Professional Documents
Culture Documents
أهالي المرضى ل يطالبون بحقوقهم والقضاء العشائري يحكم دائما بمسامحة الطباء
وزارة الصحة تنفي وجود تسيّب والمؤسسات الحقوقية تنتقد الجهات الرسمية والهلية ووعي المواطنين
1
وقال الشاب يوسف حريبي عاشور (20عاما) انه بدء يعاني من ضيق في التنفس وسعال ،وعند
عر ضه على أك ثر من طبيب ا خبروه أ نه يعا ني من نزلة صدرية أو مجرد "لف حة برد" ،وع ند
التوجه إلى المستشفى الهلي وبعد عدة فحوصات وصور أشعة وصور طبقيّة أخبره الطباء أن
لديقه كيقس ماء على الرئة ،مقع وجود دمّل ،وهقو بحاجقة إلى علج وسقيغادر المسقتشفى بعقد
يوم ين .وكان يشرف على علج يو سف في الم ستشفى الهلي (ج.ه ق) وب عد ثل ثة أيام ع مل
الطباء على إدخال أنبوب إلى رئة يوسققققف لخراج الماء الموجود على الرئة ،بدأ النبوب
يم تص ماءً ا صفر من رئة يو سف ،وا خبره ال طبيب أن المور ت سير في تح سّن وا نه سيغادر
الم ستشفى قريبا ،إل ا نه ب قي في الم ستشفى عشر ين يوما ،ال مر الذي حدا بوالد يو سف الطلب
من ال طبيب المشرف على علج اب نه أن يف صح له عن مرض اب نه وان ي صارحه بالموضوع
حتى وإن كان مريضا بالسرطان .في اليوم الحادي والعشرين قال الطبيب لوالد يوسف" :ابنك لم
يب قَ له علج عند نا ،وعل يك نقله إلى المقا صد أو إلى أي مش فى في رام ال" ،فرد عل يه والده:
"لماذا لم تخبرني من البداية أنه ل يوجد علج عندكم" ،فكان رد الطبيب" :إننا عملنا المستحيل".
وأجريت ليوسف عملية أخرى في المقاصد واشرف على علجه الدكتور نائل الشهابي وتبين أن
ما تم في الهلي هو خطأ ،بحيث أنه عند إدخال النبوب إلى الرئة تم تفجير الدمل وانتشر ما
بداخله من مواد وفيروسات إلى كل أجزاء الرئة .وقد تم تصحيح مجرى النبوب ،وبعد أربعة
أيام من إجراء العملية غادر يوسف المشفى عائدا إلى بيته.
2
عانت من صداع وماتت في المشفى بسبب سوء التشخيص
دخلت المواط نة (س.ح) ال تي تبلغ من الع مر 28سنة ،في 14/12/2005مش فى (ه ق .ح)
بسقبب صقداع ليقس بالشديقد ،بحيقث أعطاهقا طقبيب الطوارئ حقنقة تخديقر ودواءً مسقكنا (
)diazepamفدخلت في نوم عميق لمدة أربع ساعات ،وبعدها نقلت إلى البيت في حالة دوخان
شديد دون أن يعلل الطبيب مثل هذه الحالة سوى بأنها مجرد صداع ،وسيختفي قريبا .في البيت
لم تتحمل (س) شدة اللم ،فنقلت إلى مشفى (ش .ز) فتوفيت بعد ساعة من وصولها ،وفي يوم
عيدها .خلل هذه الساعة أدخلت الفقيدة لغرفة الشعة دون أن يسمح لزوجها أو أمها بالبقاء.
وجاء في التقر ير ال طبي القضائي ال صادر عن مع هد ال طب الشر عي أن سبب الوفاة هو هبوط
حاد في التنفس والقلب ناتج عن مضاعفات استسقاء الدماغ الناتجة عن ورم حميد دماغي سبّب
إغلق مجرى السوائل الشوكية العصبية الرئيسية.
