Professional Documents
Culture Documents
شرح ستة مواضع من السيرة
شرح ستة مواضع من السيرة
للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلـّغوا عنـّي ولو آية" في السفل
وتسجيل البريد اللكتروني :
http://www.balligho.com
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :من سنّ في السلم سنة حسنة ،فعمل بها
بعده ،كتب له مثل أجر من عمل بها .ول ينقص من أجورهم شيء ...الحديث.
فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك
تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل
أجورهم ول ينقص من الجر شيئا.
1
http://www.balligho.com مكتبيييييية موقييييييع بلّغوا عن ّييييييي ولو آييييييية
قال المام محمد بن عبد الوهاب رحمه ال تعالى :تأمل -رحمك ال -ستة مواضع من السيرة ،وافهمها
فهما حسنا ،لعل ال ان يفهمك دين النبياء لتتبعه ودين المشركين لتتركه ،فإن أكثر من يدعي الدين ويعد
من الموحدين ل يفهم الستة كما ينبغي .
وفيها أن أول آية أرسله ال بها { :يأيها المدثر * قم فأنذر } إلى قوله { :ولربك فاصبر } .
فإذا فهمت أنهم يفعلون أشياء كثيرة يعرفون أنها من الظلم والعدوان ،مثل الزنا ،وعرفت أيضا أنهم
يفعلون شيئا من العبادة يتقربون بها إلى ال ،مثل الحج والعمرة والصدقة على المساكين والحسان إليهم
وغير ذلك ،وأجلها عندهم الشرك ،فهو أجل ما يتقربون به إلى ال عندهم ،كما ذكر ال عنهم أنهم قالوا
{ :ما نعبدهم إل ليقربونا إلى ال زلفى } { ،ويقولون هؤلء شفعؤنا عند ال } وقال تعالى { :إنهم
اتخذوا الشيطين أولياء من دون ال ويحسبون أنهم مهتدون } .
فأول ما أمره ال به النذار عنه ،قبل النذار عن الزنا والسرقة وغيرهما ،وعرفت أن منهم من تعلق
على الصنام ،ومنهم من تعلق على الملئكة وعلى الولياء من بني آدم ،ويقولون ( :مانريد منهم إل
شفاعتهم ! ) ،ومع هذا بدأ بالنذار عنه في أول آية أرسله ال بها .
فإن أحكمت هذه المسألة فيا بشراك . . .
خصوصا إذا عرفت أن ما بعدها أعظم من الصلوات الخمس ،ولم تفرض إل في ليلة السراء -سنة عشر
،بعد حصار الشعب بسنتين ،وموت أبي طالب ،وبعد هجرة الحبشة بسنتين -فإذا عرفت أن تلك المور
الكثيرة والعداوة البالغة . . .كل ذلك عند هذه المسألة قبل فرض الصلة ،رجوت أن تعرف المسألة .
الموضع الثاني
[ أنه صلى ال عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك ،ويأمرهم بضده -وهو التوحيد -لم يكرهو ذلك
واستحسنوه ،وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه ،إلى أن صرح بسب دينهم وتجهيل علماءهم ،فحينئذ شمروا
له ولصحابه عن ساق العداوة ] :وقالوا ( :سفه أحلمنا ،وعاب ديننا ،وشتم آلهتنا ) ،ومعلوم أنه
صلى ال عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه ،ول الملئكة ،ول الصالحين ،لكن لما ذكر لهم أنهم ل يدعون
ول ينفعون ول يضرون . . .جعلوا ذلك شتما .
2
http://www.balligho.com مكتبيييييية موقييييييع بلّغوا عن ّييييييي ولو آييييييية
فإذا عرفت هذا ،عرفت أن النسان ل يستقيم له إسلم -ولو وحد ال وترك الشرك -إل بعداوة
المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض ،كما قال تعالى { :ل تجد قوما يؤمنون بال واليوم الخر
يوادون من حاد ال ورسوله . . .الية } .
فإذا فهمت هذا فهما جيدا ،عرفت أن الكثير من الذين يّدعون الدين ل يعرفونها ،وإل فما حمل المسلمين
على الصّبر على ذلك العذاب والسر والضرب والهجرة إلى الحبشة ؟ مع أنه صلى ال عليه وسلم أرحم
الناس ،لو يجد لهم رخصة لرخص لهم ،كيف وقد أنزل ال تعالى { :ومن الناس من يقول ءامنا بال
فإذا أوذي في ال جعل فتنة الناس كعذاب ال } فإذا كانت هذه الية في من وافقهم بلسانه ،فكيف بغير ذلك
؟!
