Professional Documents
Culture Documents
إن البيئة هي مجموع العناصر ذات العالقات المركبة تشكل إطار و وسط و شروط حياة اإلنسان إن
النمو العمراني الطرد للمدن الجزائرية أدى إلى تركز عدد هائل من السكان في المدن .و هي تواجه اليوم
و أكثر من أي وقت مضى تحديات جسام فيما يخص نوعية البيئة الحضرية ؛ ونحن اليوم نواجه
اختيارات تهيئة متعددة تتفق جميعا في تحقيق النمو االقتصادي ، 5االجتماعي و العمراني؛ لكنها ال زالت
تغض الطرف 5على المشاكل البيئية معتبرة إياها جانبا إضافيا 5سواء كان ذلك على المدى القريب أو البعيد
هذا من جهة؛ و من جهة ثانية فإن الموازنة بين هذه التوجهات ،و التي قد تبدوا متباعدة ،ال يمكن أن
تتأتى إال بأخذ المركبة البيئية بعين االعتبار في التهيئة الحضرية بطريقة تسمح بنمو حضري 5متوازن مع
.المحيط في إطار خطة تنمية مستديمة للمدينة
إذا فالبيئة مركب غاية في األهمية في أي عملية عمرانية مهما كان حجمها الزمني أو المكاني ،وهي
بالنسبة إلينا كمسيري 5المدينة تتجاوز اإلنشغاالت اآلنية لخفض التلوث داخل المحيط الحضري 5إلى
حمايته و تثمينه .من ثم فإن الرهان األساسي 5لمدننا هو ضمان تنمية مستديمة تنطلق من إدخال البعد
.البيئي في جميع مراحل العملية العمرانية
:إن عملنا هذا يأتي ليحاول تلبية حاجتين ملحتين للتنمية الحضرية و خاصة في الوقت الراهن أال و هما
أوال :محاولة الخروج باقتراح منهج إجرائي عملي للوصول 5إلى بيئة حضرية ذات نوعية ،و الذي ال
يمكن أن تكون بأي حال من األحوال نتاجا لعمليات قطاعية منفصلة زمنيا أو مكانيا؛
ثانيا :تأكيد األهمية التي تكتسيها البيئة في أي عملية عمرانية مهما كان امتدادها المكاني أو الزماني.و
التي ال يمكن أن تتأتى إال من خالل معرفة عناصر البيئة الحضرية و تصرفاتها 5تجاهها ،محاولين
التركيز 5على العنصر 5البشري داخل التجمعات السكنية الحضرية للوقوف 5على أهمية هذا العنصر 5في أي
.محاولة إلصالح العطب
الكلمات المفتاحية :البيئة ،المدينة ،التعمير ،األثر البيئي ،نوعية البيئة ،التنمية الحضرية
المستديمة
.
:مقدمة
في كتابه "العمارة الخضراء" إلى أن المباني تستهلك ) (James Winesيشير المعماري 5جيمس واينز
سُـدس إمدادات الماء العذب في العالم ،وربع إنتاج الخشب ،و ُخمسين الوقود والمواد 5المصنعة .وفي نفس
في ) (built environmentالوقت تنتج نصف غازات الجنة ،ويضيف 5بأن مساحة البيئة المشيدة
العالم ستتضاعف خالل فترة وجيزة جداً تتراوح بين 40-20سنة قادمة .وهذه الحقائق تجعل من
عمليات تخطيط و تسيير 5المجاالت الحضرية واحدة من أكثر المجاالت استهالكا ً للطاقة والموارد في
العالم .كما أن التلوث الناتج عن عدم كفاءة التهيئة الحضرية في التعامل مع مجال فيزيائي ،اجتماعي و
.اقتصادي5
الشك أن كيفية تقسيم المجال عمرانيا من خالل المقاربة الوظائفية (سكن ،عمل ،خدمات) هي التي
تتحكم في العملية التخطيطية و التسييرية برمتها .على هذا المستوى ينبغي أن نمتلك رؤية بعيدة المدى
.تتضمن تناسقا مابين طريقة تنظيم المجال من جهة ،و تسييره من جهة أخرى
تنطلق مداخلتنا هذه من ثالث عناصر أساسية يرتكز 5حولها المفهوم الحديث لتخطيط وتسيير 5المدينة نظرا
:لما وصلت اليه البشرية من تقدم تكنولوجي 5مذهل في السنوات األخيرة
.مفهوم التخطيط الحضري المستدام 5بشكل عام و خصوصيات تخطيط المدينة العربية •
.معنى و هدف التسييرالحديث للمجاالت الحضرية •
المعاينة الميدانية للتعامل مع القضايا العمرانية للواقع المعاش في مدننا و الوسائل التي تضعها 5التقنية •
.الحديثة بين أيدي مخططي 5و مسيري 5المدن لرفع كفاءة آداء المجاالت الحضرية
كما ينبغي التنويه إلى أن مضمون المداخلة يرتكز على جملة من التساؤالت التي تنبثق من تنضيد5
(نطابق) بين أهداف تخطيط و تسيير المدينة ،كما يراه المختصون من جهة ،وتطبيق هذا التسيير 5في
واقع مدننا (فالتخطيط 5سابق و التسيير 5تابع ) وما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية أو إيجابية على
الحياة اليومية للمواطن من جهة أخرى ؛ لنصل بعد التحليل ،إلى بعض نتائج حول واقع العمليتين
التخطيطية و التسييرية في مدننا و سبل اإلستفادة من الثورة المعلوماتية لرفع مستوى 5آداء مدننا دون
المساس أو التنازل عن هويتها و الرقي 5بها وفقا لخصوصياتها إلى مصاف 5المدن الحديثة بمستوى
خدماتها 5؛ وذاك من خالل أبراز قيمة التقنية الحديثة في الحفاظ العمراني و التي تضع بين يدي مسيري
...و مخططي 5المدن وسائل بسيطة تساعد في تبني استراتيجيات 5تخطيطية و تسييرية
