You are on page 1of 9

‫(*)‬

‫االبتــــــــــــــــــالء‬

‫إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من‬
‫يه ده اهلل فال فال مضل ل ه‪ ،‬ومن يض لل فال ه ادى ل ه‪ ،‬وأش هد أن ال إله إال اهلل وح ده‬
‫آمنُواْ َّات ُقواْ اللّ هَ َح َّق ُت َقاتِ ِه‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫الشريك له وأشهد أن حممداً عبده ورسوله ‪ :‬يَا أ َُّي َها الذ َ‬
‫(‪) 1‬‬
‫َوالَ تَ ُموتُ َّن إِالَّ َوأَنتُم ُّم ْسلِ ُمو َن‪‬‬
‫ث‬‫اح َد ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها َز ْو َج َها َوبَ َّ‬ ‫سوِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َّاس َّات ُقواْ َربَّ ُك ُم الذي َخلَ َق ُكم ِّمن َّن ْف ٍ َ‬ ‫‪‬يَا أ َُّي َها الن ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ام إِ َّن اللّ هَ َك ا َن َعلَْي ُك ْم‬ ‫ساءلُو َن بِه َواأل َْر َح َ‬ ‫ساء َو َّات ُقواْ اللّهَ الذي تَ َ‬ ‫م ْن ُه َما ِر َجاالً َكث ًيرا َون َ‬
‫(‪) 2‬‬
‫َرقِيبًا‪‬‬
‫ص لِ ْح لَ ُك ْم أَ ْع َم الَ ُك ْم َو َي ْغ ِف ْر‬ ‫ِ‬
‫آمنُ وا َّات ُق وا اللَّهَ َوقُولُ وا َق ْواًل َس دي ًدا يُ ْ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫‪‬يَا أ َُّي َها الذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َمن يُط ْع اللَّهَ َو َر ُسولَهُ َف َق ْد فَ َاز َف ْو ًزا َعظ ً‬
‫يما‪‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫ف إن أص دق احلديث كت اب اهلل ‪ ،‬وخري اهلدى حممد ‪ ، ‬وشر األم ور حمدثاهتا وكل‬
‫حمدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضاللة ‪ ،‬وكل ضاللة يف النار‪.‬‬
‫أحبىت يف اهلل‪  :‬ألم* أ ِ‬
‫آمنَّا َو ُه ْم ال ُي ْفَتنُ و َن*‬ ‫َّاس أَ ْن ُي ْت َر ُك وا أَ ْن َي ُقولُ وا َ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫َحس َ‬ ‫َ‬
‫ين ِم ْن َق ْبلِ ِه ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫)ولََق ْد َفَتنَّا الذ َ‬ ‫َّاس أَ ْن ُي ْت َر ُك وا أَ ْن َي ُقولُ وا َ‬
‫آمنَّا َو ُه ْم ال ُي ْفَتنُ و َن َ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫َحس َ‬
‫أ ِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َفلََي ْعلَ َم َّن اللَّهُ الذ َ‬
‫( ‪)4‬‬
‫ين‪‬‬
‫ص َدقُوا َولََي ْعلَ َم َّن الْ َكاذب َ‬
‫ين َ‬

‫ألقيت هذه الخطبة بساحة مسجد النبى موسى ‪ -‬بالسويس‬ ‫(*)‬

‫() سورة آل عمران ‪.102 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة النساء ‪.1:‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة األحزاب ‪.71- 70:‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سورة العنكبوت‪3-1:‬‬ ‫‪4‬‬


