You are on page 1of 57

‫‪‬‬

‫زوجات ل‬
‫عشيقات‬
‫التعدد الشرعي ضرورة العصر‬

‫يدعو إليه‬

‫حمدي شفيق‬
‫إهــــــــداء‬
‫إلى أبى الحبيب الذى أعطانى و علمنى الكثير‬
‫‪ ..‬بارك الله فى عمره و جزاء الله كل الخير‬

‫المؤلف‬

‫مقدمة‬
‫تعدد الزوجات من النظم التي تعرضت‬
‫لهجمات المستشرقين الشرسة في إطار‬
‫النتقاص من مبدأ التعدد ‪ ،‬واتخاذه ذريعة‬ ‫حملت مسعورة لم تتوقف أبدا للطعن في‬
‫للتشكيك في القرآن الكريم والرسول العظيم‬ ‫السلم العظيم و رسوله المين ) ‪. (‬‬
‫والشريعة الغراء ‪.‬‬ ‫والحملة على التعدد بدأها اليهود مبكرا في‬
‫ووصل المر بإحدى الدول السلمية إلى حظر‬ ‫عهد الرسول عليه الصلة و السلم ‪.‬‬
‫تعدد الزوجات واعتباره جريمة يعاقب عليها ‪،‬‬ ‫عن عمر مولى غفرة ‪ )) :‬قالت اليهود لما‬
‫على غرار الدول الغربية !! وحاولت جيهان‬ ‫رأت الرسول) ‪ ( ‬يتزوج النساء ‪ :‬أنظروا‬
‫زوج الرئيس الراحل أنور السادات استصدار‬ ‫إلى هذا الذي ل يشبع من الطعام ‪ ،‬ول‬
‫قانون مشابه يمنع التعدد ‪ ،‬لكن رجال الزهر‬ ‫والله ماله همة إل النساء (( ‪ ،‬وحسدوه‬
‫الشريف والتيار السلمي الجارف نجحوا في‬ ‫لكثرة نسائه وعابوه بذلك ‪ ..‬وقالوا –‬
‫إحباط المحاولة ‪ ،‬وإن كانت جيهان قد نجحت‬ ‫لعنهم الله – )) لو كان نبيا ما رغب في‬
‫في تمرير قانون يجعل اقتران الرجل بأخرى‬ ‫النساء ‪ ..‬وكان أشدهم في ذلك حيى بن‬
‫إضرارا بالزوجة الولى يعطيها الحق في طلب‬ ‫أخطب ‪ ،‬فكذبهم الله تعالى وأخبرهم‬
‫الطلق !! وبعد مقتل السادات وانهيار سطوة‬ ‫بفضله وسعته على نبيه ‪ ،‬ونزل قوله‬
‫جيهان تم إلغاء هذه المادة المخالفة للشريعة‬ ‫سبحانه ‪ ) :‬أم يحسدون الناس على ما‬
‫الغراء ‪.‬‬ ‫آتاهم الله من فضله ( – يعنى رسول الله‬
‫ولكن وسائل العلم المختلفة لم تتوقف عن‬ ‫) ‪ ) – (‬فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و‬
‫مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه ‪،‬‬ ‫الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ( يعن‬
‫والتندر على معددي الزوجات في الفلم‬ ‫سبحانه ما آتى داود وسليمان عليهما‬
‫والمسلسلت الساقطة التي تقوم في ذات‬ ‫السلم ‪ ،‬فقد تزوج كلهما أكثر مما تزوج‬
‫الوقت بتزيين الفواحش ‪ ،‬وتعرض اتخاذ‬ ‫نبينا محمد ) ‪ ، (‬وكان لكل منهما من‬
‫العشيقات على أنه أمر كوميدي للتسلية‬ ‫الجواري ما لم يمتلك مثله رسولنا عليه‬
‫والفكاهة والتبسيط !!! وخرجت امرأة‬ ‫السلم ‪.‬‬
‫علمانية على شاشة محطة دولية تهاجم‬ ‫وعلى مر العصور ظل أعداء هذا الدين في‬
‫التعدد في السلم ‪!!..‬‬ ‫الداخل و الخارج يحاولون‬
‫ووصل البعض إلى غاية السفه والضلل عندما‬ ‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫نشر في صحيفة أسبوعية قاهرية سلسلة‬ ‫)‪ (1‬سورة النساء الية ‪.54‬‬
‫مقالت عنوانها )) تعدد الزوجات حرام (( !!‬ ‫)‪ (2‬الطبقات الكبرى لبن سعد الجزء الثامن ص‬
‫هكذا بكل بساطة يحاول جاهل مغمور إلغاء‬ ‫‪.233‬‬
‫نصوص القرآن والسنة بجرة قلم أحمق‬
‫الفصل الول‬ ‫مخبول !!!‬
‫تعدد الزوجات قبل السلم‬ ‫ووصل تضليل الرأي العام في البلد‬
‫لم يبتكر السلم نظام التعدد ‪ ..‬فالثابت‬ ‫السلمية حدا جعل النساء في ريف مصر‬
‫تاريخيا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها‬ ‫يتداولون قول شائعا عن الرجل ‪ )) :‬جنازته‬
‫البشرية منذ أقدم العصور ‪ ..‬كانت الظاهرة‬ ‫ول جوازته (( ‪ ،‬أي موته أفضل من زواجه‬
‫منتشرة بين الفراعنة ‪ ..‬وأشهر الفراعنة على‬ ‫بأخرى !!‬
‫الطلق وهو رمسيس الثاني ‪ ،‬كان له ثماني‬ ‫لكل هذه السباب وغيرها جاء هذا‬
‫زوجات وعشرات المحظيات و الجواري ‪،‬‬ ‫الكتاب ‪ ..‬وهو محاولة متواضعة لتصحيح‬
‫وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدا وبنتا ‪..‬‬ ‫المفاهيم ورد المور إلى نصابها ‪ ،‬والله‬
‫وأسماء زوجاته ومحظياته وأولده منقوش‬ ‫المستعان على ما يصفون ‪..‬‬
‫على جدران المعابد حتى اليوم ‪..‬‬
‫وأشهر زوجات رمسيس الثاني هي الملكة‬
‫الجميلة نفرتارى ‪ ..‬وتليها في المكانة و‬
‫الترتيب الملكة )) أيسه نفر (( أو )) إيزيس‬
‫نفر (( وهى والدة ابنه الملك )) مرنبتاح ((‬
‫الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه وإخوته الكبر‬
‫سنا ‪.‬‬
‫ويروى أن فرعون موسى كانت له عدة‬
‫زوجات منهن السيدة )) آسيا (( عليها‬
‫السلم ‪ ،‬وكانت ابنة عمه ‪ ،‬ولم تنجب أولدا‬
‫منه ‪ ،‬ولهذا احتضنت سيدنا موسى – على‬
‫نبينا وعليه الصلة والسلم – وقالت لفرعون‬
‫عن الرضيع موسى الذي التقطته الخادمات‬
‫من صندوق عائم في مياه نهر النيل ‪ ) :‬قرة‬
‫عين لي ولك ل تقتلوه عسى أن ينفعنا أو‬
‫نتخذه ولدا ( ‪(1).‬‬
‫– عليه السلم – افتتن بزوجة أحد قواده‬ ‫وكان تعدد الزوجات معروفا في عهد أبى‬
‫فأرسله إلى جبهة القتال ليموت هناك فيتزوج‬ ‫النبياء خليل الرحمن‬
‫داود من‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫) ‪ (1‬سورة القصص الية ‪9‬‬
‫) ‪ ( 1‬كان الجمع بين الختين جائزا حتى ذلك الوقت‬ ‫إبراهيم – صلى الله على نبينا وعليه وسلم‬
‫ثم منعه القرآن بعد ذلك بنص صريح ‪.‬‬ ‫– وأنجبت له السيدة هاجر الذبيح‬
‫أرملته التي يريدها !! وهى فرية دنيئة أكد‬ ‫)) إسماعيل (( جد العرب عليه السلم ‪،‬‬
‫المفسرون الكبار – ومنهم المام ابن كثير‬ ‫بينما رزقه الله من )) سارة (( بسيدنا‬
‫رضي الله عنه – أنها مكذوبة ‪ ،‬ومن‬ ‫)) إسحاق (( عليه السلم ‪.‬‬
‫السرائيليات التي يجب طرحها وعدم‬ ‫وجمع نبي الله يعقوب بين أختين – ابنتي‬
‫اللتفاف إليها ‪( 1 ) .‬‬ ‫خاله لبان – هما )) ليا (( و )) راحيل (( )‬
‫واليماء بعصمة النبياء عليهم السلم من‬ ‫‪ (1‬وجاريتين لهما ‪ ،‬فكانت له أربع حلئل‬
‫ثوابت العقيدة ‪ ،‬والطعن عمدا فى طهارة‬ ‫في وقت واحد ‪..‬‬
‫المرسلين ونبل أخلقهم هو كفر صريح يخرج‬ ‫وأنجب عليه السلم منهما السباط ) أحد‬
‫من الملة – والعياذ بالله ‪..‬‬ ‫عشر ولدا ( بالضافة إلى سيدنا يوسف –‬
‫لقد كان لداود وسليمان زوجات كثيرات‬ ‫عليه السلم ‪ ..‬وأمه هي )) راحيل (( التي‬
‫وعشرات من الجواري ) ملك اليمين ( ‪ ،‬ومن‬ ‫كانت أحب حليلت النبي يعقوب إلى‬
‫ثم ل يتصور أن تبقى لي منهما حاجة إلى‬ ‫قلبه ‪ ،‬وأنجبت له )) بنيامين (( بعد يوسف‬
‫غيرهن ‪ ..‬وليس نبي الله داود الذي كان‬ ‫– عليه السلم ‪.‬‬
‫يصوم يوما ويفطر يوما هو الذي يتحايل‬ ‫***‬
‫ليتخلص من قائده حتى يتزوج بعد ذلك من‬ ‫وكانت لسيدنا داود – عليه السلم – عدة‬
‫أرملته !!‪..‬‬ ‫زوجات والعديد من الجواري ‪ ..‬وكذلك‬
‫***‬ ‫كانت لبنه سليمان زوجات وجواري‬
‫وكان تعدد الزوجات منتشرا في جزيرة‬ ‫عديدات ‪.‬‬
‫العرب قبل السلم أيضا ‪..‬‬ ‫ومن الضروري أن ننتبه هنا إلى ما بثه‬
‫روى المام البخاري – رضي الله عنه –‬ ‫اليهود – قاتلهم الله – من شائعات قبيحة ‪،‬‬
‫بإسناده أن غيلن الثقفي أسلم وتحته عشر‬ ‫وأكاذيب مفضوحة عن النبي الكريم داود –‬
‫عليه السلم – فقد زعم أعداء الله أن داود‬
‫وهى التي تسمى الن بالروس والصرب‬ ‫نسوة ‪ ،‬فقال له النبي ) ‪ )) : (‬أختر‬
‫والتشيك والسلوفاك ‪ ..‬وتضم أيضا معظم‬ ‫منهن أربعا (( ‪.‬‬
‫سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا‬ ‫وروى أبو داود – رضي الله عنه – بإسناده‬
‫وبلغاريا ‪..‬‬ ‫أن عميرة السدى قال ‪ :‬أسلمت وعندي‬
‫وكان شائعا أيضا بين الشعوب الجرمانية‬ ‫ثماني نسوة ‪ ،‬فذكرت ذلك للنبي )‪‬فقال‬
‫والسكسونية التي ينتمي إليها معظم سكان‬ ‫‪ )) :‬أختر منهن أربعا (( ‪.‬‬
‫ألمانيا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وهولندا‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والدانمارك والسويد والنرويج وانجلترا ‪..‬‬ ‫) ‪ (1‬ابن كثير – تفسير القرآن العظيم – تفسير‬
‫ويلحظ أن التعدد كان ومازال منتشرا بين‬ ‫سورة ص اليات ‪.25 – 21‬‬
‫شعوب وقبائل أخرى ل تدين بالسلم ‪ ..‬ومنها‬ ‫وقال المام الشافعي – رضي الله عنه –‬
‫الشعوب الوثنية في أفريقيا والهند والصين‬ ‫في مسنده ‪ :‬أخبرني من سمع ابن أبى‬
‫واليابان‬ ‫الزياد يقول أخبرني عبد المجيد عن ابن‬
‫ومناطق أخرى في جنوب شرق آسيا ‪.‬‬ ‫سهل عن عبد الرحمن عن عوف بن‬
‫***‬ ‫الحارث عن نوفل ابن معاوية الديلمى قال‬
‫ويقول الدكتور محمد فؤاد الهاشمي ‪ )) :‬إن‬ ‫‪ :‬أسلمت وعندي خمس نسوة ‪ ،‬فقال لي‬
‫الكنيسة ظلت حتى القرن السابع عشر‬ ‫رسول الله ) ‪ )) : (‬أختر أربعا أيتهن‬
‫تعترف بتعدد الزوجات ((‪(1).‬‬ ‫شئت ‪ ،‬وفارق الخرى (( ‪.‬‬
‫ول يوجد نص صريح في أي من الناجيل‬ ‫وروى البخاري في كتاب النكاح أن النبي )‬
‫الربعة يحظر تعدد الزوجات ‪ ،‬وكل ما حدث‬ ‫‪ (‬آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين‬
‫هو أن تقاليد بعض الشعوب الوروبية الوثنية‬ ‫سعد بن عوف النصاري ‪ ،‬وعند النصار‬
‫كانت تمنع تعدد الزوجات ) ونقول بعض‬ ‫امرأتان ‪ ،‬فعرض عليه أن يناصفه زوجتيه‬
‫الشعوب ‪ ،‬لن أغلبها‪ -‬كما ذكرنا – كان يعرف‬ ‫وماله ‪ ،‬فقال له عبد الرحمن بن عوف ‪)) :‬‬
‫تعدد الزوجات على أوسع نطاق ( ‪ ،‬فلما‬ ‫بارك الله لك في أهلك ومالك ‪ ..‬دلني‬
‫اعتنقت هذه القلية التي تمنع التعدد‬ ‫على السوق ‪. (( ..‬‬
‫المسيحية فرضت تقاليدها السابقة على‬ ‫***‬
‫المسيحيين ‪ ،‬وبمرور الزمن ظن الناس أن‬ ‫وكان تعدد الزوجات شائعا في الشعوب‬
‫تحريم التعدد هو من صلب المسيحية ‪ ،‬بينما‬ ‫ذات الصل )) السلفى (( ‪..‬‬
‫ويرى هؤلء المؤرخون وعلماء الجتماع أن‬ ‫هو تقليد قديم فرضه البعض على الخرين‬
‫نظام التعدد سوف يتسع نطاقه كلما تقدمت‬ ‫على مر السنين ‪..‬‬
‫المدنية ‪ ،‬واتسع نطاق الحضارة في العالم ‪.‬‬ ‫ونحن نتحدى معارضي التعدد أن يأتونا‬
‫وشهادة هؤلء العلماء – وهم جميعا من غير‬ ‫بنص على تحريم التعدد في أي إنجيل من‬
‫المسلمين – هي أقوى رد على المغالطين من‬ ‫الربعة التي تمثل العهد الجديد ‪..‬‬
‫معارضي التعدد الذين يزعمون أنه قد انقضى‬ ‫أما العهد القديم أو التوراة ففيها نصوص‬
‫زمانه وانتهى عصره !!‬ ‫صريحة على إباحة التعدد في دين الخليل‬
‫***‬ ‫إبراهيم وإسحاق ويعقوب ‪ ،‬وشريعة داود‬
‫لقد كان تعدد الزوجات – إذن – معروفا‬ ‫وسليمان ‪ ،‬وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل‬
‫ومنتشرا في سائر أنحاء العالم قبل أن يبعث‬ ‫– على نبينا وعليهم الصلة و‬
‫النبي محمد ) ‪ (‬رحمة للعالمين ‪..‬‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫وكان التعدد مطلقا بل أية حدود أو ضوابط أو‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قيود ‪ ..‬لم يكن هناك كما يتضح من المثلة‬ ‫) كان مسيحيا وأسلم ( كتاب‬ ‫)‪(1‬‬
‫السابقة حد أقصى لعدد الزوجات أو‬ ‫الديان في كفة الميزان ص ‪. 109‬‬
‫المحظيات ‪..‬‬
‫ولم يكن هناك اشتراط على الزوج أن يعدل‬
‫بين زوجاته ‪ ،‬أو يقسم بينهن بالسوية – كما‬ ‫بل إن علماء الجتماع والمؤرخين ‪ ،‬ومنهم‬
‫أمر بذلك السلم ‪..‬‬ ‫وستر مارك و هوبهوس و هيلير و جنربرج‬
‫أفإذا أمر السلم العظيم بالرحمة والعدل‬ ‫وغيرهم ‪ ،‬يلحظون أن التعدد لم ينتشر إل‬
‫والمساواة بين الزوجات‬ ‫بين الشعوب التي بلغت قدرا معينا من‬
‫الحضارة ‪ ..‬وهى الشعوب التي استقرت‬
‫‪،‬وتحديد الحد القصى بأربع زوجات ‪ ،‬وحظر‬ ‫في وديان النهار ومناطق المطار الغزيرة‬
‫التعدد إذا خشي الزوج أل يعدل – يأتي نفر‬ ‫‪ ،‬وتحولت إلى الزراعة المنظمة والرعي‬
‫من الجهلة والمتنطعين ليعترضوا ؟! هل من‬ ‫بدل من الصيد وجمع ثمار الغابات و‬
‫المعقول أن تأتينا الرحمة من السماء فنردها‬ ‫الزراعة البدائية ‪ ..‬ففي المرحلة البدائية‬
‫على الرحمن الرحيم ؟!‬ ‫من عمر المجتمعات كان السائد هو نظام‬
‫وحدة السرة ‪ ،‬ووحدة الزوجة ‪..‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫لقد كانت المجتمعات الجاهلية – قبل‬
‫عشيقات الزعماء‬ ‫السلم – تموج بألوان شتى من الظلم‬
‫تهامس مشيعو جنازة الرئيس الراحل‬ ‫والجرائم والفواحش ما ظهر منها وما‬
‫فرانسوا ميتران في دهشة وفضول عندما‬ ‫بطن ‪..‬‬
‫شاهدوا سيدة ترتدي قبعة سوداء ونظارة‬ ‫وكانت المرآة بالذات هي الضحية والمجني‬
‫سميكة من ذات اللون ‪ ،‬وبصحبتها فتاة‬ ‫عليها على الدوام ‪ ،‬وفى كل المجتمعات‬
‫شقراء تبدو على وجهها علمات حزن حقيقي‬ ‫كان الزوج يقضى معظم أوقاته في‬
‫دفين ‪..‬كانت السيدة وابنتها تسيران إلى‬ ‫أحضان صاحبات الرايات الحمراء ‪ ،‬ول‬
‫جانب أرملة الرئيس الراحل ‪ .‬وانقلبت‬ ‫يعود إلى بيته إل مكدودا منهك القوى‬
‫الجنازة رأسا على عقب عندما علموا أن‬ ‫خالي الوفاض من المال والعافية !!‬
‫السيدة هي عشيقة )) الرئيس الراحل ((‬ ‫وما كانت المرآة تجرؤ على النكار أو‬
‫ومعها أبنته غير الشرعية منها ‪ :‬ثمرة الخيانة‬ ‫العتراض عليه !! وكان آخر يمضى الشهر‬
‫الزوجية للرجل الول في فرنسا !!‬ ‫تلو الشهر عند الزوجة الجميلة ‪ ،‬ويؤثر‬
‫إنها حقا باريس ‪ ..‬أم الشذوذ والغرائب ‪،‬‬ ‫أولده منها بالهدايا والموال الطائلة ‪ ،‬ول‬
‫الزوجة جنبا إلى جنب مع العشيقة ‪ ،‬ويبدو‬ ‫تجرؤ الخرى أو الخريات ول أولدهن على‬
‫أنهما قد تفاهمتا واستقر رأى كل منهما على‬ ‫النطق بكلمة واحدة إزاء هذا الظلم الفادح‬
‫أنه ل فائدة الن ) بعد رحيل فرانسوا ( من‬ ‫‪..‬‬
‫الصراع والمنافسة فيما بينهما !!‬ ‫فهل إذا جاء السلم وأشترط تحقيق‬
‫وبعد ذلك فوجئت فرنسا والعالم بأسره‬ ‫العدالة والرحمة و البر والكرام لكل‬
‫بصحفية سويدية تدعى ‪ )) :‬كريستينا‬ ‫الزوجات والولد على قدم المساواة ‪..‬‬
‫فورسن (( تصدر كتابا عنوانه ‪ )) :‬قال لي‬ ‫هل إذا جاءت مثل هذه الضوابط نرفضها ‪،‬‬
‫فرانسوا (( وفرانسوا المقصود هنا هو نفسه‬ ‫ونتطاول على التشريع اللهي وعلى النبي‬
‫الرئيس الراحل ميتران !! وتبين من صفحات‬ ‫وعلى الدين كله ؟!‬
‫الكتاب والصور المثيرة المنشورة بداخله أن‬ ‫إنها حقا ل تعمى البصار ‪ ..‬ولكن تعمى‬
‫وراءه قصة حب آثمة ‪ ،‬وخيانة زوجية أخرى‬ ‫القلوب التي في الصدور السوداء !!‬
‫من الرئيس الفرنسي !!‬
‫وعلى الفور أجرت كبريات الصحف الفرنسية‬
‫والعالمية حوارات مطولة‬
‫كانت شوكة فى قلب عائلة الرئيس‬ ‫مع كريستينا فورسن عن علقتها بميتران‬
‫ميتران ‪..‬وردت قائلة ‪ )) :‬ل عائلته ول المحيط‬ ‫التي استمرت سبعة عشر عاما كاملة ‪..‬‬
‫السياسي كله ‪..‬‬ ‫وقالت صحيفة )) فرانس سوار (( ‪ :‬إن‬
‫ل شيء من حوله يستطيع الهجوم على ‪ ،‬أو‬ ‫)) رافن (( الطفل الوسيم ذي الثمانية‬
‫النتقاص من وجودي ‪ ،‬فقد كانوا ل يملكون ما‬ ‫أعوام الذي يعيش مع أمه كريستينا هو ابن‬
‫أملكه ‪ ..‬فانسحبوا من أمامي بهدوء ‪ ..‬أدركوا‬ ‫غير شرعي لميتران زير النساء الباريسي‬
‫أنني بالنسبة له الحرية والنسمة التي يتنفسها‬ ‫الراحل !! ورفضت كريستينا الفصاح‬
‫بعيدا عن سجنه الذهبي وحياته العادية‬ ‫لزملء المهنة عن هوية والد طفلها‬
‫التقليدية المملة ! لقد كنت أنا التي كسرت‬ ‫مارفن ‪ ..‬وحاولت التهرب من الجابة‬
‫الملل الذي أصابه طوال حياته قبل أن يلقاني‬ ‫صارخة في وجوه زملئها ‪ :‬إنه أبنى أنا‬
‫‪،‬وقد وجد داخلي أسلوبا مستقل في التفكير‬ ‫وحدي ! ولن أسمح لحد بمعرفة أسم‬
‫تجاه كل أمور حياته لم يتعوده من قبل‬ ‫والده !! إنني لن أسمح لي إنسان‬
‫وحكت كريستينا الكثير مما لم يكن يعلمه‬ ‫باغتصاب هذا الجزء الخاص جدا من حياتي‬
‫الناس عن ميتران ‪ ..‬كان لهما منزل خاص‬ ‫!!‬
‫في الدغال يتقابلن فيه بعيدا عن أعين‬ ‫وحكت كريستينا قصتها مع ميتران منذ‬
‫الزوجة والحرس والصحافة ‪ ،‬وكانا يهربان في‬ ‫المقابلة الولى بينهما في عام‬
‫الغابات بعيدا عن حرسه الخاص !!‬ ‫‪،1979‬عندما قدمها له رئيس وزراء‬
‫باختصار ‪ ..‬لم يكن ينقصهما سوى ورقة‬ ‫السويد الراحل)) أولوف بالم (( على أنها‬
‫رسمية صغيرة تجعل العلقة شرعية نظيفة ‪،‬‬ ‫صحفية شابة متحمسة تريد إجراء حوار‬
‫وتجعل ابنهما ))رافن (( ابنا شرعيا محترما‬ ‫صحفي معه ‪..‬‬
‫في مجتمعه ‪ ،‬لكنهما لم يفعل !!‬ ‫كان عمره ضعف عمرها ‪ ،‬لكن فارق‬
‫***‬ ‫السن الكبير لم يحل بين الثنين ‪..‬‬
‫كتب أنيس منصور في عدد الهرام ‪/ 9 / 13‬‬ ‫وتعلق هي على ذلك قائلة ‪ )) :‬في هذه‬
‫‪ )) : 1979‬لم يكن غريبا أن يصدر فى فرنسا‬ ‫الحوال تنسى السماء والعمار والمناصب‬
‫كتاب عن نمر السياسة الفرنسية )) جورج‬ ‫‪ ،‬ول نذكر إل الحساس بالنشوة والنتعاش‬
‫كلمنصو(( ‪ 1929 – 1841‬م ‪ ..‬هذا الرجل‬ ‫والسعادة في اللحظات الضائعة (( !!‬
‫خاض معارك سياسية مخيفة ‪ ،‬واستطاع أن‬ ‫ولم تشعر العشيقة – كريستينا – بأي خجل‬
‫يتغلب على الجميع ‪ ،‬وكان قادرا على أن‬ ‫عندما ألمحت لها الصحافة الفرنسية بأنها‬
‫الطبيب الخاص للزعيم )) ماو تسى تونج ((‬ ‫يتحدث إلى عشرين شخصا فى عشرين‬
‫الحاكم المطلق لواحدة من أقوى دول‬ ‫موضوعا في وقت واحد ! ولم يكن أحد‬