البيئة مركب غاية في األهمية في أي عملية عمرانية مهما كان حجمها الزمني أو المكاني ،وخاصة
بالنسبة لمخططي ومسيري المدن ،تتجاوز االنشغاالت اآلنية لخفض التلوث داخل المحيط الحضري إلى
حمايته و تثمينه .لذا فإن الرهان األساسي 5يجب أن نضعه نصب أعيينا كباحثين هو ضمان تنمية مستديمة
تنطلق من إدخال البعد البيئي في جميع مراحل العملية العمرانية بداء من التخطيط و انتهاء بالتسيير .من
.أجل ذلك؛ فإن البيئة و المدينة يشكالن ثنائيا متجانسا تربطهما 5عالقات متينة
الشعور المتنامي بأهمية الحفاظ البيئة :أول خطوة في االتجاه الصحيح 1.1
اهتدى إسالفنا إلى ضرورة الحفاظ على البيئة لتحسين ظروف 5الحياة الحضرية ؛ فقد ظللنا لعقود نشيد
:مدنا
مريحة •
مزدهرة اقتصاديا نظرا لما توفره من فرص للتجارة و اإلستثمار بأقل تكاليف ( مدينة القاهرة القديمة • ،
دمشق القديمة ،القصبة في الجزائر....الخ)
لذلك ظهر مفهوم االستدامة الذي عرفه العرب في مدنهم القديمة لقرون عديدة من جديد ليطرح نفسه حال
وسطا بين منهجين متضادين (التنمية المادية و التنمية غير المادية ) ،و يقرر أن “تلبية احتياجات
السكان ضرورة لكنها ال يمكن أن تكون على حساب مستقبل األجيال القادمة" .و قد أولت معظم دول
العالم في العقد األخير من القرن المنصرم 5عناية خاصة واهتماما ً واسعا ً بمواضيع 5حماية البيئة والتنمية
المستدامة ،ولم يولد هذا االهتمام من فراغ بل كان بعد أن تراءى للعالم محدودية الموارد زمنا و مكانا و
ما يمكن أن يصير 5إليه مستقبل األجيال الحالية و القادمة إذا واصلنا 5على نفس النهج في استنزاف الموارد5
.خاصة غير المتجددة منها
:البيئة الحضرية وقود 5غير متجدد الحياة البشرية ينبغي المحافظة عليه 2.1
البيئة الحضرية هي مجموع العناصر 5ذات العالقات المركبة تشكل إطار و وسط 5و شروط 5حياة
اإلنسان .نتيجة للنمو العمراني المطرد تركز عدد هائل من السكان في المدن و خاصة في التجمعات
السكانية الجماعية ذات الكثافة العالية في مجال محدود هو المدينة ؛ هذه األخيرة تواجه اليوم و أكثر من
أي وقت مضى تحديات جسام فيما يخص نوعية البيئة الحضرية(مياه ،نفايات ،ضجيج ،مساحات
:خضراء...،الخ) .إذا فالتنمية العمرانية ال يجب أن تتم بمعزل عن الضرورات 5البيئية الملحة ،ألن
المدن تعتبر أحد المستهلكين الرئيسيين للموارد الطبيعية كاألرض والمواد والمياه والطاقة؛ •
عمليات التعمير الكثيرة والمعقدة ينتج عنها كميات كبيرة من الضجيج والتلوث والمخلفات الصلبة و •
استهالك للمجال الطبيعي الذي يعد رئة األرض كلها و ليس المدينة فقط من جهة ،و تنتج عالقات
.اجتمتعية و اقتصادية غاية في التعقيد (تحدد شكل و طبيعة الغالقات اإلجتماعية ،اإلقتصادية ....الخ)
ونتيجة لتنامي الوعي العام تجاه اآلثار البيئية المصاحبة لألنشطة الحضرية يتبين لنا أن التحدي الذي
:يجب على مدننا رفعه يتمثل في
مقدرتها على اإليفاء بالتزاماتها التخطيطية وأداء دورها التنموي تجاه تحقيق رفاهية الحضر دون •
اإلضرار 5بمستقبل األجيال القادمة ؛
القدرة على تسيير المجاالت الحضرية بشكل يسمح الحفاظ على نمط حياة حضرية راقية و يقلل من •
.استنزاف الموارد 5غير المتجددة
ولهــذا فإن بواعث تبني مفهـــوم االستدامة في التخطيط و التسيير الحضريين ال تختلف عن البواعث
بأبعادها ) (Sustainable Developmentالتي أدت إلى ظهور وتبني 5مفهوم التنمية المستدامة
البيئية واالقتصادية واالجتماعية المتداخلة .فلم تعد هناك خطوط 5فاصلة بين البيئة واالقتصاد و االجتماع
منذ ظهور وانتشار 5مفهوم التنمية المستدامة الذي أكد بما ال يدع مجاالً للشك أن ضمان استمرارية النمو
االقتصادي ( مع مالحظة أن ثلثي سكان العالم يعيشون في المدن) ال يمكن أن يتحقق في ظل تهديد البيئة
.بالملوثات والمخلفات وتدمير 5أنظمتها الحيوية واستنزاف مواردها 5الطبيعية
العمران المستدام يتبنى فكرة أن اإلنسان هو محور االرتباط 5بين البيئة –االقتصاد-االجتماع(ألن تأثيرات
األنشطة اإلنسانية على البيئة لها أبعاد اقتصادية و اجتماعية واضحة العنصر المتلقي للضرر 5في النهاية
هو اإلنسان) ،فاستهالك الطاقة الذي يتسبب في ارتفاع فاتورة الكهرباء له ارتباط وثيق بظاهرة المباني
التي تنشأ من االعتماد بشكل أكبر على أجهزة التكييف االصطناعية ) (Sick Buildingsالمريضة
عكس ما كانت عليه مدننا القديمة التي تعتمد على التهوية الطبيعية و التكييف 5الطبيعي ، 5وهذا الكالم
ينسحب على االعتماد بشكل أوحد على اإلضاءة االصطناعية إلنارة المبنى من الداخل مما يقود إلى
