Professional Documents
Culture Documents
net
تقريرميداني
حين يبلغ الداعية أشده ،ويبلغ أربعين سنة :يبدأ بفهم الحياة حقا ،وليس قبل ،ويرى قسمه ال تعالى العقول والهمم والقلوب
والنفوس والخلق على الناس والدعاة كق سمته الرزاق ،ويبدأ و عي ب عض سر الحك مة الربان ية وجريات ها وأ سترسالها ،ورؤ ية
قرائن الخبر والشر في القدار ،وتكون له عين نافذه تمنحه موازين بصائر وفكرا حرائر.
إنه طول اليام .وتوسع المراقبة ،وتكرر الشخاص ،وتنوع التجريب ،ينقل الداعية إلى نظر جديد ليس بملكه الشاب
المبتدئ ،بل ول الذي تو غل المنت صف ويقت نع حينذاك بوجوب ترك الحديات الجاز مة ،والعاطفيات الحالة ،وال فا تونيات الجامدة،
ليستبدلهن بقلب كبير رحب الرجاء يستوعب كل من هنالك ،فيمد كف المصافحة ،ليس أصبع التهام ،ويتبع سد الذريعة ،ل
السن بالسن ،ويعرف نيل سبق الرحمة الغضب.
أهلها :شجاع ومنسحب ،وكريم ومحاسب ،وذكي وبطئ ،ومبتكر ومقلد ،وطموح ومشتد ،وصبور وجزع فهم :متعب
وسعيد ،ول هث ونائل ،فهم ثانية :معين ومستعين.
ووا جب ق بل الع ين أن ي سمع كل هؤلء ،وأن يع ين أ هل العا نة على إتمام اح ساتهم ،وأن ير فق بالمح ضر المحدود ،
والمهموم الحائر ،بينهما على اجتياز الحدود والسرة ،والقتباس ممن فضله ال بالعلم والمكارم تفضيل.
الصواب يقال له :صواب :والخطأ :خطأ..
يقالن تربيبة وتعليمبا وإرشادا ،ليكون الموفبق اللحبق ،إذا يصبل -قرة عيبن للعيان ،وسببب سبرور للسبابقين ،ببه
يانسون ،وبوصله يبرهنون على أن سنة السير ماضية ،ولئن أ؛جم فاتر فتوقف فن لغيره الوثبات.
ميزهم عبد القادر الكيلني رحمه ال ،ورأي كيف:
( يصفطون على أهاليهم ،وأهل زمانهم ،تتميز معانيهم ،وتتنور مبانيهم ،ولهذا فارقوا الخلق ،وزهدوا في المألوفات.
ساروا إلى قدام)-
وهم الذين يحبهم ال تعالى ،ويأمر ملئكته أن ينادوا في الناس أني أحببتهم فأحبوهم.
* نبض ومض ...يحددان هويتنا
وعلى طرف أر :ثبم نقيبض ل يتمبس له المقاببل ،لن شخصبية الداعيبة إنمبا هبي هببة مبن ال تعالى ،يهبب مبن يشاء
الشخصبية المحبوببة ،ويجعبل الناس والدعاة فبي فتور وصبدود عبن آخريبن ،ورب داعيبة نعاشره فنجبد أبعاد تصبرفاته وأخلقبه
وأذواقه دقيقه حتى السنتيمتر ،بل حتى الملي سنتيمتر ،لكنه ثقيل الظل ل تألفه النفوس ،وكأن النية هي التي تميز عمل هذا عن
هذا في روع المقابل النظائر المعامل ،بعد إذ استويا في الظاهر ،ثم يزداد التمييز دقة ،فيشهد قلبك أن شخصا ينتصب أمامك فجأة
هو من الدعاة ،ولربما تكلم بكلمة واحدة أو لم يتكلم , ،أخر يحفظ رسائل المام وتجزم بأنه غرب دخيل.
وطلب قاصد لحدى المدن مرة عنوان عين من أهلها يأنس به ،فلم يعط ،حذرا ،فوصلها بسيارته مساء يتلفت ،ووقف
عند شاب ينتظر سيارة ،يسأله عن مركز المدينة ،فقال الشاب :أركب معك أدل وأصل إلى بغيتي ،فكر فقال :سبحان الذي سخر
لنا هذا وما كنا له مقرنين ،فقال له القادم :يسلم عليك أو فلن ،فقال ،وعليك السلم وعليه ،فتفرسا ،فالتفت الومضتان ،فكانتا
أقوى من ليزر! ..
هو كذلك أمرنا :طابع ل يقلد ،ونمط ل يحاكي ،وهو أشبه بظاهرة المروءة لما سأل عنها سائل ،فقيل ،له تؤخذ معاملة
ول تؤخذ نطقا.
فمعنى " الدعاة" ل يوصف ول تفصح عنه الكتب ،مع أن ألفاظ المعرفين قاربت ،وإنما حقيقتهم الدقيقة أنهم ( روح يسرى
فبي هذه المبة) كمبا وصبفهم المام ،وللروح نبضات ،أو :هبم سبمت ونفبس ،وذوق ونسبب ،وترعبف هذه الروح مبن التجارب
والمخال طة وق صص العيان العيان أك ثر م ما تعرف ها من المدونات وال سطر ( ،ولذلك كا نت ك تب ال ستاذ عباس ال سيسي أ صدق
1
www.ikhwan-info.net
كتب في وصف الدعوة ومعناها ،وأقربها إلى الدقة ،وأعلها عاطفة ،لنها تتحدث عن يوميات وأمور صغيرة من سيرة الدعاة
تكشبف عبن الحقيقبة الكببيرة والهويبة الفذة المسبتقلة ،وتجدهبا هبي هبي بمصبر أو العراق ،وبالخليبج أو الجزائر) .ولذلك فإن
إندساس الغريب داخل الجماعة صعب غاية الصعوبة ،وتشكل مسحة الدعاة الخاصة أصارير وجهوهم ،ونبرات أصواتهم :علمة
مسجلة هي في الحقيقة أهم صمام أمني واحتياط وقائي ،وصدقهم الفريد هو كلمة سرهم ،وومضة عيونهم هي جواز مرورهم).
حتى لو أن شأبا أخاهم أول شبابه شهورا ،ثم غلبته شهوته فانغمس ،فإن بقية من طهرهم تبقى تحكم حركاته ولو بعد عشرين
سنة من بعده عنهم ،رغم فجوره ،ويكون الفاجر التقي ،ولرما رده الحليب الحر ،فيعقله الحياء عن إعلن العودة ،فيبعث أولده
يستعيد تاريخه بهم ،ويتذكر النفاس.
الرزاق الصافية ...لقلوب عالية ...
وال يجزي كل بني ته ،وجزءا الح سان عنده ،الح سان ،والرزق ،والتي سير ،ورا حة البال ،و سكينة الن فس ،و ما بذل
أحد بذل إل عوضه ال تعالى في الدنيا قبل الخرة ،ولقد رأينا دعاة نكلفهم ،ونطلب منهم التفرغ للغة ،أو القناعة بوظيفة دون
أخرى أقرب لسباحة العمبل ،أو يصببرون أنفسبهم ،وهبم مبن تلقاء أنفسبهم -على ثغرة يربطون عليهبا ،فيعلم ال منهبم التجرد،
فيعوضهم خيرا مما لو كانوا استجابوا للحساب الدنيوي الظاهر.