‫العالم ‪ ..‬كان ماو طاغية شيوعيا ‪ ،‬ل راد‬ ‫يتصور أن هذا الرجل كانت له ثمانمائة‬
‫لوامره ‪ ،‬ول لرغباته ونزواته ‪ ..‬وكان ذئبا‬ ‫عشيقة ‪ ،‬وكان له أربعون من البناء غير‬
‫شرسا ل يشبع من الجنس ‪ ،‬يبدل الفتيات كما‬ ‫الشرعيين (( ‪.‬‬
‫يستبدل جواربه وأحذيته !! يقيم الحفلت‬ ‫ويقول أنيس منصور ‪ :‬لكن عندما علم أن‬
‫الصاخبة التي يرتبها مساعدوه خصيصا لمئات‬ ‫زوجته المريكية خانته نهض عند منتصف‬
‫من الفتيات الصغيرات كي ينتقى منهن ما‬ ‫الليل وفتح لها الباب لتهبط إلى الشارع‬
‫يهوى ‪..‬‬ ‫بقميص النوم ‪ ..‬فكلمنصو – مثل كل‬
‫ويقول الطبيب المؤلف ‪ :‬إن الزعيم ماو كان‬ ‫الذئاب البشرية – من أكثر الناس احتكارا‬
‫يعتقد أن الجنس هو السبيل الوحيد لطالة‬ ‫للمرأة ‪ ،‬ولم يقل أحد في المرأة أسوأ ول‬
‫الحياة !! وكان يعانى من العديد من المراض‬ ‫أبشع مما قاله هو ‪ ،‬سواء على فراش‬
‫الجنسية المعدية‪ ،‬وكانت هوايته هي نقل‬ ‫اللهو أو على فراش المرض ((!!‬
‫العدوى لكبر عدد ممكن من الفتيات‬ ‫***‬
‫الصينيات اللئي كن يتفاخرن بظهور أعراض‬ ‫وفى النمسا كشفت الصحف عن فضيحة‬
‫المرض الجنسي لديهن بعد الخروج من غرفة‬ ‫جنسية للرئيس )) توماس كليستل (( فقد‬
‫نوم الزعيم‪ ..‬فهذه كانت العلمة الوحيدة على‬ ‫تبن أن للرئيس عشيقة تعمل موظفة‬
‫أن الفتاة قد التقت فعل بالزعيم الصيني !!‬ ‫بوزارة الخارجية ‪..‬‬
‫***‬ ‫وتمتد العلقة بينهما إلى سنوات عمله‬
‫هناك أيضا العلقات الجنسية التي ل تحصى‬ ‫وزيرا للخارجية قبل توليه الرئاسة ‪ ..‬وقد‬
‫للرئيس الرجنتيني )) كارلوس منعم (( ‪..‬‬ ‫تسببت الفضيحة في مغادرة زوجته‬
‫وفضائحه تنشر يوميا في الصحف العالمية‪،‬‬ ‫السيدة )) أديت كليستل (( المنزل‬
‫ولم يردعه ذلك بالطبع‪ .‬كما عجزت زوجته‬ ‫ومطالبتها بالطلق !!‬
‫عن كبح جماحه فاضطرت إلى النفصال عنه‬ ‫***‬
‫بعد خلفات طاحنة ‪.‬‬ ‫وفى عام ‪ ، 1994‬أصدر الطبيب الصيني‬
‫***‬ ‫)) لي زى سوى (( كتابا مثيرا في الوليات‬
‫وعن الزعماء المريكان حدث ول حرج !!‬ ‫المتحدة المريكية تحت عنوان ‪ )) :‬الحياة‬
‫ففي الوليات المتحدة المريكية ل توجد‬ ‫البربرية للزعيم ماو (( ‪ ..‬كان )) لي (( هو‬
‫الوطيس استدعى جونسون أفراد حراسته‬ ‫أسرار على الطلق !! والشعب المريكى‬
‫الخاصة وصاح بهم ‪ :‬كان يجب أن تفعلوا شيئا‬ ‫يعشق الفضائح‪ ،‬وبالذات تلك التي تتعلق‬
‫!! فرد أحدهم عليه بشجاعة‪ :‬إننا لم نخطئ ‪..‬‬ ‫بالمشاهير‪ ،‬في أي مجال كانوا ! ومسموح‬
‫تلك هي مشكلتك وحدك !!‬ ‫عندهم بنشر كل شئ وأي شئ وعن أي‬
‫وعلى الرغم من ذلك لم يتوقف الرئيس‬ ‫شخص مهما كان منصبه أو نفوذه أو ثروته‬
‫المريكي عن تصرفاته الطائشة ‪ ،‬وكل ما‬ ‫‪ ..‬والكتب التي تتناول أسرار وفضائح‬
‫حدث هو أنه أمر حراسه بتركيب جهاز‬ ‫الكبار‬
‫)) للنذار المبكر (( عند المصعد ‪ ،‬حتى ل‬ ‫يتلقفها المريكان بنهم‪ ،‬وتحقق أرقاما‬
‫تضبطه زوجته مرة أخرى‬ ‫قياسية في المبيعات !!‬
‫متلبسا بالخيانة الزوجية !! فإذا شاهد الحرس‬ ‫ومن هذه الكتب المثيرة كتاب )) داخل‬
‫الزوجة متجهة إلى المصعد المؤدى إلى غرفة‬ ‫البيت البيض (( الذي ألفه الصحفي‬
‫المكتب يقوم أحدهم بدق الجرس فينتبه‬ ‫المريكي الشهير )) رونالد كيسلر (( ‪..‬‬
‫الرئيس إلى أن زوجته في الطريق فيستعد‬ ‫وقد تتبع كيسلر في هذا الكتاب المثير‬
‫لذلك !‬ ‫نزوات وغراميات معظم رؤساء أقوى دولة‬
‫وهناك قصص أخرى عن غراميات الرئيس‬ ‫في العالم ‪ ،‬وتفاصيل الخيانات الزوجية‬
‫جونسون مع صحفيات وفتيات أخريات كان‬ ‫لكل منهم !! فقد كان للرئيس المريكي‬
‫معاونوه يحضرونهن له !! وذات مرة أحضر‬ ‫القبيح ليندون جونسون ثماني سكرتيرات‬
‫جونسون ثلث فتيات دفعة واحدة من مزرعة‬ ‫عاشر منهن خمسا معاشرة الزواج في‬
‫بتكساس‪ ،‬وأصر على توظيفهن في البيت‬ ‫قلب البيت البيض !! وكان يفتش عن‬
‫البيض ليبقين رهن إشارته !!‬ ‫الجميلت وسط زحام الحفلت ‪ ،‬فإذا‬
‫***‬ ‫أعجبته واحدة يرسل معاونيه لكي يأتيه بها‬
‫أما الرئيس )) فرانكلين روزفلت (( الذي‬ ‫‪ ،‬فرغبة الرئيس أمر ل يرد !!‬
‫حكم الوليات المتحدة منذ عام ‪، 1933‬‬ ‫وذات يوم فتحت )) ليدى بيرد (( باب‬
‫وأعيد انتخابه للمرة الثالثة في عام ‪، 1940‬‬ ‫المكتب البيضاوي – في البيت البيض –‬
‫فقد كان ذا علقات نسائية متعددة ‪ ،‬على‬ ‫لتجد زوجها الرئيس جونسون في وضع‬
‫الرغم من أنه كان مقعدا يتحرك بكرسي‬ ‫فاضح مع إحدى سكرتيراته داخل المكتب‬
‫طبي !! وكانت أشهر عشيقاته امرأة تدعى ))‬ ‫الذي يستقبل فيه زعماء العالم الزائرين‬
‫لوسى رزر فورد (( وكان يقابلها بصفة‬ ‫لمريكا !! وبعد معركة زوجية حامية‬
‫السلم العظيم ‪ ،‬وهو غارق حتى أذنيه في‬ ‫منتظمة عندما تكون زوجته )) إليانور ((‬
‫أوحال الدنس والخطيئة التي ينهى أتباعه عن‬ ‫غائبة عن البيت البيض !!‬
‫القتراب منها !! هكذا سقط )) سوجارت ((‬ ‫***‬
‫الذي تطاول على السلم الحنيف ‪ ،‬وأعترف‬ ‫كانت شقيقة الرئيس المريكي )) كارتر ((‬
‫علنية بحقيقة ما يدور في أوساط التنصير‬ ‫واسمها )) روث (( تعمل في مجال الوعظ‬
‫والمنصرين من ممارسات لبشع ألوان‬ ‫والتنصير – أو التبشير كما يسمونه في‬
‫الدعارة والشذوذ والخيانات الزوجية !! ) وقل‬ ‫الغرب – وكانت تتحدث عن تعاليم السماء‬
‫جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا‬ ‫وتدعوا غير المسيحيين إلى اعتناق‬
‫( صدق الله العظيم ‪(1) .‬‬ ‫المسيحية ‪ ..‬وفجأة ظهرت حقيقة شقيقة‬
‫***‬ ‫الرئيس ‪ ،‬وتبين أنها على علقة جنسية‬
‫الرئيس المريكي الراحل جون كيندي كان‬ ‫بالمستشار اللماني السابق )) فيلى‬
‫من أشهر رؤساء العالم في ميدان الخيانة‬ ‫برانت (( !!! وكتبت الصحف المريكية‬
‫والعلقات النسائية المتعددة ‪ ..‬وأشهر‬ ‫واللمانية باستفاضة تفاصيل علقة‬
‫عشيقاته كانت هي ممثلة الغراء الراحلة‬ ‫)) المبشرة المتزوجة (( بالمستشار‬
‫)) مارلين مونرو (( والتي لقيت مصرعها في‬ ‫اللماني وخيانتها لزوجها الذي كان كالعادة‬
‫حادث غامض قيل إنه من تدبير المخابرات‬ ‫هو آخر من يعلم !!‬
‫المركزية المريكية !وكان شقيقه‬ ‫وهو ذات المر الذي حدث لواحد من أشهر‬
‫)) روبرت (( على علقة هو أيضا بمارلين‬ ‫رجال التنصير في أمريكا والعالم بأسره ‪،‬‬
‫مونرو في ذات الوقت !! وكان يقابلها في‬ ‫وهو القس )) جيمي سوجارت (( الذي‬
‫مكتبه أثناء عمله مدعيا عاما للوليات المتحدة‬ ‫كان طرفا في المناظرة الشهيرة مع‬
‫!!‬ ‫الداعية السلمي الكبير الشيخ أحمد‬
‫وقد أقام الرئيس جون كيندي علقات جنسية‬ ‫ديدات‬
‫أخرى مع عشرات من النساء أثناء ارتباطه‬ ‫‪.‬فقد ظهر المنصر الكبير على شاشات‬
‫بزوجته )) جاكلين (( ‪ ..‬ومن عشيقاته‬ ‫كبريات المحطات التليفزيونية الدولية‬
‫سكرتيرتان هما الشقراء )) فيدل (( والسمراء‬ ‫ليعترف تفصيليا بعلقته الجنسية مع إحدى‬
‫)) فادل (( والثالثة كانت فتاة تعمل في‬ ‫البغايا الداعرات !! وهكذا كان‬
‫عصابات المافيا وتدعى )) جوديث كامبل (( ‪..‬‬ ‫)) سوجارت (( يتحدث عن الفضيلة ‪،‬‬
‫***‬ ‫ويهاجم تعدد الزوجات وغيره من أحكام‬
‫أكبر فضيحة في التاريخ المريكي كله !!! ومن‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬سورة السراء – الية ‪. 81‬‬
‫بينهن ‪ :‬مغنية ‪ ،‬وسكرتيرة ‪ ،‬وزوجة قاض شهير‬
‫ولم يفلت الرئيس المريكي السابق جورج‬
‫‪ ،‬وصحفية ‪ ،‬وبائعة في )) سوبر ماركت (( ‪..‬‬
‫بوش من السقوط في خضم التهامات‬
‫الخ ‪ .‬ومن هؤلء العشيقات )) جينفر فلورز ((‬
‫بالتورط في الخيانة الزوجية ‪ ..‬فقد ذكرت‬
‫التي أصدرت كتابا فاضحا عن تفاصل علقتها‬
‫الكاتبة )) سوزان ترينفو (( في أحد كتبها‬
‫الجنسية مع الرئيس ‪ ،‬وحقق الكتاب أرقاما‬
‫أن أحد كبار مندوبى الوليات المتحدة في‬
‫فلكية ‪ ،‬فقد بيعت منه مئات اللف من النسخ‬
‫محادثات جنيف حول نزع السلحة ‪ ،‬قام‬
‫في مختلف أنحاء العالم !!‬
‫بترتيب لقاء غرامي بين بوش ) نائب‬
‫كانت جينفر مذيعة نشرة في إحدى قنوات‬
‫الرئيس ريجان في هذا الوقت ( ‪،‬‬
‫التليفزيون المريكي ‪ ،‬ثم عملت بعد ذلك‬
‫و)) جينفر (( التي كانت أحد مساعدي‬
‫مغنية في ماهى ليلى )) بأركنساس (( حيث‬
‫بوش ‪ ..‬وكان اللقاء في بيت الضيافة في‬
‫كان بيل كلينتون حاكما على هذه الولية قبل‬
‫مدينة جنيف السويسرية عام ‪، 1984‬‬
‫ترشيحه لرئاسة أمريكا ‪.‬‬
‫وبالطبع ثارت فضيحة كبرى في الصحف‬
‫وتقول جينفر ‪ :‬إن علقتها مع الرئيس دامت‬
‫وعلى شاشات شبكات التلفاز العالمية !!‬
‫أثنى عشر عاما كاملة ‪ ..‬وكان يهرب من‬
‫***‬
‫زوجته )) هيلرى (( إلى بيت جينفر حيث كان‬
‫ولعل أشهر ذئب بشرى بين الرؤساء‬
‫الجيران يشاهدون سيارته وفيها سائقه الذي‬
‫المريكان بعد جون كيندي هو الرئيس بيل‬
‫كان ينتظره لساعات طوال مع حراس كلينتون‬
‫كلينتون الذي أعيد انتخابه لفترة رئاسة‬
‫بوصفه حاكم أركنساس في ذلك الوقت ‪..‬‬
‫ثانية ‪ ،‬رغم كل فضائحه وخيانات الزوجية‬
‫ويقول الحراس إنهم كانوا يتلقون مئات‬
‫التي صدرت عنها وحولها مئات الكتب‬
‫المكالمات التليفونية من جينفر لكلينتون‪.‬‬
‫والبحاث والتحقيقات الصحفية‬
‫وعندما كانت هيلرى تأتى إلى مكتب زوجها ‪،‬‬
‫والتليفزيونية !! وقد اعترف كلينتون نفسه‬
‫فإن رجال المن كانوا يلفتون انتباه كلينتون‬
‫بصحة ما تردد عن بعض علقاته الجنسية ‪..‬‬
‫ليذهب إلى غرفة الحرس ‪ ،‬ويقومون هم‬
‫ولكنه رفض الخوض في أية تفاصيل ‪،‬‬
‫بتحويل المكالمة إليه هناك حتى ل تضبطه‬
‫مؤكدا أن المر تسبب في مشاكل عائلية‬
‫زوجته هيلرى !!‬
‫حادة كادت تنهى حياته الزوجية !!‬
‫ويؤكد حراس كلينتون أن جينفر كانت واحدة‬
‫وتحتوى قائمة عشيقات كلينتون على أكثر‬
‫من نصف دستة نساء يقابلهن كلينتون مرة أو‬
‫من ثلثين امرأة أشهرهن مونيكا صاحبة‬
‫!! وأحيانا يقوم الحرس بحجز جناح بأحد‬ ‫مرتين أو ثلث مرات كل أسبوع !! وحاول‬
‫الفنادق ذات النجوم الخمسة ليمارس فيه‬ ‫كلينتون بعد أن أصبح رئيسا للوليات‬
‫الرئيس نزواته وغزواته الفاضحة بعيدا عن‬ ‫المتحدة المريكية أن يتناسى علقته بجينفر‬
‫مراقبة زوجته !!‬ ‫‪ ،‬ولكنها فضحته بالكتاب وعلى صفحات‬
‫ويحكى حراس الرئيس أن )) هيلرى (( زوجته‬ ‫الصحف وكبريات الشبكات التلفزيونية !!‬
‫أستيقظت مرة فلم تجد كلينتون في المنزل ‪،‬‬ ‫وبدأت الفضائح بحوار صحفي مع جينفر‬
‫فصرخت وشتمت الحراس بألفاظ بذيئة ‪..‬‬ ‫أجرته صحيفة )) ستار (( السبوعية مقابل‬
‫وعلى الفور اتصلوا بالرئيس في أحد الفنادق‬ ‫مائة وخمسة وسبعين ألف دولر حصلت‬
‫حيث كان مع أحدى الفتيات ‪ ،‬وعاد مضطربا‬ ‫عليها عشيقة الرئيس التي زودت الصحيفة‬
‫فزعا ‪ ..‬وسمع الجميع على الفور صراخا‬ ‫بالشرائط الصوتية المسجل عليها محادثاتها‬
‫وصياحا وتكسيرا للطباق و الكواب وأثاث‬ ‫الهاتفية مع عشيقها كلينتون !!‬
‫المنزل !!‬ ‫وبعد محاولت مستميتة للتهرب من‬
‫وهناك قصة تلك البائعة في أحد المتاجر التي‬ ‫الموقف بالغ الحرج ‪ ،‬اضطر الرئيس‬
‫مارس كلينتون معها أفعال فاضحة في سيارتها‬ ‫كلينتون إلى العتراف في مؤتمر صحفي‬
‫نصف النقل في منطقة نائية ‪ ،‬كما يقول أحد‬ ‫بأنه تورط في خطأ سبب ألما لزوجته !!‬
‫حراسه !!‬ ‫وقال ‪ )) :‬لست على استعداد لمناقشة هذا‬
‫ول يزال القضاء المريكي ينظر القضية التي‬ ‫الموضوع (( !!‬
‫رفعتها امرأة تدعى )) بول جونز (( ضد‬ ‫ويروى رجال المن الذين عملوا ضمن‬
‫الرئيس كلينتون وتطالبه فيها بتعويض ضخم‬ ‫طاقم حراسة الرئيس كلينتون‬
‫عن تحرشه الجنسي بها يوم ‪ 8‬مايو سنة‬ ‫عشرات من الوقائع التي شاهدوه خللها‬
‫‪ ، 1991‬في جناحه بفندق )) إكسلسيور (( في‬ ‫يطارح عشرات من الفتيات الهوى في‬
‫مدينة )) ليتل روك (( ‪..‬‬ ‫فترات مختلفة من حياته قبل وبعد توليه‬
‫وقد رفض القضاء المريكي التخلي عن نظر‬ ‫الرئاسة ‪ ،‬فقد كان يطلب من حرسه أن‬
‫الدعوى أو تأجيلها إلى ما بعد انتهاء فترة حكم‬ ‫يحضروا الفتيات الجميلت اللتي يعجبنه‬
‫كلينتون الثانية ‪ ..‬وأكد القاضي رئيس المحكمة‬ ‫في الحفلت ‪ ..‬وعندما تأتى الفتاة التي‬
‫التي تنظر دعوى التحرش الجنسي عدم تمتع‬ ‫تعجبه يبدأ الرئيس في مغازلتها مبيدا‬
‫الرئيس المريكي بأية حصانة ضد القضايا التي‬ ‫إعجابه بها ‪ ،‬ثم يعطيها الحرس رق‬
‫ل علقة مباشرة لها بعمله كرئيس للوليات‬ ‫التليفون السري للرئيس لتتصل به فيما بعد‬
‫القوانين الجنائية في كثير من تلك البلد على‬ ‫المتحدة ‪ .‬وأضافت المحكمة أن تهمة‬
‫أن تعدد الزوجات جنحة يعاقب فاعلها بالحبس‬ ‫التحرش الجنسي الموجهة إلى كلينتون‬
‫‪ ،‬بينما ل عقاب هناك على الزنا إذا تم‬ ‫يجب التحقيق فيها مثل أي قضية أخرى‬
‫بالتراضي بين الطرفين !! ‍‬ ‫مماثلة لعامة الناس ‪..‬‬
‫نقول اضطررنا إلى نشر بعض تلك القاذورات‬ ‫ويؤكد أحد حراس كلينتون أن الرئيس دعا‬
‫ليعلم معارضوا التعدد الشرعي ما هو البديل‬ ‫)) بول جونز (( بالفعل إلى جناحه بعد ظهر‬
‫له ‪..‬‬ ‫اليوم المذكور ‪ ..‬وظن الحرس أنه لقاء‬
‫وهكذا يتبين الخيط البيض من الخيط السود‬ ‫غرامي بينهما على عادة كلينتون ‪ ،‬ولكنهم‬
‫في القضية محل البحث ‪ ..‬فالتعدد واقع ل‬ ‫فوجئوا بـ )) بول (( وهى تخرج مضطربة‬
‫سبيل إلى نفيه أو إنكاره ‪ ،‬سواء كان مشروعا‬ ‫مرعوبة من جناح الرئيس ‪ ،‬وظهر على‬
‫– كما يقرر السلم – أو غير مشروع ‪ ،‬كما‬ ‫وجهها الذهول والضطراب ‪ ،‬مما يؤكد أنها‬
‫يفعلون في كل المجتمعات غير السلمية بل‬ ‫رفضت التحرش الجنسي الذي أرتكبه‬
‫استثناء ‪ ،‬وعلى أوسع نطاق يمكن تصوره أو‬ ‫كلينتون !!‬
‫تخيله ‪..‬‬ ‫***‬
‫والسؤال الن لدعاة التغريب وخصوم التعدد‬ ‫وهناك كتاب آخر صدر حديثا بعنوان )) في‬
‫الشرعي ‪ :‬ما رأيكم الن بعد استعراض واقع‬ ‫أروقة الكونجرس (( يتناول العشرات من‬
‫الغرب الذي تعشقونه حتى الثمالة ؟! هل‬ ‫الفضائح الجنسية التي أرتكبها نواب‬
‫تريدون تعدد الزوجات أم العشيقات ؟ هل‬ ‫)) موقرون (( في الكونجرس المريكي‬
‫تسمحون بالعلقة بين الجنسين داخل مخدع‬ ‫العتيد !! فضل عما ل يحصى من الجرائم‬
‫الزوجية وعلى فراشها الطاهر ‪ ،‬أم تتبعون ما‬ ‫والحوادث والفضائح اليومية التي تنشرها‬
‫تتلو عليكم شياطين الشرق و الغرب ؟!‬ ‫آلف الصحف والمجلت وشبكات الذاعة‬
‫والتليفزيون في جميع أنحاء الغرب لنجوم‬
‫السياسة و الرياضة والفن وباقي‬
‫المجالت ‪.‬‬
‫***‬
‫وقد اضطررنا إلى نشر بعض هذه الفضائح‬
‫الجنسية لعدد من أشهر زعماء المجتمعات‬
‫التي تحظر تعدد الزوجات ‪ ،‬بل وتنص‬
‫والوليات المتحدة المريكية وقبرص والمملكة‬
‫العربية السعودية ‪ ..‬وفى مصر بطبيعة الحال ‪.‬‬
‫وكثير ممن تحدثت معهم ممن رفضوا التعدد‬
‫قالوا ‪ :‬إن القتران بأخرى فيه ضرر وظلم يقع‬
‫على الزوجة الولى ‪ ..‬فهي تخسر نصف زوجها‬
‫إذا تزوج بأخرى ‪ ،‬ول يبقى لها إل ثلثه إن تزوج‬
‫بثالثة ‪ ،‬في حين يتضائل نصيبها إلى ربع رجل‬
‫إذا تزوج بأربع ‍ كذلك يزعمون أن الرجل ل‬
‫يمكنه تحقيق العدل ‪ ،‬ويستشهدون بأول الية‬
‫الكريمة ) ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‬
‫ولو حرصتم ‪ ، (..‬وينسون بقية الية ) فل‬
‫تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ‪ ،‬وإن‬
‫تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ( ‪).‬‬
‫‪(1‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شبهات واهية‬
‫)‪ (1‬الية ‪ 129‬من سورة النساء‪.‬‬

‫وسوف نتناول فيما بعد ما أورده المفسرون‬ ‫الحقيقة أن الذين يعارضون التعدد إنما‬
‫في شرح هذه الية الكريمة وأحكامها بما‬ ‫ينظرون إلى المر من زاوية واحدة ‪ ،‬هي‬
‫يوضح المقصود بها – على غير ما يذهب إليه‬ ‫زاوية مصلحة الزوجات دون مراعاة‬
‫معارضو نظام تعدد الزوجات ‪..‬‬ ‫الحوال مئات المليين من البائسات‬
‫ونرد الن على من يركزون على ما يلحق‬ ‫الوحيدات اللئي يعج بهن العالم كله ‪..‬‬
‫بالزوجة الولى من ضرر ‪ ..‬فليس صحيحا أن‬ ‫وقد تأكد لي ذلك من خلل مناقشاتي مع‬
‫مجرد الزواج من أخرى يشكل ظلما للولى ‪،‬‬ ‫مئات من الرجال والنساء في دول مختلفة‬
‫إذ هي تعلم يقينا أن السلم يعطيه هذا الحق‬ ‫زرتها منها العراق وسوريا ولبنان وتونس‬
‫في القتران بأخريات في حدود الربع‬ ‫وأذربيجان و تركيا وفرنسا وألمانيا‬
‫زوجات ‪ ،‬وما لم تشترط – مسبقا – في عقد‬ ‫وسويسرا والبوسنة والهرسك وكرواتيا‬
‫سفر الزوجة للعمل بالخارج ‪ ،‬بل يدعون إليه‬ ‫الزواج أل يتزوج عليها فليس من حقها أن‬
‫ويشجعونه بحجة الرغبة في زيادة موارد‬ ‫تمنعه مما أحل الله له ‪.‬‬
‫الدولة من العملة الصعبة ‪ ،‬ولو على حساب‬ ‫ثانيا ‪ :‬قيد الشارع الحكيم التعدد بضرورة‬
‫الزوجات ‍!!!‬ ‫العدل ‪ ..‬وهذا يعنى أن الزوجة لن تحرم‬
‫وهناك أيضا من يسافرون للتجارة و للدراسة‬ ‫من زوجها في حالة اقترانه بأخرى ‪ ،‬إذ هو‬
‫في جامعات دول أخرى ‪ ،‬وبطبيعة الحال قد‬ ‫ملتزم بالنفاق على كل الزوجات والقسم‬
‫يضطر المتزوجون منهم إلى ترك زوجاتهم في‬ ‫بينهن في كل شئ ‪ ،‬بما في ذلك المبيت‬
