Professional Documents
Culture Documents
The Kingdom of God Arabic
The Kingdom of God Arabic
ال
زهير حنا
1 رجل أسمه شاول
الجزء الول
أدرك هذا الرجل ،من خلل اجتيازه لختبار مبدل للحياة ،أن فهمه ل ومملكششة الش كششان فهمشًا ناقصشًا.
أتضح له انه كان يحتاج أن يزيد معرفته عن ال وعن الطبيعة الحقيقية لمملكه ال .إنما كانت به حاجة
إلى معرفة شخصية اختباريه تترك معه قوة روحية دائمة يستطيع بها مقاومة قوات الشر والشششيطان.
وأصبح على وعي "بالجهاد الكبر" ،الجهاد الحقيقي إل وهو الحاجة إلى أنه يقهر المرء نفسه عوضًا
عن قهر الخرين .رأى العبث المطلق للعنف ،وأدرك أن القوة الوحيدة التي أبدا تقششدر علششى تغييششر مششا
بقلوب الناس ما هي إل قوة رحمة ال ورأفته.
يا رب ،إذ نقرأ عن هذه القوة المغيرة للحياة ،زدنا معرفة حتى تسود صفات مملكتك الجميلة
وخواصها في قلوبنا .يا رب أرشدنا إلى طريقك المستقيمة وأحفظنا من شر الشيطان وطرقه.
وأجعلنا نحيا إلى البد في فردوس النعيم .فلتظهر مملكتك ولتتحقق مشيئتك في حياتنا .إذ نعقد
العزم على أن نستسلم إليك تماما ،آمين.
2 رجل أسمه شاول
ايليفيريييسييي
كان شاول فريسيًا .وقد مثل الفريسيون طائفة بارزة من اليهود أيدت اللتزام التام والصارم بالشششريعة
الدينية .كانوا المتدينين الملتزمين في عهدهم .وعنت الكلمة فريسششي "النفصششالي" ودلششت علششى فصششل
المرء نفسه من أي شئ نجس أو غير مقدس .وبدأت الحركة الفريسية حشوالي 800عامشًا قبششل ظهششور
السلم ،ونمت بثبات نتيجة القلق من تأثير الحضارة الغريقية المفسد الذي تسرب إلششى منششاطق عششدة
في الشرق الوسط وقششد أنزعشج الكششثير مشن اليهشود مششن الجهشود المنظمششة الششتي بششذلتها المبراطوريشة
الغريقية لتنشر فلسفتها اللدينية ودينها الوثني بين سكان القاليم الخاضعة لها ،وعمد الفريسيون فششي
مقاومتهم للنفوذ الششدخيل إلششى تجنيششد أعضششاء جششدد فششي طششائفتهم ،ونظششم هششؤلء العضششاء أنفسششهم مشن
أخويات محليشة ،وأدوا وظشائفهم بشإدارة خشبراء ششرعيين وكتبشة ومعلميشن وكهنشة ،ورأوا فشي ذواتهشم
أنصار "قضية" ال العاقدي العزم على تنفيذ أمششره ببقششائهم منفصششلين أتقيششاء .كششان الفريسششيون تلميششذ
متحمسين للكتب المقدسة عارفين بالنتداب اللهي الذي أوحى بششه لموسششى النششبي إذ قششد أعلمشه الش لششه
ل:
قائ ً
" كونوا قدسيين لني أنا قدوس ،وقد أفرزتكم من بين الشعوب لتكونوا خاصتي " لويين .26 : 20
بعث الفريسيون المعتقد بأن ال كان قد اختار شعبه لهدف خاص ،وذكششروا قششومهم بششأن وعششد الش لهششم
بمكان التفضيل كان وعدًا مشروطًا:
" لذلك أن أطعتم عهدي ،تكونوا لي ملكا خاصا من بين جميع الشعوب لن لي كل الرض ،وتكونون
لي مملكة كهنة وأمة مقدسة " .خروج . 6 ، 5 : 19
ذلك هو العهد المذكور في القرآن:
يا بني إسرائيل إذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإيششاي فششأرهبون..سششورة
البقرة الية40.
وبسبب هذا التذكير التحذيري ،أخذ الفريسيون على عاتقهم إعادة تحديد طبيعة العهد المقدس بيششن ال ش
وشششعبه المختششار .وكششان ذلششك يتنششاول جششزء مششن الهويششة القوميششة قششد تآكششل بفعششل الزمششن وبتششأثير
المبراطوريات الوثنية .فأستهل الفريسيون قوة دينية اجتماعية غايتها الرجوع إلششى جششذورهم الدينيششة.
وأصروا على وجهة نظرهم بأن النزعة الخطرة نحو النحطاط الخلقي كانت نتيجة مباشرة للتسويات
الثقافية وفتور المششاعر الدينيشة .لقشد وقشع النشاس فريسشة لغشراءات العصشر والعلمنشة والدنيويشة ولشم
يعودوا يهتمون بإيفاء متطلبات الشريعة.
3 رجل أسمه شاول
هكذا كانت مهمة الفريسيين إرغام كل شخص في المجتمع اليهودي ل على دراسششة الشششريعة المقدسششة
فحسب بل وعلى تطبيقها في الحياة اليومية .وكان هذا واجبًا فرديًا بقدر ما كان واجبًا قومي شًا .وكششانت
الشريعة هي التي تحدد الهوية القومية للشعب اليهودي الذي كان آنئذ مشتتًا فششي أرجششاء العششالم ،وكششان
التقيد بالشريعة هو التعبير عشن الشولء اليهششودي ،فشوجبت المشششاركة مشن كشل فشرد واعتششبر التضشامن
الجماعي ضروريًا لبقاء المجتمع.
ايليشيريييعيةي ايليميقيديسيةي
آمن الفريسيون أن ال قد أصدر قوانين لكششل مششن تفاصششيل الحيششاة .وبوصششفهم خششادمين لش كششان واجبشاً
عليهم أن يتعلموا تلك القشوانين ويطيعوهشا بشإخلص .فتكرسشوا لدراسشة الششريعة المقدسشة ،وتأويلهشا،
وسنها ،مما جعلهم خبراء المجتمع الديني .لقد أعتبر الفريسيون أنفسهم طلئع الشريعة ،مدعين حقوقًا
مقصورة عليهم في تفسيرها وتطبيقها .ولم يسمحوا بأي تفسير أو تحد من خارج مفهومهم.
أما الشريعة الملفوظة أي الشفهية فقد تكونت مششن أعششراف ومششن تعليمششات دينيششة إفششترض أنهششا أنتقلششت
شفهيًا من جيل إلى أخر من طريق علماء وحكماء اليهود بدءا بموسشى وسشواه مشن النبيشاء .ولشم تكشن
التقاليد ،أو العراف كلمات موحى بها من ال ،بششل كششانت شششروحا وتفسششيرات شخصششية مششن النبيششاء
ورجال دين آخرين .وقد اعتبرت هذه القوال مقدسة تمامًا مثل الشريعة المكتوبة .ولكششن بسششبب تغيششر
الزمان وغشزوة الثقافشات الجنبيشة احتشاجت التقاليشد إلشى أنظمشة جديشدة أدخلشت كتعشديلت أو ملحشق
للشريعة القائمة.
ونتيجة لذلك ,وعلى مدى قرون عديدة ،غششزرت الشششريعة الملفوظششة الششتي أصششبحت تعششرف ب"تقاليششد
الشيوخ" وتشكلت من مجموعة ضخمة من تعليمششات شششديدة التششدقيق فششي التفاصششيل .وقششد شششملت تلششك
النظمة مجالت مثل الغشذاء أو تحضشير الطعشام ،وذبشح الحيوانشات ،والتبرعشات للمجشامع ،والتجشارة
والعناية البدنية,الختان والعيششاد ،وشششروط الملبششس الدينيششة ،والصششلة ،والصششوم ،والطهششارة ومسششائل
تتناول السلوك الجتماعي.
4 رجل أسمه شاول
ايليشيعيايئيري ايليميقيديسيةي
كانت إقامة الصلة هي أهم عمل وتيري يومي في المجتمع اليهودي .وكششانت إلزاميششة علششى كششل ذكششر
منذ بلوغه عامه الثالث عشر ،ثلث مرات في اليوم .عند الصبح ،وبعد الظهر ،ووقت المسششاء .وكششان
جششديرًا بالتقششدير أن يششؤدى الصششلة مششع جماعششة المششؤمنين فششي مكششان مخصششص أصششبح أخيششرًا يششدعى
"سيناجوج" وهي كلمة يونانية تدعى "مجمع" أو الجامع وكان هيكل أورشليم أفضل مكششان للصششلة،
فيه إستطاع العابدون أن يقبلوا الرض توقيرًا بالغًا للله العلي .بيد أن الكثيرين من الفريسيين لم يكن
بميسورهم أن يزوروا الهيكل إل أثناء الحج السنوي إلى المدينة المقدسة.
قبل الصلة :كان العابد يقوم يغسل يديه وقدميه ويرتدي غطاء للرأس .وفي حيششن الصششلة كششان العابششد
يقف مواجهًا للهيكل المقدس في أورشليم )القدس( .ولم يكششن يتلششو فششي صششلته كلمششات بالعبريششة ،لغتششه
المقدسة فحسب بل كذلك كان يتقيد بوضعات رتيبة محدودة إشتملت على الوقوف ورفع اليدي .ومششا
كانت أي صلة لتكتمل من غير العلن عن إيمان راسخ بوحدانية ال" .إسمع يا إسرائيل الرب إلهنششا
واحد".
