You are on page 1of 26

‫مملكة‬

‫ال‬

‫زهير حنا‬
‫‪1‬‬ ‫رجل أسمه شاول‬

‫الجزء الول‬

‫رجل أسمه شاول‬


‫أنت على وشك أن تقرأ قصة رجل كان تحمسشه وتفشانيه فشي تقشوى الش اسشتثنائيين‪ .‬لقشد درس ششريعة‬
‫ل تقيشًا يخششاف‬
‫مجتمعه الدينية بدأب شديد وحصل على تدريب متخصص في تقاليششد الشششيوخ‪ .‬كششان رج ً‬
‫ال‪ .‬وصمم بوصفه خادمًا لله لبراهيم على أن يحمي قومه من نفوذ الكافرين ويصون لجيله التعششاليم‬
‫المقدسة التي تحتوي عليها كلتا الشريعتين المكتوبة والشفهية‪ ،‬ولمششا كششان ل يششزال شششابًا‪ ،‬أثششار النشششوء‬
‫المفاجئ لطائفة دينية غريبة مجتمعه‪ ،‬فساهم مساهمة نشطة فى جهد بذل للقضاء على الشعبية الناميششة‬
‫لتلك الحركة الدينية التي سببت القلق‪ ،‬ولجأ إلى وسائل القسوة‪ ،‬مستخدمًا العنف والقوة ليزرع الخششوف‬
‫في أفئدة الناس‪ .‬ولقد أعتقد إن استعمال طرق البطش مبرر ما دام واجبه الكششبر هشو الشدفاع عشن ديششن‬
‫ال بأي ثمن! ولكن فى أثناء حملته للتخلص من مششثيري الضششطراب‪ ،‬حششدثت أعجوبششة مذهلششة حششولت‬
‫حياته إلى البد!‬

‫أدرك هذا الرجل‪ ،‬من خلل اجتيازه لختبار مبدل للحياة‪ ،‬أن فهمه ل ومملكششة الش كششان فهمشًا ناقصشًا‪.‬‬
‫أتضح له انه كان يحتاج أن يزيد معرفته عن ال وعن الطبيعة الحقيقية لمملكه ال‪ .‬إنما كانت به حاجة‬
‫إلى معرفة شخصية اختباريه تترك معه قوة روحية دائمة يستطيع بها مقاومة قوات الشر والشششيطان‪.‬‬
‫وأصبح على وعي "بالجهاد الكبر"‪ ،‬الجهاد الحقيقي إل وهو الحاجة إلى أنه يقهر المرء نفسه عوضًا‬
‫عن قهر الخرين‪ .‬رأى العبث المطلق للعنف‪ ،‬وأدرك أن القوة الوحيدة التي أبدا تقششدر علششى تغييششر مششا‬
‫بقلوب الناس ما هي إل قوة رحمة ال ورأفته‪.‬‬

‫يا رب ‪ ،‬إذ نقرأ عن هذه القوة المغيرة للحياة‪ ،‬زدنا معرفة حتى تسود صفات مملكتك الجميلة‬
‫وخواصها في قلوبنا‪ .‬يا رب أرشدنا إلى طريقك المستقيمة وأحفظنا من شر الشيطان وطرقه‪.‬‬
‫وأجعلنا نحيا إلى البد في فردوس النعيم‪ .‬فلتظهر مملكتك ولتتحقق مشيئتك في حياتنا‪ .‬إذ نعقد‬
‫العزم على أن نستسلم إليك تماما‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫رجل أسمه شاول‬

‫ايليفيريييسييي‬

‫كان شاول فريسيًا‪ .‬وقد مثل الفريسيون طائفة بارزة من اليهود أيدت اللتزام التام والصارم بالشششريعة‬
‫الدينية‪ .‬كانوا المتدينين الملتزمين في عهدهم‪ .‬وعنت الكلمة فريسششي "النفصششالي" ودلششت علششى فصششل‬
‫المرء نفسه من أي شئ نجس أو غير مقدس‪ .‬وبدأت الحركة الفريسية حشوالي ‪ 800‬عامشًا قبششل ظهششور‬
‫السلم‪ ،‬ونمت بثبات نتيجة القلق من تأثير الحضارة الغريقية المفسد الذي تسرب إلششى منششاطق عششدة‬
‫في الشرق الوسط وقششد أنزعشج الكششثير مشن اليهشود مششن الجهشود المنظمششة الششتي بششذلتها المبراطوريشة‬
‫الغريقية لتنشر فلسفتها اللدينية ودينها الوثني بين سكان القاليم الخاضعة لها‪ ،‬وعمد الفريسيون فششي‬
‫مقاومتهم للنفوذ الششدخيل إلششى تجنيششد أعضششاء جششدد فششي طششائفتهم‪ ،‬ونظششم هششؤلء العضششاء أنفسششهم مشن‬
‫أخويات محليشة‪ ،‬وأدوا وظشائفهم بشإدارة خشبراء ششرعيين وكتبشة ومعلميشن وكهنشة‪ ،‬ورأوا فشي ذواتهشم‬
‫أنصار "قضية" ال العاقدي العزم على تنفيذ أمششره ببقششائهم منفصششلين أتقيششاء‪ .‬كششان الفريسششيون تلميششذ‬
‫متحمسين للكتب المقدسة عارفين بالنتداب اللهي الذي أوحى بششه لموسششى النششبي إذ قششد أعلمشه الش لششه‬
‫ل‪:‬‬
‫قائ ً‬
‫" كونوا قدسيين لني أنا قدوس‪ ،‬وقد أفرزتكم من بين الشعوب لتكونوا خاصتي " لويين ‪.26 : 20‬‬

‫بعث الفريسيون المعتقد بأن ال كان قد اختار شعبه لهدف خاص‪ ،‬وذكششروا قششومهم بششأن وعششد الش لهششم‬
‫بمكان التفضيل كان وعدًا مشروطًا‪:‬‬
‫" لذلك أن أطعتم عهدي‪ ،‬تكونوا لي ملكا خاصا من بين جميع الشعوب لن لي كل الرض‪ ،‬وتكونون‬
‫لي مملكة كهنة وأمة مقدسة‪ " .‬خروج ‪. 6 ، 5 : 19‬‬
‫ذلك هو العهد المذكور في القرآن‪:‬‬
‫يا بني إسرائيل إذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإيششاي فششأرهبون‪..‬سششورة‬

‫البقرة الية‪40.‬‬

‫وبسبب هذا التذكير التحذيري‪ ،‬أخذ الفريسيون على عاتقهم إعادة تحديد طبيعة العهد المقدس بيششن ال ش‬
‫وشششعبه المختششار‪ .‬وكششان ذلششك يتنششاول جششزء مششن الهويششة القوميششة قششد تآكششل بفعششل الزمششن وبتششأثير‬
‫المبراطوريات الوثنية‪ .‬فأستهل الفريسيون قوة دينية اجتماعية غايتها الرجوع إلششى جششذورهم الدينيششة‪.‬‬
‫وأصروا على وجهة نظرهم بأن النزعة الخطرة نحو النحطاط الخلقي كانت نتيجة مباشرة للتسويات‬
‫الثقافية وفتور المششاعر الدينيشة‪ .‬لقشد وقشع النشاس فريسشة لغشراءات العصشر والعلمنشة والدنيويشة ولشم‬
‫يعودوا يهتمون بإيفاء متطلبات الشريعة‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫رجل أسمه شاول‬

‫هكذا كانت مهمة الفريسيين إرغام كل شخص في المجتمع اليهودي ل على دراسششة الشششريعة المقدسششة‬
‫فحسب بل وعلى تطبيقها في الحياة اليومية‪ .‬وكان هذا واجبًا فرديًا بقدر ما كان واجبًا قومي شًا‪ .‬وكششانت‬
‫الشريعة هي التي تحدد الهوية القومية للشعب اليهودي الذي كان آنئذ مشتتًا فششي أرجششاء العششالم‪ ،‬وكششان‬
‫التقيد بالشريعة هو التعبير عشن الشولء اليهششودي‪ ،‬فشوجبت المشششاركة مشن كشل فشرد واعتششبر التضشامن‬
‫الجماعي ضروريًا لبقاء المجتمع‪.‬‬

‫ايليشيريييعيةي ايليميقيديسيةي‬
‫آمن الفريسيون أن ال قد أصدر قوانين لكششل مششن تفاصششيل الحيششاة‪ .‬وبوصششفهم خششادمين لش كششان واجبشاً‬
‫عليهم أن يتعلموا تلك القشوانين ويطيعوهشا بشإخلص‪ .‬فتكرسشوا لدراسشة الششريعة المقدسشة‪ ،‬وتأويلهشا‪،‬‬
‫وسنها‪ ،‬مما جعلهم خبراء المجتمع الديني‪ .‬لقد أعتبر الفريسيون أنفسهم طلئع الشريعة‪ ،‬مدعين حقوقًا‬
‫مقصورة عليهم في تفسيرها وتطبيقها‪ .‬ولم يسمحوا بأي تفسير أو تحد من خارج مفهومهم‪.‬‬

‫جَدت تلك القوانين المقدسة؟‬


‫أين ُو ِ‬
‫أدعى الفريسيون مصدرين رئيسيين لها‪ ،‬هي الشريعة المدونة والشريعة الملفوظة‪ .‬واحتوت الشششريعة‬
‫المدونة على الوصايا والنظمة التي ما زالت موجششودة لليششوم فششي كتششب التششوراة‪ ،‬وكششانت قششد صششدرت‬
‫لليهود بواسطة النبي موسى‪ ،‬واعتبرها الكثير من اليهود ملزمه في كششل الزمنششة‪ .‬ويشششير القششرآن إلششى‬
‫التوراة بما يلي‪:‬‬
‫"إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور" سورة المائدة آية ‪.44‬‬
‫"ولقد أتينا موسى الكتب بعدما أهلكنا القرون الولى بصائر للنششاس وهششدى ورحمششة لعلهششم يتششذكرون"‬
‫سورة القصص آية ‪.43‬‬

‫أما الشريعة الملفوظة أي الشفهية فقد تكونت مششن أعششراف ومششن تعليمششات دينيششة إفششترض أنهششا أنتقلششت‬
‫شفهيًا من جيل إلى أخر من طريق علماء وحكماء اليهود بدءا بموسشى وسشواه مشن النبيشاء‪ .‬ولشم تكشن‬
‫التقاليد‪ ،‬أو العراف كلمات موحى بها من ال‪ ،‬بششل كششانت شششروحا وتفسششيرات شخصششية مششن النبيششاء‬
‫ورجال دين آخرين‪ .‬وقد اعتبرت هذه القوال مقدسة تمامًا مثل الشريعة المكتوبة‪ .‬ولكششن بسششبب تغيششر‬
‫الزمان وغشزوة الثقافشات الجنبيشة احتشاجت التقاليشد إلشى أنظمشة جديشدة أدخلشت كتعشديلت أو ملحشق‬
‫للشريعة القائمة‪.‬‬

‫ونتيجة لذلك‪ ,‬وعلى مدى قرون عديدة‪ ،‬غششزرت الشششريعة الملفوظششة الششتي أصششبحت تعششرف ب"تقاليششد‬
‫الشيوخ" وتشكلت من مجموعة ضخمة من تعليمششات شششديدة التششدقيق فششي التفاصششيل‪ .‬وقششد شششملت تلششك‬
‫النظمة مجالت مثل الغشذاء أو تحضشير الطعشام‪ ،‬وذبشح الحيوانشات‪ ،‬والتبرعشات للمجشامع‪ ،‬والتجشارة‬
‫والعناية البدنية‪,‬الختان والعيششاد‪ ،‬وشششروط الملبششس الدينيششة‪ ،‬والصششلة‪ ،‬والصششوم‪ ،‬والطهششارة ومسششائل‬
‫تتناول السلوك الجتماعي‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫رجل أسمه شاول‬

‫ايليشيعيايئيري ايليميقيديسيةي‬

‫كانت إقامة الصلة هي أهم عمل وتيري يومي في المجتمع اليهودي‪ .‬وكششانت إلزاميششة علششى كششل ذكششر‬
‫منذ بلوغه عامه الثالث عشر‪ ،‬ثلث مرات في اليوم‪ .‬عند الصبح‪ ،‬وبعد الظهر‪ ،‬ووقت المسششاء‪ .‬وكششان‬
‫جششديرًا بالتقششدير أن يششؤدى الصششلة مششع جماعششة المششؤمنين فششي مكششان مخصششص أصششبح أخيششرًا يششدعى‬
‫"سيناجوج" وهي كلمة يونانية تدعى "مجمع" أو الجامع وكان هيكل أورشليم أفضل مكششان للصششلة‪،‬‬
‫فيه إستطاع العابدون أن يقبلوا الرض توقيرًا بالغًا للله العلي‪ .‬بيد أن الكثيرين من الفريسيين لم يكن‬
‫بميسورهم أن يزوروا الهيكل إل أثناء الحج السنوي إلى المدينة المقدسة‪.‬‬

