You are on page 1of 11

‫الخطاء الطبية في المشافي الخاصة‪ :‬جرائم بل أدلة‬

‫أهالي المرضى ل يطالبون بحقوقهم والقضاء العشائري يحكم دائما بمسامحة الطباء‬
‫وزارة الصحة تنفي وجود تسيّب والمؤسسات الحقوقية تنتقد الجهات الرسمية والهلية ووعي المواطنين‬

‫تحقيق‪ :‬محمود الفطافطة‬

‫ت قع الخطاء الطب ية با ستمرار في المشا في الخا صة والعا مة دون أن ت جد من يوقف ها أو يم نع‬


‫تكرارهقا‪ ،‬ففقي كقل يوم نسقمع تذمرا هنقا وشكوى هناك دون الوصقول إلى حالة نهائيقة توققف‬
‫الخطاء وتحمقى حياة المرضقى مقن النسقاء والطفال والمسقنّين مقن أخطاء يرتكبهقا أطباء هقم‬
‫أصحاب رسالة‪ ،‬لكنهم بشر يرتكبون الخطاء‪.‬‬
‫في هذا التحقيق جمعنا قصصا مروّعة عن أخطاء كلفت الناس حياتهم‪ ،‬وحملنا السئلة لصحاب‬
‫القرار في وزارة ال صحة ونقا بة الطباء ومع هد ال طب الشر عي واطلع نا على رأي المنظمات‬
‫الحقوقية لعلنا نضع الصبع على الجرح ونفتح باب النقاش لعل مجتمعنا ومؤسساتنا يصلون إلى‬
‫حالة جدّية من التعامل مع هذه الخطار والجرائم التي تهدد مرضانا ومؤسساتنا الصحية‪.‬‬

‫مواطنة ماتت بسبب نقص جهاز‬


‫خضعقت المواطنقة (ن‪.‬ك) لعمليقة اسقتئصال مرارة فقي مركقز (نابلس الجراحقي التخصقصي)‪،‬‬
‫وذلك بعد إقناعها بأن حالتها تستدعي الستعجال في إجراء العملية‪ ،‬وأن المركز هو الوحيد في‬
‫هذه المدي نة القادر على إجراء ذلك‪ .‬وأثناء إجراء العمل ية تبيّن أن المر كز غ ير مؤ هل لجراء‬
‫مثقل هذا النوع مقن العمليات‪ ،‬ولم يتمكقن الطباء الموجودون فقي المركقز مقن التعامقل مقع‬
‫المضاعفات‪ ،‬ف تم ا ستدعاء طبيب من مش فى آ خر‪ ،‬فو جئ فور و صوله بعدم توفّر جهاز تدل يك‬
‫للقلب‪ .‬وبعد أن ساءت أوضاع المريضة‪ ،‬تم نقلها إلى مشفى آخر‪ ،‬حيث توفيت فيه‪ .‬وفي أعقاب‬
‫ذلك قا مت وزارة ال صحة بالتحق يق في القض ية‪ ،‬واتخذت قرارا بإغلق المر كز مدة ش هر ح تى‬
‫يتم تقديم المستندات والوثائق التي تؤكد اللتزام بالقوانين والنظمة المعمول بها في الوزارة‪.‬‬

‫انفجار دمّل بعد إدخال أنبوب إلى رئة مواطن في الخليل‬

‫‪1‬‬
‫وقال الشاب يوسف حريبي عاشور (‪20‬عاما) انه بدء يعاني من ضيق في التنفس وسعال‪ ،‬وعند‬
‫عر ضه على أك ثر من طبيب ا خبروه أ نه يعا ني من نزلة صدرية أو مجرد "لف حة برد"‪ ،‬وع ند‬
‫التوجه إلى المستشفى الهلي وبعد عدة فحوصات وصور أشعة وصور طبقيّة أخبره الطباء أن‬
‫لديقه كيقس ماء على الرئة‪ ،‬مقع وجود دمّل‪ ،‬وهقو بحاجقة إلى علج وسقيغادر المسقتشفى بعقد‬
‫يوم ين‪ .‬وكان يشرف على علج يو سف في الم ستشفى الهلي (ج‪.‬ه ق) وب عد ثل ثة أيام ع مل‬
‫الطباء على إدخال أنبوب إلى رئة يوسققققف لخراج الماء الموجود على الرئة‪ ،‬بدأ النبوب‬
‫يم تص ماءً ا صفر من رئة يو سف‪ ،‬وا خبره ال طبيب أن المور ت سير في تح سّن وا نه سيغادر‬
‫الم ستشفى قريبا‪ ،‬إل ا نه ب قي في الم ستشفى عشر ين يوما‪ ،‬ال مر الذي حدا بوالد يو سف الطلب‬
‫من ال طبيب المشرف على علج اب نه أن يف صح له عن مرض اب نه وان ي صارحه بالموضوع‬
‫حتى وإن كان مريضا بالسرطان‪ .‬في اليوم الحادي والعشرين قال الطبيب لوالد يوسف‪" :‬ابنك لم‬
‫يب قَ له علج عند نا‪ ،‬وعل يك نقله إلى المقا صد أو إلى أي مش فى في رام ال"‪ ،‬فرد عل يه والده‪:‬‬
‫"لماذا لم تخبرني من البداية أنه ل يوجد علج عندكم"‪ ،‬فكان رد الطبيب‪" :‬إننا عملنا المستحيل"‪.‬‬
‫وأجريت ليوسف عملية أخرى في المقاصد واشرف على علجه الدكتور نائل الشهابي وتبين أن‬
‫ما تم في الهلي هو خطأ‪ ،‬بحيث أنه عند إدخال النبوب إلى الرئة تم تفجير الدمل وانتشر ما‬
‫بداخله من مواد وفيروسات إلى كل أجزاء الرئة‪ .‬وقد تم تصحيح مجرى النبوب‪ ،‬وبعد أربعة‬
‫أيام من إجراء العملية غادر يوسف المشفى عائدا إلى بيته‪.‬‬

