Professional Documents
Culture Documents
قمة الدموع
أسمى صورة للدموع ،هى قول النجيل فى قصة إقامة لعازر من
الموت :
) بكى يسوع ( ) يو 0 ( 35 :11
إنها اقصر آية فى الكتاب المقدس 0ولعلها فى نفس الوقت من أعمق
اليات فى الكتاب المقدس 00ولعلها مثلها فى التأثير :
بكاء السيد المسيح على أورشليم ) لو ( 41 : 19
إنها دموع أعمق من كل تأملتنا 00فيها الحب ،والتأثر ،ورقة القلب
وحساسيته ،والحنو ،وربما الحزن أيضا ً 0وفيها معان أخرى ل أعرفها 0
من هنا يستطيع أن يصل إلى أعماقها؟!
تطويب البكاء
*طوب السيد المسيح البكاء 0
فقال ) طوباكم أيها الباكون الن ،لنكم ستضحكون ( ) لو ( 21 : 6
) طوبى للحزانى الن ،لنهم سيتعزون ( ) متى ) 0 ( 4 : 5متى 4 : 5
(0
*وقيل فى المزمور ) 0 ( 5 : 126
الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالبتهاج
*وقيل فى سفر الجامعة لسليمان الحكيم " :الذهاب إلى بيت النوح ،
خير من الذهاب إلى بيت الفرح "
" قلب الحكماء فى بيت النوح وقلب الجهال فى بيت الفرح " ) جا : 7
0(2،4وأيضا
"الحزن خير من الضحك 0لنه بكآبة الوجه يصلح القلب " ) جا 0 ( 3 : 7
مما يدعو إلى الملحظة أن الكنيسة تدعونا إلى البكاء على خطايانا فى
كل يوم ،فى صلة الهجعة الثانية من صلة نصف الليل ،حيث نقول :
" أعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة ،كما أعطيت فى القديم للمرأة
الخاطئة ( 000
" واجعلنى مستحقا أن أبل قدميك اللتين أعتقتائى من طريق الضللة ،
وأقدم لك طيبا ً فائقا ً ،وأقتنى لى عمرا ً نقيا ً بالتوبة " 0وهكذا تضع
أمامنا إنجيل المرأة الخاطئة ) لو 0 ( 7لنصلية كل يوم فى نصف الليل ،
ونأخذ درسا ً من دموعها وتوبتها 0ويقف كل منا ليصلى أمام الله
ويقول :أعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة ،ل بكى على كبريائى وغضبى
وقسوتى ونجاستى ،وتقصيرى ،وأخطائى باللسان والقلب والفكر 00
عدم محبتى لك وللناس ،وقلة جديتى فى روحياتى ،وقلة حرصى على
حفظ وصاياك 00واعطنى ايضا ً ينابيع دموع كثيرة ،لبكى على عدم
محبتى 0وإن الله يطلب منا أن نبكى باستمرار ،ويقول لنا فى سفر
يوئيل النبى :
" ارجعوا إلى بكل قلوبكم ،وبالصوم والبكاء والنوح " ) يؤ 0( 12 : 2
ويقول فى سفر ملخى النبى " :مغطين مذبح الرب بالدموع والصراخ "
) مل 0 ( 13 : 2
نحن محتاجون إلى هذه الدموع ،طالما نحن على الرض ،يكفى أن ربنا
يسوع المسيح قال فى تطويباته " :طوباكم الباكون الن ) "00لو : 6
00 (21وعبارة )الن ( تعنى هنا على الرض 0وعبارة " لنكم تتعزون "
تعنى هناك فى السماء 0لن الدموع من ثمارها العزاء 0
ما أكثر أنواع الدموع فى الحياة البشر ،تختلف بحسب أسبابها 0ونذكر
هنا من بين هذه النواع
-1دموع الصلة 0
-2دموع التوبة ،ودموع الندم 0
-3دموع اليأس 0
-4دموع الشفاق على الخرين أو دموع المشاركة الوجدانية 0
-5دموع الفراق 0فى حالتى الموت أوالوداع 0
-6دموع التلقى بعد الفراق 0
-7دموع العجز أوالقهر 0
-8دموع التأثر ،الحساسية ،النفعال 0
-9دموع الحزن ،الحسرة ،الخسارة 0
-10دموع الخدمة
-11دموع المحبة ،والفرح 0
-12دموع الشهوة 0
-13دموع زائفة
ليس سهل على قلففوب ارتبطففت بففالحب ،أن تفففترق ،وبخاصففة لففو كففان
فراقا ً بل عودة إلى اللقاء ،على القل على هذه الرض 000
ولذلك نجد فى هذا المجال أمثلة لقديسين وقديسات بكوا ،بسبب هذا
الفراق ،ومن بين هذه المثلة :
*بكاء أبينا إبراهيم على سارة 0
وفى ذلك يقول الكتاب بعد موت سارة " فأتي إبراهيم ليندب سارة
ويبكى عليها " ) تك (2 : 23
*كذلك قيل عن مريم أخت لعازر ،بعد موته :إنها ذهبت إلى القبر لتبكى
هناك " ) يو (31 :11
*قد بكت مريم المجدلية عند قبر السيد المسيح 0وقيل عنها " أما مريم
فكانت واقفة عند القبر خارجا ً تبكى " ) يو 0 ( 11 : 20حتى أن
الملكين قال " يا إمراة ،لماذا تبكين ؟ " 0ونفس العبارة قالها لها
السيد المسيح ) يو ( 15 ، 13 : 20
*وكانت أرملة نايين تبكى على إبنها الميت " 0فلما رآها الرب تحنن
عليها ،وقال لها ل تبكى "
) لو 0 ( 13 : 7
***
*بل أن الشعب كله ،بكى ،لما قال لهم القديس بولس :ل ترون
وجهى بعد 00
وهكذا يقول سفر أعمال الرسل " وكان بكاء عظيم من الجميع ،
ووقعوا على عنق بولس يقبلونه ،متوجعين ول سيما من الكلمة التى
قالها إنهم لن يروا وجهه أيضا " ) أع 0(38 ، 37 : 20
***
لكل هذا أنا أتعجب من بعض الباء الكهنة أو الشمامسة أو الراخنة ،
الذين ينتهرون النساء بعنف ،حينما يبكون فى جناز !!