‫والفتن التى يتعرض لها أهل اإليمان كثيرة ‪:‬‬
‫* ومن بني هذه الفنت أن يتعرض املؤمن لألذى واالضطهاد من الباطل وأهله مث ال جيد‬
‫النصري ال ذى يس انده وي دفع عنه األذى ‪ ،‬وال ميلك لنفسه النص ره أو املنعة وال جيد‬
‫القوة الىت يواجه هبا الطغيان ‪ ،‬وهذه هى أبرز الصور الىت تقفز لألذهان إذا ما ذكرت‬
‫أهل اإلميان وبالرغم من ذلك فإن هناك من الفنت الىت يتعرض هلا‬ ‫الفنت الىت يتعرض هلا ُ‬
‫أهل اإلميان ما هو أمر وأدهى من ذلك!!‬
‫* وهن اك فتنه األهل واألوالد واألحب اء ال ذين خيشى ان يص يبهم األذى بس ببه ؟ وقد‬
‫يهتف ون به ويتوس لون إليه ‪ ،‬وينادونه باسم احلب والقرابة أن يس امل أو يستس لم يف‬
‫الوقت الذى ال ميلك عنهم دفعاً وهذه من أشد الفنت ‪.‬‬
‫وقد ت زداد الفتنة إذا وقع هبم األذى واالبتالء أم ام عينه وبني يديه وهو ال يس تطيع‬
‫أن يدفع عنهم أذى أو يرد عنهم سوء‪.‬‬
‫* وهن اك فتنة أخ رى خط رية‪ ،‬إهنا فتنة إقب ال ال دنيا على املبطلني والعاصني واملذنبني‬
‫والظ املني ورؤية الن اس هلم ن اجحني مرم وقني هتتف هلم ال دنيا وتص فق هلم اجلم اهري‪،‬‬
‫وتتحطم يف ط ريقهم العوات ق‪ ،‬وت ذلل هلم الص عاب‪ ،‬وتفتح هلم األب واب وهتيئ هلم‬
‫األسباب‪.‬‬
‫تص اغ هلم األجماد ‪ ،‬وتص فو هلم احلي اة واملؤمن ُمهم ٌل منكر ال حيس به أح ٌد ‪ ،‬وال‬
‫يدافع عنه أحد‪ ،‬وال يشعر بقسيمة احلق الذى معه إال القليلون من أمثاله الذين ال ميكلون‬
‫من أمر احلياة شيئاً‪.‬‬
‫وم ْن حوله‬
‫* وهن اك فتنة الغربة يف ه ذا ال دين ‪.‬مىت يظهر املؤمن ف ريى معظم ما حوله َ‬
‫غارقاً يف تيار الضاللة والشهوات والشبهات ‪ ،‬وهو وحده غريب طري ٌد شريد‪.‬‬
‫* وهن اك فتنة نراها ب ارزة يف ه ذه األي ام أال وهى أن املؤمن جيد أمماً ودوالً غارقة يف‬
‫الرذيلة واملعص ية وب الرغم من ذلك فإهنا راقية يف جمتمعها متحض رة يف حياهتا ‪ ،‬وجيد‬
‫الفرد فيها من الرعاية واحلماية ما يليق به كإنسان!!!‬
‫* وهن اك الفتنة الك ربى فتنه النفس والش هوة‪ ،‬وجاذبية األرض والطني ‪ ،‬وص عوبة‬
‫األستقامة على صراط اهلل املستقيم‬
‫كل ه ذه الفنت ‪ .‬ف إذا ط ال األمد وأبطأ نصر اهلل ‪ ،‬ك انت الفتنة أشد وأقصى ‪،‬‬
‫وكان االبتالء أشد وأعنف ‪ ،‬ولن يثبت إال من عصمه اهلل عز وجل ‪.‬‬
‫فما هى احلكمة من كل ه ذه الفنت واالبتالءات الىت يبتلى اهلل هبا املؤم نني؟‍! يف‬
‫الوقت الذى ينتشى فيه الظاملون ويبغى فيه املبطلون‪.‬‬
‫حاشا هلل ‪ :‬أن يع ذب املؤم نني ب االبتالء وأن ي ؤذيهم ب الفنت كال ولكن اإلع داد‬
‫احلقيقى لتحمل األمانة الكربى واملسئولية العظمى والعقيدة العليا ألهنا يف حاجة إىل إعداد‬
‫خ اص ال يتم إال باملعان اة ‪ ،‬وإال باالس تعالء احلقيقى على الش هوات‪ ،‬وإال بالصرب احلقيقى‬
‫على اآلالم ‪ ،‬وإال بالثقة احلقيقية يف نصر اهلل أو ثوابه على ال رغم من ط ول الفتنة وش دة‬
‫اإلبتالء‪.‬‬
‫فكما تفنت الن ار ال ذهب لتفصل بينه وبني العناصر الرخيصة العالقة به ‪ ،‬ك ذلك‬
‫تصنع الفنت بالنفوس تصهرها فتنفى عنها اخلبث‪.‬‬
‫وحسب املؤمنني الذين تصيبهم الفتنة ‪ ،‬ويقع عليهم البالء حسبهم أن يكونوا هم‬
‫املختارين من اهلل ليكونوا أمناء على حق اهلل وعلى دين اهلل عز وجل‪.‬‬
‫وأن يش هد اهلل هلم ب ان ىف دينهم ص البه‪ .‬وىف عقي دهتم ق وة فهو س بحانه خيت ارهم‬
‫لالبتالء‪. .‬فإنه كما قال املصطفى ‪: ‬‬
‫الرجل على حسب دينه‬
‫ُ‬ ‫فاألمثل ‪ ،‬يُبتلى‬
‫ُ‬ ‫األمثل‬
‫ُ‬ ‫بالء األنبياء‪ ،‬ثم‬
‫« أشد الناس ً‬
‫ص لباً‪ ،‬اش تد بالؤه‪ ،‬وإن ك ان في دينه رق ةُ ابتُلى على ق ْدر دينه ‪،‬‬
‫‪ ،‬ف إن ك ان في دينه ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫يبرح البالءُ بالعبد حتى يتركه يمشي على األرض وما عليه خطيئة »‬
‫فما ُ‬
‫بالء األنبي اء‪ ،‬ثم الص الحون ‪ ،‬لقد ك ان‬
‫ويق ول املص طفى ‪ «: ‬أشد الن اس ً‬
‫( ‪)6‬‬
‫بالقمل‬
‫‪ ،‬فيلبس ها ‪ ،‬ويُبتلى َّ‬ ‫أح دهم يُبتلى ب الفقر ح تى ما يج ُد إال العب اءة يجوبها‬
‫ِ‬
‫بالبالء من أحدكم بالعطاء» (‪ )7‬قال ابن القيم‬ ‫حتى يقتلُه ‪ ،‬وألحدهم كان َّ‬
‫أشد فرح اَ‬
‫رحمه اهلل‬