وهناك بنود في التقرير تضعف السبب الذي أدى إلى الوفاة ،تتمثل في" :نعتقد أن إعطاء الدوية
مثقل ( )diazepamلمعالجقة المراض المذكورة للمتوفيقة دون وجود تشخيقص صقحيح لهقا أو
ل سبابها هو إجراءات التعا مل مع العراض ،وكان ي ستدعي ال مر إجراء فحو صات لتف سير
أعراض المذكورة .كمقا أن زوج الفقيدة يذكقر أن طبيبقة فقي المشفقى الذي نقلت إليقه زوجتقه
ذكرت له أنه كان بالمكان إجراء عملية جراحية قد تنقذ فقيدته .كما يحمّل زوج الفقيدة الطبيب
في مشفى (ه.ح) السبب لتقصيره بالهتمام ومعرفة حقيقة ما يعتري فقيدته.
3
مفهوم الخطأ الطبي
يُعرّف شرف الدين محمود في كتابه "المسؤولية التقصيرية للطباء" الخطأ الطبي "بأنه انحراف
ال طبيب عن ال سلوك ال طبي العادي والمألوف ،و ما يقتض يه من يقظ ٍة وتب صّر إلى در جة يُه مل
مع ها الهتمام بمري ضه" ،أو هو "إخلل ال طبيب بالواجبات الخا صة ال تي تفرض ها عل يه مهن ته،
وهو ما يسمى باللتزام التعاقدي" .ويتبيّن لنا من خلل التعريفين السابقين أن الخطأ الطبي يقوم
على توافر مجموعة من العناصر ،تتمثل بعدم مراعاة الصول والقواعد العلمية المتعارف عليها
فقي علم الطقب ،والخلل بواجبات الحيطقة والحذر ،إغفال بذل العنايقة التقي كان باسقتطاعة
الطبيب فعلها ،إلى جانب مدى توافر رابطة أو علقة نفسية بين إرادة الطبيب والنتيجة الخاطئة.
أ ما تق سيمات الخ طأ ال طبي ،فيُج مع مع ظم الفقهاء القانوني ين على وجود ق سمين (يذكره ما مح مد
الشلش في درا سته "أخطاء الطباء ب ين الف قه والقانون" ،مجلة جام عة القدس المفتو حة ،عدد ،9
شباط ،2007ص ( )350وهما:
الول :الخطقأ الفنقي ،وهقو الخطقأ الذي يصقدر عقن الطقبيب ،ويتعلّق بأعمال مهنتقه ،ويتوجّب
لثبات مسؤوليته عنه أن يكون الخطأ جسيما .ومن المثلة عليه :عدم اللتزام بالتحاليل الطبية،
والخطأ في نقل الدم ،وإصابة المريض لسوء استخدام اللت والجهزة الطبية ،وإحداث عاهة،
فضلً عن التسبّب في تلف عضو ،أو تفاقم علّة.
الثاني :الخطأ العادي ،ومردّه إلى الخلل بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم
بهقا الناس كافقة ،ومنهقم الطقبيب فقي نطاق مهنتقه باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامقة قبقل أن
يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية لمهنته .ومثاله أن يجري الطبيب عملية جراحية وهو سكران.
4
طبيعيا بعيدا عن أي إهمال أو خطأ طبي من الطبيب المعالج ،فل يتم متابعة الحالة والتحقيق في
الموضوع ومساءلة محدث الضرر.
وتذكر الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق النسان والبيئة (القانون) في تقرير لها أنها تلقّت خلل
السقنوات الخيرة الماضيقة عشرات الشكاوى حول موضوع الخطاء الطبيقة ،وإهمال الجهات
المختصة بالتعامل معها بجديّة وحزم ،رغم النتائج الوخيمة التي نتجت عن بعض هذه الحالت
كالعاقة أو حتى الوفاة.
وأكدت تقاريقر أعدهقا المركقز الفلسقطيني لحقوق النسقان وجود عشرات الحالت المتضررة
بسبب الخطاء الطبية في مشافي قطاع غزة العامة منها والخاصة .ويرى المركز أنه في خضم
وجه تي النظقر المتناقضت ين ،وج هة ن ظر المتضرر ين وذويهقم ،ووج هة نظقر الطباء ووزارة
الصحة عموما ،فإن ملف الخطاء الطبية بحاجة ماسة لوقفة جادة ،ل لكيل التهامات لطرف أو
لخقر ،بقل المطلوب وضقع اليقد على حقيققة مقا يحدث فقي محاولة لتصقويب الخلل ،حال ثبات
وقوعه.