هذا البكاء شئ طيبعى ،ومشاعر إنسانية من الصعب كتمانها 00إنما
ينبغى أن يكون فى حدود المعقول ،ول يتحول إلى صراخ مستمر
يعطل الصلة فى الكنيسة 0
***
وتبدو هذه واضحة جدا ً ،فى لقاء يوسف الصديق باخوته وبابيه ن بعد
سنوات من الفراق
ً
*حينما سمع يوسف اخوته يقولون بعضهم لبعض " حقا إننا مذنبون إلى
أخينا الذى رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع " 00يقول
الكتاب عن يوسف " فتحول عنهم وبكى "
) تك 0 ( 24 : 42
*وأيضا حينما أعلن نفسه لهم ،يقول الكتاب عنه إنه " صرخ :أخرجوا
كل إنسان عنى 0فلم يقف أحد عنده حين عرف يوسف اخوته بنفسه 0
فاطلق صوته بالبكاء 00وقال يوسف لخوته :أنا يوسف 0أحي أبى بعد
؟ " ) تك 0 (3 – 1 : 45
*وكذلك حينما التقى بأخيه بنيامين ،يقول الكتاب :
" ثم وقع على عنق بنيامين أخيه وبكى 0وبكى بنيامين على عنقه 0
وقبل جميع اخوته وبكى عليهم " ) تك 0 ( 15 ، 14 : 45
*وبنفس التأثر ،وبنفس البكاء ،كان لقاء يوسف الصديق مع أبيه
يعقوب 0يقول الكتاب فى ذلك " فشد يوسف مركبته ،وصعد لستقبال
إسرائيل ابيه ،إلى جاسان "0
" ولما ظهر له ،وقع على عنقه ،وبكى على عنقه زمانا ً " ) تك 29 : 46
(0
إنما مشاعر إنسانية حساسة 0
*ولعلنا على نفس القياس النسانى 0
نذكر لقاء يعقوب بابنة خاله راحيل
يقول الكتاب فى ذلك " وقبل يعقوب راحيل ،ورفع صوته وبكى 0
وأخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها ،وأنه إين رفقة " ) تك
0 ( 12 ، 11 : 29
لقد تأثر أن الرب قد وفقه إلى بيت خاله ،وأنه رأى إبنه خاله أمامه
بتدبير إلهي 0فرفع صوته وبكى 00إنها مشاعر إنسانية 0
يمكن بها أن يبكى النسان تأثرا فى حالة اللقا ،كما أيضا
فى حالة الفراق 00
وهى دموع لجل الخرين ،أو مع الخرين ،وعنها يقول الرسول " :
00بكاء مع الباكين "
) رو 0 ( 15 : 12
ولهذا النوع أيضا ً أمثله عديدة فى الكتاب المقدس ،منها قول القديس
يوحنا النجيلى :
*" وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما عن
أخيهما " ) يو ( 19: 11
ولعل ابرع وأعمق ما قيل فى هذه المناسبة " :فلما رآها – أى مريم –
تبكى ،واليهود الذين جاءوا معها يبكون "00
*" بكى يسوع ") يو 0( 35 : 11
*ولعل من المثلة الخرى فى هذا المجال بكاء بنات أورشليم ،لما رأين
السيد المسيح يساق إلى الصلب ،إذ " تبعه جمهور كثير من الشعب ،
والنساء أيضا اللواتى كن يلطمن ايضا ً و ينحن علية ) لو ( 27 : 23
*"بكى يسوع " ) يو 0 ( 35 : 11
*ولعل من المثلة الخرى فى هذا المجال بكاء بنات اورشليم ،لما رأين
السيد المسيح يساق إلى الصلب ،إذ " تبعه جمهور كثير من الشعب ،
والنساء ايضا ً اللواتى كن يلطمن أيضا ً وينحن عليه ) لو 0 ( 27 : 23
*من المثلة أيضا بكاء المهات على أبنائهن فى أية ضيقة 0
فلما فرغ الماء من هاجر وابنها ،طرحت الولد تحت احدى الشجار ن
ومضت وجلست مقابله بعيدا ً 00وقالت ل انظر موت الولد 00ورفعت
صوتها وبكت ) تك ( 16 ، 15 : 22
ومن أمثلة ذلك ،بكاء الشعب عند إعادة بناء الهيكل بعد السبى ن فى
أيام زربابل 0ويقول فى ذلك سفر عزرا الكاهن " :وكثيرون من الكهنة
واللويين ورؤوس الباء الشيوخ ،الذين راوا البيت الول ،بكوا بصوت
عظيم عند تأسيس هذا البيت أمام أعينهم 0وكثيرون كانوا يرفعون
أصواتهم بالهتاف بفرح 0ولم يكن الشعب يميز هتاف الفرح من
صوت بكاء الشعب " )عز ( 13: 12: 3
***
هناك دوافع كثيرة تسبب الدموع ،بعضها داخلى ،فى القلب والفكر
والشعور ،بل وفى طبع النسان ذاته ،وبعضها عوامل خارجية تختص
بالظروف والملبسات التى تحيط بهذا الباكى 0وسنحاول أن نتكلم عن
هذه وتلك بقدر المكان 0ونذكر حاليا ً منها :
الرقة
والحساسية
النسان الرقيق الحساس ،دموعه سهلة وقريبة 00
أما الشخص القاسى ،الشديد القلب ،فدموعه عزيزة ،ومن الصعب أن
يبكى 0وإن بكى هذا الشخص فى يوم ما ،فلبد أن يكون السبب
الخارجى قويا ً جدا ً وخطيرا ً ،بحيث لم يستطع طبع هذا النسان أن
يقاومه
لذلك نجد أن الدموع عند المرأة قريبة جدا ً أكثر مما عند الرجل 00
لن المرأة أكثر من الرجل بطبيعتها 0ولكن إذا بكى الرجل ،تكون
دموعه أكثرعمقا ً وأشد تأثيرا ً
كذلك إن بكى الطفل أوالصبى ،يكون هذا شيئا ً طبيعيا ً ،شيئا ً عاديا ً فى
طبعه 0أما إذا بكى رجل كبير السن ،فإن دموعه تكون أغلى وأوقع ،
ولها أسباب أشد وأعمق ،بحيث لم يستطع هذا الكبير أن يضبط نفسه
00
النسان الرقيق يتأثر بأقل شئ ،وتسيل دموعه بسرة وتلقائية 00
وهى دموع طبيعية ل تصنع فيها ،لن مشاعره الحساسة تتأثر بسرعة ،
سواء بما يخصه أويخص غيره 00وهناك أمور عديدة تهز القلب ،
بالنسبة إلى أصحاب المشاعر الرقيقة ،بينما ل تؤثر فى غيرهم من
أصحاب القلوب الجامدة أو القاسية ،أو من الذين لهم قوة السيطرة
على مشاعرهم ،أو الحرص على إخفائها 00
الدموع والقسوة ل يتفقان 00
إل إذا صدمت القاسى بأسباب أقوى من قسوته ،فهرته من الداخل
وانهار أمامها !00تماما ً كما
حدث لعيسو ،حينما صدم بضياع البركة منه بحيلة من أخيه 00ولم
يحتمل الصدمة فصرخ باكيا ً ) تك 0 ( 38 ، 34 : 27
على أن بكاء القاسى شئ مؤقت 0
وهو أيضا ً شئ غير طبيعى 00أما بكاء النسان الرقيق فهو أمر طبيعى ،
ومتكرر ومحتمل الحدوث فى أى وقت ،لسبب داخلى أوخارجى 00
لهذا ،فإن الذى يحب الدموع ،ويرغب فى اقتنائها ،عليه أن يقتنى رقة
الطبع أول ً
إن لم يكن رقيق الحاسيس بطبيعته ،فعليه أن يقتنى هذه الرقة
ويبحث عن أسبابها ،ويدرب نفسه عليها 00وطبيعى كلما اقترب
النسان إلى الله كلما رقت مشاعره 00وكلما عاشر رقيقى الطبع ،
كلما تعلم منهم رقتهم 00كذلك علية أن يبتعد عن السباب التى تؤدى
إلى شدة الطبع وقساوة القلب وهى كثيرة
الشعور
بتفاهة العالم
الذى يعيش فى ملذ العالم وملهيه ،من أين تأتيه موهبة البكاء ؟!