منهم دال ية نال الدكتورة في الهند سة في جام عة أمريك ية راقية ،وأما مه من فذ لتدر يس جامعي في الخل يج برا تب ض خم،
فيرشح للتفرغ لنشر الدعوة فيهم ،فيلبي ،فيعوضه ال بوظيفة في ساحة عمله ل تشغله غير يومين ،ويضعف ما رضي به أولً.
وآخر تحجز له وظيفة في المنامة ،وهو من حملة الماجستير ،ويشجعه أصحاب له ،وينتظرونه ،فنقول له :المنامة تنيم
القلوب .وبيشاور توقظهبا .وهبي تهببط بالهمبم ،وبيشاور تعليهبا ،فيزيبد إلى خطوتبه خطوة أخرى فقبط ،فإذا هبو بأجواء الجهاد
يسرح ،ويقرب المجاهدين يمرح ،وراتبه النقي ليس أقل من الراتب المكدر.
ومتجردان على حدود خراسان ،يبيعان المشاط على منضدة في مدخل سوق ،ليس غير فيكون رزق كل منهما ثلثة
أمثال راتب الموظف الجامعي هنا ، :فمن ال نعمه ،وممن خلفهم دعاء ،ومن الرافعي تحليل لمثل حالهم ،حيث اكتشف.
إن الشياء الكثيرة ل تك ثر في الن فس المطمئ نة .وبذلك تع يش الن فس هادئة م ستريحة كأن ل يس في الدن يا إل أشياؤ ها
الميسرة ،أ ما النفوس المضطربة بأطماعها وشهواتها فهي ال تي تبتلى بهموم الكثرة الخيالية .ومثلها في الهم م ثل طفيلي مغفل،
يحزن لنه ل يأكل في بطنين)(. )1
إن هذه القصص تنهض برهانا وافيا على خطا ما يعتقده البعض من أن أرضا ما هي مكان المال والشرف من دون أرض
ال الواسعة ،ولم يفطن هؤلء إلى تبدل المعادلة ،لهبوط أسعار النفط ،أو البورصات ،أو الحتيال على البنوك ،كما لم يعلموا خير
تب من يسكن أرض الموال ،وأنها معسكر عمل ضخم فحسب يستهلك العواطف ،ويمتص رطوبة القلوب حتى يتركها أليافا ذابلة
،حتى ليكاد المرء يذهل عن أصله ،وينسى الحنين إلى فصله..
ثبم هي برهان على وهبم من ي ظن الغرب بديل ،ح يث جيرانبك الن صارى ،وح يث ل تلتبذ الذن بأذان ،ول يتقبن أولدك
العربية ،وتخاف عليهم النحراف.
أمبا أن بعبض الدعاة سبكن الغرب أو أرض الموال فتلك توزيعات المقدر ل تمنعهبا ،إنمبا تعيبب الحرص على سبكانهما،
وال ستقتال في ذلك وجعله ما منت هى الما ني ،فوق أن من سكنهما ب ين مرت بط بعلقات إ سلمية ناف عة ل يس من م صلحة الدعوة
إنفكاكه عنها ،أو تشابكت حياته بقضايا قانونية واجتماعية ليس من السهل النسلل منها ،ثم هي مصدر تمويل خيري ،ومن
التكلف المصطنع أن تفتعل نقل داعية مسترسل في حياته ووظيفته ورزقه بحجة قسوة المحيط ،ولكن نصيحة غير المتورط بعد:
أمر آخر.
2
www.ikhwan-info.net
وما نظن نصيحتنا هذه بدعة ،بل الوقاية من آثار المال النفسية هي سبيل قديم للمؤمنين ،وسنة من سننهم نحاول أن
تحببها وكان الحسن البصري ،رحمه ال ،يقسم ويقول:
( وال ل قد أدر كت أقوا ما لو شاء أحد هم أن يأ خذ هذا المال من حله :أخذه فيقال ل هم :إل تأتون ن صيبكم من هذا المال
فتأخذونه حللً ؟ فيقولون ل ،إنا نخشى أن يكون أخذه فسادا لقلوبنا) (.)1
وجعل ابن الجوزي ذلك رأس القواعد اليمانية ،فقال:
القناعة بما يكفي ،وترك التشوف إلى الفضول :أصل الصول).
ثم قال:
. ()2
( والعز ألذ من كل لذه ،والخروج عن ريقه المنن ولو يسف التراب أفضل)
أساتذة الزهد الجديد
و من الم صطفين الذ ين رآ هم الكيل ني يمشون إلى قدام :ن فر من رهط نا نبلء أم نا ،يكاد الم ير يخلي مكا نه ل هم لو ل
الشروط ،وبهم نفخر.
من هم داع ية من ب ين جاه ومال ،ورباه الدلل ،وكان يح صل كل ش هر على ألف دينار من الحلل ،ثم ها جر ،وتشرد
وافت قر،وو جد نف سه فجأة ولي أ مر عدد من المهاجر ين ،يرعا هم ويقت سم مع هم رغي فه ويشرب من بعد هم وشل هم ،فيقلق حاله
الضلء ،فيشفعون له لدى رجال العمال ،ثم يدعونه إلى رحيل حيث تنتظره وظيفة جيدة ،فيأبى ،ويختار المرابطة مع إخوانه،
يربيهم ،صابرا على البتلء ،والنجيبة معه محتسبه.
فكذلك اليثار يكون ،وهو طريق الخرة صفاء كله ،وإنما يذوق حلوته حر مثل هذا جعل دنياه وراء ظهره.
* ( سعي الحرار في الدنيا يكون لخوانهم ل لنفسهم ).
ول در شهم آخر ،يخرج من الموصل ،فيقطع جبال ثلثين ،وقفارا سبعة ،ونصف طريقة خطو على قدميه ،حتى يستقر
مع المجاهدين في الميدان وراء كابل ،ويتزوج فيهم ،ويلقنهم مبادئ ،الدعوة وفكرها ،ويرسل يطلب من إخوانه كتبا دعوية مع
السلح والذخيرة ،ليتقن تربية من معه ،وليكون الجهاد محروسا بوعي ،وتبلغ مشاركته أن يغزو الروس داخل الحدود الحمراء
ويقفل ظافرا.
إن هذين الستاذين في الزهد الشرعي يعلمان الدعاة أن الرهبانية المبتدعة إن كانت موتا ،فإن ما هم عليه من القناعة
هي الحياة النابضة التي تعين على الحركة والجهاد ،والنكار على أهل النكر ،وما كان إخلء المسلمين إلى الرض وذهاب عزهم
وعز دولتهم إل حيث توقفوا عن ضرب مثل هذه المثلة في العصامية والتجرد ،التي ميزها إقبال – رحمة ال – حين رأى أن:
ب
شتان بين خلوة راه ٍ
وشراع فقر في عباب يمخر
لما أضاع المسلمون على المدى
ذا الفقر ،لما ضاع هذا الجوهر
لم يبق فيهم من سليمان ول
()3
سلمان دولة عزة ل تقهبببر .
