You are on page 1of 24

‫‪W W W. I S L A M W A Y.

C O M‬‬

‫ملحظة ‪ /‬ت إخفاء الخطاء الملئية ف هذا الستند‪ ،‬ومن يريد تفعيل الاصية‪ ،‬فليضغط على زر‬
‫أدوات الوجود بأعلى الصفحة‪ ،‬ث يتار تدقيق إملئي وتدقيق نوي‪ ،‬ث يتار خيارات‪ ،‬وجزاكم‬
‫ال خياً‬

‫« ل تنس إخوانك ف فريق عمل طريق السلم من صال دعائك »‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫التوحيد أولً‬
‫يا دعــاة السلم‬

‫للعلمة محدث الشام‬


‫محمد ناصر الدين اللباني‬
‫رحمه ال تعالى‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن المد ل‪ ،‬نمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪.‬‬
‫من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫{يَا أَّيهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ َحقّ تُقَاتِهِ وَل َتمُوتُنّ ِإلّا وَأَنُْتمْ ُمسِْلمُونَ}(آل‬
‫عمران‪)102 :‬‬
‫{يَا أَّيهَا النّاسُ اتّقُوا رَبّ ُكمُ اّلذِي خَلَقَ ُكمْ مِنْ نَفْسٍ وَا ِحدَةٍ َوخَلَقَ مِْنهَا َزوْ َجهَا‬
‫وََبثّ مِْنهُمَا رِجَالً كَثِيا وَِنسَاءً وَاتّقُوا اللّ َه الّذِي َتسَا َءلُونَ ِبهِ وَالَْأرْحَامَ إِنّ اللّهَ‬
‫كَانَ عَلَيْ ُك ْم َرقِيبا}(النساء‪)1 :‬‬
‫{يَا أَّيهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ َوقُولُوا َق ْولً َسدِيدا‪ُ .‬يصِْلحْ لَ ُكمْ أَ ْعمَالَكُمْ‬
‫وَيَغْفِرْ لَ ُكمْ ذُنُوبَ ُكمْ وَمَنْ ُي ِطعِ اللّهَ َورَسُولَ ُه فَقَ ْد فَازَ َفوْزا عَظِيما} (الحزاب‪:‬‬
‫‪.)71-70‬‬
‫وبعد‪ :‬فهذه رسالة عظيمة‪ )(1‬النفع والفائدة للعامة والاصة ييب فيها عال‬
‫من علماء هذا العصر وهو فضيلة الشيخ ممد ناصر الدين اللبان حفظه ال تعال‬
‫ونفع به‪ ،‬ييب فيها على سؤال يدور على ألسنة الغيورين على هذا الدين الذي‬
‫يملونه ف قلوبم ويشغلون فكرهم به ليلً ونارا وممل السؤال هو‪:‬‬

‫ما هو السبيل إل النهوض بالسلمي وما هو الطريق‬


‫الذي يتخذونه حت يكن ال لم ويضعهم ف الكان‬
‫اللئق بم بي المم؟‬
‫(‪ )1‬أصل هذه الرسالة شريط مسجل ث كتب‪ ،‬وطبع ف ملة السلفية‪ ،‬العدد الرابع عام ‪ 1419‬هـ‪.‬‬
‫فأجاب العلمة اللبان نفع ال به على هذا السؤال إجابة مفصلة واضحة‪.‬‬
‫ولا لذه الجابة من حاجة‪ ،‬رأينا نشرها‪ .‬فأسال ال تعال أن ينفع با وأن يهدي‬
‫السلمي إل ما يب ويرضى إنه جواد كري‪.‬‬

‫التوحيد أولً يا دعاة السلم‬

‫سؤال‪ :‬فضيلة الشيخ ل شك أنكم تعلمون بأن واقع المة الدين واقع مرير‬
‫من حيث الهل بالعقيدة‪ ،‬ومسائل العتقاد‪ ،‬ومن حيث الفتراق ف الناهج‬
‫وإهال نشر الدعوة السلمية ف أكثر بقاع الرض طبقا للعقيدة الول والنهج‬
‫الول الذي صلحت به المة‪ ،‬وهذا الواقع الليم ل شك بأنه قد ولد غية عند‬
‫الخلصي ورغبة ف تغييه وإصلح اللل‪ ،‬إل أنم اختلفوا ف طريقتهم ف إصلح‬
‫هذا الواقع؛ لختلف مشاربم العقدية والنهجية – كما تعلم ذلك فضيلتكم –‬
‫من خلل تعدد الركات والماعات السلمية الزبية والت ادعت إصلح المة‬
‫السلمية عشرات السني‪ ،‬ومع ذلك ل يكتب لا النجاح والفلح‪ ،‬بل تسببت‬
‫تلك الركات للمة ف إحداث الفت ونزول النكبات والصائب العظيمة‪ ،‬بسبب‬
‫مناهجها وعقائدها الخالفة لمر الرسول صلى ال عليه وسلم وما جاء به؛ ما‬
‫ترك الثر الكبي ف الية عند السلمي – وخصوصا الشباب منهم – ف كيفية‬
‫معالة هذا الواقع‪ ،‬وقد يشعر الداعية السلم التمسك بنهاج النبوة التبع لسبيل‬
‫الؤمني‪ ،‬التمثل ف فهم الصحابة والتابعي لم بإحسان من علماء السلم؛ قد‬
‫يشعر بأنه حل أمانة عظيمة تاه هذا الواقع وإصلحه أو الشاركة ف علجه‪.‬‬
‫فما هي نصيحتكم لتباع تلك الركات أو الماعات؟‬
‫وما هي الطرق النافعة الناجعة ف معالة هذا الواقع؟‬
‫وكيف تبأ ذمة السلم عند ال عز وجل يوم القيامة؟‬

‫الواب‬

‫يب العناية والهتمام بالتوحيد أولً كما هو منهج النبياء والرسل‬


‫عليهم السلم‪:‬‬

‫بالضافة لا ورد ف السؤال – السابق ذكره آنفا – من سوء واقع السلمي‪،‬‬


‫نقول‪ :‬إن هذا الواقع الليم ليس شرا ما كان عليه واقع العرب ف الاهلية حينما‬
‫بعث إليهم نبينا ممد صلى ال عليه وسلم؛ لوجود الرسالة بيننا‪ ،‬وكمالا‪ ،‬ووجود‬
‫الطائفة الظاهرة على الق‪ ،‬والت تدي به‪ ،‬وتدعو الناس للسلم الصحيح‪:‬‬
‫عقيدة‪ ،‬وعبادة‪ ،‬وسلوكا‪ ،‬ومنهجا‪ ،‬ول شك بأن واقع أولئك العرب ف عصر‬
‫الاهلية ماثل لا عليه كثي من طوائف السلمي اليوم !‪.‬‬

‫بناء على ذلك نقول‪ :‬العلج هو ذاك العلج‪ ،‬والدواء هو ذاك الدواء‪ ،‬فبمثل‬
‫ما عال النب صلى ال عليه وسلم تلك الاهلية الول‪ ،‬فعلى الدعاة السلميي‬
‫اليوم – جيعهم – أن يعالوا سوء الفهم لعن " ل إله إل ال "‪ ،‬ويعالوا واقعهم‬
‫الليم بذاك العلج والدواء نفسه‪ .‬ومعن هذا واضح جدا؛ إذا تدبرنا قول ال عز‬
‫وجل { لَ َقدْ كَانَ لَ ُكمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُ ْسوَةٌ َحسَنَةٌ ِلمَنْ كَانَ َيرْجُو اللّهَ وَالَْيوْمَ‬
‫الْآخِرَ وَ َذكَرَ اللّهَ كَثِيا} (الحزاب‪.)21 :‬‬