‫الطبيب مُص ّر على الجراحة وصورة الشعة تقول عكس ذلك‬


‫وفقي حالة أخرى سققطت المواطنقة (م‪.‬ف) أثناء قطفهقا الزيتون عن إحدى الشجار‪ ،‬وتوج هت‬
‫إلى مختبر أشعة لتصوير ساقها‪ ،‬طلب منها فني المختبر التوجه إلى إحدى الطباء المختصين‬
‫بالعظام الذي يعمقل بمشفقى (م)‪ ،‬وبمجرد أن شاهقد هذا الطقبيب الصقور قال‪" :‬إنهقا تحتاج إلى‬
‫عمليقة فوريقة لزرع جهاز‪ ،‬وذلك لصقابتها بأكثقر مقن كسقر فقي الحوض‪ ،‬وحدّد لهقا موعدا‬
‫للعملية‪ ،‬لكن زوجها قرر عدم إجراء العملية لعدم توفر المال‪ ،‬ولن الوضع الصحي لزوجته لم‬
‫يسقمح‪ ،‬فقي حيقن كان الطقبيب مصقمما على إجرائهقا‪ ،‬وبعقد رفضهقا ومغادرتهقا المشفقى على‬
‫مسؤوليتها الخاصة‪ ،‬توجهت إلى مركز آخر لتصوير الشعة‪ ،‬حيث تبين أنها ل تعاني من كسر‬
‫في الحوض‪ ،‬ول تحتاج إلى أي عمل ية‪ ،‬ولو أجرت ها لرب ما أ صيبت بالشلل‪ ،‬أو أضرار ل يح مد‬
‫عقباها وفق ما ذكر موظف الشعة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫عانت من صداع وماتت في المشفى بسبب سوء التشخيص‬
‫دخلت المواط نة (س‪.‬ح) ال تي تبلغ من الع مر ‪ 28‬سنة‪ ،‬في ‪ 14/12/2005‬مش فى (ه ق‪ .‬ح)‬
‫بسقبب صقداع ليقس بالشديقد‪ ،‬بحيقث أعطاهقا طقبيب الطوارئ حقنقة تخديقر ودواءً مسقكنا (‬
‫‪ )diazepam‬فدخلت في نوم عميق لمدة أربع ساعات‪ ،‬وبعدها نقلت إلى البيت في حالة دوخان‬
‫شديد دون أن يعلل الطبيب مثل هذه الحالة سوى بأنها مجرد صداع‪ ،‬وسيختفي قريبا‪ .‬في البيت‬
‫لم تتحمل (س) شدة اللم‪ ،‬فنقلت إلى مشفى (ش‪ .‬ز) فتوفيت بعد ساعة من وصولها‪ ،‬وفي يوم‬
‫عيدها‪ .‬خلل هذه الساعة أدخلت الفقيدة لغرفة الشعة دون أن يسمح لزوجها أو أمها بالبقاء‪.‬‬
‫وجاء في التقر ير ال طبي القضائي ال صادر عن مع هد ال طب الشر عي أن سبب الوفاة هو هبوط‬
‫حاد في التنفس والقلب ناتج عن مضاعفات استسقاء الدماغ الناتجة عن ورم حميد دماغي سبّب‬
‫إغلق مجرى السوائل الشوكية العصبية الرئيسية‪.‬‬
‫وهناك بنود في التقرير تضعف السبب الذي أدى إلى الوفاة‪ ،‬تتمثل في‪" :‬نعتقد أن إعطاء الدوية‬
‫مثقل (‪ )diazepam‬لمعالجقة المراض المذكورة للمتوفيقة دون وجود تشخيقص صقحيح لهقا أو‬
‫ل سبابها هو إجراءات التعا مل مع العراض‪ ،‬وكان ي ستدعي ال مر إجراء فحو صات لتف سير‬
‫أعراض المذكورة‪ .‬كمقا أن زوج الفقيدة يذكقر أن طبيبقة فقي المشفقى الذي نقلت إليقه زوجتقه‬
‫ذكرت له أنه كان بالمكان إجراء عملية جراحية قد تنقذ فقيدته‪ .‬كما يحمّل زوج الفقيدة الطبيب‬
‫في مشفى (ه‪.‬ح) السبب لتقصيره بالهتمام ومعرفة حقيقة ما يعتري فقيدته‪.‬‬