فلما بلغ { :أفرءيتم اللت والعزى } ألقى الشيطان في تلوته ( :تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهم
لترتجى ) فظنوا أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قالها ،ففرحوا بذلك ،وقالوا كلما -معناه ( : -هذا
الذي نريد ،ونحن نعرف أن ال هو الضار النافع وحده ل شريك له ،ولكن هؤلء يشفعون لنا عنده ) . .
.فلما بلغ السجدة ،سجد وسجدوا معه ،فشاع الخبر أنهم صافوه ،وسمع بذلك من بالحبشة فرجعوا ،
فلما أنكر ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم ،عادوا إلى شر مما كانوا عليه ،ولما قالوا له ( :إنك قلت
ذلك ) خاف من ال خوفا عظيما ،حتى أنزل ال عليه { :وما أرسلنا من رسول من قبلك ول نبي إل إذا
تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } .
فمن فهم هذه القصة ،ثم شك بعدها في دين النبي صلى ال عليه وسلم ،ولم يفرق بينه وبين دين
المشركين . . .فأبعده ال ،خصوصا إن عرف أن قولهم ( :تلك الغرانيق ) الملئكة .
فمن فهمها فهما حسنا ،وتأمل إقراره بالتوحيد وحث الناس عليه وتسفيه عقول المشركين ومحبته لمن
أسلم وخلع الشرك ،ثم بذل عمره وماله وأولده وعشيرته في نصرة رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى
أن مات ،ثم صبره على المشقّة العظيمة والعداوة البالغة ،لكن لما لم يدخل فيه ،ولم يتبرأ من دينه
الول ،لم يصر مسلما ،مع أنه يعتذر من ذلك بأن فيه مسبة لبيه عبد المطلب ولهاشم وغيرهما من
مشايخهم .
ثم مع قرابته ونصرته ،استغفر له رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فانزل ال تعالى عليه { :ما كان
للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحب
الجحيم } .
3
http://www.balligho.com مكتبيييييية موقييييييع بلّغوا عن ّييييييي ولو آييييييية
والذي يبين هذا أنه إذا عرف رجل من أهل البصرة أو الحساء بحب الدين وبحب المسلمين ،مع أنه لم
ينصر الدين بيده ول ماله ،ول له من العذار ما لبي طالب ،وفهم الواقع من أكثر من يدّعي الدين ،تبين
الهدى من الضلل ،وعرف سوء الفهام ،وال المستعان .
وفيها من الفوائد والعبر ما ل يعرفه أكثر من قرأها ،ولكن مرادنا الن مسألة من مسائلها ،وهي أن من
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم من لم يهاجر -من غير شك في الدين وتزيين دين المشركين ،
ولكن محبته للهل والمال والوطن -فلما خرجوا إلى بدر ،خرجوا مع المشركين كارهين ،فقتل بعضهم
بالرمي -والرامي ل يعرفه -فلما سمع الصحابة أن من القتلى فلنا وفلنا شق عليهم ،وقالوا ( :قتلنا
إخواننا ) فأنزل ال تعالى { :إن الذيم توفهم الملئكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في
الرض قالوا ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إل
المستضعفين من الرجال والنساء والولدن ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيلً * فأولئك عسى ال أن
يعفو عنهم وكان ال عفوا غفورا . . .اليات } .
فمن تأمل قصتهم ،وتأمل قول الصحابة ( :قتلنا إخواننا ) أنه لو بلغهم عنهم كلم في الدين ،أو كلم في
تزيين دين المشركين ،لم يقولوا ( :قتلنا إخواننا ) فإن ال تعالى قد بين لهم -وهم في مكة ،قبل الهجرة
-أن ذلك كفر بعد اليمان بقوله { :من كفر بال بعد إيمنه إل من أكره وقلبه مطمئن باليمن } .
وأبلغ من هذا ما تقدم من كلم ال تعالى فيهم ،فإن الملئكة تقول { :فيم كنتم } ولم يقولوا ( :كذبتم )
مثل ما يقول ال والملئكة للمجاهد الذي يقول ( :جاهدت في سبيلك حتى قتلت ) فيقول ال ( :كذبت ،بل
قاتلت ليقال :جريء ) وكذلك يقولون للعلم والمتصدق ( :كذبت ،بل تعلمت ليقال :عالم ،وتصدقت ليقال
:جواد ) . . .وأما هؤلء فلم يكذبوهم ،بل أجابوهم بقولهم { :ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها }
.
ويزيد من ذلك إيضاحا للعارف والجاهل ،الية التي بعدها ،وهي قوله تعالى { :إل المستضعفين من
الرجال والنساء والولدن ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيلً } فهذا أوضح جدا أن هؤلء خرجوا من
الوعيد ،فلم يبق شبهة ،لكن لمن طلب العلم بخلف من لم يطلبه ،بل قال ال فيهم { :صم بكم عمي فهم
ل يرجعون . . .الية } .