‫فرسولنا صلى ال عليه وسلم هو السوة السنة ف معالة مشاكل السلمي‬


‫ف عالنا العاصر وف كل وقت وحي‪ ،‬ويقتضي ذلك منا أن نبدأ با بدأ به نبينا‬
‫صلى ال عليه وسلم وهو إصلح ما فسد من عقائد السلمي أولً‪ ،‬ومن عبادتم‬
‫ثانيا‪ ،‬ومن سلوكهم ثالثا‪.‬‬
‫ولست أعن من هذا الترتيب فصل المر الول بدءا بالهم ث الهم‪ ،‬ث ما‬
‫دونه ! وإنا أريد أن يهتم بذلك السلمون اهتماماً شديدا كبيا‪ ،‬وأعن بالسلمي‬
‫بطبيعة المر الدعاة‪ ،‬ولعل الصح أن نقول‪ :‬العلماء منهم؛ لن الدعاة اليوم – مع‬
‫السف الشديد – يدخل فيهم كل مسلم ولو كان على فقر مدقع من العلم‪،‬‬
‫فصاروا يعدون أنفسهم دعاة إل السلم‪ ،‬وإذا تذكرنا تلك القاعدة العروفة – ل‬
‫أقول‪ :‬عند العلماء فقط بل عند العقلء جيعا – تلك القاعدة الت تقول‪" :‬فاقد‬
‫الشيء ل يعطيه " ‪ /‬فإننا نعلم اليوم بأن هناك طائفة كبية جدا يعدون بالليي‬
‫من السلمي تنصرف النظار إليهم حي يطلق لفظة‪ :‬الدعاة‪ .‬وأعن بم‪ :‬جاعة‬
‫الدعوة‪ ،‬أو‪ :‬جاعة التبليغ " ومع ذلك فأكثرهم كما قال ال عز وجل‪ { :‬وَلَكِنّ‬
‫َأكْثَرَ النّاسِ ل يَعَْلمُونَ }( العراف‪ :‬من الية ‪.)187‬‬

‫ومعلوم من طريقة دعوتم أنم قد أعرضوا بالكلية عن الهتمام بالصل الول‬


‫– أو بالمر الهم – من المور الت ذكرت آنفا‪ ،‬وأعن‪ :‬العقيدة والعبادة‬
‫والسلوك‪ ،‬وأعرضوا عن الصلح الذي بدأ به الرسول صلى ال عليه وسلم بل‬
‫بدأ به كل النبياء‪ ،‬وقد بينه ال تعال بقوله‪َ { :‬ولَ َقدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّ ٍة رَسُولً أَنِ‬
‫اعُْبدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ }(النحل‪ :‬من الية ‪ .)36‬فهم ل يعنون بذا الصل‬
‫الصيل والركن الول من أركان السلم – كما هو معلوم لدى السلمي جيعا‬
‫– هذا الصل الذي قام يدعو إليه أول رسول من الرسل الكرام أل وهو نوح‬
‫صلى ال عليه وسلم قرابة ألف سنة‪ ،‬والميع يعلم أن الشرائع السابقة ل يكن‬
‫فيها من التفصيل لحكام العبادات والعاملت ما هو معروف ف ديننا هذا لنه‬
‫الدين الات للشرائع والديان‪ ،‬ومع ذلك فقد لبث نوح ف قومه ألف سنة إل‬
‫خسي عاما يصرف وقته وجل اهتمامه للدعوة إل التوحيد‪ ،‬ومع ذلك أعرض‬
‫قومه عن دعوته كما بي ال – عز وجل – ذلك ف مكم التنيل‪َ { :‬وقَالُوا ل‬
‫َت َذرُنّ آِلهَتَكُمْ وَل َت َذرُنّ وَدّا وَل ُسوَاعا وَل يَغُوثَ وَيَعُوقَ وََنسْرا } (نوح‪:‬‬
‫‪.)23‬‬

‫فهذا يدل دللة قاطعة على أن أهم شيء ينبغي على الدعاة إل " السلم‬
‫الق" الهتمام به دائما هو الدعوة إل التوحيد وهو معن قوله – تبارك وتعال‪:-‬‬
‫{فَاعَْلمْ أَنّهُ ل ِإلَهَ ِإلّا اللّهُ }(ممد‪ :‬من الية ‪.)19‬‬
‫هكذا كانت سنة النب صلى ال عليه وسلم عملً وتعليما‪.‬‬
‫أما فعله‪ :‬فل يتاج إل بث‪ ،‬لن النب صلى ال عليه وسلم ف العهد الكي‬
‫إنا كان فعله ودعوته مصورة ف الغالب ف دعوة قومه إل عبادة ال ل شريك‬
‫له‪.‬‬

‫أما تعليما‪ :‬ففي حديث أنس بن مالك – رضي ال عنه – الوارد ف‬


‫الصحيحي أن النب صلى ال عليه وسلم عندما أرسل معاذا إل اليمن قال له‪" :‬‬
‫ليكن أول ما تدعوهم إليه‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬فإن هم أطاعوك لذلك‪".....‬‬
‫‪.)(1‬إل الديث‪ .‬وهو معلوم ومشهور إن شاء ال تعال‪.‬‬

‫إذا‪ ،‬قد أمر النب صلى ال عليه وسلم أصحابه أن يبدؤوا با بدأ به وهو‬
‫الدعوة إل التوحيد‪ ،‬ول شك أن هناك فرقا كبيا جدا بي أولئك العرب‬
‫الشركي – من حيث إنم كانوا يفهمون ما يقال لم بلغتهم ‪ ،-‬وبي أغلب‬
‫العرب السلمي اليوم الذين ليسوا باجة أن يدعوا إل أن يقولوا‪ :‬ل إله إل ال؛‬
‫لنم قائلون با على اختلف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم‪ ،‬فكلهم يقولون‪ :‬ل‬
‫إله إل ال‪ ،‬لكنهم ف الواقع باجة أن يفهموا – أكثر – معن هذه الكلمة الطيبة‪،‬‬
‫وهذا الفرق فرق جوهري – جدا – بي العرب الولي الذين كانوا إذا دعاهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يقولوا‪ :‬ل إله إل ال يستكبون‪ ،‬كما هو مبي‬
‫ف صريح القرآن العظيم ‪ )(2‬لاذا يستكبون؟؛ لنم يفهمون أن معن هذه الكلمة‬
‫أن ل يتخذوا مع ال أندادا وأل يعبدوا إل ال‪ ،‬وهم كانوا يعبدون غيه‪ ،‬فهم‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه البخاري (‪ )1395‬وف غي موضع‪ ،‬ومسلم (‪ ،)19‬وأبو داود(‪ ،)1584‬والترمذي (‬
‫‪ ،)625‬كلهم من حديث ابن عباس رضي ال عنه‪.‬‬
‫(‪ )2‬يشي إل قوله تعال ف سورة الصافات‪) { :‬إِّن ُهمْ كَانُوا إِذَا قِي َل َلهُمْ ل ِإلَهَ ِإلّا اللّ ُه َيسَْتكْبِرُونَ‪ .‬وََيقُولُونَ َأإِنّا لَتَارِكُو‬
‫آِلهَتِنَا ِلشَاعِ ٍر َمجْنُونٍ) (الصافات‪)36-35 :‬‬
‫ينادون غي ال ويستغيثون بغي ال؛ فضلً عن النذر لغي ال‪ ،‬والتوسل بغي ال‪،‬‬
‫والذبح لغيه والتحاكم لسواه‪ ...‬إل‪.‬‬
‫هذه الوسائل الشركية الوثنية العروفة الت كانوا يفعلونا‪ ،‬ومع ذلك كانوا‬
‫يعلمون أن من لوازم هذه الكلمة الطيبة – ل إله إل ال – من حيث اللغة العربية‬
‫أن يتبؤوا من كل هذه المور؛ لنافاتا لعن " ل إله إل ال "‪.‬‬

