Professional Documents
Culture Documents
الأطر العليا المعطلة المغربية بين الآمال و الآلام
الأطر العليا المعطلة المغربية بين الآمال و الآلام
تطل علينا سنة 2010بأحداث متنوعة ينظر إليها كل من زاويته ويفسرها كل بحسب الديولوجية التي تشربها
،والرؤية تختلف من فئة إلى فئة ومن شخص إلى آخر ومن مرجعيببة إلببى أخببرى .لكببن يبقببى الحببدث البببرز
والقاسم المشترك الذي يشد انتباه العالم :هو شبح البطالة ،حيث أصبح عدد العاطلين عن العمل يعد بببالمليين
في كل دول العالم ،ولكل من هذه الدول طريقتها الخاصة في معالجة هذا المشكل .
فالدول التي تحترم نفسببها وتقببدر مصببلحة مواطنيهببا تعمببل جاهببدة فببي صببمت علبى حببل المشبباكل الببتي تببؤرق
المجتمع وتعيق تقدم التنمية في بلدها فتوفر لكببل فبرد حقبه فببي العيبش بكرامبة وحريبة ،وتنبزل كببل فبرد فببي
المنزل الذي يناسبه ،ولذلك ل تجد من بين أفراد هذه الدول من تشرئب نفسه لترك وطنببه والنتقببال إلببى وطببن
آخر بحثا عن لقمة العيش ،كما ل تجد من بينهم من يحزم حقيبته ليذهب إلى عاصببمة وطنببه كببي يسببمع حكببام
بلده صوته عن قرب ،كما ل نجد أفراد هذه المجتمعات تنظم المسيرات في الشوارع مبن أجببل المطالبببة بتبوفير
لقمة العيش أو الحصول على منصب شغل ،لن المواطن في هبذه البدول عنبده قناعبة راسبخة ببأن دولتبه لبن
تتخلى عنه وتتركه إلى المصير المجهول ،فهي قد وفرت له كل مقومات العيش ليحيى حيبباة آدميببة كريمببة ،
ولذلك تجد لدى هؤلء المواطنين شعورا بالوطنية وغيرة على الوطن الذي ينتمون إليه ومحبببة راسببخة لببه ل
تحول ول تزول .
وفي المقابل تجد دول أخرى لها رؤيتها الخاصة لمشكل البطالة وطريقة فريدة لحله ،وهي دول ترسبخت لبديها
مبادئ النانية والنتهازية والمحسوبية ،وأصبحت الزبونية عملتها المفضلة ،فهي تغببض الطببرف عببن همببوم
المواطنين وتنتهج سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال ،عند رؤية الخطر الداهم ،فسياستها ل تخببدم إل
مصالح القلية المتمثلبة فبي المبرياليبة الراعيبة لهبا ،ويصببح مبن الطببيعي أن تبرى فبي هبذه البدول البثراء
الفاحش يعيش جنبا إلى جنب مع الفقر المدقع الذي يجثم على صدور المليين من الفراد الذين ل يجببدون لقمببة
العيش إل بشق النفس ،وما جاع قوم إل بما متع به آخرون .
فكيف يكون يا ترى شعور هذا النوع من المواطنين بالمواطنة ؟ .
وما هي درجة الغيرة التي ستبقى لديهم على وطن كهذا؟
إن الوطن الذي ل يشعر فيه النسان بالكرامة وعزة النفس و الحرية والمان واستقلل الشخصية يبقببى مجببرد
رقعة جغرافية ليس لها في نفسه كبير معنى ؟....
ذلك الشعور هو الذي أصبح يسيطر على الكثير من المواطنين البذين صبدمتهم أنانيبة وسبلبية المفسبدين البذين
داسوا الكرامة النسانية بأنانيتهم وانتهازيتهم جريا وراء تحقيق نزواتهم الطائشة ،فأصبحوا ل يبصببرون إل
من خللها ول يسعون إل في تحقيقها ،و إل فكيف نفسر ما تمارسبه آلبة القمببع المخزنيبة بببب فبي هببذه البقعببة
الجغرافية من العالم التي نسميها "الوطن العزيز"بب ضببد الطببر العليببا الببتي تجسببد بحببق الطاقببات الحيببة الببتي
تمتلك من الكفاءات القادرة على القيام بنهضة حقيقية بهذا الوطن في مختلف الميادين لو أتيحت لها الفرصة ؟
بل كيف نفسر ما نراه ونشاهده كل يوم من سياسة القمع الممنهج إزاء ذوي الكفاءات مببن أبنبباء هببذا الببوطن
الذين أصبحو بفعل هذه السياسة يعيشون في شوارع العاصمة حياة بؤس حقيقية يتفرج على مأسبباتهم كببل مببن
ل ضمير له وهم يركضون فرارا من هراوات الدولة المخزنية ؟
ما ذا نسمي ذلببك المشببهد الببذي أصبببح مألوفببا لببدى سببكان ورواد شببارع محمببد الخببامس حيببث تكسببر ضبلوع
ورؤوس و أطراف شرفاء هذه المة من حملة الببدكتوراة وتسببلخ جلببودهم ؟؟..علببى مببرأى ومسببمع مببن نببواب
المة القابعين في قبة البرلمان يتفرجون على الدماء الزكية تسيل أمام أعينهببم فل يحركببون سبباكنا ول تنبببس
شفاههم بكلمة ؟
وهذا يسوغ بعض الشعارات التي يرددها هؤلء المعطلون مثل قولهم :
عليك المان عليك المان××× ل حكومة ل برلمان
وفي المغرب عليك المان××× ل حكومة ل برلمان
تكرر هذا المشهد آلف المرات ،ول يزال يتكرر كل يوم ،وإذا كان
" التكرار يعلم الحمار" كما يقال ،فالسؤال الذي يبحث له عن جواب في خضم هذه المعمعببة هببو :مببن هببو هببذا
الببذي كببان عليببه أن يتعلببم الببدرس لتنتهببي هببذه المعركببة الغيببر المتكببافئة؟ أهببو الجلد الببذي ل يحسببن إل لغببة
"الفلقة" أم الضحية الذي لم تنفع معه لغة " السليخ" و" التفرشيخ" ؟؟؟
الظاهر أن الذي لم يفهم الدرس هو ذلك الجلد الذي يرى إصرار الضحية على انتزاع حقهببا مهمببا كلفهببا ذلببك
من ثمن فل يعتبر ول يتدبر ،أما الضحية فإنها قد فهمت الدرس جيببدا لببذلك فهببي كببل يببوم تببأتي و روحهببا فببي
قبضتها مستعدة للموت في لحظة يقودها المل في التمكن من انبتزاع حقهبا الطببيعي " ومبن عبرف مبا قصبد
هان عليه ما وجد ".