‫جرح عملية استئصال مرارة لم يغلق‬


‫دخلت المواطنقة (ع‪ .‬م) مشفقى (ه‪.‬ح) برام ال لزالة حصقوة فقي المرارة‪ .‬لكقن مقا جرى أن‬
‫المرارة أُزيلت وبق يت (ع) تعا ني من ألم شد يد جدا طيلة ‪ 12‬يوما‪ .‬وعند ما كان زوج المري ضة‬
‫يسأل الطبيب الذي أجرى العملية يجيبه بأن حال زوجته سيتحسّن‪ .‬ونقلت المريضة إلى مشفى‬
‫المطّلع بالقدس لي جد الطباء هناك أن جرح العمل ية لم يُغلق‪ .‬وه نا نجد أن المؤشرات على خ طأ‬
‫ال طبيب عديدة‪ ،‬أهم ها‪ :‬إنهاء ع مل ال طبيب في المش فى ع قب الحاد ثة بأيام‪ ،‬وانتقل بعدها للع مل‬
‫في مش فى حكو مي‪ ،‬بالضا فة إلى وجود ال طبيب في المش فى الذي نقلت إل يه المري ضة ومتاب عة‬
‫حالت ها دون أن يطلب م نه ذلك‪ ،‬وطرح ال طبيب على زوج المري ضة ا ستعداده بد فع ما يتر تب‬
‫على مكوث زوج ته وعلج ها في مش فى (ه‪ .‬ح) على نفق ته‪ ،‬إلى جا نب أن طبيبا مشاركا له في‬
‫عيادة طبية خاصة قد تركه‪ ،‬وأكد لذوي المريضة أن زميله قد اخطأ في علجه لها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مفهوم الخطأ الطبي‬
‫يُعرّف شرف الدين محمود في كتابه "المسؤولية التقصيرية للطباء" الخطأ الطبي "بأنه انحراف‬
‫ال طبيب عن ال سلوك ال طبي العادي والمألوف‪ ،‬و ما يقتض يه من يقظ ٍة وتب صّر إلى در جة يُه مل‬
‫مع ها الهتمام بمري ضه"‪ ،‬أو هو "إخلل ال طبيب بالواجبات الخا صة ال تي تفرض ها عل يه مهن ته‪،‬‬
‫وهو ما يسمى باللتزام التعاقدي"‪ .‬ويتبيّن لنا من خلل التعريفين السابقين أن الخطأ الطبي يقوم‬
‫على توافر مجموعة من العناصر‪ ،‬تتمثل بعدم مراعاة الصول والقواعد العلمية المتعارف عليها‬
‫فقي علم الطقب‪ ،‬والخلل بواجبات الحيطقة والحذر‪ ،‬إغفال بذل العنايقة التقي كان باسقتطاعة‬
‫الطبيب فعلها‪ ،‬إلى جانب مدى توافر رابطة أو علقة نفسية بين إرادة الطبيب والنتيجة الخاطئة‪.‬‬
‫أ ما تق سيمات الخ طأ ال طبي‪ ،‬فيُج مع مع ظم الفقهاء القانوني ين على وجود ق سمين (يذكره ما مح مد‬
‫الشلش في درا سته "أخطاء الطباء ب ين الف قه والقانون"‪ ،‬مجلة جام عة القدس المفتو حة‪ ،‬عدد ‪،9‬‬
‫شباط ‪ ،2007‬ص (‪ )350‬وهما‪:‬‬
‫الول‪ :‬الخطقأ الفنقي‪ ،‬وهقو الخطقأ الذي يصقدر عقن الطقبيب‪ ،‬ويتعلّق بأعمال مهنتقه‪ ،‬ويتوجّب‬
‫لثبات مسؤوليته عنه أن يكون الخطأ جسيما‪ .‬ومن المثلة عليه‪ :‬عدم اللتزام بالتحاليل الطبية‪،‬‬
‫والخطأ في نقل الدم‪ ،‬وإصابة المريض لسوء استخدام اللت والجهزة الطبية‪ ،‬وإحداث عاهة‪،‬‬
‫فضلً عن التسبّب في تلف عضو‪ ،‬أو تفاقم علّة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الخطأ العادي‪ ،‬ومردّه إلى الخلل بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم‬
‫بهقا الناس كافقة‪ ،‬ومنهقم الطقبيب فقي نطاق مهنتقه باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامقة قبقل أن‬
‫يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية لمهنته‪ .‬ومثاله أن يجري الطبيب عملية جراحية وهو سكران‪.‬‬

‫مؤسسات حقوقية‪ :‬عشرات الشكاوى بل حلول حاسمة‬


‫وتقبيّن مقن معطيات الهيئة الفلسقطينية المسقتقلة لحقوق المواطقن أنقه خلل الفترة الممتدة مقن (‬
‫‪ 2001 -1996‬اسقتقبلت الهيئة ‪ 65‬شكوى يدّعقي فيهقا أصقحابها بوقوع أخطاء طبيّة لهقم‪ ،‬أو‬
‫لقربائ هم من ق بل أطباء وممرض ين في مشا فٍ عا مة وخا صة‪ .‬وتش ير الهيئة إلى أن عدد هذه‬
‫الدعاءات هقو عدد قليقل مقن مجمقل حالت الهمال الطقبي التقي تققع فعلً‪ ،‬فهناك وفقق الهيئة‬
‫ل بدون تدخل أو معرفة المؤسسات الرسمية أو الهلية‪ ،‬إلى جانب وجود‬
‫حالت إهمال طبي تُح ّ‬
‫عدد آ خر من قضا يا الخطاء الطب ية ال تي تُحلّ عشائريا‪ ،‬أو ل ي تم تقد يم شكوى بخ صوصها‪.‬‬
‫وكذلك فإن هناك بعض القضايا التي ل يتم فيها معرفة سبب الضرر الذي أصاب المريض أو‬
‫السقبب الذي أدى إلى الوفاة نتيجقة لعتقاد أهقل المريقض أو المتوفقى أن مقا حدث كان وضعا‬

