Professional Documents
Culture Documents
.عنوان الكتاب :أمريكا والعالم :محادثات حول مستقبل السياسة الخارجية المريكية
جاءت النتخابات الرئاسية المريكية في وقت تشهد فيه الوليات المتحدة المريكية
باعتبارها قوة عظمى ،وكذلك طبيعة القوة في حد ذاتها ،تحولت جذرية لم تشهدها منذ
انتهاء الحرب الباردة وانتصار الوليات المتحدة على المعسكر الشرقي بقيادة التحاد
السوفيتي السابق .فبعد ثماني سنوات من حكم إدارتي الرئيس بوش البن ـ التي شهدت
التقاء قطبي المحافظين الجدد ،السياسي والديني ـ تواجه الوليات المتحدة المريكية
تحديات جمة على الصعيد الخارجي لسيما في منطقة الشرق الوسط وفي علقاتها مع
القوى الكبرى التقليدية ،روسيا والصين ،وحلفائها في القارة الوروبية ،وكذلك السياسة
الخارجية المريكية تجاه العالم النامي وكذلك في كيفية التعامل مع التغيرات في موازين
وطبيعة القوى على المسرح الدولي .فضل ً عن عديد ٍ من التحديات على الصعيد الداخلي
من أزمة اقتصادية طاحنة وارتفاع أسعار الطاقة وقضايا داخلية بامتياز كقضايا الرعاية
الصحية والضرائب .وهو المر الذي يفرض على الرئيس المريكي القادم باراك أوباما
ضرورة فهم طبيعة التحديات وتكيف الوليات المتحدة مع تلك البيئة المنية والمتغيرات
.الدولية الجديدة
وقد كانت التحديات التي تواجهها السياسية الخارجية المريكية محور كتاب صدر حديث ًا في
الوليات المتحدة تحت عنوان "أمريكا والعالم :محادثات حول مستقبل السياسة الخارجية
America And The "World: Conversations On The Future Ofالمريكية
وهو كتاب يتضمن محادثات (غير معدة محاورها أو أسلتها American Foreign Policy.
حَرَرة َ أدارها كاتب عمود بصحيفة الواشنطن بوست
م َ
ديفيد Washington Postمسبقة) ُ
بين خبيرين في الشئون الخارجية والسياسة الخارجية David Ignatiusإجناتيس
Brentوبرنت سكوكروفت Zbigniew Brzezinskiالمريكية زيجنو بريجنسكي
الربيع الماضي ،وقد امتدت المناقشات ليام متعددة تناولت مناقشات واسعة Scowcroft
حول القضايا الجدلية التي تواجهها الوليات المتحدة على المستوى الدولي ،وعلى
التحديات الساسية التي ستواجه الرئيس المريكي الجديد على صعيد السياسة الخارجية.
.ويتكون الكتاب من ثمانية فصول رئيسة يسبقها مقدمة كتبها إجناتيس
اتفقَ بريجنسكي وسكوكروفت على معارضة الحرب المريكية على العراق .ففي الوقت
الذي تصاعد فيه الحديث عن توجيه ضربة عسكرية أمريكية للنظام العراقي لسباب
متعددة استندت إليها الدارة الحالية بمساندة قوية من تيار المحافظين الجدد داخل الدارة
وخارجها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ،شكك كل من بريجنسكي وسكوكروفت
.في أهميتها ومدى حكمتها
كان انتقاد سكوكروفت للغزو المريكي على العراق صعبًا؛ لعلقته الوثيقة بعائلة بوش ،إل
بعنوان "ل " Wall Street Journalأنه نشر مقالة في صحيفة "وول ستريت جورنال
في الثاني والعشرين من أغسطس عام " Don't Attack Saddamتهاجموا صدام
.2002وفي تلك المقالة حذر سكوكروفت من أن الحرب المريكية على العراق ستُعرض
الجهود المريكية للحرب على الرهاب التي قادتها واشنطن بعد أحداث الحادي عشر من
سبتمبر للخطر ،إن لم تقض على تلك الجهود المريكية ،حيث قد تؤدي تلك الحرب إلى
وقف التعاون الدولي مع واشنطن في حربها على الرهاب .وأضاف متنبئًا بأن تلك الحرب
سوف تكون مكلفة جدًّا (حرب غالية الثمن) ،وسيكون لها تبعاتها القوية على القتصاد
.المريكي والعالمي
وفي الشهر ذاته الذي نشر فيه سكوكروفت مقالته ،حذر بريجنسكي من أن نتائج الحرب
المريكية في العراق غير متوقعة لسيما في منطقة ملتهبة ،وكان يرفض تلك الحرب
لستنادها على أسباب شخصية .وفي فبراير – 2003أي قبل شهر من الحرب المريكية
على العراق – أضاف أنه في حال اتخاذ الوليات المتحدة المريكية قراًرا منفردًا للحرب
على النظام العراقي السابق فإنها ستجد نفسها دون شريك في تحمل أعباء ونتائج تلك
.الحرب ،فضل ً عن حديثه عن تزايد العداوة والكراهية للوليات المتحدة بالخارج
ولذا ركز بريجنسكي وسكوكروفت في حديثهما مع إجناتيس على التأزم المريكي في
العراق مشيرين إلى أن تلك الحرب دعمت وعززت النفوذ اليراني بمنطقة الشرق
الوسط ،حيث كان العراق حجر عثرة أمام النفوذ اليراني بمنطقة الشرق الوسط ،فضلً
عن زيادة قوة الجماعات الرهابية وعدد من ينضمون إليها ،بجانب تزايد كراهية الوليات
