You are on page 1of 40

‫أقوال العلماء في التحذير من بدع العزاء‬

‫الجزء الول ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬

‫إن الحمد ل ؛ نحمده ونستعينه ‪ ،‬ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات‬

‫أعمالنا ‪ ،‬من يهده ال ؛ فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل ؛ فل هادي له ‪.‬‬

‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ‪.‬‬

‫أما بعد ؛ فإن أصدق الحديث كتاب ال ‪ ،‬وخير الهدي هدي محمٍد صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬

‫وشر المور محدثاتها ‪ ،‬وكل محدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضللة ‪ ،‬وكل ضللة في النار ‪.‬‬

‫و بعد ‪:‬‬

‫فهذا موضوع يشتمل على بعض أقوال أهل العلم ‪ ،‬تتعلق بالتحذير من بعض بدع العزاء ‪،‬‬

‫وهي النياحة ‪ ،‬والجتماع للعزاء ‪ ،‬ومسألة صنع الطعام لذلك ؛ ومسألة لبس اللباس‬

‫السود أثناء العزاء ‪ ،‬أسأل ال أن ينفع بها ‪ ،‬وصلى ال على نبينا وقدوتنا محمد وعلى‬

‫آله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫الفصل الول ‪:‬‬

‫تمهيد في كمال الشريعة و كفايتها ‪:‬‬

‫) يقول ال تعالى ممتنًا على عباده ‪ ) :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‬

‫ورضيت لكم السلم دينًا ( ) المائدة ‪. ( 3 :‬‬

‫فهذه الية الكريمة تدل على تمام الشريعة وكمالها‪ ،‬وكفايتها لكل ما يحتاجه الخلق‬

‫الذين أنزل ال سبحانه قوله فيهم ‪ ) :‬وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون (‬

‫) الذاريات ‪. ( 56:‬‬

‫يقول المام ابن كثير ـ رحمه ال ـ في " تفسيره " ) ‪: ( 19 / 2‬‬

‫) هذه أ كبر نعم ال تعالى على هذه المة ‪ ،‬حيث أ كمل تعالى لهم دينهم ‪ ،‬فل يحتاجون‬

‫ن غيره ‪ ،‬ول إلى نبي غير نبيهم صلوات ال وسلمه عليه ‪ ،‬ولهذا جعله ال‬
‫إلى دي ٍ‬

‫تعالى خاتم النبياء ‪ ،‬وبعثه إلى النس والجن ‪ ،‬فل حلل إل ما أحله ‪ ،‬ول حرام إل ما‬

‫حرمه ‪ ،‬ول دين إل ما شرعه ( ‪.‬‬

‫" فل يتصور أن يجيء إنسان ‪ ،‬ويخترع في الشريعة شيئًا ؛ لن الزيادَة عليها تعد‬

‫استدراكًا على ال تبارك وتعالى ‪ ،‬وتوحي بأن الشريعة ناقصة ‪ ،‬وهذا يخالف ما جاء‬

‫به كتاب ال تبارك وتعالى ‪.‬‬

‫فل يتصور إنسان يزيد على شرع ال ‪ ،‬ويكون غير مذموم " ) ‪. ( 1‬‬

‫وهذا أمر قد أيقن به أهل الملل كلهم ول الحمد ‪ ،‬لكن كثيرًا منهم يجحدون ؛ كما قال‬
‫تعالى ‪ ) :‬وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا ( ) النمل ‪. ( 14 :‬‬

‫ب ؛ قال ‪:‬‬
‫عن طارق بن شها ٍ‬

‫" قالت اليهود لعمر ‪ :‬إنكم تقرؤون آية في كتابكم ‪ ،‬لو علينا معشر اليهود نزلت ؛‬

‫لتخذنا ذلك اليوم عيدًا قال ‪ :‬وأي آية ؟ قالوا ‪ ) :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم‬

‫نعمتي ( ‪ ،‬قال عمر‪ :‬وال إني لعلم اليوم الذي نزلت على رسول ال صلى ال عليه‬

‫وسلم فيه ‪ ،‬والساعة التي نزلت فيها ‪ :‬نزلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫عشية عرفة ‪ ،‬في يوم جمعة " رواه البخاري و مسلم ‪.‬‬

‫ولقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫" إنه لم يكن نبي قبلي إل كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ‪ ،‬وينذرهم‬

‫شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم ‪.‬‬

‫وأخرج الطبراني في " معجمه الكبير " ) ‪ ( 1647‬عن أبي ذر الِغفاري رضي ال عنه ؛‬

‫قال ‪:‬‬

‫" تركنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء ؛ إل وهو‬

‫يذكر لنا منه علمًا " ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار ؛ إل‬

‫وقد بين لكم " ‪.‬‬

‫فأي إحداث أو ابتداع إنما هو استدراك على الشريعة ‪ ،‬وجرأة قبيحة ينادي بها‬

‫صاحبها أن الشريعة لم تكف ‪ ،‬ولم تكتمل ) ‍! ( ‪ ،‬فاحتاجت إلى إحداثه وابتداعه ! !‬

‫وهذا ما فهمه تمامًا أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم والئمة من بعدهم ؛ فقد صح‬

‫عن ابن مسعود رضي ال عنه ‪ :‬أنه قال ‪ " :‬اتبعوا ول تبتدعوا ؛ فقد كفيتم ‪ ،‬وكل‬

‫بدعة ضللة " ‪.‬‬

‫وروى البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي ال عنه انه قال ‪:‬‬

‫" يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقًا بعيدًا ‪ ،‬فإن أخذتم يمينًا وشماًل لقد ضللتم‬

‫ضلًل بعيدًا " ‪.‬‬

‫وقال المام الوزاعي رحمه ال ‪:‬‬

‫"اصبر نفسك على السنة ‪ ،‬وقف حيث وقف القوم ‪ ،‬وقل بما قالوا ‪ ،‬وكف عما كفوا‬

‫عنه ‪ ،‬واسلك سبيل سلفك الصالح ‪ ،‬فإنه يسعك ما وسعهم " ) ‪. ( 2‬‬

‫وقال المام ابن كثير ـ رحمه ال ـ في " تفسيره " ) ‪ ( 401 / 4‬مناقشًا مسألة إهداء‬

‫ل سبب المنع ‪:‬‬


‫ثواب القراءة للموتى ‪ ،‬حيث جزم بعدم وصولها‪ ،‬معل ً‬

‫" إنه ليس من عملهم ‪ ،‬ول كسبهم ‪ ،‬ولهذا لم يندب إليه رسول ال صلى ال عليه‬

‫وسلم أمته ‪ ،‬ول حثهم عليه ‪ ،‬ول أرشدهم إليه بنص ول إيماٍء ‪ ،‬ولم ُينقل ذلك عن أحٍد‬
‫من الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬ولو كان خيرًا ؛ لسبقونا إليه ‪.‬‬

‫وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ‪ ،‬ول يتصرف فيه بأنواع القيسة والراء " ‪.‬‬

‫ع يلزمه عادة أن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد ‪،‬‬


‫سن للبد ِ‬
‫وخلصة القول ‪ " :‬إن المستح ِ‬

‫ى يعتبر به عندهم " ) ‪. ( 3‬‬


‫فل يكون لقوله تعالى ‪ ) :‬اليوم أكملت لكم دينكم ( معن ً‬

‫" فإذا كان كذلك ؛ فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله ‪:‬‬

‫إن الشريعة لم تتم ‪ ،‬وإنه بقي منها أشياء يجب استدراكها ؛ لنه لو كان معتقدًا لكمالها‬

‫وتمامها من كل وجه ؛ لم يبتدع ‪ ،‬ول استدرك عليها ‪ ،‬وقائل هذا ضال عن الصراط‬

‫المستقيم ‪.‬‬

‫قال ابن الماجشون ‪ :‬سمعت مالكًا يقول ‪:‬‬

‫ن محمدًا صلى ال عليه وسلم خان‬


‫من ابتدع في السلم بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أ ّ‬

‫الرسالَة ؛ لن ال يقول ‪ ) :‬اليوم َأكملت لكم دينكم ( ‪ ،‬فما لم يكن يومئٍذ ديناً؛ فل‬

‫يكون اليوم دينًا " ) ‪. ( 4‬‬

‫" فطرق الدين والعبادات الصحيحة إنما هي ما بينه الذي خلق الخلق على لسان‬

‫رسوله محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فمن زاد على هذا أو َنقص ؛ فقد خاَلف الحكيم‬

‫الخلق العليم " ) ‪. ( 5‬‬

‫قال اِلمام الشوكاني في " القوِل المفيد " ) ص ‪ ( 38‬مناقشًا بعض المبتدعين في شيٍء‬

‫من آرائهم ‪:‬‬

‫" فإذا كان ال قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى ال عليه وسلم ؛ فما هذا الرأي‬

‫الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل ال دينه ؟ !‬

‫ن في اعتقادهم ؛ فهو لم يكمل عندهم إل برأِيهم ! وهذا فيه رد‬


‫إن كان من الدي ِ‬

‫للقرآن ! وإن لم يكن من الدين ؛ فأي فائدٍة في الشتغال بما ليس من الدين ؟ !‬

‫وهذه حجة قاهرة ‪ ،‬ودليل عظيم ‪ ،‬ل يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدًا ‪ ،‬فاجعل‬

‫هذه الية الشريفة أول ماتصك به وجوَه أهل الرأي ‪ ،‬وترغم به آنافهم ‪ ،‬وتدحض به‬

‫حججهم " ‪.‬‬

‫إذ " كل ما أحدث بعد نزول هذه الية ؛ فهو فضلة ‪ ،‬وزيادة ‪ ،‬وبدعة " ) ‪. ( 7 ) ( ( 6‬‬

‫ــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ " : ( 1‬البدعة والمصالح المرسلة " ) ص ‪ (111‬لتوفيق الواعي ‪.‬‬

‫) ‪ : ( 2‬أخرجه ‪ :‬الللكائي في " السنة " ) ‪ ( 174 / 1‬والبيهقي في " المدخل "‬

‫) ‪ ( 233‬والجري في " الشريعة " ) ‪ 673/ 2‬ـ ‪ ( 674‬بسند صحيح ‪.‬‬

‫) ‪ " : ( 3‬العتصام " للشاطبي ) ‪. ( 147 / 1‬‬


‫) ‪ " : ( 4‬العتصام " ) ‪. ( 64 / 1‬‬

‫) ‪ : ( 5‬مفتاح الجنة ل إله إل ال " ) ص ‪ ( 58‬للمعصومي ‪ ،‬بتحقيق علي بن حسن‬

‫الحلبي ‪.‬‬

‫) ‪ " : ( 6‬سير أعلم النبلء " ) ‪. ( 509 / 18‬‬

‫ل من " علم أصول البدع " للشيخ علي الحلبي ) ص ‪ 17‬ـ ‪ ( 21‬بتصرف ‪.‬‬
‫) ‪ : ( 7‬نق ً‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ـــــــــــ‬

‫الجزء الثاني ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الثاني ‪:‬‬

‫أقوال العلماء فيما يتعلق بالنياحة ) * ( ‪:‬‬

‫) اعلم أن التصبر واجب ‪ ،‬وِإظهاِر الجزع حرام ‪ ،‬والنياحة حرام ‪ ،‬والبكاء مباح ‪:‬‬

‫فأما الصبر ؛ فالقرآن جميعه دل عليه ‪ :‬قال ال عز وجل ‪ ) :‬الذين إذا أصابتهم مصيبة‬

‫قالوا إنا ل وإنا إليه راجعون ( ) البقرة ‪. ( 156 :‬‬

‫ثم وعد عليه كما في قوله تعالى ‪ ) :‬إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( ‪.‬‬

‫فَأما الجزع ؛ فليس هو ِإل مرارَة الفقد ‪ ،‬فِإن هذا مركوز في الجبلة‪ ،‬وِإنما المذموم‬

‫إظهار ما ل ينبغي إظهاره بالقول والفعل ‪.‬‬

‫وأما النياحة ‪ :‬فحرام ‪ :‬فقد قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫" أربع في أمتي من أمر الجاهلية ل يتركونهن ؛ الفخر بالحساب ؛ والطعن في‬

‫النساب ؛ والستسقاء بالنجوم والنياحة ‪ ،‬وقال ‪ :‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام‬

‫ب " رواه أحمد ومسلم ‪.‬‬


‫يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جر ٍ‬

‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوة‬

‫الجاهلية " رواه البخاري و مسلم ؛ وفيه أخبار كثيرة عن الرسول صلى ال عليه‬

‫وسلم ؛ لن ذلك يشبه التظلم والستغاثة على ال عز وجل ‪ ،‬وفيه تشبه بالستعداء ‪.‬‬

‫وما فعله ال تعالى ؛ فهو حق وعدل ‪.‬‬

‫وكذلك ل يجوز الصراخ على الميت ‪ ،‬والدعاء بالويل والثبور ‪.‬‬

‫فأما البكاء من غير شيٍء من ذلك ؛ فهو مباح ‪.‬‬

‫والدليل عليه أن النبي صلى ال عليه وسلم جعل ابنه إبراهيم في حجره ‪ ،‬وكان ينزع ‪،‬‬

‫فبكى عليه ‪ ،‬وقال ‪ " :‬تدمع العين ‪ ،‬ويحزن القلب ‪ ،‬ول نقول إل ما يرضي الرب ‪،‬‬

‫وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون " رواه البخاري ومسلم ( ) ‪. ( 8‬‬

‫وقد ذكر المام الذهبي ـ رحمه ال ـ النياحة ضمن كبائر الذنوب فقال في كتابه‬
‫" الكبائر" ) ص ‪: ( 154‬‬

‫) الكبيرة السادسة والربعون ‪ :‬النياحة واللطم ( ‪.‬‬

‫وكذلك ذكر ابن حجر الهيتمي ـ رحمه ال ـ النياحة ضمن الكبائر في كتابه " الزواجر‬

‫عن اقتراف الكبائر " ) ‪ ( 262 / 1‬ورد على من اعتبرها من الصغائر في‬

‫نفس الكتاب ) ‪ 264 / 1‬ـ ‪. ( 265‬‬

‫وقال المام ابن حزم ـ رحمه ال ـ في " المحلى " ) ‪ " ( 146 / 5‬فصل ‪ :‬صلة‬

‫الجنازة وأحكام الموتى " ‪:‬‬

‫) الصبر واجب ‪ ،‬والبكاء مباح ‪ ،‬ما لم يكن نوح ؛ فإن النوح حرام ؛ والصياح ‪،‬‬

‫وخمش الوجوه وضربها ‪ ،‬وضرب الصدر ‪ ،‬ونتف الشعر وحلقه للميت كل ذلك حرام‬

‫وكذلك الكلم المكروه الذي هو تسخط لقدار ال تعالى ‪ ،‬وشق الثياب ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال المام محمد بن إسماعيل المير الصنعاني ـ رحمه ال ـ في" سبل السلم "‬

‫) ‪ 393 / 3‬ـ ‪ ( 394‬بعد ان أورد حديث في تحريم النياحة ‪:‬‬

‫) النوح هو رفع الصوت بتعديد شمائل الميت ومحاسن أفعاله والحديث دليل على‬

‫تحريم ذلك وهو مجمع عليه ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال المام الشوكاني ـ رحمه ال ـ في " السيل الجرار " ) ‪: ( 338 / 1‬‬

‫) النوح والبكاء الذي يمكن دفعه حرام وأما مجرد فيضان العين وذروفها بالدموع من‬

‫دون صوت ول نوح ول تعمد للبكاء فهو الذي حصل اِلذن به وهو الذي قال فيه صلى‬

‫ال عليه وسلم ‪ " :‬العين تدمع والقلب يحزن ول نقول إل ما ُيْرضي ربنا "…( إلى آخر‬

‫كلمه‪.‬‬

‫وقال العلمة صديق حسن خان ـ رحمه ال ـ في " الدين الخالص " ) ‪: ( 338 / 4‬‬

‫) ومن الجزع " النياحة " و" الرنة "‪ ،‬ورفع الصوات ‪ ،‬وشق الجيوب ‪ ،‬وضرب‬

‫الخدود وغير ذلك من الفعال الدالة على َفْقِد الصبر ‪ ،‬وحصول الضطراب ‪ ،‬فإن هذا‬

‫كله ليس من الدين في شيء ‪ ،‬إنما هو من خصال الجاهلية ‪ ،‬وشيمة الكفرة الفجرة‬

‫الفسقة ‪ ،‬المتجاوزين عن الحد ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال الشيخ علي محفوظ ـ رحمه ال ـ عضو جماعة كبار العلماء بالزهر في‬

‫" البداع في مضار البتداع " ) ص ‪: ( 234‬‬

‫) يحرم الندب وهو تعديد محاسن الميت كواجبله واعزاه ‪ ،‬والنوح وهو رفع الصوت‬

‫بالندب ‪ .‬ومثله الفراط في رفعه بالبكاء و إن لم يكن معه ندب ول نوح و ضرب نحو‬

‫الخد وشق نحو الجيب ونشر الشعر وحلقه ‪ ،‬ونتفه ‪ ،‬وتسويد الوجه وإلقاء الرماد على‬

‫الرأس ‪ ،‬والدعاء بالويل والثبور‪ ،‬وكل شيء فيه تغيير للزي كلبس ما ل يعتاد لبسه‬

‫ل أو على تلك الصفة ‪ ،‬وكترك شيء من لباسه والخروج بدونه على خلف العادة ‪،‬‬
‫أص ً‬
‫وقد ابتلى كثير من الناس بتغيير الزي ‪ ،‬وعدم حلق الشعر‪ ،‬مع ما تقرر من حرمته بل‬

