You are on page 1of 7

‫ندوة الدراما التليفزيونية األردنية‬

‫المركـــز الثقــافي الملـــكي‬

‫‪7/3/2010‬‬

‫الدراما التلفزيونية األردنية‪...‬ما لها وما عليها‪ :‬تحليل اقتصادي‬

‫د‪ .‬يوسف منصور‬

‫مقدمة‬

‫حين طلب م ني المرك ز الثق افي الملكي أن اكتب بحث ا عن "ال دراما التلفزيوني ة‬
‫األردني ة‪...‬م ا له ا وم ا عليه ا" ب دأت ب البحث عن األرق ام مثلي في ذل ك مث ل أي‬
‫اقتصادي‪ ،‬فلم أجد من األرقام ما يذكر‪ ،‬لذا قررت أن أقود البحث إلى تساؤل‪ :‬لماذا ال‬
‫يك ون ل دينا ص ناعة درام ا قوي ة في األردن م ع أن ل دينا من الطاق ات اإلبداعي ة م ا‬
‫يمكنن ا من أن نق ود ب ه المنطق ة والع الم في ه ذه الص ناعة‪ ،‬خاص ة وأن األردن اح د‬
‫المواقع المحببة للتصوير السينمائي لألفالم العالمية تم تصوير ‪ 52‬فيلم فيه منذ ‪1957‬‬
‫ومنها فيلم إنديانا جونز وفيلم جراندايزر والكوكب األحمر وغيرها من األفالم العالمية‬
‫التي صور جزء منها في البتراء ووادي رم‪.‬‬

‫ومن الج دير بال ذكر أن ص ناعة ال دراما األردني ة يجب أن تعت بر ص ناعة إبداعي ة‬
‫وص ناعة هام ة حق ق فيه ا األردن انج ازات ريادي ة ال يس تهان به ا‪ ،‬كم ا أن من الممكن‬
‫له ذه الص ناعة أن تك ون راف دا قوي ا لجع ل األردن اقتص اد إب داعي يعتم د على أن واع‬

‫‪1‬‬
‫محص نا من مث الب‬
‫ّ‬ ‫الص ناعات اإلبداعي ة في خل ق قيم مض افة عالي ة واقتص ادا قوي ا‬
‫ومكالب العولمة‪.‬‬

‫فص ناعة الس ينما في أمريك ا تض يف ‪ 80‬ملي ار دوالر س نويا لالقتص اد األم ريكي‪،‬‬
‫وت دفع ض رائب للحكوم ة األمريكي ة تص ل قيمته ا في المتوس ط الى‪ 13‬ملي ار س نويا‪،‬‬
‫وتوظ ف ‪ 2.5‬ملي ون عام ل مب دع في ‪ 115‬أل ف ش ركة‪ .‬وهي الص ناعة الوحي دة ال تي‬
‫نمت في الع ام الماض ي في أمريك ا على ال رغم من تراج ع االقتص اد األم ريكي نتيج ة‬
‫األزمة المالية العالمية‪.‬‬

‫كما أن دخل فيلمي "أفاتار" و"تايتنك" وحدهما فاقا ‪ 3‬مليار دوالر أي حجم ما يستلمه‬
‫األردن س نويا من ح واالت ‪ 600‬أل ف أردني يعمل ون ويعيش ون في الخليج‪ ،‬وثالث ة‬
‫أضعاف دخل األردن من صادراته من المناطق الصناعية المؤهلة‪ ،‬وضعف دخله من‬
‫السياحة تقريبا‪ ،‬ونصف حجم صادرات األردن السنوية‪ ،‬وسدس حجم االقتصاد الكلي‬
‫تقريبا‪.‬‬

