Professional Documents
Culture Documents
حسب نظرية النفجار العظيم نشأ الكون من حالة كثيفة و حارة جدا ثم بدأ بالتمدد و التوسع دافعا
المجرات بعيدا عن بعضها.
في علم الكون الفيزيائي ،نظرية النفجار العظيم أحد النظريات المطروحة في علم الكون و التي
ترى بأن الكون قد نشأ من وضعية حارة شديدة الكثافة تقريبا قبل حوالي 13.7مليار سنة .نشأت
نظرية النفجار العظيم نتيجة لملحظات هبل حول تباعد المجرات عن بعضها ،مما يعني عندما
يؤخذ بعين العتبار مع المبدأ الكوني أن الفضاء المتري يتمدد وفق نموذج فريدمان-ليمايتري
للنسبية العامة . Friedmann-Lemaître modelهذه الملحظات تشير إلى أن الكون بكل ما
فيه من مادة و طاقة انبثق من حالة بدائية ذات كثافة و حرارة عاليتين شبيهة بالمتفردات الثقالية
gravitational singularityالتي تتنبأ بها النسبية العامة .ولهذا توصف تلك المرحلة بالحقبة
المتفردة.
فإذا كان الكون يتمدد فما من شك أن حجمه في الماضي كان أصغر من حجمه اليوم ،و أن حجمه
في المستقبل سيكون أكبر منهما .و إذا تمكنا من حساب سرعة التمدد يمكننا التنبؤ بالزمن الذي
احتاجه الكون حتى وصل إلى الحجم الراهن ،و بالتالي يمكننا تقدير عمر الكون وهو 14مليار
سنة تقريبا .zتتحدث نظرية النفجار العظيم عن نشوء و أصل الكون إضافة لتركيب المادة الولى
primordial matterمن خلل عملية الصطناع النووي nucleosynthesisكما تتنبأ بها
نظرية ألفر-بيث-غامو . Alpher-Bethe-Gamow theory
مقدمة تمهيدية
قد تكون بداية التأكيد العملي لنظرية النفجار العظيم قد بدأت مع رصد الفلكي المريكي هابل
للمجرات و محاولة تعيين بعد هذه المجرات عن الرض مستخدما مفهوم لمعان النجوم الذي
يتعلق بسطوع النجوم و بعدها عنا .
أمر آخر يمكن تحديده بالنسبة للنجوم هو طيف الضوء الصادرعن النجم عن طريق موشور ،
فكل جسم غير شفاف عند تسخينه يصدر ضوءا مميزا يتعلق طيفه فقط بدرجة حرارة هذا
الجسم .إضافة لذلك نلحظ ان بعض اللوان الخاصة قد تختفي من نجم لخر حسب العناصر
المكونة لهذا النجم .عند دراسة الطياف الضوئية للنجوم الموجودة في مجرة درب التبانة ،كان
هناك فقدانا لللوان المتوقعة في الطيف بما يتوافق مع التركيب المادي لمجرة درب التبانة ،لكن
هذه ظهرت منزاحة نحو الطرف الحمر من الطيف .المر الذي يذكرنا بظاهرة دوبلر.
في ظاهرة دوبلر :يختلف التواتر للمواج الصادرة عن منبع موجي ما باختلف شدة و سرعة
هذا المصدر ،فمثل السيارة التي تقترب باتجاهك تكون ذات صوت عالي حاد )تواتر مرتفع( لكن
نفس السيارة تصبح ذات صوت أجش )تواتر منخفض( بعد أن تجتازك و تبدأ بالبتعاد عنك .
فتواترات المواج الصوتية تختلف حسب فرق السرع و التجاه بينك و بين المصدر ،لنه في حالة
اقتراب المصدر منك )الراصد( يصله شيئا فشيئا مقدار أكبر من المواج فيرصد تواتر أعلى
لللمواج لكن حينما يبتعد المصدر يبدا الراصد يتلقى امواجا أقل فأقل )التواتر ينخفض( .
ينطبق نفس هذا المبدأ على المواج الضوئية فإذا كان المنبع الضوئي يبتعد عنا فهذا يعني أن
تواترات المواج المستقبل ستكون أقل فأقل أي منزاحة نحو الحمر اما إذا كان المنبع يقترب
فستكون المواج الضوئية المستقبلة منزاحة نحو الزرق)البنفسجي( .