‫كونه كبيرة وفسقا قياسا على تلك المذكورات وان كانت أفحش من ذلك لنهم عللوها‬

‫بما يعم الكل وهو أن ذلك يشعر إشعارا ظاهرا بالسخط وعدم الرضا بالقضاء والعياذ‬

‫بال تعالى ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال الشيخ العلمة محمد ناصر الدين اللباني ـ رحمه ال ـ في " أحكام الجنائز و‬

‫بدعها " ) ص ‪: ( 39‬‬

‫) لقد حرم رسول ال صلى ال عليه وسلم أمورًا كان ول يزال بعض الناس يرتكبونها‬

‫إذا مات لهم ميت ‪ ،‬فيجب معرفتها لجتنابها ‪ ،‬فل بد من بيانها ) وذكر منها النياحة ( (‬

‫انتهى مختصرًا ‪.‬‬

‫وقال الشيخ سيد سابق ـ رحمه ال ـ في " فقه السنة " ) ‪: ( 260 / 1‬‬

‫) النياحة مأخوذة من النوح ‪ ،‬وهو رفع الصوت بالبكاء ‪ ،‬وقد جاءت الحاديث مصرحة‬

‫بتحريمها… ( إلى آخر كلمه ‪.‬‬

‫وقال محمد بن علوي المالكي ! ) ‪ ( 9‬في " تحقيق المال فيما ينفع الميت من‬

‫العمال " ) ص ‪: ( 147‬‬

‫) وأما النياحة والندب ‪ ،‬وهو التعديد ‪ ،‬وطرح التراب على الرأس ‪ ،‬ولطم الخدود ‪،‬‬

‫وشق الجيوب ‪ ،‬فجميع ذلك محرم شديد التحريم ‪ ،‬وقد وردت الحاديث الصحيحة ‪،‬‬

‫بالنهي عنه والوعيد عليه ( اهـ ‪.‬‬

‫ـــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) * ( النياحة تعتبر من كبار المعاصي وليست من البدع ولكني ذكرتها هنا لن كثير من الناس‬

‫يقع فيها ‪ ،‬وهي متعلقة بأمر العزاء ‪.‬‬

‫ل من " الحوادث والبدع " للطرطوشي ) ص ‪ 172‬ـ ‪ ( 174‬بتصرف ‪.‬‬


‫) ‪ : ( 8‬نق ً‬

‫) ‪ : ( 9‬هو صوفي ضال و إنما أوردت كلمه حجة على اتباعه ‪ ،‬وانظر لتعرف حال‬

‫الرجل ‪ " :‬هذه مفاهيمنا " لصالح آل الشيخ و" كمال المة في صلح‬

‫عقيدتها " للشيخ أبوبكر الجزائري و"جلء البصائر في الرد على كتابي شفاء‬

‫الفؤاد والذخائر" لسمير المالكي و" الدعاء ومنزلته من العقيدة " للعروسي‬

‫) ‪ ( 869 / 2‬و " التبرك المشروع والتبرك الممنوع " لعلي العلياني و" القول‬

‫الفصل في حكم الحتفال بمولد خير الرسل " للعملمة إسماعيل النصاري‬

‫رحمه ال و " حوار مع المالكي " للشيخ ابن منيع و" الرد القوي على‬

‫الرفاعي والمجهول وابن علوي " للعلمة حمود التويجري رحمه ال ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬


‫ـــــــــ‬

‫الجزء الثالث ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الثالث ‪:‬‬

‫أقوال العلماء في مسألة الجتماع في بيت أهل الميت للعزاء ‪:‬‬

‫) اعلم أن التعزية لهل المصيبة سنة مرغب فيها ‪ ،‬والدليل عليه أن النبي صلى ال‬

‫عليه وسلم قال ‪ " :‬ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إل كساه ال سبحانه من حلل‬

‫الكرامة يوم القيامة " ) ‪. ( 10‬‬

‫ِإذا ثبت هذا ؛ فإن العزاء من حين يموت الميت إلى أن يدفن وبعد الدفن وبه قال‬

‫الشافعي ‪.‬‬

‫والدليل على ذلك الحديث السابق فانه لم يفرق ‪.‬‬

‫ت له ‪:‬‬
‫وروي َأن محمد بن عبِد الحكِم أرسل ِإلى الشافعي يعزية في مي ٍ‬

‫* * * من البقاء ولكن سنة الدين‬ ‫إنا معزوك ل أنا على ثقة‬

‫* * * ول الُمَعّزي وإن عاش إلى حين‬ ‫ق بعد صاحبه‬


‫فل الُمَعّزى ببا ٍ‬

‫وأحسن ألفاظ التعزية ما صح عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬إن ل ما أخذ ‪ ،‬ول‬

‫ما َأعطى ‪ ،‬وكل شيٍء عنده إلى أجل مسمى فلتصبر‪ ،‬ولتحتسب " رواه البخاري‬

‫ومسلم ( ) ‪. ( 11‬‬

‫والتعزية عبادة فِإذا صيغت العبادة على وجه لم يكن معروفًا في عهد الرسول صلى ال‬

‫عليه وسلم صارت بدعة ‪.‬‬

‫ومن صيغ التعزية التي لم تكن معروفه في عهد النبي صلى ال عليه وسلم تخصيص‬

‫وقت معين لها ؛ كتحديد وقت العزاء بعد صلة العصر أو بعد صلة المغرب كما هو‬

‫منتشر بين الناس ؛ والسنة ان يعزي المسلم أخاه في أي وقت لقيه فيه سواء لقيه في‬

‫المقبرة أو في الطريق أو في المسجد أو في البيت دون تحديد وقت ؛ وأما تحديد وقت‬

‫ت لم‬
‫معين للتعزية فهذا يعتبر من البدع لنه ) ل ينبغي تخصيص العبادات بأوقا ٍ‬

‫يخصصها بها الشرع ‪ ،‬بل تكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الزمان ‪ ،‬ليس‬

‫لبعضها على بعض فضل ‪ ،‬إل ما فضله الشرع ‪ ،‬وخصه بنوع من العبادة ‪ ،‬فإن كان‬

‫ذلك ؛ اختص بتلك الفضيلة تلك العبادَة دون غيرها ؛ كصوم يوم عرفة ‪ ،‬وعاشوراء ‪،‬‬

‫والصلة في جوف الليل ‪ ،‬و العمرة في رمضان ‪.‬‬

‫ل فيه جميع أعمال البر؛ كعشر ذي الحجة ‪ ،‬وليلة‬


‫ومن الزمان ما جعله الشرع مفض ً‬

‫القدر التي هي خير من ألف شهر ‪.‬‬

‫والحاصل ‪ :‬أن المكلف ليس له منصب التخصيص ‪ ،‬بل ذلك إلى ال ‪ ،‬وهذه كانت صفة‬
‫عبادة رسول ال صلى ال عليه وسلم ( ) ‪( 12‬‬

‫ومن المور التي تعتبر من المحدثات والبدع في التعزية الجتماع في بيت أهل الميت‬

‫ل في الشرع المطهر ‪ ،‬وِإنما السنة التعزية‬


‫أو في غيره للتعزية ‪ ،‬لن هذا ليس ) له أص ً‬

‫لهل المصاب من غير كيفية معينة ول اجتماع معين كهذا الجتماع ‪ ،‬وِإنما يشرع لكل‬

‫مسلم أن يعزي أخاه بعد خروج الروح في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في‬

‫المقبرة سواء كانت التعزية قبل الصلة أو بعدها ( ) ‪. ( 13‬‬

‫وقد حذر كثير من أهل العلم قديمًا وحديثًا رحمهم ال من الجتماع في بيت أهل الميت‬

‫أو في غيره للعزاء ‪ ،‬وإليك فيما يلي بعض أقوال أهل العلم في التحذير من هذا‬

‫الجتماع ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال المام الشافعي ـ رحمه ال ـ في كتابه " الم " ) ‪: ( 248 / 1‬‬

‫) وأكره المآتم ‪ ،‬وهو الجماعة وان لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ‪ ،‬ويكلف‬

‫المؤنة ‪ ،‬مع ما مضى فيه من الثر ( ‪.‬‬

‫سئل المام أحمد بن حنبل رحمه ال عن أولياء الميت يقعدون في المسجد‬


‫‪2‬ـ ُ‬

‫يعزون؟ فقال ‪:‬‬

‫) أما أنا فل يعجبني أخشى أن يكون تعظيمًا للميت أو قال للموت ( انتهى من " مسائل‬

‫ل من " المسائل و الرسائل المروية عن المام أحمد‬


‫أبي داود " ) ص ‪ 138‬ـ ‪ ( 139‬نق ً‬

‫بن حنبل في العقيدة " لعبدالله الحمدي ) ‪. ( 165 / 2‬‬

‫‪ 3‬ـ قال المام الشيرازي ـ رحمه ال ـ في " المهذب " في ) باب ‪ :‬التعزية ‪ ،‬والبكاء‬

‫على الميت ( ) ‪ ( 275 / 5‬ضمن " المجموع " ( ‪:‬‬

‫) فصل في الجُلوس للتعزية ‪ :‬ويكره الجلوس للتعزية ؛ لن ذلك محدث ‪ ،‬والمحدث‬

‫بدعة ) ‪ ( ( 14‬اهـ ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ قال المام الطرطوشي ـ رحمه ال ـ في " الحوادث والبدع " ) ص ‪: ( 170‬‬

‫) قال علماؤَنا المالكيون ‪ " :‬التصدي للعزاء بدعٌة ومكروه ‪ ،‬فَأما إن قعد في بيته َأو‬

‫في المسجد محزونًا من غير أن يتصدى للعزاء ؛ فل بأس به ‪ . . .‬الخ ( ‪.‬‬

‫وقال أيضًا ) ص ‪ ) : ( 175‬فصل المآتم ‪ :‬فَأما المآتم ؛ فممنوعة بإجماع العلماء ‪:‬‬

‫قال الشافعي ‪ " :‬و َأ كره المآتم ‪ ،‬وهو اجتماع الرجال والنساء ‪ ،‬لما فيه من تجديد‬

‫الحزن " ‪.‬‬

‫والمأتُم ‪ :‬هو الجتماع في الصبحة ‪ ،‬وهو بدعة منكرة لم يُـنقل فيه شيء ‪.‬‬

‫وكذلك ما بعده من الجتماع في الثاني والثالث والسابع و الشهر والسنة ‪ ،‬فهو طامة ‪.‬‬

‫وقد بلغني عن الشيخ َأبي عمران الفاسي وكان من أئمة المسلمين أن بعض أصحابه‬

‫حضر صبحة ‪ ،‬فهجره شهرين وبعض الثالث ) ‪ ، ( 15‬حتى استعان الرجل عليه فقبله‬
‫وراجعه ‪ ،‬وأظنه استتابه أل يعود ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ قال المام ابن قدامة ـ رحمه ال ـ في " المغني " في " كتاب الجنائز " ) ‪: ( 342 / 2‬‬

‫) قال أبو الخطاب ‪ :‬يكره الجلوس للتعزية ‪ ،‬وقال ابن عقيل‪ :‬يكره الجتماع بعد خروج‬

‫الروح لن فيه تهييجًا للحزن ‪ ،‬وقال أحمد ‪ :‬أكره التعزية عند القبر إل لمن لم يعز‪،‬‬

‫فيعزى إذا دفن الميت ‪ ،‬أو قبل أن يدفن ( اهـ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ : ( 10‬رواه ابن ماجة في " سننه " وحسنه اللباني في " صحيح سنن ابن ماجة "‬

‫) ‪ ( 45 / 2‬و في " سلسلة الحاديث الصحيحة " ) ‪. ( 378 / 1‬‬

‫ل من " الحوادث والبدع " للمام أبوبكر الطرطوشي ) ص ‪ 167‬ـ ‪( 170‬‬


‫) ‪ : ( 11‬نق ً‬

‫بتصرف ‪.‬‬

‫) ‪ " : ( 12‬الباعث على إنكار البدع و الحوادث " لبي شامة ) ص ‪ 165‬ـ ‪ ( 166‬نق ً‬
‫ل‬

‫من " علم أصول البدع " لعلي الحلبي ) ‪ ( 89‬بتصرف يسير ‪.‬‬

‫ل من " فتاوى ومقالت متنوعة " ) ‪ ( 345 / 5‬للشيخ عبدالعزيز بن باز‬


‫) ‪ : ( 13‬نق ً‬

‫رحمه ال ‪.‬‬

‫) ‪ " : ( 14‬و كل بدعة ضللة " كما جاء في الحديث الصحيح ‪.‬‬

‫) ‪ : ( 15‬لو فعل هذا الفعل أحد في عصرنا لقيل عنه متشدد ‪ ،‬وال المستعان ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ــــــــــ‬

‫الجزء الرابع ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ 6‬ـ قال المام النووي ـ رحمه ال ـ في " المجموع شرح المهذب " ) ‪: ( 278 / 5‬‬

‫) أما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف ـ يقصد الشيرازي ـ وسائر الصحاب‬

‫على كراهته ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق وآخرون عن نص الشافعي قالوا ‪ :‬يعني‬

‫بالجلوس لها ان يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية قالوا ‪ :‬بل ينبغي‬

‫ان ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ‪ ،‬ول فرق بين الرجال والنساء في‬

‫كراهة الجلوس لها‪ ،‬صرح به المحاملي و نقله عن نص الشافعي رحمه ال وهو‬

‫موجود في " الم " قال الشافعي في " الم " ‪ ) :‬واكره المآتم وهي الجماعة وان لم‬

‫يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الثر ( هذا لفظه‬

‫في " الم " وتابعه الصحاب عليه واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر وهو انه‬

‫محدث ‪.‬‬
‫وقد ثبت عن عائشة رضي ال عنها انها قالت ‪ " :‬لما جاء النبي صلى ال عليه وسلم‬

‫قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد ال بن رواحة جلس في المسجد يعرف في وجهه‬

‫الحزن وأنا انظر من شق الباب فاتاه رجل فقال ان نساء جعفر وذكر بكائهن فأمره ان‬

‫ينهاهن " رواه البخاري ومسلم ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال أيضًا في " الذكار " ) ص ‪ ) : ( 136‬قال الشافعي وأصحابنا رحمهم ال يكره‬

‫الجلوس للتعزية قالوا ‪:‬‬

‫يعني بالجلوس أن يجتمع أهل الميت في بيت ليقصدهم من أراد التعزية‪ ،‬بل ينبغي أن‬

‫ينصرفوا في حوائجهم ول فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها‪ ،‬صرح به‬

‫المحاملي ‪ ،‬ونقله عن نص الشافعي رضي ال عنه وهذه كراهة تنزيه ) ‪ ( 16‬إذا لم‬

‫يكن معها محدث آخر‪ ،‬فإن ضم إليها أمر آخر من البدع المحرمة ) ‪ ( 17‬كما هو الغالب‬

‫منها في العادة كان ذلك حراما من قبائح المحرمات فإنه محدث وثبت في الحديث‬

‫الصحيح ان " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة " ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال أيضًا في" روضة الطالبين وعمدة المفتين " في " باب التعزية " ‪:‬‬

‫) هي ) أي التعزية ( سنة ‪ ،‬ويكره الجلوس لها‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ قال العلمة ابن علن رحمه ال تعليقا على كلم النووي في " الذكار " السابق ‪:‬‬

‫) يكره الجلوس للتعزية ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لنه محدث وهو بدعة‪ ،‬ولنه يجدد الحزن ويكلف‬

‫المعزى ‪ ...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ قال المام ابن القيم الجوزية ـ رحمه ال ـ في " زاد المعاد في هدي خير العباد "‬

‫) ‪: ( 527 / 1‬‬

‫) وكان من هديه صلى ال عليه وسلم تعزيُة أهِل الميت ‪ ،‬ولم يكن من هديه أن يجتمع‬

‫للعزاء ‪ ،‬و يقرأ له القرآن ‪ ،‬ل عند قبره و ل غيره ‪ ،‬وكل هذا بدعة حادثة مكروهة (‬

‫اهـ ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ قال العلمة السيوطي ـ رحمه ال ـ في " المر بالتباع والنهي عن البتداع "‬

‫) ص ‪: ( 288‬‬

‫) من البدع ‪ :‬الجتماع لعزاء الميت ‪.‬‬

‫قال الشافعي رضي ال عنه ‪ ) :‬وأكره المآتم ‪ ،‬وهو إجتماع الرجال و النساء ‪ ،‬لما فيه‬

‫من تجديد الحزن ( ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ قال العلمة البهوتي ـ رحمه ال ـ في " كشاف القناع عن متن القناع "‬

‫في " كتاب الجنائز" ‪:‬‬

‫) ) ويكره الجلوس لها ( أي للتعزية بأن يجلس المصاب في مكان ليعزوه ‪ .‬أو يجلس‬

‫المعزي عند المصاب للتعزية ‪ .‬لما في ذلك من استدامة الحزن‪....‬الخ ( ‪.‬‬


‫‪ 11‬ـ وقال الشرنبللي ـ رحمه ال ـ في " نور اليضاح " في " باب أحكام‬

‫الجنائز " ‪:‬‬

‫) قال كثير من متأخري أئمتنا رحمهم ال ‪ :‬يكره الجتماع عند صاحب الميت حتى يأتي‬

‫إليه من يعزي بل إذا رجع الناس من الدفن فليتفرقوا ‪ ،‬ويشتغلوا بأمورهم وصاحب‬

‫الميت بأمره ويكره الجلوس عن باب الدار للمصيبة فإن ذلك عمل أهل الجاهلية ‪ ،‬و‬

‫نهى النبي صلى ال عليه وسلم عن ذلك ‪ ،‬وتكره في المسجد ( اهـ ‪.‬‬

‫‪12‬ـ قال العلمة ابن عابدين ـ رحمه ال ـ في "حاشية رد المحتار " ) باب صلة‬

‫الجنازة ( ‪:‬‬

‫جِتماع عند صاحب البيت‬


‫) وفي " المداد " ‪ :‬وقال كثير من متأخري أئمتنا ‪ :‬يكره ال ْ‬

‫ويكره له الجلوس في بيته حتى يأتي إليه من يعزي ‪ ،‬بل إذا فرغ ورجع الناس من‬

‫الدفن فليتفرقوا ويشتغل الناس بأمورهم ‪ ،‬وصاحب البيت بأمره ‪ .‬اهـ‬

‫قلت ) القائل العلمة ابن عابدين ( ‪ :‬وهل تنتفي الكراهة بالجلوس في المسجد وقراءة‬