كانت تلك القواعد موضوعة لكهنة الفريسيين صارمة بصورة خاصة .لقد نصششحوا بششأن يعيشششوا حيششاة
بسششيطة وأن يتجنبششوا السششراف فششي الكششل واسششباب الششترف .كمششا تحتششم أن يكونششوا متمتعيششن بالصششحة
وخاليين من أي عاهة جسدية .ولم يكن بمستطاعهم أن يتزوجوا من نساء مطلقششات أو حششتى القششتراب
ظَر عليهم الدنو من أي مظهر للموت سواء كان جثة أم مقبرة .ويتعيششن علشى الكششاهن أن حِ
منهم .كذلك ُ
ل في شعائر الصششلة وفششي تقششديم الششذبائح الحيوانيششة .وكششانت قائمششة القواعششد
يكون قد إجتاز تدريبًا كام ً
والنظمة التي من صنع النسان طويلة ومعقدة .لكن الفريسيين اعتبروا كل أنشطه الحياة ،مششن الكششل
والشرب إلى الصلة والصوم عملًدينيًا اقتضى إرشششادات سششماوية .وفششي آخششر المششر أصششبحت هششذه
القائمة من التعليمات الدينية مقدسة إلى الدرجة التي بها تقدست الشششريعة اللهيششة وعلششى هششذا السششاس
كان الفريسيين مستعدين للموت في سبيل الحفاظ عليها.
اختبار في الهتداء
5
الجزء الثاني
اختبار في اللهتداء
لم يكن بالميسور منع انتشار الخبر اليقين عن قيام السيد المسيح من القبر .فقد كان هنششاك شششهود عليششه
عديدون .ونجم عنه أن صار آلف من اليهود تابعين ليسوع المسيح وانضموا إلششى تلميششذه .ممششا أثششار
الذعر بين الزعماء الدينيين .ويتحدث القرآن عن هؤلء المؤمنين الجدد كما يلي:
"ويا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار ال كما قال عيسى ابن مريم للحواريين مشن هشم أنصشاري إلشى الش
قال الحواريون نحن أنصار ال فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيششدنا الششذين آمنششوا علششى
عدوهم فأصبحوا ظاهرين" ) سورة الصف الية (14
كثف الفريسيون جهودهم لمعالجة هذه المسألة التي أزعجتهم واستعانوا بمؤيدين لهم متحمسين .وكششان
واحد منهم تلميذ متعصب جدًا اسمه :شاول.
لقد رأينا أن شاول هذا كان يهوديًا تقياًواسع المعرفة بالشريعة وأصول الديانة اليهودية ،ونششال شششعبية
لدى السلطة الدينية فأصبح زعيمًا للعناصر المتعصبة في قواعد مؤيديها .والتحق بالحملة الهادفة إلششى
سحق نفوذ الطائفة الدينية الجديدة ،لنه مششا كششان لفريسششي متفششان أن يتسششامح فششي أي شششئ يمششس دينششه.
وسيطر على شاول بغض عميق لتباع السيد المسيح فقد اعتششبرهم أعششداء لشش .وكششان يعتقششد أن واجبششه
الديني أن يقضي عليهم بأي ثمن .ولذا تبررت لديه أية وسيلة ما دامت لنصرة ال .وكان هذا العتقششاد
بمثابة وقودًا يسكب على حماسه.
-أصبح أتباع السيد المسيح يعرفون بالناصريين )النصارى( أو أتبششاع الطريششق المسششتقيم )لن يسششوع
قال عن نفسه أنه هو الطريق( .وطاردهم شاول من دار إلششى دار كمششا جرهششم إلششى السششجن .لقششد كششانوا
لرتداد.ل بذنب ا ِضحايا أبرياء ضربوا ضربًا مبرحا ،والبعض منهمُِقت َ
وإذ أنتشر الضطهاد ،نرى أتباع الطريق والصراط المستقيم يفرون من القدس ولجأ كثير منهششم إلششى
دمشق .ولكن ذلك لم يكبح غضب شششاول ،فحصششل علششى رسششائل مششن الكهنششة مششن القششدس ليقششدمها إلششى
زعمششاء اليهششود فششي دمشششق ،وفيهششا تفششويض لششه ليجمششع قصششرًا أولئك الخششارجين عششن الششدين اليهششودي
ويرجعهم إلى القدس لمحاكمتهم.
6 اشخشتشبشاشرش فشيش اشلششهشتشدشاشءش
الللملعلجلزلةل
وقد كان في أثناء رحلة شاول إلى دمشق أنه حدث لقاء غيششر حيششاته إلششى البششد .ويششروي النجيششل هششذا
الختبار كما يصف ما جرى من بعده في اليات التالية:
"كان شاول ما يزال ينفث بالتهديد والقتل ضد تلميذ الششرب .فششذهب إلششى الكششاهن العلششى وطلششب منششه
رسائل إلى المجامع التي في دمشق .لكي يقبض على الذين يجدهم من أتباع الطريق من رجال ونسششاء
ويأخذهم إلى القدس .وبينما هو مسافر ،وكان قد اقترب من دمشق ،أبرق حوله نور من السماء .فوقششع
على الرض ،وسمع صوتًا يقول له ":شاول! شاول! لماذا تضطهدني ؟ "
فذهب حنانيا إلى الدار ،ودخل ووضع يديه على شاول وقال" :يا أخ شاول ،الرب يسششوع الششذي ظهششر
لك في الطريق إلى هنا ،أرسلني لكي يعود إليك نظرك وتمتلئ من الروح القدس .وعلششى الفششور ،وقششع
من عينيه شيء مثل القشور ،وعاد للتو إليه نظره .فقام وغطششس وتنششاول بعششض الطعششام فرجعشت إليشه
قوته ،وقضى بضعة أيام مع التلميذ في دمشق) ".أعمال الرسل .(19 – 1 :9
الللملهلملةل
فكيف أمكن ذلك؟ لقد كان شاول واثقًا تمامًا أنه سعى إلى تحقيق إرادة ال إذ أنفق ما سششلف مششن حيششاته
في قصد إبادة التابعين ليسوع الناصري .وها هو الن يدرك أنه من غير ريب كان مخطئًا من قبل.
ما كان أي مقدار حجة أو مناقشة يقنعه بخطئه الفادح .لكن معجزة من عند ال أقنعته!
لقد كانت آية منه تعالى ،لم يستطيع أحد ول حتى شاول ..أن ينكرها .اقتنع شاول ..فاهتدى.
أن الكلمات التي نطق بها السيد المسيح قد أحدثت تغيرًا حقيقيًا في حياته ،ولششم يكششن بمقششدور أي شششيء
أن يبدل ما كان ال قد قضى به.
ما الذي قاله السيد المسيح لشاول" :أنا ظهرت لك لجعلك خادمًا وشاهدًا عن هذه الرؤيششا الششتي ترانششي
فيها الن وعن غيرها من الرؤى التي سأظهرها لك .وسأنقذك من شعبك ومن الجششانب ،فأنششا أرسششلك
إليهم لتفتح عيونهم .وترجعهم من الظلم إلى النور ،ومن سيطرة الشيطان إلى الش لكشي ينشالوا مغفشرة
الذنوب ونصيبًا مع الذين تقدسوا باليمان بي") .أعمال الرسل .(18-16 :26
ما الذي عناه السيد المسيح عندما قال الذين تقدسوا باليمان بي؟ -ألم تكن الشششريعة واللششتزام الكامششل
بها وحدهما القادر على تقديس شخص وتقديمه صالحًا أمام ال .كان ثمة الكثير على شاول أن يتعلمه.
واحتاج إلى الوقت للتأمل والصلة .لم يكن لديه أي شك في اختباره العجششازي .بيششد أنشه أراد الوثششوق
التام من أنه كان يحقق مشيئة ال .لذلك ذهب فورًا إلى بلد العرب ،ثشم عشاد إلششى دمشششق ،ومشن هنششاك
ذهب إلى موطنه كليكيا .أمضى شاول عشر سنوات في التهيؤ للمهمة التي عهد بها إليشه الشرب يسشوع
المسيح .ولنتذكر أن هذه المهمة اقتضت من شاول أن يكون شاهدًا للمسيح ليس في المجتمششع اليهششودي
فقط بل بين غير اليهود أيضًا إلى أن سجن ومات .وكانت رسالة شاول تحتششوي علششى ذات الموضششوع
من البداية إلى النهاية ،ويعلن الكتاب المقدس بصدد أيام شاول الخيرة في روما" :وكان ينادي بكلملة
ال بجرأة وبل معطل ،ويعلم الناس عن الرب يسوع المسيح") .أعمال الرسل .(31 :28
ف شاول من بعد ببولس الرسول .ومن غير ريب ،كان عنده الكششثير ليقششوله حششول مملكة الل، عِر َ
ُ
لنها كانت مسألة هامة للمنحدرين من بني إسرائيل .وقد قال أحد أنبيائهم ما يلي بشأن المستقبل:
من البداية ،كان فهم بولس التقليدي لمملكة ال مختلفًا تمامًا عن المملكة التي كشف له عنهششا الششرب
يسوع المسيح .فمفهوم مملكة ال التي تحدث عنها السيد المسيح كان مفهومًا إلى حد بعيد ،وبالطبع
كان مغايرًا جدًا لفكرة النسان عن مملكة ما .لكننا برغم كل شئ ،نحن نشير هنششا إلششى مملكة ال ل،
وسبل ال أنقى كثيرًا من سبل النسان.
