You are on page 1of 12

‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬

‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫«مادام ال ُيسمح لي بالتنقل وال بالسفر وال بالعمل‪ ،‬فإنني محتجز في سجن أضيق من ذلك‬
‫الذي غادرته إلى وهم الحرية‪».‬‬
‫حمادي الجبالي‪ ،‬سجين سياسي سابق‬
‫‪© AISPP‬‬

‫إن السجناء السياسيين الذين يُطلق سراحهم‬


‫من سجون تونس هم أبعد ما يكونون عن‬
‫الحرية‪ .‬فمنذ اليوم األول إلطالق سراحهم‪،‬‬
‫يواجه هؤالء الطلقاء تدابير خانقة وتعسفية‪،‬‬
‫من ضمنها الرقابة القمعية من جانب الشرطة‪،‬‬
‫واستجوابهم بشأن أنشطتهم اليومية‪،‬‬
‫ومراجعة مراكز الشرطة بشكل اعتيادي‪ .‬وتتم‬
‫إعادة القبض على بعضهم وحبسهم مرة أخرى‬
‫ال لسبب‪ ،‬إال ألنهم يمارسون حقهم في حرية‬
‫التعبير أو االشتراك في الجمعيات أو التجمع أو‬
‫التنقل‪ .‬ويُحرم بعضهم اآلخر من الحصول على‬
‫رعاية طبية‪ ،‬كما يُحرم معظمهم من حقهم‬
‫في الحصول على جوازات سفر‪ .‬وإن تعرضهم‬
‫للترهيب والمضايقة يعني أن معظمهم ال‬
‫يستطيع إيجاد عمل وأنهم جميعا ً يقاسون‬
‫األم ّرين من أجل بناء حياتهم‪.‬‬

‫ُيحرم السجناء السياسيون السابقون من حقهم‬


‫صورة أخذت من شريط فيديو إلحدى المظاهرات في تونس عام ‪ 2006‬لتأييد السجناء السياسيين‪.‬‬ ‫في حرية التعبير واالشتراك في الجمعيات‬
‫والتجمع والتنقل‪ .‬ويتعرض بعضهم للتهديدات‬
‫بهدف منعهم من الجهر بآرائهم أو المشاركة في‬
‫االجتماعات‪ .‬و ُتفرض قيود على حرية العديد منهم‬
‫إلى قائمة المسجونين بسبب تعبيرهم عن آرائهم‬ ‫تؤدي إلى إدامة معاقبة النشطاء إلى أجل غير‬ ‫في التنقل داخل تونس‪ ،‬و ُيحرمون من الحصول‬
‫أو القيام بأنشطة سلمية أخرى‪ .‬إن إجراءات‬ ‫مسمى على أفعالهم الماضية‪ ،‬وتفرض قيودا ً‬ ‫على جوازات سفر لمنعهم من السفر إلى الخارج‪.‬‬
‫الحكومة التونسية هذه تبرز عدم تسامحها الثابت‬ ‫مشددة على حقوقهم السياسية والمدنية‪ ،‬فضالً‬
‫مع أية معارضة أو انتقاد‪ ،‬في الماضي والحاضر‬ ‫عن حقوقهم االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬ ‫إن مثل هذه التدابير تفسد حياة المئات من‬
‫على حد سواء‪.‬‬ ‫وفي هذه األثناء ينضم نشطاء وأشخاص آخرون‬ ‫السجناء السياسيين السابقين وعائالتهم‪ .‬فهي‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪2‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫أيضا ً إلى جعل السجناء السياسيين السابقين‬ ‫القانون التونسي‪ ،‬الذي يعكس القوانين والمعايير‬ ‫وقد تع َّرض معظم السجناء السياسيين السابقين‬
‫ضحايا أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫الدولية‪ ،‬من قبيل العهد الدولي الخاص بالحقوق‬ ‫لالعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة والسجن‬
‫المدنية والسياسية‪ ،‬وقواعد األمم المتحدة‬ ‫مددا ً طويلة في أوضاع قاسية‪ .‬واح ُتجز بعضهم‬
‫وقد أُطلق سراح معظم السجناء السياسيين‬ ‫النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (القاعدة ‪،)64‬‬ ‫في الحبس االنفرادي لفترات طويلة‪ ،‬وبعضهم‬
‫السابقين بشروط‪ ،‬بعضهم بعد قضاء أكثر من‬ ‫والمبادئ األساسية لمعاملة السجناء (المبدأ ‪،)10‬‬ ‫اآلخر في زنازين مكتظة تفتقر إلى الشروط‬
‫عقد من الزمن في السجن‪ ،‬وبموجب قرارات عفو‬ ‫ينص في المادة ‪ 37‬من القانون عدد ‪2001-52‬‬ ‫الصحية األساسية‪ .‬وتع َّرض العديد منهم للتعذيب‬
‫رئاسية صدرت في مناسبات وطنية‪ .‬إن قرارات‬ ‫يتعلق بنظام السجون على أن‪:‬‬ ‫وغيره من ضروب إساءة المعاملة‪ ،‬بما فيها التهديد‬
‫العفو هذه يجب أن تكون عالمة إيجابية‪ .‬لكن إذا‬ ‫وحرم معظمهم من‬ ‫بإساءة المعاملة الجنسية‪ُ ،‬‬
‫ظلت عمليات مضايقة وترهيب المعتقلين ُتمارس‬ ‫«تهدف الرعاية االجتماعية للسجين إلى ‪...‬‬ ‫الرعاية الطبية الكافية‪.‬‬
‫بشكل اعتيادي عقب إطالق سراحهم‪ ،‬فإنها لن‬ ‫متابعة حالته عند اإلفراج عنه وتسهيل اندماجه‬
‫تكون عالمة على ازدياد التسامح مع المعارضين‪،‬‬ ‫في محيطه األصلي بالتنسيق مع الهياكل‬ ‫أما اآلن‪ ،‬وبعد قضاء سنوات وراء القضبان‪ ،‬فإن‬
‫وإنما على استمرار االنتقام منهم بسبب‬ ‫المختصة المعنية»‪.‬‬ ‫هؤالء السجناء السابقين يريدون استئناف حياتهم‬
‫معارضتهم‪ .‬وفي هذا رسالة مخيفة لكل شخص‬ ‫الطبيعية؛ يريدون أن يقضوا وقتا ً أطول في بيوتهم‬
‫في تونس بأن يفكر مليا ً قبل أن يجهر باحتجاجه‬ ‫إن السلطات التونسية لم تفشل في احترام هذه‬ ‫وأن يعوضوا أطفالهم عن السنين التي ضاعت؛‬
‫ضد السلطات‪.‬‬ ‫االلتزامات القانونية بمساعدة السجناء الذين يتم‬ ‫يريدون إحياء شبكة عالقاتهم االجتماعية ورؤية‬
‫إطالق سراحهم على إعادة االندماج في المجتمع‬ ‫أصدقائهم وجيرانهم؛ ويريدون كسب عيشهم‬
‫وعلى تأهيل وتعويض السجناء الذين تعرضوا‬ ‫إلعالة أُسرهم‪ .‬ولكن تعمل السلطات على مضاعفة‬
‫النتهاكات حقوق اإلنسان فحسب‪ ،‬وإنما تعمد‬ ‫العقبات وسحق أي أمل إلعادة بناء حياتهم‪.‬‬

‫صدوق شورو‬
‫كان��ون األول ‪ .2008‬وفي ‪ 4‬أبريل‪/‬نيس��ان ‪ ،2009‬أيدت‬ ‫ف��ي ‪ 5‬نوفمبر‪/‬تش��رين الثان��ي ‪ ،2008‬أُطل��ق س��راح‬
‫‪© Private‬‬

‫محكمة االس��تئناف التونس��ية ذلك الحكم‪ .‬وفي ‪22‬‬ ‫صدوق ش��ورو‪ ،‬وهو في الثانية والس��تين من العمر‪،‬‬
‫أبريل‪/‬نيس��ان‪ ،‬أبلغت إدارة س��جن «الناظ��ور» صدوق‬ ‫بعد قضاء ‪ 18‬عاماً في الس��جن‪ .‬وكان قد ُقبض عليه‬
‫شورو بأنه تمت مراجعة قرار إطالق سراحه المشروط‬ ‫في ع��ام ‪ 1991‬وأُدين في محاكم��ة جماعية أمام‬
‫في الحكم األول وإلغ��اؤه‪ ،‬وبأنه يجب أن يكمل قضاء‬ ‫محكمة عس��كرية بتهمة التآمر المزع��وم من أجل‬
‫الس��نة المتبقية من الحكم األول وقضاء مدة الحكم‬ ‫اإلطاحة بالحكومة من قبل حركة النهضة‪ ،‬التي كان‬
‫اإلضافي‪ .‬وم��ن المتوقع إطالق س��راحه في أكتوبر‪/‬‬ ‫يرئس��ها في ذلك الوق��ت‪ .‬وقد ُحكم عليه بالس��جن‬
‫تشرين األول ‪.2010‬‬ ‫المؤبد إثر محاكمة جائرة‪.‬‬

‫وخ�لال الس��نوات الثماني عش��رة الت��ي قضاها في‬ ‫وف��ي ‪ 3‬ديس��مبر‪/‬كانون األول ‪ُ ،2008‬قبض عليه في‬
‫الس��جن‪ ،‬نُق��ل صدوق ش��ورو م��رارا ً من س��جن إلى‬ ‫منـزله من قبل عش��رة من أف��راد إدارة أمن الدولة كانوا‬
‫آخر‪ ،‬وهو إجراء يعيق أنش��طة التضامن في أوس��اط‬ ‫يرت��دون مالب��س مدني��ة‪ .‬ولم تُبل��غ الس��لطات عائلته‬
‫الس��جناء السياس��يين ويفرض عليهم عقوبة إضافية‬ ‫بالمكان الذي اقتيد إليه‪ ،‬ولم تعرف زوجته أمنه مكان‬
‫بوضعهم في أماك��ن بعيدة عن عائالتهم‪ .‬وغالباً ما‬ ‫وجوده إال بع��د ثالثة أيام‪ .‬وفي األس��ابيع القليلة التي‬
‫ال يس��تطيع األقارب دفع تكاليف السفر مسافات طويلة‬ ‫أعقب��ت إطالق س��راحه‪ ،‬أج��رى مقابالت مع وس��ائل‬
‫بشكل منتظم‪ ،‬ولذلك ال يستطيعون تقديم المساعدة‬ ‫إع�لام عربية ح��ول تجربة الس��جن وأعرب ع��ن آرائه‬
‫السلطات إصدار جوازات سفر ألمنه واألطفال من دون‬ ‫المادية لذويهم المعتقلين‪.‬‬ ‫بشأن األوضاع السياسية في تونس‪ .‬وقال إنه يأمل في‬
‫تقديم أي تفسير‪ .‬وتعتقد العائلة أن السلطات تمنعهم‬ ‫الحصول عل��ى ترخيص لحركة النهض��ة المحظورة‬
‫كذلك من الحصول على وظائف عن طريق ممارسة‬ ‫لق��د أحدثت إع��ادة القبض على صدوق ش��ورو تأثيرا ً‬ ‫كي تتمكن من استئناف أنشطتها السياسية‪.‬‬
‫ضغوط على أصحاب العمل المحتملين‪.‬‬ ‫عميق��اً على زوجت��ه أمن��ه وأطفالهما‪ ،‬الذي��ن كانوا‬
‫بانتظ��ار إطالق س��راحه من��ذ ‪ 18‬عاماً‪ .‬وه��و محتجز‬ ‫وق��د اتُه��م ص��دوق ش��ورو «باالنتماء إل��ى منظمة‬
‫إن منظمة العفو الدولية تعتبر صدوق ش��ورو سجين‬ ‫اآلن في س��جن في بن��زرت‪ ،‬التي تق��ع على بعد ‪66‬‬ ‫وحكم‬‫محظ��ورة»‪ ،‬في إش��ارة إلى حركة النهض��ة‪ُ ،‬‬
‫رأي‪ ،‬وتطالب بإطالق سراحه فورا ً وبال قيد أو شرط‪.‬‬ ‫كيلومترا ً إلى الشمال من تونس العاصمة‪ .‬وقد رفضت‬ ‫علي��ه بالس��جن لمدة س��نة واحدة في ‪ 13‬ديس��مبر‪/‬‬