‫‪4‬‬
‫طبيعيا بعيدا عن أي إهمال أو خطأ طبي من الطبيب المعالج‪ ،‬فل يتم متابعة الحالة والتحقيق في‬
‫الموضوع ومساءلة محدث الضرر‪.‬‬
‫وتذكر الجمعية الفلسطينية لحماية حقوق النسان والبيئة (القانون) في تقرير لها أنها تلقّت خلل‬
‫السقنوات الخيرة الماضيقة عشرات الشكاوى حول موضوع الخطاء الطبيقة‪ ،‬وإهمال الجهات‬
‫المختصة بالتعامل معها بجديّة وحزم‪ ،‬رغم النتائج الوخيمة التي نتجت عن بعض هذه الحالت‬
‫كالعاقة أو حتى الوفاة‪.‬‬
‫وأكدت تقاريقر أعدهقا المركقز الفلسقطيني لحقوق النسقان وجود عشرات الحالت المتضررة‬
‫بسبب الخطاء الطبية في مشافي قطاع غزة العامة منها والخاصة‪ .‬ويرى المركز أنه في خضم‬
‫وجه تي النظقر المتناقضت ين‪ ،‬وج هة ن ظر المتضرر ين وذويهقم‪ ،‬ووج هة نظقر الطباء ووزارة‬
‫الصحة عموما‪ ،‬فإن ملف الخطاء الطبية بحاجة ماسة لوقفة جادة‪ ،‬ل لكيل التهامات لطرف أو‬
‫لخقر‪ ،‬بقل المطلوب وضقع اليقد على حقيققة مقا يحدث فقي محاولة لتصقويب الخلل‪ ،‬حال ثبات‬
‫وقوعه‪.‬‬
‫وطالب "ائتلف أمان" بضرورة تكريقس حقق المواطقن فقي الطلع وتقديقم الشكاوى‪ ،‬و "مقن‬
‫ضمنها الخطاء الطبية"‪ ،‬ومساءلة الطراف المخوّلة بالعمل لقامة نظام النزاهة الوطني كخطوة‬
‫وقائ ية للت صدي للنتائج المدمرة لنتشار ظاهرة ومظا هر الف ساد في المجت مع الفل سطيني باعتبار‬
‫أن أحد أسبابه يعود لغياب دور الجمهور في الرقابة‪.‬‬

‫القانون‪ :‬حبس ‪ 6‬أشهر وغرامة ‪ 10‬دنانير‬


‫ول زال قانون العقوبات الم صري ر قم ‪ 74‬ل سنة ‪ 1936‬هو المعمول به في قطاع غزة‪ ،‬بين ما‬
‫فقي الضفقة فإن قانون العقوبات الردنقي رققم ‪ 16‬لسقنة ‪ 1960‬هقو الذي يُطبّقق فقي هذا‬
‫الخ صوص‪ .‬هذا من ج هة الت طبيق‪ ،‬أ ما بشأن العقو بة والجزاء فإن المشرع الرد ني لم يعا قب‬
‫على كل نتيجة تسبّبت عن الخطأ الطبي‪ ،‬ولكنه تخير بعض النتائج التي هي على درجة الجسامة‬
‫وعاقب عليها‪ .‬وقد حصرت المادة (‪ )343‬من قانون العقوبات الردني صور الخطأ في‪:‬‬
‫•الهمال‪ :‬ويقصد به التفريط والتقصير وعدم النتباه‪ .‬ومن صور الهمال أن يُكلّف‬
‫شخص بالعناية بمريض أو طفل صغير‪ ،‬فيهمل في العناية به حتى يموت‪ .‬أو ينسى‬
‫الطبيب قطعة شاش أو آلة داخل جسم المريض‪.‬‬
‫•قلّة الحتراز‪ :‬يقصد به عدم التقدير على نحو سليم للثار الضارة لفعله‪ ،‬فضلً عن‬
‫عدم مراعاة القوانين والنظمة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وبخصوص العقوبة التي وضعها قانون العقوبات الردني على القتل غير المقصود سواء أكان‬
‫من طبيب أم كان غيره‪ ،‬فقد تمثّلت وفق ما ن صّت عليه المادة (‪ )343‬من سبب موت احد عن‬
‫إهمال أو قلة احتراز أو عن عدم مراعاة القوان ين والنظ مة عو قب بالح بس من ستة أش هر إلى‬
‫ثلث سقنوات"‪ .‬وان لم ينجقم عقن الخطقأ قتقل‪ ،‬فققد نصقت المادة (‪ )344‬مقن قانون العقوبات‬
‫المذكور على‪:‬‬
‫ا‪( -‬إذا لم ينجم عن خطأ الشخص إل اليذاء كان العقاب بالحبس من شهر إلى سنة أو بغرامة‬
‫من خمسة دنانير إلى خمسين دينارا)‪.‬‬
‫ب‪(.‬يعاقب كل إيذاء غير مقصود بالحبس لمدة ل تتجاوز ستة أشهر أو بغرامة ل تتجاوز عشرة‬
‫دنانير)‪.‬‬

