You are on page 1of 2

‫هل نقول “وداعًا” للخضر ………حسين أشرف‬

‫ل تنمو الرأسالية بشكل متسا ٍو ول على وتية واحدة‪ .‬وعلى طول تاريها كان للرأسالية مراكز قوية تزدهر ث تذوي لتحل ملها‬
‫مراكز أخرى‪ .‬فل ننسى أسبانيا والبتغال‪ ،‬وهولندا وانلترا وفرنسا‪ ،‬ث ماولت ألانيا واليابان وإيطاليا ف الزاحة السلحة مع‬
‫الراكز الخرى‪.‬‬

‫ولكن الركز الرأسال المريكي أخذ ف الستقواء على الميع بعدما خرج كل القوياء منهكي من الرب العالية الثانية‪ ،‬وحيث‬
‫أعلنت أمريكا سطوتا العسكرية الساحقة عندما ضربت هيوشيما ونازاكي بالقنابل الذرية‪ ،‬ليجتمع رمزان مهمان للمباطورية‬
‫المريكية ها أسلحة التدمي الشامل والدولر‪ .‬وإل جانب هذين الرمزين لعبت الثقافة الستهلكية المريكية دورها ف إشاعة‬
‫النموذج المريكي عاليًا‪.‬‬

‫وإذا كانت اليمنة المريكية قد جعت بي أساليب الستعمار الديد (القتصاد والثقافة واليمنة السياسية على الدول الخرى ف‬
‫الراكز والطراف) وأساليب الستعمار الديد (حروب كوريا وفيتنام‪ ،‬والروب بالوكالة ف آسيا وأفريقيا‪ ،‬والروب السرية‬
‫القذرة ف أمريكا اللتينية‪ ،‬والروب الدعائية والستخباراتية ف شرق أوربا)‪ ..‬فإن اليمنة المريكية قد تعرضت لتحديات كبى‬
‫حقيقية من جانب منظومة الدول الشتراكية السابقة خلل الرب الباردة‪ ،‬إل أن المر قد دان لواشنطون ف النهاية باستناف‬
‫العسكر الشرقي اقتصاديًا وعسكريًا (فضلً عن العيوب الطية الت عانت منها التجارب الشتراكية نفسها)‪.‬‬

‫بدءًا من التسعينات تصورت الوليات التحدة أن الساحة الدولية قد خلت لا تامًا‪ ،‬فأخذت تلي إرادتا بشكل علن على‬
‫الميع‪ ،‬ولكن غرور المباطورية ورطها ف حروب ثقافية واعتداءات إجرامية دمرت ما تبقى للوليات التحدة من رصيد ثقاف‬
‫وسياسي‪ ،‬وأظهرتا على حقيقتها كقوة استغلل بربرية وعنصرية‪ .‬وبينما كانت واشنطن مشغولة لذنيها ف حروبا الديدة كانت‬
‫القتصادات الناشئة ف الصي والند والبازيل تطو خطى واسعة لتحتل الساحة اللئقة با ف السوق العالية‪ ،‬كما أدت النعة‬
‫الالية التطرفة السيطرة على الرأسالية المريكية إل وقوعها ف أزمة بنيوية خطية كشفت عورات القتصاد المريكي القائم على‬
‫العجز الزمن‪ ،‬فأمريكا تنتج أقل ما تستهلك‪ ،‬وتصدر أقل ما تستورد‪ ،‬وتنفق على السلح ورفاهية طبقتها الاكمة أكب بكثي‬
‫جدًا من إيرادات الدولة‪ ،‬فتكون النتيجة دورة جهنمية مغلقة من العجز والستدانة من مصارف الارج والداخل وطبع كميات‬
‫مهولة من النقود‪ ،‬ومن ث أصبحت الوليات التحدة أكب مدين ف التاريخ‪.‬‬

‫اللصة أن حرب أفغانستان والعراق أثبتتا أن هناك حدودًا لستخدام القوة الغاشة‪ ،‬كما تبي أن لنافسي الوليات التحدة قدرة‬
‫أيضًا للوصول إل السواق الدولية ومنابع الطاقة ف آسيا وأفريقيا وأمريكا اللتينية دون اضطرار للتورط ف مغامرات عسكرية‬
‫على الطريقة المريكية‪.‬‬

