرًا‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وشرف وعظم وكرم‪ ،‬ففي حديث عن عمن خص بنهر الكوثر )إن في الجنة غرقا من أصناف‬
‫الجوهر(‪.‬‬
‫ل من له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها(‪.‬‬
‫وفي حديث رواه حافظ الخبار وأربابها )إن أدنى أهل الجنة منز ً‬
‫وفي حديث أخرجه أبو نعيم ذو الحفظ الوفر )أنهار الجنة سائحة على الرض وحافاتها خيام اللؤلؤ وطينها المسك‬
‫الذخر(‪.‬‬
‫وفي حديث عمن جاء بهدم الطاغوت )الكوثر شاطئاه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت(‪ .‬وفي حديث فسرت به آية النحيلة‬
‫لمن يعرب )أن عليهم التيجان أعلى لؤلؤة منها تضيء ما بين المشرق والمغرب(‪.‬‬

‫وفيما روى البخاري ومسلم وكفى بما روياه دليل )الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميل(‪.‬‬
‫وقال مجاهد أحد علماء اللهوت‪) :‬الرائك لؤلؤ وياقوت(‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وفي أثر إسناده يعد في الصحاح )سماع الجنة من آجام قصب اللؤلؤ الرطب يدخل فيها الرياح(‪.‬‬
‫وعن عكرمة‪) :‬ما أنزل ال من السماء إل أنبت بها في الرض عشبة أو في البحر لؤلؤة أو درة(‪.‬‬
‫وكم من منفعة أودعها الرحمن‪ ،‬أقوى قلب النسان‪ ،‬وأنفع من قرع السواد وخوفها من الخفقان‪ ،‬وأجلوا‬
‫السنان‪, ،‬انفع من بياض العين‪ ،‬وأجلوا ما فيها من الظلمة والوسخ والغين‪ ،‬وأجفف وصبها‪ ،‬وأخفف‬
‫رطوبتها‪ ،‬وأشد عصبها وأحبس الدم‪ ،‬وأنفس الغم‪ ،‬منافع صالحة لكل غادية ورائحة‪ ،‬وتجارة رابحة لمن أراد‬
‫جلية ودفع جائحه‪ ،‬وتشبيهات الشعراء في كالبحر طافحة‪.‬‬
‫قال شاعر‪:‬‬
‫تشاوك فيه لين واندمـاج‬ ‫وعذبني قضيب في كثـيب‬
‫على در يقبـلـه زجـاج‬ ‫أغار إذا أدنت من فيه كأسي‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫تسقى بصوت الغمائم‬ ‫يا حسن أشجار لـوز‬
‫كالدر من كف ناظم‬ ‫تناثر النور مـنـهـا‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫تكسيه لو كان يدخر من كسـب‬ ‫أل حبذا القثـاء أكـل وحـبـذا‬
‫لليء لوزات من اللؤلؤ الرطب‬ ‫كأمثال قضبان الزبرجد أودعـت‬

‫وقال الزمرد‬

‫الحمد ل الذي رفع لي قدرا‪ ،‬وأسبغ علي الحلة الخضراء‪ ،‬وكساني من لون السماء‪ ،‬وجعلني أصفى من‬
‫الماء‪ ،‬أبريء ألما‪ ،‬وأشقى سقما‪ ،‬وأجوز في الفضيلة قسما‪ ،‬وكم ورد لي تذكار‪ ،‬في عدة من الحاديث‬
‫والخبار منها‪ :‬ما رواه البيهقي في شعب اليمان الجليل المقدار عن أنس بن مالك أحد النصار عن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم المصطفى المختار )من صام الربعاء والخميس والجمعة بنى ال له قصرا في الجنة من‬
‫لؤلؤ وياقوت وزمرد وكتب له براءة من النار(‪.‬‬
‫وفي حديث مرفوع ذكرا في تفسير قوله تعالى ومساكن طيبة المعدة ذخرا‪.‬‬
‫قال‪ :‬قصر من لؤلؤة فيه سبعون دارا من ياقوت في كل دار سبعون بيتًا من زمردة خضراء(‪.‬‬
‫وفي حديث عن ابن عباس رضي ال تعالى عنهما يشهر )نخل الجنة جذعها زمرد أخضر(‪.‬‬
‫وفي منافع جلية‪ ،‬وخواص غير قليلة‪ ،‬أنفع من السمام‪ ،‬ومن نهش الهوام من سحل مني وزن ثمان شعيرات‬
‫ولشارب السم سقاه خلص من الموت ولم يسقط شعره ول جلده وكان فيه شفاه‪ ،‬ومن أدمن إليه النظر ذهب‬
‫عنه كلل البصر ومن تقلدني أو تختم بي أمن من الصرع أن يطوفه‪ ،‬ولهذا أمرت الطباء الملوك عند ولدة‬
‫أولدهم أن تعلقه‪ ،‬وانفع من نزف الدم شربت أو علقت‪ .‬وإذا نظرت إلي الفعى سالت عيونها للوقت‪ ،‬وقد‬
‫شبهوا بي ما عل ذكره وغل قدره‪ .‬فقال شاعر‪:‬‬
‫بصفر من مطارده وخضر‬ ‫ألم تر أن جند الورد وافـي‬
‫نصال زمرد وتراس تبـر‬ ‫أني مستلثما بالشـوك فـيه‬

‫‪18‬‬
‫وقال آخر‬
‫بين الرياض من مطارده وخضر‬ ‫انظر إلى أحمر الصفصاف تحسبه‬
‫زمرده ونداه الدر مـنـشـورا‬ ‫حمر اليواقـيت والوراق بـاردة‬

‫وقال المرجان‬

‫الحمد ل الذي جملني بالحلة الحمراء‪ ،‬ورفع لي في كتابه العزيز ذكرًا‪ ،‬وكرر فيه التصريح باسمي كرتين‪ ،‬وذكرني‬
‫في سورة الرحمن مرتين‪ ،‬وشبه بي الحور وجعل معدني في البحور‪ ،‬ومسكني في قلئد النحور‪ ،‬فأنا ثالث اليواقيت‬
‫المنصوصة في الكتاب العزيز‪ ،‬والمخصوصة بالفضل الذي يخدمه الذهب البريز‪ ،‬ووردت الحاديث بذكري‪ ،‬وفي‬
‫ذلك تنويه بقدري‪.‬‬
‫روينا في حديث من الحسان )دار المؤمن في الجنة من لؤلؤ وسطها شجرة تنبت الحلل يأخذ بأصبعه سبعين حلة‬
‫ممنطقة باللؤلؤ والمرجان(‪.‬‬
‫وفي حديث عن سيد ولد عدنان صلى ال عليه وسلم وشرف وعظم وكرم )في الجنة نهر يقال له الريان عليه مديته من‬
‫مرجان‪ ،‬لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة لحامل القرآن(‪ .‬وكم أودع في خالقي من نفع‪ ،‬فالكتحال بي يصلح‬
‫لوجع العين وللدمع‪ ،‬وفي تفريج لقلب النسان‪ ،‬وتقوية للقلب من الخفقان‪ ،‬وحبس للدم في كل عضو من السيلن‪،‬‬
‫والستياك بي مسعوقًا يقوي اللثة ويقطع الحفر من السنان‪ ،‬وتقطيري مسعوقًا في الذان مضافا لدهن البل سان‪ ،‬نافع‬
‫من الطرش وأمان‪ ،‬وفي قبض وتجفيف‪ ،‬وللرطوبات تنشيف‪ ،‬وإذا علقت في عنق المصر وع‪ ،‬أو رجل المنقرس‬
‫الموجوع نفعتهما أبلغ منفوع وإذا شربت بالماء حللت ورم الطحال‪ ،‬ووافقت من به عسر البول بكل حال وقد شبه‬
‫الشعراء بي كل حال‪.‬‬

‫فقال الشاعر‪:‬‬
‫حما حما منه فأحـيانـا‬ ‫أما ترى الريحان أهدى لنا‬
‫زمردا يحمل مرجانـا‬ ‫تحسبه في ظله والنـدى‬
‫وقال آخر‬
‫كالزهر بين منظم ومتـضـد‬ ‫انظر إلى الروض البديع وحسنه‬
‫قطع من المرجان فوق زبرجد‬ ‫والجلنار على الغصون كـأنـه‬
‫وقال آخر‬
‫في صفاء الياقوت والمرجان‬ ‫هي كالدرة المصونة حسـنـا‬
‫غمست في شقائق النعمـان‬ ‫أو كبيضاء من مقطـف ورد‬

‫وقال الزبرجد‬

‫الحمد ل الذي جعلني أنا والزمرد أخوين‪ ،‬أدرجني في سلك على تعاقب الملوين‪ ،‬وصرح باسمي في‬
‫الحاديث والثار‪ ،‬وصح في ذكري عدة من الخبار ففي حديث مرفوع مسند )إن في الجنة لعمدا من ياقوت‬