زيادة فاتورة الكهرباء وفي نفس الوقت يقلل من الفوائد البيئية والصحية فيما لو كانت أشعة الشمس تدخل
في بعض األوقات إلى داخل المبنى .و يؤدي في النهاية إلى إصابة اإلنسان بأمراض مختلفة عضوية و
نفسية( أثبتت األبحاث الحديثة أن التعرض لإلضاءة االصطناعية لفترات طويلة يتسبب في حدوث
أضرار 5جسيمة على صحة اإلنسان على المستويين النفسي والبدني :اإلحساس باإلجهاد الجسدي واإلعياء
والصداع 5الشديد واألرق)من جهة ،و من جهة ثانية فإن االستخدام المفرط لمواد البناء أثناء تنفيذ
المشروع 5يتسبب في تكاليف إضافية ويقود في نفس الوقت إلى تلويث البيئة بهذه المخلفات التي تنطوي
على نسب غير قليلة من المواد السامة .وهكذا فإن الحلول والمعالجات البيئية التي يقدمها العمران
المستدام 5تقود في نفس الوقت لتحقيق فوائد اقتصادية ال حصر لها على مستوى الفرد والمجتمع (حسب
بعض التقديرات فإن مجال العمارة على مستوى العالم يستهلك حوالي ( )%40من إجمالي المواد األولية
ويقدر هذا االستهالك بحوالي 3مليار طن سنويا -الواليات المتحدة األمريكية تستهلك المباني وحدها (
)%65من إجمالي االستهالك الكلي للطاقة بجميع أنواعها ،وتتسبب في ( )%30من إنبعاثات غازات
.الجنة)
:التخطيط الحضري يلبي احتياجات آنية آخذا في الحسبان ألجيال القادمة 5.1
المدينة مجال حضري خصب يثير شهية تخصصات 5عدة ،ودراستها 5تأخذ أبعادا مجالية ،اجتماعية ،
ثقلفية واقتصادية .فتخطيطها يرتكز 5على عدة تخصصات تتفق جميعها على التعبير الكمي عن بنية (أو
:هيئة) تركيبية (مركبة) تجمع وظائف مختلفة (سكن +عمل+راحة )في مجال محدود ، 5لتشكل بذلك
مسرحا الستعراض قوى متنازعة ,فهي تقترح التعددية ،وتسمح لكل واحد الختيار نمط حياته .فالمدينة •
هي إذا طراز مميز للحياة الجماعية اإلنسانية .وهي في كثير من األحيان ،كما يراها بعض علماء
االجتماع الحضري ،موطن أكبر وأكثف 5وأدوم ألفراد غير متجانسين تشكل إسقاطا للمجتمع في الواقع
.يعبر عن طريقة وجود 5،حياة
المحاوالت األولى الستبدال التطور الطبيعي والعفوي بتطور 5مقصود يهدف إلى أيجاد فضاء عمراني •
.جديد مصمم عقالنيا ،ومحتوي 5على كل التجهيزات الضرورية لحياة السكان
مجاال يجمع بين عناصر متكاملة فيما بينها (تجهيزات بمختلف أنواعها ،سكنات ،مساحات •
خضراء ،.........وبين متناقضات ( كتوفير سيولة في الحركة ،وأمن مروري ،)....يصعب التوفيق
.بينها
.فضاءا ديناميكيا ،يتجدد ويتسع في المكان ،وينمو عبر الزمن ،فتسيير 5ها يحتاج إلى مرونة في العمل •
نستخلص أن التخطيط 5الحضري يلبي احتياجات السكان الحاليين ،و كذلك المستقبليين ،وعليه فالمطلوب5
أن يكون تسيير المدينة (تابع كما أشرنا ’نفا ) وفقا لألهداف التي تبنيناها عند إنشائها
التسيير الحضري المستدام 5ضرورة بيئية و حتمية اقتصادية .
تناولنا 5فيم سبق التخطيط الحضري بإسهاب ألنه سابق ؛ و ألن التخطيط 5و التسيير الحضريين :
تربطهما 5عالقات معقدة األمر الذي بدأ يظهر بجالء مع الثورة التكنولوجية و المعلوماتية ،التي و ضعت
بين أيدي المخططين و المسيرين على حد سواء ؛ وسائل تقنية فائقة الدقة سمحت بتحديد 5المشاكل التي
تعاني منها المدن بدقة متناهية و بالتالي تسهيل التدخل لحلها .من بين هذه التقنيات نجد في مقدمتها نظم
المعلومات الجغرافية و االستشعار 5عن بعد .هذه التقنيات سهلت كثيرا تعامل المختصين مع المشاكل
الحضرية اليومية و ساعدت في عملية التسيير 5و التحكم في نمو المدن من جهة و في توفير إطار حياة
أفضل للسكان من خالل إمكانية التدخل السريع و الدقيق لحل أية مشكلة (اتسيير النفايات الحضرية ،
.النقل الحضري ،تحديد مستويات التلوث و طبيعتها ).... ،
ال شك أن مفهوم تسيير المدينة قد يحمل تصورات وأفكار وسيناريوهات تختلف باختالف المتدخل وحجم
:المدينة لكنه يبقى يرتكز حول محورين أساسين متكاملين
البحث عن كيفية التنسيق والتوفيق بين مختلف المتدخلين في المدينة من سياسيين ،تقنيين ،إداريين• ،
....جماعات ضاغطة
البحث عن كيفية التحكم في تسيير كل العناصر التي ترتكز عليها حياة سكان المدينة مثل تسيير •
،...الفضاءات العمومية ،النفايات ،المساحات الخضراء ،المياه الصالحة للشرب ،المياه المستعملة
إن مسير المدينة (أو المشارك 5في عملية التسيير) ،يعمل في ظروف( 5منها السلبية ومنها 5االيجابية)
تختلف باختالف الزمان والمكان ،وباختالف بعض الظروف المحيطة بالعملية برمتها .فهنالك ظروف
تتعلق بالمسير نفسه ( قدراته على االستفادة من الوسائل المتاحة له ،ثقافته وتكوينه الشخصي، ).....