‫مواطنهم ريثما ينتهون من الدراسة بعد‬ ‫عند كل واحدة مثلما يبيت عند الخريات ‪..‬‬
‫أعوام ‪ ..‬فما بال المعترضين على التعدد هنا ل‬ ‫صحيح سوف ينقص حظها منه ‪ ،‬ولكنها لن‬
‫يفتحون أفواههم هناك على أن الزوج في حالة‬ ‫تفقده نهائيا كما في حالة اتخاذه عشيقة أو‬
‫التعدد يعود إلى أحضان زوجته بعد يوم أو‬ ‫أكثر ‪..‬‬
‫يومين أو حتى أسبوع ‪ ،‬ل يبتعد عنها عاما أو‬ ‫ثالثا ‪ :‬إن ضرورات الحياة تفرض على كل‬
‫أعواما ‪ ،‬كما يحدث في مثل هذه العوام ‪ ،‬كما‬ ‫زوج وزوجته التضحية ببعض ما يحب في‬
‫يحدث في مثل هذه الحالت التي أشرنا‬ ‫سبيل المصلحة المشتركة لكليهما أو‬
‫إليها ؟!!!‬ ‫المصلحة العامة للمجتمع ‪ ،‬أو حتى مصلحة‬
‫وهناك فترات الولدة والنفاس التي تمتد إلى‬ ‫الخر إذا كان يحبه حقا ‪ ..‬والسلم يبغض‬
‫أربعين يوما لكل مرة ‪ ،‬ويحظر الجماع‬ ‫النانية ويدعو إلى اليثار وليس الثرة‬
‫خللها ‪..‬‬ ‫المقبوحة ‪..‬‬
‫وكذلك قد يمرض الزوج ‪ ،‬ويبتعد فترة قد‬
‫تطول أو تقصر عن فراش زوجته ‪ ،‬وقد تمرض‬
‫الزوجة نفسها فيبعدها المرض عن أحضان‬
‫الزوج ‪ ،‬وتلك طبيعة الحياة التي ل سبيل إلى‬
‫تجاهلها أو المكابرة بشأنها ‪..‬‬ ‫وفى عصرنا هذا نرى مليين الرجال‬
‫ول ننسى الدورة الشهرية التي قد تطول من‬ ‫يسافرون للعمل في الخارج تاركين‬
‫أسبوع إلى أسبوعين عند بعض النساء ‪،‬‬ ‫زوجاتهم وأطفالهم عاما أو أكثر في سبيل‬
‫ويعتزلهن الرجال خللها حتى يطهرن تماما ‪..‬‬ ‫لقمة العيش ‪..‬والغريب أن أولئك الذين‬
‫و الخلصة أنه ل يوجد في الواقع ذلك الرجل‬ ‫يتباكون على نقصان حظ الزوجة من رجلها‬
‫الذي يبقى ملتصقا طول الوقت بزوجته ‪،‬‬ ‫حين يقترن بأخرى ل يعترضون على‬
‫حرمانها الكامل سنوات و سنوات في حالة‬
‫نعالج هذا الختلل الخطير ؟! وما مصير مئات‬ ‫وحتى المقيم صحيح البدن يضطر الن إلى‬
‫المليين من المسكينات اللئي فقدن الزوج و‬ ‫اللتحاق بعمل آخر ) بعد الظهر ( ‪ ،‬ليزيد‬
‫العائل ‪ ،‬أو فقدن الفرصة في القتران لقلة‬ ‫دخله ويمكنه النفاق على أسرته ‪ ،‬ومثل‬
‫عدد الرجال ومقتل المليين منهم في هذه‬ ‫هذا الرجل يعود إلى المنزل عادة في‬
‫الحروب المجنونة التي ل تتوقف ؟!!‬ ‫ساعة متأخرة من الليل ‪ ..‬وإذن ل مفر من‬
‫هل نحرمهن من حق مشروع في الزواج ‪ ،‬لن‬ ‫التسليم بعدم تفرغ الكثير من الرجال‬
‫عددا أقل من الزوجات تتغلب عليهن النانية‬ ‫لنسائهم في هذا العصر ‪.‬‬
‫النسائية ول يطقن مشاركة من أخريات في‬ ‫ول داعي إذن إلى المبالغة في التهويل‬
‫أزواجهن ؟!! أو يتركهن عرضة للشذوذ أو‬ ‫وتضخيم الضرر الذي يلحق بالزوجة الولى‬
‫المخادنة أو الكبت والحرمان ؟!!‬ ‫بسبب التعدد ‪.‬‬
‫إن التشريعات التي توضع للتطبيق في‬ ‫رابعا ‪ :‬ما الفضل في حالة تعلق الرجل‬
‫المجتمعات المختلفة تستهدف تحقيق التوازن‬ ‫المتزوج بأخرى ؟! أن يطلق الولى‬
‫المطلوب بين مصالح الفئات المتنافسة ‪ ،‬مثل‬ ‫المريضة أو المتقدمة في السن أو العاقر ‪،‬‬
‫التوازن بين العمال وأصحاب رءوس الموال ‪،‬‬ ‫أم يستبقيها معززة مكرمة في إطار‬
‫والتوازن بين الملك و المستأجرين ‪ ،‬وهكذا‬ ‫الزوجية ولها ‪ ،‬مثل ما للخرى أو الخريات‬
‫فإن التشريع السلمي العظيم يستهدف‬ ‫من حقوق على قدم المساواة ؟‬
‫تحقيق التوازن الجتماعي بين الكثرة الكثيرة‬ ‫خامسا ‪ :‬أليس اتخاذ الرجل تلك التي تعلق‬
‫غير المتزوجة وأولئك اللئي تزوجن ‪..‬‬ ‫بها زوجة أكرم وأطهر من اتخاذ عشيقة في‬
‫فليس من العدل ) في مصر مثل ( أن تراعى‬ ‫الظلم ل حقوق لها ولمن تنجب من أطفال‬
‫مصالح ثمانية أو حتى عشرة مليين من‬ ‫يكون مصيرهم الملجئ أو الشوارع ؟!!‬
‫الزوجات على حساب عشرة مليين امرأة‬ ‫وما ذنب أمثال هؤلء المساكين من‬
‫وفتاة ينتظرن حظا من الحياة ‪ ،‬وإنما القرب‬ ‫الطفال ؟‬
‫على العدل والرحمة والنسانية أن يشاركن‬ ‫سادسا ‪ :‬إذا كانت الحصاءات الرسمية في‬
‫المتزوجات في التمتع بالحياة وبعطف ورعاية‬ ‫معظم أنحاء العالم تثبت بصفة قاطعة‬
‫الزواج ‪..‬‬ ‫التزايد المستمر في أعداد النساء بأضعاف‬
‫وهناك نقطة أخرى يثيرها معارضو التعدد ‪،‬‬ ‫أعداد الرجال ‪ ،‬وتسهم الحروب المستمرة‬
‫وهى مغالطة واضحة تنافى الواقع الملموس‬ ‫في أنحاء متفرقة في تزايد الهوة و الفارق‬
‫وطبائع الشياء ‪ ..‬فالرجل إذا كانت له زوجتان‬ ‫الشاسع بين أعداد كل الجنسين – فكيف‬
‫ومن هذه الوسائل المساعدة إباحة تعدد‬ ‫أو ثلث أو أربع يصل إلى مرحلة من‬
‫الزوجات بشرط العدل ‪ ،‬حتى نساعد الزوجات‬ ‫الرتواء العاطفي والجنسي غالبا ‪ ،‬ويكون‬
‫أيضا على اللتزام بالعفة وحفظ الفرج وغض‬ ‫أقل من غيره استعدادا للوقوع في الخطيئة‬
‫البصر بدورهن ‪ ..‬ورغم هذا قد ينحرف‬ ‫‪.‬‬
‫البعض ‪ ..‬تماما مثلما أن الدولة الحديثة توفر‬ ‫والهم من ذلك أن التعدد ل يستهدف في‬
‫فرص العمل للناس ‪ ،‬إل أن هذا لم يمنع ولن‬ ‫المقام الول أو الوحيد مجرد إشباع الشهوة‬
‫يمنع انحراف البعض للسرقة أو السطو أو‬ ‫‪ ..‬فكما أسلفنا يقرر الطب النفسي أن‬
‫التجار بالمخدرات لتحقيق مكاسب غير‬ ‫الشباع العاطفي أهم بكثير من مجرد‬
‫مشروعة رغم وجود فرص الكسب‬ ‫الشباع الغريزي والرتواء الجنسي ‪..‬‬
‫المشروع ‪ ..‬فقط تحاول الدول المختلفة الحد‬ ‫وليس الغرض الوحيد من الزواج هو‬
‫من الظاهرة وتقليل أعداد المنحرفين ما أمكن‬ ‫ممارسة الجنس ‪ ..‬فالسكون العاطفي‬
‫‪ ..‬هذا بالضبط ما تستهدفه أحكام الشريعة‬ ‫والمودة والرحمة وإنجاب الذرية الصالحة‬
‫السلمية الغراء ) ومنها حق الرجال في تعدد‬ ‫والترابط الجتماعي بالمصاهرة ورعاية‬
‫الزوجات بضوابط وشروط معينة ( ‪ ،‬فالهدف‬ ‫النساء والطفال والقيام على شئونهم‬
‫دائما القلل من الجريمة والنحرافات ‪ ،‬وليس‬ ‫والنفاق عليهم – كلها مقاصد أسمى بكثير‬
‫القضاء التام عليها ‪ ،‬لن ذلك مستحيل في‬ ‫من مجرد ممارسة الجنس ولشباع الشهوة‬
‫عالم البشر الضعفاء الخطائين ‪ ،‬وخيرهم‬ ‫‪ ..‬والرجال يتفاوتون في القدرات‬
‫بالطبع هم التوابون الذين يجتهدون لمقاومة‬ ‫الجنسية ‪ ،‬كما يتفاوتون في مقدار حاجتهم‬
‫نزعات النفس المارة بالسوء ‪..‬‬ ‫إلى الكل ‪.‬‬
‫وتجدر الشارة إلى أن هناك من الرامل‬ ‫ثم إنه ليس مطلوبا من نظام كتعدد‬
‫والمطلقات – وأعدادهن كما أسلفنا يقدر‬ ‫الزوجات أن يرتقى بالناس إلى مصاف‬
‫بعشرات المليين – من يبحثن فقط عن عائل‬ ‫الملئكة الطهار الذين ل يخطئون ويفعلون‬
‫يقوم بدور‬ ‫كل ما يؤمرون ‪ ..‬والشريعة الغراء لم‬
‫الب الحنون لطفالهن ‪ ،‬حتى ولو لم يمارس‬ ‫تطالب المسلمين بهذا ‪ ،‬فنحن أول وأخيرا‬
‫أي دور كزوج ‪..‬‬ ‫بشر نخطئ ونصيب ‪ ..‬ولكن المستهدف هو‬
‫والواقع الملموس خير شاهد على ذلك ‪.‬‬ ‫تجنيب المجتمع أسباب الرذائل بقدر‬
‫***‬ ‫المكان ‪ ،‬وتحصين المسلم بالوسائل التي‬
‫تساعده على غض البصر وحفظ الفرج ‪،‬‬
‫القتصادية ‪ ،‬ونسأل الله أن يرفعها عنا بحوله‬ ‫وأما ما نشاهده في الواقع من أخطاء‬
‫وقوته ‪..‬‬ ‫يرتكبها بعض معددي الزوجات ‪ ..‬فهو ليس‬
‫إن حديث التعدد يوجه بداهة إلى القادرين عليه‬ ‫من السلم ‪ ..‬وعلج هذه الخطاء ل يكون‬
‫‪ ،‬وليس السباب من الناشئين محدودي الدخل‬ ‫بإلغاء مبدأ التعدد ذاته ‪ ،‬وإنما يكون بمزيد‬
‫الذين نسأل الله أن يعينهم ويرزقهم من حيث‬ ‫من التوعية وإرشاد الناس إلى التزام‬
‫ل يحتسبون ‪ ..‬فشرط القدرة ضروري لي‬ ‫العدل والتقوى في كل شئ في الحياة ‪..‬‬
‫راغب في الزواج ‪ ،‬سواء بواحدة أو أكثر ‪..‬‬ ‫ثم إن هذه الخطاء ل يجوز أن تحتسب‬
‫وهذه القدرة ذات أبعاد متعددة ‪ ..‬فهي تعنى‬ ‫على السلم ‪ ،‬لنها تمثل انحرافا عنه‬
‫أول ‪ :‬قدرة مادية تشمل قدرا من الثراء يكفى‬ ‫وخروجا عليه ‪.‬‬
‫للنفاق على الزوجات وأطفالهن على‬ ‫والحقيقة أن ما يفعله بعض العوام من ظلم‬
‫السواء ‪ ..‬وقدرة جسدية ‪ ،‬إذ ل يتصور أن يلجأ‬ ‫النساء وتفرقة بين البناء هو نتاج غياب‬
‫شخص مريض إلى التعدد وهو ل يكاد يقدر‬ ‫المفاهيم السلمية الصحيحة عن الساحة ‪..‬‬
‫على أن يعف زوجته الولى ‪ ،‬ويلبى رغباتها‬ ‫كما أن وسائل العلم تزيد الطين بلة بما‬
‫الطبيعية المشروعة ‪ ..‬فل بد أن يكون الراغب‬ ‫تنشره من انحلل وقيم أبعد ما تكون عن‬
‫في التعدد قادرا على أن يعف زوجاته بالجماع‬ ‫السلم العظيم ‪.‬‬
‫بالقدر المعقول ‪.‬‬ ‫***‬
‫وثانيا ‪ :‬يجب أن تكون لدى الراغب في التعدد‬ ‫شاب يسأل بانفعال شديد ‪ :‬عن أي تعدد‬
‫قدرة نفسية على تحقيق العدالة بين‬ ‫تتحدثون ونحن ل نجد عمل أو شقة‬
‫الزوجات ‪ ،‬وأن يقاوم – بقدر المكان – ميله‬ ‫متواضعة أو مهرا ندفعه لواحدة فقط ؟!‬
‫القلبي إلى واحدة بالذات ‪ ..‬فعليه أن يطبق‬ ‫الشاب منا يمكث عش سنوات في‬
‫معايير صارمة في النفاق المتساوي والمبيت‬ ‫المتوسط حتى يستطيع التقدم لخطبة‬
‫وحتى المداعبة والسمر ‪ ،‬وأن يخفى ميله‬ ‫واحدة بالكاد ‪ ..‬فكيف تطالبونه بالبحث عن‬
‫القلبي إلى واحدة أكثر من غيرها ‪ ،‬حتى ل‬ ‫أخرى ؟!‬
‫يجرح مشاعر الخرى أو الخريات ‪.‬‬ ‫والجواب على هذا أبسط مما يظن صاحبنا‬
‫ونحن نعتقد أن على الزوج أن يعدل حتى في‬ ‫الذي نلتمس له بعض العذر نظرا للظروف‬
‫عدد مرات الجماع بين‬ ‫القتصادية الصعبة التي يمر بها الشباب في‬
‫الزوجات ‪ ،‬فذلك أقرب إلى روح التشريع‬ ‫العالم السلمي ذي المحن والمتاعب‬
‫العظيم الذي يحظر الظلم أو التفرقة في أي‬
‫ثالثة أو رابعة عزيزة مكرمة ‪ ،‬سوف يولد‬ ‫شئ ‪ ..‬بل عليه أن يعدل حتى في النظرة و‬
‫) هذا الطفل ( ‪ ،‬ولكن سفاحا ويتخذ طريقه‬ ‫البتسامة ‪ ،‬فهو أقرب للتقوى ‪..‬‬
‫إلى الملجأ أو الشارع ‪ ،‬ليصير بعد بضع عشرة‬ ‫فإذا تبين له بوجه قاطع أنه لن يستطيع أن‬
‫سنة مجرما محترفا يهدد المن الجتماعي في‬ ‫يعدل فل مفر من الكتفاء بواحدة أو‬
‫الصميم ‪ ،‬فهل يرى خصوم التعدد أن هذه‬ ‫الطلق وليرزق الله المطلقة بآخر يفيض‬
‫النتيجة أفضل من سابقتها ثمرة التعدد‬ ‫عليها من حبه وحنانه ‪..‬‬
‫الشرعي ؟!!‬ ‫***‬
‫وأخيرا ‪ :‬فإن الكثرة البشرية إذا نجحنا في‬ ‫ومن أغرب ما قيل للطعن على نظام تعدد‬
‫تربيتها وتهذيبها وصقلها ستكون قوة منتجة‬ ‫الزوجات أنه ضد مصلحة المة ! بحجة أنه‬
‫نافعة على غرار الصين واليابان وباقي النمور‬ ‫يهدد السرة ويزيد من عدد الطفال ‪ ،‬في‬
‫السيوية ‪.‬‬ ‫حين أن الدولة تعمل الن على الحد من‬
‫***‬ ‫عدد السكان ‪ ،‬أو تنظيم النسل لتفادى‬
‫ولماذا ل يتعدد الزواج للمرأة الواحدة ‪ ،‬كما‬ ‫النفجار السكاني !!‬
‫تتعدد زوجات الرجل الواحد ؟‪ 1‬سؤال بالغ‬ ‫والحقيقة أن هؤلء يقلبون الية ويعكسون‬
‫الطرافة والسذاجة في آن واحد ‪ ..‬وهو ينطوي‬ ‫المنطق تماما ‪ ..‬فالعكس هو الصحيح ‪..‬‬
‫على تجاهل لطبائع الشياء وما أودع الله في‬ ‫فالذي يهدد كيان السرة والمجتمعات هو‬
‫كيان المرأة وتكوينها الجسدي والنفسي من‬ ‫حظر التعدد ‪ ،‬على ضوء الرقام التي تؤكد‬
‫اختلفات جذرية عن الرجل ‪ ..‬فمن ناحية‬ ‫أن عدد العوانس يبلغ أضعاف عدد الزوجات‬
‫يستحيل تحديد هوية الجنين ونسبه إذا كانت‬ ‫‪ ،‬فإذا لم نسمح بالتعدد الشرعي ‪ ،‬فسوف‬
‫المرأة تضاجع عدة رجال في فترة زمنية‬ ‫يتفشى النحراف والشذوذ والمراض‬
‫واحدة ‪ ..‬ويمكن تصور الفوضى الشاملة التي‬ ‫النفسية والنتحار والدعارة واتخاذ‬
‫تصيب النساب والعلقات الجتماعية‬ ‫العشيقات على غرا المجتمعات الوروبية‬
‫والقانونية في مثل هذه الحالة الشاذة ‪ ،‬وعلى‬ ‫المنحلة ‪..‬‬
‫سبيل المثال ممن يرث هذا المولود ؟ وممن‬ ‫أما زيادة عدد الطفال بسبب التعدد‬
‫يتزوج وهو ل يعرف له أبا ول قبيلة ؟! ومن‬ ‫فالواقع أن كل نسمة كتب الله لها أن تولد‬
‫يكلف برعايته والنفاق عليه من كل هؤلء‬ ‫لن يمنعها بشر ول جان من المجئ إلى‬
‫الذين تضاجعهم أمه ؟!!‬ ‫الدنيا ‪ ،‬كل ما في المر أن الطفل الذي‬
‫نحاول منع إنجابه من أمه كزوجة ثانية أو‬
‫عطل قاعدة التعدد ‪ ،‬أو على القل أقر بالضرر‬ ‫وقد كشف العلم الحديث أنواعا عديدة‬
‫والذى الذي يسببه تعدد الزوجات للزوجة‬ ‫وخطيرة من المراض الفتاكة التي تصيب‬
‫الولى ‪.‬‬ ‫النساء نتيجة تعدد مصادر المنى داخل‬
‫الرحم الواحد ‪ ،‬ومنها سرطان الرحم‬
‫وسرطان المهبل واليدز – والعياذ بالله ‪.‬‬
‫إنه نظام خالد وضعه الله الخالق المدبر‬
‫للكون ‪ ،‬ويستحيل الخروج عليه أو مخالفته‬
‫والرد على هؤلء يقتضى أن نورد هذا‬ ‫بغير اضطراب في الحياة وخراب ‪ ،‬وكوارث‬
‫الحديث كامل ليتبين لنا علل وأسباب الرفض ‪..‬‬ ‫ل قبل للبشر بها ‪.‬‬
‫ففي الحديث الذي رواه الستة )‪ (1‬عن على‬ ‫ماء واحد فقط للرحم الواحد ‪ ،‬والقول بغير‬
‫بن الحسين عن المسور بن مخرمة – رضي‬ ‫ذلك يعنى الخلل والخطأ والهلك المحقق ‪.‬‬
‫الله عنه ‪ : -‬إن على بن أبى طالب خطب بنت‬ ‫ثم كيف يدخل عدد من الرجال مخدعا‬
‫أبى جهل على فاطمة ‪ ..‬فسمعت رسول الله‬ ‫واحدا في وقت واحد ؟! والله إن الحيوانات‬
‫) ‪ (‬وهو يخطب الناس في ذلك على منبره‬ ‫العجماوات لتعف عن هذا ‪ ،‬فكيف‬
‫هذا ‪ ،‬وأنا يومئذ محتلم فقال ) ‪ )) : (‬إن‬ ‫بالمخلوق الذي كرمه الله على سائر‬
‫فاطمة منى وإني أتخوف أن تفتن في‬ ‫خلقه ؟!!‬
‫دينها (( ‪ .‬قال ثم ذكر صهرا له من بنى عبد‬
‫شمس فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن ‪،‬‬
‫قال عليه السلم ‪ )) :‬حدثني فصدقني ووعدني‬ ‫حديث السيدة فاطمة بنت‬
‫فأوفى لي – يقصد أبا العاص بن الربيع – وإني‬ ‫الرسول‬
‫لست أحرم حلل ‪ ،‬ول أحل حراما ‪ ،‬ولكن والله‬ ‫معظم المعارضين لتعدد الزوجات يحاولون‬
‫ل تجتمع بنت رسول الله ) ‪ (‬وبنت عدو الله‬ ‫استغلل واقعة رفض النبي ) ‪ (‬السماح‬
‫مكانا واحدا أبدا (( ‪.‬‬ ‫لعلى بن أبى طالب – كرم الله وجهه –‬
‫وفى رواية أخرى ‪ )) :‬إن بنى هشام بن‬ ‫زوج ابنته السيدة فاطمة أم الحسن‬
‫المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم على بن‬ ‫والحسين – رضي الله عنهما – بالزواج من‬
‫أبى طالب ‪ ،‬فل إذن لهم ‪ ،‬ثم ل إذن لهم ‪ ،‬ثم‬ ‫ابنة أبى جهل عمرو بن هشام ‪ ..‬وهؤلء‬
‫ل إذن لهم ‪ ،‬إل أن يحب ابن أبى طالب أن‬ ‫يزعمون أن الرسول ) ‪ (‬عندما رفض أن‬
‫يطلق ابنتي وينكح ابنتهم ‪ ،‬فإنما ابنتي بضعة‬ ‫يتزوج علــى على السيدة فاطمة فإنه بذلك‬
‫وقال آخرون ‪ :‬ويحتمل أن المراد تحريم‬ ‫منى ‪ ،‬يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ((‬
‫جمعهما ‪ ،‬فيكون من جملة محرمات النكاح‬ ‫صدق صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫الجمع بين بنت نبي الله ) ‪ (‬وبنت عدو الله‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أبى جهل ‪ ،‬ويكون معنى )) لست أحرم‬ ‫)‪ (1‬البخاري ومسلم والترمذي والنسائي‬
‫حلل (( أي ل أقول شيئا يخالف حكم الله ‪،‬‬ ‫وابن ماجه وأبو داود ‪.‬‬
‫فإذا أحل شيئا لم أحرمه ‪ ،‬وإذا حرمه لم أحله‬
‫ولم أسكت عن تحريمه‬
‫) لن السكوت تحليل له ( ‪ .‬انتهى ما قاله‬
‫العلماء شرحا للحديث الشريف )‪.. (1‬‬
‫والن نستعرض ما جاء بكتاب )) صحيح‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬صحيح مسلم بشرح النووي – المجلد السابع – ط‬ ‫مسلم بشرح النووي (( شرحا لهذا الحديث‬
‫الكتبة القيمة ص ‪ 483‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪ )) :‬قال العلماء ‪ :‬في هذا الحديث تحريم‬
‫وإذا كان لنا أن نضيف شيئا فإننا نقول إنه من‬ ‫إيذاء النبي ) ‪ (‬بكل حال وعلى أي وجه‬
‫الواضح أن الرسول ) ‪ (‬قد أكد سبب‬ ‫حتى وإن تولد هذا الذى عن أمر كان أصله‬
‫اعتراضه على زواج على بن أبى طالب من‬ ‫مباحا ‪ ،‬وهو حي ‪ ..‬وقد أعلم ) ‪ (‬بإباحة‬
‫الخرى ‪ ،‬لنها ابنة عدو الله أبى جهل الطاغية‬ ‫نكاح بنت أبى جهل لعلى بقوله )‪: (‬‬
‫الذي حارب السلم والمسلمين بكل شراسة‬ ‫)) لست أحرم حلل (( ولكنه نهى عن‬
‫ووحشية حتى الرمق الخير من حياته الثمة‬ ‫الجمع بينهما لعلتين منصوص عبيهما ‪،‬‬
‫الشقية ‪ ..‬فمن الطبيعي أل تتساوى ابنة عدو‬ ‫إحداهما أن ذلك يؤدى إلى أذى فاطمة ‪،‬‬
‫الله بابنة حبيب الله ورحمته للعالمين ‪.‬‬ ‫فيتأذى حينئذ النبي ) ‪ (‬فيهلك من آذاه ‪،‬‬
‫كما أنه ل يمكن قبول أن تكون ابنة خاتم‬ ‫فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علــى‬
‫المرسلين ) وهى قطعة منه ( ‪ ،‬في موضع‬ ‫وفاطمة ‪ ..‬والعلة الثانية خوف الفتنة عليها‬
‫تنافس دنيوي على قلب الزوج مع أخرى ‪ ،‬وما‬ ‫بسبب الغيرة ‪ ..‬وقيل ‪ :‬ليس المراد‬
‫يترتب على ذلك من غيرة كل منهما من‬ ‫بالحديث النهى عن الجمع بينهما ‪ ،‬بل إن‬
‫الخرى ‪ ،‬والمشاحنات التي ل يكاد يخلو منها‬ ‫معناه أن الرسول ) ‪ (‬علم من فضل الله‬
‫بيت ‪ ..‬فرسول الله ) ‪ (‬وابنته أرفع وأسمى‬ ‫أنهما لن تجتمعا ) أي مجرد إخبار‬
‫من ذلك الصراع الدنيوي الذي نشهده بين‬ ‫بالمستقبل ( ‪.‬‬
‫) ‪ (‬أو يهدره بنفسه ‪ ..‬والقول بذلك هدم‬ ‫النساء في كل مجتمع وفى كل زمان‬
‫لصلب الدين وتشكيك إجرامي في أفعال النبي‬ ‫ومكان للفوز بقلوب الرجال والزواج ‪.‬‬
‫) ‪. (‬‬ ‫كما أن ابنة محمد ) ‪ (‬هي قدوة نساء‬