‫‪19‬‬
‫عليها غرف من زبرجد(‪.‬‬
‫وفي حديث مرفوع أيضا )الغرفة ياقوت حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة بيضاء(‪.‬‬
‫وفي حديث أودعه الطبراني سفرا )من صام يوما من رمضان في إنصات وسكون بنى ال له بيتا في الجنة‬
‫من ياقوتة حمراء‪ ،‬أو زبرجدة خضراء(‪.‬‬
‫ووردت أحاديث كثيرة فصلت بأن أجنحة جبريل عليه السلم وقدميه بي كللت ولو لم يكن لي من الشرف‪،‬‬
‫وارتقائي أعلى الغرف إل خصلة واحدة كانت لي شاهدة وذلك أن خاتم المصطفى صلى ال عليه وسلم كان‬
‫من فصه‪.‬‬
‫وورد في بذلك الحديث وصح نصه‪ ،‬ولم يظفر بذلك شيء من أنواع الجواهر غيري ول سار أحد في هذه‬
‫الطريقة سيري‪ ،‬فمن ذا يساميني‪.‬‬
‫وقد لمست يد المصطفى أو نقش في اسمه ونعته محمد رسول ال وحسبي بذلك شرفا وكفى‪.‬‬
‫ولما سقطت في بئر أريس في يد عثمان‪ ،‬هاجت الفتن وزال المان‪ ،‬واقتتل بالسيوف أهل اليمان‪ ،‬وذلك أنه‬
‫كان في من السر نظير ما كان في خاتم سليمان‪ ،‬ولكوني أنا والزمرد من جنس واحد‪ ،‬اتحدنا في المنافع‬
‫والخواص والموارد‪ ،‬ومما ذكر من خواصي بين النام‪ ،‬إن شرب حكاكتي نافع من الجذام‪ ،‬وقد شبه بي‬
‫الشعراء في الشعار‪ ،‬ما أرادوا أعله في المقدار‪.‬‬
‫فقال شاعر‪:‬‬
‫ق إذا تصوب أو تصعد‬ ‫وكأن محمد الـشـقـي‬
‫ن على رماح من زمرد‬ ‫أعـله ياقـوت نـشـر‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫وسنى نواظر من غيد المها الحور‬ ‫والنرجس النضر للريان تحسـبـه‬
‫من خالص التبر في أجفان كافور‬ ‫قضب الزبرجد منه حملت حـدقـا‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫على حسن خدك المنـعـوت‬ ‫وكأن العذار في صفحة الخـد‬
‫على أكرة مـن الـياقـوت‬ ‫صولجان من الزبرجد معطوف‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫جاء بشيرا بدولة الرطب‬ ‫أما ترى النخل نثرت بلحـا‬
‫مقمعات الرؤوس بالذهب‬ ‫مكاحل ً من زبرجد خرطت‬

‫وقال العقيق‬

‫الحمد ل الذي جعلني من الجلة‪ ،‬وكساني بأبهى حلة‪ ،‬وخصني بأحسن خلة‪ ،‬وبارك في الرفيق‪.‬‬
‫وقال في الصادق المصدوق )أكثر خرز أهل الجنة العقيق(‪.‬‬
‫وورد في حديث يدفع ضيرًا )من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرًا(‪.‬‬
‫وفي حديث يتدارك )تختموا بالعقيق فإنه مبارك(‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وفي حديث له فخر )تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر(‪.‬‬
‫وفي حديث مسند )من تختم بالعقيق لم يقض له إل بالذي هو أسعد(‪.‬‬
‫وفي حديث له شأن )من تختم بالعقيق وفق لكل خير وأحبه الملكان(‪.‬‬
‫وفي خواصي بين الكرام أن تختم بي سكنت روعته عند الخصام‪ ،‬وأقطع عنه نزف الدم من أي موضع كان‬
‫من الجسام‪ ،‬وخاصة النساء اللواتي يدمن الطمث من الرحام‪ ،‬ومن دلك بنحاتتي أو خزافتي أسنانه ذهبت‬
‫عنه الصدأ أو الحفر وأعانه وأمسكهما عن التحرك كل سن مكانه‪.‬‬
‫ويا طول ما أكثر الشعراء في من التشبيه‪ ،‬وأرادوا بذلك التعظيم لقدري المشبه والتنويه‪.‬‬
‫فقال الشاعر‬
‫كل وصف وكل ذهن دقيق‬ ‫جوهري الوصاف يقصر عنه‬
‫لؤلؤ فوقها فم من عـقـيق‬ ‫شارب من زبرجـد وثـنـايا‬
‫وقال آخر‬
‫يحكي لنا لهب الحريق‬ ‫انظر إلى الخرز الـذي‬
‫فيها نصاب من عقيق‬ ‫كمدية مـن سـنـدس‬
‫وقال آخر‬
‫لونه قد حكى الشقيقـا‬ ‫انظر إلى البشر إذا تبدى‬
‫زبرجد مثمر عقيقـا‬ ‫كأنما خوصـه عـلـيه‬
‫وقال آخر‬
‫بديع الروض من نقش أنيق‬ ‫وقد بسط الربيع لنا بسـاطـا ً‬
‫كأقداح خرطن من العقيق‬ ‫يلوح به من الخطمـي ورد‬
‫وقال آخر‬
‫بكف غزال ساحر الطرف أغيد‬ ‫وورد جنى أحمر اللون نـاعـم‬
‫صواني عقيق قمعت بزبرجد‬ ‫توهمته في كفـه إذ بـدا بـه‬

‫وقال الفيروزج‬

‫الحمد ل الذي فضلني بلونين‪ ،‬وكساني حلتين‪ ،‬وجعلني أدخل في الكيمياء وفي أدوية العينين‪ ،‬وللطف ذاتي‬
‫تطورت‪ ،‬فإن صفى الجو صفى لوني‪ ،‬وإن تكدر تكدرت‪ ،‬وخصني بجبل نيسابور فل أوجد في غيره‪ ،‬ومن‬
‫شربني مسحوقًا ظفر من يقع بخيره‪ ،‬أنفعه من القدوح العارضة في الجوف‪ ،‬ومن لسعة العقرب الخوف‪ ،‬وبي‬
‫شبهت الشعراء ما استحسنوه وأسروه وأعلنوه‪.‬‬
‫فقال الشاعر‬
‫فوق فيه دع الملمة فيه‬ ‫قل لمن لم شامة بملـيح‬
‫فص فيروزج بخاتم فيه‬ ‫إنما الشامة التي قلت عيب‬
‫وقال آخر‬
‫أعطافه بزهوره وتموجـا‬ ‫ما أحسن الكتان حين تمايلـت‬

‫‪21‬‬
‫قد قمعوا لطرافه فيروزجا‬ ‫فكأنه قضيب الزبرجد أحضر‬

‫المقامة الوردية لمولنا مجتهد العصر أبي الفضل عبد الرحمن جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى‬
‫ورضي عنه‬

‫مشتملة على ذكر عشرة رياحين ومنافعها‪ :‬الورد والنرجس والياسمين والبان والبنفسج والنسرين والنيلوفر‬
‫والس والريحان والفاغية‪:‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫قال مولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى‪ :‬حدثنا الريان عن أبي الريحان عن أبي‬
‫الورد إبان عن بلبل الغصان عن ناظر النسان عن كوكب البستان عن وابل الهتان قال‪ :‬مررت يومًا على‬
‫حديقة‪ ،‬خضرة أنيقة‪ ،‬ظلولها وديقة‪ ،‬وأغصانها وريقة‪ ،‬وكوكبها أبدي بريقه ذات ألوان وأفنان‪ ،‬وأكمام‬
‫وأكفان‪ ،‬وإذا بها أزرار النهار مجتمعة‪ ،‬وأنوار النوار ملتمعة‪ ،‬وعلى منابر الغصان أكابر الزهار‪،‬‬
‫والصبا تضرب على رؤوسها من الوراق الخضر بالمزاهر‪ ،‬فقلت لبعض من عبر‪ ،‬أل تحدثوني ما الخبر‬
‫فقال أن عساكر الرياحين قد حضرت وأزهار البساتين قد نظرت لما نضرت واتفقت على عقد مجلس حافل‪،‬‬
‫لختيار من هو بالملك أحق وكافل‪ ،‬وها أكابر الزاهر قد صعدت المنابر‪ ،‬ليبدي كل حجته للناظر ويناظر‪،‬‬
‫من بين أهل المناظر في أنه أحق أن يلحظ بالنواظر‪ ،‬من بين سائر الرياحين النواظر‪ ،‬وأولى بأن يتأمر على‬
‫البوادي منها والحواضر‪ ،‬فجلست لحضر فصل الخطاب‪ ،‬وأسمع لما يأتي به كل من فنون الحديث‬
‫المستطاب‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫فهجم الورد بشوكته ونجم من بين الرياحين معجبًا بإشراق صورته‪ ،‬وقال‪:‬بسم ال المعين‪ ،‬وبه نستعين‪ ،‬أنا‬
‫الورد ملك الرياحين‪ ،‬والوارد منعشًا للرواح ومتاعًا لها إلى حين‪ ،‬ونديم الخلفاء والسلطين والمرفوع أبدًا‬
‫على السّرة ل أجلس على ترب ول طين‪ ،‬والظاهر لوني الحمر على أزاهر البساتين‪ ،‬والشرف من كل‬
‫ريحان فخرًا )بأني خلقت من عرق المصطفى وجبريل والبراق ليلة السراء(‪ ،‬والمظفر بقوة الشوكة‬
‫والصولة‪ ،‬والمنصور على من نائي لني صاحب الدولة‪ ،‬والعزيز عند الناس‪ ،‬والمودود بين الجلس‬
‫لليناص‪ ،‬والعادل في المزاج‪ ،‬والصلح في العلج‪ ،‬أسكن حرارة الصفراء‪ ،‬وأقوى الباطن من العضاء‪،‬‬
‫وأطيب رائحة البدن‪ ،‬من شم مائي وبه غثي أو صداع حار سكن‪ ،‬وأقوى المعدة‪ ،‬وأفتح من الكبد السدد‪،‬‬
‫وأنفع الحشاء‪ ،‬وأقوى العضاء أنا ومائي ودهني كيف شاء‪ ،‬وأبرد أنواع اللهيب الكائنة في الرأس‪ ،‬ربما‬
‫أستخرجها منه بالعطاس‪ ،‬وأنبت اللحم في العروق العميقة وأقطع الثآليل إذا استعملت أزاري سحيقة‪ ،‬وأنفع‬
‫القلع والقروح وأنا بعطريتي ملئم لجوهر الروح‪ ،‬وشمي نافع من البخار‪ ،‬مسكن للصداع الحاد‪ ،‬وبزري‬
‫نافع للثة الفم‪ ،‬وأقماعي تقطع السهال ونفث الدم‪ ،‬ومائي يسكن عن المعدة حرا‪ ،‬وينفع من التهاب المرة‬
‫والصفراء‪ ،‬وشرابي يطلق الطبيعة القوية‪ ،‬وينفع من الحميات الصفراوية وإذا شرب مائي بالسكر الطبرزد‬
‫قطع العطش من المادة‪ ،‬ونفع أصحاب الحمى الحادة وإذا ضمدت العين بورقي الطري نفع من انصباب‬
‫المواد‪ ،‬ومطبوخي طريا ويابسا ينفع من المد بالضمادة‪ ،‬ومطبوخ يابس صالح لغلظ الجفون‪ ،‬ومسحوقه إذا‬
‫ذر في فراش المجد ور والمحصوب نفع من العفون‪ ،‬ومن تجرع من مائي يسيرا نفع من الغشى والخفقان‬
‫كثيرا‪ ،‬ودهني شديد النفع للجراحات‪ ،‬وفيه مآرب كثيرة لذوي الحاجات‪ ،‬وأنا مع ذلكجلد صابر‪ ،‬أجري مع‬
‫القدار إذا صليت بالنار‪ ،‬وكفي رفعة على القران أن لفظي مذكور في القرآن‪ .‬في قوله تعالى في سورة‬
‫الرحمن )فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان(]الرحمن ‪.[37‬‬
‫وقد حماني أمير المؤمنين المتوكل كما حمى شقائق النعمان‪ ،‬وهذا تقليد من الخلفة بالملك على سائر‬
‫الريحان‪ ،‬ولي من بينهم ابن يخلفني في الحكم إذا غبت طول الزمان‪ ،‬فلهذا رفعت من أغصاني الشاير‪،‬‬
‫ودقت في داراتي البشاير وأعلمت في المشاعر‪.‬‬
‫ي الشاعر‬
‫وقال ف ّ‬
‫ورتبة ل تـمـل‬ ‫للورد عندي محـل‬
‫وهو المير الجل‬ ‫كل الرياحين جـنـد‬
‫حتى إذا غاب ذلوا‬ ‫إن جاء عزوا ً وتاهوا‬
‫وقال آخر‬
‫من النهار في حلل بهـية‬ ‫مليك الورد أضحى في جيوش‬
‫لن الورد شوكـتـه قـوية‬ ‫فوافته الزاهـر طـائعـات‬

