You are on page 1of 55

‫‪WWW.ISLAMWAY.

COM‬‬

‫ملحظة ‪ /‬ت إخفاء الخطاء الملئية ف هذا الستند ‪ ،‬ومن يريد تفعيل الاصية ‪،‬‬
‫فليضغط على زر أدوات الوجود بأعلى الصفحة ‪ ،‬ث يتار تدقيق إملئي وتدقيق نوي ‪ ،‬ث‬
‫يتار خيارات ‪ ،‬وجزاكم ال خيا ‪.‬‬
‫إعداد‬
‫د‪.‬خالد بن عبد الكري اللحم‬
‫أستاذ القرآن وعلومه الساعد بامعة المام ممد بن سعود السلمية‬
‫ح خالد بن عبد الكري اللحم ‪1425 ،‬هـ‬
‫فهرسة مكتبة اللك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫اللحم ‪ ،‬خالد عبد الكري ممد‬
‫مفاتيح تدبر القرآن والنجاح ف الياة ‪/‬خالد بن عبد الكري اللحم ‪ -‬الرياض ‪1425 ،‬هـ‬
‫‪ 80‬ص ‪ 24 ،‬سم‬
‫ردمكـ ‪9960 _ 46 _ 021 - 5‬‬
‫أ ‪ -‬العنوان‬ ‫‪ -1‬القرآن ‪-‬مباحث عامة ‪ -2‬النجاح‬
‫‪1425 -2878‬‬ ‫ديوي ‪229‬‬

‫رقم اليداع ‪1425 - 2878 :‬‬


‫ردمكـ ‪_ 46 _ 021 - 5‬‬
‫حقوق الطبع مفوظة‬
‫الطبعة الول ‪1425‬هـ ‪ 2004 -‬م‬

‫يطلب الكتاب من الناشر على العنوان ‪:‬‬


‫جوال ‪0505217570‬‬
‫فاكس ‪ ، 012312652‬بريد الكترون ‪LAHIM@QURANLIFE.com‬‬
‫بسم الله‬
‫الرحمن الرحيم‬
‫سبب تأليف الكتاب‬
‫بعد إحدى المحاضرات سألني أحدهم ‪:‬‬
‫كيف يكون النجاح بالقرآن ؟‬
‫فقلت له ‪ :‬هذا ستتؤال كتتبير ‪ ،‬وخاصتتة هذه اليام التتتي فتتتن الناس‬
‫فيهتا بهذا الفتن مستتندين فتي معظتم طرحهتم على كتتب حضارات‬
‫المتستيدُ للحديتث فيته ل يملكته إل متن حصتل‬
‫ِّ‬ ‫غيتر إستلمية ‪ ،‬وصتار‬
‫على شهادات أو دورات هناك ‪ ،‬قلت له ‪ :‬هذا ستتؤال كتتبير وأخشتتى‬
‫إن أجبت عنه إجابة سريعة أن أسيئ إلى القرآن ‪ ،‬فل بد من البيان‬
‫المتكامتتل الواضتتح الذي يربتتط المفاهيتتم والمصتتطلحات بالواقتتع ‪،‬‬
‫ويوضتح أن الصتل فتي تحقيتق النجاح هتو القرآن الكريتم كلم رب‬
‫العالمين ‪ ،‬وما عداه ‪ :‬فإما أن يكون تابعا ً له ‪ ،‬وإل فهو مرفوض ‪.‬‬
‫كان هذا السؤال هو سبب تأليف هذا الكتاب ‪ ،‬الذي حاولت فيه أن‬
‫أبين كيفية تحقيق القوة والنجاح بمفهومه الشامل المتكامل لكل‬
‫طبقات المجتمع ولجميع جوانب حياتهم ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪6‬‬
‫مقدمة‬
‫إن المد ل نمده ‪ ،‬ونستعينه ‪ ،‬ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال فل مضل له ‪،‬‬
‫ومـن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهـد أن ل إله إل ال وحده ل شريـك له ‪ ،‬وأشهـد أن ممدا عبده ورسـوله ‪ ،‬صـلى ال‬
‫عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫‪،‬‬
‫فإن الوسيلة الول لصلح النفس وتزكية القلب والوقاية من الشكلت وعلجها هو العلم ووسيلته الول القراءة‬
‫والكتاب ؛ لذلك ند أن ال تعال لا أراد هداية اللق وإخراجهم من الظلمات إل النور أنزل إليهم كتابا يقرأ ‪ ،‬وف‬
‫أول سورة نزلت منه بدأت بكلمة عظيمة هي مفتاح الصلح لكل الناس مهما اختلفت الزمان وتباينت البلدان إنا ‪:‬‬
‫{ إقرأ } ‪ ،‬وعليه فمن أراد النجاح وأراد الزكاة والصلح فل طريق له سوى الوحيي القرآن والسنة ‪ :‬قراءة وحفظا‬
‫وتعلما‪.‬‬
‫إن الحالة على كتاب يقرأ ويفهم ويطبق هي الطريقة العملية للتغي والتطوير‪.‬‬
‫ولو تأملنا ف حال سلفنا الصال بدءا من النب § وانتهاءً بالعاصرين من الصالي لوجدنا أن القاسم الشترك بينهم هو‬
‫القيام بالقرآن وف صلة الليل خاصة ‪ ،‬والعمل التفق عليه عندهم الذي ل يرون التهاون به ف أي حال هو الزب‬
‫اليومي من القرآن ‪ ،‬عن عمر بن الطاب _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما‬
‫( )‬
‫إنه الرص على عدم فواته مهما حالت دونه الوائل ‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫بي صلة الفجر وصلة الظهر كتب له كأنا قرأه من الليل"‬
‫أو اعترضته العوارض ‪ ،‬لنم يعلمون يقينا أن هذا هو غذاء القلب الذي ل ييا بدونه ‪ ،‬إنم يرصون على غذاء القلب‬
‫ق بل غذاء البدن ‪ ،‬ويشعرون بالن قص م ت ح صل شئ من ذلك ‪ ،‬بع كس الفرط ي الذ ين ل يشعرون إل بوع أبدان م‬
‫وعطشها ‪ ،‬أو مرضها وألها ‪ ،‬أما أل القلوب وعطشها وجوعها فل سبيل لم إل الحساس به‪.‬‬
‫إن قراءة القرآن ف صلة الليل هي أقوى وسيلة لبقاء التوحيد واليان غضا طريا نديا ف القلب ‪.‬‬
‫إنا النطلق لكل عمل صال آخر من صيام أو صدقة أو جهاد وبر وصلة‪.‬‬
‫لا أراد ال سبحانه وتعال تكليف نبيه ممد § بواجب التبليغ والدعوة وهو حل ثقيلٌ جدا ؛ وجّهه إل ما يعينه عليه‬
‫وهو القيام بالقرآن ‪{ :‬يَا َأّيهَا اْل ُمزّمّلُ ‡† قُ ِم اللّيْ َل إِ ّل َقلِيلً ‡† نِصْفَ ُه َأوِ انقُصْ ِمنْ ُه َقلِيلً ‡† َأوْ ِز ْد َعلَيْ ِه وَ َرتّلِ الْ ُقرْآنَ‬
‫ـحًا‬
‫ل ‡† إِنّ نَاشِئَ َة اللّيْ ِل هِيَـأَشَ ّد وَطْئا َوأَقْوَمُـ قِيلً ‡† إِنّ لَكَـ فِي اَلّنهَارِ سَ ْب‬
‫ـلْقِي َعلَيْكَـ َقوْ ًل ثَقِي ً‬
‫َت ْرتِيلً ‡† ِإنّاـ سَُن‬
‫َطوِيلً } [‪ 7-1‬سورة الزمل] ‪.‬‬
‫لقد كثر ف زماننا هذا الديث عن النجاح والسعادة والتفوق والقوة‪ ،‬وكثرت فيه الؤلفات وكل يدعي أن ف كتابه‬
‫أو برنامه الدواء الشاف ‪ ،‬والعلج الناجع ‪ ،‬وأنه الكتاب الذي ل تتاج معه إل غيه ‪ ،‬والق أن هذا الوصف ل يوز‬
‫أن يوصف به إل كتاب واحد هو القرآن الكري‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ا بن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ا بن‬


‫خزيةة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سةنن النسةائي الكةبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سةنن أبة داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سةنن ابةن ماجةه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سةنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪(474‬‬
‫‪)581‬‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة‬
‫ولعلج هذه الشكلة ‪ -‬أع ن ان صراف الناس عن القرآن الكر ي ‪ ،‬واشتغال بعض هم بتلك الؤلفات ب ثا عن ال سعادة‬
‫والنجاح ‪ -‬يئ هذا البحث ليسهم ف تبيي القائق وتوضيح الدقائق ‪ ،‬و رسم الطريق الصحيح للمنهج السليم الذي‬
‫ينبغي أن يتبعه السلم ف حياته ‪.‬‬
‫إن العبـد إذا تعلق قلبـه بكتاب ربـه فتيقـن أن ناحـه و ناتـه وسـعادته وقوتـه فـ قراءتـه وتدبره تكون هذه البدايـة‬
‫للنطلق ف مراقي النجاح وسلم الفلح ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫هذا البحث يتحدث عن الوسائل العملية ال ت تكّن ‪ -‬بعون ال تعال ‪ -‬من النتفاع بالقرآن الكري ‪ ،‬وهذه القواعد‬
‫هي الت كان يسلكها سلفنا الصال ف تعاملهم مع القرآن الكري ‪ ،‬الت بسبب غفلة الكثيين عنها أو بعضها أصبحوا‬
‫ل يتأثرون ول ينتفعون با فيه من اليات والعظات ‪ ،‬والمثال والكم‪.‬‬
‫و من أ خذ بذه الو سائل فإ نه سيجد بإذن ال تعال أن معا ن القرآن تتد فق عل يه ح ت رب ا ي ضى عل يه و قت طو يل ل‬
‫ي ستطيع تاوز آ ية واحدة من كثرة العا ن ال ت تف تح عل يه ‪ ،‬و قد حصل هذا لل سلف من قبل نا والخبار ف هذا كثية‬
‫مشهورة‪.‬‬
‫قال سهل بن عبد ال التستري ‪ " :‬لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم ل يبلغ ناية ما أودع ال ف آية من‬
‫كتابه لنه كلم ال وكلمه صفته وكما أنه ليس ل ناية فكذلك ل ناية لفهم كلمه ‪ ..‬وإنا يفهم كلٌ بقدار ما يفتح‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وهذا كلم صـحيح‬ ‫ال على قلبـه ‪ ،‬وكلم ال غيـ ملوق ‪ ،‬ول يبلغ إل نايـة فهمـه فهوم مدثـة ملوقـة "اهــ‬
‫والتجر بة والوا قع يش هد بذلك ‪ ،‬فإن الناس يتفاوتون ف فهم هم وإدراك هم ليات القرآن الكر ي ‪ ،‬وتنيل ها على أمور‬
‫حيــــــاتم ‪ ،‬وأيضا فإن الشخص نفسه قد ينفتح له فهم لبعض اليات ويتأثر با‪ ،‬ويأت ف وقت آخر يقف‬
‫أمام الية وقد أغلقت دونه ‪ ،‬يقف أمامها ويقول لقد تأثرت بذه الية يوما من اليام فأين ذاك التأثر ؟ وأين ذاك الفهم‬
‫؟‬
‫إن ف هم القرآن وتدبره موا هب من الكر ي الوهاب يعطي ها ل ن صدق ف طلب ها و سلك ال سباب الو صلة إلي ها ب د‬
‫واجتهاد ‪ ،‬أمـا التكـئ على أريكتـه ‪ ،‬الشتغـل بشهوات الدنيـا ويريـد فهـم القرآن فهيهات هيهات ولو تنـ على ال‬
‫المان‪.‬‬
‫مادة هذا البحث ليست مموعة نظريات أو فرضيات توضع كحلول للمشكلة الراد علجها ‪ ،‬إنا هي خطوات عملية‬
‫‪ ،‬تتاج إل تدرج وتكرار ح ت ي صل التعلم في ها إل ما و صف من نتائج وثار ‪ ،‬قال ثا بت البنا ن ‪" :‬كابدت القرآن‬
‫عشرين سنة ث تنعمت به عشرين سنة " اهـ ‪ ،‬وما قاله ثابت البنان حق ‪ ،‬فقف عند الباب حت يفتح لك ؛ إن كنت‬
‫تدرك عظمـة مـا تطلب فإنـه متـ فتـح لك سـتدخل إل عال ل تسـتطيع الكلمات أن تصـفه ول العبارات أن تصـور‬
‫حقيقته ‪ ،‬أما إن استعجلت وانصرفت فستحرم نفسك من كن عظيم وفرصة قد ل تدركها فيما تبقى من عمرك‪.‬‬
‫كنت أحاول كتابة تفسي تربوي يركز ف مضمونه على ما يقوي اليان ويزيد الشوع دون استطراد أو خروج عن‬
‫هذا السار ‪ ،‬ولكن بعد أن بدأت بالشتراك مع الخ الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري بوضع منهج لذا التفسي ‪،‬‬
‫وتت كتابة الرحلة النظرية للبحث ‪ ،‬وبعد ماولة كتابة القسم التطبيقي له ‪ ،‬تبي ل أن مهما كتبت ‪ ،‬أوكتب غيي ف‬
‫هذا اليدان فلن يقق الطلوب ‪ ،‬والصواب ف هذا المر أن كل إنسان ل بد أن يغرف من الصب الرئيس وأن ينهل‬

‫‪ )(1‬مقدمة تفسي البسيط للواحدي (رسالة دكتوراه) ‪34-1 :‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪8‬‬
‫(‪، )2‬‬
‫تبي أن ما أبث عنه هو منهج وقواعد لفهم القرآن الكري‬ ‫من النبع مباشرة دون أية واسطة تبعده عن القصود‬
‫مباشرة والتأ ثر والنتفاع به ‪ ،‬فتأملت حال ال سلف رح هم ال ف هذا ال مر ‪ ،‬ودر ست منهج هم ف تعامل هم م عه ‪،‬‬
‫وقارنت بي حالنا وحالم فكانت مادة هذا البحث ومتواه ‪ ،‬وال الوفق والادي إل سواء الصراط ‪.‬‬
‫محور البحث ومشكلته‬
‫شيَ ِة اللّ ِه َوتِلْ كَ‬
‫ن ن نؤ من ون صدق بقول ال تعال ‪َ{ :‬لوْ أَن َزلْنَا هَذَا الْ ُقرْآ نَ َعلَى َجبَ ٍل ّل َرأَيَْت هُ خَاشِعًا مّتَ صَ ّدعًا مّ نْ خَ ْ‬
‫سنَ اْلحَدِي ثِ‬
‫س لَ َع ّلهُ ْم يَتَ َف ّكرُو نَ } [(‪ )21‬سورة ال شر] ‪ ،‬ونقرأ قول ال تعال ‪{ :‬اللّ ُه َنزّلَ أَ ْح َ‬
‫ض ِربُهَا لِلنّا ِ‬
‫ا َلمْثَالُ َن ْ‬
‫كِتَابًا مّتَشَابِهًا مّثَانِ يَ َتقْشَ ِعرّ ِمنْ هُ ُجلُودُ الّذِي َن َيخْشَوْ نَ َرّبهُ ْم ثُمّ َتلِيُ ُجلُودُهُ ْم وَ ُقلُوُبهُ مْ ِإلَى ِذ ْكرِ اللّ ِه َذلِ كَ هُدَى اللّ هِ‬
‫َيهْدِي بِهِ َمنْ يَشَاء َومَن ُيضْلِ ْل اللّهُ َفمَا لَهُ ِمنْ هَادٍ} [(‪ )23‬سورة الزمر] ‪ ،‬وقوله تعال ‪َ { :‬وِإذَا مَا أُن ِزلَتْ سُو َرةٌ َفمِ ْنهُم‬
‫شرُو َن } [(‪ )124‬سورة التوبة] ‪ ،‬فهذا هو‬
‫مّن يَقُو ُل َأيّكُ ْم زَا َدتْ هُ هَذِ هِ إِيَانًا فََأمّا الّذِينَ آ َمنُواْ َفزَا َدْتهُ مْ إِيَانًا َوهُ ْم يَ سْتَ ْب ِ‬
‫القرآن ‪ ،‬ونن نقرؤه ‪ ،‬ولكن ما أخب ال تعال عنه من تأثي فإننا ل نده ! فلماذا ؟‬
‫القرآن هو القرآن ‪ ،‬وقد وصل والمد ل إلينا مفوظا تاما مصونا من الزيادة والنقص ‪.‬‬
‫أين اللل ؟ وأين الشكلة ؟‬
‫ف كل تأثي عندنا ثلثة أركان ‪ :‬الؤثر ‪ ،‬والتأثر ‪ ،‬والوصّل ‪.‬‬
‫فالؤثر ‪ -‬وهو القرآن ‪ -‬أثره ثابت ل نشك فيه‪.‬‬
‫بقي الحتمال ف المرين الخيين ‪ :‬الوصّل ‪ ،‬والتأثر ‪.‬‬
‫التأثر ‪ :‬هو قلب التلقي القارئ ‪ ،‬والوصّل ‪ :‬هو القراءة والتدبر ‪.‬‬
‫والبحث ياول استكشاف اللل ف الهتي ‪ ،‬ويقترح اللول البنية على تارب الناجحي ف تصيل التأثي والثر ‪.‬‬
‫أي ضا ‪ :‬حالة الف تح والف هم ف و قت وإغل قه ف و قت آ خر ‪ -‬و قد سعت الشكوى من هذه الال ع ند عدد من‬
‫الشخاص ‪ -‬تقرأ الية ف وقت فتتأثر با وتنفتح لك فيها معان ‪ ،‬ث تعود إليها بعد فترة فتقف أمامها ل تذكر شيئا‬
‫من تلك العان ول تس بذلك الثر الذي حصل سابقا ! فما السر ؟ وما السباب؟‬
‫هذا ما تاول هذه الدراسة أن تيب عنه ‪ ،‬وتشخصه ‪ ،‬وتصف له العلج الناسب بإذن ال تعال ‪.‬‬
‫خلصة البحث‬
‫يتكون البحث من تهيد وعشرة مفاتيح ‪:‬‬
‫التمهيد ‪ :‬ف معن التدبر وعلماته ‪ ،‬وبيان خطأ ف مفهومه ‪.‬‬
‫والفتاح الول ‪ :‬فخل صته أن القلب آلة الف هم والع قل والدراك ‪ ،‬وأن القلب ب يد ال تعال يقل به ك يف شاء ‪ ،‬يفت حه‬
‫مت شاء ويقفله مت شاء ‪ ،‬وفتح القلب للقرآن يكون بأمرين ‪:‬الول ‪ :‬دوام التضرع إل ال تعال وسؤاله ذلك ‪،‬والثان‬
‫‪ :‬القراءة الكثفة عن عظمة القرآن ‪ ،‬وأهيته ‪ ،‬وحال السلف معه‪.‬‬
‫والفتاح الثان ‪ :‬مضمونه أنه ينبغي أن نعرف قيمة القرآن وعظمته ‪ ،‬وأن نستحضر الهداف والقاصد الت من أجلها‬
‫نقرؤه ‪ ،‬فدائ ما ا سأل نف سك‪ :‬لاذا أر يد قراءة القرآن ؟ ولت كن الجا بة واض حة مف صلة ‪ ،‬وإن كا نت مكتو بة فذاك‬
‫أول ‪ ،‬والقاصد الساسية لقراءة القرآن خسة ‪ :‬العلم ‪ ،‬والعمل ‪ ،‬والناجاة ‪ ،‬والثواب ‪ ،‬والشفاء‪.‬‬

‫‪ )(2‬وهذا ف جا نب تزك ية القلوب ‪ ،‬وترب ية النفوس ‪ ،‬أ ما الوا نب الخرى من القرآن كالحكام مثل فيحتاج القارئ‬
‫معها إل ما يفصلها ويوضحها ‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫مقدمة‬
‫والفتاح الثالث إل العاشر ‪ :‬الديث فيها عن إجابة سؤال مهم ‪ :‬كيف نقرأ القرآن الكري ؟ وكيف هنا متوجهة إل ‪:‬‬
‫الحوال والكيفيات الت تقق أعلى قدر من التركيز والعمق ف فهم القرآن الكري ‪ ،‬فكل واحد منها يعطي درجة ف‬
‫التركيز والفهم ‪ ،‬وهذه الفاتيح هي ‪ :‬أن تكون القراءة ف صلة ‪ ،‬ف ليل ‪ ،‬حفظا ‪ ،‬بترتيل ‪ ،‬وجهر ‪ ،‬وتكرار ‪ ،‬وربط ‪،‬‬
‫مع ختم القدار الذي يقرأ ويراد حصول تدبره كل أسبوع ‪.‬‬
‫هذه خلصة هذا البحث ‪ ،‬نسأل ال تعال أن يقق مقاصدنا ‪ ،‬وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصال ‪ ،‬إنه ول ذلك‬
‫والقادر عليه ‪ ،‬وال أعلم وصلى ال وسلم على نبينا ممد ‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫المفاتيح العشرة ‪:‬‬
‫مفاتيح تدبر القرآن عشرة ‪ ،‬مموعة ف قولك ‪ ( :‬لصلح ترتي )‬
‫(ل) لب وهو القلب ‪ :‬والعن أن القلب هو آلة فهم القرآن ‪ ،‬والقلب بيد ال تعال يقلبه كيف شاء ‪ ،‬والعبد مفتقر إل‬
‫ربه ليفتح قلبه للقرآن فيطلع على خزائنه وكنوزه‬
‫(أ) أهداف ‪ ،‬أو أهية ‪ :‬أي استحضار أهداف قراءة القرآن ؟ أي لاذا تقرأ القرآن‬
‫(ص) صلة ‪ :‬أن تكون القراءة ف صلة ‪.‬‬
‫(ل) ليل‪ :‬أن تكون القراءة والصلة ف ليل ‪ ،‬أي وقت الصفاء والتركيز‪.‬‬
‫(أ) أسبوع ‪ :‬أن يكرر ما يقرؤه من القرآن كل أسبوع ‪ ،‬حت لو لزء منه ‪.‬‬
‫(ح) حفظا ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا عن ظهر قلب بيث يصل التركيز التام وانطباع اليات عند القراءة ‪.‬‬
‫(ت) تكرار ‪ :‬تكرار اليات وترديدها لتحقيق مزيد من التثبيت ‪.‬‬
‫(ر) ربط ‪ :‬ربط اليات بواقعك اليومي وبنظرتك للحياة ‪.‬‬
‫(ت) ترتيل ‪ :‬الترتيل والترسل ف القراءة ‪ ،‬وعدم العجلة ‪ ،‬إذ القصود هوالفهم وليس الكم ‪ ،‬وهذه مشكلة الكثيين ‪،‬‬
‫وهم بذا الستعجال يفوتون على أنفسهم خيا عظيما‪.‬‬
‫(ج) جهرا ‪ :‬الهر بالقراءة ؛ ليقوى التركيز ويكون التوصيل بهتي بدل من واحدة ؛ أي الصورة والصوت‪.‬‬
‫(ي) ‪......................................‬‬
‫ـ بعضـا فـ تقيـق وتصـيل م ستوى أعلى وأرفـع فـ تدبر آيات القرآن الكريـ ‪،‬‬
‫فهذه وسـائل وأدوات يكمـل بعضه ا‬
‫والنتفاع والتأثر با ‪.‬‬
‫وإن ما يتأكد التنبيه عليه عدم قصر وحصر النجاح ف تدبر القرآن على هذه الفاتيح ‪ ،‬فما هي إل أسباب والنتائج بيد‬
‫ال تعال يعطيها من شاء وينعها من شاء ‪ ،‬فل يعن ‪ -‬مثل ‪ -‬إذا قلنا ‪ :‬من مفاتيح تدبر القرآن ‪ :‬أن تكون القراءة ف‬
‫ليـل ؛ أن قراءة النهار ل تفيـد وملغاة ‪ ،‬وإذا قلنـا ‪ :‬أن تكون القراءة فـ صـلة ؛ أن القراءة خارج الصـلة ل تقـق‬
‫التدبر ‪ ،‬فال صر والق صر غ ي صحيح ‪ ،‬بل القرآن كله مؤ ثر ‪ ،‬يؤ ثر ف كل و قت ‪ ،‬وعلى أي حال ‪ ،‬م ت شاء ال‬
‫ذلك ‪ ،‬و ما أقوله إن هي إل و سائل بسب ال ستقراء من النصوص وحال ال سلف ‪ ،‬وهي أ سباب ي سلكها كل مريد‬
‫للنتفاع بالقرآن بش كل أكب وأع مق وأش ل ‪ ،‬و هي أ سباب نذكّ ر ب ا من حرم من تدبر القرآن وهو يريده ؛ نقول له‬
‫اسلك هذه السباب لعل ال إذا رأى ماهدتك ف هذا المر وعلم منك صدقك أن يفتح لك خزائن كتابه تتنعم فيها‬
‫ف الدنيا قبل الخرة ‪.‬‬
‫إن التلذذ بالقرآن لن فتحت له أبوابه ل يعادله أي لذة أو متعة ف هذه الياة ولكن أكثرالناس ل يعلمون ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪10‬‬
‫دعوة للتواصل عبر موقع ‪ :‬القرآن والحياة‬
‫حين ما كت بت هذا الب حث حاولت الخت صار ‪ ،‬والياز قدر المكان لئل أخرج عن مق صوده ‪ ،‬فأ صرف القارئ عن‬
‫النتفاع به ‪ ،‬و قد تض من عددا من القضا يا اله مة ال ت تتاج إل نقاش وحوار ‪ ،‬و من أ جل ذلك فإ ن أقترح أن ي تم‬
‫التواصــل بيــ الميــع فــ النقاش العلمــي الادف عــب موقــع ‪ ( :‬القرآن والياة ) على الرابــط (‬
‫‪ ، )www.quranlife.com‬أتن من الخوة الكرام أن يتكرموا ببيان رأيهم ف القضايا الت تضمنها‬
‫هذا الكتاب ليستفيد منها الميع ‪ ،‬وليكون الرأي أقرب للصواب ‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫د ‪ .‬خالد بن عبد الكري اللحم‬
‫بريد إلكترون‪LAHIM@QURANLIFE.COM :‬‬
‫‪11‬‬ ‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫المسألة الولى‪ :‬معنى التدبر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬ومع ن تدبر‬ ‫قال اليدا ن ‪" :‬التدبر هو‪ :‬التف كر الشا مل الوا صل إل أوا خر دللت الكلم ومرام يه البعيدة "اه ـ‬
‫القرآن ‪ :‬هو التفكر والتأمل ليات القرآن من أجل فهمه ‪ ،‬وإدارك معانيه ‪ ،‬وحكمه ‪ ،‬والراد منه ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬علامات التدبر‬
‫ذكر ال تعال ف كتابه الكري علمات وصفات تصف حقيقة تدبر القرآن وتوضحه بلء من ذلك ‪:‬‬
‫{ َوِإذَا َسمِعُواْ مَا أُنزِ َل ِإلَى الرّ سُو ِل َترَى َأعُْيَنهُ مْ تَفِي ضُ مِ نَ الدّمْ ِع ِممّ ا َعرَفُواْ مِ نَ اْلحَقّ َيقُولُو نَ َربّنَا آ َمنّ ا فَاكُْتبْنَا مَ عَ‬
‫الشّاهِدِينَ } [(‪ )83‬سورة الائدة] ‪ِ{،‬إّنمَا الْ ُمؤْمِنُو َن الّذِينَ ِإذَا ُذ ِكرَ اللّهُ وَ ِجلَتْ ُقلُوُبهُمْ َوِإذَا ُتلِيَتْ َعلَ ْيهِمْ آيَاتُ ُه زَا َدْتهُمْ‬
‫إِيَانًا َو َعلَى َرّبهِمْ يََت َو ّكلُونَ} [ (‪ )2‬سورة النفال ] ‪َ { ،‬وِإذَا مَا أُن ِزلَتْ سُو َرةٌ َفمِ ْنهُم مّن يَقُولُ َأيّ ُك ْم زَا َدتْ ُه هَذِ ِه إِيَانًا فَأَمّا‬
‫شرُونَ } [ (‪ )124‬سورة التوبة] ‪{ ،‬قُ ْل آمِنُوْا بِ ِه َأوْ لَ ُتؤْ ِمنُواْ ِإنّ الّذِي نَ أُوتُواْ‬
‫الّذِي َن آمَنُواْ َفزَا َدْتهُ ْم إِيَانًا َوهُ ْم يَ سَْتبْ ِ‬
‫خرّو نَ‬
‫لذْقَا نِ ُسجّدًا ‡† َويَقُولُو نَ سُ ْبحَانَ َربّنَا إِن كَا نَ َوعْدُ َربّنَا َلمَفْعُولً‡† َوَي ِ‬
‫خرّو نَ ِل َ‬
‫الْ ِعلْ مَ مِن قَ ْبلِ ِه ِإذَا يُ ْتلَى عَلَ ْيهِ ْم َي ِ‬
‫ت الرّحْمَن َخرّوا ُسجّدًا‬
‫لذْقَا ِن يَبْكُونَ َوَيزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [ ‪: 109-107‬سورة السراء] ‪ِ { ،‬إذَا تُ ْتلَى عَلَ ْيهِمْ آيَا ُ‬
‫ِل َ‬
‫صمّا َو ُعمْيَانًا} [(‪ )73‬سورة‬
‫َوبُكِيّ ا*} [(‪ )58‬سورة مر ي] ‪{ ،‬وَالّذِي نَ ِإذَا ُذ ّكرُوا بِآيَا تِ َرّبهِ مْ لَ ْم َيخِرّوا َعلَيْهَا ُ‬
‫س ِلمِيَ} [(‪ )53‬سورة القصص ] ‪،‬‬
‫الفرقان] ‪َ {،‬وِإذَا يُ ْتلَى عَلَ ْيهِ ْم قَالُوا آمَنّا بِ ِه ِإنّ ُه اْلحَقّ مِن ّربّنَا ِإنّا ُكنّا مِن َق ْبلِ هِ مُ ْ‬
‫شوْ نَ َرّبهُ مْ ثُمّ َتلِيُ ُجلُو ُدهُ مْ وَ ُقلُوُبهُ مْ ِإلَى‬
‫ش ِعرّ مِنْ هُ ُجلُودُ الّذِي نَ َيخْ َ‬
‫سنَ اْلحَدِي ثِ كِتَابًا مَّتشَاِبهًا مّثَانِ َي تَقْ َ‬
‫{اللّ هُ َنزّ َل أَحْ َ‬
‫ضلِلْ اللّ ُه َفمَا َلهُ ِمنْ هَادٍ} [ (‪ )23‬سورة الزمر] ‪.‬‬
‫ِذ ْكرِ اللّ ِه َذِلكَ هُدَى اللّ ِه َيهْدِي بِهِ َمنْ يَشَاء وَمَن ُي ْ‬
‫فتحصل من اليات السابقة سبع علمات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اجتماع القلب والفكر حي القراءة ‪ ،‬ودليله التوقف تعجبا وتعظيما‪.‬‬
‫‪ -2‬البكاء مــن خشيــة ال‪ -3 .‬زيادة لشوع‪ -4 .‬زيادة اليان ‪ ،‬ودليله التكرار العفوي لليات‪ -5 .‬الفرح‬
‫والستبشار‪-6 .‬القشعريرة خوفا من ال تعال ث غلبة الرجاء والسكينة ‪ -7 .‬السجود تعظيما ل عز وجل ‪.‬‬
‫فمن وجد واحدة من هذه الصفات ‪ ،‬أو أكثر فقد وصل إل حالة التدبر والتفكـــر ‪ ،‬أما من ل يصل أيا من هذه‬
‫العلمات فهو مروم من تدبر القرآن ‪ ،‬ول يصل بعد إل شئ من كنوزه وذخائره ‪ ،‬قال إبراهيم التيمي ‪" :‬من أوت من‬
‫العلم ما ل يبك يه لل يق أل يكون أو ت عل ما لن ال ن عت العلماء فقال ‪{ :‬قُ ْل آمِنُواْ بِ ِه َأوْ لَ ُتؤْ ِمنُواْ إِنّ الّذِي نَ أُوتُواْ‬
‫لذْقَانِ ُسجّدًا ‡† َويَقُولُونَ ُس ْبحَانَ َربّنَا إِن كَا َن وَعْ ُد َربّنَا َلمَفْعُو ًل ‡† َوَيخِرّونَ‬
‫خرّونَ ِل َ‬
‫الْ ِعلْمَ مِن قَ ْبلِهِ ِإذَا ُي ْتلَى َعلَ ْيهِ ْم َي ِ‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن أ ساء ب نت أب ب كر ~ قالت‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫لذْقَا نِ يَ ْبكُو نَ َوَيزِيدُهُ مْ خُشُوعًا} [( ‪ )109-107‬سورة السراء] "‬
‫ِل َ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬إن كل يوم ير بك‬ ‫كان أصحاب النب § إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم ال تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم"‬
‫ول يكون لك نصيب ورزق من هذه العلمات ‪ ،‬فقد فاتك فيه ربح عظيم ‪ ،‬وهو يوم حري أن يبكى على خسارته‪.‬‬