‫العالمين ‪ ،‬ولبد من حمايتها من منافسة‬
‫أخرى لها ‪ ،‬حتى تتفرغ مع أبيها للدعوة‬
‫النبيلة إلى السلم والسلم ‪..‬‬
‫أيضا هناك أحكام استثنائية خاصة بالنبياء‬
‫والمرسلين ‪ ،‬وأولدهم وبناتهم قطع منهم ‪،‬‬
‫ول بد من مراعاة هذه الحكام ‪ ،‬لنها من‬
‫صلب السلم والعقيدة ‪ ،‬ونحن نرى أن‬
‫السيدة فاطمة تعتبر أختا لكل المسلمين ‪،‬‬
‫لن أمها السيدة خديجة – رضي الله عنها –‬
‫بنص القرآن الكريم أم المؤمنين ‪ ،‬ووالها‬
‫عليه الصلة والسلم أولى بالمؤمنين من‬
‫أنفسهم ‪ ،‬فهو بمنزلة الب لكل مسلم‬
‫ومسلمة ‪.‬‬
‫فإذا كانت ابنته فاطمة أختا لكل المسلمات‬
‫فإنه ل يجوز الجمع بينها وبين أي أخت لها‬
‫كزوجتين لعلى – كرم الله وجهه – أو‬
‫الفصل الرابع‬ ‫غيره ‪ .‬لن حالة السيدة فاطمة استثناء له‬
‫حديث الرقام‬ ‫حكم خاص ‪ ،‬فإنه ل يجوز القياس عليها ول‬
‫يأبى الله جل وعل إل أن يظهر آيات قدرته‬ ‫امتداد حكمها إلى حالت أخرى غير مذكورة‬
‫ودلئل رحمته حينا بعد حين ‪..‬‬ ‫بالنص المشار إليه ‪.‬‬
‫وإذا كان على المؤمن أن يخضع لحكم ربه ولو‬ ‫وأخيرا فليس من المنطقي أبدا أن يقر الله‬
‫لم يدرك علة الحكم ‪ ،‬فإن غير المؤمنين‬ ‫تعالى حكما بنص قرآني – كالتعدد – ثم‬
‫يكتشفون في كل حين من أسرار التشريع‬ ‫يخالفه الرسول‬
‫اللهي وحكمته ‪ ،‬ما يجعل المنصفين منهم‬
‫ينحنون إجلل للرب العظيم ‪..‬‬
‫وتقول إحصائية رسمية أمريكية ‪ :‬إنه يولد‬ ‫والمثال الواضح هنا إباحة تعدد الزوجات ‪..‬‬
‫سنويا في مدينة نيويورك طفل غير شرعي‬ ‫ففي آخر الحصاءات الرسمية لتعداد‬
‫من كل ستة أطفال يولدون هناك ) صحيفة‬ ‫السكان بالوليات المتحدة المريكية تبين‬
‫الخبار عدد ‪ ، ( 1968 / 7 /2‬ول شك أن العدد‬ ‫أن عدد الناث يزيد على عدد الرجال بأكثر‬
‫على مستوى الوليات المتحدة يبلغ المليين‬ ‫من ثمانية مليين امرأة ‪ ..‬وفى بريطانيا‬
‫من مواليد السفاح سنويا ‪.‬‬ ‫تبلغ الزيادة خمسة مليين امرأة ‪ ،‬وفى‬
‫وفى كل من العراق وإيران اختل التوازن‬ ‫ألمانيا نسبة النساء إلى الرجال هي ‪: 3‬‬
‫العددي بين الرجال والنساء بصورة مفزعة‬ ‫‪ .. 1‬وفى إحصائية نشرتها مؤخرا جريدة‬
‫بسبب الحرب الضارية التي استمرت بين‬ ‫)) الميدان (( السبوعية )‪ (1‬أكدت الرقام‬
‫البلدين ثماني سنوات ‪ ..‬فالنسبة تتراوح بين ‪1‬‬ ‫أنه من بين كل عشر فتيات مصريات في‬
‫إلى ‪ 5‬في بعض المناطق ) رجل لكل خمسة‬ ‫سن الزواج ) الذي تأخر من ‪ 22‬إلى ‪32‬‬
‫نساء ( و ‪ 1‬إلى ‪ 7‬في مناطق أخرى ‪ ..‬والمر‬ ‫سنة ( تتزوج واحدة فقط !! والزوج دائما‬
‫شديد الغرابة والخطورة في جمهورية البوسنة‬ ‫يكون قد تخطى سن الخامسة والثلثين‬
‫والهرسك التي فرضت عليها حرب عنصرية‬ ‫وأشرف على الربعين ‪ ،‬حيث ينتظر الخريج‬
‫قذرة طحنت البلد أربع سنوات كاملة ) من‬ ‫ما بين ‪ 10‬إلى ‪ 12‬سنة ليحصل على‬
‫عام ‪ 1992‬حتى عام ‪( 1996‬‬ ‫وظيفة ثم يدخر المهر ثم يبحث عن نصفه‬
‫‪ ..‬فالنسبة في معظم أنحاء البوسنة والهرسك‬ ‫الخر !!‬
‫هي رجل لكل ‪ 27‬امرأة !! نعم ‪ 1‬إلى ‪!!! 27‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ولنا أن نتخيل حجم المأساة الجتماعية‬ ‫)‪ (1‬عدد الثلثاء ‪ 6‬مايو ‪. 1997‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وقالت الصحيفة ‪ :‬إن العلقات المحرمة‬
‫)‪ (1‬أعدت تحت أشراف أساتذة المركز القومي‬ ‫تزيد ‪ ،‬وكذلك ظاهرة الزواج العرفي في‬
‫للبحوث الجتماعية والجنائية‬ ‫ظل وجود مليين من النساء بل زواج ‪..‬‬
‫التي يعيشها حاليا هذا البلد المسلم الذي‬ ‫وأكدت الباحثتان غادة محمد إبراهيم و داليا‬
‫فرضت عليه الشيوعية عشرات السنين ‪ ،‬ثم‬ ‫كمال عزام في دراستهما )‪ (1‬تراجع حالت‬
‫تحرر من الشيوعية المجرمة ليقع بين أنياب‬ ‫الزواج بين الشباب بنسبة ‪ % 90‬بسبب‬
‫صليبية أشد فتكا وإجراما ‪ ..‬فماذا تفعل‬ ‫الغلء والبطالة وأزمة المساكن ‪.‬‬
‫الفتيات المسلمات اللئي ل يجدن أزواجا من‬ ‫***‬
‫المسلمين ؟ وهل نتركهن ليتزوجن من شباب‬
‫الصرب الرثوذكس أو الكروات الكاثوليك ‪ ،‬لن‬
‫واللمسة الحانية تثيرها أكثر بكثير ‪ ،‬وتجعلها‬ ‫بعض المتنطعين و المتنطعات يأبون تعدد‬
‫تنعم بالشباع الجنسي ‪ ..‬هذا ما يؤكده الدكتور‬ ‫الزوجات ؟!! أو أن هؤلء يفضلون ويفضلن‬
‫سعيد عبد العظيم – أستاذ المراض النفسية و‬ ‫أن تتخذ الفتيات المسلمات عشاقا ) زناة‬
‫العصبية بطب القاهرة – ويضيف أن الحرمان‬ ‫من خلف الستار ( على النمط الغربي‬
‫العاطفي عند المرأة هو الطريق السريع إلى‬ ‫المنحل ؟!!‬
‫النحراف أو البرود الجنسي ‪ ،‬بالضافة إلى‬ ‫***‬
‫العديد من المراض الجسدية والنفسية وغيرها‬ ‫وفى تحقيق ساخن عن )) انفجار‬
‫‪(1) ..‬‬ ‫العوانس (( تذكر السيدة تهاني البرتقالي‬
‫‪‬الدكتور محمد هلل الرفاعى أخصائي‬ ‫مراسلة الهرام في الكويت ما حدث منذ‬
‫أمراض النساء والتوليد ‪:‬‬ ‫سنوات عندما انتشرت ظاهرة إرسال‬
‫عدم الزواج أو تأخيره يعرض المرأة لمراض‬ ‫مئات الخطابات من فتيات إلى زوجات‬
‫الثدي أكثر من المتزوجة ‪ ،‬وكذلك سرطان‬ ‫كويتيات تطالب كل فتاة في رسالتها‬
‫الرحم والورام الليفية ‪ ..‬وقد سألت كثيرا من‬ ‫المرأة المتزوجة بقبول مشاركة امرأة‬
‫المترددات على العيادة ‪ :‬هل تفضلين عدم‬ ‫أخرى لها في زوجها لحل مشكلة العنوسة‬
‫الزواج أم الشتراك مع أخرى في زوج واحد ؟‬ ‫في المجتمع الكويتي والخليجي بصفة عامة‬
‫كانت إجابة الغلبية الساحقة هي تفضيل‬ ‫‪ ..‬ويقول التحقيق الذي نشرته مجلة‬
‫الزواج من رجل متزوج بأخرى على العنوسة‬ ‫الهرام العربي في عددها الول ‪ :‬إن عدد‬
‫الكئيبة ‪ ،‬بل إن بعضهن فضلت أن تكون حتى‬ ‫عوانس الكويت حوالي ‪ 40‬ألف فتاة ‪.‬‬
‫زوجة ثالثة أو رابعة على البقاء في أسر‬ ‫وهو عدد ليس بالقليل بالمقارنة بتعداد‬
‫العنوسة ‪.‬‬ ‫الشعب الكويتي ككل ‪ ،‬وهو نصف مليون‬
‫نسمة ) أي أن نسبة العوانس في الكويت‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫تبلغ ‪ % 16‬من عدد النساء في الكويت ‪،‬‬
‫مجلة طبيبك الخاص عدد مايو ‪. 1997‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫الذي يزيد على الربع مليون نسمة ( ‪.‬‬
‫***‬
‫حرمان المرأة من العواطف أشد خطورة‬
‫من حرمانها الجنسي ‪ ..‬فمتعة الشباع‬
‫الجنسي بدون عواطف ليس لها أي تأثير‬
‫وإذا كان هذا هو رأى العلم ‪ ،‬فإن المرأة‬ ‫لدى المرأة ‪ ..‬بينما الكلمة الرقيقة‬
‫الطبيبة تكون أقدر على وصف الحال بأصدق‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مقال ‪ ..‬تقول طبيبة في رسالة بعثت بها‬
‫ـــــــــــــــ‬ ‫إلى الكاتب الكبير أحمد بهجت )) إنها‬
‫صندوق الدنيا – الهرام – عدد ‪ 13‬مايو‬ ‫)‪(1‬‬ ‫قرأت إحصائية تقول ‪ :‬إن هناك ما يقرب‬
‫‪ 1997‬م ‪.‬‬ ‫من عشرة مليين سيدة وآنسة بمصر‬
‫يعشن بمفردهن ‪ ..‬وهن إما مطلقات أو‬
‫و الطريف أن بعض الدول الغربية التي تعانى‬ ‫أرامل لم ينجبن أو أنجبن ‪ ،‬ثم كبر البناء‬
‫من المشكلة المزعجة ‪ ،‬وهى زيادة عدد‬ ‫وتزوجوا أو هاجروا ‪ ،‬أو فتيات لم يتزوجن‬
‫النساء فيها على عدد الرجال ‪ ،‬اضطرت إلى‬ ‫مطلقا ‪..‬‬
‫القرار بمبدأ تعدد الزوجات ‪ ،‬لنه الحل الوحيد‬ ‫وتقول الطبيبة ‪ :‬هل يستطيع أحد أن يتخيل‬
‫أمامها لتفادى وقوع انفجار اجتماعي ل قبل لها‬ ‫حجم المأساة التي يواجهها عالم النساء‬
‫بمواجهته ‪ ،‬أو علج آثاره المدمرة ‪ ..‬حدث هذا‬ ‫الوحيدات ؟ إن نساء هذا العالم ل يستطعن‬
‫في ذات الوقت الذي يرفع فيه بعض‬ ‫إقامة علقات متوازنة مع الخرين ‪ ،‬بل‬
‫المسلمين – اسما فقط – راية الحرب على‬ ‫يعشن في حالة من التوتر والقلق والرغبة‬
‫تعدد الزوجات وشرعيته !!‬ ‫في النزواء بعيدا عن مصادر العيون و‬
‫يحكى الدكتور محمد يوسف موسى ما حدث‬ ‫اللسنة والتهامات المسبقة بمحاولت‬
‫في مؤتمر الشباب العالمي الذي عقد عام‬ ‫خطف الزواج من الصديقات أو القريبات‬
‫‪ ، 1948‬بمدينة ميونخ اللمانية ‪ ..‬فقد وجهت‬ ‫أو الجارات ‪ ..‬وهذا كله يقود إلى مرض‬
‫الدعوة إلى الدكتور محمد يوسف وزميل‬ ‫الكتئاب ‪ ،‬ورفض الحياة ‪ ،‬وعدم القدرة‬
‫مصري له للمشاركة في حلقة نقاشية داخل‬ ‫على التكيف مع نسيج المجتمع ‪.‬‬
‫المؤتمر كانت مخصصة لبحث مشكلة زيادة‬ ‫وتدق الطبيبة ناقوس الخطر محذرة مما‬
‫عدد النساء أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال‬ ‫يواجه هؤلء النسوة من أمراض نفسية‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ..‬وناقشت الحلقة‬ ‫وعضوية مثل الصداع النصفي و ارتفاع‬
‫كل الحلول المطروحة من المشاركين‬ ‫ضغط الدم والتهابات المفاصل وقرحة‬
‫الغربيين ‪ ،‬وانتهت إلى رفضها جميعا ‪ ،‬لنها‬ ‫المعدة والثنى عشر والقولون العصبي‬
‫قاصرة عن معالجة واحتواء المشكلة‬ ‫واضطرابات الدورة الشهرية وسقوط‬
‫العويصة ‪ .‬وهنا تقدم الدكتور محمد موسى‬ ‫الشعر والنحراف الخلقي ‪ ..‬ويضطر الكثير‬
‫وزميله الخر بالحل الطبيعي الوحيد ‪ ،‬وهو‬ ‫منهن للرتباط برجل متزوج ‪(1).‬‬
‫ضرورة إباحة تعدد الزوجات ‪..‬‬
‫عادة أضعاف الرقام الرسمية التي تذكرها‬ ‫في البداية قوبل الرأي السلمي بالدهشة‬
‫الحكومات ‪ ..‬وما خفي كان أعظم !!‬ ‫و النفور ‪ ..‬ولكن الدراسة المتأنية المنصفة‬
‫ولكل هذا تساءل الكاتب الشهير الفرنسي‬ ‫العاقلة انتهت بالباحثين في المؤتمر إلى‬
‫أتيين دينيه ‪ )) :‬هل حظر تعدد الزوجات له‬ ‫إقرار الحل السلمي للمشكلة ‪ ،‬لنه ل حل‬
‫فائدة أخلقية ؟! ويجيب بنفسه ‪ :‬إن هذا‬ ‫آخر سواه ‪ ..‬وكانت النتيجة اعتباره توصية‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫من توصيات المؤتمر الدولي ‪..‬‬
‫السيد سابق – فقه السنة – نظام السرة –‬ ‫)‪(1‬‬ ‫وبعد ذلك بعام واحد تناقلت الصحف‬
‫المجلد الثاني – ط مكتبة المسلم – ص ‪.104‬‬
‫ووكالت النباء مطالبة سكان مدينة )) بون‬
‫المر مشكوك فيه ‪ ..‬لن الدعارة النادرة في‬ ‫(( العاصمة اللمانية الغربية بإدراج نص في‬
‫أكثر القطار السلمية سوف تتفشى بآثارها‬ ‫الدستور اللماني يسمح بتعدد الزوجات )‪(1‬‬
‫المخربة ‪ ،‬وكذلك سوف تنتشر عزوبة النساء‬ ‫وهكذا يتبين الحق ولو كره العلمانيون !!‬
‫بآثارها المفسدة ‪ ،‬على غرار البلد التي تحظر‬ ‫***‬
‫التعدد ‪(1) .‬‬ ‫والخذ بنظام تعدد الزوجات جنب‬
‫المجتمعات السلمي شرورا ومصائب ل‬
‫حصر لها ‪ ..‬وتكفى مقارنة بسيطة بين‬
‫المجتمع السعودي مثل – الذي تندر فيه‬
‫الجرائم الخلقية مثل الغتصاب والدعارة –‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫وبين المجتمع المريكي الذي تكاد نسبة‬
‫)‪ (1‬كتاب محمد رسول الله ‪ ،‬ترجمة المرحوم الدكتور‬ ‫العشيقات فيه تزيد على نسبة الزوجات ‪..‬‬
‫عبد الحليم محمود شيخ الزهر السبق ‪.‬‬ ‫كما تبلغ نسبة الطفال غير الشرعيين فيه‬
‫أكثر من ‪ % 45‬من نسبة المواليد سنويا !!‬
‫وتقول الحصاءات الرسمية المريكية إن‬
‫عدد الطفال غير الشرعيين كان ‪ 88‬ألف‬
‫مولود سنة ‪ ، 1938‬ثم ارتفع إلى ‪202‬‬
‫ألف عام ‪ ، 1957‬ووصل إلى ربع مليون‬
‫مولود من الزنا عام ‪ .. 1958‬ثم قفز الرقم‬
‫إلى المليين من ثمرات الزنا في‬
‫التسعينيات !! والرقام الحقيقية تكون‬
‫الصداقة ) أي يعطوهن أعلى مهر تحصل عليه‬
‫نظائرهن ( ‪ ،‬وأمروا ) وفى حالة خشية عدم‬
‫العدل ( أن ينكحوا ما طاب لهم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الية ‪ 3‬من سورة النساء ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫ابن كثير – تفسير القرآن العظيم – تفسير‬ ‫)‪(2‬‬ ‫الفصل الخامس‬
‫الية ‪ 3‬من سورة النساء ‪.‬‬
‫من النساء سواهن ) من غير اليتامى‬
‫ضوابط التعدد‬
‫قال الله تعالى ‪ ) :‬وإن خفتم أل تقسطوا‬
‫الموجودات في كفالة هؤلء ( ‪.‬‬
‫في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من‬
‫وروى أبو جعفر محمد بن جرير في تفسيره‬
‫النساء مثنى وثلث ورباع فإن خفتم إل‬
‫عن ربيعة في معنى الية ‪ ،‬قال تعالى عن‬
‫تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك‬
‫اليتامى ‪ :‬اتركوهن فقد أحللت لكم أربعا ‪..‬‬
‫أدنى أل تعولوا ( ‪(1) .‬‬
‫وقال أبو جعفر أيضا نقل عن آخرين ‪ :‬انكحوا‬
‫قال ابن كثير في تفسير هذه الية التي‬
‫غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم‬
‫نصت على إباحة تعدد الزوجات‪ :‬أي أنه إذا‬
‫وطيبهن من واحدة إلى أربع ‪ ،‬فإن خفتم أن‬
‫كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف أل‬
‫تظلموا إذا تزوجتم من الغرائب أكثر من‬
‫يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من‬
‫واحدة ‪ ،‬فتزوجوا منهن واحدة فقط ‪ ،‬أو ما‬
‫النساء فإنهن كثير ولم يضيق الله عليه ‪) .‬‬
‫ملكت أيمانكم ‪ ..‬وقال آخرون ‪ :‬بل معنى ذلك‬
‫‪(2‬‬
‫النهى عن نكاح مل فوق الربع حرصا على‬
‫وروى البخاري – بإسناده – أن عروة بن‬
‫أموال اليتامى أن يتلفها الولياء ‪ ،‬وذلك أن‬
‫الزبير سأل خالته السيدة عائشة – رضي‬
‫قريشا – في الجاهلية – كان الواحد منهم‬
‫الله عنها – عن هذه الية فقالت ‪ )) :‬يا ابن‬
‫يتزوج العشرة من النساء أو أكثر أو أقل ‪ ،‬فإذا‬
‫أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها‬
‫أنفق ماله كله على زوجاته العشر و صار‬
‫تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها‬
‫معدما تحول إلى مال اليتامى فأنفقه على‬
‫فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط‬
‫نسائه أو تزوج به أخريات فنهاهم الله تعالى‬
‫) يعدل ( في صداقها ) مهرها ( فيعطيها‬
‫عن ذلك ‪(1) .‬‬
‫مثل ما يعطيها غيره ‪ ،‬فنهى الولياء عن‬
‫وقال المام النسفى في تفسيره ‪ )) :‬قيل ‪:‬‬
‫نكاح من عنده من اليتامى إل أن يقسطوا‬
‫كانوا – في الجاهلية – ل يتحرجون من الزنا ‪،‬‬
‫إليهن ‪ ،‬ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في‬
‫ويتحرجون من ولية اليتامى ‪ ،‬فقيل لهم إن‬
‫ومجاهد وابن عمير أن العول هو الجور‬ ‫خفتم ظلم اليتامى فخافوا كذلك من الزنا‬
‫) الظلم ( ‪ ،‬والميل كما أن المعنى ليس كما‬ ‫فتزوجوا ما حل لكم من النساء ‪ ،‬ول‬
‫قال آخر ذلك أدنى أل تفتقروا ‪ ،‬فالمعنى ل‬ ‫تحوموا حول المحرمات ‪ ..‬أو أنهم كانوا‬
‫يستقيم بذلك ‪ ،‬وإنما الصحيح هو ما ذهب إليه‬ ‫يتحرجون من الولية في أموال اليتامى ‪،‬‬
‫جمهور العلماء من أن الهدف هو أل تظلموا ول‬ ‫ول يتحرجون من الستكثار من النساء مع‬
‫تميلوا عن الحق‬ ‫أن الظلم‬
‫يقع بينهن إذا كثرن عن أربع ‪ ،‬فكأنما يقال‬
‫ـــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لهم ‪ :‬إذا تحرجتم من ظلم اليتامى‬
‫)‪ (1‬تفسير النسفى – سورة النساء ‪.‬‬ ‫فتحرجوا أيضا من ظلم النساء الكثيرات ‪،‬‬
‫)‪ (2‬السيد سابق ‪ -‬فقه السنة – المجلد الثاني نظام‬ ‫فإن خفتم من عدم ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السرة – ط مكتبة المسلم ص ‪ 95‬الهامش ‪.‬‬ ‫)‪ (1‬راجع جامع البيان في تفسير‬
‫القرآن لبن جرير الطبري تفسير‬
‫سورة النساء ‪.‬‬
‫العدل بين الزوجات فالزموا واحدة أو‬
‫عدم الزيادة على أربع‬ ‫الماء ) الجواري ( بل حصر حتى ل تظلموا‬
‫يستفاد من نص الية الكريمة وأقوال‬ ‫أحدا ‪( 1) ..‬‬
‫المفسرين – رضي الله عنهم – أن الله تعالى‬ ‫وأما معنى ) خفتم ( فهو ‪ :‬إذا غلب على‬
‫أحل للمسلم من زوجة إلى أربع ‪ ..‬فل تجوز‬ ‫الظن عدم القسط ) عدم العدل ( في‬
‫الزيادة على أربع في وقت واحد ‪ ،‬فإذا خاف‬ ‫اليتيمة فاعدلوا عنها ) أتركوها إلى‬
‫الزوج أن يظلم إذا تزوج أكثر من واحدة فإن‬ ‫غيرها ( ‪ ..‬وليس القيد هنا لزما ‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫عليه أن يكتفي بزوجة واحدة فقط ‪.‬‬ ‫حتى في حالة من لم يخف الظلم في‬
‫وكذلك إذا خاف أل يعدل إن تزوج ثلثة فعليه‬ ‫اليتامى فله أن يتزوج أكثر من واحدة‬
‫الكتفاء باثنين ‪ ..‬وإذا خاف زوج الثلث الظلم‬ ‫) اثنين أو ثلثا أو أربعا ( مثل من يخاف‬
‫إن تزوج بالرابعة فعليه القتصار على الثلث‬ ‫الظلم تماما ) ‪ (2‬فإباحة التعدد حكم عام‬
‫فقط ‪.‬‬ ‫لكل المسلمين بضوابطه ‪.‬‬
‫والشريعة الغراء تحظر حتى الزواج بواحدة‬ ‫أما معنى قوله تعالى ‪ ) :‬ذلك أدنى أل‬
‫فقط إذا خاف الزوج أن يظلمها ‪ ..‬فالسلم‬ ‫تعولوا ( أي أقرب إلى أل تظلموا ‪ ،‬وليس‬
‫العظيم حريص على العدل في كل الظروف و‬ ‫كما ذهب إليه البعض ‪ ) :‬أدنى أل تكثر‬
‫الحوال ‪.‬‬ ‫عيالكم ( فقد نقل الطبري عن ابن عباس‬
‫زوجات ‪.‬ونشير هتا إلى الحاديث التي سبق أن‬ ‫وهناك إجماع بين العلماء على عدم جواز‬
‫أوردناها في الفصل الول من هذا الكتاب ‪،‬‬ ‫الجمع بين أكثر من أربع زوجات )‪ (1‬وإذا‬
‫ومنها حديث المام البخاري – رضي الله عنه –‬ ‫كان الرسول ) ‪ (‬قد جمع بين تسع‬
‫) كما رواه مالك والنسائي والدارقطنى ( ‪ ،‬أن‬ ‫زوجات ‪ ،‬فهذا حكم خاص به عليه السلم ‪،‬‬
‫غيلن الثقفي قد أسلم وله عشر زوجات فقال‬ ‫ول يجوز القياس عليه أو تعميمه ‪.‬‬