بل العالم يشغله ويلهية
ً
حينما كان سليمان الحكيم متمتعا بابهة الملك وفخامته ،ومهما اشتهته
عيناه لم يمنعه عنهما )جا 0 ( 10 : 2فى ذلك الحين ما كان يبكى
0ولكنه لما شعر بتفاهة العلم ،وبأن كل ما فيه هو باطل الباطيل
وقبض الريح ،حينئذ استطاع أن يقول :
" بكآبة الوجه يصلح القلب"
" الذهاب إلى بيت النوح ،خير من الذهاب إلى بيت الوليمة ،لن ذاك
نهاية كل إنسان ،والحى يضعه فى قلبه " ) قلب الحكماء فى بيت النوح
،وقلب الجهال فى بيت الفرح " ) جا (4-2 : 7
عندما يدرك النسان المور على حقيقتها ،ويشعر بتفاهة العالم ،ول
تلذ له كل مغرياته ،حينئذ يشعر بفراغ من جهة العالم 00وتتغير
مشاعره 00
يشتاق إلى عالم آخر ،وإذ يجد العالم الخر بعيدا ً عنه ،يبكى اشتياقا ً
إليه وحنينا ً 00
يشعر بغربة فى هذا العالم الحاضر ،وتبكيه مشاعر الغربة 00متيقنا ً أن
فرحة الحقيقى ليس هو ههنا 0لنه غريب على الرض ،نزيل مثل
جميع آبائه ،يتطلع إلى وطن سماوى ،إلى المدينة التى لها الساسات
) 00عب ( 10 ، 16 : 11
لذلك صدق حس المرتل ،حينما دعا هذه الدنيا "وادى البكاء " 0
وقال عن حياتنا فيها " عابرين فى وادى البكاء " ) مز 0 ( 6 : 84كان
القديسون يبكون ،إذ كانوا يشعرون بغربتهم فى العالم ،ويشتاقون
إلى عالم أفضل ،زاهدين فى كل ما ههنا 0ل تشبعهم أفراح هذه الدنيا
،و ل ترضيهم 000
حقا إن النسان يدرك الدموع الروحية ،حينما يصل إلى حياة التجرد ،أو
على القل إلى محبة التجرد ،حينئذ يبكى على اليام التى قضاها متعلقا ً
بتفاهات العالم ومنشغل ً بها ،ويقول للرب كما قال القديس
-3تذكر
الخطايا
أوغسطينوس " لقد تأخرت كثيرا ً فى حبك ،أيها الجمال الفائق الوصف
" 00
إن بطرس الرسول لم يكن يدرك تماما ً حقيقة ما يفعل ،و هو يسب
00ولكنه لما صاح الديك وأحس بعمق خطيئته " ، ويجدف وينكر المسيح
خرج خارجا ً ،وبكى بكاء مرا ً " ) مت 0 ( 75 : 26
وهكذا أيضا ً فعلت المرأة الخاطئة ،التى بلت قدمى الرب بدموعها ،
ومسحتهما بشعر رأسها ) لو ( 38 : 7وبالمثل بكى داود النبى ،لما
اظهر له ناثان النبى عمق خطاياه ) 2صم 0 ( 7 : 12إن نسيان الخطايا
يجفف القلب ويجفف العينين 0لذلك حسنا ً قال داود النبى :
خطيتى أمامى فى كل حين ) مز 0 ( 50فليتك تفعل هذا ،وتجعل
خطاياك قدام عينيك ،تذل بها نفسك وتوبخها ،وتبكى على هذه
الخطايا النهار والليل 0فإن البكاء على الخطايا يغسل القلب ،ويطهر
الروح ،ويعطى يقظة للضمير ،فيمنع النسان من العودة إلى الخطيئة
مرة أخرى ،ويعلمه الحرص والتدقيق 0
ولهذا فإن نصيحة تتكرر فى بستان الرهبان ،يقولها الباء لمن يطلب
كلمة منفعة :
" اجلس فى قليتك ،وابك على خطاياك " 0
وغفران الله للخطية ،ل يمنع بكاء الخاطئ عليها 0إنه ل يبكى خوفا ً من
العقوبة 00إنما يبكى لنه أحزن قلب الله بخطاياه ،أحزن روح الله
الذى فى داخله ،وابعد عنه الملئكة المحيطين به ،وكشف نفسه رديئة
أمام أرواح المنتقلين ويبكى أيضا لنه بخطيئته قد فقد صورته اللهية ،
وسقط وتدنس 00
يبكى متألما ً ،كيف ضعفت إرادته هكذا ،وتدنست روحه ؟
ويشعر بالخجل أمام نفسه ،وبالخزى أيضا ً 0كما قال دانيال النبى فى
المزمور " خزى وجهى قد غطانى " ) مز 0 ( 15 : 44وكما قال دانيال
النبى وهو يعترف بخطايا الشعب " ياسيد ،لنا خزى الوجوه لملوكنا
لرؤسائنا ولبائنا ،لننا أخطأنا إليك " ) دا 0 ( 7 ، 8 : 9
وهكذا كان القديسون يبكون ايضا ً من أجل خطايا الشعب 0
يبكون حزنا ً على الذين يسقطون والذين يهلكون ،كما ناح صموئيل على
شاول الملك ) 1صم 0 ( 35 : 15ويبكون طالبين المغفرة للناس ،
وطالبين لهم نعمة للتوبة ،كما بكى عزرا ً الكاهن
بسبب خطايا الشعب ،ومزق ثيابه ونتف شعر راسه ) عز 0 ( 3 : 9
وصلى وأعترف وهو باك وساقط أمام بيت الله " ) عز 0 ( 1 : 10وقال
" اللهم أنى أخجل وأخزى أن أرفع يا الهى وجهى نحوك ،لن ذنوبنا قد
كثرت فوق رؤوسنا ،وآثامنا تعاظمت إلى السماء " ) عز ( 6 : 9
ونفس الوضع حدث مع نحيما ،حينما أعترف بخطايا الشعب وقال " إنى
أنا وبيت أبى قد أخطأنا وأفسدنا أمامك " ) نح 0 ( 7 ، 6 : 1
ومن أجل الشعب أيضا ً بكى ارمياء النبى :
وتسجلت دموعه ومراثيه فى سفر كامل فى الكتاب نقرؤه باستمرار
فى الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة 00
إن كان الناس ل يبكون على خطاياهم ،فمن واجب القديسين أن يبكوا
من أجلهم ،طالبين لهم الرحمة والمغفرة وطالبين لهم التوبة 0
لقد بكى السيد المسيح على أورشليم ) لو ، ( 41 : 19إذ كان يبصر
هلكها أمام عينيه 00ونحن فى كل يوم نبصر الذين يسقطون ويهلكون
،والذين ينحرفون ويبتعدون 0أفل يستحقون منا البكاء ؟ إن نحميا ،لما
سمع أن سور أورشليم منهدم ،وأبوابها محروقة بالنار ،يقول " فلما
سمعت هذا الكلم ،جلست وبكيت ،ونحت أياما ً وصمت وصليت ) "00نح
( 3،4 : 1
ً
وبكى نحميا أمام الله معترفا بخطايا الشعب 00وقال للرب فى صلته "
إنى أنا وبيت أبى قد أخطأنا 0لقد أفسدنا أمامك ،ولم نحفظ الوصايا و
الفرائض والحكام التى أمرت بها موسى عبدك "00
والسيد المسيح لما بكت عليه بنات أورشليم ،قال لهن " ل تبكين على ،
بل أبكين على أنفسكن وعلى أولدكن " ) لو 00 ( 28 : 23حقا ً ،كانت
تلك النفوس تحتاج إلى البكاء ،تلك الخاطئة التى بكى المسيح من أجلها
00
ً
حينما نبكى على خطايانا ،نتذكر أيضا محبة الله التى صبرت علينا كل
هذا الزمان
نتذكر احتمال الله لنا ،وطول أناته ،ونحن مستمرون فى الخطأ زمانا ً
هذه مدته 00وتذكرنا لمحبة الله الصابرة والمحتملة ،تعطينا سببا ً
جديدا ً للبكاء تأثرا ً بمعاملته المترفقة 00وحينما تبكى النفس التائبة
أمامه ،يشفق الرب ،ويغلب من تحننه ،ويقول لتلك النفس " حولى