‫غالب السلمي اليوم ل يفقهون معن ل إله إل ال فهما جيدا‪:‬‬

‫أما غالب السلمي اليوم الذين يشهدون بأن " ل إله إل ال " فهم ل يفقهون‬
‫معناها جيدا‪ ،‬بل لعلهم يفهمون معناها فهما معكوسا ومقلوبا تاما؛ أضرب‬
‫لذلك مثلً‪ :‬بعضهم ‪ )(1‬ألف رسالة ف معن " ل إله إل ال " ففسرها‪ " :‬ل رب‬
‫إل ال!! " وهذا العن هو الذي كان الشركون يؤمنون به وكانوا عليه‪ ،‬ومع‬
‫ذلك ل ينفعهم إيانم هذا‪ ،‬قال تعال‪َ { :‬ولَئِنْ َسَألْتَ ُهمْ مَنْ َخلَ َق السّمَاوَاتِ‬
‫وَالْأَ ْرضَ لَيَقُولُنّ اللّه}(لقمان‪ :‬من الية ‪.)25‬‬

‫فالشركون كانوا يؤمنون بأن لذا الكون خالقا ل شريك له‪ ،‬ولكنهم كانوا‬
‫يعلون مع ال أندادا وشركاء ف عبادته‪ ،‬فهم يؤمنون بأن الرب واحد ولكن‬
‫يعتقدون بأن العبودات كثية‪ ،‬ولذلك رد ال تعال – هذا العتقاد – الذي ساه‬
‫عبادة لغيه من دونه بقوله تعال‪ ...{ :‬وَاّلذِينَ اّتخَذُوا مِنْ دُونِهِ َأوْلِيَاءَ مَا نَعُْبدُ ُهمْ‬
‫ِإلّا لِيُقَرّبُونَا ِإلَى اللّ ِه ُزلْفَى ‪(}...‬الزمر‪ :‬من الية ‪.)3‬‬
‫لقد كان الشركون يعلمون أن قول‪ " :‬ل إله إل ال " يلزم له التبؤ من عبادة‬
‫ما دون ال عز وجل‪ ،‬أما غالب السلمي اليوم؛ فقد فسروا هذه الكلمة الطيبة "‬
‫ل إله إل ال " بـ‪ " :‬ل رب إل ال !! " فإذا قال السلم‪ " :‬ل إله إل ال "‪،‬‬
‫(‪ )1‬هو الشيخ ممد الاشي‪ ،‬أحد شيوخ الصوفية " الطريقة الشاذلية " ف سوريا من نو ‪ 50‬سنة‪.‬‬
‫وعبد مع ال غيه؛ فهو والشركون سواء‪ ،‬عقيدة‪ ،‬وإن كان ظاهره السلم؛ لنه‬
‫يقول لفظة‪ :‬ل إله إل ال فهو بذه العبارة مسلم لفظيا ظاهرا‪ ،‬وهذا ما يوجب‬
‫علينا جيعا – بصفتنا دعاة إل السلم‪ -‬الدعوة إل التوحيد وإقامة الجة على‬
‫من جهل معن" ل إله إل ال " وهو واقع ف خلفها؛ بلف الشرك؛ لنه يأب أن‬
‫يقول‪ " :‬ل إله إل ال " فهو ليس مسلما ل ظاهرا ول باطنا فأما جاهي السلمي‬
‫اليوم هم مسلمون لن الرسول صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬فإذا قالوها عصموا‬
‫من دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال تعال "‪.)(2‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن أقول كلمة – وهي نادرة الصدور من ‪ ،-‬وهي‪ :‬إن واقع كثي‬
‫من السلمي اليوم شر ما كان عليه عامة العرب ف الاهلية الول من حيث سوء‬
‫الفهم لعن هذه الكلمة الطيبة؛ لن الشركي العرب كانوا يفهمون‪ ،‬ولكنهم ل‬
‫يؤمنون‪ ،‬أما غالب السلمي اليوم‪ ،‬فإنم يقولون ما ل يعتقدون‪ ،‬يقولون‪ :‬ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬ول يؤمنون –حقا – بعناها ‪ ،)(1‬لذلك فأنا أعتقد أن أول واجب على‬
‫الدعاة السلمي – حقا – هو أن يدندنوا حول هذه الكلمة وحول بيان معناها‬
‫بتلخيص‪ ،‬ث بتفصيل لوازم هذه الكلمة الطيبة بالخلص ل عز وجل ف العبادات‬
‫بكل أنواعها‪ ،‬لن ال عز وجل لا حكى عن الشركي قوله‪ ...{ :‬مَا نَعُْبدُهُمْ ِإلّا‬
‫لِيُقَرّبُونَا ِإلَى اللّ ِه ُزلْفَى ‪(}...‬الزمر‪ :‬من الية ‪ ،)3‬جعل كل عبادة توجه لغي ال‬
‫كفرا بالكلمة الطيبة‪ :‬ل إله إل ال؛ لذا؛ أنا أقول اليوم‪ :‬ل فائدة مطلقا من تكتيل‬
‫السلمي ومن تميعهم‪ ،‬ث تركهم ف ضللم دون فهم هذه الكلمة الطيبة‪ ،‬وهذا‬
‫ل يفيدهم ف الدنيا قبل الخرة ! نن نعلم قول النب صلى ال عليه وسلم‪ " :‬من‬