3
www.ikhwan-info.net
فزهد الداعية وهو شراعة الواسع المتين الذي يشق به بحار العمل والجهاد حقا ،وترهق جامع المال حراسته ،فهو عن
درب الهجرة قصي ،وعن نسمات كابل أقصى.
صور من تنافس النبلء
وكما يكون إبداع الشاعر معنى لم يسبق إليه ،أو اجتهاد الفقيه فتوى بتجاوز فيها التقليد ،يكون نبل النبلء أحيانا بدعة
في جيل متمرد على خصال الحسان ،ل يتجاوز عن حق ،ول يغض الطرف عن خطأ.
* منهم شاب عراقي في أزهى سنوات شبابه ،يتمرد على العراف ،ويتجرد فيتزوج أرملة من شهدا الجهاد السوري ،
وضم تحت جناحه أربع بنات لها ،يربيهن ويحيي مذهب المروءة.
* ومتورط بوجه فيها طبيعة ينكرها عرف الحرار ،وآخر تعجل واستحبى فورطوه بامرأة ل تناسبه ،فيصبران ويستران.
* ورئ يس جمي عة في مؤتمر ها ال سنوي ،ير كض ب ين يدي الضيوف ،يح مل متاع هم ،ويو صلهم إلى غرف هم ،وي سألهم عن
طلباتهم ،ويركض معه إخوان آخرون ،حتى ينكهم التعب ،وينكهوا الشياطان بالتواضع ،وتذكر وقفتهم بقصص رجل صالح :ينفق
عشرات المليين في وجوه الخير ،لكنه ما زال في بيته القديم ،وذا أتاه ضيف :نحى الخدم ،وحمل الصينية فيها الطعام على رأسه
،إكراما للضيف.
4
www.ikhwan-info.net
* وأي ما رجل منا شارك إخوا نا له في تجارة فليعلم أنها تجارة كا سمها ،فيها احتمال الخسارة وضياع المال ،والتوفيق من ال
تعالى ،وليس كون ماله ( تحويشة العمر) بمعط له ميزة في رفع الصوت على أخيه الذي تولى الصفقة فوكس ،ول له حق التذمر
الصاخب ،وفي الشكوى الهادئة شيء من البأس كذلك وإن كانت أخف غلطا.
* وتر كه لداع ية و جد في أ مر ل بة تق صا أن يجزع ،في صويحبات أ صحابه رب ما هن كذلك أي ضا ول سن ب صحابيات ،واقرب
للمروءة أن يصبر ،بل إذاعة للشكوى ،وليعمل عمل صالحا يدخله الجنة ،فهنالك الحور العين يتخير منهن ما يشاء.
*حتى في المر التعاوني نجد للجزع روادا ،فمنهم من يستسلم للهموم المعاشية أو العائلية ويترك العمل والمشاركة في وجوه
النشاط ،و من يضرب عن حضور اجتماع أجله المد ير وأك ثر من مرة ،احتا جا على التأج يل ،ول يدرك الضرورات أو الم صالح
التي تنهض عذرا ،وآخر له نفس صافية ،يتولى قطاعا أو منطقة أو لجنة وتحت إمراته فضولي ملحاح ،فيقل تدخلته ،وينزل
ع ند إلحا حه ،ضجرا فح سب ،ول يكون حاز ما ،أو آ خر مثله ،لك نه ل ي صبر على أذى إخوا نه له أو يك ظم ،بل يك يل ل هم ال صاع
بصاعين ،وتكون الدقة بدقتين ل يعرف التربية بطول النارة واستيعاب الجافي.
إن مثل هذه الحوال ،ومثل ذلك النهيار أمام شدائد المعيشة ،هي شواهد على أن حاجيات الناس في الحياة:
( ل تتعقبد بطبيعتهبا ،ولكبن بطبائعهبم فيهبا ،ول تسبتمر بقوتهبا ،ولكبن بإمداد قواهبم لهبا ،ول تغلب بصبولتها ،ولكبن
. ()1
يجزعهم منها ،ول تعضل من ذات أنفسها ،ولكن من سوء أثرهم عليها ،وسوء نظرهم لنفسهم ولها)
وهؤلء إخواننا يأخذون حرفية المجاز الذي في قول عمر – رضي ال عنه -وترتيب المسؤولية على نفسه لو عشرت
بغله بأرض العراق ،وينزلون ذلك تنزيبل الحقيقبة ،ويحسببون أن كبل تعثبر بغلتبه اليوم بأرض بيشاور ،أو جبال الناضول ،أو
أرصفة شيكاغو ،فإن المارة مسؤولة عنها مسؤولية تكليف قانوني تام بحق جازم ،وليست هي مسؤولية أخلقية بحدود التكافل
الخوي الذي يحرص عليه المير ما استطاع ويحاسب عليه بالحسنى.
إن مصارحتنا هذه إنما هي محاولت لفهم أسرار النفس النسانية ،ومن باب طلب إتقان التعامل معها ،وتبرأ من تعيير
لحد أو قصد سوء أو تشهير ،والمحرك لنا هو طلب الكمال والمراتب السامية ،ونحن ندرك أن أضعف داعية هو أرقى مضاعفة
في أخلقه من أقوى السائبين.
5
www.ikhwan-info.net
ومن له تفريض في أمر أولده ،فل يربيهم على النظافة والهدوء ،وخفض الصوت واحترام الكبير والحياء من الضيف،
ول يعلمهم السلح على إخوانه وجواب التحية ،ول تستفزه اللفاظ المعيبة التي ترد على لسانهم تقليدا لبن جار أو زميل
مدرسة ،حتى لكانهم أولد رجل عمي وليسو أولد مؤمن ،وربما يتطيش أياديهم في صحو المائدة أذ هم ضيوف ول
ينها هم ،أو يخربون الثاث فيبت سم ويقولك هو حرك ما شاء ال ،ولو أراد التأد يب لو قف له ،ول كن تلي فت عنده بؤرة
الذوقيات ،أو عند زوجته التي وكلها إذا هو في مصالح السلم والمسلمين منشغل.
وعلى عكسه صاحب جد ل يعرف حال من يريد أن يخرج أبنائه ملتزمين طريق الموازنة ،فيخرج إلى إفراط ويشدد على
أولده الصبغار فبي العبادات والسبتيقاظ للفجبر وقراءة القرآن ،وربمبا جعبل الضرب عادة ،ويلزم بالحجاب ومبا زلن
صغيرات ،فيؤسس كراهية الصلة والحجاب لدى ذريته ،ويكون التمرد عند المراهقة ،ويحسب أنه قد أحسن صنعا.
وال ستار يحب أذن السامع تغري لسان الفاضح ،ويحب من عبادة إن إذا أطلع أحد منهم على سر أخيه وعيبه وهفوته
أن يستره ويغطيه ،ويتأكد هذا الخلق بين الدعاة لنهم هم الذين يلقنون المروءة للناس وإلى دارهم أرزت بقية النبل الذي
يتوالى إنقراضه في المجتمع .وليعلم الداعية أن الشيطان قد أوهم أخاه فزل ،ليس يتعمد ،وتقوم سوايقه الفاضلة شوافع
له ،فليشفعها ،إذ ليس شوقه لنشر خبر العشرات والتلذة باليماء لها في حديثة أقل شذوذا منها عن خلق الكرام ،ولو
أن هاتك ،السرار ح يث ينثرها من جعبته أمامنا يقابل منا ب صدود وإعراض ع نه لثاب وتاب ،ولكن أذن السامع تغري
لسان الفاضح أحيانا.