‫صناعة الدراما األردنية والهوية الوطنية‬

‫وحين يق وم الب احث بتحلي ل أث ر ص ناعة ال دارما األردني ة على األقتص اد الوط ني يجب‬
‫أن ال يغفل القيمة المضافة غير المباشرة التي تقدمها هذه الصناعة اإلبداعية أال وهي‬
‫في صقل وخل ق شخص ية الم واطن األردني‪ .‬ففي بل د نال استقالليته منذ ف ترة قصيرة‬
‫جداً يواجه تحديات في منطقة تعتبر األقل استقراراً في العالم‪ ،‬يتوجب أن يكون هنالك‬
‫جهود حثيثه لتعميق المواطنة و الهوية الوطنية لدى جميع أبناء الشعب‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫تس تطيع ال دراما أن تحفّ ز ه ذه الهوي ة الوطني ة من خالل القص ص والرواي ات المحكي ة‬
‫ومن خالل أوس اط الم رئي والمس موع والمكت وب‪ ،‬فالقص ة تعت بر أفض ل وس ائل التعليم‬
‫على جميع المستويات ومن خاللها يتعلم اإلنسان حكمة وتجارب اآلخرين‪.‬‬

‫والقصص الشعبية التي تروي تجارب الماضي والحاضر تساعد في بناء جيل أردني‬
‫متج ّذر يعرف بعضه البعض ويثق بتجانسه وكينونته وهي صفة هامة والزمة إلنجاح‬
‫العملية اإلقتصادية وما ينتج عنها من أنشطة اقتصادية وقيم مضافة‪.‬‬

‫فالعق د اإلجتم اعي ال ذي يص بح مت وارث نتيج ة تعظيم االحس اس بالمواطن ة والمجتم ع‬


‫كك ل‪ ،‬على المس توى األردن وليس الناحي ة أو القبيل ة أو العش يرة‪ ،‬يقل ل من كلف ة‬
‫ممارس ة األعم ال ويبع د عن المجتم ع أخط ار الممارس ات الريعي ة والفس اد الن اجم عن‬
‫الشعور بانتماء الى فئة معينة وتفضيل التعامل معها مع األخرين وبقية أفراد المجتمع‪.‬‬
‫أي أن التراب ط اإلجتم اعي ي ؤدي الى تقلي ل كلف ة األعم ال وبالت الي يق ود الى اقتص اد‬
‫أكثر تنافسية‪.‬‬

‫تحليل لتنافسية صناعة الدارما التلفزيونية األردنية‬

‫إذا أردن ا تحلي ل تنافس ية ال دراما التلفزيوني ة األردني ة بش كل خ اص فال ب د لن ا من‬


‫اس تخدام نم وذج التنافس ية المع روف ب"ماس ة ب ورتر"‪ ،‬نس بة الى البروفيس ور مايك ل‬
‫بورتر الذي طور هذا األنموذج‪ ،‬والذي يتكون من أربع أجزاء وهي‪ :‬جانب العرض‪،‬‬
‫ج انب الطلب‪ ،‬البني ة التحتي ة‪ ،‬ومكون ات اإلنت اج‪ ،‬وج ود الس لع أو الخ دمات البديل ة‬
‫والمكملة‪ ،‬وسنتطرق الى كل منها على حده‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫جانب العرض ‪:‬‬

‫تمي ز س وق ص ناعة ال دراما األردني ة لف ترة طويل ة بوج ود احتك ار ( ‪)MONOPOLY‬‬


‫ّ‬
‫لعملي ة اإلنت اج التلفزيوني ة في الس وق المحلي‪ ،‬ومن المع روف في ‪ ugl‬االقتص اد أن‬
‫االحتكار ضار بالتنافسية حيث أنه يؤدي إلى انخفاض جودة المنتج والتقليل من الكمية‬
‫المنتجة مع تدني كفاءة اإلنتاج‪ .‬ولهذا فأنه من غير المستغرب أن الكثير من الفنانين‬
‫والمبدعين األردنيين حاولوا تفادي اإلحتكار في السوق المحلية فذهبوا الى دول عربية‬
‫أخ رى كس وريا‪ ،‬ومص ر‪ ،‬والخليج ليعرض وا م واهبهم متف ادين ب ذلك ع دم كف اءة ج انب‬
‫العرض الذي كانت تؤثر فيه على مر السنين القرارات السياسية وانعدام وافتقار الى‬
‫األسس اإلقتصادية و التجارية في عملية اإلنتاج‪.‬‬