‫النرجس‬

‫‪23‬‬
‫فقام النرجس على ساق‪ ،‬ورمى الورد منه بالحداق‪ ،‬وقال لقد تجاوزت الحد يا ورد وزعمت أنك جمع في‬
‫فرد‪ ،‬إن اعتقدت أن لك بحمرتك فخرة‪ ،‬فإنها منك فجرة‪.‬‬
‫قال النبي صلى ال عليه وسلم )إن الشيطان يحب الحمرة‪ ،‬فإياكم والحمرة‪ ،‬وكل ثوب ذي شهرة(‪.‬‬
‫وإن قلت أنك النافع في العلج فكم لك في مهاج الطب من هاج‪ ،‬ألست الضار للمزكوم‪ ،‬المعطش المحرور‬
‫الدماغ عند المشموم المضعف للباه‪ ،‬النائم بل انتباه‪ ،‬أتغتر ببردك القشيب‪ ،‬وأنت الجالب للمشيب‪ ،‬فحفظ‬
‫بالصمت حرمتك‪ ،‬وإل كسرت بقائم سيفي شوكتك‪ ،‬ويكفيك قول ابن الرومي فيك‪.‬‬
‫ألست تنظره في كف ملتـقـطـه‬ ‫يا مادح الورد ل ينفك من غلـطـه‬
‫عند البراز وباقي الروث في‬
‫كأنه صرم بغل حبيس سـكـرجـه‬
‫وسطه‬
‫ولكن أنا القائم ل عز وجل في الدياجي على ساقي‪ ،‬الساهر طول الليل في عبادة ربي فل تطرف أحداقي‪،‬‬
‫وأنا مع ذلك المعد للحروب‪ ،‬المدعو عند تزاحم الكروب أل ترى وسطي ل يزال مشدودا‪ ،‬وسيفي ل يبرح‬
‫مجردا وأنا فريد الزمان في المحاسن والحسان‪ ،‬ولهذا قال في كسرى أنو شروا ن النرجس ياقوت أصفر بين‬
‫در أبيض على زمرد أخضر‪ ،‬وأنا المشبه بي عيون الملح المعروف في مهمات الدواء بالصلح‪ ،‬أنفع غاية‬
‫النفع من داء الثعلب والصرع‪.‬‬
‫وقد روي في حديث رواية غير مقل ول مفلس )شموا النرجس فإن في القلب حبة من الجنون والجذام‬
‫والبرص ل يقطعها إل شم النرجس(‪.‬‬
‫وفي أصلي قوة تلحم الجراحات العظيمة‪ ،‬وتنفع ذكر العنين وتجيد تقويمه وشمي ينفع من وجع الرأس‬
‫والزكام البارد‪ ،‬وفي تحليل قوي لمن هو قاصد ودهني نافع لوجاع العصب والرحام‪ ،‬وأوجاع المثانة‬
‫والذن والصلب من الورام‪ ،‬ولول اشتهاري بالنفع من الجوى ما أكثر النحاة التمثيل بقولهم نرجس الدواء‪،‬‬
‫ومن الدليل على صلحي أن أبا نواس غفر له بأبيات قالها في امتداحي‪.‬‬
‫إلى آثار ما صنع الـمـلـيك‬ ‫تأمل في رياض الرض وانظر‬
‫بأحداق كما الذهب السـبـيك‬ ‫عيون من لـجـين فـاخـرات‬
‫بأن اللـه لـيس لـه شـريك‬ ‫على قضب الزبرجد شاهـدات‬
‫وقال آخر‬
‫دموع الندا وما فوق أجفانها ور‬ ‫عيون إذا عاينـتـهـا كـأنـهـا‬
‫وأجسامها خضر وأنفاسها عطر‬ ‫محاجرها بيض وأحدافها صفـر‬
‫وقد أحسن ابن الرومي حيث قال‬
‫أيها المحتج للورد بزود محال‬ ‫فبينا فضلي علـى كـل حـال‬
‫ل فانصف فـي الـمـقـال‬ ‫وذهب النرجـس بـالـفـض‬
‫ل بـأصـرام الـبـغــال‬ ‫ل تـقـاس العـين الـنـج‬

‫الياسمين‬

‫‪24‬‬
‫فقام الياسمين‪ :‬وقال آمنت برب العالمين لقد تجبست يا جبس وأكثرك رجس نجس‪ ،‬وأنت قليل الحرمة‪،‬‬
‫واسمك مشمول بالعجمة‪ ،‬وكيف تطلب الملك وأنت بعد قائم مشدود الوسط في الخدمة‪ ،‬رأسك ل يزال‬
‫منكوس‪ ،‬وأنت المهيج للقيء المصدع من المحرورين للرؤوس‪ ،‬تسقط الجنين‪ ،‬ول ترثي للحنين‪ ،‬أصفر من‬
‫غير علة‪ ،‬مكسو أحقر حلة‪ ،‬ويكفيك بعض واصفيك‪.‬‬
‫أرى النرجس الغض الزكي مشمرا على ساقه في خدمة الورد قـائم‬
‫عمائم فيهـا لـلـيهـود عـلئم‬ ‫وقد ذل حتى لف من فوق رأسـه‬
‫ولكن أنا زين الرياض‪ ،‬والموسوم في الوجه بالبياض والبياض شطر الحسن كما ورد وأنا ألطف ورد جاء ورد‪.‬‬
‫وجاء ذكري في حديث فاح بنشره )أن قارئ القرآن يؤتى بياسمين الجنة في قبره(‪.‬‬

‫فحديثي أصح من حديثك سندا‪ ،‬ونشري أعبق من نشرك صباحا وندا‪ ،‬فأنا أحق بالملك منك منصورا‬
‫ومؤيدا‪ ،‬وأنا النافع من أمراض العصب الباردة والملطف للرطوبات الجامدة‪ ،‬والصالح للمشايخ القاعدة‪ ،‬أنفع‬
‫من اللوقة والشقيقة والزكام‪ ،‬ومن وجع الرأس البلغمي والسوداوي وأقطع نزف الرحام‪ ،‬ودهني نافع من‬
‫الفالج ووجع المفاصل‪ ،‬ويحلل العياء ويجلب العرق الفاضل‪ ،‬ويقول لي لسان الحال ليس الهزيل مقام‬
‫السمين‪ ،‬ويشهد لسان اللثع بأني الدر الغالي إذا قال يا ثمين‪ ،‬وقول بعض البلغاء في‬
‫فريحي لمن قد نأى وعيني إلى‬ ‫أنا الياسمين الذي لطفت فنلت‬
‫من دنا‬ ‫الـمـنـا‬
‫بصـبـري عـلـى مـن جـنـى‬ ‫وقـد شـرفـت حـضــرتـــي‬

