You are on page 1of 4

‫ت غاليةٌ ‪ ،،‬ولماذا هي رخيص ٌة ؟؟‬

‫لماذا أن ِ‬
‫في أعماقِ البحرِ السحيقِ حيثُ منبعِ الجمالِ‪ ،‬حيثُ اللؤلؤِ والمرجانِ ‪،‬‬
‫ف والدِها يرعاها ويحميها مما قدْ يؤذيها‪..‬‬ ‫ش لؤلؤةٌ صغيرةٌ في كن ِ‬
‫تعي ُ‬
‫ت اللؤلؤةُ عزيزةً مكرّمة ومعها صوَيحِباتِها يتللْنَ مثلَها في‬‫عاش ِ‬
‫أصدافِهنّ مُدلّلت‪..‬‬

‫وبينما هُنّ يمْرحْنَ ذاتَ نهارٍ رأَينَ شيئًا غريبًا يتسللُ إلى المياهِ‪..‬‬
‫اقتربْنَ منهُ قليلً‬
‫فإذا هوَ شاشةٌ كبيرةٌ تَعْرِضُ للِئَ في أحضانِ مخملٍ بدتْ مناظِرُها‬
‫ب اللّب‪..‬‬‫تسلُ ُ‬
‫حبُ الصّورة يقولُ‪:‬‬ ‫وإذا بصوتٍ يُصا ِ‬

‫ض إلى أعماقِ البحا ِر‬ ‫ن أهلِ الر ِ‬ ‫مْ‬


‫منَ الحري ِة والجمالِ إلى الظُلمةِ والحتكارِ‬
‫هنا نقدّرُ جمالَكم ونُهدي إليكُم حُرّيتَكم‬
‫ونضمنُ لكم سعادتَكم‬
‫ط اتّصلوا على الرقمِ المجانيّ (‪ )1111‬والتواصلُ مجانًا‬ ‫فق ْ‬

‫لحظاتُ صمتٍ وتفكّرٍ بينَ اللؤلؤا ِ‬


‫ت‬
‫ن على الرضِ يتقلّبن في هذا الجمالِ ‪..‬‬ ‫وهنّ يَرَينَ مثيلتِه ّ‬
‫ل اثْنتينِ ‪..‬‬
‫ل الصمتُ إلى حديثِ همسٍ بينَ ك ّ‬ ‫وشيئًا فشيئًا تحوّ َ‬

‫ت اللؤلؤةُ الصغيرةُ فجأةً‪ :‬أريدُ أن أذهبَ إلى الرضِ ‪.‬‬ ‫حتى صرخ ْ‬
‫فصاحتْ بها صديقتُها ‪ :‬أنتِ ل زلتِ صغيرةً‪ ،‬وهذا خط ٌر عليكِ‪..‬‬
‫اللؤلؤةُ الصغيرةُ ‪ :‬كل‪ ،‬وأيّ خط ٍر ؟ إنهُ جمالٌ ما بع َدهُ جمالٌ وحريةٌ‬
‫ليستْ بعدَها حريةً ‪،،‬‬
‫ف أنّنا مرهوناتٍ بأصدافِنا ل نستطيعُ الخروجَ منْها ؟‬ ‫أل ترَينَ كي َ‬
‫ف هوَ مَنْ رَبّاكِ ورعاكِ ولكنْ لمْ يَحِنْ أوانُ‬
‫الصديقةُ ‪ :‬حبيبَتي‪ ،‬الصد ُ‬
‫القطافِ بعدُ ‪..‬‬
‫انتظري حتى تكبُري ‪ ..‬فأهلُ الرضِ ُيزَيّنونَ الصورةَ رغمَ واقعِهم‬
‫المؤلمِ القبيحِ‪..‬‬

‫ن صاحِبَتَها ل‬
‫ب بعقلِها وتجِيءُ‪ ،‬ث ّم أيق َنتْ أ ّ‬
‫ت اللؤلؤةُ برأسِها والفكارُ تذه ُ‬
‫أطرق ْ‬
‫تفهمُ في التطوّ ِر وال ّرقِيّ‪ ،‬وأنّ هذا شأنَها وحدَها‪..‬‬
‫وصديقتُها تتابعُ حديثَها في حزنٍ وتعاطُفٍ ‪ :‬عزيزَتي ‪ ،‬أنتِ هنا ملكةٌ معززةٌ‬
‫ل يحافظُ عليكِ‬‫الك ّ‬
‫أما هناكَ فستتنا َقُلكِ اليدي حتى ترخصَ قيم ُتكِ ‪ ،‬المه ّم أنّهم يهتمّون بجماِلكِ‪،‬‬
‫ك بأبخسِ الثمانِ ‪..‬‬ ‫فإذا قدِمتِ باعو ِ‬

‫ت الرحيلَ بلهف ٍة للذهابِ‬


‫لمْ تقتن ِع اللؤلؤةُ بكلمِ صديقتِها ‪،‬فحزمتْ أمرَها وقرر ِ‬
‫ث التألّقِ وإبرا ِز الجمالِ‪..‬‬
‫إلى حي ُ‬
‫واتصلتْ على الرق ِم المجانيّ ‪:‬‬
‫مرحباً ‪ ،‬اللؤلؤةُ تتحدثُ معكُم‪ ،‬أري ُد التحررَ والجمالَ‪ ،‬وأريدُ ‪.....‬‬
‫قاطعوها قائلينَ‪ :‬أهلً‪ ،‬أهل سنأتيكِ على الفورِ‪ ،‬ستجدينَ لدينا كلّ ما تتمنّين‪..‬‬