‫له النبي ) ‪ )) : (‬اختر منهن أربعا وفارق‬ ‫وسوف نورد فيما بعد أسباب اقترانه عليه‬
‫سائرهن (( ‪.‬‬ ‫السلم بكل زوجة وظروف كل زيجة ‪،‬‬
‫وكذلك حديث أبى داود أن حارث بن قيس‬ ‫لزالة اللبس وسوء الفهم والرد على‬
‫السدى قال ‪ :‬أسلمت وعندي ثمان نسوة ‪،‬‬ ‫أكاذيب المستشرقين واليهود بهذا الصدد ‪..‬‬
‫فذكرت ذلك للنبي ) ‪ (‬فقال ‪ )) :‬اختر منهن‬ ‫قال المام الشافعي – رضي الله عنه – في‬
‫أربعا (( ‪(1).‬‬ ‫مسنده ‪ )) :‬وقد دلت سنة النبي ) ‪(‬‬
‫وقال ابن كثير موضحا معنى )) مثنى وثلث‬ ‫المبينة عن الله تعالى أنه ل يجوز لحد غير‬
‫ورباع (( ‪ :‬انكحوا من شئتم من النساء إن شاء‬ ‫رسول الله ) ‪ (‬أن يجمع بين أكثر من‬
‫أحدكم اثنين وإن شاء ثلثا وإن شاء أربعا ‪ ،‬كما‬ ‫أربع نسوة (( ‪ ..‬وذهب بعض الشيعة إلى‬
‫قال تعالى ‪ ) :‬جاعل الملئكة رسل أولى أجنحة‬ ‫جواز‬
‫مثنى وثلث‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (1‬السيد سابق – المرجع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (1‬راجع الفصل الول "التعدد قبل السلم" من هذا‬ ‫الجمع بين تسع نسوة لكل مسلم ) مثنى‬
‫الكتاب‪.‬‬ ‫‪ +‬ثلث ‪ +‬رباع فيكون المجموع تسعا ( !!‬
‫ورباع ( )‪ (1‬أي منهم من له جناحان ‪ ،‬ومنهم‬ ‫وفى رأى أخر شاذ ‪ ،‬بل يجوز الجمع بين‬
‫من له ثلثة أجنحة ‪ ،‬ومنهم من له أربعة أجنحة‬ ‫‪ 18‬زوجة ) على أساس مثنى تفيد ‪2+2‬‬
‫‪ ..‬والمقام هنا كما يقول ابن عباس – رضي‬ ‫وثلث تفيد ‪ ، 3+3‬ورباع تفيد ‪ 4+4‬فيكون‬
‫الله عنه – وجمهور العلماء وهو مقام امتنان‬ ‫المجموع ‪ 18‬زوجة ( !!!‬
‫وإباحة ‪ ،‬فلو كان يجوز للرجال الجمع بين أكثر‬ ‫ولكن نصوص السنة القاطعة وعمل‬
‫من أربع زوجات لذكره تعالى ‪(2) .‬‬ ‫الصحابة والتابعين ‪ ،‬تفيد اقتصار المسلم‬
‫ورد المام القرطبى على من زعم إباحة أكثر‬ ‫على أربع فقط ‪ ،‬كما أجمع علماء أهل‬
‫من أربع قائل ‪ )) :‬قال هذا من بعد فهمه‬ ‫السنة من السلف والخلف على أنه ل يجوز‬
‫للكتاب والسنة ‪ ،‬وأعرض عما كان عليه سلف‬ ‫لغير النبي ) ‪ (‬الزيادة على أربع‬
‫عليه الحد على اختلف بين العلماء في ذلك ‪..‬‬ ‫هذه المة ‪ ،‬وزعم أن )) الواو (( في الية‬
‫وقيل ولماذا لم يستخدم الله تعالى لفظ ) أو (‬ ‫جامعة ‪ ،‬والذي صار إلى هذه الجهالة وقال‬
‫في الية ؟ ورد عليه القرطبى بأن ) أو ( لو‬ ‫هذه المقالة هم الرافضة وبعض أهل‬
‫استخدمت لجاز أن يمنع زوج الثنين من اتخاذ‬ ‫الظاهر ‪ .‬وذهب البعض إلى أقبح منها‬
‫ثالثة وزوج الثلث من اتخاذ رابعة ‪ ،‬بينما هذا‬ ‫فقالوا بإباحة الجمع بين ثماني عشر‬
‫مباح له ‪.‬‬ ‫زوجة ‪ ،‬وهذا كله جهل باللسان ) اللغة (‬
‫القدرة على التعديد‬ ‫والسنة ‪ ،‬ومخالفة لجماع المة ‪ ،‬إذا لم‬
‫أشرنا من قبل إلى أن القدرة شرط لستخدام‬ ‫يسمع عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه‬
‫رخصة تعدد الزوجات ‪ ..‬وذلك لن زواج الثانية‬ ‫جمع في عصمته أكثر من أربع ‪.‬‬
‫أو الثالثة أو الرابعة هو مثل زواج الولى ‪،‬‬ ‫وبعد أن أورد الحاديث التي أمر الرسول )‬
‫فيشترط فيه الستطاعة المالية والصحية‬ ‫‪ (‬الصحابة المشار إليهم بإمساك أربع‬
‫والنفسية ‪ ..‬فإذا انتفى شرط القدرة أو‬ ‫وتطليق ما زاد عليهن ‪ ،‬أكد القرطبى ) ‪(4‬‬
‫الستطاعة فل يجوز التعدد ‪.‬‬ ‫أن ما أبيح للرسول ) ‪ (‬من الجمع بين‬
‫وذلك بديهي ‪ ،‬لن من ل يستطيع النفاق على‬ ‫تسع زوجات هو من خصوصياته ) ‪ (‬ثم‬
‫بيتين يجب عليه القتصار على واحدة ‪ .‬وزوج‬ ‫قال القرطبى ‪ :‬الله تعالى خاطب العرب‬
‫الثنين عليه الكتفاء بهما إذا لم يكن في‬ ‫بأفصح اللغات ‪ ،‬والعرب ل تدع أن تقول‬
‫استطاعته أن يعول زوجة ثالثة أو رابعة‬ ‫تسعة وتقول اثنين ثلثة أربعا ‪ ،‬وكذلك‬
‫وهكذا ‪..‬‬ ‫تستقبح من يقول ‪ :‬أعط فلنا أربعة ستة‬
‫والنفاق الذي نقصده إنما يمتد أيضا إلى أولده‬ ‫ثمانية ول يقول ثمانية عشر ‪ .‬وإنما الواو‬
‫من الزوجة أو الزوجات ) والستطاعة الصحية‬ ‫في الية الكريمة‬
‫– في رأينا – هي القدرة على ممارسة الجماع‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــ‬
‫مع الزوجات ‪ ،‬لن واجب الزوج أن يلبى‬ ‫)‪ (1‬الية الولى من سورة فاطر‬
‫الرغبات الطبيعية للزوجة أو الزوجات حتى‬ ‫)‪ (2‬ابن كثير المرجع المشار إليه من قبل‬
‫يساعدهن على التزام العفة والطهارة ‪ ..‬فإذا‬ ‫)‪ (3‬الجامع لحكام القرآن – القرطبى – ط الريان‬
‫كان الزوج عاجزا جنسيا مثل فإنه ل يتصور‬ ‫– ص ‪. 1578‬‬
‫السماح له بإمساك حتى ولو زوجة واحدة ‪،‬‬ ‫) مثنى وثلث ورباع ( ‪ ،‬هي بدل أنحكوا ثلثا‬
‫لن في ذلك ظلما فادحا لها ‪..‬‬ ‫بدل من مثنى ‪ ،‬ورباعا بدل من ثلث (( ‪..‬‬
‫فإذا تزوج بخامسة يبطل العقد ‪ ،‬ويقام‬
‫ويقول عز من قائل ‪ ) :‬ولن تستطيعوا أن‬ ‫ونرى كذلك أن الرجل الذي تؤهله قدرته‬
‫تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‬ ‫الجنسية للزواج بواحدة فقط يحظر عليه‬
‫ــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫القتران بغيرها حتى ل يظلمها ‪ ،‬ويفوت‬
‫)‪ (1‬الية ‪ 3‬من سورة النساء ‪.‬‬ ‫مصلحتها من الزواج ‪ ،‬والمر في ذلك‬
‫)‪ (2‬الية ‪ 129‬من سورة النساء ‪.‬‬ ‫يتوقف على ظروف كل حالة على حدة ‪،‬‬
‫فل تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن‬ ‫ويعتمد أول على ضمير الزوج وصدقه مع‬
‫تصلحوا فإن الله كان غفورا رحيما ( )‪(2‬‬ ‫النفس ‪ ،‬وورعه في دينه سوف يمنعه من‬
‫فكيف يمكن التوفيق بين النصين ؟ وما هي‬ ‫ظلم زوجته أو زوجاته ‪.‬‬
‫العدالة المطلوبة ؟‬ ‫فإذا أصر الرجل على إمساك زوجة أو‬
‫يقول المام القرطبى ‪ )) :‬أخبر الله تعالى‬ ‫زوجات ل يقدر على إمتاعهن بالجماع‬
‫بعدم استطاعة تحقيق العدل بين النساء في‬ ‫بالقدر المعقول ‪ ،‬فإن لها أو لهن الحق في‬
‫ميل الطبع في المحبة والجماع والحظ من‬ ‫اللجوء إلى القضاء لطلب التطليق للضرر‬
‫القلب ‪ ،‬فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم‬ ‫وخشية الفتنة ‪ ..‬وللقاضي هنا سلطة‬
‫بحكم الخلقة ل يملكون ميل قلوبهم إلى بعض‬ ‫واسعة في تقدير مدى الضرر حسب كل‬
‫دون بعض ‪.‬‬ ‫حالة على حدة ‪..‬‬
‫ولهذا كان ) ‪ (‬يقسم بين زوجاته ) في‬ ‫أما القدرة النفسية فنعنى بها القدرة على‬
‫النفقات ( ‪ ،‬فيعدل ثم يقول ‪ )) :‬اللهم إن هذه‬ ‫تطبيق معايير العدالة بين الزوجات في كل‬
‫قسمتي فيما أملك فل تلمني فيما تملك ول‬ ‫شئ ممكن بغير محاباة لحداهن أو لولده‬
‫أملك (( ‪ ..‬ثم نهى الله تعالى عن المبالغة في‬ ‫منها ‪ ،‬على حساب زوجته أو زوجاته‬
‫الميل فقال ‪ ) :‬فل تميلوا كل الميل ( أي ل‬ ‫الخريات وأولدهن منه ‪..‬‬
‫تتعمدوا الساءة – كما قال مجاهد – الزموا‬ ‫فإذا تخلف أحد مقومات الستطاعة أو‬
‫التسوية في القسم والنفقة لن هذا مما‬ ‫المقدرة الثلثة المذكورة ل يجوز تعديد‬
‫يستطاع (( ‪(1).‬‬ ‫الزوجات مطلقا ‪.‬‬
‫وروى قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن‬ ‫العدل بين الزوجات‬
‫نهيك عن أبى هريرة قال ‪ :‬قال رسول الله )‬ ‫يقول الله تبارك وتعالى ‪ ) :‬فإن خفتم أل‬
‫‪ )) : (‬من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما‬ ‫تعدلوا فواحدة ‪(1) (..‬‬
‫جاء يوم القيامة وشقه مائل (( )‪. (2‬‬
‫والمقصود هنا الذي ل يعدل في النفقة‬
‫الرحمن يصرفه كيف يشاء ‪ ،‬وكذلك الجماع‬ ‫والمبيت وليس في الحب وهوى القلب ‪،‬‬
‫فقد ينشط للواحدة ما ل ينشط للخرى ‪ ..‬فإن‬ ‫فل أحد يملك القلوب سوى رب القلوب (‪.‬‬
‫لم يكن ذلك بقصد منه فل حرج عليه فيه ‪،‬‬ ‫وقال ابن عباس وابن جرير والحسن‬
‫فإنه ل يستطيعه فل يتعلق به تكليف (( ‪.‬‬ ‫البصري ‪:‬‬
‫وقال المام الخطابي ‪ )) :‬يجب القسم بين‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــ‬
‫الحرائر الضرائر ‪ ،‬وإنما المكروه في الميل هو‬ ‫)‪ (1‬الجامع لحكام القرآن للقرطبى – الية ‪129‬‬
‫ميل العشرة الذي يترتب عليه بخس الحقوق )‬ ‫من سورة النساء ‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي ‪.‬‬
‫المادية ( دون ميل القلوب (( ‪،‬ويقول المرحوم‬
‫سيد قطب ‪:‬‬ ‫) كالمعلقة ( أي تتركونها ل هي مطلقة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫) فتبتغى زوجا آخر ( ول هي ذات زوج‬
‫)‪ (1‬فقه السنة – المجلد الثاني – نظام السرة ص ‪99‬‬ ‫) يرعاها ويقوم على شئونها ويعطيها‬
‫‪.‬‬ ‫حقوقها ( ‪ ،‬وقال قتادة ) كالمعلقة ( أي‬
‫كالمسجونة ‪ ..‬وكان أبى بن كعب – رضي‬
‫)) المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة‬ ‫الله عنه – يقرأ الية هكذا ‪ ) :‬فتذروها‬
‫والمعاشرة والمباشرة ‪ ..‬أما العدل في‬ ‫كالمسجونة ( ‪..‬‬
‫مشاعر القلوب وأحاسيس النفوس فل يطالب‬ ‫وقرأ ابن مسعود – رضي الله عنه –‬
‫به أحد من بنى النسان ‪ ،‬لنه خارج عن إرادة‬ ‫) فتذروها كأنها معلقة ( وهى قراءات‬
‫النسان ‪ ،‬وهو العدل الذي قال الله عنه ) ولن‬ ‫لتوضيح المعنى فحسب ‪ ،‬وليست تغييرا‬
‫تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ‪ ( .‬هذه الية‬ ‫في نصوص المصحف الشريف أو ألفاظه –‬
‫التي يحاول بعض الناس أن يتخذ منها دليل‬ ‫حاشا لله ‪..‬‬
‫على تحريم التعدد ‪ ،‬والمر ليس كذلك ‪..‬‬ ‫يقول الشيخ السيد سابق ‪ )) :‬فإن العدل‬
‫وشريعة الله ليست هازلة حتى تشرع المر‬ ‫المطلوب هو العدل الظاهر المقدور عليه ‪،‬‬
‫في آية وتحرمه في آية أخرى ‪..‬‬ ‫وليس هو العدل في المحبة و المودة و‬
‫ولن الشريعة ل تعطى باليمين وتسلب‬ ‫الجماع (( ‪(1) .‬‬
‫بالشمال !!‬ ‫قال محمد بن سيرين – رضي الله عنه – ))‬
‫فالعدل المطلوب في الية هو العدل في‬ ‫سألت عبيدة عن هذه الية فقال ‪ :‬العدل‬
‫النفقة والمعاملة و المعاشرة و المباشرة ‪،‬‬ ‫المنفى في الحب والجماع (( ‪ .‬وقال أبو‬
‫ويدونه يتعين عدم التعدد ‪ ،‬فهو يشمل سائر‬ ‫بكر بن العربي ) عن الحب ( ‪ :‬ذلك ل‬
‫يملكه أحد إذ قلبه بين إصبعين من أصابع‬
‫عنده أحد ‪ ..‬ول سبيل إلى إجبار أحد من البشر‬ ‫الوضاع الظاهرة بحيث ل ينقص زوجة شئ‬
‫على العدل في المشاعر والحاسيس ‪..‬‬ ‫منها ‪ ،‬وبحيث ل تؤثر إحدى الزوجات على‬
‫والله تعالى بعدله ورحمته سوف يعوض تلك‬ ‫الخريات بشئ من نفقة أو معاشرة أو‬
‫التي ل تحظى بقدر كبير من الحب أو الجاذبية‬ ‫مباشرة ‪ ،‬وذلك على النحو الذي كان‬
‫أو محبة رجلها ‪ ،‬سوف يعوضها إن صبرت‬ ‫الرسول ) ‪ – (‬وهو أرفع إنسان عرفته‬
‫واتقت كل الخير في الدنيا والخرة ‪ ..‬ولعل‬ ‫البشرية – يفعله ويقوم به ‪ ،‬في الوقت‬
‫هذا الوضع يكون اختبارا لها وابتلء من الله‬ ‫الذي كان الجميع ل يجهلون أنه عليه‬
‫تؤجر عليه إن صبرت وامتثلت لمر الله ‪،‬‬ ‫السلم كان يحب عائشة لكن هذا لم يجعله‬
‫ونذكر هنا مثل هذه الزوجة بأن بقائها مع‬ ‫يفضلها على غيرها في القسم أو النفقة ‪).‬‬
‫رجلها وتمتعها بقدر منقوص من حبه ‪ ،‬مع كل‬ ‫‪(1‬‬
‫حقوقها الخرى وحقوق أولدها ‪ ،‬خير لها ألف‬ ‫***‬
‫مرة من الطلق البغيض والحرمان التام من‬ ‫والخلصة أن الميل القلبي أو الحب لزوجة‬
‫كل ذلك ‪ ..‬فالدنيا ليست دار بقاء ومتاعها‬ ‫أكثر من غيرها – فيما‬
‫ناقص وزائل في النهاية ‪ ،‬والنعيم المقيم‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والسعادة التامة مكانها الجنة وليست الرض ‪..‬‬ ‫سيد قطب – في ظلل القرآن – الجزء‬ ‫)‪(1‬‬
‫وأخيرا فإنه لو كان صحيحا أن الية ‪ 129‬من‬ ‫الول – ط دار الشروق – ص ‪. 582‬‬
‫سورة النساء تحظر التعدد ) لنها كما زعموا ‪:‬‬ ‫نرى – يجب أن يظل في مكانه داخل‬
‫قطعت بأن العدل بين النساء مستحيل ( نقول‬ ‫الصدر ‪ ،‬ول يترجم إلى تصرفات أو من‬
‫لو كان هذا صحيحا لكان واجبا أن يطلق‬ ‫أفعال من شأنها أن تجرح أحاسيس باقي‬
‫الرسول عليه السلم وأصحابه زوجاتهم فور‬ ‫الزوجات أو تضر بمصالحهن ومصالح‬
‫نزول الية ويكتفي كل منهم بواحدة ‪ ،‬لكنهم‬ ‫أولدهن لحساب الزوجة المحظية‬
‫لم يفعلوا ‪ ،‬وحاشا لله أن يخالف النبي ) ‪(‬‬ ‫وأولدها ‪..‬‬
‫وصحابته أمر الله في مثل هذه الحالة أو غيرها‬ ‫ونحن أول وأخير بشر ولسنا ملئكة ‪ ،‬ولهذا‬
‫‪..‬‬ ‫يجب أن يقنع الجميع بالعدالة فيما‬
‫ولهذا فالصحيح أن التعدد مسموح به ومباح‬ ‫يستطاع ‪ ،‬فالعدل المطلق ل مكان له إل‬
‫إلى قيام الساعة ‪ ..‬خاصة وأن من علمات‬ ‫في الخرة عند الله تعالى الذي ل يظلم‬
‫الساعة أن )) تبقى النساء ويذهب الرجال‬
‫والعبرة في النفقة – طبقا للراجح من مذهب‬ ‫حتى يكون لخمسين امرأة قيم ) رجل (‬
‫الحناف – هي بحالة الزوج يسرا أو عسرا‬ ‫واحد (( حديث شريف )‪(1‬‬
‫بغض النظر عن حال الزوجات ‪ .‬وعلى ذلك‬
‫تجب التسوية بينهن في النفقة وتشمل المأكل‬ ‫القسم بين الزوجات‬
‫والمشرب والملبس والمسكن ‪..‬‬
‫لن القول بغير ذلك من شأنه أن يتسبب في‬
‫القسم – بفتح القاف وسكون السين – لغة‬
‫الخلفات و الحقاد والعداوات بين الزوجات‬
‫هو ‪ :‬توزيع النصاب على عدد من الناس ‪..‬‬
‫وأولد كل منهن ‪ ،‬وهم أولد رجل واحد ‪.‬‬
‫أما القسم – بكسر القاف – فهو النصيب‬
‫ولذلك نشدد على ضرورة العدل التام في‬
‫ذاته والجمع أقسام ‪.‬‬
‫النفقات وسائر المور المادية ‪ .‬كما يجب –‬
‫وأما في اصطلح الفقهاء فمعناه العدل بين‬
‫في رأينا – أن يجتهد الب لخفاء مشاعره‬
‫الزوجات في المبيت والنفقة وغيرها )‪(2‬‬
‫ومحبته لحدى زوجاته عن الخريات ‪ ،‬فالفطنة‬
‫والعدل أو القسم واجب على الزوج في‬
‫والكياسة والحكمة مطلوبة من الزوج حماية‬
‫الطعام والسكن والكسوة والمبيت ) عند‬
‫لكيان السرة ومنعا للخلفات ‪..‬‬
‫كل واحدة مثل الخرى ( ‪ ،‬وسائر المور‬
‫وضع الفقهاء شروطا للقسم ‪ ،‬أولها العقل ‪ :‬إذ‬
‫المادية بل تفرقة بين غنية وفقيرة أو‬
‫ل يجب القسم على المجنون ‪ ،‬أما الزوجة‬
‫عظيمة وحقيرة ‪ ،‬فإذا خاف عدم العدل‬
‫المجنونة فيجب القسم لها إذا كانت هادئة‬
‫وعدم الوفاء بحقوقهن جميعا فإنه يحرم‬
‫قائمة بمنزل زوجها بحيث يمكنه مباشرتها ‪،‬‬
‫عليه الجمع بينهن ‪(3) .‬‬
‫وإل فل قسم لها ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والشرط الثاني للقسم أن يكون الزوج بالغا ‪،‬‬ ‫)‪ (1‬رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي‬
‫أما الزوجة فل يشترط لها البلوغ ‪ ،‬بل يكفى‬ ‫وابن ماجه ‪.‬‬
‫أن تكون مطيقة للوطء ‪ ،‬فإذا لم يكن الزوج‬ ‫)‪ (2‬الفقه على المذاهب الربعة – الجزء الرابع –‬
‫بالغا وظلم أحدى زوجاته ‪ ،‬فإن الثم يقع على‬ ‫قسم الحوال الشخصية – ط الريان – ص ‪213‬‬
‫وليه ‪ ،‬لنه هو الذي زوجه ‪ ،‬وهو الذي أحتمل‬ ‫وما بعدها ‪.‬‬
‫)‪ (3‬السيد سابق – فقه السنة – ط مكتبة المسلم‬
‫مسئولية ذلك ‪ ،‬فعليه أن يدور به على نسائه‬
‫– المجلد الثاني ص ‪. 98‬‬
‫ليعدل بينهن ‪(1).‬‬
‫والشرط الثالث للقسم ‪ :‬أل تكون المرأة‬
‫ناشزا ‪ ..‬فإن كانت عاصية خارجة على طاعة‬
‫تشغله العبادة أو العمل فعليه أن يبيت عند‬ ‫زوجها فل حق لها في القسم ‪ ..‬ول يسقط‬
‫زوجته ليلة واحدة كل أربع ليال ‪ ،‬وله أن يتعبد‬ ‫القسم وجود‬
‫الثلث ليال الباقيات ‪..‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهناك الرأي الراجح الذي ذكرناه من قبل‬ ‫)‪ (1‬الفقه على المذاهب الربعة ‪.‬‬
‫وذهب إلى ضرورة أن يجامع الرجل كل زوجة‬ ‫مانع يمنع الوطء ‪ ،‬سواء كان هذا المانع‬
‫بالقدر المعقول الذي يكفى لعفافها وصرفها‬ ‫بالزوجة مثل الحيض أو النفاس أو المرض ‪،‬‬
‫عن التعلق بغيره ‪ ..‬ويرى بعض الحناف أنه‬ ‫أو كان المانع بالزوج مثل المرض أو‬
‫يجب الحكم للزوجة قضاء بالوطء من وقت‬ ‫الضعف الجنسي ‪ ،‬لن الوطء ليس لزما‬
‫لخر ‪ ،‬بما يراه القاضي كافيا لعفافها‬ ‫للقسم ‪ ،‬فالمبيت الغرض منه النس وليس‬
‫وإحصانها ‪..‬‬ ‫الجماع بالضرورة ‪ ..‬فإذا كان الزوج مريضا‬
‫ويرى المالكية أنه يحرم على الزوج المتناع‬ ‫مرضا ل يستطيع معه النتقال فيجوز له أن‬
‫عمدا عن جماع إحدى الزوجات في نوبتها‬ ‫يقيم عند من يستريح لخدمتها وتمريضها ‪..‬‬
‫ليوفر قوته وحيويته لجماع أخرى أجمل منها‬ ‫وذلك مأخوذ من فعل الرسول ) ‪ (‬عندما‬
‫يتلذذ بها أكثر ‪ ..‬فإذا كان عند صاحبة النوبة‬ ‫داهمه مرض الموت فأذنت له زوجاته –‬
‫ووجد في نفسه الميل والقدرة على الجماع ثم‬ ‫رضي الله عنهن – بأن يقيم في منزل‬
‫امتنع عامدا ليوفر قوته للجمل فنه يأثم‬ ‫السيدة عائشة – رضي الله عنها – لما‬
‫بذلك ‪ ،‬لنه إضرار متعمد منه بصاحبة النوبة ‪،‬‬ ‫يعلمن من حبه لها وارتياحه لتمريضها له‬
‫حتى ولو لم تتضرر بالفعل ولم تبادر‬ ‫وخدمتها إياه ‪..‬‬
‫بالشكوى ‪..‬‬ ‫ول يجوز مطلق ترك إحدى الزوجات بغير‬
‫وللزوج أن يقسم بين زوجاته حسب حالة ‪..‬‬ ‫جماع عمدا بحجة عدم الحب لها ‪ ،‬لن هذا‬
‫فإن كان يعمل بالنهار قسم بينهن بالليل ‪ ،‬ولو‬ ‫يؤدى إلى تعريضها للفتنة و الفساد ‪ ..‬فإذا‬