‫قبل الصلة‪ :‬كان العابد يقوم يغسل يديه وقدميه ويرتدي غطاء للرأس‪ .‬وفي حيششن الصششلة كششان العابششد‬
‫يقف مواجهًا للهيكل المقدس في أورشليم )القدس(‪ .‬ولم يكششن يتلششو فششي صششلته كلمششات بالعبريششة‪ ،‬لغتششه‬
‫المقدسة فحسب بل كذلك كان يتقيد بوضعات رتيبة محدودة إشتملت على الوقوف ورفع اليدي‪ .‬ومششا‬
‫كانت أي صلة لتكتمل من غير العلن عن إيمان راسخ بوحدانية ال‪" .‬إسمع يا إسرائيل الرب إلهنششا‬
‫واحد"‪.‬‬

‫كانت تلك القواعد موضوعة لكهنة الفريسيين صارمة بصورة خاصة‪ .‬لقد نصششحوا بششأن يعيشششوا حيششاة‬
‫بسششيطة وأن يتجنبششوا السششراف فششي الكششل واسششباب الششترف‪ .‬كمششا تحتششم أن يكونششوا متمتعيششن بالصششحة‬
‫وخاليين من أي عاهة جسدية‪ .‬ولم يكن بمستطاعهم أن يتزوجوا من نساء مطلقششات أو حششتى القششتراب‬
‫ظَر عليهم الدنو من أي مظهر للموت سواء كان جثة أم مقبرة‪ .‬ويتعيششن علشى الكششاهن أن‬ ‫حِ‬
‫منهم‪ .‬كذلك ُ‬
‫ل في شعائر الصششلة وفششي تقششديم الششذبائح الحيوانيششة‪ .‬وكششانت قائمششة القواعششد‬
‫يكون قد إجتاز تدريبًا كام ً‬
‫والنظمة التي من صنع النسان طويلة ومعقدة‪ .‬لكن الفريسيين اعتبروا كل أنشطه الحياة‪ ،‬مششن الكششل‬
‫والشرب إلى الصلة والصوم عملًدينيًا اقتضى إرشششادات سششماوية‪ .‬وفششي آخششر المششر أصششبحت هششذه‬
‫القائمة من التعليمات الدينية مقدسة إلى الدرجة التي بها تقدست الشششريعة اللهيششة وعلششى هششذا السششاس‬
‫كان الفريسيين مستعدين للموت في سبيل الحفاظ عليها‪.‬‬
‫اختبار في الهتداء‬
‫‪5‬‬

‫الجزء الثاني‬

‫اختبار في اللهتداء‬
‫لم يكن بالميسور منع انتشار الخبر اليقين عن قيام السيد المسيح من القبر‪ .‬فقد كان هنششاك شششهود عليششه‬
‫عديدون‪ .‬ونجم عنه أن صار آلف من اليهود تابعين ليسوع المسيح وانضموا إلششى تلميششذه‪ .‬ممششا أثششار‬
‫الذعر بين الزعماء الدينيين‪ .‬ويتحدث القرآن عن هؤلء المؤمنين الجدد كما يلي‪:‬‬

‫"ويا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار ال كما قال عيسى ابن مريم للحواريين مشن هشم أنصشاري إلشى الش‬
‫قال الحواريون نحن أنصار ال فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيششدنا الششذين آمنششوا علششى‬
‫عدوهم فأصبحوا ظاهرين" ) سورة الصف الية ‪(14‬‬

‫كثف الفريسيون جهودهم لمعالجة هذه المسألة التي أزعجتهم واستعانوا بمؤيدين لهم متحمسين‪ .‬وكششان‬
‫واحد منهم تلميذ متعصب جدًا اسمه‪ :‬شاول‪.‬‬

‫لقد رأينا أن شاول هذا كان يهوديًا تقياًواسع المعرفة بالشريعة وأصول الديانة اليهودية‪ ،‬ونششال شششعبية‬
‫لدى السلطة الدينية فأصبح زعيمًا للعناصر المتعصبة في قواعد مؤيديها‪ .‬والتحق بالحملة الهادفة إلششى‬
‫سحق نفوذ الطائفة الدينية الجديدة‪ ،‬لنه مششا كششان لفريسششي متفششان أن يتسششامح فششي أي شششئ يمششس دينششه‪.‬‬
‫وسيطر على شاول بغض عميق لتباع السيد المسيح فقد اعتششبرهم أعششداء لشش‪ .‬وكششان يعتقششد أن واجبششه‬
‫الديني أن يقضي عليهم بأي ثمن‪ .‬ولذا تبررت لديه أية وسيلة ما دامت لنصرة ال‪ .‬وكان هذا العتقششاد‬
‫بمثابة وقودًا يسكب على حماسه‪.‬‬

‫‪ -‬أصبح أتباع السيد المسيح يعرفون بالناصريين )النصارى( أو أتبششاع الطريششق المسششتقيم )لن يسششوع‬
‫قال عن نفسه أنه هو الطريق(‪ .‬وطاردهم شاول من دار إلششى دار كمششا جرهششم إلششى السششجن‪ .‬لقششد كششانوا‬
‫لرتداد‪.‬‬‫ل بذنب ا ِ‬‫ضحايا أبرياء ضربوا ضربًا مبرحا‪ ،‬والبعض منهمُِقت َ‬

‫وإذ أنتشر الضطهاد‪ ،‬نرى أتباع الطريق والصراط المستقيم يفرون من القدس ولجأ كثير منهششم إلششى‬
‫دمشق‪ .‬ولكن ذلك لم يكبح غضب شششاول‪ ،‬فحصششل علششى رسششائل مششن الكهنششة مششن القششدس ليقششدمها إلششى‬
‫زعمششاء اليهششود فششي دمشششق‪ ،‬وفيهششا تفششويض لششه ليجمششع قصششرًا أولئك الخششارجين عششن الششدين اليهششودي‬
‫ويرجعهم إلى القدس لمحاكمتهم‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫اشخشتشبشاشرش فشيش اشلششهشتشدشاشءش‬

‫الللملعلجلزلةل‬

‫وقد كان في أثناء رحلة شاول إلى دمشق أنه حدث لقاء غيششر حيششاته إلششى البششد‪ .‬ويششروي النجيششل هششذا‬
‫الختبار كما يصف ما جرى من بعده في اليات التالية‪:‬‬

‫"كان شاول ما يزال ينفث بالتهديد والقتل ضد تلميذ الششرب‪ .‬فششذهب إلششى الكششاهن العلششى وطلششب منششه‬
‫رسائل إلى المجامع التي في دمشق‪ .‬لكي يقبض على الذين يجدهم من أتباع الطريق من رجال ونسششاء‬
‫ويأخذهم إلى القدس‪ .‬وبينما هو مسافر‪ ،‬وكان قد اقترب من دمشق‪ ،‬أبرق حوله نور من السماء‪ .‬فوقششع‬
‫على الرض‪ ،‬وسمع صوتًا يقول له‪ ":‬شاول! شاول! لماذا تضطهدني ؟ "‬

‫فقال شاول من أنت يا رب؟‬


‫فأجابه‪" :‬أنا يسشوع الناصشري الشذي أنشت تضشطهده‪ .‬قشم وأدخشل إلشى المدينشة فيخشبروك بمشا يجشب أن‬
‫تعمله‪ ".‬أما الرجال الذين كانوا مسافرين معه‪ ،‬فوقفوا مذهولين ل ينطقون وهم يسششمعون الصششوت ول‬
‫يرون أحدًا قريب‪ .‬فقام شاول عن الرض‪ ،‬وفتح عينيه ولكنه لم يقدر أن يششرى أبششدًا‪ .‬فقششادوه كششالعمى‬
‫إلى دمشق‪ .‬وبقي ثلثة أيام في الظلم ل يقدر أن يرى ولم يأكل ولم يشرب‪ .‬وكان تلميذ اسمه حنانيششا‪،‬‬
‫فقال له الرب في رؤيا‪" :‬يا حنانيا" فقال "نعم يا رب!" فقال له الرب‪ :‬قم واذهب إلى شششارع المسششتقيم‬
‫واسأل في دار يهوذا عن رجل من طرسوس اسمه شاول‪ .‬فهو الن يصلي‪ ،‬وقد رأى فششي رؤيششا رجششل‬
‫اسمه حنانيا قد جاء إليه ووضع يديه عليه لكي يعود إليه نظره‪" .‬فأجاب حنانيا" يا رب قد سمعت مششن‬
‫كثيرين عن هذا الرجل‪ ،‬وعن الذى الذي سببه لشعبك في القدس وهو قد جاء إلى هنا ومعه أدلششة مششن‬
‫رؤساء الكهنة لكي يقبض على من يدعوا باسمك"‪ .‬فقششال الششرب‪" :‬اذهششب لن هششذا الرجششل قششد اخششترته‬
‫ليكون أداة ليحمل اسمي إلى شعوب غير اليهود وملوكهم والى شعب بني إسرائيل‪ .‬وسوف أريه كيف‬
‫أنه سيتألم كثيرًا من أجل خاطر اسمي‪".‬‬

‫فذهب حنانيا إلى الدار‪ ،‬ودخل ووضع يديه على شاول وقال‪" :‬يا أخ شاول‪ ،‬الرب يسششوع الششذي ظهششر‬
‫لك في الطريق إلى هنا‪ ،‬أرسلني لكي يعود إليك نظرك وتمتلئ من الروح القدس‪ .‬وعلششى الفششور‪ ،‬وقششع‬
‫من عينيه شيء مثل القشور‪ ،‬وعاد للتو إليه نظره‪ .‬فقام وغطششس وتنششاول بعششض الطعششام فرجعشت إليشه‬
‫قوته‪ ،‬وقضى بضعة أيام مع التلميذ في دمشق‪) ".‬أعمال الرسل ‪.(19 – 1 :9‬‬

‫الللملهلملةل‬

‫يا له من تطور مروع!‬


‫‪7‬‬ ‫اشخشتشبشاشرش فشيش اشلششهشتشدشاشءش‬

‫ذلك المضطهد المرهب لتباع يسوع‪ ،‬قد جابهه يسوع نفسه!‬


‫كان يسوع المسيح ذاته هو الذي تكلم وكان جلله السماوي هو الذي أعمى بصر شاول‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬كان حقًا أن يسوع قام من الموات‪..‬‬
‫إذن‪ ،‬كان حقًا أنه صعد إلى ال‪..‬‬
‫ما قد أعتقد شاول أنه أكذوبة إنما كله كان حقيقة‪..‬‬

‫فكيف أمكن ذلك؟ لقد كان شاول واثقًا تمامًا أنه سعى إلى تحقيق إرادة ال إذ أنفق ما سششلف مششن حيششاته‬
‫في قصد إبادة التابعين ليسوع الناصري‪ .‬وها هو الن يدرك أنه من غير ريب كان مخطئًا من قبل‪.‬‬
‫ما كان أي مقدار حجة أو مناقشة يقنعه بخطئه الفادح‪ .‬لكن معجزة من عند ال أقنعته!‬
‫لقد كانت آية منه تعالى‪ ،‬لم يستطيع أحد ول حتى شاول‪ ..‬أن ينكرها‪ .‬اقتنع شاول‪ ..‬فاهتدى‪.‬‬

‫أن الكلمات التي نطق بها السيد المسيح قد أحدثت تغيرًا حقيقيًا في حياته‪ ،‬ولششم يكششن بمقششدور أي شششيء‬
‫أن يبدل ما كان ال قد قضى به‪.‬‬
‫ما الذي قاله السيد المسيح لشاول‪" :‬أنا ظهرت لك لجعلك خادمًا وشاهدًا عن هذه الرؤيششا الششتي ترانششي‬
‫فيها الن وعن غيرها من الرؤى التي سأظهرها لك‪ .‬وسأنقذك من شعبك ومن الجششانب‪ ،‬فأنششا أرسششلك‬
‫إليهم لتفتح عيونهم‪ .‬وترجعهم من الظلم إلى النور‪ ،‬ومن سيطرة الشيطان إلى الش لكشي ينشالوا مغفشرة‬
‫الذنوب ونصيبًا مع الذين تقدسوا باليمان بي"‪) .‬أعمال الرسل ‪.(18-16 :26‬‬