‫() صحيح ‪ [:‬ص‪.‬ج ‪ [ ،]992:‬المشكاة‪ [ ،]1562:‬الصحيحة‪ ]143 :‬من حديث سعد ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫() يجوبها ‪ :‬أى يقطع وسطها ليلبسها‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫() صحيح ‪ [ :‬الصحيحة‪ [ ،]144:‬ص‪.‬ج‪ ]995:‬رواه البيهقى وأبو يعلى والحاكم من حديث أبى سعيد‪.‬‬ ‫‪7‬‬
‫إن اهلل س بحانه وتع اىل اقتضت حكمته أنه ال بد أن ميتحن النف وس‪.‬ويبتليها ‪،‬‬
‫فيظهر باالمتح ان طيبها من خبيثها ‪ ،‬ومن يص لح ملواالته وكرامته ومن ال يص لح ‪،‬‬
‫وليمحص النف وس الىت تص لح له وخيلص ها بكري االمتح ان كال ذهب ال ذى ال خيلص وال‬
‫يص فو من غشه إال باالمتح ان ‪ ،‬إذ النفس يف األصل جاهلة ظاملة ‪ ،‬وقد حصل هلا باجلهل‬
‫والظلم من اخلبث ما حيتاج خروجه إىل السبك والتصفية ‪ ،‬فإن خرج ىف هذا الدار وإال‬
‫( ‪)8‬‬
‫ففى كري جهنم ‪ ،‬فإذا هذب العبد ونُقال أُذن له يف دخول اجلنة‬
‫وليس أح ٌد أغري على احلق وأهله من اهلل ‪ ..‬ولكنها س نة اهلل اجلارية المتح ان‬
‫القلوب ومتحيص الصفوف‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫‪ ‬ولََق ْد َفتنَّا الَّ ِذ ِ ِ‬
‫ين م ْن َق ْبل ِه ْم َفلََي ْعلَ َم َّن اللَّهُ الذ َ‬
‫(‪)9‬‬
‫ين‪‬‬
‫ص َدقُوا َولََي ْعلَ َم َّن الْ َكاذب َ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فما ال ذى ال ق اه ن وح عليه الس الم ؟‪ ،‬وما ال ذى الق اه إب راهيم؟‪ ،‬وما ال ذى الق اه‬
‫موسى ؟ ‪ ،‬وما ال ذى الق اه عيس ى؟‪ .‬وما ال ذى الق اه حممد ‪ ‬؟ وهم أطهر الن اس‬
‫وأش رف الن اس‪ ،‬واص طفاهم اهلل عز وجل واخت ارهم وأحبهم إىل اهلل وأق رهبم إىل اهلل هو‬
‫حبيبه ومصطفاه حممد ‪‬‬
‫فلقد ورد يف ص حيح البخ ارى أن النىب ‪ ‬ق ام يوم اً يص لى ىف حجر الكعبة فأقبل‬
‫عليه عقبة بن أىب معيط فوضع ثوبه يف عنق النىب فخنقه خنق اً ش ديداً فأقبل أبو بكر حىت‬
‫(‪)10‬‬
‫أخذ مبنكبه ودفعه عن النىب ‪ ‬وهو يقول أتقتلون رجالً أن يقول رىب اهلل‬
‫وورد يف البخاري أيض اً أن هذا الفاجر عقبة بن أىب معيط جاء يوم اً على رسول‬
‫اهلل ‪ ‬بس لى ج زور فقذفه على ظهر النىب ‪ ‬وهو س اجد فلم يرفع رس ول اهلل ‪ ‬رأسه‬
‫حىت ج اءت فاطمة رضى اهلل عنها فرفعته عن ظهر املص طفى ‪ ‬فرفع رأسه مث ق ال « اهلل‬
‫(‪)11‬‬
‫عليك بقريش ثالث مرات»‬