عينيك عن ،فإنهما قد غلبتانى "
) نش 0 ( 5 : 6
إن داود النبى من أبرز المثلة للبكاء على الخطايا 0
يكفى قوله " فى كل ليلة أعوم سريرى 0بدموع أبل فراشى " )مز (6
تعبر عن الوقت واستمرار البكاء 0وعبارة " أعوم سريرى " تدل على
كمية الدموع المنسكبة !00تصوروا هذا الملك العظيم ،ويرجع إلى
قصره ليل ً ،فبخلع عنه تاجه وملبسه الملكية ،ويركع أمام الله باكيا ،
ليبلل فراشه بالدموع 0وحتى إذا نام ،ينام على سرير غارق فى
الدموع 00على الرغم من كل مظاهر العظمة والبهة المحيطة 0
ويقول أيضا ً " :صارت دموع لى خبزا ً نهارا ً وليل ً " ) مز 0 ( 3 : 42
وأيضا ً يقول فى تذلله وبكائه " " أكلت الرماد مثل الخبز ،ومزجت
شرابى بالدموع "
) مز 00 ( 9 : 102أى أنه حينما يشرب ،تتساقط دموعة فتختلط بالماء
الذى يشربه ،فيشربها معه ! وكان داود يحدث الله عن هذه الدموع ،
فيقول له " أنصت إلى دموعى ،ول تسكت عنى ،لنى غريب عندك "
) مز " ، ( 12 : 39اجعل دموعى فى زق عندك " ) مز 0 ( 8 : 56
إن الذين يسرعون إلى الفرح حال توبتهم ،يفقدون بركة النسحاق
وتعزية الدموع 0
وقد يرجعون إلى الخطية مرة أخرى ،لن التوبة لم تستوف مطالبا من
النسحاق ومن البكاء وهذا الفرح السريع عطل القلب عنه الشعور
بمرارة الخطية وقداحتها ،فعبر عليها كما لو كانت أمرا ً بسيطا 00
حينما يبدأ التائب فى البكاء والتذلل أمام الله ،يحاربه الشيطان
بعبارة " :امنحنى بهجة خلصك " ) مز 0 ( 50والملحظ أن داود النبى
قدمها كطلبة ،ولم يعرفها كحالة 00ولشك أنه ل يتمتع ببهجة الخلص
إل الذى أدراك مرارة الخطية ،وبكى بكاء مرا ً كما فعل القديس بطرس
الرسول 00
لقد كان خروف الفصح يمثل الخلص من عبودية فرعون ،ويرمز إلى
ذبيحة المسيح ) 1كو 0 ( 7 :5ومع ذلك كان أمر الرب أن يأكلوه على
أعشاب مرة ) خر ( 8 : 12متذكرين خطاياهم التى جلبت لهم العبودية 0
البكاء إذن هو الوسيلة إلى التعزية ،كما قال الكتاب :
) الذين يزرعون بالدموع ،يحصدون بالبتهاج " ) مز 0 ( 5 : 126
بهذه الدموع التى تسكبها أمام الله تحصل على بهجة خلصه
التجارب والضيقات
التجارب الضيقات واللم والمراض والكوارث تجلب الدموع أحيانا ً 0
وبخاصة لو شعر النسان بالتخلى أو أنها عقوبة بسبب خطاياه 0
وهنا يدخل فى البكاء عامل روحى ،سببه شعور النسان أن النعمة قد
فارقته ،أو أن الله يسلمه إلى أيدى أعدائه 00فيحزن لذلك ويبكى 0
فأحيانا ً يبكى توبة وندما ً 0
وأحيانا ً يبكى فى عتاب مع الله
ولعل هذا ما فعله داود تجاربه وضيقاته ،حينما قال فى المزمور " 0
لماذا يارب تقف بعيدا ً ؟ لماذا تختفى فى أزمنة الضيق ؟ " ) مز ( 1 : 10
0
ً ً
والرب يسمح أحيانا بالتجارب ،ل تخليا منه ،وإنما لفائدتها الروحية 0
لن النسان فى وقت المذلة تجلب له انسحاق القلب ،وتواضع الروح ،
وفيضا ً من الدموع يشعره بضعفه ،ويزيل منه كل أسباب ومظاهر
الكبرياء 0
وقد يرى الله أن دموع أحد أبنائه قد جفت بلذة العالم 00
فيسمح له بالتجارب والضيقات ،لكى تعصر عينيه بعد أن تعصر قلبه 00
والله ل يمنع هذه التجارب حتى عن قديسيه 0وفى هذا يقول المزمور:
" كثير هى أحزان " بليا " الصدقين ،ومن جميعها ينجيهم الرب " ) مز
0 ( 19 : 34
إنه يسمح بهذه البليا أن تصيب قديسيه 0فإن أتت بنتائجها الروحية ،
حينئذ ينجيهم منها 0
وهنا أحب أن أفرق بين نوعين من التجارب ونوعين من الدموع 00
نوع علمانى والخر روحى
هناك تجارب مادية أو عالمية ،تصيب النسان ،فى ماله أو جاهه ،أو
مركزه ،فيبكى حزنا ً لذة ضائعه من ملذ هذه الدنيا 00وربما فى بكائه
يتذمر و يتضجر ،حتى على الله نفسه !! كأن الله كان سببا ً فى بلياه !
مثل هذا النسان دموعه خطية 0ولسنا عن هذا النوع نتحدث 0
إن دموعه تدل على محبته العالم والشياء التى فى العالم ،التى تبيد
وشهوتها معه ) ايو ( 17، 16 :2والنسان آخر كلما تضغط عليه التجارب
،يشعر بتفاهة الدنيا ،ويشتاق إلى عالم أفضل ،هذا إنسان روحى
إن بكى ،يبكى خوفا ً من تخلى النعمة عنه 0أوانه يكون قد أحزن الرب ،
فتركه إلى هموم العالم
هذا النسان بكاؤه روحى ممزوج بالتوبة وتواضع القلب ،وممزوج
بالعتراف أيضا ً 0وقد يقول فى قلبه :إن ما حدث لى ،أقل بكثير مما
أستحقه بسبب خطاياى 0وخير لى أن أستوفى البليا على الرض
كلعازر المسكين ) لو 0 ( 25 : 16
أو يقول مع المرتل فى المزمور " :خير لى يارب أنك أذللتنى ،حتى
أتعلم حقوقك " ) مز 0 ( 71 : 119
إن مثل هذه الدموع تجلب للقلب عزاء ،لن الله يكون قد فبلها كرائحة
سرور قدامه ،وقبل دوافعها الروحية أيضا ً 00
وقد تكون التجارب من الضغط حروب الشياطين ،ويبكى النسان شاعرا ً
بضعفه ،طالبا ً من الرب معونة
فشعور النسان بأنه أضعف من أن يقاتل هذه القوى الروحية ،قد يجلب
دموعا ً ،خوفا ً من أن يسقط 000أو أن أفكار العدو تكون قد نجست
إنسان الله ،فيبكى حرصا ً على نقاوة قلبه وفكره وشعوره ،ويجاهد
طالبا ً نعمة الله معه 0وعن هذه الحرب الروحية ،أرسل بولس الرسول
موبخا ً العبرانيين بقوله:
" لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية " ) عب ( 4 : 12
هذا الجهاد حتى الدم ،تدخل الدموع عنصرا ً فيه 0حيث يخاطب الرب
قائل ً " أنصت إلى دموعى "
) مز ( 119ول تتخل عنى ،لنى بدونك ل استطيع أن أفعل شيئا ً ) يو
( 5: 15هناك سبب أخر للدموع وهو
تذكار الموت
المنشغل بالحياة الحاضرة ل يبكى
بل قد يقول مثل الغنى الغبى " :أهدم مخازنى وأبنى أعظم منها ،
وأجمع هناك جميع غلتى وخيراتى 0وأقول لنفسى :يا نفسى لك
خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة فاستريحى وكلى واشربى وافرحى
" ) لو ( 19 ، 18 : 12
إن متع الدنيا تلهبيه عن أبديته ،فل يبكى ،بل يفرح ويتمتع !!