‫د‪ .‬التيجاني‪ :‬ل يوجد بين أطبائنا من يسمح لنفسه بإيذاء احد المرضى‬
‫هذه العقوبات يراهقا البعقض بأنهقا كافيقة كالدكتور محمقد أميقن التيجانقي رئيقس لجنقة الشكاوى‬
‫والمخالفات فقي نقابقة أطباء فلسقطين‪ ،‬حيقث يقول "إن العقوبقة المنصقوص عليهقا قانونيا بشأن‬
‫الخطأ الطبي معقولة‪ ،‬فيستحيل على أي طبيب أن يسمح لنفسه بأن يؤذي أو يضرّ مريضه‪ ،‬وإل‬
‫فقد تحوّل ذلك الفعل إلى جريمة جنائية‪ ،‬وهذا لم يحدث مطلقا في مشافينا"‪.‬‬
‫مقابقل هذا الرأي نجقد مقن يعارض حجقم العقوبقة‪ ،‬مطالبا بتشديدهقا أكثقر‪ ،‬وضرورة تطبيقهقا‪.‬‬
‫ويقول الدكتور احمقد حني حن م سؤول مع هد ال طب الشر عي في منط قة جنوب الض فة أن كل‬
‫طبيب يعبث بمصير أي مريض بسبب جهله بتخصصه أو جشعه لحصد مبالغ طائلة من المال‬
‫يجب أن تكون عقوبته شديدة حتى ل يتجرأ غيره على السير في ذات التجاه‪.‬‬

‫لمن تتبع المشافي الخاصة؟‬


‫ينقص قانون الصقحة العامقة الفلسقطيني رققم ‪ 20‬لسقنة ‪ 2004‬على "أن مقن مهام وصقلحيات‬
‫وزارة ال صحة الفل سطينية ترخ يص المؤ سسات ال صحية غ ير الحكوم ية ومراقبت ها"‪ .‬و من خلل‬
‫تتبّعنا لبعض حالت الخطأ الطبي نجد أن هناك إشكالية وتناقضا في ذلك‪ ،‬يتمثّل في أن الوزارة‬
‫تف يد بأن ج هة الخت صاص في شكاوى الخطاء الطب ية ال تي تردّ على مش فى خاص هو نقا بة‬
‫الطباء‪ ،‬وأن على النيابة العامة مطالبة النقابة بالتحقيق في مثل هذه القضايا‪.‬‬
‫ص على دور الوزارة في الرقا بة والتفت يش على‬
‫وكذلك فإن الف صل الثا من من ن فس القانون ن ّ‬
‫المؤسسات الصحية المختلفة‪ ،‬بما فيها المؤسسات الصحية الخاصة أو الهلية‪ ،‬وألزم القانون كل‬

‫‪6‬‬
‫مؤ سسة صحية غ ير حكوم ية بتزو يد الوزارة بالتقار ير الدور ية حول سير الع مل في ها‪ ،‬وأي‬
‫معلومات تطلبهقا الوزارة منهقا‪ ،‬كمقا وألزم هذا القانون المؤسقسة الصقحية بالهتمام بالشكاوى‬
‫المقدمة إليها واتخاذ الجراءات المناسبة بشأنها‪.‬‬
‫والمتتبع لوضعية المشافي الخا صة الفلسطينية يجد أن تنفيذ مثل هذه المطالب يشوبها التقصير‬
‫الشد يد إلى حد النعدام في مع ظم الحيان‪ ،‬ح يث يقول‪ :‬الذي فضّل عدم ذ كر ا سمه‪ ،‬أن ق سم‬
‫التفتيش في الوزارة صلحياته هامش ية‪ ،‬بل ومعدومة‪ ،‬كما أن المشافي الخاصة ل تلتزم مطلقا‬
‫بإر سال أ ية تقار ير دور ية عن طبي عة عمل ها أو عن الخطاء الطب ية ال تي تحدث بداخل ها إلى‬
‫وزارة ال صحة‪ ،‬فضلً عن ال صعوبة البال غة ال تي يجد ها المشت كي المتضرر في الو صول إلى‬
‫مكان الشكوى‪ ،‬عدا عن التعقيدات البيروقراطية المتمثلة فيها‪.‬‬

‫مصادر الخطاء الطبية‬


‫إلى ذلك‪ ،‬فإن مصادر الخطاء الطبية التي تحدث في المشافي الخاصة تتعدّد أشكالها‪ ،‬بحيث أن‬
‫عدم الخبرة التي يفتقر إليها بعض الطباء‪ ،‬خاصة إذا كان الطبيب جديدا‪ ،‬أو غير مؤهل‪ ،‬أو ل‬
‫ي ستطيع إتقان العمل على ب عض الجهزة الطب ية في المشفى‪ ،‬تش كل سببا رئيسا لمصدر الخطأ‬
‫ال طبي‪ ،‬ك ما أن ن سبة كبيرة من هذه الخطاء تحدث ب سبب كتا بة و صفات طب ية غ ير واض حة‪،‬‬
‫ووجود أدوية متشاب هة ال سماء‪ ،‬ومشاكل اتصالت بين مشرفين على علج مشترك‪ ،‬بالضا فة‬
‫إلى التخزين الروتيني للدوية السامة في صيدليات المشافي‪.‬‬