‫ظاهر ل‬
‫القرآن حتى إذا فرغوا قام ولي الميت وعزاه الناس كما يفعل في زماننا؟ ال ّ‬

‫لكون الجلوس مقصودًا للتعزية ل للقراءة‪ ،‬ول سِيما إذا كان هذا الجتماع والجلوس‬

‫في المقبرة فوق القبور المدثورة ‪ ،‬ول حول ول قّوة إل بال ( اهـ ‪.‬‬

‫‪13‬ـ قال الشيخ علي محفوظ ـ رحمه ال ـ عضو جماعة كبار العلماء بالزهر في‬

‫" البداع في مضار البتداع " ) ص ‪: ( 228‬‬

‫ل ل نزاع في أنه بدعة‪ ،‬ولم يثبت‬


‫) ما يقع بعد الدفن من عمل المأتم ليلة أو ثلثة مث ً‬

‫عن ) الرسول صلى ال عليه وسلم ( ول عن السلف أنهم جلسوا بقصد أن تذهب‬

‫الناس إلى تعزيتهم وكانت سنته صلى ال عليه وسلم أن يدفن الرجل من أصحابه‬

‫وينصرف كل إلى مصالحه ‪ ،‬هذه كانت سنته وهذه كانت طريقته وال تعالى يقول ‪:‬‬

‫) لقد كان لكم في رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجو ال واليوم الخر ( فلنتأس به‬

‫فيما ترك كما نتأسى به فيما فعل ‪ ...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 14‬ـ قال الشيخ العلمة محمد ناصر الدين اللباني ـ رحمه ال ـ في " أحكام الجنائز و‬

‫بدعها " ) ص ‪ ( 210‬عند حديثه على التعزية ‪:‬‬

‫) وينبغي اجتناب أمرين و إن تتابع الناس عليهما ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء ‪.‬‬

‫وذلك لحديث جرير بن عبد ال البجلي رضي ال عنه قال ‪ ":‬كنا نعد الجتماع إلى أهل‬

‫الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪15‬ـ سئلت اللجنة الدائمة للفتاء بالمملكة العربية السعودية كما في " فتاوى‬
‫إسلمية " جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند ) ‪ 43 / 2‬ـ ‪ ( 44‬طبعة دار الوطن‬

‫للنشر ‪:‬‬

‫) عندما يتوفى شخص في بعض البلدان يجلس أهل الميت لتقبل العزاء بعد صلة‬

‫المغرب لمدة ثلثة أيام ‪ ،‬هل يجوز ذلك أم أنه بدعة ؟‬

‫الجواب ‪ :‬تعزية المصاب مشروعة ‪ ،‬وهذا ل إشكال فيه ‪ ،‬وأما تخصيص وقت معين‬

‫لقبول العزاء وجعله ثلثة أيام فهذا من البدع ‪ ،‬وقد ثبت عن رسول ال صلى ال عليه‬

‫وسلم أنه قال ‪ " :‬من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد "‪ ،‬وبال التوفيق ‪ ( .‬اهـ ‪.‬‬

‫سئل الشيخ العلمة عبد العزيز بن عبد ال بن باز ـ رحمه ال ـ مفتي عام المملكة‬
‫‪16‬ـ ُ‬

‫العربية السعودية سابقًا السؤال التالي ‪:‬‬

‫) تقام مراسم العزاء ‪ ،‬يجتمع الناس عند بيت المتوفى خارج المنزل ‪ ،‬توضع بعض‬

‫المصابيح الكهربائية ) تشبه تلك التي توضع في الفراح ( ويصطف أهل المتوفى ويمر‬

‫الذين يريدون تعزيتهم يمرون عليهم واحدًا بعد الخر ويضع كل منهم يده على صدر كل‬

‫فرد من أهل المتوفى ويقول له ‪ ) :‬عظم ال أجرك ( فهل هذا الجتماع وهذا الفعل‬

‫مطابق للسنة ؟ وإذا لم يوافق السنة فما هي السنة في ذلك ؟ أفيدونا جزاكم ال خيرًا ‪.‬‬

‫ل في الشرع‬
‫فأجاب الشيخ ابن باز ‪ :‬هذا العمل ليس مطابقًا للسنة ول نعلم له أص ً‬

‫المطهر ‪ ،‬وِإنما السنة التعزية لهل المصاب من غير كيفية معينة ول اجتماع معين‬

‫كهذا الجتماع ‪ ،‬وِإنما يشرع لكل مسلم أن يعزي أخاه بعد خروج الروح في البيت أو‬

‫في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة سواء كانت التعزية قبل الصلة أو بعدها ‪،‬‬

‫وِإذا قابله شرع له مصافحته والدعاء له بالدعاء المناسب مثل ) أعظم ال أجرك‬

‫وأحسن عزاءك وجبر مصيبك ( ‪ ،‬وِإذا كان الميت مسلمًا دعا له بالمغفرة و الرحمة ‪،‬‬

‫وهكذا النساء فيما بينهن يعزي بعضهن بعضًا ويعزي الرجل المرأة و المرأة الرجل لكن‬

‫من دون خلوة ول مصافحة ِإذا كانت المرأة ليست محرمًا له ‪ .‬وفق ال المسلمين‬

‫ل من " مجموع فتاوى‬


‫جميعًا للفقه في دينه و الثبات عليه ِإنه خير مسئول ( انتهى نق ً‬

‫و مقالت متنوعة " ) ‪. ( 345 / 5‬‬

‫‪ 17‬ـ قال الشيخ العلمة محمد بن عثيمين ـ رحمه ال ـ عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة‬

‫العربية السعودية كما في " فتاوى إسلمية " ) ‪ 48 / 2‬ـ ‪: ( 49‬‬

‫) ‪..‬ان اجتماع أهل الميت لستقبال المعزين هو أيضًا من المور التي لم تكن معروفة‬

‫حتى إن بعض العلماء قال إنه بدعة ‪ ،‬ولهذا ل نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي‬

‫العزاء بل يغلقون أبوابهم وإذا قابلهم أحد في السوق أو جاء أحد من معارفهم دون أن‬

‫يعدوا لهذا اللقاء عدته فإن هذا ل بأس به ‪.‬‬

‫أما استقبال الناس فهذا لم يكن معروفًا على عهد النبي صلى ال عليه وسلم حتى كان‬
‫الصحابة يعدون اجتماع أهل الميت وصنع الطعام من النياحة ‪ ،‬النياحة كما هو معروف‬

‫من كبائر الذنوب‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫سئل فضيلته السؤال التالي ‪ :‬مسألة العزاء والجتماع عليه‪ ،‬بعض الناس لو‬
‫كما ٌ‬

‫كلمناهم في هذا يقول ‪:‬‬

‫) نحن نفعل هذا ول نقصد به التعبد إنما نقصد به العادة ( كيف الرد عليهم ؟‬

‫فأجاب فضيلته ‪ ) :‬الجواب على هذا أن التعزية سنة ‪ ،‬والتعزية من العبادة فإذا صيغت‬

‫العبادة على هذا الوجه الذي لم يكن معروفًا في عهد الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫صارت بدعة ؛ ولهذا جاء الثواب في فضل من عزى المصاب ‪ ،‬والثواب ل يكون إل‬

‫ل من " المقرب لحكام الجنائز" جمع عبد العزيز العريفي‬


‫على العبادات ( انتهى نق ً‬

‫) ص ‪. ( 111‬‬

‫‪ 18‬ـ قال الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه ال ـ عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية‬

‫السعودية في " الملخص الفقهي " ) ‪: ( 215 / 1‬‬

‫) ل ينبغي الجلوس للعزاء والعلن عن ذلك كما يفعل بعض الناس اليوم ‪..‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪19‬ـ قال الشيخ سيد سابق ـ رحمه ال ـ في " فقه السنة " ) ‪: ( 305 / 1‬‬

‫) السنة أن يعزى أهل الميت وأقاربه ثم ينصرف كل في حوائجه دون أن يجلس أحد‬

‫سواء أكان ُمعَزى أو معزًيا ‪ .‬وهذا هو هدي السلف الصالح‪...‬وما يفعله بعض الناس‬

‫اليوم من الجتماع للتعزية ‪ ،‬وإقامة السرادقات ‪ ،‬وفرش البسط ‪ ،‬وصرف الموال‬

‫الطائلة من أجل المباهاة والمفاخرة من المور المحدثة والبدع المنكرة التي يجب على‬

‫المسلمين اجتنابها ويحرم عليهم فعلها‪ ،‬ولم يقف المر عند هذا الحد‪ ،‬بل تجاوزه عند‬

‫كثير من ذوى الهواء فلم يكتفوا باليام الول ‪ ،‬بل جعلوا يوم الربعين يوم تجديد لهذه‬

‫المنكرات‪ ،‬و إعادة لهذه البدع ‪ ،‬وجعلوا ذكرى أولى بمناسبة مرور عام على الوفاة‬

‫وذكرى ثانية ‪ ،‬وهكذا مما ل يتفق مع عقل ول نقل ( انتهى باختصار ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ : ( 16‬الصحيح ان ذلك محرم كما قال كثير من أهل العلم لنه من المحدثات وقد قال‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " ‪.‬‬

‫) ‪ : ( 17‬كل البدع محرمه لن " كل بدعة ضللة "‪ ،‬فالجتماع للعزاء بدعة وان لم‬

‫يشتمل على منكرات أخرى لن الرسول صلى ال عليه وسلم وصحابته لم‬

‫يفعلوا هذا و" خير الهدي هدي محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وشر المور‬

‫محدثاته " كما قال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬


‫ـــــــــ‬

‫الجزء الخامس ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫شبهات يستدل بها البعض على جواز الجتماع للعزاء ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الشبهة الولى ‪:‬‬

‫استدل البعض على جواز الجلوس للعزاء واجتماع الناس له بما ثبت عن عائشة رضي‬

‫ال عنها ) أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع النساء ثم تفرقن إل أهلها وخاصتها‬

‫أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت ‪ :‬كلن منها‬

‫فإني سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب‬

‫ببعض الحزن " ( أخرجه المام أحمد ‪ ،‬وهناك روايات مختصرة لهذا الثر في صحيح‬

‫البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫والجواب ‪:‬‬

‫أن الجتماع للعزاء بدون تخصيص وقت أو مكان وإنما وقع قدرًا في بعض الحيان‬

‫فهذا ل يقول أحد بأنه اجتماع مبتدع ‪ ،‬وأما الجتماع المبتدع والذي جاء في اثر جرير‬

‫أنه من النياحة فهو المخصص بوقت أو مكان محدد أو بصفة معينة لم ترد عن النبي‬

‫صلى ال عليه وسلم ول عن صحابته الكرام رضي ال عنهم أجمعين ‪.‬‬

‫وقد سبق أن نقلت فيما مضى بعض أقوال أهل العلم الذين قالوا بجواز التعزية مع‬

‫قولهم بأنه ل يجوز تخصيص وقت أو مكان أو صفة معينة للتعزية ‪.‬‬

‫وكان مما نقلته قول الشيخ العلمة محمد بن عثيمين ـ رحمه ال ـ كما في " فتاوى‬

‫إسلمية " ) ‪ 48 / 2‬ـ ‪: ( 49‬‬

‫) ‪..‬ان اجتماع أهل الميت لستقبال المعزين هو أيضًا من المور التي لم تكن معروفة‬

‫حتى إن بعض العلماء قال إنه بدعة ‪ ،‬ولهذا ل نرى أن أهل الميت يجتمعون لتلقي‬

‫العزاء بل يغلقون أبوابهم وإذا قابلهم أحد في السوق أو جاء أحد من معارفهم دون‬

‫أن يعدوا لهذا اللقاء عدته فإن هذا ل بأس به ‪.‬‬

‫أما استقبال الناس فهذا لم يكن معروفًا على عهد النبي صلى ال عليه وسلم حتى‬

‫كان الصحابة يعدون اجتماع أهل الميت وصنع الطعام من النياحة ‪ ،‬النياحة كما‬

‫هو معروف من كبائر الذنوب‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫وقد سئلت فضيلة الشيخ علي الحلبي ـ حفظه ال ـ عن هذا الثر واحتجاج البعض‬

‫به على جواز الجتماع المبتدع فأجاب جزاه ال خيرا ‪:‬‬

‫) حكم الجتماع عند أهل الميت للعزاء‪ :‬بدعٌة‪ ،‬بل هو من النياحة‪ ،‬كما جاء في حديث‬

‫جرير بن عبد ال ‪ -‬المذكور في السؤال ‪.‬‬


‫أّما أثر قصة السيدة عائشة‪ ،‬و روايتها لحديث" التلبينة مجمة لفؤاد المريض" ‪،‬‬

‫فرواية البخاري تبّينها؛ و لفظه ‪ :‬كانت عائشة تأمر بالتلبين للمريض ‪ ،‬وللمحزون‬

‫على الهالك ‪. " . . .‬‬

‫و يدّل على هذا المر –من الرواية المذكورة في السؤال‪ " :‬إل أهلها وخاصتها " ‪،‬‬

‫ع خاٍل‬
‫والنهي عن الجتماع مرتبط بالتخصيص زمانًا أو مكانًا‪ ،‬أّما إذا حصل اجتما ٌ‬

‫من هذا أو ذاك‪ :‬فهو على أصل الجواز ( انتهى جواب الشيخ علي الحلبي ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫‪ 2‬ـ الشبهة الثانية ‪:‬‬

‫كما يستدل البعض على جواز الجتماع في بيت الميت بما رواه البخاري في صحيحه عن‬

‫عائشة رضي ال تعالى عنها من " أنه صلى ال عليه وسلم لما جاءه قتل زيد بن حارثة‬

‫وجعفر وعبد ال بن رواحة جلس في المسجد يعرف في وجهه الحزن " ‪.‬‬

‫فقد قال محمد بن علوي المالكي ! في " تحقيق المال فيما ينفع الميت من العمال "‬

‫) ص ‪: ( 102‬‬

‫) والصل في جوازها أو مشروعيتها ) أي الجتماع للتعزية في بيت أهل الميت (‬

‫ما رواه المام البخاري في الجنازة ) باب من جلس عند المصيبة ( وأبو داود في‬

‫الجنائز من سننه في ) باب الجلوس عند المصيبة ( وفي نسخة ) باب من جلس في‬

‫المسجد وقت التعزية ( من حديث عائشة رضي ال عنها قالت ‪:‬‬

‫" لما قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد ال بن رواحة جلس رسول ال صلى ال عليه‬

‫وسلم في المسجد يعرف في وجهه الحزن "‪.‬‬

‫فأنت ترى المامين البخاري وأبا داود جعل عنوان الباب بلفظ صريح في الجلوس‬

‫وقت التعزية ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الفتح ‪ :‬وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا‬

‫جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار‪ .‬اهـ ‪.‬‬

‫ثم إن تعزية أهل الميت مقصد شرعي واجتماعهم في بيت واحد وسيلة يتحقق بها هذا‬

‫المقصد ‪ ،‬والقاعدة عند الفقهاء أن الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها فوسيلة المحرم‬

‫محرمة‪ .‬و وسيلة الواجب واجبة‪ .‬وكذلك بقية الحكام الشرعية ‪.‬‬

‫أما القول بأن الجلوس بدعة فل أعلم أحدًا نص عليه من أهل العلم وكيف يكون‬

‫الجلوس بدعة وقد جلس رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ !‪ . . .‬الخ ( ‪.‬‬

‫والجواب عن هذا ‪:‬‬

‫أوًل ‪ :‬ليس في هذا الحديث حجة على جواز الجتماع في بيت أهل الميت أو غيره‬

‫للتعزية ؛ لنه ل يوجد ما يدل على أن الرسول صلى ال عليه وسلم جلس من اجل ان‬
‫يأتيه الناس ليعزوه و لم ينقل ان أحد من الصحابة جاءه وهو في تلك الحالة من اجل‬

‫التعزية ؛ ولهذا قال العلمة الشربيني في " مغني المحتاج " " كتاب الجنائز " ‪:‬‬

‫) وأما ما ثبت عن عائشة رضي ال تعالى عنها من " لما قتل زيد بن حارثة‬

‫وجعفر وعبد ال بن رواحة جلس رسول ال صلى ال عليه وسلم في المسجد ُيعرف‬

‫في وجهه الحزن " فل نسلم أن جلوسه كان لجل أن يأتيه الناس ليعزوه ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال العلمة ابن علن في تعليقه على " الذكار " للمام النووي ) ص ‪: ( 136‬‬

‫) وما ثبت عن عائشة " من أنه صلى ال عليه وسلم لما جاء خبر قتل لما قتل زيد بن‬

‫حارثة وجعفر وعبد ال بن رواحة جلس في المسجد ُيعرف في وجهه الحزن " فل نسلم‬

‫أن جلوسه كان لجل أن يأتيه الناس فيعزوه ‪ ،‬فلم يثبت ما يدل عليه ( ‪.‬‬

‫وقال العلمة ابن عابدين ـ رحمه ال ـ في " حاشية رد المحتار " في " باب صلة‬

‫الجنازة " ‪:‬‬

‫) قلت ‪ :‬وما في " البحر" من " أنه صلى ال عليه وسلم جلس لما قتل جعفر وزيد بن‬

‫حارثة والَناس يأتون ويعزونه " اهـ ‪ .‬يجاب عنه بأن جلوسه صلى ال عليه وسلم لم‬

‫يكن مقصودًا للتعزية ( اهـ ‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬ان هذا الجلوس هو أمر طبيعي لمن يأتيه خبر ل يسره فيجلس جلسة خفيفة‬