‫‪ )(1‬قواعد التدبر المثل لكتاب ال عزوجل ‪10 :‬‬


‫‪ )(2‬الزهد لبن البارك ‪ ، 41 :‬حلية الولياء ‪88-5 :‬‬
‫‪ )(3‬تفسيالقرطب‪149-15 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪12‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬مفهوم خاطئ لمعنى التدبر‬


‫إن ما يصرف كثيا من السلمي عن تدبر القرآن ‪ ،‬والتفكر فيه ‪ ،‬وتذكر ما فيه من العان العظيمة ؛ إعتقادهم صعوبة‬
‫ف هم القرآن ‪ ،‬وهذا خ طأ ف مفهوم تدبر القرآن ‪ ،‬وان صراف عن الغا ية ال ت من أجل ها أنزل ‪ ،‬فالقرآن كتاب ترب ية‬
‫وتعل يم ‪ ،‬وكتاب هدا ية وب صائر ل كل الناس ‪ ،‬كتاب هدى ورح ة وبشرى للمؤمن ي ‪ ،‬كتا بٌ قد ي سّر ال تعال فه مه‬
‫س ْرنَا الْ ُقرْآنَ لِل ّذ ْكرِ َفهَلْ مِن مّ ّد ِك ٍر }[ (‪ )17‬سورة القمر] ‪.‬‬
‫وتدبره ‪،‬كما قال تعال ‪َ { :‬ولَقَ ْد يَ ّ‬
‫قال ا بن هبية ’‪ " :‬و من مكا يد الشيطان تنفيه عباد ال من تدبر القرآن ‪ ،‬لعل مه أن الدى وا قع ع ند التدبر ‪ ،‬فيقول‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال الشاطـب ’‪ ":‬فمـن حيـث كان القرآن‬ ‫هذه ماطرة ‪ ،‬حتـ يقول النسـان أنـا ل أتكلم فـ القرآن تورعـا "‬
‫معجزا أفحم الفصحاء ‪ ،‬وأعجز البلغاء أن يأتوا بثله ‪ ،‬فذلك ل يرجه عن كونه عربيا جاريا على أساليب كلم العرب‬
‫( )‬
‫‪ ،‬قال ابن القيم ’‪ " :‬من قال ‪ :‬إن له تأولً لنفهمه ‪ ،‬ول نعلمه ‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ،‬ميسرا للفهم فيه عن ال ما أمر به ونى" اهـ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬ويقول ال صنعان ’‪ " :‬فإن من قرع سعه قوله تعال ‪:‬‬ ‫وإن ا نتلوه متعبد ين بألفا ظه ‪ ،‬ف في قل به م نه حرج " اه ـ‬
‫{ وَمَا تُ َقدّمُوا لَنفُ سِكُم مّ نْ خَ ْي ٍر َتجِدُو هُ عِندَ اللّ ِه هُوَ خَ ْيرًا َوأَ ْعظَ مَ َأ ْجرًا وَا سَْتغْ ِفرُوا اللّ هَ ِإنّ اللّ هَ غَفُورٌ رّحِي مٌ} [(‪)20‬‬
‫سورة الزمل] يفهم معناه دون أن يعرف أن ( ما ) ‪ :‬كلمة شرط ‪ ،‬و ( تقدموا ) ‪ :‬مزوم با لنه شرطها ‪ ،‬و (تدوه)‬
‫ص الكتاب والسنة بالنع عن معرفة معانيها ‪،‬‬
‫‪:‬مزوم با لنه جزاؤها ‪ ،‬ومثلها كثي ‪ ...‬فياليت شعري ! ما الذي خَ ّ‬
‫( )‬
‫‪4‬‬
‫وفهم تراكيبها ‪ ،‬ومبانيها‪ ...‬حت جعلت كالقصورات ف اليام ‪ ..‬ول يبق لنا إلترديد ألفاظها وحروفها‪"...‬اهـ‬
‫إن ال صحيح وال ق ف هذه ال سألة‪ :‬أن القرآن معظ مه وا ضح ‪ ،‬وب ي وظا هر ل كل الناس ‪ ،‬ك ما قال ا بن عباس ‪: ù‬‬
‫"التف سي على أرب عة أو جه ‪ :‬و جه تعر فه العرب من كلم ها ‪ ،‬وتف سي ل يعذر أ حد بهال ته ‪ ،‬وتف سي يعل مه العلماء ‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬ومعظم القرآن من القسمي الولي ‪.‬‬ ‫وتفسي ل يعلمه إل ال "‬
‫إن عدد آيات الحكام ف القرآن ‪ 500‬آية ‪ ،‬وعدد آيات القرآن ‪ 6236‬آية‪.‬‬
‫إن ف هم الو عد والوع يد ‪ ،‬والترغ يب والتره يب ‪ ،‬والعلم بال واليوم ال خر ؛ ل يشترط له ف هم ال صطلحات العلم ية‬
‫الدقيقة ‪ ،‬من نوية وبلغية وأصولية وفقهية ‪ .‬فمعظم القرآن بيّ نٌ واضح ظاهر ‪ ،‬يدرك معناه الصغي والكبي ‪ ،‬والعال‬
‫حقّ مّثْلَ مَا َأنّكُ ْم تَنطِقُونَ} [(‪ )23‬سورة‬
‫ض ِإنّهُ َل َ‬
‫سمَاء وَالرْ ِ‬
‫والمي ‪ ،‬فحينما سع العراب قول ال تعال ‪َ { :‬فوَ َربّ ال ّ‬
‫الذاريات] قال ‪ :‬من ذا الذي أغ ضب الل يل ح ت أق سم ‪ .‬وحين ما أخ طأ إمام ف قراءة آ ية الن حل { َفخَ ّر عَلَ ْيهِ مُ‬
‫السّ ْقفُ مِن َفوْ ِقهِ ْم َوَأتَاهُ ُم الْعَذَابُ ِمنْ حَ ْيثُ َل يَشْ ُعرُونَ} [(‪ )26‬سورة النحل ] قرأها ‪ :‬من تتهم ‪ ،‬صوب له خطأه‬
‫امرأة عجوز ل تقرأ ول تكتب ‪ ،‬إن القرآن بيّ ٌن واضح ظاهر ‪ ،‬وفهمه وفقهه وتدبره ليس صعبا بيث نغلق عقولنا ‪،‬‬

‫‪ )(1‬ذيل طبقات النابلة لبن رجب ‪273-3‬‬


‫‪ )(2‬الوافقات ‪805-3‬‬
‫‪ )(3‬التبيان ف أقسام القرآن ‪144 :‬‬
‫‪ )(4‬إرشاد النقاد إل تيسي الجتهاد ص ‪36‬‬
‫‪ )(5‬تفسي الطبي ‪ ، 1/75‬مقدمة ابن تيمية ‪115‬‬
‫‪13‬‬ ‫تمهيد ‪ :‬في معنى التدبر وعلماته‬
‫ونعلق فهمـه كله بالرجوع إل كتـب التفسـي ‪ ،‬فنعمـم حكـم القـل على الكـل فهذا مفهوم خاطـئ وهـو نوع مـن‬
‫التسويف ف تدبر القرآن وفهمه‪.‬‬
‫إن إغلق عقولنا عن تدبر القرآن بجة عدم معرفة تفسيه ‪ ،‬والكتفاء بقراءة ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على‬
‫العبد ليصرفه عن الهتداء به ‪.‬‬
‫وإذا سلمنا بذه الجة فإن العقل والنطق والزم والكمة أنك إذا أشكل عليك معن آية أن تبادر وتسارع للبحث‬
‫عن معناها والراد با ل أن تغلق عقلك فتقرأ دون تدبر أو تترك القراءة ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪14‬‬
‫المفتاح الول‪ :‬حب القرآن‬
‫المسألة الولى‪ :‬القلب آلة الفهم والعقل‬
‫الكلم ف هذه السألة ‪ -‬بإياز ‪ -‬من وجهي ‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن القلب هو آلة الفهم والعقل ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬أن القلب بيد ال وحده ل شريك له‪.‬‬
‫فأما الوجه الول ‪:‬‬
‫فقد دل على ذلك نصوص كثية ‪ ،‬اليات القرآنية منها تزيد على مائة آية‪ ،‬وسأكتفي ف هذا البحث بذكر ثلث منها‬
‫ما هي صرية الدللة على السألة ‪ ،‬وهي‪ :‬قول ال تعال ‪ِ { :‬إنّا جَ َعلْنَا َعلَى ُقلُوِبهِ مْ َأكِنّةً أَن يَفْ َقهُو هُ } [( ‪ )57‬سورة‬
‫سمَعُونَ ِبهَا فَِإّنهَا ل تَ ْعمَى‬
‫ب يَعْ ِقلُو نَ ِبهَا َأ ْو آذَا نٌ يَ ْ‬
‫ض َفتَكُو نَ َلهُ ْم ُقلُو ٌ‬
‫سيُوا فِي الَرْ ِ‬
‫الكهف] ‪ ،‬وقوله تعال ‪{ :‬أَ َفلَ ْم يَ ِ‬
‫الَْأبْ صَارُ َولَكِن َت ْعمَى الْ ُقلُو بُ الّتِي فِي ال صّدُورِ} [(‪ )46‬سورة الـج ] ‪،‬وقوله تعال‪{ :‬مّا َجعَ َل اللّ هُ ِلرَجُلٍ مّن َقلْبَيْنِ‬
‫فِي َجوْفِهِ }[(‪ )4‬سورة الحزاب] ‪.‬‬
‫وليس هذا مقام بسط هذه السألة وتأصيلها ‪ ،‬وإنا القصود التذكي بأن القلب آلة الفهم والعقل والدراك ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫فهم القرآن وتدبره ‪.‬‬
‫وأما الوجه الثان ‪ :‬القلب بيد ال وحده ل شريك له ‪ ،‬يفتحه مت شاء ويغلقه مت شاء ‪ ،‬بكمته وعلمه سبحانه ‪ ،‬قال‬
‫ال تعال ‪{ :‬وَا ْعلَمُواْ أَنّ اللّ َه َيحُو ُل بَيْ نَ اْل َمرْءِ وَ َقلْبِهَِ}[(‪ )24‬سورة النفال] ‪ ،‬وقال تعال ‪ {:‬إ نا جعل نا على قلوب م‬
‫أكنة أن يفقهوه }[ (‪ )57‬سورة الكهف ] ‪ ،‬وقال تعال ‪{:‬سأصرف عن آيات الذين يتكبون } [ (‪ )164‬سورة‬
‫العراف ] ‪ ،‬وقد جعل لذلك أسبابا ووسائل ‪ ،‬من سلكها وفق ‪ ،‬ومن تلف عنها خذل ويأت بيان ذلك ف السائل‬
‫التالية ‪.‬‬
‫فتذ كر وأ نت تاول ف هم القرآن أن القلوب ب يد ال تعال ‪ ،‬وأن ال يول ب ي الرء وقل به ‪ ،‬فلي ست ال عبة بالطري قة‬
‫والكيفية ؛ بل الفتح من ال وحده ‪ ،‬وما يصل لك من التدبر فهو نعمة عظيمة من ال تعال تستوجب الشكر ل الفخر‬
‫‪ ،‬فم ت أعطاك ال ف هم القرآن ‪ ،‬وف تح لك معان يه ‪ ،‬فاح د ال تعال وا سأله الز يد ‪ ،‬وان سب هذه النع مة إل يه وحده ‪،‬‬
‫واعترف با ظاهرا وباطنا ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬علقة حب القرآن بالتدبر‬
‫من العلوم أن القلب إذا أحب شيئا تعلق به ‪ ،‬واشتاق إليه ‪ ،‬وشغف به ‪ ،‬وانقطع عما سواه ‪ ،‬والقلب إذا أحب القرآن‬
‫تلذذ بقراءته ‪ ،‬واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر الكي ‪ ،‬والفهم العميق ‪ ،‬وبالعكس إذا ل يوجد الب‬
‫فإن إقبال القلب على القرآن يكون صعبا ‪ ،‬وانقياده إل يه يكون شا قا ل ي صل إل بجاهدة ومغال بة ‪ ،‬وعل يه فتح صيل‬
‫حب القرآن من أنفع السباب لصول أقوى وأعلى مستويات التدبر ‪.‬‬
‫والواقع يشهد لصحة ماذكرت ‪ ،‬فإننا مثل ند أن الطالب الذي لديه حاس ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له‬
‫بسرعة فائقة وبقوة ‪ ،‬وينهي متطلباته وواجباته ف وقت وجيز ‪ ،‬بينما الخر ل يكاد يعي ما يقال له إل بتكرار وإعادة ‪،‬‬
‫وتده يذهب معظم وقته ول ينجز شيئا من واجباته ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬علمات حب القلب للقرآن‬
‫حب القلب للقرآن له علمات منها ‪:‬‬
‫‪15‬‬ ‫المفتاح الول ‪ :‬حب القرآن‬
‫‪-1‬الفرح بلقائه ‪ -2 .‬اللوس م عه أوقا تا طويلة دون ملل ‪ -3 .‬الشوق إل يه م ت ب عد الع هد ع نه وحال دون ذلك‬
‫ب عض الوا نع ‪ ،‬وت ن لقائه والتطلع إل يه وماولة إزالة العقبات ال ت تول دو نه‪-4 .‬كثرة مشاور ته والث قة بتوجيها ته‬
‫والرجوع إليه فيما يشكل من أمور الياة صغيها وكبيها‪-5 .‬طاعته ‪ ،‬أمرا ونيا‪.‬‬
‫هذه أهم علمات حب القرآن وصحبته ‪ ،‬فمت وُجدت فإن الب موجود ‪ ،‬ومت تلفت فحب القرآن مفقود ‪ ،‬ومت‬
‫تلف شئ منها نقص حب القرآن بقدر ذلك التخلف ‪.‬‬
‫إنه ينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه هذا السؤال‪ :‬هل أنا أحب القرآن؟‬
‫إنه سؤال مهم وخطي ‪ ،‬وإجابته أشد خطرا ‪،‬إنا إجابة تمل معان كثية‪.‬‬
‫وقبل أن تيب على هذا السؤال ارجع إل العلمات الت سبق ذكرها لتقيس با إجابتك وتعرف با الصواب من الطأ‬
‫‪.‬‬
‫إن بعض السلمي لو سئل هل تب القرآن ؟ ييب ‪ :‬نعم أحب القرآن ‪ ،‬وكيف ل أحبه ؟ لكن هل هو صادق ف هذا‬
‫لواب ؟‬
‫كيف يب القرآن وهو ل يطيق اللوس معه دقائق ‪ ،‬بينما تراه يلس الساعات مع ما تواه نفسه وتبه من متع الياة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قال أبو عبيد ‪" :‬ل يسأل عبد عن نفسه إل بالقرآن فإن كان يب القرآن فإنه يب ال ورسوله"‬
‫إننا ينبغي أن نعترف بالتقصي إذا ل توجد فينا العلمات السابقة ‪ ،‬ث نسعى ف التغيي ‪ ،‬وهو ما سيتم بيانه ف السألة‬
‫التالية ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬وسائل تحقيقه‬
‫الوسيلة الولى‪ :‬التوكل على ال تعالى والستعانة به‪:‬‬
‫الستعانة بال تعال ‪ ،‬وسؤاله سبحانه أن يرزقك (حب القرآن) ‪ ،‬ومن ذلك الدعاء العظيم عن ابن مسعود _ قال ‪:‬‬
‫قال رسول ال § ‪" :‬ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن ‪ :‬اللهم إن عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيت بيدك ماض‬
‫ف حكمك عدل ف قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سيت به نفسك أو أنزلته ف كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو‬
‫استأثرت به ف علم الغيب عندك أن تعل القرآن العظيم ربيع قلب ونور صدري وجلء حزن وذهاب هي إل أذهب‬
‫ال ه ه وأبدله مكان حز نه فر حا قالوا يا ر سول ال ينب غي ل نا أن نتعلم هذه الكلمات قال أ جل ينب غي ل ن سعهن أن‬
‫( )‬
‫‪2‬‬
‫يتعلمهن"‬

‫‪ )(1‬مصنف ابن أب شيبة ‪485-10‬‬


‫‪ )(2‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 3712( 391‬صحيح ابن حبان ج ‪/3‬ص ‪ ، ) 972(253‬مصنف‬
‫ابن أب شيبة ج ‪/6‬ص ‪ ، )29318( 40‬العجم الكبي ج ‪/10‬ص ‪ ، ) 10352( 169‬مسند أب يعلى‬
‫ج ‪/9‬ص ‪ ، ) 5296( 198‬مسند البزار ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 1994( 363‬ممع الزوائد ج ‪/10‬ص ‪136‬‬
‫‪ ،‬الدعوات الكةبي ج ‪/1‬ص ‪ ، )164(124‬وصةحح إسةناده اللبانة فة السةلسلة الصةحيحة ج ‪/1‬ص ‪( 236‬‬
‫‪.)199‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪16‬‬
‫فيكرره كل يوم ثلثا ‪ ،‬خسا ‪ ،‬سبعا ‪ ،‬ويتحرى مواطن الجابة ‪ ،‬ويتهد أن يكون سؤاله بصدق ‪ ،‬وبتضرع ‪ ،‬وإلاح ‪،‬‬
‫وشفقة ‪ ،‬وحرص شديد أن ياب وأن يعطى ‪ ،‬إن بعض الناس ل يعرف اللاح ف السألة إل ف مطالبه الدنيوية الادية ‪،‬‬
‫أما المور الدينية فتجد سؤاله لا باردا باهتا ‪ ،‬هذا إن دعا وسأل ‪.‬‬
‫ومن الستعانة بال ف حصول تدبر القرآن ما شرع لقارئ القرآن من الستعاذة بال تعال من الشيطان الرجيم ‪ ،‬ومن‬
‫البسملة ف أوائل السور ففيها طلب العون من ال تعال على تدبر القرآن عامة والسورة الت يريد قراءتا خاصة ‪.‬‬
‫الوسيلة الثانية‪ :‬القراءة‪:‬‬
‫أي القراءة عن عظمة القرآن ما ورد ف القرآن والسنة وأقوال السلف ف تعظيمهم للقرآن وحبهم له ‪.‬‬
‫أقترح على كل راغب ف تصيل حب القرآن أن يضع له برناما يتضمن نصوصا من القرآن والسنة وأقوال السلف ‪،‬‬
‫فيها بيان لعظمة القرآن ومكانته ‪ ،‬ويرتبها على مستويي ‪ :‬مت ‪ ،‬وشرح ‪ ،‬فالت يفظ ويكرر ‪ ،‬والشرح يقرأ ويفهم ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويتم ربط العان الت تضمنها الشرح بألفاظ الت‬
‫ويرجى بإذن ال تعال لن طبق هذا البنامج أن يرزقه ال حب القرآن وتعظيمه ‪ ،‬الذي هو الفتاح الرئيس لتدبر القرآن‬
‫وفهمه ‪ ،‬وكل كلم يقال ف هذا الوضوع فهو متوقف عليه ‪ ،‬وهذا السر ف أن الكثي منا يقرأ ف هذا الوضوع ول‬
‫يرج بأي نتائج إيابية ‪.‬‬
‫فأكثر من القراءة عن القرآن ‪ ،‬اقرأ باستمرار عن حال السلف مع القرآن وقصصهم ف ذلك وأخبارهم ‪.‬‬
‫ينب غي أن نعلم أن عدم حب نا للقرآن ‪ ،‬وعدم تعظيم نا له سببه ال هل بقيم ته ‪ ،‬م ثل الط فل تعط يه خ سمائة ريال في فض‬
‫ويطلب ريال واحدا ‪ ،‬فكذلك من ل يعرف قيمة القرآن يزهد فيه ويهجره ويشتغل با هو أدن منه ‪.‬‬
‫لو أعلن عـن كتاب مـن ي تب فيـه وينجـح ينـح عشرة مليارات ؛ فكيـف يكون حرص الناس وتعلقهـم بذا الكتاب ؟‬
‫وكيف يكون الطلب عليه ‪ ،‬والشتغال بذاكرته ؟‬
‫إن القرآن كتاب من ينجح فيه ينح ملكا ل حدود له ‪.‬‬
‫إن الكث ي من ال سلمي تعظي مه للقرآن تعظ يم م مل ‪ ،‬ف حد علم هم ‪ :‬أ نه كتاب منل من ع ند ال ‪ ،‬تعبّد نا بتلو ته ف‬
‫الصلة ‪ ،‬ونقرأه على الرضى للشفاء ‪ ،‬أما العلم التفصيلي بعظمة القرآن ومكانته وما يققه من ناح للنسان ف هذه‬
‫الياة فهو مل جهل عند الكثيين ‪ ،‬وأضرب لذلك مثال ‪ :‬لا تسمع عن شخص عظيم له أثر ف التاريخ يتكون لديك‬
‫صورة إجالية عنه ‪ ،‬ويصبح له مكانة ف نفسك ‪ ،‬وعندما تقرأ كتابا من ‪ 600‬صفحة عن بطولته وتضحياته وقصص‬
‫كرمه وبره للناس ‪ ،‬وما حققه من إنازات ‪ ،‬وما قام به من مرؤات ‪ ،‬تعيش مع هذا الكتاب مدة شهر حرفا حرفا فبكل‬
‫تأك يد أن صورة هذا القائد أو ال صلح ستزداد عم قا ‪ ،‬ويزداد ح بك وتعظي مك له ‪ ،‬وهذا التأ ثر أ مر مشا هد ل ي كن‬
‫ل حد إنكاره ‪ ،‬فلم ل نوظ فه لزيادة حب نا وتعظيم نا للقرآن الكر ي وتعلق نا به ‪ ،‬فإذا فعل نا ذلك فإن هذا الكتاب العظ يم‬
‫سيزيد حب نا وتعظيم نا ل عز و جل ‪ ،‬وبذا ن صل إل مرت بة ودر جة أولياء ال التق ي ‪ ،‬الذ ين ل خوف علي هم ول هم‬
‫يزنون ‪ ،‬الذين لو أقسم الواحد منهم على ال لبره ‪ ،‬وحقق له أمنيته ‪.‬‬