8 اشلششعشدشاشدش لشلشمشمشلشكشةش
الجزء
الثالث
العداد للمملكة
مع أن الكون كله هو ملك ال إل أن "مملكة ال ل" كششانت تسششمية خاصششة بالسششيادة اللهيششة الششتي تشششمل
الجنس البشري ،وقد قدر لهذه المملكة أن تحكم وفقشًا لمبششاديء كلمششة الشش ،الششتي هششي المصششدر الوحيششد
للنور والهدى الحقيقيين.
ل ل أن يتلقششى تلششك الهدايششة ويتششولى مسششؤولية شششؤون الرض. كذلك قدر للجنس البشري بوصفه ممث ً
وعلوة عليه أن ينعموا بصلة روحية حميمة مع خششالقهم .فلقششد نفششخ الش فيهششم مششن ذات روحششه ،مقيمشًا
ترابطًا روحيًا معهم ومضفيا حياة روحية على روح البشرية.
في البداية تمتع آدم وحواء بجمال الفردوس ونقاء البراءة .لكن -- ،في أجل لحق همس الشيطان لهما
بالكاذيب والخداع وأقنعهما بأن يأكل من الشجرة المحرمة .فهكذا نجششح إبليششس ،الششذي كششان نفسششه قششد
تمرد على ال ،من أجل أن يجعل آدم وحواء أن يتمردان بدورهما ،فلقيا عاقبة مماثلة للعاقبة التي كان
صرفا من حضرة ال .لقد ُقطع الرابط الروحششي بيششن روح الش والششروح البشششرية .ووجششد هو قد لقيهاُ :
الجنس البشري مطرودًا من الجنة ،يعيش حياة مشقة ،وهناك ،متربصًا في الظل ،كان الشيطان يحيششك
مكيدة لتأسيس مملكته الدنيوية على الرض.
بيد أن ال لم يتخلى عن البشرية التي هي خليقته النفسية .ومن غير ريب ،أعد الش مملكشة تششرك بنشي
آدم ،ول يستطيع حتى إبليس أن يحبط تدبيرها اللهي .ولكن قبل تدشين هذه المملكششة ،كششان ل بششد أول
من تحرير البشر من سيطرة الشيطان .لقد نجح الشر في تدنيس قلب النسان وإفساد طهششارته .ومهمششا
وضع من القوانين والنظمة ،فأن تلوثات القلب تظهر على السطح دائمًا ،وهي بششذور الطمششع والحسششد
ل ل أخلقيششة .وليششس بالميسششوروالنانية والغرور والغضب والعصيان التي تولششد فسششقًا وشششرا وأعمششا ً
التغلب على هذا الشر عن طريق معرفة القانون وحده .فكم حاول الناس أن يحيوا فششي قداسششة وسششلم،
كلهم أخفقوا في محاولتهم ووقعوا مرة تلو المرة في شرك مكر إبليس وخداعه.
كيف ينقذ ال البشرية من الضطهاد الشيطاني ويسترد لها العظمة ،والحياة الروحية؟
لقد دبر ال أن ينشئ جماعة خاصة يكشف بواسطتها عن وعده بالمباركة للعالم بأسره.
9 العداد للمملكة
الجماعة المختارة
ل رجل من بيت وثني ليبدأ جماعة من المؤمنين خاضعة لله الكون نفسه .وكان اسم هششذا أختار ال أو ً
ل خاصًا من إبراهيم واسحق ويعقوب يشير إليه القرآن كما يلي:
الرجل إبراهيم .وهيأ ال نس ً
"وأذكر عبدنا إبراهيم اسحق يعقوب أولى اليدي والبصر إنا أخلصنهم بخالصة ذكششرى الششدار وإنهششم
عندنا لمن المصطفين الخيار" )سورة ص (47 -45
كان هذا هو النسل العتيد الذي عهد إليه أن يشهد للخالق العظيم وأن يعد السبيل للتششدخل اللهششي لتقششديم
أمل الخرة لبني البشر.
ومن هذا النسل نشأ بنو إسرائيل )اليهود( الذي أقام ال معهم عهد المباركة الخششاص .اختششار الش النششبي
موسى مشن بيشن إسشرائيل وأعطشاه الششريعة وتنظيمشات لحيشاة الجماعشة تششكل القاعشدة لكل القشانونين
الخلقي والمدني.
وقد تناول القانون الخلقي مسالك الحياة الخلقية النبيلة التي وجب أن يتميز بها بني إسششرائيل عششن
باقي الشعوب المجاورة لهم على أساس " قداسة داخلية " هدفها مجد ال واحترام سششواهم مششن النششاس.
وكانت غاية الدستور الخلقي أن يرتفع بالمؤمنين إلششى مسششتوى مششن قداسششة الحيششاة أعلششى بكششثير مششن
مستواها المعهود ويوفر نموذجًا لجميع الناس في كل الزمنة.
أما القانون المدني فكان مختلفًا ،إذ تألف من قواعد وتعليمات متعلقة بشؤون الحياة اليومية وقششد جششرى
صياغتها فى نظام قانوني وفق ما اقتضته المحافظة على تمييز واضح بيشن أعشراف وممارسشات بنششي
إسرائيل وأعراف وممارسات المجتمعات الوثنية ،وتنششاولت مسششائل مثششل الحالششة الصششحية الشخصششية،
والغذاء ،والسيطرة على المراض ،والطقوس الدينيشة .وكششان الغششرض الرئيسششي مشن القششانون المششدني
فصل بني إسرائيل عن سائر الشعوب بناء على " قداسة خارجية" .وقد فرض ال على بنششي إسششرائيل
تقديم ذبائح حيوانية التى قصد منها أن تكون مقوما مركزيًا للعبادة ،وذلك لسببين بارزين:
أنها وفرت وسيلة كفارة أمكن بها لرحمة ال أن تستر أثام الناس مؤقتًا. -1
جعلت تذكيرًا رمزيًا بالتضحية الكاملة التي أعتزم ال أن أن التضحية بحيوان قد ُ -2
يقدمها ذات يوم لينجز بها مغفرة الذنوب والتطهير منها على نحو تام .فكما زود ال بذبح
عظيم فداء لبن إبراهيم كذلك خطط ال ليزود بضحية أعظم بكثير ليفدي بني آدم.
10 العداد للمملكة
ولكن بني إسرائيل مثلهم للسى مثل آدم وحواء استسلموا لوسوسششات الشششيطان ،وأكلششوا بششدورهم مششن
الشجرة المحرمة .فقد عبدوا آلهة أخرى وتمردوا على ال الذي هو اللشه الحشق .وكشانت النتيجشة أنهشم
سبيوا إلي أسر مهين على أيدي المبراطوريتين البابلية والشورية. ُ
بيد أن ال لم ينسى وعده بأن يرسل البركة الى العالم بواسطة نسل إبراهيم واسشحق ويعقشوب .وكشانت
هذه المباركة جزء مهم من مملكة ال ،ويقينا ما من شئ يمكنه أن يمنع ال من تأسششيس مملكتششه .ومششن
وقت لخر شجع ال البشرية عبر أصوات النبيششاء ،واعششدًا أن منقششذًا قششديرًا سششيحرر هششذا الشششعب مشن
أعدائه ويحكم بوصفه ملكًا خالدًا.
الشعب المختار
على رغم أن المبراطوريات الغازية نهبت وشتت بني إسرائيل ،فقد استطاعت بقية من ذرية إبراهيم
وإسحاق ويعقوب بفضل من ال ،أن تضمن بقاءها .واستعادت كثيرًا مشن القششوانين الدينيششة ،كمششا ُبنيششت
مدينة القدس من جديد .وأصبحت هذه البقية تدعى بالشعب اليهودي.
وفى أثناء فترات السلم من عهد المبراطورية الغريقية ،تمكن اليهود من تثبيت أنفسششهم فششي منطقششة
الشرق الدنى .لكن النفوذ الغريقي اجتاح الششوعي اليهششودي بالفلسششفة النسششانية واليديولوجيششة الغيششر
الدينية وتسربت الثقافة الهلينية إلى المجتمع اليهودي وبخاصًة في الماكن البعيدة خارج القششدس .إنمششا
كانت النتهاكات من طرف المبراطورية الرومانية الششتي أعقبششت الحكششم الغريقششي هششي الششتي أحيششت
آمال اليهود وتطلعهم إلى المنقذ المرتقب.
عرفششت بجبروتهششا عرفت المبراطورية الغريقية بثقافتها وفلسفتها ،فأن المبراطورية الرومانيششة ُ إذ ُ
السياسي وامتداد سلطاتها .وبات هششذا العششرض للقششوة تهديششدًا واقعشًا للشششعب اليهششودي وخاصششة عنششدما
زحف جنود الرومان على القدس يصحبهم دينهم الوثني وبنيتهم السياسية.