‫رقم الوثيقة‪MDE 30/003/2010 :‬‬ ‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪ 2010‬‬


‫‪3‬‬ ‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫السلطات تستخدم بواعث القلق «األمنية» كذريعة‬ ‫بعض األحيان إلى مصادمات عنيفة مع الشرطة‪.‬‬ ‫السجناء السياسيون‬
‫لقمع المعارضة في مختلف ألوان الطيف‬ ‫فقد أطلقت الشرطة النار على أحد الطلبة وأردته‬
‫السياسي‪ .‬فباإلضافة إلى اإلسالميين‪ ،‬كان من‬ ‫وسجن العديد‬‫قتيالً في سبتمبر‪/‬أيلول ‪ُ .1990‬‬ ‫في أعقاب تولي الرئيس زين العابدين بن علي‬
‫بين المستهدفين أعضاء حزب العمال الشيوعي‬ ‫ً‬
‫من أعضاء حركة النهضة وأنصارها مددا وصلت‬ ‫مقاليد السلطة في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪،1987‬‬
‫التونسي المحظور‪ ،‬وحركة الديمقراطيين‬ ‫إلى ثالث سنوات بتهم العضوية في منظمة‬ ‫شهدت العالقات بين الحزب الحاكم وبعض‬
‫االشتراكيين والنقابات العمالية‪.‬‬ ‫غير مشروعة‪ ،‬وعقد اجتماعات غير مرخص لها‬ ‫عناصر المعارضة تدهورا ً سريعاً‪ .‬وكي تقيِّد نمو‬
‫واالشتراك في أنشطة عنيفة‪ .‬وفي الوقت الذي قام‬ ‫الحركات اإلسالمية التي ازدادت شعبيتها‪ ،‬قامت‬
‫أما اليوم‪ ،‬فإن كل شخص ُيشتبه في معارضته‬ ‫بعض النشطاء اإلسالميين بأعمال عنف فردية‬ ‫السلطات بحظر تشكيل األحزاب على أسس دينية‪.‬‬
‫للحكم أو انتقاده له يصبح عرضة للمضايقة‬ ‫معزولة في مطلع التسعينيات‪ ،‬فإن قيادة حركة‬ ‫فحاولت الحركة اإلسالمية األكبر في البالد تشكيل‬
‫واالعتقال التعسفي واالعتقال بمعزل عن العالم‬ ‫النهضة ما فتئت تشجب أعمال العنف‪ ،‬ونفت أن‬ ‫حزب سياسي باسم «حركة النهضة»‪ ،‬ولكنه لم‬
‫الخارجي والتعذيب والسجن بعد محاكمة جائرة‪.‬‬ ‫يكون أعضاؤها مسؤولين عن تلك األفعال‪.‬‬ ‫يحصل على ترخيص قانوني في يونيو‪/‬حزيران‬
‫وقد ُقبض على مئات‪ ،‬وربما آالف األشخاص‬ ‫‪ ،1989‬وأعقب ذلك شن حملة قمعية واسعة‬
‫بموجب قانون مكافحة اإلرهاب لعام ‪ ،2003‬وهؤالء‬ ‫وفي يوليو‪/‬تموز وأغسطس‪/‬آب ‪ ،1992‬أصدرت‬ ‫النطاق ضد النشطاء اإلسالميين وأنصارهم‪.‬‬
‫هم عادة من الشباب الذين يرتادون المساجد‬ ‫محاكم عسكرية في بوشوشة وباب سعدون‬
‫ويناقشون أفكارا ً دينية‪ .‬ومن بين المستهدفين‬ ‫أحكاما ً بالسجن وصلت إلى السجن المؤبد‬ ‫خالل السنة الدراسية ‪ ،1991/1990‬وفي أعقاب‬
‫اآلخرين أعضاء في االتحاد العام لطلبة تونس‬ ‫بحق ‪ 265‬من قادة حركة النهضة وأعضائها‬ ‫المظاهرات التي اندلعت والمصادمات التي وقع‬
‫ونشطاء في المعارضة السياسية ونقابيون وأعضاء‬ ‫إثر محاكمات جائرة شابتها مزاعم التعذيب‬ ‫معظمها بين طلبة الجامعات وقوات األمن‪ُ ،‬قبض‬
‫في الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي‬ ‫وغيره من ضروب إساءة المعاملة‪ .‬وقد ُوجهت‬ ‫على آالف من أعضاء حركة النهضة وأنصارها‬
‫رفضت السلطات منحها تراخيص‪ ،‬وصحفيون ممن‬ ‫إليهم تهم التآمر لإلطاحة بالحكم واالنتماء إلى‬ ‫المزعومين‪ .‬وخالل مظاهرات االحتجاج‪ ،‬قام بعض‬
‫ينتقدون الحكم أو الفساد المزعوم‪.‬‬ ‫منظمة محظورة‪ .‬ومنذ ذلك الوقت ما انفكت‬ ‫الطلبة بإلقاء الحجارة‪ ،‬وتحولت المظاهرات في‬

‫قوانين القمع‬
‫تصل إلى ستة أشهر‪ ،‬أو بالسجن مدة تصل إلى‬ ‫بحسب (المادة ‪ )9‬وأنه يجوز للسلطات حظر أية‬ ‫تنص المادة ‪ 8‬من الدستور التونسي على أن «حرية‬
‫خمس سنوات لكل من يشارك بشكل مباشر أو غير‬ ‫مظاهرة يمكن أن تخل بالسالمة العامة والنظام‬ ‫الفكر والتعبير والصحافة والنشر واالجتماع وتأسيس‬
‫مباشر في اإلبقاء على منظمة غير مرخص لها أو‬ ‫العام (المادة ‪ ،)12‬وأن أي تجمع يمكن أن يخل‬ ‫الجمعيات مضمونة وتُمارس حسبما يضبطه‬
‫محظورة أو في إعادة تشكيلها (المادة ‪.)30‬‬ ‫بالسلم العام ممنوع على الطرق العامة واألماكن‬ ‫القانون‪ »...‬بيد أن هذه الحقوق محدودة بقوانين‬
‫العامة (المادة ‪ .)13‬كما ينص نفس القانون على‬ ‫ومراسيم وأنظمة أخرى‪.‬‬
‫ويتضمن قانون العقوبات وقانون الصحافة عددا ً‬ ‫وجوب إبالغ السلطات قبل عقد أي اجتماع عام‪.‬‬
‫من األحكام المصوغة بشكل غامض‪ ،‬والتي تج ِّرم‬ ‫وهناك بعض النصوص القانونية التي صيغت‬
‫نشر أخبار كاذبة بهدف تعكير صفو النظام العام‬ ‫ويشترط تعميم صدر عن وزارة التعليم العالي‬ ‫خصيصاً لتحديد نطاق هذه الحقوق‪ ،‬ونصوص‬
‫(الفصل ‪ 49‬من قانون الصحافة) و»التحريض على‬ ‫في يناير‪/‬كانون الثاني ‪ 1997‬على كل من يقوم‬ ‫أخرى تفسرها السلطات التونسية وتطبقها بطرق‬
‫الثورة» بالخطب العامة أو الملصقات أو الكتابات‬ ‫بتنظيم اجتماع أو مؤتمر أن يقدم طلباً مسبقاً إلى‬ ‫تق ِّيد هذه الحقوق‪ .‬إن هذه القيود‪ ،‬التي يجري‬
‫(الفصل‪ 121‬من القانون العقوبات)‪ .‬كما تتضمن‬ ‫وزير الداخلية يتضمن قائمة بأسماء المشاركين‬ ‫تبريرها باسم حماية النظام العام‪ ،‬تعتبر منافية‬
‫المادتان ‪ 245‬من قانون العقوبات و ‪ 50‬من قانون‬ ‫وجدول األعمال والتفاصيل المتعلقة بزمان ومكان‬ ‫للدستور التونسي واللتزامات تونس المنصوص‬
‫الصحافة تعريفات فضفاضة لجرائم التشهير‪.‬‬ ‫االجتماع‪ .‬وبموجب هذا التعميم‪ ،‬حظرت السلطات‬ ‫عليها في الصكوك الدولية لحقوق اإلنسان التي‬
‫ويحظر الفصل ‪ 121‬من قانون العقوبات توزيع‬ ‫االجتماعات في المنازل الخاصة أو داهمتها‪.‬‬ ‫صدقت عليها‪.‬‬
‫َّ‬
‫المناشير والنشرات والكتابات األجنبية المصدر أو‬
‫غيرها التي من شأنها تعكير صفو النظام العام أو‬ ‫وينص القانون عدد ‪ 154-59‬مؤرخ في ‪ 7‬نوفمبر‪/‬‬ ‫فالقانون عدد ‪ 4‬المؤرخ في ‪ 24‬يناير‪/‬كانون الثاني‬
‫النيل من «األخالق الحميدة»‪ ،‬وكذلك بيعها وعرضها‬ ‫تشرين الثاني ‪ ،1959‬يتعلق بالجمعيات‪ ،‬على‬ ‫‪ ،1969‬والذي ينظم االجتماعات العامة والمواكب‬
‫على العموم بنية ترويجها أو بيعها أو عرضها‬ ‫معاقبة كل من يشارك في اجتماع لمنظمة غير‬ ‫واالستعراضات والمظاهرات والتجمهر‪ ،‬ينص على‬
‫لغرض دعائي‪.‬‬ ‫مرخص لها أو محظورة (المادة ‪ )29‬بالسجن مدة‬ ‫أنه يجب اإلعالن مسبقاً عن مثل هذه التجمعات‬

‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫رقم الوثيقة‪ MDE 30/003/2010 :‬‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪4‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫العديد من السجناء السابقين يرفضون مراجعة‬ ‫أي شرط لمراجعة الشرطة‪ ،‬وإنما يشترط‬ ‫المضايقة الناجمة عن‬
‫الشرطة‪ ،‬األمر الذي يع ِّرضهم لخطر االنتقام‪.‬‬ ‫إبالغها بتغيير العنوان فقط‪ .‬أما في الممارسة‬ ‫المراقبة اإلدارية‬
‫العملية فإن أفراد الحرس الوطني أو إدارة أمن‬
‫الدولة‪ ،‬الذين يتمتعون بالسلطة على المنطقة‬ ‫يخضع معظم السجناء السياسيين إلى تدابير‬
‫حرية التنقل‬ ‫التي يعيش فيها السجين‪ ،‬هم الذين يحددون‬ ‫المراقبة اإلدارية عقب إطالق سراحهم‪.‬‬
‫وتيرة مراجعة الشرطة‪ .‬ويخضع أفراد إدارة‬ ‫و ُتفرض تدابير رقابة إدارية إضافية على‬
‫إن الدستور التونسي يحمي الحق في حرية‬ ‫أمن الدولة‪ ،‬الذين غالبا ً ما يشار إليهم على أنهم‬ ‫السجناء السياسيين كجزء من األحكام الصادرة‬
‫التنقل‪ ،‬وينص على أن « لكل مواطن حرية التنقل‬ ‫«البوليس السياسي»‪ ،‬لسلطة وزارة الداخلية‪،‬‬ ‫بحقهم (أحكام إضافية)‪ ،‬وغالبا ً ما ُيطلب منهم‬
‫داخل البالد وإلى خارجها واختيار مقر إقامته‬ ‫ويلعبون دورا ً مركزيا ً في مراقبة النشطاء‬ ‫مراجعة مركز الشرطة المحلي بشكل منتظم‬
‫في حدود القانون» (الفصل ‪ .)10‬وهذا أيضاً ما‬ ‫السياسيين إلى جانب األشخاص الذين ُينظر‬ ‫بعد اإلفراج عنهم‪.‬‬
‫يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬ ‫إليهم على أنهم يشكلون تهديدا ً للدولة‪ ،‬ومن‬
‫والسياسية‪ .‬ومع أن المادة ‪ 12‬من العهد الدولي‬ ‫بينهم اإلسالميون ونشطاء حقوق اإلنسان‬ ‫بيد أن هذه التدابير غير منصوص عليها في‬
‫تنص على أنه يجوز بموجب القانون تقييد الحق‬ ‫والصحفيون‪ .‬وقد تك َّرس إلزام السجناء بمراجعة‬ ‫القانون بشكل كامل‪ .‬فالقانون الجزائي ينص‬
‫في حرية التنقل واختيار مكان اإلقامة داخل‬ ‫مركز شرطة معين في أوقات محددة في‬ ‫على أن «يخول الحكم بالمراقبة اإلدارية للسلطة‬
‫حدود بلد معين والحق في مغادرة ذلك البلد‪،‬‬ ‫الممارسة العملية من دون أي سند قانوني‪.‬‬ ‫اإلدارية حق تعيين مكان إقامة المحكوم عليه‬
‫فإن هذه القيود يجب أن تكون ضرورية لحماية‬ ‫عند انقضاء مدة عقوبته وتغيير مكان إقامته‬
‫األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة‬ ‫أما وتيرة مراجعة مراكز الشرطة فإنها تتحدد‬ ‫كلما رأت ضرورة لذلك» (الفصل ‪ .)23‬كما‬
‫أو اآلداب العامة أو حقوق اآلخرين أو حرياتهم‪،‬‬ ‫بشكل تعسفي وتختلف من سجين إلى آخر‪.‬‬ ‫ينص على أنه «ال يسوغ للمحكوم عليه مبارحة‬
‫و «يجب أال تبطل مبدأ حرية التنقل» كما تقول‬ ‫وهي غالبا ً ما تكون بشكل يومي في السنة‬ ‫المكان الذي حددت إقامته به بدون رخصة»‬
‫لجنة حقوق اإلنسان‪ .‬وال يجوز فرض قيود على‬ ‫األولى‪ ،‬ومرة واحدة في األسبوع خالل السنوات‬ ‫(الفصل ‪.)24‬‬
‫حرية التنقل إال في حالة الضرورة القصوى‪ ،‬وإذا‬ ‫التالية‪ .‬ونظرا ً ألن التدابير غير محددة تماما ً‬
‫كانت ال تنطوي على تمييز‪ ،‬وكانت متناسبة من‬ ‫في القانون أو في أمر المراقبة اإلدارية‪ ،‬فإن‬ ‫وفي معظم الحاالت‪ ،‬ال يذكر أمر المراقبة اإلدارية‬
‫حيث تأثيرها ومدتها‪ .‬بيد أن من الواضح أن القيود‬
‫المفروضة على السجناء السياسيين السابقين ال‬
‫تفي بهذه المعايير‪.‬‬ ‫طاهر الحراثي‬

‫‪© Private‬‬
‫وقالت لجنة حقوق اإلنسان‪ ،‬التي تراقب تنفيذ‬ ‫عقب إطالق س��راحه المش��روط في نوفمبر‪/‬تشرين‬
‫العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬ ‫الثاني ‪ 2005‬بعد قضاء ‪ 15‬عاماً في الس��جن‪ ،‬أُخضع‬
‫والسياسية إنه «ما دام السفر الدولي يقتضي توفر‬ ‫طاه��ر الحراثي لتدابير المراقب��ة اإلدارية لمدة خمس‬
‫الوثائق المالئمة‪ ،‬والسيما جواز السفر‪ ،‬فإن الحق‬ ‫س��نوات‪ .‬ففي السنة األولى‪ ،‬كان عليه أن يراجع مركز‬
‫في مغادرة البالد يشمل الحق في الحصول‬ ‫الشرطة يومياً‪ .‬وحتى ديسمبر‪/‬كانون األول ‪ ،2008‬كان‬
‫على وثائق السفر الضرورية‪ ».‬فجواز السفر يوفر‬ ‫علي��ه أن يراجعه مرة كل أس��بوع‪ .‬ومنذ ذلك الوقت لم‬
‫الوسيلة العملية لممارسة الحق في حرية‬ ‫يُسمح له بمغادرة مدينة سيدي عمر بوحجله‪ ،‬حيث‬
‫التنقل‪ .‬وينص القانون التونسي عدد ‪ 40-75‬المؤرخ‬ ‫يعيش‪ ،‬من دون الحصول على ترخيص مس��بق من‬
‫في ‪ 14‬مايو‪/‬أيار ‪ 1975‬والمتعلق بجوازات السفر‬ ‫الشرطة‪ .‬وفي أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪ُ ،2006‬حكم على‬
‫ووثائق السفر في الفصل ‪ 13‬على أن لجميع‬ ‫طاهر الحراثي بالس��جن لمدة ش��هرين بسبب خرقه‬
‫المواطنين التونسيين الحق في الحصول على‬ ‫ألمر المراقبة اإلدارية‪ .‬فقد ذهب إلى تونس العاصمة‬
‫جواز سفر وتجديده‪.‬‬ ‫لزيارة ش��قيقته‪ ،‬التي وقعت ف��ي غيبوبة إثر تعرضها‬
‫لحادث سيارة‪ .‬وقد قدم طلباً خطياً إلى مركز الشرطة‪،‬‬
‫وفي الواقع‪ ،‬فإن معظم السجناء السياسيين‬ ‫ولكنه لم يتلق ردا ً عليه بعد مرور أس��بوع‪ ،‬فقرر السفر‬
‫السابقين يخضعون لقيود غير ضرورية على‬ ‫إلى العاصمة‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬يتم اس��تدعاؤه إلى‬
‫حريتهم في التنقل داخل تونس‪ ،‬ويُحرمون من‬ ‫مركز الشرطة وتهديده بالسجن إذا غادر المدينة‪.‬‬
‫الحصول على جوازات سفر ألسباب تعسفية‪.‬‬

‫رقم الوثيقة‪MDE 30/003/2010 :‬‬ ‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪ 2010‬‬


‫‪5‬‬ ‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫خارج البالد أو خارج منطقة إقامتهم‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى أوامر المراقبة اإلدارية التي‬ ‫في الوقت الحاضر تعتبر وتيرة مراجعة‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن السجناء السياسيين‬ ‫تصدرها المحاكم‪ ،‬فقد فرض أفراد أمن الدولة‬ ‫الشرطة المطلوبة من معظم السجناء‬
‫غالبا ً ما ال ُيسمح لهم بزيارة أفراد‬ ‫على السجناء السياسيين تدابير تعسفية تصل‬ ‫السابقين أقل قسوة مما كانت عليه‬
‫عائالتهم أو أصدقائهم أو تلبية مواعيدهم‬ ‫ً‬
‫مصحوبة‬ ‫إلى حد أوامر المراقبة اإلدارية‪،‬‬ ‫بالنسبة لمحمد بن نجمة الذي كان عليه‬
‫الطبية في مدينة أخرى‪ .‬وفي حالة‬ ‫بتهديدات بالحبس‪ .‬بل قاموا في بعض‬ ‫أن يراجع الشرطة حوالي ‪ 28‬مرة في‬
‫مخالفة هذه الشروط‪ ،‬فإنهم ُيسجنون‬ ‫الحاالت بتمديد فترة المراقبة اإلدارية من دون‬ ‫األسبوع خالل السنتين األوليين بعد إطالق‬
‫أو ُيهددون بالسجن‪ .‬وحتى إذا تقيدوا‬ ‫إعطاء تفسير‪.‬‬ ‫سراحه في عام ‪ ،1997‬ولكنها تظل ثقيلة‬
‫تماما ً بشروط المراقبة اإلدارية‪ ،‬فإنهم في‬ ‫إلى حد أنها تمنع السجناء السابقين من‬
‫بعض األحيان ُيهددون بأنهم س ُيتهمون‬ ‫يتعين على األشخاص الخاضعين ألوامر‬ ‫الحصول على عمل مدفوع األجر ويعيق‬
‫بمخالفة الشروط‪.‬‬ ‫المراقبة اإلدارية طلب إذن للسفر إلى‬ ‫إعادة اندماجهم في المجتمع‪.‬‬