‫‪ )(1‬ومثل هذا العمل ل ينوب فيه أحد عن أحد بل على كل شخص أن يمع لنفسه كل نص يتأثر به ‪ ،‬ويرتب ما يمع‬
‫على الطريقة الت وصفتها ‪ .‬كما أن تكرار قراءة هذا الكتاب أيضا يقق لك هذا الدف ‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫تمهيد‪ :‬في التنبيه إلى استحضار أهداف قراءة القرآن‬
‫مع ظم الناس إذا سألته لاذا تقرأ القرآن ؟ يي بك لن تلو ته أف ضل العمال ‪ ،‬ولن الرف بع شر ح سنات ‪ ،‬وال سنة‬
‫بعشر أمثالا ‪ ،‬فيقصر نفسه على هدف ومقصد الثواب فحسب ‪ ،‬أما القاصد والهداف الخرى فيغفل عنها ‪.‬‬
‫والشتغل بفظ القرآن تده يقرأ القرآن ليثبت الفظ ‪ ،‬الدف تثبيت الروف وصور الكلمات ‪ ،‬فتجده تر به العان‬
‫العظيمة الؤثرة فل ينتبه لا ‪ ،‬ول يس ول يشعر با ؛ لنه قصر هته وركز ذهنه على الروف وانصرف عن العان ؛‬
‫فلهذا السبب تد حافظا للقرآن غي عامل ول متخلق به ‪.‬‬
‫وجع الذهن بي نيات ومقاصد متعددة ف وقت واحد عملية تتاج إل انتباه وقصد وتركيز ‪.‬‬
‫وف أي عمل نعمله كلما تعددت النيات وكثرت كلما كان العمل أعظم أجرا وأكب تأثيا على العامل ‪ ،‬مثل الصدقة‬
‫على ذي الرحم ‪ :‬صدقة وصلة ‪ ،‬ومثل النفقة على الهل ‪ :‬نفقة وصدقة ‪.‬‬
‫وقراءة القرآن يت مع في ها خ س مقا صد ونيات كل ها عظي مة ‪ ،‬و كل واحدة من ها كاف ية لن تد فع ال سلم لي سارع إل‬
‫قراءة القرآن ‪ ،‬ويكثر الشتغال به وصحبته‪ .‬وأهداف قراءة القرآن مموعة ف قولك ‪ (:‬ثّ شعّ ) ‪( :‬الثاء) ‪ :‬ثواب ‪،‬‬
‫(اليم) ‪ :‬مناجاة ‪ ،‬مسألة ‪( ،‬الشي) ‪ :‬شفاء ‪( ،‬العي) ‪ :‬علم ‪( ،‬العي) ‪ :‬عمل ‪.‬‬
‫فم ت قرأ ال سلم القرآن م ستحضرا القا صد الم سة م عا كان انتفا عه بالقرآن أعظ ــم ‪ ،‬وأجره أ كب ‪ ،‬قال ال نب‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬فمن قرأ القرآن يريد العلم رز قه ال العلم ‪ ،‬و من قرأه يريد‬ ‫§‪":‬إن ا العمال بالنيات وإن ا ل كل امرئ ما نوى"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال‬ ‫‪2‬‬
‫الثواب ف قط أع طي الثواب ‪ ،‬قال ا بن تيم ية ’‪ " :‬من تدبر القرآن طال با الدى م نه تبي له طر يق ال ق"‬
‫القرطب ’‪ " :‬فإذا استمع العبد إل كتاب ال تعال وسنة نبيه § بنية صادقة على ما يب ال أفهمه كما يب ‪ ،‬وجعل‬
‫(‪)3‬‬
‫ومن قرأ القرآن يريد النجاح يسر ال له النجاح ‪.‬‬ ‫ف قلبه نورا"اهـ‬

‫الهدف الول ‪ :‬قراءة القرآن لجل العلم‬


‫المسألة الولى ‪ :‬أهمية هذا المقصد‪:‬‬
‫هذا هو القصد الهم ‪ ،‬والقصود العظم من إنزال القرآن ‪ ،‬والمر بقراءته ‪ ،‬بل ومن ترتيب الثواب على القراءة ‪ ،‬قال‬
‫ل يَتَ َدّبرُو نَ‬
‫ال عزوجل ‪{ :‬كِتَا بٌ أَن َزلْنَا هُ ِإَليْ كَ مُبَا َر ٌك لّيَ ّدّبرُوا آيَاتِ ِه َولِيَتَ َذ ّك َر ُأ ْولُوا ا َلْلبَا بِ} [(‪ )29‬سورة ص ] ‪{ ،‬أَ َف َ‬
‫الْ ُقرْآنَ َولَ ْو كَانَ مِ ْن عِندِ غَ ْي ِر اللّ ِه َلوَجَدُواْ فِي ِه ا ْخِتلَفًا كَِثيًا} [(‪ )82‬سورة النساء] ‪َ{ ،‬أ َفلَ ْم يَ ّدّبرُوا اْل َقوْلَ أَمْ جَاءهُم‬
‫سمْعَ َو ُهوَ‬
‫مّا لَ ْم يَأْ تِ آبَاءهُ ُم ا َل ّولِيَ} [(‪ )68‬سورة الؤمنون] ‪ِ{ ،‬إنّ فِي َذلِ كَ لَ ِذ ْكرَى ِلمَن كَا َن لَ ُه َقلْ بٌ َأوْ َألْقَى ال ّ‬
‫َشهِيدٌ} [(‪ )37‬سورة ق ] ‪.‬‬

‫‪ )(1‬صةحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، )1( 3‬صةحيح مسةلم ج ‪/3‬ص ‪ ، ) 1907( 1515‬سةنن أبة داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 2201( 262‬سنن الترمذي ج ‪/4‬ص ‪)1647( 179‬‬
‫‪ )(2‬العقيدة الواسطية ‪103‬‬
‫‪ )(3‬تفسي القرطب ‪176-11‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪18‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال السن بن‬ ‫قال ابن مسعود _ ‪ " :‬إذا أردت العلم فانثروا هذا القرآن فإن فيه علم الولي والخرين "اهـ‬
‫( )‬
‫‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫علي ‪ " : ù‬إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربم فكانوا يتدبرونا بالليل ‪ ،‬ويتفقدونا ف النهار "اهـ‬
‫وقال مسروق بن الجدع ’ ‪ -‬وهو من كبار تابعي الكوفة وأجعهم لعلم الصحابة ‪ " : -‬ما نسأل أصحاب ممد §‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وقال عبد ال بن عمر ‪ " : ù‬لقد عشنا دهرا طويلً وإن‬ ‫عن شئ إل وعلمه ف القرآن ولكن قصر علمنا عنه "‬
‫( )‬ ‫( )‬
‫فتنل السورة على ممد § فنتعلم حللا وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي‬ ‫‪5‬‬
‫قبل القرآن‬ ‫‪4‬‬
‫أحدنا يؤتى اليان‬
‫أن يو قف عنده من ها ‪ ،‬ث ل قد رأ يت رجال يؤ تى أحد هم القرآن ق بل اليان ‪ ،‬فيقرأ ما ب ي فات ة الكتاب إل خات ته ل‬
‫يدري ما آمره ول زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل "اهـ (‪ ، )6‬وقال السن البصري ’‪ " :‬ما أنزل‬
‫(‪)7‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر ‪ ù‬قال ‪ " :‬عليكم بالقرآن فتعلّموه‬ ‫ال آية إل وهو يب أن يعلم فيم أنزلت وما أراد با "‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال السن البصري ‪" :ù‬‬ ‫‪8‬‬
‫وعلّموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون ‪ ،‬وبه تزون ‪ ،‬وكفى به واعظا لن عقل "اهـ‬
‫قراء القرآن ثلثة أصناف ‪ :‬صنف اتذوه بضاعة يأكلون به ‪ ،‬وصنف أقاموا حروفه ‪ ،‬وضيعوا حدوده ‪ ،‬واستطالوا به‬
‫على أ هل بلد هم ‪ ،‬وا ستدروا به الولة ‪ ،‬ك ثر هذا الضرب من حلة القرآن ل كثر هم ال ‪ ،‬و صنف عمدوا إل دواء‬
‫القرآن فوضعوه على داء قلوب م ‪ ،‬فركدوا به ف ماريب هم ‪ ،‬وحنوا به ف بران سهم ‪ ،‬وا ستشعروا الوف ‪ ،‬فارتدوا‬
‫الزن ‪ ،‬فأولئك الذ ين ي سقي ال ب م الغ يث وين صر ب م علىالعداء ‪ ،‬وال لؤلء الضرب ف حلة القرآن أ عز من‬
‫(‪)9‬‬
‫الكبيت الحر " اهـ‬
‫قال أحد بن أب الواري ’‪" :‬إن لقرأ القرآن وأنظر ف آيه ‪ ،‬فيحي عقلي با‪ ،‬وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم‬
‫النوم ‪ ،‬ويسعهم أن يشتغلوا بشئ من الدنيا وهم يتلون كلم ال ‪ ،‬أما إنم لو فهموا ما يتلون ‪ ،‬وعرفوا حقه فتلذذوا به‬
‫( )‬
‫‪10‬‬
‫واستحلوا الناجاة لذهب عنهم النوم فرحا با قد رزقوا "‬

‫‪ )(1‬مصنف ابن أب شيبة ‪ ، 126-6‬العجم الكبي للطبان ‪ ، 136-9 :‬شعب اليان للبيهقي ‪332-2 :‬‬
‫‪ )(2‬التبيان للنووي‪28 :‬‬
‫‪ )(3‬شعب اليان للبيهقي ‪5/231 :‬‬
‫‪ )(4‬أي ما تضمنته اليات من العلم بال واليوم الخر ‪.‬‬
‫‪ )(5‬أي مرد قراءة اللفاظ ‪.‬‬
‫‪ )(6‬الستدرك على الصحيحي ج ‪/1‬ص ‪ ، )101( 91‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/3‬ص ‪. )5073(120‬‬
‫‪ )(7‬تفسي القرطب ‪1/26 :‬‬
‫‪ )(8‬كن العمال ‪ ، 23 :‬مشكل الثار للطحاوي ‪1/171 :‬‬
‫‪ )(9‬ابةن الوزي فة العلل ‪ ، 1/110‬والكةبيت الحرة ‪ :‬أي الذهةب الالص ‪ ،‬انظةر ‪ :‬لسةان العرب ( كةب )‬
‫‪5/125‬‬
‫‪ )(10‬لطائف العارف ‪203‬‬
‫‪19‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬العلم الذي نريده من القرآن ‪:‬‬


‫ما العلم الذي نريده من القرآن ؟ أهو علم الصناعة ؟ أو الزراعة ؟ الدارة ؟ علم الدين ؟ علم الدنيا ؟‬
‫ييب ابن القيم ’ على هذه السألة الهمة بأبيات جيلة يقول فيها ‪:‬‬
‫من رابع والق ذو تبيـــــــــان‬ ‫والعلم أقسام ثلث ما لـــــــــــــا‬
‫وكذلك الســــــاء‬ ‫علم بأوصــــــاف الله وفعلــــــــــــــــــه‬
‫للرحـــــــــــــن‬
‫وجزاؤه يوم العاد الثــــــــــــان‬ ‫والمر والنهي الذي هو دينــه‬
‫جاءت عن البعوث بالقرآن‬ ‫والكل ف القـرآن والسنن الت‬
‫إننا نريد العلم الذي يقق لنا النجاح ف الياة ‪ ،‬يقق لنا السعادة ‪ ،‬والياة الطيبة ‪ ،‬والنفس الطمئنة ‪ ،‬والرزق اللل‬
‫الواسع ‪ ،‬ويقق لنا المن ف الدنيا والخرة ‪ ،‬نريد العلم الذي يولد الرادة والعزية ‪ ،‬ويقضي على كل مظاهر الفشل‬
‫والخفاق ف جيع مالت الياة ‪ ،‬إنه ‪ :‬العلم بال تعال والعلم باليوم ال خر ‪ ،‬العلم بال تعال أوله العلم القتضي لل‬
‫سـتغفار كمـا قال تعال ‪{ :‬فَاعْلَم ْـ َأنّهُـ لَا ِإلَهَـ ِإلّا اللّهُـ وَاس ْـَتغْ ِف ْر لِذَنبِكـَ} [(‪ )19‬سـورة ممـد] ‪ ،‬فالعلم الذي يورث‬
‫الستغفار ‪ ،‬ويدفع إليه هو العلم الؤدي للنجاح ‪ ،‬وهذا العلم هو ‪ :‬علم ل إله ال ال ‪ ،‬على وجه يقق القصود لفظا‬
‫ومعن ‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪ -ù‬ف تفسي قول ال تعال‪ِ {:‬إّنمَا َيخْشَى اللّ هَ مِ ْن عِبَادِ هِ الْ ُع َلمَاء ِإنّ اللّ هَ َعزِيزٌ غَفُورٌ} [(‪ )28‬سورة‬
‫فاطر ] ‪ :-‬هم الذين يعلمون أن ال على كل شئ قدير‪.‬‬
‫ول فظ العلم م صطلح وا سع جدا ‪ ،‬وإطلقا ته كثية ‪ ،‬و هو ل فظ جذاب ‪ ،‬و كل ي صطفيه لنف سه ويع تب ما عداه ل يس‬
‫بعلم ‪ ،‬ومن ذلك ‪ :‬أهل العلوم الدنيوية يسمون معارفهم علما ‪ ،‬ويسمون العلوم الخرى ‪ -‬با فيها علوم الدين‪: -‬‬
‫أد با ‪...‬ال ‪ ،‬و كل ذلك يع تب عل ما ف كل معر فة عل ما ‪ ،‬ل كن مال ته متعددة ‪ ،‬ويق يد فيقال علم كذا ‪ ،‬أ ما إذا أطلق‬
‫العلم عند السلمي وف القرآن والسنة خاصة فياد به ماذكره ابن القيم ‪ ،‬وأيضا شاع بي الناس قصر هذا العلم على‬
‫قسم واحد منه وهو العلم باللل والرام ‪ ،‬وهذا خطأ شائع ‪ ،‬فيقصرون كل فضل وارد ف العلم ف القرآن والسنة‬
‫على علم الفروع أي الفقه ‪ ،‬أو السائل اللفية من علم العتقاد ‪ ،‬أما الصول التفق عليها فيصرف اللفظ عنها ‪ ،‬وقد‬
‫تد من يادل ف هذه القيقة ‪ ،‬فالصحيح أن العال حقا هو من يشى ال تعال ‪ ،‬وإن كان ل يعرف كتابة اسه ‪ ،‬كما‬
‫قيل ‪:‬‬
‫ورأس العلم تقوى ال حقا وليس بأن يقال لقد رئستا‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال ابن مسعود _ ‪ ":‬كفى بشية ال علما وكفى بالغترار بال جهل "‬

‫‪ )(1‬مفتاح دار السعادة ‪1/51 :‬‬


‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪20‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية تحقيق هذا المقصد ‪:‬‬


‫إن م ا يع ي على تق يق هذا الق صد أن تقرأ القرآن كقراءة الطالب لكتا به ليلة المتحان ‪ ،‬قراءة مركزة واع ية ‪ ،‬قراءة‬
‫من يستعد ليختب فيه إختبارا دقيقا ‪.‬‬
‫ـ الاد النشيـط الذي يذاكـر هذا الكتاب با ستمرار ‪ ،‬وأجوبتـه حاضرة‬
‫إن نا فـ هذه الياة متـبون ف القرآن ‪ ،‬فمن ا‬
‫وراسخة ‪ ،‬ومنا الهمل القصر اللعب الذي إذا سئل عن شئ ف القرآن قال ‪ :‬هاه هاه ! لأدري ‪.‬‬
‫أن تقرأ القرآن قراءة الداري للئحـة النظام التـ تنظـم عمله ‪ ،‬وتدد الجابـة عـن كـل معاملة ‪ ،‬ويتاج إل الرجوع‬
‫إليها يوميا ‪ ،‬إنه من القرر أن الداري الناجح هو من يفظ اللئحة ويفهمها فهما دقيقا شاملً ‪ ،‬وبه يتفوق التفوقون ف‬
‫الدارة والقيادة‪.‬‬
‫إن القرآن هو الذي يب الرجوع إليه ف كل موقف من مواقف حياتنا ‪ ،‬وعليه فمن أراد أن يكون شخصا ناجحا ف‬
‫الياة فعليه بفظه وفهم نصوصه ‪ ،‬ليمكنه الصول على الجابات الفورية والسريعة والصحيحة ف كل حالة تر به ف‬
‫حياته‪.‬‬
‫وقد ورد ف القرآن الكري عدد من الصور والنماذج لؤلء الناجحي‪:‬‬
‫حزَ نْ ِإنّ اللّ هَ َمعَنَا } [ ( ‪ )40‬سورة التوبة ] ‪ ،‬وجواب‬
‫من ذلك جواب النب §لب بكر _ إذ ها ف الغار ‪َ { :‬ل َت ْ‬
‫موسى ‪ À‬لقومه ‪َ { :‬كلّ ِإنّ مَعِيَ َربّي سََيهْدِينِ} [(‪ )62‬سورة الشعراء] ‪ ،‬وجواب يوسف ‪ À‬لا دُعي للفحشاء ‪{ :‬‬
‫سنَ مَ ْثوَا يَ ِإنّ هُ لَ يُ ْفلِ حُ الظّاِلمُو نَ} [( ‪ )23‬سورة يوسف] ‪ ،‬إنا ردود سريعة وحاضرة وقوية ف‬
‫مَعَا َذ اللّ ِه ِإنّ ُه َربّي أَحْ َ‬
‫أصعب الواقف الت تر بالنسان ‪ ،‬وتطيش فيها عقول الرجال ‪ .‬إنه الثبات والرسوخ من حفظوا كتاب ربم ‪ ،‬وفقهوا‬
‫ما فيه ‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬من تطبيقات مقصد العلم‪:‬‬


‫أن تضع ف ذهنك معان وأسئلة مددة تريد البحث عن جوابا ف القرآن ‪ ،‬مثلك ف هذا مثل ‪ :‬من يسي ف طريق وهو‬
‫خال الذهن ؛ أو من يسي وهو يبحث عن هدف معي ‪ ،‬إنه من الشاهد ‪ -‬مثل ‪ -‬أننا نر بالشارع مرار وتكرارا فل‬
‫ننت به لوجود م ل مع ي ف يه إل أن نتاج إل يه فنبدأ بالترك يز والب حث فنكتش فه ‪ ،‬وق بل ذلك لو سئلنا هل يو جد ف‬
‫الشارع الفلن مكتبة ؟ فنقول ل ‪ ،‬ونؤكد أنه ل يوجد ‪ ،‬بينما هي موجودة ‪ ،‬لكن ل ننتبه مع أننا مررنا بوارها مئات‬
‫الرات ‪.‬‬
‫إن كل موقف أو حدث أو حالة تر بك تسأل نفسك ‪ :‬أين ذكرت ف القرآن ؟ هل وردت ف كتاب ال عزوجل ؟‬
‫وكم قرأنا وسعنا عمن يندهش لغياب معن آية من القرآن عن قلبه فتجده يقول‪ :‬أهذه آية ف القرآن ؟كأن أسعها‬
‫( )‬
‫لول مرة ‪. 1‬‬
‫نعم إن قراءة معان اليات أمر يتلف تاما عن قراءة اللفاظ ‪ ،‬ونسيان العان وغيابا أمر يصل مع أن اللفظ موجود‬
‫واللسان ينطق به ويكرره ‪.‬‬

‫‪ )(1‬ار جع إل شر يط ( صيام قلب ) للدكتور خالد ال بي ‪.‬وف يه قوله ‪ " :‬آ ية ك نت أقرؤ ها وأ سعها م نذ أربع ي سنة ول‬
‫أفهمها إل اليوم ‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬القرآن والبرمجة اللغوية العصبية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يعرف العربية ‪ ،‬وقرأ القرآن لوجد ضالته النشودة فيما‬ ‫يقول الدكتور ممد التكريت ‪ " :‬لو كان ملتون أريكسون‬
‫حاول أن يصل إليه من استخدام اللغة ف التأثي اللشعوري ف النسان ‪ ،‬ذلك التأثي الذي يشبه السحر وما هو بسحر‬
‫()‬
‫‪ ،‬فقد سحر العرب مؤمنهم وكافرهم على حد سواء ‪ ،‬ول يكونوا ف بداية المر يعرفون سببا لذلك "اهـ ‪. 2‬‬
‫وه نا دعوة أوجه ها إل كل من اشت غل بذا العلم ب ثا عن ال سعادة والقوة والنجاح أن يب حث عن ها ف القرآن ‪ ،‬وأن‬
‫ير كز جهوده وفكره لر بط الناس بالقرآن العظ يم الذي ما أنزل إل من أ جل تق يق القوة وال سعادة للناس ‪ ،‬وترير هم‬
‫من عبود ية الشهوات والهواء ‪ ،‬وج يع نقاط ضعف هم لينطلقوا ف درجات القوة والنجاح ف أر قى أشكال ا ‪ ،‬وأعلى‬
‫صورها ‪.‬‬
‫وليس مقصود البحث بسط الكلم ف هذه السألة وإنا تعرضت لا لعلقتها بتدبر القرآن ‪ ،‬ولنا من أبرز الظاهر الت‬
‫((‪3‬‬
‫تؤكد أهية معرفة مفاتيح تدبر القرآن والنتفاع به ف الياة‬
‫المسألة السادسة‪ :‬لم ل تكون الدعوة بالقرآن‪:‬‬
‫لو تأملنا ف حوار النب § مع الدعوين ‪ ،‬وماذا كان يقول لم ‪ ،‬لوجدنا أنه ف كثي من الواقف يكتفي بتلوة آيات من‬
‫القرآن الكر ي ‪ ،‬ويدث هذا أثرا عظي ما ف النفوس ‪ ،‬ل قد كا نت قراءة ال نب § ل ية من القرآن ت شد الكا فر والنا فق‬
‫والشرك و تبي له الق ‪ ،‬ول يقل أحد إن هذا خاص بالنب § بل هو مكن لكل من سلك سبيله واقتدى به ‪ ،‬وهو بذا‬
‫ف وَعِيدِ} [(‪ )45‬سورة ق] ‪،‬‬
‫م ستجيب لر به سبحانه وتعال الذي أمره بذلك إذ يقول ‪ { :‬فَ َذ ّك ْر بِالْ ُقرْآ نِ مَن َيخَا ُ‬
‫سمَعَ َكلَ مَ اللّ هِ } [( ‪ )6‬سورة التو بة]‪{ ،‬وَ ُقرْآنا‬
‫ش ِركِيَ ا ْسَتجَارَكَ فََأ ِجرْ هُ َحتّى يَ ْ‬
‫وبقوله سبحانه ‪َ { :‬وإِ ْن أَحَدٌ مّ نَ اْلمُ ْ‬
‫س عَلَى ُمكْثٍ َوَنزّلْنَا ُه َتنِيلً} [(‪ )106‬سورة السراء]‪،‬وقوله ‪َ { :‬وأَنْ َأْت ُلوَ الْ ُقرْآنَ َفمَ ِن اهْتَدَى‬
‫َفرَ ْقنَاهُ لَِت ْق َرأَهُ عَلَى النّا ِ‬
‫فَِإّنمَا َيهْتَدِي لِنَ ْفسِ ِه وَمَن ضَ ّل فَقُ ْل ِإّنمَا َأنَا ِمنَ اْلمُنذِرِينَ} [(‪ )92‬سورة النمل] ‪.‬‬
‫فلم ل يكون حوارنا ‪ ،‬وتكون خطبنا ‪ ،‬ومواعظنا تنطلق وتدور ف فلك آيات القرآن الكري ‪ ،‬نبدأ بالستشهاد با ف‬
‫كل ما نريد إيصاله إل الدعوين من تربية وتعليم ‪.‬‬
‫إن البعض قد يعتذر قائل ‪ :‬إن ما تدعو إليه صعب ‪ ،‬ونن نشاهد الناس يتأثرون بالقصص والمثلة والنماذج الية أكثر‬
‫من تأثرهم بالقرآن ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬إن هذا هو أساس الشكلة الت ناول علجها ف هذا البحث ‪ ،‬وهو لاذا نتأثر بالقصص والكايات ‪ ،‬ول نتأثر‬
‫باليات ؟‬
‫إن بعـض الدعاة منـ يكثـر القصـص يتعلل بقوله ‪ :‬إن الناس ل يطيقون أو ل يفهمون ذلك ‪ ،‬فنحـن نقرب لمـ المـر‬
‫بالقصص والكايات والدبيات الت تؤثر ف نفوسهم ‪ ،‬وهذا غي صحيح ‪ ،‬فالعيب ف الداعية نفسه وليس ف الطريقة‬