‫عبء الثبات وصعوبة التعامل مع إفادات الخبراء‬


‫إن إحدى أ هم المشا كل ال تي تظ هر في دعاوى مُ ساءلة الطباء مدنيا عن أخطائ هم المهن ية هي‬
‫م سألة الثبات‪ ،‬فالمر يض‪ ،‬ك ما يقول المحا مي م عن ادع يس "ي جب عل يه أن يُث بت وقوع الخ طأ‪،‬‬
‫وأن يث بت وقوع الضرر‪ ،‬ثم يث بت عل قة الخ طأ بالضرر‪ ،‬وأن هذا الخ طأ هو الذي أو قع ذلك‬
‫الضرر‪ ،‬وأن هذا الضرر ما كان ليقع لول وقوع ذلك الخطأ‪ .‬ويظهر ثقل هذا العبء بشكل جلي‬
‫ومعقّد وفق وصف ادعيس خاصة في ظل الصعوبة البالغة التي تنجم عن إفادات الخبراء الذين‬
‫تدعوهم المحكمة‪ ،‬وهم من الطباء‪ ،‬في تحميل زملئهم في المهنة أي نوع من أنواع المسؤولية‬
‫لدى إدلئهم بإفاداتهم‪ ،‬مع الملحظة هنا أن تشريعات بعض الدول ذهبت إلى ابتكار حلول جديدة‬
‫لمواجهة هذه الشكالية‪ ،‬بحيث افترضت قيام مسؤولية الطباء دون حاجة إلى تحميل المريض‬

‫‪7‬‬
‫عبقء الثبات‪ ،‬فيمقا جعلت عبقء إثبات العكقس يققع على الطباء‪ .‬ومقن هذه الدول السقويد‬
‫ونيوزيلندا‪.‬‬

‫القضاء العشائري ينهي القضايا الطبية بالتسامح‬


‫وفي جزئية أخرى‪ ،‬يتطرق المحامي ادعيس في مقابلة خاصة معه إلى علقة القضاء العشائري‬
‫في تسوية قضايا الخطاء الطبية‪ ،‬حيث يقول‪" :‬إن علقة هذا القضاء إنما تكون بقصد المسامحة‬
‫بالجا نب الجزائي من الم سؤولية‪ ،‬وهذا ي جب أن ل يؤ ثر على المطال بة المدن ية بالتعو يض عن‬
‫الضرار التي لحقت بالمتضرر‪ .‬ويطالب ادعيس بضرورة إيجاد البنية القانونية اللزمة لوضع‬
‫قانون يلزم المؤ سسات ال صحية الخا صة والعا مة بالتأم ين ضد الم سؤولية عن الخطاء الطب ية‪،‬‬
‫إلى جا نب تطو ير الو عي لدى المواطن ين بأهم ية ملح قة ومتاب عة قضا يا الخ طأ ال طبي لن ذلك‬
‫حق لهم‪ ،‬وعليهم أن يستردوه‪.‬‬
‫ويوصي المحامي ادعيس بضرورة تشكيل لجان طب شرعية من أطباء وفقهاء وقانونيين‪ ،‬تكون‬
‫مهمتهقا إبداء الرأي الشرعقي فقي كقل مسقألة طبيقة طارئة‪ ،‬وتحديقد نوع الخطقأ الطقبي‪ ،‬ومدى‬
‫مسؤولية الطبيب عنه‪ ،‬مع تقرير العقوبة المناسبة وتقديرها في حالة إدانته‪ ،‬وكذلك وجوب قيام‬
‫نقا بة الطباء ووزارة ال صحة بع قد دورات تدريب ية للطباء الجدد‪ ،‬وتزو يد القدا مى من الطباء‬
‫بكل ما يستجد في عالم الطب‪ ،‬إلى جانب تبصير الطباء بالقوانين وعقوباتها في حالة حصول‬
‫الخطأ الطبي‪ ،‬وماهية هذا الخطأ‪.‬‬
‫ك ما ويطالب المحا مي ادعيس بوضع قانون خاص بالخطاء الطب ية‪ ،‬يكون في صلً في مثل تلك‬
‫القضايا التي تتشابك فيها المصطلحات والمفاهيم بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية العائدة‬
‫إلى القضاء والقدر‪.‬‬
‫وزارة الصحة تنفي وقوع أي تسيب أو تجاوز في التعامل مع الخطاء الطبية‬
‫ل ينكر وكيل وزارة الصحة د‪.‬عنان المصري وجود أخطاء طبية تحدث في المشافي الحكومية‬
‫والخا صة الفل سطينية‪ ،‬وان الوزارة تقوم في حالة ثبوت هذا الخ طأ ال طبي وبدل يل قا طع بعقاب‬
‫ال طبيب‪ ،‬مبينا أ نه في حال إذا ت سبب طبيب يع مل في مش فى خاص بخ طأ طبي‪ ،‬فإن الوزارة‬
‫تطلب من إدارة هذا المش فى نتائج التحق يق مع ال طبيب ح تى لو كان يع مل في مو قع م سؤولية‪،‬‬
‫منوها في الطار ذاته إلى أن صلحيات الوزارة ل تنحصر في مشافي الحكومة فقط وإنما في‬
‫كافة مؤسسات القطاع الصحي الفلسطيني‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وبيّن د‪.‬المصري أن الخطأ الطبي المتكرر يُحاسب عليه الطبيب‪ ،‬أما الخطأ غير المتعمّد لول‬
‫مرّة فينبّه عليه‪ ،‬نافيا في الوقت نفسه وقوع أي تسيّب أو تجاوز في هذه الخطاء‪ ،‬بحيث تشكل‬
‫لجنة من خمسة أفراد تعالج هذا الخطأ وتقرّر فيه‪.‬‬