‫عبدالله زواري‬

‫‪© Private‬‬
‫خارج منـزله وظلوا يتعقبونه كلما غادره‪ .‬ولم يُس��مح‬ ‫على بعد نح��و ‪ 500‬كيلومتر م��ن منـزله في تونس‬
‫له بالس��فر إلى أبعد م��ن ‪ 30‬كيلومترا ً خارج حاس��ي‬ ‫العاصم��ة‪ ،‬حيث تعي��ش زوجته وأطفال��ه‪ .‬وفي ‪19‬‬
‫جربي من دون إذن‪ ،‬وتم تجاهل طلباته بأن يُس��مح له‬ ‫أغس��طس‪/‬آب‪ ،‬بعد مرور بضعة أي��ام‪ُ ،‬قبض عليه إثر‬
‫بزيارة زوجته وأطفاله في العاصمة تونس‪ .‬وقد ُسمح‬ ‫تقديم استئناف أمام المحكمة اإلدارية طعن فيه بأمر‬
‫لعائلت��ه بزيارته في حاس��ي جرب��ي‪ ،‬ولكنها لم تكن‬ ‫وزير الداخلية‪ .‬وقد أدين في النهاية إثر محاكمة جائرة‬
‫قادرة على دفع تكاليف السفر في أغلب األحيان‪.‬‬ ‫وحكم‬ ‫بس��بب عدم انصياعه لتدابير المراقبة اإلدارية‪ُ ،‬‬
‫عليه بالسجن ثمانية أشهر‪.‬‬
‫وخ�لال تلك الس��نوات‪ ،‬ح��اول عبدالل��ه زواري العمل‬
‫كصحفي‪ ،‬ونشر في المواقع اإلخبارية التونسية على‬ ‫وبعد إطالق سراحه‪ ،‬أُخضع لمراقبة الشرطة وتعرض‬
‫ش��بكة االنترنت‪ ،‬من قبيل «نواة» أو «تونس نيوز»‪ .‬ولكن‬ ‫لمضايقتها‪ .‬وأُدين مرة أخرى في عام ‪ 2003‬بس��بب‬
‫لم يُس��مح له بزيارة مقاهي االنترنت‪ ،‬ولم يتمكن من‬ ‫وحكم عليه بالسجن ‪13‬‬‫مخالفته ألمر المراقبة اإلدارية ُ‬
‫حد من‬
‫توصيل منـزله بش��بكة االنترن��ت‪ ،‬األمر ال��ذي َّ‬ ‫شهراً‪ .‬وقد أُطلق سراحه في سبتمبر‪/‬أيلول ‪.2004‬‬
‫ف��رص العمل المتاح��ة له‪ .‬وعندما ح��اول فتح محل‬
‫تج��اري صغير‪ ،‬قام��ت الس��لطات بإغالقه م��ن دون‬ ‫ف��ي ‪ 3‬يونيو‪/‬حزي��ران ‪ ،2007‬وقبل يومي��ن من موعد‬
‫إعطاء أي مبرر قانوني‪.‬‬ ‫انتهاء م��دة المراقبة اإلدارية البالغة خمس س��نوات‪،‬‬
‫أبلغ��ه رئي��س مرك��ز ش��رطة حاس��ي جرب��ي بأن��ه‬
‫وفي سبتمبر‪/‬أيلول ‪ُ ،2009‬قبض عليه مرة أخرى في‬ ‫ت��م تمدي��د فت��رة المراقب��ة اإلداري��ة لس��تة وعش��رين‬
‫حاسي جربي وتم استجوابه بشأن صالته بمنظمات‬ ‫شهرا ً آخر‪ .‬ورفضت الشرطة إعطاءه ذلك القرار خطياً‪،‬‬
‫حقوق اإلنس��ان وعمل��ه كصحفي‪ .‬ورف��ض التوقيع‬ ‫وقال��ت إنها كانت تتبع األوامر لي��س إال‪ .‬وفي ‪ 16‬يونيو‪/‬‬ ‫ف��ي ‪ 6‬يونيو‪/‬حزي��ران ‪ ،2002‬أُطلق س��راح الصحفي‬
‫وهدد بنش��ر فيلم‬
‫عل��ى تعهد بعدم كتاب��ة مقاالت‪ُ ،‬‬ ‫حزي��ران‪ ،‬ق��دم عبدالل��ه زواري ش��كوى ض��د تمديد‬ ‫عبدالل��ه زواري بع��د قض��اء ‪ 11‬عام��اً ف��ي الس��جن‬
‫يزع��م أنه يُظهره متورطاً في عالقات جنس��ية إذا لم‬ ‫المراقب��ة اإلداري��ة إلى مكت��ب المدع��ي العام في‬ ‫بس��بب عضويته في حركة النهضة‪ .‬وقد ُحكم عليه‬
‫يوقف نشاطه الصحفي وأنشطته في مجال حقوق‬ ‫مدنين‪ ،‬ولكن دون جدوى‪.‬‬ ‫بخمس سنوات إضافية تحت المراقبة اإلدارية‪ .‬وفي ‪2‬‬
‫اإلنسان‪ .‬وقد أهانته الشرطة وهددته بالعنف الجسدي‪.‬‬ ‫أغس��طس‪/‬آب ‪ ،2002‬أبلغه رئيس مركز الشرطة الذي‬
‫وال يزال أفراد يرتدون مالب��س مدنية يراقبون منـزل عبد‬ ‫وحتى ‪ 2‬أغسطس‪/‬آب ‪ ،2009‬عندما ُرفعت إجراءات‬ ‫كان علي��ه أن يراجعه ب��أن وزارة الداخلية طلبت منه أن‬
‫الل��ه زواري ويتعقبونه من وقت إلى آخر عندما يخرج‬ ‫المراقبة اإلدارية‪ ،‬عاش عبدالله زواري تحت رقابة دائمة‬ ‫يقض��ي مدة حك��م المراقبة اإلداري��ة‪ ،‬وهي خمس‬
‫منه‪ .‬بيد أنه اآلن حر في السفر داخل تونس‪.‬‬ ‫من قبل الش��رطة‪ .‬وتمركز أفراد شرطة بمالبس مدنية‬ ‫س��نوات‪ ،‬في قرية حاس��ي جربي بجن��وب تونس‪،‬‬

‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫رقم الوثيقة‪ MDE 30/003/2010 :‬‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪6‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫عليهم أسئلة حول أنشطتهم‪ .‬وفي بعض األحيان‬ ‫و ُتقيد حريتهم في التنقل‪ .‬ومن الواضح أن المراقبة‬ ‫المراقبة والترهيب‬
‫يطلب أفراد أمن الدولة رؤية بطاقات هوية زوار‬ ‫ُتنفذ كشكل من أشكال ترهيب السجناء السابقين‬
‫السجناء‪ .‬ونتيجة لذلك غالبا ً ما يشعر األقارب‬ ‫وعائالتهم وأصدقائهم‪.‬‬ ‫غالبا ً ما يعمد أفراد األمن إلى استجواب السجناء‬
‫واألصدقاء بالخوف الشديد من زيارة السجناء‬ ‫السياسيين بشأن أنشطتهم اليومية‪ ،‬سواء كانوا‬
‫السابقين أو االتصال بهم‪ ،‬األمر الذي يضعهم في‬ ‫وفي بعض األحيان يزور أفراد أمن الدولة‬ ‫خاضعين للمراقبة اإلدارية أم ال‪ .‬إذ تتم مراقبتهم‬
‫حالة من العزلة‪.‬‬ ‫منازل السجناء السياسيين السابقين وأقاربهم‬ ‫وتع ُّقبهم من قبل أفراد تابعين لجهاز أمن الدولة‬
‫وأصحاب العمل الذين يش ِّغلونهم ويطرحون‬ ‫بمالبس مدنية‪ ،‬و ُيمنعون من حضور االجتماعات‪،‬‬

‫عبدالكريم هاروني‬
‫«إن هذه المضايقة محاولة‬
‫‪© Private‬‬

‫لعزلي عن المجتمع‪ .‬فإيجاد‬


‫عمل أو الزواج أو زيارة األصدقاء‬
‫واألقرباء تعتبر من المهمات‬
‫الصعبة‪ .‬وثمة مناخ من الخوف‬
‫يخيم على أفراد عائلتي‬
‫وجيراني وأصدقائي‪ ،‬الذين ال‬
‫يجرؤون على زيارتي‪».‬‬
‫عبدالكريم هاروني‬

‫منذ إطالق س��راحه بش��روط ف��ي ‪ 7‬نوفمبر‪/‬تش��رين‬


‫الثاني ‪ ،2007‬بعد قضاء أكثر من ‪ 16‬عاماً في السجن‪،‬‬
‫ظ��ل عبدالكري��م هارون��ي‪ ،‬وهو مهن��دس عمره ‪49‬‬
‫عام��اً‪ ،‬تحت المراقبة المكش��وفة لق��وات األمن‪ .‬وقد‬
‫أُخضع لتدابي��ر المراقبة اإلدارية لم��دة عامين‪ .‬ورفض‬
‫مراجعة الش��رطة ألن ذلك لم يكن مش��موالً في أمر‬
‫المؤتمر الذي نظمه الحزب الديمقراطي التقدمي‪،‬‬ ‫اإلع�لام وعدم إج��راء اتص��االت بالمنظم��ات الدولية‬ ‫المراقبة اإلدارية الذي حكمت به المحكمة‪.‬‬
‫مس��جل قانونياً‪ ،‬في‬
‫َّ‬ ‫وهو حزب سياس��ي مع��ارض‬ ‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫يوليو‪/‬تم��وز و ُدعي��ت إلي��ه منظم��ات غي��ر حكومية‬ ‫ومن��ذ أبريل‪/‬نيس��ان ‪ ،2008‬عندما ان ُتخب أمين��اً عاماً‬
‫لحقوق اإلنس��ان‪ .‬وفي أغس��طس‪/‬آب شابت عرسه‬ ‫وف��ي س��بتمبر‪/‬أيلول ‪ ،2008‬منع��ه أفراد م��ن جهاز‬ ‫لمنظمة حرية و إنصاف – وهي منظمة غير حكومية‬
‫ظالل من الترهي��ب واإلزعاج فرضها أف��راد أمن الدولة‪.‬‬ ‫أم��ن الدولة يرتدون مالبس مدنية م��ن دخول مباني‬ ‫تعن��ى بحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬لم تس��مح لها الس��لطات‬
‫وف��ي أكتوبر‪/‬تش��رين األول‪ُ ،‬قب��ض عليه في الش��ارع‬ ‫ومن��ع األعضاء اآلخرون في‬
‫منظمة حرية و إنصاف‪ُ .‬‬ ‫بالتسجيل القانوني – ظل عبدالكريم هاروني خاضعاً‬
‫واس�� ُتجوب بش��أن عمله وأنش��طته‪ ،‬وازدادت مراقبة‬ ‫هذه المنظمة من زيارته في منـزله‪.‬‬ ‫للمراقبة الش��رطية الدائمة من قبل عدد من أفراد أمن‬
‫الشرطة أمام منـزله الجديد‪ ،‬الذي أُرغم على إخالئه‬ ‫الدولة الذين يركبون دراجات نارية أو يستقلون سيارات‪.‬‬
‫نتيج��ة لضغوط مورس��ت على مالكه به��دف إنهاء‬ ‫وفي ع��ام ‪ 2009‬واجه عبدالكريم هاروني سلس��لة‬
‫اإليجار بحسب ما ورد‪.‬‬ ‫م��ن اإلج��راءات القمعية‪ .‬فف��ي يناير‪/‬كان��ون الثاني‪،‬‬ ‫وف��ي يونيو‪/‬حزي��ران ‪ُ ،2008‬قب��ض علي��ه مرتين بعد‬
‫نظمه المعهد العربي لحقوق‬ ‫وأثناء انعقاد مؤتم��ر َّ‬ ‫إجراء مقابلة مع قناة الحوار التونسي التلفزيونية حول‬
‫إن للمضايقة التي يتعرض لها مضاعفات سلبية على‬ ‫اإلنسان في تونس العاصمة‪ُ ،‬منع من مغادرة منـزله‪.‬‬ ‫المضايق��ات التي يتعرض لها أعض��اء منظمة حرية‬
‫رفاهه االقتصادي واالجتماعي ألنه ال يستطيع االلتقاء‬ ‫وف��ي مايو‪/‬أيار‪ ،‬اح ُتجز لمدة س��اعتين بذريعة وجود‬ ‫و إنص��اف‪ .‬وعلى الرغ��م من الضغ��وط والتهديدات‬
‫بأي أشخاص أو القيام بأية أنشطة اجتماعية‪ ،‬ويعيش‬ ‫مذكرة اعتقال مؤرخة في عام ‪ .1991‬وتعرض لمزيد‬ ‫بالس��جن التي تعرض له��ا‪ ،‬فقد رف��ض التوقيع على‬
‫في ظل خوف دائم من تدخل قوات األمن‪.‬‬ ‫من المراقبة والمضايقة في الفترة التي سبقت انعقاد‬ ‫تعهد بعدم إج��راء مقابالت أو اإلدالء ببيانات لوس��ائل‬