التصور البدئي كان يعتقد أن المجرات تتحرك عشوائيا و بالتالي كان التوقع ان عدد النزياحات
نحو الحمر سيساوي النزياحات نحو الزرق و سيكون المحصلة معدومة )ل إنزياح( لكن
رصد هابل بجدولة أبعاد المجرات و رصد طيوفها مثبتا أن جميع المجرات تسجل انزياحا نحو
الحمر أي أن جميع المجرات تبتعد عنا ،أكثر من ذلك أن مقدار النزياح نحو الحمر )الذي
يعبر هنا عن سرعة المنبع الضوئي أي المجرة( ل يختلف عشوائيا بين المجرات بل يتناسب
طردا مع بعد المجرة عن الرض ،أي أن سرعة ابتعاد المجرة عن الرض تتناسب مع بعدها
عن الرض .العالم ليس ساكنا إذ إنه يتوسع ،كانت مفاجأة أذهلت العديد من العلماء.
رغم أن ظاهرة التثاقل الموجودة في الكون كانت كافية لتدلنا أن الكون ل يمكن ان يكون سكونيا
بل يجب أن يتقلص تحت تأثير ثقالته ما لم يكن أساسا متوسعا أو يملك قوة مضادة للجاذبية ،فإن
نيوتن لم يناقش هذه الحالة و حتى آينشتاين رفض فكرة كون غير سكوني حتى أنه أضاف ثابتا
كونيا يعاكس الثقالة ليحصل على كون سكوني .الوحيد الذي قبل النسبية العامة كما هي و ذهب
بها إلى مداها كان ألكسندر فريدمان .
نتيجة ذلك حصل فريدمان على ثلثة نماذج تناقش حركية الكون و إمكانيات توسعه و تقلصه .
كان هذا يعني أن مصدر هذا الشعاع من خارج الرض ،و أنه ل يتأثر يحالت الليل و النهار و
ل اختلف الفصول مما يعني أيضا أنه خارج المجموعة الشمسية ،و حتى خارج مجرتنا ،و إل
فإن حركة الرض تغير جهة الجهاز و من المفروض ان تغير شدة الشعاع المشوش .
كان هذا الشعاع غريبا في تماثله في جميع نقاط العالم المرصود فهو ل يتغير من جهة رصد
لخرى و ل من نقطة لخرى .كان ديك و بيبلز من جهة اخرى يدرسان اقتراح غاموف )تلميذ
فريدمان( و الذي يقول أن العالم بما أنه كان عبارة عن جسم ساخن و كثيف جدا و مشع في بداية
أمره فإن إشعاعه ل بد أنه باق إلى الن .كما أن توسع الكون ل بد أن ينزاح نحو الحمر
)مفعول دوبلر( و ان يصبح بشكل إشعاع سنتمتري .
عندئذ أدرك بنزياس و ويلسون ان ما رصداه ما هو إل بقايا إشعاع الكون البدئي الذي أطلق عليه
لحقا اسم ) :إشعاع الخلفية الكونية الميكروي ( .
نماذج فريدمان
استنتج فريدمان من فرضيتيه نموذجا واحدا يتحدث عن كون يتوسع كالبالون بحيث أن جميع
البقع على سطح البالون تبتعد عن بعضها البعض .ل يوجد في هذا النموذج أي مركز للكون فل
يوجد أي شيء داخل النفاخة و الكون ل يمثل أكثر من هذا السطح المتوسع .يتحدث نموذج
فريدمان أيضا عن كون يتوسع بمعدل بطيء بحيث يصل إلى مرحلة توازن ثم يبدأ التثاقل
بتقليص الكون ليعود إلى حالته البدئية المضغوطة )في البداية تتزايد المسافات بين المجرات حتى
حد أعلى ثم تبدأ بالتناقص لتعود المجرات إلى التلصق من جديد .( .يتنبأ هذا النموذج أيضا
بانزياح طيف المجرات نحو الحمر بشكل متناسب مع بعد المجرات عنا )و هذا يتلئم مع نتائج
رصد هابل( .
عام 1935أوجد المريكي روبرتسون و البريطاني وولكر نموذجان إضافيان انطلقا من
فرضيتي فريدمان نفسهما ،في هذين النموذجين :يبدأ الكون بالتوسع من حالة كثيفة جدا بمعدل
توسع عال جدا لدرجة أن التثاقل ل يمكنه إيقاف هذا التوسع فيستمر التوسع إلى ما ل نهاية
)استمرار زيادة المسافات بين المجرات( ،في الحالة الخرى يبدأ الكون بالتوسع بمعدل متوسط
إلى ان يصل لمرحلة يتوازن بها التوسع مع التقلص الثقالي فيصبح في حالة ثابته ل تتوسع و ل
تتقلص )تصل المسافات بين المجرات إلى قيمة ثابتة ل تتغير بعدها (.