‫‪ )(1‬أحد رواد البمة اللغوية العصبية ‪.‬‬


‫‪ )(2‬آفاق بل حدود‪ :‬ص ‪201‬‬
‫‪ )(3‬قد خ صصت لبيان هذه القضية رسالة بعنوان ‪ ( :‬البم ة اللغوية الع صبية أو التزك ية العلم ية القلبية أي الطريق ي أقرب‬
‫للنجاح ) ‪ ،‬أسأل ال أن ييسر كتابتها ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪22‬‬
‫أو الن هج ‪ ،‬ول يس الع يب ف الناس ‪ ،‬بل إ نه م ت ا ستشعر الداع ية عظ مة القرآن وكان معاي شا له متعم قا ف يه فإن أثر‬
‫قراءته لبضع آيات ل يقارن بأثر قصة أو طرفة أو مشهد من هنا وهناك وجرب تد (‪.)1‬‬
‫إناـ كلمـة أوجههـا إل الصـلحي ‪ ،‬والربيـ ‪ ،‬والقائميـ على مكاتـب الدعوة ‪ ،‬وأقسـام القوة العنويـة فـ القطاعات‬
‫العسكرية والمنية ‪ ،‬وحلقات تفيظ القرآن بأن يركزوا جهودهم على هذا المر بألوان وأساليب متنوعة فيه تقريب‬
‫وتدريب وتعليم فردي يوصل التلقي إل هدف إتقان هذه المفاتيح العشرة حسب الستطاعة ‪ ،‬ففي هذا‬
‫اقتداء بال نب § وتوفي للوقات والهود والموال الت ت صرف على الدعوة والصلح ‪ ،‬وف هذا علج قوي و سريع‬
‫الفعول وطويل المد ‪.‬‬
‫إن أي وسيلة دعوية يب أن تربط مباشرة بالقرآن فإن كانت تقق فهم القرآن والتأثر به حسن فعلها وإل فتركها أول‬
‫وأحرى ‪.‬‬
‫إن انشغال الناس بؤلفات الناس وطلبهم العافية والشفاء النفسي والقوة العنوية منها يشبه أسلوبم ف التغذية البدنية‬
‫السدية ؛ حيث اقتصروا على أطعمة ترضي الذوق والزاج بينما هي تدم السد وتلكه‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬القرآن يحيى القلوب كما يحيى الماء الرض‪:‬‬
‫قال ال تعال ‪{ :‬ا ْعلَمُوا َأنّ اللّهَ ُيحْيِي الَرْضَ َبعْدَ َم ْوِتهَا قَدْ َبيّنّا َلكُ ُم اليَاتِ لَ َعلّكُمْ َتعْ ِقلُونَ} [( ‪ )17‬سورة الديد] ‪،‬‬
‫حقّ وَل‬
‫وقد جاءت هذه الية بعد قول ال تعال ‪َ{ :‬ألَ ْم يَأْ نِ ِللّذِي نَ آ َمنُوا أَن َتخْشَ َع ُقلُوبُهُ مْ لِ ِذ ْك ِر اللّ ِه وَمَا َنزَلَ مِ َن الْ َ‬
‫ستْ ُقلُوُبهُمْ َوكَِثيٌ مّ ْنهُ ْم فَا ِسقُونَ} [(‪ )16‬سورة الديد]‬
‫يَكُونُوا كَالّذِينَ أُوتُوا الْ ِكتَابَ مِن قَ ْبلُ َفطَالَ َعلَ ْيهِ ُم الَمَ ُد َفقَ َ‬
‫‪ ،‬وف هذا إشارة إل أن حياة القلوب تكون بذكر ال تعال وما نزل من الق وهو القرآن مثل ما أن حياة الرض اليتة‬
‫يكون بالاء ‪ ،‬قال مالك بن دينار’‪ " :‬ما زرع القرآن ف قلوبكم يا أهل القرآن ؟ إن القرآن ربيع الؤمن كما أن الغيث‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وهذا أمر مشاهد ظاهر للعيان ‪ ،‬ومن الشاهدات ف هذا المر ما نشاهده من زكاة القلوب‬ ‫ربيع الرض " اهـ‬
‫ورقتها ف رمضان حي يتوال عليها ساع القرآن وقراءته ويكثر ذلك ‪ ،‬ث إنك ترى هذه الياة الت حصلت للقلوب ف‬
‫رمضان تبدأ بالتلشي بالتدريج بعد رمضان حي تنقطع عن القرآن الكري ‪.‬‬
‫فمن أراد حياة قلبه فعليه بسقيه بربيع القلوب القرآن وبكميات وكيفيات مناسبة لحداث الياة كما سيأت تفصيله ف‬
‫ثنايا هذا البحث ‪.‬‬

‫المسألة الثامنة‪ :‬وقفة مع آية ‪:‬‬


‫سهِ ْم يَ ْتلُو َعلَ ْيهِ ْم آيَاتِ ِه َويُ َزكّيهِمْ َويُ َع ّل ُمهُ مُ‬
‫وهي قول ال تعال ‪َ{ :‬لقَدْ َمنّ اللّ ُه عَلَى الْمُؤمِنِيَ ِإذْ بَعَثَ فِيهِ ْم رَ سُو ًل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫الْ ِكتَابَ وَالْحِ ْكمَ َة َوإِن كَانُواْ مِن قَبْ ُل لَفِي ضَللٍ مّبِيٍ} [(‪ )164‬سورة آل عمران] ‪.‬‬
‫إن تزكية النسان وإصلحه له جهتان ‪:‬‬

‫‪ )(1‬إن الب عض ينا قش ف هذه ال سألة مع شدة وضوح ها وقوة ظهور ها ‪ ،‬و من ل يزال ف ر يب م ا أقول فليقرأ كتاب ‪:‬‬
‫بالقرآن أسلم هؤلء – تأليف ‪ :‬عبد العزيز سيد هاشم – نشر ‪ :‬دار القلم ‪ ،‬وليقرأ سية النب صلى ال عليه وسلم وسي‬
‫أ صحابه بتم عن وعمق لي تبي له ال ق ‪ ،‬إن نا ل ا فرطنا ف تطبيق هذه الفاتيح حيل بيننا وب ي القرآن ف صرنا ل نتأثر به ول‬
‫نستطيع أن نؤثر به فسلكنا طريق القصة والقصيدة والفكاهة والشهد ال ما نسميه وسائل الدعوة ‪.‬‬
‫‪ )(2‬إحياء علوم الدين ج ‪/1‬ص ‪285‬‬
‫‪23‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫الول ‪ :‬العلم والتعليم ‪ ،‬أو الفكر ‪ ،‬أوالنطق ‪ ،‬أوالقناع ‪ ،‬أوالعتقدات ‪ ....‬ال من الصطلحات ف هذا العن‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬العمل ‪ ،‬أو التربية ‪ ،‬أو التدريب ‪ ،‬أو السلوك ‪ ...‬ال من الصطلحات ‪.‬‬
‫والقرآن الكري يقق المرين معا بأكمل وجه وأحسن صورة لن آمن به وسلك السباب الوصلة لذلك‪.‬‬
‫إن القرآن الكري بق هو كتاب التربية والتعليم الذي يغن عما سواه ‪ ،‬ول يغن عنه غيه ‪ ،‬ولقد أجاد ابن القيم ف‬
‫كتا به مفتاح دار ال سعادة ف بيان هات ي الهت ي والعل قة بينه ما ‪ ،‬ف من العلوم القرر أن سلوك الن سان وت صرفاته ل‬
‫ت صدر بعفو ية أو عشوائ ية ‪ ،‬وإن ا تقوم على ف كر ومعت قد ‪ ،‬وتراكمات علم ية بن يت على مر اليام ‪ ،‬وعلى خبات ت‬
‫تزين ها مع تكرار الوا قف والت صرفات م نذ الطفولة إل أن صار رجل ‪ ،‬فم ت أردت الطر يق الخت صر لتغي ي ش خص‬
‫فعليك بتغيي معتقداته وأفكاره ‪ ،‬دون أن تتعب نفسك بلحقة مفردات سلوكياته وتصرفاته ‪ ،‬وهذا ما يققه القرآن‬
‫الكري لن أخذ بفاته ‪.‬‬
‫الهدف الثاني ‪:‬قراءة القرآن بقصد العمل به‬
‫المسألة الولى‪ :‬أهمية هذا المقصد‪:‬‬
‫قال علي بن أب طالب _ ‪ " :‬يا حلة القرآن أو ياحلة العلم ؛ اعملوا به فإنا العال من عمل با علم ‪ ،‬ووافق علمه عمله‬
‫و سيكون أقوام يملون العلم ل ياوز تراقي هم يالف عمل هم علم هم وتالف سريرتم علنيت هم يل سون حلقا يبا هي‬
‫بعضهم بعضا حت إن الرجل ليغضب على جليسه أن يلس إل غيه ويدعه أولئك ل تصعد أعمالم ف مالسهم تلك‬
‫(‪)1‬‬
‫إل ال تعال "اهـ‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال السن بن علي ’‪" :‬إقرأ‬ ‫‪2‬‬
‫وعن السن البصري ’ قال ‪ ":‬أمر الناس أن يعملوا بالقرآن فاتذوا تلوته عمل"‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وقال السن البصري ’‪" :‬إن أول الناس بذا القرآن من اتبعه وإن ل‬ ‫القرآن ما ناك فإذا ل ينهك فليست بقراءة"‬
‫( )‬ ‫( )‬
‫‪ ،‬وعن أب عبد الرحن السلمي ’ عن عثمان وابن مسعود وأب بن كعب ‪: è‬أن رسول ال §‬ ‫‪5‬‬
‫يكن قرأه ‪" 4‬اهـ‬
‫(‪)6‬‬
‫‪،‬‬ ‫كان يقرؤهم العشر ‪ ،‬فل ياوزونا إل عشر أخرى حت يتعلموا ما فيها من العمل ‪ ،‬فتعلمنا القرآن والعمل جيعا"‬
‫ويقول ال ُجرّي ’ ‪" :‬يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه هته مت أكون من التقي ؟ مت أكون من الاشعي ؟ مت أكون‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال ال سن الب صري ’ ‪ " :‬إن هذا‬ ‫‪7‬‬
‫من ال صابرين ؟ م ت أز هد ف الدن يا ؟ م ت أن ى نف سي عن الوى ؟ "اه ـ‬
‫القرآن قد قرأه عبيد وصبيان ل علم لم بتأويله ‪ ، ...‬وما تدبر آياته إل باتباعه ‪ ،‬وما هو بفظ حروفه وإضاعة حدوده‬

‫‪ )(1‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪ ، 20‬كن العمال ج ‪/10‬ص ‪120‬‬


‫‪ )(2‬تفسي السمعان ج ‪/4‬ص ‪ ،119‬مدارج السالكي‪ ،451-1 :‬تلبيس إبليس‪109 :‬‬
‫‪ )(3‬كن العمال ‪2776-1 :‬‬
‫‪ )(4‬أي أنه ل يقدر على القراءة ‪ ،‬أما من قدر على قراءة القرآن فل يتصور أنه ل يقرؤه ‪.‬‬
‫‪ )(5‬قاعدة ف فضائل القرآن لشيخ السلم ابن تيمية ‪59 :‬‬
‫‪ )(6‬تفسيالقرطب ‪ ، 39-1 :‬تفسي الطبي ‪60-1 :‬‬
‫‪ )(7‬أخلق حلة القرآن ‪40 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪24‬‬
‫‪ ،‬حت إن أحدهم ليقول ‪ :‬لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفا ‪ ،‬وقد وال أسقطه كله ‪ ،‬ما يرى القرآن له ف‬
‫خلق ول عمـل ‪ ،‬حتـ إن أحدهـم ليقول ‪ :‬إنـ لقرأ السـورة فـ نفـس ! وال مـا هؤلء بالقراء ‪ ،‬ول بالعلماء ‪ ،‬ول‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وسئلت عائشة ~ عن‬ ‫الكماء ‪ ،‬ول الورعة ‪ ،‬مت كان القراء مثل هذا ؟ ل كثر ال ف الناس مثل هؤلء "اهـ‬
‫قول ال تعال‪َ {:‬وِإنّ كَ لَعَلى ُخلُ قٍ َعظِي مٍ}[(‪ )4‬سورة القلم] ما كان خلق ر ســــول ال ؟ فقالت‪ " :‬كان خل قه‬
‫( )‬
‫‪ ،‬جاء رجل بابنه إل أب الدرداء _ فقال ‪ :‬إن ابن هذا قد جع القرآن ‪،‬‬ ‫‪2‬‬
‫القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه"اهـ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬و عن حذيفة _ قال‪ " :‬يا مع شر القراء استقيموا‬ ‫فقال ‪ :‬اللهم غَفْرا ‪ ،‬إنا جع القرآن من سع له وأطاع "اهـ‬
‫( )‬
‫فقد سبقتم سبقا بعيدا ‪ ،‬فإن أخذت يينا وشال لقد ضللتم ضلل بعيدا"اهـ ‪. 4‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬مفهوم تطبيق هذا المقصد وكيفيته‪:‬‬


‫أن يقرأ القرآن بنية العمل ‪ ،‬بنية البحث عن علم ليعمل به ‪ ،‬فيقف عند آياته ينظر ماذا تطلب منه ‪ ،‬هل أمر يؤمر به ‪،‬‬
‫أو شئ ين هى ع نه ‪ ،‬أو فضيلة يد عى للتحلي ب ا ‪ ،‬أو خ طر ي يق به يذر م نه ‪ ،‬وهكذا فإن القرآن هو الدل يل العملي‬
‫لتشغيل النفس وصيانتها ‪ ،‬ينبغي أن يكون قريبا من كل مسلم يرب به نفسه ويهذبا ‪ ،‬أن تقرأ القرآن بنية وقصد من‬
‫يب حث عن حل لشك ــلة أو إ صلح خ ـــلل ‪ ،‬يب حث عن تف سي لظاهرة أو علج لرض ‪ ،‬أو تل يل لالة من‬
‫الالت‪.‬‬
‫أ ما إذا ك نا نب حث عن علج مشكلت نا التربو ية ف ك تب فلن ‪ ،‬أوعلن ‪ ،‬أو ف الجلت وال صحف ‪ ،‬أو القنوات‬
‫الفضائية ‪ ،‬فإننا بذا قد عطلنا هذا القصد الهم من مقاصد القرآن ‪ ،‬إن كل تربية ل تبن مباشرة على القرآن فهي تربية‬
‫قا صرة ولو أثرت ب عض الثمار مؤق تا ا ستدارجا وابتلء ‪ ،‬إن ترب ية الناشئة وترب ية الشباب ل بد أن تب ن مباشرة على‬
‫القرآن بأساليب ووسائل مناسبة‪.‬‬
‫إن الب عض منا ل ا تعلق بالدن يا ومكاسبها الادية ابتلي وف ت بعلوم الغرب وأطروحاتم ‪ ،‬و ظن فيها النجاح وال سعادة ‪،‬‬
‫والقوة الدارية والقتصادية ‪ ،‬وهو يتأول لفعله هذا بشت التأويلت ‪ ،‬ويتج لتصرفه بكثي من الجج‪.‬‬

‫‪ )(1‬سنن سعيد بن منصور ‪ ، 420-2 :‬شعب اليان للبيهقي ‪ ، 541-2 :‬الزهد لبن البارك ‪1/274 :‬‬
‫‪ )(2‬صحيح مسلم ‪ ، )746( :‬وبذا اللفظ أخرجه ‪ :‬الطبي ف تفسيه ‪ ، 18-29 :‬والطبان ف الوسط ‪-1 :‬‬
‫‪ ، 30‬والبيهقي ف الشعب ‪ ، 154-2 :‬والمام أحد ف مسنده ‪ ، 216-6 :‬وتكلم عليه ابن كثي ف تفسيه ‪:‬‬
‫‪ ، 4/403‬وابن حجر ف فتح الباري ‪575-6 :‬‬
‫‪ )(3‬قاعدة ف فضائل القرآن لبن تيمية‪59 :‬‬
‫‪ )(4‬صحيح البخاري ‪ )7282( :‬كتاب العتصام ‪ ،‬باب القتداء بسنن رسول ال ‘‬
‫‪25‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫الهدف الثالث ‪ :‬قراءة القرآن بقصد مناجاة ال‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬ومعن أذن ‪:‬‬ ‫عن أب هريرة _ أنه سع النب § يقول‪ " :‬ما أذن ال لشئ ما أذن لنب حسن الصوت يهر بالقرآن "‬
‫أي استمع ‪ ،‬وعن فضالة بن عبيد _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬ل أشد ُأذُنا إل الرجل السن الصوت بالقرآن يهر به‬
‫( )‬
‫‪ ،‬و عن ع بد ال بن البارك’ قال ‪ :‬سألت سفيان الثوري’ قلت ‪ :‬الر جل إذا قام إل‬ ‫‪2‬‬
‫من صاحب القي نة إل قين ته"‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وعن البياضي _ أن رسول ال § خرج على‬ ‫الصلة أي شئ ينوي بقراءته وصلته ؟ قال ‪ :‬ينوي أنه يناجي ربه "‬
‫الناس و هم ي صلون ‪ ،‬و قد علت أصواتم بالقراءة فقال ‪ :‬إن ال صلي ينا جي ر به عزو جل فلين ظر ما يناج يه ‪ ،‬ول ي هر‬
‫( )‬ ‫( )‬
‫‪ ،‬وقال أبـو مالك’‪ :‬إن‬ ‫‪5‬‬
‫‪،‬وقال قتادة’‪" :‬مـا أكلت الكراث منـذ قرأت القرآن"‬ ‫‪4‬‬
‫بعضكـم على بعـض بالقرآن"‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫أفواهكم طرق من طرق ال تعال فنظفوها ما استطعتم قال ‪ :‬فما أكلت البصل منذ قرأت القرآن"‬
‫فالسلم عند قراءته للقرآن عليه أن يستحضر هذا القصد العظيم لكي يشعر بلذة القراءة حينما يستحضر أن ال يراه‬
‫ويستمع لقراءته وهو يقرأ ويد حه ويثن عليه ويباهي به ملئك ته القرب ي ‪ ،‬إن أحدنا لو ظن أن رئيسه ‪ ،‬أو والده أو‬
‫أميا ين ظر إل قراء ته ويد حه لجت هد ف ذلك ‪ ،‬فك يف والذي ي ستمع إل يه ويث ن عل يه ملك اللوك الذي له ما ف‬
‫السموات وماف الرض وما بينهما وما تت الثرى ‪.‬‬
‫فالقارئ يستشعر أن ال ياطبه مباشرة ‪ ،‬وأن ال تعال يسمع قراءته ‪ ،‬فإذا مر بآية فيها تسبيح سبح ‪ ،‬وإذا مر بآية فيه‬
‫وعيد استعاذ ‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل ‪.‬‬
‫هذا ما أعنيه بالناجاة ‪....‬عن حذيفة _ قال ‪ " :‬صليت مع النب § ذات ليلة فافتتح البقرة ‪ ،‬فقلت يركع عند الائة ث‬
‫مضى ‪ ،‬فقلت يصلي با ف ركعة(‪ )7‬فمضى ‪ ،‬فقلت يركع با ‪ ،‬ث افتتح النساء فقرأها ‪ ،‬ث افتتح آل عمران فقرأها ‪،‬‬
‫( )‬
‫‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫يقرأ مترسل ‪ ،‬إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل ‪ ،‬وإذا مر بتعوذ تعوذ"‬
‫هكذا تكون الناجاة بالقرآن ‪ ،‬إنا قراءة حية يعي فيها العبد ماذا يقرأ ؟ ولاذا يقرأ ؟ ومن ياطب بقراءته ؟ وماذا يتاج‬
‫منه ؟ وما يب له نوه من التعظيم والتقديس ‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7105( 2743‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 792( 545‬سنن أ ب‬


‫داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1473( 75‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/2‬ص ‪) 1017( 180‬‬
‫‪ )(2‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪)330( 425‬‬
‫‪ )(3‬تعظيم قدر الصلة ‪92-1 :‬‬
‫‪ )(4‬مسند المام أحد ‪ ، 344-4 :‬وصححه أحد شاكر‬
‫‪ )(5‬فضائل اب عبيد ‪ ، 55‬التذكار ‪108‬‬
‫‪ )(6‬فضائل القرآن ل ب عب يد ‪ ، 55‬الدر النثور ج ‪/1‬ص ‪ ، 278‬تف سي القر طب ج ‪/1‬ص ‪ ، 27‬وان ظر ‪ :‬سنن‬
‫ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪106‬‬
‫‪ )(7‬قوله ‪ " :‬يصلي با ف ركعة " أراد بالركعة الصلة كاملة والعن ‪ :‬يصلي با ف تسليمة ‪.‬‬
‫‪ )(8‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 772( 536‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/3‬ص ‪)1664( 225‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪26‬‬
‫تذ كر دائ ما إذا مررت ب صفة من صفات النجاح وال سعادة أن ت سأل ال تعال إيا ها ‪ ،‬وإذا مررت ب صفة من صفات‬
‫الشقاء والفشل والنكد والضيق أن تستعيذ بال من شرها‪.‬‬
‫ث إن تربية النفس على هذا القصد يقوي فيها مراقبة ال تعال ف حال النشاط وهي مقبلة فيكون حاجزا لا عند الفتور‬
‫والدبار‪.‬‬
‫قال ا بن الق يم’‪ " :‬إذا أردت النتفاع بالقرآن فاج ع قل بك ع ند تلو ته و ساعـــــه ‪ ،‬وألق سعك ‪ ،‬واح ضر‬
‫(‪)1‬‬
‫حضور من ياطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ‪ ،‬فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله § "اهـ‬
‫فائدة ‪:‬‬
‫تذكّرـ أنـه يتمـع لك فـ الناجاة بالقرآن خسـ معان مموعـة فـ قولك‪(:‬حرس مـع) الاء ‪ :‬أن ال يبـك حيـ تقرأ‬
‫القرآن ‪ ،‬الراء ‪ :‬يراك ‪ ،‬السي ‪ :‬يسمعك ‪ ،‬اليم‪ :‬يدحك ‪ ،‬العي ‪ :‬يعطيك ‪ ،‬فاستحضر هذه العان حي القراءة ول‬
‫تدعها تفوت عليك ‪.‬‬

‫الهدف الرابع ‪ :‬قراءة القرآن بقصد الثواب‬


‫ورد ف ترتيب الثواب على قراءة القرآن نصوص كثية اذكر طرفا منها للتذكي بذا المر الهم‪ :‬فعن ابن مسعود _‬
‫قال قال ر سول ال § ‪ " :‬من قرأ حر فا من كتاب ال فله ح سنة وال سنة بع شر أمثال ا ل أقول ال حرف ول كن ألف‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وعن زيد بن أرقم _ أن النب § قال‪" :‬أل إن تارك فيكم ثِقْلي ‪:‬أحدها ‪:‬كتاب‬ ‫حرف ولم حرف وميم حرف"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن أب سعيد الدري _‬ ‫‪3‬‬
‫ال عزوجل ‪ ،‬هو حبل ال ‪ ،‬ومن اتبعه كان على الدى ومن تركه كان على ضللة"‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬و عن جابر بن ع بد ال ‪ù‬‬ ‫قال ‪ :‬قال ر سول ال § ‪ ":‬كتاب ال هو ح بل ال المدود من ال سماء إل الرض "‬
‫قال ‪ " :‬كان النب § يمع بي الرجلي من قتلى أحد ف ثوب واحد ث يقول ‪ :‬أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟ فإذا أشي له‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن عائشة~ قالت ‪ :‬قال رسول ال §‪ :‬الاهر بالقرآن مع السفرة الكرام البرة ‪،‬‬ ‫‪5‬‬
‫إل أحدها قدّمه ف اللحد "‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬و عن عثمان _ قال ‪ :‬قال ر سول ال § ‪":‬خي كم من‬ ‫والذي يقرأ القرآن ويتتع تع ف يه و هو عل يه شاق له أجران"‬

‫‪ )(1‬الفوائد‪1 :‬‬
‫‪ )(2‬رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫‪ )(3‬صحيح مسلم ج ‪/4‬ص ‪ 1873‬رقم (‪)2408‬‬
‫‪ )(4‬سنن الترمذي‪ 663-5 :‬رقم ( ‪ ، ) 3788‬وقال حديث حسن غريب ‪ ،‬وصححه اللبان‬
‫‪ )(5‬صةحيح البخاري‪ ، 450-1:‬سةنن أبة داود ‪، ) 3138 ( 196-3 :‬سةنن الترمذي ‪( 354 -3 :‬‬
‫‪ ) 1036‬وقال ح سن صحيح ‪ ،‬صحيح ا بن حبان ‪ ، 471-7 :‬سنن الن سائي ‪ ، ) 1955 ( 62-4‬سنن‬
‫ابن ماجه ‪ ، )1514 ( 485-1‬وصححه اللبان‬
‫‪ )(6‬صةحيح البخاري ‪ ،)4653( 1882-4‬وصةحيح مسةلم ‪ ، )798( 549-1:‬وسةنن أبة داود‪:‬‬
‫‪ ، )1454( 2/70‬وسةةنن الترمذي ‪ ، )2904( 171-5 :‬وسةةنن ابةةن ماجةةه‪( 1242-2 :‬‬
‫‪27‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وعـن أبـ هريرة _ قال ‪ :‬قال رسـول ال § ‪ ":‬تعلموا القرآن فاقرؤه وأقرئوه ‪ ،‬فإن مثـل‬ ‫تعلم القرآن وعلمـه"‬
‫القرآن لن تعلمه فقام به كم ثل جراب مشو م سكا يفوح ري ه ف كل مكان ‪ ،‬وم ثل من تعلمه فرقد وهو ف جوفه‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن أب أمامة _ قال ‪ :‬سعت رسول ال § يقول‪ ":‬اقرأوا القرآن فإنه يأت يوم‬ ‫‪2‬‬
‫كمثل جراب أوكي على مسك "‬
‫(‪) 3‬‬
‫‪ ،‬و عن عبدال بن عمرو ‪ ù‬أن ر سول ال § قال‪ " :‬ال صيام والقرآن يشفعان للع بد يوم‬ ‫القيا مة شفي عا ل صحابه"‬
‫القيامة ‪ ،‬يقول الصيام ‪ :‬أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعن فيه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منعته النوم بالليل فشعن‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن جابر _ عن ال نب § ‪ ":‬القرآن شا فع مش فع ‪ ،‬وماحلٌ مُ صَدّق ‪ ،‬من جعله أما مه قاده إل‬ ‫‪4‬‬
‫ف يه قال فيشفعان"‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬وعن النواس بن سعان _ عن النب §قال ‪ :‬يأت القرآن وأهله الذين‬ ‫النة ‪ ،‬ومن جعله خلف ظهره ساقه إل النار"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن ابن عباس _ قال ‪ :‬قال رسول ال § ‪":‬إن الذي ليس‬ ‫‪6‬‬
‫يعملون به ف الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران"‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ،‬وعن عمر _ قال ‪ :‬أما إن نبيكم § قد قال ‪" :‬إن ال يرفع بذا الكتاب‬ ‫ف جوفه شئ من القرآن كالبيت الرب"‬