المتحدة بالمنطقة .ورغم هذا التفاق إل أنهما يختلفان في موعد النسحاب المريكي من
يُعد أحد simply withdrawingالعراق ،حيث يرى سكوكروفت أن النسحاب البسيط
عوائق التوصل إلى حل ،في حين يرى بريجنسكي أن استمرار الوجود المريكي يعد أحد
.أوجه المشكلة العراقية والتأزم المريكي هناك
وعلى عكس أقطاب المحافظين الجدد بإدارتي الرئيس بوش يرى المستشاران السابقان
للمن القومي المريكي أن الحوار مع القوى والدول المعارضة أو العدائية للوليات
المتحدة من الدوات المفيدة لتحقيق المصلحة والسياسة الخارجية المريكية ،ويريان أن
لغة الرئيس بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001أبعدت الحلفاء عن الوليات
.المتحدة وزادت من الستياء العالمي للسياسة المريكية
ولهذا يُوليان أهمية لعملية السلم الفلسطينية – السرائيلية ،ويقولن :إن الوصول إلى
محفًزا
سلم فلسطيني – إسرائيلي سيحدث تغيرات جوهرية في المنطقة والذي سيكون ُ
للتعامل مع حركة المقاومة السلمية "حماس" وحزب الله اللبناني وسوريا وإيران ،وهما
في ذلك يتفقان مع ما ذهبت إليه عديد ٌ من التقارير الدولية مثل تقرير لجنة دراسة العراق
".أو تقرير "بيكر -هاميلتون
ومن هذا المنطلق يؤكدان أن على الرئيس المريكي القادم البدء بعملية السلم بمجرد
وصوله إلي البت البيض .في وقت تمر به منطقة الشرق الوسط بمرحلة غير عادية،
حسبما يذهب سكوكروفت ،حيث إن هناك حكومة إسرائيلية ضعيفة وكذلك كيان
فلسطيني ضعيف ،ويضيف سكوكروفت "ولول مرة نجد دول ً عربية مستعدة لتدعيم هذا
الحل" .ويضيف أن المنطقة هشة حاليًّا وهو المر الذي يفرض على الرئيس القادم
.التعامل بسرعة مع قضايا منطقة الشرق الوسط
.وهذا التجاه يرتبط بدوره باعتراف بريجنسكي بما يطلق عليه الصحوة السياسية العالمية
فيقول للمرة الولى في التاريخ أضحى العالم في صورته الكلية نشطًا سياسيًّا مكونًّا
بصورة كبيرة التعصب ونفاد الصبر وغياب المساواة والغيرة والستياء وهجرة على
مستوى واسع .والبحث عن الكرامة ومستوى معيشي مرتفع – في وقت تعجز فيه أغلب
الحكومات عن توفيره – إلى جانب انتشار أسلحة الدمار الشامل ،دفع بريجنسكي إلى
الملحظة بصورة تشاؤمية قائل " :اليوم ،قتل مليون شخص أسهل من فرض الحكم على
".مليين الضاجرين والثائرين ومن نفد صبرهم
ويرى بريجنسكي وسكوكروفت أن العولمة لم تعمل على نشر التجارة والتكنولوجيا على
ضا على نشر نفاد الصبر والستياء نتيجة المرونة والنفتاح
نطاق واسع وإنما عملت أي ً
والرغبة في الحديث مع الصدقاء والعداء على حد سواء ،وذلك حسبما يستخلص
.إجناتيس
زيجنو بريجنسكي ،خبير في الشئون السياسية والمنية ،وقد سطع اسمه كمحاضر
كما خدم بريجنسكي في إدارة Columbia،وكولومبيا Harvardبجامعتي هارفارد
الرئيس المريكي السبق جيمي كارتر مستشاًرا للمن القومي المريكي ،وهو حاليًا من
مستشاري وصانعي السياسات المستقبلية بمركز الدراسات الدولية والستراتيجية
بواشنطن ،ومحاضًرا (Center for Strategic and International Studies )CSIS
وله عديد ٌ من الكتابات منها كتابه " Johns Hopkins University،بجامعة جون هوبكنز
الختيار :السيطرة على العالم أم قيادة العالم" الذي يعد من أفضل الكتب بيعًا حسب
ويعيش حاليًا في العاصمة المريكية New York Times،صحيفة نيويورك تايمز
" Poland.واشنطن" ،وهو من مواليد بولندا
وهي شركة Scowcroft Group،أما برنت سكوكروفت فهو رئيس مجموعة سكوكروفت
للستشارات المالية والعمال الدولية ،وقد سطع اسمه كجنرال بالقوات الجوية المريكية،
كما خدم مستشاًرا للمن القومي بإدارة كل من الرئيس المريكي السبق جيرالد فورد
والرئيس الحالي "جورج بوش البن" ،ومساعدًا عسكريًّا للرئيس المريكي السبق
Georgeنيكسون .وهو مؤلف مشارك مع الرئيس المريكي السبق جورج بوش الب
ويعيش حاليًا في العاصمة A World Transformedكتاب تحول العالم H.W. Bush
Utah.المريكية واشنطن ،وهو من مواليد ولية يوتا
وخلصة القول :يقدم الكاتب للقارئ نقاشات موسعة حول عديد ٍ من التحديات الجمة التي
تواجهها السياسة الخارجية المريكية على المسرح الدولي حاليًا والتي نذكر منها على
سبيل المثال انتشار السلحة النووية والحتباس الحراري والرهاب ،والذي يعطي أهمية
.لنتخابات الرئاسة المريكية لختيار رئيس قادر على التعامل مع تلك التحديات