‫(‪ )2‬حديث صحيح‪ :‬رواه البخاري (‪ )25‬وف غي موضع‪ ،‬ومسلم (‪ ،)22‬وغيهم‪ ،‬من حديث ابن عمر رضي ال‬
‫عنهما‪.‬‬
‫(‪ )1‬يعبدون القبور‪ ،‬ويذبون لغي ال‪ ،‬ويدعون الموات‪ ،‬وهذا واقع وحقيقة ما تعتقده الرافضة‪،‬و الصوفية‪،‬‬
‫وأصحاب الطرق‪ ،‬فالج إل القبور وبناء الشاهد الشركية والطواف عليها والستغاثة بالصالي واللف بم عقائد‬
‫ثابتة عندهم‪.‬‬
‫مات وهو يشهد أن ل إله إل ال ملصا من قلبه حرم ال بدنه على النار " وف‬
‫رواية أخري‪ " :‬دخل النة "‪ .)(2‬فيمكن ضمان دخول النة لن قالا ملصا حت‬
‫لو كان بعد لي وعذاب يس القائل‪ ،‬والعتقد العتقاد الصحيح لذه الكلمة‪ ،‬فإنه‬
‫قد يعذب بناءً على ما ارتكب واجترح من العاصي والثام‪ ،‬ولكن سيكون مصيه‬
‫ف النهاية دخول النة‪ ،‬و على العكس من ذلك؛ من قال هذه الكلمة الطيبة‬
‫بلسانه‪ ،‬ولّا يدخل اليان إل قلبه؛ فذلك ل يفيده شيئا ف الخرة‪ ،‬قد يفيده ف‬
‫الدنيا النجاة من القتال ومن القتل إذا كان للمسلمي قوة وسلطان‪ ،‬وأما ف‬
‫الخرة فل يفيد شيئا إل إذا كان قائلً لا وهو فاهم معناها أولً‪ ،‬ومعتقدا لذا‬
‫العن ثانيا؛ لن الفهم وحده ل يكفي إل إذا اقترن مع الفهم اليان بذا الفهوم‪،‬‬
‫وهذه النقطة؛ أظن أن أكثر الناس عنها غافلون ! وهي‪ :‬ل يلزم من الفهم اليان‬
‫بل ل بد أن يقترن كل من المرين مع الخر حت يكون مؤمنا‪ ،‬ذلك لن كثيا‬
‫من أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن ممدا صلى ال عليه‬
‫وسلم رسول صادق فيما يدعيه من الرسالة والنبوة‪ ،‬ولكن مع هذه العرفة الت‬
‫شهد لم با ربنا عز وجل حي قال‪ ...{ :‬يَعْ ِرفُونَهُ كَمَا يَعْ ِرفُونَ أَبْنَاءَ ُهمْ ‪}...‬‬
‫(البقرة‪ :‬من الية ‪ .)146‬ومع ذلك هذه العرفة ما أغنت عنهم من ال شيئا لاذا؟ لنم‬
‫ل يصدقوه فيما يدعيه من النبوة والرسالة‪ ،‬ولذلك فإن اليان تسبقه العرفة ول‬
‫تكفي وحدها‪ ،‬بل ل بد أن يقترن مع العرفة اليان والذعان‪ ،‬لن الول عز‬
‫وجل يقول ف مكم التنيل‪{ :‬فَاعَْلمْ أَنّهُ ل ِإلَهَ ِإلّا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ ِلذَنْبِكَ‬
‫‪(}...‬ممد‪ :‬من الية ‪.)19‬‬

‫وعلى هذا‪ ،‬فإذا قال السلم‪ :‬ل إله إل ال بلسانه؛ فعليه أن يضم إل ذلك‬
‫معرفة هذه الكلمة بإياز ث بالتفصيل‪ ،‬فإذا عرف وصدق وآمن؛ فهو الذي يصدق‬

‫(‪ )2‬حديث صحيح‪ :‬رواه أحد (‪ ،)5/236‬وابن حبان (‪)4‬زوائد‪ ،‬وصححه اللبان ف الصحيحة(‪.)3355‬‬
‫عليه تلك الحاديث الت ذكرت بعضها آنفا‪ ،‬ومنها قوله صلى ال عليه وسلم‬
‫مشيا إل شيء من التفصيل الذي ذكرته آنفا‪ " :‬من قال‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬نفعته‬
‫يوما من دهره "‪.)(1‬‬

‫أي كانت هذه الكلمة الطيبة بعد معرفة معناها منجية له من اللود ف النار‬
‫– وهذا أكرره لكي يرسخ ف الذهان – وقد ل يكون قد قام بقتضاها من‬
‫كمال العمل الصال والنتهاء عن العاصي ولكنه سلم من الشرك الكب وقام با‬
‫يقتضيه ويستلزمه شروط اليان من العمال القلبية – والظاهرية حسب اجتهاد‬
‫بعض أهل العلم وفيه تفصيل ليس هذا مل بسطه ‪)(2-‬؛ وهو تت الشيئة‪ ،‬وقد‬
‫يدخل النار جزاء ما ارتكب أو فعل من العاصي أو أخل ببعض الواجبات‪ ،‬ث‬
‫تنجيه هذه الكلمة الطيبة أو يعف ال عنه بفضل منه وكرمه‪ ،‬وهذا معن قوله‬
‫صلى ال عليه وسلم التقدم ذكره‪ " :‬من قال‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬نفعته يوما من دهره‬
‫"‪ ،)(1‬أما من قالا بلسانه ول يفقه معناها‪ ،‬أو فقه معناها ولكنه ل يؤمن بذا العن؛‬
‫فهذا ل ينفعه قوله‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬إل ف العاجلة إذا كان يعيش ف ظل الكم‬
‫السلمي وليس ف الجلة‪.‬‬
‫لذلك ل بد من التركيز على الدعوة إل التوحيد ف كل متمع أو تكتل‬
‫إسلمي يسعى‪ -‬حقيقة وحثيثا – إل ما تدندن به كل الماعات السلمية أو‬
‫جلها‪ ،‬وهو تقيق الجتمع السلمي وإقامة الدولة السلمة الت تكم با أنزل ال‬
‫على أي أرض ل تكم با أنزل ال‪ ،‬هذه الماعات أو هذه الطوائف ل يكنها أن‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬صححه للبان ف السلسلة الصحيحة (‪)1932‬وعزاه لب سعيد العراب ف معجمه وأب نعيم‬
‫ف اللية (‪ ،)5/46‬والطبان ف الوسط (‪ ،)6533‬وهو من حديث أب هريرة رضي ال عنه‪.‬‬
‫(‪ )2‬هذه عقيدة السلف الصال‪ ،‬وهي الد الفاصل بيننا وبي الوارج والرجئة‪.‬‬
‫(‬
‫تقق هذه الغاية – الت أجعوا على تقيقها وعلى السعي‪ -‬حثيثا إل جعلها‬
‫حقيقة واقعية – إل بالبدء با بدأ به الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫وجوب الهتمام بالعقيدة ل يعن إهال باقي الشرع من عبادات‬


‫وسلوك ومعاملت وأخلق‪:‬‬

‫وأعيد التنبيه بأنن ل أعن الكلم ف بيان الهم فالهم وما دونه على أن‬
‫يقتصر الدعاة فقط على الدعوة إل هذه الكلمة الطيبة وفهم معناها‪ ،‬بعد أن أت‬
‫ال عز وجل علينا النعمة بإكماله لدينه ! بل ل بد لؤلء الدعاة أن يملوا السلم‬
‫كُلً ل يتجزأ‪ ،‬وأنا حي أقول هذا‪ -‬بعد ذلك البيان الذي خلصته‪ :‬أن يهتم‬
‫الدعاة السلميون حقا بأهم ما جاء به السلم‪ ،‬وهو تفهيم السلمي العقيدة‬
‫الصحيحة النابعة من الكلمة الطيبة "ل إله إل ال "‪ ،‬أريد أن استرعي النظر إل‬
‫هذا البيان ل يعن أن يفهم السلم فقط أن معن‪ " :‬ل إله إل ال "‪ ،‬هو ل معبود‬
‫بق ف الوجود إل ال فقط ! بل هذه يستلزم أيضا أن يفهم العبادات الت ينبغي‬
‫أن يعبد ربنا‪ -‬عز وجل – با‪ ،‬ول يوجه شيء منها لعبد من عباد ال تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬فهذا التفصيل ل بد أن يقترن بيانه أيضا بذلك العن الوجز للكلمة‬
‫الطيبة‪ ،‬ويسن أن أضرب مثلً – أو أكثر من مثل‪ ،‬حسبما يبدو ل – لن البيان‬
‫الجال ل يكفي‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن كثيا من السلمي الوحدين حقا والذين ل يوجهون عبادة من‬
‫العبادات إل غي ال عز وجل‪ ،‬ذهنهم خال من كثي من الفكار والعقائد‬
‫الصحيحة الت جاء ذكرها ف الكتاب والسنة‪ ،‬فكثي من هؤلء الوحدين يرون‬
‫على كثي من اليات وبعض الحاديث الت تتضمن عقيدة وهم غي منتبهي إل‬
‫ما تضمنته‪ ،‬مع أنا من تام اليان بال عز وجل‪ ،‬خذوا مثلً عقيدة اليان بعلو‬
‫ال عز وجل‪ ،‬على ما خلقه‪ ،‬أنا أعرف بالتجربة أن كثيا من إخواننا الوحدين‬
‫السلفيي يعتقدون معنا بأن ال عز وجل على العرش استوى دون تأويل‪ ،‬ودون‬
‫تكييف‪ ،‬ولكنهم حي يأتيهم معتزليون عصريون‪،‬أو جهميون عصريون‪ ،‬أو‬
‫ماتريدي أو أشعري ويلقي إليه شبهة قائمة على ظاهر آية ل يفهم معناها‬
‫الوسوس ول الوسوس إليه‪ ،‬فيحار ف عقيدته‪ ،‬ويضل عنها بعيدا‪ ،‬لاذا؟ لنه ل‬
‫يتلق العقيدة الصحيحة من كل الوانب الت تعرض لبيانا كتاب ربنا – عز وجل‬
‫– وحديث نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فحينما يقول العتزل العاصر‪ :‬ال –‬
‫سمَاءِ ‪( }...‬اللك‪ :‬اليتان ‪.)16-15‬‬ ‫عز وجل – يقول‪ { :‬أَأَمِنُْتمْ مَ ْن فِي ال ّ‬
‫وأنتم تقولون‪ :‬إن ال ف السماء‪ ،‬وهذا معناه أنكم جعلتم معبودكم ف ظرف هو‬
‫السماء الخلوقة!! فإنه يلقى شبهة على من أمامه‪.‬‬