وأخرى 5تتعلق بالمدينة ذاتها (حجمها ،نمطها ألبنائي وهيكلتها .).......تتفاعل هذه الظروف 5،التي يمكن
أن نسميها متغيرات ،مع بعضها 5البعض لتبرز لنا جملة من المشاكل التي تِؤثر على نوعية وكيفية
.التسيير5
فمثال عدم التركيز والتوجيه نحو التصور العمراني والمعماري الذي يحمل البعد الثقافي واالجتماعي في
المشاريع العمرانية يساعد في إحداث حركة في تعمير المدينة بشكل يجعل االنقطاع أو عدم التفاعل
واضحا بين الفضاءات العمرانية المنتجة ومستعمليها ،مما يتسبب في وجود تداعيات مختلفة تنعكس في
:عدة صور منها
إلى عدم االندماج في عدم تمكن المواطن من التفاعل مع المجاالت المصممة خصيصا له،الشيء الذي
.الحياة الحضرية الجماعية ,فيترتب 5عنه تراجعا في القيم الجماعية واستفحال للنزعة الفردية
تهدف إلى إيجاداإلستقرار 5األدوات العمرانية والمعايير 5التقنية المطبقة على مجالنا الحضري ،والتي
وترفع من كفاءة المجال الحضري ،لم تحقق هذا الهدف ميدانيا العتبارات كثيرة إما ذاتية ،أي متعلقة
بالمقاييس العمرانية نفسها (المقاييس العمرانية الخاصة بالتسيير التقني أو المتعلقة بعمليات البرمجة
للمجال الحضري ،على سبيل المثال ،ال تتماشى مع الحقائق االجتماعية والثقافية والمناخية بصفة عامة,
ومع نمط الحياة) ،أو لمعايير متعلقة بالمسير نفسه ،أو قد تكون لظروف 5أخرى كعمل الجماعات
....الضاغطة
من هنا يبدو أن األمر ليس بالهين ،حيث أن وضع إطار واضح لهذا المفهوم (الجديد) في بالدنا العربية
يعتبر -لحد اآلن -من الصعوبة بمكان ،وذلك لوجود 5عوامل تثقل من العمل بسهولة إليجاد طرق وآليات
:بسيطة وفعالة .من بين هذه العوامل نذكر مايلي
والبشري ،أو على توفر 5مدننا على مميزات غير متجانسة ،سواء على مستوى التنوع المعماري5
.مستوى االختالل العمراني الحاصل نتيجة تزايد البنايات ،خاصة الفوضوية منها
الصالحيات بدقة ووضوح 5كعدم تحديد بعض( وجود 5بعض الغموض أو الثغرات في القوانين العمرانية
.الخاصة بالتدخالت على المحيط الحضاري) 5لكل متدخل
والمعمارية من تراثنا العتيق إفراغ الكثير من المشاريع من قيمنا ،وعدم اقتباس في المشاريع العمرانية
هذا من جهة ،وعدم قدرة مسايرة هذه المشاريع للديناميكية العمرانية الحالية (فمدننا تطور 5بوتيرة تفوق
تطور قدراتنا 5التقنية والبشرية) من جهة أخرى
نصفها بالمريضة حيث تدهور العيش من قلة الدخل بالنسبة لبعض المواطنين ووجود أحياء يمكن أن
يتجلى فيها عدم االستقرار ،انتشار 5التلوث ،قلة األمن تدهور 5الفضاءات العمومية ،إذ أصبحت هذه
.األخيرة تشكل مصدر خطر دائم لسكان بعض األحياء
الوطنية مما أدى إلى إيجاد مدن تنامي تجمعات منها الصفيحية ،ومنها الخطية المنتشرة بمحاذاة الطرق
.ال تعرف بدايتها من نهايتها ،بل أحيانا ال تجد فيها للمدينة معنى
القرويين إلى المدينة تدهور 5عام في بعض المدن خاصة الداخلية منها مرتبطا 5ذلك بهجرة الكثير من
.وما يترتب عنه من الضرر المضاعف (نقص زراعي وتزايد 5في االكتظاظ السكاني)
محدودية اإلمكانيات المادية لدى العديد من البلديات ،وضعف مصادر 5تمويل مشاريع اإلنجاز
.والصيانة
.غياب التأطير :قلة التأطير كافي سواء على مستوى الدوائر التقنية ،أو على مستوى التكوين
.كل ذلك يزيد من صعوبة المسير ويقعد أكثر من مهمته
تعرف كل مدن العالم حاليا تحوالت عميقة ،يصعب قياس عواقبها بدقة .وأصبحنا 5اليوم نتساءل إن كانت
أزمة التعمير السابقة هي التي جعلت المدن اليوم عديمة القدرة على الوقوف أمام أوضاع عالمية جديدة،
:أو أننا أمام مدن جديدة مبنية على عالقات جديدة؛ من هنا يمكن أن نسجل المالحظات التالية
في وسط هذا الزخم من التحوالت والتراكمات 5التي تعرفها المدن بمختلف أحجامها ،فإن الجانب •
ألتسييري للمدينة يبقى يشكل الجانب األكثر تعقيدا ،وفي نفس الوقت األكثر حيوية ،و هو األساس
.إلشكالية التطور 5المستديم
أصبحت المدن حاليا على درجة كبيرة من التعقيد و الالتجانس ،والتخصص وتقسيم العمل ،واالنفصال •
