Professional Documents
Culture Documents
الغزو الفكري قديماً وحديثا لسماحة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان
الغزو الفكري قديماً وحديثا لسماحة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان
1
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق
من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) وكان من بين أولئك الذين
استمسكوا بالفكر الصحيح الحنيفيون الذين حرصوا على اتباع
الحنيفية ،وحرصوا على عقيدة التوحيد والبعد عن الضلل وسائر
النسانية كانت تتسكع في الظلمات ،وتهيم في أودية الضلل ،ل
تفرق بين حقيقة بين خيال ،ول بين حق وباطل ،لنها لم تكن
على بينة من أمرها ،ولم تكن على بصيرة من ربها فلذلك ضل
فكرها ذلك الضلل البعيد ،وقد حرص النبي صلى الله عليه
وسلم على تنظيف الفكر من كل ما علق به من الوهام
والضللت والخيالت التي سلكت بالناس مسالك متعددة في
النحراف عن طريق الحق.
وقد ترك النبي صلوات الله وسلمه عليه الناس على
المحجة البيضاء الناصعة ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك ،ولكن
هل بقي هذا الفكر على نصاعته ووضوحه وظهوره للناس؟! ،أو
أن هذا الفكر أصيب بكثير من اللوثات التي انحرفت به ذات
اليمين وذات الشمال.
من المعلوم أن اليهود منذ أن بعث الله تعالى نبيه صلوات
الله وسلمه عليه ظلوا يخططون من أجل النحراف بفكر هذه
المة عن المنهج السوي ،فلذلك دخل في أدمغة هذه المة الكثير
من الفكار التي خطط لها اليهود بطريقة أو بأخرى ،وقد صدّق
الناس كثيرا ً أولئك الذين تظاهروا بالسلم من أهل الكتاب وتلقوا
عنهم ،ووجدت رواية تنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم هي
أبعد ما تكون عن الحقيقة أنه قال( :حدثوا عن بني إسرائيل ول
حرج) ،فلذلك دخلت الفكار المنحرفة في صميم عقيدة هذه
المة وكان ذلك سببا ً لزيغ هذا الفكر عن المنهج السوي.
ومن المعلوم أن من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه
المة أن حفظ لها كتابها من التحريف والتبديل ،وتلك إحدى
معجزات القرآن الكريم ،فإن كل من أراد أن يتطاول على
القرآن بتحريف أو تبديل رد الله تبارك وتعالى كيده في نحره
ولم يستطع أن يتوصل إلى مرامه ،وظل الكتاب محفوظا ً كما
يقول الحق تبارك وتعالى( :إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون) ،ولكن مع هذا كله دخلت مرويات ألحقت بالسنة
النبوية فيها الكثير من النحراف عن منهج الحق ،وقد حرص
العلماء على تنقية هذه المرويات من الشوائب ،ولكن مما
يؤسف له أن أولئك الذين اهتموا بهذا الجانب إنما عنوا بالنظر
في السانيد ،ولم يعنوا بالنظر في المتون ،ومع ذلك نظروا إلى
معدل ينظر إلى مجرح أو ال ُهذه السانيد من زاوية معينة ،فكان ال ُ
2
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
3
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
عليه السلم عاضا ً على أنامله ،ومنهم من قال بأنه رأى يداً
مكتوبا ً عليها كيف تفعل هذه الفعال وأنت من النبيين ،إلى غير
ذلك مما نسبوه ،مع أن هذا بعيد عن الحقيقة.
وقد أجاد الفخر الرازي في هذا عندما قال بأن من قال هذا
القول فقد كذ ّب الله تبارك وتعالى ،وكذ ّب يوسف عليه السلم،
وكذ ّب امرأة العزيز ،وكذ ّب النساء اللواتي كن يراودن يوسف
عن نفسه ،وكذ ّب الشيطان نفسه.