أما النسان الروحى ،فإن يضع أبديته أمامه فى كل حين ،ويدرك أن
يوم الرب قد يأتى كلص
) رؤ ، ( 15 : 16تراه يستعد لهذه البدية ،وما تستلزمه من حياة التوبة
والجهاد والكمال المطلوب والقداسة 00
وإذ يذكر الموت يبكى 00لنه ليس مستعدا ً له 00
ول يزال أمامه جهاد طويل ،لم يسرفيه خطوه واحدة 00إن أرسانيوس
العظيم ،رجل الوحدة والصمت والصلة ،كان يبكى لتذكار الموت 00إن
كان النسان الروحى يبكى لتذكار الموت بصفة عامة 00
فكم يكون بكاؤه إن كان الموت متوقعا ً لسبب واضح يوحى به !
إن البكاء وحدة ليس هو كل شئ 0وليس هو بسبب مفارقة الهل
والحباب و أو مفارقة ملذ الدنيا ،كما يفعل أهل العالم ومحبوه !
إنما هو بكاء مصحوب باستعداد روحى ،استعداد لمقابلة الله 0
وهكذا كان القديسون ينصحون بتذكار الموت ،وبزيارة المقابر 0
إن القديس النبا أنطونيوس تأثر روحيا ً بوفاة أبيه بالجسد ،وزهد الدنيا
وخرج منها بإرادته ،قبل أن يخرجوه كارها 0وموكب موت شاهده النبا
بول ترك تأثيره أيضا ً ،فترك العالم والمال والقضايا ،وصار أول السواح
وكان القديس أبا مقار الكبير يضع أحيانا ً جمجمة تحت رأسه تذكره
بالموت 0وأبا مقار السكندرانى زار إحدى المقابر 0والقديس
انطونيوس الكبير فى بدء حياته الرهبانية سكن فى مقبرة 00
تذكار الموت له فوائده العديدة ،الدموع واحدة منها 00
تذكار الموت يوقف النسان أمام حقيقة نفسه ،وأنه مجرد بخار يظهر
قليل ً ثم يضمحل ) يع ، ( 14 : 4وأنه " كزهر الحقل كذلك يزهر 0لنن
ريحا ً تعبر علية فل يكون ،ول يعرفه موضعه بعد " ) مز ( 16 ، 15 : 103
0ولذلك حسنا ً قال داود النبى :
" عرفنى يارب نهايتى ،ومقدار أيامى كم هى ،لعلم كيف أنا زائل " )
مز 0 ( 4 : 39
وقال أيضا ً " إنما كل إنسان قد جعل 0إنما كخيال يتمشى النسان ) مز
0 ( 6 ، 5 : 39
بتذكار الموت ،يتضع النسان وينسحق 0والتضاع والنسحاق يجلبان
الدموع 0
الفرح والتاثر
كمال أن الحزن الشديد يجلب الدموع ،كذلك يسببها الفرح العميق أيضا
0
إن يوسف الصديق وأباه يعقوب لم يضبطا أنفسهما من البكاء الشديد
عند لقائهما بعد غيبة طويلة 0
ً
التأثر الشديد داخل القلب ،فاض دمعا 0ويقول الكتاب إن يوسف لما
رأى أباه " وقع على عنقه وبكى على عنقه زمانا ً " ) تك 0 ( 29 : 46
ونفس التأثر والبكاء ،حينما عرف يوسف أخوته بنفسه 0
وإن كانت المشاعر وقتذاك تختلف عن مشاعره حين لقائه بأبيه ويقول
الكتاب فى ذلك " فلم يستطع يوسف أن يضبط نفسه 00فصرخ :
اخرجوا كل إنسان عنى 0فلم يقف أحد عنده ،حين عرف يوسف اخوته
بنفسه " 0فأطلق صوته بالبكاء 00وقال يوسف لخته :أنا يوسف 0
أحى أبى بعد ؟ " ) تك 0(3-1 : 45
ونفس التأثر نراه حينما قابل يعقوب فى غربته ،راحيل ابنة خاله 0
كانت مصادقة مفرحة ما كان يتوقعها 0فلما رآها ،وسقى لها غنمها ،
يقول الكتاب " وقبل يعقوب راحيل 0ورفع صوته وبكى 0وأخبر يعقوب
راحيل أنه أخو أبيها ،وأنه ابن رفقة " ) تك 0 ( 11 : 29
إن دموع الفرح باب طويل 00
دموع الفرح بالنجاح والتوفيق 0000دموع الفرح باللقاء بعد غيبة 0
دموع الفرح بعمل الله معنا ،فى أى أنقاذ من ضيقة 0وفى حل أى
اشكال معقد 00دموع الفرح بالنجاة وبالفرح 00
ما أكثر دموع القديسين فرحا ً 00وليست كلها بكاء على الخطايا 0
وهنا نذكر مجال ً آخر للدموع ،أو سببا ً لها وهو الصلة 0
الصلة
يبكى النسان فى صلته ،إذا كانت صلته من عمق مشاعره وعواطفه
قد يبكى خشوعا ً ،وهو يشعر بعدم استحقاقه للوجود فى حضرة الله 0
وقد بكى أمام المذبح أوالهيكل ،وهو شاعر بهيبة المكان 00أو أثناء
التناول أيضا ً للشعور بنفس الهيبة 0
وقد بكى حبا ً لله ،الذى قبله إليه ،ولم يضع معه حسب خطاياه
وضعفاته 0
ً
وقد يبكى تأثرا ببعض كلمات وردت فى الصلة هزت مشاعره 0كما
يبكى بعض الباء الكهنة وهم يصلون قسمة ذبح اسحق فى يوم خميس
العهد 0
ً
وقد يبكى خجل ،لنه لم يف بوعوده التى عاهد الرب بها 0
وقد يبكى حزنا ً على ضعفه وتقصيره ،وعلى مرات سقوطه ،كما نقول
فى صلة نصف الليل 0
" اعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة ،كما أعطيت فى القديم للمرأة
الخاطئة (00
وقد تكون دموعه فى صلته هى دموع التوبة ،لنه استطاع أن يعود إلى
الله أخيرا ً بعد غيبة طويلة ،أو بعد غيبة عميقة 0
إنها مشاعر تختلف من شخص لخر ،يتأثر بها القلب فتدمع العينان 0
هناك سبب آخر يدعو إلى البكاء وهو
الشعور بالعجز
الذى يشعر بقوته وقدرته وسيطرته على المواقف ،ربما من الصعب أن
يبكى وهو فى هذا الشعور 0
لكن يبكى الذى يشعر فى أعماقه بأنه عاجز ،وأو غير قادر على
التصرف السليم ،أو حائر أمام إشكال 0
حينئذ يبكى ،إذ ليس أمامه سوى البكاء 0وقد يصلى فى بكائه طالبا ً حل ً
ومعونة من القادر على كل شئ هكذا قد نبكى أمام مريض عجز الطباء
عن علجه ،أو أمام كارثة ل منقذ منها ،أو مأساة قادمة ول مفر من
مواجهتها ،ول يمكن تفاديها 0
ً
ويزداد اللم والبكاء ،إن كان هذا النسان عاجزا ،وكل من حوله عاجز
مثله ،فى ذلك الموقف
أو قد يبكى النسان بسبب خطية أو شهوة أو عادة سيطرت عليه ،
ويريد أن يتخلص منها ،ولكنه شاعر بعجزه أمامها أو بسبب عدو بضغط
عليه ،ويذل فى الرض نفسه ،وهو عاجزا ً تماما ً عن مقاومته ويبدو أنه