‫تظهر عليه الحزن وقد قال الحافظ ابن حجر نفسه في شرح الحديث السابق‬

‫) ‪ ) : ( 199 / 3‬قال الزين بن المنير ما ملخصه ‪ :‬موقع هذه الترجمة من الفقه أن‬

‫العتدال في الحوال هو المسلك القوم فمن أصيب بمصيبة عظيمة ل يفرط في الحزن‬

‫حتى يقع في المحذور من اللطم والشق والنوح وغيرها‪ ،‬ول يفرط في التجلد حتى‬

‫يفضي إلى القسوة والستخفاف بقدر المصاب ‪ ،‬فيقتدى به صلى ال عليه وسلم في‬

‫تلك الحالة بأن يجلس المصاب جلسة خفيفة بوقار وسكينة تظهر عليه مخايل الحزن‬

‫ويؤذن بأن المصيبة عظيمة ( اهـ ‪.‬‬

‫فكيف يستدل بهذه الجلسة الخفيفة كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه ال على مشروعية‬

‫الجلوس للعزاء لوقات طويلة ولمدة ثلثة أيام أو أكثر؟ !‬

‫ثالثًا ‪ :‬بالنسبة لقول محمد علوي المالكي ‪ ) :‬إن تعزية أهل الميت مقصد شرعي‬

‫واجتماعهم في بيت واحد وسيلة يتحقق بها هذا المقصد ‪ ،‬والقاعدة عند الفقهاء أن‬

‫الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها فوسيلة المحرم محرمة ‪ .‬و وسيلة الواجب واجبة ‪.‬‬

‫وكذلك بقية الحكام الشرعية ( فالجواب عنه ‪:‬‬

‫ن القيم‬
‫لمة اب ُ‬
‫ان قاعدة " للوسائل حكم المقاصد " ليست قاعدة مطردة فقد ) قال الع ّ‬

‫رحمه ال في كتابه " مدارج السالكين " ) ‪: ( 116 / 1‬‬

‫"‪...‬ل يلزم ذلك ـ أي أن يكون للوسائل حكم المقاصد ـ ؛ فقد يكون الشيء مباحًا ‪ ،‬بل‬
‫واجبًا ‪ ،‬و وسيلته مكروهٌة ؛ كالوفاء بالطاعة المنذورة وهو واجب مع أن وسيلَته وهو‬

‫النذر مكروه منهي عنه ‪ ،‬و كذلك الحلف المكروه مرجوح ‪ ،‬مع وجوب الوفاء به أو‬

‫الكفارة ‪ ،‬و كذلك سؤال الخلق عند الحاجة مكروه ‪ ،‬ويباح له النتفاع بما أخرجته له‬

‫المسألة ‪.‬‬

‫وهذا كثير جدًا ‪.‬‬

‫فقد تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره أو تحرم لجلها ‪ ،‬وما جعلت وسيلة إليه ليس‬

‫بحراٍم ول مكروه " ‪.‬‬

‫ومن نظر في تطبيق السلف الصالح ؛ رأى أنهم رضي ال عنهم كانوا يدققون في أمور‬

‫ق الحادث بين ما سمي "‬


‫العبادات كلها تدقيقًا بالغًا ؛ دون النظر في هذا التفري ِ‬

‫وسائل " أو " غايات " ‪.‬‬

‫ول أدل على ذلك من قصة عبد ال بن مسعود رضي ال عنه لما جاء إلى أولئك القوم‬

‫المتحلقين في المسجد ‪ ،‬ومعهم حصى ‪ ،‬يعدون بها التكبير والتهليل والتسبيح ‪ ،‬فقال‬

‫لهم رضي ال عنه ‪ ..." :‬فعدوا سيئاتكم ‪ ،‬فأنا ضامن أن ل يضيع من حسناِتكم شيٌء ‪،‬‬

‫حكم يا أمة محمد ! ما أسرع هلكتكم ! هؤلء صحابُة نبيكم صلى ال عليه وسلم‬
‫وي َ‬

‫متوافرون ‪ ،‬وهذه ثيابه لم تبل ‪ ،‬وآنيته لم تكسر ‪ ،‬واَلذي نفسي بيده ؛ إَنكم لعلى ملة‬

‫أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضللة ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬وال يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إل الخير ‪ .‬قال ‪ :‬وكم من مريد للخير لن‬

‫ُيصيَبه ‪. ( 18 ) " ...‬‬

‫قلت ‪ :‬فهذه قصة جليلة ‪ ،‬ترى فيها بجلء كيف كان علماء الصحابة رضي ال تعالى‬

‫عنهم يتعاملون مع العبادات بوساِئلها ومقاصِدها و نّيات أصحاِبها‪ ،‬وبيان ذلك فيما‬

‫يلي ‪:‬‬

‫ل ‪ ،‬وتسبيحًا ‪.‬‬
‫أ ـ قوم يذكرون ال تعالى ؛ تكبيرًا ‪ ،‬وتهلي ً‬

‫ب ـ استعملوا في ذكرهم حصى كـ ) وسيلة ( لعد هذا التكبير و التسبيح ‪.‬‬

‫ج ـ نياتهم في عمِلهم هذا حسنة ‪ ،‬يريدون به ‪ :‬عبادَة ال ‪ ،‬و ذكره ‪ ،‬وتعظيَمه ‪.‬‬

‫د ـ ومع ذلك ؛ أنكر عليهم ابن مسعوٍد هذا العمل ضمن هذه الوسيلة ؛ لنه لم يعهد عن‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ؛ رغم وجود المقتضي له في عصره ‪.‬‬

‫هـ ـ رتب على عملهم المحدث هذا الثم لمخالفتهم السنة ‪ ،‬و مواقعِتهم البدعَة ‪.‬‬

‫ل على‬
‫ل للتغاضي عن عملهم ‪ ،‬أو دلي ً‬
‫و ـ لم يجعل ـ رضي ال عنه ـ حسن نياِتهم سبي ً‬

‫صحة فعلهم ‪ ،‬إذ النيُة الحسنُة ل تجعل البدعة سنة ‪ ،‬ول القبيح حسنًا ‪ ،‬بل لبد أن‬

‫يكون مع النية الحسنة والخلص ‪:‬‬

‫موافقة للسنة ‪ ،‬ومتابعٌة للسلف ‪.‬‬


‫قال المام ابن كثير في " تفسيره " ) ‪: ( 231 / 1‬‬

‫) للعمل المتقبل شرطين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬أن يكون خالصًا ل وحده ‪.‬‬

‫والخر ‪ :‬أن يكون صوابًا موافقًا للشريعة ‪ ،‬فمتى كان خالصًا ولم يكن صوابًا ؛ لم‬

‫يتقبل ( ‪.‬‬

‫فهذا كله يجعل قاعدَة " للوسائل حكم المقاصد " مقصورة على ما َوَرَد في الشرع ‪،‬‬

‫سواء أكان وسيلة أم غاية ‪.‬‬

‫ولو فتحنا باب الَنظر والحداث في الوسائل الِبدعية للمقاصد الشرعية ؛ لصار الدين‬

‫غير الدين ‪ ،‬والشريعة غير الشريعة ‪ ،‬إذ " التقرب إلى ال ل ينال إل بفعل ما شرع ال‬

‫‪ ،‬وعلى الوجه الذي شرعه ‪ ،‬أما ما لم يشرعه من وسائل التقرب إليه ؛ فإنه ل يثيب‬

‫عليه " ‪ ،‬بل الثم مرتب على فعل محِدثِه ( ) ‪ ( 19‬كما قال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫" كل محدثٍة بدعة ‪ ،‬وكل بدعٍة ضللة ‪ ،‬وكل ضللٍة في النار " ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقول المالكي ‪ ) :‬القول بأن الجلوس بدعة فل أعلم أحدًا نص عليه من أهل‬

‫العلم ) ! ( وكيف يكون الجلوس بدعة وقد جلس رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ ! (‬

‫فالجواب عنه ما يلي ‪:‬‬

‫بينت فيما سبق أن جلوس رسول ال صلى ال عليه وسلم لم يكن لجل ان يأتيه الناس‬

‫فيعزوه ‪ ،‬وقد نقلت كلم العلمة الشربيني والعلمة ابن علن و العلمة ابن عابدين في‬

‫هذا ‪ ،‬وإنما كانت ) جلسة خفيفة بوقار و سكينة تظهر عليه مخايل الحزن ويؤذن بأن‬

‫المصيبة عظيمة ( كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر رحمه ال في " فتح الباري " عن‬

‫الزين بن المنير ‪.‬‬

‫وأما قول المالكي ‪ ) :‬القول بأن الجلوس بدعة فل أعلم أحدًا نص عليه من أهل العلم (‬

‫فأقول غيرك علم ومن علم حجة على من لم يعلم كما يقول أهل العلم ! ؛‬

‫فقد نص كثير من أهل العلم على بدعية هذا الجتماع وقد نقلت فيما مضى بعض تلك‬

‫القوال ومنها ‪:‬‬

‫قول المام الشيرازي ـ رحمه ال ـ في " المهذب " ‪ ) :‬ويكره الجلوس للتعزية ؛ لن‬

‫ذلك محدث ‪ ،‬والمحدث بدعة ( ‪.‬‬

‫وقول المام الطرطوشي ـ رحمه ال ـ ‪ ) :‬قال علماؤنا المالكيون ‪ " :‬التصدي للعزاِء‬

‫بدعة ومكروه ‪ ،‬فأما إن قعد في بيته َأو في المسجد محزونًا من غير َأن يتصدى للعزاء‬

‫؛ فل بأس به ؛ ‪ . .‬الخ ( ‪.‬‬

‫وقول العلمة ابن علن ـ رحمه ال ـ في تعليقه على كلم للمام النووي في كتابه‬

‫" الذكار " ‪ ) :‬يكره الجلوس للتعزية ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لنه محدث وهو بدعة ( ‪.‬‬

‫وقول المام ابن القيم الجوزية رحمه ال في" زاد المعاد في هدي خير العباد "‬
‫) ‪: ( 527 / 1‬‬

‫) وكان من هديه صلى ال عليه وسلم تعزية أهل الميت ‪ ،‬ولم يكن من هديه أن يجتِمَع‬

‫للعزاء ‪ ،‬ويقرأ له القرآن ‪ ،‬ل عند قبره ول غيره ‪ ،‬وكل هذا بدعة حادثة مكروهة ( اهـ ‪.‬‬

‫وقول العلمة السيوطي ـ رحمه ال ـ في " المر بالتباع والنهي عن البتداع "‬

‫) ص ‪ ) : ( 288‬من البدع ‪ :‬الجتماع لعزاء الميت ( ‪.‬‬

‫وقول الشيخ علي محفوظ رحمه ال عضو جماعة كبار العلماء بالزهرفي " البداع‬

‫في مضار البتداع " ) ص ‪ ) : ( 228‬ما يقع بعد الدفن من عمل المأتم ليلة أو ثلثة‬

‫ل ل نزاع في أنه بدعة‪...‬الخ ( ‪.‬‬


‫مث ً‬

‫وجاء في جواب اللجنة الدائمة للفتاء بالمملكة العربية السعودية حول الموضوع كما‬

‫في " فتاوى إسلمية " جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند ) ‪ 43 / 2‬ـ ‪: ( 44‬‬

‫) تعزية المصاب مشروعة ‪ ،‬وهذا ل إشكال فيه ‪ ،‬وأما تخصيص وقت معين لقبول‬

‫العزاء وجعله ثلثة أيام فهذا من البدع ‪ ،‬وقد ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد " ( اهـ ‪.‬‬


‫أنه قال ‪ " :‬من عمل عم ً‬

‫وقول فضيلة الشيخ العلمة محمد بن عثيمين عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية‬

‫السعودية كما في" فتاوى إسلمية " جمع محمد المسند ) ‪ 48 / 2‬ـ ‪…) : ( 49‬ان‬

‫اجتماع أهل الميت لستقبال المعزين هو أيضًا من المور التي لم تكن معروفة حتى إن‬

‫بعض العلماء قال إنه بدعة ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫ــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ : ( 18‬رواه الدارمي في سننه ) ‪ 68 / 1‬ـ ‪ ( 69‬وغيره ‪ ،‬وسنده صحيح ؛ انظر‬

‫" البدعة وأثرها السيئ في المة " لسليم الهللي فقد توسع في تخريجه و‬

‫" إحكام المباني في نقض وصول التهاني " لعلي الحلبي ‪.‬‬

‫ل من " علم أصول البدع " للشيخ علي حسن الحلبي ) ص ‪ 243‬ـ ‪( 246‬‬
‫) ‪ : ( 19‬نق ً‬

‫بتصرف يسير ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ـــــــــــ‬

‫الجزء السادس ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ 3‬ـ الشبهة الثالثة ‪ :‬استدلوا أيضًا على جواز الجتماع للعزاء بالحديث الذي رواه‬

‫المام احمد بن حنبل وأبو داود والنسائي عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال‬
‫عنه ما قال ‪ " :‬قبرنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ـ يعني ‪ :‬ميتًا ـ فلما فرغنا ‪،‬‬

‫انصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وانصرفنا معه ‪ ،‬فلما حاذى بابه ‪ ،‬وقف ‪،‬‬

‫فإذا نحن بامرأة مقبلٍة ‪َ ،‬قال ‪َ :‬أظنه عرفها ‪ ،‬فلما ذهبت ‪ ،‬إذا هي فاطمة عليها السلم ‪،‬‬

‫فقال لها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما أخرجك يا فاطمة من بيتك ؟‬

‫فقالت ‪ :‬أتيت يارسول ال أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم ‪ ،‬أو عزيتهم به ‪ ،‬فقال‬

‫لها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فلعلك بلغت معهم الكدى ؟ ! ـ أي القبور ـ َقالت ‪:‬‬

‫معاذ ال ‪ ،‬وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر ‪ ،‬قال ‪ :‬لو بلغت معهم الكدى ! فذكر تشديدًا‬

‫في ذلك " ‪.‬‬

‫الجواب ‪ :‬أوًل ‪ :‬هذا الحديث ل يصح عن النبي صلى ال عليه وسلم فقد قال المام‬

‫النووي عنه في " المجموع شرح المهذب " ) ‪ ) : ( 237 / 5‬رواه احمد بن حنبل و‬

‫أبو داود و النسائي بإسناد ضعيف ( اهـ ‪.‬‬

‫وضعفه الشيخ اللباني ـ رحمه ال ـ في " ضعيف سنن أبي داود " ) ص ‪ ( 256‬و‬

‫" ضعيف سنن النسائي " ) ص ‪ 65‬ـ ‪. ( 66‬‬

‫و كذلك ضعفه الشيخ علي الحلبي ـ حفظه ال ـ في تحقيقه لكتاب " الحوادث والبدع "‬

‫للمام الطرطوشي ) ص ‪ 167‬ـ ‪. ( 168‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ليس فيه على فرض صحته ان المعزين اجتمعوا في بيت أهل الميت للعزاء ؛‬

‫وان فاطمة ـ رضي ال ـ عنها ذهبت أثناء هذا الجتماع ‪ ،‬فليس فيه حجة أيضاً ‪.‬‬

‫ــــــــــ‬

‫‪ 4‬ـ الشبهة الرابعة ‪ :‬يقول البعض ان العلماء قالوا في هذا الجتماع انه مكروه أي‬

‫ليس حرام فيجوز هذا الجتماع مع الكراهة ‪.‬‬

‫الجواب عن هذه الشبهة ‪:‬‬

‫أوًل ‪ :‬ان هذا الجتماع لم يفعله الرسول صلى ال عليه وسلم ول صحابته الكرام وهو‬

‫من أمور الدين فإحداثه يعتبر محرم و ليس مكروه لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬من‬

‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد "‪.‬‬


‫عمل عم ً‬

‫ثانيًا ‪ :‬ان هناك علماء صرحوا بالتحريم ‪ ،‬والبعض منهم قال بالكراهة ؛ ويقصدون‬

‫بذلك الكراهة التحريمية ؛ وليست الكراهة التنزهية لنهم عللوا ذلك بقولهم أنه بدعة‬

‫؛ ول يمكن فهم المقصود بالبدعة هنا البدعة الحسنة ! كما يقول البعض لن البدعة‬

‫الحسنة عند من يقول بها يقول ان فيها أجر لمن يفعلها ولذلك يحثون عليها ؛ بينما‬

‫المكروه كراهة تنزهية هو ‪ :‬ما يثاب على تركه ) وليس على فعله ( ول يعاقب على فعله‬

‫كما هو معروف في علم الصول ‪.‬‬

‫وأما من قال بان هذا الجتماع مكروه كراهة تنزهية فكلمه مردود بتلك الدلة وبأقوال‬
‫العلماء الذين صرحوا بالتحريم والتي سبق نقلها فيما مضى ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ــــــــــ‬

‫الجزء السابع ‪:‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الرابع ‪:‬‬

‫أقوال العلماء في مسألة إقامة الولئم للعزاء ‪:‬‬

‫السنة أن ُيصنع طعام لهل الميت من قبل الهل أو الجيران وليس أن َيصنع أهل الميت‬

‫الطعام لمن يحضر للعزاء فإن الثابت في السنة الصحيحة انه صلى ال عليه وسلم "‬

‫لما جاء نعي جعفر رضي ال عنه قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬اصنعوا لل جعفر‬

‫طعامًا فقد أتاهم أمر ُيشغلهم " ؛ قال الشيخ اللباني في " أحكام الجنائز " )ص ‪: ( 21‬‬

‫) أخرجه أبو داود ) ‪ ( 59 / 2‬والترمذي ) ‪ ( 134 / 2‬وحسنه وابن ماجه‬

‫) ‪ ، ( 490 / 1‬وكذا الشافعي في " الم " ) ‪ ( 247 / 1‬و الدارقطني ) ‪( 197 ،194‬‬