‫ما الذي عناه السيد المسيح عندما قال الذين تقدسوا باليمان بي؟ ‪ -‬ألم تكن الشششريعة واللششتزام الكامششل‬
‫بها وحدهما القادر على تقديس شخص وتقديمه صالحًا أمام ال‪ .‬كان ثمة الكثير على شاول أن يتعلمه‪.‬‬
‫واحتاج إلى الوقت للتأمل والصلة‪ .‬لم يكن لديه أي شك في اختباره العجششازي‪ .‬بيششد أنشه أراد الوثششوق‬
‫التام من أنه كان يحقق مشيئة ال‪ .‬لذلك ذهب فورًا إلى بلد العرب‪ ،‬ثشم عشاد إلششى دمشششق‪ ،‬ومشن هنششاك‬
‫ذهب إلى موطنه كليكيا‪ .‬أمضى شاول عشر سنوات في التهيؤ للمهمة التي عهد بها إليشه الشرب يسشوع‬
‫المسيح‪ .‬ولنتذكر أن هذه المهمة اقتضت من شاول أن يكون شاهدًا للمسيح ليس في المجتمششع اليهششودي‬
‫فقط بل بين غير اليهود أيضًا إلى أن سجن ومات‪ .‬وكانت رسالة شاول تحتششوي علششى ذات الموضششوع‬
‫من البداية إلى النهاية‪ ،‬ويعلن الكتاب المقدس بصدد أيام شاول الخيرة في روما‪" :‬وكان ينادي بكلملة‬
‫ال بجرأة وبل معطل‪ ،‬ويعلم الناس عن الرب يسوع المسيح"‪) .‬أعمال الرسل ‪.(31 :28‬‬
‫ف شاول من بعد ببولس الرسول‪ .‬ومن غير ريب‪ ،‬كان عنده الكششثير ليقششوله حششول مملكة الل‪،‬‬ ‫عِر َ‬
‫ُ‬
‫لنها كانت مسألة هامة للمنحدرين من بني إسرائيل‪ .‬وقد قال أحد أنبيائهم ما يلي بشأن المستقبل‪:‬‬

‫من البداية‪ ،‬كان فهم بولس التقليدي لمملكة ال مختلفًا تمامًا عن المملكة التي كشف له عنهششا الششرب‬
‫يسوع المسيح‪ .‬فمفهوم مملكة ال التي تحدث عنها السيد المسيح كان مفهومًا إلى حد بعيد‪ ،‬وبالطبع‬
‫كان مغايرًا جدًا لفكرة النسان عن مملكة ما‪ .‬لكننا برغم كل شئ‪ ،‬نحن نشير هنششا إلششى مملكة ال ل‪،‬‬
‫وسبل ال أنقى كثيرًا من سبل النسان‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫اشلششعشدشاشدش لشلشمشمشلشكشةش‬

‫الجزء‬
‫الثالث‬

‫العداد للمملكة‬

‫مع أن الكون كله هو ملك ال إل أن "مملكة ال ل" كششانت تسششمية خاصششة بالسششيادة اللهيششة الششتي تشششمل‬
‫الجنس البشري‪ ،‬وقد قدر لهذه المملكة أن تحكم وفقشًا لمبششاديء كلمششة الشش‪ ،‬الششتي هششي المصششدر الوحيششد‬
‫للنور والهدى الحقيقيين‪.‬‬

‫ل ل أن يتلقششى تلششك الهدايششة ويتششولى مسششؤولية شششؤون الرض‪.‬‬ ‫كذلك قدر للجنس البشري بوصفه ممث ً‬
‫وعلوة عليه أن ينعموا بصلة روحية حميمة مع خششالقهم‪ .‬فلقششد نفششخ الش فيهششم مششن ذات روحششه‪ ،‬مقيمشًا‬
‫ترابطًا روحيًا معهم ومضفيا حياة روحية على روح البشرية‪.‬‬

‫في البداية تمتع آدم وحواء بجمال الفردوس ونقاء البراءة‪ .‬لكن‪ -- ،‬في أجل لحق همس الشيطان لهما‬
‫بالكاذيب والخداع وأقنعهما بأن يأكل من الشجرة المحرمة‪ .‬فهكذا نجششح إبليششس‪ ،‬الششذي كششان نفسششه قششد‬
‫تمرد على ال‪ ،‬من أجل أن يجعل آدم وحواء أن يتمردان بدورهما‪ ،‬فلقيا عاقبة مماثلة للعاقبة التي كان‬
‫صرفا من حضرة ال‪ .‬لقد ُقطع الرابط الروحششي بيششن روح الش والششروح البشششرية‪ .‬ووجششد‬ ‫هو قد لقيها‪ُ :‬‬
‫الجنس البشري مطرودًا من الجنة‪ ،‬يعيش حياة مشقة‪ ،‬وهناك‪ ،‬متربصًا في الظل‪ ،‬كان الشيطان يحيششك‬
‫مكيدة لتأسيس مملكته الدنيوية على الرض‪.‬‬

‫بيد أن ال لم يتخلى عن البشرية التي هي خليقته النفسية‪ .‬ومن غير ريب‪ ،‬أعد الش مملكشة تششرك بنشي‬
‫آدم‪ ،‬ول يستطيع حتى إبليس أن يحبط تدبيرها اللهي‪ .‬ولكن قبل تدشين هذه المملكششة‪ ،‬كششان ل بششد أول‬
‫من تحرير البشر من سيطرة الشيطان‪ .‬لقد نجح الشر في تدنيس قلب النسان وإفساد طهششارته‪ .‬ومهمششا‬
‫وضع من القوانين والنظمة‪ ،‬فأن تلوثات القلب تظهر على السطح دائمًا‪ ،‬وهي بششذور الطمششع والحسششد‬
‫ل ل أخلقيششة‪ .‬وليششس بالميسششور‬‫والنانية والغرور والغضب والعصيان التي تولششد فسششقًا وشششرا وأعمششا ً‬
‫التغلب على هذا الشر عن طريق معرفة القانون وحده‪ .‬فكم حاول الناس أن يحيوا فششي قداسششة وسششلم‪،‬‬
‫كلهم أخفقوا في محاولتهم ووقعوا مرة تلو المرة في شرك مكر إبليس وخداعه‪.‬‬
‫كيف ينقذ ال البشرية من الضطهاد الشيطاني ويسترد لها العظمة‪ ،‬والحياة الروحية؟‬
‫لقد دبر ال أن ينشئ جماعة خاصة يكشف بواسطتها عن وعده بالمباركة للعالم بأسره‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫العداد للمملكة‬

‫الجماعة المختارة‬

‫ل رجل من بيت وثني ليبدأ جماعة من المؤمنين خاضعة لله الكون نفسه‪ .‬وكان اسم هششذا‬ ‫أختار ال أو ً‬
‫ل خاصًا من إبراهيم واسحق ويعقوب يشير إليه القرآن كما يلي‪:‬‬
‫الرجل إبراهيم‪ .‬وهيأ ال نس ً‬

‫"وأذكر عبدنا إبراهيم اسحق يعقوب أولى اليدي والبصر إنا أخلصنهم بخالصة ذكششرى الششدار وإنهششم‬
‫عندنا لمن المصطفين الخيار" )سورة ص ‪(47 -45‬‬

‫كان هذا هو النسل العتيد الذي عهد إليه أن يشهد للخالق العظيم وأن يعد السبيل للتششدخل اللهششي لتقششديم‬
‫أمل الخرة لبني البشر‪.‬‬

‫ومن هذا النسل نشأ بنو إسرائيل )اليهود( الذي أقام ال معهم عهد المباركة الخششاص‪ .‬اختششار الش النششبي‬
‫موسى مشن بيشن إسشرائيل وأعطشاه الششريعة وتنظيمشات لحيشاة الجماعشة تششكل القاعشدة لكل القشانونين‬
‫الخلقي والمدني‪.‬‬

‫وقد تناول القانون الخلقي مسالك الحياة الخلقية النبيلة التي وجب أن يتميز بها بني إسششرائيل عششن‬
‫باقي الشعوب المجاورة لهم على أساس " قداسة داخلية " هدفها مجد ال واحترام سششواهم مششن النششاس‪.‬‬
‫وكانت غاية الدستور الخلقي أن يرتفع بالمؤمنين إلششى مسششتوى مششن قداسششة الحيششاة أعلششى بكششثير مششن‬
‫مستواها المعهود ويوفر نموذجًا لجميع الناس في كل الزمنة‪.‬‬

‫أما القانون المدني فكان مختلفًا‪ ،‬إذ تألف من قواعد وتعليمات متعلقة بشؤون الحياة اليومية وقششد جششرى‬
‫صياغتها فى نظام قانوني وفق ما اقتضته المحافظة على تمييز واضح بيشن أعشراف وممارسشات بنششي‬
‫إسرائيل وأعراف وممارسات المجتمعات الوثنية‪ ،‬وتنششاولت مسششائل مثششل الحالششة الصششحية الشخصششية‪،‬‬
‫والغذاء‪ ،‬والسيطرة على المراض‪ ،‬والطقوس الدينيشة‪ .‬وكششان الغششرض الرئيسششي مشن القششانون المششدني‬
‫فصل بني إسرائيل عن سائر الشعوب بناء على " قداسة خارجية"‪ .‬وقد فرض ال على بنششي إسششرائيل‬
‫تقديم ذبائح حيوانية التى قصد منها أن تكون مقوما مركزيًا للعبادة‪ ،‬وذلك لسببين بارزين‪:‬‬
‫أنها وفرت وسيلة كفارة أمكن بها لرحمة ال أن تستر أثام الناس مؤقتًا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫جعلت تذكيرًا رمزيًا بالتضحية الكاملة التي أعتزم ال أن‬ ‫أن التضحية بحيوان قد ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫يقدمها ذات يوم لينجز بها مغفرة الذنوب والتطهير منها على نحو تام‪ .‬فكما زود ال بذبح‬
‫عظيم فداء لبن إبراهيم كذلك خطط ال ليزود بضحية أعظم بكثير ليفدي بني آدم‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫العداد للمملكة‬

‫ولكن بني إسرائيل مثلهم للسى مثل آدم وحواء استسلموا لوسوسششات الشششيطان‪ ،‬وأكلششوا بششدورهم مششن‬
‫الشجرة المحرمة‪ .‬فقد عبدوا آلهة أخرى وتمردوا على ال الذي هو اللشه الحشق‪ .‬وكشانت النتيجشة أنهشم‬
‫سبيوا إلي أسر مهين على أيدي المبراطوريتين البابلية والشورية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫بيد أن ال لم ينسى وعده بأن يرسل البركة الى العالم بواسطة نسل إبراهيم واسشحق ويعقشوب‪ .‬وكشانت‬
‫هذه المباركة جزء مهم من مملكة ال‪ ،‬ويقينا ما من شئ يمكنه أن يمنع ال من تأسششيس مملكتششه‪ .‬ومششن‬
‫وقت لخر شجع ال البشرية عبر أصوات النبيششاء‪ ،‬واعششدًا أن منقششذًا قششديرًا سششيحرر هششذا الشششعب مشن‬
‫أعدائه ويحكم بوصفه ملكًا خالدًا‪.‬‬

‫الشعب المختار‬
‫على رغم أن المبراطوريات الغازية نهبت وشتت بني إسرائيل‪ ،‬فقد استطاعت بقية من ذرية إبراهيم‬
‫وإسحاق ويعقوب بفضل من ال‪ ،‬أن تضمن بقاءها‪ .‬واستعادت كثيرًا مشن القششوانين الدينيششة‪ ،‬كمششا ُبنيششت‬
‫مدينة القدس من جديد‪ .‬وأصبحت هذه البقية تدعى بالشعب اليهودي‪.‬‬

‫وفى أثناء فترات السلم من عهد المبراطورية الغريقية‪ ،‬تمكن اليهود من تثبيت أنفسششهم فششي منطقششة‬
‫الشرق الدنى‪ .‬لكن النفوذ الغريقي اجتاح الششوعي اليهششودي بالفلسششفة النسششانية واليديولوجيششة الغيششر‬
‫الدينية وتسربت الثقافة الهلينية إلى المجتمع اليهودي وبخاصًة في الماكن البعيدة خارج القششدس‪ .‬إنمششا‬
‫كانت النتهاكات من طرف المبراطورية الرومانية الششتي أعقبششت الحكششم الغريقششي هششي الششتي أحيششت‬
‫آمال اليهود وتطلعهم إلى المنقذ المرتقب‪.‬‬
‫عرفششت بجبروتهششا‬ ‫عرفت المبراطورية الغريقية بثقافتها وفلسفتها‪ ،‬فأن المبراطورية الرومانيششة ُ‬ ‫إذ ُ‬
‫السياسي وامتداد سلطاتها‪ .‬وبات هششذا العششرض للقششوة تهديششدًا واقعشًا للشششعب اليهششودي وخاصششة عنششدما‬
‫زحف جنود الرومان على القدس يصحبهم دينهم الوثني وبنيتهم السياسية‪.‬‬