كان الوقت مناسبًا لن يتجلى تدبير ال كما جرى في عهد أغسطس قيصرُ ،ولد طفل معين ،ولششم يكششن
ل عاديًا .لقد كان الوليد القدسي لمريم العذراء التي قششال لهششا الملك جبرائيششل" :ل تخششافي يششا مريششم
طف ً
لنك قد وجدت نعمة عند ال وها أنت ستحبلين وتلدين إبنشًا وتسششمينه يسششوع هششذا يكششون عظيمششا وابششن
العلي يدعى ويعطيه الرب الله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلششى البششد ول يكششون لملكششه
نهاية" .إنجيل لوقا ) .(32-30 :1وأعلن الملك للرعاة في حقل مجاور " :ل تخافوا ،فها أنا أبشششركم
بفرح عظيم يكون لجميع الشعوب .اليوم ولد لكم منقذ من بلد داود هششو المسششيح الششرب) .لوقششا -10 :2
.(11ويصف القرآن وليد مريم العتيد بأنه سيكون "آية للناس" ورحمة من ال) .سورة مريم .(21
11 العداد للمملكة
المنقذ
هكذا وصل المنقذ ،بعد قرون من التنبؤات وسنوات من النتظار .وقد تحدر من نسل إبراهيم وإسحاق
ويعقوب ،ومن بني إسرائيل الذين كان ال فضلهم عن ششعوب العشالم .فجشاء عيسشى بشن مريشم بحكمشة
اللهية ،عارفًا دوره في شؤون البشرية .وعلم بالمعركة الروحية التي أوقد الشيطان نارها ضد سششلطة
ال ،لن إبليس حاول حتى أن يغري الرب يسوع المسيح أيضا ويخدعه بمكر همساته:
"ثم أخذه إبليس أيضًا إلي جبل عالي جدًا وأراه جميع ممالششك العششالم ومششا فيهششا مششن عظمششة ،وقششال لششه،
أعطيك هذه كلها أن كنت تسجد لي .فقال يسوع ابعد عني يا شيطان لنشه مكتشوب للششرب وحشده تسشجد
واياه تعبد") .متى .(10 -8 :4
عرف السيد المسيح أن ثمة كفاحا راهنا كان أعظم بدرجات من الكفاح القششائم بيششن اليهششود والرومششان،
وكان ذلك صراعًا غير منظور تحاول فيه مملكة الشيطان أن تطيح بمملكششة الشش .لكششن تحتششم أن يكششون
مآل إبليس إلى الفشل ،ومآل يسوع إلى الفششوز حيششث ينتصششر أخيششرًا ويحكششم كملششك.وأنمششا لهششذا السششبب
الفريد ،منح يسوع بن مريم لقب المسيح ،ماسح الخطايا .فما هي اللهيششة المتعلقششة بهششذا اللقششب؟ نششدرك
الجواب إذا عرفنا أن كلما ُنصب ملك على بني إسرائيل ،كان يُمسح رأسه بشالزيت رمشزًا لموافقشة الش
عليه ،وحين أعلن الملك ولدة يسششوع الناصششري ،كششان لقششب المسششيح بالطريقششة عينهششا ،علمششة علششى
رضى ال عن اختيار الرب يسوع ليحكم بوصفه ملك .وقد تكلم السيد المسيح على دوره كمنقذ وملك.
لكن اليهود أخفقوا من أدراك ثنائية مهمته ،لقد كششان مششن الضششروري أن يكششون مجيششء المسششيح كملششك
يحكم شعب ال مسبوقًا بمجيئه كمنقششذ ومخلششص يحررهششم مششن مملكششة أخششرى .وأعتقششد اليهششود أن تلششك
ل مششن ذلششك كششانت مملكششة الشششيطان الششذي المملكة الخرى كششانت إمبراطوريششة الرومششان ،بيششد أنهششا بششد ً
استعبدت ل اليهود وحدهم بل للرومان أيضًا العالم كله.
التضحية
لما هوى آدم من حضرة ال إلى حالة الظلم ،سقطت معه كل ذريته البشششرية .وسششاد منششذ ذلششك الحيششن
النفوذ الشرير لمملكة إبليس .فقد ضرب مرض الثم قلوب الرجال والنساء وأبقاها ملوثه إلى أن تحين
دينونة ال ولهذا كانت مهمة السيد المسيح الولى أن يفدي البشر ل مشن حكشم غضشب الش فحسشب بشل
وأيضًا من اضطهاد الشر لهم اضطهادًا مستمرًا في وجودهم اليششومي .ويصششرح الكتششاب المقششدس بششأن
سبب ظهور الرب يسوع المسيح للبشرية لكي يهششدم أعمششال إبليششس 1) .يوحنششا (8 :3عمششل الشششيطان
طبعا ،هو منع أفراد الجنس البشري من الرجوع أبدًا إلى حضور النعيم اللهي .ويششؤدي إبليششس عملششه
هذا بأن يغوي النفس البشرية بالخطية ،وهو يعلم تمامًا أن ال القدوس ل يمكن بأن يسمح بأقششل مقششدار
من الثم في حضرة الله العظيم.
12 العداد للمملكة
أي من الناس يستطيع أن يكفر عن ذنوبه ،التي في حقيقتها أعمال عصيان ضششد الشش؟ مششا مششن ضششحية
حيوانية أو بشرية تستطيع أن تكفششر عشن انتهششاك حرمششة القداسششة اللهيششة .لكششن إلشه الرحمششة )الرحمششن
الرحيم( تدخل لجل البشر العاجزين ودبر القربان الطاهر ،القادر وحده علششى اليفششاء بمطلششب العششدل
اللهي .وكما زود ال إبراهيم بذبح فدى ابنه ،كذلك زود ال البشر بتضحية تنقذهم من الخطية.
ما كانت تلك التضحية الفذة؟ لقد أبانها يوحنا المعمدان )النبي يحيي( حين أشار وقششال " :انظللروا هللذا
هو حمل ال الذي جاء ليرفع خطية العالم" ) يوحنا .(29 :1أعلن الرب يسوع نفسشه ذات مشرة أنشه
"جاء ل ليكون سيدًا بل خادمًا ،وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" )مششتى .(28 :20أسششلم المسششيح حيششاته
ل عنا وأراق دمه ثمنًا لثششام العششالم .كششانبالكامل إلى ال الب وأتم دوره كأضحية فادية ،لقد صلب بد ً
هو النجاز النهائي والقصى لنظام التضحية بالحيوانات .ومع أنه ليس بوسعنا أن نفهم جيدا سششر هششذا
الحدث ،إل أن الكتاب المقدس يعلمنا أن موت المسيح القرباني على الصليب )الذي تنبأ به النبياء( قد
وفى بشروط العدل اللهي ،وأن كل من يتعهد باتباع يسوع المسيح واليمان به تغفر له ذنوبه ويتطهر
تمامًا .يقول الكتاب المقدس أن المسيح يتألم ثم يقوم من الموات في اليوم الثششالث .وأنششه يجششب المنششاداة
باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا بين كل جميع المم ابتداء من أورشليم القدس) .لوقا .(47-46 :24
انتبه إلى بولس الرسول المعروف سابقًا باسم شاول الفريسي كان هو الذي قششال :مششا يلششي عششن مغفششرة
الذنب " :يجب أن تعلموا أننششا نبشششركم بششأن مغفششرة الششذنوب هششو بواسششطة المسششيح يسششوع .وبواسششطته
يتحرر كل من يؤمن به ،من كل خطية لم يمكن لشريعة موسى أن تحرركم منها) .أعمال الرسل :13
.(39-38
الجزء الرابع
نظام المملكة
كان موت الرب يسوع المسيح القرباني ذا أهمية بالغة ،فقد فتششح هششذا المششوت بششاب "مملكششة الشش" أمششام
الناس كافة ،وأستهل السبيل الي تتويج ملكها .وقام الرب يسوع من بين الموات ورفعه ال مششن القششبر
وفقًا للنجيل.
13 نظام المملكة
سيرجع الرب يسوع إلى العالم لمشا يحيشن موعشد القيامشة فشي نهايشة الزمشان ،بوصشفه "علشم السشاعة".
وسيكون رجوعه في بهاء ملكشي ،وسيؤسشس مملكشة الش علشى نحشو ظشاهر هنشا علشى الرض ويقشول
الكتاب المقدس في هذا " :وعندما يجيء أبن النسان في جلله ومع كل الملئكة ،يجلس علششى عششرش
الجلل .وتجتمع أمامه كل الشعوب .فيفصل الناس بعضهم عن بعششض ،كمششا يفصششل الراعششي الخششراف
عن الجداء ،فيضع الخراف عن يمينه ،والجداء عن يساره .ثم يقشول الشرب يسشوع المسشيح للشذين عشن
يمينه :تعالوا يا مباركي أبي ،خذوا نصيبكم :الُملك المعد لكم منذ خلق العالم) .متى .(34-31 :25
النصر
لن يتم الكشف عن مملكة ال وملكها إل عند نهاية الزمان .بيد أن مهمة الرب يسششوع ومششوته القربششاني
وقيامته من بين الموات ساعدت على إنشاء واقع المملكة وتأسيس نفوذها وسلطانها الناميين .وكششانت
أعاجيب الشفاء التي قام بها الرب يسوع المسيح ،خاصًة من الرواح الشريرة ،برهان شًا جلي شًا علششى أن
مملكة ال قد أتت لتجابه مملكة الشيطان ،وعلى سبيل المثال قال النجيل:
"أن كان الشيطان يطرد الشيطان ،فقد انقسم على نفسه ،وكيششف تصششمد مملكتششه؟ وأن كنششت أنششا أطششرد
الشيطان ببعلزبول ،فبواسطة من يطردوهم أتباعكم؟ لذلك هم يحكمون عليكم .لكن أن كنت بروح الشش
أطرد الشياطين .إذن قد جاءكم ُملك ال) .متى .(28-22 :12
كان قيام الرب يسوع المسيح من القبر أعجوبة وعلمة ل ريشب فيهششا علشى هزيمششة إبليششس المحتومشة.