وطالب "ائتلف أمان" بضرورة تكريقس حقق المواطقن فقي الطلع وتقديقم الشكاوى ،و "مقن
ضمنها الخطاء الطبية" ،ومساءلة الطراف المخوّلة بالعمل لقامة نظام النزاهة الوطني كخطوة
وقائ ية للت صدي للنتائج المدمرة لنتشار ظاهرة ومظا هر الف ساد في المجت مع الفل سطيني باعتبار
أن أحد أسبابه يعود لغياب دور الجمهور في الرقابة.
5
وبخصوص العقوبة التي وضعها قانون العقوبات الردني على القتل غير المقصود سواء أكان
من طبيب أم كان غيره ،فقد تمثّلت وفق ما ن صّت عليه المادة ( )343من سبب موت احد عن
إهمال أو قلة احتراز أو عن عدم مراعاة القوان ين والنظ مة عو قب بالح بس من ستة أش هر إلى
ثلث سقنوات" .وان لم ينجقم عقن الخطقأ قتقل ،فققد نصقت المادة ( )344مقن قانون العقوبات
المذكور على:
ا( -إذا لم ينجم عن خطأ الشخص إل اليذاء كان العقاب بالحبس من شهر إلى سنة أو بغرامة
من خمسة دنانير إلى خمسين دينارا).
ب(.يعاقب كل إيذاء غير مقصود بالحبس لمدة ل تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة ل تتجاوز عشرة
دنانير).
د .التيجاني :ل يوجد بين أطبائنا من يسمح لنفسه بإيذاء احد المرضى
هذه العقوبات يراهقا البعقض بأنهقا كافيقة كالدكتور محمقد أميقن التيجانقي رئيقس لجنقة الشكاوى
والمخالفات فقي نقابقة أطباء فلسقطين ،حيقث يقول "إن العقوبقة المنصقوص عليهقا قانونيا بشأن
الخطأ الطبي معقولة ،فيستحيل على أي طبيب أن يسمح لنفسه بأن يؤذي أو يضرّ مريضه ،وإل
فقد تحوّل ذلك الفعل إلى جريمة جنائية ،وهذا لم يحدث مطلقا في مشافينا".
مقابقل هذا الرأي نجقد مقن يعارض حجقم العقوبقة ،مطالبا بتشديدهقا أكثقر ،وضرورة تطبيقهقا.
ويقول الدكتور احمقد حني حن م سؤول مع هد ال طب الشر عي في منط قة جنوب الض فة أن كل
طبيب يعبث بمصير أي مريض بسبب جهله بتخصصه أو جشعه لحصد مبالغ طائلة من المال
يجب أن تكون عقوبته شديدة حتى ل يتجرأ غيره على السير في ذات التجاه.
6
مؤ سسة صحية غ ير حكوم ية بتزو يد الوزارة بالتقار ير الدور ية حول سير الع مل في ها ،وأي
معلومات تطلبهقا الوزارة منهقا ،كمقا وألزم هذا القانون المؤسقسة الصقحية بالهتمام بالشكاوى
المقدمة إليها واتخاذ الجراءات المناسبة بشأنها.
والمتتبع لوضعية المشافي الخا صة الفلسطينية يجد أن تنفيذ مثل هذه المطالب يشوبها التقصير
الشد يد إلى حد النعدام في مع ظم الحيان ،ح يث يقول :الذي فضّل عدم ذ كر ا سمه ،أن ق سم
التفتيش في الوزارة صلحياته هامش ية ،بل ومعدومة ،كما أن المشافي الخاصة ل تلتزم مطلقا
بإر سال أ ية تقار ير دور ية عن طبي عة عمل ها أو عن الخطاء الطب ية ال تي تحدث بداخل ها إلى
وزارة ال صحة ،فضلً عن ال صعوبة البال غة ال تي يجد ها المشت كي المتضرر في الو صول إلى
مكان الشكوى ،عدا عن التعقيدات البيروقراطية المتمثلة فيها.