‫كان الوقت مناسبًا لن يتجلى تدبير ال كما جرى في عهد أغسطس قيصر‪ُ ،‬ولد طفل معين‪ ،‬ولششم يكششن‬
‫ل عاديًا‪ .‬لقد كان الوليد القدسي لمريم العذراء التي قششال لهششا الملك جبرائيششل‪" :‬ل تخششافي يششا مريششم‬
‫طف ً‬
‫لنك قد وجدت نعمة عند ال وها أنت ستحبلين وتلدين إبنشًا وتسششمينه يسششوع هششذا يكششون عظيمششا وابششن‬
‫العلي يدعى ويعطيه الرب الله كرسي داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلششى البششد ول يكششون لملكششه‬
‫نهاية"‪ .‬إنجيل لوقا )‪ .(32-30 :1‬وأعلن الملك للرعاة في حقل مجاور‪ " :‬ل تخافوا‪ ،‬فها أنا أبشششركم‬
‫بفرح عظيم يكون لجميع الشعوب‪ .‬اليوم ولد لكم منقذ من بلد داود هششو المسششيح الششرب‪) .‬لوقششا ‪-10 :2‬‬
‫‪ .(11‬ويصف القرآن وليد مريم العتيد بأنه سيكون "آية للناس" ورحمة من ال‪) .‬سورة مريم ‪.(21‬‬
‫‪11‬‬ ‫العداد للمملكة‬

‫المنقذ‬
‫هكذا وصل المنقذ‪ ،‬بعد قرون من التنبؤات وسنوات من النتظار‪ .‬وقد تحدر من نسل إبراهيم وإسحاق‬
‫ويعقوب‪ ،‬ومن بني إسرائيل الذين كان ال فضلهم عن ششعوب العشالم‪ .‬فجشاء عيسشى بشن مريشم بحكمشة‬
‫اللهية‪ ،‬عارفًا دوره في شؤون البشرية‪ .‬وعلم بالمعركة الروحية التي أوقد الشيطان نارها ضد سششلطة‬
‫ال‪ ،‬لن إبليس حاول حتى أن يغري الرب يسوع المسيح أيضا ويخدعه بمكر همساته‪:‬‬
‫"ثم أخذه إبليس أيضًا إلي جبل عالي جدًا وأراه جميع ممالششك العششالم ومششا فيهششا مششن عظمششة‪ ،‬وقششال لششه‪،‬‬
‫أعطيك هذه كلها أن كنت تسجد لي‪ .‬فقال يسوع ابعد عني يا شيطان لنشه مكتشوب للششرب وحشده تسشجد‬
‫واياه تعبد"‪) .‬متى ‪.(10 -8 :4‬‬
‫عرف السيد المسيح أن ثمة كفاحا راهنا كان أعظم بدرجات من الكفاح القششائم بيششن اليهششود والرومششان‪،‬‬
‫وكان ذلك صراعًا غير منظور تحاول فيه مملكة الشيطان أن تطيح بمملكششة الشش‪ .‬لكششن تحتششم أن يكششون‬
‫مآل إبليس إلى الفشل‪ ،‬ومآل يسوع إلى الفششوز حيششث ينتصششر أخيششرًا ويحكششم كملششك‪.‬وأنمششا لهششذا السششبب‬
‫الفريد‪ ،‬منح يسوع بن مريم لقب المسيح‪ ،‬ماسح الخطايا‪ .‬فما هي اللهيششة المتعلقششة بهششذا اللقششب؟ نششدرك‬
‫الجواب إذا عرفنا أن كلما ُنصب ملك على بني إسرائيل‪ ،‬كان يُمسح رأسه بشالزيت رمشزًا لموافقشة الش‬
‫عليه‪ ،‬وحين أعلن الملك ولدة يسششوع الناصششري‪ ،‬كششان لقششب المسششيح بالطريقششة عينهششا‪ ،‬علمششة علششى‬
‫رضى ال عن اختيار الرب يسوع ليحكم بوصفه ملك‪ .‬وقد تكلم السيد المسيح على دوره كمنقذ وملك‪.‬‬
‫لكن اليهود أخفقوا من أدراك ثنائية مهمته‪ ،‬لقد كششان مششن الضششروري أن يكششون مجيششء المسششيح كملششك‬
‫يحكم شعب ال مسبوقًا بمجيئه كمنقششذ ومخلششص يحررهششم مششن مملكششة أخششرى‪ .‬وأعتقششد اليهششود أن تلششك‬
‫ل مششن ذلششك كششانت مملكششة الشششيطان الششذي‬ ‫المملكة الخرى كششانت إمبراطوريششة الرومششان‪ ،‬بيششد أنهششا بششد ً‬
‫استعبدت ل اليهود وحدهم بل للرومان أيضًا العالم كله‪.‬‬

‫التضحية‬
‫لما هوى آدم من حضرة ال إلى حالة الظلم‪ ،‬سقطت معه كل ذريته البشششرية‪ .‬وسششاد منششذ ذلششك الحيششن‬
‫النفوذ الشرير لمملكة إبليس‪ .‬فقد ضرب مرض الثم قلوب الرجال والنساء وأبقاها ملوثه إلى أن تحين‬
‫دينونة ال ولهذا كانت مهمة السيد المسيح الولى أن يفدي البشر ل مشن حكشم غضشب الش فحسشب بشل‬
‫وأيضًا من اضطهاد الشر لهم اضطهادًا مستمرًا في وجودهم اليششومي‪ .‬ويصششرح الكتششاب المقششدس بششأن‬
‫سبب ظهور الرب يسوع المسيح للبشرية لكي يهششدم أعمششال إبليششس‪ 1) .‬يوحنششا ‪ (8 :3‬عمششل الشششيطان‬
‫طبعا‪ ،‬هو منع أفراد الجنس البشري من الرجوع أبدًا إلى حضور النعيم اللهي‪ .‬ويششؤدي إبليششس عملششه‬
‫هذا بأن يغوي النفس البشرية بالخطية‪ ،‬وهو يعلم تمامًا أن ال القدوس ل يمكن بأن يسمح بأقششل مقششدار‬
‫من الثم في حضرة الله العظيم‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫العداد للمملكة‬

‫أي من الناس يستطيع أن يكفر عن ذنوبه‪ ،‬التي في حقيقتها أعمال عصيان ضششد الشش؟ مششا مششن ضششحية‬
‫حيوانية أو بشرية تستطيع أن تكفششر عشن انتهششاك حرمششة القداسششة اللهيششة‪ .‬لكششن إلشه الرحمششة )الرحمششن‬
‫الرحيم( تدخل لجل البشر العاجزين ودبر القربان الطاهر‪ ،‬القادر وحده علششى اليفششاء بمطلششب العششدل‬
‫اللهي‪ .‬وكما زود ال إبراهيم بذبح فدى ابنه‪ ،‬كذلك زود ال البشر بتضحية تنقذهم من الخطية‪.‬‬

‫ما كانت تلك التضحية الفذة؟ لقد أبانها يوحنا المعمدان )النبي يحيي( حين أشار وقششال‪ " :‬انظللروا هللذا‬
‫هو حمل ال الذي جاء ليرفع خطية العالم" ) يوحنا ‪ .(29 :1‬أعلن الرب يسوع نفسشه ذات مشرة أنشه‬
‫"جاء ل ليكون سيدًا بل خادمًا‪ ،‬وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" )مششتى ‪ .(28 :20‬أسششلم المسششيح حيششاته‬
‫ل عنا وأراق دمه ثمنًا لثششام العششالم‪ .‬كششان‬‫بالكامل إلى ال الب وأتم دوره كأضحية فادية‪ ،‬لقد صلب بد ً‬
‫هو النجاز النهائي والقصى لنظام التضحية بالحيوانات‪ .‬ومع أنه ليس بوسعنا أن نفهم جيدا سششر هششذا‬
‫الحدث‪ ،‬إل أن الكتاب المقدس يعلمنا أن موت المسيح القرباني على الصليب )الذي تنبأ به النبياء( قد‬
‫وفى بشروط العدل اللهي‪ ،‬وأن كل من يتعهد باتباع يسوع المسيح واليمان به تغفر له ذنوبه ويتطهر‬
‫تمامًا‪ .‬يقول الكتاب المقدس أن المسيح يتألم ثم يقوم من الموات في اليوم الثششالث‪ .‬وأنششه يجششب المنششاداة‬
‫باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا بين كل جميع المم ابتداء من أورشليم القدس‪) .‬لوقا ‪.(47-46 :24‬‬
‫انتبه إلى بولس الرسول المعروف سابقًا باسم شاول الفريسي كان هو الذي قششال‪ :‬مششا يلششي عششن مغفششرة‬
‫الذنب‪ " :‬يجب أن تعلموا أننششا نبشششركم بششأن مغفششرة الششذنوب هششو بواسششطة المسششيح يسششوع‪ .‬وبواسششطته‬
‫يتحرر كل من يؤمن به‪ ،‬من كل خطية لم يمكن لشريعة موسى أن تحرركم منها‪) .‬أعمال الرسل ‪:13‬‬
‫‪.(39-38‬‬

‫الجزء الرابع‬

‫نظام المملكة‬
‫كان موت الرب يسوع المسيح القرباني ذا أهمية بالغة‪ ،‬فقد فتششح هششذا المششوت بششاب "مملكششة الشش" أمششام‬
‫الناس كافة‪ ،‬وأستهل السبيل الي تتويج ملكها‪ .‬وقام الرب يسوع من بين الموات ورفعه ال مششن القششبر‬
‫وفقًا للنجيل‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫نظام المملكة‬

‫وأيضًا نّوه القرآن برفع عيسى في الية التالية‪:‬‬


‫"إذ قال ال يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي‪) "..‬سورة العمران آية ‪.(55‬‬
‫ل حاكمشًا‬
‫جِعش َ‬
‫لم يرفع المسيح وحسب‪ ،‬بل مجد أيضًا‪ ،‬فبوصفه مسيح ال ُتوج ملكًا علششى مملكششة الش و ُ‬
‫على الجميع‪" .‬تواضع يسوع جدًا‪ ،‬وأطاع في كل شيء حتى الموت‪ ،‬لدرجة أنه مششات علششى الصششليب‪،‬‬
‫لذلك رفعه ال إلى أعلى مكانة‪ ،‬وأنعم عليه بالسم الذي هوأعظم من كل أسم‪ .‬حتى تسجد كل الكائنات‬
‫التي في السماء والتي على الرض‪ ،‬والتي في العالم السفلي‪ ،‬على ركبها إكرامًا لسم يسوع المسششيح‪،‬‬
‫ل ل الب"‪) .‬رسالة فليبي ‪.(11-8 :2‬‬ ‫ويشهد الجميع علنًا‪ ،‬قائلين أن يسوع المسيح هو الرب‪ ،‬إجل ً‬

‫نعلم الن من هو ملك هذه المملكة‪ ،‬لكن من سيكون أهلها؟‬


‫سيكون أولئك الذين يسلمون مخلصين لربوبية الرب يسوع المسيح وقد تحششرروا مششن الشششعور بالششذنب‬
‫على معاصيهم‪ " .‬نعمة لكم وسششلم مششن الششرب يسششوع المسششيح الشششاهد الميششن‪ ،‬أول مشن قششام مششن بيششن‬
‫الموات‪ ،‬ورئيس ملوك الرض" سفر الرؤيا ‪.7-4 :1‬‬

‫سيرجع الرب يسوع إلى العالم لمشا يحيشن موعشد القيامشة فشي نهايشة الزمشان‪ ،‬بوصشفه "علشم السشاعة"‪.‬‬
‫وسيكون رجوعه في بهاء ملكشي‪ ،‬وسيؤسشس مملكشة الش علشى نحشو ظشاهر هنشا علشى الرض ويقشول‬
‫الكتاب المقدس في هذا‪ " :‬وعندما يجيء أبن النسان في جلله ومع كل الملئكة‪ ،‬يجلس علششى عششرش‬
‫الجلل‪ .‬وتجتمع أمامه كل الشعوب‪ .‬فيفصل الناس بعضهم عن بعششض‪ ،‬كمششا يفصششل الراعششي الخششراف‬
‫عن الجداء‪ ،‬فيضع الخراف عن يمينه‪ ،‬والجداء عن يساره‪ .‬ثم يقشول الشرب يسشوع المسشيح للشذين عشن‬
‫يمينه‪ :‬تعالوا يا مباركي أبي‪ ،‬خذوا نصيبكم‪ :‬الُملك المعد لكم منذ خلق العالم‪) .‬متى ‪.(34-31 :25‬‬