‫رقم الوثيقة‪MDE 30/003/2010 :‬‬ ‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪ 2010‬‬


‫‪7‬‬ ‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫و ُيمنع معظم السجناء السياسيين السابقين من‬ ‫استمرار القمع والخنق‬ ‫حمادي الجبالي‬
‫زيارة غيرهم من السجناء السياسيين السابقين‬ ‫االقتصادي‬
‫وأعضاء المنظمات غير الحكومية وأحزاب‬

‫‪© Private‬‬
‫المعارضة السياسية‪ .‬وغالبا ً ما يقوم أفراد أمن‬ ‫أُعيد القبض على سجناء سياسيين سابقين و ُقدموا‬
‫الدولة بحصارهم داخل منازلهم‪ ،‬أو تحذيرهم‬ ‫إلى القضاء بسبب استئناف أنشطتهم السياسية‬
‫من مغبة مغادرتها تحت طائلة إعادة اعتقالهم‪،‬‬ ‫السلمية أو انتقاد الحكومة علناً‪ .‬وتعرض بعضهم‬
‫وذلك من أجل منعهم من المشاركة في االجتماعات‬ ‫للمضايقة والترهيب بهدف منعهم من ممارسة‬
‫السياسية أو مؤتمرات حقوق اإلنسان‪ .‬وغالبا ً ما‬ ‫حقهم في حرية التعبير واالشتراك في الجمعيات‬
‫ُيمنع السجناء السابقون جسديا ً من دخول المباني‬ ‫والتجمع‪ ،‬وهو ما يشكل انتهاكا ً للمواد ‪،21 ،19‬‬
‫التي تعقد فيها االجتماعات‪.‬‬ ‫‪ 22‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية والدستور التونسي‪.‬‬

‫علي العريض‬
‫منذ إطالق س��راحه في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪2004‬‬

‫‪© Private‬‬
‫بع��د قضاء ‪ 14‬عام��اً في الس��جن‪ُ ،‬قبض على علي‬
‫العريض‪ ،‬وهو مهندس بالممارس��ة عم��ره ‪ 54‬عاماً‪،‬‬
‫أكث��ر من ‪ 20‬م��رة واقتي��د إل��ى وزارة الداخلي��ة أو أحد‬
‫مراكز الشرطة في إحدى المناطق الستجوابه بشأن‬ ‫في فبراير‪/‬شباط ‪ ،2006‬أُطلق سراح حمادي الجبالي‬
‫تصريحات��ه لوس��ائل اإلع�لام وتنقالته وأنش��طته‪ .‬كما‬ ‫البالغ من العمر ‪ 60‬عاماً‪ ،‬وهو مهندس ورئيس تحرير‬
‫تم تحذي��ره مرارا ً من المش��اركة ف��ي فعاليات عامة‬ ‫سابق لمطبوعة «الفجر» اإلسالمية‪ ،‬وكانت محكمة‬
‫أو إص��دار بيانات عامة‪ .‬ويرابط أف��راد أمن الدولة بصورة‬ ‫عس��كرية قد حكمت عليه بالس��جن ‪ 16‬عاماً بتهمة‬
‫منتظمة أمام منـزله ويستجوبون زواره‪ ،‬كما يتعقبونه‬ ‫عضويته في حركة النهض��ة وتهم أخرى ذات صلة‪.‬‬
‫عندما يغادر منـزله‪.‬‬ ‫ومن��ذ إطالق س��راحه‪ ،‬ظل خاضع��اً لتدابي��ر المراقبة‬
‫اإلدارية لمدة خمس سنوات في مدينة سوسة‪ ،‬حيث‬
‫ومن��ع علي العري��ض بالقوة في مناس��بات متعددة‬‫ُ‬ ‫يعي��ش‪ .‬ويتعين علي��ه أن يراجع مركز الش��رطة يومياً‪،‬‬
‫من المشاركة في مؤتمرات أو دخول مكاتب األحزاب‬ ‫ولكن��ه يرفض القي��ام بذلك‪ .‬ويق��وم أفراد أم��ن الدولة‬
‫السياس��ية ومنظم��ات المجتمع المدن��ي‪ ،‬بما فيها‬ ‫والحرس الوطني بتعقبه بشكل مستمر‪ .‬وفي كل مرة‬
‫منظم��ات حقوق اإلنس��ان‪ .‬ويق��ول إن��ه ممنوع من‬ ‫يزوره قريب أو صديق يتعرف أفراد الشرطة وأمن الدولة‬
‫مغادرة تون��س العاصمة‪ ،‬وإنه ممن��وع من الحصول‬ ‫على هوية الزائر‪ .‬وكل ذل��ك يجعل حمادي الجبالي‬
‫على جواز سفر‪.‬‬ ‫يش��عر بأنه عرضة لتهدي��د مس��تمر‪.‬ويقول حمادي‬
‫الجبالي إن جميع أقربائ��ه يواجهون قيودا ً ويتعرضون‬
‫للترهيب‪ .‬وقد مورس��ت ضغوط حتى على شقيقه‬
‫المنظمات التونسية لحقوق اإلنسان‬ ‫وهدد مع‬ ‫وأصحاب العمل الذين تعمل ابنت��ه لديهم‪ُ .‬‬
‫زوجته بالس��جن إذا ش��ارك في أنشطة منظمات غير‬
‫الترخيص لعقد فعاليات عامة أو استئجار أماكن‬ ‫تدعم المنظمات التونسية لحقوق اإلنسان مطالب‬ ‫حكومي��ة‪ ،‬أو أحيا العالق��ات االجتماعية والسياس��ية‬
‫لعقد مثل تلك الفعاليات فيها‪ ،‬ومن طلب التمويل‪،‬‬ ‫السجناء السياسيين السابقين بأن يعيشوا بحرية‪ .‬وقد‬ ‫القديمة‪ .‬وهما اآلن خاضعان لمراقبة صارمة من قبل‬
‫وال يُسمح ألعضائهما بدخول مبانيهما إن ُوجدت‪.‬‬ ‫أُنشأت منظمتان غير حكوميتين‪ ،‬هما الجمعية‬ ‫الش��رطة‪ ،‬كما تفرض قيود مش��ددة عل��ى حريتهما‬
‫ويمكن تجريم أنشطتهما‪ ،‬مع كون المسؤولين‬ ‫الدولية لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة‬ ‫في التنقل خارج سوس��ة‪ .‬وقد ق��دم كل منهما طلباً‬
‫واألعضاء في المنظمتين عرضة التهامهم‬ ‫حرية و إنصاف‪ ،‬لمساعدة السجناء السياسيين‬ ‫للحصول على جواز س��فر قبل أكثر من سنة‪ ،‬لكنهما‬
‫بالمشاركة في اجتماع غير مرخص أو االنتماء إلى‬ ‫منذ لحظة اعتقالهم وتوفير المساعدة القانونية‬ ‫لم يتلقيا أي رد حتى اآلن‪.‬‬
‫منظمة غير مشروعة‪ .‬كما يتعرض أعضاؤهما‬ ‫لهم والدفاع عن حقوقهم بعد إطالق سراحهم‪.‬‬
‫للترهيب بشكل منتظم من قبل أفراد قوات األمن‬ ‫وقد رفضت السلطات التونسية تسجيل هاتين‬
‫بسبب التعبير عن آرائهم‪.‬‬ ‫المنظمتين قانونياً‪ .‬ولذا فهما ممنوعتان من طلب‬

‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫رقم الوثيقة‪ MDE 30/003/2010 :‬‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪8‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫بمعزل عن العالم الخارجي‪ .‬ومورست ضغوط‬ ‫األطفال في بعض األحيان‪ .‬ففي مطلع التسعينيات‬ ‫إن القمع واالضطهاد يؤثران على عائالتهم‪ .‬فأفراد‬
‫على بعض زوجات السجناء السياسيين لحملهن‬ ‫من القرن المنصرم‪ ،‬وقع العبء األكبر على‬ ‫العائالت لم يقضوا سنوات وهم يسافرون إلى‬
‫على االستقالة من وظائفهن‪ .‬وبعد إطالق سراح‬ ‫كواهل النساء والقريبات للسجناء السياسيين‪،‬‬ ‫شتى أنحاء البالد لمساعدة السجناء وتزويدهم‬
‫السجناء السياسيين‪ ،‬ظلت عمليات الترهيب‬ ‫واستهدفتهن السلطات؛ وقال عشرات من هؤالء‬ ‫بالطعام والمالبس على الرغم من أعبائهم المالية‬
‫ومضايقة عائالتهم مستمرة‪.‬‬ ‫السجناء إنهم ُقبض عليهم‪ ،‬ثم تعرضوا للتعذيب‬ ‫فحسب‪ ،‬وإنما ُوضعوا تحت المراقبة الصارمة‬
‫وغيره من ضروب إساءة المعاملة‪ ،‬ومنها إساءة‬ ‫وأُخضعوا لالستجواب وتعرضوا للمضايقة‬
‫عبد الحميد جالصي‬ ‫المعاملة الجنسية والتهديد باالغتصاب واالعتقال‬ ‫والترهيب أيضاً‪ ،‬وقد طالت هذه اإلجراءات حتى‬
‫‪© Private‬‬

‫األسعد الجوهري‬
‫الس��جن بتهم��ة عضويته في حرك��ة النهضة وتهم‬

‫‪© Amnesty International‬‬


‫أخرى ذات صلة‪ .‬ومنذ إطالق سراحه‪ ،‬لم يتمكن من‬
‫الحص��ول على بطاقة هوية‪ ،‬مع أنه��ا إجبارية لجميع‬
‫التونس��يين الذين تزيد أعمارهم عن ‪ 18‬عاماً بموجب‬
‫القانون التونس��ي‪ .‬وقد قدم اس��تئنافاً إلى المحكمة‬
‫اإلداري��ة‪ ،‬التي أم��رت وزارة الداخلية في ‪ 13‬ديس��مبر‪/‬‬
‫كان��ون األول ‪ 2006‬بإصدار بطاقة هوي��ة له‪ .‬ولكن وزارة‬
‫الداخلي��ة ترف��ض تنفيذ الق��رار‪ .‬كما ترفض الس��لطات‬
‫إصدار جواز سفر جديد لزوجته وابنتيه‪.‬‬