‫‪)3779‬‬
‫‪ )(1‬صحيح البخاري‪ ، )4739( 1919-4 :‬سنن أ ب داود ‪ ، )1452( 70-2 :‬سنن الترمذي‪-5 :‬‬
‫‪ ، )2907( 173‬سنن ا بن ما جه ‪ ، )211( 76-1 :‬سنن الدار مي ‪ ، )3337( 528-2 :‬م سند‬
‫المام أحد ‪)405( 57-1 :‬‬
‫‪ )(2‬سنن الترمذي ‪ )2876( 156-5‬وقال حديث حسن ‪ ،‬وضعفه اللبان ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪( 499-5 :‬‬
‫‪ )2126‬قال شعيب الرناؤط ‪ :‬رجاله ثقات رجال الصحيح غي عطاء مول أب أحد ‪.‬‬
‫‪ )(3‬صةحيح مسةلم ‪ ، )804( 552-1 :‬وبنحوه فة سةنن الدارمةي ‪ ، )3311( 522-2 :‬مسةندالمام‬
‫أحدة ‪ ، )22200( 249-5‬صةحيح ابةن حبان ‪، )116( 322-1 :‬السةتدرك ‪( 747-1 :‬‬
‫‪ ، )2057‬سنن البيهقي ‪)3862( 395-2 :‬‬
‫‪ )(4‬م سند أح د بن حن بل ج ‪/2‬ص ‪ ، )6626( 174‬و صححه أح د شا كر‪ ،‬م ستدرك الا كم ‪470-1 :‬‬
‫وقال صحيح على شرط م سلم ‪،‬م صنف ا بن أ ب شي بة ج ‪/6‬ص ‪ ،) 30044(129‬صحيح الترغ يب والتره يب‬
‫لللبان ‪.)969( 483-1:‬‬
‫‪ )(5‬صةحيح ابةن حبان ‪ ، )124( 331-1 :‬مصةنف عبةد الرزاق ‪ )6010( 372-3 :‬شعةب اليان‬
‫للبيهقي ‪)2010( 351-2 :‬‬
‫‪ )(6‬صحيح مسلم‪ ، )805 ( 554-1 :‬سنن الترمذي ‪. )2883 ( 160-5:‬‬
‫‪ )(7‬سةنن الترمذي‪ )2913(177-5 :‬وقال حسةن صةحيح ‪ ،‬السةتدرك ‪ )2037( 741-1 :‬وقال ‪:‬‬
‫صحيح ال سناد ول يرجاه ‪ ،‬سنن الدار مي ‪ ، )3306( 521-2 :‬الع جم ال كبي لل طبان ‪( 109-12 :‬‬
‫‪ ، )12619‬مسند المام أحد ‪)1947( 223-1 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪28‬‬
‫(‪)1‬‬
‫و عن أ ب مو سى الشعري _ قال ‪ :‬قال ر سول ال § ‪ " :‬م ثل الؤ من الذي يقرأ القرآن‬ ‫أقوا ما وي ضع به آخر ين"‬
‫كمثل الترجة ريها طيب وطعمها طيب ‪ ،‬ومثل الؤمن الذي ل يقرأ القرآن(‪ )2‬كمثل التمرة ل ريح لا وطعمها حلو ‪،‬‬
‫ومثل النافق الذي يقرأ القرآن مثل الريانة ريها طيب وطعمها مر ‪ ،‬ومثل النافق الذي ل يقرأ القرآن كمثل النظلة‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن أب هريرة _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ " :‬ما اجتمع قوم ف بيت من بيوت ال يتلون‬ ‫‪3‬‬
‫ليس لا ريح وطعمها مر"‬
‫كتاب ال ويتدارسونه بينهم إل نزلت عليهم السكينة ‪ ،‬وغشيتهم الرحة ‪ ،‬وحفتهم اللئكة وذكرهم ال فيمن عنده"‬
‫(‪)5‬‬ ‫( )‬
‫‪ ،‬وقال ا بن‬ ‫‪ ، 4‬و عن ع بد ال بن م سعود _ ‪ -‬مرفو عا‪ " -‬من سره أن ي ب ال ور سوله فليقرأ ف ال صحف "‬
‫عباس ‪ " : ù‬لو أن حلة القرآن أخذوه ب قه و ما ينب غي له لحب هم ال ول كن طلبوا به الدن يا فابغض هم ال وهانوا على‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن ابن مسعود _ قال‪":‬إن هذا القرآن مأدبة ال فخذوا منه ما استطعتم فإن ل أعلم شيئا أَصْفرَ من‬ ‫‪6‬‬
‫الناس"اهـ‬
‫خي من بيت ليس فيه من كتاب ال شئ ‪ ،‬وإن القلب الذي ليس فيه من كتاب ال شئ خرب كخراب البيت الذي ل‬
‫(‪)8‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫‪ ،‬وقال أبو هريرة‬ ‫‪ ،‬وقال أيضا _‪ " :‬إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ول تشغلوها بغيه"‬ ‫ساكن فيه "‬
‫_ ‪ " :‬الب يت الذي يتلى ف يه كتاب ال ك ثر خيه وحضر ته اللئ كة وخر جت م نه الشياط ي والب يت الذي ل يتلى ف يه‬
‫( )‬
‫‪ ،‬والنصوص ف هذا الباب كثية وإنا‬ ‫‪9‬‬
‫كتاب ال ضاق بأهله وقل خيه وحضرته الشياطي وخرجت منه اللئكة "‬
‫ق صدت أل يلو هذا الب حث من طرف من ها ليكون تر سيخا لذا الدف من أهداف قراءة القرآن ‪ ،‬و من أراد التو سع‬

‫‪ )(1‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 817( 559‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪)218( 79‬‬
‫‪ )(2‬يعن أنه أمي ل يقدر على القراءة ‪ ،‬وهو حريص على قراءة القرآن بدليل وصفه باليان ‪ ،‬فل يتصور أبدا مؤمن يقدر‬
‫على قراءة القرآن ويهجر قراءته ‪.‬‬
‫‪ )(3‬صحيح البخاري ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 5111 ( 2070‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 797( 549‬سنن أب‬
‫داود ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4829( 259‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 214( 77‬سنن الترمذي ج ‪/5‬ص ‪150‬‬
‫(‪ ، ) 2865‬سنن النسائي ج ‪/8‬ص ‪)5038( 124‬‬
‫‪ )(4‬سنن أ ب داود ‪ :‬ج ‪/2‬ص ‪ ، )1455( 71‬سنن ا بن ما جه ج ‪/1‬ص ‪ ، )225( 82‬سنن الترمذي ‪ :‬ج‬
‫‪/5‬ص ‪. )2945(195‬‬
‫‪ )(5‬الترغ يب لبن شاه ي ‪ :‬ق‪ ، 288-1-‬الكا مل لبن عدي‪ ،111-2 :‬وإ سناده ح سن كما قال اللبا ن ف‬
‫الصحيحة ‪452-5‬‬
‫‪ )(6‬تفسي القرطب ج ‪/1‬ص ‪20‬‬
‫‪ )(7‬سنن الدارمي رقم ‪3173‬‬
‫‪ )(8‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 30011(126‬ج ‪/7‬ص ‪ ، ) 34551( 106‬مسند أحد بن‬
‫حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 6655( 177‬‬
‫‪ )(9‬الزهد لبن البارك ج ‪/1‬ص ‪) 790( 273‬‬
‫‪29‬‬ ‫المفتاح الثاني ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬
‫فعليه بكتب السنة يقطف منها ما لذ وطاب من الكلم الستطاب ؛ فما ذكرته هنا غيض من فيض وقليل من كثي وال‬
‫الادي إل سواء السبيل ‪.‬‬
‫الهدف الخامس‪ :‬قراءة القرآن بقصد الستشفاء به‬
‫قال ال تعال ‪{ :‬يَا َأّيهَا النّاسُ َقدْ جَاءتْكُم ّموْ ِعظَةٌ مّن ّربّكُ ْم وَشِفَاء ّلمَا فِي الصّدُو ِر وَهُدًى وَرَ ْحمَ ٌة ّللْ ُمؤْمِنِيَ } [(‪)57‬‬
‫سورة يونس] ‪ ،‬وقال تعال { َونَُنزّلُ مِ نَ الْ ُقرْآ نِ مَا ُهوَ شِفَاء وَرَ ْحمَ ٌة ّللْ ُمؤْمِنِيَ وَ َل َيزِيدُ الظّاِلمِيَ َإلّ خَ سَارًا} [(‪)82‬‬
‫سورة ال سراء] ‪ ،‬وقال ال تعال ‪ُ { :‬قلْ ُهوَ ِللّذِي نَ آ َمنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالّذِي نَ ل ُيؤْمِنُو نَ فِي آذَاِنهِ مْ وَ ْقرٌ َو ُهوَ َعلَ ْيهِ مْ‬
‫َعمًى ُأ ْولَِئكَ ُينَا َدوْنَ مِن مّكَا ٍن بَعِيدٍ} [(‪ )44‬سورة فصلت]‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وشفاء‬ ‫فالقرآن شفاء للقلوب مـن أمراض الشبهات والشهوات والوسـاوس كلهـا القهري منهـا وغيه‬
‫للبدان من ال سقام ‪ ،‬فم ت ا ستحضر الع بد هذا الق صد فإ نه ي صل له الشفاءان ‪ :‬الشفاء العل مي العنوي ‪ ،‬والشفاء‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن عائشة ~ أن رسول‬ ‫‪2‬‬
‫الادي البدن بإذن ال تعال ‪ ،‬عن علي _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪" :‬خي الدواء القرآن"‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .‬والشفاء بالقرآن يصل بأمرين ‪ :‬الول‬ ‫ال § دخل عليها وامرأة تعالها ‪ ،‬أو ترقيها ‪ ،‬فقال ‪ :‬عاليها بكتاب ال "‬
‫‪ :‬القيام به ‪ ،‬وخاصة ف جوف الليل الخر ‪ ،‬مع استحضار نية الشفاء ‪ ،‬والثان ‪ :‬الرقية به(‪ ، )4‬فالريق الناتج من تلوة‬
‫آيات القرآن الكري له أثر عظيم ف القوة والنشاط ‪ ،‬والصحة والعافية ل يرقى إليه أي خلطة من خلطات العشاب أو‬
‫مركب من مركبات الصيادلة ‪ ،‬ول أظن مسلما ينكر أثر النفث باليات ف الشفاء والعلج ‪ ،‬ولكن ليس من أي أحد ‪،‬‬
‫وأيضا هو مكن لكل أحد ‪ ،‬من يأخذ بالسباب‪.‬‬
‫إننا ينبغي أن نتعامل مع القرآن مباشرة فهو ميسر لكل من صدق ف التعامل معه وجد ف القيام به‪ ،‬أما أن نعل‬
‫بيننا وبي القرآن وسطاء ونمل التعامل الباشر معه فهذا غاية الرمان ‪ ،‬تد البعض حينما يصاب بصيبة أو ينل به‬
‫مرض يوب الفاق ويطوف البلد ب ي القراء والعال ي و ما علم أن ال مر أقرب من ذلك وأي سر‪ ،‬فال سبحانه وتعال‬
‫حينما يبتلينا بالشدائد والصائب يريد منا أن نتضرع وأن نستكي ونتذلل بي يديه سبحانه وتعال كما قال عزوجل ‪{ :‬‬
‫ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربم وما يتضرعون } [ ‪ 76‬الؤمنون] وقال تعال ‪ { :‬ولقد أرسلنا إل أمم من‬
‫قبلك فأخذنا هم بالبأ ساء والضراء لعل هم يتضرعون } [النعام ‪ ، ]42‬والقيام الطو يل بالقرآن هو من أ هم صور‬
‫التذلل ل تعال والتضرع ب ي يد يه ك ما ي صل ف صلة الك سوف وغي ها فالقيام بالقرآن من أقوى أ سباب العاف ية‬
‫والشفاء ‪...‬‬

‫‪ )(1‬إن تطبيق مفاتح تدبر القرآن من أقوى الدوية ف قطع الوساوس الزعجة والت تدث القلق أو الكتئاب‪ ،‬وقد انتفع به‬
‫كثي من الناس هدأت نفوسهم واطمأنت قلوبم ونزلت عليهم السكينة وحصل لم السلم النفسي بكل معانية ‪.‬‬
‫‪ )(2‬سلسلة الحاديث الصحيحة ‪931-4‬‬
‫‪ )(3‬صحيح ابن حبان ج ‪/13‬ص ‪ ، ) 6098( 464‬موارد الظمآن ج ‪/1‬ص ‪ .)1419( 343‬وصححه‬
‫اللبان ف السلسلة الصحيحة برقم ( ‪. )1931‬‬
‫‪ )(4‬والسلم يوقن بذا الثر للقرآن الكري ‪ ،‬وهو أمر مشاهد مسوس ‪ ،‬وانتفاع السلمي به متواتر على مر العصور ‪ ،‬ولسنا‬
‫باجة لثبات ذلك بالتجربة بل هو يقي علمي خبي ‪ ،‬لكن من أراد زيادة يقي فعليه بشريط ‪ :‬أسباب منسية ‪ ،‬للدكتور‬
‫البي‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪30‬‬
‫وليس هذا موضع بسط هذه السألة ‪ ،‬وإنا القصود التذكي بأن يستحضر قارئ القرآن هذا المر العظيم حي قراءته‬
‫ليحصل على أعلى درجات التأثي والنفع ‪ ،‬ومن اراد الستزادة فعليه براجعة كتاب الطب النبوي لبن القيم فقد فصل وأجاد‬
‫الديث عن هذه السألة وفيه كلم نفيس يسن الرجوع إليه ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪31‬‬ ‫المفتاح الثالث ‪ :‬القيام بالقرآن‬
‫المفتاح الثالث‪ :‬القيام بالقرآن‬
‫إن هذا الفتاح من أهم مفاتح تدبر القرآن ‪ ،‬وأعظمها شأنا ‪ ،‬وقد ورد عدد من النصوص تؤكد أهيته ‪ ،‬من ذلك قول‬
‫حمُودًا} [(‪ )79‬سورة السراء] ‪ ،‬وقول ال‬
‫ال تعال ‪َ { :‬ومِ َن اللّيْ ِل َفَت َهجّدْ بِهِ نَا ِف َلةً ّلكَ عَسَى أَن َيبْعََثكَ َرّبكَ َمقَامًا ّم ْ‬
‫ل ‡† ِإنّا‬
‫ل ‡† نِصْ َفهُ َأ ِو انقُصْ مِ ْنهُ َقلِيلً ‡† َأوْ ِزدْ َعلَيْ ِه وَ َرتّلِ اْل ُقرْآنَ َت ْرتِي ً‬
‫تعال ‪{ :‬يَا َأّيهَا الْ ُمزّمّ ُل ‡† قُ ِم اللّ ْيلَ إِ ّل َقلِي ً‬
‫ل ‡† }[‪ 5-1‬سورة الز مل] ‪ ،‬وقول ال تعال ‪َ{ :‬ليْ سُواْ َسوَاء مّ نْ َأهْلِ الْكِتَا بِ ُأمّ ٌة قَآِئمَةٌ‬
‫سَُن ْلقِي عَلَيْ كَ َقوْ ًل ثَقِي ً‬
‫ت آنَاء‬
‫سجُدُونَ} [(‪ )113‬سورة آل عمران] ‪ ،‬وقول ال تعال ‪{:‬أَمّ نْ ُهوَ قَانِ ٌ‬
‫يَ ْتلُو نَ آيَا تِ اللّ ِه آنَاء اللّيْ ِل َوهُ ْم يَ ْ‬
‫اللّيْ ِل سَاجِدًا وَقَاِئمًا َيحْذَرُ ال ِخ َرةَ َوَيرْجُو َر ْحمَةَ َربّ ِه قُ ْل هَ ْل يَ سَْتوِي الّذِي نَ َي ْعلَمُو نَ وَالّذِي َن ل يَ ْعلَمُو نَ ِإّنمَا يَتَ َذ ّك ُر ُأ ْولُوا‬
‫ا َلْلبَا بِ}[ (‪ )9‬سورة الز مر] ‪ ،‬وقال §‪" :‬ل ح سد إل ف اثنت ي ر جل أتاه ال القرآن ف هو يقوم به آناء الل يل وآناء‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬فانظـر إل قوله ‪( :‬ينفقـه) مـع قوله (يقوم بـه)‬ ‫النهار ‪ ،‬ورجـل آتاه ال مال فهـو ينفقـه آناء الليـل وآناء النهار "‬
‫فيؤ خذ م نه أن من آتاه ال القرآن ول ي قم به أي ل يقرأه ف صلة ف هو م ثل من آتاه ال مال ول ينف قه ‪ ،‬ويؤ كد هذا‬
‫الديـث التـ ‪ :‬عـن أبـ هريرة _ قال ‪ :‬قال رسـول ال §‪ " :‬تعلموا القرآن فا ْقرَؤوه وأ ْقرِؤوه ‪ ،‬فإن مثـل القرآن لنـ‬
‫تعلمه فقام به كمثل جراب مشو مسكا يفوح ريه ف كل مكان ‪ ،‬ومثل من تعلمه فرقد وهو ف جوفه كمثل جراب‬
‫( )‬
‫فدل هذا الديث على أن من آتاه ال القرآن فرقد ول يقم به فهو مثل من اشترى طيبا وتركه‬ ‫‪2‬‬
‫أوكي على مسك"‬
‫مغلقا ول يستخدمه ‪ ،‬ويبي الديث التال الدف من القيام بالقرآن ‪ ،‬وسبب هذا الفرق الكبي بي من يقوم به ‪ ،‬ومن‬
‫ل يقوم به ‪ ،‬عن ابن عمر ‪ ù‬عن النب § أنه قال‪ " :‬إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإن ل يقم به‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬فهذا هو بيت القصيد وهو حجر الزاوية ف تدبر القرآن والنتفاع به ؛ إنه تذكر آيات القرآن الكري ‪،‬‬ ‫نسيه "‬
‫وكون ا حاضرة ف القلب ف كل آن ‪ ،‬وخاصة ف الواقف الصعبة ف الياة ‪ ،‬مواقف الشدة والذهول ‪ ،‬الواقف الت‬
‫يفت فيها الرء ويتحن ويتب ‪ ،‬فمن كان يقوم به آناء الليل ‪ ،‬وآناء النهار فتجد إجابته حاضرة وسريعة وقوية ‪ ،‬تده‬
‫وقافا عند كتاب ال تعال ‪ ،‬وأما من كان مفرطا ف استخدام هذا الفتاح فما أسرع ما يسقط ويهوي ‪ ،‬ويدل لذا العن‬
‫لةِ إِنّ اللّ هَ مَ َع ال صّابِرِينَ} [( ‪ )153‬سورة البقرة] ‪،‬‬
‫قول ال تعال ‪{ :‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ آ َمنُواْ ا سَْتعِينُواْ بِال صّ ْبرِ وَال صّ َ‬
‫فالصب هو ثرة العلم ‪ ،‬والعلم وسيلته القراءة بتدبر ‪ ،‬وهو حاصل لن قرأ القرآن ف صلة ‪ ،‬لذلك قرن ال تعال بينهما‬
‫ف أكثر من موضع ‪ ،‬وكان النب § إذا حزبه أمر فزع إل الصلة ‪ ،‬ويطيل فيها قراءة القرآن كما ف صلة الكسوف ‪،‬‬

‫‪ )(1‬صةةةةحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 73(39‬ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4737( 1919‬ج ‪/4‬ص ‪(1919‬‬


‫‪ ، ) 4738‬صةحيح مسةلم ج ‪/1‬ص ‪، ) 815( 559‬ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 816( 559‬صةحيح ابةن حبان ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 90(292‬سنن النسائي الكبى ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 8072( 27‬سنن ابن ماجه ج ‪/2‬ص ‪(1407‬‬
‫‪ ، ) 4208‬سنن الترمذي ج ‪/4‬ص ‪) 1936( 330‬‬
‫‪ )(2‬سنن الترمذي ‪ )2876( 156-5‬وقال حديث حسن ‪ ،‬وضعفه اللبان ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪( 499-5 :‬‬
‫‪ )2126‬قال شعيب الرناؤط ‪ :‬رجاله ثقات رجال الصحيح غي عطاء مول أب أحد ‪.‬‬
‫‪ )(3‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 789( 544‬سنن الن سائي ال كبى ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 8043(20‬م سند أ ب‬
‫عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3811( 456‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪)4923( 35‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪32‬‬
‫فمن يترب على هذا الفتاح ‪ -‬وخاصة من الصغر ‪ -‬يسهل عليه النتفاع به ف الياة ‪ ،‬أما من ل يترب عليه فإنه تضيق‬
‫به الياة ف حال الشدة ‪ ،‬وتضيع عليه الياة حال الرخاء‪.‬‬
‫إن اجتماع القرآن مع الصلة يكن أن يشبه باجتماع الكسجي مع اليدروجي حيث ينتج من تركيبهما الاء الذي به‬
‫حياة البدان ؛ فكذلك اجتماع القرآن مع ال صلة ين تج ع نه ماء حياة القلب و صحته وقو ته ‪ ،‬ولذلك فل تع جب من‬
‫كل هذا الفضل الذي رتب على هذا العمل ‪ ،‬عن عبد ال بن عمرو ‪ ù‬عن رسول ال § أنه قال ‪ " :‬من قام بعشر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وعن أب‬ ‫آيات ل يكتب من الغافلي ‪ ،‬ومن قام بئة آية كتب من القانتي ‪ ،‬ومن قام بألف آية كتب من القنطرين"‬
‫هريرة _ قال ‪ :‬قال رسول ال §‪ :‬أيب أحدكم إذا رجع إل أهله أن يد ثلث خلفات عظام سان ؟ قلنا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وبالضافة إل ما سبق ذكره فقد‬ ‫‪2‬‬
‫‪ :‬فثلث آيات يقرأ بن أحدكم ف صلة خي له من ثلث خلفات عظام سان"‬
‫دلت نصوص على أن العبد إذا دخل ف الصلة فإنه يزداد قربا من ال تعال ‪ ،‬وأنه سبحانه يقبل عليه بوجهه ‪ ،‬من ذلك‬
‫ما جاء عن أنس _ أن النب §‪ :‬قال ‪" :‬أيها الناس إن أحدكم إذا كان ف الصلة فإنه مُنَا جٍ ربه ‪ ،‬وربه فيما بينه وبي‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وعـن أ ب هريرة _ قال ‪ :‬قال ر سول ال §‪":‬إذا كان أحد كم فـ صلة فل يبز قن أما مه فإ نه م ستقبل‬ ‫القبلة "‬
‫( )‬
‫‪ ،‬قال ابن جريج ’ قلت لعطاء ’‪ :‬أيعل الرجل يده على أنفه أو ثوبه ؟ قال‪ :‬فل ‪ ،‬قلت من أجل أنه يناجي ربه‬ ‫‪4‬‬
‫ربه"‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬قال عطاء ’‪":‬بلغنا أن الرب يقول ‪ :‬إل أين تلتفت ؟ إلّ يا ابن آدم ؛ إن خي‬ ‫؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وأحب أل يمر فاه"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬ولو ل يكن ف القراءة داخل الصلة إل النقطاع عن الشواغل واللهيات لكفى ‪ ،‬فإن الصلي‬ ‫‪6‬‬
‫لك من تلتفت إليه"‬
‫إذا دخل ف الصلة حرم عليه الكلم واللتفات والركة من غي حاجة ‪ ،‬فهذا أعون على التدبر والتفكر وأجع للقلب‬
‫‪ ،‬وأيضا فإن من حوله ل يقاطعه ول يشغله ما دام ف صلته‪.‬‬

‫‪ )(1‬صةحيح ابةن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، 310‬صةحيح ابةن خزيةة ج ‪/2‬ص ‪ ، )1144( 181‬موارد الظمآن ج‬
‫‪/1‬ص ‪ ، ) 662( 172‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪) 1398( 57‬‬
‫‪ )(2‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 802( 552‬سنن ابن ماجه ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3782(1243‬سنن الدارمي‬
‫ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3314( 523‬مسند أب عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3777( 447‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/6‬ص‬
‫‪ ، ) 30073( 132‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 9141(396‬‬
‫‪ )(3‬صحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1156(406‬سنن النسائي الكبى ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 528(191‬سنن ابن‬
‫ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 763(251‬مسند أب عوانة ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1198(336‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص‬
‫‪) 7461(143‬‬
‫‪ )(4‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 551(390‬سنن الدار مي ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1397( 378‬العجم ال كبي ج‬
‫‪/8‬ص ‪ ، ) 8168(313‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/2‬ص ‪) 9355( 415‬‬
‫‪ )(5‬تعظيم قدر الصلة ‪190-1 :‬‬
‫‪ )(6‬تعظيم قدر الصلة ‪190-1 :‬‬
‫‪33‬‬ ‫المفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‬
‫المفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة في ليل‬
‫إن الل يل ‪ -‬وخا صة و قت ال سحر‪ -‬من أف ضل الوقات للتذ كر ‪ ،‬فالذاكرة تكون ف أعلى م ستوى ب سبب الدوء‬
‫وال صفاء ‪ ،‬وب سبب بر كة الو قت ح يث النول الل ي ‪ ،‬وف تح أبواب ال سماء ‪ ،‬فأي أ مر تر يد ت ثبيته ف الذاكرة ب يث‬
‫تتذكره خلل النهار فقم براجعته ف هذا الوقت ‪ ،‬وقد استفاد من هذا أهل الدنيا من أهل السياسة والقتصاد وخاصة‬
‫الغرب ؛ حيث ذكر عدد منهم أنه يقوم براجعة لوائحة ‪ ،‬أو حساباته ‪ ،‬أو معاملته وأوراقه ف مثل هذا الوقت وأنه‬
‫يو فق لل صواب ف قرارا ته ‪ ،‬فأ هل القرآن أ هل الخرة أول باغتنام هذه الفر صة لت ثبيت إيان م وعلم هم ‪ ،‬وإن من‬
‫القائق التاري ية الديرة بالدرا سة والتأ مل تلك العل قة ب ي قوة ال سلمي وب ي قيام هم بالقرآن ف الل يل ‪ ،‬ف من خلل‬
‫تأمل سريع تد أن انتصارات السلمي وجدت حينما كانت جنوده توصف بأنم ‪( :‬رهبان بالليل فرسان ف النهار ) ‪،‬‬
‫وم ا يدل على كون القراءة ف ل يل أ حد مفا تح التدبر قول ال عز و جل ‪{ :‬وَمِ نَ اللّيْ ِل َفَت َهجّدْ بِ ِه نَا ِفلَ ًة لّ كَ عَ سَى أَن‬
‫يَ ْبعَثَ كَ َربّ كَ َمقَامًا ّمحْمُودًا} [(‪ )79‬سورة ال سراء]‪ ،‬وقول ال عزو جل ‪ {:‬إِنّ نَاشَِئةَ اللّيْ ِل هِ َي أَشَ ّد وَطْئا َوأَ ْقوَ مُ‬
‫قِيلً } [(‪ )6‬سورة الزمل] قال ابن عباس ‪" : ù‬هو أجدر أن يفقه القرآن " ‪ ،‬ويقول ابن حجر ‪ -‬عن مدارسة جبيل‬
‫‪ À‬لرسول ال § ف كل ليلة من رمضان ‪ " :-‬القصود من التلوة الضور والفهم ‪ ،‬لن الليل مظنة ذلك لا ف النهار‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال ال تعال ‪َ{ :‬ليْ سُواْ َسوَاءً مّ نْ َأهْ ِل الْكِتَا بِ ُأمّ ٌة قَآِئمَةٌ َي ْتلُو نَ‬ ‫‪1‬‬
‫من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية "اهـ‬
‫سجُدُونَ} [(‪ )113‬سورة آل عمران] ‪ ،‬وقال ال تعال ‪{ :‬أَمّ ْن هُ َو قَانِ تٌ آنَاء اللّيْلِ‬
‫آيَا تِ اللّ هِ آنَاء اللّيْلِ َوهُ ْم يَ ْ‬
‫سـَاجِدًا وَقَائِمًا َيحْذَرُ الْآ ِخ َرةَ َوَيرْجُو َر ْحمَةَ َربّهِـ قُ ْل هَ ْل يَس ْـَتوِي الّذِينَـَي ْعلَمُونَـ وَالّذِينَـلَا يَ ْع َلمُون َـ ِإنّمَا يَتَ َذ ّكرُ ُأ ْولُوا‬
‫الَْألْبَا بِ} [ (‪ )9‬سورة الزمر] ‪ ،‬وقال السن بن علي ‪ " :ù‬إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربم فكانوا‬
‫(‪)2‬‬
‫والشا هد قوله ‪" :‬يتدبرون ا بالل يل" ‪ ،‬وقال ا بن ع مر ‪" : ù‬أول ما‬ ‫يتدبرون ا بالل يل ‪ ،‬ويتفقدون ا ف النهار "اه ـ‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال الشيخ عطيه سال ’ ‪ -‬حاكيا عن شيخه‬ ‫‪3‬‬
‫ينقص من العبادة ‪ :‬التهجد بالليل ‪ ،‬ورفع الصوت فيها بالقراءة"‬
‫الشنقيطي ’ ‪ " :-‬وقد سعت الشيخ يقول ‪ :‬ل يثبت القرآن ف الصدر ‪ ،‬ول يسهل حفظه ‪ ،‬وييسر فهمه إل القيام به‬
‫(‪)5‬‬ ‫( )‬
‫‪ ،‬قال النووي ’‪" :‬ينبغي‬ ‫ف جوف الليل "اهـ ‪ ، 4‬وقال السري السقطي’ ‪ " :‬رأيت الفوائد ترد ف ظلم الليل"‬
‫للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن ف الليل أكثر ‪ ،‬وف صلة الليل أكثر ‪ ،‬والحاديث والثار ف هذا كثية ‪ ،‬وإنا‬
‫رجحت صلة اليل وقراءته لكونا أجع للقلب ‪ ،‬وأبعد عن الشاغلت واللهيات والتصرف ف الاجات ‪ ،‬وأصون عن‬
‫الرياء وغيه من الحبطات ‪ ،‬مع ماجاء به الشرع من إياد اليات ف الل يل ‪ ،‬فإن ال سـراء بالر سول § كان ليل‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن عمر بن الطاب _ قال ‪ :‬قال رسول ال § ‪ " :‬من نام عن حزبه أو عن شئ منه فقرأه فيما بي صلة‬ ‫‪6‬‬
‫"اهـ‬