‫البان‬

‫فقام البان وأبدى غاية الغضب وأبان‪ ،‬وقال لقد تعديت يا ياسمين طورك وأبعدت في المدى غورك‪ ،‬وكونك‬
‫أضعف الكون‪ ،‬وكثرة شمك يصفر اللون وإذا سحق اليابس منك ورض‪ ،‬ودر على الشعر السود ابيض‪ ،‬وإذا‬
‫قسم اسمك قسمين صار ما بين يأس ومين‪ ،‬وإن ذكرت نفعك‪ ،‬فأنت كما قبل ل تساوي جمعك ولقد صدق‬
‫القائل من الوائل‪.‬‬
‫وإن غدا في الروض زينا ً‬ ‫ل مرحبا بـالـياسـمـين‬
‫متقـلـدا ً ياسـا ً ومـينـا ً‬ ‫صحـفـتـه فـوجـدتـه‬
‫ولكن أنا ذو السمين‪ ،‬والظافر من الصل والقرع بالقسمين والقريب من الباز والمضروب بقدي المثل في‬
‫الهتزاز‪ ،‬إنها ري عالية‪ ،‬وأدهاني غالية‪ ،‬وقد ألبست حلة من السناجب‪ ،‬واتفق على فضلي النجاب‪ ،‬أنفع‬
‫بالشم من مزاجه حار‪ ،‬وأرطب دماغه وأسكن صداعه الكائن من البخار‪ ،‬ودهني نافع لموضع كل وجع بارد‪،‬‬
‫وتحت ذلك صور كثيرة الموارد‪ ،‬من الرأس والذن والضرس وفقار المفلوج والمجدور‪ ،‬والمعدة والكبد‬
‫والطحال وكل عصب بالصلبة مقصور ويكفي في وردي قول ابن الوردي‪.‬‬
‫أم الغلف أم ورق القطـاف‬ ‫تجادلنا أمام الـزهـر أزكـى‬
‫وقد وقع الوفاق على الخلف‬ ‫وعقبي ذلك الجدل اصطلحنـا‬

‫‪25‬‬
‫النسرين‬

‫فقام النسرين بين القائمين منتصرا لخيه الياسمين‪ ،‬وقال أتتعدى يا بان على شقيقي وابن الفراء من الذهب‬
‫الدبيقي‪ ،‬وكيف يفاخر البلور من هو شبيه بذنب السنور‪ ،‬ألم يعرفك الحال قول من قال‪:‬‬
‫في جنة قد فتحت أبوابهـا‬ ‫لله بستان حـلـلـنـا دوحـه‬
‫بعض الكلب فنفشت أذنابها‬ ‫والبان تحسبه سنـانـير رأت‬
‫ولكن أنا زين البستان‪ ،‬وفي من الذهب والفضة لونان‪ ،‬أنفع من أورام الحلق واللوزتين ووجع السنان‪ ،‬ومن‬
‫برد العصب والدوي والطنين في الذان‪ ،‬وأفتح ما يسد به المنخران‪ ،‬وأقتل الديدان‪ ،‬وأسكن القيء والفواق‪،‬‬
‫وأقوي القلب والدماغ على الطلق‪ ،‬وأحلل الرياح من الصدر والرأس‪ ،‬وأخرجها منه بالعطاس‪ ،‬وينتفع بي‬
‫أصحاب المرة السوداوية غاية النتفاع‪ ،‬والبري مني لطخ به الجبهة سكن الصداع‪ ،‬وإذا تدلك في الحمام بماء‬
‫مني استحق طيب رائحة البدن والعرق‪ ،‬وإذا شربت من مجففي نصف مثقال‪ ،‬منع إسراع الشيب على التوال‪،‬‬
‫ودهني يحلل أوجاع الرحام الكائنة بردا وينفع من الشوصة العارضة من سوء المزاج والبلغم والمرة‬
‫السوداء‪ .‬ويكفيك من المعاني قول من عناني‪:‬‬
‫وما أملحه مذ كان في عيني‬ ‫ما أحسن النسـرين عـنـدي‬
‫وجدته بشـرى وبـشـرين‬ ‫زهر إذا ما أنا صحـفـتـه‬

‫البنفسج‬

‫فقام البنفسج‪ :‬وقد التهب ولحت عليه زرقة الغضب‪ ،‬وقال أيها النسرين لست عندنا من المعدودين‪ ،‬ول في‬
‫الصلح من المحمودين‪ ،‬لنك حار يابس إنما توافق المبرودين‪ ،‬ول تصلح إل للمشايخ المبلغمين‪ ،‬وأنت كثير‬
‫الذاعة فلست على حفظ السرار بأمين‪ ،‬ويعجبني ما قاله فيك بعض المتقدمين‪:‬‬
‫معاهدة النسرين فـهـو يمـين‬ ‫ولم أنس قول الورد ل تركنوا إلى‬
‫وليس لمخضوب البنـان يمـين‬ ‫أل تنظروا منه بنانا مخـضـبـا‬

‫ولكن أنا اللطيف الذات‪ ،‬البديع الصفات‪ ،‬المشبه بزرقة اليواقيت وأعناق الفواخيت‪ ،‬مزاجر رطب بارد‪،‬‬
‫ومنافعي كثيرة الموارد‪ ،‬أولد دما في غاية العتدال‪ ،‬وأنفع الحار من الرمد والسعال وأسكن الصداع‬
‫الصفراوي والدموي لمن شم أو ضمد‪ ،‬وألين الصدر وأنفع من التهاب المعد‪ ،‬وأنفع من ورم العين ومن كل‬
‫ورم حاد‪ ،‬ومن نتؤ المقعدة إذا تضمد به على التكرار‪ ،‬وشرابي لذات الجنب والرئة والكلى وللسعال‪،‬‬
‫والشوصة ويدر البول مخلل ويابس يستعمل للصفراء ليسهل غاية السهال‪ ،‬والمربى منه بالسكر يلين الحلق‬
‫والبطن وينفع من السعال‪ ،‬وورقي طلء جيد للجرب الصفراوي والدموي‪ ،‬وزهري ينفع من النزلت‬
‫الصدرية والزكام القوي‪ ،‬وإذا شرب بالماء نفع من أم الصبيان وهو الخناق أو سفه من به إطلق صفراوي‬
‫لداغ أجد ر بقية الخلط وأقطع الطلق‪.‬‬
‫وكفاني ما بين الخوان ما روي عن سيد ولد عدنان صلى ال عليه وسلم وشرف وكرم )أن دهني سيد‬

‫‪26‬‬
‫الدهان(‪.‬‬
‫بارد في الصيف حار في الشتاء فهو صالح في كل زمان‪ ،‬وذلك لنه يسكن القلق وينوم أصحاب الرق‪،‬‬
‫وينفع المصطكي من الورم الصفراوي بين أصابع النسان‪ ،‬ويجذب الصداع من الرأس إذا دهن به الرجلن‬
‫ويلين صلبة المفاصل والعصب‪ ،‬وهو طلء جيد للجرب‪ ،‬ويعدل الحرارة التي لم تتعدل‪ ،‬ويسهل حركة‬
‫المفاصل فتتسهل‪ ،‬وينفع سعوطا من الصداع الحاد‪ ،‬ويحفظ طلء صحة الظفار‪ ،‬وينفع من الحرقة والحرارة‬
‫التي تكون في الجسد‪ ،‬ويصلح من الشعر المنتثر دهنا ما فسد‪ ،‬وإذا قطر في الحليل سكن حرقه وحرقة‬
‫المثانة‪ ،‬وينفع من يبس الخياشيم فجل الخالق الباري سبحانه‪ ،‬وإذا تحسس منه في الحمام وزن درهمين نفع‬
‫من ضيق النفس على الريق بل مين‪ ،‬وإذا حل فيه شمع مقصور أبيض ودهن به صدر الطفال نفعهم منفعة‬
‫قوية من السعال‪.‬‬
‫وروى ابن أبي حاتم وغيره عن المام الشافعي صاحب المذهب المهذب أنه قال‪ :‬لم أر للوباء أنفع من البنفسج‬
‫يدهن به ويشرب‪.‬‬
‫ومنافعي ل تحصى‪ ،‬وما أودعه خالقي في ل يستعصى‪ ،‬وبي تعطر الجيوب‪ ،‬ويشبه عذار المحبوب‪ ،‬وأنا مع‬
‫ذلك حسن القال‪ ،‬بديع الجمال‪ ،‬من رآني أذن بالنشراح‪ ،‬وتفاءل بالنفساح‪ ،‬أل تسمع قول من باح وصاح‪.‬‬
‫يرتاح صدري له وينشرح‬ ‫يا مهديا لي بنفسـي أرجـا‬
‫بأن ضيق المور ينفسـح‬ ‫بشرني عاجل ومصحـفـه‬

‫النيلوفر‬

‫فقام النيلوفر‪ :‬على ساق‪ ،‬وحشد الجيوش وساق‪ ،‬وأنشد بعد إطراق‬
‫وقال طيبي للجو ضمخ‬ ‫بنفسج الروض تاه عجبا‬
‫والبان من غيظه تنفخ‬ ‫وأقبل الزهر في احتفال‬
‫ثم قال أيها البنفسج بأي شيء تدعي المارة‪ ،‬وتطاوع نفسك والنفس أمارة‪ ،‬وأكثر ما عندك أنك تشبه بالعذار‬
‫وبالنار في الكبريت‪ ،‬وحاصل هذين يرجع إلى أشنع صيت‪ ،‬وما نفع ذكرته عنك إل وأنا أفعل مثله وأكثر‪،‬‬
‫وأنا أحرى لسلمة العاقبة منك‪ ،‬وأجدر من شرب اليابس منك ولده قبضا على القلب‪ ،‬وربى في معدته‬
‫وأمعائه وأحدث له الكرب‪ ،‬وانحللك يطفي المادة‪ ،‬ل سيما لمن به حمى حادة ومرباك يسقط الشهوة ويرخي‬
‫المعدة عن القوة‪ ،‬وقد كفانا مؤنة الرد عليك وحذرنا من القرب منك والصغاء إليك فقال‪.‬‬
‫وإلي يغري كل فضل يبهر‬ ‫أعلي يفتخر البنفسج جاهـل‬
‫وبمقدمي أهل المسرة يفخر‬ ‫وأنا المحبب للقلوب زمانـه‬
‫وقال الحاكي عن الورد الباكي‬
‫ويقول وهو على البنفسج محنق‬ ‫عاينت ورد الروض يلطم خـده‬
‫ما بينكم فهو الـعـدو الزرق‬ ‫ل تقربوه وإن تضـوع نـشـره‬
‫ولكن أنا اللطيف الفواص‪ ،‬الكثير الخواص‪ ،‬أسكن الصداع الحاد‪ ،‬وأذهب بالرق والسهار‪ ،‬شرابي شديد‬
‫الطفاء‪ ،‬بعيد عن الستحالة إلى الصفراء صالح لصحاب الحميات الحادة‪ ،‬نافع من السعال والشوصة‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫ويبس المادة‪ ،‬ويشرب للحتلم لمن أراد إسكانه‪ ،‬وبزري وأصلي نافع لوجع المثانة‪ ،‬وأنا أشد من البنفسج‬
‫ترطيبا‪ ،‬وأبعد من ضرره بالمعدة وأدنى إليها طيبًا‪.‬‬
‫وما أحسن ما قال في بعض واصفي هذه البيات‬
‫ل يستفيق من الغرام وجـده‬ ‫يرتاح للنيلوفر القلـب الـذي‬
‫والنرجس المسكي خادم عبده‬ ‫والورد أصبح في الروايح عبده‬
‫محشوة مسكا يشاب بـنـده‬ ‫يا حسنه في بركة قد أصبحت‬