وبموت الرب يسوع القرباني ،فتح باب الرحمة التي يؤدي إلى مملكة الش أمششام جميششع النششاس فششي كششل
العصور ،وهذا شكل ضربة واضحة لخطة الشيطان ليقاع البشرية في شركة من خلل عجزهم عششن
التكفير عن إثمهم وتمردهم ضد الله القدوس .ولول الرب يسوع المسيح ،لظل العالم بأسره في حالة
14 نظام المملكة
الدانة والرهبة من الحكم ،إذ أزال دنس الخطية وشعور الذنب إلى علقة حميمة ُمستَرَدة مششع الخششالق
الكريم .فيسوع المسيح فى الحق أقام نظامًا جديدًا ذا أهمية أبدية.
النظام القديم
تحت النظام القديم ،وبخاصًة منذ ميثاق ال مع موسى وبني إسرائيل ،اصبح شعب الش جماعشة ششديدة
الترابط معدة لمقاومة النفوذ الوثني .وكان ذلك وفقًا لمر من ال ،إذ عششرف الش ضششعفهم البشششري لقششد
انقطع رباط البشرية الروحي مع ال من جراء عصيان آدم ،ولم يزل حتى ذلششك الحيششن غيششر مسششتعاد.
ولنعدام القدرة الروحية الداخلية على مقاومة الشرير ،كان ل بد مششن اتخششاذ إجششراءات وقائيششة لحمايششة
جماعة بني إسرائيل من الفساد .فكان من المهم أن يظهر شعب إسرائيل بمظهر التقوى .لن ال ش كششان
قد دبر أن يقيم من بينهم مسيحه يسوع ولكي يحفظ ال لهم هذا المتياز ،أسس نظامًا دينيًا يبقى قلششوبهم
متركزة ومتحدة وكانت أبرز مقومات هذا النظام طقوس الختان ،التضحية الحيوانية ،طقوس العبششادة.
لقد جرت ممارسة فريضة الختان على جميع الذكور منذ عهد النبي إبراهيششم تميزهششم علششى أنهششم عبششاد
الله الحق الواحد ،رب الكون كله.
وكانت الضاحي من الحيوان وسيلة تكفيششر عششن الششذنوب وسششتر مششؤقت لهششا .كششذلك هششي أشششارت إلششى
التضحية المقبلة الكاملة )الذبح العظيم( التي كان ال قد دبرها لتزود أفئدة شعبه بششالتطهير والسششترداد
التامين.
أما طقوس العبادة فقد اشتملت على حرق البخور ،والتوضؤ ،وتأدية صلوات موعديه منهجيششة .وفششي
زمن لحق ،كان قدس القداس يعتبر كمسكن رمزي لحضور ال وتذكير ظاهر لحضششور الشش .وينششوه
الكتاب المقدس بهذه المقومات الدينية الهامة على النحو التالي" :وهذا يشير إلى الوقت الحاضششر .فششإن
القرابين والضحايا التي يقربونهششا ل تسششتطيع أن تجعششل مششن يقششوم بهششا صششافي الضششمير .لنهششا مجششرد
فرائض خارجية تقتصر على ما يأكلون ويشربون وكيف يتوضئون ،لذلك يعمل بها إلى أن يأتي وقت
النظام الجديد" )عبرانيين .(10-9 :9
النظام الجديد
فى ظل النظام الجديد اتخذت الممارسات الخارجية للجماعة الدينية معنششى جديششد ،عنششدما سششؤل يسششوع
المسيح مرة عما إذا كان هو ملك اليهود ،أجاب بقوله" :مملكتي ليست من هذا العششالم" .أن مملكششة ال ش
ليس مكانًا ماديًا بل هي حقيقة روحية .لذا فأن مبادئ الحياة الششتي تميششز هششذه المملكششة هششي روحيششة فششي
ل يصبح الختان الجسدي الذي هو من سمات بني إسرائيل الدينية رمزًا لمفهوم أشد عمقًا طبيعتها ،فمث ً
أل وهو ختان القلب .أن المؤمن الصادق بال يتميز بنزع شتى الرغبشات الدنيويشة عنشه ويتخلشص مشن
تمجيد الذات ،التي هي عوامل تعوق تدفق مجرى العبادة الصحيحة من قلبه نحو الخالق الكريم.
15 نظام المملكة
هل بوسعنا نحن البشر أن نلج داخل القلب لنقوم بالنزع والقطع؟ هل نملك القدرة على إزالة التششأثيرات
ل على الشر .لذلك أرسل ال المنقذ الششرب الشيطانية؟ لقد دل التاريخ على عجز النسان عن التغلب فع ً
يسوع المسيح بقوة وسلطة لكي يحررنا من هذه العبودية ويعلم النجيل" :وأنتم قد نلتششم الحيششاة الكاملششة
لنكم تنتمون للمسيح الذي هو فوق كل رياسة وسلطان في عالم الروح .وبما أنكم تنتمون له فقد ختنتم
أي نزعت عنكم طبيعة الدينونة .إذن هششذا ليششس الختششان الششذي يعلمششه النششاس بششل الششذي يعلمششه المسششيح"
)كولوسي .(11-10 :2
لقد لعبت الضاحي الحيوانية دورًا هامًا في دين بني إسرائيل ،بيد أنهششا تمتعششت بأهميششة أكششبر روحي شًا.
ويوضح الكتاب المقدس" :ال ل يريد ضحايا ول قرابين ول قربانًا يحرق بكامله ،ول قربششان التكفيششر
عن الخطية ،وهو ل يسر بها مع أنها كششانت تقششدم بحسششب الشششريعة .ثششم قششال" :أنششا هنششا ،جئت لعمششل
مشيئتك" فهو بذلك يلغي الول ،ويؤسس الجديد .فنحن أصبحنا مقدسين لن الرب يسوع المسيح عمل
مشيئة ال بأن قدم نفسه ذبيحة مرة واحدة والى البد") .عبرانيين (10 – 9 :10
الن وقد حقق المسيح رمزية نظام الذبيحة لم يعد ثمة حاجة إلى ذبيحة الحيوان للتكفيششر عششن الخطيششة.
لكن هذا لم يلغي مبدأ التضحية .فبمثله عينشه ،تشرك الششرب يسشوع لتبشاعه إدراكشا أنبششل بكششثير لمفهشوم
التضحية ،ليست التضحية بحيوان ،وإنما التضحية بنفسه وبرغبات ذاته من أجل خدمة ال.
لنذكر أن السيد المسيح أعلن أن مملكة ال ليست من هذه الدنيا .إذن هناك حاجة إلى تغير مخلص من
ل حقيقيًا في قلبه.
وجهة نظر المرء ،يعكس تحو ً
الجزء
الخامس
15 الخصائص الروحية للمملكة
أفتقر الناس داخل أنفسهم إلى الرغبة في ،والقدرة علششى أن يعيشششوا حيششاة القداسششة ،وكششانت النتيجششة أن
دين إبراهيم الصحيح أنحط إلى نظام ديني من شعائر مليئة بالغطرسة والنفاق .فظهر الناس من
الخارج وهم يغسلون أيديهم ويؤدون صلواتهم ولكن من الداخل كانت أفئدتهم معتلة ،مملؤة من الطمششع
والحسد والعجرفة .لقد أساءوا استخدام الشرع الششديني متبششاهين بتفاسششيرهم هششم للقداسششة ،وأخفقششوا فششى
صَد للشريعة أن تكون معيارًا للقداسه ،لكي التأثير المراد منهششا إدراك حقيقة هامة عن الشريعة .أجل ُق ِ
كان تذكير الناس بقصورهم المتكرر عن أن يباروا المعيار.
كان ينبغي على هذا الخفاق أن يؤدي بشعب ال إلى التواضع ويجعلهم يدركون حششاجتهم الماسششة إلششى
الرحمة اللهية .غير أن الكثيرين منهم ،عوضًا عن ذلك لم يعتبروا الشريعة وسيلة للتواضع والتوبششة،
وإنما رأوا فيها أداة لعرض تقوى ظاهرية يتلقون عليها مديح الناس .لهذا السبب أصششدر الششرب يسششوع
المسيح إرشادات ودلئل هامة وأظهر أنقى المعايير التي تخص مملكشة الش وبعضشها وارد فيمشا يلشي:
"أن كان صلحكم ل يزيد على صلح الفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السماوات " )متى .(20 :5
"إياكم أن تمارسوا واجباتكم الدينية في الظاهر بقصد أن يراكم الناس .ومششتى صششليتم فل تكونششوا مثششل
المنافقين ،لنهم يحبون أن يقفوا للصلة في المجششامع وعنششد ملتقششى الطششرق لكششي يراهششم النششاس ومششتى
صمتم فل تكونوا عابسين مثل المنافقين ،فإنهم يكشرون وجوههم ليظهروا للناس صائمين)" .مششتى :6
.(16-11
"سمعتم أنه قيل للناس في قديم الزمن :ل تقتل ،ومن قتل يواجه القضاء .أما أنا فأقول لكم :من غضششب
على أخيه يواجه القضاء .ومن قال لخيه :يا أحمق يواجه القضششاء ومششن قششال لششه يششا كششافر يششواجه نششار
جهنم .سمعتم أنه قيل ل تزني :أما أنا فأقول لكم :من نظر إلى امرأة بشهوة فقد زنى بها في قلبه .وقيل
أن من طلق امرأته فيجب أن يعطيها كتاب طلق .أما أنا فشأقول لكشم :كشل مشن طلششق امرأتشه وهششي لشم
تزن ،يجعلها زانية .ومن يتزوج من مطلقة يزني .سمعتم أنه قيل :تحب قريبك وتبغض عدوك .أما أنا
فأقول لكم أحبوا أعداءكم ،وصلوا لجل الذين يضطهدونكم)" .متى .(43 ،32 ،31 ،28 ،27 ،22 ،21 :5
16 الخصائص الروحية للمملكة
الهيكل
أن الوجه العام للعبادة في النظام الجديد ،ليس تعبد الناس في مبنى مششادي .بششل هششو تعبششدهم بششروح مششن
الخلص والصدق .لم يقصد للعبادة الحقيقية أن ترتبط بأي شئ خارجي ،مثل جبل مبنششى أو شششريعة.