‫كان عمله الذي يكسب قوته منه ليل ) مثل‬ ‫لم يجامعها بالقدر الكافي لعفتها وإحصانها‬
‫الحارس وغيره ( ‪ ،‬قسم بينهن بالنهار ‪ ..‬أي‬ ‫فل مفر من الطلق ‪ ،‬ولعل الله يبدلها زوجا‬
‫لكل واحدة ليلة أو يوم مثل ‪ ،‬أو لكل واحدة‬ ‫خيرا منه ‪ ،‬ويبدله زوجا خيرا له منها ‪.‬‬
‫يومان أو ليلتان ‪ ..‬ويجوز أن يقسم بينهن ‪:‬‬ ‫وهناك رأى وجيه يحدد حق كل زوجة في‬
‫لكل واحدة أسبوع أو أكثر بالتراضي بينهن ‪،‬‬ ‫المبيت عندها بليلة كل أربع ليال على‬
‫على تفصيل واختلف في الراء بين المذاهب ‪.‬‬ ‫اعتبار أنه يحق له الزواج من أربع ‪ ..‬وهو‬
‫)‪(1‬‬ ‫ذات الحق بالنسبة للمتزوج بواحدة الذي‬
‫مرة بدل وعوضا عن جماعه لغيرها ( خلفا‬ ‫ويحرم على الزوج أن يجامع غير صاحبة‬
‫لرأى الشافعية ‪.‬‬ ‫النوبة ‪ ،‬ول ان يقبل ضرتها ‪ ..‬ويجوز له‬
‫وبالنسبة للزوجة الجديدة نحن نرجح رأى‬ ‫الدخول على زوجاته من غير صاحبة اليوم‬
‫الحناف الذي ل يعطى لي زوجة قديمة أو‬ ‫أو الليلة للضرورة أو لقضاء حاجة أو إذا‬
‫جديدة استثناء في المبيت ‪ ،‬وكذلك ل فرق بين‬ ‫احتاجت منه شيئا من المصروفات أو‬
‫البكر والثيب ) من سبق لها الزواج ( ولو تزوج‬ ‫لرعاية الولد وغير ذلك من المصالح‬
‫بكرا جديدة أو ثيبا جديدة يبدأ المبيت عندها ‪:‬‬ ‫الضرورية ‪.‬‬
‫سبع ليال للبكر وثلث ليال إذا كانت الجديدة‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثيبا ‪ ،‬ثم يعوض نساءه الباقيات عن هذه‬ ‫)‪ (1‬الفقه على المذاهب الربعة – الجزء الرابع ص‬
‫‪ 216‬وما بعدها ‪..‬‬
‫المدة ‪ ،‬فذلك هو ما يقتضيه مبدأ العدل بين‬
‫ويرى الحنابلة أن القسم يجب أن يكون‬
‫الزوجات ‪ ..‬وسنة الرسول ) ‪ (‬تدل على‬
‫ليلة و ليلة ‪ ،‬بحيث ل تزيد عن ذلك إل‬
‫التسوية في القسم ‪ ،‬ولكن يكون البدء بالدور‬
‫بالتراضي عليه ‪ ..‬وله أن يخرج في ليلة كل‬
‫للجديدة فهذا جائز ‪ ،‬ثم يعطى الخريات من‬
‫واحدة منهن لقضاء ما جرت عليه العادة‬
‫اليام والليالي مثل ما أمضى عند الجديدة ‪..‬‬
‫من صلوات وأداء حقوق وواجبات وغيرها ‪..‬‬
‫ويجوز للزوجة أن تتنازل لضرتها عن نصيبها‬
‫وليس له أن يتعمد الخروج الكثير في ليلة‬
‫بمقابل أو بغير مقابل ‪ ..‬وإذا تنازلت لها ثم‬
‫إحداهن دون الخرى ‪ ،‬لن ذلك ظلم‬
‫رجعت يجوز هذا الرجوع ‪(1) .‬‬
‫وإجحاف بها ) إل إذا رضيت بذلك ( ‪.‬‬
‫وقد تنازلت أم المؤمنين سودة بنت زمعة –‬
‫ويضيف الحنابلة حكما طريفا آخر هو ‪ :‬أنه‬
‫رضي الله عنها – عندما كبرت في السن عن‬
‫ل يجوز للزوج الدخول على أي زوجة أخرى‬
‫ليلتها للسيدة عائشة – رضي الله عنها – لما‬
‫غير صاحبة النوبة ليل إل في النوازل‬
‫تعلمه من حب النبي ) ‪ (‬لها ‪ ..‬وهكذا ضربت‬ ‫الشديدة ‪ ،‬مثل مرض الموت إذا كانت تريد‬
‫السيدة سودة أروع المثلة الفانية ‪ ،‬واكتفت‬ ‫أن توصى إليه وغير ذلك من المور‬
‫بأن تحشر يوم القيامة ضمن أزواج المصطفى‬ ‫الخطيرة فحسب ‪ ..‬أما في النهار فيجوز له‬
‫) ‪ (‬وكفى بها نعمة ‪.‬‬ ‫الدخول على غير صاحبة النوبة لقضاء‬
‫وفى حالة سفر الزوج هناك تفرقة بين سفر‬ ‫حاجة بشرط أل يطيل البقاء عندها ‪ ،‬فإن‬
‫النتقال من بلد إلى بلد آخر للستقرار فيه‬ ‫أطال البقاء عندها يقضى اليوم لضرتها ‪،‬‬
‫) مثل من يسافر من الريف للستقرار‬ ‫وإذا جامع غير صاحبة النوبة فإنه يلتزم‬
‫بالقاهرة أو السكندرية ‪ ،‬أو يهاجر نهائيا من‬ ‫بقضاء الجماع لصاحبة النوبة ) أي يجامعها‬
‫أما إذا كان السفر مؤقتا لغرض التجارة أو‬ ‫دولة إلى أخرى ( ‪ ،‬وبين السفر العارض‬
‫الحج أو الغزو أو العلج أو السياحة وغيرها ‪،‬‬ ‫المؤقت الذي يرجع بعده إلى بلده الذي به‬
‫فالرأي الذي نرجحه هو أنه يجب على الزوج‬ ‫زوجاته ‪.‬‬
‫إجراء قرعة بين الزوجات لتحديد من تسافر‬ ‫فإذا كان الزوج مسافرا إلى البلد الخر‬
‫معه ‪ ..‬ومدة السفر المؤقت هنا تسقط من‬ ‫ليستقر به نهائيا فيجب عليه اصطحاب كل‬
‫الحساب ‪ ،‬بمعنى أنها تعتبر من نصيب الفائزة‬ ‫الزوجات معه إن تيسر ذلك ‪ ،‬أو إجراء‬
‫في القرعة وحدها ول تعويض للخريات عنها‬ ‫قرعة بينهن ليأخذ الفائزة في القرعة معه‬
‫عند العودة من السفر ‪ ..‬وإذا سافرت الزوجة‬ ‫بعض الوقت ثم يعيدها وتسافر إليه أخرى ‪،‬‬
‫وحدها فل تعويض لها عما فاتها في غيابها ‪..‬‬ ‫وهكذا‬
‫أما إذا سافرت كل الزوجات مع رجلهن فإن‬
‫عليه القسم بينهن كما كان يفعل في بلده‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الول ‪..‬‬ ‫)‪ (1‬المرجع السابق ص ‪219‬‬
‫وأخيرا ‪ :‬هل يجوز للزوج أن يجمع بين زوجاته‬
‫في مكان واحد ؟‬
‫يرى الفقهاء أنه إذا كان المنزل يحتوى على‬
‫عدة شقق أو أدوار لكل منها باب خاص بها‬
‫ولها منافع تامة مستقلة عن بقية الشقق‬
‫) دورة‬ ‫‪ ..‬فإن تعذر عليه هذا الحل أيضا ل مفر من‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫تطليق من ل يريدها وإمساك من يريد‬
‫)‪ (1‬لمرجع السابق ص ‪. 220‬‬ ‫اصطحابها معه إلى حيث يستقر نهائيا ‪،‬‬
‫مياه و مطبخ ومنشر لتجفيف الملبس‬ ‫فهذه الحالة ليست سفرا بالمعنى الدقيق‬
‫المغسولة ( فإنه يجوز للزوج أن يجمع بين‬ ‫وإنما هي هجرة في حقيقة المر ‪ ،‬فل يجوز‬
‫زوجاته في هذا المنزل ولو بدون رضا كل‬ ‫هنا هجر بعض الزوجات واصطحاب البعض‬
‫منهن ‪ ،‬طالما أن كل واحدة سوف تسكن في‬ ‫الخر إل برضا الجميع ‪ ،‬وهو يكاد يكون‬
‫شقة منفصلة ومستقلة عن الخريات ‪(1) .‬‬ ‫مستحيل في هذه الحالة ‪ ،‬لن الزوجة‬
‫أما إذا كان المسكن له باب واحد ودورة مياه‬ ‫المرغوب عنها سوف تفقد رجلها نهائيا‬
‫واحدة ومطبخ واحد ‪ ،‬وبه عدة حجرات أو‬ ‫برحيله إلى البلد الخر ‪(1) .‬‬
‫حجرة واحدة فل يجوز للرجل أن يجمع كل‬
‫يكن يراها !! وسبحان الله الذي أعطى كل‬ ‫زوجاته في مثل هذا المنزل إل برضائهن‬
‫شئ خلقه ثم هدى ‪...‬‬ ‫جميعا ‪ ..‬وكذلك لو كانوا جميعا على سفر‬
‫ونــرى أنــه يمكــن للــزوج زيــادة نفقــة إحــدى‬ ‫وأقاموا في غرفة أو خيمة واحدة ) مثل‬
‫الزوجات عــن الخريــات فــي حــالت وظــروف‬ ‫السفر للحج مثل ( فيجوز في هذه الحالة‬
‫خاصة ‪ ،‬منها زيادة عدد أولدها عن الخريات ‪.‬‬ ‫برضاهن أو بدون رضاهن في حالة‬
‫فإذا أعطى مثل ستة أرغفة لزوجة عندها‬ ‫الضرورة ) مثل تكدس الخيام في منى‬
‫خمسة أطفال بينما أعطى من لها ثلثة أربعة‬ ‫وعرفات ( ‪.‬‬
‫أرغفة فإنه ل يكون ظالما بداهة ‪ ..‬بل هذا هو‬ ‫وأفتى المالكية بأن مجامعة الرجل زوجته‬
‫صميم العدل ‪ ،‬إذ القسمة هنا على أساس أن‬ ‫أمام الخرى أو الخريات حرام ‪ ،‬وليس‬
‫لكل فرد رغيفا ‪ ..‬وكذلك إذا كانت أحدى‬ ‫مكروها ‪ ،‬والحرمة تشمل كل الحالت‬
‫الزوجات مريضة مرضا شديدا يحتاج إلى‬ ‫سواء كانت الزوجة محل الجماع مكشوفة‬
‫علج ‪.‬ز وعلى الزوجات الخريات أن يحمدن‬ ‫العورة للخريات أم ل ) ‪ ...(2‬ونحن نؤيد‬
‫الله على نعمة العافية ‪ ،‬ول يطلبن مقابل لما‬ ‫هذا الرأي المالكي السديد ‪ ،‬فالحقيقة أنه ل‬
‫تكلفه علج أختهن المريضة ‪.‬‬ ‫يجوز مثل هذا الجماع من الناحية‬
‫***‬ ‫النسانية ‪ ،‬لن فيه جرحا عميقا لمشاعر‬
‫وإذا اشترطت المرأة في عقد الزواج أل يتزوج‬ ‫الخريات ‪ ،‬وإثارة سخيفة للغريزة والحقاد‬
‫عليها ‪ ،‬فإن على الزوج احترام الزوج وعدم‬ ‫فيما بينهن ‪ ..‬كما أن فيه خدشا لحياء من‬
‫القتران بأخرى إل برضا الزوجة الولى وتنازلها‬ ‫يجامعها زوجها أمام الخريات ‪..‬‬
‫عن الشرط ‪ ..‬ففي الحديث الشريف ‪ )) :‬إن‬ ‫والنسان الذي كرمه الله يختلف عن‬
‫أحق الشروط أن توفوا ما استحللت به الفروج‬ ‫الحيوانات العجماوات ‪ ،‬ولهذا ترفض‬
‫(( ‪ ،‬رواه البخاري ومسلم ‪ ..‬ومعنى الحديث‬ ‫الفطرة النسانية السليمة مثل هذا الجماع‬
‫الواضح أن الشروط المدرجة في عقد الزواج‬ ‫أمام أخريات ‪ ..‬بل إن‬
‫هي أولى الشروط بالحترام واللتزام ‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (3‬راجع التفاصيل في المرجع السابق ص ‪. 223‬‬
‫)‪ (4‬المرجع السابق ص ‪. 224‬‬
‫بعض الحيوانات مثل القطط يستحيل عليها‬
‫ممارسة الجنس إذا كان هناك من يراقبها‬
‫الفصل السادس‬ ‫أو يراها ‪ ،‬أو حتى يقف قريبا منها ‪ ،‬ولو لم‬
‫النفوس ‪ ،‬وتمهيد الرض للدعوة المباركة‬ ‫زوجات الرسول ) ‪(‬‬
‫بالمصاهرة وجبر الخاطر ‪..‬‬
‫قلنا من قبل أن أعداء السلم ) منذ بزوغ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫فجره وحتى اليوم ( حاولوا باستماتة النيل‬
‫راجع النص في مقدمة هذا الكتاب‬ ‫)‪(1‬‬
‫منه والطعن فيه باستغلل تعدد زوجات‬
‫ثم هناك حقه الطبيعي ) ‪ (‬في الزواج ‪ ،‬لنه‬
‫النبي ) ‪.. (‬‬
‫بشر ‪ ،‬وليس ملكا ‪..‬‬
‫زعموا أن نبي السلم كان منصرفا إلى‬
‫وقد أشرنا من قبل إلى أن الزواج هو شريعة‬
‫إشباع شهوته بالتقلب في أحضان تسع‬
‫كل أنبياء الله ) حتى من لم يتزوج منهم مثل‬
‫نساء !! قالها يهود يثرب )‪ .. (1‬فرد عليهم‬
‫عيسى ويحيى عليهما السلم ( وأنه ل يوجد‬
‫القرآن الكريم ردا بليغا وبين أنهم فعلوا‬
‫نص في الناجيل الربعة يحظر تعدد الزوجات ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫ذلك حسدا للرسول ) ‪ ، (‬على الرغم من‬
‫أن داود وسليمان – عليهما السلم – آتاهما‬
‫ولنبدأ بأول زوجات المصطفى ) ‪ ، (‬وهى‬
‫الله الملك وكان لهما من الزوجات‬
‫سيدتنا خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها‬
‫وأرضاها – فقد تزوجت في الجاهلية من هند‬ ‫والجواري أضعاف ما كان لمحمد ) ‪. (‬‬
‫بن النباش التميمى وكنيته أبو هالة ‪ ..‬وبعد‬ ‫ومازال المستشرقون في الخارج‬
‫موته تزوجت عتيق بن عابد المخزومى )‪.. (2‬‬ ‫والعلمانيون واليساريون في الداخل‬
‫ثم مات عنها عتيق ‪ ..‬وكانت من أرفع بيوت‬ ‫يتطاولون بوقاحة على المقام الشريف‬
‫قريش‬ ‫والسنة المطهرة ‪ ،‬كيدا منهم لهذا الدين ‪،‬‬
‫وأوسطها نسبا وحسبا ‪ .‬وكان لها مال ترسل‬ ‫والله يحفظه – رغم أنوفهم – إلى أن يرث‬
‫رجال من قومها يتاجرون لها فيه ‪ ..‬ولما‬ ‫الله الرض ومن عليها ‪.‬‬
‫سمعت بأمانة محمد عليه السلم أرسلت إليه‬ ‫وهناك آخرون ل يعلمون بواعث تعدد‬
‫ليتاجر لها في مالها في رحلة الشام ‪ ،‬على أن‬ ‫زوجات الرسول ) ‪.. (‬‬
‫تعطيه ضعف ما كانت تعطى غيره من الجر ‪.‬‬ ‫ومن يطالع السيرة العطرة سوف يكتشف‬
‫ورحل ) ‪ (‬بمالها مع غلمها ميسرة إلى‬ ‫بسهولة أن بعض هذه الزيجات كان في‬
‫الشام ‪ ،‬فباع وأشترى وعاد إلى مكة بأضعاف‬ ‫المقام الول تلبية لدوافع إنسانية ‪ ،‬والبعض‬
‫ما كانت خديجة تربحه من قبل ‪ ..‬وأعطته‬ ‫الخر كان لتأليف القلوب ‪ ،‬وتطييب‬
‫السيدة خديجة ضعف الجر المتفق عليه ‪..‬‬
‫وإذا كان تزوج بعد ذلك من السيدة خديجة‬ ‫وحكى لها ميسرة ما كان من معجزاته عليه‬
‫وهى أكبر منه سنا بخمس عشرة سنة ‪ ،‬وظل‬ ‫السلم خلل الرحلة ‪ :‬أظلته غمامة ‪ ،‬وأخبر‬
‫مكتفيا بها زوجة وحيدة حتى بعد أن تجاوزت‬ ‫أحد ـــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الستين ‪ ..‬فأين ما يزعمون من حبه للشهوات‬ ‫)‪ (1‬راجع الفصل الول ) التعدد قبل السلم ‪.‬‬
‫واستكثاره من النساء ؟!!‬ ‫)‪ (2‬الطبقات الكبرى لبن سعد – الجزء الثامن –‬
‫ص ‪. 14‬‬
‫لقد كان عليه السلم في تلك الفترة في‬
‫ريعان شبابه ‪ ،‬ولم يكن قد شغل بعد بأعباء‬ ‫الرهبان ميسرة بأن رفيقه محمدا سيكون‬
‫الدعوة المباركة ‪ ،‬وتبعاتها الثقيلة ‪ ،‬ولو كان –‬ ‫النبي الخاتم الموجود في كتب السابقين ‪..‬‬
‫كما يزعم أعداء السلم – من ذوى الشهوة‬ ‫فازدادت إعجابا به ‪ ،‬وأرسلت إليه صديقتها‬
‫الطاغية لتزوج من شاء من النساء ‪ ،‬وقد كان‬ ‫نفيسة بنت أمية تعرض عليه الزواج من‬
‫تعدد الزوجات والجواري شائعا قبل السلم –‬ ‫خديجة التي كان عمرها في ذلك الوقت‬
‫كما ذكرنا )‪ – (1‬بل قيد أو عدد محدد ‪ ..‬وما‬ ‫أربعين سنة ‪..‬‬
‫كان ذلك عيبا ول محظورا ‪ ..‬فلماذا لم يفعل )‬ ‫فوافق عليه السلم ‪ ،‬وكان عمره وقت أن‬
‫تزوجها خمسا وعشرين سنة ‪.‬‬
‫‪ (‬؟!‬
‫وولدت له السيدة خديجة كل أولده وبناته‬
‫أليس هذا دليل على أنه ) ‪ (‬قد عدد زوجاته‬ ‫باستثناء إبراهيم ولده من مارية القبطية‬
‫فيما بعد لسباب أخرى أسمى وأرفع قدرا من‬ ‫) الجارية التي أهداها المقوقس إلى‬
‫مجرد إشباع الشهوة ‪ ،‬رغم أن هذا الشباع‬
‫النبي ‪ ( ..‬ولم يتزوج ) ‪ (‬أخرى حتى‬
‫بالزواج ليس عيبا ول شائنا للزوج ؟!‬
‫ماتت السيدة خديجة عن خمس وستين‬
‫ثم هناك نقطة أخرى – قبل أن ننتقل إلى باقي‬
‫سنة ‪ ،‬بينما كان عليه السلم قد تخطى‬
‫الزوجات – لقد كان عليه السلم يذكر السيدة‬
‫الخمسين سنة ‪..‬‬
‫خديجة بكل الخير والوفاء بعد موتها ‪ ..‬وحتى‬
‫بعد أن صار له تسع نسوة ‪ ..‬كان يغضب إذا‬ ‫والن نتساءل ‪ :‬إذا كان نبي الرحمة ) ‪(‬‬
‫أحد إلى ذكراها العطرة ‪ ،‬ولو كانت عائشة‬ ‫قد عاش بل زواج حتى سن الخامسة‬
‫أحب زوجاته إليه – ويذكر عليه السلم – في‬ ‫والعشرين ‪ ..‬ولم يكن أهل مكة يقولون‬
‫كل مناسبة – معروف خديجة وفضلها عليه‬ ‫عنه إل كل الخير ‪ ،‬وكانوا يلقبونه بالصادق‬
‫وعلى الدعوة الغراء ‪ ،‬ولم ينسها رغم أنها‬ ‫المين ‪ ..‬وكانت طهارته وعفته مضرب‬
‫كانت عجوزا ورزق بعدها بزوجات أصغر سنا ‪،‬‬ ‫المثال – باعتراف أعتي المشركين‬
‫وربما أكثر جمال ‪..‬‬ ‫وأشدهم عداوة له وحقدا عليه ‪..‬‬
‫ولكني أرجو أن أبعث في أزواجك يوم‬ ‫هل مثل هذا الزوج يقال عنه إنه يضع‬
‫القيامة ‪ .‬وقبل منها النبي ) ‪ (‬تنازلها للسيدة‬ ‫الشهوة الجنسية في المقام الول ؟!! هل‬
‫عائشة ‪ ،‬وأبقى عليها زوجة في عصمته حتى‬ ‫يظن مثل هذا الظن المريض بمن وصفه‬
‫موته ) ‪.. () (1‬‬ ‫رب العزة بأنه ) على خلق عظيم (‬
‫فهل يكون اقترانه – عليه الصلة والسلم –‬
‫بعجوز أخرى دليل على ما يذهب إليه أعداء‬
‫الله ورسوله من أن تعدد زوجاته ) ‪ (‬كان‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫للشهوة أو حب النساء ؟!! أو أنها مواساة منه‬ ‫)‪ (1‬راجع الفصل الول "التعدد قبل السلم"‬
‫– عليه السلم – لرملة مسلمة لم يعد لها‬
‫عائل بعد موت رجلها ‪ ،‬وليس لها مال أو‬ ‫***‬
‫شباب أو جمال يدفع غيره ) ‪ (‬للزواج‬ ‫ونأتي الن إلى ظروف اقترانه ) ‪ (‬بثانية‬
‫منها ؟!!‬ ‫زوجاته السيدة سودة بنت زمعة – رضي‬
‫والله ‪ ..‬إن مثل هذه الزيجة التي ل يطمع فيها‬ ‫الله عنها – فقد كانت متزوجة في الجاهلية‬
‫احد لهى بعض أعبائه عليه السلم ‪ ،‬وواجب‬ ‫بالسكران بن عمرو بن عبد شمس ‪ ،‬وهو‬
‫ثقيل ألزم به نفسه الشريفة النبيلة ) ‪. (‬‬ ‫ابن عمها ‪ ،‬وأسلما بمكة وخرجا مهاجرين‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ‪ ..‬ثم‬
‫الطبقات الكبرى – الجزء الثامن – ص ‪ 57‬وما‬ ‫)‪(1‬‬ ‫قدما من الحبشة ‪ ،‬ومات السكران بمكة ‪،‬‬
‫بعدها – وقارن أسد الغابة في معرفة الصحابة – ابن الثير‬
‫وترملت زوجته السيدة سودة ‪ ،‬فلما‬
‫– الجزء السابع ‪.‬‬
‫ومن سواه يواسى الرملة المحزونة ؟ من‬ ‫انقضت عدتها أرسل لها النبي ) ‪(‬‬
‫سواه يجبر المكسور ‪ ،‬ويفك السير ‪ ،‬ويعين‬ ‫فخطبها وتزوجها بمكة ‪ ،‬وهاجرت معه إلى‬
‫على شدائد الدهر ‪ ،‬وهو الذي أرسله ربه‬ ‫المدينة ‪.‬‬
‫رحمة للعالمين ؟!!‬ ‫وكانت – رضي الله عنها – قد كبرت سنها ‪،‬‬
‫***‬ ‫وبعد فترة من زواج الرسول ) ‪ (‬بها‬
‫وأما السيدة عائشة بنت الصديق أبى بكر –‬ ‫تنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة ‪ ،‬وقالت‬
‫رضي الله عنهما – فهي الزوجة الثالثة لنبي‬ ‫كما جاء في إحدى الروايات ‪ :‬يا رسول الله‬
‫الهدى ) ‪ .. (‬ومن الطبيعي أن يرتبط الداعية‬ ‫‪ ،‬والله ما بي حب الرجال – تقصد أنها‬
‫بالرجال الذين يقوم على أكتافهم البناء‬ ‫مسنة وليست بها حاجة إلى الرجال –‬
‫ومن المعروف أن السيدة حفصة – رضي‬ ‫الشاهق ‪ ،‬وتنتشر الدعوة بهم ‪ ،‬ومن‬
‫الله عنها – لم تكن جميلة مثل عائشة أو‬ ‫خللهم إلى سائر إرجاء المعمورة ‪ ..‬وخير‬
‫صفية ‪ ،‬لكنها كانت صوامة قوامة )‪ (2‬تحب‬ ‫الروابط بين النبي وكبار أصحابه هو الرباط‬
‫الله ورسوله )‪(3‬‬ ‫المقدس ) الزواج ( ‪ ..‬ولهذا تزوج عليه‬
‫فهل يكون الزواج في حالة السيدة عائشة‬ ‫السلم من السيدة عائشة ‪ ،‬وكانت صغيرة‬
‫والسيدة حفصة استكثارا من النساء ‪ ،‬أو جريا‬ ‫السن ‪ ..‬كما تزوج أيضا لذات السبب من‬
‫وراء الشهوات ؟!! أم هي ضرورات الدعوة ‪،‬‬ ‫السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب –‬
‫وجبر الخاطر ‪ ،‬وتوكيد الروابط بين المصطفى‬ ‫رضي الله عنهما ‪..‬‬
‫) ‪ (‬وكبار رجال الدعوة الوليدة‬ ‫وهناك سبب ثان لزواجه ) ‪ (‬من السيدة‬
‫والرأفة بزوجة شهيد – مثل حفصة – لم يكن‬ ‫حفصة ‪ ،‬فقد كانت متزوجة قبله من خنيس‬
‫لها من الجمال أو المال ما يغرى غيره عليه‬ ‫بن حذافة السهمي الذي أسلم معها وهاجر‬
‫السلم بالزواج منها ؟!!‬ ‫بها إلى المدينة فمات عنها ) عند قدوم‬
‫إنه الرحمة المهداة ‪ ،‬والنعمة المسداة – عليه‬ ‫النبي ) ‪ (‬من غزوة أحد ( متأثرا بإصابته‬