‫بيان عدم وضوح العقيدة الصحيحة ولوازمها ف أذهان الكثيين‪:‬‬

‫أريد من هذا الثال أن أبي أن عقيدة التوحيد بكل لوازمها ومتطلباتا ليست‬
‫واضحة – للسف ف أذهان كثي من آمنوا بالعقيدة السلفية نفسها‪ ،‬فضلً عن‬
‫الخرين الذين اتبعوا العقائد الشعرية أو الاتريدية أو الهمية ف مثل هذه السألة‪،‬‬
‫فأنا أرمي بذا الثال إل أن السألة ليست بذا اليسر الذي يصوره اليوم بعض‬
‫الدعاة الذين يلتقون معنا ف الدعوة إل الكتاب والسنة إن المر ليس بالسهولة‬
‫الت يدعيها بعضهم‪ ،‬والسبب ما سبق بيانه من الفرق بي جاهلية الشركي‬
‫الولي حينما كانوا يدعون ليقولوا‪ :‬ل إله إل ال فيأبون؛ لنم يفهمون معن هذه‬
‫الكلمة الطيبة‪ ،‬وبي أكثر السلمي العاصرين اليوم حينما يقولون هذه الكلمة؛‬
‫ولكنهم ل يفهمون معناها الصحيح‪ ،‬هذا الفرق الوهري هو الن متحقق ف مثل‬
‫هذه العقيدة‪ ،‬وأعن با علو ال عز وجل على ملوقاته كلها‪ ،‬فهذا يتاج إل بيان‪،‬‬
‫ول يكفي أن يعتقد السلم {الرّ ْحمَنُ َعلَى الْعَرْشِ اسَْتوَى) (طـه‪. )5 :‬‬
‫"ارحوا من ف الرض يرحكم من ف السماء "‪.)(1‬دون أن يعرف أن كلمة‬
‫"ف " الت وردت ف هذا الديث ليست ظرفية‪ ،‬وهي مثل "ف " الت وردت ف‬
‫سمَاءِ ‪( }...‬اللك‪ :‬اليتان ‪.)16-15‬؛ لن "ف"‬ ‫قوله تعال‪ { :‬أَأَمِنُْتمْ مَ ْن فِي ال ّ‬
‫هنا بعن " على " والدليل على ذلك كثي وكثي جدا؛ فمن ذلك‪ :‬الديث‬
‫السابق التداول بي ألسنة الناس‪ ،‬وهو مموع طرقه – والمد ل – صحيح‪،‬‬
‫ومعن قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ارحوا من ف الرض " ل يعن الشرات‬
‫والديدان الت هي ف داخل الرض ! وإنا من على الرض؛ من إنسان وحيوان‪،‬‬
‫وهذا مطابق لقوله صلى ال عليه وسلم‪ ..." :‬يرحكم من ف السماء "‪ ،‬أي‪ :‬على‬
‫السماء‪ ،‬فمثل هذا التفصيل ل بد للمستجيبي لدعوة الق أن يكونوا على بينة‬
‫منه‪ ،‬ويقرب هذا‪ :‬حديث الارية وهي راعية غنم‪ ،‬وهو مشهور معروف‪ ،‬وإنا‬
‫أذكر الشاهد منه؛ حينما سألا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬أين ال؟" قالت‬
‫له‪ :‬ف السماء"‪ .)(1‬لو سألت اليوم كبار شيوخ الزهر – مثلً – أين ال؟ لقالوا‬
‫لك‪ :‬ف كل مكان ! بينما الارية أجابت بأنه ف السماء‪ ،‬وأقرها النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬لاذا؟؛ لنا أجابت على الفطرة‪ ،‬وكانت تعيش با يكن أن نسميه‬
‫بتعبينا العصري ( بيئة سلفية) ل تتلوث بأي بيئة سيئة – بالتعبي العام ‪-‬؛ لنا‬
‫ترجت كما يقولون اليوم – من مدرسة الرسول صلى ال عليه وسلم – هذه‬
‫الدرسة ل تكن خاصة ببعض الرجال ول ببعض النساء‪ ،‬وإنا كانت مشاعة بي‬
‫الناس وتضم الرجال والنساء وتعم الجتمع بأكمله‪ ،‬ولذلك عرفت راعية الغنم‬
‫العقيدة لنا ل تتلوث بأي بيئة سيئة؛ عرفت العقيدة الصحيحة الت جاءت ف‬
‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه أبو داود (‪ ،)4941‬والترمذي(‪ ،)1925‬وصححه اللبان ف الصحيحه (‪.)925‬‬
‫( (‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه مسلم (‪ ،)537‬وأبو داود (‪،)930‬والنسائي (‪ ،)18-1/14‬من حديث معاوية بن‬
‫الكم السلمي رضي ال عنه‪.‬‬
‫الكتاب والسنة وهو مال يعرفه كثي من يدعي العلم بالكتاب والسنة‪ ،‬فل يعرف‬
‫أين ربه! مع أنه مذكور ف الكتاب والسنة‪ ،‬واليوم أقول‪ :‬ل يوجد شيء من هذا‬
‫البيان وهذا الوضوح بي السلمي بيث لو سألت – ل أقول‪ :‬راعية غنم – بل‬
‫راعي أمة أو جاعة؛ فإنه قد يار ف الواب كما يار الكثيون اليوم إل من رحم‬
‫ال وقليل ما هم !!!‬