‫و الحاكم ) ‪ ( 372 / 1‬والبيهقي ) ‪ ( 61 / 4‬وأحمد ) ‪ ( 175 / 1‬وقال الحاكم ‪" :‬‬

‫ح اِلسناد " ووافقه الذهبي ‪ ،‬وصححه ابن السكن أيضًا ‪ ،‬كما في " التلخيص "‬
‫صحي ُ‬

‫ن له شاهدًا ‪ ...‬الخ ( ‪.‬‬


‫) ‪ ( 253 / 5‬وهو عندي حديث حسن كما قال الترمذي فإ ّ‬

‫وقال المام البغوي ـ رحمه ال ـ في " شرح السنة " ) ‪: ( 46 / 5‬‬

‫) وإليه ـ يعني قول النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم‬

‫ما يشغلهم " ـ ذهب بعض أهل العلم ‪ ،‬استحبوا أن يوجهوا إلى أهل الميت الذين‬

‫أوجعتهم المصيبة بطعام لشغلهم بالمصيبة ‪ ،‬وهو قول الشافعي ( اهـ ‪.‬‬

‫وأما الجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام للذين يأتون إليهم للعزاء فهذا أمر غير‬

‫جائز شرعا ؛ فقد قال الصحابي الجليل جرير بن عبد ال البجلي رضي ال عنه ‪ " :‬كنا‬

‫نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " أخرجه أحمد وابن‬

‫ماجة ‪.‬‬

‫وقال المام النووي ـ رحمه ال ـ في " المجموع " ) ‪ " : ( 290 / 5‬رواه أحمد بن‬

‫حنبل وابن ماجة بإسناد صحيح " ‪.‬‬

‫ل من تحقيق الشيخ مشهور‬


‫وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ) ‪ ( 535 / 1‬نق ً‬

‫حسن لكتاب " المر بالتباع والنهي عن البتداع " للسيوطي ) ص ‪: ( 289‬‬

‫) هذا إسناد صحيح ( ‪.‬‬

‫وصححه اللباني في " صحيح سنن ابن ماجة " ) ‪. ( 48 / 2‬‬

‫قال العلمة السندي ـ رحمه ال ـ ‪ ) :‬قوله " كنا نرى " هذا بمنزلة رواية إجماع‬
‫الصحابة أو تقرير من النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وعلى الثاني فحكمه الرفع للنبي‬

‫ل من " عون المعبود شرح‬


‫صلى ال عليه وسلم وعلى التقديرين فهو حجة ( انتهى نق ً‬

‫سنن أبي داود " للعلمة محمد شمس الحق العظيم آبادي ـ رحمه ال ـ ) ‪. ( 282 / 8‬‬

‫وإليك فيما يلي أقوال بعض أهل العلم حول هذه المسألة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قال المام الشيرازي ـ رحمه ال ـ في " المهذب " في " باب التعزية و البكاء على‬

‫الميت " ) ‪ 289 / 5‬ضمن " المجموع " ( ‪:‬‬

‫) فصل في صنع الطعام لهل الميت ‪ :‬ويستحب لقرباء الميت ‪ ،‬وجيرانه أن يصلحوا‬

‫ب رضي ال عنه َقال النبي‬


‫طال ٍ‬
‫لهل الميت طعامًا‪ ،‬لما روي أنه لما قتل جعفر بن أبي َ‬

‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا ‪ ،‬فانه قد جاءهم أمر يشغلهم عنه " (‬

‫اهـ ‪.‬‬

‫‪2‬ـ قال المام الطرطوشي ـ رحمه ال ـ في " الحوادث و البدع " ) ص ‪ 170‬ـ ‪: ( 171‬‬

‫) قال مالك ‪ " :‬ول بأس أن يبعث إلى أهل الميت طعام ‪ ،‬وسواء فيه القريب والبعيد ‪،‬‬

‫وذلك َأن النبي صلى ال عليه وسلم " لما جاءه نعي جعفر رضي ال عنه قال النبي‬

‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم أمر يشغلهم " ‪.‬‬

‫وهذا الطعام مستحب عند معظم العلماءِ؛ لن ذلك من البر والتقرب للهل والجيران ‪،‬‬

‫فكان مستحبًا ‪.‬‬

‫فأما ِإذا َأصلح أهل الميت طعامًا ودعوا الناس ِإليه ؛ فلم ينقل فيه عن القدماء ـ أي‬

‫الصحابة والتابعين ـ شيء ‪ ،‬وعندي أنه بدعة وَمكروه ‪.‬‬

‫وهذه المسَألة مما وافقنا عليه الشافعي ‪.‬‬

‫قال أبو نصر بن الصباغ في " الشامل " قال ‪ " :‬لم ينقل فيه شيٌء ‪ ،‬وهو بدعة غير‬

‫مستحب "‪ ...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪3‬ـ قال المام ابن الجوزي ـ رحمه ال ـ في " تلبيس إبليس " ) ص ‪: ( 388‬‬

‫) ان المسنون ـ أي الذي هو على السنة ـ أن يتخذ لهل الميت طعامًا لشتغالهم‬

‫بالمصيبة عن إعداد الطعام لنفسهم وليس من السنة أن يتخذه أهل الميت ويطعمونه‬

‫إلى غيرهم ثم ذكر قول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا‬

‫فإنه قد جاءهم ما يشغلهم " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ قال المام ابن قدامة ـ رحمه ال ـ في " المغني " في " كتاب الجنائز "‬

‫) ‪: ( 345 / 2‬‬

‫) يستحب إصلح طعام لهل الميت يبعث به إليهم إعانة لهم وجبرًا لقلوبهم ‪ .‬فإنهم‬

‫ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلح طعام لنفسهم‪ .‬وقد روى أبو داود‬

‫في سننه بإسناده عن عبد ال بن جعفر قال ‪:‬‬


‫" لما جاء نعي جعفر رضي ال عنه َقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا‬

‫لل جعفر طعامًا فقد أتاهم أمر يشغلهم " ‪.‬‬

‫وروي عن عبد ال بن أبي بكر أنه قال ‪ " :‬فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها "‬

‫ل لهم إلى‬
‫فأما صنع أهل الميت طعامًا للناس فمكروه لن فيه زيادة على مصيبتهم وشغ ً‬

‫شغلهم ‪ ،‬وتشبهًا بصنع أهل الجاهلية ‪ . .‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ قال المام الرافعي ـ رحمه ال ـ في " فتح العزيز شرح الوجيز " المطبوع مع‬

‫" المجموع شرح المهذب " للمام النووي طبعة دار الفكر ) ‪: ( 252 / 5‬‬

‫) ويستحب لجيران الميت والبعدين من قرابته تهيئة طعام لهل الميت يشبعهم في‬

‫يومهم و ليلتهم فإنهم ل يفرغون له ولو اشتغلوا به لعيروا روي انه " لما جاء نعي‬

‫طعامًا فقد‬
‫جعفر رضي ال عنه قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر َ‬

‫أتاهم أمر يشغلهم " ويستحب إلحاحهم على الكل ‪ ،‬ولو اجتمع نساء ـ من أهل الميت ـ‬

‫ينحن لم يجز ان يتخذ لهن طعام فإنه إعانة على المعصية ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ قال المام النووي ـ رحمه ال ـ في " المجموع شرح المهذب " ) ‪: ( 290 / 5‬‬

‫) اتفقت نصوص الشافعي في " الم " و" المختصر" والصحاب على أنه يستحب‬

‫لقرباء الميت وجيرانه ان يعملوا طعاما لهل الميت و يكون بحيث يشبعهم في يومهم‬

‫وليلتهم ‪.‬‬

‫قال الشافعي في " المختصر " ‪ :‬و احب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لهل الميت‬

‫في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم فإنه سنة وفعل أهل الخير ‪ ،‬قال اصحابنا ‪ :‬ويلح‬

‫عليهم في الكل ولو كان الميت في بلد آخر يستحب لجيران أهله ان يعملوا لهم طعاما‬

‫ولو قال المصنف ويستحب لقرباء الميت وجيران أهله لكان احسن لدخول هذه‬

‫الصورة ‪.‬‬

‫قال أصحابنا رحمهم ال و لو كان النساء ـ أي من أهل الميت ـ ينحن لم يجز اتخاذ‬

‫طعام لهن ‪ ،‬لنه إعانة على المعصية ‪.‬‬

‫قال صاحب " الشامل " وغيره ‪ ) :‬وأما إصلح أهل الميت طعاما وجمع الناس عليه‬

‫فلم ينقل فيه شيء وهو بدعة غير مستحبة ( هذا كلم صاحب " الشامل " ويستدل لهذا‬

‫بحديث جرير بن عبد ال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه‬

‫من النياحة " رواه احمد بن حنبل وابن ماجة بإسناد صحيح وليس في رواية ابن‬

‫ماجة " بعد دفنه " ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال أيضًا في " روضة الطالبين " " باب التعزية " ‪ ) :‬يستحب لجيران الميت ‪،‬‬

‫والباعد من قرابته ‪ ،‬تهيئة طعام لهل الميت ‪ ،‬يشبعهم في يومهم وليلتهم ‪ ،‬ويستحب‬

‫أن يلح عليهم في الكل ‪.‬‬


‫قلت ‪ :‬قال صاحب " الشامل " " وأما إصلح أهل الميت طعامًا‪ ،‬وجمعهم الناس عليه‪،‬‬

‫فلم ينقل فيه شىء ‪ ،‬قال ‪ :‬وهو بدعة غير مستحبة " وهو كما قال ‪ .‬قال غيره ‪ :‬ولو‬

‫كان الميت في بلد ‪ ،‬وأهله في غيره ‪ ،‬يستحب لجيران أهله اتخاذ الطعام لهم ‪ .‬ولو قال‬

‫المام الرافعي ‪ :‬يستحب لجيران أهل الميت ‪ ،‬لكان أحسن ‪ ،‬لتدخل فيه هذه الصورة ‪.‬‬

‫وال أعلم ‪.‬‬

‫ولو اجتمع نساء ـ أي من أهل الميت ـ ينحن ‪ ،‬لم يجز أن يتخذ لهن طعامًا‪ ،‬فإنه إعانة‬

‫على معصية ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ قال المام ابن تيمية ـ رحمه ال ـ في "مجموع الفتاوى " ) ‪ 316 / 24‬ـ ‪: ( 317‬‬

‫) وأما صنعة أهل الميت طعامًا يدعون الناس إليه فهذا غير مشروع وإنما هو بدعة ‪،‬‬

‫بل قد قال جرير بن عبد ال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنعتهم الطعام من‬

‫النياحة " ‪.‬‬

‫وإنما المستحب إذا مات الميت ان ُيصنع لهله طعام‪ .‬كما قال النبي صلى ال عليه‬

‫وسلم لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما‬

‫يشغلهم " ( اهـ ‪.‬‬

‫وقال أيضًا كما في " الختيارات الفقهية لشيخ السلم ابن تيمية " ) ص ‪: ( 140‬‬

‫ث به إليهم ‪ ،‬ول ُيصلحون هم طعامًا للناس ‪،‬‬


‫) ويستحب أن ُيصَلح لهل الميت طعام ُيبع ُ‬

‫وهذا مذهب أحمد وغيره ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ وقال العلمة محمد بن محمد الرعيني المغربي المعروف بالحطاب ـ رحمه ال ـ‬

‫في " مواهب الجليل لشرح مختصر خليل " في " كتاب الجنائز " ‪:‬‬

‫) فرع ‪ :‬قال في الطراز ‪ :‬ويجوز حمل الطعام لهل الميت في يومهم وليلتهم واستحبه‬

‫الشافعي ‪.‬‬

‫والصل فيه ما رواه عبد ال بن جعفر أن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬اصنعوا‬

‫لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " ‪ .‬خرجه أبو داود ‪ .‬لن ذلك زيادة في البر‬

‫والتودد للهل والجيران ‪.‬‬

‫أما إصلح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه فقد كرهه جماعة وعدوه من البدع لنه‬

‫لم ينقل فيه شيء وليس ذلك موضع الولئم ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ قال العلمة الشربيني ـ رحمه ال ـ في " مغني المحتاج " في " كتاب الجنائز "‬

‫) ‪ 60 / 2‬ـ ‪: ( 61‬‬

‫) ) و ( يسن ) لجيران أهله ( ولقاربه الباعد وإن كان الهل بغير بلد الميت ‪ ) ،‬تهيئة‬

‫طعام يشبعهم ( أي أهله القارب ‪ ) ،‬يومهم وليلتهم ( لقوله صلى ال عليه وسلم لما‬

‫جاء خبر قتل جعفر ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد جاءهم ما يشغلهم " حسنه‬
‫الترمذي وصححه الحاكم ؛ ولنه بر ومعروف ‪.‬‬

‫قال السنوي ‪ :‬والتعبير باليوم والليلة واضح إذا مات في أوائل اليوم ‪ ،‬فلو مات في‬

‫أواخره فقياسه أن يضم إلى ذلك الليلة الثانية أيضًا ل سيما إذا تأخر الدفن عن تلك‬

‫الليلة ‪ ) .‬ويلح عليهم ( ندبًا ) في الكل ( منه إن احتيج إليه لئل يضعفوا ‪ ،‬فربما تركوه‬

‫استحياًء أو لفرط الحزن ‪ ،‬ول بأس بالقسم إذا عرف الحالف أنهم يبرون قسمه ‪.‬‬

‫) ويحرم تهيئته للنائحات ( والنادبات ) وال أعلم ( لنها إعانة على معصية ‪.‬‬

‫قال ابن الصباغ وغيره ‪ :‬أما إصلح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه فبدعة غير‬

‫مستحب ‪ ،‬روى أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح عن جرير بن عبد ال قال ‪ " :‬كنا نعد‬

‫الجتماع إلى أهل الميت وصنعتهم الطعام للناس من النياحة " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ وقال العلمة ابن الحاج ـ رحمه ال ـ في " المدخل " ‪:‬‬

‫) وأما إصلح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه فلم ينقل فيه شيء وهو بدعة غير‬

‫ل من " الرد على الكاتب المفتون " للشيخ حمود التويجري رحمه‬
‫مستحب ( انتهى نق ً‬

‫ال ) ص ‪. ( 15‬‬

‫‪ 11‬ـ وقال العلمة البهوتي ـ رحمه ال ـ في " كشاف القناع " في " كتاب الجنائز " ‪:‬‬

‫) ) ويسن أن يصلح لهل الميت طعام يبعث به إليهم ثلثًا ( أي ثلثة أيام ‪ ،‬لقوله صلى‬

‫طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " ‪ .‬رواه الشافعي‬


‫ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر َ‬

‫وأحمد والترمذي وحسنه ‪.‬‬

‫ي صلى ال عليه وسلم إلى شعير فطحنته ‪،‬‬


‫قال الزبير ‪ " :‬فعمدت سلمى مولُة النب ّ‬

‫ت جعل عليه ‪ ،‬وبعثت به إليهم " ‪.‬‬


‫وأدمتُه بزي ٍ‬

‫ويروى عن عبد ال بن أبي بكر أنه قال ‪ " :‬فما زالت السنة فينا حتى تركها من‬

‫تركها "‪ .‬وسواء كان الميت حاضرًا أو غائبًا وأتاهم نعيه ‪ ،‬وينوي فعل ذلك لهل‬

‫الميت ‪ ) ،‬ل لمن يجتمع عندهم ‪ ،‬فيكره ( لنه معونة على مكروه ‪ ،‬وهو اجتماع‬

‫الناس عند أهل الميت ‪ .‬نقل المروذي عن أحمد ‪ :‬هو من أفعال الجاهلية ‪ ،‬وأنكره‬

‫شديدًا ‪ ،‬ولحمد وغيره ‪ :‬عن جرير وإسناده ثقات ‪ .‬قال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى‬

‫أهل الميت وصنعتهم الطعام للناس من النياحة " ‪.‬‬

‫) ويكره فعلهم ( أي فعل أهل الميت ) ذلك ( أي الطعام ) للناس ( الذين يجتمعون‬

‫عندهم ‪ ،‬لما تقّدم ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 12‬ـ قال العلمة الصنعاني ـ رحمه ال ـ في " سبل السلم " ) ‪: ( 403 / 3‬‬

‫) قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم "‬

‫أخرجه الخمسة إل النسائي ‪ .‬فيه دليل على شرعية إيناس أهل الميت بصنع الطعام لهم‬

‫لما هم فيه من الشغل بالموت ‪ ،‬ولكنه أخرج أحمد من حديث جرير ابن عبد ال‬
‫البجلي ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة " ‪.‬‬

‫فيحمل حديث جرير على أن المراد صنعة أهل الميت الطعام لمن يدفن معهم ويحضر‬

‫لديهم كما هو عرف بعض أهل الجهات ‪ ،‬وأما الحسان إليهم بحمل الطعام لهم فل بأس‬

‫به وهو الذي أفاده حديث جعفر ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ــــــــــــ‬

‫الجزء الثامن ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ 13‬ـ قال العلمة الشوكاني ـ رحمه ال ـ في " نيل الوطار " ) ‪ ) : ( 118 / 4‬باب ‪:‬‬

‫صنع الطعام لهل الميت وكراهته منهم للناس ( ‪:‬‬

‫) قوله ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت‪...‬الخ " يعني أنهم كانوا يعدون الجتماع‬

‫عند أهل الميت بعد دفنه ‪ ،‬وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل‬