أما تكذيبه لله تبارك وتعالى فإن الله سبحانه وتعالى قال:
(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)
فكيف مع ذلك يوصف بهذا الوصف ،وتكذيبه ليوسف عليه السلم
فإن الله تبارك وتعالى حكى عنه بأنه قال( :رب السجن أحب
إلي مما يدعونني إليه) فرجل يصل به المر وهو في ميعة
الشباب إلى أن يستحب السجن مع ما فيه من العذاب والتنكيل،
ويرى تغييبه في غياهب السجون خيرا ً له من أن يأتي شيئا ً مما
يدعى إليه هو ول ريب أبعد ما يكون من أن يهم بهذه الفحشاء،
وتكذيبه لمرأة العزيز لنها قالت كما حكى الله تبارك وتعالى
عنها (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) ،ومعنى استعصم امتنع،
أي كان معصوما ً من إتيان هذا المر ،وأما تكذيبه للنسوة فإن
الله تبارك وتعالى حكى عنهن قولهن (حاش لله ما علمنا عليه
من سوء) ،وأما تكذيبه للشيطان فإن الشيطان الرجيم لعنه الله
عندما أعلن التمرد على أمر الله سبحانه وتعالى قال في خطابه
لله سبحانه (لضلنهم أجمعين إل عبادك منهم المخلصين)،
ويوسف عليه السلم من عباد الله المخلصين بنص القرآن
الكريم.
وما أدرك هؤلء حقيقة الهم الذي نسبه الله سبحانه وتعالى
إلى يوسف عليه السلم بعدما نسبه إلى امرأة العزيز ،ل ريب أن
امرأة العزيز راودته عن نفسها ،وأرادت أن يقضي لها وطرها
عندما تعلق قلبها به ،ولكن بعدما امتنع عليها بأي شيء همت
هي ،وبأي شيء هم هو؟.
المرأة -كما بيّن العلمة السيد رشيد رضا في تفسيره
المنار -ل يمكن أن تهم بأن تفعل شيئا ً للرجل ،وإنما غاية ما
تفعله أن تدعوه إليها وتمكنه من نفسها ،أما أن تهم به ،أي تهم
أن تفعل به الفاحشة فل ،لنها مفعول بها وليست بفاعل ،وإنما
الرجل يفعل بها ،فإذن ما الذي همت به وهم بها بسبب همها
به؟ ،همت أن تضربه بسبب كبريائها وامتناعها عليها وعصيانه
لمره ،وهم هو أن يرد عليها بأن يضربها دفاعا ً عن نفسه ،ولكن
رأى من آيات ربه سبحانه وتعالى ما يدله على أنه لو فعل ذلك
4
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
5
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
6
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
أن مجيء هذه الجارية إليه كان بعد وقوع قصة الفك عند أم
المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ،وقصة الفك فيها درس
لي أحد ،فلو كان النبي صلى الله عليه وسلّم رجل ً عاديا ً ولم
يكن نبيا ً مرسل ً من قبل الله سبحانه وتعالى لكفته قصة الفك
درسا ً حتى ل يتجرأ مثل هذا التجرؤ.
ثم من ناحية أخرى؛ ثم هل يكون النبي صلى الله عليه
وسلّم أغير على جاريته منه على زوجه أم المؤمنين السيدة
عائشة رضي الله تعالى عنها؟! ،فعندما نُمي إليه ما نُمي وتحدث
الناس بأن رجل ً صارت بينه وبين أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها علقة وبرأها الله من ذلك ،فلماذا لم يأمر بقتل ذلك الرجل
في ذلك الحال؟ ،مما يدل على أن هذه الرواية ليست صحيحة
ول يمكن أن تقبل ،ومع السف جاءت في صحيح مسلم معزوة
إلى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه!.