‫ومني صنف يقال له البنشين‪ ،‬يشابهني في التكوين‪ ،‬ل في التلوين يحدث عند إطباق النيل‪ ،‬وله في منافع‬
‫الطب تنويل‪ ،‬دهنه محمود في البرسام إذا تسعط به ذوو السقام‪ ،‬وأصله البيارون يزيد في الباه كثيرا ويسخن‬
‫المعدة ويقويها ويقطع الزحير‪ ،‬وقد أنشد فيه من أراد أن يوصله حقه ويوفيه‪.‬‬
‫بها عيون من البشنين قد فتحت‬ ‫وبركة بغدير الماء قد طفحـت‬
‫مثل السماء وفيها أنجم سبحت‬ ‫كأنها وهي تزهو في جوانبهـا‬

‫الس‬

‫فقام الس‪ :‬وقد استعد وقال يا نيلوفر لقد تجاوزت الحد‪ ،‬ألست المضعف للباه الجالب للنسان صفة‬
‫الشيخوخة في صباه‪ ،‬ترخي الذكر وتجمد المني وتنغص على المتزوجين عيشهم الهني‪ ،‬ولقد عرفك من قال‬
‫حين وصفك‪.‬‬
‫مع الظاهر المخضر حمرة عندم‬ ‫ونيلوفر أبدى لنـا بـاطـنـا لـه‬
‫بكاسات حجام بها لـوثـه الـدم‬ ‫فشبهته لمـا قـصـدت هـجـاه‬
‫ولكن أنا أحق بالحجة المبينة‪.‬‬
‫فقد أخرج ابن أبي حاتم وابن السني عن ابن عباس )أول شيء غرس نوح الس حين خرج من السفينة(‪.‬‬
‫وهذه حجة على الستحقاق قوية‪ ،‬لن الولية نوع من الولوية‪.‬‬
‫ثم يعتضد هذا القياس بما أخرج ابن السني وأبو نعيم عن ابن عباس قال‪) :‬أهبط من الجنة بسيد ريحان الدنيا‬
‫الس(‪.‬‬
‫وهذا نص في المراد قاطع لللتباس‪ ،‬وأنا المقوي للبدان الحابس للسهال والعرق وكل سيلن‪ ،‬المنشف من‬
‫الرطوبات‪ ،‬المانع من الصنان‪ ،‬المسكن للورام والحمرة والشري والصداع والخفقان‪ ،‬إذا دق ورقي الغصن‬
‫وضرب بالخل على الرأس قطع الرعاف‪ ،‬وجبي يقطع العطش والقيء‪ ،‬وينفع إذا تدخنت به المرأة من‬
‫النزاف ورمادي يدخل في أدوية الظفرة‪ ،‬ودهني لحرق النار وشقاق المعدة والبترة‪ ،‬وليس في الشربة ما‬
‫يعقل وينفع السعال والرئة غير شرابي‪ ،‬وإذا أخذ من قضباني حلقة وأدخل فيها الخنصر سكنت ورم الرابي‪،‬‬
‫وأنا الباقي على طول الزمن‪.‬‬
‫وقال في بعض العيان‪:‬‬
‫في كل وقت وحين في البستان‬ ‫الس سـيد أنـواع الـرياحـين‬

‫‪28‬‬
‫من المصيف ول في برد كانون‬ ‫يبقى على الدهر ل تبلى نضارته‬
‫وقال آخر‬
‫ودوام منظره على الوقات‬ ‫للس فضل بقـائه ووفـائه‬
‫كنصول نبل جئن مؤتلفات‬ ‫قامت على أغصانه ورقاتـه‬

‫الريحان‬

‫فقام الريحان وقال يا آس لجرحنك جرحا ما له من آس‪ ،‬ألم يرد فيك عن طرق الئمة العلم عن النبي‬
‫عليه أفضل الصلة والسلم )أنه نهى عن التخلل بك والستياك لنك تسقي وتحرك عروق الجذام(‪.‬‬
‫فإن القول ما قالت حذام‬ ‫إذا قالت حذام فصدقوهـا‬

‫وأنا الوارد في عليكم بالمرزنحوش فشموه فإنه جيد للخشام‪ ،‬والمؤذن لصحاب الرق بالنيام‪ ،‬والنافع من‬
‫الماليخوليا واللقوة وسيلن اللعاب وبرد الحشاء ومن عسرالبول والمغص وابتداء الستسقاء‪ ،‬ومن الوجاع‬
‫العارضة من البرد والرطوبة وأجفف رطوبة المعدة والمعاء‪ ،‬وأحلل النفخ وأفتح السدد‪ ،‬وأدر الطمث‪،‬‬
‫وأنفع من لسعة العقرب لمن بالخل ضمد‪ ،‬ودهن لما يعرض في الرحم من الختناق والنضمام والنقلب‪،‬‬
‫ويدخل في الضمادات للفالج الذي يعرض فيه ميل الرقبة إلى الخلف‪ ،‬وتشنج العصاب‪ ،‬وتسكين وجع‬
‫الظهر والربية ويخرج المشمة وناهيك بها تبرئة‪ ،‬ومع هذا فأنا المنوه باسمي في القرآن في قوله تعالى‬
‫)فروح وريحان( ] الواقعة ‪.[89‬‬
‫وإن كان الجنس في هو المراد‪ ،‬فقد قصر هذا السم على قصر إفراد‪.‬‬
‫وقد ورد في الصحيحين عن سيد بني كنانة )مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة(‪.‬‬
‫وحسبك مني في التشبير قول من قال على البديه‪:‬‬
‫حما حما منه فأحـيانـا‬ ‫أما ترى الريحان أهدى لنا‬
‫زمردا يحمل مرجانـا‬ ‫كأنه في ظله والـنـدى‬
‫فعطف عليه الس وقال يا ريحان أتريد أن تسود وأنت مشبه بها مات العبيد السود‪ ،‬ألم يغنك عن مقصوري‬
‫قول الشهاب المنصوري‪.‬‬
‫كأنه هامات تكر وري‬ ‫أهل وسهل بريحانـنـا‬
‫وقال آخر‬
‫يطيب يشمه لثم الـكـؤوس‬ ‫وريحان تميس به عـصـون‬
‫وقد قاموا مكاشيف الرؤوس‬ ‫كسودان لبـس ثـياب خـز‬

‫قال الراوي فلما أبدى كل ما لديه‪ ،‬وقال ما ورد عليه‪ ،‬اتفق رأي الناظرين وأهل الحل والعقد من الحاضرين‬
‫ل‪ ،‬يكون لقطع النزاع بينهم فاصل‪ ،‬فقصدوا رجل عالما بالصول والفروع‪،‬‬
‫على أن يجعلوا بينهم حكمًا عاد ً‬
‫حافظا للثار الموقوف منها والمرفوع عارفا بالنساب‪ ،‬مميزا بين اليماء واللقاب والتباع والصحاب‪،‬‬
‫مديد الباع بسيط اليدين في معرفة الخلف والجماع‪ ،‬خبيرا بمباحث الجدل‪ ،‬واستخراج مسالك العلل‪ ،‬متبحرا‬