‫نقابة الطباء‪ :‬هناك شكاوى كيدية لبتزاز الطباء‬


‫ولمعرفقة عمقل وصقلحيات نقابقة الطباء الفلسقطينيين بخصقوص قضيقة الخطاء الطبيقة فقي‬
‫المشافي الخاصة سرد لنا د‪ .‬محمد أمين التيجاني تراتبيّة هذا العمل‪ ،‬حيث يقول‪" :‬يقدّم المتضرر‬
‫أو من ينوب ع نه شكوى مكتو بة وواض حة إلى النقا بة بطبي عة ما ح صل‪ ،‬ثم تر سل ن سخة من‬
‫الشكوى إلى الطقبيب المدّعقى عليقه لير ّد عليهقا خلل أسقبوعين‪ ،‬وبنا ًء على الرد تقرّر النقابقة‬
‫أمر ين‪ :‬أوله ما‪ :‬أن الشكوى لي ست ذات أهم ية أو منطق ية‪ ،‬بين ما القرار ال خر يتمثّل في إحالة‬
‫الشكوى إلى اللجنة الفرعية للنقابة للنظر فيها‪.‬‬
‫ويض يف‪" :‬إذا لم يقت نع المتضرر بذلك تقوم النقا بة والوزارة بتشك يل لج نة فن ية‪ ،‬بهدف التحق يق‬
‫والتحقّق مقن حقيققة المقر‪ ،‬فإذا وجدت تقصقيرا وخطأً مقن الطقبيب يحال إلى "مجلس النقابقة‬
‫التأد يبي"‪ ،‬موضحا أ نه من حق المشت كي الح صول على إجا بة بحقي قة نتائج التحق يق‪ ،‬ك ما وله‬
‫الحق في الستئناف أو الذهاب إلى القضاء‪.‬‬
‫ويرى د‪ .‬التيجا ني أن الخطاء الطب ية في المشا في الخا صة هي مجرد حالت‪ ،‬ك ما أن مع ظم‬
‫الشكاوى ال تي تقدم ضد الطباء أو المشا في بهذا الخصوص تكون كيدية هدف ها ابتزاز ال طبيب‪،‬‬
‫أو تحر يض من ق بل آخر ين‪ .‬ولتفع يل دور النقا بة في م سألة الخطاء الطب ية يطالب د‪.‬التيجا ني‬
‫بضرورة إعطاء النقابة دورا تنفيذيا واسعا‪ ،‬وأن تعمل على تطبيق برنامج تأهيلي للطباء الجدد‬
‫والقدامى وتوعيتهم بالناحية القانونية الخاصة بهذه القضية وغيرها‪.‬‬
‫ويشدد د‪ .‬التيجانقي على ضرورة قيام وزارة الصقحة بوضقع نظام خاص للتعامقل مقع الشكاوى‬
‫التي ترد من المواطنين في موضوع الخطاء الطبية‪ ،‬وتفعيل تنفيذ الجراءات المعمول بها في‬
‫هذا الصدد‪ ،‬والعمل على اعتماد وزارة الصحة لجراءات وآليات تضمن الرقابة والتفتيش على‬
‫المؤ سسات ال صحية الخا صة وإلزام ها بتقد يم تقار ير شهر ية عن سير الع مل في ها‪ ،‬ب ما يض من‬
‫استيفاء هذه المؤسسات الشروط اللزمة لممارستها العمل الصحي‪.‬‬

‫معهد الطب الشرعي‪ :‬غياب الرقابة يفاقم الخطاء الطبية‬

‫‪9‬‬
‫ويقول د‪ .‬أحمد حنيحن مسؤول معهد الطب الشرعي في منطقة جنوب الضفة‪" :‬الخطاء الطبية‬
‫تمثل ظاهرة خطيرة ومقلقة في المشافي العامة والخاصة على حد سواء‪ ،‬فغياب الرقابة من قبل‬
‫وزارة الصحة ونقابة الطباء على هذه المؤسسات الصحية يشكل السبب الرئيس لتفشي الخطاء‬
‫الطبية‪ ،‬فضلً عن غياب التدقيق في مؤهلت الطباء الجدد‪ ،‬ومدى قدرتهم على ممارسة مه نة‬
‫الطب"‪.‬‬
‫ور غم اعتراف د‪ .‬حني حن بأن المع هد يعا ني من نق صٍ ملحوظ في التجهيزات الفن ية‪ ،‬والجهزة‬
‫الطبيقة‪ ،‬والكوادر البشريقة‪ ،‬إل أنقه برّر ذلك بالظروف السقتثنائية التقي تم ّر بهقا المؤسقسات‬
‫الفل سطينية‪ ،‬خا صة في ما يتعلّق بش حّ التمو يل في د عم القطاعات الحيات ية الها مة‪ ،‬ومن ها القطاع‬
‫ال صحي‪ .‬وبيّن أن ال طب الشر عي لد يه القدرة المطلو بة في التو صل إلى حقي قة ما تعرّض إل يه‬
‫المتوفى أو المصاب من أخطاء طبية وغيرها‪ ،‬في حين أن بعض الحالت المستعصية يتم نقلها‬
‫إلى الردن أو داخل إسرائيل‪ ،‬مطالبا الجهات المسؤولة بدعم المعهد‪ ،‬وتلبية احتياجاته حتى يقوم‬
‫ل عن مطالبته بتشكيل لجنة مؤهلة‪ ،‬مؤلّفة من وزارة الصحة ونقابة‬
‫بعمله على أكمل وجه‪ ،‬فض ً‬
‫الطباء لمتاب عة هذه الظاهرة والوقوف على أ سبابها ومخاطر ها‪ ،‬بهدف إيجاد آل ية علج منا سبة‬
‫لها‪.‬‬
‫وحول مدى أهلية الطباء في المعهد ذكر د‪ .‬حنيحن أن الفريق العامل مؤهّل‪ ،‬وإن لم يكن كافيا‬
‫بالقدر المطلوب‪ ،‬ويقوم بعمله بشفاف ية ومهن ية عاليت ين‪ ،‬منتقدا في الو قت ذا ته كل ما يروج من‬
‫"ادعاءات" تفيد أن أطباء المعهد يتعرضون لضغوطات من هنا وهناك بغية إصدار تقارير طبية‪،‬‬
‫تتجاوز طبيعقة وحقيققة مقا حدث مقن خطقأ طقبي مقن هذا الطقبيب أو هذا المشفقى‪ ،‬فضلً عقن‬
‫الدعاء بعدم قدرة المعهد على القيام بفحوصات دقيقة‪.‬‬