وكذلك نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كما جاء في
تفسير ابن جرير الطبري بأنه أبصر امرأة زيد وكانت عليها ثياب
رقاق فاستبد جمالها بقلبه ،وسرى حبها في أعماق نفسه ،فلم
يتمالك وخرج وهو يقول سبحان مقلب القلوب ،وقالوا بأن هواه
بها وتعلقه بها هو المعني بقول الله تبارك وتعالى (وتخفي في
نفسك ما الله مبديه) ،ونحن نتساءل:من أين جاء ذلك؟ وهل
يليق هذا بالنبي صلى الله عليه وسلّم؟ .وهل يليق برجل مؤمن
عادي -فضل ً عن أن يكون نبيا ً مرسل ً من عند الله تبارك وتعالى
عصمه الله -أن يذهب إلى بيت إنسان ويمتد نظره إلى ما في
داخل حرمه حتى يرى امرأته بالثياب الرقاق ،ويأخذ جمالها
بشعاب نفسه ويستبد حبها بقلبه؟ ،فعلى هذا يكون المراد بقول
الله تبارك وتعالى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) أنه كان
يأمر زوجها زيدا ً بأن يستمسك بها ويقول له (أمسك عليك
زوجك) مع أنه يعلم بأن الله تعالى كتب له أن يتزوجها.
-عقيدة التجسيم والتشبيه -
ونجد أن من جملة ما غزا به اليهود أفكار هذه المة؛ ما
أشاعوه من تشبيه الله تبارك وتعالى بخلقه ،وتشبيه الخلق بالله
تبارك وتعالى ،فقد أشاعوا في أوساط المة تشبيه الخالق
سبحانه وتعالى بعباده ،فوصفوه بكل صفات الخلق حتى وصفوه
بالذهول والنسيان ،ووصفوه سبحانه وتعالى بأن له أجزاء وله
حدود وأنه ينزل ويطلع إلى آخر ما وصفوه به ،مع أن هذه
الوصاف هي ما يصف به اليهود ربهم سبحانه وتعالى كما في
توراتهم المحرفة ،وقد شاع ذلك في أوساط هذه المة حتى
7
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
-خطورة الرجاء-
ومن الفكر اليهودي الذي شاع في أوساط المة عقيدة
الرجاء؛ التي جعلت النسان يتناسى الوعيد ويستمسك بالوعد،
بل إن هذه العقيدة تجعل اليمان أمرا ً نظريا ً مثاليا ً ل وجود له
في عالم الواقع ،إذ اليمان أن يعتقد النسان فحسب تلكم
المعتقدات كأنها نظرية تدغدغ الذهان من غير أن تتحول إلى
واقع ملموس ،مع أن اليمان الذي نيطت به النجاة من عذاب
الله هو ذلكم اليمان الذي يملك شعاب النفس ويستولي على
الفكر والوجدان ،ويهيمن على الجوارح والركان ،ويوجه النسان
الوجهة المرضية في القول والعمل والخلق ،فالله سبحانه
وتعالى يقول (:إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ً وعلى ربهم يتوكلون الذين
يقيمون الصلة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا
لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) ،فهل مثل هذا
النسان الذي يوجل قلبه بمجرد ذكر الله تبارك وتعالى يتجرأ
على انتهاك حرم الحق؟! ،وعلى الوقوع في معاصي الله سبحانه
وتعالى من غير أن يتوب عنها ويقلع عنها.
وتجاهل هؤلء اليات الكثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى
التي تدل على أن كل أحد مجزي بعمله فالله سبحانه يقول:
(ليس بأمانيكم ول أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ول
يجد له من دون الله وليا ً ول نصيرا) ،فإذا بهم يتعلقون بأماني
المغفرة وأماني الشفاعات وأماني الخروج من النار بعد التعذيب
-كما يقولون -مدة قصيرة مع تخفيف عذابها حتى تكون لطيفة
جداً.