وإنما المراد منها أن تكون اختبارًا داخليًا بين ال وبين الروح البشري.
إذا كان النسان حقًا أشرف المخلوقات ،فليس من مكان يفضل ال أن يكون فيه غير هيكل حيششاة امششرأ
خاضع له خضوعًا تامًا" .أل تعلمون أن جسدكم هو بيت للروح القدس الساكن فيكم والذي أعطششاه الش
لكم؟ أنتم لستم ملك لنفسكم بل ل ،فهو قد اشتراكم بثمن .إذن مجدوا ال فششي أجسششادكم " .النجيششل1)-
كورنتوس .(20-19 :6
الجماعة العالمية
كانت خطة ال السليمة ،أن يبقى بني إسرائيل جماعة مستقلة أو منفصلة ،غير مدنسة بتأثير خششارجي،
ومتميزة في ممارساتها الثقافية والدينية .وكان ذلك بغية حفظ نسل إبراهيم وإسحاق ويعقوب .فأن مششن
هذا النسل كانت قد اختيرت عذراء لتحمل معجزة مباركة من ال للجنس البشري :ابنشًا قدوسشًا يششدعى:
يسوع ومعناه "ال معنا" .لكن الن وقد ظهر الرب يسوع المسيح وأنجز المرحلة الولى مششن مهمتششه.
تحتم أن يزول حائط النفصال بين المؤمنين اليهود وسائر المؤمنين كافة .فال يود أن يقيم ل في حيششاة
شخص واحد ،بل فى حياة جماعة المؤمنين العالمية النتشار .وتكون هششذه الجماعششة متألفشة مششن أنششاس
من جميع المم والشعوب ،أصبحوا أعضاء فششي كيششان المملكششة مششن طريششق تعهششدهم بششالولء لشششخص
الرب يسوع المسيح كمنقذ وملك .فالرب يسوع المسيح نفسه بث السلم بيننا ،لنه جعل اليهششود وغيششر
اليهود شعبًا واحدًا ،وبجسده أزال حائط العداوة الذي كان يفصل هذا الشعب عن ال.
" فأنتم لستم غرباء أو أجانب فيما بعد بل أهل مدينة القديسين ،وأعضاء فششي عائلششة الشش ،مبنييششن علششى
أساس الرسل والنبياء ،والمسيح هو نفسه حجر الزاوية الذي به يشد البناء بعضه بعضًا فششي انسششجام،
ويكتمل ليصير بيتًا مقدسًا للرب .ولنكم تنتمون للمسششيح ،فششأنتم مبنييششن معشًا لتصششيروا بيششت الش الششذي
يسكن فيه بروحه) " .النجيل ،رسالة أفسس .(22-19 ،16 -14 :2
بما أن الرب يسوع المسيح قد جاء ليفتدي البشرية بأسرها ،فمن البين أن مملكة ال ستضششم بشششرًا مششن
جميع الشعوب والقبائل .ول تطبق فيما بعد القوانين والنظمة التي كانت من الخصائص المميزة لبنششي
إسرائيل.حيث أن مملكة ال الحقيقية هي من طبيعة مختلفشة ،فهشي ليسشت مشن هشذه الشدنيا .أنهشا مملكشة
روحية سنعرف بمميزاتها الروحية.
17 الخصائص الروحية للمملكة
ويعطينا الكتاب المقدس تعليمات واضحة عن السبيل إلى استلم عطية روح ال" :توبوا وليعتمششد كششل
واحد منكم باسم يسوع المسيح ،لكي تغفر ذنوبكم ،وتنالوا عطية الروح القدس .لن الوعد هو لكم أو ً
ل
ولولدكم ،ولكل الذين يدعوهم ربنا ال لنفسه") .أعمال الرسل .(39-38 :2
كيف يظهر روح ال نفسه فى حياة شخصًا ما ،وما هي العلمة التي تدل على أن هذا الشخص هو عضو في مملكة ال؟
خلق نبيل" :وأما الثمر الذي ينتجششه الششروح فهششو: يشير الكتاب المقدس إلى أن الروح داخلنا ينتج ثمار ُ
المحبة ،الفرح ،والسلم ،الصبر ،اللطف ،والكرم ،والخلص ،والوداعة ،وضبط النفس .ل يوجد أي
قانون يقف ضد هذه الفضائل") .غل طيششة .(23-22 :5مششن الجلششي أن هششذه الصششناف مششن الثمششر ل
ُيحرمها أي قانون ول تحد منها أية عوامل ثقافية أو جغرافية أو بيئية .ففي الحق أن هذه "الثمار" هششي
مطمح عام للروح البشرية ،لنها مثل هذه الروح ناشئة من المصدر اللهي ذاته .وأعظششم هششذه الثمششار
هي المحبششة .وقششد أعلششن الششرب يسششوع المسششيح ذات مششرة أن شششريعة موسششى بأكملهششا يمكششن تلخيصششها
بمتطلبين أساسيين :أن نحب ال ،وأن نحب غيرنا من الناس .ول يفاجئنا أن المحبة هي العامل المؤثر
الرئيس الذي يجذب الناس إلى المملكة ويحفظهشم متحشدين .والنجيشل نفسشه يؤكشد أن "الش محبشة" )1
يوحنا " .(8 :4المحبة تصششبر وتشششفق .المحبششة ل تحسششد ول تتبششاهى ول تنتفششخ بالكبريششاء .المحبششة ل
تسيء إلى أحد ،ول تسعى إلى مصلحتها الخاصة ،ول تثور ول تتذكر الساءة ،ول تفششرح بالضششلل،
بل تفرح بالحق .المحبة تصفح عن كل شيء .وتصدق كل شيء ،وتأمل فششي كششل شششيء ،وتحتمششل كششل
شيء ..أما المحبة فتدوم ول تنتهي 1) .كورونتوس .(8-4 :13
" وأغفروا بعضكم لبعض أن كان لحد شكوى ضد آخر .سامحوا بعضكم بعضًا كما سششامحكم الششرب.
وأهم من كل شئ تحلوا بالمحبة لنها هي التي تربط الكل في وحدة تامة) .كولوسي .(14-12 :3
أذكر أن مملكة ال ل تعكس أية ثقافة قومية دنيوية ل من الشرق ول من الغرب ول من الشمال أو من
الجنوب .ول هي تفرض أي حضارة أو هوية خاصة بقوم ما على من هم مششن خلفيششات أخششرى .وانمششا
بدل من ذلك ،تحاول القوى الروحية الفعالة من داخل المملكة أن تحول الحضارة لكي تعكس كل من
18 الخصائص الروحية للمملكة
الثقافات المتغايرة خصائص المملكة الروحية التي يجب أن تكون مشتركة بين جميع خادمي ال .وأي
خصائص هنالك في مملكة ال أعظشم مشن الرافشة والرحمشة! فل عجشب أن القشرآن يصشف أتبشاع ملشك
الملوك على هذا النحو " :ثم قضينا على أثرهم برسلنا وقفينا بعيسى أبن مريم .وأتينه النجيل وجعلنششا
في قلوب الذين تبعوه رأفة ورحمة) " .القرآن سورة الحديد الية .(27
الجزء
السادس
والخير
المملكة وأنت
تقوم مملكة ال حاليا في شكل خفي ،فهي روحية الصفة وتظل موجودة في قلوب الذين أعلنوا إيمششانهم
بأن الرب يسششوع هششو المسششيح ،ملششك المملكششة .وهششؤلء المشؤمنين بشه يرتقبششون رجششوعه المنتظششر إلششى
الرض .وعندما يتحقق رجوع المسيح ،ستظهر المملكة في شكل جلي ،موطدة دين ال الصششحيح فششي
العالم بأسره .وفي الثناء ،ستبقى سلطة المملكة الكامنة في القلوب ،فاعلة ومؤثرة في حياة النششاس فششي
شتى القطار والبقاع.