‫غي أنن أعتقد أن من أكب السائر الت أصابت المباطورية المريكية ف مقتل نزول الدولر عن عرشه‪ ،‬والذي أصبح مهددًا‬
‫بالفعل بالتحول من العملة الحتياطية الول ف البنوك الركزية العالية إل عملة من الدرجة الرابعة أو الامسة‪ .‬وليس ف هذا‬
‫الكلم أي نوع من البالغة‪.‬‬

‫حقيقة المر أن القوى القتصادية الرئيسية ف عالنا بدأت تتعامل مع أمريكا كدولة مفلسة‪ ،‬على الرغم من مشاريع النقاذ التتالية‬
‫الت يلهث الكونرس ف إصدارها لصال أباطرة الال والرهن العقاري وصناعة السيارات‪..‬ال‪ .‬ول شك أن الجتماع الخي‬
‫الذي عقدته منظمة شنغهاي (وتضم أساسًا الصي وروسيا والند وباكستان وإيران) ف مدينة “يكاتنبج” الروسية يثل بق كما‬
‫قال أحد القتصاديي “أهم اجتماع عقد ف القرن الادي والعشرين”!! فهذه الدول تلك ديونًا على أمريكا تتجاوز تريليون‬
‫دولر (ألفي مليار دولر)‪ ،‬ول يعد باستطاعتها أن تول الزيد من عجز الوازنة المريكية كي تتمكن الوليات التحدة من مواصلة‬
‫مشاريعها المباطورية ف منطقت الشرق الوسط وأوراسيا‪ .‬ومن الطريف أن الكومة المريكية طلبت السماح لا بضور‬
‫الجتماع بصفة مراقب ولكن طلبها رفض بأدب‪.‬‬
‫حينما قامت منظمة شنغهاي ف أوائل القرن الال رأى البعض أن طابعها سيكون شكليًا‪ ،‬وأنه من الصعب التوفيق بي مصال‬
‫الدول العضاء فيها‪ ،‬ولكن يبدو أن تفجر الزمة المريكية هو الذي عجل بالتقارب فيما بينهم‪.‬‬

‫ولعل أهم خطوة عملية اتذها أطراف منظمة شنغهاي هي اتفاقهم على البتعاد عن التعامل بالدولر ف الصفقات الدولية‬
‫الكبى‪ .‬ومعن هذا ببساطة الزيد من انفاض قيمة الدولر المريكي من جراء انفاض الطلب عليه ف السواق‪ .‬وحينما تنخفض‬
‫قيمة الدولر فإن هذا يعن ارتفاعًا صاروخيًا ف قيمة الواردات المريكية‪ ،‬وف مقدمتها النفط‪ ،‬وتقلص الوظائف والدمات‬
‫الفيدرالية‪..‬ال‪ ،‬وبالتال التفاقم التوقع للنقمة الشعبية‪.‬‬

‫وقد بدأت الصي فعليًا ف عقد اتفاقات ثنائية مع دول أخرى مثل البازيل وماليزيا من أجل اعتماد العملة الصينية (اليوان) ف‬
‫معاملتما بدلً من الدولر والسترلين واليورو‪ ،‬كما تعهدت روسيا بعمل الشيء نفسه لتحويل الروبل إل عملة عالية‪.‬‬
‫هذا وقد دعا مافظ البنك الركزي الصين مؤخرًا إل عدم التعامل مع الدولر كعملة احتياطية‪ ،‬واقترح بدلً منه استخدام‬
‫وحدات السحب الاصة لصندوق النقد الدول‪ .‬ومن الطريف أن الصي بدأت تتخلص تدرييًا من احتياطياتا الدولرية بشراء‬
‫الصانع ومصادر الطاقة ف سائر أناء الكرة الرضية بعدما رفضت السلطات المريكية السماح للصينيي بشراء بعض الشركات‬
‫المريكية بجة حاية التكنولوجيا المريكية وبعض الصال القتصادية الساسة‪ .‬كذلك سيؤدي التخلص من الدولر إل دفع‬
‫قيمته نو الزيد من البوط‪.‬‬

