Professional Documents
Culture Documents
الإسلام والغرب .. العلاقة التاريخية والمتغيرات الراهنة
الإسلام والغرب .. العلاقة التاريخية والمتغيرات الراهنة
لم تتشكل العلقة بين السلم والغرب إلّ في إطار حالةٍ من اللتباس فرضتها
جملة من العوامل التاريخية يمكن تحديد بداياتها الولى بحملة نابليون على مصر
ل إلى الستنـزاف
وما استتبعها من تساؤلت طرحها المسلمون على أنفسهم ,وصو ً
الحالي للسلم من قبل السياسات الدولية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من
سبتمبر.
هذه المفاهيم الغربية الخاطئة التي شرحها إدوارد سعيد في كتابيه " :تغطية
السلم " أظهرت السلم بأنه رمز للرعب والدمار ،وبأن المسلمين أفواج من
البرابرة ،ولذلك يجب تحديثهم بأسلوب يحاكي حضارة الغرب -أي الثقافة الغربية
التي تعتبر نفسها القاعدة وتنظر إلى بقية الثقافات على أنها الستثناء -مما يمهد
الطريق أمام الهداف السياسية والقتصادية الغربية ويُدخل السلم في دائرة
الستغلل .
من جهة أخرى تتحمل كثير من النظمة العربية والسلمية المسؤولية في هذا
المجال ،فهي حتى الوقت الراهن لم تنجح في تأسيس دولٍ حديثة قادرة على إيقاف
الختراق الستعماري الغربي بوجهيه القديم والمعاصر.
ل مشاحة أن الغرب الذي ل ننظر إليه ككتلة واحدة أسّس بدوره لكيانات
سياسية هشة ،فالتحالف الضمني بينه وبين الطبقة الحاكمة في المجالين العربي
والسلمي أوقف عجلة الصلح السياسي والجتماعي والقتصادي ،والغرب
الذي يطبق الديمقراطية والحداثة السياسية في مجتمعاته يمنع تطبيقها في الدوائر
الحضارية الواقعة تحت هيمنته ،وهو رغم مطالبته الدائمة بالتحديث ونشر
الديمقراطية إل أنه يستغل مطالبه لغايات سياسية ل تهدف لقامة ميثاق عالمي بين
المم والحضارات يخفف من حدة الحتقان ويطرح آليات جديدة قائمة على
التحاور وليس التنابذ وإدانة الخر ،بل على العكس من ذلك فإن الدارة الميركية
السابقة المتحالفة مع المحافظين الجدد تروّج لخلصات تصادمية قائمة على حتمية
صراع الحضارات واعتبار السلم كله متطرفًا ذا طبيعة نصوصية ،أي أنه
يستعصي على التغيير ومواكبة التحولت العالمية .
تأسيسًا على ذلك فإن المطالبة الغربية بضرورة تحديث السلم وتطويعه
خاصةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001تندرج في سياق تبدل
استراتيجيات السياسة الميركية الخارجية .فبعد أن أرهقت المسلمين في حربها
مع الشيوعية ها هي اليوم تستنزفهم من جديد في لعبة الصراع السياسي القليمي
والدولي .
إلى ذلك فإن التحديث الذي تطالب به الدارة الميركية تحت ذريعة مكافحة
الرهاب ل يمكن تحقيقه قبل الجابة عن المسائل الساسية التي تعاني منها
مجتمعاتنا لسيما القضية الفلسطينية والتدخل المريكي اليومي في شئون منطقتنا
ف عن الكره المُفرط للسلم .
والك ّ
داخلياً فإن النظمة السياسية مطالبة بإنشاء دولٍ حديثة وبتوزيع عادل للثروات
وبتأمين بيئة حريات قادرة على استيعاب كافة الطراف السياسية عبر المشاركة
الفعلية في صناعة القرار.