وكل أمري فقيه نفسه ،والمفروض أن ل يأذن لطموحه في أن يلغي معرفته ما هم لها أهل استعداد وإن كانوا أذكياء ،
ويورطون مع هم عيال هم ،ويتأخرون ما هم ل ها أ هل ا ستعداد وإن كانوا أذكياء ،ويورطون مع هم عيال هم ،ويتأخرون عن
العمال السلمية الكبيرة دهرا بسبب ذلك ،ولو أرادوا معرفة اليجاب والسلب في خطواتهم ل تبغي لهم ذلك قبل الخطو
.لكن الفرصة دهمتهم فأنستهم الحساب ،وهيهات الجبر ،إذ تشعر النفس عند وجوب التراجع بمعنى الهزيمة ،فتكون
المغالبة ،والمعاندة ،وتكون الدائرة المفرغة وتضيع ساعات عمر شبوبيته وطاقات عنفوان عقله بين حتى الظهر على
المراجع وانتظار أستاذه المشرف.
ونعم العنوان للداع ية التجارة ،والرزق ع ين تتفجر ت حت أقدام رجال بل سبيات الوظائف الحكومية ،ما لم تكن وظيفة لها
أثر تربوي دون التقيد بسلبيات الوظائف الحكومية ،ما لم تكن وظيفة لها أثر تربوي أو سياسي أو إصلحي ،وقد وعى
المام لك في وقت مبكر ،رحمه ال ،ولكن الداعية مدعو إلى الرفق في اليغال في هذا الدرب ،ول ل ينسى نفسه فيغرق
ويتلف أوقاتبه ب ين كت به والتلفون والتلكبس وإعلنات ال صحف والسبوق والبنوك والمعارض التجار بة إلى الدرجبة ال تي
تض عف مشارك ته ال سلمية واجتماعا ته ومطالعا ته وعلق ته الجتماع ية ،فإن أ صل تو جة أن يت خذ من المال و سيلة ،
ولطال ما ذ كر ل صحابه أ نه قد نوى ه بة ب عض أربا حه للد عو’ ،لك نه يغ فل فبله به التكا ثر ،ولو أ نه أن صف نف سه ل ت عظ
بقصص من غفل قبله من جيرانه في السوق قبل أن يتعظ بحروف الزهاد ،لكنه يفتأ – رحمه ال يزداد – وماذا عليه لو
ج عل له وكيل يذ هب ويرتاد ،ول يكل فه شيئا غ ير را تب ي سير أو ن سبة أو سرقة قليلة في أق صى الحوال يم كن له أن
يتحملها و غض النظر عنها طالما أن هذا الوك يل يج مع له بين دي نه ودنياه!! وعلى الوك يل وزر ال سرقة وله أ صل رأس
المال ،ومعظم الربح والنشاط السلمي الفعال ،خوالص صوافي كزلل!!
ووصى – النبي صلى ال عليه وسلم – نفرا من أصحابه أن إذا سقط سوط أحدهم وهو على فرسه أن ينزل ليلتقطة ول
يكلف راجل بالتقاطه له ،وهي عزيمة ل تبلغها ول نكلف أنفسنا أو أحدا بمثلها ،ولكن ترخصنا ل ينبغي له أن يتوسع
حتى نستعمل حقوق الخوة في غير محلها ،فنثقل على إخوان لنا من أهل الحمية والنجدة وحب خدمة الكبار والقران
فنجعلهم ضحية مروءتهم وتتلف أوقاتهم بين التسوق لخوانهم والشراف على بنيانهم وإنجاز العاملت الحكومية لهم ،
6
www.ikhwan-info.net
إن النصباف خيبر ،ول هلهبم حقوق ولنفسبهم مصبالح ،وللدعوة تكاليبف ،ومبن العدل أن تعطيهبم فرصبة تنفبس،
ولعضلتهم ساعة راحة.
وطريقة فيها بأس أن يتم استنفار عدد من الوسطاء للسعي في الشفاعة في قضية ما حرصا على زخم التأثير من دون
أن يقال ل كم من هم أن غيره قد كلف بذلك أيضا ،ويأ بي الزوق ذلك ،و قد يتوا فد الو سطاء على صاحب القرار في ساعة
واحدة فيتكلمون بكلم واحبد مبن دون أن يشعروا فيتولد إحباط وإرباك ،وليبس لملهوف أن يحرج أصبحابه وأشراف
الناس في سبيل مصلحته.
وهمام يتصل برجال رؤساء وأعيان من وزراء ،ومدراء وتجار ،ثم يرى من خلل صحبتهم استفادة الناس منهم ومن كرمهم ،
فيغ فل لح ظة عن مع ني العزي مة ،فيطلب م ثل الذي يطلب الناس ،في صغر في أعين هم ب عد إذا كان كبيرا ،وتنهار صلته وإن بي
شبحها ورسمها.
وقضا يا السلم أوفر جدا وأثقل هموما من أن تدع ع صبة من الدعاة تط يل الضحك ،وت ستجيز المزاح وتت خذ لها من
صاحب خ ير في ها محور تندر وتروي ق صصه وغرائ به ،والبت سامة عل مة المؤ من ول سنا ننكر ها ،والنك تة في ساعتها
سائغه ،والربح ية أ صل في سلوكنا ،والل فة ،والبشا شة ،ل يس العبو سة ،والقهق هة الولى لك ،والثان ية نهب ها لك
اي ضأ ،فإن كرماء ،ول كن الثال ثة عل يك ،وتش فع ح سناتك ل ها عند نا ،وأ ما الراب عة فيلزم ها حد ل شفا عة ف يه ،وشعار:
الضحك للضحك ،باطل ،والهزل الهزيل مرفوض في أوساط العمل السلمي ،وإنما الداعية مفوض بالجد والتجديد.
ووقاف عند صغائر إخوائه ،يدقق فيها ،ويحصي ويعاتب ويستشهد ،حتى يضجر المعامل له ،وكأنه شرطي ،إذ المر
أهون ويجري مجرى المروءة والتجاوز ومراعاة الحقائق البشرية وإطراح المقاييس الملئكية .
* وشجاع على النقيض من هذا ،إسناد في المرءة ،وقد ذابت نفسه في معاني الخوة ،ويكاد يتلف بدنه في خدمه إخوانه ،حتى
ليركب المخاطر في ذلك ،ويرحل بعيدا لتحقيق مصالحهم ،وله لذه مع كل خطوة في سبيل ال ،لكنه فوضوي في ذلك ل ينضبط،
ول ينصبت لشارة أميبر أو خببير ،ول يعرف الولويات ،ول مقاديبر اسبتحقاق أهبل الحاجات ،ول الكتمان ،ول الثار التربويبة
لطريقة سعيه ،وقد يفسد أخاه بتعويده التكالية إذ هو يريد له الحسان.