‫ويب أن يكون واضحًا أن اليزانية العسكرية المريكية ستكون أول التضررين من إحجام الدائني على التعامل بالدولر‪ ،‬ومن ث‬
‫سيقل أو ينتهي شراء سندات الزانة المريكية الت تول جزءًا كبيًا من عجز الوازنة‪ .‬وجدير بالذكر أن الوازنة العسكرية‬
‫المريكية قد بلغت ف العام ‪ 2008‬أكثر من ‪ 623‬مليار دولر بدون احتساب النفاق على السلح النوي‪ .‬وهكذا فإن التهديد‬
‫القيقي للهيمنة العسكرية المريكية يبدأ من الطر الائل الذي ييط بالدولر‪.‬‬

‫ولكن ل يتوقع أن تتنازل الدارة المريكية بسهولة هكذا عن نزعتها العسكرية‪ ،‬غي أن صعوبة القتراض لتمويل البنتاجون لن‬
‫تعل أمام هذه الدارة بديلً سوى اللجوء إل السلوب الرأسال العتيق بفض الجور وتقليص النفاق على الدمات العامة‪.‬‬
‫معن هذا أن الصراع الطبقي الصريح سيعود بقوة للوليات التحدة‪ ،‬وهو ما يلق فرصًا كبية لتصاعد النضال الجتماعي ليس‬
‫ف الراكز الرأسالية وحدها وإنا ف كل أناء الكرة الرضية‪ .‬ولكن هذه التطورات تنطوي أيضًا على ماطر رهيبة فالنمر الريح‬
‫يصبح أكثر شراسة‪ ،‬ومن ث قد ل يد أمامه سوى “الروب للمام” أي إشعال الزيد من الروب ف الارج‪ ،‬وإسكات العارضة‬
‫الشعبية ف الداخل بكل السبل المكنة‪ ،‬أي أن “الديقراطية” المريكية الت يتباهون با معرضة للخطر‪.‬‬
‫نستخلص من هذا كله أنه قد آن الوان لفضح عجز النظومة الرأسالية عن حل مشكلت تقدم الماعة البشرية‪ ،‬وكيف أنا‬
‫أصبحت تشكل خطرًا هائلً على البيئة والسلم الدوليي‪ ،‬وعلى رفاهة البشر وحقوقهم الساسية‪.‬‬

‫كما نتساءل بدورنا عما تنوى أن تقوم به الكومة الصرية ف التعامل مع احتياطياتنا القومية بالدولر؟ أم أن القرارات الريئة‬
‫تتاج إل إرادة سياسية وطنية مفقودة للسف؟‬

You might also like

  • Untitled
    Untitled
    Document60 pages
    Untitled
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    No ratings yet
  • مدخل إلى الاشتراكية العلمية إرنست ماندل
    مدخل إلى الاشتراكية العلمية إرنست ماندل
    Document98 pages
    مدخل إلى الاشتراكية العلمية إرنست ماندل
    أرشيف جريدة المناضل-ة
    No ratings yet
  • حول الجدل المادى سلامة كيلة
    حول الجدل المادى سلامة كيلة
    Document25 pages
    حول الجدل المادى سلامة كيلة
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    No ratings yet
  • الثقافة والثورة
    الثقافة والثورة
    Document4 pages
    الثقافة والثورة
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    No ratings yet
  • الاحزاب عبد الغفار شكر
    الاحزاب عبد الغفار شكر
    Document42 pages
    الاحزاب عبد الغفار شكر
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    No ratings yet
  • شهدى عطية سيرة
    شهدى عطية سيرة
    Document7 pages
    شهدى عطية سيرة
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    100% (1)
  • نساء منسيات
    نساء منسيات
    Document162 pages
    نساء منسيات
    مركز أفاق اشتراكية للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    100% (1)