‫النصر‬
‫لن يتم الكشف عن مملكة ال وملكها إل عند نهاية الزمان‪ .‬بيد أن مهمة الرب يسششوع ومششوته القربششاني‬
‫وقيامته من بين الموات ساعدت على إنشاء واقع المملكة وتأسيس نفوذها وسلطانها الناميين‪ .‬وكششانت‬
‫أعاجيب الشفاء التي قام بها الرب يسوع المسيح‪ ،‬خاصًة من الرواح الشريرة‪ ،‬برهان شًا جلي شًا علششى أن‬
‫مملكة ال قد أتت لتجابه مملكة الشيطان‪ ،‬وعلى سبيل المثال قال النجيل‪:‬‬
‫"أن كان الشيطان يطرد الشيطان‪ ،‬فقد انقسم على نفسه‪ ،‬وكيششف تصششمد مملكتششه؟ وأن كنششت أنششا أطششرد‬
‫الشيطان ببعلزبول‪ ،‬فبواسطة من يطردوهم أتباعكم؟ لذلك هم يحكمون عليكم‪ .‬لكن أن كنت بروح الشش‬
‫أطرد الشياطين‪ .‬إذن قد جاءكم ُملك ال‪) .‬متى ‪.(28-22 :12‬‬

‫كان قيام الرب يسوع المسيح من القبر أعجوبة وعلمة ل ريشب فيهششا علشى هزيمششة إبليششس المحتومشة‪.‬‬
‫وبموت الرب يسوع القرباني‪ ،‬فتح باب الرحمة التي يؤدي إلى مملكة الش أمششام جميششع النششاس فششي كششل‬
‫العصور‪ ،‬وهذا شكل ضربة واضحة لخطة الشيطان ليقاع البشرية في شركة من خلل عجزهم عششن‬
‫التكفير عن إثمهم وتمردهم ضد الله القدوس‪ .‬ولول الرب يسوع المسيح‪ ،‬لظل العالم بأسره في حالة‬
‫‪14‬‬ ‫نظام المملكة‬

‫الدانة والرهبة من الحكم‪ ،‬إذ أزال دنس الخطية وشعور الذنب إلى علقة حميمة ُمستَرَدة مششع الخششالق‬
‫الكريم‪ .‬فيسوع المسيح فى الحق أقام نظامًا جديدًا ذا أهمية أبدية‪.‬‬

‫النظام القديم‬
‫تحت النظام القديم‪ ،‬وبخاصًة منذ ميثاق ال مع موسى وبني إسرائيل‪ ،‬اصبح شعب الش جماعشة ششديدة‬
‫الترابط معدة لمقاومة النفوذ الوثني‪ .‬وكان ذلك وفقًا لمر من ال‪ ،‬إذ عششرف الش ضششعفهم البشششري لقششد‬
‫انقطع رباط البشرية الروحي مع ال من جراء عصيان آدم‪ ،‬ولم يزل حتى ذلششك الحيششن غيششر مسششتعاد‪.‬‬
‫ولنعدام القدرة الروحية الداخلية على مقاومة الشرير‪ ،‬كان ل بد مششن اتخششاذ إجششراءات وقائيششة لحمايششة‬
‫جماعة بني إسرائيل من الفساد‪ .‬فكان من المهم أن يظهر شعب إسرائيل بمظهر التقوى‪ .‬لن ال ش كششان‬
‫قد دبر أن يقيم من بينهم مسيحه يسوع ولكي يحفظ ال لهم هذا المتياز‪ ،‬أسس نظامًا دينيًا يبقى قلششوبهم‬
‫متركزة ومتحدة وكانت أبرز مقومات هذا النظام طقوس الختان‪ ،‬التضحية الحيوانية‪ ،‬طقوس العبششادة‪.‬‬
‫لقد جرت ممارسة فريضة الختان على جميع الذكور منذ عهد النبي إبراهيششم تميزهششم علششى أنهششم عبششاد‬
‫الله الحق الواحد‪ ،‬رب الكون كله‪.‬‬
‫وكانت الضاحي من الحيوان وسيلة تكفيششر عششن الششذنوب وسششتر مششؤقت لهششا‪ .‬كششذلك هششي أشششارت إلششى‬
‫التضحية المقبلة الكاملة )الذبح العظيم( التي كان ال قد دبرها لتزود أفئدة شعبه بششالتطهير والسششترداد‬
‫التامين‪.‬‬

‫أما طقوس العبادة فقد اشتملت على حرق البخور‪ ،‬والتوضؤ‪ ،‬وتأدية صلوات موعديه منهجيششة‪ .‬وفششي‬
‫زمن لحق‪ ،‬كان قدس القداس يعتبر كمسكن رمزي لحضور ال وتذكير ظاهر لحضششور الشش‪ .‬وينششوه‬
‫الكتاب المقدس بهذه المقومات الدينية الهامة على النحو التالي‪" :‬وهذا يشير إلى الوقت الحاضششر‪ .‬فششإن‬
‫القرابين والضحايا التي يقربونهششا ل تسششتطيع أن تجعششل مششن يقششوم بهششا صششافي الضششمير‪ .‬لنهششا مجششرد‬
‫فرائض خارجية تقتصر على ما يأكلون ويشربون وكيف يتوضئون‪ ،‬لذلك يعمل بها إلى أن يأتي وقت‬
‫النظام الجديد" )عبرانيين ‪.(10-9 :9‬‬

‫النظام الجديد‬
‫فى ظل النظام الجديد اتخذت الممارسات الخارجية للجماعة الدينية معنششى جديششد‪ ،‬عنششدما سششؤل يسششوع‬
‫المسيح مرة عما إذا كان هو ملك اليهود‪ ،‬أجاب بقوله‪" :‬مملكتي ليست من هذا العششالم"‪ .‬أن مملكششة ال ش‬
‫ليس مكانًا ماديًا بل هي حقيقة روحية‪ .‬لذا فأن مبادئ الحياة الششتي تميششز هششذه المملكششة هششي روحيششة فششي‬
‫ل يصبح الختان الجسدي الذي هو من سمات بني إسرائيل الدينية رمزًا لمفهوم أشد عمقًا‬ ‫طبيعتها‪ ،‬فمث ً‬
‫أل وهو ختان القلب‪ .‬أن المؤمن الصادق بال يتميز بنزع شتى الرغبشات الدنيويشة عنشه ويتخلشص مشن‬
‫تمجيد الذات‪ ،‬التي هي عوامل تعوق تدفق مجرى العبادة الصحيحة من قلبه نحو الخالق الكريم‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫نظام المملكة‬

‫لكن كيف يمكن نزع هذه الطبيعة الخاطئة؟‬

‫هل بوسعنا نحن البشر أن نلج داخل القلب لنقوم بالنزع والقطع؟ هل نملك القدرة على إزالة التششأثيرات‬
‫ل على الشر‪ .‬لذلك أرسل ال المنقذ الششرب‬ ‫الشيطانية؟ لقد دل التاريخ على عجز النسان عن التغلب فع ً‬
‫يسوع المسيح بقوة وسلطة لكي يحررنا من هذه العبودية ويعلم النجيل‪" :‬وأنتم قد نلتششم الحيششاة الكاملششة‬
‫لنكم تنتمون للمسيح الذي هو فوق كل رياسة وسلطان في عالم الروح‪ .‬وبما أنكم تنتمون له فقد ختنتم‬
‫أي نزعت عنكم طبيعة الدينونة‪ .‬إذن هششذا ليششس الختششان الششذي يعلمششه النششاس بششل الششذي يعلمششه المسششيح"‬
‫)كولوسي ‪.(11-10 :2‬‬

‫لقد لعبت الضاحي الحيوانية دورًا هامًا في دين بني إسرائيل‪ ،‬بيد أنهششا تمتعششت بأهميششة أكششبر روحي شًا‪.‬‬
‫ويوضح الكتاب المقدس‪" :‬ال ل يريد ضحايا ول قرابين ول قربانًا يحرق بكامله‪ ،‬ول قربششان التكفيششر‬
‫عن الخطية‪ ،‬وهو ل يسر بها مع أنها كششانت تقششدم بحسششب الشششريعة‪ .‬ثششم قششال‪" :‬أنششا هنششا‪ ،‬جئت لعمششل‬
‫مشيئتك" فهو بذلك يلغي الول‪ ،‬ويؤسس الجديد‪ .‬فنحن أصبحنا مقدسين لن الرب يسوع المسيح عمل‬
‫مشيئة ال بأن قدم نفسه ذبيحة مرة واحدة والى البد"‪) .‬عبرانيين ‪(10 – 9 :10‬‬

‫الن وقد حقق المسيح رمزية نظام الذبيحة لم يعد ثمة حاجة إلى ذبيحة الحيوان للتكفيششر عششن الخطيششة‪.‬‬
‫لكن هذا لم يلغي مبدأ التضحية‪ .‬فبمثله عينشه‪ ،‬تشرك الششرب يسشوع لتبشاعه إدراكشا أنبششل بكششثير لمفهشوم‬
‫التضحية‪ ،‬ليست التضحية بحيوان‪ ،‬وإنما التضحية بنفسه وبرغبات ذاته من أجل خدمة ال‪.‬‬

‫ويقول الكتاب المقدس بصدد هذا النوع من التضحية‪:‬‬


‫"أرجوكم من أجل رحمة ال‪ ،‬أن تقدموا أنفسكم له ضششحية حيشة مقدسششة‪ ،‬ويرضششى عنهششا‪ ،‬فيكششون هششذا‬
‫منكم عبادة روحية‪ .‬ل تجاروا عادات هذا العالم‪ ،‬بل غيروا ما بأنفسكم بتجديد عقولكم"‬
‫)رومية ‪.(1 :12‬‬

‫لنذكر أن السيد المسيح أعلن أن مملكة ال ليست من هذه الدنيا‪ .‬إذن هناك حاجة إلى تغير مخلص من‬
‫ل حقيقيًا في قلبه‪.‬‬
‫وجهة نظر المرء‪ ،‬يعكس تحو ً‬

‫الجزء‬
‫الخامس‬
‫‪15‬‬ ‫الخصائص الروحية للمملكة‬

‫الخصائص الروحية للمملكة‬


‫أمست القواعد والنظمة الخاصة بشششعائر العبششادة لششدى البشششر متشششابكة مششع القائمششة الطويلششة للقششوانين‬
‫المدنية التى تراكمت خلل السنين ‪.‬‬
‫ومما يؤسف له أن الناس مع الزمن‪ ،‬ضلوا عن وعي الغاية مششن القششوانين المدنيششة وعلقتهششا بششالقوانين‬
‫الخلقية الجليلششة‪ .‬وششرع قشادة الشدين يستعيضششون عشن "غسشل القلشوب" بالممارسششات الطقسششية مثشل‬
‫الوضوء لغسل اليدي والقدام‪ .‬ووضعوا‪ ..‬تدريجيًا توكيششدًا أعظششم علششى تلششك الششتى بنششت فقششط مظششاهر‬
‫الدين الخارجية‪ ،‬متجاهلين بنيانه الروحي‪.‬‬

‫أفتقر الناس داخل أنفسهم إلى الرغبة في‪ ،‬والقدرة علششى أن يعيشششوا حيششاة القداسششة‪ ،‬وكششانت النتيجششة أن‬
‫دين إبراهيم الصحيح أنحط إلى نظام ديني من شعائر مليئة بالغطرسة والنفاق‪ .‬فظهر الناس من‬
‫الخارج وهم يغسلون أيديهم ويؤدون صلواتهم ولكن من الداخل كانت أفئدتهم معتلة‪ ،‬مملؤة من الطمششع‬
‫والحسد والعجرفة‪ .‬لقد أساءوا استخدام الشرع الششديني متبششاهين بتفاسششيرهم هششم للقداسششة‪ ،‬وأخفقششوا فششى‬
‫صَد للشريعة أن تكون معيارًا للقداسه‪ ،‬لكي التأثير المراد منهششا‬ ‫إدراك حقيقة هامة عن الشريعة‪ .‬أجل ُق ِ‬
‫كان تذكير الناس بقصورهم المتكرر عن أن يباروا المعيار‪.‬‬