7
www.ikhwan-info.net
ثم غيره الكراه أو شب هه .فإذا كان نطق هم :ن سب الرأي ل هم وعزاه ،وال سوي بر يا بنف سه عن هذا الختبار ،ويبارز
وجا ها ،فإن ها أخلق الفرو سية وطباع الفر سان ح يث يثبتون في مواقع هم في قلب المعارك ،ول كن قد ترى في أقا صي
ساحتها من يح مل على حمار إعراج ،رب ما ،ول كل م سلم ح ظه رز قه من الف كر والمن طق والوضوح ،أو ترى أ خر يعرق
الحقيقة الفيزياوية في وجود فراغ المندفع المسرع تتضاءل فيه مقاومة الهواء ،فيرتضي لنفسه أن يحتل ذاك الفراغ ،
لضعف طاقته ،وليعينه التيار المنتقل إلى فراغ الندافع ،فيظل راضيا بالمنزلة الخلقية ،والجهات التبعية.
وداعية صالح من الذاكرين ،رقت نفسه وصفت ملته عاطفة ،ونقلته إلى حالة من الرحمة والشفقة على جميع إخوانه ،
بح يث أ صبح ل ي ستسيغ أن ن عظ المخ طئ ،بل سان صارم ،ول يرى جواز توج يه عقو بة لم سئ ،ويف هم حل كل المور
على مبدأ :تصافحا تعانقا ،غير ناظر إلى عواقب الفتن ،وضرورة الحزم ن وقبح خلع الطاعة ،وعدم تساوي منزلتي
الكفين ،ولو جرت المور على قياسه لكنا في زفة عرس ل موكب دعوة تريد أن تهدم الطواغيت.
وعلى عك سه صالح آ خر ،إداري في تعامله مع إخوا نه ،ول يس في قامو سه ل فظ العاط فة ،يا بس نا شف ،يد ير قطا عه
بأعراف الشركات ،فهو ثابت عند قناعته ل يتزحزح ،مطرق ل يبتسم ،حرفي ل يتأول ،نصي ل يجتهد ،ل يقبل عذرا،
ول استثناء ،ول وصفا مقاربا ،أو حل بديل ،وإنما ديدنه الجداول والصطلحات واللزامات والنسبة المئوية ،بل اللفية.
وأخر ل يعجبه العجب ،ول يرضي عن صحبه ،إذ هم في هجرة أو وضع صعب ،وفي تقسيم نعرف نقصانه عن الحدود
النموذجية بتأثير الضرورات ،وصاحبنا يقيس بموازين أيام العافية والستقرار ،ويشتهي على رسله ،وينتمي مربيا رفع
ال صفات ،وأ صحابا أشكال ،وهيهات ،ولو ق نع بالق سمة وعاون ل كن خيرا وأبرد لقل به ،ولو وزر لمرب يه لتكا مل ال مر
واستقر.
8
www.ikhwan-info.net
* وقريب منه :الكثير التشكي ،المتأفف ،الضجر ،الذي يدعي مع كل شمس تطلع على العباد تبشرهم بزرق واستئناف عمل أنه
غير محظوظ ول موفق ،وأن الرياح عكست شراعه ،وأنه ممتحن بمحن ،ومريض بأمراض ،وقد يكون ذلك صحيحا ،إما لذنوب
يرتبكها هو أعرف بها ،تليق لها التوبه ،ليتوسع رزقه وأمره ،أو لتمحيض يليق له الصبر ل التوجع.
* وأخر أعطل ،ل تهمه الموعظة التي في مثل هذه المصارحات ،بقدر ما يهمه أن يعرف من هو المقصود بكل ملحظة ،ولربما
استدرج إخوانا له غلى شبه مؤتمر ليعينوه في التعرف على الهماس والحساس والمتردد والصامت ،وهذا انحراف بمقصد الرسائل
،واهتمام هابط.
* الفكر والخلق … .والذوق الحسن
وكل هذه الملحظات إنما وردت في محاولة التوصل إلى الصياغة النفسية السوية للداعية ،أو لضبط السلوك الداري
والتربوي ،وهي أمور تضاف إلى ما يوجبه الشرع من التزام أحكام الحلل والحرام ،وإلى ما تفرضه الخلق اليمانية الساسية.
ول كن ق صة صياغة الشخ صية الدعو ية ل تنت هي ع ند م ثل هذه الحدود ،وإن ما تلزم ها أي ضا أداب يملي ها الذوق الرف يع
الحسن ل بد منها لتجميل مشاركة الداعية في حياة الناس اليومية وللرتفاع بمستوى تعامله ال جتماعي ،ول بد أن يتميز بأفعاله
وعادا ته وكل مه وحركا ته ومخالطا ته عن أعراف العا مة و ما يعكر ها من خشو نه و سماجة وع نف وهدر لمقاي يس الجمال .وهذا
الحاسة الذوقية ميراث نرثه عن النبي صلى ال عليه وسلم ..وعن أئمة الدين رحمهم ال .
( فقبيح بالعاقل إهمال نفسه ،وقد نبه الشرع على الكل بالبعض ،فأمر بقص الظفار… ونهى عن أكل الثوم والبصل النئ
ل جل الرائ حة ،وينب غي له أن يق بس على ذلك ويطلب غا ية النظا فة ونها ية الزي نة ،و قد كان ال نبي صلى ال عل يه و سلم ،يعرف
. ()1
مجيؤه بريح الطيب ،فكأن الغاية في النظافة والنزاهة)
وقال الشافعي لبنه وهو يعظه:
. ()2
( يا بني :وال لو عملت أن الماء البارد من مروءتي ما شربت إل حارا ).
وت جب على الداع ية الم سلم في هذا ال سياق سلسلة طويلة من الذوقيات ينب غي أن يضع ها في ح سابه ،وأن يكون بالغ
الحساسية إذ هو يتصرف ويخالط ويشافه ويأكل ويشرب ويزور ويستعمل اللت ،فيحرص على أن يظهر الرقة والنظام والنظافة
والحفاظ على حقوق الخرين.
* ف في نظا فة البدن والمل بس :ن حب للدعا ية ،أن يكون كث ير الغت سال وخا صة أيام ال حر ح يث يعرق البدن ،بح يث لن شم م نه
رائحه العرق ول من قميصه ول من جوربه حين ينزع حذاء من المساجد والمجالس.
* وأن ينظف أسنانه بالسواك أو الفرشاة أو بهما معا عدة مرات في اليوم ،وخاصة عند التوجه إلى المسجد إلى النوم ،وأن يقص
شعره عند الحلق ول يتركه ليكون جمه ،وأن يحجر أسفل كعب قدمه كل أسبوع.
* وفي مجالسة الخرين والحضور الجتماعي :نكره الداعية أن يقص أظافره في مجلس ،أو يضع رجل على رجل أمام من هو
أ كبر م نه سنا أو مقاما ،إل أن يكون ب ين أقران ،وهذا العادة ما زالت تع تبر ع ند التراك أش به بالكبائر ،ولو فعل ها داع ية لترك
مجلسه الناس ،وأنكر من ذلك أن يرفع قدمه ويضعها على ركبته الخرى بحيث تكون أفقيه ويتوجه أسفل كعب حذائه إلى وجه
أحد الجلساء.