بناءا على قياسات النفجار الكوني باستخدام مستعر أعظم نمط Iأ Type Ia supernovaو
قياسات إشعاع الخلفية الميكروية الكونية ، cosmic microwave background radiation
و قياسات دوال الرتباط للمجرات ،يمكن حساب عمر الكون على أنه 0.2 ± 13.7مليار عام .
توافق هذه القياسات الثلثة يعتبر دليل قويا على ما يدعى نموذج لمبدا-سي دي ام Lambda-
CDM modelالذي يصف تفصيل طبيعة محتويات الكون .
الكون البدئي كان مملوءا بشكل متجانس بكثافة طاقية عالية و درجات حرارة و ضغط عاليين .
يقوم الكون بالتوسع و التبرد )كنتيجة لتوسعه( ليمر بمرحلة انتقال طور phase transition
مماثلة لتكاثف البخار أو تجمد الماء عند تبرده ،لكنها هنا انتقال طور للجسيمات الولية .
تقريبا بعد 35-10ثانية من فترة بلنك يؤدي النتقال الطوري إلى خضوع الكون لنمو أسي
exponential growthخلل مرحلة تدعى التوسع الكوني . cosmic inflationبعد توقف
التوسع ،تكون المكونات المادية للكون بشكل بلسما كوارك-غلوون quark-gluon plasma
و في حين يستمر الكون بالتوسع تستمر درجة الحرارة بالنخفاض .عند درجة حرارة معينة ،
يحدث انتقال غير معروف لحد الن يدعى اصطناع باريوني ، baryogenesisحيث يتم اندماج
الكوراكات و الباريونات معا لنتاج باريونات مثل البروتونات و النترونات ،منتجا أحيانا
اللتناظر الملحظ بين المادة و المادة المضادة .درجات حرارة أكثر انخفاضا بعد ذلك تؤدي
للمزيد من انتقالت الطوار الكاسرة للتناظر التي تنتج القوى الحالية في الفيزياء و الجسيمات
الولية كما هي حاليا .
10-43ثانية
تعرف فترة بزمن mبلنك .في هذه اللحظة تنفصل قوة الثقالة )الجاذبية ( عن القوى الثلثة الخرى التي تعرف مجتمعة بالقوة اللكترونووية .من
المفترض أن تقوم النظرية الكاملة للثقالة الكمومية مثل نظرية الوتار الفائقة بفهم جميع هذه الحداث المبكرة جدا لكن التفسيرات التي تقدمها نظرية
الوتار ما زالت محدودة .يقدر قطر الكون في هذه اللحظة من عمر الكون ب 35-10م و هو ما يعرف بطول بلنك .
10-36ثانية
انفصال القوى القوية عن القوة اللكترونووية لتصبح هذه الخيرة مؤلفة من نوعين من القوى فقط :القوة اللكترومغناطيسية و القوى النووية
الضعيفة .تعتتبر عادة الجسيمات المرافقة و المشاركة للقوى القوية أثقل من جسيمات المرافقة للقوتين الخريين لذا يعتقد بأنها تتشكل و تتكاثف في
مرحلة أبكر .
في هذه الفترة من الزمن الممتدة من 35-10ثانية و 33-10من المعتقد أن يتمدد الفضاء الكوني إلى حجم يقدر ب 32-10 :م إلى 22-10م .هذه الفترة على
غاية من الهمية بالنسبة لتشكل المادة حيث يكون سلوك القوى الكهرومغناطيسية و القوى الضعيفة متماثل بالنسبة للمادة و المادة المضادة بما أن هاتين
القوتين مندمجتين و تسلكان سلوك قوة وحيدة .و تقترح نظريات التوحيد الكبرى أن هذه الحالة الندماجية لهاتين القوتين تسمحان بتفاعلت جسيمية
تؤدي إلى تشكل المادة أكثر من المادة المضادة .في المراحل اللحقة حين يحدث النفصال ،يكون من المتعذر تأمين تشكل للمادة بشكل أكبر من
مادتها المضادة ،لذلك تشكل هذه المرحلة فترة ذهبية للتشكل المادي .