‫() زاد المعاد البن القيم (‪ )3/18‬ط‪ .‬الرسالة بتحقيق شعيب وعبد القادر األرناؤوط‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫() سورة العنكبوت‪3:‬‬ ‫‪9‬‬

‫() صحيح‪ :‬رواه البخاري في مناقب األنصار ( ‪)7/203‬‬ ‫‪10‬‬

‫() صحيح‪ :‬رواه البخارى في الوضوء‪ ،‬ومسلم في الجهاد والسير‪ ،‬والسلى ‪ :‬هى الجلدة التى تكون فيها‬ ‫‪11‬‬

‫الولد يقال لها ذلك من البهائم ‪ ،‬وأما من اآلدميات فالمشيمة‪.‬‬


‫وتعلم ون ما ال ذى ح دث له بالط ائف فض الً عن وص فهم له بالس حر واجلن ون‬
‫واهتم وه يف ش رفه وعرضه ‪ .‬ه اهو ذا رس ول اهلل ‪ ‬وهو يف ال ذروة من بىن هاشم ‪،‬‬
‫ه اهو ذا ي رمى يف بته ويف من؟! يف عائشة الىت أحبها من قلبه ‪ .‬ه اهو ذا يُ رمى يف طه ارة‬
‫فراشه وهو الطاهر الذى تفيض منه الطهارة‪ .‬وهاهو ذا يرمى يف صيانة حرمته وهو القائم‬
‫على ص يانة احلرام ات يف أمت ه‪ .‬إهنا أشد فتنة على اإلطالق تع رض هلا رس ول اهلل ‪ ‬وهو‬
‫احلبيب عند ربه جل وعال ‪ .‬بل أظنها أضخم املعارك الىت خاضها رسول اهلل ‪‬‬
‫إهنا الفنت واالبتالءات ولقد ورد أيض اً يف ص حيح البخ اري عن خب اب بن األرت‬
‫رضى اهلل عنه ق ال‪ :‬أتيت النىب ‪ ‬وهو متوسد ب ردة يف ظل الكعبة – وقد لقينا من‬
‫املش ركني ش دة – فقلت ‪ :‬يا رس ول اهلل أال ت دعوا اهلل لنا ‪ ،‬أال تستنصر لنا ‪ ،‬فقعد وهو‬
‫حُم م ٌر وجهه فق ال‪«_ :‬لقد ك ان من قبلكن ليمشط بأمش اط من الحديد ما دون عظمه‬
‫وليتمن اهلل ه ذا األمر ح تى يس ير‬
‫َّ‬ ‫من لحم أو عصب ما يص رفه ذلك عن دينه ‪،‬‬
‫(‪)12‬‬
‫الراكب من صنعاء إلى حضر موت ال يخاف إال اهلل »‬
‫وإذا كانت هذه االعتداءات على النىب ‪ ‬وله من اجلالل والوقار يف نفوس العامة‬
‫واخلاصة فكيف بالصحابة الكرام‪ ،‬السيما الضعفاء منهم فأنتم تعلمون ما الذى كان يُفعل‬
‫ببالل و خباب وآل ياسر وصهيب وابن مسعود وغريهم ممن قالوا ‪ :‬ال إله إال اهلل ‪.‬‬
‫فضربوا لنا أروع األمثلة يف الصرب على البالء والتضحية هلذا الدين حىت ولو كانت‬
‫باألرواح واألبدان‪.‬‬
‫فلقد كان الدين عندهم أغلى من أى شئ حىت من أرواحهم وأوالدهم وأزواجهم‬
‫وأمواهلم ‪.‬‬
‫ول ذلك أي دهم اهلل بنص ره كما نصر املؤم نني من قبلهم وينصر املوح دين من‬
‫بعدهم‪ ..‬وتكون العاقبة على من عاداهم وانظر كيف كان عاقبة اجملرمني‪!! ..‬‬
‫* ف أين فرع ون ال ذى ق ال لقومه ما علمت لكم من إله غ ريى؟ وال ذى ق ال لقومه أنا‬
‫ربكم األعلى؟ وال ذى ق ال ‪ :‬يا ق وم أليس ىل ملك مصر وه ذه األهنار جترى من حتىت؟‬
‫فأجراها اهلل من فوقه!‬