‫‪29‬‬
‫في علوم اللغة والعراب‪ ،‬مطلعا بعلوم البلغة والخطاب محيطا بفنون البديع حافظا للشواهد الشعرية التي‬
‫هي أبهى من زهر الربيع شديد الرمية سديد الصابة‪ ،‬إذا فوق لفني الشعر والكتابة‪ ،‬الشعر والنظم صوغ‬
‫بيانه‪ ،‬والنثر والنشاء طوع بنانه‪ ،‬والتاريخ الذي هو فضيلة غيره فضله ديوانه‪ ،‬فلما مثلوا بين يديه‪ ،‬ووقعت‬
‫عينهم عليه‪ ،‬قالوا يا فريد الرض‪ ،‬يا عالم البسيطة ما بين طولها والعرض‪ ،‬واحكم بيننا بالحق‪ ،‬واقض لينا‬
‫بالملك أحق‪.‬‬
‫فقال أيتها الزهار إني لست كالذي تحاكم إليه العنب والرطب‪ ،‬ول كالذي تقاضي إليه المشمش ول التين‬
‫والعنب‪ ،‬إني ل أقبل الرشا‪ ،‬ول أطوي الفل على الحشا ول أميل مع صاحب رشوة‪ ،‬ول استحل من مال‬
‫المسلمين حسوة‪ ،‬إنما أحكم بما ثبت في السنة‪ ،‬ول أسلك إلي طريقا موصل للجنة‪ ،‬فقصوا علي الخبر لعرف‬
‫من فجر منكم وبر‪ ،‬فلما قص عليه كل قوله‪ ،‬وأبدى هينه وهو له‪.‬‬
‫قال‪ :‬ليس أحد منكم عندي مستحق للملك‪ ،‬ول صالحا للنخراط في هذا السلك ولكن الملك الكبر والسيد البر‬
‫وصاحب المنبر ذو النشر العطر‪ ،‬السيد اليد الصالح الجيد من شاع فضله وانتشر‪ ،‬وكان أحب الرياحين‬
‫إلى سيد البشر‪ ،‬وأشتمل على ما في الرياحين من الحسنى وزيادة‪ ،‬وحكم له النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫بالسيادة وشهد له بها ناهيك منه بالشهادة‪.‬‬
‫فقالوا أيها المام أوضح لنا هذا الكلم‪ ،‬وأرو لنا ما ورد عن النبي عليه أفضل الصلة السلم لنبلغ من إتباعه‬
‫غاية المرام‪ ،‬ونقطع الملم‪.‬‬
‫فقال روى الطبراني والبيهقي وابن السني وأبو نعيم وغيرهم بالسانيد العالية من يريده عن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم متتالية أنه قال )سيد الرياحين في الدنيا والخرة الفاغية(‪.‬‬
‫وروى الطبراني من حديث ابن عمرو مرفوعا )سيد ريحان أهل الجنة الفاغية(‪ .‬وكفى بذلك سطوعًا‪.‬‬
‫وروى البيهقي في شعب اليمان عن أنس بن مالك قال )كان أحب الرياحين إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم الفاغية(‪.‬‬
‫وناهيك بذلك‪ ،‬هذا وفيه منافع للمعالج‪ ،‬من أوجاع العصب والنهد والفالج ومن الصداع وأنواع الجنب‬
‫والطحال‪ ،‬وإذا جعل في ثياب الصوف منع السوس من فسادها بكل حال‪ ،‬ودهنه يلين العصب‪ ،‬ويحلل العياء‬
‫والنصب‪ ،‬ويوافق الخناق وكسر العظام‪ ،‬والشوصة وأوجاع الرحام‪ ،‬وما يحدث في الربية من حار‬
‫الورام‪ ،‬ويقوي الشعور ويزينها‪ ،‬ويكسيها حمرة وطيبا ويحنيها وحناؤه المسحوق ينفع من الورام الحارة‬
‫والبلغم ويفتح أفواه العروق وينفع القروح والتلع ومواضع حرق النار‪ ،‬ومن شرب ما نقعت فيه حسن ما‬
‫تهن منه من الظفار‪ ،‬ونفعه من إبتدى الجذام بالدمان‪ ،‬وإذا خضب رجل المجدور حصل لها منه المان‪،‬‬
‫وإذا ضمد بها الجبهة والصدع منع انصباب المواد إلى العين‪ ،‬وإذا شرب بزرها بمثقال من العسل نفع الدماغ‬
‫بلءين‪.‬‬
‫وقد روى الترمذي وأبو نعيم عن سلمى قالت )ما كانت برسول ال صلى ال عليه وسلم قرحة ول نكتة إل‬
‫أمرني أن أضع عليها الحناء(‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وروى البزار وابن السني وأبو السني عن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪) :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء(‪.‬‬
‫وروى البزار حديث )اختضبوا بالحناء فإنه يزيد في شبابكم ونكاحكم(يعني الوقاع‪.‬‬
‫وروى ابن السني حديث )عليكم بسيد الخضاب الحناء يطيب البشرة ويزيد في الجماع(‪.‬‬
‫والحاديث في الحث على صبغ الشعر به كثيرة‪ ،‬وعلى خضاب أيدي النساء به شهيرة‪ ،‬وأنا القائل فيه‬
‫لوصله حقه وأوفيه‪.‬‬
‫أنوارها وبدت في عين مرتقـب‬ ‫كأنما دوحة الحناء إذا فـتـحـت‬
‫خضرا وقد حليت باللؤلؤ الرطب‬ ‫عروس حسن تجلت في غلئلهـا‬

‫قال‪ :‬فلما سمعت الرياحين هذه الحاديث في فضله أطرقوا رؤوسهم خاشعين وظلت أعناقهم لها خاضعين‪،‬‬
‫ودخلوا تحت أمره سامعين طائعين‪ ،‬ومدوا أيديهم له مبايعين بالغمرة ومتابعين‪ ،‬وقالوا لقد كنا قبل في غفلة‬
‫عن هذا إنا كنا ظالمين‪ ،‬وتواصوا على إشاعة ما فضله ال تعالى به وقالوا ل نكتم شهادة ال إنا إذا لمن‬
‫الثمين‪ ،‬وقضى بينهم بالحق‪ ،‬وقيل الحمد ل رب العالمين‪...‬‬

‫المقامة المسكية لمولنا جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى ورضي عنه ونفع به جميع المسلمين‬
‫آمين‪.‬‬

‫مشتملة على ذكر أربعة أنواع من الطيب ومنافعها‪ :‬المسك والعنبر والزعفران والزباد‪.‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫قال مولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه ال تعالى ونفع به المسلمين‪ :‬حضر أمراء الطيب بين‬
‫يدي إمام في البلغة خطيب‪ .‬فقالوا‪ :‬أيد ال مولنا وتوله‪ ،‬وأمده بالمكارم ووله‪ ،‬وأوله من نعمه وما أجدره‬
‫بذلك وأوله‪ ،‬وحرسه من المكاره ووقاه‪ ،‬وأصعده إلى ذروة المجد ورقاه‪ ،‬إنا معشر إخوان‪ ،‬وعلى الخير‬
‫أعوان‪ ،‬نرصد للخير‪ ،‬نقصد لدفع الذى والضير‪ ،‬ل يرى منا مكروه‪ ،‬وإذا قصدنا عارف لم يرعه منا ما‬
‫يسوء‪ ،‬ولم يسؤه منا ما يعروه‪ ،‬كل خير عنا شاع وذاع‪ ،‬وكم ربح ربحنا إذا ربحنا ضاع وقد كاد يحصل بيننا‬
‫نزاع أينا أجل في المرتبة الطيبة وأجل في مواطن النتفاع‪ ،‬فنادانا المنادي في النادي يا أيها المل إني‬
‫نصيحتكم‪ ،‬أطيعوا ال ورسوله ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم‪ ،‬فتواصينا على حسن السير‪...‬‬
‫أضوع من المندل الرطيب‪ ،‬ورفعها على السرة والرائك‪ ،‬وحببها إلى النبياء والمرسلين والملئك‪ ،‬وقرنها‬
‫بالسنن المطلوبة في الجمعة والعيدين وحسن أولئك‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له الذي جعل‬
‫الخير بحذافيره في الجنة‪ ،‬وأنزل من آثارها أنموذجا يستدل به على ما فيها من عظيم المنة‪ ،‬وأشهد أن سيدنا‬
‫محمدا عبده ورسوله الذي جاء بأطهر شريعة‪ ،‬وأطهر سنة إلى الحق سريعة‪ ،‬وأقوى ملة إلى ال ذريعة‪،‬‬
‫الطيب خلقا وخلقا‪ ،‬الذي كان يقطف منه ما هو أطيب من المسك إذا إرفض عرقا صلى ال عليه وسلم‬

‫‪31‬‬
‫وصحبه ما نصبت أعواد منبر‪ ،‬وجلبت من بر ما نبت نوافح المسك ومن شاطيء البحر نوافح العنبر‪.‬‬
‫ل عظيمًا‪،‬‬
‫أما بعد أيها الناس فإني آتي أنواع الطيب شرفًا عميمًا‪ ،‬وجعل لها في الدنيا والخرة والبرزخ فض ً‬
‫وحببها إلى رسله وأنبيائه‪ ،‬وإلى ملئكته وخواص أصفيائه‪ ،‬ويكفي فيما شرف به الطيب وأوله‪.‬‬
‫ل رسول ال‬
‫ما رواه الحاكم في المستدرك وصححه إذ رواه عن أنس بن مالك خادم المصطفى وموله قال قا َ‬
‫صلى ال عليه وسلم وشرف وعظم وزاد عله )حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في‬
‫الصلة(‪.‬‬
‫وفي حديث آخر رويناه في الصحاح )أربع من سنن المرسلين السواك والتعطر والحناء والنكاح(‪.‬‬
‫وفي حديث )من عرض عليه طيب فل يرده فإنه خفيف المحمل طيب الريح(‪.‬‬
‫وعن أنس رضي ال تعالى عنه )أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان ل يرد الطيب(‪ .‬رواه البخاري في‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وروى البزار في مسنده حديثا في رتبه النافة )إن ال طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة(‪.‬‬
‫وقد ورد المر بالطيب في غير ما موطن من شرائع السلم كالجمعة والعيدين والكسوفين والستسقاء وعند‬
‫الحرام‪ ،‬وشرع مطلقا لكل حي‪ ،‬ولميت كل قبيلة وحي‪.‬‬
‫وقال أبو ياسر البغدادي الطيب من أعظم لذات البشر‪ ،‬وأقوى لدواعي الوطئ وقضاء الوطر‪.‬‬
‫وورد في الحديث الصحيح )أن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه يعني كالمسك والعنبر‪ ،‬وطيب النساء‬
‫ما ظهر لونه وخفي ريحه يعني كالزعفران(‪.‬‬
‫ولهذا حرم على الرجال المزعفر‪.‬‬
‫ثم أيها المراء الثلثة المسك والعنبر والزعفران ثلثتكم في الرياسة والسيادة أقران‪ ،‬ولهذا قام فيكم دليل‬
‫القتران في السنة التي هي تالية للقرآن‪.‬‬
‫روى ابن أبي الدنيا من حديث أنس عن أعظم نبي صعد المنبر )خلق ال الجنة ملطها المسك وحشيشها‬
‫الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ وترابها العنبر(‪.‬‬
‫ولكن للمسك بينكم الخصوصية‪ ،‬وله عليكم الفضل والمزية‪ ،‬حيث جاءه ذكره في التنزيل‪ ،‬وذلك غاية‬
‫التشريف والتبجيل‪.‬‬