‫‪ )(1‬فتح الباري ج ‪/9‬ص ‪45‬‬


‫‪ )(2‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪29‬‬
‫‪ )(3‬خلق أفعال العباد ج ‪/1‬ص ‪111‬‬
‫‪ )(4‬مقدمة أضواء البيان‪4:‬‬
‫‪ )(5‬رهبان الليل للعفان ‪526-1‬‬
‫‪ )(6‬التبيان ف آداب حلة القرآن ج ‪/1‬ص ‪34‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪34‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وف هذا دللة واضحة على أن الصل ف القيام بالزب من‬ ‫الفجر وصلة الظهر كتب له كأنا قرأه من الليل"اهـ‬
‫القرآن هو الليل ‪ ،‬وف حالة العذر فإنه يعطى الثواب نفسه إذا قضاه ف النهار ‪ ،‬قال أبو داود الفري ’ ‪ :‬دخلت على‬
‫كرز بن وبرة ’ ف بيته ‪ ،‬فإذا هو يبكي ‪ ،‬فقلت‪ :‬ما يبكيك ؟ قال ‪ :‬إن باب مغلق وإن ستري لسبل ومنعت حزب أن‬
‫( )‬
‫‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫أقرأه البارحـة ‪ ،‬وما هو إل ذنب أحدثته "‬
‫إن القراءة للقلب مثل السقي للنبات ‪ ،‬فالسقي ل يكون ف حر الشمس فإن هذا يضعف أثره خاصة مع قلة الاء فإنه‬
‫يتبخر ‪ ،‬وكذلك قراءة القرآن إذا كانت قليلة ‪ ،‬وكانت ف النهار وقت الضجيج والشغلت ‪ ،‬فإن ما يرد على القلب‬
‫من العا ن يتبخر ول يؤثر فيه ‪ ،‬وهذا ييب على تساؤل البعض إذ يقول ‪ :‬إن أكثر قراءة القرآن لكن ل أتأثر به ؟‬
‫فلما سألته ‪ :‬مت تقرأ القرآن ؟ تبي أن كل قراءته ف النهار ‪ ،‬وف وقت الضجيج ‪ ،‬وبشئ من الكابدة لصول التركيز‬
‫فكيف سيتأثر ؟‬
‫إن القراءة ف الليل يصل معها الصفاء والدوء حيث ل أصوات تشغل الذن ول صور تشغل العي فيحصل التركيز‬
‫التام وهو يؤدي إل قوة التدبر والتفكر وقوة الفظ والرسوخ للفاظ القرآن ومعانية ‪.‬‬

‫‪ )(1‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ا بن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ا بن‬


‫خزيةة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سةنن النسةائي الكةبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سةنن أبة داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سةنن ابةن ماجةه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سةنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪(474‬‬
‫‪)581‬‬
‫‪ )(2‬حلية الولياء ‪ :‬ج ‪-5‬ص ‪79‬‬
‫‪35‬‬ ‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي للقرآن‬
‫المسألة الولى ‪ :‬أهميته‬
‫القرآن أنزل ليعمل به ‪ ،‬ووسيلة العمل به العلم به أول ‪ ،‬وهو يصل بقراءته وتدبره ‪ ،‬وكلما تقاربت أوقات القراءة ‪،‬‬
‫وكل ما ك ثر التكرار كان أقوى ف ر سوخ معا ن القرآن الكر ي ‪ ،‬و من أ جل ذلك كان ال سلف يواظبون على قراءة‬
‫القرآن ‪ ،‬ويرصون على كثرة تلوته وتكرارها ‪ ،‬ومن ظن أنم يقرأونه من أجل ثواب القراءة فحسب فقد قصر فهمه‬
‫ف هذا الباب ‪ ،‬عن عمر بن الطاب _ قال ‪ :‬قال رسول ال § ‪" :‬من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بي‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال عقبة بن عامر الهن _ ‪" :‬ما تركت حزب سورة‬ ‫صلة الفجر وصلة الظهر كتب له كأنا قرأه من الليل"‬
‫( )‬
‫وعن الغية بن شعبة _ قال ‪ " :‬استأذن ر جل على رسول ال وهو بي‬ ‫‪2‬‬
‫من القرآن من ليلت ها منذ قرأت القرآن "‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وعن خيثمة ’ قال ‪ " :‬انتهيت إليه ‪-‬‬ ‫مكة والدينة فقال ‪ :‬قد فاتن الليلة حزب من القرآن وإن ل أوثر عليه شيئا"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن القاسم‬ ‫‪4‬‬
‫يعن ‪ :‬عبد ال بن عمرو ‪ - ù‬وهو يقرأ ف الصحف فقال ‪ :‬هذا حزب الذي أريد أن أقوم به الليلة"‬
‫’ قال ‪ :‬كنا نأت عائشة ~ قبل صلة الفجر ‪ ،‬فأتيناها ذات يوم(‪ ، )5‬فإذا هي تصلي ‪ ،‬فقالت نت عن حزب ف هذه‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬وعن أب بكر بن عمرو بن حزم ’ ‪ :‬أن رجلً استأذن على عمر _ بالاجرة فحجبه طويل ‪،‬‬ ‫الليلة فلم أكن لدعه"‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن ابن الاد ’ قال سألن نافع بن جبي بن مطعم ’‬ ‫‪7‬‬
‫ث أذن له فقال ‪ :‬إن كنت نت عن حزب فكنت أقضيه"‬
‫فقال ل ‪ :‬ف كم تقرأ القرآن؟ فقلت‪ :‬ما أحزبه ‪ ،‬فقال ل نافع ‪ :‬ل تقل ما أحزبه ‪ ،‬فإن رسول ال § قال ‪ :‬قرأت جزءا‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ ،‬فهذه النصوص وغيها ما نقل عن السلف ف هذه القضية الهمة تؤكد على ضرورة تزيب القرآن‬ ‫من القرآن "‬
‫والحافظة على ما يتم تزيبه ‪ ،‬وأن يكون له الولوية الول ف كل وقت ‪.‬‬
‫ينبغي أن يوجد الرص التام عليه وأن يقدم على كل عمل ‪ ،‬وأل يهدأ لك بال حت تقوم به ‪ ،‬حت تؤديه ف وقته ‪ ،‬أو‬
‫تقضيه إن فات أداؤه ف وقته ‪ ،‬إن العمل الذي ل تقضيه إذا فات يعن تساوي الفعل والترك عندك ‪ ،‬وهذا دليل على‬

‫‪ )(1‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 747(515‬صحيح ا بن حبان ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 2643( 369‬صحيح ا بن‬


‫خزيةة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1171( 195‬سةنن النسةائي الكةبى ج ‪/1‬ص ‪ ، )1464( 458‬سةنن أبة داود ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1313(34‬سةنن ابةن ماجةه ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1343( 426‬سةنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪( 474‬‬
‫‪)581‬‬
‫‪ )(2‬فضائل القرآن لب عبيد ‪95‬‬
‫‪ )(3‬كن العمال ج ‪/2‬ص ‪)4137(141‬‬
‫‪ )(4‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪) 8559(240‬‬
‫‪ )(5‬يفهم من السياق أن ميئهم هذه الرة بعد طلوع الشمس ‪ ،‬أو أن صواب العبارة ( بعد صلة الفجر ) ‪.‬‬
‫‪ )(6‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪)4784(416‬‬
‫‪ )(7‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪416‬‬
‫‪ )(8‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪) 1392(55‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪36‬‬
‫عدم أهيته لديك ‪ ،‬مت وجد هذا الرص فهو مفتاح النجاح ف الياة ‪ ،‬إنه مفتا حٌ ل نتاج إل إثبات ناحه بالتجربة ‪،‬‬
‫فهو ثابت بالب عن ال تعال وعن رسوله § ‪ ،‬كما قال ال تعال‪ {:‬فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى } [(‪)123‬‬
‫سورة طه ] ‪ ،‬وهل يعقل أو يتصور أن يوجد اتباع دون قراءة مستمرة ‪ ،‬دون مذاكرة لقواعده وتوجيهاته ‪ ،‬كما سبق‬
‫البيان أننا ف واقع الياة ند أن الداري الذي ل يفظ اللئحة ول يعي ما فيها هو إداري فاشل ‪ ،‬والطالب الذي ل‬
‫يذا كر درو سه كذلك ‪ ،‬وم ت علم ال م نك صدق الرغ بة والرص على هذا الغذاء فإ نه يف تح لك أبوا به ويبارك لك‬
‫فيـه ‪ ،‬ويتـد أثره ليشمـل جيـع جوانـب حياتـك ‪ ،‬ل أقول إن التجربـة تشهـد لذلك ‪ ،‬فثبات نتائج هذا العمـل أقوى‬
‫وأصدق من أن تضع للتجربة ‪ ،‬وما يوجد ف حياتنا من نقص إنا هو بسبب ترك وإهال هذا العمل اليسي على من‬
‫يسره ال عليه ‪ ،‬العظيم ف نفعه وأثره الشامل ف تقيق النجاح الكامل لكل من أخذ به بدقة ‪ ،‬وهو مان ل يتاج إل‬
‫دورات ول رسوم ول مدرب ‪.‬‬
‫إن عادات النجاح ليست سبعا ول عشرا بل هي عادةٌ واحدة ‪ ،‬إنا الحافظة على قراءة حزبك من القرآن ‪ ،‬بل هي‬
‫عبادة وليست عادة ‪ ،‬من يسر ال له الحافظة عليها حصلت له كل معان النجاح الدينية والدنيوية‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬كيفية تحــزيب القرآن ومدة الخــتم‬


‫قراءة القرآن مثل العلج ل بد أن يكون بقدار معي ل يزيد عليه ول ينقص حت يدث أثره ‪ ،‬مثل الضاد اليوي إن‬
‫طالت الدة ضعف أثره ‪ ،‬وإن تقارب أكثر من الناسب أضر بالبدن ‪ ،‬فكذلك قراءة القرآن الدة الت أقرها النب §لمته‬
‫‪ ،‬لن رغب ف الي هي سبعة أيام إل شهر ‪ ،‬ونى عن أقل من ثلث ‪ ،‬وجاءت نصوص ف النهي عن هجر القرآن أكثر‬
‫من أربعي يوما‪.‬‬
‫عن أوس بن حذي فة الثق في _ قال ‪ :‬قدم نا على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف و فد ثق يف فنلوا الحلف على‬
‫الغية بن شعبة _‪ ،‬وأنزل رسول ال § بن مالك ف قبة له فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء فيحدثنا قائما على رجليه‬
‫حت يراوح بي رجليه وأكثر ما يدثنا ما لقي من قومه من قريش ويقول ‪ :‬ول سواء كنا مستضعفي مستذلي فلما‬
‫خرج نا إل الدي نة كا نت سجال الرب بين نا وبين هم ندال علي هم ويدالون علي نا فل ما كان ذات ليلة أب طأ عن الو قت‬
‫الذي كان يأتي نا ف يه فقلت ‪ :‬يار سول ال ل قد أبطأت علي نا الليلة قال ‪ :‬فإ نه طرأ علي حز ب من القرآن فكر هت أن‬
‫أخرج ح ت أت ه قال أوس بن حذي فة سألت أ صحاب ر سول ال ك يف يزبون القرآن ؟ قالوا ‪ :‬ثلث وخ س و سبع‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وذ كر عـن عثمان _ أ نه كان يفت تح ليلة الم عة بالبقرة‬ ‫وت سع وإحدى عشرة وثلث عشرة وحزب الف صل "‬
‫ويتـم ليلة الميـس ‪ ،‬وعـن عائشـة ~ قالت ‪" :‬إنـ لقرأ جزئي أو قالت سـبعي وأنـا جالسـة على فراشـي أو على‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال عبدال ابن مسعود _ ‪ ":‬ل يقرأ القرآن ف أقل من ثلث اقرأوه ف سبع ويافظ الرجل على حزبه"‬ ‫‪2‬‬
‫سريري"‬

‫‪ )(1‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1393( 55‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪، ) 1345( 427‬مسند أحد بن‬
‫حنبل ج ‪/4‬ص ‪ ، )16211( 9‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 8583( 242‬العجم الكبي ج ‪/1‬ص‬
‫‪ ، ) 599(220‬م سند الطيال سي ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1108( 151‬الغ ن عن ح ل ال سفار ج ‪/1‬ص ‪(225‬‬
‫‪ ) 875‬وقال حديث حسن ‪ ،‬فتاوى ابن تيمية ج ‪/13‬ص ‪ ، 408‬لتذكار ‪104‬‬
‫‪ )(2‬مصنف ابن أب شية ‪)30182. (143‬‬
‫‪37‬‬ ‫المفتاح الخامس ‪ :‬التكرار السبوعي‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬قال النووي ’ ‪ -‬عن التم ف سبع ‪" :-‬فعل الكثرين من السلف" ‪ ،‬وقال السيوطي ’‪ " :‬وهذا أوسط المور ‪،‬‬
‫و أحسنها ‪ ،‬وهو فعل الكثر من الصحابة وغيهم " ‪.‬‬
‫الول أن يكون تزيب القرآن وتقسيمه على السور‪ -‬قدر المكان ‪ -‬بعن أن تقرأ السورة ف الليلة الواحدة كاملة ‪،‬‬
‫وأن يكون التقسـيم والتوزيـع متوافقـا مـع نايات السـور ‪ ،‬وهذا هـو السـنة ‪ ،‬وعليـه عمـل الصـحابة والتابعيـ ‪ ،‬أمـا‬
‫الحزاب والجزاء والثان العرو فة اليوم فلم تأت إل متأخرة ‪ ،‬علوة على ما في ها من ب تر للمعا ن وتقط يع لل سور ‪،‬‬
‫ومن أراد تفصيل القول ف هذه السألة فلياجع ما كتبه شيخ السلم ابن تيمية ف الفتاوى الزء الثالث عشر‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية تطبيق هذا المفتاح‬


‫القيام بالقرآن كامل ف كل أ سبوع يتاج الو صول إل يه إل التدرج والتدر يب شيئا فشيئا ‪ ،‬و من ذلك ت طبيق قاعدة ‪:‬‬
‫( أدومه وإن قل) ‪ ،‬فمن المكن أن تكون البداية بالفصل يزبه سبعة أحزاب لكل يوم من أيام السبوع حزب ‪ ،‬أو‬
‫من الم كن أن تكون البدا ية بزء (عم) يق سمه سبعة أق سام و كل ليلة يقرأ بقسم ‪ ،‬يكرر هذا كل أ سبوع ‪ ،‬ث ينظر‬
‫النتيجة كيف تكون ؟ وعندما يرى الثر والفائدة فإن هذا سيدفعه إل الزيادة ‪ ،‬ولتكن بالتدريج ‪ ،‬فيزيد القدار وبنفس‬
‫الطري قة ي تم توز يع القدار الد يد إل سبعة أق سام كل ق سم من ها يقرأ ف ليلة ‪ ،‬ب يث ي تم القدار كل أ سبوع ح ت‬
‫يرسخ ‪ ،‬حت تثبت اليات ف القلب بصورة قوية يسهل استدعاؤها ف مواقف الياة اليومية ‪.‬‬

‫‪ )(3‬انظر ‪ :‬ممع الزوائد ج ‪/2‬ص ‪269‬رواه الطبان ف الكبي ورجاله رجال الصحيح‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪38‬‬
‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫المسألة الولى‪ :‬أهمية هذا المفتاح‬
‫مثل حافظ القرآن وغي الافظ ؛ مثل اثني ف سفر ‪ ،‬الول‪ :‬زاده التمر ‪ ،‬والثان‪ :‬زاده الدقيق ‪ ،‬فالول‪ :‬يأكل مت‬
‫شاء وهو على راحلته‪ ،‬والثان‪ :‬ل بد له من نزول ‪ ،‬وعجن ‪ ،‬وإيقاد نار ‪ ،‬وخبز ‪ ،‬وانتظار نضج ‪.‬‬
‫والعلم مثل الدواء ل يؤثر حت يدخل الوف ‪ ،‬ويتلط بالدم ‪ ،‬وما ل يكن كذلك فإن أثره مؤقت ‪ ،‬ومثل الهاز الزود‬
‫ببطارية والهاز الذي ليس كذلك ‪ ،‬الول يكن أن يشتغل ف أي مكان أما الثان فل بد من مصدر كهرباء ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال ا بن‬ ‫عن ابن عباس ‪ ù‬قال‪ :‬قال ر سول ال §‪" :‬إن الذي ل يس ف جو فه شئ من القرآن كالب يت الرب "‬
‫تيمية ’ ‪ ":‬أنا جنت وبستان ف صدري َأنّى رُحْ تُ فهي معي" ‪ ،‬وهو يريد بذلك القرآن والسنة الت ف صدره تثبته‬
‫وتزيده يقينا ‪ ،‬وقال سهل بن عبدال ’‪ :‬لحد طلبه ‪ :‬أتفظ القرآن ؟ قال ‪ :‬ل ؟ قال ‪ :‬واغوثاه لؤمن ل يفظ القرآن‬
‫! فبم يترن؟ فبم يتنعم ؟ فبم يناجي ربه ؟ ‪ ،‬ويقول أبو عبد ال بن بشر القطان ’‪" :‬ما رأيت رجل أحسن انتزاعا لا أراد‬
‫من آي القرآن من أب سهل بن زياد ’ ‪ ،‬وكان جارنا ‪ ،‬وكان يدي صلة الليل ‪ ،‬وتلوة القرآن ‪ ،‬فلكثرة درسه صار‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وهذا القصود من كون الفظ أحد مفاتح التدبر لنه مت‬ ‫‪2‬‬
‫القرآن كأنه بي عينينه ينتزع منه ما شاء من غي تعب "‬
‫كا نت ال ية مفو ظة فتكون حاضرة ‪ ،‬وي تم تنيل ها على النوازل والوا قف ال ت ت ر بالش خص ف الياة اليوم ية بش كل‬
‫سريع ومباشر ‪ ،‬أما إذا كان القرآن ف الرفوف فقط ؛ فكيف يكن لنا أن نطبقه على حياتنا ؟‬
‫المسألة الثانية‪ :‬توضيح أثر الحفظ على الفهم والتدبر‬
‫إن علج أي مشكلة له ثلث صور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬العالة الذهنية الجردة الشفهية من غي ترير ول ترتيب للحلول ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬العالة الكتوبة الحررة الرتبة ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬العالة الذهنية لشئ مكتوب مسبقا ‪ ،‬ومرر بعن حفظ ما ت التوصل إليه ف علج الشكلة كتابيا ‪.‬‬
‫والصورة الثالثة هي أقواها ‪ ،‬تليها الثانية ‪ ،‬ث الول ‪ ،‬وحفظ القرآن وتكرار قراءته هو من النوع الثالث ‪ ،‬فترديد الية‬
‫والتفكر فيها وهي مفوظة أفضل من تكرارها نظرا ‪ ،‬لن مفعول الطريقة الثالثة يستمر ‪ ،‬بينما الثانية يقف عند إغلق‬
‫الصحف‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬لماذا نحفظ القرآن ؟‬
‫ـ تقرر ذكره فـ الفاتيـح السـابقة فإن الدف الول ل فظ القرآن هـو ‪ :‬القيام بـه آناء الليـل وآناء النهار ‪،‬‬
‫بناء على م ا‬
‫والدف من القيام به ح فظ ما تضم نه من العلم بال واليوم ال خر ‪ ،‬ذل كم العلم الذي ي قق ال سعادة والياة الطي بة‬
‫للنسان ‪ ،‬ويقق له الثبات ف الزمات ‪ ،‬والقوة للمة ف مواجهة أعدائها ‪ ،‬هذا هو الدف الهم لفظ القرآن والذي‬
‫ينبغي أن يركز عليه القائمون على التربية ‪.‬‬

‫‪ )(1‬سةنن الترمذي‪ )2913(177-5 :‬وقال حسةن صةحيح ‪ ،‬السةتدرك ‪ )2037( 741-1 :‬وقال ‪:‬‬
‫صحيح ال سناد ول يرجاه ‪ ،‬سنن الدار مي ‪ ، )3306( 521-2 :‬الع جم ال كبي لل طبان ‪( 109-12 :‬‬
‫‪ ، )12619‬مسند المام أحد ‪223-1 :‬‬
‫‪ )(2‬تاريخ بغداد ‪ ، 45-5 :‬سي أعلم النبلء ‪521-15 :‬‬
‫‪39‬‬ ‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫إن حفظ اللفاظ وسيلة وليس غاية ‪ ،‬وسيلة إل حفظ العان ‪ ،‬والنتفاع با ف الياة ‪ ،‬أما القتصار على حفظ اللفاظ‬
‫فهو قصور ف حق القرآن العظيم ‪ ،‬وهو انراف عن الصراط الستقيم ف رعايته والنتفاع به ف الياة الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬كيف نحفظ القرآن الكريم ( الحفظ التربوي)‬


‫بناء على ما تقرر ف ال سألة ال سابقة ‪ ،‬و ما تقرر ف الفتاح الا مس ؛ أقول‪ :‬إن ح فظ القرآن حفظا تربويا يتل خص ف‬
‫الطوات التالية(‪:)1‬‬
‫‪ -1‬تكون بداية حفظ القرآن من سورة الناس ث الفلق بعكس ترتيب القرآن ‪ ،‬فهذا التاه يقق التدرج والسهولة ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬سواء كان الطالب صغيا أو‬ ‫سهّل التدر يب على القيام به‬
‫وي قق ثبات ال سي ف مش ـروع ح فظ القرآن ‪ ،‬ويُ َ‬
‫كبيا ‪ ،‬وهو ُمتّب ٌع وناجح ف مدارس تفيظ القرآن الكري بوزارة التربية والتعليم ‪ ،‬وهو على التحزيب بالسور سهل‬
‫ميسور ‪ ،‬أما على التحزيب بالجزاء والثان فهو عسي ‪ ،‬فالذين يتبعون الجزاء والثان ل يرون أن يكون سي الفظ‬
‫من قصار السور لنه يناقض الجزاء والثان ‪ ،‬ولو جربوا التقسيم بالسور لتنفسوا الصعداء وتلصوا من عبودية تلك‬
‫الطريقة ‪ ،‬ولذاقوا لذة الرونة ف الفظ ‪.‬‬
‫‪ -2‬يقسم الفظ إل قسمي ‪ :‬الول‪( :‬حفظ الديد) ‪ ،‬الثان‪( :‬القيام بالقرآن) ‪.‬‬
‫‪ -4‬يصص النهار وهو من الفجر إل الغرب لـ(حفظ الديد)‪.‬‬
‫‪ -5‬يصص الليل وهو من آذان الغرب إل آذان الفجر لـ(القيام بالقرآن) مع تطبيق بقية مفاتيح التدبر العشرة‪.‬‬
‫‪ -6‬ينق سم (ح فظ الد يد) إل ق سمي ‪ :‬الول ‪( :‬ال فظ) ‪ ،‬الثا ن ‪( :‬التكرار) ‪ ،‬أ ما (ال فظ) فيحدد له مو عد ب عد‬
‫الفجر ‪ ،‬وموعد بعد العصر ‪ ،‬وأما (التكرار) فيكون ف صلةِ نافلة أو فريضة خلل ساعات النهار‪.‬‬
‫‪ -7‬تقليل مقدار (الفظ الديد) والتركيز أكثر على (التكرار) لا ت حفظه ‪.‬‬
‫‪ -8‬يق سم ما ي تم حف ظه إل سبعة أق سام عدد أيام ال سبوع ‪ ،‬فيقوم كل ليلة بق سم ‪ ،‬وهذا الق سم الثا ن الذي سيته‬
‫( القيام بالقرآن ) وهو ما يعرف بالراجعة‪.‬‬
‫‪ -9‬كلما زاد القدار الحفوظ يتم إعادة توزيع التقسيم السبوعي ليتناسب مع الزيادة ‪ ،‬مع ملحظة أن أيام السبوع‬
‫الول يكون مقدارها أقل لنه ل يرسخ بعد ‪.‬‬
‫‪ -10‬يكون ال فظ سورة سورة ‪ ،‬ويكون ح فظ ال سورة لول مرة بالتق سيط ‪ ،‬فيم كن تق سيم ال سورة إل عدد من‬
‫اليات ح سب موضوعات ا ‪ ،‬وب عض الوضوعات الطويلة ي كن أن تق سم إل مقطع ي أو أك ثر ‪ ،‬وي كن ج ع أك ثر من‬
‫موضوع ف مقطع وا حد إن كا نت قصية ؛ فب عض الوضوعات تكون ف آ ية واحدة فقط ؛ بل ب عض اليات تتضمن‬
‫عددا من الوضوعات ‪ ،‬الهم أ ّل يكون التقسيم عشوائيا ‪ ،‬ول حسب الوجه ‪ ،‬ول حسب الثان(‪. )3‬‬