ل خلص 00هذا الشعور بالعجز ،إن اختلط بصلة وعاطفة ،فل مفر من
الدموع 0نتحدث عن سبب آخر وهو:
الشعور بالتخلى
سواء وقف النسان وحده ،وتخلى عنه كل الصدقاء والحباء أوبالكثر
الحساس بتخلى النعمة عنه
شعور القلب بأن الله قد تركه ،حتى لو كان شعورا ً خاطئا ً ،ولكنه
موجود ،يضغط على نفسه فيتألم ويبكى 00وبخاصة لو حدث هذا
الحساس بالتخلى وسط ظروف ضاغطة ومشاكل مؤلمة
أو لو حدث التخلى فى سقطات روحية ،ظن النسان أنه ل قيام منها 0
أو أحاطت بالنسان الكوارث أو ألوان من الفشل المتلحق 0وشعر أن
كل هذا بسبب تخلى الله عنه ،بسبب خطاياه 0وفى وسط كل هذا كل
هذا يبرز سبب آخر للدموع هو :
الشمات
ة
وكما قال الشاعر :
كل المصائب قد تمر على الفتى
فتهون غير شماتة العداء
إن الشماتة سبب للم عميق ،سواء من أعداء ،أو من معزين متعبين
كأصدقاء أيوب ) أى ( 2 : 16
وقد شكا داو النبى كثيرا ً من هذه الشماتة فى مزاميره 0
فقال " 00إلهي عليك توكلت ،فل تخزني إلى البد ،ول تشمت بى
أعدائى " ) مز 0( 2 : 35وصرخ فى مزمور آخر قائل " حتى متى
الخطاة ؟ حتى متى الخطاة يشمتمون " ) مز 0 ( 3 : 94نرى ميخا النبى
يجتذب نفسيته خارج شماتة العداء هذه التى تحزن القلب ،فيقول " ل
تشمتى بى يا عدوتى ،فإنى إن سقطت أقوم " ) مى ( 8 : 7
إن استمرت الشماتة تدمى القلب وبالتالى تدمع العينين ،إل للذين
ارتفعوا تماما ً عن كلم الناس حتى القديسون كانت الشماتة الروحية
تتعهبم ،وبخاصة ممن يقولون " أين هو الرب إلهم " !!000
إدانة الخرين
وبالذات القسوة والشدة فى الحكم على الناس 00هناك أشخاص عنفاء
جدا ً فى أ حكامهم 0إذا أنتقدوا إنسانا ً
ينتقدونه بشدة وبقسوة ،وبقلب خال من الحب ومن العطف ،
وخال من تقدير ظروف الخرين
النسان الذى الحالة ،ل يمكن أن تسيل دموعه ،إل إذا تخلص من هذه
المشاعر !
الحديث عن أخطاء الناس ،أو التشهير بهم ،سبب من السباب
الرئيسية التى تمنع الدموع 0وفى نفس الوقت فإن هذ 1التشهير
سبب من السباب التى تقسى القلب ،وتبعده عن الرقة التى يتصف
بها أولد الله 00
ً ً
إدانة الخرين ليست فقط قسوة وعنفا 0وإنما فيها أيضا ينسى
النسان خطاياه الخاصة 0
والذى ينسى خطاياه ،يبعد عن أهم مصدر للدموع 00أما النسان
الروحى ،فإنه يشفق على الخطاه متذكرا ً قوة العدو وحروبه ،وضعف
الطبيعة البشرية ،ومتذكرا ً أيضا ً خطاياه وسقطاته 0فيبكى على
الساقطين كما يبكى على نفسه وفى ذلك قال القديس بولس
الرسول " :اذكر المقيدين ،كأنكم مقيدون معهم ،والمذلين كأنكم أيضا ً
فى الجسد " ) عب 0 ( 3 : 13
رجل الدموع يمكن أن تكون عنده هذه المشاعر 0ومن عنده هذه
المشاعر يمكن أن يقتنى الدموع
ً
وهكذا كان القديس يوحنا القصير 00حينما كان يرى إنسانا يخطئ ،كان
يبكى ويقول :هذا النسان سقط اليوم 0وقد أسقط أنا مثله غدا ً وربما
يخطئ هو يتوب ويخلص بينما أخطئ أنا أتوب 000
وهكذا كانت خطايا الناس تدفعه إلى البكاء ،ول تدفعه إلى والدانة 0
والقديس موسى أيضا ً كان باستمرار يتذكر خطاياه ،ل خطايا الناس
وهناك قاعدة روحية تقول :إن النسان يسقط عادة فى الخطايا التى
يدين الناس عليها 00والله يسمح بهذا ،لكى يخزى كبرياء الذين يدينون
غيرهم 0لكى نعرف أننا إذا سرنا حسنا ً فليس هذا لقوة فينا ،إنما
بسبب معونة تأتينا من فوق 0فإن أدنا غيرنا بقساوة قلب ،تتخلى عنا
النعمة الحافظة ،فنسقط مثلهم 00وحينما نسقط ،ونبكى على
خطايانا ،شاعرين بضعفنا ،وبأن الخطية
" طرحت كثيرين جرحى ،وكل قتلها أقويا " ) أم ( 26 : 7وحينئذ ترق
قلوبنا ،ونشفق على غيرنا ،ول ندين الساقطين ،بل نبكى من أجلهم
00شاعرين بأن الشيطان نشيط ،ونشاطه يدعونا إلى الخوف والحرص
والبكاء وطلب معونة 0
مثلما نسمع أن أسدا ً فى الطريق قد افترس إنسانا 000
ً
ل ندين هذا النسان ،بل نبكى عليه ،ونبكى على أنفسنا من خطر هذا
السد المفترس ،الذى شبة به الرسول عدونا الشيطان الذى يجول
ملتمسا ً من يبتلعه ) 1بط ( 8 : 5
أومثلما نسمع عن وبأ أصاب آخرين فماتوا 00هل نبكى عليهم أم
ندينهم !00؟
هكذا الخطية ،وهكذا الشيطان ،وهكذا حال الذين يسقطون ،والذين
يدينوهم 00
الدانة إذن هى قسوه ،ونسيان لقوة العدو ،ونسيان للضعف البشرى 0
وكلها أمور تبعد الدموع 00وبنفس الوضع نتحدث عن الدانة المستترة
0
ونقصد بالدانة المستترة التى تختفى وراء النصح أو التوبيخ أو النذار 0
ولعلك تسأل :هل معنى هذا إننى ل أنصح أحدا ً ول أحذره ؟ أقول لك :
يمكن أن تفعل هذا ،ولكن فى محبة ،وليس بروح التعالى 0وتذكر قول
بولس الرسول لرعاة أفسس :
ً
" متذكرين إننى ثلث سنوات ليل ً ونهارا ،لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل
أحد " ) أع ( 31 : 20
لنه ينذر ،ولكن بدموع 00بدموع فيها حب ورقة ،وخوف عليهم من
السقوط ،وتقدير للضعف البشرى 0
تذكر أن الطبيب حينما ينزع جزءا ً فاسدا ً من مريض ،إنما يفعل ذلك
يحنو دون أن يشمئز من فساد هذا الجزء الذى بقطعه ،ودون أن يدين
المريض بسبب ذلك 0سبب آخر يمنع الدموع وهو :
العـنـ
ف
النسان العنيف ل يبكى 0إنما يمنع عنه الدموع 00أيا ً كان هذا العنف
ونوعه 00فالقاتل ل يبكى 0وقد يكون القتيل فى حالة تذيب القلوب ،
وقد يتوسل إليه 0ولكن قساوة قلبه فى العنف ،تجفف عينيه 00