‫عليهم وشغلهم ‪ ،‬مع ما هم فيه من شغلة الخاطر بموت الميت ‪ ،‬ومافيه من مخالفة‬

‫السنة لنهم مأمورون بأن يصنعوا لهل الميت طعامًا فخالفوا ذلك و كلفوهم صنعة‬

‫الطعام لغيرهم ( اهـ ‪.‬‬

‫‪14‬ـ قال العلمة ابن عابدين الحنفي ـ رحمه ال ـ في " حاشية رد المحتار " ‪:‬‬

‫) مطلب في كراهة الضيافة من أهل الميت وقال أيضًا ‪ :‬ويكره اتخاذ الضيافة من‬

‫الطعام من أهل الميت لنه شرع في السرور ل في الشرور‪ ،‬وهي بدعة مستقبحة ‪.‬‬

‫وروى المام أحمد وابن ماجه بِإسناد صحيح عن جرير بن عبد ال قال ‪ " :‬كنا نعد‬

‫الجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة " اهـ ‪.‬‬

‫وفي " البزازية " ‪ :‬ويكره اتخاذ الطعام في اليوم الول والثالث ‪ .‬وبعد السبوع ونقل‬

‫الطعام إلى القبر في المواسم ‪ ،‬واتخاذ الدعوة لقراءة القرآن وجمع الصلحاء والقراء‬

‫للختم أو لقراءة سورة النعام أو الخلص ‪.‬‬

‫والحاصل أن اتخاذ الطعام عند قراءة القرآن َلجل الكل يكره ‪ .‬وفيها من كتاب‬

‫الستحسان ‪ :‬وإن اتخذ طعامًا للفقراء كان حسنًا اهـ ‪ .‬وأطال في ذلك " المعراج " ‪.‬‬

‫وقال ‪ :‬وهذه الفعال كلها للسمعة والرياء فيحترز عنها لنهم ل يريدون بها وجه ال‬

‫تعالى اهـ ‪ .‬وبحث هنا في " شرح المنية " بمعارضة حديث جرير المار بحديث آخر‬

‫فيه ‪ " :‬أنه عليه الصلة والسلم دعته امرأة رجل ميت لما رجع من دفنه فجاء وجيء‬

‫بالطعام " ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬وفيه نظر ‪ ،‬فإنه واقعة حال ل عموم لها مع احتمال سبب خاص ‪ ،‬فخلف ما في‬

‫حديث جرير ‪.‬‬


‫على أنه بحث في المنقول في مذهبنا ومذهب غيرنا كالشافعية والحنابلة استدللً‬

‫بحديث جرير المذكور على الكراهة‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪15‬ـ قال العلمة المباركفوري ـ رحمه ال ـ في " تحفة الحوذي بشرح جامع‬

‫الترمذي " ) ‪ 66 / 4‬ـ ‪: ( 67‬‬

‫) قال الطيبي ‪ :‬دل ) أي حديث جعفر ( على أنه يستحب للقارب والجيران تهيئة طعام‬

‫لهل الميت انتهى ‪.‬‬

‫قال ابن العربي في العارضة ‪ :‬والحديث أصل في المشاركات عند الحاجة وصححه‬

‫الترمذي ‪ .‬والسنة فيه أن يصنع في اليوم الذي مات فيه لقوله صلى ال عليه‬

‫وسلم ‪ " :‬قد جاءهم ما يشغلهم " فحزن موت وليهم اقتضى أن يتكلف لهم عيشهم ‪ .‬وقد‬

‫كانت للعرب مشاركات ومواصلت في باب الطعمة باختلف السباب وفي حالت‬

‫اجتماعها انتهى ‪ ،‬وقال القاري ‪ :‬والمراد طعام يشبعهم يومهم وليلتهم فإن الغالب أن‬

‫الحزن الشاغل عن تناول الطعام ل يستمر أكثر من يوم ‪ ،‬ثم إذا صنع لهم ما ذكر سن أن‬

‫يلح عليهم في الكل لئل يضعفوا بتركه استحياء أو لفرط جزع انتهى ‪ ،‬وقال ابن‬

‫الهمام ‪ :‬و يستحب لجيران أهل الميت والقرباء الباعد تهيئة طعام يشبعهم يومهم‬

‫وليلتهم لقوله صلى ال عليه وسلم " اصنعوا لل جعفر طعامًا " ؛ وقال يكره اتخاذ‬

‫الضيافة من أجل الميت لنه شرع في السرور ل في الشرور وهي بدعة مستقبحة‬

‫انتهى ‪ ،‬وقال القاري ‪ :‬واصطناع أهل البيت الطعام لجل اجتماع الناس عليه بدعة‬

‫مكروهة بل صح عن جرير رضي ال عنه ‪ " :‬كنا نعده من النياحة " وهو ظاهر في‬

‫التحريم انتهى ‪ ،‬قلت ‪ :‬حديث جرير رضي ال عنه أخرجه أحمد وابن ماجة بلفظ ‪:‬‬

‫" كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " انتهى ؛‬

‫وإسناده صحيح ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 16‬ـ قال العلمة محمد شمس الحق العظيم آبادي ـ رحمه ال ـ في " عون المعبود‬

‫شرح سنن أبي داود " ) ‪: ( 282 / 8‬‬

‫) الوارد أن يصنع الناس الطعام لهل الميت فاجتماع الناس في بيتهم حتى يتكلفوا‬

‫لجلهم الطعام قلب لذلك ‪ :‬وقد ذكر كثير من الفقهاء أن الضيافة لهل الميت قلب‬

‫للمعقول لن الضيافة حقًا أن تكون للسرور ل للحزن ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 17‬ـ وقال الشيخ علي محفوظ ـ رحمه ال ـ عضو جماعة كبار علماء الزهر في "‬

‫البداع في مضار البتداع " ) ص ‪ ) : ( 230‬وعلى الجملة ‪ :‬فما يعمله الناس اليوم من‬

‫اتخاذ الطعمة للمعزين والنفقات التي تنفق في ليالي المأتم ‪ ،‬وما يتبعها مثل ليالي‬

‫الجمع والربعين كله من البدع المذمومة المخالفة لما كان عليه رسول ال صلوات ال‬

‫وسلمه عليه والسلف الصالح من بعده ‪ ...‬الخ ( ‪.‬‬


‫‪18‬ـ قال الشيخ العلمة محمد ناصر الدين اللباني ـ رحمه ال ـ في " أحكام الجنائز‬

‫وبدعها " ) ص ‪ ( 210‬عند حديثه على التعزية وقد نقلته في الفصل السابق ‪:‬‬

‫) وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما ‪:‬‬

‫ص كالدار أو المقبرة أو المسجد ‪.‬‬


‫ن خا ً‬
‫‪ 1‬ـ الجتماع للتعزية في مكا ٍ‬

‫‪ 2‬ـ اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء ‪.‬‬

‫وذلك لحديث جرير بن عبد ال البجلي رضي ال عنه " كنا نعد ) وفي رواية ‪ :‬نرى (‬

‫الجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحِة " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪19‬ـ قال الشيخ العلمة عبد العزيز بن باز ـ رحمه ال ـ مفتي المملكة العربية السعودية‬

‫ورئيس هيئة كبار العلماء سابقًا كما في " فتاوى إسلمية " جمع محمد المسند‬

‫) ‪: ( 55 / 2‬‬

‫) الوصية بإقامة الولئم بعد الموت بدعة ومن عمل الجاهلية ‪ ،‬وهكذا عمل أهل الميت‬

‫للولئم المذكورة ولو بدون وصية منكر ل يجوز لما ثبت عن جرير بن عبد ال البجلي‬

‫طعام بعد دفنه من‬


‫رضي ال عنه قال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنعة ال َ‬

‫النياحة " خرجه المام أحمد بإسناد حسن ولن ذلك خلف ما شرعه ال من إسعاف‬

‫أهل الميت بصنعة الطعام لهم لكونهم مشغولين بالمصيبة لما ثبت عن النبي صلى ال‬

‫عليه وسلم أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي ال عنه في غزوة مؤته‬

‫قال لهله ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 20‬ـ قال الشيخ العلمة محمد بن عثيمين ـ رحمه ال ـ عضو هيئة كبار العلماء‬

‫بالمملكة العربية السعودية في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" )‪ 5/470‬ـ ‪: ( 472‬‬

‫) قوله ‪ " :‬وسن أن يصلح لهل الميت طعام يبعث به إليهم " ‪.‬‬

‫لقول النبي صلى ال عليه وسلم حين " جاء نعي جعفر رضي ال عنه قال النبي‬

‫صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " ‪.‬‬

‫وظاهر كلم المؤلف أن صنع الطعام لهل الميت سنة مطلقًا ‪ ،‬ولكن السنة تدل على أنه‬

‫ليس بسنة مطلقًا ‪ ،‬وإنما هو سنة لمن انشغلوا عن إصلح الطعام بما أصابهم من‬

‫مصيبة لقوله ‪ " :‬فقد أتاهم ما يشغلهم " ‪.‬‬

‫ومع ذلك غالى بعض الناس في هذه المسألة غلوًا عظيمًا ل سيما في أطراف البلد ‪،‬‬

‫حتى إنهم إذا مات الميت يرسلون الهدايا من الخرفان الكثيرة لهل الميت ‪ ،‬ثم إن أهل‬

‫الميت يطبخونها للناس ‪ ،‬ويدعون الناس إليها فتجد البيت الذي أصيب أهله كأنه بيت‬

‫عرس ‪.‬‬

‫وهذا ل شك أنه من البدع المنكرة ‪ ،‬وهل نحن مأمورون عند المصائب أن نأتي‬

‫بالمسليات الحسية التي تختم على القلب حتى ننسى المصيبة نسيان البهائم ؟ ! نحن‬
‫مأمورون بأن نتسلى بما أرشدنا ال إليه ‪ ) :‬إنا ل وإنا إليه راجعون ( ؛ ل بأن يأتي‬

‫الناس من يمين و شمال ؛ ليجتمعوا إلينا ويؤنسونا تأنيسًا ظاهريًا ‪.‬‬

‫وإذا لم تكن المصيبة منسية بما قال ال عز وجل ‪ ،‬ورسوله صلى ال عليه وسلم‬

‫فإنها ل خير فيها فيكون هذا النسيان سلوًا كسلو البهائم ‪.‬‬

‫وقد قال الصحابة رضي ال عنهم ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى َأهل الميت وصنعة الطعام‬

‫من النياحة " والنياحة من كبائر الذنوب فإن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪" :‬‬

‫ب ‪ ،‬وسرباًل من قطران يوم القيامة " ‪.‬‬


‫النائحة إذا لم تتب ألبست درعًا من جر ٍ‬

‫قوله ‪ " :‬ويكره لهم فعله للناس " أي ‪ :‬صنع الطعام مكروه لهل الميت ‪ ،‬أي ‪ :‬أن‬

‫يصنعوا طعامًا ويدعوا الناس إليه ؛ لن الصحابة رضي ال عنهم " كانوا يعدون صنع‬

‫الطعام والجتماع لهل الميت من النياحة " ( انتهى كلم الشيخ ابن عثيمين بتصرف‬

‫يسير‪.‬‬

‫‪21‬ـ قال الشيخ صالح الفوزان ـ حفظه ال ـ عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية‬

‫السعودية في " الملخص الفقهي " ) ‪: ( 216 / 1‬‬

‫) ما يفعله بعض الناس اليوم من أن أهل الميت يهيئون مكانًا لجتماع الناس عندهم ‪،‬‬

‫و يصنعون الطعام ‪ ،‬ويستأجرون المقرئين لتلوة القرآن ‪ ،‬ويتحملون في ذلك تكاليف‬

‫مالية ‪ ،‬فهذا من المآتم المحرمة المبتدعة ؛ لما روى المام احمد عن جرير بن عبد ال‬

‫؛ قال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى َأهل المِيت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " ‪،‬‬

‫وإسناده ثقات ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪22‬ـ قال الشيخ حمود بن عبد ال التويجري ـ رحمه ال ـ في " الرد على الكاتب‬

‫المفتون " ) ص ‪: ( 12‬‬

‫) من العمال المردودة إقامة الولئم للعزاء لن ذلك لم يكن من أمر النبي صلى ال‬

‫عليه وسلم ول من عمل الصحابة رضي ال عنه م ول من عمل التابعين وتابعيهم‬

‫وإنما هو من المحدثات‪ (...‬إلى آخر كلمه رحمه ال ‪ ،‬وكتابه هذا في الساس رد على‬

‫كاتب كتب مقال يدعوا فيه إلى إقامة هذه الولئم ‪.‬‬

‫‪ 23‬ـ قال فضيلة الشيخ سيد سابق ـ رحمه ال ـ في " فقه السنة " ) ‪: ( 261 / 1‬‬

‫) استحب الشارع هذا العمل ) أي صنع الطعام لهل الميت ( لنه من البر و التقرب إلى‬

‫الهل والجيران ‪ ،‬قال الشافعي ‪ :‬وأحب لقرابة الميت أن يعملوا لهل الميت في يومهم‬

‫و ليلتهم طعامًا يشبعهم ‪ ،‬فإنه سنة وفعل أهل الخير ‪.‬‬

‫واستحب العلماء اللحاح عليهم ليأكل‪ ،‬لئل يضعفوا بتركه استحياء أو لفرط جزع ‪.‬‬

‫وقالوا ‪ :‬ل يجوز اتخاذ الطعام للنساء إذا كن ينحن لنه إعانة لهن على معصية ‪.‬‬

‫واتفق الئمة على كراهة صنع أهل الميت طعامًا للناس يجتمعون عليه ‪ ،‬لما في ذلك‬
‫ل لهم إلى شغلهم و تشبهًا بصنع أهل الجاهلية ‪ ،‬لحديث‬
‫من زيادة المصيبة عليهم و شغ ً‬

‫جرير قال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل المِيت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " و‬

‫ذهب بعض العلماء إلى التحريم ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 24‬ـ جاء في " تقاليد يجب أن تزول منكرات المآتم والموالد " و هي رسالة أصدرتها‬

‫وزارة الوقاف المصرية بقلم طائفة من علماء الزهر ) ص ‪: ( 23‬‬

‫) يستحب صنع الطعام لهل الميت ‪ ،‬لنه من البر والتقرب إلى الهل و الجيران ‪،‬‬

‫ولنهم في شغل شاغل عن العناية بأنفسهم وإعداد الطعام ‪ ،‬قال صلى ال عليه‬

‫وسلم ‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " رواه أبو داود وابن ماجة‬

‫والترمذي وقال ‪ :‬حسن صحيح ‪ ،‬وقال الشافعي ‪ :‬وأحب لقرابة الميت أن يعملوا‬

‫لهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم ‪ ،‬فإنه سنة وفعل أهل الخير ‪.‬‬

‫ويكره لهل الميت أن يصنعوا للناس طعاما يجتمعون عليه كما يفعله كثير من الناس إذ‬

‫في ذلك من زيادة المصيبة عليهم ما فيه ) موت و خراب ديار ( ولنه تشبه بفعل‬

‫الجاهلية لحديث جرير قال ‪ " :‬كنا نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه‬

‫من النياحة " ( اهـ ‪.‬‬

‫‪ 25‬ـ قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ ـ حفظه ال ـ في " المنظار‬

‫في بيان كثير من الخطاء الشائعة " ) ص ‪: ( 120‬‬

‫) ِإقامة الولئم للزوار مخالف للسنة ومشغل لهل الميت ‪ ،‬والسنة أن يصنع َلهل‬

‫الميت طعام يكفيهم ـ ثم استدل بقول قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬اصنعوا‬

‫لل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم " ـ ‪....‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪26‬ـ قال محمد علوي المالكي ) ‪ ! ( 20‬في " تحقيق المال فيما ينفع الميت من‬

‫العمال " ) ص ‪: ( 104‬‬

‫) ‪ ...‬وإنما كان بدعة ) أي صنع أهل الميت الطعام للمعزين ( لن السنة أن يصنع‬

‫الناس لهل الميت الطعام ‪ ،‬فمن ترك هذه السنة وأحدث طريقة غيرها كان مبتدعًا ) ! (‬

‫فقد نص المام النووي رحمه ال على أنه بدعة غير مستحبة ‪.‬‬

‫وقال ابن تيمية فيما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم ‪ " :‬جمع أهل المصيبة‬

‫الناس على طعامهم ليقرءوا ويهدوا له ليس معروفًا عند السلف وقد كرهه طوائف من‬

‫العلماء من غير وجه " ( اهـ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ : ( 20‬هو صوفي مبتدع ‪ ،‬وذكرت كلمه حجة على أتباعه ‪ ،‬وأنظر ما سبق في‬
‫هامش ) رقم ‪. ( 9 :‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬


‫ـــــــــــــ‬

‫الجزء التاسع ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــ‬

‫شبهات حول جواز صنع أهل الميت الطعام للمعزين ‪:‬‬

‫يقول البعض ) ‪ ( 21‬ان الجتماع على الطعام في بيت أهل الميت جائز بدليل ما رواه‬

‫أبو داود في " سننه " عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من النصار قال ‪:‬‬

‫" خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول ال صلى ال‬

‫عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر ‪َ :‬أوسع من قبل رجليه ‪ ،‬أوسع من قبل‬

‫رأسه ‪ ،‬فلما رجع استقبله داعي امرأته ـ أي زوجة الميت ـ ‪ ،‬فجاء ‪ ،‬وجيء بالطعام‬

‫‪ ،‬فوضع يده ‪ ،‬ثم وضع القوم ‪ ،‬فأكُلوا … " ‪.‬‬

‫ففي هذا الحديث دللة صريحة على جواز ما يصنعه أهل الميت من طعام ودعوة الناس‬

‫إليه سواء بقصد طلب الثواب للميت أو إكرامًا للضيف ! ‪.‬‬

‫والجواب ‪ :‬ان الحديث رواه المام أبو داود في " سننه " في " باب في اجتناب‬

‫الشبهات " عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من النصار بلفظ ‪:‬‬

‫) خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول ال صلى ال‬

‫عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر ‪ " :‬أوسع من قبل رجليه ‪ ،‬أوسع من قبل‬