وليست هذه المملكة سياسية وعسكرية ،فهي ل تتوسع قصرًا" ،إذ ل إكراه في الدين" ول شششك أن الش
يود عبادة مخلصة من قلب راغب محب وليس قصر اليمان الذي يفرضه تهديد السششيف! ومششا يششؤدي
إلى انتشار خبر المملكة السار ما هو إل قانونهششا الساسششي ،قششانون المحبششة ،محبششة المششرء لش ومحبتششه
للناس رفاقه .تستطيع قوة المحبة أن تنجز أكثر بما ل يقاس مما تستطيع قوة السششيف إنجششازه ،فالسششيف
البشري يجلب الدم والموت ،يلد الخوف ويثير الغضششب والنتقششام وتكششون نششتيجته سششنوات مششن العششداء
والريبة والكراهية بل ويغلق الباب بعنف أمام الرجاء في المغفرة والمصالحة والسلم .أن السيف أداة
فعالة في إيذاء الجسم ،ولكنه في النهاية يفضي إلى تقسي القلب.
أما المحبة فتلين القلب حتى يتغلششب التواضششع الصششادق علششى الكبريششاء البشششرية .وفششي التواضششع يمهششد
الغفران السبيل إلى المصالحة والسلم ،مششا ل يمكششن تحققششه إل إذا حششول روح الش أفئدة النششاس ،وهششذا
اختبار يحدث لهم عندما يصبحون مواطنين في مملكة ال.
من اليقين أن يأتي يششوم حيششن يرجششع الششرب يسششوع المسششيح كملششك ومحششارب لكششي يقضششي علششى المششم
والشعوب التي اتبعت همسات الشيطان .وسيحل الششدمار والمششوت آنئذ ،لكششن بسششيف عششدل الشش .وحششتى
يأتي ذلك الوقت ،ل نجرؤ نحن خدام ال أن نحل محله أو نأخذ دور ال في تنفيذ القضاء.
19 المملكة وأنت
هذا النتقام يخص ال وحده .وستمتلئ كاس العقاب طوال يوم الحساب الرهيب .أما في الزمن الراهن
ل على صفات المملكة المميششزة مششنفمهمة شعب ال هي أن يعلنوا خبر المملكة السار ،وأن يكونوا مث ً
خلل صنائع الرحمة والسلطة فوق الشر .ولهذا السبب ،أرشد الرب يسوع المسيح جميع تششابعيه بهششذه
الكلمات" :عندما يحل الروح القدس عليكشم ،تنشالون قشوة وتكونشون لشي ششهودًا فشي القشدس ،وفشي كشل
اليهودية والسامرة ،وإلى أقصى الرض") .أعمال الرسل (8 :1
العلج
أن المحبة التي تظهر في مملكة ال هي سيل من الرأفة والرحمة منشأة من عند الخالق العظيششم .وهششي
تفيض في قلوب شعب ال وتتدفق منها إلى حياة من هم أقل حظًا .وهذا النوع من المحبششة ليششس أنانيشًا،
بل يتجه متدفقًا نحو الغير ،يخترق أصعب الحواجز ويبلغ أبعد العماق .أنه محبة تهتم اهتمامًا صادقا
ًباليائسين والمعوزين وبمسحوقي القلوب والمضطهدين.
كذلك هي محبة تدعو إلى حياة من نكششران الششذات ،فششترة مششن " الصششوم " ليششس صششومًا يمثششل عرضشًا
خارجيًا للتقوى بل صوم يقوم أعمال إحسان مخلصة تعكس رحمة ال فيقول النجيل:
" أليس الصوم الذي اختاره يكون في فشك قيشود الششر ،وحشل عقشد النيشر ،إطلق سشراح المتضشايقين،
وتحطيم كل نير؟ أل يكون في مشاطرة خبزك مع الجشائع ،وإيشواء الفقيشر المتششرد فشي بيتشك .وكسشوا
العريان الذي تلتقيه؟ عندئذ يشع نورك كالصباح ،وتزهششر عافيتششك سششريعا ،ويتقششدمك بششرك ،ويحششرس
جلل الرب مؤخرة ساقتك) ".أشعياء (7-6 :58
لم يتجاهل الرب يسوع ،أثناء مهمته على الرض علل المجتمع في يششومه .أقلقتششه بعمششق آفششات الطمششع
والنانية التي أدت إلى الفقر ،والنفاق الديني .وأفعمته الشفقة على الضحايا العششاجزين الششذين اسششتغلتهم
السلطة الهرمية،السياسية والدينية .ولذا أوصى الرب يسوع المؤمنين أن يولوا الفقراء عنششايتهم .وهششذا
يبين كم كان شديد الهتمام باحتياجات الخرين.
" ثم يقول الملك للذين عن يمينه :تعالوا يا مباركي أبي خذوا نصيبكم :الملك المعد لكم منذ خلق العششالم
لني جعت فأطعمتموني ،عطشت فسقيتموني ،عريانًا فكسيتموني ،مريضًا فزرتموني ،محبوسًا فجئتم
إلي .فيجيب التقياء :يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك ،أو عطشانًا فسقيناك ،ومششتى رأينششاك غريب شًا
فآويناك ،أو عريانًا فكسيناك ،ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فجئنا إليك؟ فيجيبهششم الملششك :أقشول لكششم
الحق بما أنكم فعلتم هذا مع أحد أخوتي البسطاء فقد فعلتموه بي) ".متى (40-34 :25
عرف الرب يسوع المسيح أنه ل يمكن القضاء على الظلم الجتماعي عن طريق الحتجاجات العنيفششة
أو قلب الحكومات .فقد أدرك أن مصدر تلك الشرور هو مشكلة اجتماعيشة ،وفششي الدرجششة الولششى هشو
فساد القلب .ما دام الشيطان يضايق البشر وينهكهم ،سيستمر تأثير الفساد الذميم في تلوية دفة حياتهم.
20 المملكة وأنت
فقط حينما يرجع الرب يسوع المسيح إلى الرض ،سيباد إبليششس ملششك التشششويش وأتبششاعه إبششادة تامششة،
وقبل أن يأتي ذلك الوقت لن يملك أي سيف أم عنف بشري قشوة كافيشة لتخليشص العششالم مشن الششر .قششد
ل مؤقتًا ،لكن العنف يقود فششي النهايششة إلششى مزيششد مششن العنششف ،ومششرة أخششرى
يوفر التصرف العنيف ح ً
سيطل الفساد برأسه ليوقع بالبرياء أشششد الذى .ولهششذا السششبب لششم يؤيششد الششرب يسششوع المسششيح إطلقشًا
استعمال العنف ،وإنما بدل ذلك حششض أعمششال الرحمششة ،وحششث أتبششاعه علششى احتششواء رسششالة المملكششة،
مملكة ال .التي تقدم المل الوحيد في استرداد كامل للصلح والسلم والفرح.
الولدة الثانية
أن الصفات الذاتية للصلح والسلم والسعادة هي خاصششيات روحيششة لجششوهر مملكششة الشش ،وبالميسششور
اختيارها الن ،ضمن جماعة المؤمنين ،حتى قبل نزول المملكة في شكل ظاهر .بيد أن هششذه الصششفات
وأمثالها ينبغي بناؤها وترسيخها في حياة الفراد قبلما تصبح واقعًا في حياة المجتمع .وسيتم ذلك فقششط
لما يصبح الفراد أعضاء في مملكة ال ،ويبدأون يرون بأعين وعي روحي.
ل بد أن تكون "مولودًا من جديد" لكششي تششدخل إلششى مملكششة الشش .لقششد سششبق واجششتزت الششولدة البشششرية،
ويتحتم عليك الن أن تخضع للولدة الروحية ،وهي " الولدة الثانية ".
أنها ستحدث لك من اللحظة التي فيهشا تشؤمن وتقبشل شخصشيًا برسشالة الشرب يسشوع المسشيح وسشلطانه
المقدس عندما تقبل إنقاذا لحياتك ذاتها ،تضحية الرب يسوع بنفسه كفارة عن خطايا البشششرية ،سششتغفر
ستحرر روحك البشرية لتتصل بروح لك ذنوبك وسيطهر قلبك .سيمزق حجاب الثم ولن يبقى عائقُ .
21 المملكة وأنت
ال ،وفي هذا الختبار من المشاركة الروحية ،تصبح عضوًا في العائلة السماوية التي يسود عليها الش
"الب" العظيم.
الدين الصحيح
لريب يا صديقي أنك ترغب أيضًا في أن تشاهد مملكة ال قائمة هنا على الرض فأنت كناشد صادق
للصلح .مضطرب ومنزعج جدًا من النزعات والتجاهششات الحاليششة فششي عالمنششا .أنششك تلحششظ إخفششاق
النظمة الشتراكية والرأسمالية في تأمين احتياجات البشششر الساسششية .وتششرى انتشششار الفسششاد والنفششاق
وانعدام التقوى .كذلك تبصر البطالة والفقر يؤديان إلى اضطراب البشر .كما تشهد كيف يستفحل نفوذ
ل عششن أن قششادةالفلسفة والتكنولوجيا فيصرف أولدك عن العراف التقليدية والمعتقدات الدينية ،فضش ً
الدين الضعفاء يقبلون بحلول وسطى لقاء امتيازات ومصالح سياسية.