قد يبكى فيما بعد ،حينما يرجع إلى نفسه ويتذكر قسوته 00
وكذلك المخرب والتاثر 00وحتى العنيف فى المنافسة ،أو الخصومات ،
أو النزاع مع الناس أيا ً كان نوعه
الذى يصيح ويعلو صوته فى نقاشة مع الخرين ،هذا تهرب منه الدموع
0
الذى يحل المشاكل بعنف ،أو يقرض عقوبات على مرؤوسيه بعنف ،أو
يستخدم العنف فى المعاملت 00
هذا ايضا ً بعيد عن موهبة الدموع 0وبالمثل الغضوب :
الغضب والحقد
من المحال أن إنسانا ً غضوبا ً ،تكون له موهبة الدموع 0الدموع كما قلت
تتمشى مع رقة القلب 0والنسان الغضوب يتصف بالحدة والعنف
والقسوة 0وهذه كلها ضد الدموع 0
من الجائز أن إنسانا ً غضوبا ً ،يبكى من الغيظ والقهر 0
مثلما بكى عيسو لما اكتشف أن أخاه يعقوب أخذ منه البركة ) تك : 27
0 ( 38ولكن هذه ليست من الدموع الروحية التى نتحدث عنها 0ومن
الجائز أن دموع الغيظ والقهر توجد فى العلقات العائلية ،أو مجالت
العمل 00إنها دموع ،ولكن ليست من النوع الروحى 00ربما يدفع إليها
اليًاس أو العجز أو الفشل أما الدموع الروحية فتصدر من قلب نقى ،
رقيق ،حساس 0
الذى يقتنى موهبة الدموع ،ثم يسلك فى الطبع الغضب ،بفقد تلك
الموهبة 00
ويجد أن دموعه قد جفت ،أو فارقته ،على القل فى وقت غضبه 00
فإن كان الله قد وهبك دموعا ً ،ثم فقدتها أدخل إلى داخل نفسك ،
وابحث عن السبب وعالجه 0واسأل نفسك :هل كان الغضب من أسباب
فقدك للدموع 0
الغضوب يركز أثناء ثورته على أخطاء غيره 0
أما صاحب موهبة الدموع ،فيركز على أخطائه الخاصة 0
تركيزه على أخطائه الخاصة يبكيه ،متذكرا ً ضعفه وسقوطه وانفصاله
عن الله 00أما التفكير أثناء الغضب فى أخطاء الغير ،فإنه قد يثير
المشاعر والعصاب ،كما أنه ينسى النسان خطاياه 0وقت البكاء وهو
وقت مشاعر وأحاسيس 0أما وقت الغضب ،فهو وقت أعصاب وثورة
وقسوة 0وقت البكاء يسوده الحب ،وأما وقت الغضب فتسوده
الكراهية 00لذلك ل تلم غيرك ،إنما لم نفسك 0فلباء يقولون :
ملمة النفس تمنع الغضب 00
وإن غضب الذى يلوم نفسه ،فإنما يغضب على نفسه ،ل على غيره 00
لذلك نقوا أنفسكم من الغضب ،إن أردتم أن يهبكم الله موهبة الدموع
00
كذلك فإن الحقد أصعب وأقسى من الغضب 0
إن كانت إدانة الخرين تمنع الدموع ،والغضب يلشيها 0فمن باب أولى
الحقد والكراهية والعداوة ،لنها درجات أكبر من الغضب واعنف 0وتدل
على قسوة فى القلب ،ورفض لغفران إساءة المسئ 00وكلها تعكر
القلب وتفقده رقته 0من السباب الخرى التى تعوق الدموع :الحياة
فى الخطية 0
الحياة فى الخطية
اللم بسبب الخطية ،يجلبب الدموع ويكون فى التوبة 0أما الحياة فى
الخطية والتلذذ بها ،فيمنعان الدموع
ً
لنه على أى شئ يبكى النسان ،إن كان مسرورا بحياة الخطية التى
يعيشها ؟! إن البكاء قد يأتى من وخز الضمير التائر علية 0أما فى
التمتع بالخطية ،فإن الضمير يكون نائما ً أو مخدرا ً !! والنسان تقوده
المتعة ل الضمير 0
بل النسان فى الخطية ،قد يبكى إن فقد الخطية !!
وتكون دموعه فى هذه الحالة خطية 00مثلما بكى بنو اسرائيل فى
البرية ،ما لم يجدوا لحما ً يأكلونه ) خر ( 3 : 16ومثلما يبكى إنسان
مدمن ،ل يجد ما اعتاده من المخدرات 00أو كما يبكى محب المال ،إن
فقد أمواله ! أو كما يبكى محب اللذة الجسدية ،إن اغلقت أبوابها أمامه
00أو محب العظمة والسلطة إن فقدها ،وأصبح شخصا ً عاديا ً !!00
وكلها دموع عالمية أو مادية ،تعتبر خطية تضاف إلى الخطايا السابقة
00
فهذه الدموع الخاطئة تدل على محبة عميقة للخطية 0
وبالتالى تدل على انفصال القلب عن الله 00كما تدل على تعلق القلب
بالعالم والماديات 0وليست هى نوع الدموع الروحية التى نتحدث عنها 0
على أنه قد يحيا النسان أحيانا ً فى الخطية ،وتوجد له دموع روحية 0
فكيف ذلك ؟ نذكر لهذا مثل ً 0
قد يحيا إنسان فى الخطية ،مقهورا ً من عادة مسيطرة عليه 0فيبكى إذ
يريد من كل قلبه أن يتخلص من الخطية ،وارادته أضعف من أن تساعده
!
هذا النسان تنتشله النعمة ،ويعتبر الله بكاءه بداية للتوبة 0وينظر إلى
قلبه ل إلى عمله ،إن كان صادقا ً فى نيته وفى دموعه 00وإن كان
يفعل الخطية وهو غير متلذذ بها ،إنما وهو مقهور منها 00فاللذة أيضا ً
تفقد الدموع 00
اللذة والرفاهية
اللذة بطبيعتها تتناقض مع الدموع 0
والذى يعيش فى لهو ومتعة ورفاهية ،يتمتع بالمال والمادة والسلطة
وكل متعة عالمية 00هذا النسان من أين تأتيه الدموع 00؟!
بل إنه يحتاج إلى دموع الناس عليه ،لكيما يصل إلى حياة الدموع 0
الذى يحيا حياة اللذة والمتعة ،يكره الدموع ،لنها تعكنن عليه !! وتقطع
حبل متعته ،وتكون كنشاز فى الحن ملذه كل هذه الشياء ،حتى ل
يفكر فى أبديته !
لذلك أبعد عن حياة اللذة ،حينئذ تدرك تفاهتها ،فتبكى على اليام الذى
ضيعتها فيها 00
وحينئذ تنشد مع سليمان الحكيم " لكل باطل وقبض الريح " " باطل
الباطيل ،الكل باطل ول منفعة تحت الشمس " ) جا 000 ( 1لقد قال
هذه العبارات إنسان مجرب ،ذاق كل متع الدنيا ،على تعدد أنواع ،وقال
فى ذلك " ومهما اشتهته عيناى ،لم أمنعه عنهما " ) جا 0 ( 10 : 2ومع
ذلك وجد الكل الباطل ،ووجد أنه " بكآبة الوجه يصلح القلب " ) جا 3 : 7
(
ينبعى أن تعرف أن حياة اللذة ،هى ضدك وليست لك 0وهى تنسيك
حقيقتك !