وفرق عة ال صابع أو عظام الرق بة في الم ساجد والمجالس قبي حة ،وكذا كثرة التن خم والنحن حة ،أو التم خط ب صوت عال،
ولو استطاع أن يقوم ليتمخط في بيت الخلء ،أو الحمام لكان أجمل ،وليكن المنديل معه دائما ،ومناديل الورق ،وليكتم التجشؤ
قدر استطاعته ،فإن تساهله فيه إنما هو من العيب الشديد.
9
www.ikhwan-info.net
* وفي آداب الضيافة والكل وإعداد الطعام ،نكره للداعية أن يفرش قطعة من المشمع أو النايلون ليضع عليها الطعام والخبز ثم
يدوسها بقدمه ،فإن باطن القدم ل يخلو من جراثيم ،وقد يلمس الطعام موطن القدم .ونكره أن يصنع لضيفه طعاما بالثوم ،خاصة
إذ كان الضيف زائرا من بلده أخرى ،فإن الخرين سيعانقونه ربما عند التحية ،فيكون في حرج ،ومن الخطأ الظن بأن أكل شيء
بعد الثوم يذهب برائحته ،لن الرائحة ل تنبعث من المعدة بل من خلل تصفية الدم في الرئة أثناء التنفس ،وتظل تسع ساعات
بعد الكل.
ونكره أن يقدم للض يف لح ما غري با ول ي خبره ،كالر نب ،أو يق صر مائد ته على نوع وا حد ف قط غ ير مألوف في ديار
الضيف.
وليحذر الداعية أن يشفط الحساء أو غيره بصوت عال ،فإنه عيب ،أو أن يصدر صوتا من شفتيه بعد بلغ اللقمة ،أو أن
يبالغ في مص أصابعه.
ونكره للداع ية زيادة إكرام الض يف يتنويع الطعان ،ح تى يتعب زوجه في خد مة الضيوف ،وي صطادهم ويلح عليهم بأدني
في مناسبة ،والمسكينة هي الضحية ،وقد تكون مرضعا ،والتكلف للضيف قد يجعله محرجا ول يكرر الزيارة ويلح في العتذار
إذا دعبي مرة أخرى ،ولو جرت المور على البسباطة لكأنبت خيرا .ومبن التكلف أيضبا :جعبل العشاء المتخلل للجتماعات عشاء
تاما ،فإنه يرهق ويتلف الوقت ،والكتفاء بالطعام الخفيف أولى وأبرك.
وإذا كان الداعية فليأكل أكله العتيادي الذي يأكله في بيته أو أكثر ،لتطيب نفس من دعاه ،ومن العيب أن يأكل بضع
لقيمات ف قط ،حياء أو ل سبب آ خر ،فإن ذلك يؤذي الكر يم ،ويؤذي ن ساء البيت اللوا تي أعددن الطعام ،و سرورهن يكون بمقدار أكل
الضيف.
* وفي الزيارة :نكره للداعية صاح الولد الكثيرين زيارة بيوت خواتنه والبيات بعائلته عندهم الليالي ذوات العدد إل لضرورة ،
وقد تتحول المودة التي قصد تأسيسها إلى خصام بين النساء تبعا لخصام الولد ،ونكره للداعية أن ياتي إلى لفاء ومعه امرأته
وأولده ،فيكون لبثهم في بيت أخيه إلى منتصف الليل ،وإنما الزيارة ساعة ،ول يزر و قت القليلولة والراحة ،ول أول الصباح
وعند منتصف الليل ،وليستأذن بالهاتف ما استطاع ما لم تمنع الظروف من ذلك.
وليكن طرق الباب يرفق ،ولمسه الجرس قصيرة ،ليست متصلة مجفلة ويكون الوقوف يعد الطرق جانبا ل أمام الباب،
إذ فتحته امرأة ،أو وقع النظر إلى الداخل.
ومن الظلم أن يستهين زائر بأوقات الناس فيتأخر كثيرا عن الموعد ول بأبه ،وأظلم منه من يتشبه بالغريبين فيحاسب
على تأخر دقائق قليلة.
وبيوت الدعاة مسباجد ،ولذلك نكره أن يدخبل الزائر بحذائه إلى الغرف ،ببل يخلعبه عنبد الباب وليعلم امرأتبه أولده ذلك
أيضا.
* وفي السلم والتحية :نكره أن يصافح بيد مرتخيه ،ول بد مضاعفة حديدية ،والسلم الجاف بكلمة واحدة بدعه وجفاء ،وأشد
ابتداعا منه تكرار السلم حتى يضجر المقابل ،ونكره القبلة بين الرجال ،مع أنها عرف قوي ،ونتمنى أن يسود عرف بديل عنها
فيه مجرد التعانق أو الكتفاء ،بوضع اليد اليسرى على كتف المقابل كما يفعل أهل السودان.
ونكره أن يقبل الداعية يد أميره أو العالم :إل أن يكونا من كبار السن وليس في رأسهما شعرة سوداء ! ..
* وفي الخطبة والترويج :نكره أن يأخذ الداعية بظاهرة الحديث ( :إذ جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) ،فيتزوج بنته
أو أخ ته م من ل ينا سبها ثقا فة أو ذو قا وطبا عا أو سنا ،والحياة المدن ية الحاضرة معقدة ،وتأثيرات ها نافذة ،ول بد من مراعاة
النسجام وعوامل المكافأة ،إل أن تكون أرملة أو مطلقة يصعب تزويجها.
10
www.ikhwan-info.net
و من المروءة أن ي خبر أحد نا بع ين بن ته أو أخ ته أو اب نة ،ثم يكون المقا بل بالخيار ،وكذلك الع يب الذي في العائلة م ما
يمكن أن يورث ،كالجنون أو أمراض الدم المستعصية.
و من الظلم أن ي سرع الخا طب إلى إعلن خطب ته لفل نه ق بل أن يرا ها ،ثم يرا ها ول تعج به فين سحب ،ولت كن التمهيدات
سرية.
وليس من المرءة أن يستشير الخاطب ،فيخبرونه بشيء من طباع المخطوبة من ذلك أن يجعل ما أؤتمن عليه من سر
العائلة أو حال البنت خيرا مشاعا يبثه ويقول :رفضت لكذا ،ووجدتها قبيحه ،وأمثال ذلك.
ومن المعدل أن من فشل زواجه وطلق وأراد ثانية :أن يخبرها وأهلها بما سلف منه ،فإنه أبرك وأبعد عن التلوم..
ونكره للداعية أن يكون حجاب أهل بيته على نمط غريب ،كأنه التاج فوق الرأس بما فيه من تطرير وتقنن ،فإنه يثير الفضول
ويجلب النظر ويؤدي إلى عكس مقصد الحجاب.
ول يس من المروءة أن يك ثر الداع ية تهد يد زو جة بالزواج من أخرى ،ول المزاح مع ها بحد يث م ثل هذا ،فإ نه ثق يل عند ها ،وإذا
كرهها فليصبر أو يطلق ،ول يشعرها بأنه يكرهها ،وليتجنب اللفاظ القاسية في الرد عليها .