‫الدعوة إل العقيدة الصحيحة تتاج إل بذل جهد عظيم ومستمر‪:‬‬

‫فإذا‪ ،‬فالدعوة إل التوحيد وتثبيتها ف قلوب الناس تقتضي منا أل نر باليات‬


‫دون تفصيل كما ف العهد الول؛ لنم – أولً – كانوا يفهمون العبارات العربية‬
‫بيسر‪ ،‬وثانيا لنه ل يكن هناك انراف وزيغ ف العقيدة نبع من الفلسفة وعلم‬
‫الكلم‪ ،‬فقام ما يعارض العقيدة السليمة‪ ،‬فأوضاعنا اليوم تتلف تاما عما كان‬
‫عليه السلمون الوائل‪ ،‬فل يوز أن نتوهم بأن الدعوة إل العقيدة الصحيحة هي‬
‫اليوم من اليسر كما كان الال ف العهد الول‪ ،‬وأقرب هذا ف مثل ل يتلف فيه‬
‫اثنان ول ينتطح فيه عنان – إن شاء ال تعال‪:-‬‬

‫من اليسر العروف حينئذ أن الصحاب يسمع الديث من رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم مباشرة ث التابعي يسمع الديث من الصحاب مباشرة ‪ ...‬وهكذا‬
‫نقف عند القرون الثلثة الشهود لا باليية‪ ،‬ونسأل‪ :‬هل كان هناك شيء اسه‬
‫علم الديث؟ الواب‪ :‬ل‪ ،‬وهل كان هناك شيء اسه علم الرح والتعديل؟‬
‫الواب‪ :‬ل‪ ،‬أما الن فهذان العلمان ل بد منهما لطالب العلم‪ ،‬وها من فروض‬
‫الكفاية؛ وذلك لكي يتمكن العال اليوم من معرفة الديث إن كان صحيحا أو‬
‫ل كما كان ذلك ميسرا للصحاب‪ ،‬لن الصحاب‬ ‫ضعيفا‪ ،‬فالمر ل يعد ميسرا سه ً‬
‫كان يتلقى الديث من الصحابة الذين زكوا بشهادة ال – عز وجل – لم ‪...‬‬
‫إل‪ .‬فما كان يومئذ ميسورا ليس ميسورا اليوم من حيث صفاء العلم وثقة‬
‫مصادر التلقي‪ ،‬لذا ل بد من ملحظة هذا المر والهتمام به كما ينبغي ما‬
‫يتناسب مع الشاكل الحيطة بنا اليوم بصفتنا مسلمي‪ ،‬والت ل تط بالسلمي‬
‫الولي من حيث التلوث العقدي الذي سبب إشكالت وأوجد شبهات من أهل‬
‫البدع النحرفي عن العقيدة الصحيحة منهج الق تت مسميات كثية‪ ،‬ومنها‬
‫الدعوة إل الكتاب والسنة فقط ! كما يزعم ذلك ويدعيه النتسبون إل علم‬
‫الكلم‪.‬‬

‫ويسن بنا هنا أن نذكر بعض ما جاء ف الحاديث الصحيحة ف ذلك‬


‫ومنها‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم لا ذكر الغرباء ف بعض تلك الحاديث‪،‬‬
‫قال‪ " :‬للواحد منهم خسون من الجر "‪ ،‬قالوا‪ :‬منا يا رسول ال أو منهم؟ قال‪:‬‬
‫" منكم"‪.)(1‬‬

‫وهذا من نتائج الغربة الشديدة للسلم اليوم الت ل تكن ف الزمن الول‪ ،‬ول‬
‫شك أن غربة الزمن الول كانت بي شرك صريح وتوحيد خال من كل شائبة‪،‬‬
‫بي كفر بواح وإيان صادق‪ ،‬أما الن فالشكلة بي السلمي أنفسهم فأكثرهم‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه الطبان ف الكبي (‪ )10/255‬رقم (‪ ،)10394‬من حديث ابن مسعود رضي ال عنه‪.‬وله‬
‫شاهد من حديث عقبة بن غزوان الصحاب رضي ال عنه رواه البزار كما ف الزوائد (‪)7/282‬وله شاهد آخر من‬
‫حديث أب ثعلبة الشن رضي ال عنه رواه أبو داود (‪ ،)4341‬وصححه اللبان ف الصحيحة (‪.)494‬‬
‫توحيده مليء بالشوائب‪ ،‬ويوجه العبادات إل غي ال ويدعي اليان؛ هذه القضية‬
‫ينبغي النتباه لا أولً‪ ،‬وثانيا‪ :‬ل ينبغي أن يقول بعض الناس‪ :‬إننا ل بد لنا من‬
‫النتقال إل مرحلة أخرى غي مرحلة التوحيد وهي العمل السياسي !! لن‬
‫السلم دعوته دعوة حق أولً‪ ،‬فل ينبغي أن نقول‪ :‬نن عرب والقرآن نزل بلغتنا‪،‬‬
‫مع تذكينا أن العرب اليوم عكس العاجم الذين استعربوا‪ ،‬بسبب بعدهم عن‬
‫لغتهم‪ ،‬وهذا ما أبعدهم عن كتاب ربم وسنة نبيهم‪ ،‬فهب أننا – نن العرب –‬
‫قد فهمنا السلم فهما صحيحا‪ ،‬فليس من الواجب علينا بأن نعمل عملً‬
‫سياسيا‪ ،‬ونرك الناس تريكا سياسيا‪ ،‬ونشغلهم بالسياسة عما يب عليهم‬
‫الشتغال به‪ ،‬ف فهم السلم‪ :‬ف العقيدة‪ ،‬والعبادة‪ ،‬والعاملة والسلوك !! فأنا ل‬
‫أعتقد أن هناك شعبا يعد بالليي قد فهم السلم فهما صحيحا –أعن‪ :‬العقيدة‪،‬‬
‫والعبادة‪ ،‬والسلوك –ورب عليها‪.‬‬

‫أساس التغيي هو منهج التصفية والتربية‪:‬‬


‫ولذلك نن ندندن أبدا ونركز دائما حول النقطتي الساسيتي اللتي ها‬
‫قاعدة التغيي الق‪ ،‬وها‪ :‬التصفية والتربية‪ ،‬فل بد من المرين معا؛ التصفية‬
‫والتربية‪ ،‬فإن كان هناك نوع من التصفية ف بلد فهو ف العقيدة‪ ،‬وهذا – بد ذاته‬
‫– يعتب عملً كبيا وعظيما أن يدث ف جزء من الجتمع السلمي الكبي‪-‬‬
‫أعن‪ :‬شعبا من الشعوب ‪ ،-‬أما العبادة فتحتاج إل أن تتخلص من الذهبية‬
‫الضيقة‪ ،‬والعمل على الرجوع إل السنة الصحيحة‪ ،‬فقد يكون هناك علماء أجلء‬
‫فهموا السلم فهما صحيحا من كل الوانب‪ ،‬لكن ل أعتقد أن فردا أو اثني‪،‬‬
‫أو ثلثة‪ ،‬أو عشرة‪ ،‬أو عشرين يكنهم أن يقوموا بواجب التصفية‪ ،‬تصفية السلم‬
‫من كل ما دخل فيه؛ سواء ف العقيدة‪ ،‬أو العبادة‪ ،‬أو السلوك‪ ،‬إنه ل يستطيع أن‬
‫ينهض بذا الواجب أفراد قليلون يقومون بتصفية ما علق به من كل دخيل ويربوا‬
‫من حولم تربية صحيحة سليمة‪ ،‬فالتصفية والتربية الن مفقودتان‪.‬‬

‫ولذلك سيكون للتحرك السياسي ف أي متمع إسلمي ل يكم بالشرع آثار‬


‫سيئة قبل تقيق هاتي القضيتي الامتي‪ ،‬أما النصيحة فهي تل مل التحرك‬
‫السياسي ف أي بلد يكم بالشرع من خلل الشورة أو من خلل إبدائها بالت‬
‫هي أحسن بالضوابط الشرعية بعيدا عن لغة اللزام أو التشهي‪ ،‬فالبلغ يقيم‬
‫الجة ويبئ الذمة‪.‬‬