‫‪ )(1‬ما ذكرته هنا هو الثمرة العملية واللصة لبحث مستقل عن ( الفظ القرآن التربوي للقرآن وصناعة النسان ) ‪.‬‬
‫‪ )(2‬سيأت مز يد إيضاح وتف صيل لذه ال سائل ف كتاب ‪( :‬مفاتح تدبر ال سنة والع مل ب ا ف الياة) الذي ي صدر بإذن ال‬
‫قريبا‪.‬‬
‫‪ )(3‬إن أي تقسيم ل يراعي الوضوع يعن التركيز على اللفاظ ونسيان العان وقد جربت هذه الطرق مرارا ‪ ،‬وثبت لدي‬
‫ما نصحت به ‪ ،‬ويكن لي مشتغل بفظ القرآن أن يرب بنفسه ث يكم ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪40‬‬
‫‪ -11‬ل يصلح ول يسوغ أبدا تاوز أي سورة حت يفظها جلة ‪ ،‬مهما كانت طـويلة ‪ ،‬ويكررها ‪ -‬ب عد حفظها‬
‫جل ًة ‪ -‬عددا من الرات ‪ ،‬وف أكثر من يوم ‪.‬‬
‫‪ -12‬من الفيد جدا تسميع ما ستقوم به الليلة على شخص آخر ‪ ،‬والول أن يكون من السرة ليحصل التواصي‬
‫به ‪ ،‬والتعاون عليه ‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا تبي ضعف حفظ بعض السور أثناء ( القيام بالقرآن ) ليلً فتتم مراجعته وضبطه ف نار اليوم التال له ‪ ،‬ول‬
‫يصح أن يبدأ بفظ جديد والالة هذه ‪ ،‬وغالبا ما يكون هذا ف أيام السبوع الول الت تتضمن ما ت حفظه أخيا ‪.‬‬
‫‪ -14‬من ال هم جدا ت طبيق الفات يح العشرة ب ا ف ذلك مفتاح الترت يل ‪ ،‬ومفتاح ال هر ‪ ،‬ول ي سن ال سرعة والعجلة‬
‫حي قراءة القرآن ‪ -‬حت ف حفظ الديد ‪ -‬بجة ضبط الفظ ‪ ،‬فالسرعة تعن نسيان أهداف قراءة القرآن ‪ ،‬وهو‬
‫الفتاح الثان من الفاتيح العشرة ‪ ،‬وعند وجود هذه الالة يعاد التذكي به من خلل قراءته ف هذا الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -15‬هذه الطري قة تع طي الا فظ الطمأني نة وال سكينة إذا اقت نع ب ا وتر ب علي ها فل عجلة ول خوف ن سيان ‪ ،‬بل‬
‫وضوح تام لقصود الفظ ‪ ،‬واستثمار له من البداية‬
‫‪ -16‬هذه الطريقة تقوم على مبدأ ‪(:‬الفظ التربوي) ‪ ،‬أما طريقة‪(:‬احفظ وانس) فهي كما قال العمش ’‪ " :‬مثل من‬
‫يقدم له الطعام ث يأخذ باللقمة تلو اللقمة ويرميها وراء ظهره ول يدخلها إل جوفه "(‪. )1‬‬
‫‪ -17‬في ها توفي للو قت وال هد ‪ ،‬إذ أ نك تفظ ال سورة مرة واحدة ف الع مر ‪ ،‬ث ت ستثمر حفظ ها وتنت فع به ‪ ،‬أ ما‬
‫تعاقب الفظ والنسيان فهذا يستهلك الوقت والهد ‪ ،‬ويرم من التنعم بالقرآن ف الياة ‪ ،‬بل يوجد الناع والصام‬
‫بي حفظ الديد والراجعة لا ت حفظه ‪ ،‬وأيضا يوجد القلق والرج عند من حفظ شيئا من القرآن ث نسيه ‪ ،‬وربا كان‬
‫سببا ف اليأس من الفظ وتركه‪.‬‬
‫‪ -18‬يكن تربية السرة على (الفظ التربوي) بوضع جدول أسبوعي لكل منهم وتسميعه لم ف النهار ‪ ،‬وتذكيهم‬
‫به ‪ ،‬وحثهم على القيام به ف الليل ‪ ،‬ومكافأتم عليه ‪ ،‬حت يتدربوا ‪ ،‬ويشبوا عليه ‪ ،‬ويكون مصاحبا لم ل ينفكون‬
‫عنه ‪ ،‬ول يطيقون فراقه ‪ ،‬ويكون مصباحا يضيئ لم طريق الياة ‪.‬‬
‫ي م ن يقرأ مائة سورة كل ش هر ‪ ،‬الول يقرأ‬
‫‪ -19‬من يقرأ ما يف ظه ‪ -‬ولو كان سورة واحدة ‪ -‬كل أ سبوع خ ٌ‬
‫فأيهما سيكون حفظه للمعان أثبت ‪ ،‬وأقوى ‪ ،‬وأقرب‬ ‫(‪)2‬‬
‫السورة كل سبعة أيام ‪ ،‬والثان يقرأ السورة كل ثلثي يوما‬
‫للذكر والعمل ‪ ،‬ل عبة للكثرة مقابل القوة ؛ فقليل قوى خي من كثي ضعيف ‪ ،‬وهذا يذكرن با جاء ف سنن أب‬
‫داود(‪ )3‬من حديث ثوبان _ قال قال رسول ال § ‪ " :‬يوشك المم أن تداعى عليكم كما تداعى الكلة إل قصعتها ‪،‬‬
‫فقال قائل‪ :‬و من قلة ننـ يومئذ ؟ قال بـل أن تم يومئذ كثيـ ‪ ،‬ولكنكـم غثاء كغثاء السـيل ‪ ،‬ولينعـن ال من صـدور‬
‫عدو كم الها بة من كم ‪ ،‬وليقذفنّ ال ف قلوب كم الو هن ‪ ،‬فقال قائل ‪ :‬يا ر سول ال و ما الو هن ؟ قال‪ :‬حب الدن يا‬
‫وكراهية الوت" ‪ ،‬وعليه فليس الدف حفظ ألفاظ كثية من القرآن ‪ ،‬بل الدف ‪ :‬تكرار مفوظ من القرآن كل سبعة‬
‫أيام ف صلة بنية التدبر ليتم الشفاء من الوهن ‪ ،‬أيّا كان هذا الحفوظ حت لو سورة واحدة ‪ ،‬فهو خي ألف مرة من‬

‫‪ )(1‬انظر ‪ :‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ‪.‬‬


‫‪ )(2‬فالنسبة بينهما تعادل ‪ 1/4‬أي قوة ما يقرا كل أسبوع تعادل أربعة أضعاف ما يقرأ كل شهر ‪ ،‬ومن كان ف شك‬
‫فليجرب ‪.‬‬
‫‪)(3‬ج ‪/4‬ص ‪111‬‬
‫‪41‬‬ ‫المفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬
‫ظ كثي أو القرآن كامل بسب ما ذكر فهو أول وأقوى من القل يل ‪،‬‬
‫ح فظ كثي ل يت صف با ذكر ‪ ،‬فإن و جد حف ٌ‬
‫فالهم القاعدة السابقة ‪ ،‬ومت رأيت أن الوقت يضيق فعليك بتقليل القدار مع بقاء التكرار ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪42‬‬
‫المفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬
‫إن الدف من التكرار هو التو قف ل ستحضار العا ن ‪ ،‬وكل ما ك ثر التكرار كلما زادت العا ن ال ت تف هم من ال نص ‪،‬‬
‫والتكرار ‪ -‬أيضا ‪ -‬قد يصل ل إراديا تعظيما أو إعجابا با قرأ ‪ ،‬وهذا مشاهد ف واقع الناس حينما يعجب أحدهم‬
‫بملة أو قصة فإنه يكثر من تكرارها على نفسه أو غيه ‪ ،‬التكرار ‪ :‬نتيجة وثرة للفهم والتدبر ‪ ،‬وهو أيضا وسيلة إليه‬
‫حين ما ل يو جد ‪ ،‬قال ا بن م سعود _ ‪" :‬ل تذوه هذ الش عر ول تنثروه ن ثر الد قل ‪ ،‬قفوا ع ند عجائ به وحركوا به‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال أبو ذر _ ‪" :‬قام النب § بآية حت أصبح يرددها {إِن تُعَ ّذْبهُ مْ‬ ‫القلوب‪ ،‬ول يكن هَمّ أحدكم آخر السورة "‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وعن عباد بن حزة ’ قال‪" :‬‬ ‫‪2‬‬
‫ت الْ َعزِيزُ اْلحَكِي مُ} [(‪ )118‬سورة الائدة]"‬
‫فَِإّنهُ ْم عِبَادُ َك َوإِن تَغْ ِف ْر َلهُ مْ َفِإنّ كَ أَن َ‬
‫دخلت على أ ساء ~ و هي تقرأ‪َ { :‬فمَنّ ال علي نا ووقانا عذاب ال سموم }[(‪ )27‬سورة الطور] قال‪ :‬فوق فت علي ها‬
‫(‪)3‬‬
‫فجعلت تستعيذ وتدعو ‪ ،‬قال عباد‪ :‬فذهبت إل السوق فقضيت حاجت ث رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو"‬
‫‪ ،‬و عن القا سم بن أ ب أيوب ’ أن سعيد بن جبي ’ ر ّد َد هذه ال ية ‪ {:‬واتقوا يو ما ترجعون ف يه إل ال } [ (‪)281‬‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال م مد بن ك عب القر ظي ’ ‪ :‬لن أقرأ ( إذا زلزلت الرض زلزال ا ) و‬ ‫‪4‬‬
‫سورة البقرة ] بض عا وعشر ين مرة‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ،‬ور ّددَ ‪ -‬السن البصري ’ ‪ -‬ليلة { َوإِن تَعُدّواْ‬ ‫(القارعة ) أرددها وأتفكر فيهما أحب من أن أبيت َأهُذّ القرآن"‬
‫نِ ْعمَ َة اللّ هِ لَ ُتحْ صُوهَا ِإنّ اللّ هَ َلغَفُورٌ رّحِي مٌ} [(‪ )18‬سورة الن حل] ح ت أصبح ‪ ،‬فق يل له ف ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن في ها‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقام تيم الداري _ بآية حت‬ ‫‪6‬‬
‫معتبا ما نرفع طرفا ول نرده إل وقع علىنعمة ‪ ,‬وما ل نعلمه من نعم ال أكثر "‬
‫سبَ الّذِينَ ا ْجَترَحُوا السّيّئَاتِ أّن ّنجْ َعلَهُ ْم كَالّذِينَ آمَنُوا َوعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ َسوَاء ّمحْيَاهُم وَ َممَاُتهُمْ سَاء مَا‬
‫أصبح {أًمْ حَ ِ‬
‫(‪)8‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬قال ابن القيم ’ ‪ :‬هذه عادة السلف يردد أحدهم الية إل الصبح "‬ ‫َيحْ ُكمُو نَ} [(‪ )21‬سورة الاثية]‬
‫قال النووي ’ ‪ " :‬و قد بات جا عة من ال سلف يتلو الوا حد من هم ال ية الواحدة ليلة كاملة أو معظم ها يتدبر ها ع ند‬

‫‪ )(1‬تفسي البغوي ‪ ، 407-4‬شعب اليان للبيهقي ‪ ، 344-1‬أخلق حلة القرآن ‪19‬‬


‫‪ )(2‬سنن ابن ماجه ج ‪/1‬ص ‪ ، )1389(429‬قال ف مصباح الزجاجة إسناده صحيح ‪ ،‬سنن النسائي (الجتب)‬
‫‪ ، 177-1‬مسةتدرك الاكةم ‪ 241-1‬وصةححه ووافقةه الذهةب ‪ ،‬وحسةنه اللبانة فة سةنن النسةائي ‪ ،‬وحسةنه‬
‫الرناؤط ف متصر منهاج القاصدين‬
‫‪ )(3‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪)6037( 25‬‬
‫‪ )(4‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/7‬ص ‪203‬‬
‫‪ )(5‬الزهد لبن البارك ‪97‬‬
‫‪ )(6‬متصر قيام الليل للمروزي ‪151‬‬
‫‪ )(7‬متصر منهاج القاصدين ‪68 :‬‬
‫‪ )(8‬مفتاح دار السعادة ‪222-1‬‬
‫‪43‬‬ ‫المفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬وقال ا بن قدا مة ’‪ " :‬وليعلم أن ما يقرأه ل يس كلم ب شر وأن ي ستحضر عظ مة التكلم سبحانه ويتدبر‬ ‫القراءة "‬
‫( )‬
‫‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫كلمه فإن التدبر هو القصود من القراءة وإن ل يصل التدبر إل بترديد الية فليددها"‬

‫‪ )(1‬الذكار ‪50‬‬
‫‪ )(2‬متصر منهاج القاصدين‪68 :‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪44‬‬
‫المفتاح الثامن ‪ :‬ربط اللفاظ بالمعاني‬
‫المسألة الولى‪ :‬مفهوم هذا المفتاح‬
‫هو ‪ :‬ربط اللفظ بالعن ؛ أي ‪ :‬حفظ العان ‪ ،‬وهو أيضا‪ :‬ربط الية بالواقع ؛ أي‪ :‬تنيل الية على الواقف والحوال‬
‫اليومية الت تر بالشخص ‪ ،‬هو التمثل بالقرآن ف كل حدث يصل ف اليوم والليلة ‪ ،‬بيث يبقى القرآن حيّا ف القلب‬
‫تؤخذ منه الجابات والتفسيات للحياة ‪ ،‬وتؤخذ منه التوجيهات والنظمة ف كل صغية وكبية ‪ ،‬وهذا الربط يعرف‬
‫عند علماء النفس بالقتران الشرطي ‪ ،‬ويعرف بالوقت الاضر عند علماء البمة بالرساء ‪ ،‬وهو ما يعرف ف القرآن‬
‫سهُ ْم طَائِ فٌ مّ نَ الشّ ْيطَا نِ‬
‫وال سنة بالذكر أو التذكر ‪ ،‬وهو يعن تداعي العان ‪ ،‬ك ما قال تعال؛{ِإنّ الّذِي نَ اتّقَواْ ِإذَا مَ ّ‬
‫صرُونَ} [(‪ )201‬سورة العراف] ‪.‬‬
‫تَ َذ ّكرُواْ فَِإذَا هُم مّ ْب ِ‬
‫المسألة الثانية‪ :‬أنواعه‬
‫الر بط أو التدا عي نوعان ‪ :‬عفوي وق صدي ‪ ،‬فالعفوي إلامات وفتوحات يفتح ها ال تعال على من يشاء من عباده ‪،‬‬
‫وقصدي ‪ :‬وهو أن تقوم بالربط ث التكرار ح ت يرسخ ويث بت ‪ ،‬والتكرار الذي ي قق الربط نوعان ‪ :‬الول ‪ :‬التكرار‬
‫الن ‪ ،‬و الثان ‪ :‬التكرار السبوعي ‪ ،‬أما التكرار الن فسبق بيانه ف الفتاح السابع ‪ ،‬وأما التكرار السبوعي فسبق‬
‫بيانه ف الفتاح الامس ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬كيفية الربط‬
‫أن تكرر اللفظ مع استحضار معن جديد ف كل مرة ‪ ،‬حت تر على كل العان الت يكن أن تتذكرها من النص أو‬
‫الل فظ ‪ ،‬و قد سبق ذ كر كلم ال سن الب صري ’ ح ي قام الل يل كله يكرر قول ال تعال ‪ { :‬وإن تعدوا نع مة ال ل‬
‫تصوها} فلما قيل له ؟ قال ‪ :‬إن فيها معتبا ما نرفع طرفا ول نرده إل وقع علىنعمة‪.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬حسابات اللفاظ والكلمات‬


‫اللفاظ قوالب العان وحساباتا البنكية ‪ ،‬فكلمة عند شخص لا خسة معان ‪ ،‬وعند آخر سبعة معان ‪ ،‬وعند ثالث ‪:‬‬
‫صفر خالية ل تعن له شيئا ‪.‬‬
‫إن إدارك ووعي الناس ليات القرآن يتفاوت تفاوتا كبيا مع أن الية هي الية يقرؤها هذا ويقرؤها هذا وإن ما بينهما‬
‫ف عمق فهم الية أو الملة كما بي الشرقي ‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬
‫المفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬
‫الترتيل يعن الترسل والتمهل ‪ ،‬ومن ذلك مراعاة القاطع والبادئ وتام العن ‪ ،‬بيث يكون القارئ متفكرا فيما يقرأ ‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪ { :‬ورتل القرآن ترتيل } [‪ 4‬الزمل ] ‪ ،‬قال ابن كثي ‪ :‬أي اقرأه على تهل فإنه يكون عونا على فهم‬
‫( )‬
‫القرآن وتدبره ‪ ، 1‬وكذلك كان يقرأ صلوات ال و سلمه عل يه ‪ ،‬قالت عائ شة ر ضي ال عن ها ‪ " :‬كان يقرأ ال سورة‬
‫( )‬
‫وعن أنس رضي ال عنه أنه سئل عن قراءة رسول ال صلى ال عليه‬ ‫‪2‬‬
‫فيتلها حت تكون أطول من أطول منها "‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وعن أم سلمة رضي ال عنها أنا سئلت عن‬ ‫وسلم فقال ‪ :‬كانت مدا يد بسم ال ‪ ،‬ويد الرحن ‪ ،‬ويد الرحيم "‬
‫قراءة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقالت ‪ :‬كان يقطع قراءته آية آ ية { ب سم ال الرح ن الرح يم * ال مد ل رب‬
‫( )‬
‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫العالي * الرحن الرحيم * مالك يوم الدين }‬
‫( )‬
‫وقد أنكر ابن مسعود _ على‬ ‫‪5‬‬
‫قال السن البصري ’ ‪ :‬يا ابن آدم كيف يرق قلبك وإنا هتك آخر السورة "‬
‫نيك بن سنان ’ سرعته ف القراءة حي قال ‪ :‬قرأت الفصل البارحة فقال عبد ل _ ‪" :‬هذّا كهذّ الشعر ! إنا قد سعنا‬
‫( )‬
‫‪ ،‬وقال ا بن م سعود _ لعلق مة ’ ‪-‬و قد عَجِل ف القراءة ‪" :-‬‬ ‫‪6‬‬
‫القراءة وإ ن لح فظ ال ُقرَناء ال ت يقرأ ب ن ال نب §"‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ،‬قال ابن مفلح ’‪" :‬أقل الترتيل ترك العجلة ف القرآن عن البانة وأكمله‬ ‫فداك أب وأمي رتل فإنه َزيْ نُ القرآن "‬
‫( )‬
‫‪ ،‬و صفة قراءة القرآن ال ت نقلت إلي نا عن ال نب § و صحابته ‪ è‬تدل على أه ية‬ ‫‪8‬‬
‫أن ير تل القراءة ويتو قف في ها "‬
‫التر سل وتزي ي ال صوت بالقراءة ‪ ،‬ف من ين ظر إل أي كتاب ف التجو يد يدرك هذه القي قة بلء ووضوح ‪ ،‬ول ين قل‬
‫ذلك إل للقرآن ‪ ،‬فالحاديث ولطب والواعظ ل ينقل فيها شئ من ذلك ‪ ،‬وإنه لفرق كبي ف التمهل والتأن بي من‬
‫يطبق أحكام التجويد ومن ل يطبقها بل يهذ القراءة هذّا ‪.‬‬

‫‪ )(1‬تفسي ابن كثي ‪1453 :‬‬


‫‪ )(2‬صحيح مسلم ‪4/507‬‬
‫‪ )(3‬فتح الباري ‪8/709‬‬
‫‪ )(4‬مسند أحد ‪ ، 6/302‬سنن أب داود ‪ ، 4/294‬تفة الحوذي ‪8/241‬‬
‫‪ )(5‬متصر قيام الليل الروزي ‪150 :‬‬
‫‪ )(6‬صةحيح البخاري ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 742(269‬ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 4756(1924‬صةحيح مسةلم ج ‪/1‬ص‬
‫‪، ) 822( 564‬ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 822( 565‬صةحيح ابةن حبان ج ‪/5‬ص ‪ ، ) 1812(118‬سةنن‬
‫النسائي الكبى ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 1077(344‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪، ) 2291(60‬مسند أحد بن‬
‫حنبل ج ‪/1‬ص ‪) 3958( 417‬‬
‫‪ )(7‬سنن البيه قي ال كبى ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 2259( 54‬سنن سعيد بن من صور (‪ )2‬ج ‪/1‬ص ‪، ) 54(225‬‬
‫مصنف ابن أب شيبة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 8724(255‬ج ‪/6‬ص ‪) 30152(140‬‬
‫‪ )(8‬الداب الشرعية ‪2/297‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪46‬‬
‫عن حذيفة _ قال ‪ " :‬صليت مع النب § ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ‪ ،‬ث النساء فقرأها ‪ ،‬ث آل عمران فقرأها ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يقرأ مترسل ‪ ،‬إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل ‪ ،‬وإذا مر بتعوذ تعوذ "‬
‫وإذا تعارض مقدار القراءة مع صفتها قدمت الصفة ‪ ،‬سئل زيد بن ثابت _ ‪ :‬كيف ترى ف قراءة القرآن ف سبع ؟‬
‫قال ‪ :‬حسن ‪ ،‬ولن أقرأه ف نصف شهر أو ع شر أحب إل ‪ ،‬و سلن ل ذلك ؟ قال‪ :‬فإن أسألك ‪ ،‬قال ‪ :‬لكي أتدبره‬
‫( )‬
‫‪ ،‬قال ابن حجر ’ ‪" :‬إن من رتل وتأمل كمن تصدق بوهرة واحدة ثينة ‪ ،‬ومن أسرع كمن‬ ‫‪2‬‬
‫وأقف عليه " اهـ‬
‫تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة ‪ ،‬وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الخريات وقد يكون العكس"‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ،‬وال صحيح‪ :‬أن من أ سرع ف قد اقت صر على مق صد وا حد من مقا صد قراءة القرآن و هو ‪ :‬ثواب القراءة ‪،‬‬ ‫اه ـ‬
‫ومن رتل وتأمل فقد حقق القاصد كلها وكمل انتفاعه بالقرآن ‪ ،‬واتبع هدي النب §وصحابته الكرام ‪. è‬‬

‫‪ )(1‬صحيح مسلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 772( 536‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/3‬ص ‪)1664( 225‬‬
‫‪ )(2‬الوطأ ‪201-1‬‬
‫‪ )(3‬فتح الباري ‪ 89-3‬وذكر نوه السيوطي ف التقان ‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫المفتاح العاشر ‪ :‬الجهر بالقراءة‬
‫المفتاح العاشر ‪ :‬الجهر والتغني بالقراءة‬
‫( )‬
‫عن أب هريرة _ قال §‪ " :‬ليس منا من ل يتغن بالقرآن يهر به " ‪ ، 1‬وعنه أيضا _ أنه سع النب § يقول‪ ":‬ما أذن‬
‫( )‬
‫ال لشئ ما أذن لنب حسن الصوت يهر بالقرآن " ‪ ، 2‬وعن أب موسى _ قال ‪ :‬قال النب § ‪" :‬إن لعرف أصوات‬
‫رف قة الشعري ي بالقرآن ح ي يدخلون بالل يل ‪ ،‬وأعرف منازل م من أ صواتم بالقرآن بالل يل ؛ وإن ك نت ل أر منازل م‬
‫( )‬ ‫( )‬
‫حي نزلوا بالنهار " ‪ ، 3‬وعن أم هانئ ~ قالت ‪" :‬كنت أسع قراءة النب § وأنا على عريشي" ‪ ، 4‬وعن أب قتادة _‬
‫أن النب § خرج ليلة فإذا بأب بكر _ يصلي يفض صوته ‪ ،‬و َمرّ على عمر بن الطاب _ وهو يصلي رافعا صوته ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬فل ما اجتم عا ع ند ال نب § قال‪ :‬يا أ با ب كر مررت بك وأ نت ت صلي ت فض من صوتك ؟ قال ‪ :‬قد أ سعت من‬
‫نا َجيْتُ يارسول ال ‪ ،‬وقال لعمر ‪ :‬مررت بك وأنت تصلي ترفع صوتك ؟ فقال ‪ :‬يا رسول ال أوقظ الوسنان ‪ ،‬وأطرد‬
‫( )‬
‫الشيطان ‪ ،‬فقال النب §‪ :‬يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا ‪ ،‬وقال لعمر‪ :‬اخفض من صوتك شيئا " ‪ 5‬وسئل ابن عباس‬
‫( )‬
‫‪ ù‬عن جهر النب § بالقراءة بالليل فقال ‪":‬كان يقرأ ف حجرته قراءة لو أراد حافظ أن يفظها فعل " ‪ ، 6‬وقال ابن‬
‫( )‬
‫عباس ‪ - ù‬لرجل ذكر له أنه سريع القراءة ‪ ": -‬إن كنت فاعل فاقرأ قراءة تسمعها أذنك ‪ ،‬ويعيها قلبك "اهـ ‪، 7‬‬
‫( )‬
‫وعن ابن أب ليلى ’ قال‪ ":‬إذا قرأت فاسع أذنيك فإن القلب عدل بي اللسان والذن" ‪. 8‬‬

‫‪ )(1‬صةةحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7089(2737‬السةةتدرك على الصةةحيحي ج ‪/1‬ص ‪(758‬‬


‫‪ ، ) 2091‬صةحيح ابةن حبان ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 120( 326‬سةنن البيهقةي الصةغرى ج ‪/1‬ص ‪( 558‬‬
‫‪ ، ) 1024‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1469( 74‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪. ) 2257(54‬‬
‫‪ )(2‬صحيح البخاري ج ‪/6‬ص ‪ ، ) 7105( 2743‬صحيح م سلم ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 792( 545‬سنن أ ب‬
‫داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1473( 75‬سنن النسائي (الجتب) ج ‪/2‬ص ‪. ) 1017( 180‬‬
‫‪ )(3‬صحيح البخاري ج ‪/4‬ص ‪ ، ) 3991(1547‬صحيح م سلم ج ‪/4‬ص ‪ ، )2499(1944‬م سند‬
‫أب عوانة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 3829( 459‬مسند أب يعلى ج ‪/13‬ص ‪. ) 7318(305‬‬
‫‪ )(4‬سةنن النسةائي (الجتةب) ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1013(178‬سةنن ابةن ماجةه ج ‪/1‬ص ‪، ) 1349(429‬‬
‫م صنف ا بن أ ب شي بة ج ‪/1‬ص ‪ ، ) 3672( 321‬م سند أحدة بن حن بل ج ‪/6‬ص ‪، )26939(341‬‬
‫وحسنه اللبان ف صحيح سنن النسائي‬
‫‪ )(5‬سنن أب داود ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1329(37‬سنن الترمذي ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 447( 309‬صحيح ابن خزية ج‬
‫‪/2‬ص ‪ ، ) 1161( 189‬مصنف عبد الرزاق ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 4210( 496‬مسند أحد بن حنبل ج ‪/1‬ص‬
‫ةحيح ابةن خزيةة ج ‪/2‬ص ‪ ، ) 1161( 189‬صةحيح ابةن حبان ج ‪/3‬ص ‪(6‬‬
‫‪ ، ) 865(109‬صة‬
‫‪ ، ) 733‬و صححه النووي ف الجموع ‪ ، 391-3‬والا كم وواف قه الذ هب واللبا ن ف صفة صلة ال نب §ص‬
‫‪. 109‬‬
‫‪ )(6‬متصر قيام الليل للمروزي ‪.133 :‬‬
‫‪ )(7‬سنن البيهقي الكبى ج ‪/2‬ص ‪, ) 2759(168‬فتح الباري ‪. 89-9 :‬‬
‫‪ )(8‬مصنف ابن أب شيبة ج ‪/1‬ص ‪. )3670( 321‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪48‬‬
‫إن ال هر ب ا يدور ف القلب أعون على الترك يز والنتباه ولذلك ت د الن سان يل جأ إل يه ق سرا عند ما تتع قد المور‬
‫ويصعب التفكي‪.‬‬
‫البعض عند قراءته للقرآن يسر بقراءته طلبا للسرعة وقراءة أكب قدر مكن وهذا خطأ ومن الواضح غياب قصد التدبر‬
‫ف مثل هذه الالة‪.‬‬
‫إن الهر درجات أدناها أن يسمع الرء نفسه وتريك أدوات النطق من لسان وشفتي ‪ ،‬وأعلها أن يسمع من قرب‬
‫منه ‪ ،‬فما دونه ليس بهر وما فوقه يعيق التدبر ويرهق القارئ ويؤذي السامع ‪.‬‬
‫و من فوائد ال هر ا ستماع اللئ كة الوكلة ب سماع الذ كر لقراءة القارئ ‪ ،‬وهرب وفرار الشياط ي عن القارئ والكان‬
‫الذي يقرأ فيه ‪ ،‬وف ذلك تطهي للبيت وتعطي له وجعله بيئة صالة للتربية والتعليم ‪.‬‬
‫إن بيتا يكثر فيه الهر بالقرآن هو بيت ‪ -‬كما قال أبو هريرة _ ‪ -‬كثر خيه وحضرته اللئكة وخرجت منه الشياطي‬
‫( )‬
‫‪1‬‬
‫والبيت الذي ل يتلى فيه كتاب ال ضاق بأهله وقل خيه وحضرته الشياطي وخرجت منه اللئكة"‬