‫ف��ي ‪ 17‬نوفمبر‪/‬تش��رين الثاني ‪ 2007‬وبع��د قضاء ‪17‬‬ ‫واألسعد الجوهري‪ ،‬وهو عضو مؤسس في الجمعية‬
‫عاماً في السجن‪ ،‬أُطلق سراح عبد الحميد جالصي‪،‬‬ ‫الدولية لمساندة المس��اجين السياسيين‪ ،‬يعاني من‬
‫وعمره ‪ 49‬عاماً‪ ،‬بش��روط‪ .‬ولم يشمل الحكم األولي‬ ‫إعاق��ة جس��دية‪ .‬ويق��ول إن تل��ك اإلعاق��ة نتجت عن‬
‫حكم��اً بالمراقبة اإلداري��ة‪ ،‬ولكنه عند إطالق س��راحه‬ ‫اإلصابات التي لحقت ب��ه أثناء التعذيب في المعتقل‬ ‫«إن عدم حيازتي بطاقة هوية‬
‫ُوضع قيد المراقبة المس��تمرة من قبل أفراد من جهاز‬ ‫في الفترة من ‪ 1991‬إلى ‪ .1994‬وفي كثير من األحيان‬
‫أمن الدول��ة يرتدون مالب��س مدنية ويرابط��ون بالقرب‬ ‫يعمد أفراد أمن الدولة إلى تعقب األس��عد الجوهري‬
‫يع ِّقد حياتي اليومية‪ .‬فهو‬
‫م��ن منـزله في سوس��ة‪ ،‬وظلوا يتعقبون��ه أثناء تنقله‬ ‫ومضايقت��ه واس��تجوابه‪ .‬كم��ا أن��ه يتلق��ى تهديدات‬ ‫يمنعني من توقيع عقود إيجار‪،‬‬
‫ف��ي المدينة وعندم��ا كان يزور أصدق��اءه في تونس‬ ‫منتظم��ة باالعتداء الجس��دي عليه أو بس��جنه إذا لم‬ ‫ومن اإليفاء باإلجراءات اإلدارية‬
‫العاصم��ة‪ .‬وكان كل اجتماع واتصال بأصدقائه وعائلته‬ ‫يتوقف عن عمله في مجال حقوق اإلنس��ان دفاعاً‬ ‫المتعلقة بأسرتي‪ ،‬ومن طلب‬
‫يوضع تحت المراقبة الصارمة‪.‬‬ ‫عن السجناء السياسيين والس��جناء السابقين‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬تعرض في أغسطس‪/‬آب ‪ 2002‬لالعتداء‬
‫الحصول على جواز سفر أو‬
‫وقال إن��ه بعد احتجاج��ه‪ ،‬ب��دأ الجيران بإبالغ الش��رطة‬ ‫عل��ى أيدي خمس��ة رجال ش��رطة بمالب��س مدنية‪،‬‬ ‫بطاقة عدد ‪] 3‬السجل العدلي[‪.‬‬
‫بزياراته وتنقالته‪ .‬كم��ا أن بعض الجيران ال يلقون التحية‬ ‫وفي مايو‪/‬أيار ‪ 2007‬اع ُتقل لمدة يوم عندما كان من‬ ‫وال أستطيع الحصول على‬
‫عليه أو على أفراد عائلته في الشارع وال يزورونه‪ ،‬ألنهم‬ ‫المقرر أن يلتقي بمنظمات غير حكومية دولية تعنى‬ ‫موافقة على العمل كتاجر‪ /‬أو‬
‫يخشون أن تستجوبهم الشرطة أو أن يواجهوا مشاكل‬ ‫بحقوق اإلنس��ان‪ُ ،‬‬
‫وطلب منه توقيع إف��ادة يلتزم فيها‬ ‫بائع بالمف َّرق ألنني بحاجة إلى‬
‫ف��ي عملهم عل��ى ما يب��دو‪ .‬وتش��عر عائلت��ه بأنها‬ ‫بوقف أنشطته السياسية واالجتماعية‪.‬‬
‫معزولة اجتماعياً‪ .‬وقال عبد الحميد جالصي إن أحد‬
‫إبراز بطاقة الهوية وبطاقة عدد ‪3‬‬
‫أفراد أمن الدولة طلب من والد زوجته اإلبالغ عنه‪.‬‬ ‫وف��ي يناير‪/‬كان��ون الثاني ‪ُ ،2010‬حكم على األس��عد‬ ‫كي أحصل عليها‪».‬‬
‫الجوهري غيابياً بالس��جن ثالثة أش��هر بتهمة «جمع‬ ‫األسعد الجوهري‪ ،‬يوليو‪/‬تموز ‪2009‬‬
‫وال يس��تطيع عبد الحميد جالصي أن يجد عم ًال على‬ ‫أموال بدون ترخيص»‪ .‬وقد الذ بالفرار خوفاً على حياته‬
‫الرغ��م من أن��ه مهن��دس كيميائي مؤهل‪ .‬ويش��عر‬ ‫بعد قيام أفراد أمن الدولة بتفتيش منـزله وترويع عائلته‪.‬‬
‫بأن المضايق��ات أدت إلى إضع��اف عالقاته بأصدقائه‬ ‫ويُخش��ى أن تكون هذه المقاضاة مرتبطة بأنش��طته‬ ‫في مارس‪/‬آذار ‪ 1998‬أطلق سراح سجين الرأي السابق‬
‫وجيران��ه ومعارفه‪ ،‬ويحاول باس��تمرار تجنب التس��بب‬ ‫المتعلقة بمس��اعدة الس��جناء السياس��يين السابقين‬ ‫والمداف��ع عن حق��وق اإلنس��ان األس��عد الجوهري‪،‬‬
‫بوقوع مشاكل لآلخرين‪.‬‬ ‫وبحقوق اإلنسان في تونس‪.‬‬ ‫وعمره ‪ 50‬عاماً‪ ،‬بعد قضاء أكثر من ست سنوات في‬

‫رقم الوثيقة‪MDE 30/003/2010 :‬‬ ‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪ 2010‬‬


‫‪9‬‬ ‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫على عمل مع إحدى الشركات الدولية العديدة‬ ‫السجن‪ ،‬فإنهم غالبا ً ما يفتقرون إلى المؤهالت‬ ‫كما يواجه السجناء السياسيون السابقون التمييز‬
‫في تونس‪.‬‬ ‫أو الخبرات المناسبة ويواجهون مستويات بطالة‬ ‫في النظام اإلداري‪ .‬إذ أن طلبات الحصول على‬
‫عالية‪ .‬وعندما يجدون عمالً فعالً‪ ،‬فإنه يتم ممارسة‬ ‫وثائق رسمية‪ ،‬من قبيل نسخة عن السجل العدلي‬
‫وقد طعن العديد من السجناء السياسيين السابقين‬ ‫ضغوط على أصحاب العمل كي يطردوهم من‬ ‫(بطاقة عدد ‪ )3‬أو جواز سفر‪ ،‬تقابل بالتأخير‬
‫في رفض السلطات إعطاءهم وثائق أو جوازات‬ ‫عملهم بحسب ما ورد‪ .‬وعندما يحاولون بدء بعض‬ ‫المفرط والرفض أحياناً‪ .‬وفي معظم الحاالت ال‬
‫سفر أمام محاكم إدارية‪ .‬وتستمع هذه المحاكم‬ ‫األعمال التجارية الصغيرة‪ ،‬فإنها ُتغلق من دون‬ ‫ُيعطى أي تفسير أو قرار مكتوب‪.‬‬
‫اإلدارية إلى قضايا إساءة استخدام السلطة‬ ‫أي سبب قانوني أو ُينصح الزبائن المحتملون‬
‫المزعومة من قبل هيئة إدارية معينة‪ ،‬وكثيرا ً‬ ‫باالبتعاد عنهم‪ .‬ويبدو أن جميع هذه القيود‬ ‫إن بعض هذه الوثائق الرسمية مطلوب من أجل‬
‫ما اتخذت قرارات لصالح السجناء السياسيين‬ ‫مصممة لخنقهم اقتصادياً‪.‬‬ ‫إيجاد عمل في المؤسسات العامة أو الحصول‬
‫السابقين‪ ،‬بما في ذلك ما يتعلق منها بقضية‬ ‫على رخصة مهن للعمل كمحام أو طبيب مثالً‪.‬‬
‫جوازات السفر‪ .‬بيد أن السلطات تجاهلت مثل‬ ‫إن الحرمان من جوازات السفر يمنع السجناء‬ ‫وإن ذلك‪ ،‬باإلضافة إلى المراقبة المستمرة والقيود‬
‫تلك القرارات في األغلبية العظمى من مثل هذه‬ ‫السياسيين السابقين من السفر إلى الخارج‬ ‫المفروضة على التنقل‪ ،‬يضيف إلى الصعوبات‬
‫الحاالت‪.‬‬ ‫وحتى زيارة عائالتهم في حاالت عدة‪ .‬كما أن‬ ‫التي يواجهها السجناء السياسيون السابقون‬
‫جواز السفر يعتبر عنصرا ً حاسما ً في الحصول‬ ‫عندما يبحثون عن عمل‪ .‬وبعد قضاء سنوات في‬

‫محمد عبو‬
‫ف��ي أبريل‪/‬نيس��ان ‪ُ ،2005‬حكم عل��ى محمد عبو‪،‬‬
‫‪© Amnesty International‬‬

‫وهو مح��ام ومدافع عن حقوق اإلنس��ان‪ ،‬بالس��جن‬


‫‪ 18‬ش��هرا ً إثر محاكمة جائرة‪ ،‬وذلك بس��بب مقال أدان‬
‫في��ه التعذيب ف��ي تونس ونُش��ر على أح��د المواقع‬
‫على الش��بكة االنترنت في ‪ 26‬أغس��طس‪/‬آب ‪.2004‬‬
‫كما ُحكم عليه بالسجن لمدة سنتين إضافيتين بزعم‬
‫االعتداء على محامية تدع��ى دليلة مراد في يونيو‪/‬‬
‫حزيران ‪ .2002‬وقال ش��هود إن هذه التهمة ال أس��اس‬
‫لها من الصحة‪ .‬لقد كان عبو س��جيناً سياس��ياً‪ ،‬وفي‬
‫‪ 24‬يوليو‪/‬تموز ‪ُ ،2007‬منح عفو رئاس��ي بعد قضاء ‪28‬‬
‫شهرا ً من مدة حكمه‪.‬‬

‫ومن��ذ إطالق س��راحه‪ُ ،‬منع محمد عبو م��ن مغادرة‬


‫تون��س س��بع م��رات‪ .‬ومع أن��ه ال أس��اس ف��ي القانون‬
‫التونسي لمنع األشخاص من السفر إلى الخارج‪ ،‬فإنه‬
‫لم يتم إش��عار محمد عبو بش��روط إطالق س��راحه‪.‬‬
‫وف��ي أغس��طس‪/‬آب ‪ 2007‬أبلغ��ه أف��راد األم��ن في‬
‫المطار بأنه ممنوع من السفر بسبب الشروط المتعلقة‬
‫بإطالق سراحه‪ ،‬ولم تُعط أية تفاصيل أخرى‪.‬‬