‫دور النيابة العامة ضعيف وبطيء‬


‫يفرض قانون أصقول المحاكمات الجزائيقة الفلسقطيني رققم ‪ 3‬لسقنة ‪ 2001‬على النيابقة العامقة‬
‫واجب متابعة الجرائم والتحقيق فيها‪ ،‬ومتابعة أي وفيات تحدث في ظروف غامضة يُحتمل معها‬
‫أن تكون الوفاة حد ثت عن ق صد‪ ،‬أو نتي جة إهمال يحا سب عل يه القانون‪ .‬ويقول م ساعد النائب‬
‫العام عبد الغني العويوي‪" :‬إن النيابة العامة دون غيرها تخت صّ بالتحقيق في الجرائم والتصرف‬
‫فيها‪ ،‬وأن النيابة في حال تقديم شكوى بخصوص خطأ طبي تباشر التحقيق فيها‪ ،‬مبيّنا أن تقديم‬
‫شكوى إلى نقابة الطباء أو غيرها ضد طبيب أو مشفى بسبب إهمال طبي ل يحول دون تقديم‬
‫الشكوى أمام القضاء‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وفقي مقابقل ذلك‪ ،‬يشيقر تقريقر صقادر عقن الهيئة الفلسقطينية المسقتقلة لحقوق المواطقن حول‬
‫الهمال الطبي عام ‪ ،2001‬إلى وجود ضعف في متابعة النيابة العامة لقضايا الخطاء الطبية‪،‬‬
‫فبالر غم من وجود عشرات الحالت في ال سنوات الخيرة‪ ،‬أدى فيها الهمال ال طبي المُد عى به‬
‫إلى وفاة المريض‪ ،‬ظهر في بعض القضايا التي وصلت المحاكم ضعف الخبرة الفنية المقدمة‬
‫من النيابة العامة‪ ،‬وعدم قدرتها على إظهار الهمال الذي وقع‪ ،‬وعدم ثقة المحكمة في التقارير‬
‫المقد مة من ال طب الشر عي المحلي‪ ،‬إلى جا نب أن المحا كم لم ت بت في عدد من القضا يا ال تي‬
‫وصلت إليها‪ ،‬رغم مرور سنوات على النظر فيها في المحكمة‪.‬‬

‫أصحاب الحق ل يطالبون به‬


‫إن أعقد المشاكل التي تظهر في دعاوى مُساءلة الطباء مدنيا عن أخطائهم المهنية هي مسألة‬
‫الثبات‪ ،‬مع الملحظة أن مواجهة هذه الشكالية‪ ،‬تمثّلت في بعض الدول في تحميل المسؤولية‬
‫للطباء دون الحاجة إلى تحميل المريض عبء الثبات‪ ،‬فيما يتم جعل عبء إثبات العكس يقع‬
‫على الطباء‪.‬‬
‫وخلل إجراء هذا التحق يق وجد نا أن مع ظم المتضرر ين أو ذوي هم ل يُقدمون على ر فع دعاوى‬
‫قضائ ية ضد من يع تبرونهم ال سبب في الخ طأ ال طبي‪ ،‬وتعزى أ سباب ذلك إلى‪ :‬ارتفاع تكل فة‬
‫الخدمة القانونية‪ ،‬والتكهن المسبق الخاطئ بأن القضية ستخسر نتيجة الشك في أهلية ومصداقية‬
‫نتائج الطب الشرعي‪ ،‬والصعوبة البالغة‪ ،‬بل والمستحيلة في إثبات الخطأ الطبي على الطبيب أو‬
‫المشفى أو من كان له سبب في هذا الخطأ‪.‬‬
‫نذكّر هنا بأن ما لمسناه في القضايا العالقة بين وزارة الصحة‪ ،‬ونقابة الطباء‪ ،‬والدارات الطبية‬
‫هقو ضعقف التنسقيق وعدم وضوح العلقات والمرجعيات والليات للحقد مقن قضايقا الخطاء‬
‫الطب ية وإمكان ية علج ها‪ .‬ك ما أن ترم يز ال سماء في التحق يق يأ تي بناء على اعتبارات ت خص‬
‫المطبوعة وان دورها إعلمي توعوي وليس دورا قضائيا‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like