‫جانب الطلب‪:‬‬

‫يتحكم بج انب الطلب في األردن في الس وق المحلي احتك ار من قب ل مش تر واح د (‬


‫‪ )Monopsony‬وهو ضار أيضا بالعملية االقتصادية وتنافسية السوق حيث يستطيع‬
‫ه ذا المش تري أن بف رض ش روط ج ائره على عملي ة الش راء حيث أن ه ال ب ديل ل ه‬
‫ويضاف إلى ذلك أن هذا المشتري هو مؤسسة حكومية‪.‬‬

‫وبم ا أن المؤسس ات الحكومي ة تعم ل على أس اس تخفيض التكلف ة وليس تعظيم ال ربح‬
‫وهم ا أم ران مختلف ان كلي اً‪ ،‬ف ان م ا تم إنتاج ه من درام ا ب دأ بالتخص ص أك ثر في‬
‫المسلس الت ذات اللهج ة البدوي ة ال تي تتعام ل م ع بيئ ة البادي ة وهي أق ل كلف ة ع ادة من‬
‫المسلس الت ال تي تحت اج إلى ديك ورات كالمسلس الت التاريخي ة أو ال تي تتن اول قص ص‬
‫الحياة اليومية‪ ،‬كما أن من الممكن تسويق هذه المنتجات في دول الخليج العربي لجعل‬
‫العائد عليها إيجابيا حيث أن سعر المحتكر في األردن قد ال يضاهي أسعار ما تدفعه‬
‫‪4‬‬
‫المؤسس ات الخليجي ة‪ .‬وبه ذا أص بحت ص ناعة ال درام التلفزيوني ة األردني ة في غالبه ا‬
‫متخصص ة في األعم ال البدوي ة‪ ،‬غ ير أن ه ذه األعم ال القت منافس ة من دول الج وار‬
‫لسهولة انتاجها بالنسبة للمسلسالت األخرى وواجهت كساداً كبيراُ نتيجة للمقاطعة التي‬
‫فرض ت على األعم ال الدرامي ة التلفزيوني ة األردني ة بع د ح رب الخليج األولى ولم‬
‫تنحسر حتى وقت قريب وربما لم تنحسر كلياً بل جزئياُ‪.‬‬

‫البنية التحتية‪:‬‬

‫وفَر دخول التلفزيون المب ّكر لألردن وانتشار أجهزة التلفزيون في األردن التي تتواجد‬
‫في ‪ %97‬تقريب اً من البيوت األردنية بيئة مالئمة لبث أعمال الدراما األردنية محلي اً‪.‬‬
‫كم ا أن ع دم تواج د البث ع بر األقم ار الص ناعية ح تى ف ترة التس عينات منح ال دراما‬
‫األردنية "سوق محمي اً" بشكل مؤقت من منافسة اآلخرين عبر األقمار الصناعية التي‬
‫لم تكن تقنيتها منتشره بعد‪.‬‬

‫ومن ناحي ة أخ رى ف ان الت دريب على العم ل ال درامي لتط وير مه ارات المب دعين ك ان‬
‫أكاديمي ا لف ترة قص يرة يبتع د عن الج انب العملي ولم يتط ور ه ذا إال مت أخراً م ع إيج اد‬
‫معاه د تدريبي ة مث ل ‪ SAE‬ومعه د اإلعالم األردني ال ذي ال ي زال في بدايات ه‪ .‬وبم ا أن‬
‫العمل الدرامي يتطلب توفير ‪ 75‬مهنة أو حرفة على األقل فان سوق التدريب لم يوفّر‬
‫جمي ع المهن اإلبداعي ة الالزم ة لتط وير ال دراما‪ ،‬أيض ا ف ان وج ود أس واق عم ل بديل ة‬
‫للمبدعين قريبة جغرافيا وتمنح عوائد مالية أكبر أدى إلى هجرة الكثير من المبدعين‬
‫إلى دول الجوار‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وجود السلع والخدمات البديلة والمكملة‪:‬‬