‫ومن النصح أيضا‪ ،‬أن نشغل الناس فيما ينفعهم؛ بتصحيح العقيدة‪ ،‬والعبادة‪،‬و‬
‫السلوك‪ ،‬والعاملت‪.‬‬
‫وقد يظن بعضهم أننا نريد تقيق التربية والتصفية ف الجتمع السلمي! كل‬
‫هذا ما ل نفكر فيه ول نلم به ف النام؛ لن هذا تقيقه مستحيل؛ ولن ال عز‬
‫وجل يقول ف القرأن الكري { َوَلوْ شَا َء رَبّكَ لَجَعَ َل النّاسَ أُمّةً وَا ِحدَةً وَل يَزَالُونَ‬
‫ُمخْتَلِفِيَ}(هود‪.)118 :‬‬
‫وهؤلء ل يتحقق فيهم قول ربنا تعال هذا إل إذا فهموا السلم فهما‬
‫صحيحا وربوا أنقسهم وأهليهم ومن كان حولم على هذا السلم الصحيح‪.‬‬

‫من يشتغل بالعمل السياسي؟ ومت؟‬

‫فالشتغال الن بالعمل السياسي مشغلة ! مع أننا ل ننكره‪ ،‬إل أننا نؤمن‬
‫بالتسلسل الشرعي النطقي ف آن واحد‪ ،‬نبدأ بالعقيدة‪ ،‬ونثن بالعبادة ث بالسلوك؛‬
‫تصحيحا وتربية ث ل بد أن يأت يوم ندخل فيه ف مرحلة السياسة بفهومها‬
‫الشرعي؛ لن السياسة معناه‪ :‬إدارة شؤون المة‪ ،‬من الذي يدير شؤون المة؟‬
‫ليس زيدا‪ ،‬وبكرا‪ ،‬وعمرا؛ من يؤسس حزبا أو يترأس حركة‪ ،‬أو يوجه جاعة !!‬
‫هذا المر خاص بول المر؛ الذي يبايع من قبل السلمي‪ ،‬هذا هو الذي يب‬
‫عليه معرفة سياسة الواقع وإدارته‪ ،‬فإذا كان السلمون غي متحدين – كحالنا‬
‫اليوم – فيتول ذلك كل ول أمر حسب حدود سلطاته‪ ،‬أما أن نشغل أنفسنا ف‬
‫أمور لو افترضنا أننا عرفناها حق العرفة فل تنفعنا معرفتنا هذه؛ لننا ل نتمكن من‬
‫إدارتا‪ ،‬ولننا ل نلك القرار لدارة المة‪ ،‬وهذا وحده عبث ل طائل تته‪،‬‬
‫ولنضرب مثلً الروب القائمة ضد السلمي ف كثي من بلد السلم هل يفيد أن‬
‫نشعل حاسة السلمي تاهها ونن ل نلك الهاد الواجب إدارته من إمام‬
‫مسؤول عقدت له البيعة؟! ل فائدة من هذا العمل‪ ،‬ول نقول‪ :‬إنه ليس بواجب !‬
‫ولكننا نقول‪ :‬إنه أمر سابق لوانه‪ ،‬ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غينا‬
‫من ندعوهم إل دعوتنا؛ بتفهيمهم السلم الصحيح‪ ،‬وتربيتهم تربية صحيحة‪ ،‬أما‬
‫أن نشغلهم بأمور حاسية وعاطفية‪ ،‬فذلك ما سيصرفهم عن التمكن ف فهم‬
‫الدعوة الت يب أن يقوم با كل مكلف من السلمي؛ كتصحيح العقيدة‪،‬‬
‫وتصحيح العبادة‪ ،‬وتصحيح السلوك‪ ،‬وهي من الفروض العينية الت ل يعذر القصر‬
‫فيها‪ ،‬وأما المور الخرى فبعضها يكون من المور الكفائية‪ ،‬كمثل ما يسمى‬
‫اليوم بـ (فقه الواقع ) والشتغال بالعمل السياسي الذي هو من مسئولية من لم‬
‫الل والعقد‪ ،‬الذين بإمكانم أن يستفيدوا من ذلك عمليا‪ ،‬أما أن يعرفه بعض‬
‫الفراد الذين ليس بأيديهم حل ول عقد ويشغلوا جهور الناس بالهم عن الهم‪،‬‬
‫فذلك ما صرفهم عن العرفة الصحيحة ! وهذا ما نلمسه لس اليد ف كثي من‬
‫مناهج الحزاب والماعات السلمية اليوم‪ ،‬حيث نعرف أن بعضهم انصرف‬
‫عن تعليم الشباب السلم التكتل واللتف حول هؤلء الدعاة من أجل أن يتعلم‬
‫ويفهم العقيدة الصحيحة‪ ،‬والعبادة الصحيحة‪ ،‬والسلوك الصحيح‪ ،‬وإذا ببعض‬
‫هؤلء الدعاة ينشغلون بالعمل السياسي وماولة الدخول ف البلانات الت تكم‬
‫بغي ما أنزل ال ! فصرفهم هذا عن الهم واشتغلوا با ليس مهماً ف هذه‬
‫الظروف القائمة الن‪.‬‬

‫أما ما جاء ف السؤال عن كيفية براءة ذمة السلم أو مساهته ف تغيي هذا‬
‫الواقع الليم؛ فنقول‪ :‬كل من السلمي بسبه‪ ،‬العال منهم يب عليه ما ل يب‬
‫على غي العال‪ ،‬وكما أذكر ف مثل هذه الناسبة‪ :‬أن ال عز وجل قد أكمل‬
‫النعمة بكتابه‪ ،‬وجعله دستورا للمؤمني به‪ ،‬من ذلك أن ال تعال قال‪...{ :‬‬
‫فَاسَْألُوا أَهْ َل الذّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ ل تَعَْلمُونَ}(النبياء‪ :‬من الية ‪ )7‬فال سبحانه وتعال‬
‫قد جعل الجتمع السلمي قسمي‪ :‬عالا‪ ،‬وغي عال‪ ،‬وأوجب على كل منهما‬
‫مال يوجبه على الخر‪ ،‬فعلى الذين ليسوا بعلماء أن يسألوا أهل العلم‪ ،‬وعلى‬
‫العلماء أن ييبوهم عما سئلوا عنه‪ ،‬فالواجبات – من هذا النطلق – تتلف‬
‫باختلف الشخاص‪ ،‬فالعال اليوم عليه أن يدعوا إل دعوة الق ف حدود‬
‫الستطاعة‪ ،‬وغي العال عليه أن يسأل عما يهمه بق نفسه أو من كان راعيا؛‬
‫كزوجة أو ولد أو نوه‪ ،‬فإذا قام السلم –من كل الفريقي – با يستطيع؛ فقد‬
‫نا‪ ،‬لن ال عز وجل يقول‪ { :‬ل يُكَلّفُ اللّهُ نَفْسا ِإلّا وُسْ َعهَا }(البقرة‪ :‬من الية‬
‫‪.)286‬‬

