You are on page 1of 6

‫القــوقعـة‬

‫( يوميات متلصص )‬
‫‪http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/160/160404.g‬‬
‫‪if‬‬
‫=============================‬
‫قصة طالب سوري مسيحي يعود إلى وطنة‬
‫ويتهم بأنه من تنظيم الخــوان المسلمين‬
‫رحلة معاناة مليئة بالمفاجئات‬
‫وبالرغم أني توقفت أكثر من مرة لغرابة وبشاعة‬
‫مايمكن أن يصل إلية النسان!‬
‫إل أن الثارة ورغبة معرفة النهاية‬
‫جعلتني أُكمل قرائتها‬
‫____________________‬
‫‪http://www.moheet.com/image/61/225-300/615579.jpg‬‬
‫أقتبست لكم بعض الفقرات‬

‫جلست وسوزان في كافيتيريا مطار أورلي بباريس ننتظر إقلع الطائرة التي ستقلني إلى بلدي بعد غياب دام ست‬
‫سنوات‪.‬‬
‫حتى ربع الساعة الخير هذا‪ ،‬لم تيأس سوزان من محاولة إقناعي بالبقاء في فرنسا‪ ،‬أخذت تكرر على مسامعي نفس‬
‫الحجج التي سمعتها منذ شهور عندما أعلمتها بقراري النهائي بالعودة إلى الوطن والعمل هناك‪.‬‬
‫قلت لها حسماً لخر نقاش في الموضوع ونحن في المطار‪:‬‬
‫‪ -‬سوزان ‪ ..‬أنا أحب بلدي‪ ،‬مدينتي‪ .‬أحب شوارعها وزواياها‪ .‬هذه ليست رومانسية فارغة‪ ،‬إنه شعور أصيل‪ ،‬أحفظ‬
‫العبارات المحفورة على جدران البيوت القديمة في حينا‪ ،‬أعشقها‪ ،‬أحن إليها‪ .‬هذا أولً‪،‬‬
‫أما ثانياً فهو أنني أريد أن أكون مخرجاً متميزاً‪ ،‬في رأسي الكثير من المشاريع والخطط‪ ،‬إن طموحي كبير‪ ،‬في‬
‫فرنسا سوف أبقى غريباً‪ ،‬أعمل كأي لجيء عندهم‪ ،‬يتفضلون علي ببعض الفتات ‪ ...‬ل‪ ...‬ل أريد‪ .‬في بلدي أنا‬
‫صاحب حق… وليس لحد ميزة التفضل عليّ‪ ،‬بقليلٍ من الجهد أستطيع أن أثبت وجودي‪ ،‬هذا إذا نحّينا جانبا حاجة‬
‫الوطن لي ولمثالي‪.‬‬
‫========================================‬
‫ودون ان افكر او اعي بما اقوم به مشيت وجلست الى جانب تل >>>>><<<< ‪ ،‬انحنيت وشممت بعمق ‪ ،‬انها رائحة‬
‫الطبيعة ‪ ...‬انها رائحة الحياة ‪ ،‬اخضراره هو اخضرار الحياة ذاتها ‪ ،‬امسكت واحدة وادنيتها من انفي وتنشقتها‬
‫بعمق ‪ ،‬اغمضت عيوني واعتقد ان ملمحي كلها كانت تبتسم ‪.‬‬
‫كان كل هذا اشبه بزلزال ‪ ،‬ارتج كيانه كله ‪ ،‬فتحت عيني واذ بغابة من العيون تحدق بي ‪ ...‬لم اعبأ ‪، <<<>>>> ،‬‬
‫مشيت الى فراشي ‪ ،‬تمددت ‪ ،‬غطيت رأسي ‪ ...‬وبكيت بصمت ‪.‬‬
‫بقيت عدة ساعات تحت البطانية ‪ ،‬ل اريد ان ارى احدا ‪ ،‬ل اريد ان ارى شيئا ‪ ،‬البكاء اراحني قليلً ‪ ...‬ولم البث‬
‫طويلً حتى نمت ‪ ،‬استيقظت عصرا رفعت البطانية وجلست ‪ ،‬كان امام فراشي مجموعة متنوعة من الغراض ‪...‬‬
‫نظرت حولي ‪ ،‬واضح ان حصتي مساوية لحصة أي سجين اخر منهم ‪ ،‬لاكثر ول اقل ‪.‬‬
‫( هم جميعا يكرهونني ‪ ،‬هم جميعا يحتقرونني ‪ ،‬بعضهم يريد قتلي ‪ ...‬كل هذا صحيح ‪ ،‬ولكن في المور الحياتية ‪...‬‬
‫كانوا عادلين معي ) ‪.‬‬
‫اخذت الغراض ‪ ،‬رتبتها كوسادة ‪ ...‬اكلت ‪ ،‬ولكن لم اشأ ان اكل نصف الخيارة‬
‫=======================‬