‫رأسه " ‪ ،‬فلما رجع استقبله داعي امرأٍة ‪ ،‬فجاء ‪ ،‬وجيء بالطعام ‪ ،‬فوضع يده ‪ ،‬ثم‬

‫وضع القوم ‪ ،‬فأكلوا ‪ ،‬فنظر آباؤنا رسول ال صلى ال عليه وسلم يلوك لقمة في فمه‬

‫‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها " ‪ ،‬فأرسلت المرأة ‪ ،‬قالت ‪ :‬يا رسول‬

‫ال ‪ِ :‬إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد ‪ ،‬فأرسلت إلى جار لي قد اشترى‬

‫شاة ‪ ،‬أن أرسل إلي بها بثمنها ‪ ،‬فلم يوجد ‪ ،‬فأرسلت إلى امرأته ‪ ،‬فأرسلت إلي بها ‪،‬‬

‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪َ " :‬أطعميه السارى " ( ‪.‬‬

‫وهو حديث صحيح صحح إسناده المام النووي في " المجموع " ) ‪( 286 / 5‬‬

‫والحافظ ابن حجر في " التلخيص " ) ‪ ( 201 / 5‬كما قال اللباني في " أحكام الجنائز‬

‫وبدعها " ) ص ‪ ( 182‬وصححه اللباني في " صحيح سنن أبي داود " ) ‪. ( 335 / 2‬‬

‫فاللفظ الصحيح الذي رواه أبو داود هو " داعي امرأة " بالتنكير ل بالضافة ‪ ،‬أما‬

‫لفظ " داعي امرأته أي زوجة الميت " ليس صحيح بل هو تصحيف وقع في " مشكاة‬

‫المصابيح " ‪ ،‬ولهذا قال الشيخ العلمة المباركفوري في " تحفة الحوذي بشرح جامع‬

‫الترمذي " )‪: ( 67 / 4‬‬

‫) فإن قلت ‪ :‬حديث جرير هذا مخالف لحديث عاصم بن كليب الذي رواه أبو داود في‬
‫سننه بسند صحيح عنه عن أبيه عن رجل من النصار قال ‪ " :‬خرجنا مع رسول ال‬

‫صلى ال عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو على‬

‫القبر يوصي الحافر ‪ " :‬أوسع من قبل رجليه ‪ ،‬أوسع من قبل رأسه " ‪ ،‬فلما رجع‬

‫استقبله داعي امرأته ‪ ،‬فأجاب ونحن معه ‪ ،‬فجيء بالطعام ‪ ،‬فوضع يده ‪ ،‬ثم وضع‬

‫القوم ‪ ،‬فأكلوا ‪ . " ..‬الحديث رواه أبو داود والبيهقي في دلئل النبوة هكذا في المشكاة‬

‫في باب المعجزات ‪.‬‬

‫فقوله ‪ :‬فلما رجع استقبله داعي امرأته ‪..‬الخ نص صريح في أن رسول ال صلى ال‬

‫عليه وسلم أجاب دعوة أهل البيت و اجتمع هو وأصحابه بعد دفنه وأكلوا ‪ ،‬فإن‬

‫الضمير المجرور في امرأته راجع إلى الميت الذي خرج رسول ال صلى ال عليه‬

‫وسلم في جنازته ‪ ،‬فما التوفيق بين هذين الحديثين المختلفين ؟‬

‫قلت ) القائل ‪ :‬المباركفوري ( ‪ :‬قد وقع في المشكاة لفظ ) داعي امرأته ( بأضافة لفظ‬

‫امرأة إلى الضمير وهو ليس بصحيح بل الصحيح ) داعي امرأٍة ( بغير الضافة ‪،‬‬

‫والدليل عليه أنه وقع في سنن أبي داود ‪:‬‬

‫) داعي امرأة ( بغير الضافة ‪.‬‬

‫قال في " عون المعبود " ‪ :‬داعي امرأته بالضافة انتهى ‪ ،‬وروى هذا الحديث المام‬

‫أحمد في " مسنده " ) ‪ ( 293 / 5‬وقد وقع فيه أيضًا ‪ ) :‬داعي امرأٍة ( بغير الضافة‬

‫بل زاد فيه بعد ) داعي امرأٍة ( لفظ ‪:‬‬

‫) من قريش ( ‪ ،‬فلما ثبت أن الصحيح في حديث عاصم بن كليب هذا الفظ ‪ ) :‬داعي‬

‫امرأٍة ( بغير إضافة امرأة إلى الضمير ‪ ،‬ظهر أن حديث جرير المذكور ليس بمخالف‬

‫لحديث عاصم بن كليب هذا فتفكر ( انتهى كلم العلمه المباركفوري رحمه ال ‪.‬‬

‫وقال العلمة محمد شمس الحق العظيم آبادي في " عون المعبود شرح سنن أبي‬

‫داود " ) ‪: ( 129 / 9‬‬

‫) ) فلما رجع ( أي عن المقبرة ) استقبله ( أي النبي صلى ال عليه وسلم ) داعي‬

‫امرأة ( كذا في النسخ الحاضرة و في المشكاة داعي امرأته بالضافة إلى الضمير ‪..‬‬

‫الخ ( ‪.‬‬

‫فبهذا يتبين أنه ل حجة في هذا الحديث على ما استدل به البعض من جواز صنع أهل‬

‫الميت الطعام للمعزين واجتماعهم عليه ‪.‬‬

‫وانظر " الرد على الكاتب المفتون " للشيخ حمود التويجري ـ رحمه ال ـ‬

‫) ص ‪ 106‬ـ ‪ ( 111‬فقد توسع الشيخ التويجري في الرد على هذه الشبة‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫الهوامش ‪:‬‬

‫)‪ : (21‬انظر " الرد على الكاتب المفتون " للشيخ التويجري ـ رحمه ال ـ ) ص ‪( 106‬‬

‫فقد نقل هذه الشبهة عن أحد المفتونين بالبدع ثم رد عليه رحمه ال ‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ـــــــــــ‬

‫الجزء العاشر‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل الخامس ‪:‬‬

‫أقوال العلماء حول تخصيص لباس السواد أيام العزاء ‪:‬‬

‫‪1‬ـ قال العلمة صديق حسن خان رحمه ال في " الدين الخالص " )‪: ( 344 / 4‬‬

‫) الهّم ‪ ،‬والغّم ‪ ،‬و الحزن ‪ ،‬والجزع ‪ ،‬والفزع ‪ ،‬والنوح ‪ ،‬واِلحداد فوق ما أجازه‬

‫الشارع ‪ ،‬ل يجوز ‪ ،‬وأن ذلك محرم على الرجال والنساء جميعًا ‪.‬‬

‫ومنهم ‪ :‬من يلبس السود ؛ أمارًة على ذلك ‪.‬‬

‫ومنهم ‪ :‬من يكتب الكتاب وأطراف قرطاسه سوداء إلى أيام معدودة إظهارًا للغم على‬

‫من مات من قرباه ‪ ،‬وهذا عادة النصارى ‪.‬‬

‫ومنهم ‪ :‬من يحد إلى أيام كثيرة ‪ ،‬ويزيد في اِلحداد أشياء من قبل نفسه إتباعًا لخطوات‬

‫الشيطان ‪.‬‬

‫وال أمر عباده أن يصبروا في المصائب والحزان ‪ ،‬ول يقلقوا ول يظطربوا ‪ ،‬بل‬

‫يستعينوا بال فيها ‪ ،‬ويسترجعوا ‪ ،‬ول يختالوا ويفخروا ‪ ،‬ول يأتوا بفعل الجاهلية في‬

‫شيء من اِلسلم ‪ ،‬ول يحدثوا بدعات ل يرضاها ال ورسوله عليه الصلة والسلم (‬

‫اهـ ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ قال الشيخ علي محفوظ ـ رحمه ال ـ عضو جماعة كبار العلماء بالزهر في‬

‫" البداع في مضار البتداع " ) ص ‪: ( 404‬‬

‫) ومن البدع السيئة ما اعتاده الناس من لبس السود من الثياب عند حدوث مصيبة‬

‫فانه ل أصل له في السنة ‪ ،‬وإنما السنة لبس الثياب البيض في حال الشدة والرخاء‬

‫والحياة والموت ففي الحديث عن ابن عباس رضي ال عنه ما أن رسول ال صلى ال‬

‫عليه وسلم قال ‪ " :‬البسوا من ثيابكم البياض ‪ ،‬فإنها خير ثيابكم ‪ ،‬وكفنوا فيها‬

‫موتاكم " فهذا الحديث وما شاكله ناطق بأن السنة لبس البيض مطلقًا في جميع‬

‫الحالت ( انتهى باختصار و تصرف ‪.‬‬

‫والحديث الذي ذكره عن النبي صلى ال عليه وسلم انه قال ‪ " :‬البسوا من ثيابكم‬

‫البياض ‪ ،‬فإنها خير ثيابكم ‪ ،‬وكفنوا فيها موتاكم " ؛ قال الشيخ اللباني ـ رحمه ال ـ‬
‫في " أحكام الجنائز " ) ص ‪: ( 82‬‬

‫) أخرجه أبو داود ) ‪ ( 176 / 2‬والترمذي ) ‪ ( 132 / 2‬و صححه ‪ ،‬وابن ماجه‬

‫) ‪ ( 449 / 1‬والبيهقي ) ‪ ( 245 / 3‬وأحمد ) ‪ ، ( 3426‬والضياء في " المختارة "‬

‫)‪ ( 2 / 299 / 60‬عن ابن عباس ‪.‬‬

‫وقال الحاكم ‪ " :‬صحيح على شرط مسلم " ‪ ،‬ووافقه الذهبي وهو كما قال ‪...‬الخ ( ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ سئل فضيلة الشيخ العلمة محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه ال ـ عضو هيئة‬

‫كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ‪ :‬هل يجوز لبس الثوب السود حزنًا على‬

‫المتوفى وخاصة ِإذا كان الزوج ؟‬

‫فأجاب فضيلته ‪ :‬لبس السواد عند المصائب شعار باطل ل أصل له ‪ ،‬واِلنسان عند‬

‫شرع فيقول ‪ " :‬إنا ل و ِإنا ِإليه راجعون ‪،‬‬


‫المصيبة ينبغي له أن يفعل ما جاء به ال ّ‬

‫اللهم أؤجرني في مصيبتي و أخلف لي خيرًا منها " ‪ ،‬فِإذا قال ذلك بإيمان واحتساب‬

‫فِإن ال سبحانه وتعالى يؤجره على ذلك ويبدله بخير منها ‪ ،‬أما ارتداء لبس معين‬

‫ل من " فتاوى‬
‫كالسواد وما شابهه فإنه ل َأصل له وهو َأمر باطل ومذموم ( ‪ .‬انتهى نق ً‬

‫الشيخ محمد الصالح العثيمين " إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود " ) ‪. ( 814 / 2‬‬

‫سئل فضيلة الشيخ عبد ال بن جبرين ـ حفظه ال ـ ‪:‬‬


‫‪4‬ـ ُ‬

‫اعتاد بعض النساء أن تلتزم بلبس الثياب السود مدة معينة ِإذا مات لها قريب فما حكم‬

‫هذا العمل ؟‬

‫فأجاب فضيلته ‪ :‬ل أصل لتخصيص هذا اللون من الثياب باللبس بل الذي ينبغي للمرأة‬

‫الحادة أن ترتدي ثيابها التي تلبسها عادة في بيتها ‪ِ ،‬إل أنه يجب عليها أن تجتنب‬

‫ثياب الزينة وتلبس ما ل زينة فيه سواء كان لونه أحمر أو أخضر أو أسود أو غير ذلك‬

‫ل من " المقرب لحكام الجنائز " جمع وإعداد‬


‫المهم أن ل يكون فيه زينة ( انتهى نق ً‬

‫عبد العزيز العريفي ) ص ‪. ( 108‬‬

‫‪ 5‬ـ قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ ـ حفظه ال ـ في " المنظار في‬

‫بيان كثير من الخطاء الشائعة " ) ص ‪: ( 124‬‬

‫) وهذا اللباس السود ليس بلزم ‪ ،‬فالمرأة تمتنع في الحداد من لباس الزينة ‪ ،‬من‬

‫س بعد ذلك من اَللوان ما شاءت َأسود َأو‬


‫اَللوان الزاهية ‪َ ،‬أو الملبس الجميلة ‪ ،‬وتلب ُ‬

‫أزرق أو أخضر ‪ ،‬بحيث ل يكون لباس زينٍة يرغب فيها ‪ ،‬وذلك كله تعظيمًا لحق الزوج‬

‫‪ ،‬و حق العقد السابق ‪ ،‬لما روت أم عطية قالت ‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬

‫ث ‪ِ ،‬إل على زوج ‪،‬‬


‫ت فوق ثل ٍ‬
‫" ل يحل لمرَأة تؤمن بال واليوم الخر َأن تحد على مي ٍ‬

‫ب ‪ ،‬ول تمس طيبًا ِإل ِإذا طهرت‬


‫ص ٍ‬
‫ع ْ‬
‫فإنها ل تكتحل ول تلبس ثوبًا مصبوغًا ِإل ثوب َ‬

‫نبذة من قسط َأو َأظفار " رواه البخاري ( اهـ ‪.‬‬


‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬

‫ـــــــــ‬

‫الجزء الحادي عشر ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الفصل السادس ‪ :‬انتشار الفعل ل يدل على جوازه ‪:‬‬

‫) قد يقول البعض ‪ِ " :‬إن هذا المر شائع ذائع في أقاليم أهل السلم وأقطار أهل‬

‫الرض ‪ ،‬ل منكر له ! !‬

‫فالجواب أن نقول ‪ :‬شيعوعة الفعل وانتشاره ل يدل على جوازه ؛ كما أن كتمه ل يدل‬

‫على منعه " ) ‪. ( 22‬‬

‫قال ابن مفلح في " الداب الشرعية " ) ‪: ( 263 / 1‬‬

‫" ينبغي أن يعرف أن كثيرًا من المور يفعل فيها كثير من الناس خلف المر الشرعي ‪،‬‬

‫ويشتهر ذلك بينهم ‪ ،‬ويقتدي كثير من الناس بهم في فعلهم ‪.‬‬

‫ل ‪ ،‬ول يثبطه عن ذلك وحدته‬


‫والذي يتعين على العارف مخالفتهم في ذلك قوًل وفع ً‬

‫وقلة الرفيق ‪.‬‬

‫وقد قال الشيخ محيي الدين النواوي ‪ :‬ول يغتر النسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا‬

‫عياض ‪ :‬ل‬
‫عنه ممن ل يراعي هذه الداب ‪ ،‬وامتثل ما قاله السيد الجليل الفضيل بن ِ‬

‫تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها‪ ،‬ول تغتر بكثرة الهالكين ‪.‬‬

‫وقال أبو الوفاء ابن عقيل في " الفنون " ‪ :‬من صدر اعتقاده عن برهان ؛ لم يبق عنده‬

‫تلون يراعي به أحوال الرجال ‪ ) :‬أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (‬

‫) آل عمران ‪. " ( 144 :‬‬

‫قلت ‪ :‬إذا عرفنا ما سبق ؛ يظهر بطلن ما يتعلل به كثير من الناس المواِقعين لبع ِ‬
‫ض‬

‫البدع ومحدثات المور ‪ :‬أن الكثرية من الناس على هذا ) ‍! ( ‪ ،‬أو أن الجماهير‬

‫ت عاطلٍة ‪.‬‬
‫ت باطلٍة ‪ ،‬وتأويل ٍ‬
‫تفعله ‪ . . .‬أو غير ذلك من تعلل ٍ‬

‫قال العلمة ابن القيم في " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " ) ص ‪ 132‬ـ ‪135‬‬

‫" موارد المان" ( ‪:‬‬

‫" فالبصير الصادق ل يستوحش من قلة الرفيق ‪ ،‬ول من فقده ؛ إذا استشعر قلبه‬

‫مرافقة الرعيل الول الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬

‫والصالحين وحسن أولئك رفيقًا ‪ ،‬فتفرد العبد في طريق طلبه دليل على صدق الطلب ‪.‬‬

‫سئل إسحاق بن راهويِه عن مسألة ؟ فأجاب ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إن أخاك أحمد بن حنبل‬
‫ولقد ُ‬

‫يقول فيها بمثل ذلك ‪.‬‬

‫فقال ‪ :‬ما ظننت أن أحدًا يوافقني عليها ‪.‬‬


‫ولم يستوحش بعد ظهور الصواب له من عدم الموافقة ؛ فإن الحق إذا لح وتبين ‪ ،‬لم‬

‫يحتج إلى شاهٍد يشهد به ‪ ،‬والقلب يبصر الحق كما تبصر العين الشمس ‪ ،‬فإذا رأى‬

‫الرائي الشمس ؛ لم يحتج في علمه بها واعتقاده أنها طالعة إلى من يشهد بذلك‬

‫ويوافقه عليه ‪.‬‬

‫ما أحسن ما قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتاب "‬

‫الباعث على إنكار البدع و الحوادث " ‪ :‬حيث جاء المر بلزوم الجماعة ؛ فالمراد به‬

‫ل ‪ ،‬والمخالف له كثيرًا ؛ لن الحق هو‬


‫لزوم الحق واتباعه ‪ ،‬وإن كان المتمسك به قلي ً‬

‫الذي كانت عليه الجماعُة الولى من عهد النبي صلى ال عليه وسلم وأصحابه ‪ ،‬ول‬

‫نظر إلى كثرة أهل البدع بعدهم ‪.‬‬

‫قال عمرو بن ميمون الودي ‪ :‬صحبت معاذًا باليمن ‪ ،‬فما فارقته حتى واريُته في‬

‫التراب بالشام ‪ ،‬ثم صحبت بعده أفقه الناس عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪،‬‬

‫فسمعته يقول ‪ :‬عليكم بالجماعة ؛ فإن يد ال على الجماعة ‪.‬‬

‫ثم سمعته يومًا من اليام وهو يقول ‪ :‬سيلي عليكم ولة يؤخرون الصلة عن مواقيتها ‪،‬‬