‫نن – مع السف ‪ -‬نعيش ف مأساة ألت بالسلمي‪ ،‬ل يعرف التاريخ لا‬
‫مثيلً‪ ،‬وهو تداعي الكفار على السلمي‪ ،‬كما أخب النب صلى ال عليه وسلم ف‬
‫مثل حديثه العروف والصحيح‪ " :‬تداعى عليكم المم كما تداعى الكلة إل‬
‫قصعتها"‪ ،‬قالوا‪ :‬أمن قلة نن يومئذ يا رسول ال؟ قال‪" :‬ل‪ ،‬أنتم يومئذ كثي‪،‬‬
‫ولكنكم غثاء كغثاء السيل‪ ،‬ولينعن ال الرهبة من صدور عدوكم لكم‪ ،‬وليقذفن‬
‫ف قلوبكم الوهن"‪ ،‬قالوا‪ :‬وما الوهن يارسول ال؟ قال‪" :‬حب الدنيا وكراهية‬
‫‪)(1‬‬
‫الوت"‪.‬‬

‫فواجب العلماء إذا‪ ،‬أن ياهدوا ف التصفية والتربية‪ ،‬وذلك بتعليم السلمي‬
‫التوحيد الصحيح وتصحيح العقائد والعبادات‪ ،‬والسلوك‪ ،‬كل حسب طاقته وف‬
‫البلد الت يعيش فيها‪ ،‬لنم ل يستطيعون القيام بهاد اليهود ف صف واحد‬
‫ماداموا كحالنا اليوم‪ ،‬متفرقي‪ ،‬ل يمعهم بلد واحد ول صف واحد‪ ،‬فإنم ل‬
‫يستطيعون القيام بثل هذا الهاد لصد العداء الذين تداعوا عليهم‪ ،‬ولكن عليهم‬
‫أن يتخذوا كل وسيلة شرعية بإمكانم أن يتخذوها‪ ،‬لننا ل نلك القدرة الادية‪،‬‬
‫ولو استطعنا‪ ،‬فإننا ل نستطيع أن نتحرك فعلً‪ ،‬لن هناك حكومات وقيادات‬
‫وحكاما ف كثي من بلد السلمي يتبنون سياسات ل تتفق مع السياسة الشرعية‬
‫– مع السف الشديد – لكننا نستطيع أن نقق – بإذن ال تعال _ هذين‬
‫المرين العظيمي اللذين ذكرتما آنفا وها التصفية والتربية‪ ،‬وحينما يقوم الدعاة‬
‫السلمون بذا الواجب الهم جدا ف بلد ل يتبن سياسة ل تتفق مع السياسة‬
‫الشرعية‪ ،‬ويتمعون على هذا الساس‪ ،‬فأنا أعتقد – يومئذ‪ -‬أنه سيصدق عليهم‬
‫قول ال عز وجل‪{ :‬وََيوْمَِئذٍ يَفْ َرحُ اْلمُؤْمِنُونَ‪ .‬بَِنصْرِ اللّه)(الروم‪ :‬من الية ‪)5-4‬‬
‫‪.‬‬

‫الواجب على كل مسلم أن يطبق حكم ال ف شئون حياته كلها‬


‫فيما يستطيعه‪:‬‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه أبو داود (‪ ،)4297‬وأحد (‪ ،)5/287‬من حديث ثوبان رضي ال عنه‪ ،‬وصححه بطريقيه‬
‫اللبان ف الصحيحة (‪.)958‬‬
‫إذا‪ ،‬واجب كل مسلم أن يعمل ما باستطاعته‪ ،‬ول يكلف ال نفسا إل‬
‫وسعها‪ ،‬وليس هناك تلزم بي إقامة التوحيد الصحيح والعبادة الصحيحة‪ ،‬وبي‬
‫إقامة الدولة السلمية ف البلد الت ل تكم با أنزل ال‪ ،‬لن أول ما يكم با‬
‫أنزل ال –فيه‪ -‬هو إقامة التوحيد‪ ،‬وهناك – بل شك – أمور خاصة وقعت ف‬
‫بعض العصور وهي أن تكون العزلة خيا من الخالطة‪ ،‬فيعتزل السلم ف شعب‬
‫من الشعاب ويعبد ربه‪ ،‬ويكف من شر الناس إليه‪ ،‬وشره إليهم‪ ،‬هذا المر قد‬
‫جاءت فيه أحاديث جدا وإن كان الصل كما جاء ف حديث ابن عمر –رضي‬
‫ال عنه ‪" :-‬الؤمن الذي يالط الناس ويصب على أذاهم خي من الؤمن الذي ل‬
‫يالط الناس ول يصب على أذاهم "‪ .)(1‬فالدولة السلمة – بل شك – وسيلة‬
‫لقامة حكم ال ف الرض‪ ،‬وليست غاية بد ذاتا‪.‬‬

‫ومن عجائب بعض الدعاة أنم يهتمون با ل يستطيعون القيام به من المور‪،‬‬


‫ويدعون ما هو واجب عليهم وميسور ! وذلك بجاهدة أنفسهم كما قال ذلك‬
‫الداعية السلم؛ الذي أوصى أتباعه بقوله‪ " :‬أقيموا دولة السلم ف نفوسكم تقم‬
‫لكم ف أرضكم"‬

‫ومع ذلك فنحن ند كثيا من أتباعه يالفون ذلك‪ ،‬جاعلي جل دعوتم إل‬
‫إفراد ال عزوجل بالكم‪ ،‬ويعبون عن ذلك بالعبارة العروفة‪ " :‬الاكمية ل "‪.‬‬
‫ول شك بأن الكم ل وحده ول شريك له ف ذلك ول ف غيه‪ ،‬ولكنهم؛ منهم‬
‫من يقلد مذهبا من الذاهب الربعة‪ ،‬ث يقول – عندما تأتيه السنة الصرية‬
‫الصحيحة ‪ :-‬هذا خلف مذهب ! فأين الكم با أنزل ال ف اتباع السنة؟!‪.‬‬

‫(‪ )1‬حديث صحيح‪ :‬رواه الترمذي (‪ ،)2507‬وابن ماجه (‪ ،)4032‬والبخاري ف الدب الفرد (‪ ،)388‬وأحد (‪ ،)5/365‬من‬
‫حديث شيخ من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وصححه اللبان ف الصحيحة (‪.)939‬‬
‫ومنهم من تده يعبد ال على الطرق الصوفية ! فأين الكم با أنزل ال‬
‫بالتوحيد؟! فهم يطالبون غيهم با ل يطالبون به أنفسهم‪ ،‬إن من السهل جدا أن‬
‫تطبق الكم با أنزل ال ف عقيدتك‪ ،‬ف عبادتك‪ ،‬ف سلوكك‪ ،‬ف دارك‪ ،‬ف تربية‬
‫أبنائك‪ ،‬ف بيعك‪ ،‬ف شرائك‪ ،‬بينما من الصعب جدا‪ ،‬أن تب أو تزيل ذلك‬
‫الاكم الذي يكم ف كثي من أحكامه بغي ما أنزل ال‪ ،‬فلماذا تترك اليسر إل‬
‫العسر؟!‪.‬‬

‫هذا يدل على أحد شيئي‪ :‬إما أن يكون هناك سوء تربية‪ ،‬وسوء توجيه‪ .‬وإما‬
‫أن يكون هناك سوء عقيدة تدفعهم وتصرفهم إل الهتمام با ل يستطيعون تقيقه‬
‫عن الهتمام با هو داخل ف استطاعتهم‪ ،‬فأما اليوم فل أرى إل الشتغال كل‬
‫الشتغال بالتصفية والتربية ودعوة الناس إل صحيح العقيدة والعبادة‪ ،‬كل ف‬
‫حدود استطاعته‪ ،‬ول يكلف ال نفسا إل وسعها‪ ،‬والمد ل رب العالي‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا ممد عليه وآله وسلم‪.‬‬

You might also like