‫() صحيح ‪ :‬رواه البخاري في مناقب األبصار ‪ ،‬وأحمد(‪)5/109‬‬ ‫‪12‬‬


‫َخ ْذنَا بِ َذنْبِ ِه‬
‫* وأين هام ان؟ وأين ق ارون ؟ وأين ع اد ؟ وأين مثود؟‪  :‬فَكُاّل ً أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصباً َو ِم ْن ُه ْم َم ْن أ َ‬ ‫فَ ِم ْن ُهم من أَرسلْنَا َعلَْي ِه ح ِ‬
‫ض‬‫س ْفنَا بِه اأْل َْر َ‬
‫الص ْي َحةُ َوم ْن ُه ْم َم ْن َخ َ‬
‫َخ َذتْهُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َْ‬
‫(‪)13‬‬
‫َو ِم ْن ُه ْم َم ْن أَ ْغ َرقْنَا َو َما َكا َن اللَّهُ لِيَظْلِ َم ُه ْم َولَ ِك ْن َكانُوا ‪‬‬
‫وصدق من قال‪:‬‬
‫لهم في الغى بل أين فرعون وهامان؟‬ ‫أين الظالمون وأين التابعون‬
‫جج‬ ‫ج‬

‫ظلم وطغيان؟‬
‫وذكرهم في الورى ٌ‬ ‫وأين من دوخوا الدنيا بسطوتهم‬

‫وأين من غرهم لهو وسلطان ؟‬ ‫أين الجبارة الطاغون ويحهموا ؟‬

‫أو هل نجا منه باألموال إنسان؟‬ ‫هل أبقى الموت ذا ع ٍز لعزته؟‬

‫الكل يفنى فال أنس وال جان‬ ‫ال و الذى خلق األكوان من عدم‬

‫اد الَّتِي لَ ْم يُ ْخلَ ْق ِم ْثلُ َها فِي‬


‫ات ال ِْعم ِ‬
‫َ‬
‫اد إِرم ذَ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ك بِ َع َ َ‬ ‫ف َف َع َل َربُّ َ‬‫‪‬أَلَ ْم َت َر َك ْي َ‬
‫اد الَّ ِذين طَغَ وا فِي الْبِ ِ‬
‫الد‬ ‫الص ْخر بِ الْو ِاد وفِر َع و َن ِذي اأْل َوتَ ِ‬ ‫الدوثَم َ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ين َج ابُوا َّ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ود الذ َ‬ ‫الْب َ ُ‬
‫ك لَبِال ِْمرص ِ‬
‫اد (‪)14‬‬ ‫اب إِ َّن َربَّ َ‬
‫ك َس ْو َط َع َذ ٍ‬
‫ب َعلَْي ِه ْم َربُّ َ‬
‫ص َّ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫اد فَ َ‬
‫سَ‬ ‫فَأَ ْك َث ُروا ف َيها الْ َف َ‬
‫فمهالً أيها الظ المون ‪ ..‬حمال أن ميوت املظلوم ون ويبقى الظ املون‪ ..‬ف اعلموا ما‬
‫شئتم إنا عاملون‪ ،‬وجوروا فإنا باهلل مستجريون واظلموا فإنا إىل اهلل متظلمون ‪َ ‬و َسَي ْعلَ ُم‬
‫ب َي ْن َقلِبُو َن(‪)15‬‬
‫َي ُم ْن َقلَ ٍ‬
‫ين ظَلَ ُموا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬

‫إن عين اهلل يقظى ال تنام‬ ‫أيها المظلوم صبراً ال تهن‬

‫فعدل اهلل دائم بين األنام‬ ‫ثم قرير العين واهنأ خاطراً‬

‫() سورة العنكبوت‪40:‬‬ ‫‪13‬‬

‫() سورة الفجر‪14-6:‬‬ ‫‪14‬‬

‫() سورة الشعراء‪.227 :‬‬ ‫‪15‬‬


‫فإن أخذه شديد ذو انتقام‬ ‫وإن أمهل اهلل يوماً ظالماً‬

‫« اتق وا دع وة المظل وم فليس بينا وبين اهلل حج اب يرفعها اهلل ف وق الغم ام‬
‫( ‪)16‬‬
‫ويقول لها وعزتى وجاللى ألنصرنك ولو بعد حين »‬
‫احذر من املظلوم سهماً صائباً واعلم بان دعاءه ال يحجب‪.‬‬
‫فالظلم ترجع عقباه إلى ِ‬
‫الندم‬ ‫وال تظلمن إذا ما كنت مقتدراً‬

‫يدعو عليك وعين اهلل ال ِ‬


‫تنم‬ ‫تنام عينك والمظلوم منتبه‬

‫وتبقى لى نصيحة أخيرة لجميع المسلمين ‪:‬‬


‫فيا أيها المس لمين ‪ :‬إن ك ان الش يوخ عق ول األمة الىت تفكر ف إن الش باب هم‬
‫س واعدها الىت تبىن وتعمر وهل ميكن لعقل أن ي أتى جمرداً ال ميشى على رجلني‪ ،‬وال‬
‫يقوى بساعدين‪.‬‬
‫إن الش باب هم مس تقبل األمة وعلى أكتافه وس واعده تق وم احلض ارات من أجل‬
‫ذلك فلقد كان الرسول ‪ ‬شديد احلفاوة بالشباب فهل هو الذى أخذ برأيهم يف غزوة‬
‫أحد وهو ال ذى وىل أس امة بن زيد قي ادة جيش وهو الش اب ال ذى مل يبلغ العش رين من‬
‫وجند ه ذا اجليش أبو بكر وعمر وعثم ان ‪،‬وعلى وخالد وعم رو بن الع اص!! وإىل‬ ‫عم ره ُ‬
‫أى اجلهات كانت وجهة اجليش ؟! إىل الروم! ليناطح الصخور الصماء‪.‬‬
‫هكذا ينبغى أن يعامل الشباب ألنه يف حاجة إىل توجيه من أبوه حىت أو من أخوة‬
‫ص ادقة ‪ .‬إنه يف حاجة إىل حماورة ‪ ..‬إىل ح ديث العقل وال روح إنه يف حاجة إىل أن حترتم‬
‫عقوهلم وأن تصان آدميتهم وأن يقدر فكرهم ‪ ..‬فهم أبناؤنا وأخواننا وأحبابنا‪.‬‬
‫* أما أنتم أيها الش باب فتمس كوا ب دينكم ‪ ،‬واع تزوا بإس المكم وتوحي دكم‬
‫وختلق وا ب أخالق ن بيكم ‪ ،‬وادع وا الن اس ‪:‬إىل ه ذا ال دين باحلكمة واملوعظة احلس نة ف إن‬
‫العنف يه دم وال يبىن وإن الش دة تفسد وال تص لح ‪ ‬فَبِ َما َر ْح َم ٍة ِم َن اللَّ ِه لِْن َ‬
‫ت لَ ُه ْم َولَ ْو‬