‫منذ أكثر من سنة ‪ ،‬كان أحد الرقباء واقفا في ظل الحائط ‪ ،‬مرت فأرة من أمامه فهرسها ببوطه العسكري ‪ ،‬أخرج‬
‫الرقيب من جيبه منديل ورقيا وأمسكها بواسطة المنديل من ذيلها ‪ ،‬اقترب من صفوف المساجين التي تدور حول‬
‫الساحة ‪ ،‬أمسك بأحد السجناء ل على التعيين وأجبره على ابتلع الفأرة ‪ ،‬ابتلع السجين الفأرة ‪.‬‬
‫منذ ذلك اليوم صرف الرقباء وعناصر الشرطة جزءا مهما من وقتهم لاصطياد الفئران والصراصير والسحالي‬
‫وإجبار السجناء على ابتلعها ‪ ،‬كلهم قاموا بهذا العمل ولكن ابتكاره " ابداعه " عائد لول رقيب قام بهذا العمل ‪.‬‬

‫في مهجعنا عائلتان‪ ،‬العائلة الولى تتألف من أربعة أخوة‪ ،‬أما العائلة الثانية فهي تتألف من أب وثلثة أبناء ‪.‬‬
‫عند بداية الحداث ‪ ،‬استطاع البناء الثلثة وهم جميعا منظمون‪ ،‬استطاعوا الفرار و التواري عن النظار‪ ،‬وعند‬
‫مداهمة المنزل وجد رجال المن والد الفارين وحيدا‪ ،‬اقتادوه معهم إلى فرع المخابرات‪ ،‬وهناك ظل الب أكثر من‬
‫شهرين رهن التحقيق‪ ،‬يريدون منه أن يدلهم على مكان تواجد أولده‪ ،‬وهو حقيقة لم يكن يعرف ! وبعد شهرين‬
‫أرسلوه إلى العاصمة وهناك أيضا حققوا معه لكن دون جدوى‪ ،‬أخيرا سئم الضابط منه وقال له إنهم سيبقونه في‬
‫السجن رهينة إلى أن يسلم أولده أنفسهم للمن ‪.‬‬
‫بقي الب عدة شهور في العاصمة‪ .‬بعدها تم ترحيله مع الآخرين إلى السجن الصحراوي‪ ،‬عندما ضاقت سجون‬
‫وفروع المخابرات في العاصمة ‪.‬‬
‫بعد ثلثة أعوام من بدء اعتقال الب‪ ،‬أصبح جميع أبنائه في السجن الصحراوي‪ ،‬تم اعتقالهم واحدا إثر الخر‪،‬‬
‫ورغم اعتقال الإخوة الثلثة لم يتم اطلق سراح الب ‪.‬‬
‫بعد ثلثة أعوام أخرى جاء دور قضيتهم لتنظر فيها المحكمة الميدانية‪ .‬كان هناك أكثر من خمسين شخصا‬
‫سيحاكمون في ذلك اليوم ‪.‬‬
‫بعد أن انتهت محاكمتهم يبدوا أن أحد الضباط قد لحظ وانتبه أن الكنية واحدة للربعة‪ ،‬فطلبت هيئة المحكمة من‬
‫الشرطة ادخال الب و أبنائه ‪.‬‬
‫كانت هيئة المحكمة المؤلفة من ثلثة ضباط في حالة استرخاء وكان مدير السجن يروي لهم نكته ‪ ,‬فوقف الربعة‬
‫عند باب الغرفة المغلق وقفة تصاغر ‪ ,‬لم يعرهم أي من الحاضرين اهتماما ‪ ,‬ضحكوا بشدة ‪ ..‬تبادلوا التعليقات ‪..‬‬
‫بعد بضع دقائق التفت أحد الضباط وأمعن النظر بالشخاص الربعة ‪ ,‬كان جو المرح لزال سائدا ‪ ,‬توجه بالحديث‬
‫للب ‪..‬‬
‫شو يا حجي ‪ ..‬أنتوا كنيتكم واحدة ‪ ..‬أنتوا بتقربوا بعضكم شي ؟‬ ‫‪-‬‬
‫نعم يا سيدي نعم ‪ ..‬هدول أولدي وأنا أبوهم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قديش عمرك أنت ‪ ..‬ول ؟‬ ‫‪-‬‬
‫و ال بالضبط ما بعرف يا سيدي ‪ ..‬بس يمكن صار فوق السبعين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شوف يا حجي ‪ ...‬شو تتوقع يكون حكمكم ؟‬ ‫‪-‬‬
‫يا سيدي ‪ ..‬رحمة ال واسعة ‪ ,‬و انتوا دائما بتحكموا بالعدل !!‬ ‫‪-‬‬
‫طيب اسمعني ‪ ..‬انتوا اربعة أشخاص عائلة واحدة ‪ ....‬ونحن حكمنا على ثلثة منكم بالعدام ‪...‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهلق ‪ ..‬أنت بدك تختار مين لزم ينعدم ومين الواحد ياللي لزم يعيش‬
‫==========================‬
‫ابتدأ هبوب الرياح واشتدت عند الظهيرة ‪ ،‬اصبحت الرياح زوابع ‪ ،‬هذه الزوابع قذفت من الشراقة التي في السقف‬
‫بالضافة إلى الغبار والكثير من القش والعيدان الجافة الخفيفة الوزن ‪ ..‬أشواك ‪ ..‬شتى النباتات الصحراوية اليابسة ‪.‬‬
‫كل من لديه قطعة ثياب زائدة حاول لف رأسه بها ‪ ،‬الكثير من الشخاص لم يعد يظهر من وجوهم سوى العينان ‪.‬‬
‫فجأة قذفت الريح على القضبان الحديدية للشراقة صفحة كاملة من جريدة ‪ ..‬علقت هذه الصفحة بين القضبان !‪.‬‬
‫أنظار جميع من في المهجع تعلقت بهذه الجريدة العالقة بين القضبان في السقف ‪ ،‬تهزها الريح ويسمع الجميع صوت‬
‫خشخشتها ‪.‬‬
‫سمعت البعض يدعون ويبتهلون إلى ال ان يسقط الجريدة داخل المهجع وأل يجعلها تطير بعيدا !‪.‬‬
‫كما تمنى الجميع تمنيت أنا أيضا أن تسقط الجريدة داخل المهجع ‪ ،‬منذ أن أصبحت في بلدي لم أر حرفا واحدا‬
‫مطبوعا !‪ ،‬الجميع مثلي ‪ ..‬شوق حقيقي لرؤية الحرف المتلصقة ‪ ،‬الكلمات المطبوعة!‪.‬‬
‫هذه جريدة ‪ ،‬وفي الجريدة أخبار ‪ ،‬ونحن منذ أكثر سنتين‪ ،‬تاريخ قدوم آخر نزيل إلى المهجع ‪ ،‬لم نسمع شيئا عما‬
‫يدور خارج هذه الجدران الربعة ‪.‬‬