ومن فهم كلم الحسن البصري ،قال ( :ليس اليمان بالتحلي ول بالتّمنّي ،ولكن ما وقر في القلب ،
وصدقته العمال ،وذلك ان ال تعالى يقول { :إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ) .
الموضع السادس [ قصة الردة ،بعد موت النبي صلى ال عليه وسلم ]
فمن سمعها ل يبقى في قلبه مثقال ذرة من شبهة الشياطين الذين يسمون " العلماء " وهي قولهم ( :هذا
هو الشرك ،لكن يقولون :ل إله إل ال ،ومن قالها ل يكفر بشيء ! ) واعظم من ذلك وأكبر تصريحهم
4
http://www.balligho.com مكتبيييييية موقييييييع بلّغوا عن ّييييييي ولو آييييييية
بأن البوادي ليس معهم من السلم شعرة ،ولكن يقولون :ل إله إل ال ،وهم بهذه اللفظة أهل إسلم ،
وحرم السلم مالهم ودمهم ،مع إقرارهم بأنهم تركوا السلم كله ،ومع علمهم بإنكارهم البعث
واستهزائهم بمن أقرّ به ،واستهزائهم وتفضيلهم دين آباءهم المخالف لدين النبي صلى ال عليه وسلم ،
ومع هذا كله يصرخ هؤلء الشياطين المردة الجهلة ( :أن البدو أسلموا ،ولو جرى ذلك كله ،لنهم
يقولون :أن ل إله إل ال ) ،ولزم قولهم أن اليهود أسلموا لنهم يقولونها ،وأيضا كفر هؤلء أغلظ من
كفر اليهود بأضعاف مضاعفة -أعني البوادي المتصفين بما ذكرنا -والذي يبين ذلك من قصة ال ّردّة ،أن
المرتدين افترقوا في ردّتهم ،فمنهم من كذّب النبي صلى ال عليه وسلم ورجعوا إلى عبادة الوثان ،وقالوا
( :لو كان نبيا ما مات ! ) ،ومنم من ثبت على الشهادتين ،ولكن أقرّ بنبوّة مسيلمة ،ظنا أن النبي صلى
ال عليه وسلم أشركه في النبوة ،لن مسيلمة أقام شهود زور ،شهدوا له بذلك ،فصدقهم كثير من الناس
،ومع ذلك أجمع العلماء أنهم مرتدّون -ولو جهلوا ذلك -ومن شكّ في ردّتهم فهو كافر .
فإذا عرفت أن العلماء اجمعوا أن الذين كذبوا ورجعوا إلى عبادة الوثان وشتموا رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،هم ومن اقرّ بنبوّة مسيلمة في حال واحدة ،ولو ثبت على السلم كله .
ومنهم من أقرّ بالشهادتين ،وصدق طليحة بن خويلد السدي في دعواه النبوّة ،ومنهم من صدق عيهلة
بن كعب السود العنسي -صاحب صنعاء -وكل هؤلء أجمع العلماء أنهم سواء .
ومنهم من كذب النبي صلى ال عليه وسلم ورجع إلى عبادة الوثان على حال واحدة ،ومنهم نوع أخر ،
آخرهم الفجاءة السّلمي لما وفد على أبي بكر وذكر له أنه يريد قتال المرتدين ويطلب من أبي بكر أن
يمدّه ،فأعطاه سلحا ورواحل ،فاستعرض السّلمي المسلم والكافر يأخذ أموالهم ،فجهز أبو بكر جيشا
لقتاله ،فلما أحسّ بالجيش ،قال لميرهم ( :أنت أمير أبي بكر ،وأنا أميره ،ولم أكفر ) قال المير :
( إن كنت صادقا فألق السّلح ) فألقاه ،فبعث به إلى أبي بكر ،فأمر بتحريقه بالنار وهو حي . . .
فإذا كان هذا هو حكم الصحابة في هذا الرجل ،مع إقراره بأركان السلم الخمسة ،فما ظنك بمن لم يقر
من السلم إل بكلمة واحدة ،إل أن يقول ( :ل إله إل ال ) بلسانه مع تصريحه بتكذيب معناها ،وتصريحه
بالبراءة من دين محمد صلى ال عليه وسلم ،ومن كتاب ال تعالى ؟! ويقولون هذا دين الحضر ودين
آبائنا ،ثم يفتون هؤلء المردة الجهال ( :أن هؤلء مسلمون ! ولو صرحوا بذلك كله ،إذا قالوا :ل إله
إل ال ! ) سبحانك هذا بهتان عظيم .
وما أحسن ما قال واحد من البوادي ،لما قدم علينا وسمع شيئا من السلم ،قال ( :أشهد أننا كفار -
يعني هو وجميع البوادي -واشهد أن المطوع الذي يسمينا أهل السلم أنه كافر ! ) .
رجوع
5