.المكاني ،واالجتماعي
أصبحت المدينة المعاصرة تتمركز 5عادة حول قطب وحيد .وأن التنطيق 5أوجد تخصصات 5مبالغ فيها •
من مناطق 5صناعية ،سكنية ،وتجارية.وصارت 5المدينة تعيش في قطاعات منفصلة :من جهة أحياء سكنية
مخططة ،ومن جهة أخرى أحياء شعبية فقيرة ،يمكن أن نصفها بالمريضة ،حيث تمتاز بعدم االستقرار،
التلوث بكل أشكاله ،انعدام األمن ،انتشارا 5في العنف الحضري ,كما أوجدت نسج عمرانية مكثفة في
مراكز المدن ومتناثرة في الضواحي 5.قليل من العمارات التي بنيت بشكل منسجم مع محيطها
....المجاور5
جل مدننا تعرف حاليا تمددا هائال ،حيث أن الكثير من األحياء الواسعة صارت تشكل من قبل السكان •
أنفسهم ،على جانب تحكم السلطات العمومية ( األحياء الشعبية :الفوضوية ،القصديرية ....المنظمة ذاتيا:
عقود بيع ،بناء ......بعيدة عن المصالح الرسمية ) :أوجدت وضعية بعيدة عن مفهوم التسيير 5الهادف ،أو
.التنظيم 5المحكم
النسيج العمراني 5يتمدد ويتسع ويتحول ،بينما األراضي 5الحضرية الضرورية تضيق.وبالتالي ظهور• 5
هفوة بين وتيرة التهيئة العمرانية ،وما ينبغي على المدينة توفيره .وأصبحنا 5نشعر وكأن مدننا تتطور
بوتيرة تفوق قدراتنا .لذا ،ونحن في عصر جديد ،ومع متغيرات عالمية ومحلية مفروضة ،فان مسير
المدينة مطالب بالتأقلم معها
في خضم التحوالت التي تعيشها الحضارة اإلنسانية ،فان المدن تعمل يوميا منتجة بذلك مشاكل اجتماعية
واقتصادية متجددة حسب الظروف؛ هذه الحالة تترك الكثير من مسيري المدن يتساءلون عن العالقة بين
األشكال الفضائية والوظائف الحضرية؟
.وهنا نسجل إمكانية المساعدة في شرح أهداف واتجاهات التسيير 5من قبل وسائل األعالم
أال أنه ينتج أحيانا عن مبدأ المشاركة العامة نوع من التضارب في عملية التسيير؛ أحيانا إأللحاح على
تدعيم المشورة بين السكان وبين المسئولين عن التسيير قد يصطدم مع الحاجة لتنفيذ بعض القرارات
السريعة في بعض عمليات التسيير .وبالتالي 5قد تكون هذه السرعة المطلوبة أحيانا مستحيلة مع مبدأ
.المشاركة العامة (كعمليات تحسين إطار حياة بعض األحياء القديمة)....
أما المشاركة العامة المفيدة فهي تلك التي تبدأ منذ التخطيط ، 5كنشر الخطط أمام السكان ،إلعطائهم5
الفرص المالئمة لعرض أرائهم والتي يجب أن تكون األساس في وضع بعض الخطط النهائية .وعموما
فإن فاعلية التسيير تبرز مع تشجيع المشاركة ألكبر عدد ممكن من العامة بالمساعدة في إعداد الخطط
مثال ,ذات العالقة الوطيدة بهم كاألماكن العمومية ،وأماكن لعب األطفال ،وبعض التجهيزات العامة، ....
...وذلك بإبداء أرائهم إما شفويا أو كتابيا
طريقة المشاركة هذه تفرض على تسيير المدينة أن يكون في الميدان وأن يعمل وفق تصور 5جديد يعتمد
أساسا على التنسيق والتشاور والشراكة بين الدعم العام والخاص وإشراك 5المجتمع المدني ومعرفة جيدة
لكيفية فتح قنوات االتصال بين مختلف الفاعلين في إطار نظرة شمولية ،كي نجعل المواطن يشعر5
.بانتمائه إلى المدينة أي بامتالكه للفضاءات ( حيازته) لها
تقودنا هذه النظرة األخيرة إلى التساؤالت 5التالية :ما هي اإلستراتيجية التي ينبغي إتباعها لجعل سكان
المدينة أكثر فاعلية؟ وأي نوع من التسيير المتطلب إيجاده لتشجيع التزامات السكان ؟
كما يالحظ في هذا الشأن كذلك بأن الشراكة (العامة/الخاصة) المتعلقة بالتهيئة ،وتحسين الهياكل القاعدية
تضاعفت ،في بعض الدول األوربية ،في بداية :1980شركات إنجاز وبناء ،مستثمرون ،هيئات مالية
وشركات 5تطوير أخرى تعاونت مع السلطات العمومية تحت شعار الثورة العمرانية .وتزايدت بعدها
.االتفاقيات في مختلف المجاالت
فالبلدية وحدها 5ال تتوفر على وسائل مادية ومالية تسمح لها بحل كل المشاكل المدنية........بل بمجهودات5
كل المهتمين بتسيير المدينة ،والتي يمكن أن تجمع بواسطة تعاون فعال ،لتواجهة تحديات التسيير5
.المشترك5
رغم تعدد المتدخلين في المدينة باعتبار أن لكل رؤيته الخاصة للمشاكل ،ولكل أولويته ,األمر الذي يجعل