‫سمعت حركة في الساحة ‪ ,‬جلست ‪ ,‬نويت أن أنظر من الثقب لرى ما يفعلون ‪ ,‬قبل أن أمد يدي لفتح الثقب سمعت‬
‫أحد الشرطة يصرخ بصوت عالٍ ‪ ..‬لم أفهم ماذا يقول ‪ ,‬عاد لتكرار صراخه ‪ ,‬إنه يقول اسما ثلثيا ‪ ,‬أنصت أكثر ‪..‬‬
‫يصرخ ‪:‬‬
‫يا مهاجع الساحة السادسة ‪ ..‬مين عنده هذا السم ؟‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وقال السم الثلثي مرة ثالثة ‪.‬‬
‫إنه اسمي !!‪.‬‬
‫لجزاء من الثانية كنت أتساءل من هو صاحب هذا السم ؟‪ ..‬وقعه ليس غريبا علي ‪ ..‬كأنني سمعت هذا السم يوما‬
‫ما !! ‪ ..‬إنه اسمي ‪.‬‬

‫ثم سمعته يخاطب آخرين في الغرفة ‪:‬‬


‫خذوه على بساط الريح وبس يقرر يعترف ‪ ..‬هاتوه لهون !‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سحبوني بعنف ‪ ،‬رغم كل شيء فقد ارتحت قليل لنني عرفت أن أهلي قد أصبحوا ورائي ‪ ،‬القوني على لوح خشبي‬
‫‪ ،‬ربطوني من جميع أنحاء جسمي ‪ ،‬رفعوا الجزء السفلي من اللوح الخشبي عاليا ‪ ..‬ثبتوه ‪.‬‬
‫بدأ الضرب ‪ ..‬وبدأ الصراخ ‪.‬‬
‫كنت أتألم بشدة ‪ ،‬لكنني لم أكن خائفا ول هلعا ‪ ،‬أنا الن " صاحب خبرة وتجربة " ‪ ،‬لقد رأيت وسمعت الكثير من‬
‫الحالت أمامي ‪ ..‬ومنها تعلمت وحفظت ‪.‬‬
‫كما لرجال المن دروسهم وقواعدهم ‪ ،‬فإن للسجناء أيضا قواعدهم ووصاياهم ‪ ،‬وهنا كان أهم وصيتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬مهما تألمت من التعذيب فل تعترف بشيء لكي تتخلص من اللم ‪ ،‬لأن العتراف مهما كان صغيرا‬
‫سيجعلهم يعرفون أنك قد ضعفت ‪ ،‬لذلك فان كمية التعذيب ستزيد لانتزاع المزيد من العترافات بدلً من أن تنتهي ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬اذا طلبوا منك أن تتعاون معهم وتصبح مخبرا لديهم مقابل أن يطلقوا سراحك ‪ ،‬فل تقبل مطلقا ‪ ،‬لنك إن‬
‫قبلت تكون قد تورطت ورطة تدوم مدى الحياة ‪ ،‬وهم دائما يكذبون !‪.‬‬