‫‪ )(1‬الزهد لبن البارك ج ‪/1‬ص ‪. ) 790( 273‬‬


‫‪49‬‬ ‫خاتمة البحث‬
‫خاتمة البحث‬
‫أخي السلم بفعلك لا سبق ذكره من مفاتح التدبر تكون كمن استعمل منظارا لتقريب وتكبي الصور ‪ ،‬وهذا ما يصل‬
‫تاما لقارئ القرآن بذه الكيفية فإنه تكب ف نظره العان ‪ ،‬وتزداد عمقا ‪ ،‬ويغزر فهمه لضامينها حت إنه لينتبه إل معان‬
‫ل ي كن يدرك ها من ق بل ‪ ،‬وألفاظ كان ي ر ب ا دون أن يش عر ‪ ،‬ح ت إ نه ليقول ‪ :‬سبحان ال ! ل قد ك نت أقرأ هذه‬
‫السورة ‪ ،‬أو الية منذ سنوات ؛ لكن ل أفهمها كما فهمتها اليوم ؟‬
‫إن البعض منا يريد أن يتدبر القرآن ‪ ،‬ويتأثر به ‪ ،‬وهو ل يهيئ السباب والوسائل الساعدة على فه مه وفقهه ‪ ،‬حت‬
‫أدن درجات التركيز والدوء ل يوجدها حي قراءته للقرآن ‪ ،‬لاذا ؟ لنه قصر هته على نطق اللفاظ ‪ ،‬وما يصل من‬
‫حسنات مقابل ذلك ‪.‬‬
‫إن من يواظب على قراءة القرآن كما ت بيانه ووصفه من حال السلف فإن هذا سيؤدي إل حياة قلبه ‪ ،‬وقوة ذاكرته ‪،‬‬
‫وصحة نفسه ‪ ،‬وعلو هته ‪ ،‬وقوة إرادته ‪ ،‬وهذه هي مرتكزات النجاح القيقية ‪ ،‬ذلكم النجاح الشامل التكامل الثابت‬
‫ف حال الشدة كما هو حاصل ف حال الرخاء‪.‬‬
‫إن من يط بق هذه الفات يح العشرة ف سيى بأم قل به نور القرآن ‪ ،‬وي صبح من أولياء ال الذ ين ل خوف علي هم ول هم‬
‫يزنون ‪ ،‬الذ ين مدح هم بقوله سبحانه ‪ { :‬إذا تتلى علي هم آيات الرح ن خروا سجدا وبك يا }[(‪ )58‬سورة مر ي] ‪،‬‬
‫نسأل ال الكري بنه وفضله أن يعلنا منهم ‪ ،‬وال الوفق والادي إل الصراط الستقيم ‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على‬
‫نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪50‬‬
‫ملحق (‪ : )1‬رحلتي مع الكتاب‬
‫بدأت رحلت مع هذا الكتاب منذ أن عقلت وأدركت أن الياة ماهدة ‪ ،‬ومصابرة ‪ ،‬وصراع بي الق والباطل ‪ ،‬والي‬
‫والشر ‪ ،‬وأن الثبات على الق وتصيل الي ل بد له من جهد ‪ ،‬ومن عمل ‪.‬‬
‫كانت البداية مع كتاب الواب الكاف أقرؤه كلما أحسست بضعف السيطرة على النفس ‪ ،‬وضعف الرادة والوقوع‬
‫ف النقائص ‪ ،‬فكنت أجد فيه العلج وانتفع به حينا من الدهر ‪ ،‬ث انتقلت إل كتب الثقفي والفكرين العاصرين أمثال‬
‫‪ :‬قوارب النجاة ‪ ،‬وحديث الش يخ ‪ ،‬وتربيتنا الروح ية ‪ ،‬وجدد حياتك ‪ ،‬وغيها من ك تب جعلتها قري بة من أقرؤها‬
‫لخذ منها الزاد الروحي ‪ -‬على حد تعبي أولئك الكتّاب ‪.‬‬
‫ث جاءت فترة تعلقت بكتاب إحياء علوم الدين للغزال ومتصر منهاج القاصدين لبن قدامه ‪.‬‬
‫وف الرحلة الامعية كان التوجه نو كتب الغرب والت بدأت تغزو السواق ‪ ،‬من ذلك ‪ :‬كيف تكسب الصدقاء ‪،‬‬
‫دع القلق وابدأ الياة ‪ ،‬سيطر على نف سك ‪ ،‬سلطان الرادة وغي ها ‪ ،‬فك نت أر جع إلي ها كل ما ح صلت مشكلة أو‬
‫احتجت لعلج مسألة ‪ ،‬وكنت قرأتا أكثر من مرة ولصت ما فيها على شكل قواعد وأصول ‪ ،‬وف حينها كان يتردد‬
‫على خاطري سؤال مي ‪ :‬كيف يكون العلج والتغيي ف مثل هذه الكتب ول يكون ف القرآن ؟‬
‫ث تلتها مرحلة أخرى تعلقت بكتاب مدارج السالكي وخاصة بعدما طبع تذيبه ف ملد واحد فكان رفيقي ف السفر‬
‫والضر أقرأ فيه بدف تقوية العزية وماهدة النفس ‪.‬‬
‫ث جاءت مرحلة ل ي ض علي ها سوى سنوات ات هت إل ك تب وأشر طة القوة وتطو ير الذات وال ت بدأت تتنا فس ف‬
‫جذب الناس ‪ ،‬فاشتغلت ف الكثي منها طلبا للتطوير والترقية ‪ ،‬من ذلك ‪ :‬كتاب العادات السبع ‪ ،‬أيقظ قواك الفية ‪،‬‬
‫إدارة الولويات ‪ ،‬القراءة السريعة ‪ ،‬كيف تضاعف ذكائك ‪ ،‬الفاتيح العشرة للنجاح ‪ ،‬البمة اللغوية العصبية ‪ ،‬كيف‬
‫تقوي ذاكر تك ‪ ..‬كن مطمئ نا ‪ ،‬ال سعادة ف ثل ثة شهور ‪ ،‬ك يف ت صبح متفائل ‪ ،‬أي قظ العملق ‪ ....‬ال من قائ مة ل‬
‫تنت هي ‪ ،‬ك نت أقرؤ ها ‪ ،‬أو أ سعها ب كل د قة وأناة باح ثا في ها ع ما ع ساه يغ ي من الوا قع شيئا ‪ ،‬وي صل به النطلق‬
‫والتخلص من نقاط الضعف ‪ ،‬ولكن دون جدوى ‪ ،‬وأحد ال تعال أنا كانت دون جدوى ‪ ،‬وأن نوت من الفتنة بذه‬
‫الصادر البشرية للنجاح ‪ ،‬فكيف سيكون حال لو كنت حصلت على النجاح من تلك الكتب ونسيت كتاب رب إل‬
‫أن فارقت الياة ؟‬
‫إن السؤال الحي ‪ ،‬والذي يدعو للعجب والستغراب ‪ :‬هل كان مثل هذا التخبط حصل من شخص يعيش ف ماهل‬
‫أفريقيا ؟ أو أدغال آسيا ول يبلغه القرآن ؟ أو أنه حصل من شخص يفظ القرآن وهو ف الرحلة التوسطة ومع هذا ل‬
‫ينتفع به لنه نسي هذه الفاتيح ‪.‬‬
‫هذا هو السؤال الحي الذي كنت أبث عن إجابته ؟ فوجدتا والمد ل وضمنتها هذا الكتاب ‪ ،‬فإياك ‪ -‬أخي السلم‬
‫‪ -‬أن تر حل من هذه الدن يا ول تذق ألذ وأط يب ما في ها إ نه القرآن كلم ال ‪ ،‬الذي ل يش به التن عم به أي نع يم على‬
‫الطلق ‪ ،‬وهو حاصل بإذن ال تعال لن أخذ بذه الفاتيح الت هدي إليها سلفنا الصال ‪ ،‬ففتحت لم كنوز القرآن ‪،‬‬
‫وبا فتحت لم كنوز الرض وخياتا فكانوا خي أمة أخرجت للناس ‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫ملحقات البحث‬
‫ملحق (‪ : )2‬أفضل هدية يقدمها والد إلى ولده‬
‫إن أعظم هدية يقدمها والد إل ولده ‪ ،‬وأعظم إحسان يسديه إليه ؛ أن يربيه على مفاتح تدبر القرآن ‪ -‬الت ذكرتا عن‬
‫السلف ‪ -‬منذ الصغر حت يتسلح بالقرآن ف هذه العصر الذي كثرت فيه الفت ‪ ،‬وانتشر فيه القلق واللل ‪ ،‬وزادت المراض‬
‫النفسية ‪ ،‬وضعفت النفوس عن تمل الصائب ‪ ،‬وصار الناس يبحثون عن التسلية والترويح عن النفس بوسائل شت ‪ ،‬حت‬
‫أرهقتهم بدنيا وماليا ووصلوا معها إل طريق مسدود وصدق عليهم قول الشاعر‪:‬‬
‫وأخرى تداويت منها با‬ ‫وكأس شربت على لذة‬
‫إن من ينشأ على القيام بالقرآن ‪ ،‬يقرؤه كما وصفت ‪ ،‬فإنه ينشأ قوي النفس ‪ ،‬قــــوي البدن ‪ ،‬ثابت الطى ‪،‬‬
‫ي شق طري قه ف الياة بل ماوف ‪ ،‬ول مشا كل بإذن ال تعال ‪،‬ل نه ي د التف سي الوا ضح الثا بت ل كل الوا قف ال ت ي ر ب ا ‪،‬‬
‫ولكل الناهج والطروحات الت تتنافس ف إثبات وجودها ‪ ،‬وما زلت أسع وأرى صورا ومآسي ل نرافات فكرية وخلقية‬
‫ت صل من أبناء ال سلمي ‪ ،‬وماذاك إل ب سبب التفر يط ف الر بط بالقرآن ح بل ال الت ي ‪ ،‬الذي ما ضل من ت سك به ‪،‬‬
‫والتمسك به ل يكون أبدا إل با سبق بيانه من وسائل ومفاتيح ‪.‬‬
‫إن هذا أسهل وأخصر الطرق ف تربية الولد لن وفق إليه وقدر عليه ‪ ،‬أما من حرمه فإنه سيظل حبيس تارب وطرق‬
‫وأفكار ل أول لاـ ول آخـر ‪ ،‬تارب ووسـائل متباينـة ومكلفـة وصـعبة التطـبيق ‪ ،‬وضعيفـة النتائج ‪ ،‬وهشـة البناء ل تصـمد‬
‫للمواقف الصعبة واللحظات الرجة ‪.‬‬
‫تذكر أنك حي ترب ابنك منذ الصغر على القرآن بالطريقة الت وصفتها فإنك تثبت ف قلبه رقيبا يصحبه أينما ذهب‬
‫وف كل وقت وحينها ل تتاج أبدا إل مراقبته ومتابعته لن رقيبه مثبت ف صدره وبقوة ؛ فتنام بذلك قرير العي وتن ثرة‬
‫ما زرعته ف قلبه ف سنوات حياته الول ‪.‬‬
‫ملحق (‪ : )3‬القرآن والصيام‬
‫عن عبد ال بن عمرو ‪ ù‬أن رسول ال § قال ‪" :‬الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام ‪ :‬أي رب ‪،‬‬
‫( )‬
‫منعته الطعام والشهوات بالنهــار فشفعن فيه ‪ ،‬ويقول القرآن ‪ :‬منعته النوم بالليل فشعن فيه قال فيشفعان " ‪. 1‬‬
‫إن بي القرآن والصيام علقة متينة ‪ ،‬فمن أعظم وأهم الكم من مشروعية صيام نار رمضان تيئة القلب لتدبر القرآن‬
‫ح ي القيام به ف الل يل ‪ ،‬والشا هد أن كثيا من الناس يُفوّتون على أنف سهم هذه ال صلحة العظي مة حين ما ي سرفون ف الطعام‬
‫والشراب وقت الفطار والعشاء ‪.‬‬
‫ل قد أث بت ال طب الد يث ‪ ،‬وال طب البد يل أه ية ال صيام ل صفاء القلب وقيا مه بوظائ فه الاد ية والعنو ية ‪ ،‬ول أر يد‬
‫التفصيل ف هذه القضية فالقام ل يسمح لكن أرشد إل بعض الراجع(‪ )2‬وإن كنت على يقي من حكمة تشريع الصيام بدون‬
‫عناء الرجوع إل تلك الكتب وصرف الوقت والهد ف قراءتا يكفينا ف هذا قول ال تعال ‪ { :‬وأن تصوموا خي لكم إن‬

‫‪ )(1‬م سند أح د بن حن بل ج ‪/2‬ص ‪ ، )6626( 174‬و صححه أح د شا كر‪ ،‬م ستدرك الا كم ‪470-1 :‬‬
‫وقال صحيح على شرط م سلم ‪،‬م صنف ا بن أ ب شي بة ج ‪/6‬ص ‪ ،) 30044(129‬صحيح الترغ يب والتره يب‬
‫لللبان ‪.)969( 483-1:‬‬
‫‪ )(2‬من ذلك ‪ :‬كتاب رييم الصوم نشر ‪ :‬دار طويق ‪ ،‬الصوم والصحة ‪ ،‬نيب الكيلن ‪ ،‬صوموا تصحوا – دراسة علمية‬
‫لفوائد الصوم ‪ :‬الشيخ سعيد الحري – دار العارف ‪ ،‬عال نفسك بالصيام ‪ :‬ميي الدين عبد الميد ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪52‬‬
‫كنتم تعلمون } [ (‪ )184‬سورة البقرة ] ‪ ،‬إنا رسالة من رب العالي تمل الكثي والكثي من الشارات والرشادات ‪ ،‬إن‬
‫ال تعال يقرر لنا هذه القاعدة العظيمة ‪ :‬أن الصيام خي لنا ‪ ،‬وإن من بعض خيه ما ت إثباته بالتجارب الخبية ومن تارب‬
‫العلماء الذ ين يؤكدون على أه ية هذه العل قة ب ي ال صيام وب ي التفك ي والف هم والتدبر ‪ ،‬إن شوا هد صحتها وأقوال أ هل‬
‫التجر بة وأحوال م من علماء ال سلمي وغ ي ال سلمي ل يت سع له كتاب و ما ل ين قل عن هم من أقوال وأحوال أك ثر وأك ثر ‪،‬‬
‫فالقليل منهم عَبّر عن حاله ‪ ،‬وذكر ما وجد ‪ ،‬وغيهم كثي وجد ول يذكر‪.‬‬
‫فإن أردت حقـا تدبر القرآن ‪ ،‬والتأثـر بـه ‪ ،‬فعليـك بذا الفتاح العجيـب ‪ ،‬وخاصـة فـ رمضان إنـه الصـيام ‪ ،‬الصـيام‬
‫ث الِقْدَام بن مَعْدِي ك ِربَ قا َل ‪َ :‬سمِ ْعتُ َرسُو َل الِ صلى ال عليه‬
‫الصحيح الذي يرص فيه الصائم على تطبيق ما جاء ف حدي ِ‬
‫صلَْبهُ ‪ ،‬فإِ نْ كان ل َمحََالَ َة ‪َ ،‬فُثلُ ثٌ ِلطَعامِ هِ‬
‫ب ابْ نِ آدَ َم لُقَيما تٌ ي ِقمْ نَ ُ‬
‫وسلم يقُو ُل ‪ « :‬ماملَ ابْ نُ آدَ مَ وِعاءً َشرّا مِ نْ َبطْ نٍ ‪ِ،‬بحَ سْ ِ‬
‫سهِ » رواه المام أحد والترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذي ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬
‫ث لِشَرابِهِ ِوَثلُثٌ ِلنَفَ ِ‬
‫َوُثلُ ٌ‬
‫وهذا الديث أصل جامع لصول الطب كلها ‪ ،‬وقد روى أن ابن أب ماسويه الطبيب ‪ -‬لا قرأ هذا الديث ف كتاب‬
‫أبـ خيثمـة ’ ‪ -‬قال ‪ " :‬لو اسـتعمل الناس هذه الكلمات لسـلموا مـن المراض والسـقام ولتعطلت الارشايات ودكاكيـ‬
‫الصيادلة"‪.‬‬
‫ليس معن الصوم أن تسك عن الطعام والشراب مدة ث تلتهم أضعاف ما أمسكت عنه ؛ هذا بكل تأكيد ليس صوما‬
‫ناف عا ‪ ،‬إن ال صوم الذي ين فع صاحبه هو ما يقترن م عه عدم الش بع حال الفطار ‪ ،‬إن ب عض الشباب يقول قد صمت ف ما‬
‫وجدت الوجاء الذي أخب به النب صلى ال عليه وسلم ‪ .‬نقول ‪ :‬نعم إن كنت ف وقت فطرك تتقاضى من وقت صومك وترد‬
‫ال صاع صاعي فهذا ل يس ب صوم على القي قة بل هو إرهاق للبدن وتعذ يب له ‪ ،‬لن الدف من ال صوم حا ية ال سد عا مة‬
‫والقلب خاصة من سوم الطعمة والشربة ‪ ،‬وهذا معن قول النب صلى ال عليه وسلم " فإنه له وجاء " ؛ ذلك أن القلب‬
‫إذا استراح من سوم الطعمه صفا ورق ‪.‬‬
‫قال الروزي ’ ‪ :‬قلت ل ب عبدال ‪ -‬يع ن المام أح د ’‪ " : -‬ي د الر جل من قل به ر قة و هو ش بع قال ‪ :‬ما أرى" ‪،‬‬
‫وعن نافع ’ عن ابن عمر ‪ ù‬قال ‪ " :‬ماشبعت منذ أسلمت "‪ ،‬وعن ممد بن واسع ’ قال ‪ " :‬من قل ُط ْعمُه فهم وأفهم وصفا‬
‫ورق ‪ ،‬وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثي ما يريد " ‪ ،‬وعن أب سليمان الداران ’ قال ‪" :‬إذا أردت حاجة من حوائج‬
‫الدنيا والخرة فل تأكل حت تقضيها ‪ ،‬فإن الكل يغي العقل " ‪ ،‬وعن قثم العابد ’ قال ‪" :‬كان يقال‪ :‬ما قل طعم امريء قط‬
‫إل رق قلبه ونديت عيناه " ‪ ،‬وعن أب عمران الون ’ قال ‪":‬كان يقال من أحب أن ينور قلبه فليقل طعمه " ‪ ،‬وعن عثمان‬
‫بن زائدة ’ قال‪ ":‬كتب إلّ سفيان الثوري ’ ‪ :‬إن أردت أن يَ صِحّ جسمك ويَقِ ّل نومك فأقلل من الكل " ‪ ،‬وعن إبراهيم بن‬
‫أدهم ’ قال ‪" :‬من ضبط بطنه ضبط دينه ‪ ،‬ومن ملك جوعه ملك الخلق الصالة" ‪ ،‬وقال السن بن ييىالشن ’ ‪ :‬من‬
‫أراد أن يغزر دموعه ويرق قلبه فليأكل وليشرب ف نصف بطنه ‪ ،‬وقال أحد بن أب الواري ’‪ :‬فحدثت بذا أبا سليمان فقال‬
‫‪ :‬إنا جاء الديث " ثلث طعام وثلث شراب " ‪ ،‬وأرى هؤلء قد حاسبوا أنفسهم فربوا سدسا ‪ ،‬وعن الشاف عي ’ قال ‪ :‬ما‬
‫شبعت منذ ستة عشر سنة إل شبعة أطرحها ‪ ،‬لن الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة ويلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة ‪،‬‬
‫وقالت عائشة ~ ‪ " :‬أول بدعة حدثت بعد رسول ال § ‪ :‬الشبع ‪ ،‬إن القوم لا شبعت بطونم جحت با نفوسهم إل الدنيا ‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫ملحقات البحث‬
‫رسالة إلى كل معلم ومعلمة في العالم‬
‫أخي الُعلّم أخت الُعلّمة ‪ :‬يا من يسر ال لكَِ قلوب الناشئة ‪ ،‬تسمع لك وتطيع ‪ ،‬وتُقِدّس كلمك ‪ ،‬وترى فيك القدوة‬
‫ال سنة ‪ ،‬وال ثل الذي يتذى ‪ ،‬إل يك أوجه هذه الر سالة ‪ :‬وهي أن ت سعى جاهدا ف تو صيل ما تضمنه هذا الكتاب من أمور‬
‫علم ية وعمل ية بأ سلوبك وطريق تك الا صة ‪ ،‬ب يث يتر سّخ لدى الناشئة علما وعملً أن ناح هم و سعادتم وقوت م ب ــذا‬
‫القرآن العظيم ‪ ،‬وَجّههم إل كيفية القيام بالقرآن ‪ ،‬وعلّمهم أنه الطريق لتثبيت معانيه العظيمه ف القـلوب ‪ ،‬علّمهم كيف‬
‫ح ل م بتف صيل وا ستمرار أن‬
‫يدعون ال تعال أن يرزق هم حب القرآن ‪ ،‬وأن يف تح ل م كنوزه ‪ ،‬وأن يض يئ ل م أنواره ‪ ،‬وضّ ْ‬
‫الياة بدون القرآن العظيم شقاء وضلل وضياع ‪ ،‬وأن ال تعال أنزل هذا القرآن العظيم رحة وهدى للعالي ‪.‬‬
‫احتوى الكتاب على عدد من اليات ‪ ،‬والحاد يث ‪ ،‬وأقوال ال سلف ‪ ،‬م ا يبي كيف ية التعا مل مع القرآن العظ يم ‪،‬‬
‫سرْها واشرحها لم ‪ ،‬واجعلهم يفظون منها مايستطيعون ليكون حافزا لم للعمل با ‪.‬‬
‫والنتفاع به ‪َ ،‬ف ّ‬
‫تفقدهم بي الي والخر ‪ ،‬وراقب تفاعلهم مع ما تعلمهم إياه ف هذا المر الهم ف حياتم ‪ ،‬إنم بذلك يكونون حسنة‬
‫من حسناتك ‪ ،‬وغرسا من غراسك ‪ ،‬تسعد وتسر حي تراهم سعداء ‪ ،‬تراهم نافعي مؤثرين ف أمتهم ‪.‬‬
‫أرجو منك الحتساب ف توصيل مادة الكتاب ‪ ،‬لن تت يدك من فلذات أكبادنا ‪ ،‬الذين يؤلنا واقعهم الأسوي ‪ ،‬وما‬
‫يعانيه الكثي منهم من قلق ‪ ،‬وضياع فكري وخلقي ‪ ،‬ف زمن كثر فيه قطاع الطريق وتنوعت أطماع الطامعي ووسائلهم ‪،‬‬
‫وتبط الكثيون ف البحث عن القوة والتطوير وتقيق النجاح ف الياة ‪ ،‬وهو ف أيديهم ‪ ،‬ف هذا القرآن العظيم ‪.‬‬
‫إن الكتاب ير سم الطر يق الخت صر وال من والقوي للترب ية وال صلح ‪ ،‬ول كن ال مر يتاج إل توض يح وبيان ل ن ل‬
‫يستطع ذلك ‪.‬‬
‫أسأل ال الكري بنه وفضله أن يعلك مفتاحا من مفاتيح القوة والنجاح للمة ‪ ،‬وأن يقق على يديك النصر للسلم‬
‫والسلمي ‪.‬‬
‫مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة‬ ‫‪54‬‬
‫المحتويات‬

‫‪...........................................................................................................................................6‬مقدمة‬

‫‪ .......................................................................10‬دعوة للتواصل عب موقع ‪ :‬القرآن والياة‬

‫‪.........................................................................................11‬تهيد ‪ :‬ف معن التدبر وعلماته‬

‫‪...................................................................................................14‬الفتاح الول‪ :‬حب القرآن‬

‫‪...................................................................................17‬الفتاح الثان ‪ :‬أهداف قراءة القرآن‬

‫‪...............................................................................................31‬الفتاح الثالث‪ :‬القيام بالقرآن‬

‫‪.............................................................................33‬الفتاح الرابع ‪ :‬أن تكون القراءة ف ليل‬

‫‪ ................................................................35‬الفتاح الامس ‪ :‬التكرار السبوعي للقرآن‬

‫‪.......................................................................38‬الفتاح السادس ‪ :‬أن تكون القراءة حفظا‬

‫‪.............................................................................................42‬الفتاح السابع ‪ :‬تكرار اليات‬

‫‪..................................................................................44‬الفتاح الثامن ‪ :‬ربط اللفاظ بالعان‬

‫‪..........................................................................................................45‬الفتاح التاسع ‪ :‬الترتيل‬

‫‪.............................................................................47‬الفتاح العاشر ‪ :‬الهر والتغن بالقراءة‬

‫‪ ...........................................................................................................................49‬خاتة البحث‬

‫‪...........................................................................................50‬ملحق (‪ : )1‬رحلت مع الكتاب‬


‫‪55‬‬ ‫المحتويات‬
‫‪...............................................................51‬ملحق (‪ : )2‬أفضل هدية يقدمها والد إل ولده‬

‫‪.................................................................................................51‬ملحق (‪ : )3‬القرآن والصيام‬

‫‪..................................................................................................................................54‬الحتويات‬

You might also like