من عملية التنسيق أمرا معقدا ،وبالتالي 5التناقض في بعض األحيان بين الكيفيات المطروحة لمعالجة
الوضع وضبط التعقيدات ،لذا كثيرا ما نتساءل عن بعض النماذج الناجعة في التسيير
هل نعتمد التسيير 5الخاص :أي أن البلدية هي التي تشرف على تسيير كل القطاعات التابعة لها وذلك
باستعمال وسائلها البشرية والمادية الخاصة؟
أم نعتمد التسيير 5المشترك وذلك بالتسيير الذي يعتمد على التنسيق بين البلدية والمتعاملين اآلخرين في آن
.واحد
التساؤل على نوع التسيير 5األنفع ,يقودنا أن نتساءل كذلك ,وبنفس النظرة إلى محل التسيير (المدينة) .هذه
.األخيرة يمكن أن نقسمها إلى نموذجين :المدينة السوق – المدينة الحي
المدينة السوق 5:أراضي حضرية ،سكن ،قروض ،اتصاالت ،خدمات ،لمختلف الشركات ،مهن •
..حرة ،عمل توظيفي5
المدينة الحي :خدمات عمومية عبر األحياء والتي هي إما مصالح تجارية ( ماء ،تطهير ،جمع نفايات •
منزلية ،نقل بعض األشخاص) أو خدمات تنظيمية (الخدمات التي تنظيم فضاء المدينة وتحاول تحسين
الظروف داخل األحياء) ،أو خدمات اجتماعية تهدف إلى إخراج بعض الفقراء من فقرهم ،تثقيف آخرين
.وتعلمهم .... 5أو أفعال ردعية ضرورية للتسيير الحسن للجميع
يمكن أن ينمو هذا التصور على غرار تصور مفهوم الحي ،كما يمكن أن يبنى على ميثاق محلي
.للمواطنة ،أو على هندسة خاصة ترتكز على سلطة الحي
العمل هنا يقتضي إيجاد تحالف اجتماعي سياسي واسع النطاق يهدف إلى إيجاد التجانس ،التنسيق
.واإلدماج االجتماعي
.مثال :إرسال برنامج إلجتثاث الفقر ،برنامج القضاء على اآلفات االجتماعية
.في هذه الحالة البلدية تكون هي العمود الفقري الذي يرتكز 5حوله هذا النشاط ألتسييري االجتماعي
التحكم في تسير المدينة يقتضي تحديد القطاعات المراد التدخل عليها تحديدا واضحا ,لكن بنظرة شمولية
( تعين خصوصية كل قطاع ومجاالت التداخل بينها).ومن بين هذه القطاعات التي ينبغي أن تكون من
:أولويات مسير المدينة –رغم درجات تفاوت تأثيرها من مدينة ألخرى -نذكر ما يلي
الفضاءات العمومية :هذه الحالة تفرض على السكان وكذلك أصحاب القرارات أن يعتمدوا طريقة*
ديناميكية للتهيئة العمرانية وأن يجدوا حلوال متجددة الستغالل المالئم للفضاءات المتواجدة عبر كل أنحاء
.المدينة
إعادة تأهيل األحياء الهامشية :المتضررة (القديمة) و الفضاءات العمومية ،الطرقات هي أول اإلجابات*
.التي تعصف بمدننا والتي ينبغي للمسئولين على مستوى 5البلدية النظر فيها
النوع الثاني من اإلجابة التي يجب أن ينظر إليها المسئولون على مستوى البلديات هي الجوانب
.االجتماعية واالقتصادية لسكان هذا النوع من األحياء
فإدماج هذا النوع من األحياء ( والمتواجدة عموما في ضواحي المدينة) ,ينبغي أن يكون من أولويات
مسير المدينة .ألن الكثير من هذه األحياء أصبحت أماكن الهية قروية فتطور 5مستلزمات 5الريف ,والهي
.حضرية فتستفيد 5من خدمات المدينة
أزمة النقل الحضري :شوارع مدننا مكتظة بالمشاة وسائل النقل,تجهيزات النقل العمومي 5ال تستطيع*
تلبية الطلب ،كما ال تستطيع الشوارع 5المتدهورة تلبية الحركة في الميكانيكية في الوقت الالزم لالنتقال
.من نقطة إلى أخرى ,وحوادث المرور في تصاعد مستمر
عليه النقل الحضري 5في أغلب هذه المدن بحاجة إال تسير محكم لالرتقاء به إال أهدافه الحقيقة ( التوصيل
.بسرعة ,بأمان ,وبأقل التكاليف )
النفايات الصلبة :وضعيتها في جل مدننا تجعل من مسير المدينة يرسم لها العديد من الخطط ليستفيد*
منها ألنه عبارة عن عائدة أي مادة ثانوية للنشاط العمراني.كما 5يمكن تطبيق عدة مبادئ معروفة في
:التسيير تجعل من مسير المدينة يستفيد من وجود هذه النفايات مثال
كالمساحات الخضراء( :تشجيع المبادرات الفردية والجماعية كإنشاء مؤسسات خاصة ومتخصصة في -
.....صيانتها ،والتي تهدف إلى حمايتها والمحافظة عليها
المياه الصالحة للشرب ( :التفكير في إيجاد طرق 5التعامل العقالني معها ،خاصة في المناطق الجافة -
والشبه الجافة)....