‫قال تعالى فيما تله الدارسون )يسقون من رحيق مختوم‪ ،‬ختامه مسك وفي ذلك فلينافس المتنافسون(‪] .‬‬
‫‪ 26 ،25‬المطففين[‪.‬‬
‫وقال فيه الصادق المصدوق وهو منبئ عن فضله ومعلم )أطيب الطيب وهو المسك(‪ .‬رواه أبو سعيد‬
‫الخدري‪.‬‬
‫ومن كلم العرب المأثور من قديم‪ ،‬ليس الطيب إل المسك بالرفع على لغة تميم‪.‬‬
‫وقد طيب به رسول ال في حنوطه عند وفاته‪ ،‬وفضلت منه فضلة فأوصى علي رضي ال عنه أن يحنط به‬
‫تبركا بفضله فضالته‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وأوصى سليمان الفارسي رضي ال عنه عند احتضاره أن يرش به البيت في أثر صحيح‪ ،‬وقال إنه تحضرني‬
‫ملئكة ل يأكلون ول يشربون ولكن يجدون الريح وكم روينا حديثا صحيحا جاء فيه ذكر المسك صريحًا‪.‬‬
‫ومن ذلك أنه شبه به دم الشهيد‪ ،‬وخلو ف فم الصائم‪ ،‬وجعل عليه المزيد وأن أنهار الجنة تفجر من تحت‬
‫جباله‪.‬‬
‫وأن في الجنة مراغًا من المسك يتمرغ فيه كما يتمرغ فيه بهيم الدنيا في رماله وشبه لحاملها الجليس الصالح‬
‫إما أن يحذيك أو تجد منه ريحا طيبة فأنت في الحالين رابح رائح رائح‪.‬‬
‫وقد أمر به رسول ال صلى ال عليه وسلم الحائض إذا طهرت واغتسلت وقدمه على سائر أنواع الطيب‬
‫لحكمة علمت ما جهلت‪ ،‬وذلك أنه في الدرجة الثانية من الحرارة التي اشتعلت وما اعتدلت‪ ،‬فهو يسرع إلى‬
‫العلوق فإذا ألم بها الزوج جبلت‪.‬‬
‫ومن منافعه الطبية‪ ،‬ومحاسنه الطيبة أنه يطيب العرق ويسخن العضاء وينفع من الرياح الغليظة المتولدة في‬
‫المعاء‪ ،‬ويقوي القلب ويسجع أصحاب المرة السوداء‪ ،‬وفيه من التو حسن تفريح‪ ،‬ومن السدد تفتيح ويصلح‬
‫الفكار‪ ،‬ويذهب بحديث النفس وما فيه من الستنكار‪ ،‬ويقوي العضاء الظاهرة وضعا‪ ،‬والباطنة شربا‪،‬‬
‫وناهيك بذلك نفعا ويعين على الباه وينفع من بارد الصداع‪ ،‬وإذا طلي به مع دهن الخيري رأس الحليل أعان‬
‫على سرعة النزال وكثرة الجماع‪ ،‬ويقوي الدماغ وينفع من جميع علله الباردة‪ ،‬ويبطل عمل السموم ونهش‬
‫الفاعي فيا لها من فائدة وهو جيد للغثي وسقوط القوة والخفقان‪ ،‬وللرياح التي تعرض للعين وفي سائر جسم‬
‫النسان ويجلو البياض الرقيق من العين ويقويها وينشف رطوبتها من غير شين‪ ،‬ويعقل البطن ويزيل من‬
‫الوجه الصفرار وينفع من أوجاع البواسير الظاهرة طلء عليها بالتكرار‪ ،‬وإذا استعمل للحرارة الغريزية‬
‫قواها‪ ،‬وفي أدوية الحواس الربع كلها ذكاها‪ ،‬وإذا خلط بالدوية المسهلة كان أبلغ في إبقائها‪ ،‬وينفع من‬
‫إضعاف الدوية المسهلت وإذا حل في دهن البان وطلي به الرأس نفع من النزلت‪ ،‬وإذا أسعط به المفلوج‬
‫وصاحب السكتة الباردة نبهه‪ ،‬وإذا حل في الدهان المسخنة وطلي به فقار الظهر نفع من الجدري والفالج‬
‫وما أشبهه‪ ،‬وأكثر نفعه للمشايخ والمرطوبين وخصوصًا في الزمنة والبلدان القارة‪ ،‬ويصدع الشباب‬
‫والمحرورين‪ ،‬ولسيما في البلدان والزمنة الحارة‪ ،‬ولعظم شأنه وعلو مكانه جبته الشعراء بالتنزيه ولم‬
‫يشبهوه بشيء بل جعلوه أصل للتشبيه‪ ،‬فشبهوا به لون المحبوب والخال‪ ،‬وكلما استطيب ريحه شبه به في‬
‫الحال‪.‬‬
‫قال في اللون بعض من قال‪:‬‬
‫في لونه قائمة قاعدة‬ ‫أشبهك المسك وأشبهته‬
‫أنكما من طينة واحدة‬ ‫ل شك إذ لونكما واحده‬
‫وقال في الخال صاحب شغل الحال‬
‫تحير فـيه ألـبـاب الـرجـال‬ ‫بدا في خده الـمـحـمـر خـال‬
‫وذاك المسك من بعض دم الغزال‬ ‫فقلت ألـيس ذا قـلـبـي أبـيس‬
‫وأبدع أبو الطيب في تشبيهه حيث قال في تعظيم ممدوحه وتنويهه‬

‫‪33‬‬
‫كأنك مستقيم في مـحـال‬ ‫رأيتك في الذي نرى ملوكـا‬
‫فإن المسك بعض دم الغزال‬ ‫فإن تفق النام وأنت منـهـم‬
‫وقال السروجي‬
‫نقطة مسك أشتهي لثمها‬ ‫في الجانب اليمن من خدها‬
‫وجدته من حسنه عمهـا‬ ‫حسبتها لما نرى خـالـهـا‬
‫وقال ابن عبد الظاهر‬
‫ولكم فاق عاشق تـفـريكـه‬ ‫عنبري يروقني الفجـر مـنـه‬
‫قال المسك حاشاه إنني مملوكه‬ ‫كلما قلت خـالـه الـمـسـك‬
‫وقال آخر‬
‫فريقه صهباء سلسـال‬ ‫ل عجب أن مال من نشوة‬
‫للطيب والمسك له خال‬ ‫وكيف ل تنسب أنفـاسـه‬
‫ثم رأيت بعض الشعراء شبهه بالشباب‪ ،‬وذلك يدل على تميزه عند أولي اللباب‪ .‬قال وجيه الدين أبو الحسن‬
‫بن عبد الكريم المناوي رحمه ال تعالى‬
‫مثل الشباب وزينه‬ ‫المسك أنفس طيب‬
‫وفي شذاه ولونـه‬ ‫حكاه ظرفا وحسنـا‬
‫إن كان للطيب عين=فالمسك إنسان غيره وقال آخر‬

‫إذا أراد احـتـكـامـا‬ ‫للمسك فضل على الطيب‬


‫فاللرحـيق خـتـامـا‬ ‫يكفيه أن راح في الخلـد‬

‫العنبر‬

‫وأما أنت يا عنبر فتأتي المسك في الفضيلة‪ ،‬وتالي رتبته في المزاج‪ ،‬فإن الحرارة في العنبر عدبله‪ ،‬ولكونه‬
‫أشرف من سائر ما بقي‪.‬‬
‫قال ابن البيطار العنبر سيد الطيب وإن كان ل يسلم له ذلك في المسك لنه مقدم بقبول الصديق الحبيب‪ ،‬وقد‬
‫صحت أحاديث في السنة أن العنبر تراب الجنة‪.‬‬
‫روى البخاري في تاريخه عن عائشة رضي ال عنها سألت )أكان النبي صلى ال عليه وسلم يتعطر قالت‪:‬‬
‫نعم بذكاوة العطر المسك والعنبر(‪.‬‬
‫وسأل ابن عباس رضي ال عنه عن ذكاة العنبر فقال إنما هو شيء دثره البحر وإن فقيه الخمس‪ ،‬وفيه منافع‬
‫أودعها ال لعباده‪ ،‬وقد استخرجها كل طبيب دنس‪ ،‬منها أنه مفيد القلب والحواس ويزيد الدماغ قوة‪ ،‬وينفع‬
‫شمه من أمراض البلغم الغليظ والفالج واللقوة‪ ،‬وطلءه من الوجاع الباردة المعدة‪ ،‬ومن الرياح الغليظة‬
‫العارضة في المعاء والمفاصل‪ ،‬من السدد وينفع من الشقيقة والنزلت الباردة والصداع الكائن عند الخلط‬
‫بخورا ومن جميع أوجاع العصب والجدري‪ ،‬وإذا في دهن البان ودهن به ففاد الظهر كثيرا ويقوي فم المعدة‬
‫إذا غمست فيه قطنة ووضع عليها يسيرا وينفع أكله من استطلق البطن المتولد عن البرد وعن ضعف المعدة‬

‫‪34‬‬
‫تقديرا‪ ،‬وهو مقوي لجوهر كل روح في العضاء الرئيسة ومكثر له تكثيرا‪ ،‬وقد نزهه الشعراء وشبهوا به من‬
‫قصدوا لقدرة التنويه‪.‬‬
‫فقال بعض أهل التمويه‪:‬‬
‫إذا لج في ليل من الشعر الجعد‬ ‫وسمراء باهى كلفة البدر وجههـا‬
‫وطينتها للمسك والعنبر الـورد‬ ‫محبته من محبة القلب لـونـهـا‬
‫وقال البدر بن الصاحب‬
‫على ورد من الخد‬ ‫لعنبر خاله عـبـق‬
‫بذلك العنبر الوردي‬ ‫فيا لله طـيب شـذى‬
‫وقال أبو الحسن الجوهري يصف النيل‬
‫نق ما يلقي الدهر كدا‬ ‫متنا كبـنـيان الـخـور‬
‫متمايل الوراك نهـدا‬ ‫ردفا ً كـدكة عـنـبـر‬