‫كان ينبغي على هذا الخفاق أن يؤدي بشعب ال إلى التواضع ويجعلهم يدركون حششاجتهم الماسششة إلششى‬
‫الرحمة اللهية‪ .‬غير أن الكثيرين منهم‪ ،‬عوضًا عن ذلك لم يعتبروا الشريعة وسيلة للتواضع والتوبششة‪،‬‬
‫وإنما رأوا فيها أداة لعرض تقوى ظاهرية يتلقون عليها مديح الناس‪ .‬لهذا السبب أصششدر الششرب يسششوع‬
‫المسيح إرشادات ودلئل هامة وأظهر أنقى المعايير التي تخص مملكشة الش وبعضشها وارد فيمشا يلشي‪:‬‬
‫"أن كان صلحكم ل يزيد على صلح الفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السماوات " )متى ‪.(20 :5‬‬

‫"إياكم أن تمارسوا واجباتكم الدينية في الظاهر بقصد أن يراكم الناس‪ .‬ومششتى صششليتم فل تكونششوا مثششل‬
‫المنافقين‪ ،‬لنهم يحبون أن يقفوا للصلة في المجششامع وعنششد ملتقششى الطششرق لكششي يراهششم النششاس ومششتى‬
‫صمتم فل تكونوا عابسين مثل المنافقين‪ ،‬فإنهم يكشرون وجوههم ليظهروا للناس صائمين‪)" .‬مششتى ‪:6‬‬
‫‪.(16-11‬‬
‫"سمعتم أنه قيل للناس في قديم الزمن‪ :‬ل تقتل‪ ،‬ومن قتل يواجه القضاء‪ .‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬من غضششب‬
‫على أخيه يواجه القضاء‪ .‬ومن قال لخيه‪ :‬يا أحمق يواجه القضششاء ومششن قششال لششه يششا كششافر يششواجه نششار‬
‫جهنم‪ .‬سمعتم أنه قيل ل تزني‪ :‬أما أنا فأقول لكم‪ :‬من نظر إلى امرأة بشهوة فقد زنى بها في قلبه‪ .‬وقيل‬
‫أن من طلق امرأته فيجب أن يعطيها كتاب طلق‪ .‬أما أنا فشأقول لكشم‪ :‬كشل مشن طلششق امرأتشه وهششي لشم‬
‫تزن‪ ،‬يجعلها زانية‪ .‬ومن يتزوج من مطلقة يزني‪ .‬سمعتم أنه قيل‪ :‬تحب قريبك وتبغض عدوك‪ .‬أما أنا‬
‫فأقول لكم أحبوا أعداءكم‪ ،‬وصلوا لجل الذين يضطهدونكم‪)" .‬متى ‪.(43 ،32 ،31 ،28 ،27 ،22 ،21 :5‬‬
‫‪16‬‬ ‫الخصائص الروحية للمملكة‬

‫الهيكل‬
‫أن الوجه العام للعبادة في النظام الجديد‪ ،‬ليس تعبد الناس في مبنى مششادي‪ .‬بششل هششو تعبششدهم بششروح مششن‬
‫الخلص والصدق‪ .‬لم يقصد للعبادة الحقيقية أن ترتبط بأي شئ خارجي‪ ،‬مثل جبل مبنششى أو شششريعة‪.‬‬
‫وإنما المراد منها أن تكون اختبارًا داخليًا بين ال وبين الروح البشري‪.‬‬

‫إذا كان النسان حقًا أشرف المخلوقات‪ ،‬فليس من مكان يفضل ال أن يكون فيه غير هيكل حيششاة امششرأ‬
‫خاضع له خضوعًا تامًا‪" .‬أل تعلمون أن جسدكم هو بيت للروح القدس الساكن فيكم والذي أعطششاه الش‬
‫لكم؟ أنتم لستم ملك لنفسكم بل ل‪ ،‬فهو قد اشتراكم بثمن‪ .‬إذن مجدوا ال فششي أجسششادكم‪ " .‬النجيششل‪1)-‬‬
‫كورنتوس ‪.(20-19 :6‬‬

‫الجماعة العالمية‬
‫كانت خطة ال السليمة‪ ،‬أن يبقى بني إسرائيل جماعة مستقلة أو منفصلة‪ ،‬غير مدنسة بتأثير خششارجي‪،‬‬
‫ومتميزة في ممارساتها الثقافية والدينية‪ .‬وكان ذلك بغية حفظ نسل إبراهيم وإسحاق ويعقوب‪ .‬فأن مششن‬
‫هذا النسل كانت قد اختيرت عذراء لتحمل معجزة مباركة من ال للجنس البشري‪ :‬ابنشًا قدوسشًا يششدعى‪:‬‬
‫يسوع ومعناه "ال معنا"‪ .‬لكن الن وقد ظهر الرب يسوع المسيح وأنجز المرحلة الولى مششن مهمتششه‪.‬‬
‫تحتم أن يزول حائط النفصال بين المؤمنين اليهود وسائر المؤمنين كافة‪ .‬فال يود أن يقيم ل في حيششاة‬
‫شخص واحد‪ ،‬بل فى حياة جماعة المؤمنين العالمية النتشار‪ .‬وتكون هششذه الجماعششة متألفشة مششن أنششاس‬
‫من جميع المم والشعوب‪ ،‬أصبحوا أعضاء فششي كيششان المملكششة مششن طريششق تعهششدهم بششالولء لشششخص‬
‫الرب يسوع المسيح كمنقذ وملك‪ .‬فالرب يسوع المسيح نفسه بث السلم بيننا‪ ،‬لنه جعل اليهششود وغيششر‬
‫اليهود شعبًا واحدًا‪ ،‬وبجسده أزال حائط العداوة الذي كان يفصل هذا الشعب عن ال‪.‬‬
‫" فأنتم لستم غرباء أو أجانب فيما بعد بل أهل مدينة القديسين‪ ،‬وأعضاء فششي عائلششة الشش‪ ،‬مبنييششن علششى‬
‫أساس الرسل والنبياء‪ ،‬والمسيح هو نفسه حجر الزاوية الذي به يشد البناء بعضه بعضًا فششي انسششجام‪،‬‬
‫ويكتمل ليصير بيتًا مقدسًا للرب‪ .‬ولنكم تنتمون للمسششيح‪ ،‬فششأنتم مبنييششن معشًا لتصششيروا بيششت الش الششذي‬
‫يسكن فيه بروحه‪) " .‬النجيل‪ ،‬رسالة أفسس ‪.(22-19 ،16 -14 :2‬‬

‫بما أن الرب يسوع المسيح قد جاء ليفتدي البشرية بأسرها‪ ،‬فمن البين أن مملكة ال ستضششم بشششرًا مششن‬
‫جميع الشعوب والقبائل‪ .‬ول تطبق فيما بعد القوانين والنظمة التي كانت من الخصائص المميزة لبنششي‬
‫إسرائيل‪.‬حيث أن مملكة ال الحقيقية هي من طبيعة مختلفشة‪ ،‬فهشي ليسشت مشن هشذه الشدنيا‪ .‬أنهشا مملكشة‬
‫روحية سنعرف بمميزاتها الروحية‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫الخصائص الروحية للمملكة‬

‫المميزات الروحية لمملكة ال‬


‫حرم الشيطان الناس من هبششة الششروح الششتي كششان الش قششد نفخهششا فششي الحيششاة‬
‫من بداية الوجود البشري ‪َ َ،‬‬
‫البشرية‪ .‬عندما أقصشى آدم عشن حضشرة الش القدسشية بسشبب عصشيان النسشان الول‪ ،‬صشودرت هبشة‬
‫الروح تلك فلم تعد للبشششر صشلة روحيشة حميمششة مششع خشالقهم‪ .‬ولقششد كشانت هشذه القشدرة الخاصششة علشى‬
‫التحادث الحميمي مع ال‪ ،‬هي التي رفعت البشر فوق سائر المخلوقات‪ .‬ومششع ذلششك فششأن الششرب يسششوع‬
‫المسيح قد جاء ل لسترداد المملكة وحدها بل ولسترداد الهبة أيضًا‪.‬‬

‫ويعطينا الكتاب المقدس تعليمات واضحة عن السبيل إلى استلم عطية روح ال‪" :‬توبوا وليعتمششد كششل‬
‫واحد منكم باسم يسوع المسيح‪ ،‬لكي تغفر ذنوبكم‪ ،‬وتنالوا عطية الروح القدس‪ .‬لن الوعد هو لكم أو ً‬
‫ل‬
‫ولولدكم‪ ،‬ولكل الذين يدعوهم ربنا ال لنفسه"‪) .‬أعمال الرسل ‪.(39-38 :2‬‬

‫كيف يظهر روح ال نفسه فى حياة شخصًا ما‪ ،‬وما هي العلمة التي تدل على أن هذا الشخص هو عضو في مملكة ال؟‬

‫خلق نبيل‪" :‬وأما الثمر الذي ينتجششه الششروح فهششو‪:‬‬ ‫يشير الكتاب المقدس إلى أن الروح داخلنا ينتج ثمار ُ‬
‫المحبة‪ ،‬الفرح‪ ،‬والسلم‪ ،‬الصبر‪ ،‬اللطف‪ ،‬والكرم‪ ،‬والخلص‪ ،‬والوداعة‪ ،‬وضبط النفس‪ .‬ل يوجد أي‬
‫قانون يقف ضد هذه الفضائل"‪) .‬غل طيششة ‪ .(23-22 :5‬مششن الجلششي أن هششذه الصششناف مششن الثمششر ل‬
‫ُيحرمها أي قانون ول تحد منها أية عوامل ثقافية أو جغرافية أو بيئية‪ .‬ففي الحق أن هذه "الثمار" هششي‬
‫مطمح عام للروح البشرية‪ ،‬لنها مثل هذه الروح ناشئة من المصدر اللهي ذاته‪ .‬وأعظششم هششذه الثمششار‬
‫هي المحبششة‪ .‬وقششد أعلششن الششرب يسششوع المسششيح ذات مششرة أن شششريعة موسششى بأكملهششا يمكششن تلخيصششها‬
‫بمتطلبين أساسيين‪ :‬أن نحب ال‪ ،‬وأن نحب غيرنا من الناس‪ .‬ول يفاجئنا أن المحبة هي العامل المؤثر‬
‫الرئيس الذي يجذب الناس إلى المملكة ويحفظهشم متحشدين‪ .‬والنجيشل نفسشه يؤكشد أن "الش محبشة" )‪1‬‬
‫يوحنا ‪" .(8 :4‬المحبة تصششبر وتشششفق‪ .‬المحبششة ل تحسششد ول تتبششاهى ول تنتفششخ بالكبريششاء‪ .‬المحبششة ل‬
‫تسيء إلى أحد‪ ،‬ول تسعى إلى مصلحتها الخاصة‪ ،‬ول تثور ول تتذكر الساءة‪ ،‬ول تفششرح بالضششلل‪،‬‬
‫بل تفرح بالحق‪ .‬المحبة تصفح عن كل شيء‪ .‬وتصدق كل شيء‪ ،‬وتأمل فششي كششل شششيء‪ ،‬وتحتمششل كششل‬
‫شيء‪ ..‬أما المحبة فتدوم ول تنتهي‪ 1) .‬كورونتوس ‪.(8-4 :13‬‬

‫" وأغفروا بعضكم لبعض أن كان لحد شكوى ضد آخر‪ .‬سامحوا بعضكم بعضًا كما سششامحكم الششرب‪.‬‬
‫وأهم من كل شئ تحلوا بالمحبة لنها هي التي تربط الكل في وحدة تامة‪) .‬كولوسي ‪.(14-12 :3‬‬

‫أذكر أن مملكة ال ل تعكس أية ثقافة قومية دنيوية ل من الشرق ول من الغرب ول من الشمال أو من‬
‫الجنوب‪ .‬ول هي تفرض أي حضارة أو هوية خاصة بقوم ما على من هم مششن خلفيششات أخششرى‪ .‬وانمششا‬
‫بدل من ذلك‪ ،‬تحاول القوى الروحية الفعالة من داخل المملكة أن تحول الحضارة لكي تعكس كل من‬
‫‪18‬‬ ‫الخصائص الروحية للمملكة‬

‫الثقافات المتغايرة خصائص المملكة الروحية التي يجب أن تكون مشتركة بين جميع خادمي ال‪ .‬وأي‬
‫خصائص هنالك في مملكة ال أعظشم مشن الرافشة والرحمشة! فل عجشب أن القشرآن يصشف أتبشاع ملشك‬
‫الملوك على هذا النحو‪ " :‬ثم قضينا على أثرهم برسلنا وقفينا بعيسى أبن مريم‪ .‬وأتينه النجيل وجعلنششا‬
‫في قلوب الذين تبعوه رأفة ورحمة‪) " .‬القرآن سورة الحديد الية ‪.(27‬‬