إن التجربة التي تمر بهبا الطبر العليبا المعطلبة تجرببة مريبرة ل يحبس بهبا إل مبن مبر بتلبك المسبالك ولببس
"دربالة المعطل" كما لبسها هؤلء "،وليس الخبركالعيان" .
و إن أقل مببا يببتركه هببذا المشببهد فببي نفببوس المببارة وهببم يشبباهدون حملببة الشببواهد العليببا يجوبببون الشببوارع
والهراوات تلحقهم فبي حبر الصبيف وببرد الشبتاء :هبو الصبابة باليبأس و الحبباط ،والخبوف علبى فلبذات
أكبادهم من أن تصير حالهم في يوم من اليام إلى ما يرون ،وحق لهم أن يخافوا ،فالذي ينظببر لحببال هببذه الفئة
يرى مفارقة غريبة في سياسة تدبير الحكومة لملفها ،فبينما يعقد هؤلء المال على حكومتهم في توفير العيش
الكريم بعد قضاء زهرة شبببابهم فببي الببدرس والتحصببيل ليسبباهموا فببي النهببوض بببوطنهم والوصببول بببه إلببى
مصاف الدول المتقدمة ،نجد هذه الحكومة تطبق إزاءهم المثببل القببائل" :اودن صببماء واودن فيهببا المبباء" ول
تحسن الرد على مطالبهم إل بلغة العصا فقط؟؟ وفي نفس الوقت تحاول تكريس مقولة " العام زيبببببن" فعببوض
التركيز على المشاريع التي تحقق النتاج وتدر الدخل علبى الخزينببة الدولبة ،تصبرف الملييببن مبن الببدراهم
على الحفلت والمهرجانات التافهة ،وبدل أن تولي اهتمامها للعقول الذهبية التي تغذت بببالعلم والمعرفببة تركببز
على القدام والحناجر" الذهبية " ،و إذا كان العلم هو بوق الدولة ولسانها فل غرابة أن نجد وسائل العلم
تزمر وتطبل دون ملل بالقدم الببذهبي والحنجبرة الذهبيببة ،والدولببة مببن ورائه بالتشببجيعات والهبببات والعطايببا
السخية والكرم الحاتمي ،في وقت تنهال فيه على الرؤوس الذهبية الهببراوات الببتي تكسببر الطببراف والجمبباجم
والضلوع أمام مرآى ومشهد شاشات العلم العالمي !!
فأي كرامة بقيت ليحس بها المواطن في هذا الوطن ؟؟؟
بل و أي انتماء يمكن أن نتحدث عنه في ظل هذا الوضع البئيس؟؟؟
إن السلوب الذي تنهجه الحكومة المغربية لمعالجة ملف البطالة باعتمباد المقارببة البوليسبية ،بالضبافة إلبى
كونه أسلوبا متخلفا يعبر عبن التخلبف السياسببي والعجببز الداري فبي تبدبير الشببأن الببداخلي والرتجاليبة فببي
التعاطي مع هذا الواقع البئيس ،فهو أيضا يزيد من الحتقان البداخلي لبدى الطبر العليبا المعطلبة البتي أصببحت
تعامل من طرف الجهزة المنية وكأنها عصابة من المجرمين تهدد الدولة في كيانها ،وهو أيضا ل يبقي علببى
مصداقية الحديث عن " النتقال الديموقراطي" و "حقوق النسان " وبناء المجتمع الحديث" كما يضع علمة
استفهام حول ما يردده العلم الرسمي من "النجازات الكبرى " و المشاريع العظمى " حيث يتخيبل للمبواطن
البسيط وهو يسمع ذلك أنه يعيش في المدينة الفاضلة ،حتى إذا ما قدر له أن يزور الرباط ويمر بجببوار شببارع
البرلمان ليرى بأم عينيه الدروس التطبيقية التي يتلقاها حملة الشواهد العليا من المعطلين على يد جهاز القمع
عما كان يسمعه عن "النتقال الديموقراطي " ويرى التفسير الحقيقي للسطوانة التي طالما سمعها من العلم
الرسببمي المضبلل عببن " الحريبة " و" الكرامببة" و "العدالببة" و" حقببوق النسبان" و" المجتمبع المببدني "
فيعرف أنه كان يعيش في "دار غفلبببون" مع هذه العناوين البراقة .
فأي حرية وأي عدالة بقيت لهؤلء المعطلين الذين أصبحوا يعيشون حالت التمببزق النفسببي و الفلس المببادي
والشعور بالضياع و"الحكرة" والدونية والغتراب .
وأي عدالة هذه التي عاش في أكنافها هؤلء منبوذون في أوطانهم ومحرومون من كل حقوقهم؟؟؟