‫الصلة والسلم ‪..‬‬ ‫في الغزوة )‪ ، (1‬وعندما انقضت عدتها‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫عرض عمر على أبى بكر الصديق أن‬
‫)‪(1‬أسد الغابة – الجزء الثاني ص ‪. 147‬‬ ‫يزوجه ابنته حفصة ‪ ،‬فسكت أبو بكر ‪ ،‬مما‬
‫)‪ (2‬صوامة ‪ :‬كثيرة الصوم ‪ ،‬قوامة ‪ :‬كثيرة القيام‬ ‫أغضب عمر – رضي الله عنهم أجمعين –‬
‫والعبادة ليل ‪.‬‬
‫)‪ (3‬لمزيد من التفاصيل راجع سيرة ابن هاشم –‬
‫وكان عمر قد عرضها قبل ذلك على عثمان‬
‫السيرة النبوية للمام الذهبي – طبقات ابن سعد –‬ ‫بن عفان فلم يوافق كذلك ‪ ،‬مما أسخط‬
‫اسد الغابة‬ ‫الفاروق عليه كما سخط على صاحبه ‪،‬‬
‫فجاء عمر يشكوهما إلى النبي ) ‪.. (‬‬
‫***‬ ‫وطيب ) ‪ (‬خاطره وتزوجها تكريما لعمر ‪،‬‬
‫كما كرم أبا بكر من قبل وتزوج بابنته‬
‫هناك أيضا ظروف زواج الرسول المين من‬ ‫عائشة ‪ ..‬وكان الباعث لبى بكر على عدم‬
‫السيدة زينب بنت خزيمة الملقبة بأم‬ ‫قبول الزواج من حفصة أنه سمع النبي )‬
‫المساكين – رضي الله عنها – فقد كانت زوجة‬ ‫‪ (‬يذكرها لنفسه ‪ ،‬وما كان الصديق‬
‫لبن عمه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب‬ ‫ليفشى سر رسول الله ‪ ،‬أو يتزوج بمن‬
‫بن عبد مناف – رضي الله عنه – الذي‬ ‫عزم ) ‪ (‬على الزواج منها ‪..‬‬
‫من سنك فأنا أكبر منك سنا ‪ ...‬وأما ما ذكرت‬ ‫أستشهد في يوم بدر وتركها وحيدة ل عائل‬
‫من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله (( ‪(1) .‬‬ ‫لها ‪..‬‬
‫أي عيالها سوف يرعاهم الله ورسوله ) ‪، (‬‬ ‫فهل يكون جزاء الصحابي وابن العم‬
‫وهذا أهم أهداف هذه الزيجة المباركة ‪ ،‬أي‬ ‫الشهيد أن تترك أرملته وحدها ؟!! ومن‬
‫كفالة هؤلء اليتام ‪ ،‬فضل عن رعاية الصحابية‬ ‫يصل الرحم ‪ ،‬ويجازى الشهيد ‪ ،‬ويخلفه في‬
‫الجليلة بعد أن أصبحت أرملة ‪..‬‬ ‫أهله بكل البر والخير والرحمة سوى‬
‫وأخيرا جاءت هذه الزيجة تكريما للزوج أبى‬ ‫الصادق المين خاتم المرسلين ) ‪ (‬؟!!‬
‫سلمة نفسه بعه استشهاده ‪ ،‬برعاية أرملته‬ ‫وهل مثل هذه الزيجة يكمن خلفها أي‬
‫وأطفاله ‪ ،‬وصلة لرحمه ‪ ،‬فهو ابن عمة‬ ‫مطمع حسي أو غيره ؟! أو أنها واجب‬
‫الرسول ) ‪ .. (‬فأين إتباع الشهوة في مثل‬ ‫وعبء إضافي على عاتق المصطفى )‬
‫هذا الرتباط بأرملة تجاوزت الخمسين وذات‬ ‫‪ (‬؟!! وقد ماتت – رضي الله عنها – بعد‬
‫أطفال ؟!!‬ ‫زواجها من الرسول بعدة أشهر ‪.‬‬
‫وأما زواجه ) ‪ (‬بالسيدة أم حبيبة رملة بنت‬ ‫***‬
‫أبى سفيان بن حرب – رضي الله عنها – فله‬ ‫وكذلك جاء زواجه ) ‪ (‬من السيدة أم‬
‫قصة توضح الهدف منه ‪ ،‬والمقصد النبيل الذي‬ ‫سلمة – رضي الله عنها – واسمها )) هند‬
‫تحقق به ‪ ..‬فقد كانت أم حبيبة زوجة لعبيد الله‬ ‫بنت سهيل بن المغيرة المخزومى ‪ ..‬وقد‬
‫بن جحش بن خزيمة ‪ ،‬وهاجرت معه إلى أرض‬ ‫أصيب – رضي الله عنه – يوم أحد ‪ ،‬ثم‬
‫الحبشة في الهجرة الثانية ‪ ..‬وهناك فتن عبيد‬ ‫برئ الجرح بعدها بشهر ‪ ..‬وخرج – رضي‬
‫الله وارتد عن السلم – والعياذ بالله – وثبتت‬ ‫الله عنه – في )) سرية قطن (( ثم رجع‬
‫السيدة أم حبيبة – رضي الله‬ ‫منها بعد شهر آخر ‪ ،‬وانتقض الجرح عليه‬
‫عنها – على دينها رغم الغربة والوحشة‬ ‫فتسبب في استشهاده – رضي الله عنه –‬
‫والوحدة ‪ ..‬ولم تكن تستطيع الرجوع إلى مكة‬ ‫وخلف وراءه السيدة أم سلمة وكثرة من‬
‫حيث كان أبوها أبو سفيان أحد زعماء قريش‬ ‫الطفال ‪..‬‬
‫يضطهد الرسول وأصحابه أشد الضطهاد ‪ ،‬فلو‬ ‫فلما انقضت عدتها أرسل إليها النبي ) ‪(‬‬
‫رجعت أم حبيبة لتعرضت للفتنة في دينها‬ ‫يخطبها ‪ ،‬فاعتذرت بأنها تقدمت في السن ‪،‬‬
‫بدورها ‪ ..‬وكان ل بد من تكريمها وتعويضها عن‬ ‫وأنها ذات أطفال ‪ ،‬وأنها شديدة الغيرة ‪،‬‬
‫الزوج الذي ارتد ‪ ،‬ثم مات بالحبشة ‪..‬‬ ‫فرد عليه البشير النذير ‪ )) :‬أما ما ذكرت‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫من غيرتك فيذهبها الله ‪ ..‬وأما ما ذكرت‬
‫)‪ (1‬أنظر طبقات ابن سعد – الجزء الثامن ص ‪109‬‬ ‫طبقات بن سعد – الجزء الثامن ص ‪102‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫وما بعدها ‪ ،‬وهو مثل عربي مأخوذ مما يفعله العرب‬ ‫– وأنظر سنن النسائي فك كتاب النكاح – الجزء‬
‫حين ‪ :‬يردون الفحل المريض أو الذي به عيب عن‬ ‫السادس ص ‪. 81‬‬
‫تلقيح إناث البل بضربه على أنفه برمح أو عصا ‪ ..‬بينما‬
‫يتركون الفحل الصيل ليلقح الناث بغير ضرب ‪..‬‬
‫وهكذا أرسل جابر المكسورين ‪ ،‬ومؤنس‬
‫المتوحشين إلى النجاشي ملك الحبشة –‬
‫ولم يجد أبو سفيان ملجأ بعد أن رفض كبار‬ ‫وكان قد أسلم – طالبا منه أن يعقد له على‬
‫الصحابة التوسط له عند النبي ) ‪ (‬سوى‬ ‫أم حبيبة ‪ ..‬وبالفعل زوجه النجاشي إياها ‪،‬‬
‫بيت أبنته وفوجئ أبو سفيان بابنته تطوى عنه‬ ‫وأرسلها إليه بالمدينة بعد هجرته ) ‪(‬‬
‫الفراش في ضيق واشمئزاز ‪ ..‬فسألها ‪ :‬والله‬ ‫معززة مكرمة ‪..‬‬
‫يا بنية ما أدرى هل رغبت بالفراش عنى أم‬ ‫ولما بلغ أبا سفيان خبر زواج النبي ) ‪(‬‬
‫رغبت بي عنه ؟!! فردت عليه بحسم ‪ )) :‬بل‬ ‫من أبنته أم حبيبة شعر بالسعادة ‪ ،‬وقال‬
‫هو فراش رسول الله ) ‪ (‬وأنت رجل مشرك‬ ‫عن زوج ابنته مبتهجا ‪ ،‬والذي كان ما يزال‬
‫(( ‪..‬‬ ‫عدوا له ولدينه ‪ )) :‬هو الفحل ل يقرع‬
‫يا الله ‪ ..‬إنها العقيدة الراسخة كالجبال في‬ ‫أنفه (( )‪ .. (1‬أي أن مثل النبي ) ‪ (‬ل يرد‬
‫قلب زوجة المصطفى ) ‪ ، (‬تواجه بها أباها‬ ‫صهره ‪ ،‬فهو كفء كريم تفخر كل قبيلة‬
‫الذي خرجت من صلبه ‪ ..‬وذلك هو اليمان‬ ‫بمصاهرته وتزويجه بناتها ‪.‬‬
‫الحق الذي يجعل الله ورسوله أحب إلى‬ ‫قال أبو سفيان بن حرب ذلك على الرغم‬
‫المسلم الصادق من أمه وأبيه وابنه وأخيه ‪.‬‬ ‫من أنه كان ما يزال مشركا عدوا للسلم ‪،‬‬
‫هل كان من المطلوب من الرسول أن يترك‬ ‫ولكنه ل يخدع نفسه كأب تزوجت أبنته‬
‫مثل هذه السيدة العظيمة للضياع بين زوج‬ ‫بأعظم وأشرف الرجال ‪..‬‬
‫مرتد وأب كافر ألد ؟!! ومن سواه ) ‪ (‬أولى‬ ‫وشاء الله جلت قدرته أن تدور اليام ‪،‬‬
‫بأن يكرم مثواها ‪ ،‬ويجزيها على ثباتها وصبرها‬ ‫ويأتي أبو سفيان إلى المدينة محاول إثناء‬
‫وجهادها في سبيل عقيدتها ورسالتها ؟!! ومن‬ ‫النبي ) ‪ (‬عن غزو مكة بعد أن نقض‬
‫يكون مناسبا لبنة سيد قريش سوى سيد‬ ‫المشركين عهودهم معه ‪ ،‬واعتدوا على‬
‫الولين والخرين ؟!!‬ ‫حلفائه من قبيلة خزاعة ‪ ،‬وقتلوهم في البلد‬
‫***‬ ‫الحرام في الشهر الحرام ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الخالدة الراشدة ) إن أكرمكم عند الله‬ ‫ونأتي إلى قصة زواجه ) ‪ (‬من السيدة‬
‫أتقاكم ( وليس أغناكم أو أعرقكم نسبا أو‬ ‫زينب بنت جحش السدى – رضي الله عنها‬
‫أفضلكم حسبا ‪..‬‬ ‫– وهى ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب‬
‫ولهذا نزل قول الله تعالى ‪ ) :‬وما كان لمؤمن‬ ‫بن هاشم بن عبد مناف ‪ ..‬أي أنها من‬
‫ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون‬ ‫أعرق وأشرف بيوت قريش وأرفعها نسبا‬
‫لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله‬ ‫وأما ‪ ..‬وكانت فيما يروون فائقة الجمال ‪..‬‬
‫فقد ضل ضلل مبينا ( )‪.. (1‬‬ ‫وعندما أرسل النبي ) ‪ (‬يخطبها ظن‬
‫وفور نزول هذه الية الكريمة عرف عبد الله‬ ‫أهلها أنه يريدها لنفسه ‪ ،‬ثم فوجئوا به‬
‫بن جحش وأخته زينب – رضي الله عنهما –‬ ‫يطلبها لزيد بن حارثة ‪ ..‬كان زيد – رضي‬
‫أنه ل محيد لهم عن طاعة الله ورسوله ‪ ،‬فقال‬ ‫الله عنه – عبدا في الجاهلية ‪ ،‬وأنتهي به‬
‫عبد الله لبن خاله محمد ) ‪ )) : (‬مرني بما‬ ‫المطاف عند الصادق المين محمد بن عبد‬
‫شئت (( فزوجها ) ‪ (‬من زيد بن حارثة ‪..‬‬ ‫الله ) ‪ (‬الذي أكرم مسواه ‪ ،‬وبلغ من‬
‫تأثير عطفه وحنانه على زيد أن فضله زيد‬
‫وعلى الرغم من إتمام الزواج ظلت زينب‬ ‫على أبيه وعمه ) لما خيره بين البقاء معه‬
‫تستعصي على زيد ‪ ،‬وتشمخ عليه بنسبها‬ ‫أو اللحاق بأبيه وعمه عندما عثرا عليه ‪،‬‬
‫وحسبها ‪ ،‬حتى ضاق – رضي الله عنه – بها‬ ‫وجاءا من ديارهما في طلبه ‪ ..‬وهنا‬
‫ذرعا ‪ ،‬وذهب إلى النبي ) ‪ (‬يستأذنه في‬ ‫أشهدهم النبي ) ‪ (‬أن زيد ابني أرثه‬
‫تطليقها لستحالة العشرة بينهما ‪ ،‬فأمره النبي‬ ‫ويرثني ( فرضي أبوه الصلبى بذلك ‪.‬‬
‫أن يتقى الله ويمسك عليه زوجه فل يطلقها ‪..‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الرسول ) ‪ (‬أعتق‬
‫في ذلك الوقت أطلع الله تعالى رسوله على‬ ‫زيدا وتبناه ‪ ،‬ثم أبطل السلم التبني‬
‫ما سوف يحدث ‪ ،‬وهو أن زيد سيطلق زينب ‪،‬‬ ‫فاسترد زيد اسمه الول ) وحريته من‬
‫ثم يزوجها الله من رسوله المين ‪ ،‬ليهدم بذلك‬ ‫قبل ( ‪ ،‬فإن آل جحش رفضوا أن يزوجوه‬
‫قاعدة التبني التي سادت في الجاهلية ‪ ،‬إذ‬ ‫ابنتهم وهى من فتيات قريش المعدودات‬
‫العدل والصوب هو أن يدعى كل ابن لبيه‬ ‫اللتي يتنافس خيرة شباب العرب للفوز‬
‫الحقيقي ‪ ،‬وليس لذلك الذي تبناه ‪ ..‬وإذا كان‬ ‫بهن ‪..‬‬
‫السلم يحرم إلى البد زواج الب من امرأة‬ ‫ولكن الله تعالى شاء أن يمضى هذا الزواج‬
‫ابنه ‪ ،‬فالمر ليس كذلك في حالة البن بالتبني‬ ‫لحكمة كبرى ‪ ،‬بل لعدة مقاصد ‪ :‬أولها أن‬
‫إذ هو ليس ابنا حقيقيا ‪ ،‬وما ينبغي أن يكون ‪.‬‬ ‫يهدم التفاخر بالنساب ‪ ،‬ويثبت القاعدة‬
‫الله له ‪ ،‬وقوله لزيد )) أمسك عليك‬ ‫ونزل قول الله تعالى ‪  :‬وإذ تقول للذي‬
‫زوجك (( ‪ ،‬مع علمه بأنه يطلقها ‪ ،‬وأعلمه‬ ‫أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك‬
‫سبحانه أن الله أحق بالخشية في كل‬ ‫زوجك واتقى الله وتخفى في نفسك ما‬
‫حال (( ‪.‬قال علماؤنا رحمهم الله ‪ )) :‬وهذا‬ ‫الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن‬
‫القول أحسن ما قيل في تفسير هذه الية ‪،‬‬ ‫تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها‬
‫وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين و‬ ‫لكي ل يكون على المؤمنين حرج في أزواج‬
‫العلماء الراسخين ‪ ،‬مثل الزهري وبكر بن علء‬ ‫أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر‬
‫القشيرى وأبى بكر بن العربي وغيرهم )‪. (3‬‬ ‫الله مفعول ‪. ( (1‬‬
‫ورفض المام ابن كثير – رضي الله عنه – كل‬ ‫وأفضل تفسير لهذه الية الكريمة وأقربه‬
‫رواية أخرى ل تناسب عصمة الرسول و مقام‬ ‫إلى ما يليق بمقام النبوة الشريف النبيل ‪،‬‬
‫النبوة الرفيع ‪ ،‬إذهى من الموضوع وما ل يصح‬ ‫وما هو مقطوع به من عصمة النبياء –‬
‫سنده ول معناه ‪(4) .‬‬ ‫صلوات الله وسلمه عليهم – ما قاله المام‬
‫ويعلق المام القرطبى على تلك الرواية‬ ‫على بن الحسين بن على بن أبى طالب ‪،‬‬
‫الجاهلية التي تفسر قوله تعالى للرسول ‪:‬‬ ‫الملقب يزين العابدين – رضي الله عنه ‪..‬‬
‫) وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الناس والله أحق أن تخشاه ( ‪ .‬بأنه ) ‪(‬‬ ‫)‪ (1‬الية ‪ 37‬من سورة الحزاب‬
‫أخفى في نفسه هوى لزينب ‪ ،‬بقوله )) هذا‬ ‫روى على بن الحسين ‪ )) :‬أن النبي ) ‪(‬‬
‫القول يصدر عن جاهل بعصمة النبي ) ‪ (‬عن‬ ‫كان قد أوحى إليه أن زيدا سوف يطلق‬
‫مثل هذا ‪ ،‬أو مستخف بحرمته ) ‪.. (‬‬ ‫زينب ‪ ،‬وأن الله سيزوج رسوله إياها ‪..‬‬
‫وقال الحكيم الترمذي في )) نوادر‬ ‫فلما شكا زيد للنبي ) ‪ (‬ما يلقى من أذى‬
‫الصول (( ‪ )) :‬على بن الحسين جاء بهذا‬ ‫زوجته ‪ ،‬وأنها ل تطيعه ‪ ،‬وأعلمه أنه يريد‬
‫) التفسير السليم للية ( من خزانة العلم‬ ‫طلقها ‪ ،‬قال له الرسول ) ‪ (‬على جهة‬
‫جوهرة من الجواهر ‪ ،‬ودرا من الدرر ‪ ،‬فإنه‬ ‫الدب والوصية ‪ )) :‬اتق الله وأمسك عليك‬
‫إنما عتب الله عليه أنه أعلمك أن هذه ستكون‬ ‫زوجك (( ‪ ..‬وهو ) ‪ (‬يعلم أنه سيفارقها ‪،‬‬
‫من أزواجك ‪ ،‬فكيف قال بعد ذلك لزيد‬ ‫ثم يتزوجها هو من بعده ‪ ،‬وهذا ) العلم ( هو‬
‫) أمسك عليك زوجك ( ‪ ،‬وأخذتك خشية الناس‬ ‫ما أخفاه ) ‪ (‬في نفسه ‪ ،‬ولم يرد أن‬
‫أن يقولوا ‪ :‬تزوج امرأة ابنه ‪ ،‬و ) والله أحق أن‬ ‫يأمره بطلقها ‪ ..‬فعاتبه الله تعالى على هذا‬
‫تخشاه ( ‪..‬‬ ‫القدر من خشية الناس في شئ قد أباحه‬
‫تزويجها له مباشرة ‪ ،‬ليهدم بذلك قاعدة التبني‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إلى البد ‪ ،‬وحتى ل يكون هناك حرج على الباء‬ ‫)‪ (1‬تفسير القرطبى – الجزء الثامن – سورة‬
‫في الزواج من مطلقات الدعياء ‪ ،‬لنهم ليسوا‬ ‫الحزاب الية ‪ 37‬ص ‪ – 5272‬ط الشعب ‪.‬‬
‫)‪ (2‬تفسير القرآن العظيم – ابن كثير – الجزء‬
‫أبناءهم ‪ ..‬وقد كانت السيدة زينب ابنة عمة‬
‫الثالث – ط المكتبة القيمة ص ‪ 460‬وما بعدها ‪.‬‬
‫الرسول ) ‪ ، (‬وربيت تحت رعايته ‪ ،‬ولو كان‬
‫له فيها مأرب لتزوجها منذ البداية ‪ ،‬ولم يزوجها‬
‫بنفسه لزيد من قبل ‪..‬‬
‫ومن أقوى ما قيل في تفنيد مزاعم المنافقين‬
‫حول هذه الية ما قاله فضيلة الشيخ محمد‬
‫الغزالي – رحمه الله – قال ‪ )) :‬إنهم يقولون‬
‫إن الذي يخفيه النبي في نفسه ويخشى فيه‬
‫الناس دون الناس هو ميله إلى زينب ‪ .‬أي أن‬
‫الله – بزعمهم – يعتب عليه عدم التصريح بهذا‬
‫الميل !! ونقول ‪ :‬هل الصل الخلقي أن‬
‫الرجل إذا أحب امرأة أن يشهر بها بين‬
‫الناس ؟ وخاصة إذا كان ذا عاطفة منحرفة‬
‫جعلته يحب امرأة رجل آخر ؟!!‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تفسير القرطبى _ الجزء الثامن – ص ‪5273‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫– ط الشعب ‪.‬‬ ‫وقال النحاس ‪ :‬قال بعض العلماء ‪ :‬ليس‬
‫هذا خطيئة من النبي ) ‪ ، (‬لنه لم يؤمر‬
‫هل يلوم الله رجل لنه أحب امرأة آخر فكتم‬ ‫بالتوبة أو بالستغفار منه ‪ ،‬وقد يكون الشئ‬
‫هذا الحب في نفسه ؟! وهل كان يرفع درجته‬ ‫ليس خطيئة ‪ ،‬ولكن غيره أحسن منه ‪ ،‬وقد‬
‫لو أنه صاغ فيها قصائد غزل ؟!! هذا والله هو‬ ‫أخفى الرسول ) ‪ (‬ذلك في نفسه خشية‬
‫السفه ! وهذا السفه هو ما يريد بعض‬ ‫أن يفتن الناس (( ‪(1) .‬‬
‫المغفلين أن يفسر به القرآن !!‬ ‫والخلصة أنه عليه والسلم تزوج السيدة‬
‫إن الله ل يعاتب أحد على كتمان حب‬ ‫زينب بنت جحش بعد طلقها من زيد بن‬
‫طائش ‪ ..‬والذي أخفاه النبي ) ‪ (‬في نفسه‬ ‫حارثة بأمر من الله الذي تولى سبحانه‬
‫تعالى بعد ذلك مباشرة ‪ ،‬وهو يهدم نظام‬ ‫تأذيه من هذا الزواج المفروض ‪ ،‬وتراخيه‬
‫التبني ‪ ) :‬ما كان محمد أبا أحد من رجالكم‬ ‫في تنفيذ أمر الله به ‪ ،‬وخوفه من كلم‬
‫ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل‬ ‫الناس عندما يجدون نظام التبني – كما‬
‫شئ عليما (‬ ‫ألفوه – قد انهار ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫وقد أفهم الله رسوله أن أمره سبحانه ل‬
‫أما السيدة صفية بنت حيى بن أخطب زعيم‬ ‫يجوز أن يعطله توهم شئ ما ‪ ،‬وأنه – إزاء‬
‫اليهود ‪ ،‬فقد وقعت في ألسر بعد فتح خيبر ‪،‬‬ ‫التكليف العلى – ل مفر له من السمع‬
‫وكان أبوها وأخوها وزوجها قد قتلوا في‬ ‫والطاعة ‪ ،‬شأن من سبقه من المرسلين ‪،‬‬
‫المعركة ‪ ..‬ورفقا ورحمة بها خيرها الرسول )‬ ‫وأعقب الية السابعة والثلثين هذه بآيات‬
‫‪ (‬بين إطلق سراحها وإلحاقها بقومها إن‬ ‫أخرى تؤكد هذا المعنى ‪:‬‬
‫أرادت البقاء على يهوديتها ‪ ،‬وبين الزواج منه‬ ‫) ما كان على النبي من حرج فيما فرض‬
‫إن أسلمت ‪ ،‬فقالت له ‪ )) :‬يا رسول الله ‪ ،‬لقد‬ ‫الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل‬
‫هويت السلم وصدقت بك قبل أن تدعوني ‪..‬‬ ‫وكان أمر الله قدرا مقدورا ‪ .‬الذين يبلغون‬
‫و خيرتني بين الكفر والسلم ‪ ،‬فالله ورسوله‬ ‫رسالت الله ويخشونه ول يخشون أحدا إل‬
‫أحب إلى من العتق ومن الرجوع إلى قومي ‪..‬‬ ‫الله وكفى بالله حسيبا ( )‪(2‬‬
‫فتزوجها الرسول ) ‪ ، (‬وجعل تحريرها من‬ ‫ويضيف الشيخ الغزالي ‪ )) :‬إنك حين تثبت‬
‫السر هو مهرها ‪(1) .‬‬ ‫قلب رجل تقول له ‪ :‬ل تخش إل الله ‪ ،‬إنك‬
‫ومن الواضح أنه كان من الضروري أل يتزوج‬ ‫ل تقول له ذلك وهو بصدد ارتكاب‬
‫ابنة ملك اليهود سوى من يفوق أباها منزلة‬ ‫معصية ‪ ..‬إنما تقول له ذلك وهو يبدأ القيام‬
‫ومكانة ‪ ،‬وهو سيد ولد آدم ) ‪ .. (‬وليس‬ ‫بعمل فاضل كبير يخالف التقاليد الموروثة ‪،‬‬
‫وظاهر في هذه اليات كلها أن الله ل يجرئ‬
‫نبيه على حب امرأة ‪ ،‬إنما‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)‪ (1‬اليتان ‪ 38‬و ‪ 39‬من سورة الحزاب ‪.‬‬
‫)‪ (1‬الية ‪ 40‬من سورة الحزاب ‪.‬‬
‫)‪ (2‬محمد الغزالي – فقه السيرة – ص ‪ 439‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬ ‫يجرئه على إبطال عادة سيئة يتمسك‬
‫)‪ (3‬طبقات بن سعد – الجزء الثامن – ص ‪.138:148‬‬ ‫الناس بها ‪ ،‬عادة التبني ‪ ،‬ويراد منه كذلك‬
‫أن ينزل على حكمها ‪ ،‬لذلك يقول الله‬
‫كتابك وأتزوجك ‪ ..‬نعم يا رسول الله ‪ ،‬قال )‬ ‫معقول و ل مقبول أن تترك هذه المسكينة‬