أنك ترى كل هذا ،وتحاجج بأن الحل الوحيد هو استرجاع الششدين إلششى العششالم ،لكششن يششا صششديقي ،أليششس
الدين الصحيح هو دين إبراهيم؟
أل يتحدث القرآن عن النبي إبراهيم بهذه الطريقة" :قل صدق ال فاتبعوا ملة إبراهيششم حنيفشًا ومششا كششان
من المشركين" )سورة ال عمران آية (95
"وأن من شيعته لبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم" )سورة الصافات آيات (84-83
أما قيل أن إبراهيم عبد ربه "بقلب سليم"؟
ها هي مسالة القلب تواجهنا مرة أخرى .فما فائدة العنف إذا كان يقضي علشى العشدو ولكنشه يخفشق فشي
تغيير طبيعة القلب؟ ما لم يتغير ما في القلب ،سيدوم التقاتل أن لم يكن بين أفراد فئة وبين آخرين مششن
خارجها ،فسيكون بين واحدة أخرى من داخلها .حششتى لششو تششم قهششر عششدو مشششترك ،فششأن رغبتششا الجشششع
والشهوة إلى السلطة ستنبثقان أخيرًا من الداخل لتحبطا أية مقاصد كانت في البدء نبيلة ومخلصة.
النظام اللهي
وقد تجادل بأن الحكومات البشرية ،الديموقراطية خاصة ،قادتنا إلى انهيار كامل فششي النظششام العششالمي.
وتدعى أنها حكومات بشرية التمركز ،لذا هششي محتومششة المششآل إلششى الفشششل التششام ،لن النسششان أساسشًا
ضشعيف وميشال إلشى الثشم .وأنشت تجشزم بضشرورة عشدم فصشل الشدين عشن الدولشة ،وتعتقشد أن نظامشًا
ثيوقراطيًا يوفر وحدة الحل القابل للتطبيق والنمو لنه نظام متمركز حششول الش ويششدعم قششوانينه .كششذلك
تقول أن إرجاع الشريعة وتنفيذ أحكامهششا علششى نحششو صششارم همششا السششبيل الوحيششد إلششى اسششتعادة النظششام
اللهي.
22 المملكة وأنت
لكن ،هل بوسعنا حقًا ،في ظل القضايا المعقدة لعالمنا المعاصر ،أن نجد نظامًا ثيوقراطيًا خالصًا ونقياً
يشمل قواعد وتنظيمات تعالج كل شأن وحال؟ ل أحد يمكنه ،فششي ضششوء العصششور المتغيششرة ،أن ينكششر
الحاجة النامية إلى تفسير ثان للقوانين الدينية ،وحتى الحاجة إلى قوانين جديششدة مؤسسششة علششى تشششريع
سابق وعلى إجماع العلماء.
نحن نعلم أن هيئة رجال الدين تتألف من مجرد أناس خاضعين للضعف والخطأ البشري .ولن يتحششرر
الناس من هذا الضعف والخطأ إل حين يهزم الشيطان نهائيًا .وإلى أن يحصل ذلششك ل نسششتطيع كبشششر
أن نصنع نظامًا إلهيًا ،ول أن نطبقه بتمامه .ل يوجد في العلم كله دين منشأ يستطيع أن يدعي بأنة ذلك
ل أخلقيًا يششؤهلهالنظام اللهي ،لن البشر يعوزهم الكمال .ما من أبن لدم في عالمنا اليوم يحوز كما ً
لن يؤول ويسششن قانونشًا إلهيشًا بعدالششة تامششة .ولهششذا السششبب ،سششيجري سششؤ اسششتعمال القششانون اللهششي،
بالتأكيد ،لما يصبح الدين والدولة كيانًا واحدًا.
هل حقا تعتقد أن تنفيذ قوانين دينية أشد صششرامة سششيعالج مشششكلت العششالم؟ إذا كنششت تعتقششد ذلششك فششأني
أدعوك إلى أن تعتبر مأزق آدم وحواء اللذين أعطيا قانونشًا واحششدًا ل غيششر كششانت مأسششاة أنهمششا عصششيا
ربهما .وبناًء على قانون واحد فقط أقصيا مششن حضشرة البشارىء القشدوس .أتششذكر جريمتهمشا؟ لشم تكششن
ل أخر بغيضًا .فكذلك هي لم تكن القدام على قتل أو تجششديف عبادة الوثان ،ول اقتراف الزنى ،أو فع ً
أو سرقة .وأنما ببساطة ،كانت أنهما أكل من الشجرة المحرمة! ومن جراء هذا الذنب قاسششيا عششواقب
خطيرة ،يا صديقي ،ما ستكون الحصيلة لمجتمع خاضع لمجموعة القواعد والنظمة التي تتشألف منهشا
الشريعة؟ هل سيكون مصير هذا المجتمع أفضل من المصير الذي لقيه آدم وحواء؟
كل ،ل وجود لنظام حكم كامل ،ولن يكون له وجود قبل أن يرجع السششيد المسششيح ليقيششم النظششام اللهششي
في العالم كله .وأن أحسن مششا يمكننششا فعلششه ،فششي هششذه الثنششاء ،هشو أن نصششون إيماننششا .ونعششزز صششفات
المملكة المميزة ،ونساعد بواسطة أعمال الخير في التخفيف من الم البشششرية .وعلوة عليششه ،بوسششعنا
أن نرشد الخرين على أن يقصدوا ال مششن كششل قلششوبهم ،لعلهششم باسششم المسششيح يتلقششون غفششران الششذنوب
وحياة الخلود.
القرار
قد تعترض أنت على أي حل مرتبط بالسيد المسيح .وقد ترى في اتباع السيد المسيح تهديدًا لمجتمعك
وقومك .كذلك قد تعتقد أن الخفاق التام لحق بالدين الذي يحمل اسمه ،لكن تذكر أننا ل نركز على
أي دين .وانما نحن نتدارس مملكة ال وملك الملوك؛ ونتعامل مع مبادئ روحية ومصير روحي .أننا
نتحدث عن روحك أنت وأين ستقضي البدية.
23 المملكة وأنت
مثل شاول الطرسوسي ،ربما كان هدفك التخلص من أي حركة دينية يبدو أنها تهديد لدينك .قششد تكششون
مخلصًا ومتحمسًا بحق .وربما كنت راغبًا في بذل حياتك في سبيل الشش .بيششد أن الش ظهششر لشششاول أنششه
مخطئ رغم كونه غيورًا .فقد كان شاول يقاوم تلك السلطة التي ملكت وحدها القدرة على أن تعين في
بلوغ الغايات النبيلة للدين الصحيح .أمن الممكن يا صديقين ،أنششك تسششلك الششدرب الخششاطئ؟ ربمششا كششان
الرب يسوع المسيح في عين هذه اللحظة ،يسألك كما سأل شاول من قبلك:
"لماذا تضطهدني"؟
ما هو جوابك؟
ت .لكن
لقد تطلب تغير حياة شاول وقوع معجزة .وقد يقتضي كذلك حصول معجزة لتغير حياتك أن ً
إلهنا العظيم قادر وراغب أن يدبر كل ما هو ضروري ليوصلك إلى إدراك تام لمملكته ومسيحه .ربما
ل فأخذت تشعر في تحرك في قلبك .أل تأذن للله العظيم بأن يكمل عمله كانت العجوبة قد بدأت فع ً
ل من أن تنظر إليه يوم القيامة.
في حياتك؟ فمن الفضل لك أن تستجيب للرب يسوع المسيح الن بد ً
ففي ذلك اليوم ،قد يسألك الرب يسوع ثانيًة" :لماذا أضطهدتني"؟ لكن سيفوت الوان ،فلن تكون هناك
رأفة بمن رفض الرب يسوع المسيح في هذه الحياة .وسيكون ذلك اليوم حداد فيه تكتشف غضب ال.
فرجاًء يا صديقي ،انتبه إلى النذار الجلي في الكتاب المقدس" :من يؤمن بالبن" ،يسوع" ،له حياة
الخلود ،ومن ل يؤمن بالبن ل يرى حياة الخلود ،بل يحل عليه غضب ال) ".يوحنا (36 :3
لم يندم شاول الطرسوسي على القرار الذي اتخذه .أجل ،لقد كان متحمسًا صادقًا .لكنه عقب اختباره
العجيب ازداد حماسًا ل .وأنفق بقية عمره في مساعدة آخرين على فهم رسالة النجيل ،الحقيقة،
والقرار بأن الرب يسوع المسيح هو المنقذ الوحيد .ومنذ ذلك الوقت تعرضت حياته لخطر دائم ،لن
كثير من اليهود اعتبروه مرتدًا عن الدين اليهودي .بيد أن غيرته وشجاعته استمرت في التأثير في
حياة متحمسين آخرين كان لديهم اهتمام عميق بتقوى ال والتسليم له.
ومثل شاول الطرسوسي ،قابلت أنت أيضًا الرب يسوع المسيح على طريق مسيرتك الروحية.
وبميسورك الن أن تتبع الدرب المؤدي إلى واحة المتلء الروحي .لقد عرف شاول الطرسوسي
أوان تغيير التجاه ،وكان ذلك وفقًا لتدبير العلي القدير.
ماذا عنك ،يا صديقي؟ إذ أنت تخطوا إلى المام بإيمان ،فأن الباري الكريم سيقوي فؤادك بروحه
القدوس ،وسيهديك الروح إلى كل الحق .ل تدع حماسك ل تضلله تقاليد وطقوس ونزعات بشرية .بل
اجعل خاصيات مملكة ال -الصلح والسلم والفرح -تسود قلبك .ولتكن محبتك ل ،ولغيرك من
الناس ،هي التي تلهب حماسك له -أعط الجلل لملك الملوك .وبهذا ،بالستسلم الكلي من أعماق
جد رب حياتك إلى البد!
قلبك ،سُيَم َ