البن الضال حينما كان يعيش فى حياة اللذة العالمية ،ما كان يدرى ما
هو فيه 0ولكنه وصل إلى التوبة وإلى إنسحاق النفس ،حينما عاد إلى
نفسه ،وشعر بسوء خالته وعندئذ فقط بدا ً حياته الحقيقية كابن ،وعاد
إلى بيت أبيه 00
كذلك نقول :إن الستغراق فى الضحك والمزاح ،يمنع الدموع
حقا ً كما قال الحكيم " البكاء وقت ،وللضحك وقت " ) جا 0 ( 4 : 3
ولكن مع ذلك فإن الذين يعيشون فى حياة كلها مزاح وضحك ،من
الصعب أن يصلوا إلى حياة الدموع 00
على القل فى وقت ضحكهم ،يكونون بعيدين عن الدموع 0
إذن ،إن كانت حياة اللهو والضحك واللذة والمتعة ،تمنع الدموع 00
فإننا نقول من الناحية العكسية :إن التجارب والضيقات والمراض
واللم هى من مسببات الدموع 00ففيها يشعر النسان بضعفه ،
وبثقل النير عليه ،فيتجه إلى الله ،ويسكب دموعه أمامه 00
ولكن على شرط أن يقبل التجارب والضيقات بغير تذمر 0
التذمر
أن التذمر سبب من السباب التى تمنع الدموع 0
فإن النسان فى تذمره يكون ساخطا ً ،وشاعرا ً بأنه ل يستحق كل هذا
الذى يحدث له 0وفى سخطه وتذمره يفقد التواضع ويفقد النسحاق
اللذان يجلبان الدموع 00
وفى التذمر ،يشعر النسان أنه مظلوم ،وبالتالى يدين من ظلمة 0
وهكذا ينتقل من التفكير فى خطاياه ،إلى التفكير فى خطايا غيره 00
وهذا ضد منهج الدموع 00
والذى يتذمر قد يتذمر على الله نفسه ،فيجدف
وفى كل ذلك يكون بعيدا ً عن الجو الروحى الذى تسيل فيه الدموع 00
بل إنه تذمره قد يدخل فى قساوة
القلب ،وفى العتداد بالذات ،وفى الغضب والحقد 00ول يمكن أن يجد
دموعا ً وسط هذه المشاعر الخاطئة كلها إن كانت الدموع تتفق مع
التواضع والنسحاق ،فلشك أن كبرياء القلب وكبرياء التصرف ،كلها
تمنع الدموع 00وإن كانت الدموع تتفق مع لوم النفس وتبكيت الذات ،
فبالتالى يكون الفخر والحديث عن فضائل
النفس ،من السباب المانعة للدموع 0
فل يمكن أن يبكى النسان وهو سعيد بذاته ،يرفع شأنها ،ويمتدح
صفاتها
نفس الكلم نقوله عن العظمة ،ومحبة المناصب والمتكآت الولى ،
ومحبة الكرامة ومديح الناس 00فكل هذه تمنع الدموع تماما ً 00لن
الدموع تتفق مع الشعور بالضعف ،وليس مع الشعور بالقوة والعظمة
والسلطان 00
كذلك فإن الفتخار بالدموع ،يمنع الدموع 0
الفخر والكبرياء
فقد تسلك فى الطريق الروحى السليم ،وفى الحياة التوبة وحياة
التضاع والنسحاق ،وفى كل مسببات الدموع 00فإن أتتك الدموع ،
يحاربك الشيطان بها لكى يوقعك فى المجد الباطل 0فإن فرحت
بالدموع ،أو افتخرت بها ،أو أظهرتها قصدا ً ،حينئذ يمكن أن تمتنع عنك
وتنقطع 00ولذلك قال القديسون :
إذ ما أتتك الدموع ،فل تنشغل بها 0إنما فكر فى السباب التى جلبت
الدموع 0
ً
إن بكيت مثل بسبب خطاياك ،فكر فى بشاعة تلك الخطايا ،فيزداد
انسحاقك وتزداد دموعك 00وحاذر أن تفتخر بدموعك أو تفرح بها ،لنك
فى هذا الوقت تكون قد نسيت خطاياك ،وانتقلت من النسحاق إلى
الكبرياء ،أى انتقلت من مسببات الدموع إلى موانع الدموع 0
ولتكن دموعك بينك وبين الله ،ل تكشفها للناس ،ول تتكبر بسببها 0
فكل ذلك يمنعها بعد مجيئها
التهاون والفتور
الدموع تناسبها الحرارة الروحية بكافة أنوعها ،سواء حرارة الحب ،
أو ،حرارة التوبة ،حرارة التأثر 0
أما النسان الفاتر ،فليست له دموع 0
يحتاج أن يعود إلى محبته الولى ،وإلى حرارته الولى ،فتعود إلية
الدموع " 0فاذكر من أين سقطت وتب ) رؤ 0 ( 5 : 2
وقد يأتى الفتور نتيجة للتهاون أو للرفاهية 0
عالج التهاون إذن فى حياتك الروحية ،واحذر الرفاهية 0إن داود النبى
كان فى مذلته يمزج شرابه بالدموع ) مز " ( 9 : 102وبدموعه كان يبل
فراشه " ) مز 0 (6 : 6أما فى حياة الرفاهية ،فلم تكن له دموع ،بل
كانت هناك الشهوة والخطية 0كذلك كان إبنه سليمان لم يستفد من
الرفاهية ،بل انتفع لما عرف أن الكل باطل وقبض الريح 0
صل إذن وقل :اعطنى يارب ينابيع دموع كثيرة 0
صفحة
مقدمة الكتاب 00000000000000000000000000000000
1
قمة الدموع 7 000000000000000000000000000000000
تطويب البكاء 8 00000000000000000000000000000000
أنواع من الدموع 00000000000000000000000000000
11
دموع الصلة 13 0000000000000000000000000000000
دموع الندم والتوبة 0000000000000000000000000000
14
دموع الحزن 0000000000000000000000000000000
18
دموع الفراق 0000000000000000000000000000000
20
دموع التأثر 23 00000000000000000000000000000000
دموع المشاركة 000000000000000000000000000000
25
دموع الفرح 26 00000000000000000000000000000000
دموع مرفوضة ) أنواع ( 0000000000000000000000000
27
دموع الشهوة 0000000000000000000000000000000
29
الدموع فى الخدمة 0000000000000000000000000000
31
أسباب الدموع فى الخدمة 0000000000000000000000000
37
الدموع فى حياة القديسين
39 0000000000000000000000000
مسببات الدموع 000000000000000000000000000000
51
الرقة والحساسية 00000000000000000000000000000
52
الشعور بتفاهة العالم 000000000000000000000000000
54
تذكر الخطايا 0000000000000000000000000000000
57
التجارب والضيقات 0000000000000000000000000000
63
تذكار المففوت 0000000000000000000000000000000
67
الفرح والتأثر 70 0000000000000000000000000000000
الصلة 72 00000000000000000000000000000000000
الشعور بالعجز 0000000000000000000000000000000
73
الشعور بالتخلى 000000000000000000000000000000
74
الشماتة 00000000000000000000000000000000000
75
معوقات الدموع 0000000000000000000000000000000
77
قسوة القلب 00000000000000000000000000000000
78
إدانة الخرين 00000000000000000000000000000000
79
العفنفف 83 00000000000000000000000000000000000
الغضب والحقد 0000000000000000000000000000000
84
الحياة فى الخطية 0000000000000000000000000000 0
87
اللذة الرفاهية 0000000000000000000000000000000
88
التذمر 00000000000000000000000000000000000
91
الفخروالكبرياء 000000000000000000000000000000
93
التهاون والفتور 000000000000000000000000000000
94