‫أفراد األمن الذي��ن كانوا يعمدون إل��ى ترهيب موكليه‬ ‫ُرفع��ت القي��ود الغامضة على الس��فر‪ ،‬حيث ُس��مح‬ ‫وخ�لال محاوالت الس��فر الالحقة قيل ل��ه إنه ال يملك‬
‫المحتملين ويشيرون عليهم بتغيير محاميهم‪.‬‬ ‫له بالس��فر إلى فرنس��ا وبلجيكا بناء عل��ى دعوة من‬ ‫وثيقة صادرة عن وزارة العدل وحقوق اإلنس��ان تُظهر‬
‫منظمة العفو الدولية‪.‬‬ ‫بأنه قض��ى مدة حكمه‪ .‬وفي ‪ 3‬و ‪ 6‬مارس‪/‬آذار ‪2009‬‬
‫وال ي��زال أفراد األم��ن يتعقبون محمد عب��و‪ ،‬كما أنهم‬ ‫ُمنع من الس��فر بدون تفس��ير‪ ،‬وأش��ار عليه أفراد األمن‬
‫يقومون بتطويق منـزله بصورة دورية ومراقبة زواره‪.‬‬ ‫وكان محمد عبو م��ن الناحية الفعلي��ة ممنوعاً من‬ ‫في مكت��ب تدقيق جوازات الس��فر ف��ي المطار بأال‬
‫العمل كمحام في تونس‪ .‬وكان مكتبه مراقباً من قبل‬ ‫يحاول مغادرة البالد م��رة أخرى‪ .‬وفي مايو‪/‬أيار ‪2009‬‬

‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫رقم الوثيقة‪ MDE 30/003/2010 :‬‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪10‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫الجامعات التابعة للدولة‪ ،‬وهو ما يعتبر انتهاكا ً‬ ‫سنوات كحد أقصى على الحكم الذي قضاه ولم‬ ‫وال يحصل معظم السجناء السياسيين السابقين‬
‫للمادة ‪ 13‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق‬ ‫يرتكب أية جريمة جديدة‪ .‬إال أن استعادة الحقوق‬ ‫على بطاقاتهم االنتخابية على الرغم من الطلبات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تكفل الحق‬ ‫نادرا ً ما تحدث في الممارسة العملية‪.‬‬ ‫المتكررة‪ ،‬وال ُيسمح لهم بالتصويت‪ .‬و ُيذكر أن‬
‫في التعليم‪ ،‬بما فيه الحق في التعليم العالي‪.‬‬ ‫األقرباء المقربين يتأثرون بالقدر نفسه‪ .‬وينص‬
‫لقد كان العديد من السجناء السياسيين طالبا ً‬ ‫الفصل ‪ 3‬من قانون االنتخابات التونسي على‬
‫في وقت اعتقالهم في مطلع التسعينيات من‬ ‫أنه ال يحق ألي شخص ُيحكم عليه بالسجن مدة‬
‫القرن المنصرم‪ .‬وفي معظم الحاالت لم ُيسمح‬ ‫تزيد على ثالثة أشهر (أو ستة أشهر مع وقف‬
‫سمير طعم الله‬ ‫لهم بالدراسة في السجن‪ ،‬وهو ما يعتبر انتهاكا ً‬ ‫التنفيذ) على جريمة جنائية‪ ،‬أن ُيسجل في السجل‬
‫للمعايير الدولية وللمادة ‪ 19‬من قانون السجون‬ ‫االنتخابي‪ .‬بيد أن الفصل ‪ 369‬مكرر من قانون‬
‫‪© Private‬‬

‫التونسي لعام ‪ .2001‬وعقب إطالق سراحهم‪ ،‬قيل‬ ‫اإلجراءات الجنائية ينص على إعادة الحقوق‬
‫إن مئات منهم ُمنعوا من استئناف دراساتهم في‬ ‫السياسية والمدنية للسجناء بعد مرور خمس‬

‫حمدي الزواري‬
‫للحصول على جواز س��فر جديد‪ ،‬وبع��د مرور ثمانية‬
‫عش��ر ش��هرا ً قدم ش��كوى للمحكمة اإلدارية ألنه لم‬

‫‪© Private‬‬
‫يتلق أي رد‪ .‬وفي نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ ،2009‬أمرت‬
‫المحكمة اإلدارية وزارة الداخلية بإصدار جواز سفر له‪،‬‬
‫ولكن ذلك األمر لم يُنفذ بعد‪.‬‬

‫وبع��د حصول��ه على ش��هادة الدبلوم في هندس��ة‬


‫الكمبيوتر من كلية خاصة‪ ،‬عمل في خمس شركات‬
‫بع��د إط�لاق س��راحه المش��روط م��ن الس��جن في‬ ‫أجنبية في تون��س‪ .‬ولم يتم تجديد عق��وده ألنه كان‬
‫سبتمبر‪/‬أيلول ‪ُ ،2002‬منع سمير طعم الله‪ ،‬وهو عضو‬ ‫بحاج��ة إل��ى جواز س��فر ك��ي يذه��ب إل��ى الخارج‬
‫في ح��زب العمال الش��يوعي التونس��ي المحظور‬ ‫للتدريب أو المش��اركة في االجتماع��ات‪ .‬وهو يعمل‬
‫وناش��ط س��ابق في االتحاد العام لطلب��ة تونس‪ ،‬من‬ ‫مع ش��ركة متعددة الجنس��يات منذ أكثر من س��نتين‪،‬‬
‫اس��تئناف دراس��ته في كلية اآلداب والعلوم اإلنس��انية‬ ‫وطلب منه الس��فر إلى الخارج للتدريب‪ .‬ويخشى أنه‬ ‫ُ‬
‫في جامعة القيروان‪ .‬وفي ‪ 27‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني‬ ‫إذا لم يسافر فإنه س ُيطرد من عمله‪ ،‬ويتعين عليه دفع‬ ‫ُقبض على حمدي ال��زواري‪ ،‬البالغ من العمر اآلن ‪39‬‬
‫‪ 2002‬بدأ مع طالب ْين آخرين إضراباً عن الطعام‪ .‬ثم أنهوا‬ ‫تكاليف التدريب الذي تلقاه حتى اآلن‪.‬‬ ‫وحكم عليه بالسجن‬ ‫عاماً‪ ،‬عندما كان عمر ‪ 21‬عاماً‪ُ ،‬‬
‫إضرابهم بعد تلقي ضمانات من وزارة التعليم العالي‬ ‫‪ 10‬سنوات‪ ،‬باإلضافة إلى خمس سنوات من المراقبة‬
‫بالسماح لهم بالتس��جيل‪ .‬وقد تم َّكن الطالبان اآلخران‬ ‫اإلدارية‪ ،‬بس��بب عضويته في حرك��ة النهضة وغيرها‬
‫من التس��جيل فع ًال‪ ،‬ولكن سمير طعم الله لم يتمكن‬ ‫«إنني أعمل في هذه الشركة‬ ‫م��ن التهم ذات الصلة‪ .‬وعندما أُطلق س��راحه في ‪9‬‬
‫من ذلك‪ .‬وفي ع��ام ‪ 2003‬قدم طلباً للحصول على‬ ‫منذ سنتين‪ .‬وقد فاتتني رحلة‬ ‫س��بتمبر‪/‬أيلول ‪ ،2001‬كان عليه أن يراجع مركز الشرطة‬
‫جواز سفر كي يستطيع السفر إلى الخارج‪ ،‬ولكن طلبه‬ ‫كل يوم أربعاء‪ .‬وفي وقت الحق من ذلك العام ُحكم‬
‫ُرفض كذلك‪ .‬وفي الفترة بين ‪ 2002‬و ‪ 2007‬كان يُقبض‬
‫ُ‬
‫وتلقيت‬ ‫عمل في عام ‪،2008‬‬ ‫عليه بالسجن لمدة شهر بسبب مخالفته لهذا الشرط‪،‬‬
‫عليه بصورة منتظمة من قبل أفراد أمن الدولة لمنعه‬ ‫إنذارات من رؤسائي‪ .‬يجب أن‬ ‫حي��ث ل��م يتمكن م��ن مراجعة الش��رطة ف��ي أحد‬
‫من المش��اركة في المظاه��رات أو مؤتمرات حقوق‬ ‫أسافر فورا ً في رحالت عمل‬ ‫األس��ابيع ألن ذلك اليوم صادف عي��دا ً وطنياً في البالد‪،‬‬
‫اإلنس��ان‪ .‬وعادة ما كان يُجلب إلى أحد مراكز الشرطة‬ ‫كجزء من التـزاماتي نحو الشركة‬ ‫وألنه ذهب متأخرا ً ليوم واحد في األسبوع التالي‪.‬‬
‫ويُحتج��ز فيه من دون اس��تجوابه لمدة تص��ل إلى ‪11‬‬
‫ساعة قبل إطالق سراحه‪.‬‬
‫المتعددة الجنسيات التي‬ ‫وبعد إطالق س��راحه‪ ،‬طلب حمدي الزواري استئناف‬
‫وظفتني‪».‬‬‫َّ‬ ‫دراس��ته في المدرس��ة الوطنية للمهندس��ين‪ ،‬ولكن‬
‫حمدي زواري‪ ،‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪2009‬‬ ‫طلبه ُرفض‪ .‬وفي يناير‪/‬كانون الثاني ‪ ،2007‬قدم طلباً‬

‫رقم الوثيقة‪MDE 30/003/2010 :‬‬ ‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪ 2010‬‬


‫‪11‬‬ ‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫أن لكل شخص الحق في التمتع بأعلى مستوى‬ ‫المعالجة من اإلصابات أو األوضاع التي نجمت عن‬ ‫الحرمان من الرعاية الطبية‬
‫ممكن من الصحة الجسدية والعقلية‪ .‬ولذا فإن‬ ‫التعذيب أو تردي األوضاع في السجون أو تفاقمت‬
‫السلطات التونسية‪ ،‬بعدم السماح للسجناء‬ ‫بسببها‪ .‬وال يستطيع األشخاص الذين ُيحرمون من‬ ‫ُيحرم بعض السجناء السياسيين السابقين من‬
‫السياسيين السابقين بتلقي الرعاية الطبية التي‬ ‫الحصول على جوازات سفر مغادرة البالد بهدف‬ ‫الحصول على رعاية صحية‪ .‬كما ُيحرم بعضهم‬
‫يحتاجونها‪ ،‬إنما تنتهك‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬التزاماتها‬ ‫المعالجة الطبية في الخارج‪.‬‬ ‫اآلخر من الحصول على بطاقة طبية أو بطاقة‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫إعاقة‪ ،‬وهي البطاقة التي تسمح لمعدمي الدخل‬
‫تنص المادة ‪ 12‬من العهد الدولي الخاص‬ ‫أو ذوي اإلعاقات بالحصول على رعاية طبية‪.‬‬
‫بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية على‬ ‫وفي بعض الحاالت‪ ،‬قد يمنعهم ذلك من تلقي‬

‫عبد اللطيف بوحجيلة‬

‫‪© Amnesty International‬‬


‫ُ‬
‫«أعلنت إضرابات عن الطعام من أجل الحصول على رعاية‬
‫طبية‪ ،‬ولكن السلطات التونسية رفضت طلبي‪ .‬وفي العام‬
‫ُ‬
‫واصلت إضرابي عن الطعام إلى حد اإلرهاق التام‪.‬‬ ‫الماضي‬
‫وال أزال أقاسي من نتائجه‪ ،‬فأنا أعاني اآلن من مشكالت في‬
‫القلب والكليتين والرجلين‪ .‬وكل ما أطلبه هو منحي جواز‬
‫سفر كي أتمكن من الحصول على معالجة في الخارج‪».‬‬
‫عبد اللطيف بوحجيلة‪ ،‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪2009‬‬