‫ت اللؤلؤةُ بِنَوعٍ منَ اللمِ‬


‫وفي لحظاتِ الوداعِ ‪ ،‬شعر ْ‬
‫ق أُخرى‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬ ‫ق البح ِر التي ترعرعَت فيها إلى حدائ َ‬ ‫لنّها ستُفارقُ حدائ َ‬
‫عزاءَها أنّها تسعَى وراءَ الرقَى والكثرِ تحرّراً‪..‬‬

‫أتَوا إليها مُسرعينَ _وفي دقائقَ_ أخذُوها ونهبُوا معها جمعًا من الللئِ‬
‫الصديقَ ِة ‪،‬‬
‫ن أنواعِ‬
‫كانوا يصرخُون ل يرغبُونَ‪ ،‬ولكنْ ما باليدِ حيلةٌ‪ ،‬إذْ يبدو أنّ هذا نوعٌ م ْ‬
‫تطوّ ِر أهلِ الرضِ‪..‬‬
‫ح الما ِء ‪ ,‬حتى استقْبلتْها اليادي بحرصٍ‬ ‫ن خرجتْ وبدا بريقُها على سط ِ‬ ‫وما إ ْ‬
‫واهتمامٍ‪..‬‬
‫وعندما وصلُوا إلى المختب ِر ‪،‬‬
‫ف ‪ ،‬تألّمتْ وصرختْ ث ّم خرجتْ‬ ‫ن الصّدَ ِ‬ ‫أخذوا اللؤلؤ َة الصغير َة ليُخرِجوها م َ‬
‫إلى الحرّية بعدَ اللمِ ‪..‬‬
‫جبٍ وابتسامٍ ‪..‬‬
‫ل الوجوهِ تنظ ُر إليها بتع ّ‬ ‫ضحكتْ حينما رأتْ ك ّ‬

‫غرّتْها المانيّ ‪..‬‬

‫أخذوها ودقّوها بالمطارقِ حتى يُدخِلوا بِها المسالكَ ‪،‬‬


‫ي جذابٍ ‪..‬‬‫أخذوا صديقاتِها معها ليضعُوها في عقدٍ لؤلؤ ّ‬
‫باعوها في أرقى المحلتِ ‪..‬‬
‫ي في جيدِها‪،‬‬ ‫اشترتْها امرأ ٌة ذاتُ جمالٍ ووضعتْ العق َد اللؤلؤ ّ‬
‫ت العقدَ القديمَ في‬‫ل ‪ ..‬فترك ِ‬
‫ي المرأةُ عِقدًا آخ َر لؤلؤياً جمي ً‬
‫ومرتْ الشهورُ لتشتر َ‬
‫الخزانةِ ‪..‬‬

‫حزنتِ اللؤلؤةُ فهيَ ل زالتْ ترى نفسَها بذاكَ الجمالِ ‪ ،‬وم ّرتْ اليامُ وهيَ في‬
‫خزانتِها ل ترى النورَ ‪..‬‬
‫ت جمالُها ‪..‬‬‫حزنتْ حتى به َ‬
‫ت السببُ ‪ ،‬حرمتِنا من أكنافِ والدِينا إلى حيثُ‬ ‫صحْنَ بها ‪ :‬أن ِ‬
‫وصديقاتُها ي ِ‬
‫الضياعِ والظلمِ‪..‬‬
‫اللؤلؤ ُة الصغيرةُ ‪ :‬ظننتُها حريةً وتطوراً وجمالً !!‬

‫ض المقتنياتِ القديمةِ ‪..‬‬


‫ت الخزان ِة ‪ ..‬وأُخ َذ العق ُد إلى أح ِد المتاحفِ لعر ِ‬
‫ثم فُتح ِ‬
‫ي العقدُ رخيصًا في عيونِ الناظرينَ‪ ،‬الكلّ ينظرُ إليهِ ويمرّرُ النظ َر إلى‬ ‫وبق َ‬
‫غيرِهِ‪..‬‬

‫ق إليها‬
‫اعتادتْ على ذلكَ ‪ ..‬واشتاقتْ العود َة إلى البحرِ حيثُ الكلّ يشتا ُ‬
‫ويصارعُ لجلِها‪..‬‬
‫لكنّها أتتْهم رخيص ًة فضاعَ الثمنُ ‪..‬‬
‫ن أنوارٍ‬ ‫هكذا انتهتْ قيمتُها ‪ ,‬وضاعَ تأّلقُها ‪ ,‬غرّتْها تلكَ الحضار ُة الجوفاءُ إل م ْ‬
‫خادعةٍ كاذبةٍ‪..‬‬
‫ت أنّهُ‬
‫ت المحارَ ‪ ,‬ظ ّن ْ‬ ‫بهرتْها حريةً ساذج ًة ‪ ,‬هكذا أصبحتْ رخيصةً بعدَ أنْ ترَ َك ْ‬
‫ن لجمالِها واحتفاظٌ بقيمتِها‪..‬‬ ‫ن أنّ ُه صَو ٌ‬
‫قي ٌد فعلِمتِ ال َ‬

You might also like