‫() صحيح‪ [:‬ص‪.‬ج‪ ،118 :‬والصحيحة‪ ]870:‬رواه الحاكم من حديث ابن عمر رضى اهلل عنهما‪.‬‬ ‫‪16‬‬
‫اس َت ْغ ِف ْر لَ ُه ْم َو َش ا ِو ْر ُه ْم فِي‬
‫ف َع ْن ُه ْم َو ْ‬ ‫ك فَ ا ْع ُ‬‫ْب اَل ْن َفضُّوا ِم ْن َح ْولِ َ‬ ‫ظ الْ َقل ِ‬‫ت فَظّاً غَلِي َ‬ ‫ُك ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ت َفَت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه إِ َّن اللَّهَ يُ ِح ُّ‬‫اأْل َْم ِر فَِإذَا َع َز ْم َ‬
‫ب ال ُْمَت َو ِّكل َ‬
‫ين‪‬‬
‫( ‪)17‬‬

‫أيها الش باب دع وا الفرقة بينكم ‪ ،‬وح دوا ص فوفكم ‪ ،‬وال ختتلف وا فيما بينكم‬
‫فتختلف قل وبكم ‪ ،‬واترك وا األلق اب والش عارات ‪ ،‬وجتردوا من كل األمساء واملس ميات‬
‫واخفضوا مجيع الرايات‪ ،‬والشعارات ‪ ،‬إال راية التوحيد لرب األرض السموات‪.‬‬
‫ص ُموا بِ َح ْب ِل اللَّ ِه َج ِميع اً َوال َت َف َّرقُ وا‬ ‫احتدوا ف إن احتادكم ع زاً ورفعه‪  .‬وا ْعتَ ِ‬
‫َ‬
‫َص بَ ْحتُ ْم بِنِ ْع َمتِ ِه إِ ْخ َوان اً‬
‫ف َب ْي َن ُقلُوبِ ُك ْم فَأ ْ‬
‫اء فَأَلَّ َ‬ ‫واذْ ُكروا نِعم َ َّ ِ‬
‫ت الله َعلَْي ُك ْم إِ ْذ ُك ْنتُ ْم أَ ْع َد ً‬ ‫َ ُ َْ‬
‫ك ُيَبيِّ ُن اللَّهُ لَ ُك ْم آيَاتِ ِه لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َو ُك ْنتُ ْم َعلَى َش َفا ُح ْف َر ٍة ِم َن النَّا ِر فَأَْن َق َذ ُك ْم ِم ْن َها َك َذلِ َ‬
‫وف َو َي ْن َه ْو َن َع ِن ال ُْم ْن َك ِر‬ ‫َت ْهت ُدو َن*ولْت ُكن ِم ْن ُكم أ َُّمةٌ ي ْدعُو َن إِلَى الْ َخي ِر وي أْمرو َن بِالْمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫ْ َ َ ُُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ‬
‫اء ُه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوأُولَئِ َ‬
‫ين َت َف َّرقُ وا َوا ْخَتلَ ُف وا م ْن َب ْع د َما َج َ‬ ‫*وال تَ ُكونُ وا َكالذ َ‬ ‫ك ُه ُم ال ُْم ْفل ُح و َن َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات َوأُولَئِ َ‬
‫ض ُو ُج وهٌ َوتَ ْس َو ُّد ُو ُج وهٌ فَأ ََّما الذ َ‬
‫ين‬ ‫يم * َي ْو َم َت ْبيَ ُّ‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫ك لَ ُه ْم َع َذ ٌ‬ ‫الَْبِّينَ ُ‬
‫اب بِ َما ُك ْنتُ ْم تَ ْك ُف ُرو َن * َوأ ََّما‬ ‫وه ُهم أَ َك َف رتُم ب ْع َد إِ ِ‬
‫يم ان ُك ْم فَ ُذوقُوا ال َْع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َّت ُو ُج ُ ْ‬ ‫اس َود ْ‬‫ْ‬
‫(‪)18‬‬
‫وه ُه ْم فَِفي َر ْح َم ِة اللَّ ِه ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدو َن ‪ ‬‬ ‫َّت ُو ُج ُ‬ ‫ين ْابيَض ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫أس أل اهلل العظيم رب الع رش العظيم أن ينصر اإلس الم ويعز املس لمني وأن يوجد‬
‫كلمة املسلمني مبنك وكرمك يا أكرم األكرمني‬

‫‪ ..‬الدعاء‬

‫() سورة آل عمران ‪.159 :‬‬ ‫‪17‬‬

‫() سورة أل عمران‪107-103 :‬‬ ‫‪18‬‬

You might also like