‫‪ )) : (‬قد فعلت ((‬ ‫بعد ما كانت فيه من عز ورفاهية ورفعة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫لمن قد يسئ معاملتها ‪ ،‬أو يضرب وجهها ‪..‬‬
‫أسد الغابة – الجزء السابع – ص ‪. 169‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ويؤيد هذه الرؤية رواية دحية الكلبي –‬
‫رضي الله عنه – فقد قال للنبي ) ‪: (‬‬
‫‪ ..‬وخرج الخبر إلى الصحابة فقالوا ‪ :‬أصهار‬ ‫أعطني جارية من سبى يهود ‪ .‬فقال عليه‬
‫رسول الله – يقصدون بنى المصطلق – في‬ ‫السلم له ‪ )) :‬أذهب فخذ جارية (( ‪ ،‬فذهب‬
‫السر ‪ ..‬فجعل الناس يطلقون سراح من‬ ‫دحية فأخذ صفية ‪ ..‬فرآها الصحابة فقالوا ‪:‬‬
‫عندهم من أسرى بنى المصطلق ‪ ،‬حتى‬ ‫)) يا رسول الله ‪ ،‬إنها سيدة بنى قريظة‬
‫تحرروا جميعا ‪.‬‬ ‫وبنى النضير ‪ ،‬ما تصلح إل لك (( )‪.. (2‬‬
‫تقول السيدة عائشة – رضي الله عنها –‬ ‫فتزوجها ) ‪ (‬لذلك السبب ‪.‬‬
‫)) أعتق بتزويج جويرية من النبي أهل مائة‬ ‫***‬
‫بيت ‪ ،‬فل أعلم امرأة أعظم بركة على قومها‬ ‫وذات المر كان دافعا للنبي ) ‪ (‬للزواج‬
‫منها ‪ (1) .‬و )‪ .. (2‬وقد أسلم قومها جميعا بعد‬ ‫من السيدة جويرية بنت الحارث بن ضرار‬
‫ذلك وحسن إسلمهم ‪.‬‬ ‫زعيم بنى المصطلق ‪ ..‬فقد حارب أبوها‬
‫وهكذا كانت هذه الزيجة بركة وخيرا للسلم‬ ‫المسلمين ‪ ،‬ولحقت به هزيمة منكرة كادت‬
‫والمسلمين من كل الوجوه ‪ ،‬ولم تكن‬ ‫تتسبب في فناء قبيلته أو إذللهم أبد‬
‫للستكثار من النساء كما يظن الجهلة ويشيع‬ ‫الدهر ‪ ..‬فقد سقط المئات من بنى‬
‫المنافقون و المستشرقون !!‬ ‫المصطلق أسرى ‪ ،‬ومنهم السيدة جويرية‬
‫ولو كان المر حبا للنساء استكثار من‬ ‫بنت الحارث ‪ ..‬وجاءت إليه فقالت ‪ )) :‬يا‬
‫الحسناوات لما نزل بعد ذلك أمر من الله له‬ ‫رسول الله ‪ ،‬أنا جويرية بنت الحارث سيد‬
‫يحظر عليه الزواج بعد من ذكرنا ‪ ،‬ولظل‬ ‫قومه ‪ ..‬وقد أصابني من المر ما قد علمت‬
‫الرسول ) ‪ (‬حرا يتزوج من شاء ‪ ،‬ويطلق‬ ‫) تقصد السر والذل ( فوقعت في سهم‬
‫من ل يريد ‪ ..‬ومات ) ‪ (‬عن تسع زوجات‬ ‫ثابت بن قيس فكاتبني على تسع أواق ‪،‬‬
‫) وكانت السيدتان خديجة وزينب بنت خزيمة‬ ‫فأعنى في فكاكي ) تطلب معاونته ) ‪(‬‬
‫قد توفيتا في حياته ( وكان لهن نعم الزوج‬ ‫في دفع المتفق عليه لتحريرها من السر (‬
‫والعشير ‪ ..‬وصدق فيه قول رب العزة ‪ ) :‬وما‬ ‫فقال لها ) ‪ : (‬أو خير من ذلك ؟‬
‫أرسلناك إل رحمة للعالمين ( ‪(3) .‬‬ ‫فسألته ‪ :‬ما هو ؟ فقال ) ‪ (‬أؤدي عنك‬
‫الكاتب الكبير أنيس منصور سأله مذيع‬ ‫•‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إحدى المحطات التليفزيونية العالمية ‪ :‬ما رأيك‬ ‫)‪ (1‬أسد الغابة – الجزء السابع – ص ‪. 57‬‬
‫في تعدد الزوجات ؟‬ ‫)‪ (2‬سيرة ابن هاشم ص ‪. 294 : 2‬‬
‫أجاب أنيس ‪ :‬إذا كان من رأيي أنه من حق‬ ‫)‪ (3‬الية ‪ 107‬من سورة النبياء ‪.‬‬
‫النسان أن يأتي بأي عدد من الطفال ‪ ،‬فل‬
‫يهم إذا كانوا من زوجة واحدة أو أكثر ‪ ..‬إنه حر‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل السابع‬
‫سؤال ‪ :‬أل ترى أنك تتمسك بمبادئ قديمة‬ ‫قالوا عن التعدد‬
‫بالية ‪ ،‬وأن العالم كله ضد كثرة الطفال وتعدد‬ ‫المرحوم الشيخ محمود شلتوت –‬ ‫•‬
‫الزوجات ؟! ) يقصد بالعالم كله غير المسلم‬ ‫شيخ الزهر لسبق – دعا الشباب القادر‬
‫طبعا ( ‪.‬‬ ‫إلى الزواج بأكثر من واحدة ‪ ..‬ففي العهد‬
‫أجاب أنيس منصور ‪ :‬أنت قلت بأنك تسألني‬ ‫الذي تولى فيه شلتوت مشيخة الزهر‬
‫بصفتي الشخصية ‪ ..‬هذا هو رأيي الشخصي ‪..‬‬ ‫الشريف كانت نسبة الفتيات في سن‬
‫ولكي أكون أكثر وضوحا فإنني مدين بوجودي‬ ‫الزواج تعادل ثلثة أمثال نسبة الذكور‬
‫لعدم تحديد النسل ‪ ..‬فنحن أحد عشر أخا ‪..‬‬ ‫القادرين على النكاح ‪..‬‬
‫وترتيبي بين أخوتي هو التاسع ‪ ..‬وأنا ضد‬ ‫ولهذا رأى الشيخ شلتوت أنه يجب على‬
‫الكتفاء بزوجة واحدة ‪ ..‬فقد تزوج أبى امرأتين‬ ‫كل شاب أن يتزوج ثلث فتيات ‪ ،‬وبذلك‬
‫‪ ..‬وأنا أبن الزوجة الثانية ‪ ..‬وأنا مع مبدأ حرية‬ ‫تستطيع مصر‬
‫الختيار ‪(1) .‬‬ ‫أن تنهى على مشكلة العنوسة نهائيا ‪..‬‬
‫***‬ ‫وبطبيعة الحال ثارت ضجة كبرى في‬
‫الدكتور أحمد شلبي – أستاذ الحضارة‬ ‫•‬ ‫ذلك الوقت ‪ ،‬وهاج أنصار التغريب على‬
‫والتاريخ السلمي في كلية دار العلوم بجامعة‬ ‫العالم الجليل ‪،‬‬
‫القاهرة ‪:‬‬ ‫لكنه ثبت كالجبل الشم ‪ ،‬ولم ينحن أبدا‬
‫)) المستشرقون يصرخون بأن تعدد الزوجات‬ ‫للعاصفة – كما يفعل آخرون في أيامنا‬
‫في السلم غير مقبول ‪ ،‬ولكن من الذي جعل‬ ‫العصيبة هذه !!‬
‫هؤلء مقياسا نأخذ به ؟ ! إن هذا الغرب أباح‬ ‫***‬
‫تعدد الخليلت ‪ ،‬وتعدد العشيقات معناه مليين‬
‫من الطفال غير الشرعيين ‪ ..‬ول شك أن تعدد‬
‫أولدها ‪ ،‬وحمايتهم والعدل بينها وبين الزوجة‬ ‫الزوجات أسمى وأطهر من تعدد‬
‫الجديدة ‪ ،‬فهل من الفضل أن يكون الزواج‬ ‫الخليلت ‪ ..‬فالخليلة ل حقوق لها ول‬
‫علنيا وحلل أم نسد هذا الطريق أمام الرجال‬ ‫لطفالها ‪ ..‬وتعدد الزوجات يخدم جنس‬
‫ونجبرهم على الحرام ؟ إننا يجب أن نحترم‬ ‫النساء أكثر مما يضرهن )‪ ..(2‬ويمكن لهن‬
‫الرجل الذي يلجأ للتعدد لنه مسلم يخاف‬ ‫منع التعدد إذا اتفقن جميعا على أل تتزوج‬
‫الله ‪..‬‬ ‫إحداهن برجل متزوج ‪ ..‬ولكنهن يقدمن‬
‫ولكن ما آخذه على كثير من الرجال الذين‬ ‫على ذلك لحاجتهن إليه ‪ ،‬فهو أفضل من‬
‫تزوجوا زوجة ثانية ‪ ،‬هو أنهم يجعلون هذا المر‬ ‫العنوسة (( ‪.‬‬
‫في السر ‪ ،‬على الرغم من أن زواجهم كان‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شرعيا ‪ ،‬ويتحرجون من ذلك أمام الناس ‪،‬‬ ‫)‪ (1‬أنيس منصور – لحظات مسروقة – ط دار‬
‫والسبب في ذلك أن التنشئة والتربية في‬ ‫الشروق ض ‪. 6‬‬
‫)‪ (2‬الستشراق – تاريخه وأهدافه – مكتبة النهضة‬
‫مجتمعنا تصف الزوجة الثانية بأنها )) ضرة ((‬
‫المصرية – ص ‪. 69‬‬
‫وكارثة ومصيبة ‪ ،‬وساعد على ذلك وسائل‬
‫العلم وغلبة بعض النماط الفكرية‬
‫المستوردة من الخارج ‪..‬‬
‫وتضيف ‪ )) :‬إنني أعرف بعض زميلتي تزوجن‬ ‫الدكتورة فتحية النبراوى – الستاذ‬ ‫•‬
‫كزوجة ثانية وقبلن من البداية هذا المبدأ ‪،‬‬ ‫بكلية الدراسات السلمية بجامعة الزهر –‬
‫ولكنهن بعد الزواج أردن الستحواذ على‬ ‫تقول ‪:‬‬
‫الزواج ‪،‬‬ ‫)) إن المسلمة ل يمكن أن ترفض التعدد و‬
‫تكرهه ‪ ،‬فهذا يدل على سوء تربية وضعف‬
‫في اليمان ‪ ،‬إن المسلمات لم يعترضن‬
‫على التعدد في عصر النبوة ‪ ،‬و المرأة‬
‫بطبيعتها تنفر من التعدد ‪ ،‬حتى نساء النبي‬
‫ومنهن من طلبت من زوجها أن يطلق زوجته‬ ‫) ‪ (‬كانت بينهن غيرة ‪ ،‬ولكن استقر‬
‫الولى ‪ ،‬فهل هذا منطقي ‪ ،‬وهل هذا معقول ؟‬ ‫الوضع وقبل المجتمع هذا التعدد ‪ ،‬لنه من‬
‫إن مجتمعنا – للسف الشديد – يعانى من‬ ‫الدين الذي هو من عند الله ‪ ،‬ول يمكن‬
‫اضطرابات كثيرة قد تكون واضحة في موضوع‬ ‫للمرأة أن تعترض علي التعدد طالما كان‬
‫كالتعدد ‪ ،‬لكنني أؤكد أنها موجودة في مختلف‬ ‫زوجها قادرا على النفاق عليها وعلى‬
‫مجالت حياتنا (( ‪.‬‬
‫وتقول د‪ .‬نادية هاشم ‪ :‬إن النساء في‬ ‫***‬
‫مجتمعاتنا الن أصبحن يرفضن التعدد ‪:‬‬ ‫أما د‪ .‬نادية هاشم – أستاذ الفقه‬ ‫‪-‬‬
‫متعلمات وغير متعلمات ‪ ،‬غنيات وفقيرات ‪،‬‬ ‫بجامعة الزهر – فتقول ‪:‬‬
‫متمدنات وريفيات ‪ ،‬متدينات وغير متدينات ‪،‬‬ ‫)) إنني أنظر لهذا الموضوع من الوجهة‬
‫والسبب في ذلك هو تأصل العراف الفاسدة ‪،‬‬ ‫الشرعية ‪ ،‬فهل المقصود من الية‬
‫وضعف الوازع الديني وغلبة الفكار الغربية ‪،‬‬ ‫الكريمة ‪ ) :‬فانكحوا ما طاب لكم من‬
‫فالعرف الن في مجتمعنا يرفض التعدد ‪،‬‬ ‫النساء مثنى وثلث ورباع ( الباحة العامة‬
‫ويعتبره ظلما للمرأة ‪ ،‬والشرع يقول إن‬ ‫أم أن المر مقيد بقيود شرعية ؟‬
‫العرف الذي يصطدم مع الدين هو عرف فاسد‬ ‫فالفقهاء الذين قالوا بالباحة العامة للتعدد ‪،‬‬
‫‪ ،‬كما أن ضعف الوازع الديني هو الذي يجعل‬ ‫قالوا أن هذا مباح حتى ولو لم تكن هناك‬
‫المرأة ل تطيق التعدد ‪ .‬ولو كانت مسلمة‬ ‫ضرورة تدعو إليه ‪ .‬إل أن من الفقهاء من‬
‫تعرف دينها ليقنت أن زوجها طالما كان قائما‬ ‫قال ‪ :‬إن هذه الباحة مقيدة بوجود حاجة أو‬
‫بحقوقها فل تملك أن تمنعه من الزواج ‪ ،‬لكن‬ ‫ضرورة ‪ :‬أن تكون الزوجة مريضة أو عاقرا‬
‫تعليم المرأة ‪ ،‬وسيادة الفكار العلمانية وما‬ ‫أو أن الرجل ل تكفيه امرأة واحدة ‪ .‬وقد‬
‫يسمى تحرير المرأة اعتبر أن التعدد فيه إهدار‬ ‫تكون الضرورة هي زيادة عدد الناث على‬
‫لكرامة المرأة ‪ ،‬هذا خطأ كبير (( )‪(1‬‬ ‫عدد الذكور في المجتمع ‪ ،‬وبعض‬
‫***‬ ‫الحصاءات تؤكد أن في مصر ثلثة عشر‬
‫مليون فتاة في سن الزواج ‪ ،‬وأن منهن‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫أربعة مليين فتاة فوق سن الثلثين ‪ .‬وفى‬
‫)‪ (1‬جريدة )) المسلمون (( عدد ‪/ 6 / 6‬‬ ‫رأيي ‪ :‬هذه ضرورة تدعوا إلى التعدد ‪ ،‬فإذا‬
‫‪ 1997‬م ‪.‬‬ ‫لم يعدد الرجال في هذه الحالة فمعنى ذلك‬
‫هو أن نصف بنات المجتمع سوف يكن بل‬
‫زواج ‪ ،‬ومعرضات للفتنة ‪..‬‬
‫وتضيف د‪ .‬نادبة هاشم ‪ :‬أن من حق الرجل‬
‫فضيلة الشيخ المرحوم محمد‬ ‫أن يتزوج ‪ ،‬رضيت زوجته الولى أم لم‬
‫الغزالي ‪:‬‬ ‫ترض ‪ ،‬لن العقد يملكه الرجل ‪ ،‬فله الحق‬
‫)) للحياة قوانين عمرانية واقتصادية ثابتة ‪،‬‬ ‫في أن يتصرف كما يشاء ‪ ،‬بشرط أل تكون‬
‫تفرض نفسها على الناس حتما ‪ ،‬عرفوها‬ ‫الزوجة قد اشترطت عليه أل يتزوج عليها ‪.‬‬
‫ثم إن هناك اختلفا كبيرا بين أنصبة الرجل من‬ ‫فاستعدوا لمواجهتها ‪ ،‬أم جهلوها فظهرت‬
‫الحساسية الجنسية ‪ ،‬فهناك رجال أوتو حظا‬ ‫بينهم آثارها ‪.‬‬
‫من كمال الصحة ويقظة الغريزة ونعومة‬ ‫وصلة الرجل الفرد بعدد من النساء من‬
‫العيش لم يؤته غيرهم ‪ ،‬والمساواة بين رجل‬ ‫المور التي تبت فيها الحوال الجتماعية ‪،‬‬
‫بارد المشاعر من نشأته ‪ ،‬وآخر قريب‬ ‫ويعتبر تجاهلها مقاومة عابثة للمر الواقع ‪،‬‬
‫الستثارة واسع الطاقة ‪ ،‬أمر بعيد عن‬ ‫وذلك أن النسبة بين عدد الرجال والنساء ‪،‬‬
‫العدالة ‪ ،‬ألسنا نبيح لذوى الشهية المتطلعة‬ ‫إما أم تكون متساوية ‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫مقادير من الطعام ‪ ،‬ل نبيحها للممعودين و‬ ‫راجحة في إحدى الناحيتين ‪.‬‬
‫الضعفاء ؟ فهذه بتلك ‪.‬ثم حكمة أخرى ‪ :‬قد‬ ‫فإذا كانت متساوية ‪ ،‬أو كان عدد النساء‬
‫تكون الزوجة على حال من الضعف أو المرض‬ ‫اقل ‪ ،‬فإن تعدد الزوجات ل بد أن يختفي‬
‫أو العقم أو تأخر السن ‪ ،‬فلماذا تترك لهذه‬ ‫من تلقاء نفسه ‪ ،‬وستفرض الطبيعة‬
‫العذار ؟‬ ‫توزيعها العادل قسرا ‪ ،‬ويكتفي كل امرئ –‬
‫إن من حق العشرة القديمة أن تبقى في كنف‬ ‫طوعا أو كرها – بما عنده ‪.‬‬
‫الرجل ‪ ،‬وأن تأتى على جانبها امرأة أخرى‬ ‫أما إذا كان عدد النساء أربى من عدد‬
‫تؤدى وظيفة الزوجة أداء كامل ‪.‬‬ ‫الرجال ‪ ،‬فنحن بين واحد من ثلثة ‪:‬‬
‫ومع المبررات الكثيرة للتعدد ‪ ،‬فإن لسلم‬ ‫‪ - 1‬إما أن نقضى على بعضهن بالحرمان‬
‫الذي أباحه رفض رفضا باتا أن يجعله امتدادا‬ ‫حتى الموت ‪.‬‬
‫لشهوات بعض الرجال وميلهم إلى المزيد من‬ ‫‪ - 2‬وإما أن نبيح اتخاذ الخليلت ‪ ،‬ونقر‬
‫التمتع و التسلط ‪ ،‬فالغرم على قدر الغنم ‪،‬‬ ‫جريمة الزنا ‪.‬‬
‫والمتع الميسرة تتبعها حقوق ثقيلة ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬وإما أن نسمح بتعدد الزوجات ‪.‬‬
‫ومن ثم فل بد – عند التعدد – من تيقن العدالة‬ ‫ونظن أن المرأة – قبل الرجل – تأبى حياة‬
‫التي تحرسه ‪.‬‬ ‫الحرمان ‪ ،‬وتأبى فراش الجريمة و العصيان‬
‫أما إذا ظلم الرجل نفسه أو أولدة أو زوجاته ‪،‬‬ ‫‪.‬‬
‫فل تعدد هناك ‪.‬‬ ‫فلم يبق أمامها إل أن تشرك غيرها في‬
‫الذي يعدد يجب أن يكون قادرا على النفقة‬ ‫رجل يحتضنها ‪ ،‬وينتسب اليه أولدها ‪ ،‬ول‬
‫اللزمة ‪.‬‬ ‫مناص بعدئذ من العتراف بمبدأ التعدد‬
‫الذي صرح به السلم ‪.‬‬
‫تلك حدود العدل والذي قرنه الله بالتعدد ‪،‬‬ ‫وإذا كان الشارع يعتبر العجز عن النفقة‬
‫فمن استطاع النهوض بأعبائها فليتزوج مثنى‬ ‫عذرا عن القتران بواحدة ‪ ،‬فهو – من باب‬
‫وثلث ورباع ‪ ،‬وإل فليكتف بقرينته الفذة ) فإن‬ ‫أولى – مانع من الزواج بما فوقها ‪.‬‬
‫خفتم أل تعدلوا فواحدة ‪. ( ..‬‬
‫وقرأت لبعض الصحفيين يعترض على مبدأ‬
‫التعدد ‪ :‬لماذا يعدد الرجال الزوجات ول تعدد‬
‫؟! ولقد نظرت إلى هؤلء‬ ‫النساء الزواج ‍‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬سورة النور الية ‪. 34‬‬
‫المتسائلين فوجدت جمهورهم بين داعر أو‬ ‫إن الشارع يوصى الشباب العزب بالصيام‬
‫ديوث أو قواد ‪ ،‬وعجبت لنهم يعيشون في‬ ‫ما دام ل يستطيع الزواج ‪ ،‬و يأمر العاجز‬
‫عالم من الزنا ‪ ،‬ويكرهون أشد الكره إقامة‬ ‫عن الواحدة بالستعفاف ‪.‬‬
‫أمر السرة على العفاف ‪..‬‬ ‫) وليستعفف الذين ل يجدون نكاحا حتى‬
‫والجواب على هذا التساؤل المريض أن الهدف‬ ‫يغنيهم الله من فضله ( )‪. (1‬‬
‫العلى من التواصل الجنسي هو إنشاء السرة‬ ‫فكيف الحال بمن عنده واحدة ؟ إنه بالصبر‬
‫‪ ،‬وتربية الولد في جو من الحضانة النظيفة ‪.‬‬ ‫أحق ‪ ،‬وبالستعفاف أولى ‪ ..‬وكثرة الولد‬
‫وهذا لن يكون في بيت امرأة يطرقها نفر من‬ ‫تتبع – عادة – كثرة الزوجات ‪ ،‬والسلم‬
‫الناس ‪ ..‬يجتلدون للستحواذ عليها ‪ ،‬ول يعرف‬ ‫يوجب رعاية العدل مع الولد في التربية ‪،‬‬
‫ليهم ولد منها ‪..‬‬ ‫والتكريم ‪ ،‬ووسائل المعيشة ‪ ،‬مهما‬
‫ثم إن دور المرأة في هذه الناحية دور القابل‬ ‫اختلفت أمهاتهم ‪ ،‬فعلى الب المكثر أن‬
‫من الفاعل ‪ ،‬والمقود المحمول من القائد‬ ‫يحذر عقبى الميل مع الهوى ‪ ،‬وكذلك‬
‫الحامل ‪ ..‬وإنك لتتصور قاطرة تجر أربعة‬ ‫يوجب السلم العدل مع الزوجات ‪.‬‬
‫عربات ‪ ،‬ول تتصور عربة تشد أربعة قاطرات ‪،‬‬ ‫ولئن كان الميل القلبي أعصى من أن‬
‫ومن الكفر بطبائع الشياء المماراة في أن‬ ‫يتحكم فيه إنسان ‪ ،‬فإن هناك من العمال‬
‫الرجال قوامون على النساء ‪.‬‬ ‫و الحوال ما يستطيع كل زوج فيه أن‬
‫على أنه من المؤسف حقا ‪ ،‬أن يهدر العوام‬ ‫يرعى الحدود المشروعة ‪ ،‬وأن يزن تصرفه‬
‫هذه الحدود ‪ ،‬وأن يتجهوا إلى التعديد دون‬ ‫بالقسط ‪ ،‬وأن يخشى الله فيما استرعاه‬
‫الوعي لمعنى العدل المفروض ‪ ،‬بل تلبية لنداء‬ ‫من أهل ومال ‪.‬‬
‫أما الخبط في مبدأ التعدد نفسه ‪ ،‬ومحاولة‬ ‫الشهوة ‪ ،‬ولو أدى إلى الفتيات والجور‬
‫النيل منه ‪ ،‬فهو عبث ‪.‬‬ ‫الصارخ ‪.‬‬
‫وأستطيع أن أقول أنه أثر من آثار الغزو‬ ‫فالرجل قد يعجز عن نفقة نفسه ‪ ،‬ثم هو‬
‫الصليبي الحديث لبلد السلم ‪.‬‬ ‫يسعى إلى الزواج ‪ .‬وقد يعجز عن رعاية‬
‫وفى طبقات كثيرة الن ينظر إلى التعدد على‬ ‫واحدة ‪ ،‬ثم هو يبحث عن غيرها !!‬
‫أنه منكر ! وإلى الزنا على أنه مسلة تافهة !‬ ‫وقد يحيف على بعض أولده في التعليم ‪،‬‬
‫أي أن المشكلة الن مشكلة الدين كله ‪,‬‬ ‫وفى توزيع الثروة تمشيا مع هواه ‪ ،‬وقد‬
‫والخلق كلها ‪..‬‬ ‫يتزوج الخرى ليهجر الولى ويذرها‬
‫وتقييد التعدد – والحالة هذه – محاولة سمجة‬ ‫كالمعلقة ‪.‬‬
‫لتلويث المجتمع على حساب السلم وباسم‬ ‫وربما تجد الرجل يستطيع البناء بأربع ‪،‬‬
‫القانون ‪.‬‬ ‫والنفاق على ما ينجبن من بنين وبنات ‪،‬‬
‫إن جمهورا كبيرا من النبيين والصالحين تزوج‬ ‫ومع ذلك القتدار ‪ ،‬فهو يحيا على التسول‬
‫بواحدة وأكثر من‬ ‫الجنسي والتقلب في أحضان الساقطات ‪،‬‬
‫فما دواء هذه الفوضى ؟ هل منع التعدد‬
‫يشفى المة من هذه الدواء ؟‬
‫واحدة ‪ ،‬ولم يخدش ذلك تقواه ‪ ،‬وفى صحف‬ ‫كل ‪ ،‬إن تقييد مباح ليس مما يعيى سياسة‬
‫العهد القديم الموجودة الن ما يؤيد ذلك ‪.‬‬ ‫التشريع في السلم ‪ .‬إل أن مبدأ التعدد لو‬
‫والسلم ل يرى التبتل عن النساء عبادة – كما‬ ‫سكت الدين عن إبداء الرأي فيه ‪ ،‬لوجب‬
‫يفعل الرهبان – ول الزواج إلى أربع معصية‬ ‫أن نبدى – نحن – الرأي فيه ‪ ،‬ونقول‬
‫كما ينسب إلى النصرانية ) أوضحنا من قبل‬ ‫بإباحتة ‪ ،‬صيانة للمصلحة العامة التي‬
‫أنه ل يوجد نص في النجيل بتحريم التعدد ( ‪.‬‬ ‫أوضحناها في صدور هذا الكلم ‪.‬‬
‫إنما المعصية ترك الغريزة الجنسية تتنزى كيف‬ ‫ولكن إقرار القاعدة شئ ‪ ،‬وسوء تطبيقها‬
‫تشاء ‪ ،‬أو في كبتها لتتسرب وراء وراء ‪ ،‬كما‬ ‫شئ آخر ‪..‬‬
‫تتسرب المياه الجوفية تحت أديم الغبراء )‪. (1‬‬ ‫وعندما يجئ دور التشريع في إصلح‬
‫مجتمعنا وإقامة عوجه – من هذه الناحية –‬
‫فلتتجه همة الباحثين إلى ضبط وسائل‬
‫***‬ ‫العدل و مظاهره إن أرادوا ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬محمد الغزالي – فقه السيرة – ص‬
‫‪ 432‬وما بعدها‬

‫رقم اليداع ‪97 / 7937‬‬


‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــ‬
‫‪I.S.B.N : 977- 5274 - 34 – 6‬‬

You might also like