You are on page 1of 1

‫إن الحقيقة هي ما نبحث عنه‪ .

‬و قد نختلف في زوايا النظر إليها‪ ،‬غير أنها تبقى ذلك‬


‫الهمم الوجودي الذي سميجمع بيننما يومما مما‪ .‬إن أعظمم مما يهدد الحوار الحضاري بيمن الممم و‬
‫يجهمض أي محاولة للتقريمب بيمن النما و الخمر همو تلك النزعمة العلميمة التمي تأسمر عقولنما و‬
‫تصمد أبواب المعرفمة و التنويمر فمي وجههما‪ .‬إن "العقائد الدينيمة" همي بحمق ممن أبرز العناصمر‬
‫المشكلة لتصموراتنا و لراداتنما فمي الحياة‪ .‬و نظرا للموقمع المركزي الذي يشغله "الديمن" فمي‬
‫حياتنما‪ ،‬فل بمد ممن إعادة النظمر فيمه برشمد ليجاد نقاط التقاطمع بينمه و بيمن المعرفمة العلميمة‬
‫المعاصمرة‪ .‬بهذا المعنمى ل نقصمد أن الخلل فمي الديمن ذاتمه‪ ،‬و لكنمه فمي فهوم الناس و مناهمج‬
‫تفكيرهم و تلقيهم للمعرفة‪.‬‬
‫كثيممر مممن الملحديممن الذيممن يتشدقون باسممم "العلم" و "التفكيممر المنطقممي" ممما فتئوا‬
‫يقصمممون "الغيمممب" ممممن دائرة العلم و اليمان إلى دائرة الجحود و الخرافمممة‪ .‬الغيمممب‪ -‬ذلك‬
‫الشمق(بكسمر الشيمن) الخمر للوجود‪ -‬مما انفمك "الماديون" يصمفونه بكونمه عالمما للشباح و‬
‫الخرافات‪ ،‬عوض أن يكون عالممما يسممتحق التقديممر و العتبار‪ .‬و نتسمماءل‪ :‬إلى متممى سمميظل‬
‫هؤلء ينفون الديمن كمورد موثوق للمنطمق والمعرفمة العلميمة؟ همل الديمن و العلم فمي تعارض‬
‫أم فممي توافممق؟ إن مثممل هذه السممئلة تسممتفز مشاعممر المؤمممن و عقيدتممه و تدفعممه إلى الحجاج‬
‫(بكسمر الحاء) ضمد هذه النزعمة العلميمة التمي تضمع العلم و الديمن فمي طرفمي نقيمض‪ ،‬و تدفمع‬
‫ذوي اليمان الضعيممف إلى المطالبممة بالحوار بيممن العلم و الديممن‪ ،‬فكأنممما هناك فممي الصممل‬
‫خصاما حقيقيا بينهما‪.‬‬
‫إن مما نراه ليمس دائمما مما نعتقده‪ .‬إن مما نراه همو "الممكمن" و "المحتممل" و مما إلى‬
‫ذلك ممن العبارات التمي توحمي بنسمبية الدراك النسماني‪ .‬غيمر أنمه لبمد ممن الشارة إلى أن‬
‫العتقاد ممن أعلى الدرجات التمي يتحول عندهما الدراك النسماني إلى إيمان‪ .‬وأقصمد بهذا أنمه‬
‫من "الدغمائية" بالنسبة لي أن أنفي حقيقة بدافع أن طاقتي الدراكية غير كافية لدراك تلك‬
‫الحقيقة‪ ،‬أو لن النظام الدراكي الذي أعملته لدراكها ل يتلءم و طبيعة الحقيقة التي أنفيها‪.‬‬
‫ما ل نراه بأعيننا في عالم الشهادة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬قد ندركه بآذاننا أو بنظام آخر للدراك‬
‫الحسمي‪ .‬المواج الصموتية مثل تسمتدعي نظامما صموتيا ‪ Auditory System‬و همو الذن‪ .‬و‬
‫بغمض النظمر عمما إذا كان هذا النظام طبيعيما أو صمناعيا‪ ،‬فإن لكمل حقيقمة أو معرفمة طبيعتهما‬
‫الخاصة‪ ،‬و كذا نظامها الدراكي الخاص‪.‬‬
‫و بالنظمممممر إلى البراهيمممممن المقدممممممة أعله‪ ،‬فإن "العلمييمممممن" و "الفيزيائييمممممن"‬
‫و"الطمبيعويين" ل حمق لهمم فمي نفمي الغيمب‪/‬الديمن لن مجال اهتمامهمم و إيمانهمم ينحصمر فمي‬
‫دائرة المادة و ما كان امتدادا لها من المحسوسات‪ .‬من ثمة فإن "النزعة المادية" في التفكير‬
‫و الحكمم تجعمل وجهمة نظمر النسمان سمطحية‪/‬ظاهريمة ‪superficial‬غيمر قادرة على إدراك‬
‫البعمد الروحمي‪/‬الغيمبي للمعرفمة‪ .‬و بناء عليمه أقول‪ :‬إن مما ل نسمتطيع إدراكمه مرة‪ ،‬ل يحمق لنما‬
‫نفيه بالمرة‪.‬‬
‫إن العلم و الديممن جناحان لطائر واحممد‪ ،‬بممل العلم جزء مممن كممل الديممن‪ .‬إن مثممل هذه‬
‫الخلصمة ل تنحصمر أهميتهما فمي تصمحيح تصمورنا للعالم و الحقيقمة‪ ،‬و لكنهما‪ ،‬أيضما‪ ،‬تممد‬
‫جسمور الحوار و التواصمل بيمن النما و الخمر‪ ،‬و تجعمل آفاق الحوار الحضاري بيمن الممم و‬
‫الحضارات أكثر اتساعا و رحابة‪.‬‬

‫كتبه بالنجليزية و ترجمه ‪:‬الكوط عبد الواحد‬


‫مؤسس و رئيس سابق ل"لجنة النجليزية للحوار و التواصل" داخل منظمة التجديد‬
‫الطلبي‪ ،‬فرع مكناس‬
‫الحد‪ 24 ،‬شباط‪2008 ،‬‬

You might also like