‫فصلوا الصلَة لميقاتها ‪ ،‬فهي الفريضة ‪ ،‬وصلوا معهم ؛ فإنها لكم نافلٌة ‪ .‬قال ‪ :‬قلت ‪:‬‬

‫يا أصحاب محمد ‍! ما أدري ما تحدثونا ؟ قال ‪ :‬وما ذاك ؟ قال ‪ :‬تأمرني بالجماعة ‪،‬‬

‫وتحضني عليها ‪ ،‬ثم تقول ‪ :‬صل الصلَة وحدك ‪ ،‬وهي الفريضة ‪ ،‬وصل مع الجماعة‬

‫وهي نافلة ؟ قال ‪ :‬ياعمرو بن ميمون ! قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية ‪ ،‬تدري‬

‫ما الجماعة ‪ ،‬قلت ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬إن جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة ‪ ،‬الجماعة ما‬

‫وافق الحق ‪ ،‬وإن كنت وحدك ‪ ) .‬رواه الللكائي في " السنة " ) رقم ‪. ( ( 160‬‬

‫وفي طريق أخرى ‪ :‬فضرب على فخذي ‪ ،‬وقال ‪ :‬ويحك ! إن جمهور الناس فارقوا‬

‫الجماعة ‪ ،‬وإن الجماعة ما وافق طاعة ال عز وجل ‪.‬‬

‫قال نعيم بن حماد ‪ :‬يعني ‪ :‬إذا فسدت الجماعة ؛ فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن‬

‫َتفسد ‪ ،‬وإن كنت وحدك ؛ فإنك أنت الجماعة حينئذ ‪.‬‬

‫وعن الحسن البصري ؛ قال ‪ :‬السنة والذي ل إله إل هو بين الغالي والجافي ‪،‬‬

‫فاصِبروا عليها رحمكم ال ؛ فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى ‪ ،‬وهم أقل‬

‫ع في‬
‫الناس فيما بقي ‪ :‬الذين لم يذهبوا مع أهل اِلتراف في إترافِهم ‪ ،‬ول مع أهل البد ِ‬

‫بدعهم ‪ ،‬وصبروا على سنتهم حتى َلَقوا ربهم ‪ ،‬فكذلك إن شاء ال فكونوا " ‪.‬‬

‫وقال ـ رحمه ال ـ ) ص ‪ 271‬ـ ‪ " : ( 273‬ومن له خبرة بما بعث ال تعالى به رسوله ‪،‬‬

‫وبما عليه أهل الشرك والبدع اليوم في هذا الباب وغيره ؛ علم أن بين السلف وبين‬

‫هؤلء الخلوف من البعد أبعد مما بين المشرق والمغرب ‪ ،‬وأنهم على شيٍء ‪ ،‬والسلف‬

‫على شيٍء ؛ كما قيل ‪:‬‬


‫سارت مشرقة وسرت مغربًا * * * شتان بين مشرق ومغرب‬

‫والمر ـ وال ـ أعظم مما ذكرنا ‪.‬‬

‫وقد ذكر البخاري في " الصحيح " عن أم الدرداء رضي ال عنها ؛ قالت ‪ :‬دخل علي‬

‫أبو الدرداء مغضبًا ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما لك ؟ فقال ‪ :‬وال ما أعرف فيهم شيئًا من أمر محمٍد‬

‫صلى ال عليه وسلم ؛ إل أنهم يصلون جميعًا ‪.‬‬

‫وقال الزهري ‪ :‬دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ‪ .‬فقلت له ‪ :‬ما يبكيك ؟‬

‫فقال ‪ :‬ما أعرف شيئًا مما أدَركت إل هذه الصلَة ‪ ،‬وهذه الصلة قد ضيعت ‪ .‬ذكره‬

‫البخاري ‪.‬‬

‫وهذه هي الفتنة العظمى التي قال فيها عبد ال بن مسعود رضي ال عنه ‪ ) :‬كيف أنتم‬

‫إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ‪ ،‬وينشأ فيها الصغير ‪ ،‬تجري على الناس ‪ ،‬يتخذونها‬

‫سنة ‪ ،‬إذا غيرت ؛ قيل ‪ :‬غيرت السنة ‪ ،‬أو ‪ :‬هذا منكر ( ‪ ) .‬رواه الدرامي ) ‪، ( 64 / 1‬‬

‫والحاكم ) ‪. ( ( 514 / 4‬‬

‫وهذا مما يدل على أن العمل إذا جرى على خلف السنة ؛ فل عبرَة به ‪ ،‬ول التفات إليه‬

‫؛ فإن العمل قد جرى على خلف السنة منذ زمن أبي الدرداء وأنس " ‪.‬‬

‫" وذكر أبو العباس أحمد بن يحيى ؛ قال ‪ :‬حدثني محمد بن عبيد ابن ميمون ‪ :‬حدثني‬

‫عبدال بن إسحاق الجعفري ؛ قال ‪ :‬كان عبدال بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فتذاكروا يومًا السنن ‪ ،‬فقال رجل كان في المجلس ‪ :‬ليس العمل على هذا ‪ .‬فقال‬

‫عبد ال ‪ :‬أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام ‪ ،‬فهم الحجة على السنة ؟ !‬

‫فقال ربيعة ‪ :‬أشهد أن هذا كلم أبناء النبياء " ) ‪( 23‬‬

‫قلت ‪ :‬فالمسلم الحق هو الذي " ل يغلبه شيوع البدع عن تفهم السنن ؛ فإن العوائد كما‬

‫أنها تبني أصوًل وتهدم أصوًل ؛ فإنها ملكة ‪ ،‬والنفكاك منها يحتاج إلى ترويض‬

‫النفس ‪ ،‬وإلزامها بالسنن " ) ‪. ( 24‬‬

‫وما أجمل ما رواه اِلمام الخطيب البغدادي في " شرف أصحاب الحديث " ) ص ‪( 7‬‬

‫بالسند الصحيح عن الوزاعي ـ رحمه ال ـ ‪:‬‬

‫" عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ‪ ،‬وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوها لك‬

‫بالقول " ‪.‬‬

‫وال الهادي ( ) ‪. ( 25‬‬

‫ــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ " : ( 22‬الحوادث والبدع " ) ص ‪ ( 71‬باختصار‪ ،‬والشيعوعة ‪ :‬النتشار والشيوع ‪.‬‬

‫) ‪ " : ( 23‬الباعث على إنكار البدع والحوادث " ) ص ‪ ( 51‬لبي شامة ـ رحمه ال ـ ‪.‬‬
‫) ‪ " : ( 24‬مرويات دعاء ختم القرآن " ) ص ‪ ( 75‬للشيخ بكر أبو زيد ـ حفظه ال ـ ‪.‬‬

‫ل من " علم أصول البدع " ) ص ‪ 271‬ـ ‪ ( 277‬للشيخ علي الحلبي ـ‬


‫) ‪ : ( 25‬نق ً‬

‫حفظه ال ـ بتصرف‪.‬‬

‫‪ . . .‬يتبع إن شاء ال‬


‫ــــــــــــ‬

‫الجزء الثاني عشر ‪:‬‬

‫الخاتمة‬

‫) أختم هذه الرسالة بنصيحة اقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين‬

‫الولين وهو الشيخ حسن بن علي البربهاري من أصحاب المام أحمد ـ رحمه ال ـ‬

‫) المتوفي سنة ‪329‬هـ ( ‪ ،‬قال رحمه ال تعالى ‪:‬‬

‫" واحذر من صغار المحدثات ‪ ،‬فان صغار البدع تعود حتى تصير كبارًا ‪ ،‬وكذلك كل‬

‫بدعة أحدثت في هذه المة كان أولها صغيرًا يشبه الحق ‪ ،‬فاغتر بذلك من دخل فيها ‪،‬‬

‫ثم لم يستطع المخرج منها ‪ ،‬فعظمت ‪ ،‬وصارت دينًا يدان به ‪ ،‬فانظر رحمك ال كل من‬

‫سمعت كلمه من أهل زمانك خاصة فل تعجلن ‪ ،‬ول تدخل في شيء منه حتى تسأل‬

‫وتنظر ‪ :‬هل تكلم فيه أحد من أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم أو أحد من‬

‫العلماء ‪ ،‬فان أصبت أثرًا عنهم فتمسك به ول تجاوزه لشيء ‪ ،‬ول تختر عليه شيئًا‬

‫فتسقط في النار ‪.‬‬

‫واعلم رحمك ال أنه ل يتم إسلم عبد حتى يكون متبعًا مصدقًا مسلمًا ‪ ،‬فمن زعم أنه قد‬

‫بقي شيء من أمر السلم لم يكفوناه أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد‬

‫كذبهم ‪ ،‬وكفى بهذا فرقة وطعنًا عليهم ‪ ،‬فهو مبتدع ضال مضل ‪ ،‬محدث في السلم‬

‫ما ليس فيه " ) ‪. ( 26‬‬

‫ورحم ال المام مالك حيث قال ‪ " :‬ل يصلح آخر هذه المة إل بما صلح به اولها ‪ ،‬فما‬

‫لم يكن يومئذ دينًا ‪ ،‬ل يكون اليوم دينًا " ‪.‬‬

‫وصلى ال على نبينا القائل ‪ " :‬ما تركت شيئًا يقربكم إلى ال إل وقد أمرتكم به ‪ ،‬وما‬

‫تركت شيئًا يبعدكم عن ال ويقربكم إلى النار ‪ ،‬إل وقد نهيتكم عنه " ‪ .‬والحمد ل الذي‬

‫بنعمته تتم الصالحات ( ) ‪. ( 27‬‬

‫ــــــــــــــ‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫) ‪ " : ( 26‬طبقات الحنابلة " للمام ابن أبي يعلى ـ رحمه ال ـ ) ‪ 18 / 2‬ـ ‪. ( 19‬‬

‫) ‪ " : ( 27‬حجة النبي صلى ال عليه وسلم " للعلمة اللباني ـ رحمه ال ـ‬

‫) ص ‪ 103‬ـ ‪. ( 105‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬

‫المحتويات‬

‫ص‪1‬‬ ‫‪ 1‬ـ المقدمة ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 2‬ـ الفصل الول ‪ :‬تمهيد حول كمال الشريعة ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 3‬ـ الفصل الثاني ‪ :‬أقوال العلماء حول مسألة النياحة ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 4‬ـ الفصل الثالث ‪ :‬أقوال العلماء حول مسألة الجتماع للعزاء ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ الفصل الرابع ‪ :‬أقوال العلماء حول مسألة صنع أهل الميت‬

‫ص‬ ‫الطعام للمعزين ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ الفصل الخامس ‪ :‬أقوال العلماء حول مسألة لبس السواد‬

‫ص‬ ‫بسبب العزاء ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 7‬ـ الفصل السادس ‪ :‬انتشار الفعل ليدل على جوازه‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 8‬ـ الخاتمة ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 9‬ـ المراجع ‪.‬‬

‫ص‬ ‫‪ 10‬ـ المحتويات ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬

‫فهرس مراجع موضوع ) أقوال العلماء في التحذير من بدع العزاء ( ‪:‬‬

‫‪1‬ـ " الباعث على انكار البدع و الحوادث " للعلمة أبوشامة ‪ ،‬تحقيق مشهور حسن سلمان الطبعة الولى‬

‫ط دار الراية بالرياض ‪.‬‬

‫‪2‬ـ " أحكام الجنائز وبدعها" للعلمة اللباني الطبعة الولى ط مكتبة المعارف بالرياض ‪.‬‬

‫‪3‬ـ " الحوادث والبدع " للمام الطرطوشي ‪ ،‬تحقيق الشيخ علي الحلبي ط دار ابن الجوزي بالدمام ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ " الدين الخالص " للعلمة صديق حسن خان ط دار الكتب العلمية ببيروت ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ " الرد على الكاتب المفتون " للعلمة حمود التويجري ‪ ،‬ط دار اللواء بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ " الزواجر عن اقتراف الكبائر " لبن حجر الهيتمي ط دار الكتب العلمية ببيروت الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ " السيل الجرار " للشوكاني تحقيق محمود ابراهيم زايد ط دار الكتب العلمية ببيروت ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ " الشرح الممتع على زاد المستقنع " لبن عثيمين ط مؤسسة آسام للنشر بالرياض الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ " الكبائر " للذهبي تحقيق مشهور حسن سلمان ط مكتبة المنار بالردن الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ " المجموع شرح المهذب " للنووي تحقيق محمد نجيب المطيعي ط مكتبة الرشاد بجدة ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ " المحلى " لبن حزم تحقيق احمد شاكر ط مكتبة دار التراث بالقاهرة ‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ " المسائل والرسائل المروية عن المام احمد " لعبدالله الحمدي ط دار طيبة بالرياض الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ " المغني " لبن قدامة ط دار الكتب العلمية ببيروت الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ " المقرب لحكام الجنائز " جمع عبدالعزيز العريفي ‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ " الملخص الفقهي " لصالح الفوزان ط دار ابن الجوزي بالدمام‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ " المنظار في بيان كثير من الخطاء الشائعة " لصالح آل الشيخ ط دار العاصمة بالرياض الطبعة‬

‫الثانية ‪.‬‬
‫‪ 17‬ـ " البداع في مضار البتداع " لعلي محفوظ ط دار المعرفة ببيروت ‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ " الخبار العلمية من الختيارات الفقهية لشيخ السلم ابن تيمية " للبعلي تحقيق احمد الخليل ط دار‬
‫العاصمة بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ " الذكار " للنووي ط المكتبة العلمية ببيروت الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ " الم " للشافعي ؟؟؟‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ " المر بالتباع والنهي عن البتداع " للسيوطي تحقيق مشهور حسن سلمان ط دار ابن القيم بالدمام‬
‫الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ " تحفة الحوذي بشرح جامع الترمذي " للمباركفوري ط دار الكتب العلمية ببيروت ‪.‬‬
‫‪ 23‬ـ " تحقيق المال فيما ينفع الميت من العمال " لمحمد علوي المالكي ! ط مكتبة جوامع الكلم‬

‫بالقاهرة ‪.‬‬
‫‪ 24‬ـ " تقاليد يجب ان تزول " لطائفة من علماء الزهر ط مكتبة التوعية السلمية بالجيزة الطبعة الثانية ‪.‬‬

‫‪ 25‬ـ " تلبيس ابليس " لبن الجوزي تحقيق السيد الجميلي ط دار الكتاب العربي ‪.‬‬
‫‪ 26‬ـ " حاشية رد المحتار " لبن عابدين ؟؟‬
‫‪ 27‬ـ " زاد المعاد " لبن القيم تحقيق شعيب الرناؤوط و عبدالقادر الرناؤوط ط الرسالة‬
‫‪ 28‬ـ " سبل السلم " للصنعاني تحقيق محمد صبحي الحلق ط دار ابن الجوزي بالدمام ‪.‬‬
‫‪ 29‬ـ " سلسلة الحاديث الصحيحة " لللباني ط مكتبة المعارف بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 30‬ـ " شرح السنة " للبغوي تحقيق شعيب الرناؤوط وزهير الشاويش ط المكتب السلمي ‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ " صحيح سنن ابن ماجة لللباني الطبعة الولى للطبعة الجديدة ط مكتبة المعارف بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 32‬ـ " صحيح سنن ابي داود " لللباني ط مكتبة المعارف بالرياض الطبعة الولى للطبعة الجديدة ‪.‬‬
‫‪ 33‬ـ " ضعيف سنن أبي داوود " لللباني ط مكتبة المعارف بالرياض الطبعة الولى للطبعة الجديدة ‪.‬‬
‫‪ 34‬ـ " ضعيف سنن النسائي " لللباني ط مكتبة المعارف بالرياض الطبعة الولى للطبعة الجديدة ‪.‬‬
‫‪ 35‬ـ " روضة الطالبين وعمدة المفتين " للنووي ‪.‬‬
‫‪ 36‬ـ " علم اصول البدع " ‪ .‬لعلي الحلبي ط دار الراية بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 37‬ـ " عون المعبود شرح سنن أبي داود " ط دار الكتب العلمية ببيروت الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 38‬ـ " فتاوى اسلمية " جمع محمد المسند ط دار الوطن بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 39‬ـ " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " جمع اشرف عبدالمقصود ط دارعالم الكتب بالرياض الطبعة الثالثة ‪.‬‬
‫‪ 40‬ـ " فتح الباري شرح صحيح البخاري " لبن حجر العسقلني ط دار الريان للتراث بالقاهرة الطبعة‬

‫الولى ‪.‬‬
‫‪ 41‬ـ " فتح العزيز شرح الوجيز " للرافعي ‪.‬‬
‫‪ 42‬ـ " فقه السنة " للسيد سابق الطبعة العشرون ط مكتبة العبيكان بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 43‬ـ " كشاف القناع " للبهوتي ‪.‬‬
‫‪ 44‬ـ " مجموع الفتاوى " لبن تيمية ‪.‬‬
‫‪ 45‬ـ " مجموع فتاوى ومقالت متنوعة " لعبدالعزيز بن باز ط مكتبة المعارف بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 46‬ـ " معجم البدع " لرائد صبري بن أبي علفة ط دار العاصمة بالرياض ‪.‬‬
‫‪ 47‬ـ " مغني المحتاج " للشربيني ط دار الكتب العلمية ببيروت الطبعة الطبعة الولى ‪.‬‬
‫‪ 48‬ـ " مواهب الجليل لشرح مختصر خليل " للحطاب ‪.‬‬
‫‪ 49‬ـ " نور اليضاح " للشرنبللي ‪.‬‬
‫‪ 50‬ـ " نيل الوطار " للشوكاني ط دار زمام بالرياض ‪.‬‬

‫ــــــــــ‬

You might also like