‫يع ّرف األقتصاديون السلع والخدمات البديلة على أنها تلك التي تنافس في اإلستهالك‪،‬‬
‫َ‬
‫أي أن المس تهلك يس تطيع أن يس تهلكها ب دالً من الخدم ة قي د الدراس ة وهي ال دراما‬
‫التلفزيونية األردنية هنا؛ فمع وجود بدائل قوية في سوريا ولبنان ومصر والخليج اتج ه‬
‫توج ه نحو محطات التلفزيون‬
‫المواطن األردني الى هذه األعم ال الدرامي ة البديلة ب ل ّ‬
‫العربي ة ال تي تبث من خالل تقني ات األقم ار الص ناعية مم ا أدى إلى تن اقص دخ ل‬
‫التلفزيون األردني من اإلعالنات التجارية التي تبث خالل هذه األعمال مما خلق حلقة‬
‫ج ائره بالنس بة ل دراما التلفزيوني ة األردني ة والتلفزي ون األردني‪ .‬ولق د س هل وج ود ه ذه‬
‫الب دائل تقني ة البث ع بر األقم ار الص ناعية وتوفره ا وربم ا تك ون ه ذه اح د المس ببات‬
‫الهامة لتراجع الدراما التلفزيونية األردنية مؤخراً وتراجع تنافسيتها‪.‬‬

‫أم ا بالنس بة للس لع والخ دمات المكمل ة فيعرفه ا االقتص اديون على أنه ا تل ك الس لع ال تي‬
‫تس تخدم (مث ل جه از التلفزب ون) من أج ل اس تهالك الس لعة قي د الدراس ة (ال دراما‬
‫التلفزيونية األردنية)‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن توفر أجهزة التلفزيون ساعد في البداية على‬
‫ايج اد العص ر ال ذهبي ل دراما التلفزيوني ة األردني ة ولكن دخ ول البث بواس طة األقم ار‬
‫مكمل ة الس تهالك ال دراما التلفزيوني ة من ال دول‬
‫الص ناعية جع ل التلفزي ون أيض ا س لعة ّ‬
‫األخ رى‪ ،‬األم ر ال ذي أض رر بتنافس ية ال دراما التلفزيوني ة األردني ة خاص ة م ع غي اب‬
‫توفر العوامل األخرى الداعمة لتنافسية هذه الصناعة‪.‬‬

‫توصيات‬

‫‪6‬‬
‫بالنتيج ة‪ ،‬ف ان التحلي ل ي دل على أهمي ة ت وفر جمي ع العوام ل الالزم ة لص ناعة ال دراما‬
‫التلفزيوني ة األردني ة وخل ق منتج تنافس ي ذو قيم ة مض افة عالي ة على مس توى ال وطن‬
‫العالم العربي‪ .‬فأيضاً فان التنسيق والترابط بين هذه الجوانب األربعة لنموذج التنافسية‬
‫يعتبر بذات األهمية لكل من هذه الجوانب وربما يكون أكثر أهمية‪ .‬فال يكفي لعملية‬
‫التنافس ية أن يت وفر ثالث أو أثن ان من ه ذه العوام ل ألن ذل ك ي ؤدي الى اختالالت كم ا‬
‫وش ح المؤسس ات اإلنتاجي ة وتراج ع ع ام في‬
‫ش هدنا بالنس بة لهج رة العمال ة اإلبداعي ة َ‬
‫تنافسية هذه الصناعة‪.‬‬

‫وق د نك ون بحاج ة إلى تنمي ة روح الريادي ة والمغ امرة لنش جع الش باب على أن يحمل وا‬
‫أفك ارهم وينتجوه ا لتص بح أفالم ومسلس الت تع رض على "يوتي وب" وغيره ا ثم ت أتي‬
‫لهم هذه األفالم بالشهرة والنجاح والمال‪.‬‬

‫كم ا يجب االس تفادة من انتش ار اله اتف النق ال كوس ط للعم ل ال درامي اإلب داعي‪،‬‬
‫واالنترنيت كوسيلة للبث التلفزيوني كمحطة تلفزيون "عرمرم" و"إكبس" وغيرها؛ ففي‬
‫ظل القيود الموجودة‪ ،‬وبدال من االنتظار وهدر الوقت‪ ،‬ال بد من التوجه الستخدام ما‬
‫تسخره التكنولوجيا الحديثة من أدوات لتوظيف المواهب وتسويقها محليا وعالميا‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪7‬‬

You might also like