‫المس��اعدة الطبية الالزمة له‪ ،‬ولكن ش��يئاً من ذلك لم‬ ‫وقد أُجريت لعبد اللطي��ف بوحجيلة عملية جراحية‬ ‫منذ إطالق سراحه بشروط في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني‬
‫يحدث منذ ذلك التاريخ‪ .‬كما أن عبد اللطيف بوحجيلة‬ ‫ف��ي الكلي��ة ف��ي ع��ام ‪ ،2002‬وال ي��زال يعان��ي من‬ ‫‪ ،2007‬وبعد قضاء أكثر من تس��ع سنوات في السجن‪،‬‬
‫مضطر لدفع نفقات عالجه ألنه لم يُسمح له بالحصول‬ ‫مش��كالت في القل��ب والكلي��ة‪ ،‬وهو بحاجة ماس��ة‬ ‫ل��م يتمكن عبد اللطيف بوحجيل��ة‪ ،‬وعمره ‪ 40‬عاماً‪،‬‬
‫على بطاقة طبية‪.‬‬ ‫وعاجلة إل��ى رعاية طبي��ة‪ .‬ويقال إن حالت��ه الصحية‬ ‫م��ن الحصول على ملفاته الطبية من المستش��فى‬
‫متردية بسبب إس��اءة معاملته في السجن وإضراباته‬ ‫الذي كان يُعالج فيه أثناء س��جنه‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫و ُرفض طلب الحصول على جواز س��فر الذي قدمه‬ ‫المتكررة عن الطعام‪.‬‬ ‫كان يتم تأجيل مواعيد المستش��فى بصورة منظمة‬
‫في أبريل‪/‬نيس��ان ‪ 2008‬من دون تفسير خطي‪ ،‬مما‬ ‫في محاولة لمنعه من تلقي الرعاية الطبية الضرورية‬
‫حرمه من خيار المعالجة الطبية في الخارج‪.‬‬ ‫وفي ‪ 12‬نوفمبر‪/‬تشرين الثاني ‪ 2008‬زاره موظفان من‬ ‫على ما يبدو‪ .‬واحتجاجاً على ذلك‪ ،‬فقد بدأ إضراباً عن‬
‫وزارة الصحة وسأاله عن حالته الصحية ووعداه بتوفير‬ ‫الطعام في ‪ 2‬أكتوبر‪/‬تشرين األول ‪.2008‬‬

‫منظمة العفو الدولية مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫رقم الوثيقة‪ MDE 30/003/2010 :‬‬
‫ُطلقاء لكن ليسوا أحرارا ً‬ ‫‪12‬‬
‫السجناء السياسيون السابقون في تونس‬

‫الحبيب اللوز‬
‫بادر إلى التحرك اآلن‬

‫‪© Private‬‬
‫ ‪ n‬وقف عمليات المضايقة واالعتقال والمقاضاة‬ ‫إن المضايقة المستمرة وبال هوادة للسجناء‬
‫واإلدانة بحق األشخاص الذين يمارسون حقوقهم‬ ‫السياسيين السابقين تؤدي إلى حرمانهم من‬
‫في حرية التعبير والتجمع واالشتراك في‬ ‫حقوقهم األساسية‪ ،‬وتعتبر رمزا ً لعدم تسامح‬
‫الجمعيات بصورة سلمية؛‬ ‫الحكومة التونسية مع أي نقد أو معارضة‪،‬‬
‫سواء في الماضي أو في الحاضر‪ .‬فقد عوقب‬
‫‪ n‬الموافقة على التسجيل القانوني للمنظمات‬ ‫السجناء أصالً‪ ،‬وبعضهم إثر محاكمات جائرة‬
‫غير الحكومية التي تعمل من أجل حقوق السجناء‬ ‫وبسبب أنشطة ينبغي عدم تجريمها‪ .‬ويجب أن‬
‫السياسيين السابقين‪ ،‬ومنها الجمعية الدولية‬ ‫يكونوا اآلن أحرارا ً كي يتمكنوا من إعادة بناء‬
‫لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة حرية‬ ‫حياتهم العائلية واالجتماعية وإيجاد عمل مأجور‬
‫وإنصاف؛‬ ‫والحصول على الرعاية الطبية المالئمة‪ .‬كما‬
‫ينبغي أن يكونوا أحرارا ً في ممارسة حقوقهم في‬
‫ ‪ n‬إجراء مراجعة كاملة للقوانين والسياسات‬ ‫حرية التعبير والتجمع واالشتراك في الجمعيات‬
‫والممارسات التي أدت إلى وقوع مئات التونسيين‬ ‫– وهي الحقوق التي قضى العديد منهم سنوات‬
‫ضحايا‪ ،‬واعتماد خطة شاملة لتأهيل ضحايا‬ ‫طويلة في السجون من أجلها‪.‬‬ ‫ف��ي ‪ 5‬نوفمبر‪/‬تش��رين الثان��ي ‪ ،2006‬أُطل��ق س��راح‬
‫االنتهاكات على أيدي الدولة‪ .‬وينبغي جبر األضرار‬ ‫السجين السياسي الحبيب اللوز من السجن بشروط‪.‬‬
‫بشكل كاف‪ ،‬بما في ذلك دفع التعويضات وإعادة‬ ‫يرجى كتابة مناشدات إلى السلطات‬ ‫وكانت محكمة عس��كرية قد حكمت عليه بالس��جن‬
‫الحقوق إلى نصابها والتأهيل وتدابير الرضى‬ ‫التونسية تدعوها فيها إلى‪:‬‬ ‫في ع��ام ‪ 1992‬بتهمة عضويته ف��ي حركة النهضة‬
‫وضمان عدم التكرار‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم‬ ‫وغيره��ا من الته��م ذات الصل��ة‪ .‬وهو ال ي��زال خاضعاً‬
‫مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان إلى العدالة‪.‬‬ ‫‪ n‬وضع حد لمضايقة السجناء السياسيين‬ ‫لتدابير متعددة م��ن المراقبة اإلدارية التي غطت فترة‬
‫ووصمهم بعد إطالق سراحهم؛‬ ‫وصل��ت إلى ‪ 13‬عام��اً‪ .‬وهذه التدابي��ر تقيد حريته في‬
‫ترسل المناشدات إلى‪:‬‬ ‫التنقل وتمنعه من الحصول عل��ى المعالجة الطبية‬
‫الرئيس زين العابدين بن علي‬ ‫ ‪ n‬وضع حد لفرض تدابير المراقبة اإلدارية‬ ‫المناسبة من أمراض السكري والجلوكوما التي أصابته‬
‫القصر الرئاسي‬ ‫المسيئة أو التعسفية على السجناء السياسيين‬ ‫في الس��جن‪ .‬ونتيجة لإلهمال الطبي في الس��جن‪،‬‬
‫تونس العاصمة‬ ‫السابقين؛‬ ‫أُصيبت إح��دى عيني��ه بالعمى‪ ،‬وه��و عرضه لخطر‬
‫تونس‬ ‫فق��دان اإلبصار بالعين الثانية‪ .‬وقال طبيب العيون الذي‬
‫فاكس‪+216 71 744 721 / 71 731 009 :‬‬ ‫ ‪ n‬ضمان حرية التنقل للسجناء السياسيين‬ ‫أج��رى له عملية في تون��س العاصمة عقب إطالق‬
‫المخاطبة‪ :‬فخامة الرئيس‬ ‫السابقين والسماح لهم بإعادة االندماج في‬ ‫س��راحه إنه ينبغي فح��ص عينيه مرة كل أس��بوعين‪.‬‬
‫المجتمع من خالل االتصال بشبكات عالقاتهم‬ ‫بيد أنه نظ��را ً للترهيب الذي تقوم به الس��لطات وتدابير‬
‫السيد االزهر بوعوني‬ ‫االجتماعية وإيجاد عمل لهم والحصول على‬ ‫المراقب��ة اإلداري��ة التي تقتض��ي منه ع��دم مغادرة‬
‫وزير العدل وحقوق اإلنسان‬ ‫الرعاية الصحية وعلى الوثائق الرسمية وبطاقات‬ ‫منطق��ة صفاقس من دون إذن مس��بق‪ ،‬فإن الحبيب‬
‫‪ 31‬بوليفار باب بنات‬ ‫الهوية‪ ،‬ومنها جوازات السفر؛‬ ‫اللوز ال يس��تطيع إج��راء فحص طبي إال م��رة كل ثالثة‬
‫تونس العاصمة – القصبة‬ ‫أش��هر‪ .‬وعندما تكون لدي��ه مواعيد طبي��ة‪ ،‬يصر أفراد‬
‫تونس‬ ‫‪ n‬إلغاء جميع األحكام الواردة في قانون‬ ‫األمن عل��ى عدم مغادرته صفاق��س‪ ،‬ويحذرونه من‬
‫فاكس‪+216 71 568 106 :‬‬ ‫العقوبات وقانون الصحافة وقانون االجتماعات‬ ‫أن هناك سجناء سياسيين سابقين ممن ُقبض عليهم‬
‫المخاطبة‪ :‬معالي الوزير‬ ‫العامة لعام ‪ ،1969‬وقانون الجمعيات لعام‬ ‫مرة أخرى بسبب مغادرتهم المنطقة‪ .‬وعندما يحتاج‬
‫‪ ،1959‬التي تنص على تجريم الممارسة السلمية‬ ‫إلى مغادرة صفاقس‪ ،‬يُطلب منه إعطاء اسم طبيبه‬
‫للحق في حرية التعبير والتجمع واالشتراك في‬ ‫وعنوانه‪ ،‬باإلضافة إلى ترتيب��ات إقامته‪ .‬ويجري تعقبه‬
‫الجمعيات؛‬ ‫أثن��اء وجوده ف��ي تون��س العاصمة‪ ،‬وحت��ى داخل‬
‫المباني الطبية أحياناً‪.‬‬

‫مارس‪/‬آذار ‪2010‬‬ ‫منظم��ة العفو الدولية حركة عالمية تضم ‪ 2.8‬مليون ش��خص يناضلون في أكثر‬
‫‪March 2010‬‬
‫رقم الوثيقة‪:‬‬ ‫من ‪ 150‬بلدا ً ومنطقة من أجل وضع حد لالنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪Index: MDE 30/003/2010‬‬
‫وتتمثل رؤيتنا في تمتع كل ش��خص بجميع حقوق اإلنس��ان المكرس��ة في اإلعالن‬
‫‪Amnesty International‬‬ ‫العالمي لحقوق اإلنسان وغيره من المعايير الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪International Secretariat‬‬
‫‪Peter Benenson House‬‬ ‫ومنظمتنا مس��تقلة عن أية حكوم��ة أو إيديولوجية سياس��ية أو مصلحة اقتصادية‬
‫‪1 Easton Street, London‬‬
‫‪WC1X 0DW, UK‬‬
‫أو دين – ومصدر تمويلها الرئيس��ي هو مس��اهمات عضويتها وما تتلقاه من هبات‬
‫‪www.amnesty.org‬‬
‫عامة‪.‬‬

You might also like