‫الجزء‬
‫السادس‬
‫والخير‬

‫المملكة وأنت‬
‫تقوم مملكة ال حاليا في شكل خفي‪ ،‬فهي روحية الصفة وتظل موجودة في قلوب الذين أعلنوا إيمششانهم‬
‫بأن الرب يسششوع هششو المسششيح‪ ،‬ملششك المملكششة‪ .‬وهششؤلء المشؤمنين بشه يرتقبششون رجششوعه المنتظششر إلششى‬
‫الرض‪ .‬وعندما يتحقق رجوع المسيح‪ ،‬ستظهر المملكة في شكل جلي‪ ،‬موطدة دين ال الصششحيح فششي‬
‫العالم بأسره‪ .‬وفي الثناء‪ ،‬ستبقى سلطة المملكة الكامنة في القلوب‪ ،‬فاعلة ومؤثرة في حياة النششاس فششي‬
‫شتى القطار والبقاع‪.‬‬
‫وليست هذه المملكة سياسية وعسكرية‪ ،‬فهي ل تتوسع قصرًا‪" ،‬إذ ل إكراه في الدين" ول شششك أن الش‬
‫يود عبادة مخلصة من قلب راغب محب وليس قصر اليمان الذي يفرضه تهديد السششيف! ومششا يششؤدي‬
‫إلى انتشار خبر المملكة السار ما هو إل قانونهششا الساسششي‪ ،‬قششانون المحبششة‪ ،‬محبششة المششرء لش ومحبتششه‬
‫للناس رفاقه‪ .‬تستطيع قوة المحبة أن تنجز أكثر بما ل يقاس مما تستطيع قوة السششيف إنجششازه‪ ،‬فالسششيف‬
‫البشري يجلب الدم والموت‪ ،‬يلد الخوف ويثير الغضششب والنتقششام وتكششون نششتيجته سششنوات مششن العششداء‬
‫والريبة والكراهية بل ويغلق الباب بعنف أمام الرجاء في المغفرة والمصالحة والسلم‪ .‬أن السيف أداة‬
‫فعالة في إيذاء الجسم ‪ ،‬ولكنه في النهاية يفضي إلى تقسي القلب‪.‬‬

‫أما المحبة فتلين القلب حتى يتغلششب التواضششع الصششادق علششى الكبريششاء البشششرية‪ .‬وفششي التواضششع يمهششد‬
‫الغفران السبيل إلى المصالحة والسلم‪ ،‬مششا ل يمكششن تحققششه إل إذا حششول روح الش أفئدة النششاس‪ ،‬وهششذا‬
‫اختبار يحدث لهم عندما يصبحون مواطنين في مملكة ال‪.‬‬

‫من اليقين أن يأتي يششوم حيششن يرجششع الششرب يسششوع المسششيح كملششك ومحششارب لكششي يقضششي علششى المششم‬
‫والشعوب التي اتبعت همسات الشيطان‪ .‬وسيحل الششدمار والمششوت آنئذ‪ ،‬لكششن بسششيف عششدل الشش‪ .‬وحششتى‬
‫يأتي ذلك الوقت‪ ،‬ل نجرؤ نحن خدام ال أن نحل محله أو نأخذ دور ال في تنفيذ القضاء‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫المملكة وأنت‬

‫هذا النتقام يخص ال وحده‪ .‬وستمتلئ كاس العقاب طوال يوم الحساب الرهيب‪ .‬أما في الزمن الراهن‬
‫ل على صفات المملكة المميششزة مششن‬‫فمهمة شعب ال هي أن يعلنوا خبر المملكة السار‪ ،‬وأن يكونوا مث ً‬
‫خلل صنائع الرحمة والسلطة فوق الشر‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬أرشد الرب يسوع المسيح جميع تششابعيه بهششذه‬
‫الكلمات‪" :‬عندما يحل الروح القدس عليكشم‪ ،‬تنشالون قشوة وتكونشون لشي ششهودًا فشي القشدس‪ ،‬وفشي كشل‬
‫اليهودية والسامرة‪ ،‬وإلى أقصى الرض"‪) .‬أعمال الرسل ‪(8 :1‬‬

‫العلج‬
‫أن المحبة التي تظهر في مملكة ال هي سيل من الرأفة والرحمة منشأة من عند الخالق العظيششم‪ .‬وهششي‬
‫تفيض في قلوب شعب ال وتتدفق منها إلى حياة من هم أقل حظًا‪ .‬وهذا النوع من المحبششة ليششس أنانيشًا‪،‬‬
‫بل يتجه متدفقًا نحو الغير‪ ،‬يخترق أصعب الحواجز ويبلغ أبعد العماق‪ .‬أنه محبة تهتم اهتمامًا صادقا‬
‫ًباليائسين والمعوزين وبمسحوقي القلوب والمضطهدين‪.‬‬

‫كذلك هي محبة تدعو إلى حياة من نكششران الششذات‪ ،‬فششترة مششن " الصششوم " ليششس صششومًا يمثششل عرضشًا‬
‫خارجيًا للتقوى بل صوم يقوم أعمال إحسان مخلصة تعكس رحمة ال فيقول النجيل‪:‬‬
‫" أليس الصوم الذي اختاره يكون في فشك قيشود الششر‪ ،‬وحشل عقشد النيشر‪ ،‬إطلق سشراح المتضشايقين‪،‬‬
‫وتحطيم كل نير؟ أل يكون في مشاطرة خبزك مع الجشائع‪ ،‬وإيشواء الفقيشر المتششرد فشي بيتشك‪ .‬وكسشوا‬
‫العريان الذي تلتقيه؟ عندئذ يشع نورك كالصباح‪ ،‬وتزهششر عافيتششك سششريعا‪ ،‬ويتقششدمك بششرك‪ ،‬ويحششرس‬
‫جلل الرب مؤخرة ساقتك‪) ".‬أشعياء ‪(7-6 :58‬‬

‫لم يتجاهل الرب يسوع‪ ،‬أثناء مهمته على الرض علل المجتمع في يششومه‪ .‬أقلقتششه بعمششق آفششات الطمششع‬
‫والنانية التي أدت إلى الفقر‪ ،‬والنفاق الديني‪ .‬وأفعمته الشفقة على الضحايا العششاجزين الششذين اسششتغلتهم‬
‫السلطة الهرمية‪،‬السياسية والدينية‪ .‬ولذا أوصى الرب يسوع المؤمنين أن يولوا الفقراء عنششايتهم‪ .‬وهششذا‬
‫يبين كم كان شديد الهتمام باحتياجات الخرين‪.‬‬
‫" ثم يقول الملك للذين عن يمينه‪ :‬تعالوا يا مباركي أبي خذوا نصيبكم‪ :‬الملك المعد لكم منذ خلق العششالم‬
‫لني جعت فأطعمتموني‪ ،‬عطشت فسقيتموني‪ ،‬عريانًا فكسيتموني‪ ،‬مريضًا فزرتموني‪ ،‬محبوسًا فجئتم‬
‫إلي‪ .‬فيجيب التقياء‪ :‬يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك‪ ،‬أو عطشانًا فسقيناك‪ ،‬ومششتى رأينششاك غريب شًا‬
‫فآويناك‪ ،‬أو عريانًا فكسيناك‪ ،‬ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فجئنا إليك؟ فيجيبهششم الملششك‪ :‬أقشول لكششم‬
‫الحق بما أنكم فعلتم هذا مع أحد أخوتي البسطاء فقد فعلتموه بي‪) ".‬متى ‪(40-34 :25‬‬

‫عرف الرب يسوع المسيح أنه ل يمكن القضاء على الظلم الجتماعي عن طريق الحتجاجات العنيفششة‬
‫أو قلب الحكومات‪ .‬فقد أدرك أن مصدر تلك الشرور هو مشكلة اجتماعيشة‪ ،‬وفششي الدرجششة الولششى هشو‬
‫فساد القلب‪ .‬ما دام الشيطان يضايق البشر وينهكهم‪ ،‬سيستمر تأثير الفساد الذميم في تلوية دفة حياتهم‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫المملكة وأنت‬

‫فقط حينما يرجع الرب يسوع المسيح إلى الرض‪ ،‬سيباد إبليششس ملششك التشششويش وأتبششاعه إبششادة تامششة‪،‬‬
‫وقبل أن يأتي ذلك الوقت لن يملك أي سيف أم عنف بشري قشوة كافيشة لتخليشص العششالم مشن الششر‪ .‬قششد‬
‫ل مؤقتًا‪ ،‬لكن العنف يقود فششي النهايششة إلششى مزيششد مششن العنششف‪ ،‬ومششرة أخششرى‬
‫يوفر التصرف العنيف ح ً‬
‫سيطل الفساد برأسه ليوقع بالبرياء أشششد الذى‪ .‬ولهششذا السششبب لششم يؤيششد الششرب يسششوع المسششيح إطلقشًا‬
‫استعمال العنف‪ ،‬وإنما بدل ذلك حششض أعمششال الرحمششة‪ ،‬وحششث أتبششاعه علششى احتششواء رسششالة المملكششة‪،‬‬
‫مملكة ال‪ .‬التي تقدم المل الوحيد في استرداد كامل للصلح والسلم والفرح‪.‬‬

‫الولدة الثانية‬
‫أن الصفات الذاتية للصلح والسلم والسعادة هي خاصششيات روحيششة لجششوهر مملكششة الشش‪ ،‬وبالميسششور‬
‫اختيارها الن‪ ،‬ضمن جماعة المؤمنين‪ ،‬حتى قبل نزول المملكة في شكل ظاهر‪ .‬بيد أن هششذه الصششفات‬
‫وأمثالها ينبغي بناؤها وترسيخها في حياة الفراد قبلما تصبح واقعًا في حياة المجتمع‪ .‬وسيتم ذلك فقششط‬
‫لما يصبح الفراد أعضاء في مملكة ال‪ ،‬ويبدأون يرون بأعين وعي روحي‪.‬‬

‫كيف يصير شخص ما مواطنًا في هذه المملكة؟‬

‫يجيب الكتاب المقدس بما يلي‪:‬‬


‫"ل بد أن يولد النسان من جديد‪ ،‬ل يقدر أن يرى مملكة ال‪ .‬يولد الشخص الولدة البشرية من أبششويه‪،‬‬
‫ويولد الولدة الروحية من الششروح‪ .‬أمششا الششذين قبلششوه )الششرب يسششوع المسششيح( أي الششذين آمنششوا باسششمه‪،‬‬
‫فأعطاهم الحق في أن يصيروا أولد ال‪ ،‬ل لنهم ولدوا من البشر‪ ،‬ول بقرار بشششري‪ ،‬ول مششن رغبششة‬
‫إنسان‪ ،‬بل من ال‪) ".‬يوحنا ‪(13-1:12 ،3:3،6‬‬

‫ل بد أن تكون "مولودًا من جديد" لكششي تششدخل إلششى مملكششة الشش‪ .‬لقششد سششبق واجششتزت الششولدة البشششرية‪،‬‬
‫ويتحتم عليك الن أن تخضع للولدة الروحية‪ ،‬وهي " الولدة الثانية "‪.‬‬

‫لكن كيف تحدث هذه الولدة الروحية؟‬

‫أنها ستحدث لك من اللحظة التي فيهشا تشؤمن وتقبشل شخصشيًا برسشالة الشرب يسشوع المسشيح وسشلطانه‬
‫المقدس عندما تقبل إنقاذا لحياتك ذاتها‪ ،‬تضحية الرب يسوع بنفسه كفارة عن خطايا البشششرية‪ ،‬سششتغفر‬
‫ستحرر روحك البشرية لتتصل بروح‬ ‫لك ذنوبك وسيطهر قلبك‪ .‬سيمزق حجاب الثم ولن يبقى عائق‪ُ .‬‬
‫‪21‬‬ ‫المملكة وأنت‬

‫ال‪ ،‬وفي هذا الختبار من المشاركة الروحية‪ ،‬تصبح عضوًا في العائلة السماوية التي يسود عليها الش‬
‫"الب" العظيم‪.‬‬