‫الزعفران‬

‫وأما أنت أيها الزعفران فقد صحت القاويل بأنك حشيش الجنة وترابها‪ ،‬وناهيك بها منقبة جليل نصابها‪.‬‬
‫وروي في خبر مأثور أن ال عز وجل خلق من الحور‪.‬‬
‫فأنت ثالث المراتب‪ ،‬ثابت المناقب‪ ،‬حبيب لكل صاحب‪ ،‬لذيل الفضل ساحب‪ ،‬غبر أنه ليس للرجال في الطيب‬
‫منك مجال‪ ،‬ل بينك وبينهم في المودة أسجال‪ ،‬ول في الموردة سجال‪ ،‬حرمت عليهم تحريما شديدا‪ ،‬وهددوا‬
‫على التخلق بك تهديدا‪ ،‬وأوعدوا على ذلك في القيامة وعيدا وأكد عليهم التغليظ في ذلك تأكيدا ولك مع‬
‫إخوانك الشتراك في اليبس والحرارة وفي الزعفران منافع عليها دليل وأسارة‪ ،‬من أنه يحسن اللون ويكسبه‬
‫نضارة‪ ،‬ويصلح العفونة ويقوي الحشاء‪ ،‬ويهيج الباه ويقي العضاء‪ ،‬ويجلوا البصر ويمنع النوازل إليه‬
‫وتحلل الورام وينفع الطحال ولوجاع المقعدة والرحام‪ ،‬ويسكن الحرارة ويدر البول ويهضم الطعام‪ ،‬وينفع‬
‫مما في الرحم من الصلبة والنضمام والقروح وله خاصة عجيبة شديدة عظيمة في تقوية القلب وجوهر‬
‫الروح وفيه بسط وتفريح‪ ،‬إذا زاد ل يحتمل بحيث أنه إذا شرب منه ثلثة مثاقيل قتل‪ ،‬ويشمم لصاحب البر‬
‫سام‪ ،‬لصاحب الشوصة لينام ويسهل النفس ويقوي آلته جدا‪ ،‬ويفتح من العروق والكبد ما يسد سدا‪ ،‬ويسقي‬
‫يسيره للطلق المتطاول فتلد وهي منفعة حبيبه وإذا عجن من قدر وعلقت على الزوجة والفرس بعد الولدة‬
‫أخرجت المشيمة‪ ،‬وإذا طبخ وصب ماؤه على الرأس نفع من السهو الكائن عن البلغم المالح وأجاد تنويمه‪،‬‬
‫ومن خواصه أنه ل يغير خلطا البته بل يحفظ الخلط بالسوية‪ ،‬وإن سام أبرص ل يدخل بيتا هو فيه‪ .‬وناهيك‬
‫بها خصوصية ويكتحل به للزرقة المكتسبة من المراض وليحذر الكثار منه والدمان عليه فإنه رديء‬
‫العراض‪.‬‬
‫ومن جيد التشبيه قول ابن الخوارزمي فيه‪:‬‬
‫جمرا بدي في رماد الفحم‬
‫أما ترى الزعفران الغصن تحسـبـه‬
‫مضطرما‬

‫‪35‬‬
‫طرايف الخال في خدين قد نظمـا‬ ‫كأنـه بـين أوراق تـحـف بـــه‬
‫في طيبه وكذال المسك كـان دمـا‬ ‫وما عيانا ومـسـكـا نـشـر رائحة‬

‫الزباد‬

‫وأما أنت أيها الزباد وإن اشتهرت في كل ناد‪ ،‬بين كل حاضر وباد‪ ،‬فلست تعد مع هؤلء القران‪ ،‬لنه لم‬
‫يرد ذكرك في آية من القرآن‪ ،‬ول في حديث عن سيد ولد عدنان‪ ،‬ول في الصحاح ول في الضعاف ول في‬
‫الحسان‪ ،‬ول في أثر عن أحد من الصحابة ول التابعين لهم بإحسان‪ ،‬فل تتعد طورك‪ ،‬ول تبعد غورك‪ ،‬ومتى‬
‫أدعيت أنك رابعهم قيل لك إخساء‪ ،‬ومتى جاريتهم في ميدان السبق فكبا لك وتعسا‪ ،‬وأخرى أنبئك بها من‬
‫الفقهاء من قرر نجاستك وذلك مما يسقط في سوق الطيب نفاستك‪ ،‬وقصارى أمرك أنك عرق هد بري‪ ،‬أو‬
‫لبن سنور بحري‪ ،‬فل نسب لك ول حسب‪ ،‬ول سلف ول خلف‪ ،‬وأنك أقل شرفا‪ ،‬وأذل سلفا‪ ،‬ومتى إنتتف معك‬
‫من شعر أصلك ما يجاوز حد العفو فعليك العفا‪ ،‬غير أنا نجبر كسرك ونغني فقرك قد رزقك ال تعالى أنواعا‬
‫من المنفعة‪ ،‬وجعل فيها أسرارا مودعة إذا شمك المزكوم نفعته من الزكام‪ ،‬وإذا ضمخ بك الدماميل خففت‬
‫عنها اللم وإذا سقي منك درهم مع مثله زعفران في مرقة دجاجة سمينة‪ ،‬سهلت ولدة المرأة وحفظت الدرة‬
‫السمينة‪ ،‬وحرارتك في الدرجة الثالثة‪ ،‬وفيك رطوبة معتدلة لمن أراد المثاقبة والمثافتة والمنافثة‪.‬‬
‫ثم رأيت في خبر مرسل عن أم حبيبة زوج خير مرسل‪ ،‬أن نسوة النجاشي أهدين لها من الزباد الكثير‪ ،‬وأنها‬
‫قدمت به على النبي البشير النذير‪.‬‬
‫فإذن حصل للزباد من ذلك الشرف‪ ،‬وارتقى إلى طبقة عالية الغرف‪ ،‬وصار في أنواع الطيب رابعًا‪ ،‬وللمراء‬
‫الثلثة رابعًا‪.‬‬
‫وأستغفر ال تعالى مما وقع من تنقيصه وأسعفيه من الجهل‪ .‬بتمييزه وتخصيصه جعلنا ال تعالى ممن أناب‬
‫إلى الحق ورجع وأصغى إلى الصدق وخشع‪ ،‬وأعاذنا برحمته من كل شرك وجنبنا كل زور وكذب وأفك‪،‬‬
‫وجمعنا مع عباده البرار والمقربين في سلك‪ ،‬وجعلنا من الذين يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك‪.‬‬
‫والحمد ل وصلى ال عليه وسلم من ل نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه وحزبه وغفر ال لنا‬
‫وللمسلمين أجمعين آمين‪ .‬وكان الفراغ من كتابة هذه المقامات في صبح يوم الثنين المبارك أربعة أيام خلت‬
‫من شهر الحجة الحرام الذي هو من شهور سنة ‪-1267‬سبع وستين ومائتين وألف من الهجرة النبوية‪ ،‬على‬
‫صاحبها ألف سلم وألف تحية‪ .‬وذلك على يد الراجي عفو ربه الوهاب‪ ،‬عمر بن الخطاب اللهم اغفر له‬
‫ولجميع إخوانه المسلمين‪ ،‬ولمن قال اللهم آمين وصلى ال على محمد وآله وسلم‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفهرس‬
‫مقامات السيوطي‬ ‫•‬
‫"بسم الله الرحمن الرحيم" وبه أكتفي‬ ‫•‬
‫القرع ‪Cucurbita Pepo‬‬ ‫•‬
‫الهندبا ‪cichorium intybus‬‬ ‫•‬
‫الخس‬ ‫•‬
‫الرجلة‬ ‫•‬
‫البامية‬ ‫•‬
‫الملوخيا‬ ‫•‬
‫الخبازي‬ ‫•‬
‫المقامة الفستقية‬ ‫•‬
‫الفستق‬ ‫•‬
‫وأما اللوز‬ ‫•‬
‫وأما اللوز المقلي‬ ‫•‬
‫وأما اللوز الخضر‬ ‫•‬
‫وأما الجوز‬ ‫•‬
‫وأما البندق‬ ‫•‬
‫وأما الشاهبلوط‬ ‫•‬
‫وأما حب الزلم‬ ‫•‬
‫وأما حب الصنوبر‬ ‫•‬
‫الرمان‬ ‫•‬
‫الترج‬ ‫•‬
‫السفرجل‬ ‫•‬
‫التفاح ‪Pyrus malus‬‬ ‫•‬
‫الكمثري‬ ‫•‬
‫النبق ‪Rhammus frangula‬‬ ‫•‬
‫الخوخ ‪Pronus Spinosa‬‬ ‫•‬
‫المقامة الياقوتية لمولنا شيخ الحديث جلل الدين السيوطي رحمه الله‬ ‫•‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫•‬
‫فقال في الياقوت‬ ‫•‬
‫وقال اللؤلؤ‬ ‫•‬
‫وقال الزمرد‬ ‫•‬
‫وقال المرجان‬ ‫•‬
‫وقال الزبرجد‬ ‫•‬
‫وقال العقيق‬ ‫•‬
‫وقال الفيروزج‬ ‫•‬
‫المقامة الوردية لمولنا مجتهد العصر أبي الفضل عبد الرحمن جلل الدين السيوطي‬ ‫•‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫•‬
‫النرجس‬ ‫•‬
‫الياسمين‬ ‫•‬
‫البان‬ ‫•‬
‫النسرين‬ ‫•‬
‫البنفسج‬ ‫•‬
‫النيلوفر‬ ‫•‬
‫الس‬ ‫•‬
‫الريحان‬ ‫•‬
‫المقامة المسكية لمولنا جلل الدين السيوطي رحمه الله تعالى‬ ‫•‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫•‬

‫‪37‬‬
‫العنبر‬ ‫•‬
‫الزعفران‬ ‫•‬
‫الزباد‬ ‫•‬

‫‪38‬‬

You might also like