وقد سمعت أحد هؤلء الذين يشيعون عقيدة الرجاء في
وقتنا هذا يقول :إن أدخل المسلم النار فإن عذابها يُهوَّن عليه
حتى يكون لطيفاً ،وتكون النار في منتهى اللطف .فقال له من
8
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
9
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
كبار العلماء ،فإما أن يكون هذا الذي نسب إليه صادقا ً فيما نسبه
إليه وتلك هي المصيبة ،وإما أن يكون كاذبا ً وهذه أيضا ً مصيبة ل
تقل عن تلك لنه افترى عليه كذبا ً ونسب إليه ما هو منه براء
ورماه بالفحشاء ،وهذا مما يؤدي إلى شيوع الفحشاء وانتشارها
في أوساط الناس.
-الغزو المعاصر-
فهذه الغزوات الفكرية حصلت لهذه المة من قديم الزمان
،وما حصل الن ليس بأقل من ذلك ،فكم من أمور دُست في
صميم فكر هذه المة بسبب عدم استيعابها لمعاني القرآن،
وعدم تفقهها في دين الله ،وعدم استمساكها بحبل الله ،وإذا بها
تتخبط ذات اليمين وذات الشمال ،وكل ما دس من المكائد إنما
يقف وراءه اليهود ومن يشايعهم ويناصرهم من الصليبين
والملحدين وغيرهم لجل صد هذه المة عن دين الله.
وحسبنا أن نرى أن الدعوة التنصيرية مع أن ظاهرها دعوة
إلى دين ،سواء هذا الدين دينا ً صحيحا ً أو لم يكن دينا ً صحيحاً،
ولكن مع ذلك يقول المنصرون بأنفسهم بأنهم ل يريدون من
المسلم إل أن يكون شهوانياً ،فـ (زويمر) يقول :إن مهمة التبشير
التي ندبتكم من أجلها الدول المسيحية للقيام بها في البلد
المحمدية ليست في تنصير المسلمين فإن في ذلك هداية لهم
وتكريماً ،وإنما هي في إخراج المسلم من السلم وجعله مخلوقاً
ل صلة له بالله ،وبالتالي ل صلة له بالخلق التي تعتمد عليها
المم في حياتها ،وبهذا تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح
الستعماري ،ثم يقول لخوانه القسيسين :إنكم نجحتم في إخراج
جيل من المسلمين ل هم له إل في الشهوات.
ونجد الن المؤسسات العلمية التي تقف وراءها
الصهيونية العالمية والصليبية العالمية واللحاد العالمي وجميع
مؤسسات الكفر في هذا العالم تصب في هذا المصب ،فهي أولً
تنحرف بفكر المسلم وتشككه في إسلمه وتحاول إبعاده عن
الله تبارك وتعالى ،وسلخه من جميع مقومات عقيدته وفكره
ليصبح أشبه بالبهيمة العجماء ل هم له إل في شهواته ،مع وجود
المغريات الكثيرة حتى أن بعض الكاتبين من الغربيين أنفسهم
شبّه (السينما) بحملة المغول التتار على المة السلمية وسماها
(مغول السينما) ،ومعنى ذلك ما يدس لجل القضاء في
(السينما) على هذه المة و إبعادها عن مقوماتها وأسباب عزتها
وكرامتها ل يقل عما أثَّره المغول في هذه المة.
وكذلك بجانب هذا الصحافة التي تنشر الصور العارية والتي
تؤجج الشهوات في النفوس ،والفلم الخليعة والمسلسلت
10
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
الهابطة إلى غير ذلك ،كل ذلك مما يدخل في الغزو الفكري
الخلقي لهذه المة من أجل النحراف بمعتقداتها والنحراف
بأخلقها ،ذلك لن النسان عندما يصبح أسير شهوته ل يصبح له
معتقد ،فل هم له بالفكر ول بالمعتقد ول بأي أمر إل في إشباع
هذه الغريزة وما يؤججها من المهيجات الكثيرة التي تؤدي
بشباب هذه المة إلى المزيد من النحراف.