‫الدين الصحيح‬
‫لريب يا صديقي أنك ترغب أيضًا في أن تشاهد مملكة ال قائمة هنا على الرض فأنت كناشد صادق‬
‫للصلح‪ .‬مضطرب ومنزعج جدًا من النزعات والتجاهششات الحاليششة فششي عالمنششا‪ .‬أنششك تلحششظ إخفششاق‬
‫النظمة الشتراكية والرأسمالية في تأمين احتياجات البشششر الساسششية‪ .‬وتششرى انتشششار الفسششاد والنفششاق‬
‫وانعدام التقوى‪ .‬كذلك تبصر البطالة والفقر يؤديان إلى اضطراب البشر‪ .‬كما تشهد كيف يستفحل نفوذ‬
‫ل عششن أن قششادة‬‫الفلسفة والتكنولوجيا فيصرف أولدك عن العراف التقليدية والمعتقدات الدينية‪ ،‬فضش ً‬
‫الدين الضعفاء يقبلون بحلول وسطى لقاء امتيازات ومصالح سياسية‪.‬‬

‫أنك ترى كل هذا‪ ،‬وتحاجج بأن الحل الوحيد هو استرجاع الششدين إلششى العششالم‪ ،‬لكششن يششا صششديقي‪ ،‬أليششس‬
‫الدين الصحيح هو دين إبراهيم؟‬
‫أل يتحدث القرآن عن النبي إبراهيم بهذه الطريقة‪" :‬قل صدق ال فاتبعوا ملة إبراهيششم حنيفشًا ومششا كششان‬
‫من المشركين" )سورة ال عمران آية ‪(95‬‬
‫"وأن من شيعته لبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم" )سورة الصافات آيات ‪(84-83‬‬
‫أما قيل أن إبراهيم عبد ربه "بقلب سليم"؟‬
‫ها هي مسالة القلب تواجهنا مرة أخرى‪ .‬فما فائدة العنف إذا كان يقضي علشى العشدو ولكنشه يخفشق فشي‬
‫تغيير طبيعة القلب؟ ما لم يتغير ما في القلب‪ ،‬سيدوم التقاتل أن لم يكن بين أفراد فئة وبين آخرين مششن‬
‫خارجها‪ ،‬فسيكون بين واحدة أخرى من داخلها‪ .‬حششتى لششو تششم قهششر عششدو مشششترك‪ ،‬فششأن رغبتششا الجشششع‬
‫والشهوة إلى السلطة ستنبثقان أخيرًا من الداخل لتحبطا أية مقاصد كانت في البدء نبيلة ومخلصة‪.‬‬

‫النظام اللهي‬
‫وقد تجادل بأن الحكومات البشرية‪ ،‬الديموقراطية خاصة‪ ،‬قادتنا إلى انهيار كامل فششي النظششام العششالمي‪.‬‬
‫وتدعى أنها حكومات بشرية التمركز‪ ،‬لذا هششي محتومششة المششآل إلششى الفشششل التششام‪ ،‬لن النسششان أساسشًا‬
‫ضشعيف وميشال إلشى الثشم‪ .‬وأنشت تجشزم بضشرورة عشدم فصشل الشدين عشن الدولشة‪ ،‬وتعتقشد أن نظامشًا‬
‫ثيوقراطيًا يوفر وحدة الحل القابل للتطبيق والنمو لنه نظام متمركز حششول الش ويششدعم قششوانينه‪ .‬كششذلك‬
‫تقول أن إرجاع الشريعة وتنفيذ أحكامهششا علششى نحششو صششارم همششا السششبيل الوحيششد إلششى اسششتعادة النظششام‬
‫اللهي‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫المملكة وأنت‬

‫لكن‪ ،‬هل بوسعنا حقًا‪ ،‬في ظل القضايا المعقدة لعالمنا المعاصر‪ ،‬أن نجد نظامًا ثيوقراطيًا خالصًا ونقياً‬
‫يشمل قواعد وتنظيمات تعالج كل شأن وحال؟ ل أحد يمكنه‪ ،‬فششي ضششوء العصششور المتغيششرة‪ ،‬أن ينكششر‬
‫الحاجة النامية إلى تفسير ثان للقوانين الدينية‪ ،‬وحتى الحاجة إلى قوانين جديششدة مؤسسششة علششى تشششريع‬
‫سابق وعلى إجماع العلماء‪.‬‬

‫نحن نعلم أن هيئة رجال الدين تتألف من مجرد أناس خاضعين للضعف والخطأ البشري‪ .‬ولن يتحششرر‬
‫الناس من هذا الضعف والخطأ إل حين يهزم الشيطان نهائيًا‪ .‬وإلى أن يحصل ذلششك ل نسششتطيع كبشششر‬
‫أن نصنع نظامًا إلهيًا‪ ،‬ول أن نطبقه بتمامه‪ .‬ل يوجد في العلم كله دين منشأ يستطيع أن يدعي بأنة ذلك‬
‫ل أخلقيًا يششؤهله‬‫النظام اللهي‪ ،‬لن البشر يعوزهم الكمال‪ .‬ما من أبن لدم في عالمنا اليوم يحوز كما ً‬
‫لن يؤول ويسششن قانونشًا إلهيشًا بعدالششة تامششة‪ .‬ولهششذا السششبب‪ ،‬سششيجري سششؤ اسششتعمال القششانون اللهششي‪،‬‬
‫بالتأكيد‪ ،‬لما يصبح الدين والدولة كيانًا واحدًا‪.‬‬

‫هل حقا تعتقد أن تنفيذ قوانين دينية أشد صششرامة سششيعالج مشششكلت العششالم؟ إذا كنششت تعتقششد ذلششك فششأني‬
‫أدعوك إلى أن تعتبر مأزق آدم وحواء اللذين أعطيا قانونشًا واحششدًا ل غيششر كششانت مأسششاة أنهمششا عصششيا‬
‫ربهما‪ .‬وبناًء على قانون واحد فقط أقصيا مششن حضشرة البشارىء القشدوس‪ .‬أتششذكر جريمتهمشا؟ لشم تكششن‬
‫ل أخر بغيضًا‪ .‬فكذلك هي لم تكن القدام على قتل أو تجششديف‬ ‫عبادة الوثان‪ ،‬ول اقتراف الزنى‪ ،‬أو فع ً‬
‫أو سرقة‪ .‬وأنما ببساطة ‪ ،‬كانت أنهما أكل من الشجرة المحرمة! ومن جراء هذا الذنب قاسششيا عششواقب‬
‫خطيرة‪ ،‬يا صديقي‪ ،‬ما ستكون الحصيلة لمجتمع خاضع لمجموعة القواعد والنظمة التي تتشألف منهشا‬
‫الشريعة؟ هل سيكون مصير هذا المجتمع أفضل من المصير الذي لقيه آدم وحواء؟‬

‫كل‪ ،‬ل وجود لنظام حكم كامل‪ ،‬ولن يكون له وجود قبل أن يرجع السششيد المسششيح ليقيششم النظششام اللهششي‬
‫في العالم كله‪ .‬وأن أحسن مششا يمكننششا فعلششه‪ ،‬فششي هششذه الثنششاء‪ ،‬هشو أن نصششون إيماننششا‪ .‬ونعششزز صششفات‬
‫المملكة المميزة‪ ،‬ونساعد بواسطة أعمال الخير في التخفيف من الم البشششرية‪ .‬وعلوة عليششه‪ ،‬بوسششعنا‬
‫أن نرشد الخرين على أن يقصدوا ال مششن كششل قلششوبهم‪ ،‬لعلهششم باسششم المسششيح يتلقششون غفششران الششذنوب‬
‫وحياة الخلود‪.‬‬

‫القرار‬
‫قد تعترض أنت على أي حل مرتبط بالسيد المسيح‪ .‬وقد ترى في اتباع السيد المسيح تهديدًا لمجتمعك‬
‫وقومك‪ .‬كذلك قد تعتقد أن الخفاق التام لحق بالدين الذي يحمل اسمه‪ ،‬لكن تذكر أننا ل نركز على‬
‫أي دين‪ .‬وانما نحن نتدارس مملكة ال وملك الملوك؛ ونتعامل مع مبادئ روحية ومصير روحي‪ .‬أننا‬
‫نتحدث عن روحك أنت وأين ستقضي البدية‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫المملكة وأنت‬

‫مثل شاول الطرسوسي‪ ،‬ربما كان هدفك التخلص من أي حركة دينية يبدو أنها تهديد لدينك‪ .‬قششد تكششون‬
‫مخلصًا ومتحمسًا بحق‪ .‬وربما كنت راغبًا في بذل حياتك في سبيل الشش‪ .‬بيششد أن الش ظهششر لشششاول أنششه‬
‫مخطئ رغم كونه غيورًا‪ .‬فقد كان شاول يقاوم تلك السلطة التي ملكت وحدها القدرة على أن تعين في‬
‫بلوغ الغايات النبيلة للدين الصحيح‪ .‬أمن الممكن يا صديقين‪ ،‬أنششك تسششلك الششدرب الخششاطئ؟ ربمششا كششان‬
‫الرب يسوع المسيح في عين هذه اللحظة‪ ،‬يسألك كما سأل شاول من قبلك‪:‬‬

‫"لماذا تضطهدني"؟‬
‫ما هو جوابك؟‬
‫ت‪ .‬لكن‬
‫لقد تطلب تغير حياة شاول وقوع معجزة‪ .‬وقد يقتضي كذلك حصول معجزة لتغير حياتك أن ً‬
‫إلهنا العظيم قادر وراغب أن يدبر كل ما هو ضروري ليوصلك إلى إدراك تام لمملكته ومسيحه‪ .‬ربما‬
‫ل فأخذت تشعر في تحرك في قلبك‪ .‬أل تأذن للله العظيم بأن يكمل عمله‬ ‫كانت العجوبة قد بدأت فع ً‬
‫ل من أن تنظر إليه يوم القيامة‪.‬‬
‫في حياتك؟ فمن الفضل لك أن تستجيب للرب يسوع المسيح الن بد ً‬
‫ففي ذلك اليوم‪ ،‬قد يسألك الرب يسوع ثانيًة‪" :‬لماذا أضطهدتني"؟ لكن سيفوت الوان‪ ،‬فلن تكون هناك‬
‫رأفة بمن رفض الرب يسوع المسيح في هذه الحياة‪ .‬وسيكون ذلك اليوم حداد فيه تكتشف غضب ال‪.‬‬
‫فرجاًء يا صديقي‪ ،‬انتبه إلى النذار الجلي في الكتاب المقدس‪" :‬من يؤمن بالبن"‪ ،‬يسوع‪" ،‬له حياة‬
‫الخلود‪ ،‬ومن ل يؤمن بالبن ل يرى حياة الخلود‪ ،‬بل يحل عليه غضب ال‪) ".‬يوحنا ‪(36 :3‬‬

‫لم يندم شاول الطرسوسي على القرار الذي اتخذه‪ .‬أجل‪ ،‬لقد كان متحمسًا صادقًا‪ .‬لكنه عقب اختباره‬
‫العجيب ازداد حماسًا ل‪ .‬وأنفق بقية عمره في مساعدة آخرين على فهم رسالة النجيل‪ ،‬الحقيقة‪،‬‬
‫والقرار بأن الرب يسوع المسيح هو المنقذ الوحيد‪ .‬ومنذ ذلك الوقت تعرضت حياته لخطر دائم‪ ،‬لن‬
‫كثير من اليهود اعتبروه مرتدًا عن الدين اليهودي‪ .‬بيد أن غيرته وشجاعته استمرت في التأثير في‬
‫حياة متحمسين آخرين كان لديهم اهتمام عميق بتقوى ال والتسليم له‪.‬‬
‫ومثل شاول الطرسوسي‪ ،‬قابلت أنت أيضًا الرب يسوع المسيح على طريق مسيرتك الروحية‪.‬‬
‫وبميسورك الن أن تتبع الدرب المؤدي إلى واحة المتلء الروحي‪ .‬لقد عرف شاول الطرسوسي‬
‫أوان تغيير التجاه‪ ،‬وكان ذلك وفقًا لتدبير العلي القدير‪.‬‬

‫ماذا عنك‪ ،‬يا صديقي؟ إذ أنت تخطوا إلى المام بإيمان‪ ،‬فأن الباري الكريم سيقوي فؤادك بروحه‬
‫القدوس‪ ،‬وسيهديك الروح إلى كل الحق‪ .‬ل تدع حماسك ل تضلله تقاليد وطقوس ونزعات بشرية‪ .‬بل‬
‫اجعل خاصيات مملكة ال ‪ -‬الصلح والسلم والفرح ‪ -‬تسود قلبك‪ .‬ولتكن محبتك ل‪ ،‬ولغيرك من‬
‫الناس‪ ،‬هي التي تلهب حماسك له ‪ -‬أعط الجلل لملك الملوك‪ .‬وبهذا‪ ،‬بالستسلم الكلي من أعماق‬
‫جد رب حياتك إلى البد!‬
‫قلبك‪ ،‬سُيَم َ‬

You might also like