وليس من المروءة أن يستسهل الداعية أغاظة زوجه لسباب تافهة وهي صاحبته وخادمة ضيوفه دهرا ،ونحب له أن يحترمها
ويحسن إليها ويقول لها حسنا..
ونره أن يغفر الداعلية في أسماء أولده بحيث تكون ثقيلة المعنى والجرس ،ل لشيء إل ليكون السم ل ثاني له.
* وفي استعمال السيارة :نلتزم نحن دعاة السلم بقواعد المرور ،فإنها من الطاعة الشرعية لولي المر ولو لم يحكموا بالسلم
،ونحب أن تكون سيارة الداعية نظيفة مثل داره وثويه.
ول يليق أن تقف أمام بيت صاحبك وتنادي عليه بمزمار السيارة في وقت ظهيرة أو نصف ليل ،لئل تزعج جيرانه ،وإنما ذلك
فعل الشباب الطائش.
وإذا سقت سيارتك في طر يق ترا بي وقار بت أ حا يم شي فاخ فض ال سرعة إلى أد نى ما ت ستطيع ،لئل تؤذ يه بالغبار ،
ولربما يكون قد لبس قميصه لتوه ،وهذا من أبشع الظلم والل أبالية التي يقلد فيها بعض الدعاة عامة الناس.
وإذا سبقك سائق يجهل منه وأخذ دورك في المرور أو في احتلل موقف فل تسابقه ،بل أصبر وكن أرفع منه.
ول تحرص على إيقاف سيارتك في ظل بي تك أو ب يت جارك بح يث تم نع مرور ال سابلة قرب الحائط ،فترت ضي ل سيارتك
الظل ،وللناس الحر.
و قم في ال سيارة الحافلة للمرأة وأعط ها مكا نك ،ولو كا نت سافرة ،ول تزا حم ع ند الركون ،ول تضا يق قارئ الجريدة
الجالس إلى جنبك بالنظر في جريدته.
* وفي استعمال الهاتف :ل تظل الكلم ول ترفع صوتك تظن أن المكالمة يقتضيها ذلك ،ما لم يكن الجهاز رديئا ،ودع صاحبك ينام
إذا انتصف الليل أو قارب ،ل تزعه بمكالمة ،ول بعد الفجر.
ونربا فأنفسنا أن نستعمل هاتفا عاما تشغله النوقد بإدخال سلك مثل بدل منها ،فإن ذلك من سماجة العامة .
وأذكر أسمك لمن تكلمه أن لم يعرفك ،ل تتشبه بمن يطلب من المجيب أن يعرف من هو .
وإذا اتصلت ببيت أخ لك ولم تجده وأردت إخبار أهله باسمك فل تذكر كنيتك فقط إذا شاركك أخرون بها ،فيلتبس المر عليه .
ونكره إذا ن مت للقيلولة أو في الل يل أن تر فع سماعة الها تف ل ساعات عديدة ،تر يد أن ل يت صل بك أ حد ،إذ رب ما كان
المر جادا ومهما ،وخير من ذلك أن ل تفتعل الحياء ..وأن ترجو إخوانك أن ل يتصلوا بك في وقت الراحة.
* وفي المساجد :نكره للداعية أن يصحب الصغار جدا من أولده ،وأن يلبس قميصا قصيرا يكشف عن أسفل ظهره إذا ركع.
11
www.ikhwan-info.net
وإذا خرجت من الصلة بيدك نعلك فل ترمه على الرض وأنت واقف ،لنه سيحدث ضوضاء ،ويثير وسخا في وجه من
أنحني للبس حذائه ،ولكن اقترب بيدك من الرض بالنحناء ،وضعه برفق.
* وفي المشي والتنقل :نكره أن ل يدخل الماشي جميع قدمه في النعال ،فتصفق بالرض من كل خطوة ،أو أن يضيف قطع حديد
إلى أسفل الحذاء كما يفعل الفقراء الذين يمنعون سرعة استهلكه بذلك ،فإن الحديد يصدر صوتا مزعجا ،وبخاصة في الممرات
الطويلة في أبنية المستشفيات والجامعات والدوائر.
وإذا سرت ع ند جدار وقار بت نهاي ته ع ند زاو ية يتع طف في ها الطر يق فابت عد عن الجدار ،إذ رب ما فاجأ تك ع ند النعطاف
امرأة ،بل أي سائر ،وقد يكون ما تكره ،من وسخ أو غيره.
والدعاة أ جل من أن يب صقوا في الشارع ،إل في ناح ية في ها تراب ع ند الضرورة وا ستعمال المناد يل وا جب ،ول نل قي
زجاجة فارغة في الشارع أو عليه أو منديل مستعمل.
ونعبر من عند الماكن المخططة ما استطعنا..
ول نضغط أزرار جميع مصاعد العمارة استعجال ،فإن ذلك يؤدي المستعلمين الخرين ،بل لنا صبر وتؤده.
ول تشارك أمرأة في مصعد عمارة سكنية وبخاصة من نساء الجيران ،فإنها تستحي.
* وفي اللغة والتعبير وعموم الكلم ،لسنا نكثر أن نقول :يعني ،يعني .أو نقول :ها ،ها .بل نجزم ونعود ألستنا السترسال
والطلقة.
ولسنا مثل رجال يقلدون نساءهم فيقولون :بيت أم فلن ،بل نقول بين أبي فلن.
وليتكلم أحدنبا أمام أبناء غيبر بلده بالفصبحى ،ليفهموه ،ل بلغاتنبا الميبة ..ونكره أن يأتبي المتكلم باصبطلحات أجنبيبة
ضمن كلمه لغير ما ضرورة أو توضيح زايد ،فإن العربية جزء من شخصية المسلم.
ونكره أن يحرص الرجل على لقب عائلته إذا كان قبيحا.
ولنحذر أن نستعمل في كلماتنا لفظه ل ريب فيها في بلدنا ،وهي في بلد أخرى شتيمة أو عيب أو تدل على قلة احترام،
كقول السوري للمخاطب ،ولك أو :لك وهي عند العراقي وغيره أقرب إلى الشتم الذي يلزمه الحد.
وقوم من الدعاة أخطاؤ هم النحو ية ل تغت فر ،ول يعرف ح تى ر فع الفاعل أو المبتدأ ،و في مقدور هم أن يتعلموا ويخففوا
لحن لسانهم ،لكنهم ل يفعلون وهذا من أقبح الكسل.
ول يجري على شفاه نا ل فظ مكروه م ستقيح أو ت شبيه ق به لمزء وتبت عد عن تعاب ير العا مة ،والب عض ي ظن أن ورود هذه
اللفاظ في المثال الدارجة التي يستعملها الناس يرفع عنها الكراهة ،وليس كذلك المر ،أمثالنا عفيفه أيضا مثل سائر كلمنا.
وإذا شر حت واق عة فل تن طب في ذ كر التفا صيل ال تي ل ت قع في ها ،فإن روح المقا بل قد تز هق ق بل و صولك إلى روا بة
جوهر المسألة.