وجدت في إحدى الصحف أن شركة واحدة من الشركات
الغربية المملوكة لليهود ولمن معهم تسمى (فايزر) ،وهذه
الشركة ربحت من بيع الدواء المهيج للشهوة الجنسية المسمى
(الفياجرا) اثني عشر مليارا ً من الدولرات ،ذلك إنما هو لجل أن
تكون هذه المة أمة شهوانية ل صلة لها بالدين ول بالخلق ،إنما
تحاول إشباع شهواتها ،فالله تبارك تعالى عندما ذكر الخلف الذي
خلف أولئك الصالحين أولئك النبيين قال( :فخلف من بعدهم
خلف أضاعوا الصلة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً).
فيجب على هذه المة أن تحافظ على نفسها ،وأن تحرص
على المحافظة على شبابها ،أول ً قبل كل شيء بغرس العقيدة
الصحيحة وإبعاد عقيدة الرجاء وعقيدة التشبيه وعقيدة
الستخفاف بالنبيين وعقيدة نسبة هذه الرزايا إلى هؤلء النبياء؛
حتى يكون هؤلء الشباب عارفين بالصورة الصحيحة التي كان
عليها النبياء والمرسلون ،وأن يحرصوا على اتباع هذا المنهج،
ومع ذلك أن يربوا على الخلق الفاضلة والبعد عن متابعة مثل
هذه المسلسلت الهابطة و الفلم المدسوسة والصحف الخليعة
وغير ذلك مما يروج له بطريقة أو بأخرى من أجل إبعاد الشباب
المسلم عن قرآنه ودينه ومنهاج النبوة حتى يكون شبابا ً شهوانياً،
فالشباب المسلم بحاجة إلى تربية على هذه الخلق ،وبحاجة
إلى النهوض به لتكون همته همة عالية يطمح في معالي المور
ويسعى إليها ،ويضحي بالغالي والثمين في سبيل تحقيقها ،وهذا
ما نرجو أن يتحقق من خلل المؤسسات التربوية والمراكز
الصيفية التي تُنشئ هؤلء الشباب هذه التنشئة ،ونريد بمشيئة
الله أن ل تكون هذه التربية تربية نظرية بل نريدها تربية عملية
ليحرص الكل على اتباع الحق.
ومع هذا فإنه من الهمية بمكان أن يعرف الشباب من يقتدون به ،وأعداء السلم أدركوا هذه
الناحية لذلك لمّعوا شخصيات كافرة شخصيات هابطة سافلة شخصيات شهوانية من أجل أن يكون
الشباب المسلم يحتذي بهذه الشخصيات ويعجب بها بحيث يدرس بعض هؤلء الشباب مع السف
الشديد سيرة هؤلء الشخصيات أكثر مما يدرسون سيرة النبي صلى ال عليه وسلّم ،وهذا مما
يجعلهم يعجبون بهؤلء وإذا بهم ينساقون وراء مسلكهم ،وكذلك من الهمية بمكان أن يغرس في
نفوس هؤلء الشباب بأن قيم السلم هي مصدر العز لهم ،وأن المسلم المعتز بمواريثه الفكرية
ومواريثه العقدية والذي ل يخجل من شيء منها بحيث ل يصاب بمركب النقص ول يصاب بهزيمة
11
الغزو الفكري قديما ً وحديثاً
نفسية وإنما يعتز بذلك بحيث يكون ولؤه ل تبارك وتعالى وولؤه لنبيه صلى ال عليه وسلّم
وولؤه للمؤمنين الصالحين ،عندما يكون الشباب بهذه الحالة يكون عارفاً بما يأتيه وما يذره ،قادراً
على التكيف في هذه الحياة وفق معطيات القرآن ،وفق توجيه السنة النبوية على صاحبها أفضل
الصلة والسلم ليكون شباب مكيناً مضطلعاً بواجباته ،قائماً بكل ما كُلّفه من تكاليف شريعة ،ومن
بين هذه التكاليف بذل هذه الدعوة في أرجاء الرض ونشر هذا الخير بين هذه القطعان الضالة من
البشرية لخراجها من ضللها إلى الهدى ومن ظلماتها إلى النور .
12