يجب على مسير المدينة أن يبني استراتيجيته على االستغالل األمثل لكل عناصر 5المحيط الحضري،
ويحسن االستفادة من العوامل المحيطة به مع تطوريها مركزا على بعض النقاط ،نذكر منها على سبيل
:المثال ،ال الحصر ،ودون ترتيب ما يلي
بعد تعين القطاع المراد دراسة تسيره ,وتحديد 5كل الظروف الالزمة لذالك ,فإن العملية تمر بالمراحل
:التالية
...جمع المعلومات :البحث عن الوثائق الضرورية واإلحصاءات الالزمة,تجميعها وتخزينها- 5
.فهم المعطيات وتحليلها وفق 5األهداف المسطرة سابقا -
.ترجمة نتائج التحليل وإخراجها 5في الصورة المالئمة لالستعمال -
(Condeيوجد في الدول الصناعية الكثير من المباني الكبرى التي تجسد االستدامة ،ومنها مبنى برج
المكون من ( 48طابقاً) في ساحة التايمز في نيويورك 5الذي يعد أحد األمثلة المبكرة التي طبقت )Nast
مبادئ التخطيط و التسيير 5المستدام ،وقد استعملت فيه تقريبا ً جميع التقنيات التي يمكن تخيلها لتوفير5
الطاقة .فقد استخدم المبنى نوعية خاصة من الزجاج تسمح بدخول ضوء الشمس الطبيعي وتبقي الحرارة
واألشعة فوق 5البنفسجية خارج المبنى ،وتقلل من فقدان الحرارة الداخلية أثناء الشتاء .وهناك أيضا ً خليتان
تعمالن على وقود الغاز الطبيعي تزودان المبنى بـ ( 400كيلو واط) من الطاقة ،وهو ما يكفي لتغذية
المبنى بكل كمية الكهرباء التي يحتاجها ليالً ،باإلضافة إلى ( )%5من كمية الكهرباء التي يحتاجها
نهاراً .أما عادم الماء الحار فقد أنتج بواسطة خاليا الوقود المستخدمة للمساعدة على تسخين المبنى
وتزويده بالماء الحار .بينما وضعت أنظمة التبريد والتكييف 5على السقف كمولد غاز أكثر من كونها مولد
كهربائي 5،وهذا يخفض من فقدان الطاقة المرتبط بنقل الطاقة الكهربائية .كما أن لوحات
الموجودة على المبنى من الخارج تزود 5المبنى بطاقة إضافية تصل إلى ( )(Photovoltaic Panels
15كيلو واط) .وداخل المبنى تتحكم حساسات الحركة بالمراوح وتطفىء اإلضاءة في المناطق قليلة
اإلشغال مثل الساللم .أما إشارات الخروج فهي مضاءة بثنائيات خفيفة مخفضة إلستهالك الطاقة.
.والنتيجة النهائية هي أن المبنى يستهلك طاقة أقل بنسبة ( )%40-35مقارنة بأي مبنى تقليدي مماثل
القابع في أحد شوارع (The Swiss Re Tower) 5ومن األمثلة األخرى على العمارة الخضراء برج
مدينة لندن والمصمم 5بواسطة المعماري 5نورمان فوستر وشركاه ،ويشير 5اللندنيون لهذا الصرح المعماري
بأنه اإلضافة األحدث إلى خط أفق مدينتهم العريقة ،وهذا البرج المنتصب كثمرة الخيار يتكون من (41
طابقا ً) ،إال أن الشيء الرائع في هذا المبنى ليس شكله المعماري 5الجميل ولكن كفائته العالية في استهالك
الطاقة ،فتصميمه المبدع والخالق يحقق وفراً 5متوقعا ً في استهالك الطاقة يصل إلى ( )%50من إجمالي
الطاقة الذي تستهلكه بناية تقليدية مماثلة .ويتجلى 5غنى المبنى بمزايا توفير 5الطاقة في استعمال اإلضاءة
والتهوية الطبيعيتين كل ما أمكن ذلك .وتتكون واجهة المبنى من طبقتين من الزجاج (الخارجية منها
عبارة عن زجاج مزدوج) ،والطبقتان تحيطان بتجويف 5مهوى بالستائر الموجهة بالحاسب اآللي .كما أن
نظام حساسات الطقس الموجود على المبنى من الخارج يراقب درجة الحرارة وسرعة الرياح ومستوى
أشعة الشمس ،ويقوم بغلق الستائر وفتح لوحات النوافذ عند الحاجة .أما شكل المبنى فهو مصمم بحيث
يزيد من استعمال ضوء النهار الطبيعي ،ويقلل من الحاجة لإلضاءة االصطناعية ،ويتيح مشاهدة مناظر5
.خارجية طبيعية حتى لمن هم في عمق المبنى من الداخل
أما المبنى األخضر 5األكثر شهرة فهو موجود مؤقتاً 5على "لوحة الرسم" لحين إكمال مراحل إنشائه وهو
برج الحرية الذي سيتم بناؤه في الموقع 5السابق 5لمبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك .المعماريون
& (Skidmore, Owingsالمصممون سكيدمور 5وأوينجز 5وميريل وإستوديو دانيال ليبيسكيند
قاموا 5بدمج مزايا التصميم 5البيئي في جميع أرجاء )Merrill and Studio Daniel Libeskind
المبنى الضخم .وسيحوي 5البرج الرئيس والذي سيرتفع ( 1.776قدم) األلواح الشمسية باإلضافة إلى
محطة طاقــة هوائية (تعمل على الرياح) ،التوربينـات يتوقـع 5أن تولـد حوالي ( 1ميجا واط) من الطاقة،
وهو ما يكفي لتغذية البرج بنسبة ( )%20من احتياجه المتوقع من الطاقة .ومثل المباني الخضراء
األخرى فإن البرج سيعتمد على اإلضاءة والتهوية الطبيعيتين ،باإلضافة إلى أنظمة وعناصر اإلنارة ذات
.الكفاءة العالية في استهالك الطاقة
إن القدرات الفعلية لألجهزة التخطيطية العربية بدت متدنية للغاية فالهي استطاعت أن تسيطر 5على
التوسع العمراني الذي اكتسى صبغة شبه عشوائية في الكثير من األحيان ،أو تمكنت من أن تطرح