‫اليوم في العاشرة صباحا حضر شرطي إلى باب الجناح يحمل بيده ورقة ‪ ,‬صاح اسمي وقال لبو وجيه رئيس الجناح‬
‫‪:‬‬
‫–بلغ هذا ‪ ..‬عندو زيارة ‪.‬‬
‫انشغل أكثر من عشرة اشخاص بمسالة تجهيزي وإعدادي للزيارة ‪ ,‬حلقة الذقن ‪ ,‬تشذيب الشاربين ‪ ,‬البنطال و‬
‫القميص ‪ ,‬الحذاء " سألوني عن نمرة حذائي واتوني بحذاء نمرته ‪ /42/‬بناءً على طلبي ‪ ,‬لكنه كان صغيرا ‪ ,‬ولم تدخل‬
‫قدمي إل في حذاء نمرته ‪ /44/‬لقد كبرت قدمي نمرتين !"‬
‫وكانت هذه هي المرة الولى التي ألبس فيها حذا ًء منذ حوالي ‪ /13/‬عاما ‪ ,‬مثلما كانت المرة الولى التي أرى فيها‬
‫مرآة طوال نفس المدة ‪.‬‬
‫بعد أن ألبسوني كما يلبسون العريس ‪ ,‬رشوني بالعطور ‪ ,‬كنت متوترا ‪ ,‬يداي ترتجفان ‪ ,‬دخنت سيجارة إلى حين‬
‫مجيء السجان لخذي إلى الزيارة ‪.‬‬
‫مشيت إلى جانب السجان متوجسا مرتبكا ‪ ,‬كدت أقع مرتين بعد أن تعثرت بالحذاء الذي ألبسه " ما أصعب المشي‬
‫بالحذاء " وصلنا إلى غرفة بابها مفتوح يجلس فيها رجل كهل ابيض الشعر وأمرأة شابة تحمل على صدرها طفلً‬
‫رضيعا ‪ ,‬وضع السجان يده على ظهري بلطف ‪ ,‬وقال ‪:‬‬
‫–تفضل ‪ ..‬ادخل ‪.‬‬
‫دخلت ‪ ..‬واحتاج المر إلى عدة ثوان من التحديق حتى استطعت تبين ملمح أخي الكبر !‪ ..‬هو أيضا لم يعرفني‬
‫لول وهلة " مضى تسعة عشر عاما منذ أن رأيته أخر مرة‬

‫أعطيت السائق عنوان بيتنا‪ .‬نزلت من السيارة بعد أن أعطيته نصف ما أملك من النقود‪ .‬مشيت على الرصيف‪ .‬كنت‬
‫أنظر إلى الرصيف وأخشى في كل لحظة أن ينخسف و أغوص في حفرة ل نهاية لها ‪.‬‬
‫صعدت الدرج‪ ،‬ضغطت الجرس ‪ ..‬من سيفتح الباب ؟‪ ..‬أمي‪ ،‬أبي ؟ ‪.‬‬
‫لم يفتح لي أحد ! أين أبي؟ ‪ ..‬أين أمي؟‪..‬‬
‫جلست على الدرج‪ ،‬بقيت جالسا ثلث ساعات تقريبا‪ ،‬مرت بي العديدات من جاراتنا صعودا أو نزولً‪ ،‬ينظرن إلي‬
‫باستغراب وتوجس‪ ،‬لم أعرف أية واحدة منهن‪ .‬حضر شاب أنيق يلبس نظارات طبية‪ ،‬نظر إلي باستغراب ثم‬
‫تجاوزني‪ ،‬فتح باب بيتنا ‪ ..‬ودخل !‪.‬‬
‫وقفت ‪ ..‬ناديت عليه‪ ،‬التفت إلي دون أن يستدير ناظرا بطرف عينه‪.‬‬
‫–نعم ‪ ..‬شو بتريد؟‬
‫–من أنت ‪ ..‬لوين داخل؟‪.‬‬

You might also like