وتج نب كثرة التعل يق على الحوادث اليوم ية ال صغيرة ال تي ترا ها ويرا ها أ هل مجل سك ،م ما يحدث في الدوائر الحكوم ية
والمقاهي والسواق ،كشجار بين موظف ومراجع ،واختلف رواد المسجد مع المؤذن في دخول الوقت ،وأمال ذلك ،فإن التعليق
على هذه الحوادث شغل الفارغين ،وعليك ا ،تمر بهذه المناظر مرورا سريعا حتى كأن عينك لم تر ،وأذنك لم تسمع ،وأشغل أهل
مجلسك بعلم نافع وكلم مفيد.
* وفي المعطم والسوق :نحب للداعية أن يمنح شيئا من المال لفتيان المطعم والمقهى إذا انتهى وأراد القيام ،وأن يجزل أجرة
الحمال والسائق.
ونحب أن ل يكون الداعية ملحاحا في مساومة الباعة ،ول أن يضع نفسه في زحمة العامة من الناس إذا تقاتلوا في البلد
الفقيرة على طعام يباع بتخفيض ،وليصبر ،وليحمل أولده على القناعة بأكل الميسور ،فإنه أحفظ لمكانة الداعية.
12
www.ikhwan-info.net
* وفي استعمال الكتب :ل تضع خطوطا تحت الجمل المهمة إذا كان الكتاب ليس لك ،ول تجعله بين يدي أولدك ليمزقوا غلفه
ويشوهوا صفحاته ،وأر جع ما ا ستعرت في و قت منا سب ،فإن ها ح سرة دائ مة يتحدث ب ها أ صحاب المكتبات الشخ صية الجيدة :أن
إخوانهم أضاعوا كتابا نادرا لهم ،أو أتلفوا بعض أجزاء الكتاب متعدد الجزاء.
* وفي سلوكنا في بلد الغرب :نكره أن يتوضأ المسلم في بريطانيا مثل فيغسل رجله في مغسله مكان عام ،كمستشفى أو قسم
داخل ،لنهم يحبسون الماء بها ويغسلون وجوههم ،ويستقذرون أن تغسل القدم بها.
ونكره لمن شارك في مؤتمر إسلمي في أوربا وأمريكا أن يحضر المحاضرات ويتجول بالملبس العربية والطاقية أو
عصاية الرأس ،فإنها في عرف أهل تلك البلد ملبس نوم ،ولكن ليلبس البدلة مثل ،ليلبس الملبس العربية الرسمية أي بعباءة
وعقال أو بعمامة.
ونرى أن تأشيرة الدخول إلى بلد الن صارى تع ني ع قد أمان يو جب على الم سلم الزائر ل ها احترام قوانين ها ،وب ها تكون
أموالهم عليه حراما ،ويجب يصون ول يؤذي الممتلكات العامة ،من محطات ووسائل نقل وهواتف وحدائق ،وأن يعاملهم بالصدق
والحسنى ،ويعامل موظفيهم وشرطتهم احترام ،وكان بعض من لفقه ل يتوهم جواز إلحاق الذى بهم والتحا يل على حقوقهم ،
وذلك منكر ل يجوز ،واتباع هوى ،وجهل وضلل.
ونكره للداعيبة أن يتكلف فبي العفاف ويصبل إلى حبد الوسبوسة فيبه ،بأن يشيبح بوجهبه عبن الموظفات المتببرجات إذا
حادثنه ،أو أن يسكت ل يجيب اسنلتهن ترفعا ،فإن حالهن هو مقدار مبلغهن من العلم ،وليكن رفيقا ،فإنهن في بلدهن أو شركات
أهل بلدهن وهو الزائر ،وليجلس من أراد مثل هذا التعفف الصارم في بيته ول يكلف أنفس أهل الملل الخرى ما ليس في وسعها.
* وهناك مفترقات ذوقية أخرى يحسن بالداعية مراعاتها ،وقد تكون متعلقة بحقوق دقيقة يفغل عنها أول وهلة.
فنحبن نرى وجوب التزام الداعيبة بالتسبلسل ومراعاة الدور فبي الماكبن الزدحمبة ،السببق أول ،مثل شراء التذاكبر
ومراج عة الدوائر والم ستشفيات والشراء من ال سواق وركوب الحافلت والقطارات و ما أش به ،وإذا كان م ستعجل فلير جو الذي
قبله أن يعطوه دورهم.
وفي البلد التي يسكن فيها الناس الشقق المجموعة في عمارة واحدة :نرى أن يحرص الداعية على شقه أمامها بحر أو
حدي قة أو أرض فضاء ،ب حث ل تواز يه عمارة قري بة ،لن احتياطات أ هل بي ته قد ل تم نع الن ظر مه ما بالغواء ،و قد برى من
تساهل من يسكن الشقق الموازية مناظر مكروهة ل يحسن أن يراها أهل بيته وولده.
ول نرى الذهاب إلى مكان فيه فرح أو أنس بعد زيادة تعزية لخرين في ساعة واحدة ،فإن الحزين الذي عزيته يسشعر
بأن زيارتك له إنما هي محض دبلوماسية ل مشاركة لقلبك فيها.
ول تبادر إلى تعزية من كان مسافرا بموت قريب أو بمصيبه ،فقد يكون على غير علم بما أصابه ،فتأخذه المفاجأة.
ونكره ل من ي ستمع در سا أو ين صت لحدث أن ي سبق المتكلم بالذ كر نها ية ق صة ي سودها ،أو ت سمية ك تب بذكر ها ،كأ نه
يبرهن على أن يعرف مثل معرفة المتكلم .ونكره أن يقلد الدعاة بعضهم بعضا في انتقاد أخ لهم من أصحاب الشهامة والخلق النبيل
إذا أخ طأ ،وبخا صة الخطاء ال تي سببها قلة خبرته الحيات ية ،وال ستر على ال ساذج خ ير من التلذه بتوج يه الكلم ال مر البع يد عن
الرحمة إليه...
* فهذه وأمثالها من القضايا الذوقية تعتبر من مكملت الشخصية السلمية ،ومن زينة الدعاة ،ويجب أن يحافظ الداعية على
سمر منزلته التي وفقه ال تعالى لها ،وعلى احترام عقلء الناس له ،وأن يتصف كنبيل وسيد وعين ومفكر وفقيه وزاهد ومرجع،
وأن يحمد ال على أن ميزه عن أهل السوء والغوغاء.
وكان السلف ينكرون الذوق النابي ،كعطاء بن أبي رباح التابعي – رحمه ال فقد :
13
www.ikhwan-info.net
( حدث رجبل بحديبث فاعترضبه رجبل ،فغضبب عطاء ،فقال :مبا هذه الخلق ،مبا هذه الطباع ؟ وال إن الرجبل ليحدث
. ()1
بالحديث لنا أعلم به منه ،ولعسى أن يكون سمعه مني ،فأنصت إليه وأريه كأني لم أسمعه قبل ذلك )
بل كانوا يعاقبون تلمذتهم على ذلك ،مثل محدث:
.. ()2
( أعنقوا عليه في دق الباب فلم يحدثهم )
14