7
عبقء الثبات ،فيمقا جعلت عبقء إثبات العكقس يققع على الطباء .ومقن هذه الدول السقويد
ونيوزيلندا.
8
وبيّن د.المصري أن الخطأ الطبي المتكرر يُحاسب عليه الطبيب ،أما الخطأ غير المتعمّد لول
مرّة فينبّه عليه ،نافيا في الوقت نفسه وقوع أي تسيّب أو تجاوز في هذه الخطاء ،بحيث تشكل
لجنة من خمسة أفراد تعالج هذا الخطأ وتقرّر فيه.
9
ويقول د .أحمد حنيحن مسؤول معهد الطب الشرعي في منطقة جنوب الضفة" :الخطاء الطبية
تمثل ظاهرة خطيرة ومقلقة في المشافي العامة والخاصة على حد سواء ،فغياب الرقابة من قبل
وزارة الصحة ونقابة الطباء على هذه المؤسسات الصحية يشكل السبب الرئيس لتفشي الخطاء
الطبية ،فضلً عن غياب التدقيق في مؤهلت الطباء الجدد ،ومدى قدرتهم على ممارسة مه نة
الطب".
ور غم اعتراف د .حني حن بأن المع هد يعا ني من نق صٍ ملحوظ في التجهيزات الفن ية ،والجهزة
الطبيقة ،والكوادر البشريقة ،إل أنقه برّر ذلك بالظروف السقتثنائية التقي تم ّر بهقا المؤسقسات
الفل سطينية ،خا صة في ما يتعلّق بش حّ التمو يل في د عم القطاعات الحيات ية الها مة ،ومن ها القطاع
ال صحي .وبيّن أن ال طب الشر عي لد يه القدرة المطلو بة في التو صل إلى حقي قة ما تعرّض إل يه
المتوفى أو المصاب من أخطاء طبية وغيرها ،في حين أن بعض الحالت المستعصية يتم نقلها
إلى الردن أو داخل إسرائيل ،مطالبا الجهات المسؤولة بدعم المعهد ،وتلبية احتياجاته حتى يقوم
ل عن مطالبته بتشكيل لجنة مؤهلة ،مؤلّفة من وزارة الصحة ونقابة
بعمله على أكمل وجه ،فض ً
الطباء لمتاب عة هذه الظاهرة والوقوف على أ سبابها ومخاطر ها ،بهدف إيجاد آل ية علج منا سبة
لها.
وحول مدى أهلية الطباء في المعهد ذكر د .حنيحن أن الفريق العامل مؤهّل ،وإن لم يكن كافيا
بالقدر المطلوب ،ويقوم بعمله بشفاف ية ومهن ية عاليت ين ،منتقدا في الو قت ذا ته كل ما يروج من
"ادعاءات" تفيد أن أطباء المعهد يتعرضون لضغوطات من هنا وهناك بغية إصدار تقارير طبية،
تتجاوز طبيعقة وحقيققة مقا حدث مقن خطقأ طقبي مقن هذا الطقبيب أو هذا المشفقى ،فضلً عقن
الدعاء بعدم قدرة المعهد على القيام بفحوصات دقيقة.
10
وفقي مقابقل ذلك ،يشيقر تقريقر صقادر عقن الهيئة الفلسقطينية المسقتقلة لحقوق المواطقن حول
الهمال الطبي عام ،2001إلى وجود ضعف في متابعة النيابة العامة لقضايا الخطاء الطبية،
فبالر غم من وجود عشرات الحالت في ال سنوات الخيرة ،أدى فيها الهمال ال طبي المُد عى به
إلى وفاة المريض ،ظهر في بعض القضايا التي وصلت المحاكم ضعف الخبرة الفنية المقدمة
من النيابة العامة ،وعدم قدرتها على إظهار الهمال الذي وقع ،وعدم ثقة المحكمة في التقارير
المقد مة من ال طب الشر عي المحلي ،إلى جا نب أن المحا كم لم ت بت في عدد من القضا يا ال تي
وصلت إليها ،رغم مرور سنوات على النظر فيها في المحكمة.
11