تصورات 5واقعية و عملية تواكب التطور الحاصل في مجال تكنولويات 5اإلعالم لحل المشاكل التي تعاني
منها مدننا أو على األقل توفقت في خلق شعور 5بالرضى واالرتياح 5لدى المخططين و السكان على
المستوى 5الحضري .و لعل أهم االختالالت الهيكلية والوظيفية التي تعاني منها مدننا تتعلق بثالث
:مستويات5
مستوى التنظيم :تنظيم المجال الحضري بكل جوانبه بشكل يسمح بالعمل ضمن إطار منظم و دقيق• 5
،لحل المشكلة الحضرية
،مستوى أسلوب القيادة ،إتخاذ القرار والتسيير •
.مستوى التجاوب بين التخطيط-المستعمل-الفاعل •
إن الفوائد والمزايا البيئية-االقتصادية التي حققتها في الماضي عمارتنا المحلية هي بحد ذاتها صور
وتطبيقات مبكرة لمفهوم التخطيط و التسيير الحضري المستدام .لذلك فإن المطلوب اآلن هو تبني أفكار
ودروس 5من منظور بيئي-اقتصادي 5ومن ثم دراستها 5وتطويرها 5وتوظيفها 5في المدن الحديثة بما يتالئم مع
احتياجات العصر والتقدم العلمي والتكنولوجي . 5و قد نشير هنا إلى أن مدننا القديمة اتسمت باالتزان
:والتناغم مع المعطيات والمحددات البيئية المحيطة ويمكن ايجاز اهم هذه المالمح في التالي
يتميز التخطيط العام للمباني بالتالصق وذلك لتوفير 5التظليل المتبادل بين المجموعات العمرانية وتقليل •
.المساحات المعرضة ألشعة الشمس والتي قد تزيد عن خمسين درجة مئوية في فصل الصيف
التصميم 5يكون متوجها الى داخل المبنى لالستفادة من المناخ وتندرج 5الفراغات من فراغ خاص •
باألسرة داخل المنزل وهو غير قابل للكشف من المباني المحيطة كما يوجد الفراغ الخلفي خارج المبنى
الذي تستخدم 5فيه كاسرات بصرية لتوفير الخصوصية لألسرة ،أما الفراغ العام فهو مكشوف 5من الشارع5
.والجيران
.توصيل 5الغرف بالفناء ويتم 5عزل دورات المياه والمطابخ وفصلها 5بتهوية خاصة •
.االكثار من النباتات والمسطحات 5المائية لتلطيف المناخ الحار وتحقيق التناغم العمراني •
النوافذ وفتحات التهوية صغيرة في الحوائط الخارجية ومحمية من اشعة الشمس الساقطة والتهوية أقل •
ما يمكن خالل النهار واستخدام 5الحوائط السميكة التقليدية او استخدام المواد العازلة والعاكسة للحرارا
.عند استخدام مواد البناء الحديثة
استخدام األسقف الصلبة التي تختزن الحرارة وذات االسطح العلوية العاكسة وقد 5يستخدم 5سقفان بينهما •
.فراغ بسيط للتهوية كما تطلى االسطح باللون االبيض الذي يساعد على انعكاس الحرارة وعدم تخزينها5
مراعاة خط األفق للنسيج العمراني والحضري 5عن طريق التوظيف 5األمثل للخطوط 5الكنتورية •
.ومناسيب األرض المتفاوتة (مثل االستفادة بمآذن المساجد -العناصر 5الطبيعية المتوفرة)
المنظور 5البيئي للمجتمع الصحي يعني تحقيق حالة من التوازن بين اإلنسان والمحيط العام ويتحقق هذا •
التوازن من خالل المحافظة على بيئة عمرانية سليمة بحيث يتيح الوسط مستوى 5من التجديد والنمو5
الشامل في القطاعات االقتصادية واالجتماعية والثقافية والترشيد العاقل لألنماط االستهالكية ،ويلزم 5ان
.تراعي التشريعات واللوائح المنظمة للتنمية الشروط الصحية لحماية البيئة والمحيط 5الحيوي
التخلص األمثل من النفايات (الترشيد من المصدر وإعادة تدويرها) .وتوفير مواقع 5سهلة وصحية •
.لتجميعها
رغم ان نمو المدن والتمدن الحضري ضرورة الستمرار العمران فإن مراعاة عوامل التوافق 5والتوازن
بين هذا النمو ومحددات البيئة المحيطة يمثل حاجة ضرورية لتوفير الراحة واألمان والخصوصية
واستمرار 5التنمية المتناغمة لإلنسان والمكان .لذلك فإن التوظيف األمثل للموارد واالمكانات الطبيعية
المتاحة والكامنة في دولنا العربية واألخذ 5باألساليب الحديثة المتوازنة وتوافق البيئة والعمران يمثل
:ضرورة الزمة لتحقيق المنظومة العمرانية المتجانسة التي يمكن ان تحقق العناصر 5التالية
الشك أن كيفية تقسيم المجال عمرانيا من خالل المقاربة الوظائفية (سكن ،عمل ،خدمات) هي التي
تتحكم في العملية التخطيطية و التسييرية برمتها قديما و حديثا .على هذا المستوى ينبغي أن نمتلك رؤية
بعيدة المدى تتضمن تناسقا مابين طريقة تنظيم المجال من جهة ،و تسييره من جهة أخرى .وإذا انتقلنا
المثال ال إلى مستوى أكثر تفصيال ،نجد أن التصور 5العمراني ،ومعالجة الفضاء العام ،و على سبيل ًًّ
ً
حصرا النماذج — ًًًًّّ5 الحصر فأن خصائص الجادات ،وتوفير 5المرابد ،وتهيئة الطرقات.... ،الخ هي التي تحدد
المختلفة لكل من :سالسة التنقالت ،وانسيابية المرور أو على العكس توقف حركة النقل العمومي 5.بكل
تأكيد ،هذا األمر يسري على األحياء الجديدة في محيط المدينة كما يسري 5على األحياء الواقعة
بمركزها.هذه األخيرة تضطلع بدور 5جوهري 5في نجاعة منظومة النقل ،ذلك بأنها تشكل إما مصدرا وإما
.وجهة لغالبية التنقالت